منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
التفسير الميسر للقرأن الكريم  تفسير سورة الرعد /إبراهيم /الحجر/ النحل** >

منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
التفسير الميسر للقرأن الكريم  تفسير سورة الرعد /إبراهيم /الحجر/ النحل** >

منتديات سيفن ستارز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
ارجو من الساده الاعضاء القدامى تعديل بيانتهم الشخصية
ياجماعة انصحكم بالدخول على المنتدى بالمتصفع العملاق Mozilla Firefox
مشاركتك بالموضوعات تعنى أنك قرأت قانون المنتدى ، وأنك تتحمل المسئولية الأدبية والقانونية عن نشر هذا الموضوع او الردود
تتقدم منتديات سيفن ستارز بأحر التهانى القلبية للأخت رونى المحامية المشرفة على المنتدى القانونى وذلك بمناسبة الزواج السعيد نسأل الله لها التوفيق فى حياتها وألف مليون مبروك لها ولزوجها الأستاذ /حسين إبراهيم حسين وعقبال البكارى وحياة سعيدة ملؤها التراحم والمحبة والقرب من الله
على السادة الأعضاء الإلتزام بالأقسام النوعية للمنتدى عند تقديم مساهماتهم حيث يكون كل موضوع داخل القسم الخاص به حتى يعطى الشكل المطلوب مع سهولة الوصول إليه لكل متصفح .فالموضوعات الخاصة بالمرأة داخل منتدى المرأة .والموضوعات التى تتحدث عن الإسلام توضع فى المنتدى الإسلامى   ...وهكذا ..ونشكر لكم حسن العمل .كما نشكركم على الأداء الممتاز داخل المنتديات..كما نحذر من الخوض أو التطرق لما يمس الغير أو التهجم أو إذدراء الأديان أو الخوض فى موضوعات سياسيه..المنتديات  أصلاً ..منشأة لتبنى وجهة النظر الأجتماعيه والإسلاميه لأهل السنة والجماعة دون التقليل من الغير بل الإحترام المتبادل..وللجميع ودون تميز بجنس أو نوع أو دين أو لون وشكراً لكم جميعاً...
إدارة المنتديات...سيفن ستارز.

 

 التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الرعد /إبراهيم /الحجر/ النحل**

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حسن المرجاوى
المدير العام
المدير العام
حسن المرجاوى


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4067
تاريخ الميلاد : 03/06/1963
تاريخ التسجيل : 06/11/2010
العمر : 60
المزاج مصر العربيه

التفسير الميسر للقرأن الكريم  تفسير سورة الرعد /إبراهيم /الحجر/ النحل** Empty
مُساهمةموضوع: التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الرعد /إبراهيم /الحجر/ النحل**   التفسير الميسر للقرأن الكريم  تفسير سورة الرعد /إبراهيم /الحجر/ النحل** I_icon_minitimeالإثنين مارس 04, 2013 12:39 pm


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

تفسير :
13- سورة الرعد

المر تِلْكَ آيَاتُ
الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ
مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ
النَّاسِ لا يُؤ
ْمِنُونَ (1)

(المر) سبق الكلام
على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة.


هذه آيات القرآن
الرفيعة القدر, وهذا القرآن المنزل عليك
-أيها الرسول- هو الحق, لا كما يقول المشركون:
إنك تأتي به مِن عند نفسك, ومع هذا فأكثر
الناس لا يصدِّقون به ولا يعملون.




اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا
ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ
الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي
لأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ
يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ
رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2)


الله تعالى هو الذي
رف
ع السموات السبع بقدرته من غير
عمد كما ترونها, ثم استوى -أي علا وارتفع-
على العرش استواء يليق بجلاله وعظمته, وذلَّل
الشمس والقمر لمنافع العباد, كلٌّ منهما
يدور في فلكه إلى يوم القيامة. يدبِّر سبحانه
أمور الدنيا والآخرة, يوضح لكم الآيات الدالة
على قدرته وأنه
لا إله إلا هو; لتوقنوا بالله
والمعاد إليه, فتصدقوا بوعده ووعيده وتُخْلصوا
العبادة له وحده.




وَهُوَ الَّذِي
مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ
وَأَنْهَاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ
جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي
اللَّيْلَ النَّهَارَ إِن
َّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ (3)


وهو سبحانه الذي
جعل الأرض متسعة ممتدة, وهيأها لمعاشكم,
وجعل فيها جبالا تُثبِّتُها وأنهارًا لشربكم
ومنافعكم, وجعل فيها من كل الثمرات صنفين
اثنين, فكان منها الأبيض والأسود والحلو
والحامض, وجعل الليل يغطي النه
ار بظلمته, إن في ذلك كله لَعظات
لقوم يتفكرون فيها, فيتعظون.




وَفِي الأَرْضِ
قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ
أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ
وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ
وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي
الأُكُلِ إِنَّ فِي ذ
َلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
(4)


وفي الأرض قطع يجاور
بعضها بعضًا, منها ما هو طيِّب يُنبتُ ما
ينفع الناس, ومنها سَبِخة مِلْحة لا تُنبت
شيئًا, وفي الأرض الطيبة بساتين من أعناب,
وجعل فيها زروعًا مختلفة ونخيلا مجتمعًا
في منبت واحد, وغير مجتمع فيه, كل ذلك
في تربة واحدة, ويشرب من ماء
واحد, ولكنه يختلف في الثمار والحجم والطعم
وغير ذلك, فهذا حلو وهذا حامض, وبعضها أفضل
من بعض في الأكل, إن في ذلك لَعلامات لمن
كان له قلب يعقل عن الله تعالى أمره ونهيه.




وَإِنْ تَعْجَبْ
فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً
أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ
أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ
وَأُوْلَئِكَ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ
وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ
فِيهَا خَالِدُونَ (5)


وإن تعجب -أيها
الرسول- من عدم إيمانهم بعد هذه الأدلة
فالعجب الأشدُّ من قول الكفار:
أإذا متنا وكنا ترابا نُبعث
من جديد؟ أولئك هم الجاحدون بربهم الذي
أوجدهم من العدم, وأولئك تكون السلاسل من
النار في أعناقهم يوم القيامة, وأولئك يدخلون
النار, ولا يخرجون منها أبدًا.




وَيَسْتَعْجِلُونَكَ
بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ
خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ
رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى
ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ
الْعِقَابِ (6)


ويستعجلك المكذِّبون
بالعقوبة التي لم أعاجلهم بها قبل الإي
مان الذي يرجى به الأمان والحسنات,
وقد مضت عقوبات المكذبين مِن قبلهم, فكيف
لا يعتبرون بهم؟ وإن ربك -أيها الرسول- لَذو
مغفرة لذنوبِ مَن تاب مِن ذنوبه من الناس
على ظلمهم, يفتح لهم باب المغفرة, ويدعوهم
إليها, وهم يظلمون أنفسهم بعصيانهم ربهم,
وإن ربك لشديد العق
اب على مَن أصرَّ على الكفر والضلال
ومعصية الله.




وَيَقُولُ الَّذِينَ
كَفَرُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ
مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ
وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)


ويقول كفار "مكة":
هلا جاءته معجزة محسوسة كعصا موسى وناقة
صالح, وليس ذلك بيدك -أيها
الرسول- فما أنت إلا مبلِّغ لهم,
ومخوِّف مِن بأس الله. ولكل أمة رسول يرشدهم
إلى الله تعالى.




اللَّهُ يَعْلَمُ
مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ
الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ
شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (Cool


الله تعالى يعلم
ما تحمل كلُّ أنثى في ب
طنها, أذكر هو أم أنثى؟ وشقي
هو أم سعيد؟ ويعلم ما تنقصه الأرحام, فيسقط
أو يولد قبل تسعة أشهر, وما يزيد حمله عليها.
وكل شيء مقدَّر عند الله بمقدار من النقصان
أو الزيادة لا يتجاوزه.




عَالِمُ الْغَيْبِ
وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِي
(9)


الله عالم بما خفي عن الأبصار, وبما هو مشاهَد,
الكبير في ذاته وأسمائه وصفاته, المتعال
على جميع خلقه بذاته وقدرته وقهره.




سَوَاءٌ مِنْكُمْ
مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ
بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ
وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10)


يستوي في علمه تعالى
مَن أخ
فى القول منكم ومَن جهر به, ويستوي
عنده مَن استتر بأعماله في ظلمة الليل,
ومن جهر بها في وضح النهار.




لَهُ مُعَقِّبَاتٌ
مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ
يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ
اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى
يُغَيِّرُوا مَا بِأ
َنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ
اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ
لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ
(11)


لله تعالى ملائكة
يتعاقبون على الإنسان من بين يديه ومن خلفه,
يحفظونه بأمر الله ويحصون ما يصدر عنه من
خير أو شر. إن الله سبحانه وتعالى لا يغيِّر
نع
مة أنعمها على قوم إلا إذا غيَّروا
ما أمرهم به فعصوه. وإذا أراد الله بجماعةٍ
بلاءً فلا مفرَّ منه, وليس لهم مِن دون الله
مِن وال يتولى أمورهم, فيجلب لهم المحبوب,
ويدفع عنهم المكروه.




هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ
الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ
السَّحَابَ ا
لثِّقَالَ (12)

هو الذي يريكم من
آياته البرق -وهو النور اللامع من خلال
السحاب- فتخافون أن تنزل عليكم منه الصواعق
المحرقة, وتطمعون أن ينزل معه المطر, وبقدرته
سبحانه يوجد السحاب المحمَّل بالماء الكثير
لمنافعكم.




وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ
بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَ
ةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ
الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ
وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ
شَدِيدُ الْمِحَالِ (13)


ويسبِّح الرعد
بحمد الله تسبيحًا يدل على خضوعه لربه,
وتنزِّه الملائكة ربها مِن خوفها من الله,
ويرسل الله الصواعق المهلكة في
هلك بها مَن يشاء من خلقه, والكفار
يجادلون في وحدانية الله وقدرته على البعث,
وهو شديد الحول والقوة والبطش بمن عصاه.




لَهُ دَعْوَةُ
الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ
دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ
إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ
لِيَب
ْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ
وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي
ضَلالٍ (14)


لله سبحانه وتعالى
وحده دعوة التوحيد (لا إله إلا الله), فلا
يُعبد ولا يُدعى إلا هو, والآلهة التي يعبدونها
من دون الله لا تجيب دعاء مَن دعاها, وحالهم
معها كحال عطشان يمد ي
ده إلى الماء من بعيد; ليصل إلى
فمه فلا يصل إليه, وما سؤال الكافرين لها
إلا غاية في البعد عن الصواب لإشراكهم بالله
غيره.




وَلِلَّهِ يَسْجُدُ
مَنْ فِي السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً
وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ
(15)


ولله وحده يسجد
خاضعًا م
نقادًا كُلُّ مَن في السموات
والأرض, فيسجد ويخضع له المؤمنون طوعًا
واختيارًا، ويخضع له الكافرون رغمًا عنهم;
لأنهم يستكبرون عن عبادته, وحالهم وفطرتهم
تكذِّبهم في ذلك, وتنقاد لعظمته ظلال المخلوقات,
فتتحرك بإرادته أول النهار وآخره.




قُلْ مَنْ رَبُّ
السَّمَوَا
تِ وَالأَرْضِ قُلْ اللَّهُ قُلْ
أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ
لا يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ نَفْعاً
وَلا ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى
وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ
وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ
خَلَقُوا كَخَلْ
قِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ
عَلَيْهِمْ قُلْ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ
شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ
(16)


قل -أيها الرسول-
للمشركين: مَن خالق السَّموات والأرض ومدبِّرهما؟
قل: الله هو الخالق المدبر لهما, وأنتم تقرون
بذلك, ثم قل لهم ملزمًا بالحجة: أجعلتم غي
ره معبودين لكم, وهم لا يَقْدرون
على نفع أنفسهم أو ضرها فضلا عن نفعكم أو
ضركم, وتركتم عبادة مالكها؟ قل لهم -أيها
الرسول-: هل يستوي عندكم الكافر -وهو كالأعمى-
والمؤمن وهو كالبصير؟ أم هل يستوي عندكم
الكفر -وهو كالظلمات- والإيمان -وهو كالنور؟
أم أن أولياءهم ال
ذين جعلوهم شركاء لله يخلقون
مثل خَلْقه, فتشابه عليهم خَلْق الشركاء
بخلق الله, فاعتقدوا استحقاقهم للعبادة؟
قل لهم -أيها الرسول-: الله تعالى خالق كل
كائن من العدم, وهو المستحق للعبادة وحده,
وهو الواحد القهار الذي يستحق الألوهية
والعبادة, لا الأصنام والأوثان
التي لا تضرُّ ولا تنفع.



أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ
مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا
فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً
وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ
ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ
مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ
وَ
الْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ
فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ
النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ
يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ (17)


ثم ضرب الله سبحانه
مثلا للحق والباطل بماء أنزله من السماء,
فجَرَت به أودية الأرض بقدر صغرها وكبرها,
فحمل السيل
غثاء طافيًا فوقه لا نفع فيه.
وضرب مثلا آخر: هو المعادن يوقِدون عليها
النار لصهرها طلبًا للزينة كما في الذهب
والفضة, أو طلبًا لمنافع ينتفعون بها كما
في النحاس, فيخرج منها خبثها مما لا فائدة
فيه كالذي كان مع الماء, بمثل هذا يضرب الله
المثل للحق والباطل: فال
باطل كغثاء الماء يتلاشى أو
يُرْمى إذ لا فائدة منه, والحق كالماء الصافي,
والمعادن النقية تبقى في الأرض للانتفاع
بها, كما بيَّن لكم هذه الأمثال, كذلك يضربها
للناس; ليتضح الحق من الباطل والهدى من
الضلال.




لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا
لِرَبِّهِمْ الْحُسْنَى وَالَّ
ذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ
لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً
وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُوْلَئِكَ
لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ
جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18)


للمؤمنين الذين
أطاعوا الله ورسوله الجنة, والذين لم يطيعوا
وكفرو
ا به لهم النار, ولو كانوا يملكون
كل ما في الأرض وضِعْفه معه لبذلوه فداء
لأنفسهم من عذاب الله يوم القيامة, ولن
يُتَقبل منهم, أولئك يحاسَبون على كل ما
أسلفوه من عمل سيِّئ, ومسكنهم ومقامهم جهنم
تكون لهم فراشًا, وبئس الفراش الذي مهدوه
لأنفسهم.




أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ
مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى
إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ
(19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ
وَلا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20)


هل الذي يعلم أن
ما جاءك -أيها الرسول- من عند الله هو الحق
فيؤمن به,
كالأعمى عن الحق الذي لم يؤمن؟
إنما يتعظ أصحاب العقول السليمة الذين
يوفون بعهد الله الذي أمرهم به, ولا ينكثون
العهد المؤكد الذي عاهدوا الله عليه.




وَالَّذِينَ يَصِلُونَ
مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ
وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ
سُوءَ الْحِسَا
بِ (21)

وهم الذين يَصِلون
ما أمرهم الله بوصله كالأرحام والمحتاجين,
ويراقبون ربهم, ويخشون أن يحاسبهم على كل
ذنوبهم, ولا يغفر لهم منها شيئًا.




وَالَّذِينَ صَبَرُوا
ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا
الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ
سِرّاً وَع
َلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ
السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى
الدَّارِ (22)


وهم الذين صبروا
على الأذى وعلى الطاعة, وعن المعصية طلبًا
لرضا ربهم, وأدَّوا الصلاة على أتمِّ وجوهها,
وأدَّوا من أموالهم زكاتهم المفروضة, والنفقات
المستحبة في الخفاء
والعلن, ويدفعون بالحسنة السيئة
فتمحوها, أولئك الموصوفون بهذه الصفات
لهم العاقبة المحمودة في الآخرة.




جَنَّاتُ عَدْنٍ
يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ
وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ
يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ
(23
)

تلك العاقبة هي
جنات عدن يقيمون فيها لا يزولون عنها, ومعهم
الصالحون من الآباء والزوجات والذريات
من الذكور والإنات, وتدخل الملائكة عليهم
من كل باب; لتهنئتهم بدخول الجنة.




سَلامٌ عَلَيْكُمْ
بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ
(24)


تقول الملائكة
لهم:
سَلِمْتم من كل سوء بسبب صبركم
على طاعة الله, فنِعْمَ عاقبة الدار الجنة.




وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ
عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ
وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ
أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ
أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ
سُو
ءُ الدَّارِ (25)

أما الأشقياء فقد
وُصِفوا بضد صفات المؤمنين, فهم الذين لا
يوفون بعهد الله بإفراده سبحانه بالعبادة
بعد أن أكدوه على أنفسهم, وهم الذين يقطعون
ما أمرهم الله بوصله مِن صلة الأرحام وغيرها,
ويفسدون في الأرض بعمل المعاصي, أولئك الموصوفون
بهذه الصف
ات القبيحة لهم الطرد من رحمة
الله, ولهم ما يسوءهم من العذاب الشديد
في الدار الآخرة.




اللَّهُ يَبْسُطُ
الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ
وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا
الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ
إِلاَّ مَتَاعٌ (26)


الله وحده يوسِّع
الر
زق لمن يشاء من عباده, ويضيِّق
على مَن يشاء منهم, وفرح الكفار بالسَّعة
في الحياة الدنيا, وما هذه الحياة الدنيا
بالنسبة للآخرة إلا شيء قليل يتمتع به,
سُرعان ما يزول.




وَيَقُولُ الَّذِينَ
كَفَرُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ
مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ
يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي
إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27)


ويقول الكفار عنادًا:
هلا أُنزل على محمد معجزة محسوسة كمعجزة
موسى وعيسى. قل لهم: إن الله يضل مَن يشاء
من المعاندين عن الهداية ولا تنفعه المعجزات,
ويهدي إلى دينه الحق مَن رجع إليه وطلب
رضوانه.




الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ
قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ
اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)


ويهدي الذين تسكن
قلوبهم بتوحيد الله وذكره فتطمئن, ألا بطاعة
الله وذكره وثوابه تسكن القلوب وتستأنس.




الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَ
ى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (29)

الذين صدَّقوا
بالله ورسوله, وعملوا الأعمال الصالحات
لهم فرح وقرة عين, وحال طيبة, ومرجع حسن
إلى جنة الله ورضوانه.




كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ
فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا
أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمْ الَّذِي
أَوْحَيْنَا إ
ِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ
بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ
إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ
مَتَابِ (30)


كما أرسلنا المرسلين
قبلك أرسلناك -أيها الرسول- في أمة قد مضت
مِن قبلها أمم المرسلين; لتتلو على هذه
الأمة القرآن المنزل عليك, وحال ق
ومك الجحود بوحدانية الرحمن,
قل لهم -أيها الرسول- : الرحمن الذي لم تتخذوه
إلهًا واحدًا هو ربي وحده لا معبود بحق
سواه, عليه اعتمدت ووثقت, وإليه مرجعي وإنابتي.




وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً
سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ
بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ ال
ْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الأَمْرُ
جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْئَسْ الَّذِينَ
آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى
النَّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزَالُ الَّذِينَ
كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا
قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ
دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ
اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ
الْمِيعَادَ (31)


يردُّ الله -تعالى-
على الكافرين الذين طلبوا إنزال معجزات
محسوسة على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول
لهم: ولو أن ثمة قرآنًا يقرأ, فتزول به الجبال
عن أماكنها, أو تتشقق به الأرض أنهارًا,
أو يحيا به الموتى وتُ
كَلَّم -كما طلبوا منك- لكان
هذا القرآن هو المتصف بذلك دون غيره, ولما
آمنوا به. بل لله وحده الأمر كله في المعجزات
وغيرها. أفلم يعلم المؤمنون أن الله لو
يشاء لآمن أهل الأرض كلهم من غير معجزة؟
ولا يزال الكفار تنزل بهم مصيبة بسبب كفرهم
كالقتل والأسر في غزوات ا
لمسلمين, أو تنزل تلك المصيبة
قريبًا من دارهم, حتى يأتي وعد الله بالنصر
عليهم, إن الله لا يخلف الميعاد.




وَلَقَدْ اسْتُهْزِئَ
بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ
لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ
فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (32)


وإذا كانوا قد سخروا
من دعوت
ك -أيها الرسول- فلقد سَخِرَتْ
أمم من قبلك برسلهم, فلا تحزن فقد أمهلتُ
الذين كفروا, ثم أخذتُهم بعقابي, وكان عقابًا
شديدًا.




أَفَمَنْ هُوَ
قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ
وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ
أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لا يَ
عْلَمُ فِي الأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ
مِنْ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ
كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنْ السَّبِيلِ
وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ
هَادٍ (33)


أفمن هو قائم على
كل نفس يُحصي عليها ما تعمل, أحق أن يعبد,
أم هذه المخلوقات العاجزة؟ و
هم -من جهلهم- جعلوا لله شركاء
مِن خَلْقه يعبدونهم, قل لهم -أيها الرسول-:
اذكروا أسماءهم وصفاتهم, ولن يجدوا من صفاتهم
ما يجعلهم أهلا للعبادة, أم تخبرون الله
بشركاء في أرضه لا يعلمهم, أم تسمونهم شركاء
بظاهر من اللفظ من غير أن يكون لهم حقيقة.
بل حسَّن الشيطان
للكفار قولهم الباطل وصدَّهم
عن سبيل الله. ومَن لم يوفِّقه الله لهدايته
فليس له أحد يهديه, ويوفقه إلى الحق والرشاد.




لَهُمْ عَذَابٌ
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ
الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ
مِنْ وَاقٍ (34)


لهؤلاء الكفار
الصادين عن
سبيل الله عذاب شاق في الحياة
الدنيا بالقتل والأسر والخزي, ولَعذابهم
في الآخرة أثقل وأشد, وليس لهم مانع يمنعهم
من عذاب الله.




مَثَلُ الْجَنَّةِ
الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي
مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا
دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّ
ذِينَ اتَّقَوا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ
النَّارُ (35)


صفة الجنة التي
وعد الله بها الذين يخشونه أنها تجري من
تحت أشجارها وقصورها الأنهار, ثمرها لا
ينقطع, وظلها لا يزول ولا ينقص, تلك المثوبة
بالجنة عاقبة الذين خافوا الله, فاجتنبوا
معاصيه وأدَّوا فرائضه, وعاقب
ة الكافرين بالله النار.



وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ
الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ
إِلَيْكَ وَمِنْ الأَحْزَابِ مَنْ يُنكِرُ
بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ
أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ
أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ (36)


والذين أعطيناهم الكتاب من اليهود والنصارى
مَن آمن منهم بك كعبد الله بن سلام والنجاشي,
يستبشرون بالقرآن المنزل عليك لموافقته
ما عندهم, ومن المتحزبين على الكفر ضدك,
كالسَّيد والعاقب, أُسْقفَي "نجران",
وكعب بن الأشرف, مَن ينكر بعض المنزل عليك,
قل لهم: إنما أمرني الله أن أعب
ده وحده, ولا أشرك به شيئًا, إلى
عبادته أدعو الناس, وإليه مرجعي ومآبي.



وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ
حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ
أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنْ
الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ
وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ (37)


وكما أنزلنا الكتب
على ا
لأنبياء بلسانهم أنزلنا إليك
-أيها الرسول- القرآن بلغة العرب; لتحكم
به, ولئن اتبعت أهواء المشركين في عبادة
غير الله -بعد الحق الذي جاءك من الله- ليس
لك ناصر ينصرك ويمنعك من عذابه.




وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا
رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ
أَزْوَاجاً وَ
ذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ
أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ
اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38)


وإذا قالوا: ما
لك -أيها الرسول- تتزوج النساء؟ فلقد بعثنا
قبلك رسلا من البشر وجعلنا لهم أزواجًا
وذرية, وإذا قالوا: لو كان رسولا لأتى بما
طلبنا من المع
جزات, فليس في وُسْع رسولٍ أن
يأتي بمعجزةٍ أرادها قومه إلا بإذن الله.
لكل أمر قضاه الله كتاب وأجل قد كتبه الله
عنده, لا يتقدم ولا يتأخر.




يَمْحُوا اللَّهُ
مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ
الْكِتَابِ (39)


يمحو الله ما يشاء
من الأحكام وغيرها, ويُبْقي
ما يشاء منها لحكمة يعلمها, وعنده
أمُّ الكتاب, وهو اللوح المحفوظ.




وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ
بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ
فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا
الْحِسَابُ (40)


وإن أريناك -أيها
الرسول- بعض العقاب الذي توعَّدْنا به أعداءك
من الخزي والنَّكال في الدنيا
فذلك المعجَّل لهم, وإن توفيناك قبل أن
ترى ذلك, فما عليك إلا تبليغ الدعوة, وعلينا
الحساب والجزاء.




أَوَلَمْ يَرَوْا
أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا
مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ
لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيع
ُ الْحِسَابِ (41)

أولم يبصر هؤلاء
الكفار أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها,
وذلك بفتح المسلمين بلاد المشركين وإلحاقها
ببلاد المسلمين؟ والله سبحانه يحكم لا
معقِّب لحكمه وقضائه, وهو سريع الحساب,
فلا يستعجلوا بالعذاب; فإن كل آت قريب.




وَقَدْ مَكَرَ
الَّذِينَ
مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ
الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ
كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ
لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42)


ولقد دبَّر الذين
من قبلهم المكايد لرسلهم, كما فعل هؤلاء
معك, فلله المكر جميعًا, فيبطل مكرهم, ويعيده
عليهم بالخيبة والندم,
يعلم سبحانه ما تكسب كل نفس
من خير أو شر فتجازى عليه. وسيعلم الكفار
-إذا قدموا على ربهم- لمن تكون العاقبة المحمودة
بعد هذه الدنيا؟ إنها لأتباع الرسل. وفي
هذا تهديد ووعيد للكافرين.




وَيَقُولُ الَّذِينَ
كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى
بِاللَّهِ شَهِيداً
بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ
عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43)


ويقول الذين كفروا
لنبي الله: -يا محمد- ما أرسلك الله, قل لهم:
كفى بالله شهيدًا بصدقي وكذبكم, وكَفَتْ
شهادة مَن عنده علم الكتاب من اليهود والنصارى
ممن آمن برسالتي, وما جئتُ به من عند الله,
واتبع ا
لحق فصرَّح بتلك الشهادة, ولم
يكتمها.









الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حسن المرجاوى
المدير العام
المدير العام
حسن المرجاوى


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4067
تاريخ الميلاد : 03/06/1963
تاريخ التسجيل : 06/11/2010
العمر : 60
المزاج مصر العربيه

التفسير الميسر للقرأن الكريم  تفسير سورة الرعد /إبراهيم /الحجر/ النحل** Empty
مُساهمةموضوع: رد: التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الرعد /إبراهيم /الحجر/ النحل**   التفسير الميسر للقرأن الكريم  تفسير سورة الرعد /إبراهيم /الحجر/ النحل** I_icon_minitimeالإثنين مارس 04, 2013 12:42 pm


تفسي

14- سورة إبراهيم




الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ
إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ
إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى
صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)
اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي
السَّمَوَاتِ
وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ
مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2)


(الر) سبق الكلام
على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة.


هذا القرآن كتاب
أوحيناه إليك -أيها الرسول- لتُخرج به البشر
من الضلال والغيِّ إلى الهدى والنور -بإذن
ربهم وتوفيقه إياهم- إلى الإسلام الذي
هو طريق الله الغالب المحمود
في كل حال, الله الذي له ما في السموات وما
في الأرض, خلقًا وملكًا وتصرُّفًا, فهو
الذي يجب أن تكون العبادة له وحده. وسوف
يصيب الذين لم يؤمنوا بالله ولم يتبعوا
رسله يوم القيامة هلاك وعذاب شديد.




الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ
الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ
وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا
عِوَجاً أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ
(3)


وهؤلاء الذين أعرضوا
ولم يؤمنوا بالله ويتبعوا رسله هم الذين
يختارون الحياة الدنيا الفانية, ويتركون
الآخرة الباقية, ويمنعون الناس عن اتباع
دين الله, ويريدونه طريقًا معوجًا
ليوافق أهواءهم, أولئك الموصوفون بهذه
الصفات في ضلال عن الحق بعيد عن كل أسباب
الهداية.




وَمَا أَرْسَلْنَا
مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ
لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ
مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُو
َ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)

وما أرسلنا مِن
رسولٍ قبلك -أيها النبي- إلا بلُغة قومه;
ليوضِّح لهم شريعة الله, فيضل الله من يشاء
عن الهدى, ويهدي من يشاء إلى الحق, وهو العزيز
في ملكه, الحكيم الذي يضع الأمور في مواضعها
وَفْق الحكمة.




وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا
مُوسَى
بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ
قَوْمَكَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ
وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ
فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ
(5)


ولقد أرسلنا موسى
إلى بني إسرائيل وأيدناه بالمعجزات الدالة
على صدقه, وأمرناه بأن يدعوهم إلى الإيمان؛
ليخرجهم من الضلال إلى الهدى,
ويذكِّرهم بنعم الله ونقمه في أيامه, إن
في هذا التذكير بها لَدلالات لكل صبَّار
على طاعة الله، وعن محارمه، وعلى أقداره،
شكور قائم بحقوق الله، يشكر الله على نعمه,
وخصَّهم بذلك؛ لأنهم هم الذين يعتبرون
بها, ولا يَغْفُلون عنها.




وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ
اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
إِذْ أَنجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ
سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ
وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ
بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)


واذكر -أيها الرسول- لقومك قصة موسى حين قال لبني
إسرائيل: اذكروا نعمة الله عليكم حين أنجاكم
من فرعون وأتباعه يذيقونكم أشد العذاب,
ويذبِّحون أبناءكم الذكور, حتى لا يأتي
منهم من يستولي على مُلْك فرعون, ويبقون
الإناث على قيد الحياة ذليلات, وفي ذلكم
البلاء والإنجاء اختبار لكم
من ربكم عظيم.



وَإِذْ تَأَذَّنَ
رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ
وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ
(7)


وقال لهم موسى:
واذكروا حين أعلم ربكم إعلامًا مؤكَّدًا:
لئن شكرتموه على نعمه ليزيدنكم من فضله,
ولئن جحدتم نعمة الله ليعذبنَّكم عذاب
ًا شديدًا.



وَقَالَ مُوسَى
إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ
جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ
(Cool


وقال لهم: إن تكفروا
بالله أنتم وجميع أهل الأرض فلن تضروا الله
شيئًا; فإن الله لغني عن خلقه, مستحق للحمد
والثناء, محمود في كل حال.




أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ
مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ
وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ
لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ جَاءَتْهُمْ
رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا
أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا
إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِل
ْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ
مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ
(9)


ألم يأتكم -يا أمَّة
محمد- خبر الأمم التي سبقتكم, قوم نوح وقوم
هود وقوم صالح, والأمم التي بعدهم, لا يحصي
عددهم إلا الله, جاءتهم رسلهم بالبراهين
الواضحات, فعضُّوا أيديهم غيظًا واستنكافً
ا عن قَبول الإيمان, وقالوا لرسلهم:
إنا لا نصدِّق بما جئتمونا به, وإنا لفي
شكٍّ مما تدعوننا إليه من الإيمان والتوحيد
موجب للريبة.




قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ
شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ
لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخّ
ِرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى
قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا
تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ
يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ
مُبِينٍ (10)


قالت لهم رسلهم:
أفي الله وعبادته -وحده- ريب, وهو خالق السموات
والأرض, ومنشئهما من ال
عدم على غير مثال سابق, وهو يدعوكم
إلى الإيمان; ليغفر لكم ذنوبكم, ويؤخر بقاءكم
في الدنيا إلى أجل قدَّره, وهو نهاية آجالكم,
فلا يعذبكم في الدنيا؟ فقالوا لرسلهم: ما
نراكم إلا بشرًا صفاتكم كصفاتنا, لا فضل
لكم علينا يؤهلكم أن تكونوا رسلا . تريدون
أن تمنعونا من
عبادة ما كان يعبده آباونا من
الأصنام والأوثان, فأتونا بحجة ظاهرة تشهد
على صحة ما تقولون.




قَالَتْ لَهُمْ
رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ
مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ
عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا
كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْ
طَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ
وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ
(11)

ولما سمع الرسل
ما قاله أقوامهم قالوا لهم: حقًا ما نحن
إلا بشر مثلكم كما قلتم, ولكن الله يتفضل
بإنعامه على مَن يشاء من عباده فيصطفيهم
لرسالته, وما طلبتم من البرهان المبين,
فلا يمكن لنا ولا نستطيع أن نأتيكم به إلا
بإذن الله وتوفيقه, وعلى الله وحده يعتم
د المؤمنون في كل أمورهم.



