علوم الفلك
وعند توت الفلكي وتلامذته في مكانهم المختص بهم الآلات الفلكية الغريبة المتقنة الصنعة وآلات الارتفاعات البديعة العجيبة التركيب الغالية الثمن المصنوعة من الصفر المموه وهي تركب ببراريم مصنوعة محكمة كل آلة منها عدة قطع تركب مع بعضها البعض برباطات وبراريم لطيفة بحيث إذا ركبت صارت آلة كبيرة أخذت قدرًا من الفراغ وبها نظارات وثقوب ينفذ النظر منها الى المرئي وإذا انحل تركيبها وضعت في ظرف صغير.
وكذلك نظارات للنظر في الكواكب وأرصادها ومعرفة مقاديرها وأجرامها وارتفاعاتها واتصالاتها ومناظراتها وأنواع المنكابات والساعات التي تسير بثواني الدقائق الغريبة الشكل الغالية الثمن وغير ذلك
المصورون (يسجلون ما يروه )
وأفردوا لجماعة منها بيت ابراهيم كتخدا السناري وهم المصورون لكل شيء ومنهم اريجوا المصور وهو يصور صور الآدميين تصويرًا يظن من يراه أنه بارز في الفراغ بجسم يكاد ينطق حتى أنه صور صورة المشايخ كل واحد على حدته في دائرة وكذلك غيرهم من الأعيان وعلقوا ذلك في بعض مجالس صاري عسكر وآخر في مكان آخر يصور الحيوانات والحشرات وآخر يصور الأسماك والحيتان بأنواعها وأسمائها ويأخذون الحيوان أو الحوت الغريب الذي لا يوجد ببلادهم فيضعون جسمه بذاته في ماء مصنوع حافظ للجسم فيبقى على حالته وهيئته لا يتغير ولا يبلى ولو بقي زمنًا طويلًا.
معمل الكيمياء
وكذلك أفردوا أماكن للمهندسين وصناع الدقائق , وسكن الحكيم "رويا" ببيت ذى الفقار كتخدا بخوار ذلك , ووضع آلاته ومساحقه وأهوانه فى ناحية , وركب له تنانير وكوانين .... لتقطير المياة والأدهان , وإستخراج الأملاح وقدور عظيمة , وبرامات , وجعل له مكاناً أسفل وأعلى , وبها رفوف عليها القدور المملوءة بالتراكيب والمعاجين , والزجاجات المتنوعة , وبها كذلك عدة من الأطباء والجرايحية
صناعة الحكمة والطب الكيميائى
وأفردوا مكاناً فى بيت حسن الكاشف جركس لصناعة الحكمة والطب الكيميائى وبنوا فيه تنانير مهندمة , وألات تقطير عجيبة الوضع , وألات تصاعيد الأرواح , وتقاطير المياة وخلاصات المفردات , وأملاح الأرمدة المستخرجة من الأعشاب والنباتات , وإستخراج المياة الجلاءة والحلالة وحول المكان الداخل قوارير وأوان من الزجاج البلورى المختلف الأشكال والهيئات على الرفوف والسدلات , وبداخلها أنواع المستخرجات .
ومن أغرب ما رأيته فى هذا المكان , أن بعض المتقيدين لذلك أخذ زجاجة من الزجاجات الموضوع فيها بعض المياة المستخرجة , فصب منها شيئاً فى كأس , ثم صب عليها شيئاً من زجاجة أخرى , فعلا الماءان , وصعد منه دخان ملون , حتى أنقطع وجف ما فى الكأس , وصار حجراً أصفر , فقلبه على البرجات حجراً يابساً , أخذناه بأيدينا ونظرناه , ثم فعل ذلك بمياة أخرى فصارت حجراً أزرق , وبأخرى فجمد حجراً أحمر ياقوتياً - وأخذ مرة شيئاً قليلاً جداً من غبار أبيض , ووضعه على السندال وضربه بالمطرقة بلطف فخرج له صوت هائل كصوت القرابانة أنزعجنا منه , فضحكوا منا , وأخذ مرة زجاجة فارغة مستطيلة فى مقدار الشبر صفة الفم , فغمسها فى ماء قراح موضوع فى صندوق من الخشب , مصفح من الداخل بالرصاص وأدخل معها أخرى على غير هيئتها , وأنزلهما فى الماء وأصعدهما بحركة حبس الهواء فى أحدهما , وأتى آخر بفتيلة مشتعلة , وأبرز ذلك فم الزجاجة من الماء , وقرب الآخر الشعلة إليها فى الحال فخرج ما فيها من الهواء المحبوس وفرقع بصول هائل أيضاً .. وغير ذلك من الأمور الكثيرة , وبراهين حكمية تتولد من أجتماع العناصر وملاقاة الطبائع .
