منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج** >

منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج** >

منتديات سيفن ستارز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
ارجو من الساده الاعضاء القدامى تعديل بيانتهم الشخصية
ياجماعة انصحكم بالدخول على المنتدى بالمتصفع العملاق Mozilla Firefox
مشاركتك بالموضوعات تعنى أنك قرأت قانون المنتدى ، وأنك تتحمل المسئولية الأدبية والقانونية عن نشر هذا الموضوع او الردود
تتقدم منتديات سيفن ستارز بأحر التهانى القلبية للأخت رونى المحامية المشرفة على المنتدى القانونى وذلك بمناسبة الزواج السعيد نسأل الله لها التوفيق فى حياتها وألف مليون مبروك لها ولزوجها الأستاذ /حسين إبراهيم حسين وعقبال البكارى وحياة سعيدة ملؤها التراحم والمحبة والقرب من الله
على السادة الأعضاء الإلتزام بالأقسام النوعية للمنتدى عند تقديم مساهماتهم حيث يكون كل موضوع داخل القسم الخاص به حتى يعطى الشكل المطلوب مع سهولة الوصول إليه لكل متصفح .فالموضوعات الخاصة بالمرأة داخل منتدى المرأة .والموضوعات التى تتحدث عن الإسلام توضع فى المنتدى الإسلامى   ...وهكذا ..ونشكر لكم حسن العمل .كما نشكركم على الأداء الممتاز داخل المنتديات..كما نحذر من الخوض أو التطرق لما يمس الغير أو التهجم أو إذدراء الأديان أو الخوض فى موضوعات سياسيه..المنتديات  أصلاً ..منشأة لتبنى وجهة النظر الأجتماعيه والإسلاميه لأهل السنة والجماعة دون التقليل من الغير بل الإحترام المتبادل..وللجميع ودون تميز بجنس أو نوع أو دين أو لون وشكراً لكم جميعاً...
إدارة المنتديات...سيفن ستارز.

 

 التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج**

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حسن المرجاوى
المدير العام
المدير العام
حسن المرجاوى


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4067
تاريخ الميلاد : 03/06/1963
تاريخ التسجيل : 06/11/2010
العمر : 60
المزاج مصر العربيه

التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج** Empty
مُساهمةموضوع: التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج**   التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج** I_icon_minitimeالإثنين مارس 04, 2013 12:56 pm

اقتباس :

تفسير
سورة الإسراء

سُبْحَانَ الَّذِي
أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى
الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ
مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ
الْبَصِيرُ (1)


يمجِّد الله نفسه ويعظم شأنه، لقدرته
على ما لا يقدر عليه أحد سواه، لا إله غيره،
ولا رب سواه، فهو الذي أسرى بعبده محمد
صلى الله عليه وسلم زمنًا من الليل بجسده
وروحه، يقظة لا منامًا، من المسجد الحرام
بـ "مكة" إلى المسجد الأقصى بـ "بيت
المقدس" الذي بارك الله حوله
في الزروع والثمار وغير ذلك،
وجعله محلا لكثير من الأنبياء؛ ليشاهد
عجائب قدرة الله وأدلة وحدانيته. إن الله
سبحانه وتعالى هو السميع لجميع الأصوات،
البصير بكل مُبْصَر، فيعطي كُلا ما يستحقه
في الدنيا والآخرة.




وَآتَيْنَا مُوسَى
الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى
لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ
تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً (2)


وكما كرَّم الله
محمدًا صلى الله عليه وسلم بالإسراء، كَرَّم
موسى عليه السلام بإعطائه التوراة، وجعلها
بيانًا للحق وإرشادًا لبني إسرائيل، متضمنة
نهيهم عن اتخاذ غير الله تعالى وليًا أو
معبودًا يف
وضون إليه أمورهم.



ذُرِّيَّةَ مَنْ
حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً
شَكُوراً (3)


يا سلالة الذين
أنجيناهم وحَمَلْناهم مع نوح في السفينة
لا تشركوا بالله في عبادته، وكونوا شاكرين
لنعمه، مقتدين بنوح عليه السلام؛ إنه كان
عبدًا شكورًا لله بقلبه ولسانه
وجوارحه.



وَقَضَيْنَا إِلَى
بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ
فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ
عُلُوّاً كَبِيراً (4)


وأخبرنا بني إسرائيل
في التوراة التي أُنزلت عليهم بأنه لا بد
أن يقع منهم إفساد مرتين في "بيت المقدس"
وما والاه بالظلم، و
قَتْل الأنبياء والتكبر والطغيان
والعدوان.




فَإِذَا جَاءَ
وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ
عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ
فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ
وَعْداً مَفْعُولاً (5)


فإذا وقع منهم الإفساد
الأول سَلَّطْنا عليهم عبادًا لنا ذوي
شجاع
ة وقوة شديدة، يغلبونهم ويقتلونهم
ويشردونهم، فطافوا بين ديارهم مفسدين،
وكان ذلك وعدًا لا بدَّ مِن وقوعه؛ لوجود
سببه منهم.




ثُمَّ رَدَدْنَا
لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ
بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ
أَكْثَرَ نَفِيراً (6)


ثم رَدَدْنا لكم -يا بني إسرائيل- الغلبة
والظهور على أعدائكم الذين سُلِّطوا عليكم،
وأكثرنا أرزاقكم وأولادكم، وقَوَّيناكم
وجعلناكم أكثر عددًا من عدوكم؛ وذلك بسبب
إحسانكم وخضوعكم لله.




إِنْ أَحْسَنتُمْ
أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ
فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ و
َعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا
وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ
كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا
مَا عَلَوْا تَتْبِيراً (7)


إن أحسنتم أفعالكم
وأقوالكم فقد أحسنتم لأنفسكم؛ لأن ثواب
ذلك عائد إليكم، وإن أسأتم فعقاب ذلك عائد
عليكم، فإذا حان م
وعد الإفساد الثاني سَلَّطْنا
عليكم أعداءكم مرة أخرى؛ ليذلوكم ويغلبوكم،
فتظهر آثار الإهانة والمذلة على وجوهكم،
وليدخلوا عليكم "بيت المقدس" فيخرِّبوه،
كما خرَّبوه أول مرة، وليدمروا كل ما وقع
تحت أيديهم تدميرًا كاملا.




عَسَى رَبُّكُمْ
أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِن
ْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا
جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً (Cool


عسى ربكم -يا بني
إسرائيل- أن يرحمكم بعد انتقامه إن تبتم
وأصلحتم، وإن عدتم إلى الإفساد والظلم
عُدْنا إلى عقابكم ومذلَّتكم. وجعلنا جهنم
لكم وللكافرين عامة سجنًا لا خروج منه أبدا.
وفي هذه ال
آية وما قبلها، تحذير لهذه الأمة
من العمل بالمعاصي؛ لئلا يصيبها مثل ما
أصاب بني إسرائيل، فسنن الله واحدة لا تبدل
ولا تغير.




إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ
يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ
الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ
الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَ
جْراً كَبِيراً (9) وَأَنَّ الَّذِينَ
لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا
لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (10)


إن هذا القرآن الذي
أنزلناه على عبدنا محمد يرشد الناس إلى
أحسن الطرق، وهي ملة الإسلام، ويبشر المؤمنين
الذين يعملون بما أمرهم الله به، وينتهون
عمَّا نها
هم عنه، بأن لهم ثوابًا عظيمًا،
وأن الذين لا يصدقون بالدار الآخرة وما
فيها من الجزاء أعددنا لهم عذابًا موجعًا
في النار.




وَيَدْعُ الإِنسَانُ
بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ
الإِنسَانُ عَجُولاً (11)


ويدعو الإنسان
أحيانًا على نفسه أو ولده أو ماله با
لشر، وذلك عند الغضب، مثل ما
يدعو بالخير، وهذا من جهل الإنسان وعجلته،
ومن رحمة الله به أنه يستجيب له في دعائه
بالخير دون الشر؛ لأنه يعلم منه عدم القصد
إلى إرادة ذلك، وكان الإنسان بطبعه عجولا.




وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ
وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ
اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ
النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً
مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ
السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ
فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً (12)


وجعلنا الليل والنهار
علامتين دالَّتين على وحدانيتنا وقدرتنا،
فمَحَوْنا علامة الل
يل -وهي القمر- وجعلنا علامة
النهار -وهي الشمس- مضيئة؛ ليبصر الإنسان
في ضوء النهار كيف يتصرف في شؤون معاشه،
ويخلد في الليل إلى السكن والراحة، وليعلم
الناس -من تعاقب الليل والنهار- عدد السنين
وحساب الأشهر والأيام، فيرتبون عليها ما
يشاؤون من مصالحهم. وكل شيء
بيَّناه تبيينًا كافيًا.



وَكُلَّ إِنسَانٍ
أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ
وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً (13)


وكل إنسان يجعل
الله ما عمله مِن خير أو شر ملازمًا له،
فلا يحاسَب بعمل غيره، ولا يحاسَب غيره
بعمله، ويخرج ا
لله له يوم القيامة كتابًا قد
سُجِّلت فيه أعماله يراه مفتوحًا.




اقْرَأْ كِتَابَكَ
كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ
حَسِيباً (14)


يقال له: اقرأ كتاب
أعمالك، فيقرأ، وإن لم يكن يعرف القراءة
في الدنيا، تكفيك نفسك اليوم محصية عليك
عملك، فتعرف ما عليها من جزا
ء. وهذا من أعظم العدل والإنصاف
أن يقال للعبد: حاسِبْ نفسك، كفى بها حسيبًا
عليك.




مَنْ اهْتَدَى
فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ
ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا
تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا
كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ
رَسُولا
ً (15)

من اهتدى فاتبع
طريق الحق فإنما يعود ثواب ذلك عليه وحده،
ومن حاد واتبع طريق الباطل فإنما يعود عقاب
ذلك عليه وحده، ولا تحمل نفس مذنبة إثم
نفس مذنبة أخرى. ولا يعذب الله أحدًا إلا
بعد إقامة الحجة عليه بإرسال الرسل وإنزال
الكتب.




وَإِذَا أَرَدْنَا
أَنْ
نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا
مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ
عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا
تَدْمِيراً (16)


وإذا أردنا إهلاك
أهل قرية لظلمهم أَمَرْنا مترفيهم بطاعة
الله وتوحيده وتصديق رسله، وغيرهم تبع
لهم، فعصَوا أمر ربهم وكذَّبوا رسله، فحقَّ
عل
يهم القول بالعذاب الذي لا مردَّ
له، فاستأصلناهم بالهلاك التام.




وَكَمْ أَهْلَكْنَا
مِنْ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى
بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً
بَصِيراً (17)


وكثيرا أهلكنا
من الأمم المكذبة رسلها مِن بعد نبي الله
نوح. وكفى بربك -أيها ال
رسول- أنه عالم بجميع أعمال عباده،
لا تخفى عليه خافية.




مَنْ كَانَ يُرِيدُ
الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا
مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا
لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً
مَدْحُوراً (18)


من كان طلبه الدنيا
العاجلة، وسعى لها وحدها، ولم يص
دِّق بالآخرة، ولم يعمل لها،
عجَّل الله له فيها ما يشاؤه اللّه ويريده
مما كتبه له في اللوح المحفوظ، ثم يجعل
الله له في الآخرة جهنم، يدخلها ملومًا
مطرودًا من رحمته عز وجل؛ وذلك بسبب إرادته
الدنيا وسعيه لها دون الآخرة.




وَمَنْ أَرَادَ
الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا
سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً
(19)


ومَن قصد بعمله
الصالح ثواب الدار الآخرة الباقية، وسعى
لها بطاعة الله تعالى، وهو مؤمن بالله وثوابه
وعظيم جزائه، فأولئك كان عملهم مقبولا
مُدَّخرًا لهم عند ربهم، وسيثابون عليه.




كُلاًّ نُمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاءِ
مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ
رَبِّكَ مَحْظُوراً (20)


كل فريق من العاملين
للدنيا الفانية، والعاملين للآخرة الباقية
نزيده مِن رزقنا، فنرزق المؤمنين والكافرين
في الدنيا؛ فإن الرزق مِن عطاء ربك تفضلا
منه، وما كان عطاء ربك
ممنوعا من أحد مؤمنًا كان أم
كافرًا.




انظُرْ كَيْفَ
فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ
أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً
(21)


تأمل -أيها الرسول-
في كيفية تفضيل الله بعض الناس على بعض
في الدنيا في الرزق والعمل، ولَلآخرة أكبرُ
درجات للمؤ
منين وأكبر تفضيلا.



لا تَجْعَلْ مَعَ
اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً
مَخْذُولاً (22)


لا تجعل -أيها الإنسان-
مع الله شريكًا له في عبادته، فتبوء بالمذمة
والخِذْلان.




وَقَضَى رَبُّكَ
أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَانا
ً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ
الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا
فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا
وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23)


وأَمَر ربك -أيها
الإنسان- وألزم وأوجب أن يفرد سبحانه وتعالى
وحده بالعبادة، وأمر بالإحسان إلى الأب
والأم، وب
خاصة حالةُ الشيخوخة، فلا تضجر
ولا تستثقل شيئًا تراه من أحدهما أو منهما،
ولا تسمعهما قولا سيئًا، حتى ولا التأفيف
الذي هو أدنى مراتب القول السيئ، ولا يصدر
منك إليهما فعل قبيح، ولكن ارفق بهما، وقل
لهما -دائما- قولا لينًا لطيفًا.




وَاخْفِضْ لَهُمَا
جَنَاحَ ال
ذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ
رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي
صَغِيراً (24)


وكُنْ لأمك وأبيك
ذليلا متواضعًا رحمة بهما، واطلب من ربك
أن يرحمهما برحمته الواسعة أحياءً وأمواتًا،
كما صبرا على تربيتك طفلا ضعيف الحول والقوة.




رَبُّكُمْ أَعْلَمُ
بِمَا فِي
نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا
صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ
غَفُوراً (25)


ربكم -أيها الناس-
أعلم بما في ضمائركم من خير وشر. إن تكن
إرادتكم ومقاصدكم مرضاة الله وما يقربكم
إليه، فإنه كان -سبحانه- للراجعين إليه
في جميع الأوقات غفورًا، فمَن عَلِمَ ال
له أنه ليس في قلبه إلا الإنابة
إليه ومحبته، فإنه يعفو عنه، ويغفر له ما
يعرض من صغائر الذنوب، مما هو من مقتضى
الطبائع البشرية.




وَآتِ ذَا الْقُرْبَى
حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ
وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (26)


وأحسِنْ إلى كل
مَن له صلة قرابة ب
ك، وأعطه حقه من الإحسان والبر،
وأعط المسكين المحتاج والمسافر المنقطع
عن أهله وماله، ولا تنفق مالك في غير طاعة
الله، أو على وجه الإسراف والتبذير.




إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ
كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ
الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً (27)


إن المسرفين والمنفقين أموالهم في معاصي
الله هم أشباه الشياطين في الشر والفساد
والمعصية، وكان الشيطان كثير الكفران شديدَ
الجحود لنعمة ربه.




وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ
عَنْهُمْ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ
تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً
(28)


وإن أعرضت عن إعطاء هؤلاء الذين أُمِرْت بإعطائهم؛
لعدم وجود ما تعطيهم منه طلبًا لرزق تنتظره
من عند ربك، فقل لهم قولا ليِّنًا لطيفًا،
كالدعاء لهم بالغنى وسعة الرزق، وعِدْهم
بأن الله إذا أيسر من فضله رزقًا أنك تعطيهم
منه.




وَلا تَجْعَلْ
يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَ
لا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ
فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (29)


ولا تمسك يدك عن
الإنفاق في سبيل الخير، مضيِّقًا على نفسك
وأهلك والمحتاجين، ولا تسرف في الإنفاق،
فتعطي فوق طاقتك، فتقعد ملومًا يلومك الناس
ويذمونك، نادمًا على تبذيرك وضياع مالك.




إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ
يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ
خَبِيراً بَصِيراً (30)


إن ربك يوسِّع الرزق
على بعض الناس، ويضيِّقه على بعضهم، وَفْق
علمه وحكمته سبحانه وتعالى. إنه هو المطَّلِع
على خفايا عباده، لا يغيب عن علمه شيء من
أحوالهم.




وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ
خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ
وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ
خِطْئاً كَبِيراً (31)


وإذا علمتم أن الرزق
بيد الله سبحانه فلا تقتلوا -أيها الناس-
أولادكم خوفًا من الفقر؛ فإنه -سبحانه-
هو الرزاق لعباده، يرزق الأبناء كما ي
رزق الآباء، إنَّ قَتْلَ الأولاد
ذنب عظيم.




وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ
كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً (32)


ولا تقربوا الزنى
ودواعيه؛ كي لا تقعوا فيه، إنه كان فعلا
بالغ القبح، وبئس الطريق طريقه.




وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ
الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِ
لاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ
مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ
سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ
إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً (33)


ولا تقتلوا النفس
التي حرم الله قَتْلها إلا بالحق الشرعي
كالقصاص أو رجم الزاني المحصن أو قتل المرتد.
ومن قُتِل بغير حق
شرعي فقد جعلنا لولي أمره مِن
وارث أو حاكم حجة في طلب قَتْل قاتله أو
الدية، ولا يصح لولي أمر المقتول أن يجاوز
حدَّ الله في القصاص كأن يقتل بالواحد اثنين
أو جماعة، أو يُمَثِّل بالقاتل، إن الله
معين وليَّ المقتول على القاتل حتى يتمكن
مِن قَتْله قصاصًا.




وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ
إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى
يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ
إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً (34)


ولا تتصرَّفوا
في أموال الأطفال الذين مات آباؤهم، وصاروا
في كفالتكم، إلا بالطريقة التي هي أحسن
لهم، وهي التثمي
ر والتنمية، حتى يبلغ الطفل
اليتيم سنَّ البلوغ، وحسن التصرف في المال،
وأتموا الوفاء بكل عهد التزمتم به. إن العهد
يسأل الله عنه صاحبه يوم القيامة، فيثيبه
إذا أتمه ووفَّاه، ويعاقبه إذا خان فيه.




وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا
كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْ
مُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ
وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (35)


وأتموا الكيل،
ولا تنقصوه إذا كِلْتم لغيركم، وزِنوا
بالميزان السوي، إن العدل في الكيل والوزن
خير لكم في الدنيا، وأحسن عاقبة عند الله
في الآخرة.




وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ
بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ
الْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ
أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً (36)


ولا تتبع -أيها
الإنسان- ما لا تعلم، بل تأكَّد وتثبَّت.
إن الإنسان مسؤول عما استعمَل فيه سمعه
وبصره وفؤاده، فإذا استعمَلها في الخير
نال الثواب، وإذا استعملها في الشر نال
العقاب.




وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ
لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ
الْجِبَالَ طُولاً (37)


ولا تمش في الأرض
مختالا متكبرا؛ فإنك لن تَخْرِق الأرض
بالمشي عليها، ولن تبلغ الجبال طولا خيلاء
وتكبرًا.




كُلُّ ذَلِكَ كَانَ
سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً
(38)

جميع ما تقدَّم
ذِكْرُه من أوامر ونواهٍ، يكره الله سيِّئَه،
ولا يرضاه لعباده.




ذَلِكَ مِمَّا
أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنْ الْحِكْمَةِ
وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ
فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً
(39)


ذلك الذي بيَّناه
ووضَّحناه
من هذه الأحكام الجليلة، من
الأمر بمحاسن الأعمال، والنهي عن أراذل
الأخلاق مما أوحيناه إليك أيها النبي. ولا
تجعل -أيها الإنسان- مع الله تعالى شريكًا
له في عبادته، فتُقْذف في نار جهنم تلومك
نفسك والناس، وتكون مطرودًا مبعدًا من
كل خير.




أَفَأَصْفَاكُمْ
رَبُّ
كُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ
مِنْ الْمَلائِكَةِ إِنَاثاً إِنَّكُمْ
لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً (40)


أفخصَّكم ربكم
-أيها المشركون- بإعطائكم البنين، واتخذ
لنفسه الملائكة بنات؟ إن قولكم هذا بالغ
القبح والبشاعة، لا يليق بالله سبحانه
وتعالى.




وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا
وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (41)


ولقد وضَّحْنا
ونوَّعْنا في هذا القرآن الأحكام والأمثال
والمواعظ؛ ليتعظ الناس ويتدبروا ما ينفعهم
فيأخذوه، وما يضرهم فيدَعوه، وما يزيد
البيان والتوضيح الظالمين إلا تباعدًا
عن الح
ق، وغفلة عن النظر والاعتبار.



قُلْ لَوْ كَانَ
مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً
لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً
(42)


قل -أيها الرسول-
للمشركين: لو أن مع الله آلهة أخرى، إذًا
لطلبَتْ تلك الآلهة طريقًا إلى مغالبة
الله ذي العرش العظيم.




سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ
عُلُوّاً كَبِيراً (43)


تنزَّه الله وتقدَّس
عَمَّا يقوله المشركون وتعالى علوًا كبيرًا.




تُسَبِّحُ لَهُ
السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ
فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ
بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُون
َ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ
حَلِيماً غَفُوراً (44)


تُسَبِّح له -سبحانه-
السموات السبع والأرضون، ومَن فيهن مِن
جميع المخلوقات، وكل شيء في هذا الوجود
ينزه الله تعالى تنزيهًا مقرونًا بالثناء
والحمد له سبحانه، ولكن لا تدركون -أيها
الناس- ذلك. إنه سبحانه كان
حليمًا بعباده لا يعاجل مَن
عصاه بالعقوبة، غفورًا لهم.




وَإِذَا قَرَأْتَ
الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ
الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ
حِجَاباً مَسْتُوراً (45)


وإذا قرأت القرآن
فسمعه هؤلاء المشركون، جعلنا بينك وبين
الذين لا يؤمنون بالآخرة حجا
بًا ساترًا يحجب عقولهم عن فَهْمِ
القرآن؛ عقابًا لهم على كفرهم وإنكارهم.




وَجَعَلْنَا عَلَى
قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ
وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ
رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا
عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً (46)


وجعلنا على قلوب المشركين أغطية؛ لئلا
يفهموا القرآن، وجعلنا في آذانهم صممًا؛
لئلا يسمعوه، وإذا ذَكَرْتَ ربك في القرآن
داعيًا لتوحيده ناهيًا عن الشرك به رجعوا
على أعقابهم نافرين من قولك؛ استكبارًا
واستعظامًا من أن يوحِّدوا الله تعالى
في عبادته.




نَحْنُ أَعْلَمُ
بِم
َا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ
يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى
إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ
إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (47)


نحن أعلم بالذي
يستمعه رؤساء قريش، إذ يستمعون إليك، ومقاصدهم
سيئة، فليس استماعهم لأجل الاسترشاد وقَبول
الحق، ون
علم تَناجيهم حين يقولون: ما
تتبعون إلا رجلا أصابه السحر فاختلط عقله.




انظُرْ كَيْفَ
ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا
فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (48)


تفكر -أيها الرسول-
متعجبًا من قولهم: إن محمدًا ساحر شاعر
مجنون!! فجاروا وانحرفوا، ولم يهتدوا إلى
طريق
الحق والصواب.



وَقَالُوا أَئِذَا
كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَئِنَّا
لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (49)


وقال المشركون
منكرين أن يُخْلَقوا خَلْقًا جديدًا بعد
أن تبلى عظامهم، وتصير فُتاتًا: أئِنا لمبعوثون
يوم القيامة بعثًا جديدًا؟




قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً (50)

قل لهم -أيها الرسول-
على جهة التعجيز: كونوا حجارة أو حديدًا
في الشدة والقوة -إن قَدَرْتم على ذلك- فإن
الله يُعيدكم كما بدأكم، وذلك هيِّن عليه
يسير.




أَوْ خَلْقاً مِمَّا
يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ
مَنْ يُعِيدُنَا قُلْ الَّ
ذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ
فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ
وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ
يَكُونَ قَرِيباً (51)


أو كونوا خلقًا
يَعْظُم ويُسْتَبْعَد في عقولكم قبوله
للبعث، فالله تعالى قادر على إعادتكم وبعثكم،
وحين تقوم عليهم الحجة في قدرة
الله على البعث والإحياء فسيقولون
-منكرين-: مَن يردُّنا إلى الحياة بعد الموت؟
قل لهم: يعيدكم ويرجعكم الله الذي أنشأكم
من العدم أول مرة، وعند سماعهم هذا الرد
فسيَهُزُّون رؤوسهم ساخرين متعجبين ويقولون
-مستبعدين-: متى يقع هذا البعث؟ قل: هو قريب؛
فإن كل آتٍ قري
ب.



يَوْمَ يَدْعُوكُمْ
فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ
إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً (52)


يوم يناديكم خالقكم
للخروج من قبوركم، فتستجيبون لأمر الله،
وتنقادون له، وله الحمد على كل حال، وتظنون
-لهول يوم القيامة- أنكم ما أقمتم في الدنيا
إلا زمنًا قليل
ا؛ لطول لبثكم في الآخرة.



وَقُلْ لِعِبَادِي
يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ
الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ
الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوّاً
مُبِيناً (53)


وقل لعبادي المؤمنين
يقولوا في تخاطبهم وتحاورهم الكلام الحسن
الطيب؛ فإنهم إن لم يف
علوا ذلك ألقى الشيطان بينهم
العداوة والفساد والخصام. إن الشيطان كان
للإنسان عدوًا ظاهر العداوة.




رَبُّكُمْ أَعْلَمُ
بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ
إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ
عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (54)


ربكم أعلم بكم -أيها
الناس- إن ي
شأ يرحمكم، فيوفقكم للإيمان،
أو إن يشأ يمتكم على الكفر، فيعذبكم، وما
أرسلناك -أيها الرسول- عليهم وكيلا تدبِّر
أمرهم وتجازيهم على أفعالهم، وإنما مهمتك
تبليغ ما أُرْسلتَ به، وبيان الصراط المستقيم.




وَرَبُّكَ أَعْلَمُ
بِمَنْ فِي السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ
عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً
(55)


وربك -أيها النبي-
أعلم بمَن في السموات والأرض. ولقد فَضَّلْنا
بعض النبيين على بعض بالفضائل وكثرة الأتباع
وإنزال الكتب، وأعطينا داود الزبور.




قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ
زَعَمْتُم
ْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ
كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلاً
(56)


قل -أيها الرسول-
لمشركي قومك: إن هذه المعبودات التي تنادونها
لكشف الضرِّ عنكم لا تملك ذلك، ولا تقدر
على تحويله عنكم إلى غيركم، ولا تقدر على
تحويله من حال إلى حال، فالقادر على ذلك
هو الله وحده. وهذه الآية عامة
في كل ما يُدْعى من دون الله، ميتًا كان
أو غائبًا، من الأنبياء والصالحين وغيرهم،
بلفظ الاستغاثة أو الدعاء أو غيرهما، فلا
معبود بحق إلا الله.




أُوْلَئِكَ الَّذِينَ
يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ
الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَ
قْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ
وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ
رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً (57)


أولئك الذين يدعوهم
المشركون من الأنبياء والصالحين والملائكة
مع الله، يتنافسون في القرب من ربهم بما
يقدرون عليه من الأعمال الصالحة، ويأمُلون
رحمته ويخافون عذابه
، إن عذاب ربك هو ما ينبغي أن
يحذره العباد، ويخافوا منه.




وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ
إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ
الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً
شَدِيداً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ
مَسْطُوراً (58)


ويتوعَّد الله
الكفار بأنه ما من قريةٍ كافر
ة مكذبة للرسل إلا وسينزل بها
عقابه بالهلاك في الدنيا قبل يوم القيامة
أو بالعذاب الشديد لأهلها، كتاب كتبه الله
وقضاء أبرمه لا بد مِن وقوعه، وهو مسطور
في اللوح المحفوظ.




وَمَا مَنَعَنَا
أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَنْ
كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْ
نَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً
فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ
إِلاَّ تَخْوِيفاً (59)


وما منعَنا من إنزال
المعجزات التي سألها المشركون إلا تكذيب
مَن سبقهم من الأمم، فقد أجابهم الله إلى
ما طلبوا فكذَّبوا وهلكوا. وأعطينا ثمود
-وهم قوم صالح- معج
زة واضحة وهي الناقة، فكفروا
بها فأهلكناهم. وما إرسالنا الرسل بالآيات
والعبر والمعجزات التي جعلناها على أيديهم
إلا تخويف للعباد؛ ليعتبروا ويتذكروا.




وَإِذْ قُلْنَا
لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ
وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ
إِلاَّ
فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ
الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ
فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً
كَبِيراً (60)


واذكر -أيها الرسول-
حين قلنا لك: إن ربك أحاط بالناس علمًا وقدرة.
وما جعلنا الرؤيا التي أريناكها عِيانًا
ليلة الإسراء والمعراج م
ن عجائب المخلوقات إلا اختبارًا
للناس؛ ليتميز كافرهم من مؤمنهم، وما جعلنا
شجرة الزقوم الملعونة التي ذكرت في القرآن
إلا ابتلاء للناس. ونخوِّف المشركين بأنواع
العذاب والآيات، ولا يزيدهم التخويف إلا
تماديًا في الكفر والضلال.




وَإِذْ قُلْنَا
لِلْمَلائِكَةِ اسْ
جُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ
إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ
طِيناً (61)


واذكر قولنا للملائكة:
اسجدوا لآدم تحية وتكريمًا، فسجدوا جميعًا
إلا إبليس، استكبر وامتنع عن السجود قائلا
على سبيل الإنكار والاستكبار: أأسجد لهذا
الضعيف، المخلوق من الطين؟




قَالَ أَرَأَيْتَكَ
هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ
أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً
(62)


وقال إبليس جراءة
على الله وكفرًا به: أرأيت هذا المخلوق
الذي ميزته عليَّ؟ لئن أبقيتني حيًا إلى
يوم القيامة ل
أستولينَّ على ذريته بالإغواء
والإفساد، إلا المخلصين منهم في الإيمان،
وهم قليل.




قَالَ اذْهَبْ
فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ
جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُوراً (63)


قال الله تعالى
مهددًا إبليس وأتباعه: اذهب فمَن تبعك مِن
ذرية آدم، فأطاعك، فإن عقاب
ك وعقابهم وافر في نار جهنم.



وَاسْتَفْزِزْ
مَنْ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ
وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ
وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَولادِ
وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ
إِلاَّ غُرُوراً (64)


واستَخْفِف كل
مَن تستطيع اس
تخفافه منهم بدعوتك إياه إلى
معصيتي، واجمع عليهم كل ما تقدر عليه مِن
جنودك من كل راكب وراجل، واجعل لنفسك شِرْكة
في أموالهم بأن يكسبوها من الحرام، وشِرْكة
في الأولاد بتزيين الزنى والمعاصي، ومخالفة
أوامر الله حتى يكثر الفجور والفساد، وعِدْ
أتباعك مِن ذرية آدم
الوعود الكاذبة، فكل وعود الشيطان
باطلة وغرور.




إِنَّ عِبَادِي
لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى
بِرَبِّكَ وَكِيلاً (65)


إن عبادي المؤمنين
المخلصين الذين أطاعوني ليس لك قدرة على
إغوائهم، وكفى بربك -أيها النبي- عاصمًا
وحافظًا للمؤمنين مِن كيد الشيطا
ن وغروره.



رَبُّكُمْ الَّذِي
يُزْجِي لَكُمْ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ
لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ
بِكُمْ رَحِيماً (66)


ربكم -أيها الناس-
هو الذي يُسَيِّر لكم السفن في البحر؛ لتطلبوا
رزق الله في أسفاركم وتجاراتكم. إن الله
سبحانه كان رحيمًا بعباد
ه.



وَإِذَا مَسَّكُمْ
الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ
إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ
إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ
الإِنْسَانُ كَفُوراً (67)


وإذا أصابتكم شدة
في البحر حتى أشرفتم على الغرق والهلاك،
غاب عن عقولكم الذين تعبدونهم من الآ
لهة، وتذكَّرتم الله القدير
وحده؛ ليغيثكم وينقذكم، فأخلصتم له في
طلب العون والإغاثة، فأغاثكم ونجَّاكم،
فلمَّا نجاكم إلى البر أعرضتم عن الإيمان
والإخلاص والعمل الصالح، وهذا من جهل الإنسان
وكفره. وكان الإنسان جحودًا لنعم الله عزَّ
وجل.




أَفَأَمِنتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ
أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ
لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً (68)


أغَفَلْتم -أيها
الناس- عن عذاب الله، فأمنتم أن تنهار بكم
الأرض خسفًا، أو يُمْطركم الله بحجارة
من السماء فتقتلكم، ثم لا تجدوا أحدًا يحفظكم
مِن عذابه؟




أَمْ أَمِنتُمْ
أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى
فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِنْ
الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ
ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ
تَبِيعاً (69)


أم أمنتم -أيها
الناس- ربكم، وقد كفرتم به أن يعيدكم في
البحر مرة أخرى،
فيرسل عليكم ريحًا شديدة، تكسِّر
كل ما أتت عليه، فيغرقكم بسبب كفركم، ثم
لا تجدوا لكم علينا أي تبعة ومطالبة؛ فإن
الله لم يظلمكم مثقال ذرة؟




وَلَقَدْ كَرَّمْنَا
بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ
وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ
وَفَضَّل
ْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ
خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70)


ولقد كرَّمنا ذرية
آدم بالعقل وإرسال الرسل، وسَخَّرنا لهم
جميع ما في الكون، وسَخَّرنا لهم الدواب
في البر والسفن في البحر لحملهم، ورزقناهم
من طيبات المطاعم والمشارب، وفضَّلناهم
على كثير من المخلوقات تف
ضيلا عظيمًا.



يَوْمَ نَدْعُو
كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ
كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَءُونَ
كِتَابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً
(71)


اذكر -أيها الرسول-
يوم البعث مبشرًا ومخوفًا، حين يدعو الله
عز وجل كل جماعة من الناس مع إمامهم
الذي كانوا يقتدون به في الدنيا،
فمن كان منهم صالحًا، وأُعطي كتاب أعماله
بيمينه، فهؤلاء يقرؤون كتاب حسناتهم فرحين
مستبشرين، ولا يُنْقَصون من ثواب أعمالهم
الصالحة شيئًا، وإن كان مقدارَ الخيط الذي
يكون في شَقِّ النواة.




وَمَنْ كَانَ فِي
هَذِهِ أَعْمَى فَهُو
َ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ
سَبِيلاً (72)


ومن كان في هذه
الدنيا أعمى القلب عن دلائل قدرة الله فلم
يؤمن بما جاء به الرسول محمد صلى الله عليه
وسلم فهو في يوم القيامة أشدُّ عمى عن سلوك
طريق الجنة، وأضل طريقًا عن الهداية والرشاد.




وَإِنْ كَادُوا
لَيَفْت
ِنُونَكَ عَنْ الَّذِي أَوْحَيْنَا
إِلَيْكَ لِتَفْتَرِي عَلَيْنَا غَيْرَهُ
وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (73)


ولقد قارب المشركون
أن يصرفوك -أيها الرسول- عن القرآن الذي
أنزله الله إليك؛ لتختلق علينا غير ما أوحينا
إليك، ولو فعلت ما أرادوه لاتخذوك حبيبًا
خالص
ًا.



وَلَوْلا أَنْ
ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ
إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (74)


ولولا أن ثبَّتناك
على الحق، وعصمناك عن موافقتهم، لَقاربْتَ
أن تميل إليهم ميلا قليلا من كثرة المعالجة
ورغبتك في هدايتهم.




إِذاً لأَذَقْنَاكَ
ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ
الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ
لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً (75)


ولو رَكَنت -أيها
الرسول- إلى هؤلاء المشركين ركونًا قليلا
فيما سألوك، إذًا لأذقناك مِثْلَي عذاب
الحياة في الدنيا ومثْلَي عذاب الممات
في الآخرة؛ وذلك لكمال نعمة الله عليك وكمال
معرفتك، ثم لا تجد أحدًا ي
نصرك ويدفع عنك عذابنا.



وَإِنْ كَادُوا
لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنْ الأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ
مِنْهَا وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ
إِلاَّ قَلِيلاً (76)


ولقد قارب الكفار
أن يخرجوك من "مكة" بإزعاجهم إيَّاك،
ولو أخرجوك منها لم يمكثوا فيها بعدك إلا
زمنًا قليلا حتى
تحل بهم العقوبة العاجلة.



سُنَّةَ مَنْ قَدْ
أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا
وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً
(77)


تلك سنة الله تعالى
في إهلاك الأمة التي تُخرج رسولها من بينها،
ولن تجد -أيها الرسول- لسنتنا تغييرًا،
فلا خلف في وعدنا.




أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى
غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ
إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً
(78)


أقم الصلاة تامة
من وقت زوال الشمس عند الظهيرة إلى وقت
ظلمة الليل، ويدخل في هذا صلاة الظهر والعصر
والمغرب والعشاء، وأقم صلاة الفجر، وأَطِلِ
القر
اءة فيها؛ إن صلاة الفجر تحضرها
ملائكة الليل وملائكة النهار.




وَمِنْ اللَّيْلِ
فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى
أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً
(79)


وقم -أيها النبي-
من نومك بعض الليل، فاقرأ القرآن في صلاة
الليل؛ لتكون صلاة الليل زيادة لك
في علو القدر ورفع الدرجات،
عسى أن يبعثك الله شافعًا للناس يوم القيامة؛
ليرحمهم الله مما يكونون فيه، وتقوم مقامًا
يحمدك فيه الأولون والآخرون.




وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي
مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ
صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً
نَص
ِيراً (80)

وقل: ربِّ أدخلني
فيما هو خير لي مدخل صدق، وأخرجني مما هو
شر لي مخرج صدق، واجعل لي مِن لدنك حجة ثابتة،
تنصرني بها على جميع مَن خالفني.




وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ
وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ
كَانَ زَهُوقاً (81)


وقل -أيها الرسول-
للمشركين: جا
ء الإسلام وذهب الشرك، إن الباطل
لا بقاء له ولا ثبات، والحق هو الثابت الباقي
الذي لا يزول.




وَنُنَزِّلُ مِنْ
الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ
لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ
إِلاَّ خَسَاراً (82)


وننزل من آيات القرآن
العظيم ما يشفي القلوب
مِنَ الأمراض، كالشك والنفاق
والجهالة، وما يشفي الأبدان برُقْيتها
به، وما يكون سببًا للفوز برحمة الله بما
فيه من الإيمان، ولا يزيد هذا القرآن الكفار
عند سماعه إلا كفرًا وضلالا؛ لتكذيبهم
به وعدم إيمانهم.




وَإِذَا أَنْعَمْنَا
عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى
بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ
الشَّرُّ كَانَ يَئُوساً (83)


وإذا أنعمنا على
الإنسان من حيث هو بمال وعافية ونحوهما،
تولَّى وتباعد عن طاعة ربه، وإذا أصابته
شدة مِن فقر أو مرض كان قنوطًا؛ لأنه لا
يثق بفضل الله تعالى، إلا من عصم الله في
حالتي سرَّائه وضرَّائه.




قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ
عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ
بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً (84)


قل -أيها الرسول-
للناس: كل واحد منكم يعمل على ما يليق به
من الأحوال، فربكم أعلم بمن هو أهدى طريقًا
إلى الحق.




وَيَسْأَلُونَكَ
عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَ
مْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ
مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً (85)


ويسألك الكفار
عن حقيقة الروح تعنتًا، فأجبهم بأن حقيقة
الروح وأحوالها من الأمور التي استأثر
الله بعلمها، وما أُعطيتم أنتم وجميع الناس
من العلم إلا شيئًا قليلا.




وَلَئِنْ شِئْنَا
لَنَذْهَبَنَّ
بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ
ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً
(86)


ولئن شئنا مَحْوَ
القرآن من قلبك لَقدَرْنا على ذلك، ثم لا
تجد لنفسك ناصرًا يمنعنا من فعل ذلك، أو
يرد عليك القرآن.




إِلاَّ رَحْمَةً
مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ
كَبِيراً (87)

لكنَّ الله رحمك،
فأثبت ذلك في قلبك، إن فضله كان عليك عظيمًا؛
فقد أعطاك هذا القرآن العظيم، والمقام
المحمود، وغير ذلك مما لم يؤته أحدًا من
العالمين.




قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ
الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا
بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا ي
َأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ
كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (88)


قل: لو اتفقت الإنس
والجن على محاولة الإتيان بمثل هذا القرآن
المعجز لا يستطيع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حسن المرجاوى
المدير العام
المدير العام
حسن المرجاوى


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4067
تاريخ الميلاد : 03/06/1963
تاريخ التسجيل : 06/11/2010
العمر : 60
المزاج مصر العربيه

التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج** Empty
مُساهمةموضوع: رد: التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج**   التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج** I_icon_minitimeالإثنين مارس 04, 2013 12:58 pm

اقتباس :

قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ
الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا
بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا ي
َأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ
كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (88)


قل: لو اتفقت الإنس
والجن على محاولة الإتيان بمثل هذا القرآن
المعجز لا يستطيعون الإتيان به، ولو تعاونوا
وتظاهروا على ذلك.