وَمَا لَنَا أَلاَّ
نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا
سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا
آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ
الْمُتَوَكِّلُونَ (12)


وكيف لا نعتمد على
الله, وهو الذي أرشدنا إلى طريق النجاة
من عذاب
ه باتباع أحكام دينه؟ ولنصبرنَّ
على إيذائكم لنا بالكلام السيئ وغيره, وعلى
الله وحده يجب أن يعتمد المؤمنون في نصرهم,
وهزيمة أعدائهم.




وَقَالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ
مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي
مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْه
ِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ
الظَّالِمِينَ (13)


وضاقت صدور الكفار
مما قاله الرسل فقالوا لهم: لنطردنكم من
بلادنا حتى تعودوا إلى ديننا, فأوحى الله
إلى رسله أنه سيهلك الجاحدين الذين كفروا
به وبرسله.




وَلَنُسْكِنَنَّكُمْ
الأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ
خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ
(14)


ولنجعلن العاقبة
الحسنة للرسل وأتباعهم بإسكانهم أرض الكافرين
بعد إهلاكهم, ذلك الإهلاك للكفار, وإسكان
المؤمنين أرضهم أمر مؤكد لمن خاف مقامه
بين يديَّ يوم القيامة, وخشي وعيدي وعذابي.




وَاسْتَفْتَحُوا
وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ
عَنِيدٍ (15)

ولجأ الرسل إلى
ربهم وسألوه النصر على أعدائهم والحكم
بينهم، فاستجاب لهم, وهلك كل متكبر لا يقبل
الحق ولا يُذْعن له, ولا يقر بتوحيد الله
وإخلاص العبادة له.




مِنْ وَرَائِهِ
جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ
(16)


ومِن أمام هذا الكافر
جهنم يَ
لْقى عذابها; ويُسقى فيها من
القيح والدم الذي يَخْرج من أجسام أهل النار.




يَتَجَرَّعُهُ
وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ
مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ
وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)


يحاول المتكبر
ابتلاع القيح والدم وغير ذلك مما
يسيل من أهل النار مرة بعد مرة,
فلا يستطيع أن يبتلعه; لقذارته وحرارته,
ومرارته, ويأتيه العذاب الشديد من كل نوع
ومن كل عضو من جسده, وما هو بميت فيستريح,
وله من بعد هذا العذاب عذاب آخر مؤلم.




مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا
بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ
اشْ
تَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ
عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا
عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ
(18)


صفة أعمال الكفار
في الدنيا كالبر وصلة الأرحام كصفة رماد
اشتدت به الريح في يوم ذي ريح شديدة, فلم
تترك له أثرًا, فكذلك أعمالهم لا يجدون
منها ما ينفعهم عند الله, فقد
أذهبها الكفر كما أذهبت الريح الرماد, ذلك
السعي والعمل على غير أساس, هو الضلال البعيد
عن الطريق المستقيم.




أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ
خَلَقَ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ
يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ
جَدِيدٍ
(19)

ألم تعلم أيها المخاطب
-والمراد عموم الناس- أن الله أوجد السموات
والأرض على الوجه الصحيح الدال على حكمته,
وأنه لم يخلقهما عبثًا, بل للاستدلال بهما
على وحدانيته, وكمال قدرته, فيعبدوه وحده,
ولا يشركوا به شيئًا؟ إن يشأ يذهبكم ويأت
بقوم غيركم يطيعون الله
.



وَمَا ذَلِكَ عَلَى
اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20)


وما إهلاككم والإتيان
بغيركم بممتنع على الله, بل هو سهل يسير.




وَبَرَزُوا لِلَّهِ
جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ
اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً
فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ
عَذَاب
ِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا
لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ
سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا
مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (21)


وخرجت الخلائق
من قبورهم, وظهروا كلهم يوم القيامة لله
الواحد القهار; ليحكم بينهم, فيقول الأتباع
لقادتهم: إنَّا كنَّا
لكم في الدنيا أتباعًا, نأتمر
بأمركم, فهل أنتم -اليوم- دافعون عنا من
عذاب الله شيئًا كما كنتم تَعِدوننا؟ فيقول
الرؤساء: لو هدانا الله إلى الإيمان لأرشدناكم
إليه, ولكنه لم يوفقنا, فضللنا وأضللناكم,
يستوي علينا وعليكم الـجَزَع والصبر عليه,
فليس لنا مهرب من ا
لعذاب ولا منجى.



وَقَالَ الشَّيْطَانُ
لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ
وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ
فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ
مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ
فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي
وَلُومُوا أَنْفُس
َكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ
وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي
كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ
قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ (22)


وقال الشيطان -بعد
أن قضى الله الأمر وحاسب خَلْقه, ودخل أهلُ
الجنة الجنةَ وأهلُ النارِ النارَ-: إن
الله وعدكم وعدًا حقًا بالبعث
والجزاء, ووعدتكم وعدًا باطلا أنه لا بَعْثَ
ولا جزاء, فأخلفتكم وعدي, وما كان لي عليكم
من قوة أقهركم بها على اتباعي, ولا كانت
معي حجة, ولكن دعوتكم إلى الكفر والضلال
فاتبعتموني, فلا تلوموني ولوموا أنفسكم,
فالذنب ذنبكم, ما أنا بمغ
يثكم ولا أنتم بمغيثيَّ من عذاب
الله, إني تبرَّأت مِن جَعْلِكم لي شريكًا
مع الله في طاعته في الدنيا. إن الظالمين
-في إعراضهم عن الحق واتباعهم الباطل- لهم
عذاب مؤلم موجع.




وَأُدْخِلَ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا
سَلامٌ (23)


وأُدخل الذين صدَّقوا
الله ورسوله وعملوا الصالحات جنات تجري
من تحت أشجارها وقصورها الأنهار, لا يخرجون
منها أبدًا -بإذن ربهم وحوله وقوته- يُحَيَّوْن
فيها بسلام من الله وملائكت
ه والمؤمنين.



أَلَمْ تَرَى كَيْفَ
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً
كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ
وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24)


ألم تعلم -أيها
الرسول- كيف ضرب الله مثلا لكلمة التوحيد
(لا إله إلا الله) بشجرة عظيمة, وهي النخلة,
أصلها متمك
ن في الأرض, وأعلاها مرتفع علوًّا
نحو السماء؟




تُؤْتِي أُكُلَهَا
كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ
اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ
يَتَذَكَّرُونَ (25)


تعطي ثمارها كل
وقت بإذن ربها, وكذلك شجرة الإيمان أصلها
ثابت في قلب المؤمن علمًا واعتقادً
ا, وفرعها من الأعمال الصالحة
والأخلاق المرضية يُرفع إلى الله وينال
ثوابه في كل وقت. ويضرب الله الأمثال للناس;
ليتذكروا ويتعظوا, فيعتبروا.




وَمَثَلُ كَلِمَةٍ
خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ
مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ
(26)


ومثل كلمة خبيثة -وهي كلمة الكفر- كشجرة
خبيثة المأكل والمطعم, وهي شجرة الحنظل,
اقتلعت من أعلى الأرض؛ لأن عروقها قريبة
من سطح الأرض ما لها أصل ثابت, ولا فرع صاعد,
وكذلك الكافر لا ثبات له ولا خير فيه, ولا
يُرْفَع له عمل صالح إلى الله.




يُثَبِّتُ اللَّهُ
الَّذِينَ آ
مَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ
وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ
اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)


يثبِّت الله الذين
آمنوا بالقول الحق الراسخ, وهو شهادة أن
لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله, وما
جاء به من الدين ا
لحق يثبتهم الله به في الحياة
الدنيا, وعند مماتهم بالخاتمة الحسنة, وفي
القبر عند سؤال المَلَكين بهدايتهم إلى
الجواب الصحيح, ويضل الله الظالمين عن الصواب
في الدنيا والآخرة, ويفعل الله ما يشاء
من توفيق أهل الإيمان وخِذْلان أهل الكفر
والطغيان.




أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ
اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ
دَارَ الْبَوَارِ (28)جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا
وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29)


ألم تنظر أيها المخاطب
-والمراد العموم- إلى حال المكذبين من كفار
قريش الذين استبدلوا الكفر بالله بدلا
عن شكره على
نعمة الأمن بالحرم وبعثة النبي
محمد صلى الله عليه وسلم فيهم؟ وقد أنـزلوا
أتباعهم دار الهلاك حين تَسببوا بإخراجهم
إلى "بدر" فقُتِلوا وصار مصيرهم دار
البوار، وهي جهنم, يدخلونها ويقاسون حرها,
وقَبُحَ المستقر مستقرهم.




وَجَعَلُوا لِلَّهِ
أَندَاداً لِيُضِلُّوا
عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا
فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30)


وجعل هؤلاء الكفار
لله شركاء عبدوهم معه; ليُبْعدوا الناس
عن دينه. قل لهم -أيها الرسول-: استمتعوا
في الحياة الدنيا; فإنها سريعة الزوال,
وإن مردَّكم ومرجعكم إلى عذاب جهنم.




قُلْ لِعِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا
الصَّلاةَ وَيُنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ
سِرّاً وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ
يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا
خِلالٌ (31)


قل -أيها الرسول-
لعبادي الذين آمنوا: يؤدوا الصلاة بحدودها,
ويخرجوا بعض ما أعطيناهم من المال في و
جوه الخير الواجبة والمستحبة
مسرِّين ذلك ومعلنين, من قبل أن يأتي يوم
القيامة الذي لا ينفع فيه فداء ولا صداقة.




اللَّهُ الَّذِي
خَلَقَ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنْ
السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ
الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ
لَكُمْ
الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ
بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمْ الأَنهَارَ
(32)


الله تعالى الذي
خلق السموات والأرض وأوجدهما من العدم,
وأنزل المطر من السحاب فأحيا به الأرض بعد
موتها, وأخرج لكم منها أرزاقكم, وذلَّل
لكم السفن; لتسير في البحر بأمره لمنافعكم,
و
ذلَّل لكم الأنهار لسقياكم وسقيا
دوابكم وزروعكم وسائر منافعكم.




وَسَخَّرَ لَكُمْ
الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ
لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33)


وذلَّل الله لكم
الشمس والقمر لا يَفْتُران عن حركتهما;
لتتحقق المصالح بهما, وذلَّل لكم الليل;
لتسك
نوا فيه وتستريحوا, والنهار;
لتبتغوا من فضله, وتدبِّروا معايشكم.




وَآتَاكُمْ مِنْ
كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا
نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ
الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)


وأعطاكم من كل ما
طلبتموه, وإن تعدُّوا نِعَم الله عليكم
لا تطيق
وا عدها ولا إحصاءها ولا القيام
بشكرها; لكثرتها وتنوُّعها. إن الإنسان
لَكثير الظلم لنفسه, كثير الجحود لنعم ربه.




وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ
رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً
وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ
الأَصْنَامَ (35)


واذكر -أيها الرسول-
حين قا
ل إبراهيم داعيًا ربه -بعد أن
أسكن ابنه إسماعيل وأمه "هاجَر" وادي
"مكة" -: رب اجعل "مكة" بلدَ أمنٍ
يأمن كل مَن فيها, وأبعِدني وأبنائي عن
عبادة الأصنام.




رَبِّ إِنَّهُنَّ
أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ فَمَنْ
تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي
فَ
إِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36)

ربِّ إن الأصنام
تسبَّبتْ في إبعاد كثير من الناس عن طريق
الحق, فمن اقتدى بي في التوحيد فهو على ديني
وسُنَّتي, ومَن خالفني فيما دون الشرك,
فإنك غفور لذنوب المذنبين -بفضلك- رحيم
بهم, تعفو عمن تشاء منهم.




رَبَّنَا إِنِّي
أَسْكَنتُ
مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ
ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ
رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ
أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ
وَارْزُقْهُمْ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ
يَشْكُرُونَ (37)


ربنا إني أسكنت
من ذريتي بوادٍ ليس فيه
زرع ولا ماء بجوار بيتك المحرم,
ربنا إنني فعلت ذلك بأمرك; لكي يؤدوا الصلاة
بحدودها, فاجعل قلوب بعض خلقك تَنزع إليهم
وتحنُّ, وارزقهم في هذا المكان من أنواع
الثمار; لكي يشكروا لك على عظيم نعمك. فاستجاب
الله دعاءه.




رَبَّنَا إِنَّكَ
تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا
يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي
الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ (38)


ربنا إنك تعلم كل
ما نخفيه وما نظهره. وما يغيب عن علم الله
شيء من الكائنات في الأرض ولا في السماء.




الْحَمْدُ لِلَّهِ
الَّذِ
ي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ
إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي
لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39)


يُثْني إبراهيم
على الله تعالى, فيقول: الحمد لله الذي رزقني
على كِبَر سني ولديَّ إسماعيل وإسحاق بعد
دعائي أن يهب لي من الصالحين, إن ربي لسميع
الدعاء ممن دعاه, وقد دع
وته ولم يخيِّب رجائي.



رَبِّ اجْعَلْنِي
مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي
رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40)


رب اجعلني مداومًا
على أداء الصلاة على أتم وجوهها, واجعل
من ذريتي مَن يحافظ عليها, ربنا واستجب
دعائي وتقبَّل عبادتي.




رَبَّنَا اغْفِرْ
لِي وَلِو
َالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ
يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41)


ربنا اغفر لي ما
وقع مني مما لا يسلم منه البشر واغفر لوالديَّ,
(وهذا قبل أن يتبيَّن له أن والده عدو لله)
واغفر للمؤمنين جميعًا يوم يقوم الناس
للحساب والجزاء.




وَلا تَحْسَبَنَّ
اللَّهَ غَافِلاً عَمَّ
ا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا
يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ
الأَبْصَارُ (42)


ولا تحسبن -أيها
الرسول- أن الله غافل عما يعمله الظالمون:
من التكذيب بك وبغيرك من الرسل, وإيذاء
المؤمنين وغير ذلك من المعاصي, إنما يؤخِّرُ
عقابهم ليوم شديد ترتفع فيه عي
ونهم ولا تَغْمَض; مِن هول ما
تراه. وفي هذا تسلية لرسول الله محمد صلى
الله عليه وسلم.




مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي
رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ
طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ
(43)


يوم يقوم الظالمون
من قبورهم مسرعين لإجابة الداعي رافعي
رؤوسهم لا يبصرو
ن شيئًا لهول الموقف, وقلوبهم
خالية ليس فيها شيء; لكثرة الخوف والوجل
من هول ما ترى.




وَأَنذِرْ النَّاسَ
يَوْمَ يَأْتِيهِمْ الْعَذَابُ فَيَقُولُ
الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا
إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ
وَنَتَّبِعْ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَك
ُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ
مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44)


وأنذر -أيها الرسول-
الناس الذين أرسلتُكَ إليهم عذاب الله
يوم القيامة, وعند ذلك يقول الذين ظلموا
أنفسهم بالكفر: ربنا أَمْهِلْنا إلى وقت
قريب نؤمن بك ونصدق رسلك. فيقال لهم توبيخًا:
ألم تقسموا في حي
اتكم أنه لا زوال لكم عن الحياة
الدنيا إلى الآخرة, فلم تصدِّقوا بهذا البعث؟




وَسَكَنتُمْ فِي
مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ
وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا
بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الأَمْثَالَ
(45)


وحللتم في مساكن
الكافرين السابقين الذين ظل
موا أنفسهم كقوم هود وصالح, وعلمتم
-بما رأيتم وأُخبرتم- ما أنزلناه بهم من
الهلاك, وضربنا لكم الأمثال في القرآن,
فلم تعتبروا؟




وَقَدْ مَكَرُوا
مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ
وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ
الْجِبَالُ (46)


وقد دبَّر المشركون الشرَّ للرسول صلى الله عليه
وسلم بقتله, وعند الله مكرهم فهو محيط به,
وقد عاد مكرهم عليهم, وما كان مكرهم لتزول
منه الجبال ولا غيرها لضعفه ووَهَنه, ولم
يضرُّوا الله شيئًا, وإنما ضرُّوا أنفسهم.




فَلا تَحْسَبَنَّ
اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ
اللَّ
هَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (47)

فلا تحسبن -أيها
الرسول- أن الله يخلف رسله ما وعدهم به من
النصر وإهلاك مكذبيهم. إن الله عزيز لا
يمتنع عليه شيء, منتقم من أعدائه أشد انتقام.