الكهرباء الإستاتيكية
ومثل الفلكة المستديرة التى يديرون بها الزجاجة , فيتولد من حركتها شرر يطير بملاقاة أدنى شئ ويظهر له صوت وطقطقة , وإذا مسك علاقتها شخص - ولو خيطاً لطيفاً متصلا بها - ولمس الزجاجة المتصلة بها ولمس آخر الزجاجة الدائرة , أو ما قرب منها بيده الأخرى , أرتج بدنه , وإرتعد جسمه , وطقطقت عظام أكتافه وسواعدة فى الحال برجة سريعة ومن لمس هذا اللامس أو شيئاً من من ثيابه , أو شيئاً متصلاً به .. حصل له ذلك , ولو كانوا ألفاً أو أكثر , ولهم فيه أمور وأحوال وتراكيب غريبة , ينتج منها نتائج لا تسعها عقول أمثالنا!
وأفردوا أيضاً مكاناً للنجارين وصناع الألات والأخشاب وطواحين الهواء والعربات واللوازم لهم فى أشغالهم وهندساتهم وأرباب صنائعهم
ومكان آخر للحدادين وبنوا فيه كوانين عظاماً , وعليها منافيخ كبار يخرج منها الهاواء متصلاً كثيراً بحيث يجذبه النافخ من أعلى بحركة لطيفة , وصنعوا السندانات والمطارق والعظام , لصناعات الألات من الحديد والمخارط , وركبوا المخارط عظيمة لخرط الفلوزات الحديد الضخمة , ولهم فلكات مثقلة يديرها الرجال للمعلم الخراط للحديد بالأقلام المتينة الجافية , وعليها حق صغير معلق مثقوب , وفيه ماء يقطر على محل الخرط لتبريد النارية الحادثة من الإصطكاك , وبأعلى هذه الأمكنة صناع الأمور الدقيقة , مثل , البراكارات , وألات الساعات , والألات الهندسية المتقنة ... وغير ذلك .
=================
أسباب الثورة
المؤرخ نيقولا الترك في مذكراته يؤكد ان من اسباب ثورة القاهرة ان المصريين كانوا يرون نساءهم وبناتهم مكشوفات الوجوه, مملوكات من الأفرنج جهارا.. ماشيين معهن في الطريق نايمين قايمين في بيوتهم.. فكانوا يكادون يموتون من هذه المناظر, وناهيك عن تلك الخمامير التي اشتهرت في كامل الاسواق جهارا, حتي وفي بعض الجوامع ايضا.. هذه الرؤيا كانت تجعل المسلمين يتنفسون الصعداء ويطلبون الموت في كل ساعة.
وأما المؤرخ ج. كريستوفر هيرولد فإنه يرجع اسباب الثورة الي تحريض الطبقة الغنية والوسطي, لأنها اضيرت في تجارتها, ولأنها كانت تتحمل اكبر قسط من الضرائب وهو يلاحظ أن هذه الطبقات ومشايخ الديوان ظلوا بعيدين عن الثورة ويوعز كذلك سببا آخر وهو تحريض بعض المشايخ الذين لم ينالوا الحظوة لدي الفرنسيين كما نالها غيرهم.
ويري البعض الآخر أن من اسباب الثورة تحريض ابراهيم بك الهارب للشام, وتحريض الجزار والي عكا.. والرسائل التي كان يرسلها السلطان العثماني مع الرسل وكانت تتلي علي الناس في الجوامع والشوارع.. وكان يتوعد فيها الفرنسيين بهزيمة منكرة.. ويزف للأهالي بشري يقول فيها:
وستغطي مراكب عالية كالجبال سطح البحار وستصل مدافع تبرق وترعد وأبطال يزدرون بالموت في سبيل الله ليطاردوا الفرنسيين!