وَلَقَدْ صَرَّفْنَا
لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ
مَثَ
لٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ
إِلاَّ كُفُوراً (89)


ولقد بيَّنَّا
ونَوَّعنا للناس في هذا القرآن من كل مثل
ينبغي الاعتبار به؛ احتجاجًا بذلك عليهم؛
ليتبعوه ويعملوا به، فأبى أكثر الناس إلا
جحودًا للحق وإنكارًا لحجج الله وأدلته.




وَقَالُوا لَنْ
نُؤْمِنَ لَكَ حَ
تَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنْ الأَرْضِ
يَنْبُوعاً (90)


ولما أعجز القرآن
المشركين وغلبهم أخذوا يطلبون معجزات وَفْق
أهوائهم فقالوا: لن نصدقك -أيها الرسول-
ونعمل بما تقول حتى تفجر لنا من أرض "مكة"
عينًا جارية.




أَوْ تَكُونَ لَكَ
جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُ
فَجِّرَ الأَنهَارَ خِلالَهَا
تَفْجِيراً (91)


أو تكون لك حديقة
فيها أنواع النخيل والأعناب، وتجعل الأنهار
تجري في وسطها بغزارة.




أَوْ تُسْقِطَ
السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا
كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ
قَبِيلاً (92)


أو تسقط السماء
ع
لينا قطعًا كما زَعَمْتَ، أو
تأتي لنا بالله وملائكته، فنشاهدهم مقابلة
وعِيانًا.




أَوْ يَكُونَ لَكَ
بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي
السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ
حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً
نَقْرَؤُه قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ
كُنتُ إ
ِلاَّ بَشَراً رَسُولاً (93)

أو يكون لك بيت
من ذهب، أو تصعد في درج إلى السماء، ولن
نصدِّقك في صعودك حتى تعود، ومعك كتاب من
الله منشور نقرأ فيه أنك رسول الله حقا.
قل -أيها الرسول- متعجبًا مِن تعنُّت هؤلاء
الكفار: سبحان ربي!! هل أنا إلا عبد من عباده
مبلِّغ رس
الته؟ فكيف أقدر على فعل ما تطلبون؟



وَمَا مَنَعَ النَّاسَ
أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمْ الْهُدَى
إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ
بَشَراً رَسُولاً (94)


وما منع الكفارَ
من الإيمان بالله ورسوله وطاعتهما، حين
جاءهم البيان الكافي من عند الله، إلا قولهم
ج
هلا وإنكارًا: أبعث الله رسولا
من جنس البشر؟




قُلْ لَوْ كَانَ
فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ
لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ
مَلَكاً رَسُولاً (95)


قل -أيها الرسول-
ردًّا على المشركين إنكارهم أن يكون الرسول
من البشر: لو كان في الأر
ض ملائكة يمشون عليها مطمئنين،
لأرسلنا إليهم رسولا من جنسهم، ولكنَّ
أهل الأرض بشر، فالرسول إليهم ينبغي أن
يكون من جنسهم؛ ليمكنهم مخاطبته وفَهْم
كلامه.




قُلْ كَفَى بِاللَّهِ
شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ
كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً
(96)


قل لهم: كفى بالله شهيدًا بيني وبينكم
على صِدْقي وحقيقة نبوَّتي. إنه سبحانه
خبير بأحوال عباده، بصير بأعمالهم، وسيجازيهم
عليها.




وَمَنْ يَهْدِ
اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ
فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ
دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِي
َامَةِ عَلَى وَجُوهِهِمْ عُمْياً
وَبُكْماً وَصُمّاً مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ
كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً
(97)


ومن يهده الله فهو
المهتدي إلى الحق، ومن يضلله فيخذلْه ويَكِلْه
إلى نفسه فلا هادي له من دون الله، وهؤلاء
الضُّلال يبعثهم الله يوم القيامة، وي
حشرهم على وجوههم، وهم لا يرون
ولا ينطقون ولا يسمعون، مصيرهم إلى نار
جهنم الملتهبة، كلما سكن لهيبها، وخمدت
نارها، زدناهم نارًا ملتهبة متأججة.




ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ
بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا
أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَئِنَّا
لَمَبْع
ُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (98)

هذا الذي وُصِف
من العذاب عقاب للمشركين؛ بسبب كفرهم بآيات
الله وحججه، وتكذيبهم رسله الذين دَعَوْهم
إلى عبادته، وقولهم استنكارًا - إذا أُمروا
بالتصديق بالبعث -: أإذا متنا وصِرْنا عظامًا
بالية وأجزاءً متفتتة نُبعث بعد ذلك خَلْقًا
جديدًا؟



أَوَلَمْ يَرَوْا
أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ
يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ
أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ
إِلاَّ كُفُوراً (99)


أَغَفَل هؤلاء
المشركون، فلم يتبصروا ويعلموا أن الله
ا
لذي خلق السموات والأرض وما
فيهن من المخلوقات على غير مثال سابق، قادر
على أن يخلق أمثالهم بعد فنائهم؟ وقد جعل
الله لهؤلاء المشركين وقتًا محددًا لموتهم
وعذابهم، لا شك أنه آتيهم، ومع وضوح الحق
ودلائله أبى الكافرون إلا جحودًا لدين
الله عزَّ وجلَّ.




قُلْ لَوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ
رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لأَمْسَكْتُمْ
خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإِنْسَانُ
قَتُوراً (100)


قل -أيها الرسول-
لهؤلاء المشركين : لو كنتم تملكون خزائن
رحمة ربي التي لا تنفد ولا تبيد إذًا لبخلتم
بها، فلم تعطوا منها غيركم خوفًا مِن
نفادها فتصبحوا فقراء. ومن شأن
الإنسان أنه بخيل بما في يده إلا مَن عصم
الله بالإيمان.




وَلَقَدْ آتَيْنَا
مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْألْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ
لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يَا
مُوسَى مَسْحُوراً (101)


ولقد آتينا موسى تسع معجزات واضحات
شاهدات على صِدْق نبوته وهي: العصا واليد
والسنون ونقص الثمرات والطوفان والجراد
والقمل والضفادع والدم، فاسأل -أيها الرسول-
اليهود سؤال تقرير حين جاء موسى أسلافهم
بمعجزاته الواضحات، فقال فرعون لموسى:
إني لأظنك -يا موسى- ساحرا، مخد
وعًا مغلوبًا على عقلك بما تأتيه
من غرائب الأفعال.




قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ
مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي
لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً
(102)


فردَّ عليه موسى:
لقد تيقَّنتَ -يا فرعون- أنه ما أنزل تلك
المعجزا
ت التسع الشاهدة على صدق نبوتي
إلا رب السموات والأرض؛ لتكون دلالات يَستدِل
بها أولو البصائر على وحدانية الله تعالى
في ربوبيته وألوهيته، وإني لعلى يقين أنك
-يا فرعون- هالك ملعون مغلوب.




فَأَرَادَ أَنْ
يَسْتَفِزَّهُمْ مِنْ الأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ
وَمَنْ مَع
َهُ جَمِيعاً (103)

فأراد فرعون أن
يزعج موسى ويخرجه مع بني إسرائيل مِن أرض
"مصر"، فأغرقناه ومَن معه مِن جندٍ
في البحر عقابًا لهم.




وَقُلْنَا مِنْ
بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا
الأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ
جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً (104)


وقلنا من بعد هلاك
فرعون وجنده لبني إسرائيل: اسكنوا أرض "الشام"،
فإذا جاء يوم القيامة جئنا بكم جميعًا مِن
قبوركم إلى موقف الحساب.




وَبِالْحَقِّ
أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا
أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً
(105)


وبالحق أنزلنا
هذا القرآن
على محمد صلى الله عليه وسلم
لأمْرِ العباد ونهيهم وثوابهم وعقابهم،
وبالصدق والعدل والحفظ من التغيير والتبديل
نزل. وما أرسلناك -أيها الرسول- إلا مبشرًا
بالجنة لمن أطاع، ومخوفًا بالنار لمن عصى
وكفر.




وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ
لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى
مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً
(106)


وأنزلنا إليك -أيها
الرسول- قرآنًا بيَّناه وأحكمناه وفَصَّلناه
فارقًا بين الهدى والضلال والحق والباطل؛
لتقرأه على الناس في تؤدة وتمهُّل، ونَزَّلْناه
مفرَّقًا، شيئًا بعد شيء، على حسب الحوادث
ومقتضيات الأحوال.




قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا
إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ
قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ
لِلأَذْقَانِ سُجَّداً (107)


قل -أيها الرسول-
لهؤلاء المكذبين: آمِنوا بالقرآن أو لا
تؤمنوا؛ فإن إيمانكم لا يزيده كمالا وتكذيبكم
لا يُلْحِق به نقص
ًا. إن العلماء الذين أوتوا الكتب
السابقة مِن قبل القرآن، وعرفوا حقيقة
الوحي، إذا قرئ عليهم القرآن يخشعون، فيسجدون
على وجوههم لله سبحانه وتعالى.




وَيَقُولُونَ
سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ
رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108)


ويقول هؤلاء الذين
أوتوا العلم ع
ند سماع القرآن: تنزيهًا لربنا
وتبرئة له مما يصفه المشركون به، ما كان
وعد الله تعالى من ثواب وعقاب إلا واقعًا
حقًا .




وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ
يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (109)


ويقع هؤلاء ساجدين
على وجوههم، يبكون تأثرًا بمواعظ القرآن،
ويزيدهم سماع الق
رآن ومواعظه خضوعًا لأمر الله
وعظيم قدرته.




قُلْ ادْعُوا اللَّهَ
أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا
فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلا تَجْهَرْ
بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ
بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (110)


قل -أيها الرسول-
لمشركي قومك ال
ذين أنكروا عليك الدعاء بقولك:
يا ألله يا رحمن، ادعوا الله، أو ادعوا
الرحمن، فبأي أسمائه دعوتموه فإنكم تدعون
ربًا واحدًا؛ لأن أسماءه كلها حسنى. ولا
تجهر بالقراءة في صلاتك، فيسمعك المشركون،
ولا تُسِرَّ بها فلا يسمعك أصحابك، وكن
وسطًا بين الجهر والهمس.




وَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي
لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ
لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ
لَهُ وَلِيٌّ مِنْ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ
تَكْبِيراً (111)


وقل -أيها الرسول-
: الحمد لله الذي له الكمال والثناء، الذي
تنزَّه عن الولد والشريك في ألوهيته
، ولا يكون له سبحانه وليٌّ مِن
خلقه فهو الغني القوي، وهم الفقراء المحتاجون
إليه، وعظِّمه تعظيمًا تامًا بالثناء عليه
وعبادته وحده لا شريك له، وإخلاص الدين
كله له.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حسن المرجاوى
المدير العام
المدير العام
حسن المرجاوى


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4067
تاريخ الميلاد : 03/06/1963
تاريخ التسجيل : 06/11/2010
العمر : 60
المزاج مصر العربيه

التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج** Empty
مُساهمةموضوع: رد: التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج**   التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج** I_icon_minitimeالإثنين مارس 04, 2013 1:01 pm

اقتباس :

تفسير
سورة الكهف

الْحَمْدُ لِلَّهِ
الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ
وَلَمْ يَجْعَلْ
لَهُ عِوَجَا (1)

الثناء على الله
بصفاته التي كلُّها أوصاف كمال، وبنعمه
الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية،
الذي تفضَّل فأنزل على عبده ورسوله محمد
صلى الله عليه وسلم القرآن، ولم يجعل فيه
شيئًا من الميل عن الحق.




قَيِّماً لِيُنذِرَ
بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَ
دُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ
الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ
أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (2) مَاكِثِينَ
فِيهِ أَبَداً (3)


جعله الله كتابًا
مستقيمًا، لا اختلاف فيه ولا تناقض؛ لينذر
الكافرين من عذاب شديد من عنده، ويبشر المصدقين
بالله ورسوله الذين ي
عملون الأعمال الصالحات، بأن
لهم ثوابًا جزيلا هو الجنة، يقيمون في هذا
النعيم لا يفارقونه أبدًا.




وَيُنذِرَ الَّذِينَ
قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً (4)


وينذر به المشركين
الذين قالوا: اتخذ الله ولدا.




مَا لَهُمْ بِهِ
مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ
كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ
إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً (5)


ليس عند هؤلاء المشركين
شيء من العلم على ما يَدَّعونه لله من اتخاذ
الولد، كما لم يكن عند أسلافهم الذين قلَّدوهم،
عَظُمت هذه المقالة الشنيعة التي تخرج
من أفواههم، ما يقولون إلا قولا كاذ
بًا.



فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ
نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا
بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (6)


فلعلك -أيها الرسول-
مُهْلِك نفسك غمًّا وحزنًا على أثر تولِّي
قومك وإعراضهم عنك، إن لم يصدِّقوا بهذا
القرآن ويعملوا به.




إِنَّا جَعَلْنَا
مَا عَلَى الأ
َرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ
أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (7)


إنَّا جعلنا ما
على وجه الأرض من المخلوقات جَمالا لها،
ومنفعة لأهلها؛ لنختبرهم: أيُّهم أحسن
عملا بطاعتنا، وأيهم أسوأ عملا بالمعاصي،
ونجزي كلا بما يستحق.




وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ
مَا عَلَيْهَا ص
َعِيداً جُرُزاً (Cool

وإنَّا لجاعلون
ما على الأرض من تلك الزينة عند انقضاء
الدنيا ترابًا، لا نبات فيه.




أَمْ حَسِبْتَ
أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ
كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً (9)


لا تظن -أيها الرسول-
أن قصة أصحاب الكهف واللوح الذي كُتِبت
فيه أس
ماؤهم من آياتنا عجيبة وغريبة؛
فإن خلق السموات والأرض وما فيهما أعجب
من ذلك.




إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ
إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا
مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا
مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً (10)


اذكر -أيها الرسول-
حين لجأ الشبَّان المؤمنون
إلى الكهف؛ خشية من فتنة قومهم
لهم، وإرغامهم على عبادة الأصنام، فقالوا:
ربنا أعطنا مِن عندك رحمة، تثبتنا بها،
وتحفظنا من الشر، ويسِّر لنا الطريق الصواب
الذي يوصلنا إلى العمل الذي تحب، فنكون
راشدين غير ضالين.




فَضَرَبْنَا عَلَى
آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِي
نَ عَدَداً (11)

فألقينا عليهم
النوم العميق، فبقوا في الكهف سنين كثيرة.




ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ
لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى
لِمَا لَبِثُوا أَمَداً (12)


ثم أيقظناهم مِن
نومهم؛ لنُظهر للناس ما علمناه في الأزل؛
فتتميَّز أي الطائفتين المتنازعتين في
مدة
لبثهم أضبط في الإحصاء، وهل
لبثوا يومًا أو بعض يوم، أو مدة طويلة؟




نَحْنُ نَقُصُّ
عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ
فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ
هُدًى (13)


نحن نقصُّ عليك
-أيها الرسول- خبرهم بالصدق. إن أصحاب الكهف
شُبَّان صدَّقوا ربهم
وامتثلوا أمره، وزِدْناهم هدى
وثباتًا على الحق.




وَرَبَطْنَا عَلَى
قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا
رَبُّ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ
دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً
شَطَطاً (14)


وقوَّينا قلوبهم
بالإيمان، وشددنا عزيمتهم به،
حين قاموا بين يدي الملك الكافر،
وهو يلومهم على تَرْكِ عبادة الأصنام فقالوا
له: ربنا الذي نعبده هو رب السموات والأرض،
لن نعبد غيره من الآلهة، لو قلنا غير هذا
لكُنَّا قد قلنا قولا جائرًا بعيدًا عن
الحق.




هَؤُلاءِ قَوْمُنَا
اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَ
وْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ
بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ
مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً
(15)


ثم قال بعضهم لبعض:
هؤلاء قومنا اتخذوا لهم آلهة غير الله،
فهلا أتَوْا على عبادتهم لها بدليل واضح،
فلا أحد أشد ظلمًا ممن اختلق على الله الكذب
بنسبة الشر
يك إليه في عبادته.



وَإِذْ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ
وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا
إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ
مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ
أَمْرِكُمْ مِرفَقاً (16)


وحين فارقتم قومكم
بدينكم، وتركتم ما يعبدون من الآلهة إلا
عباد
ة الله، فالجؤوا إلى الكهف في
الجبل لعبادة ربكم وحده، يَبْسطْ لكم ربكم
من رحمته ما يستركم به في الدارين، ويسهل
لكم من أمركم ما تنتفعون به في حياتكم من
أسباب العيش.




وَتَرَى الشَّمْسَ
إِذَا طَلَعَتْ تَتَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ
ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَب
َتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ
وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ
آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ
الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ
تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً (17)


فلما فعلوا ذلك
ألقى الله عليهم النوم وحَفِظهم. وترى -أيها
المشاهد لهم
- الشمس إذا طلعت من المشرق تميل
عن مكانهم إلى جهة اليمين، وإذا غربت تتركهم
إلى جهة اليسار، وهم في متسع من الكهف،
فلا تؤذيهم حرارة الشمس ولا ينقطع عنهم
الهواء، ذلك الذي فعلناه بهؤلاء الفتية
من دلائل قدرة الله. من يوفقه الله للاهتداء
بآياته فهو الموفَّق إلى
الحق، ومن لم يوفقه لذلك فلن
تجد له معينًا يرشده لإصابة الحق؛ لأن التوفيق
والخِذْلان بيد الله وحده.




وَتَحْسَبُهُمْ
أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ
ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ
وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ
لَوْ اطَّلَعْتَ
عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ
فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً
(18)


وتظن -أيها الناظر-
أهل الكهف أيقاظًا، وهم في الواقع نيام،
ونتعهدهم بالرعاية، فنُقَلِّبهم حال نومهم
مرة للجنب الأيمن ومرة للجنب الأيسر؛ لئلا
تأكلهم الأرض، وكلبهم الذي صاحَبهم مادٌّ
ذراعيه بفناء الكهف، لو عاينتهم
لأدبرت عنهم هاربًا، ولَمُلِئَتْ نفسك
منهم فزعًا.




وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ
لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ
مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا
يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ
أَعْلَمُ بِمَا لَبِث
ْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ
بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ
فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً
فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ
وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً (19)


وكما أنمناهم وحفظناهم
هذه المدة الطويلة أيقظناهم مِن نومهم
على هيئ
تهم دون تغيُّر؛ لكي يسأل بعضهم
بعضًا: كم من الوقت مكثنا نائمين هنا؟ فقال
بعضهم: مكثنا يوما أو بعض يوم، وقال آخرون
التبس عليهم الأمر: فَوِّضوا عِلْم ذلك
لله، فربكم أعلم بالوقت الذي مكثتموه،
فأرسِلوا أحدكم بنقودكم الفضية هذه إلى
مدينتنا فلينظر: أيَّ أهل المد
ينة أحلُّ وأطيب طعامًا؟ فليأتكم
بقوت منه، وليتلطف في شرائه مع البائع حتى
لا ننكشف، ويظهر أمرنا، ولا يُعْلِمَنَّ
بكم أحدًا من الناس.




إِنَّهُمْ إِنْ
يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ
أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ
تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً (20)


إن قومكم إن يطَّلعوا
عليكم يرجموكم بالحجارة، فيقتلوكم، أو
يردوكم إلى دينهم، فتصيروا كفارًا، ولن
تفوزوا بمطلبكم مِن دخول الجنة -إن فع
لتم ذلك- أبدًا.



وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا
عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ
اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ
فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ
أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ
بُنْيَاناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ
قَالَ الَّذِينَ غَلَ
بُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ
عَلَيْهِمْ مَسْجِداً (21)


وكما أنمناهم سنين
كثيرة، وأيقظناهم بعدها، أطْلَعنا عليهم
أهل ذلك الزمان، بعد أن كشف البائع نوع
الدراهم التي جاء بها مبعوثهم؛ ليعلم الناس
أنَّ وَعْدَ الله بالبعث حق، وأن القيامة
آتية لا شك فيها،
إذ يتنازع المطَّلِعون على
أصحاب الكهف في أمر القيامة: فمِن مُثْبِتٍ
لها ومِن مُنْكِر، فجعل الله إطْلاعهم
على أصحاب الكهف حجة للمؤمنين على الكافرين.
وبعد أن انكشف أمرهم، وماتوا قال فريق من
المطَّلِعين عليهم: ابنوا على باب الكهف
بناءً يحجبهم، واتركوهم وشأنه
م، ربهم أعلم بحالهم، وقال أصحاب
الكلمة والنفوذ فيهم: لنتخذنَّ على مكانهم
مسجدًا للعبادة. وقد نهى رسول الله صلى
الله عليه وسلم عن اتخاذ قبور الأنبياء
والصالحين مساجد، ولعن مَن فَعَلَ ذلك
في آخر وصاياه لأمته، كما أنه نهى عن البناء
على القبور مطلقًا، وعن تجصي
صها والكتابة عليها؛ لأن ذلك
من الغلو الذي قد يؤدي إلى عبادة مَن فيها.