والخطاب وإن كان
خاصًّا بالنبي صلى الله عليه وسلم, فهو
موجَّه لعموم الأمة.




يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ
وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ
الْقَهَّارِ (48)


وانتقام الله تعالى
مِن أعدائه في يوم القيامة يوم تُبَدَّل
هذه الأرض بأرض أخرى بيضاء نقيَّة كالفضة,
وكذلك تُبَدَّل السموات بغيرها, وتخرج
الخلائق من قبورها أحياء ظا
هرين للقاء الله الواحد القهار,
المتفرد بعظمته وأسمائه وصفاته وأفعاله
وقهره لكل شيء.




وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ
يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ
(49)


وتُبْصِرُ -أيها
الرسول- المجرمين يوم القيامة مقيدين بالقيود,
قد قُرِنت أيديهم وأرجلهم بالسلاسل, وهم
في
ذُلٍّ وهوان.



سَرَابِيلُهُمْ
مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ
النَّارُ (50)


ثيابهم من القَطِران
الشديد الاشتعال, وتلفح وجوههم النار فتحرقها.




لِيَجْزِيَ اللَّهُ
كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ
سَرِيعُ الْحِسَابِ (51)


فَعَل الله ذلك
بهم; جزاء
لهم بما كسبوا من الآثام في
الدنيا, والله يجازي كل إنسان بما عمل مِن
خير أو شر, إن الله سريع الحساب.




هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ
وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا
هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا
الأَلْبَابِ (52)


هذا القرآن الذي
أنزلناه إل
يك -أيها الرسول- بلاغ وإعلام
للناس; لنصحهم وتخويفهم, ولكي يوقنوا أن
الله هو الإله الواحد, فيعبدوه وحده لا
شريك له, وليتعظ به أصحاب العقول
السليمة.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حسن المرجاوى
المدير العام
المدير العام
حسن المرجاوى


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4067
تاريخ الميلاد : 03/06/1963
تاريخ التسجيل : 06/11/2010
العمر : 60
المزاج مصر العربيه

التفسير الميسر للقرأن الكريم  تفسير سورة الرعد /إبراهيم /الحجر/ النحل** Empty
مُساهمةموضوع: رد: التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الرعد /إبراهيم /الحجر/ النحل**   التفسير الميسر للقرأن الكريم  تفسير سورة الرعد /إبراهيم /الحجر/ النحل** I_icon_minitimeالإثنين مارس 04, 2013 12:44 pm

اقتباس :

تفسير

15- سورة الحجر


الر تِلْكَ آيَاتُ
الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (1)


(الر) سبق الكلام على الحروف المقطَّعة في أول
سورة البقرة.


تلك الآيات العظيمة
هي آيات الكتاب العزيز المنزل على محمد
صلى الله عليه وسلم، وهي آيات قرآن موضِّح
للحقائق بأحسن لفظ وأوضحه وأدلِّه على
المقصود. فالكتاب هو القرآن جمع الله له
بين الاسمين.




رُبَمَا يَوَدُّ
الَّذِينَ
كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ
(2)


سيتمنى الكفار
حين يرون خروج عصاة المؤمنين من النار أن
لو كانوا موحدين؛ ليخرجوا كما خرجوا.




ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا
وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمْ الأَمَلُ
فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)


اترك -أيها الرسول-
الكفار يأكلوا, ويستمتعو
ا بدنياهم, ويشغلهم الطمع فيها
عن طاعة الله, فسوف يعلمون عاقبة أمرهم
الخاسرة في الدنيا والآخرة.




وَمَا أَهْلَكْنَا
مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ
مَعْلُومٌ (4)


وإذا طلبوا نزول
العذاب بهم تكذيبًا لك -أيها الرسول- فإنا
لا نُهْلك قرية إلا ولإهلاكها أجل
مقدَّر, لا نُهْلكهم حتى يبلغوه،
مثل مَن سبقهم.




مَا تَسْبِقُ مِنْ
أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ
(5)


لا تتجاوز أمة أجلها
فتزيد عليه, ولا تتقدم عليه, فتنقص منه.




وَقَالُوا يَا
أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ
إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَ
وْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ
إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ (7)


وقال المكذبون
لمحمد صلى الله عليه وسلم استهزاءً: يا
أيها الذي نُزِّل عليه القرآن إنك لذاهب
العقل, هلا تأتينا بالملائكة -إن كنت صادقًا-;
لتشهد أن الله أرسلك.




مَا نُنَزِّلُ
الْمَلائِكَةَ
إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا
إِذاً مُنْظَرِينَ (Cool


وردَّ الله عليهم:
إننا لا ننزل الملائكة إلا بالعذاب الذي
لا إمهال فيه لمن لم يؤمن, وما كانوا حين
تنزل الملائكة بالعذاب بِمُمْهلين.




إِنَّا نَحْنُ
نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
(9)


إنَّا نحن نزَّلنا القرآن على النبي
محمد صلى الله عليه وسلم، وإنَّا نتعهد
بحفظه مِن أن يُزاد فيه أو يُنْقَص منه,
أو يضيع منه شيء.




وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ
قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ (10) وَمَا
يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كَانُوا
بِهِ يَسْتَهْزِئُو
نَ (11)

ولقد أرسلنا من
قبلك -أيها الرسول- رسلا في فِرَق الأولين,
فما من رسولٍ جاءهم إلا كانوا منه يسخرون.
وفي هذا تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم.
فكما فَعَل بك هؤلاء المشركون فكذلك فُعِلَ
بمن قبلك من الرسل.




كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ
الْمُجْرِمِينَ
(12) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ
خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ (13)


كما أدخلنا الكفر
في قلوب الأمم السابقة بالاستهزاء بالرسل
وتكذيبهم, كذلك نفعل ذلك في قلوب مشركي
قومك الذين أجرموا بالكفر بالله وتكذيب
رسوله, لا يُصَدِّقون بالذكر الذي أُنزل
إليك, وقد مضت سنَّ
ة الأولين بإهلاك الكفار, وهؤلاء
مِثْلهم, سَيُهْلك المستمرون منهم على
الكفر والتكذيب.




وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ
بَاباً مِنْ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ
يَعْرُجُونَ (14)لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ
أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ
(15)


ولو فتحنا على كفار "مكة" بابًا
من السماء فاستمروا صاعدين فيه حتى يشاهدوا
ما في السماء من عجائب ملكوت الله, لما صدَّقوا,
ولقالوا: سُحِرَتْ أبصارنا, حتى رأينا ما
لم نرَ, وما نحن إلا مسحورون في عقولنا من
محمد.




وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ
بُرُوجاً وَزَيَّنَّا
هَا لِلنَّاظِرِينَ (16)

ومن أدلة قدرتنا:
أنا جعلنا في السماء الدنيا منازل للكواكب
تنزل فيها, ويستدل بذلك على الطرقات والأوقات
والخِصْب والجَدْب, وزَيَّنَّا هذه السماء
بالنجوم لمن ينظرون إليها, ويتأملون فيعتبرون.




وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ
شَيْطَانٍ رَجِيم
ٍ (17)

وحفظنا السماء
من كل شيطان مرجوم مطرود من رحمة الله; كي
لا يصل إليها.




إِلاَّ مَنْ اسْتَرَقَ السَّمْعَ
فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18)


إلا من اختلس السمع
مِن كلام أهل الملأ الأعلى في بعض الأوقات,
فأدركه ولحقه كوكب مضيء يحرقه. وقد يُلْقي
الشيطان إل
ى وليه بعض ما استرقَه قبل أن
يحرقه الشهاب.




وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا
وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا
فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19)


والأرض مددناها
متسعة, وألقينا فيها جبالا تثبتها, وأنبتنا
فيها من كل أنواع النبات ما هو مقدَّر معلوم
مما يحتاج إليه العباد.




وَجَعَلْنَا لَكُمْ
ف
ِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ
لَهُ بِرَازِقِينَ (20)


وجعلنا لكم فيها
ما به تعيشون من الحَرْث، ومن الماشية،
ومن أنواع المكاسب وغيرها, وخلقنا لكم من
الذرية والخدم والدوابِّ ما تنتفعون به,
وليس رزقهم عليكم, وإنما هو على الله رب
العالمين تفضلا منه وتكرمًا.




وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ
إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ
إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)


وما من شيء من منافع
العباد إلا عندنا خزائنه من جميع الصنوف,
وما ننزله إلا بمقدار محدد كما نشاء وكما
نريد, فالخزائن بيد الله يعطي من يشاء ويمنع
من يشاء, بحسب ر
حمته الواسعة, وحكمته البالغة.



وَأَرْسَلْنَا
الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنْ
السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ
وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22)


وأرسلنا الرياح
وسخرناها تُلَقِّح السحاب, وتحمل المطر
والخير والنفع, فأنزلنا من السحاب ماء أعدد
ناه لشرابكم وأرضكم ومواشيكم,
وما أنتم بقادرين على خزنه وادِّخاره،
ولكن نخزنه لكم رحمة بكم، وإحسانًا إليكم.




وَإِنَّا لَنَحْنُ
نُحْيِ وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ
(23)


وإنَّا لنحن نحيي
مَن كان ميتًا بخلقه من العدم, ونميت من
كان حيًا بعد انقضاء أجله, ون
حن الوارثون الأرض ومَن عليها.



وَلَقَدْ عَلِمْنَا
الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ
عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (24)


ولقد علمنا مَن
هلك منكم مِن لدن آدم, ومَن هو حيٌّ, ومَن
سيأتي إلى يوم القيامة.




وَإِنَّ رَبَّكَ
هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَل
ِيمٌ (25)

وإن ربك هو يحشرهم
للحساب والجزاء, إنه حكيم في تدبيره, عليم
لا يخفى عليه شيء.




وَلَقَدْ خَلَقْنَا
الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ
مَسْنُونٍ (26)


ولقد خلقنا آدم
مِن طين يابس إذا نُقِر عليه سُمع له صوت,
وهذا الطين اليابس من طين أسود متغيِّر
لونه وريحه; مِن طول مكثه.



وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ
مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27)


وخلقنا أبا الجن,
وهو إبليس مِن قَبْل خلق آدم من نار شديدة
الحرارة لا دخان لها.




وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ
لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً
مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإ
ٍ مَسْنُونٍ (28)

واذكر -أيها النبي-
حين قال ربك للملائكة: إني خالق إنسانًا
من طين يابس, وهذا الطين اليابس من طين أسود
متغيِّر اللون.




فَإِذَا سَوَّيْتُهُ
وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا
لَهُ سَاجِدِينَ (29)


فإذا سوَّيته وأكملت
صورته ونفخت فيه الروح,
فخُرُّوا له ساجدين سجود تحية
وتكريم, لا سجود عبادة.




فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ
كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلاَّ إِبْلِيسَ
أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ
(31)


فسجد الملائكة
كلهم أجمعون كما أمرهم ربهم لم يمتنع منهم
أحد, لكن إبليس امتنع أن يسجد لآدم مع
الملائكة الساجدين.



قَالَ يَا إِبْلِيسُ
مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ
(32)


قال الله لإبليس:
ما لك ألا تسجد مع الملائكة؟




قَالَ لَمْ أَكُنْ
لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ
مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33)


قال إبليس مظهرًا
كبره وحسده:
لا يليق بي أن أسجد لإنسان أَوجدْتَهُ
من طين يابس كان طينًا أسود متغيرًا.




قَالَ فَاخْرُجْ
مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ
عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ
(35)


قال الله تعالى
له: فاخرج من الجنة, فإنك مطرود من كل خير,
وإن عليك اللعنة والبع
د من رحمتي إلى يوم يُبْعَث الناس
للحساب والجزاء.




قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي
إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36)


قال إبليس: رب أخِّرني
في الدنيا إلى اليوم الذي تَبْعَث فيه عبادك,
وهو يوم القيامة.




قَالَ فَإِنَّكَ
مِنْ الْمُنْظَرِينَ (37) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ
الْمَعْلُومِ (38)

قال الله له: فإنك
ممن أخَّرْتُ هلاكهم إلى اليوم الذي يموت
فيه كل الخلق بعد النفخة الأولى, لا إلى
يوم البعث, وإنما أُجيبَ إلى ذلك استدراجًا
له وإمهالا وفتنة للثقلين.




قَالَ رَبِّ بِمَا
أَغْوَيْتَنِي لأزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي
الأَرْضِ وَلأغْ
وِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39)
إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ
(40)


قال إبليس: ربِّ
بسبب ما أغويتني وأضللتني لأحسِّنَنَّ
لذرية آدم معاصيك في الأرض, ولأضلنهم أجمعين
عن طريق الهدى, إلا عبادك الذين هديتهم
فأخلصوا لك العبادة وحدك دون سائر خلقك.




قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ
(41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ
سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ
الْغَاوِينَ (42)


قال الله: هذا طريق
مستقيم معتدل موصل إليَّ وإلى دار كرامتي.
إن عبادي الذين أخلصوا لي لا أجعل لك سلطانًا
على قلوبهم تضلُّهم ب
ه عن الصراط المستقيم, لكن سلطانك
على مَنِ اتبعك مِنَ الضالين المشركين
الذين رضوا بولايتك وطاعتك بدلا من طاعتي.




وَإِنَّ جَهَنَّمَ
لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا
سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ
جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)


وإن النار الشديدة
لَموع
دُ إبليس وأتباعه أجمعين, لها
سبعة أبواب كل باب أسفل من الآخر, لكل بابٍ
مِن أتباع إبليس قسم ونصيب بحسب أعمالهم.




إِنَّ الْمُتَّقِينَ
فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا
بِسَلامٍ آمِنِينَ (46) وَنَزَعْنَا مَا
فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً
عَلَى
سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47) لا
يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ
مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48)


إن الذين اتقوا
الله بامتثال ما أمر واجتناب ما نهى في
بساتين وأنهار جارية يقال لهم: ادخلوا هذه
الجنات سالمين من كل سوء آمنين من كل عذاب.
ونزعنا ما في قلوبهم من حقد
وعداوة, يعيشون في الجنة إخوانًا
متحابين, يجلسون على أسرَّة عظيمة, تتقابل
وجوههم تواصلا وتحاببًا, لا يصيبهم فيها
تعب ولا إعياء, وهم باقون فيها أبدًا.




نَبِّئْ عِبَادِي
أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49)
وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ
(50)
وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ
إِبْرَاهِيمَ (51)


أخبر -أيها الرسول-
عبادي أني أنا الغفور للمؤمنين التائبين,
الرحيم بهم، وأن عذابي هو العذاب المؤلم
الموجع لغير التائبين. وأخبرهم -أيها الرسول-
عن ضيوف إبراهيم من الملائكة الذين بشَّروه
بالولد, وبهلاك قوم لوط.




إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا
سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ
(52)


حين دخلوا عليه
فقالوا: سلامًا; فرد عليهم السلام, ثم قدَّم
لهم الطعام فلم يأكلوا, قال: إنا منكم فزعون.




قَالُوا لا تَوْجَلْ
إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ
(53)


قالت الملائكة له: لا تفزع إنَّا جئنا نبشرك
بولد كثير العلم بالدين, هو إسحاق.




قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي
عَلَى أَنْ مَسَّنِي الْكِبَرُ فَبِمَ
تُبَشِّرُونَ (54)


قال إبراهيم متعجبًا:
أبشَّرتموني بالولد, وأنا كبير وزوجتي
كذلك, فبأي أعجوبة تبشِّرونني؟




قَالُوا بَشَّرْنَاكَ
ب
ِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنْ
الْقَانِطِينَ (55)


قالوا: بشَّرناك
بالحق الذي أعلمَنا به الله, فلا تكن من
اليائسين أن يولد لك.




قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ
مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ
(56) قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ
(57)


قال: لا ييئس من رحمة ربه إلا الخاطئون المنصرفون
عن طريق الحق. قال: فما الأمر الخطير الذي
جئتم من أجله -أيها المرسلون- من عند الله؟




قَالُوا إِنَّا
أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ
(58) إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ
أَجْمَعِينَ (59) إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَ
دَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنْ الْغَابِرِينَ
(60)


قالوا: إن الله
أرسلنا لإهلاك قوم لوط المشركين الضالين
إلا لوطًا وأهله المؤمنين به, فلن نهلكهم
وسننجيهم أجمعين, لكن زوجته الكافرة قضينا
بأمر الله بإهلاكها مع الباقين في العذاب.