************** المؤرخ العربي نيقولا الترك. قال عن بداية الثورة يوم الأحد21 أكتوبر1798:
في ذات يوم نهار الاحد في عشرين ربيع آخر نزل أحد المشايخ الصغار وكان من مشايخ الازهر وبدأ ينادي في المدينة أن كل مؤمن موحد بالله عليه بجامع الازهر لأن اليوم ينبغي لنا أن نغازي فيه الكفار.
وقد بدأت أحداث الثورة في السادسة صباحا حين ردد المؤذنون من فوق المآذن نداءات الثورة وانطلق بعض الثوار في الشوارع يعلنون الثورة ويطالبون الناس بالتوجه للازهر الذي تحول الي مقر قيادة الثورة.
وبسرعة تكونت مجموعات مسلحة ببنادق عتيقة وبالعصي والسكاكين وأخذت تقيم المتاريس في الشوارع والحواري وتقف خلفها, وبدأت تتقاطر الي القاهرة جموع شعبية من الضواحي القريبة لتشترك في الثورة, وقد احس الفرنسيون بالخطر منذ الساعات الاولي للصباح وأبلغوا نابليون بذلك, الا انه اعتقد انه عمل تافه غير خطير.. وتوجه ومعه بعض قواده لتفقد بعض التحصينات في الروضة ومصر القديمة, وبدأت القوات الفرنسية في التجمع لمواجهة الخطر..
وفي نحو الساعة الثامنة بدأت اول أحداث الثورة العنيفة حين ذهب ديبوي القائد العسكري للقاهرة علي رأس عدد من الجنود لمواجهة الشغب الذي حدث, فقتلته الجماهير الثائرة في الشوارع, فكان بذلك اول من سقط من الفرنسيين, وبدأت الاشتباكات العنيفة بين الطرفين, وفي هذا الوقت أبلغ نابليون بما حدث فرجع سريعا.
بدأت مجموعات من الثوار تهاجم مراكز الفرنسيين وخصوصا مقر قيادتهم في الأزبكية.. ومهاجمة باقي المراكز والدوريات.. ونجح الثوار في احتلال القسم الأكبر من القاهرة وبدأ عدد القتلي من الطرفين يتزايد في الشوارع نتيجة المعارك الدامية.
وسقط اللواء سولكوفسكي ياور نابليون وعدد كبير من الجنود الفرنسيين, وقاتل الثوار من وراء المتاريس ومن شرفات المنازل, وأدت أبواب الحارات وظيفة السواتر.
وحاول نابليون وقف الثورة وأرسل مشايخ الديوان والعلماء الكبار ليطلبوا من الثوار وقف الثورة, فرفضوا واتهموهم بأنهم صاروا أدوات في يد الفرنسيين, واعلنوا تصميمهم علي مواصلة القتال.
وحين تأكد نابليون من فشل هذه المساعي بدأ يضع خطة القضاء علي الثورة, فأرسل بقواته وطوقت القاهرة لتمنع المتطوعين القادمين من الاقاليم للاشتراك في الثورة, وأصدر أوامره بوضع مدافع علي المقطم والتلال العالية لتعاون مدفعية القلعة في ضرب القاهرة بالقنابل كحل للقضاء علي الثورة بعد أن خسر الفرنسيون كثيرا في معارك الشوارع التي لم يألفوها من قبل, وفي نفس الوقت كان الثوار يستعدون لليوم التالي من أيام الثورة.
بدأ يوم الاثنين22 أكتوبر باستئناف القتال في الشوارع وسقط المزيد من القتلي, ولنا أن نتصور أي بسالة تلك التي كان الثوار يتمتعون بها حين كانوا يهاجمون بالنبابيت المدافع الفرنسية التي كانت تحصدهم حصدا, ومع ذلك كانوا يهاجمون, وعند الظهر بدأت المدفعية الثقيلة ومدافع الهاوتزر والمورتار تصب سيلا من قنابلها علي الأحياء الثائرة, وبدأ الجنود الفرنسيون يتقدمون تحت ستارة من نيران المدفعية ليحتلوا أحياء الثورة شارعا شارعا.. واستمر ضرب المدفعية حتي المساء.
منقول...