سَيَقُولُونَ
ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ
خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً
بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ
كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدّ
َتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ
قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاءً
ظَاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ
أَحَداً (22)


سيقول بعض الخائضين
في شأنهم من أهل الكتاب: هم ثلاثةٌ، رابعهم
كلبهم، ويقول فريق آخر: هم خمسة، سادسهم
كلبهم، وكلام الفريقين قو
ل بالظن من غير دليل، وتقول جماعة
ثالثة: هم سبعة، وثامنهم كلبهم، قل -أيها
الرسول-: ربي هو الأعلم بعددهم، ما يعلم
عددهم إلا قليل من خلقه. فلا تجادل أهل الكتاب
في عددهم إلا جدالا ظاهرًا لا عمق فيه،
بأن تَقُصَّ عليهم ما أخبرك به الوحي فحسب،
ولا تسألهم عن عددهم
وأحوالهم؛ فإنهم لا يعلمون
ذلك.




وَلا تَقُولَنَّ
لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً
(23) إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ
رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ
يَهْدِيَنِي رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا
رَشَداً (24)


ولا تقولنَّ لشيء
تعزم على فعله: إن
ي فاعل ذلك الشيء غدًا إلا أن
تُعَلِّق قولك بالمشيئة، فتقول: إن شاء
الله. واذكر ربك عند النسيان بقول: إن شاء
الله، وكلما نسيت فاذكر الله; فإن ذِكْرَ
الله يُذهِب النسيان، وقل: عسى أن يهديني
ربي لأقرب الطرق الموصلة إلى الهدى والرشاد.




وَلَبِثُوا فِي
كَهْفِهِ
مْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا
تِسْعاً (25)


ومكث الشُّبَّان
نيامًا في كهفهم ثلاثمائة سنة وتسع سنين.




قُلْ اللَّهُ أَعْلَمُ
بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ
مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ
وَلا يُشْرِ
كُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (26)

وإذا سُئلت -أيها
الرسول- عن مدة لبثهم في الكهف، وليس عندك
علم في ذلك وتوقيف من الله، فلا تتقدم فيه
بشيء، بل قل: الله أعلم بمدة لبثهم، له غيب
السموات والأرض، أَبْصِرْ به وأسمع، أي:
تعجب من كمال بصره وسمعه وإحاطته بكل شيء.
ليس لل
خلق أحد غيره يتولى أمورهم،
وليس له شريك في حكمه وقضائه وتشريعه، سبحانه
وتعالى.




وَاتْلُ مَا أُوحِيَ
إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ
لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ
مُلْتَحَداً (27)


واتل -أيها الرسول-
ما أوحاه الله إليك من القرآن، فإنه
الكتاب الذي لا مبدِّل لكلماته
لصدقها وعدلها، ولن تجد من دون ربك ملجأً
تلجأ إليه، ولا معاذًا تعوذ به.




وَاصْبِرْ نَفْسَكَ
مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ
وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا
تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ
الْحَي
َاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ
مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا
وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ
فُرُطاً (28)


واصبر نفسك -أيها
النبي- مع أصحابك مِن فقراء المؤمنين الذين
يعبدون ربهم وحده، ويدعونه في الصباح والمساء،
يريدون بذلك وجهه، واجلس معهم وخالط
هم، ولا تصرف نظرك عنهم إلى غيرهم
من الكفار لإرادة التمتع بزينة الحياة
الدنيا، ولا تُطِعْ من جعلنا قلبه غافلا
عن ذكرنا، وآثَرَ هواه على طاعة مولاه،
وصار أمره في جميع أعماله ضياعًا وهلاكًا.




وَقُلْ الْحَقُّ
مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ
وَمَنْ شَ
اءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا
لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ
سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا
بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ
بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً
(29)


وقل لهؤلاء الغافلين:
ما جئتكم به هو الحق من ربكم، فمن أ
راد منكم أن يصدق ويعمل به، فليفعل
فهو خير له، ومن أراد أن يجحد فليفعل، فما
ظَلَم إلا نفسه. إنا أعتدنا للكافرين نارًا
شديدة أحاط بهم سورها، وإن يستغث هؤلاء
الكفار في النار بطلب الماء مِن شدة العطش،
يُؤتَ لهم بماء كالزيت العَكِر شديد الحرارة
يشوي وجوههم. قَب
ُح هذا الشراب الذي لا يروي ظمأهم
بل يزيده، وقَبُحَتْ النار منزلا لهم ومقامًا.
وفي هذا وعيد وتهديد شديد لمن أعرض عن الحق،
فلم يؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم،
ولم يعمل بمقتضاها.




إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا
لا نُضِيعُ أَجْرَ
مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (30)

إن الذين آمنوا
بالله ورسوله وعملوا الأعمال الصالحات
لهم أعظم المثوبة، إنا لا نضيع أجورهم،
ولا ننقصها على ما أحسنوه من العمل.




أُوْلَئِكَ لَهُمْ
جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ
الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ
أَسَاوِ
رَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ
ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ
مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ
نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً
(31)


أولئك الذين آمنوا
لهم جنات يقيمون فيها دائمًا، تجري من تحت
غرفهم ومنازلهم الأنهار العذبة، يُحَلَّو
ن فيها بأساور الذهب، ويَلْبَسون
ثيابًا ذات لون أخضر نسجت من رقيق الحرير
وغليظه، يتكئون فيها على الأسِرَّة المزدانة
بالستائر الجميلة، نِعْمَ الثواب ثوابهم،
وحَسُنتِ الجنة منزلا ومكانًا لهم.




وَاضْرِبْ لَهُمْ
مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا
جَنَّت
َيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا
بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً
(32)


واضرب -أيها الرسول-
لكفار قومك مثلا رجلين من الأمم السابقة:
أحدهما مؤمن، والآخر كافر، وقد جعلنا للكافر
حديقتين من أعناب، وأحطناهما بنخل كثير،
وأنبتنا وسطهما زروعًا مختلفة ن
افعة.



كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ
آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ
شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً
(33)


وقد أثمرت كل واحدة
من الحديقتين ثمرها، ولم تُنْقِص منه شيئًا،
وشققنا بينهما نهرًا لسقيهما بسهولة ويسر.




وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ
فَقَالَ لِصَاحِ
بِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا
أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً
(34)


وكان لصاحب الحديقتين
ثمر وأموال أخرى، فقال لصاحبه المؤمن،
وهو يحاوره في الحديث، والغرور يملؤه: أنا
أكثر منك مالا وأعز أنصارًا وأعوانًا.




وَدَخَلَ جَنَّتَهُ
وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِ
هِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ
هَذِهِ أَبَداً (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ
قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي
لأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنقَلَباً
(36)


ودخل حديقته، وهو
ظالم لنفسه بالكفر بالبعث، وشكه في قيام
الساعة، فأعجبته ثمارها وقال: ما أعتقد
أن تَهْلِك هذه الحديقة مدى
الحياة، وما أعتقد أن القيامة واقعة، وإن
فُرِضَ وقوعها -كما تزعم أيها المؤمن- ورُجعتُ
إلى ربي لأجدنَّ عنده أفضل من هذه الحديقة
مرجعًا ومردًا؛ لكرامتي ومنزلتي عنده.




قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ
وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي
خَل
َقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ
نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً (37)


قال له صاحبه المؤمن،
وهو يحاوره واعظًا له: كيف تكفر بالله الذي
خلقك مِن تراب، ثم مِن نطفة الأبوين، ثم
سَوَّاك بشرًا معتدل القامة والخَلْق؟
وفي هذه المحاورة دليل على أن القادر على
ابتداء الخ
لق، قادر على إعادتهم.



لَكِنَّا هُوَ
اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي
أَحَداً (38)


لكن أنا لا أقول
بمقالتك الدالة على كفرك، وإنما أقول: المنعم
المتفضل هو الله ربي وحده، ولا أشرك في
عبادتي له أحدًا غيره.




وَلَوْلا إِذْ
دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَ
اءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ
بِاللَّهِ إِنْ تُرَنِي أَنَا أَقَلَّ
مِنْكَ مَالاً وَوَلَداً (39) فَعَسَى رَبِّي
أَنْ يُؤْتِيَنِي خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ
وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِنْ
السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً
(40) أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غ
َوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ
لَهُ طَلَباً (41)


وهلا حين دخَلْتَ
حديقتك فأعجبتك حَمِدت الله، وقلت: هذا
ما شاء الله لي، لا قوة لي على تحصيله إلا
بالله. إن كنت تراني أقل منك مالا وأولادًا،
فعسى ربي أن يعطيني أفضل من حديقتك، ويسلبك
النعمة بكفرك، ويرسل على حديقتك
عذابا من السماء، فتصبح أرضًا
ملساء جرداء لا تثبت عليها قدم، ولا ينبت
فيها نبات، أو يصير ماؤها الذي تُسقى منه
غائرًا في الأرض، فلا تقدر على إخراجه.




وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ
فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى
مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى
عُرُوشِ
هَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي
لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً (42)


وتحَقَّقَ ما قاله
المؤمن، ووقع الدمار بالحديقة، فهلك كل
ما فيها، فصار الكافر يُقَلِّب كفيه حسرةً
وندامة على ما أنفق فيها، وهي خاوية قد
سقط بعضها على بعض، ويقول: يا ليتني عرفت
نِعَمَ الله وقدرت
ه فلم أشرك به أحدًا. وهذا ندم
منه حين لا ينفعه الندم.




وَلَمْ تَكُنْ
لَهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ
وَمَا كَانَ مُنتَصِراً (43)


ولم تكن له جماعة
ممن افتخر بهم يمنعونه مِن عقاب الله النازل
به، وما كان ممتنعًا بنفسه وقوته.




هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ
ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً (44)


في مثل هذه الشدائد
تكون الولاية والنصرة لله الحق، هو خير
جزاءً، وخير عاقبة لمن تولاهم من عباده
المؤمنين.




وَاضْرِبْ لَهُمْ
مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ
أَنزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاءِ فَا
خْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ
فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ
وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً
(45)


واضرب أيها الرسول
للناس -وبخاصة ذوو الكِبْر منهم - صفة الدنيا
التي اغترُّوا بها في بهجتها وسرعة زوالها،
فهي كماء أنزله الله من السما
ء فخرج به النبات بإذنه، وصار
مُخْضرًّا، وما هي إلا مدة يسيرة حتى صار
هذا النبات يابسًا متكسرًا تنسفه الرياح
إلى كل جهة. وكان الله على كل شيء مقتدرًا،
أي: ذا قدرة عظيمة على كل شيء.




الْمَالُ وَالْبَنُونَ
زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ
الصَّا
لِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ
ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً (46)


الأموال والأولاد
جَمال وقوة في هذه الدنيا الفانية، والأعمال
الصالحة -وبخاصة التسبيحُ والتحميد والتكبير
والتهليل- أفضل أجرًا عند ربك من المال
والبنين، وهذه الأعمال الصالحة أفضل ما
يرجو الإنسان من
الثواب عند ربه، فينال بها في
الآخرة ما كان يأمُله في الدنيا.




وَيَوْمَ نُسَيِّرُ
الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً
وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ
أَحَداً (47)


واذكر لهم يوم نُزيل
الجبال عن أماكنها، وتبصر الأرض ظاهرة،
ليس عليها ما يسترها مما
كان عليها من المخلوقات، وجمعنا
الأولين والآخِرين لموقف الحساب، فلم نترك
منهم أحدًا.




وَعُرِضُوا عَلَى
رَبِّكَ صَفّاً لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا
خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ
أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً (48)


وعُرِضوا جميعًا
على ربك مص
طَفِّين لا يُحجب منهم أحد،
لقد بعثناكم، وجئتم إلينا فرادى لا مال
معكم ولا ولد، كما خلقناكم أول مرة، بل
ظننتم أن لن نجعل لكم موعدًا نبعثكم فيه،
ونجازيكم على أعمالكم.




وَوُضِعَ الْكِتَابُ
فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا
فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْ
لَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ
لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً
إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا
حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً
(49)


ووُضِع كتاب أعمال
كل واحد في يمينه أو في شماله، فتبصر العصاة
خائفين مما فيه بسبب ما قدموه من جرائمهم،
ويقولون حين يعاينونه: يا هلاكنا!
ما لهذا الكتاب لم يترك صغيرة مِن أفعالنا
ولا كبيرة إلا أثبتها؟! ووجدوا كل ما عملوه
في الدنيا حاضرًا مثبتًا. ولا يظلم ربك
أحدًا مثقال ذرة، فلا يُنقَص طائع من ثوابه،
ولا يُزاد عاص في عقابه.




وَإِذْ قُلْنَا
لِلْمَلائِكَةِ اس
ْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا
إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ
فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ
وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي
وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ
بَدَلاً (50)


واذكر حين أمرنا
الملائكة بالسجود لآدم، تحية له لا
عبادة، وأمرنا إبليس بما أُمِروا
به، فسجد الملائكة جميعًا، لكن إبليس الذي
كان من الجن خرج عن طاعة ربه، ولم يسجد كِبرًا
وحسدًا. أفتجعلونه -أيها الناس- وذريته
أعوانًا لكم تطيعونهم وتتركون طاعتي، وهم
ألد أعدائكم؟ قَبُحَتْ طاعة الظالمين للشيطان
بدلا عن طاعة ال
رحمن.



مَا أَشْهَدْتُهُمْ
خَلْقَ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ
وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ
عَضُداً (51)


ما أحضرتُ إبليس
وذريته -الذين أطعتموهم- خَلْقَ السموات
والأرض، فأستعين بهم على خلقهما، ولا أشهدتُ
بعضهم على خَلْق بعض، بل تفر
دتُ بخلق جميع ذلك، بغير معين
ولا ظهير، وما كنت متخذ المضلِّين من الشياطين
وغيرهم أعوانًا. فكيف تصرفون إليهم حقي،
وتتخذونهم أولياء من دوني، وأنا خالق كل
شيء؟




وَيَوْمَ يَقُولُ
نَادُوا شُرَكَائِي الَّذِينَ زَعَمْتُمْ
فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ
وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً
(52)


واذكر لهم إذ يقول
الله للمشركين يوم القيامة: نادوا شركائي
الذين كنتم تزعمون أنهم شركاء لي في العبادة؛
لينصروكم اليوم مني، فاستغاثوا بهم فلم
يغيثوهم، وجعلنا بين العابدين والمعبودين
مهلكًا في جهنم يهلكون فيه جميعًا.




وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ
فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ
يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً (53)


وشاهد المجرمون
النار، فأيقنوا أنهم واقعون فيها لا محالة،
ولم يجدوا عنها معدلا للانصراف عنها إلى
غيرها.




وَلَقَدْ صَرَّفْنَا
فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّ
اسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ
الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً (54)


ولقد وضَّحنا ونوَّعنا
في هذا القرآن للناس أنواعًا كثيرة من الأمثال؛
ليتعظوا بها ويؤمنوا. وكان الإنسان أكثر
المخلوقات خصومة وجدلا.




وَمَا مَنَعَ النَّاسَ
أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمْ ا
لْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ
إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ
أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ قُبُلاً
(55)


وما منع الناس من
الإيمان -حين جاءهم الرسول محمد صلى الله
عليه وسلم ومعه القرآن- ، واستغفار ربهم
طالبين عفوه عنهم، إلا تحدِّيهم للرسول
، وطلبهم أن تصيبهم سنة الله
في إهلاك السابقين عليهم، أو يصيبهم عذاب
الله عِيانًا.




وَمَا نُرْسِلُ
الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ
وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ
لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا
آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا
هُزُواً (56)

وما نبعث الرسل
إلى الناس إلا ليكونوا مبشرين بالجنة لأهل
الإيمان والعمل الصالح، ومخوِّفين بالنار
لأهل الكفر والعصيان، ومع وضوح الحق يخاصم
الذين كفروا رسلهم بالباطل تعنتًا; ليزيلوا
بباطلهم الحق الذي جاءهم به الرسول، واتخذوا
كتابي وحججي وما خُوّف
وا به من العذاب سخرية واستهزاء.



وَمَنْ أَظْلَمُ
مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ
عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ
إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً
أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً
وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَل
َنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً
(57)


ولا أحد أشد ظلمًا
ممن وُعِظ بآيات ربه الواضحة، فانصرف عنها
إلى باطله، ونسي ما قدَّمته يداه من الأفعال
القبيحة فلم يرجع عنها، إنَّا جعلنا على
قلوبهم أغطية، فلم يفهموا القرآن، ولم
يدركوا ما فيه من الخير، وجعلنا في آذانهم
ما
يشبه الصمم، فلم يسمعوه ولم
ينتفعوا به، وإن تَدْعُهم إلى الإيمان
فلن يستجيبوا لك، ولن يهتدوا إليه أبدًا.




وَرَبُّكَ الْغَفُورُ
ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا
كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمْ الْعَذَابَ
بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ
دُونِهِ مَو
ْئِلاً (58)

وربك الغفور لذنوب
عباده إذا تابوا، ذو الرحمة بهم، لو يعاقب
هؤلاء المعرضين عن آياته بما كسبوا من الذنوب
والآثام لعجَّل لهم العذاب، ولكنه تعالى
حليم لا يعجل بالعقوبة، بل لهم موعد يجازون
فيه بأعمالهم، لا مندوحة لهم عنه ولا محيد.




وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا
وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً
(59)


وتلك القرى القريبة
منكم -كقرى قوم هود وصالح ولوط وشعيب- أهلكناها
حين ظلم أهلها بالكفر، وجعلنا لهلاكهم
ميقاتًا وأجلا حين بلغوه جاءهم العذاب
فأهلكهم الله به.




وَإِذْ قَالَ مُوسَى
لِ
فَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى
أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ
أَمْضِيَ حُقُباً (60)


واذكر حين قال موسى
لخادمه يوشع بن نون: لا أزال أتابع السير
حتى أصل إلى ملتقى البحرين، أو أسير زمنًا
طويلا حتى أصل إلى العبد الصالح؛ لأتعلم
منه ما ليس عندي من العلم.




فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا
نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ
فِي الْبَحْرِ سَرَباً (61)


وجَدَّا في السَّيْر،
فلما وصلا ملتقى البحرين جلسا عند صخرة،
ونسيا حوتهما الذي أُمر موسى بأخذه معه
قوتًا لهما، وحمله يوشع في مِكْتَل، فإذا
الحوت يصبح حيًّا
وينحدر في البحر، ويتخذ له فيه
طريقًا مفتوحًا.




فَلَمَّا جَاوَزَا
قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ
لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً
(62)


فلما فارقا المكان
الذي نسيا فيه الحوت وشعر موسى بالجوع،
قال لخادمه: أحضر إلينا غداءنا، لقد لقينا
من سفرنا
هذا تعبًا.



قَالَ أَرَأَيْتَ
إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي
نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِي إِلاَّ
الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ
سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً (63)


قال له خادمه: أتذكر
حين لجأنا إلى الصخرة التي استرحنا عندها؟
فإن
ي نسيت أن أخبرك ما كان من الحوت،
وما أنساني أن أذكر ذلك لك إلا الشيطان،
فإن الحوت الميت دبَّتْ فيه الحياة، وقفز
في البحر، واتخذ له فيه طريقًا، وكان أمره
مما يُعْجَبُ منه.




قَالَ ذَلِكَ مَا
كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا
قَصَصاً (64)


قال موسى: ما حصل هو ما كنا نطلبه، فإنه
علامة لي على مكان العبد الصالح، فرجعا
يقصان آثار مشيهما حتى انتهيا إلى الصخرة.




فَوَجَدَا عَبْداً
مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً
مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا
عِلْماً (65)


فوجدا هناك عبدًا
صالحًا من عبادنا ه
و الخَضِر عليه السلام -وهو نبي
من أنبياء الله توفاه الله- ، آتيناه رحمة
من عندنا، وعَلَّمْناه مِن لدنَّا علمًا
عظيمًا.




قَالَ لَهُ مُوسَى
هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي
مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (66)


فسلَّم عليه موسى،
وقال له: أتأذن لي أن أتبعك؛
لتعلمني من العلم الذي علمك
الله إياه ما أسترشد به وأنتفع؟




قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ
مَعِي صَبْراً (67)


قال له الخَضِر:
إنك -يا موسى- لن تطيق أن تصبر على اتباعي
وملازمتي.




وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا
لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (68)


وكيف لك الصبر على
م
ا سأفعله من أمور تخفى عليك مما
علمنيه الله تعالى؟




قَالَ سَتَجِدُنِي
إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي
لَكَ أَمْراً
(69)

قال له موسى: ستجدني
إن شاء الله صابرًا على ما أراه منك، ولا
أخالف لك أمرًا تأمرني به.