فَلَمَّا جَاءَ
آلَ لُوطٍ الْمُرْسَ
لُونَ (61) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ
مُنْكَرُونَ (62)


فلما وصل الملائكة
المرسلون إلى لوط, قال لهم: إنكم قوم غير
معروفين لي.




قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ
بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (63) وَأَتَيْنَاكَ
بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (64)
فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ ب
ِقِطْعٍ مِنْ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ
أَدْبَارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ
أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ
(65)


قالوا: لا تَخَفْ,
فإنَّا جئنا بالعذاب الذي كان يشك فيه قومك
ولا يُصَدِّقون, وجئناك بالحق من عند الله,
وإنا لصادقون, فاخرج مِن بينهم ومعك أهلك
المؤمنون, بعد مرور جزء من الليل,
وسر أنت وراءهم; لئلا يتخلف منهم أحد فيناله
العذاب, واحذروا أن يلتفت منكم أحد, وأسرعوا
إلى حيث أمركم الله; لتكونوا في مكان أمين.




وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ
ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ
مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (66)


وأوحينا إلى لوط أن قومك مستأصَلون
بالهلاك عن آخرهم عند طلوع الصبح.




وَجَاءَ أَهْلُ
الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (67)


وجاء أهل مدينة
لوط إلى لوط حين علموا بمن عنده من الضيوف,
وهم فرحون يستبشرون بضيوفه; ليأخذوهم ويفعلوا
بهم الفاحشة.




قَالَ إِنَّ هَؤُلاءِ
ضَيْفِي
فَلا تَفْضَحُونِ (68) وَاتَّقُوا
اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ (69)


قال لهم لوط: إن
هؤلاء ضيفي وهم في حمايتي فلا تفضحوني,
وخافوا عقاب الله, ولا تتعرضوا لهم, فتوقعوني
في الذل والهوان بإيذائكم لضيوفي.




قَالُوا أَوَلَمْ
نَنْهَكَ عَنْ الْعَالَمِينَ (70)


قال قومه: أولم نَنْهَكَ أن تضيِّف أحدا
من العالمين; لأنَّا نريد منهم الفاحشة؟




قَالَ هَؤُلاءِ
بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (71)


قال لوط لهم: هؤلاء
نساؤكم بناتي فتزوَّجوهن إن كنتم تريدون
قضاء وطركم, وسماهن بناته؛ لأن نبي الأمة
بمنزلة الأب لهم, ولا تفعلوا ما حرَّ
م الله عليكم من إتيان الرجال.



لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ
لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) فَأَخَذَتْهُمْ
الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73)


يقسم الخالق بمن
يشاء وبما يشاء, أما المخلوق فلا يجوز له
القسم إلا بالله, وقد أقسم الله تعالى بحياة
محمد صلى الله عليه وسلم
تشريفًا له. إن قوم لوط في غفلة
شديدة يترددون ويتمادون, حتى حلَّتْ بهم
صاعقة العذاب وقت شروق الشمس.




فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا
سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ
حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (74)


فقلبنا قُراهم
فجعلنا عاليها سافلها, وأمطرنا عليهم حجارة
من طين متصل
ب متين.



إِنَّ فِي ذَلِكَ
لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75) وَإِنَّهَا
لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (76) إِنَّ فِي ذَلِكَ
لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (77)


إن فيما أصابهم
لَعظاتٍ للناظرين المعتبرين, وإن قراهم
لفي طريق ثابت يراها المسافرون المارُّون
بها. إن في إهلاكنا لهم
لَدلالةً بيِّنةً للمصدقين
العاملين بشرع الله.




وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ
الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (78) فَانْتَقَمْنَا
مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ
(79)


وقد كان أصحاب المدينة
الملتفة الشجر -وهم قوم شعيب- ظالمين لأنفسهم
لكفرهم بالله ورسولهم الكريم,
فانتقمنا منهم بالرجفة وعذاب
يوم الظلة, وإن مساكن قوم لوط وشعيب لفي
طريق واضح يمرُّ بهما الناس في سفرهم فيعتبرون.




وَلَقَدْ كَذَّبَ
أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80)


ولقد كذَّب سكان
"وادي الحِجْر" صالحًا عليه السلام,
وهم ثمود فكانوا بذلك مكذبين لكل
المرسلين; لأن من كذَّب نبيًا
فقد كذَّب الأنبياء كلهم; لأنهم على دين
واحد.




وَآتَيْنَاهُمْ
آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ
(81)


وآتينا قوم صالح
آياتنا الدالة على صحة ما جاءهم به صالح
من الحق, ومن جملتها الناقة, فلم يعتبروا
بها, وكانوا عنها مبتعدين
معرضين.



وَكَانُوا يَنْحِتُونَ
مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ (82)


وكانوا ينحتون
الجبال, فيتخذون منها بيوتًا, وهم آمنون
من أن تسقط عليهم أو تخرب.




فَأَخَذَتْهُمْ
الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (83) فَمَا أَغْنَى
عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (84)


فأخذتهم صاعقة العذاب وقت الصباح مبكرين,
فما دفع عنهم عذابَ الله الأموالُ والحصونُ
في الجبال, ولا ما أُعطوه من قوة وجاه.




وَمَا خَلَقْنَا
السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا
إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ
لآتِيَةٌ فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ
(85)


وما خلَقْنا السموات والأرض وما
بينهما إلا بالحق دالتين على كمال خالقهما
واقتداره, وأنه الذي لا تنبغي العبادة إلا
له وحده لا شريك له. وإن الساعة التي تقوم
فيها القيامة لآتية لا محالة; لتوفَّى كل
نفس بما عملت, فاعف -أيها الرسول- عن المشركين,
واصفح عنهم وتجاوز
عما يفعلونه.



إِنَّ رَبَّكَ
هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (86)


إنَّ ربك هو الخلاَّق
لكل شيء, العليم به, فلا يعجزه شيء في الأرض
ولا في السماء, ولا يخفى عليه.




وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ
سَبْعاً مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ
الْعَظِيمَ (87)


ولقد آتيناك -أيها
النبي-
فاتحة القرآن, وهي سبع آيات
تكرر في كل صلاة, وآتيناك القرآن العظيم.




لا تَمُدَّنَّ
عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ
أَزْوَاجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ
وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ
(88)


لا تنظر بعينيك
وتتمنَّ ما مَتَّعْنا به أصنافًا من
الكفار مِن مُتَع الدنيا, ولا
تحزن على كفرهم, وتواضَعْ للمؤمنين بالله
ورسوله.




وَقُلْ إِنِّي
أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89) كَمَا
أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90)


وقل: إني أنا المنذر
الموضِّح لما يهتدي به الناس إلى الإيمان
بالله رب العالمين, ومنذ
ركم أن يصيبكم العذاب, كما أنزله
الله على الذين قسَّموا القرآن, فآمنوا
ببعضه, وكفروا ببعضه الآخر من اليهود والنصارى
وغيرهم.




الَّذِينَ جَعَلُوا
الْقُرْآنَ عِضِينَ (91)


وهم الذين جعلوا
القرآن أقسامًا وأجزاء, فمنهم من يقول:
سحر, ومنهم من يقول كَهَانة, ومنهم
من يقول غير ذلك، يصرِّفونه
بحسب أهوائهم; ليصدوا الناس عن الهدى.




فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ
أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ
(93)


فوربك لنحاسبنَّهم
يوم القيامة ولنجزينهم أجمعين, عن تقسيمهم
للقرآن بافتراءاتهم, وتحريفه وتبديله,
وغير ذلك مما كا
نوا يعملونه من عبادة الأوثان,
ومن المعاصي والآثام. وفي هذا ترهيب وزجر
لهم من الإقامة على هذه الأفعال القبيحة.




فَاصْدَعْ بِمَا
تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ
(94)


فاجهر بدعوة الحق
التي أمرك الله بها, ولا تبال بالمشركين,
فقد برَّأك الله ممَّا يقول
ون.



إِنَّا كَفَيْنَاكَ
الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ
مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
(96)


إنَّا كَفَيْناك
المستهزئين الساخرين من زعماء قريش, الذين
اتخذوا شريكًا مع الله من الأوثان وغيرها,
فسوف يعلمون عاقبة عملهم في الدنيا و
الآخرة.



وَلَقَدْ نَعْلَمُ
أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ
(97)


ولقد نعلم بانقباض
صدرك -أيها الرسول-; بسبب ما يقوله المشركون
فيك وفي دعوتك.




فَسَبِّحْ بِحَمْدِ
رَبِّكَ وَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ (98)


فافزع إلى ربك عند
ضيق صدرك, وسَبِّح بحمده شاكرًا له م
ثنيا عليه, وكن من المصلِّين
لله العابدين له, فإن ذلك يكفيك ما أهمَّك.




وَاعْبُدْ رَبَّكَ
حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)


واستمِرَّ في عبادة
ربك مدة حياتك حتى يأتيك اليقين, وهو الموت.
وامتثل رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر
ربه, فلم يزل دائبًا في عبادة ا
لله, حتى أتاه اليقين من ربه.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حسن المرجاوى
المدير العام
المدير العام
حسن المرجاوى


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4067
تاريخ الميلاد : 03/06/1963
تاريخ التسجيل : 06/11/2010
العمر : 60
المزاج مصر العربيه

التفسير الميسر للقرأن الكريم  تفسير سورة الرعد /إبراهيم /الحجر/ النحل** Empty
مُساهمةموضوع: رد: التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الرعد /إبراهيم /الحجر/ النحل**   التفسير الميسر للقرأن الكريم  تفسير سورة الرعد /إبراهيم /الحجر/ النحل** I_icon_minitimeالإثنين مارس 04, 2013 12:47 pm

اقتباس :


تفسير



16- سورة النحل





أَتَى أَمْرُ اللَّهِ
فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
عَمَّا يُشْرِكُونَ (1)


قَرُب قيام الساعة
وقضاء الله بعذابكم -أيها الكفار- فلا تستعجلوا
العذاب استهزاء بوعيد الرسول لكم. تنزَّه
الله سبحانه وتعال
ى عن الشرك والشركاء.



يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ
بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ
مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ
لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ (2)


ينزِّل الله الملائكة
بالوحي مِن أمره على مَن يشاء من عباده
المرسلين: بأن خوِّفوا الناس م
ن الشرك, وأنه لا معبود بحق إلا
أنا, فاتقون بأداء فرائضي وإفرادي بالعبادة
والإخلاص.




خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى
عَمَّا يُشْرِكُونَ (3)


خلق الله السموات
والأرض بالحق; ليستدِل بهما العباد على
عظمة خالقهما, وأنه وحده المستحق للعبادة,
ت
نزَّه -سبحانه- وتعاظم عن شركهم.



خَلَقَ الإِنسَانَ
مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ
(4)


خَلَق الإنسان
من ماء مهين فإذا به يَقْوى ويغترُّ, فيصبح
شديد الخصومة والجدال لربه في إنكار البعث,
وغير ذلك, كقوله: "مَن يُحْيِ الْعِظَامَ
وَهِيَ رَمِيمٌ"، ون
سي الله الذي خلقه من العدم.



وَالأَنْعَامَ
خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ
وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5)


والأنعامَ من الإبل
والبقر والغنم خلقها الله لكم -أيها الناس-
وجعل في أصوافها وأوبارها الدفء, ومنافع
أُخر في ألبانها وجلودها وركوبها, ومنها
ما ت
أكلون.



وَلَكُمْ فِيهَا
جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ
(6)


ولكم فيها زينة
تُدْخل السرور عليكم عندما تَرُدُّونها
إلى منازلها في المساء, وعندما تُخْرجونها
للمرعى في الصباح.




وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ
إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ
إِلا
َّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ
رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7)


وتحمل هذه الأنعام
ما ثَقُل من أمتعتكم إلى بلد بعيد, لم تكونوا
مستطيعين الوصول إليه إلا بجهد شديد من
أنفسكم ومشقة عظيمة, إن ربكم لَرؤوف رحيم
بكم, حيث سخَّر لكم ما تحتاجون إليه, فله
الحمد وله الشكر.




وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ
وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً
وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ (Cool


وخلق لكم الخيل
والبغال والحمير; لكي تركبوها, ولتكون جمَالا
لكم ومنظرًا حسنًا; ويخلق لكم من وسائل
الركوب وغيرها ما لا عِلْمَ لكم به; لتزدادوا
إيمانًا به وشكرا
له.



وَعَلَى اللَّهِ
قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ
وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ
(9)


وعلى الله بيان
الطريق المستقيم لِهدايتكم, وهو الإسلام,
ومن الطرق ما هو مائل لا يُوصل إلى الهداية,
وهو كل ما خالف الإسلام من الملل والنحل.
ولو شاء الله هدايت
كم لهداكم جميعًا للإيمان.



هُوَ الَّذِي أَنزَلَ
مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ
وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10)


هو الذي أنزل لكم
من السحاب مطرًا, فجعل لكم منه ماءً تشربونه,
وأخرج لكم به شجرًا تَرْعَوْن فيه دوابّكم,
ويعود عليكم دَرُّها ون
فْعُها.



يُنْبِتُ لَكُمْ
بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ
وَالأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
(11)


يُخرج لكم من الأرض
بهذا الماء الواحد الزروع المختلفة, ويُخرج
به الزيتون والنخيل والأعناب, ويُخ
رج به كل أنواع الثمار والفواكه.
إن في ذلك الإخراج لدلالةً واضحة لقوم يتأملون,
فيعتبرون.




وَسَخَّرَ لَكُمْ
اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ
وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
(12)


وسخَّر لكم الليل لراحتكم, والنهار لمعاشكم,
وسخَّر لكم الشمس ضياء, والقمر نورًا ولمعرفة
السنين والحساب, وغير ذلك من المنافع, والنجوم
في السماء مذللات لكم بأمر الله لمعرفة
الأوقات, ونضج الثمار والزروع, والاهتداء
بها في الظلمات. إن في ذلك التسخير لَدلائلَ
واضحةً لقوم سيعقل
ون عن الله حججه وبراهينه.



وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ
فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ
(13)


وسخَّر ما خلقه
لكم في الأرض من الدوابِّ والثمار والمعادن,
وغير ذلك مما تختلف ألوانه ومنافعه. إن
في ذلك الخَلْق واختلاف
الألوان والمنافع لَعبرةً لقوم
يتعظون, ويعلمون أنَّ في تسخير هذه الأشياء
علاماتٍ على وحدانية الله تعالى وإفراده
بالعبادة.




وَهُوَ الَّذِي
سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ
لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ
حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْ
كَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا
مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
(14)


وهو الذي سخَّر
لكم البحر; لتأكلوا مما تصطادون من سمكه
لحمًا طريًا, وتستخرجوا منه زينة تَلْبَسونها
كاللؤلؤ والمرجان, وترى السفن العظيمة
تشق وجه الماء تذهب وتجيء, وتركبونها; لتطلب
وا رزق الله بالتجارة والربح
فيها, ولعلكم تشكرون لله تعالى على عظيم
إنعامه عليكم, فلا تعبدون غيره.




وَأَلْقَى فِي
الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ
وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ
تَهْتَدُونَ (15)


وأرسى في الأرض
جبالا تثبتها حتى لا تميل بكم, وجعل
فيها أنهارًا; لتشربوا منها,
وجعل فيها طرقًا; لتهتدوا بها في الوصول
إلى الأماكن التي تقصدونها.




وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ
هُمْ يَهْتَدُونَ (16)


وجعل في الأرض معالم
تستدلُّون بها على الطرق نهارًا, كما جعل
النجوم للاهتداء بها ليلا.




أَفَمَنْ يَخْلُقُ
كَمَنْ
لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ
(17)


أتجعلون الله الذي
يخلق كل هذه الأشياء وغيرها في استحقاق
العبادة كالآلهة المزعومة التي لا تخلق
شيئًا؟ أفلا تتذكرون عظمة الله, فتفردوه
بالعبادة؟




وَإِنْ تَعُدُّوا
نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ
اللَّهَ لَغَفُورٌ ر
َحِيمٌ (18)

وإن تحاولوا حَصْرَ
نِعَم الله عليكم لا تَفُوا بحَصْرها; لكثرتها
وتنوعها. إن الله لَغفور لكم رحيم بكم؛
إذ يتجاوز عن تقصيركم في أداء شكر النعم,
ولا يقطعها عنكم لتفريطكم, ولا يعاجلكم
بالعقوبة.




وَاللَّهُ يَعْلَمُ
مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ
(19)

والله سبحانه يعلم
كل أعمالكم, سواء ما تخفونه منها في نفوسكم
وما تظهرونه لغيركم, وسيجازيكم عليها.




وَالَّذِينَ يَدْعُونَ
مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً
وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20)


والآلهة التي يعبدها
المشركون لا تخلق شيئًا وإن صَغُر, فهي
مخلوقا
ت صنعها الكفار بأيديهم, فكيف
يعبدونها؟




أَمْوَاتٌ غَيْرُ
أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ
يُبْعَثُونَ (21)


هم جميعًا جمادات
لا حياة فيها ولا تشعر بالوقت الذي يبعث
الله فيه عابديها, وهي معهم ليُلقى بهم
جميعًا في النار يوم القيامة.




إِلَهُكُمْ إِلَهٌ
و
َاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ
بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنكِرَةٌ وَهُمْ
مُسْتَكْبِرُونَ (22)


إلهكم المستحق
وحده للعبادة هو الله الإله الواحد, فالذين
لا يؤمنون بالبعث قلوبهم جاحدة وحدانيته
سبحانه; لعدم خوفهم من عقابه, فهم متكبرون
عن قبول الحق, وعبادة الل
ه وحده.



لا جَرَمَ أَنَّ
اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا
يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ
(23)


حقًا أنَّ الله
يعلم ما يخفونه مِن عقائد وأقوال وأفعال,
وما يظهرونه منها, وسيجازيهم على ذلك, إنه
عز وجل لا يحب المستكبرين عن عبادته والانق
ياد له, وسيجازيهم على ذلك.



وَإِذَا قِيلَ
لَهُمْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا
أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (24)


وإذا سُئِل هؤلاء
المشركون عمَّا نزل على النبي محمد صلى
الله عليه وسلم قالوا كذبًا وزورًا: ما
أتى إلا بقصص السابقين وأباطيلهم.




لِيَحْمِلُوا
أَو
ْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ
يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا
سَاءَ مَا يَزِرُونَ (25)


ستكون عاقبتهم
أن يحملوا آثامهم كاملة يوم القيامة -لا
يُغْفَر لهم منها شيء - ويَحْملوا من آثام
الذين كذبوا عليهم; ليبعدوهم عن ال
إسلام من غير نقص من آثامهم.
ألا قَبُحَ ما يحملونه من آثام.




قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ
مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ
مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمْ
السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمْ
الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ
(26)


قد دبَّر الكفار من قَبْل هؤلاء المشركين
المكايد لرسلهم, وما جاؤوا به من دعوة الحق,
فأتى الله بنيانهم من أساسه وقاعدته, فسقط
عليهم السقف مِن فوقهم, وأتاهم الهلاك مِن
مأمنهم, من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون
أنه يأتيهم منه.




ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
يُخْزِيهِمْ وَيَقُ
ولُ أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ
كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ
أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ
وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ (27) الَّذِينَ
تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي
أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوْا السَّلَمَ مَا
كُنَّا نَعْمَ
لُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ
عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28)


ثم يوم القيامة
يفضحهم الله بالعذاب ويذلُّهم به, ويقول:
أين شركائي من الآلهة التي عبدتموها من
دوني; ليدفعوا عنكم العذاب, وقد كنتم تحاربون
الأنبياء والمؤمنين وتعادونهم لأجلهم؟
قال العل
ماء الربانيون: إن الذل في هذا
اليوم والعذاب على الكافرين بالله ورسله,
الذين تقبض الملائكة أرواحهم في حال ظلمهم
لأنفسهم بالكفر, فاستسْلَموا لأمر الله
حين رأوا الموت, وأنكروا ما كانوا يعبدون
من دون الله, وقالوا: ما كنا نعمل شيئًا
من المعاصي, فيقال لهم: كَذَب
ْتم, قد كنتم تعملونها, إن الله
عليم بأعمالكم كلها, وسيجازيكم عليها.




فَادْخُلُوا أَبْوَابَ
جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ
مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29)


فادخلوا أبواب
جهنم, لا تخرجون منها أبدًا, فلبئست مقرًا
للذين تكبَّروا عن الإيمان بالله وعن عبا
دته وحده وطاعته.



وَقِيلَ لِلَّذِينَ
اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ
قَالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا
فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ
الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ
(30)


وإذا قيل للمؤمنين
الخائفين من الله: ما الذي أنزل
الله على النبي محمد صلى الله
عليه وسلم؟ قالوا: أنزل الله عليه الخير
والهدى. للذين آمنوا بالله ورسوله في هذه
الدنيا, ودَعَوْا عباد الله إلى الإيمان
والعمل الصالح, مَكْرُمَة كبيرة من النصر
لهم في الدنيا, وسَعَة الرزق, ولَدار الآخرة
لهم خير وأعظم مما أُوتوه ف
ي الدنيا, ولَنِعْم دارُ المتقين
الخائفين من الله الآخرةُ.




جَنَّاتُ عَدْنٍ
يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ
كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ
(31) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ
طَيِّبِينَ يَقُولُو
نَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا
الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
(32)


جنات إقامة لهم,
يستقرون فيها, لا يخرجون منها أبدًا, تجري
من تحت أشجارها وقصورها الأنهار, لهم فيها
كل ما تشتهيه أنفسهم, بمثل هذا الجزاء الطيب
يجزي الله أهل خشيته وتقواه الذين تقبض
المل
ائكةُ أرواحَهم, وقلوبُهم طاهرة
من الكفر, تقول الملائكة لهم: سلام عليكم,
تحية خاصة لكم وسلامة من كل آفة, ادخلوا
الجنة بما كنتم تعملون من الإيمان بالله
والانقياد لأمره.




هَلْ يَنظُرُونَ
إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلائِكَةُ
أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذ
َلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمْ اللَّهُ
وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
(33)


ما ينتظر المشركون
إلا أن تأتيهم الملائكة; لتقبض أرواحهم
وهم على الكفر, أو يأتي أمر الله بعذاب عاجل
يهلكهم, كما كذَّب هؤلاء كذَّب الكفار مِن
قبلهم
, فأهلكهم الله, وما ظلمهم الله
بإهلاكهم, وإنزال العذاب بهم, ولكنهم هم
الذين كانوا يظلمون أنفسهم بما جعلهم أهلا
للعذاب.




فَأَصَابَهُمْ
سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ
مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (34)


فنزلت بهم عقوبة
ذنوبهم التي عملوها, وأحاط بهم
العذاب الذي كانوا يسخرون منه.



وَقَالَ الَّذِينَ
أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا
مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا
آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ
مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ
مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ
إِلاَّ ا
لْبَلاغُ الْمُبِينُ (35)

وقال المشركون:
لو شاء الله أن نعبده وحده ما عبدنا أحدًا
غيره, لا نحن ولا آباؤنا مِن قبلنا, ولا
حَرَّمَنا شيئًا لم يحرمه, بمثل هذا الاحتجاج
الباطل احتج الكفار السابقون, وهم كاذبون;
فإن الله أمرهم ونهاهم ومكَّنهم من القيام
بما كلَّفه
م به, وجعل لهم قوة ومشيئة تصدر
عنها أفعالهم, فاحتجاجهم بالقضاء والقدر
من أبطل الباطل من بعد إنذار الرسل لهم,
فليس على الرسل المنذِرين لهم إلا التبليغ
الواضح لما كُلِّفوا به.




وَلَقَدْ بَعَثْنَا
فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا
اللَّهَ وَاجْتَنِب
ُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ
مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ
عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ
فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
(36)


ولقد بعثنا في كل
أمة سبقَتْ رسولا آمرًا لهم بعبادة الله
وطاعته وحده وتَرْكِ عبادة غيره
من الشياطين والأوثان والأموات
وغير ذلك مما يتخذ من دون الله وليًا, فكان
منهم مَن هدى الله, فاتبع المرسلين, ومنهم
المعاند الذي اتبع سبيل الغيِّ, فوجبت عليه
الضلالة, فلم يوفقه الله. فامشوا في الأرض,
وأبصروا بأعينكم كيف كان مآل هؤلاء المكذبين,
وماذا حلَّ بهم
مِن دمار; لتعتبروا؟



إِنْ تَحْرِصْ
عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي
مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ
(37)


إن تبذل -أيها الرسول-
أقصى جهدك لهداية هؤلاء المشركين فاعلم
أن الله لا يهدي مَن يضلُّ, وليس لهم من
دون الله أحد ينصرهم, ويمنع عنه
م عذابه.



وَأَقْسَمُوا
بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ
اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ
حَقّاً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا
يَعْلَمُونَ (38)


وحلف هؤلاء المشركون
بالله أيمانًا مغلَّظة أن الله لا يبعث
مَن يموت بعدما بَلِيَ وتفرَّق, ب
لى سيبعثهم الله حتمًا, وعدًا
عليه حقًا, ولكن أكثر الناس لا يعلمون قدرة
الله على البعث, فينكرونه.




لِيُبَيِّنَ لَهُمْ
الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ
الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا
كَاذِبِينَ (39)


يبعث الله جميع
العباد; ليبين لهم حقيقة البعث
الذي اختلفوا فيه, ويعلم الكفار
المنكرون له أنهم على باطل, وأنهم كاذبون
حين حلفوا أنْ لا بعث.




إِنَّمَا قَوْلُنَا
لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ
لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40)


إنَّ أمر البعث
يسير علينا, فإنَّا إذا أردنا شيئًا فإنما
نقول له: "كن"، فإذا
هو كائن موجود.



وَالَّذِينَ هَاجَرُوا
فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا
لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً
وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا
يَعْلَمُونَ (41)


والذين تركوا ديارهم
مِن أجل الله, فهاجروا بعدما وقع عليهم
الظلم, لنسكننهم في ا
لدنيا دارًا حسنة, ولأجر الآخرة
أكبر; لأن ثوابهم فيها الجنة. لو كان المتخلفون
عن الهجرة يعلمون علم يقين ما عند الله
من الأجر والثواب للمهاجرين في سبيله, ما
تخلَّف منهم أحد عن ذلك.




الَّذِينَ صَبَرُوا
وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42)


هؤلاء المهاجرون
في
سبيل الله هم الذين صبروا على
أوامر الله وعن نواهيه وعلى أقداره المؤلمة,
وعلى ربهم وحده يعتمدون, فاستحقوا هذه المنزلة
العظيمة.




وَمَا أَرْسَلْنَا
مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي
إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ
إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (43
)

وما أرسلنا في السابقين
قبلك -أيها الرسول- إلا رسلا من الرجال لا
من الملائكة, نوحي إليهم, وإن كنتم -يا مشركي
قريش- لا تصدقون بذلك فاسألوا أهل الكتب
السابقة, يخبروكم أن الأنبياء كانوا بشرًا,
إن كنتم لا تعلمون أنهم بشر. والآية عامة
في كل مسألة من مسائل الدي
ن, إذا لم يكن عند الإنسان علم
منها أن يسأل من يعلمها من العلماء الراسخين
في العلم .




بِالْبَيِّنَاتِ
وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ
لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ
وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)


وأَرْسَلْنا الرسل
السابقين بالد
لائل الواضحة وبالكتب السماوية,
وأنزلنا إليك -أيها الرسول- القرآن; لتوضح
للناس ما خفي مِن معانيه وأحكامه, ولكي
يتدبروه ويهتدوا به.




أَفَأَمِنَ الَّذِينَ
مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ
اللَّهُ بِهِمْ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ
الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ ل
ا يَشْعُرُونَ (45) أَوْ يَأْخُذَهُمْ
فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ
(46) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ
فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ
(47)


أفأمن الكفار المدبِّرون
للمكايد أن يخسف الله بهم الأرض كما فعل
بقارون, أو يأتيهم العذاب من مكان
لا يُحِسُّونه ولا يتوقعونه,
أو يأخذهم العذاب, وهم يتقلبون في أسفارهم
وتصرفهم؟ فما هم بسابقين الله ولا فائتيه
ولا ناجين من عذابه; لأنه القوي الذي لا
يعجزه شيء, أو يأخذهم الله بنقص من الأموال
والأنفس والثمرات، أو في حال خوفهم من أخذه
لهم, فإن ربكم لرؤوف بخلق
ه, رحيم بهم.



أَوَلَمْ يَرَوْا
إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ
يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنْ الْيَمِينِ
وَالشَّمَائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ
دَاخِرُونَ (48)


أَعَمِيَ هؤلاء
الكفار, فلم ينظروا إلى ما خلق الله من شيء
له ظل, كالجبال والأشجار, تميل ظلالها ت
ارة يمينًا وتارة شمالا تبعًا
لحركة الشمس نهارًا والقمر ليلا كلها خاضعة
لعظمة ربها وجلاله, وهي تحت تسخيره وتدبيره
وقهره؟




وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي
السَّمَوَاتِ
وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ
وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ
(49)


ولله وحده يسجد كل ما في السموات وما في الأرض
مِن دابة, والملائكة يسجدون لله, وهم لا
يستكبرون عن عبادته. وخصَّهم بالذكر بعد
العموم لفَضْلهم وشرفهم وكثرة عبادتهم.




يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ
فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ
(50)


يخاف الملائكة
ربهم الذي هو فوقهم با
لذات والقهر وكمال الصفات, ويفعلون
ما يُؤْمرون به من طاعة الله. وفي الآية:
إثبات صفة العلو والفوقية لله على جميع
خلقه, كما يليق بجلاله وكماله.




وَقَالَ اللَّهُ
لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ
إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ
فَارْهَبُونِ
(51)

وقال الله لعباده:
لا تعبدوا إلهين اثنين, إنما معبودكم إله
واحد, فخافوني دون سواي.




وَلَهُ مَا فِي
السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ
وَاصِباً أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ
(52)


ولله كل ما في السموات
والأرض خلقًا وملكًا وعبيدًا, وله وحده
العبادة
والطاعة والإخلاص دائمًا, أيليق
بكم أن تخافوا غير الله وتعبدوه؟




وَمَا بِكُمْ مِنْ
نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمْ
الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53)


وما بكم مِن نعمةِ
هدايةٍ, أو صحة جسم, وسَعَة رزقٍ وولد, وغير
ذلك, فمِنَ الله وحده, فهو ال
مُنْعِم بها عليكم, ثم إذا نزل
بكم السقم والبلاء والقحط فإلى الله وحده
تَضِجُّون بالدعاء .




ثُمَّ إِذَا كَشَفَ
الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ
بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54)


ثم إذا كشف عنكم
البلاء والسقم, إذا جماعة منكم بربهم المُنْعِم
عليهم بالنجاة
يتخذون معه الشركاء والأولياء.



لِيَكْفُرُوا
بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ
تَعْلَمُونَ (55)


ليجحدوا نعمنا
عليهم, ومنها كَشْفُ البلاء عنهم, فاستمتعوا
بدنياكم, ومصيرها إلى الزوال, فسوف تعلمون
عاقبة كفركم وعصيانكم.




وَيَجْعَلُونَ
لِمَا لا يَعْلَ
مُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ
تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ
تَفْتَرُونَ (56)


ومِن قبيح أعمالهم
أنهم يجعلون للأصنام التي اتخذوها آلهة,
وهي لا تعلم شيئًا ولا تنفع ولا تضر, جزءًا
من أموالهم التي رزقهم الله بها تقربًا
إليها. تالله لتسألُنَّ يوم
القيامة عما كنتم تختلقونه
من الكذب على الله.




وَيَجْعَلُونَ
لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ
مَا يَشْتَهُونَ (57)


ويجعل الكفار لله
البنات, فيقولون: الملائكة بنات الله, تنزَّه
الله عن قولهم, ويجعلون لأنفسهم ما يحبون
من البنين.




وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ
مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (58)


وإذا جاء مَن يخبر
أحدهم بولادة أنثى اسودَّ وجهه; كراهية
لما سمع, وامتلأ غمًّا وحزنًا.




يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ
مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ
عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّ
رَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ
(59)


يستخفي مِن قومه
كراهة أن يلقاهم متلبسًا بما ساءه من الحزن
والعار؛ بسبب البنت التي وُلِدت له, ومتحيرًا
في أمر هذه المولودة: أيبقيها حية على ذلٍّ
وهوان, أم يدفنها حية في التراب؟ ألا بئس
الحكم الذي حكموه مِن جَعْل البنات
لله والذكور لهم.



لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ
بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ
الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ (60)


للذين لا يؤمنون
بالآخرة ولا يعملون لها, الصفة القبيحة
من العجز والحاجة والجهل والكفر, ولله الصفات
العليا من الكمال وا
لاستغناء عن خلقه, وهو العزيز
في ملكه, الحكيم في تدبيره.




وَلَوْ يُؤَاخِذُ
اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ
عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ
إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ
لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ
(61)

ولو يؤاخذ الله
الناس بكفرهم وافترائهم ما ترك على الأرض
مَن يتحرَّك, ولكن يبقيهم إلى وقت محدد
هو نهاية آجالهم, فإذا جاء أجلهم لا يتأخرون
عنه وقتًا يسيرًا, ولا يتقدمون.




وَيَجْعَلُونَ
لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمْ
الْكَذِبَ أَنَّ لَه
ُمْ الْحُسْنَى لا جَرَمَ أَنَّ
لَهُمْ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ
(62)


ومن قبائحهم: أنهم
يجعلون لله ما يكرهونه لأنفسهم من البنات,
وتقول ألسنتهم كذبًا: إن لهم حسن العاقبة,
حقًا أن لهم النار, وأنهم فيها مَتْروكون
مَنْسيون.




تَاللَّهِ لَقَدْ
أَرْسَلْنَا
إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ
فَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ
فَهُوَ وَلِيُّهُمْ الْيَوْمَ وَلَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)


تالله لقد أرسلنا
رسلا إلى أمم مِن قبلك -أيها الرسول- فحسَّن
لهم الشيطان ما عملوه من الكفر والتكذيب
وعبادة غير الله, فهو متولّ
ٍ إغواءهم في الدنيا, ولهم في
الآخرة عذاب أليم موجع.




وَمَا أَنزَلْنَا
عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ
لَهُمْ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى
وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64)


وما أنزلنا عليك
القرآن -أيها الرسول- إلا لتوضح للناس ما
اختلفوا فيه
من الدين والأحكام; لتقوم الحجة
عليهم ببيانك ورشدًا ورحمة لقوم يؤمنون.




وَاللَّهُ أَنزَلَ
مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ
الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ
لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (65)


والله أنزل من السحاب
مطرًا, فأخرج به النبات من الأرض ب
عد أن كانت قاحلة يابسة, إن في
إنزال المطر وإنبات النبات لَدليلا على
قدرة الله على البعث وعلى الوحدانية, لقوم
يسمعون, ويتدبرون, ويطيعون الله, ويتقونه.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حسن المرجاوى
المدير العام
المدير العام
حسن المرجاوى


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4067
تاريخ الميلاد : 03/06/1963
تاريخ التسجيل : 06/11/2010
العمر : 60
المزاج مصر العربيه

التفسير الميسر للقرأن الكريم  تفسير سورة الرعد /إبراهيم /الحجر/ النحل** Empty
مُساهمةموضوع: رد: التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الرعد /إبراهيم /الحجر/ النحل**   التفسير الميسر للقرأن الكريم  تفسير سورة الرعد /إبراهيم /الحجر/ النحل** I_icon_minitimeالإثنين مارس 04, 2013 12:50 pm

اقتباس :

وَإِنَّ لَكُمْ
فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ
مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ
وَدَمٍ لَب
َناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ
(66)


وإن لكم -أيها الناس-
في الأنعام -وهي الإبل والبقر والغنم- لَعظة,
فقد شاهدتم أننا نسقيكم من ضروعها لبنًا
خارجًا من بين فَرْث -وهو ما في الكَرِش-
وبين دم خالصًا من كل الشوائب, لذيذًا لا
يَغَصُّ به مَن شَرِبَه.




وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ
تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً
حَسَناً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ
يَعْقِلُونَ (67)


ومِن نِعَمنا عليكم
ما تأخذونه من ثمرات النخيل والأعناب, فتجعلونه
خمرًا مُسْكِرًا -وهذا قبل تحريمها- وطعامًا
طيبًا. إن فيم
ا ذكر لَدليلا على قدرة الله
لِقومٍ يعقلون البراهين فيعتبرون بها.




وَأَوْحَى رَبُّكَ
إِلَى النَّحْلِ أَنْ اتَّخِذِي مِنْ الْجِبَالِ
بُيُوتاً وَمِنْ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ
(68)


وألْهَمَ ربك -أيها
النبي- النحل بأن اجعلي لك بيوتًا في الجبال,
وفي الشجر
, وفيما يبني الناس من البيوت
والسُّقُف.




ثُمَّ كُلِي مِنْ
كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ
رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا
شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ
شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً
لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69)


ثم كُلي مِن كل ثمرة تشتهينها, فاسلكي طرق
ربك مذللة لك; لطلب الرزق في الجبال وخلال
الشجر, وقد جعلها سهلة عليكِ, لا تضلي في
العَوْد إليها وإن بَعُدَتْ. يخرج من بطون
النحل عسل مختلف الألوان مِن بياض وصفرة
وحمرة وغير ذلك, فيه شفاء للناس من الأمراض.
إن فيما يصنعه النحل لَ
دلالة قوية على قدرة خالقها
لقوم يتفكرون, فيعتبرون.




وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ
ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ
يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ
لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ
اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (70)


والله سجانه وتعالى
خلقكم ثم يميتكم ف
ي نهاية أعماركم, ومنكم مَن يصير
إلى أردأ العمر وهو الهرم, كما كان في طفولته
لا يعلم شيئًا مما كان يعلمه, إن الله عليم
قدير, أحاط علمه وقدرته بكل شيء, فالله الذي
ردَّ الإنسان إلى هذه الحالة قادر على أن
يميته, ثم يبعثه.




وَاللَّهُ فَضَّلَ
بَعْضَكُمْ عَلَى ب
َعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ
فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى
مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ
سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ
(71)


والله فَضَّل بعضكم
على بعض فيما أعطاكم في الدنيا من الرزق,
فمنكم غني ومنكم فقير, ومنكم مالك ومن
كم مملوك, فلا يعطي المالكون
مملوكيهم مما أعطاهم الله ما يصيرون به
شركاء لهم متساوين معهم في المال, فإذا
لم يرضوا بذلك لأنفسهم, فلماذا رضوا أن
يجعلوا لله شركاء من عبيده؟ إن هذا لَمن
أعظم الظلم والجحود لِنعم الله عز وجل.




وَاللَّهُ جَعَلَ
لَكُمْ مِنْ أَنفُس
ِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ
لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً
وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ
يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ
يَكْفُرُونَ (72)


والله سبحانه جعل
مِن جنسكم أزواجا; لتستريح نفوسكم معهن,
وجعل لكم منهن الأبناء وم
ِن نسلهنَّ الأحفاد, ورزقكم
من الأطعمة الطيبة من الثمار والحبوب واللحوم
وغير ذلك. أفبالباطل من ألوهية شركائهم
يؤمنون, وبنعم الله التي لا تحصى يجحدون,
ولا يشكرون له بإفراده جل وعلا بالعبادة؟




وَيَعْبُدُونَ
مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَهُمْ
رِزْقاً مِ
نْ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ
(73)


ويعبد المشركون
أصنامًا لا تملك أن تعطيهم شيئًا من الرزق
من السماء كالمطر, ولا من الأرض كالزرع,
فهم لا يملكون شيئًا, ولا يتأتى منهم أن
يملكوه; لأنهم لا يقدرون.




فَلا تَضْرِبُوا
لِلَّهِ الأَمْثَالَ
إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ
لا تَعْلَمُونَ (74)


وإذا عَلِمتم أن
الأصنام والأوثان لا تنفع, فلا تجعلوا -أيها
الناس- لله أشباهًا مماثلين له مِن خَلْقه
تشركونهم معه في العبادة. إن الله يعلم
ما تفعلون, وأنتم غافلون لا تعلمون خطأكم
وسوء عاقبتكم.




ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً
لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ
مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنفِقُ
مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ
لا يَعْلَمُونَ (75)


ضرب الله مثلا بيَّن
فيه فساد عقيدة أهل الش
رك: رجلا مملوكًا عاجزًا عن التصرف
لا يملك شيئًا, ورجلا آخر حرًا, له مال حلال
رزَقَه الله به, يملك التصرف فيه, ويعطي
منه في الخفاء والعلن، فهل يقول عاقل بالتساوي
بين الرجلين؟ فكذلك الله الخالق المالك
المتصرف لا يستوي مع خلقه وعبيده, فكيف
تُسَوُّون بينهما؟ ا
لحمد لله وحده, فهو المستحق للحمد
والثناء, بل أكثر المشركين لا يعلمون أن
الحمد والنعمة لله, وأنه وحده المستحق للعبادة.




وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ
أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى
شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا
يُوَجِّهُّ لا يَ
أْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي
هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ
عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76)


وضرب الله مثلا
آخر لبطلان الشرك رجلين: أحدهما أخرس أصم
لا يَفْهَم ولا يُفْهِم, لا يقدر على منفعة
نفسه أو غيره, وهو عبء ثقيل على مَن يَلي
أمره ويعوله, إذا أر
سله لأمر يقضيه لا ينجح, ولا
يعود عليه بخير, ورجل آخر سليم الحواس, ينفع
نفسه وغيره, يأمر بالإنصاف, وهو على طريق
واضح لا عوج فيه, فهل يستوي الرجلان في نظر
العقلاء؟ فكيف تُسَوُّون بين الصنم الأبكم
الأصمِّ وبين الله القادر المنعم بكل خير؟




وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ
إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ
إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
(77)


ولله سبحانه وتعالى
عِلْمُ ما غاب في السموات والأرض, وما شأن
القيامة في سرعة مجيئها إلا كنظرة سريعة
بالبصر, بل هو أسرع م
ن ذلك. إن الله على كل شيء قدير.



وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ
بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ
شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ
وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
(78)


والله سبحانه وتعالى
أخرجكم مِن بطون أمهاتكم بعد مدة الحمل,
لا تد
ركون شيئًا مما حولكم, وجعل لكم
وسائل الإدراك من السمع والبصر والقلوب;
لعلكم تشكرون لله تعالى على تلك النعم,
وتفردونه عز وجل بالعبادة.




أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ
مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا
يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ إِنَّ فِي
ذَلِكَ لآيَا
تٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (79)

ألم ينظر المشركون
إلى الطير مذللات للطيران في الهواء بين
السماء والأرض بأمر الله؟ ما يمسكهن عن
الوقوع إلا هو سبحانه بما خَلَقه لها, وأقدرها
عليه. إن في ذلك التذليل والإمساك لَدلالات
لقوم يؤمنون بما يرونه من الأدلة على قدرة
الله
.



وَاللَّهُ جَعَلَ
لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ
لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً
تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ
وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا
وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً
وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ (80)


والله سبحانه جعل لكم من بيوتكم راحة
واستقرارًا مع أهلكم, وأنتم مقيمون في الحضر,
وجعل لكم في سفركم خيامًا وقبابًا من جلود
الأنعام, يَخِفُّ عليكم حِمْلها وقت تَرْحالكم,
ويخف عليكم نَصْبها وقت إقامتكم بعد التَّرْحال,
وجعل لكم من أصواف الغنم, وأوبار الإبل,
وأشعار الم
عز أثاثًا لكم من أكسية وألبسة
وأغطية وفرش وزينة, تتمتعون بها إلى أجل
مسمَّى ووقت معلوم.




وَاللَّهُ جَعَلَ
لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ
لَكُمْ مِنْ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ
لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ الْحَرَّ
وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُ
مْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ
عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81)


والله جعل لكم ما
تستظلُّون به من الأشجار وغيرها, وجعل لكم
في الجبال من المغارات والكهوف أماكن تلجؤون
إليها عند الحاجة, وجعل لكم ثيابًا من القطن
والصوف وغيرهما, تحفظكم من الحر والبرد,
وج
عل لكم من الحديد ما يردُّ عنكم
الطعن والأذى في حروبكم, كما أنعم الله
عليكم بهذه النعم يتمُّ نعمته عليكم ببيان
الدين الحق; لتستسلموا لأمر الله وحده,
ولا تشركوا به شيئًا في عبادته.




فَإِنْ تَوَلَّوْا
فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ
(82)


فإن أعرضوا عنك -أيها الرسول- بعدما رأوا
من الآيات فلا تحزن, فما عليك إلا البلاغ
الواضح لما أُرْسِلْتَ به, وأما الهداية
فإلينا.




يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ
اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمْ
الْكَافِرُونَ (83)


يعرف هؤلاء المشركون
نعمة الله عليهم بإرسال محمد صلى الل
ه عليه وسلم إليهم, ثم يجحدون
نبوته, وأكثر قومه الجاحدون لنبوته, لا
المقرون بها.




وَيَوْمَ نَبْعَثُ
مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لا
يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ
يُسْتَعْتَبُونَ (84)


واذكر لهم -أيها
الرسول- ما يكون يوم القيامة, حين نبعث من
كل
أمة رسولها شاهدًا على إيمان
من آمن منها, وكُفْر مَن كَفَر, ثم لا يُؤذن
للذين كفروا بالاعتذار عما وقع منهم, ولا
يُطْلب منهم إرضاءُ ربهم بالتوبة والعمل
الصالح, فقد مضى أوان ذلك.




وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا
الْعَذَابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا
هُمْ
يُنظَرُونَ (85)

وإذا شاهد الذين
كفروا عذاب الله في الآخرة فلا يخفف عنهم
منه شيء, ولا يُمْهلون, ولا يؤخر عذابهم.




وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا
شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلاء
شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو
مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَ
يْهِمْ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ
لَكَاذِبُونَ (86) وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ
يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ
مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (87)


وإذا أبصر المشركون
يوم القيامة آلهتهم التي عبدوها مع الله,
قالوا: ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا نعبدهم
مِن دونك, فنطقَت
ِ الآلهة بتكذيب مَن عبدوها,
وقالت: إنكم -أيها المشركون- لَكاذبون, حين
جعلتمونا شركاء لله وعبدتمونا معه, فلم
نأمركم بذلك, ولا زعمنا أننا مستحقون للألوهية,
فاللوم عليكم
، وأظهر المشركون الاستسلام والخضوع
لله يوم القيامة, وغاب عنهم ما كانوا يختلقونه
من الأكاذ
يب, وأن آلهتهم تشفع لهم.





الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا
عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً
فَوْقَ العَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ
(88)


الذين جحدوا وحدانية
الله ونبوتك -أيها الرسول- وكذَّبوك, ومنعوا
غيرهم عن الإيمان بالله ورسوله, زدناهم
عذابا عل
ى كفرهم وعذابًا على صدِّهم
الناس عن اتباع الحق; وهذا بسبب تعمُّدهم
الإفساد وإضلال العباد بالكفر والمعصية.




وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ
أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنفُسِهِمْ
وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاء
وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْ
يَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى
وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ
(89)


واذكر -أيها الرسول-
حين نبعث يوم القيامة في كل أمة من الأمم
شهيدًا عليهم, هو الرسول الذي بعثه الله
إليهم من أنفسهم وبلسانهم, وجئنا بك -أيها
الرسول- شهيدًا على أمتك, وقد نَزَّلْنا
عليك
القرآن توضيحًا لكل أمر يحتاج
إلى بيان, كأحكام الحلال والحرام, والثواب
والعقاب, وغير ذلك, وليكون هداية من الضلال,
ورحمة لمن صدَّق وعمل به, وبشارة طيبة للمؤمنين
بحسن مصيرهم.




إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى
وَيَنْه
َى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ
وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
(90)


إن الله سبحانه
وتعالى يأمر عباده في هذا القرآن بالعدل
والإنصاف في حقه بتوحيده وعدم الإشراك
به, وفي حق عباده بإعطاء كل ذي حق حقه, ويأمر
بالإحسان في حقه بعبادته وأداء فرائ
ضه على الوجه المشروع, وإلى الخلق
في الأقوال والأفعال, ويأمر بإعطاء ذوي
القرابة ما به صلتهم وبرُّهم, وينهى عن
كل ما قَبُحَ قولا أو عملا وعما ينكره الشرع
ولا يرضاه من الكفر والمعاصي, وعن ظلم الناس
والتعدي عليهم, والله -بهذا الأمر وهذا
النهي- يَعِظكم ويذكِّرك
م العواقب; لكي تتذكروا أوامر
الله وتنتفعوا بها.




وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ
إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ
بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ
اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ
يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91)


والتزموا الوفاء
بكل عهد
أوجبتموه على أنفسكم بينكم
وبين الله -تعالى- أو بينكم وبين الناس فيما
لا يخالف كتاب الله وسنة نبيه, ولا ترجعوا
في الأيمان بعد أن أكَّدْتموها, وقد جعلتم
الله عليكم كفيلا وضامنًا حين عاهدتموه.
إن الله يعلم ما تفعلونه, وسيجزيكم عليه.




وَلا تَكُونُوا
كَالَّتِ
ي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ
قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ
دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ
هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمْ
اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ
تَخْتَلِفُونَ (
92)

ولا ترجعوا في عهودكم,
فيكون مَثَلكم مثل امرأة غزلت غَزْلا وأحكمته,
ثم نقضته, تجعلون أيمانكم التي حلفتموها
عند التعاهد خديعة لمن عاهدتموه, وتنقضون
عهدكم إذا وجدتم جماعة أكثر مالا ومنفعة
من الذين عاهدتموهم, إنما يختبركم الله
بما أمركم به من الوفاء بالعهو
د وما نهاكم عنه مِن نقضها, وليبيِّن
لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون في
الدنيا من الإيمان بالله ونبوة محمد صلى
الله عليه وسلم.




وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ
لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ
يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ
وَلَتُسْأَلُنَّ عَم
َّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (93)

ولو شاء الله لوفَّقكم
كلكم, فجعلكم على ملة واحدة, وهي الإسلام
والإيمان, وألزمكم به, ولكنه سبحانه يُضلُّ
مَن يشاء ممن علم منه إيثار الضلال, فلا
يهديه عدلا منه, ويهدي مَن يشاء مِمَّن
علم منه إيثار الحق, فيوفقه فضلا منه, وليسألنَّ
كم الله جميعًا يوم القيامة
عما كنتم تعملون في الدنيا فيما أمركم به,
ونهاكم عنه, وسيجازيكم على ذلك.




وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ
دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ
بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ
بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
وَلَكُمْ عَ
ذَابٌ عَظِيمٌ (94)

ولا تجعلوا من الأيمان
التي تحلفونها خديعة لمن حلفتم لهم, فتهلكوا
بعد أن كنتم آمنين, كمن زلقت قدمه بعد ثبوتها,
وتذوقوا ما يسوؤكم من العذاب في الدنيا;
بما تسببتم فيه مِن مَنْع غيركم عن هذا
الدين لما رأوه منكم من الغدر, ولكم في الآخرة
عذاب
عظيم.



وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ
ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ
هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(95)


ولا تنقضوا عهد
الله; لتستبدلوا مكانه عرضًا قليلا من متاع
الدنيا, إن ما عند الله من الثواب على الوفاء
أفضل لكم من هذا الثمن ال
قليل, إن كنتم من أهل العلم, فتدبَّروا
الفرق بين خيْرَي الدنيا والآخرة.




مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا
عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ
الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ
مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96)


ما عندكم من حطام
الدنيا يذهب, وما عند الله لكم
من الرزق والثواب لا يزول. ولنُثِيبنَّ
الذين تحمَّلوا مشاق التكاليف -ومنها الوفاء
بالعهد- ثوابهم بأحسن أعمالهم, فنعطيهم
على أدناها, كما نعطيهم على أعلاها تفضُّلا.




مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ
ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ
حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ
أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
(97)


مَن عمل عملا صالحًا
ذكرًا كان أم أنثى, وهو مؤمن بالله ورسوله,
فلنحيينه في الدنيا حياة
سعيدة مطمئنة, ولو كان قليل المال,
ولنجزينَّهم في الآخرة ثوابهم بأحسن ما
عملوا في الدنيا.




فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ
فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ
الرَّجِيمِ (98)


فإذا أردت -أيها
المؤمن- أن تقرأ شيئًا من القرآن فاستعذ
بالله مِن شرِّ الشيطان ال
مطرود من رحمة الله قائلا أعوذ
بالله من الشيطان الرجيم.




إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ
عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ
يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ
عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ
هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100)


إن الشيطان ليس له تسلُّطٌ على المؤمنين بالله
ورسوله, وعلى ربهم وحده يعتمدون. إنما تسلُّطه
على الذين جعلوه مُعينًا لهم وأطاعوه, والذين
هم -بسبب طاعته- مشركون بالله تعالى.




وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ
آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ
قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ م
ُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ
لا يَعْلَمُونَ (101)


وإذا بدَّلنا آية
بآية أخرى, والله الخالق أعلم بمصلحة خَلْقه
بما ينزله من الأحكام في الأوقات المختلفة,
قال الكفار: إنما أنت -يا محمد- كاذب مختَلِق
على الله ما لم يَقُلْه. ومحمد صلى الله
عليه وسلم ليس كما يزعمون
. بل أكثرهم لا عِلْم لهم بربهم
ولا بشرعه وأحكامه.




قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ
مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ
الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى
لِلْمُسْلِمِينَ (102)


قل لهم -أيها الرسول-:
ليس القرآن مختلَقًا مِن عندي, بل نَزَّله
جبريل مِن ربك با
لصدق والعدل; تثبيتًا للمؤمنين,
وهداية من الضلال, وبشارة طيبة لمن أسلموا
وخضعوا لله رب العالمين
.



وَلَقَدْ نَعْلَمُ
أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ
بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ
أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ
مُبِينٌ (103)


ولقد نعلم أن المشركين
يقولون: إن النبي يتلقى القرآن مِن بشر
مِن بني آدم. كذبوا; فإن لسان الذي نس
بوا إليه تعليم النبي صلى الله
عليه وسلم أعجمي لا يُفصح, والقرآن عربي
غاية في الوضوح والبيان.




إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ
بِآيَاتِ اللَّهِ لا يَهْدِيهِمْ اللَّهُ
وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)


إن الكفار الذين
لا يصدقون بالقرآن لا يوفقهم الله لإصابة
الح
ق, ولهم في الآخرة عذاب مؤلم
موجع.




إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ
الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ
وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَاذِبُونَ (105)


إنما يختلق الكذبَ
مَن لا يؤمن بالله وآياته, وأولئك هم الكاذبون
في قولهم ذلك. أما محمد صلى الله عليه وسلم
المؤمن
بربه الخاضع له فمحال أن يكذب
على الله, ويقول عليه ما لم يقله.




مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ
بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ
وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ
وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً
فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ
عَذَاب
ٌ عَظِيمٌ (106) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ
اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى
الآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي
الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107)


إنما يفتري الكذب
مَن نطق بكلمة الكفر وارتدَّ بعد إيمانه,
فعليهم غضب من الله, إلا مَن أُرغم على النطق
بالكفر, فنطق
به خوفًا من الهلاك وقلبه ثابت
على الإيمان, فلا لوم عليه, لكن من نطق بالكفر
واطمأن قلبه إليه, فعليهم غضب شديد من الله,
ولهم عذاب عظيم; وذلك بسبب إيثارهم الدنيا
وزينتها, وتفضيلهم إياها على الآخرة وثوابها,
وأن الله لا يهدي الكافرين, ولا يوفقهم
للحق والصواب.




أُوْلَئِكَ الَّذِينَ
طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ
وَأَبْصَارِهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ
(108)


أولئك هم الذين
ختم الله على قلوبهم بالكفر وإيثار الدنيا
على الآخرة, فلا يصل إليها نور الهداية,
وأصم سمعهم عن آيات الله فلا يسمعونها س
ماع تدبُّر, وأعمى أبصارهم, فلا
يرون البراهين الدالة على ألوهية الله,
وأولئك هم الغافلون عمَّا أعدَّ الله لهم
من العذاب.




لا جَرَمَ أَنَّهُمْ
فِي الآخِرَةِ هُمْ الْخَاسِرُونَ (109)


حقًا إنهم في الآخرة
هم الخاسرون الهالكون, الذين صرفوا حياتهم
إلى ما فيه عذا
بهم وهلاكهم.



ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ
لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا
فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا
إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ
رَحِيمٌ (110)


ثم إن ربك للمستضعفين
في "مكة" الذين عذَّبهم المشركون,
حتى وافقوهم على ما هم عليه ظاهرًا, ففتنوه
م بالتلفظ بما يرضيهم, وقلوبهم
مطمئنة بالإيمان, ولمَّا أمكنهم الخلاص
هاجروا إلى "المدينة", ثم جاهدوا في
سبيل الله, وصبروا على مشاق التكاليف, إن
ربك -من بعد توبتهم- لَغفور لهم, رحيم بهم
.




يَوْمَ تَأْتِي
كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا
وَتُوَفَّى كُلّ
ُ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ
لا يُظْلَمُونَ (111)


وذكرهم -أيها الرسول-
بيوم القيامة حين تأتي كل نفس تخاصم عن
ذاتها, وتعتذر بكل المعاذير, ويوفي الله
كل نفس جزاء ما عَمِلَتْه من غير ظلم لها,
فلا يزيدهم في العقاب, ولا ينقصهم من الثواب.




وَضَرَبَ اللَّهُ
مَثَ
لاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً
مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً
مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ
اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ
الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ
(112)


وضرب الله مثلا
بلدة "مكة" كانت في أمان من الاعتداء,
و
اطمئنان مِن ضيق العيش, يأتيها
رزقها هنيئًا سهلا من كل جهة, فجحد أهلُها
نِعَمَ الله عليهم, وأشركوا به, ولم يشكروا
له, فعاقبهم الله بالجوع, والخوف من سرايا
رسول الله صلى الله عليه وسلم وجيوشه, التي
كانت تخيفهم; وذلك بسبب كفرهم وصنيعهم الباطل.




وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ
فَأَخَذَهُمْ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ
(113)


ولقد أرسل الله
إلى أهل "مكة" رسولا منهم, هو النبي
محمد صلى الله عليه وسلم، يعرفون نسبه وصدقه
وأمانته, فلم يقبلوا ما جاءهم به, ولم يصدقوه,
فأخذهم العذاب من الشدائد والجوع وا
لخوف, وقَتْل عظمائهم في "بدر"
وهم ظالمون لأنفسهم بالشرك بالله, والصدِّ
عن سبيله.




فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ
اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا
نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ
تَعْبُدُونَ (114)


فكلوا -أيها المؤمنون-
مما رزقكم الله, وجعله لكم حلا
لا مستطابًا, واشكروا نعمة الله
عليكم بالاعتراف بها وصَرْفها في طاعة
الله, إن كنتم حقًّا منقادين لأمره سامعين
مطيعين له، تعبدونه وحده لا شريك له.




إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ
الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ
وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ف
َمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ
وَلا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
(115)


إنما حرَّم الله
عليكم الميتة من الحيوان, والدم المسفوح
من الذبيح عند ذبحه, ولحم الخنزير, وما ذبح
لغير الله, لكن مَن ألجأته ضرورة الخوف
من الموت إلى أَكْلِ شيء مِن هذه المحرمات
وه
و غير ظالم, ولا متجاوزٍ حدَّ
الضرورة, فإن الله غفور له, رحيم به, لا يعاقبه
على ما فعل.




وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ
أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ
وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ
الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ
عَلَى اللَّهِ الْكَذِ
بَ لا يُفْلِحُونَ (116)

ولا تقولوا -أيها
المشركون- للكذب الذي تصفه ألسنتكم: هذا
حلال لِما حرَّمه الله, وهذا حرام لِما
أحَلَّه الله; لتختلقوا على الله الكذب
بنسبة التحليل والتحريم إليه, إن الذين
يختلقون على الله الكذب لا يفوزون بخير
في الدنيا ولا في الآخرة.




مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ (117)


متاعهم في الدنيا
متاع زائل ضئيل, ولهم في الآخرة عذاب موجع.




وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا
حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ
قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ
كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118)


وعلى اليهود حَرَّمنا ما أخبرناك به
-أيها الرسول- مِن قبل, وهو كل ذي ظُفُر,
وشحوم البقر والغنم, إلا ما حَمَلَتْه ظهورها
أو أمعاؤها أو كان مختلطًا بعظم, وما ظلمناهم
بتحريم ذلك عليهم, ولكن كانوا ظالمين لأنفسهم
بالكفر والبغي, فاستحقوا التحريم عقوبة
لهم.




ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا
السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ
بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ
مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119)


ثم إن ربك للذين
فعلوا المعاصي في حال جهلهم لعاقبتها وإيجابها
لسخط الله -فكل عاص لله مخطئًا أو متعمدًا
فهو
جاهل بهذا الاعتبار وإن كان
عالمًا بالتحريم-، ثم رجعوا إلى الله عمَّا
كانوا عليه من الذنوب, وأصلحوا نفوسهم وأعمالهم,
إن ربك -مِن بعد توبتهم وإصلاحهم- لَغفور
لهم, رحيم بهم.




إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً
قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُنْ
مِنَ الْمُ
شْرِكِينَ (120) شَاكِراً لأَنْعُمِهِ
اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
(121) وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً
وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ
(122)


إن إبراهيم كان
إمامًا في الخير, وكان طائعا خاضعًا لله,
لا يميل عن دين الإسلام
موحِّدًا لله غير مشرك به, وكان
شاكرًا لنعم الله عليه, اختاره الله لرسالته,
وأرشده إلى الطريق المستقيم, وهو الإسلام,
وآتيناه في الدنيا نعمة حسنة من الثناء
عليه في الآخِرين والقدوة به, والولد الصالح,
وإنه عند الله في الآخرة لمن الصالحين أصحاب
المنازل العالية
.



ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ
أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً
وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (123)


ثم أوحينا إليك
-أيها الرسول- أن اتبع دين الإسلام كما اتبعه
إبراهيم, وأن استقم عليه, ولا تَحِدْ عنه,
فإن إبراهيم لم يكن من المشركين مع الله
غيره
.



إِنَّمَا جُعِلَ
السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا
فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ
يَخْتَلِفُونَ (124)


إنما جعل الله تعظيم
يوم السبت بالتفرغ للعبادة فيه على اليهود
الذين اختلفوا فيه على نبيهم, واخ
تاروه بدل يوم الجمعة الذي أُمِروا
بتعظيمه. فإن ربك -أيها الرسول- لَيحكم بين
المختلفين يوم القيامة فيما اختلفوا فيه
على نبيهم, ويجازي كلا بما يستحقه.




ادْعُ إِلَى سَبِيلِ
رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ
الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي
هِيَ أَحْسَ
نُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ
بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ
بِالْمُهْتَدِينَ (125)


ادعُ -أيها الرسول-
أنت ومَنِ اتبعك إلى دين ربك وطريقه المستقيم,
بالطريقة الحكيمة التي أوحاها الله إليك
في الكتاب والسنة, وخاطِب الناس بالأسلوب
المناسب لهم, وا
نصح لهم نصحًا حسنًا, يرغبهم
في الخير, وينفرهم من الشر, وجادلهم بأحسن
طرق المجادلة من الرفق واللين. فما عليك
إلا البلاغ, وقد بلَّغْتَ, أما هدايتهم
فعلى الله وحده, فهو أعلم بمن ضلَّ عن سبيله,
وهو أعلم بالمهتدين.




وَإِنْ عَاقَبْتُمْ
فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا
عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ
صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ
(126)


وإن أردتم -أيها
المؤمنون- القصاص ممن اعتدوا عليكم, فلا
تزيدوا عما فعلوه بكم, ولئن صبرتم لهو خير
لكم في الدنيا بالنصر, وفي الآخرة بالأجر
العظيم.




وَاصْبِرْ وَمَا
صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّ
َهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ
وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ
(127)


واصبر -أيها الرسول-
على ما أصابك مِن أذى في الله حتى يأتيك
الفرج, وما صبرك إلا بالله, فهو الذي يعينك
عليه ويثبتك, ولا تحزن على مَن خالفك ولم
يستجب لدعوتك, ولا تغتم مِن مكرهم وكيدهم;
فإن ذلك عائد عليهم بالشر والوبال.



إِنَّ اللَّهَ
مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ
هُمْ مُحْسِنُونَ (128)


إن الله سبحانه
وتعالى مع الذين اتقوه بامتثال ما أمر واجتناب
ما نهى بالنصر والتأييد, ومع الذين يحسنون
أداء فرائضه والقيام بحقوقه ولزوم طاعته,
بعون
ه وتوفيقه ونصره.









الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الرعد /إبراهيم /الحجر/ النحل**
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سيفن ستارز :: المنتدى الاسلامى :: التفسير-
انتقل الى: