الإسلام دين الوسطية

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الإسلام دين الوسطية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

وضعنا المتطرفون في الدين و المتطرفون ضد الدين في أزمة مصطنعة مع فكرة الانتماء و الهوية ؛ ظناً من الفريقين بأن الدين كان و مازال في علاقة تصادمية أو تنافسية مع الوطن .. و أن علينا نحن الشعب أن نختار لأيهما يكون الولاء الأول للدين أم للوطن.

المتطرفون في الدين يرون أن الوطنية كفكرة و انتماء تنتقص من الانتماء الديني و تخدش الولاء لله ـ عز و جل ـ فلا انتماء للوطن "طظ فى الوطن" ؛ و فكرة الهجرة - كما يرون - تجعل الدين مقدماً بالضرورة علي الوطنية .. "ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها"

و المتطرفون ضد الدين يرون أن الانتماء الديني يفرق بين أبناء الوطن الواحد ؛ بينما يجمعهم الانتماء لوطنهم علي قدر المساواة .. و من هنا فإن الدين - كما يتصورون - عائق لفكرة الوطنية و المواطنة لأنه يميز بين المواطنين علي أساس ديني ، فيصبح المسلم الماليزي أقرب إلي المسلم المصري من المسيحي المصري .. و يصبح المسيحي الإيطالي أقرب إلي المسيحي المصري من المسلم المصري.

و هكذا سنظل نعاني إلي ما شاء الله من هذه الثنائية التي يفرضها علينا المتطرفون في كل جانب (الدين أو الوطن) بدلاً من (الدين و الوطن) ، و الواقع أنه لا تناقض بين الانتماء للدين و الانتماء للوطن .. بالضبط كما أنه لا تناقض بين الانتماء للعائلة (الأب و الأم و الإخوة) و للقرية و للعروبة و للإسلام ؛ و يجب التوازن بين هذه الدوائر المتداخلة من الانتماء و الولاء

ليس هناك ما يمنع المسلم - أو المسيحي - من الانتماء لدينه و لوطنه في ذات الوقت ، و لا يدخل هذا في ازدواجية الانتماء ؛ و إنما يدخل في امتدادية الانتماء ، و المسلم أو المسيحي الذي ينتمي لدينه ينتمي ايضا و بصورة تلقائية إلي الوطن الذي يعيش فيه ، و يمارس فيه شعائره بكل حرية.

الدين واحد .. و الشعائر واحدة .. و الانتماء للدين لا يتغير .. لكن روح الإسلام و عادات المسلمين في مصر ـ مثلاً ـ تختلف كثيراً عن عادات المسلمين في ماليزيا أو أوروبا أو أمريكا .. و كذلك روح المسيحية و عادات المسيحيين في مصر تختلف كثيراً عن عادات المسيحيين في اثيوبيا و روسيا و إيطاليا.

لمصر خصوصية ثقافية (تستوعب كل الثقافات ، و تُطوعها لصالح المصريين) ، و دينية (جعلت الأقباط المصريين يرحبون بدخول الإسلام لينقذهم من بطش الرومان ، و جعلت الطائفة الإسماعيلية الشيعية التى أسست الأزهر تذوب و تتحول لمذهب أهل السنة و الجماعة) .. و ستظل الخصوصية الثقافية و الدينية لمصر و المصريين بالحفاظ على الانتماء الديني و الوطني معاً ؛ كانتماء واحد لا يحتمل التناقض أو التنازع.