قَالَ فَإِنْ اتَّبَعْتَنِي
فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ
لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (70)


فوافق الخَضِر
وقال له: فإنْ صاحَبتني فلا تسألني عن شيء
تنكره، حتى
أبيِّن لك من أمره ما خفي عليك
دون سؤال منك.




فَانطَلَقَا حَتَّى
إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا
قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا
لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً (71)


فانطلقا يمشيان
على الساحل، فمرت بهما سفينة، فطلبا من
أهلها أن يركبا معهم،
فلما ركبا قَلَعَ الخَضِر لوحًا
من السفينة فخرقها، فقال له موسى: أَخَرَقْتَ
السفينة؛ لتُغرِق أهلَها، وقد حملونا بغير
أجر؟ لقد فعلت أمرًا منكرًا.




قَالَ أَلَمْ أَقُلْ
إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً
(72)


قال له الخَضِر:
لقد قلت لك من أول الأمر: إنك ل
ن تستطيع الصبر على صحبتي.



قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي
بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي
عُسْراً (73)


قال موسى معتذرًا:
لا تؤاخذني بنسياني شرطك عليَّ، ولا تكلفني
مشقةً في تعلُّمي منك، وعاملني بيسر ورفق.




فَانطَلَقَا حَتَّى
إِذَا لَقِيَا غُلاماً فَقَت
َلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً
زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ
شَيْئاً نُكْراً (74)


فقبل الخَضِر عذره،
ثم خرجا من السفينة، فبينما هما يمشيان
على الساحل إذ أبصرا غلامًا يلعب مع الغلمان،
فقتله الخَضِر، فأنكر موسى عليه وقال: كيف
قتلت نفسًا طاهرة لم تب
لغ حدَّ التكليف، ولم تقتل نفسًا،
حتى تستحق القتل بها؟ لقد فَعَلْتَ أمرًا
منكرًا عظيمًا.






الجزء السادس عشر
:




قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ
لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً (75)


قال الخَضِر لموسى
معاتبًا ومذكرًا: ألم أقل لك إنك لن تستطيع
معي صبرًا على ما
ترى من أفعالي مما لم تحط به
خُبْرًا؟



قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ
شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ
بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (76)


قال موسى له: إن
سألتك عن شيء بعد هذه المرة فاتركني ولا
تصاحبني، قد بلغتَ العذر في شأني ولم تقصر؛
حيث أخبرتَني أني
لن أستطيع معك صبرًا.



فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا
أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا
فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا
فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ
فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ
عَلَيْهِ أَجْراً (77)


فذهب موسى والخَضِر حتى أتيا أهل قرية، فطلبا منهم
طعامًا على سبيل الضيافة، فامتنع أهل القرية
عن ضيافتهما، فوجدا فيها حائطًا مائلا
يوشك أن يسقط، فعدَّل الخَضِر مَيْلَه
حتى صار مستويًا، قال له موسى: لو شئت لأخذت
على هذا العمل أجرًا تصرفه في تحصيل طعامنا
حيث لم يضيفونا.



قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ
سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ
عَلَيْهِ صَبْراً (78)


قال الخَضِر لموسى:
هذا وقت الفراق بيني وبينك، سأخبرك بما
أنكرت عليَّ من أفعالي التي فعلتها، والتي
لم تستطع صبرًا على ترك السؤال عنها والإنكار
عليَّ فيها.



أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ
لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ
فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ
مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً
(79)


أما السفينة التي
خرقتها فإنها كانت لأناس مساكين يعملون
في البحر عليها سعيًا وراء الرزق، فأردت
أن أعيبها بذلك الخرق؛ لأن أمامهم
ملكًا يأخذ كل سفينة صالحة غصبًا من أصحابها.



وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ
أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ
يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً (80)


وأما الغلام الذي
قتلته فكان في علم الله كافرًا، وكان أبوه
وأمه مؤمِنَي
ْن، فخشينا لو بقي الغلام حيًا
لَحمل والديه على الكفر والطغيان؛ لأجل
محبتهما إياه أو للحاجة إليه.



فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا
رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ
رُحْماً (81)


فأردنا أن يُبْدِل
الله أبويه بمن هو خير منه صلاحًا ودينًا
وبرًا بهما
.



وَأَمَّا الْجِدَارُ
فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي
الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ
لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً
فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا
وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً
مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِ
ي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ
تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (82)


وأما الحائط الذي
عدَّلتُ مَيْلَه حتى استوى فإنه كان لغلامين
يتيمين في القرية التي فيها الجدار، وكان
تحته كنز لهما من الذهب والفضة، وكان أبوهما
رجلا صالحًا، فأراد ربك أن يكبَرا ويبلغا
قوتهما، ويست
خرجا كنزهما رحمة من ربك بهما،
وما فعلتُ يا موسى جميع الذي رأيتَني فعلتُه
عن أمري ومن تلقاء نفسي، وإنما فعلته عن
أمر الله، ذلك الذي بَيَّنْتُ لك أسبابه
هو عاقبة الأمور التي لم تستطع صبرًا على
ترك السؤال عنها والإنكار عليَّ فيها.



وَيَسْأَلُونَكَ
عَنْ ذِي ا
لْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو
عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (83)


ويسألك -أيها الرسول-
هؤلاء المشركون من قومك عن خبر ذي القرنين
الملك الصالح، قل لهم: سأقصُّ عليكم منه
ذِكْرًا تتذكرونه، وتعتبرون به.



إِنَّا مَكَّنَّا
لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ
شَيْ
ءٍ سَبَباً (84)

إنا مكَّنَّا له
في الأرض، وآتيناه من كل شيء أسبابًا وطرقًا،
يتوصل بها إلى ما يريد مِن فَتْح المدائن
وقهر الأعداء وغير ذلك.



فَأَتْبَعَ سَبَباً
(85)


فأخذ بتلك الأسباب
والطرق بجد واجتهاد.



حَتَّى إِذَا بَلَغَ
مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَ
غْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ
وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا
ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ
وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً
(86)


حتى إذا وصل ذو
القرنين إلى مغرب الشمس وجدها في مرأى العين
كأنها تغرب في عين حارة ذات طين أسود، ووجد
عند م
غربها قومًا. قلنا: يا ذا القرنين
إما أن تعذبهم بالقتل أو غيره، إن لم يقروا
بتوحيد الله، وإما أن تحسن إليهم، فتعلمهم
الهدى وتبصرهم الرشاد.



قَالَ أَمَّا مَنْ
ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ
إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً
نُكْراً (87)


قال ذو القرنين: أمَّا مَن ظلم نفسه
منهم فكفر بربه، فسوف نعذبه في الدنيا،
ثم يرجع إلى ربه، فيعذبه عذابًا عظيمًا
في نار جهنم.



وَأَمَّا مَنْ
آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاءً
الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حسن المرجاوى
المدير العام
المدير العام
حسن المرجاوى


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4067
تاريخ الميلاد : 03/06/1963
تاريخ التسجيل : 06/11/2010
العمر : 60
المزاج مصر العربيه

التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج** Empty
مُساهمةموضوع: رد: التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج**   التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج** I_icon_minitimeالإثنين مارس 04, 2013 1:03 pm

اقتباس :

قَالَ أَمَّا مَنْ
ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ
إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً
نُكْراً (87)


قال ذو القرنين: أمَّا مَن ظلم نفسه
منهم فكفر بربه، فسوف نعذبه في الدنيا،
ثم يرجع إلى ربه، فيعذبه عذابًا عظيمًا
في نار جهنم.



وَأَمَّا مَنْ
آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاءً
الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا
يُسْراً (88)


وأما مَن آمن منهم
بربه فصدّ
َق به ووحَّده وعمل بطاعته فله
الجنة ثوابًا من الله، وسنحسن إليه، ونلين
له في القول ونيسِّر له المعاملة.




ثُمَّ أَتْبَعَ
سَبَباً (89)


ثم رجع ذو القرنين
إلى المشرق متبعًا الأسباب التي أعطاه
الله إياها.




حَتَّى إِذَا بَلَغَ
مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْ
لُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ
لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْراً (90)


حتى إذا وصل إلى
مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم ليس لهم
بناء يسترهم، ولا شجر يظلهم من الشمس.




كَذَلِكَ وَقَدْ
أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً (91)


كذلك وقد أحاط عِلْمُنا
بما عنده من الخير وا
لأسباب العظيمة، حيثما توجَّه
وسار.




ثُمَّ أَتْبَعَ
سَبَباً (92)


ثم سار ذو القرنين
آخذًا بالطرق والأسباب التي منحناها إياه.




حَتَّى إِذَا بَلَغَ
بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا
قَوْماً لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً
(93)


حتى إذا وصل إلى
ما ب
ين الجبلين الحاجزين لما وراءهما،
وجد من دونهما قومًا، لا يكادون يعرفون
كلام غيرهم.




قَالُوا يَا ذَا
الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ
مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ
لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا
وَبَيْنَهُمْ سَدّاً (94)


قالوا يا ذا القرنين: إنَّ يأجوج
ومأجوج -وهما أمَّتان عظيمتان من بني آدم-
مفسدون في الأرض بإهلاك الحرث والنسل،
فهل نجعل لك أجرًا، ونجمع لك مالا على أن
تجعل بيننا وبينهم حاجزًا يحول بيننا وبينهم؟




قَالَ مَا مَكَّنَنِي
فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ
أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ
رَدْماً (95)


قال ذو القرنين:
ما أعطانيه ربي من الملك والتمكين خير لي
مِن مالكم، فأعينوني بقوة منكم أجعل بينكم
وبينهم سدًا.




آتُونِي زُبَرَ
الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ
الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى
إِذَا جَ
عَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي
أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً (96)


أعطوني قطع الحديد،
حتى إذا جاؤوا به ووضعوه وحاذوا به جانبي
الجبلين، قال للعمال: أجِّجوا النار، حتى
إذا صار الحديد كله نارًا، قال: أعطوني
نحاسًا أُفرغه عليه.




فَمَا اسْتَطَاعُوا
أَنْ يَظْهَرُوهُ وَ
مَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً
(97)


فما استطاعت يأجوج
ومأجوج أن تصعد فوق السد؛ لارتفاعه وملاسته،
وما استطاعوا أن ينقبوه من أسفله لبعد عرضه
وقوته.




قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ
مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي
جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي
حَقّاً (
98)

قال ذو القرنين:
هذا الذي بنيته حاجزًا عن فساد يأجوج ومأجوج
رحمة من ربي بالناس، فإذا جاء وعد ربي بخروج
يأجوج ومأجوج جعله دكاء منهدمًا مستويًا
بالأرض، وكان وعد ربي حقًّا.




وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ
يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ
فِي الصُّورِ فَجَمَ
عْنَاهُمْ جَمْعاً (99)

وتركنا يأجوج ومأجوج
-يوم يأتيهم وَعْدُنا- يموج بعضهم في بعض
مختلطين؛ لكثرتهم، ونفخ في "القرن"
للبعث، فجمعنا الخلق جميعًا للحساب والجزاء.




وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ
يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضاً (100)


وعرضنا جهنم للكافرين،
وأبرزناها
لهم لنريهم سوء عاقبتهم.



الَّذِينَ كَانَتْ
أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي
وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً
(101)


الذين كانت أعينهم
في الدنيا في غطاء عن ذكري فلا تبصر آياتي،
وكانوا لا يطيقون سماع حججي الموصلة إلى
الإيمان بي وبرسولي.




أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا
عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا
أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ
نُزُلاً (102)


أفظن الذين كفروا
بي أن يتخذوا عبادي آلهة من غيري؛ ليكونوا
أولياء لهم؟ إنا أعتدنا نار جهنم للكافرين
منزلا.




قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ
بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103)


قل -أيها الرسول-
للناس محذرًا: هل نُخبركم بأخسر الناس أعمالا؟




الَّذِينَ ضَلَّ
سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ
صُنْعاً (104)


إنهم الذين ضلَّ
عملهم في
الحياة الدنيا -وهم مشركو قومك
وغيرهم ممن ضلَّ سواء السبيل، فلم يكن على
هدى ولا صواب- وهم يظنون أنهم محسنون في
أعمالهم.




أُولَئِكَ الَّذِينَ
كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ
فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ
لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً (1
05)

أولئك الأخسرون
أعمالا هم الذين جحدوا بآيات ربهم وكذَّبوا
بها، وأنكروا لقاءه يوم القيامة، فبطلت
أعمالهم؛ بسبب كفرهم، فلا نقيم لهم يوم
القيامة قدرًا.




ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ
جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا
آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً (106)


ذلك المذكور مِن حبوط أعمالهم جزاؤهم نار
جهنم؛ بسبب كفرهم بالله واتخاذهم آياته
وحجج رسله استهزاءً وسخرية.




إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ
لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً
(107)


إن الذين آمنوا
بي، وصدَّقوا رسلي، وعملوا الصالحات، لهم
أعلى ا
لجنة وأفضلها منزلا.



خَالِدِينَ فِيهَا
لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً (108)


خالدين فيها أبدًا،
لا يريدون عنها تحوُّلا؛ لرغبتهم فيها
وحبهم لها.




قُلْ لَوْ كَانَ
الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي
لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ
كَلِمَاتُ رَبِّي وَ
لَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً
(109)


قل -أيها الرسول-:
لو كان ماء البحر حبرًا للأقلام التي يكتب
بها كلام الله، لنفِد ماء البحر قبل أن
تنفد كلمات الله، ولو جئنا بمثل البحر بحارًا
أخرى مددًا له. وفي الآية إثبات صفة الكلام
لله -تعالى- حقيقة كما يليق بجلاله و
كماله.



قُلْ إِنَّمَا
أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ
أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ
كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ
عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ
رَبِّهِ أَحَداً (110)


قل -أيها الرسول-
لهؤلاء المشركين: إنما أنا
بشر مثلكم يوحى إليَّ من ربي
أنما إلهكم إله واحد، فمَن كان يخاف عذاب
ربه ويرجو ثوابه يوم لقائه، فليعمل عملا
صالحًا لربه موافقًا لشرعه، ولا يشرك في
العبادة معه أحدًا غيره.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حسن المرجاوى
المدير العام
المدير العام
حسن المرجاوى


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4067
تاريخ الميلاد : 03/06/1963
تاريخ التسجيل : 06/11/2010
العمر : 60
المزاج مصر العربيه

التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج** Empty
مُساهمةموضوع: رد: التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج**   التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج** I_icon_minitimeالإثنين مارس 04, 2013 1:05 pm

اقتباس :


كهيعص (1)

(كهيعص) سبق الكلام
على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة.




ذِكْرُ رَحْمَةِ
رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)


هذا ذِكْر رحمة
ربك عبده زكريا, سنقصه عليك, فإن في ذلك
عبرة للمعتبرين.




إِذْ نَادَى رَبَّهُ
نِدَاءً خَفِيّاً (3)


إذ دعا ربه سرًا;
ليكون أكمل وأتم إخلاصًا لله, وأرجى للإجابة.




قَالَ رَبِّ إِنِّي
وَهَنَ الْ
عَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ
الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ
رَبِّ شَقِيّاً (4)


قال: رب إني كَبِرْتُ,
وضعف عظمي, وانتشر الشيب في رأسي, ولم أكن
من قبل محرومًا من إجابة الدعاء.




وَإِنِّي خِفْتُ
الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ
امْرَأَتِي عَاقِر
اً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ
وَلِيّاً (5)


وإني خفت أقاربي
وعصبتي مِن بعد موتي أن لا يقوموا بدينك
حق القيام, ولا يدعوا عبادك إليك, وكانت
زوجتي عاقرًا لا تلد, فارزقني مِن عندك
ولدًا وارثًا ومعينًا.




يَرِثُنِي وَيَرِثُ
مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ
رَض
ِيّاً (6)

يرث نبوَّتي ونبوة
آل يعقوب, واجعل هذا الولد مرضيًا منك ومن
عبادك.




يَا زَكَرِيَّا
إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ
يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ
سَمِيّاً (7)


يا زكريا إنَّا
نبشرك بإجابة دعائك, قد وهبنا لك غلامًا
اسمه يحيى, لم نُسَمِّ
أحدًا قبله بهذا الاسم.



قَالَ رَبِّ أَنَّى
يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتْ امْرَأَتِي
عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنْ الْكِبَرِ
عِتِيّاً (Cool


قال زكريا متعجبًا:
ربِّ كيف يكون لي غلام, وكانت امرأتي عاقرًا
لا تلد, وأنا قد بلغت النهاية في الكبر ورقة
العظم؟




قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ
عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ
قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً (9)


قال المَلَك مجيبًا
زكريا عمَّا تعجَّب منه: هكذا الأمر كما
تقول مِن كون امرأتك عاقرًا, وبلوغك من
الكبر عتيًا, ولكنَّ ربك قال: خَلْقُ يحيى
على هذه الكيفية أمر
سهل هيِّن عليَّ, ثم ذكر الله
سبحانه لزكريا ما هو أعجب مما سأل عنه فقال:
وقد خلقتك أنت من قبل يحيى, ولم تكُ شيئًا
مذكورًا ولا موجودًا.




قَالَ رَبِّ اجْعَل
لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ
النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً (10)


قال زكريا زيادة
في اط
مئنانه: ربِّ اجعل لي علامة على
تحقُّق ما بَشَّرَتْني به الملائكة, قال:
علامتك أن لا تقدر على كلام الناس مدة ثلاث
ليال وأيامها, وأنت صحيح معافى.




فَخَرَجَ عَلَى
قَوْمِهِ مِنْ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى
إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً
(11)


فخرج زكريا على قومه مِن مصلاه, وهو
المكان الذي بُشِّر فيه بالولد, فأشار إليهم:
أن سَبِّحوا الله صباحًا ومساءً شكرًا
له تعالى.




يَا يَحْيَى خُذْ
الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ
صَبِيّاً (12)


فلما ولد يحيى،
وبلغ مبلغًا يفهم فيه الخطاب، أمره اللَّه
أن ي
أخذ التوراة بجدٍّ واجتهاد بقوله:
يا يحيى خذ التوراة بجد واجتهاد بحفظ ألفاظها,
وفهم معانيها, والعمل بها, وأعطيناه الحكمة
وحسن الفهم, وهو صغير السن.




وَحَنَانَاً مِنْ
لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً
(13)


وآتيناه رحمة ومحبة
من عندنا وطهارة من الذنوب, وكا
ن خائفًا مطيعًا لله تعالى, مؤديًا
فرائضه, مجتنبًا محارمه.




وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ
وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً (14)


وكان بارًّا بوالديه
مطيعًا لهما, ولم يكن متكبرًا عن طاعة ربه,
ولا عن طاعة والديه, ولا عاصيًا لربه, ولا
لوالديه.




وَسَلامٌ عَلَيْهِ
يَو
ْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ
وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً (15)


وسلام من الله على
يحيى وأمان له يوم وُلِد, ويوم يموت, ويوم
يُبعث مِن قبره حيًا.




وَاذْكُرْ فِي
الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انتَبَذَتْ
مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً (16)


واذكر - أيها الرسول
- في ه
ذا القرآن خبر مريم إذ تباعدت
عن أهلها, فاتخذت لها مكانًا مما يلي الشرق
عنهم.




فَاتَّخَذَتْ
مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا
إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا
بَشَراً سَوِيّاً (17)


فجعلت مِن دون أهلها
سترًا يسترها عنهم وعن الناس, فأرسلنا إليها
المل
َك جبريل, فتمثَّل لها في صورة
إنسان تام الخَلْق.




قَالَتْ إِنِّي
أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ
تَقِيّاً (18)


قالت مريم له: إني
أستجير بالرحمن منك أن تنالني بسوء إن كنت
ممن يتقي الله.




قَالَ إِنَّمَا
أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً
زَ
كِيّاً (19)

قال لها المَلَك:
إنما أنا رسول ربك بعثني إليك؛ لأهب لك
غلامًا طاهرًا من الذنوب.




قَالَتْ أَنَّى
يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي
بَشَرٌ وَلَمْ أَكُنْ بَغِيّاً (20)


قالت مريم للمَلَك:
كيف يكون لي غلام, ولم يمسسني بشر بنكاحٍ
حلال, ولم أكُ ز
انية؟



قَالَ كَذَلِكِ
قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ
آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ
أَمْراً مَقْضِيّاً (21)


قال لها المَلَك:
هكذا الأمر كما تصفين من أنه لم يمسسك بشر,
ولم تكوني بَغِيًّا, ولكن ربك قال: الأمر
عليَّ سهل; وليكون
هذا الغلام علامة للناس تدل
على قدرة الله تعالى, ورحمة منَّا به وبوالدته
وبالناس, وكان وجود عيسى على هذه الحالة
قضاء سابقًا مقدَّرًا, مسطورًا في اللوح
المحفوظ, فلا بد مِن نفوذه.




فَحَمَلَتْهُ
فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً
(22)


فحملت مريم بالغلام
بعد
أن نفخ جبريل في جَيْب قميصها,
فوصلت النفخة إلى رَحِمِها, فوقع الحمل
بسبب ذلك, فتباعدت به إلى مكان بعيد عن الناس.




فَأَجَاءَهَا
الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ
قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا
وَكُنتُ نَسْياً مَنْسِيّاً (23)


فألجأها طَلْقُ
الحم
ل إلى جذع النخلة فقالت: يا ليتني
متُّ قبل هذا اليوم, وكنت شيئًا لا يُعْرَف,
ولا يُذْكَر, ولا يُدْرَى مَن أنا؟




فَنَادَاهَا مِنْ
تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ
رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً (24)


فناداها جبريل
أو عيسى: أن لا تَحزني, قد جعل ربك تحتك جَدْ
ول ماء.



وَهُزِّي إِلَيْكِ
بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ
رُطَباً جَنِيّاً (25)


وحَرِّكي جذع النخلة
تُسَاقِطْ عليك رطبًا غَضًّا جُنِيَ مِن
ساعته.




فَكُلِي وَاشْرَبِي
وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيْنَ مِنْ
الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَر
ْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ
أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً (26)


فكلي من الرطب,
واشربي من الماء وطيـبي نفسًا بالمولود,
فإن رأيت من الناس أحدًا فسألك عن أمرك
فقولي له: إني أَوْجَبْتُ على نفسي لله
سكوتًا, فلن أكلم اليوم أحدًا من الناس.
والسكوت كان تعبدًا ف
ي شرعهم, دون شريعة محمد صلى
الله عليه وسلم.




فَأَتَتْ بِهِ
قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ
لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً (27)


فأتت مريم قومها
تحمل مولودها من المكان البعيد, فلما رأوها
كذلك قالوا لها: يا مريم لقد جئت أمرًا عظيمًا
مفترى.




يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ
امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ
بَغِيّاً (28)


يا أخت الرجل الصالح
هارون ما كان أبوك رجل سوء يأتي الفواحش,
وما كانت أمك امرأة سوء تأتي البِغاء.




فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ
قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي
الْمَهْدِ صَب
ِيّاً (29)

فأشارت مريم إلى
مولودها عيسى ليسألوه ويكلموه, فقالوا
منكرين عليها: كيف نكلم مَن لا يزال في مهده
طفلا رضيعًا؟




قَالَ إِنِّي عَبْدُ
اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي
نَبِيّاً (30)


قال عيسى وهو في
مهده يرضع: إني عبد الله, قضى بإعطائي الكتاب,
وهو الإنجيل, وجعلني نبيًا.



وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً
أَيْنَ مَا كُنتُ
وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ
مَا دُمْتُ حَيّاً (31)


وجعلني عظيم الخير
والنفع حيثما وُجِدْتُ, وأوصاني بالمحافظة
على الصلاة وإيتاء الزكاة ما بقيت حيًا.




وَبَرّاً بِوَالِدَتِي
وَل
َمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً
شَقِيّاً (32)


وجعلني بارًّا
بوالدتي, ولم يجعلني متكبرًا ولا شقيًا,
عاصيًا لربي.




وَالسَّلامُ عَلَيَّ
يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ
أُبْعَثُ حَيّاً (33)


والسلامة والأمان
عليَّ من الله يوم وُلِدْتُ, ويوم أموت,
ويوم أُبع
ث حيًا يوم القيامة.



ذَلِكَ عِيسَى
ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي
فِيهِ يَمْتَرُونَ (34)


ذلك الذي قصصنا
عليك - أيها الرسول - صفتَه وخبرَه هو عيسى
ابن مريم, مِن غير شك ولا مرية, بل هو قولُ
الحق الذي شك فيه اليهود والنصارى.




مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ
إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ
لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35)


ما كان لله تعالى
ولا يليق به أن يتخذ مِن عباده وخَلْقه
ولدًا, تنزَّه وتقدَّس عن ذلك, إذا قضى أمرًا
من الأمور وأراده, صغيرًا أو كبيرًا, لم
يمتنع عليه, وإنما يق
ول له: "كن", فيكون كما شاءه
وأراده.




وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ
فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ
(36)


وقال عيسى لقومه:
وإن الله الذي أدعوكم إليه هو وحده ربي
وربكم فاعبدوه وحده لا شريك له, فأنا وأنتم
سواء في العبودية والخضوع له، هذا هو الطريق
الذي لا اعوجاج فيه.



فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ
بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا
مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (37)


فاختلفت الفِرَق
من أهل الكتاب فيما بينهم في أمر عيسى عليه
السلام, فمنهم غال فيه وهم النصارى, فمنهم
من قال: هو الله, ومنهم من قال:
هو ابن الله, ومنهم من قال: ثالث
ثلاثة - تعالى الله عما يقولون -، ومنهم
جافٍ عنه وهم اليهود, قالوا: ساحر, وقالوا:
ابن يوسف النجار, فهلاك للذين كفروا مِن
شهود يوم عظيم الهول, وهو يوم القيامة.




أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ
يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنْ الظَّالِمُ
ونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ
(38)


ما أشدَّ سمعَهم
وبصرهم يوم القيامة, يوم يَقْدُمون على
الله, حين لا ينفعهم ذلك!! لكنِ الظالمون
اليوم في هذه الدنيا في ذهابٍ بيِّنٍ عن
الحق.




وَأَنذِرْهُمْ
يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ
وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَه
ُمْ لا يُؤْمِنُونَ (39)

وأنذر - أيها الرسول
- الناس يوم الندامة حين يُقضى الأمر, ويُجَاءُ
بالموت كأنَّه كبش أملح, فيُذْبَح, ويُفصل
بين الخلق, فيصير أهل الإيمان إلى الجنة,
وأهل الكفر إلى النار, وهم اليوم في هذه
الدنيا في غفلة عمَّا أُنذروا به, فهم لا
يصدقون, ولا يعملون العمل الصا
لح.



إِنَّا نَحْنُ
نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا
يُرْجَعُونَ (40)


إنا نحن الوارثون
للأرض ومَن عليها بفنائهم وبقائنا بعدهم
وحُكْمنا فيهم, وإلينا مصيرهم وحسابهم,
فنجازيهم على أعمالهم.




وَاذْكُرْ فِي
الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ
صِدِّ
يقاً نَبِيّاً (41)

واذكر - أيها الرسول
- لقومك في هذا القرآن قصة إبراهيم - عليه
السلام - إنه كان عظيم الصدق, ومِن أرفع
أنبياء الله تعالى منزلة.




إِذْ قَالَ لأَبِيهِ
يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ
وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً
(42)


إذ قال لأبيه آزر: يا أبت لأي شيء
تعبد من الأصنام ما لا يسمع ولا يبصر, ولا
يدفع عنك شيئًا من دون الله؟




يَا أَبَتِ إِنِّي
قَدْ جَاءَنِي مِنْ الْعِلْمِ مَا لَمْ
يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً
سَوِيّاً (43)


يا أبت, إن الله
أعطاني من العلم ما لم يعطك,
فاقبل مني, واتبعني إلى ما أدعوك
إليه, أرشدك إلى الطريق السوي الذي لا تضلُّ
فيه.




يَا أَبَتِ لا
تَعْبُدْ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ
كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً (44)


يا أبت, لا تطع الشيطان
فتعبد هذه الأصنام; إن الشيطان كان للرحمن
مخالفًا مستكبرًا عن ط
اعة الله.



يَا أَبَتِ إِنِّي
أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَنِ
فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً (45)


يا أبت, إني أخاف
أن تموت على كفرك, فيمَسَّك عذاب من الرحمن,
فتكون للشيطان قرينًا في النار.




قَالَ أَرَاغِبٌ
أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرا
هِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ
وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً (46)


قال أبو إبراهيم
لابنه: أمعرض أنت عن عبادة آلهتي يا إبراهيم؟
لئن لم تنته عن سَبِّها لأقتلنَّك رميًا
بالحجارة, واذهب عني فلا تلقني, ولا تكلمني
زمانًا طويلا من الدهر.




قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي
إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً (47)


قال إبراهيم لأبيه:
سلام عليك مني فلا ينالك مني ما تكره, وسوف
أدعو الله لك بالهداية والمغفرة. إن ربي
كان رحيمًا رؤوفًا بحالي يجيبني إذا دعوته.




وَأَعْتَزِلُكُمْ
وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ و
َأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ
أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً (48)


وأفارقكم وآلهتكم
التي تعبدونها من دون الله, وأدعو ربي مخلصًا,
عسى أن لا أشقى بدعاء ربي, فلا يعطيني ما
أسأله.




فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ
وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
وَهَبْنَا لَهُ إِ
سْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ
جَعَلْنَا نَبِيّاً (49)


فلما فارقهم وآلهتهم
التي يعبدونها من دون الله رزقناه من الولد:
إسحاق, ويعقوب بن إسحاق, وجعلناهما نبيَّين.




وَوَهَبْنَا لَهُمْ
مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ
لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً (50)


ووهبنا لهم جميعا من رحمتنا فضلا لا يحصى,
وجعلنا لهم ذكرًا حسنًا, وثناءً جميلا باقيًا
في الناس.




وَاذْكُرْ فِي
الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً
وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً (51)


واذكر - أيها الرسول
- في القرآن قصة موسى - عليه السلام - إنه
كان مصطفى مختارًا, وكان
رسولا نبيًا مِن أولي العزم
من الرسل.




وَنَادَيْنَاهُ
مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ
نَجِيّاً (52)


ونادينا موسى من
ناحية جبل طور "سيناء" اليمنى من موسى,
وقرَّبناه فشرَّفناه بمناجاتنا له. وفي
هذا إثبات صفة الكلام لله - تعالى - كما يليق
بجل
اله وكماله.



وَوَهَبْنَا لَهُ
مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً
(53)


ووهبنا لموسى من
رحمتنا أخاه هارون نبيًا يؤيده ويؤازره.




وَاذْكُرْ فِي
الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ
صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً
(54)


واذكر - أيها الرسول - في هذا القرآن خبر إسماعيل
عليه السلام, إنه كان صادقًا في وعده فلم
يَعِد شيئًا إلا وفَّى به, وكان رسولا نبيًا.




وَكَانَ يَأْمُرُ
أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ
عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً (55)


وكان يأمر أهله
بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة, وكان عند
ربه عز وجل مرضيًا عنه.



وَاذْكُرْ فِي
الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً
نَبِيّاً (56)


واذكر - أيها الرسول
- في هذا القرآن خبر إدريس عليه السلام,
إنه كان عظيم الصدق في قوله وعمله, نبيًا
يوحى إليه.




وَرَفَعْنَاهُ
مَكَاناً عَلِيّاً (57)


ورفَعْنا ذِكْره في العالمين, ومنزلته
بين المقربين, فكان عالي الذكر, عالي المنزلة.




أُوْلَئِكَ الَّذِينَ
أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ
مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا
مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَد
َيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا
تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ
خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً (58)


هؤلاء الذين قصصتُ
عليك خبرهم أيها الرسول, هم الذين أنعم
الله عليهم بفضله وتوفيقه, فجعلهم أنبياء
من ذرية آدم, ومِن ذرية مَن حملنا مع نوح
في السفينة, ومن ذرية
إبراهيم, ومن ذرية يعقوب, وممَّن
هدينا للإيمان واصطفينا للرسالة والنبُوَّة,
إذا تتلى عليهم آيات الرحمن المتضمنة لتوحيده
وحججه خرُّوا ساجدين لله خضوعًا, واستكانة,
وبكَوْا من خشيته سبحانه وتعالى.




فَخَلَفَ مِنْ
بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ
وَاتَّبَع
ُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ
يَلْقَوْنَ غَيّاً (59)


فأتى مِن بعد هؤلاء
المنعَم عليهم أتباع سَوْء تركوا الصلاة
كلها, أو فوتوا وقتها, أو تركوا أركانها
وواجباتها, واتبعوا ما يوافق شهواتهم ويلائمها,
فسوف يلقون شرًا وضلالا وخيبة في جهنم.




إِلاَّ مَنْ تَابَ
وَآمَن
َ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ
يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ
شَيْئاً (60)


لكن مَن تاب منهم
مِن ذنبه وآمن بربه وعمل صالحًا تصديقًا
لتوبته, فأولئك يقبل الله توبتهم, ويدخلون
الجنة مع المؤمنين ولا يُنقَصون شيئًا
من أعمالهم الصالحة.




جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ
عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ
وَعْدُهُ مَأْتِيّاً (61)


جنات خلد وإقامة
دائمة, وهي التي وعد الرحمن بها عباده بالغيب
فآمَنوا بها ولم يروها, إن وعد الله لعباده
بهذه الجنة آتٍ لا محالة.




لا يَسْمَعُونَ
فِيهَا لَغْواً إِلاَّ
سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ
فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً (62)


لا يسمع أهل الجنة
فيها كلامًا باطلا لكن يسمعون سلاما تحية
لهم, ولهم رزقهم فيها من الطعام والشراب
دائمًا, كلما شاؤوا بكرة وعشيًا.




تِلْكَ الْجَنَّةُ
الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ
كَانَ تَقِ
يّاً (63)

تلك الجنة الموصوفة
بتلك الصفات, هي التي نورثها ونعطيها عبادنا
المتقين لنا, بامتثال أوامرنا واجتناب
نواهينا.




وَمَا نَتَنَزَّلُ
إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ
أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ
ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً (6
4)

وقل - يا جبريل -
لمحمد: وما نتنزل - نحن الملائكة - من السماء
إلى الأرض إلا بأمر ربك لنا, له ما بين أيدينا
مما يستقبل من أمر الآخرة, وما خلفنا مما
مضى من الدنيا, وما بين الدنيا والآخرة,
فله الأمر كله في الزمان والمكان, وما كان
ربك ناسيًا لشيء من الأشياء.




رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا
فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ
هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً (65)


فهو الله رب السموات
والأرض وما بينهما, ومالك ذلك كله وخالقه
ومدبره, فاعبده وحده - أيها النبي - واصبر
على طاعته أنت ومَن تبعك, ليس كمثل
ه شيء في ذاته وأسمائه وصفاته
وأفعاله.




وَيَقُولُ الإِنسَانُ
أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً
(66)


ويقول الإنسان
الكافر منكرًا للبعث بعد الموت: أإذا ما
مِتُّ وفَنِيتُ لسوف أُخرَج من قبري حيًا؟!




أَوَلا يَذْكُرُ
الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ
قَبْلُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْئاً
(67)


كيف نسي هذا الإنسان
الكافر نفسه؟ أولا يَذْكُر أنا خلقناه
أول مرة, ولم يكُ شيئًا موجودًا؟




فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ
وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ
حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً (68)


فوربك - أيها الرسول
- لنجمعن
هؤلاء المنكرين للبعث يوم القيامة
مع الشياطين, ثم لنأتين بهم أجمعين حول
جهنم باركين على رُكَبهم; لشدة ما هم فيه
من الهول, لا يقدرون على القيام.




ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ
مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ
عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً (69)


ثم لنأخذنَّ مِن
كل طائف
ة أشدَّهم تمردًا وعصيانًا لله,
فنبدأ بعذابهم.




ثُمَّ لَنَحْنُ
أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا
صِلِيّاً (70)


ثم لنحن أعلم بالذين
هم أَوْلى بدخول النار ومقاساة حرها.




وَإِنْ مِنْكُمْ
إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ
حَتْماً مَقْضِيّاً (71)


وما منكم - أيها الناس - أحد إلا وارد
النار بالمرور على الصراط المنصوب على
متن جهنم, كل بحسب عمله, كان ذلك أمرًا محتومًا,
قضى الله - سبحانه - وحكم أنه لا بد من وقوعه
لا محالة.




ثُمَّ نُنَجِّي
الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ
فِيهَا جِثِيّاً (72)


ثم ننجي الذين اتقوا ربهم بطاعته
والبعد عن معصيته, ونترك الظالمين لأنفسهم
بالكفر بالله في النار باركين على رُكَبهم.




وَإِذَا تُتْلَى
عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ
الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا
أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَاماً
وَأَحْسَنُ نَ
دِيّاً (73)

وإذا تتلى على الناس
آياتنا المنزلات الواضحات قال الكفار بالله
للمؤمنين به: أيُّ الفريقين منَّا ومنكم
أفضل منزلا وأحسن مجلسًا؟




وَكَمْ أَهْلَكْنَا
قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ
أَثَاثاً وَرِئْياً (74)


وكثيرًا أهلكنا
قبل كفار قومك - أيها
الرسول - من الأمم كانوا أحسن
متاعًا منهم وأجمل منظرًا.




قُلْ مَنْ كَانَ
فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ
مَدّاً حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ
إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ
فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَاناً
وَأَضْعَفُ جُند
اً (75)

قل - أيها الرسول
- لهم: من كان ضالا عن الحق غير متبع طريق
الهدى, فالله يمهله ويملي له في ضلاله, حتى
إذا رأى - يقينا - ما توعَّده الله به: إما
العذاب العاجل في الدنيا, وإما قيام الساعة,
فسيعلم - حينئذ - مَن هو شر مكانًا ومستقرًا,
وأضعف قوة وجندًا.




وَيَزِيدُ اللَّهُ
الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ
الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ
ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَرَدّاً (76)


ويزيد الله عباده
الذين اهتدوا لدينه هدى على هداهم بما يتجدد
لهم من الإيمان بفرائض الله, والعمل بها.
والأعمالُ الباقيات الصالح
ات خير ثوابًا عند الله في الآخرة,
وخير مرجعًا وعاقبة.




أَفَرَأَيْتَ
الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأوتَيَنَّ
مَالاً وَوَلَداً (77)


أعَلِمْت - أيها
الرسول - وعجبت من هذا الكافر "العاص
بن وائل" وأمثاله؟ إذ كفر بآيات الله
وكذَّب بها وقال: لأعطينَّ في ال
آخرة أموالا وأولادًا.



أَاطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمْ
اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً
(78)


أطَّلَع الغيب,
فرأى أن له مالا وولدًا, أم له عند الله
عهد بذلك؟




كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ
وَنَمُدُّ لَهُ مِنْ الْعَذَابِ مَدّاً
(79)


ليس الأمر كما يزعم
ذلك الك
افر, فلا علم له ولا عهد عنده,
سنكتب ما يقول مِن كذب وافتراء على الله,
ونزيده في الآخرة من أنواع العقوبات, كما
ازداد من الغيِّ والضلال.




وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا
فَرْداً (80)


ونرثه مالَه وولده,
ويأتينا يوم القيامة فردًا وحده, لا مال
معه ولا ولد.




وَاتَّخَذُوا
مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا
لَهُمْ عِزّاً (81)


واتخذ المشركون
آلهة يعبدونها من دون الله; لتنصرهم, ويعتزوا
بها.




كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ
بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ
ضِدّاً (82)


ليس الأمر كما يزعمون,
لن تكون لهم الآلهة عزً
ا, بل ستكفر هذه الآلهة في الآخرة
بعبادتهم لها, وتكون عليهم أعوانًا في خصومتهم
وتكذيبهم بخلاف ما ظنوه فيها.




أَلَمْ تَرَى أَنَّا
أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ
تَؤُزُّهُمْ أَزّاً (83)


ألم تر - أيها الرسول
- أنَّا سلَّطْنا الشياطين على الكافر
ين بالله ورسله; لتغويهم, وتدفعهم
عن الطاعة إلى المعصية؟




فَلا تَعْجَلْ
عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً
(84)


فلا تستعجل - أيها
الرسول - بطلب العذاب على هؤلاء الكافرين,
إنما نحصي أعمارهم وأعمالهم إحصاءً لا
تفريط فيه ولا تأخير.




يَوْمَ نَحْشُرُ
ال
ْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ
وَفْداً (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ
إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً (86)


يوم نجمع المتقين
إلى ربهم الرحيم بهم وفودًا مكرمين. ونسوق
الكافرين بالله سوقًا شديدًا إلى النار
مشاة عِطاشًا.




لا يَمْلِكُونَ
الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ اتَّخَذ
َ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً
(87)


لا يملك هؤلاء الكفار
الشفاعة لأحد, إنما يملكها مَنِ اتخذ عند
الرحمن عهدًا بذلك, وهم المؤمنون بالله
ورسله.




وَقَالُوا اتَّخَذَ
الرَّحْمَنُ وَلَداً (88)


وقال هؤلاء الكفار:
اتخذ الرحمن ولدًا.




لَقَدْ جِئْتُمْ
شَيْئاً إِدّاً
(89)

لقد جئتم - أيها
القائلون - بهذه المقالة شيئا عظيمًا منكرًا.




تَكَادُ السَّمَوَاتُ
يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ
وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً (90) أَنْ دَعَوْا
لِلرَّحْمَنِ وَلَداً (91)


تكاد السموات يتشقَّقْنَ
مِن فظاعة ذلكم القول, وتتصدع ا
لأرض, وتسقط الجبال سقوطًا شديدًا
غضبًا لله لِنِسْبَتِهم له الولد. تعالى
الله عن ذلك علوًا كبيرًا.




وَمَا يَنْبَغِي
لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً
(92)


وما يصلح للرحمن,
ولا يليق بعظمته, أن يتخذ ولدًا; لأن اتخاذ
الولد يدل على النقص والحاجة, والله هو
الغ
ني الحميد المبرأ عن كل النقائص.



إِنْ كُلُّ مَنْ
فِي السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ
عَبْداً (93)


ما كل مَن في السموات
من الملائكة, ومَن في الأرض من الإنس والجن,
إلا سيأتي ربه يوم القيامة عبدًا ذليلا
خاضعًا مقرًا له بالعبودية.




لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً
(94)


لقد أحصى الله سبحانه
وتعالى خَلْقَه كلهم, وعلم عددهم, فلا يخفى
عليه أحد منهم.




وَكُلُّهُمْ آتِيهِ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً (95)


وسوف يأتي كل فرد
من الخلق ربه يوم القيامة وحده, لا مال له
ولا ولد معه.




إِنَّ الَّذِينَ
آم
َنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدّاً
(96)


إن الذين آمنوا
بالله واتَّبَعوا رسله وعملوا الصالحات
وَفْق شرعه, سيجعل لهم الرحمن محبة ومودة
في قلوب عباده.




فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ
بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ
وَتُنذ
ِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً (97)

فإنما يسَّرنا
هذا القرآن بلسانك العربي أيها الرسول؛
لتبشر به المتقين من أتباعك, وتخوِّف به
المكذبين شديدي الخصومة بالباطل.




وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ
مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ
أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْز
اً (98)

وكثيرًا أهلكنا
- أيها الرسول - من الأمم السابقة قبل قومك,
ما ترى منهم أحدًا وما تسمع لهم صوتًا, فكذلك
الكفار من قومك, نهلكهم كما أهلكنا السابقين
من قبلهم. وفي هذا تهديد ووعيد بإهلاك المكذبين
المعاندين.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حسن المرجاوى
المدير العام
المدير العام
حسن المرجاوى


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4067
تاريخ الميلاد : 03/06/1963
تاريخ التسجيل : 06/11/2010
العمر : 60
المزاج مصر العربيه

التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج** Empty
مُساهمةموضوع: رد: التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج**   التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج** I_icon_minitimeالإثنين مارس 04, 2013 1:16 pm

اقتباس :


تفسير


20- سورة طـه

طه (1)

(طه) سبق الكلام
على ال
حروف المقطَّعة في أول سورة
البقرة.




مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ
لِتَشْقَى (2)


ما أنزلنا عليك
- أيها الرسول - القرآن; لتشقى بما لا طاقة
لك به من العمل.




إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى
(3)


لكن أنزلناه موعظة;
ليتذكر به مَن يخاف عقاب الله, فيتقيه ب
أداء الفرائض واجتناب المحارم.



تَنزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ
وَالسَّمَوَاتِ
الْعُلا (4)

هذا القرآن تنزيل
من الله الذي خلق الأرض والسموات العلى.




الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ
اسْتَوَى (5)


الرحمن على العرش
استوى أي ارتفع وعلا استواء يليق بجلاله
وعظمته.




لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا
وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6)


له ما في السموات
وما في الأرض وما بينهما وما تحت الأرض,
خَلْقًا ومُلْكًا وتدبيرًا.




وَإِنْ تَجْهَرْ
بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ
وَأَخْفَى (7)


وإن تجهر - أيها الرسول - بالقول, فتعلنه
أو تخفه, فإن الله لا يخفى عليه شيء, يعلم
السر وما هو أخفى من السر مما تحدِّث به
نفسك.




اللَّهُ لا إِلَهَ
إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى
(Cool


الله الذي لا معبود
بحق إلا هو, له وحده الأسماء الكاملة في
الحسن.




وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9)

وهل أتاك - أيها
الرسول - خبر موسى بن عمران عليه السلام؟




إِذْ رَأَى نَاراً
فَقَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ
نَاراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ
أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10)


حين رأى في الليل
نارًا موقدة فقا
ل لأهله: انتظروا لقد أبصرت نارًا,
لعلي أجيئكم منها بشعلة تستدفئون بها, وتوقدون
بها نارًا أخرى, أو أجد عندها هاديًا يدلنا
على الطريق.




فَلَمَّا أَتَاهَا
نُودِي يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ
فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي
الْمُقَدَّسِ طُوًى
(12)

فلما أتى موسى تلك
النار ناداه الله: يا موسى, إني أنا ربك
فاخلع نعليك, إنك الآن بوادي "طوى"
الذي باركته, وذلك استعدادًا لمناجاة ربه.




وَأَنَا اخْتَرْتُكَ
فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13)


وإني اخترتك يا
موسى لرسالتي, فاستمع لما يوحى إليك مني.




إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ
أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمْ الصَّلاةَ
لِذِكْرِي (14)


إنني أنا الله لا
معبود بحق إلا أنا, لا شريك لي, فاعبدني
وحدي, وأقم الصلاة لتذكرني فيها.




إِنَّ السَّاعَةَ
آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى
كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (
15)

إن الساعة التي
يُبعث فيها الناس آتية لا بد من وقوعها,
أكاد أخفيها من نفسي, فكيف يعلمها أحد من
المخلوقين; لكي تُجزى كل نفس بما عملت في
الدنيا من خير أو شر.




فَلا يَصُدَّنَّكَ
عَنْهَا مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ
هَوَاهُ فَتَرْدَى (16)


فلا يصرفنَّك - يا موسى - عن الإيمان بها والاستعداد
لها مَن لا يصدق بوقوعها ولا يعمل لها،
واتبع هوى نفسه, فكذَّب بها, فتهلك.




وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ
يَا مُوسَى (17)


وما هذه التي في
يمينك يا موسى؟




قَالَ هِيَ عَصَايَ
أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا
عَلَى غَنَم
ِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى
(18)


قال موسى: هي عصاي
أعتمد عليها في المشي, وأهزُّ بها الشجر;
لترعى غنمي ما يتساقط من ورقه, ولي فيها
منافع أخرى.




قَالَ أَلْقِهَا
يَا مُوسَى (19)


قال الله لموسى:
ألق عصاك.




فَأَلْقَاهَا
فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20)


فألقاها موسى على
الأرض, فانقلبت بإذن الله حية تسعى, فرأى
موسى أمرًا عظيمًا وولى هاربًا.




قَالَ خُذْهَا
وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا
الأُولَى (21) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ
تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ
آيَةً أُخْرَى (22)


قال الله لموسى: خذ الحية, ولا تَخَفْ منها,
سوف نعيدها عصًا كما كانت في حالتها الأولى.
واضمم يدك إلى جنبك تحت العَضُد تخرج بيضاء
كالثلج من غير برص; لتكون لك علامة أخرى.




لِنُرِيَكَ مِنْ
آيَاتِنَا الْكُبْرَى (23)


فعلنا ذلك; لكي
نريك - يا موسى - من أدلتنا الكبرى ما يدلُّ
على قدرتنا, وعظيم سلطاننا,
وصحة رسالتك.




اذْهَبْ إِلَى
فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24)


اذهب - يا موسى -
إلى فرعون; إنه قد تجاوز قدره وتمرَّد على
ربه, فادعه إلى توحيد الله وعبادته.




قَالَ رَبِّ اشْرَحْ
لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي
(26) وَاحْلُلْ
عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا
قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ
أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ
بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي
(32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (33) وَنَذْكُرَكَ
كَثِيراً (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً
(35)

قال موسى: رب وسِّع
لي صدري, وسَهِّل لي أمري, وأطلق لساني بفصيح
المنطق; ليفهموا كلامي. واجعل لي معينا
من أهلي, هارون أخي. قَوِّني به وشدَّ به
ظهري, وأشركه معي في النبوة وتبليغ الرسالة;
كي ننزهك بالتسبيح كثيرًا, ونذكرك كثيرا
فنحمدك. إنك كنت بنا بصيرًا,
لا يخفى عليك شيء من أفعالنا.



قَالَ قَدْ أُوتِيتَ
سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36)


قال الله: قد أعطيتك
كل ما سألت يا موسى.




وَلَقَدْ مَنَنَّا
عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37)


ولقد أنعمنا عليك
- يا موسى - قبل هذه النعمة نعمة أخرى, حين
كنت رضيعًا, فأنجيناك مِن بطش فر
عون.



إِذْ أَوْحَيْنَا
إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38) أَنْ اقْذِفِيهِ
فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ
فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ
عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ
عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ
عَلَى عَيْنِي (39)


وذلك حين ألهمْنا
أمَّك: أن ضعي ابنك موسى بعد ولادته في التابوت,
ثم اطرحيه في النيل, فسوف يلقيه النيل على
الساحل, فيأخذه فرعون عدوي وعدوه. وألقيت
عليك محبة مني فصرت بذلك محبوبًا بين العباد,
ولِتربى على عيني وفي حفظي. وفي الآية إثبات
صفة العين لله - سبحانه و
تعالى - كما يليق بجلاله وكماله.



إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ
فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ
يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ
كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ
وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنْ
الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ
سِنِي
نَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ
جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40)


ومننَّا عليك حين
تمشي أختك تتبعك ثم تقول لمن أخذوك: هل أدلكم
على من يكفُله, ويرضعه لكم؟ فرددناك إلى
أمِّك بعد ما صرتَ في أيدي فرعون؛ كي تطيب
نفسها بسلامتك من الغرق والقتل, ولا تحزن
على فَقْدك
, وقتلت الرجل القبطي خطأ فنجيناك
من غَمِّ فِعْلك وخوف القتل, وابتليناك
ابتلاء, فخرجت خائفًا إلى أهل "مدين",
فمكثت سنين فيهم, ثم جئت من "مدين"
في الموعد الذي قدَّرناه لإرسالك مجيئًا
موافقًا لقدر الله وإرادته, والأمر كله
لله تبارك وتعالى.




وَاصْطَنَعْتُكَ
ل
ِنَفْسِي (41)

وأنعمتُ عليك -
يا موسى - هذه النعم اجتباء مني لك, واختيارًا
لرسالتي, والبلاغ عني, والقيام بأمري ونهيي.




اذْهَبْ أَنْتَ
وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي
ذِكْرِي (42) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ
إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولا لَهُ قَوْلاً
لَيِّن
اً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ
يَخْشَى (44)


اذهب - يا موسى -
أنت وأخوك هارون بآياتي الدالة على ألوهيتي
وكمال قدرتي وصدق رسالتك, ولا تَضْعُفا
عن مداومة ذكري. اذهبا معًا إلى فرعون; إنه
قد جاوز الحد في الكفر والظلم, فقولا له
قولا لطيفًا; لعله يتذكر أو يخاف ربه
.



قَالا رَبَّنَا
إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا
أَوْ أَنْ يَطْغَى (45)


قال موسى وهارون:
ربنا إننا نخاف أن يعاجلنا بالعقوبة, أو
أن يتمرد على الحق فلا يقبله.




قَالَ لا تَخَافَا
إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى
(46) فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا
رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ
مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ
قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلامُ
عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى (47) إِنَّا
قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ
عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (48)


قال الله لموسى
وهار
ون: لا تخافا من فرعون; فإنني
معكما أسمع كلامكما وأرى أفعالكما, فاذهبا
إليه وقولا له: إننا رسولان إليك من ربك
أن أطلق بني إسرائيل, ولا تكلِّفهم ما لا
يطيقون من الأعمال, قد أتيناك بدلالة معجزة
من ربك تدل على صدقنا في دعوتنا, والسلامة
من عذاب الله تعالى لمن ا
تبع هداه. إن ربك قد أوحى إلينا
أن عذابه على مَن كذَّب وأعرض عن دعوته
وشريعته.




قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا
يَا مُوسَى (49)


قال فرعون لهما:
فمَن ربكما يا موسى؟




قَالَ رَبُّنَا
الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ
ثُمَّ هَدَى (50)


قال له موسى: ربنا
الذي أعطى
كل شيء خَلْقَه اللائق به على
حسن صنعه, ثم هدى كل مخلوق إلى الانتفاع
بما خلقه الله له.




قَالَ فَمَا بَالُ
الْقُرُونِ الأُولَى (51)


قال فرعون لموسى:
فما شأن الأمم السابقة؟ وما خبر القرون
الماضية, فقد سبقونا إلى الإنكار والكفر؟




قَالَ عِلْمُهَا
عِنْدَ رَبِّ
ي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي
وَلا يَنسَى (52)


قال موسى لفرعون:
عِلْمُ تلك القرون فيما فَعَلَت من ذلك
عند ربي في اللوح المحفوظ, ولا عِلْمَ لي
به, لا يضل ربي في أفعاله وأحكامه, ولا ينسى
شيئًا ممَّا علمه منها.




الَّذِي جَعَلَ
لَكُمْ الأَرْضَ مَهْداً وَسَل
َكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ
مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا
بِهِ أَزْوَاجاً مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53)


هو الذي جعل لكم
الأرض ميسَّرة للانتفاع بها, وجعل لكم فيها
طرقًا كثيرة, وأنزل من السماء مطرًا, فأخرج
به أنواعًا مختلفة من النبات.




كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ
فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي النُّهَى
(54)


كلوا - أيها الناس
- من طيبات ما أنبتنا لكم, وارعوا حيواناتكم
وبهائمكم. إن في كل ما ذُكر لَعلامات على
قدرة الله, ودعوة لوحدانيته وإفراده بالعبادة,
لذوي العقول السليمة.




مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا
نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55)


من الأرض خَلَقْناكم
- أيها الناس -، وفيها نعيدكم بعد الموت,
ومنها نخرجكم أحياء مرة أخرى للحساب والجزاء.




وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ
آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى
(56)


ولقد أرينا فرعون
أد
لتنا وحججنا جميعها, الدالة
على ألوهيتنا وقدرتنا وصِدْقِ رسالة موسى
فكذَّب بها, وامتنع عن قَبول الحق.




قَالَ أَجِئْتَنَا
لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ
يَا مُوسَى (57)


قال فرعون: هل جئتنا
- يا موسى - لتخرجنا من ديارنا بسحرك هذا؟




فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ
بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ
نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَاناً سُوًى (58)


فسوف نأتيك بسحر
مثل سحرك, فاجعل بيننا وبينك موعدًا محددًا,
لا نخلفه نحن ولا تخلفه أنت, في مكان مستوٍ
معتدل بيننا وبينك.




قَالَ مَوْعِدُكُمْ
ي
َوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ
النَّاسُ ضُحًى (59)


قال موسى لفرعون:
موعدكم للاجتماع يوم العيد, حين يتزيَّن
الناس, ويجتمعون من كل فج وناحية وقت الضحى.




فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ
فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (60)


فأدبر فرعون معرضًا
عما أتاه به موسى من الحق,
فجمع سحرته, ثم جاء بعد ذلك لموعد
الاجتماع.




قَالَ لَهُمْ مُوسَى
وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ
كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ
خَابَ مَنْ افْتَرَى (61)


قال موسى لسحرة
فرعون يعظهم: احذروا, لا تختلقوا على الله
الكذب, فيستأصلكم بعذاب مِن عنده
ويُبيدكم, وقد خسر من اختلق
على الله كذبًا.




فَتَنَازَعُوا
أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى
(62) قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ
يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ
بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمْ
الْمُثْلَى (63) فَأَجْمِ
عُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا
صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنْ
اسْتَعْلَى (64)


فتجاذب السحرة
أمرهم بينهم وتحادثوا سرًا, قالوا: إن موسى
وهارون ساحران يريدان أن يخرجاكم من بلادكم
بسحرهما, ويذهبا بطريقة السحر العظيمة
التي أنتم عليها, فأحكموا كيدكم, واعزم
وا عليه من غير اختلاف بينكم,
ثم ائتوا صفًا واحدًا, وألقوا ما في أيديكم
مرة واحدة; لتَبْهَروا الأبصار, وتغلبوا
سحر موسى وأخيه, وقد ظفر بحاجته اليوم مَن
علا على صاحبه, فغلبه وقهره.




قَالُوا يَا مُوسَى
إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ
أَوَّلَ مَنْ
أَلْقَى (65)

قال السحرة: يا
موسى إما أن تلقي عصاك أولا وإما أن نبدأ
نحن فنلقي ما معنا.




قَالَ بَلْ أَلْقُوا
فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ
إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى
(66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى
(67)


قال لهم موسى: بل ألقُوا أنتم ما معكم أولا
فألقَوا حبالهم وعصيَّهم, فتخيل موسى مِن
قوة سحرهم أنها حيات تسعى, فشعر موسى في
نفسه بالخوف.




قُلْنَا لا تَخَفْ
إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى (68)


قال الله لموسى
حينئذ: لا تَخَفْ من شيء, فإنك أنت الأعلى
على هؤلاء السحرة وعلى فرعون
وجنوده, وستغلبهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حسن المرجاوى
المدير العام
المدير العام
حسن المرجاوى


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4067
تاريخ الميلاد : 03/06/1963
تاريخ التسجيل : 06/11/2010
العمر : 60
المزاج مصر العربيه

التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج** Empty
مُساهمةموضوع: رد: التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج**   التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج** I_icon_minitimeالإثنين مارس 04, 2013 1:18 pm

اقتباس :

وَأَلْقِ مَا فِي
يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا
صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ
السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69)


وألق عصاك التي
في يمينك تبتلع حبالهم وعصيهم, فما عملوه
أمامك ما هو إلا مكر ساحرٍ وتخييل سِحْرٍ,
ولا يظفر الساحر
بسحره أين كان.



فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً
قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى
(70)


فألقى موسى عصاه,
فبلعت ما صنعوا, فظهر الحق وقامت الحجة
عليهم. فألقى السحرة أنفسهم على الأرض ساجدين
وقالوا: آمنا برب هارون وموسى, لو كان هذا
سحرًا ما غُلِبْنا.




قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ
أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمْ
الَّذِي عَلَّمَكُمْ السِّحْرَ فَلأقَطِّعَنَّ
أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ
وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ
وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً
وَأَبْقَى (71)


قال فرعون للسحرة: أصدَّقتم بموسى,
واتبعتموه, وأقررتم له قبل أن آذن لكم بذلك؟
إن موسى لَعظيمكم الذي عَلَّمكم السحر;
فلذلك تابعتموه, فلأقطعنَّ أيديكم وأرجلكم
مخالفًا بينها, يدًا من جهة ورِجْلا من
الجهة الأخرى, ولأصلبنَّكم - بربط أجسادكم
- على جذوع النخل, ولتعلم
نَّ أيها السحرة أينا: أنا أو
رب موسى أشد عذابًا من الآخر, وأدوم له؟




قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى
مَا جَاءَنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي
فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ فَاقْضِ
مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ
الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72)


قال السحرة لفرعون: لن نفضلك, فنطيعك,
ونتبع دينك, على ما جاءنا به موسى من البينات
الدالة على صدقه ووجوب متابعته وطاعة ربه,
ولن نُفَضِّل ربوبيتك المزعومة على ربوبية
اللهِ الذي خلقنا, فافعل ما أنت فاعل بنا,
إنما سلطانك في هذه الحياة الدنيا, وما
تفعله بنا, ما هو
إلا عذاب منتهٍ بانتهائها.



إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا
لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا
عَلَيْهِ مِنْ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ
وَأَبْقَى (73)


إنَّا آمنا بربنا
وصدَّقْنا رسوله وعملنا بما جاء به; ليعفو
ربُّنا عن ذنوبنا, وما أكرهتنا عليه مِن
عمل السحر في معارضة موسى. والله
خير لنا منك - يا فرعون - جزاء لمن أطاعه,
وأبقى عذابًا لمن عصاه وخالف أمره.




إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ
مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ
فِيهَا وَلا يَحْيَا (74)


إنه من يأت ربه
كافرًا به فإن له نار جهنم يُعَذَّب
بها, لا يموت فيها فيستريح, ولا
يحيا حياة يتلذذ بها.




وَمَنْ يَأْتِهِ
مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ
فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الدَّرَجَاتُ الْعُلا
(75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ
جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)


ومن يأت ربه مؤمنًا
به قد عمل الأعمال الصالحة فله المنازل
العالية في جنات الإقامة الدائمة, تجري
من تحت أشجارها الأنهار ماكثين فيها أبدًا,
وذلك النعيم المقيم ثواب من الله لمن طهَّر
نفسه من الدنس والخبث والشرك, وعبد الله
وحده فأطاعه واجتنب معاصيه, ولقي ربه ل
ا يشرك بعبادته أحدًا من خلقه.



وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا
إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ
لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً
لا تَخَافُ دَرَكاً وَلا تَخْشَى (77)


ولقد أوحينا إلى
موسى: أن اخرُج ليلا بعبادي من بني إسرائيل
من "مصر", فاتِّخِذْ لهم
في البحر طريقًا يابسًا, لا تخاف
من فرعون وجنوده أن يلحقوكم فيدركوكم, ولا
تخشى في البحر غرقًا.




فَأَتْبَعَهُمْ
فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ
مِنْ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78)


فأسرى موسى ببني
إسرائيل, وعبر بهم طريقًا في البحر, فأتبعهم
فرعون بجنوده, فغ
مرهم من الماء ما لا يعلم كنهه
إلا الله, فغرقوا جميعًا ونجا موسى وقومه.




وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ
قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (79)


وأضلَّ فرعون قومه
بما زيَّنه لهم من الكفر والتكذيب, وما
سلك بهم طريق الهداية.




يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ
قَدْ أَنجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّك
ُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ
الطُّورِ الأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمْ
الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (80)


يا بني إسرائيل
اذكروا حين أنجيناكم مِن عدوكم فرعون, وجَعَلْنا
موعدكم بجانب جبل الطور الأيمن لإنزال
التوراة عليكم, ونزلنا عليكم في التيه ما
تأكلونه, مما يشبه
الصَّمغ طعمه كالعسل، والطير
الذي يشبه السُّمَانَى.




كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ
مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ
فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ
يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى
(81)


كلوا من رزقنا الطيب,
ولا تعتدوا فيه بأن يظلم بعضكم بعضًا, في
نزل بكم غضبي, ومَن ينزل به غضبي
فقد هلك وخسر.




وَإِنِّي لَغَفَّارٌ
لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً
ثُمَّ اهْتَدَى (82)


وإني لَغفار لمن
تاب من ذنبه وكفره, وآمن بي وعمل الأعمال
الصالحة, ثم اهتدى إلى الحق واستقام عليه.




وَمَا أَعْجَلَكَ
عَنْ قَوْمِكَ
يَا مُوسَى (83)

وأيُّ شيء أعجلك
عن قومك - يا موسى - فسبقتَهم إلى جانب الطور
الأيمن, وخلَّفتَهم وراءك؟




قَالَ هُمْ أُولاءِ
عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ
لِتَرْضَى (84)


قال: إنهم خلفي
سوف يلحقون بي, وسبقتُهم إليك - يا ربي -
لتزداد عني رضا.




قَالَ فَإِنَّا
قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ
وَأَضَلَّهُمْ السَّامِرِيُّ (85)


قال الله لموسى:
فإنا قد ابتلينا قومك بعد فراقك إياهم بعبادة
العجل, وإن السامري قد أضلهم.




فَرَجَعَ مُوسَى
إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ
يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْ
كُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً
أَفَطَالَ عَلَيْكُمْ الْعَهْدُ أَمْ
أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ
مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي
(86)


فرجع موسى إلى قومه
غضبان عليهم حزينًا, وقال لهم: يا قوم ألم
يَعِدْكم ربكم وعدًا حسنًا بإنزال التوراة؟
أفطال عليكم العهد واستبطأتم
الوعد, أم أردتم أن تفعلوا فعلا يحل عليكم
بسببه غضب من ربكم, فأخلفتم موعدي وعبدتم
العجل, وتركتم الالتزام بأوامري؟




قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا
مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا
أَوْزَاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَ
اهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ
(87)


قالوا: يا موسى
ما أخلفنا موعدك باختيارنا, ولكنَّا حُمِّلنا
أثقالا مِن حليِّ قوم فرعون, فألقيناها
في حفرة فيها نار بأمر السامري, فكذلك ألقى
السامري ما كان معه من تربة حافر فرس جبريل
عليه السلام.




فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ
فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ
مُوسَى فَنَسِيَ (88)


فصنع السامري لبني
إسرائيل من الذهب عجلا جسدًا يخور خوار
البقر, فقال المفتونون به منهم للآخرين:
هذا هو إلهكم وإله موسى, نسيه وغَفَل عنه.




أَفَلا يَرَوْنَ
أَلاَّ يَرْجِعُ
إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ
لَهُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً (89)


أفلا يرى الذين
عبدوا العجل أنه لا يكلمهم ابتداء, ولا
يردُّ عليهم جوابًا, ولا يقدر على دفع ضرٍّ
عنهم, ولا جلب نفع لهم؟




وَلَقَدْ قَالَ
لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ
إِنَّمَا فُتِنتُ
مْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمْ الرَّحْمَنُ
فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90)


ولقد قال هارون
لبني إسرائيل من قبل رجوع موسى إليهم: يا
قوم إنما اختُبرتم بهذا العجل؛ ليظهر المؤمن
منكم من الكافر, وإن ربكم الرحمن لا غيره
فاتبعوني فيما أدعوكم إليه من عبادة الله,
وأطيعوا أمري في اتباع شرعه.



قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ
عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ
إِلَيْنَا مُوسَى (91)


قال عُبَّاد العجل
منهم: لن نزال مقيمين على عبادة العجل حتى
يرجع إلينا موسى.




قَالَ يَا هَارُونُ
مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا
(92) أَلا
َّ تَتَّبِعَنِي أَفَعَصَيْتَ
أَمْرِي (93)


قال موسى لأخيه
هارون: أيُّ شيء منعك حين رأيتهم ضلُّوا
عن دينهم أن لا تتبعني, فتلحق بي وتتركهم؟
أفعصيت أمري فيما أمرتك به من خلافتي والإصلاح
بعدي؟




قَالَ يَبْنَؤُمَّ
لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي
إِنِّي خَ
شِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ
بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ
قَوْلِي (94)


ثم أخذ موسى بلحية
هارون ورأسه يجرُّه إليه, فقال له هارون:
يا ابن أمي لا تمسك بلحيتي ولا بشعر رأسي,
إني خفتُ - إن تركتهم ولحقت بك - أن تقول:
فرَّقت بين بني إسرائيل, ولم تحفظ
وصيتي بحسن رعايتهم.



قَالَ فَمَا خَطْبُكَ
يَا سَامِرِيُّ (95)


قال موسى للسامري:
فما شأنك يا سامري؟ وما الذي دعاك إلى ما
فعلته؟




قَالَ بَصُرْتُ
بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ
قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا
وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي ن
َفْسِي (96)

قال السامري: رأيت
ما لم يروه - وهو جبريل عليه السلام - على
فرس, وقت خروجهم من البحر وغرق فرعون وجنوده,
فأخذتُ بكفي ترابا من أثر حافر فرس جبريل,
فألقيته على الحليِّ الذي صنعت منه العجل,
فكان عجلا جسدًا له خوار؛ بلاء وفتنة, وكذلك
زيَّنت لي نفسي ا
لأمَّارة بالسوء هذا الصنيع.



قَالَ فَاذْهَبْ
فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ
لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ
تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي
ظَلَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ
ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً
(
97)

قال موسى للسامري:
فاذهب فإن لك في حياتك أن تعيش منبوذًا
تقول لكل أحد: لا أَمَسُّ ولا أُمَسُّ, وإن
لك موعدا لعذابك وعقابك, لن يُخْلفك الله
إياه, وسوف تلقاه, وانظر إلى معبودك الذي
أقمت على عبادته لنُحرقنَّه بالنار, ثم
لنُذرينَّه في اليمِّ تذرية.




إِنَّمَا إِلَهُكُمْ اللَّهُ الَّذِي
لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ
عِلْماً (98)


إنما إلهكم - أيها
الناس - هو الله الذي لا معبود بحق إلا هو,
وسع علمه كل شيء.




كَذَلِكَ نَقُصُّ
عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ
وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِك
ْراً (99)

كما قصصنا عليك
- أيها الرسول - أنباء موسى وفرعون وقومهما,
نخبرك بأنباء السابقين لك. وقد آتيناك مِن
عندنا هذا القرآن ذكرى لمن يتذكر.




مَنْ أَعْرَضَ
عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وِزْراً (100)


من أعرض عن هذا
القرآن, ولم يصدق به, ول
م يعمل بما فيه, فإنه يأتي ربه
يوم القيامة يحمل إثمًا عظيمًا.




خَالِدِينَ فِيهِ
وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلاً
(101)


خالدين في العذاب,
وساءهم ذلك الحمل الثقيل من الآثام حيث
أوردهم النار.




يَوْمَ يُنْفَخُ
فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ
يَوْمَئِذٍ زُرْقاً (102)

يوم يَنفُخ الملَكُ
في "القرن" لصيحة البعث, ونسوق الكافرين
ذلكم اليوم وهم زرق, تغيَّرت ألوانهم وعيونهم;
من شدة الأحداث والأهوال.




يَتَخَافَتُونَ
بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً
(103)


يتهامسون بينهم,
يقول بعضهم لبعض: ما لب
ثتم في الحياة الدنيا إلا عشرة
أيام.




نَحْنُ أَعْلَمُ
بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ
طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً
(104)


نحن أعلم بما يقولون
ويُسِرُّون حين يقول أعلمهم وأوفاهم عقلا
ما لبثتم إلا يومًا واحدًا; لقِصَر مدة
الدنيا في أنفس
هم يوم القيامة.



وَيَسْأَلُونَكَ
عَنْ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي
نَسْفاً (105)


ويسألك - أيها الرسول
- قومك عن مصير الجبال يوم القيامة، فقل
لهم: يزيلها ربِّي عن أماكنها فيجعلها هباء
منبثًا.




فَيَذَرُهَا قَاعاً
صَفْصَفاً (106)
لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً (107)

فيترك الأرض حينئذ
منبسطة مستوية ملساء لا نبات فيها, لا يرى
الناظر إليها مِن استوائها مَيْلا ولا
ارتفاعًا ولا انخفاضًا.




يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ
الدَّاعِي لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتْ الأَصْوَاتُ
لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْسا
ً (108)

في ذلك اليوم يتبع
الناس صوت الداعي إلى موقف القيامة, لا
محيد عن دعوة الداعي; لأنها حق وصدق لجميع
الخلق, وسكنت الأصوات خضوعًا للرحمن, فلا
تسمع منها إلا صوتًا خفيًا.




يَوْمَئِذٍ لا
تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ
لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَ
هُ قَوْلاً (109)

في ذلك اليوم لا
تنفع الشفاعة أحدًا من الخلق, إلا إذا أذن
الرحمن للشافع, ورضي عن المشفوع له, ولا
يكون ذلك إلا للمؤمن المخلص.




يَعْلَمُ مَا بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ
بِهِ عِلْماً (110)


يعلم الله ما بين
أيدي الناس م
ِن أمر القيامة وما خلفهم من
أمر الدنيا, ولا يحيط خلقه به علمًا سبحانه
وتعالى.




وَعَنَتْ الْوُجُوهُ
لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ
حَمَلَ ظُلْماً (111)


وخضعت وجوه الخلائق,
وذلَّت لخالقها, الذي له جميع معاني الحياة
الكاملة كما يليق بجلاله الذي لا ي
موت, القائم على تدبير كلِّ شيء،
المستغني عمَّن سواه. وقد خسر يوم القيامة
مَن أشرك مع الله أحدًا من خلقه.




وَمَنْ يَعْمَلْ
مِنْ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا
يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً (112)


ومن يعمل صالحات
الأعمال وهو مؤمن بربه, فلا يخاف ظلمًا
بزيا
دة سيئاته, ولا هضمًا بنقص حسناته.



وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ
قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ
مِنْ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً (113)


وكما رغَّبنا أهل
الإيمان في صالحات الأعمال, وحذَّرنا أهل
الكفر من المقام على معاصيه
م وكفرهم بآياتنا, أنزلنا هذا
القرآن باللسان العربي; ليفهموه, وفصَّلنا
فيه أنواعًا من الوعيد; رجاء أن يتقوا ربهم,
أو يُحدِث لهم هذا القرآن تذكرة, فيتعظوا,
ويعتبروا.




فَتَعَالَى اللَّهُ
الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ
مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى
إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ
زِدْنِي عِلْماً (114)


فتنزَّه الله -
سبحانه - وارتفع, وتقدَّس عن كل نقص, الملك
الذي قهر سلطانه كل ملك وجبار, المتصرف
بكل شيء, الذي هو حق, ووعده حق, ووعيده حق,
وكل شيء منه حق. ولا تعجل - أيها الرسول -
بمسابقة جبريل في تَلَقِّي
القرآن قبل أن يَفْرَغ منه,
وقل: ربِّ زدني علمًا إلى ما علمتني.




وَلَقَدْ عَهِدْنَا
إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ
نَجِدْ لَهُ عَزْماً (115)


ولقد وصينا آدم
مِن قَبلِ أن يأكل من الشجرة, ألا يأكل منها,
وقلنا له: إن إبليس عدو لك ولزوجك, فلا يخرجنكما
من الجنة, فتشقى أنت وزوجك في
الدنيا, فوسوس إليه الشيطان فأطاعه, ونسي
آدم الوصية, ولم نجد له قوة في العزم يحفظ
بها ما أُمر به.




وَإِذْ قُلْنَا
لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا
إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى (116)


واذكر - أيها الرسول
- إذ قلنا للملائكة:
اسجدوا لآدم سجود تحية وإكرام,
فأطاعوا, وسجدوا, لكن إبليس امتنع من السجود.




فَقُلْنَا يَا
آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ
فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنْ الْجَنَّةِ
فَتَشْقَى (117)


فقلنا: يا آدم إن
إبليس هذا عدو لك ولزوجتك, فاحذرا منه, ولا
تطيعاه بم
عصيتي, فيخرجكما من الجنة, فتشقى
إذا أُخرجت منها.




إِنَّ لَكَ أَلاَّ
تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى (118)


إن لك - يا آدم -
في هذه الجنة أن تأكل فلا تجوع, وأن تَلْبَس
فلا تَعْرى.




وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ
فِيهَا وَلا تَضْحَى (119)


وأن لك ألا تعطش
في هذه الجنة ول
ا يصيبك حر الشمس.



فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ
الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ
عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا
يَبْلَى (120)


فوسوس الشيطان
لآدم وقال له: هل أدلك على شجرة, إن أكلت
منها خُلِّدتَ فلم تمت, وملكت مُلْكًا لا
ينقضي ولا ينقطع؟




فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا
وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ
وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ
فَغَوَى (121)


فأكل آدم وحواء
من الشجرة التي نهاهما الله عنها, فانكشفت
لهما عوراتهما, وكانت مستورةً عن أعينهما,
فأخذا ينزعان من ورق أشجار ا
لجنة ويلصقانه عليهما; ليسترا
ما انكشف من عوراتهما, وخالف آدم أمر ربه,
فغوى بالأكل من الشجرة التي نهاه الله عن
الاقتراب منها.




ثُمَّ اجْتَبَاهُ
رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122)


ثم اصطفى الله آدم,
وقرَّبه, وقَبِل توبته, وهداه رشده.




قَالَ اهْبِطَا
مِ
نْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ
لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ
مِنِّي هُدًى فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ
فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123)


قال الله تعالى
لآدم وحواء: اهبطا من الجنة إلى الأرض جميعًا
مع إبليس, فأنتما وهو أعداء, فإن يأتكم مني
هدى وبيان فمن اتبع
هداي وبياني وعمل بهما فإنه
يرشد في الدنيا, ويهتدي, ولا يشقى في الآخرة
بعقاب الله.




وَمَنْ أَعْرَضَ
عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً
وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى
(124)


ومن تولَّى عن ذكري
الذي أذكِّره به فإن له في الحياة الأولى
معيشة
ضيِّقة شاقة -وإن ظهر أنه من
أهل الفضل واليسار-، ويُضيَّق قبره عليه
ويعذَّب فيه، ونحشره يوم القيامة أعمى
عن الرؤية وعن الحجة.




قَالَ رَبِّ لِمَ
حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً
(125)


قال المعرِض عن
ذكر الله: ربِّ لِمَ حَشَرْتني أعمى, وقد
كنت بصيرً
ا في الدنيا؟



قَالَ كَذَلِكَ
أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ
الْيَوْمَ تُنسَى (126)


قال الله تعالى
له: حشرتك أعمى; لأنك أتتك آياتي البينات,
فأعرضت عنها, ولم تؤمن بها, وكما تركتَها
في الدنيا فكذلك اليوم تُترك في النار.




وَكَذَلِكَ نَجْزِي
مَنْ
أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ
رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ
وَأَبْقَى (127)


وهكذا نعاقب مَن
أسرف على نفسه فعصى ربه, ولم يؤمن بآياته
بعقوبات في الدنيا, ولَعذاب الآخرة المعدُّ
لهم أشد ألمًا وأدوم وأثبت; لأنه لا ينقطع
ولا ينقضي.




أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ
مِنْ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي النُّهَى
(128)


أفلم يدل قومك -
أيها الرسول - على طريق الرشاد كثرة مَن
أهلكنا من الأمم المكذبة قبلهم وهم يمشون
في ديارهم, ويرون آثار هلاكهم؟ إن
في كثرة تلك الأمم وآثار عذابهم
لَعبرًا وعظاتٍ لأهل العقول الواعية.




وَلَوْلا كَلِمَةٌ
سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً
وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129)


ولولا كلمة سبقت
من ربك وأجل مسمى عنده للازمهم الهلاك عاجلا،
لأنهم يستحقونه؛ بسبب كفرهم.




فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ
رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ
غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ
وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى
(130)


فاصبر - أيها الرسول
- على ما يقوله المكذبون بك من أوصاف وأباطيل,
وسبِّح بحمد ربك في صلاة
الفجر قبل طلوع الشمس, وصلاة
العصر قبل غروبها, وصلاة العشاء في ساعات
الليل, وصلاة الظهر والمغرب أطراف النهار;
كي تثاب على هذه الأعمال بما تَرْضى به.




وَلا تَمُدَّنَّ
عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ
أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ
الدُّنيَا لِ
نَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ
رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131)


ولا تنظر إلى ما
مَتَّعْنا به هؤلاء المشركين وأمثالهم
من أنواع المتع, فإنها زينة زائلة في هذه
الحياة الدنيا, متعناهم بها; لنبتليهم بها,
ورزق ربك وثوابه خير لك مما متعناهم به
وأدوم; حيث لا انقطاع له
ولا نفاد.



وَأْمُرْ أَهْلَكَ
بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا
نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ
وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)


وَأْمُرْ - أيها
النبي - أهلك بالصلاة, واصطبر على أدائها,
لا نسألك مالا ، نحن نرزقك ونعطيك. والعاقبة
الصالحة في الدنيا و
الآخرة لأهل التقوى.



وَقَالُوا لَوْلا
يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ
تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ
الأُولَى (133)


وقال مكذبوك - أيها
الرسول -: هلا تأتينا بعلامة من ربك تدلُّ
على صدقك, أولم يأتهم هذا القرآن المصدق
لما في الكتب السابقة من
الحق؟



وَلَوْ أَنَّا
أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ
لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ
إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ
مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134)


ولو أنَّا أهلكنا
هؤلاء المكذبين بعذاب من قبل أن نرسل إليهم
رسولا وننزل عليه
م كتابًا لقالوا: ربنا هلا أرسلت
إلينا رسولا من عندك, فنصدقه, ونتبع آياتك
وشرعك, مِن قبل أن نَذلَّ ونَخزى بعذابك.




قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ
فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ
الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنْ اهْتَدَى
(135)


قل - أيها الرسول
- لهؤلاء الم
شركين بالله: كل منا ومنكم منتظر
دوائر الزمان, ولمن يكون النصر والفلاح,
فانتظروا, فستعلمون: مَن أهل الطريق المستقيم,
ومَن المهتدي للحق منا ومنكم؟







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الإسراء/الكهف/مريم/طه/الأنبياء/الحج**
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التفسير الميسر للقرأن الكريم ..تفسير سورة الملك/ - سورة القلم - / الحاقة/ المعارج/نوح/الجن /المزمل/ المدثر /القيامة/**
» التفسير الميسر للقرأن الكريم تفسير سورة الرعد /إبراهيم /الحجر/ النحل**
» التفسير الميسر للقرأن الكريم ..تفسير سورة الإنسان/المرسلات/النبأ/النازعات/عبس/التكوير/الإنفطار/المطففين/**
» التفسير الميسر للقرأن الكريم ..تفسير سورة الماعون/الكوثر/الكافرون/النصر/المسد/الإخلاص/الفلق/الناس/
» التفسير الميسر للقرأن الكريم ..تفسير سورة الإنشقاق/البروج/الطارق/الأعلى/الغاشية/الفجر/البلد/الشمس/الليل/الضحى/**

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سيفن ستارز :: المنتدى الاسلامى :: التفسير-
انتقل الى: