إحذروا: خطة أمريكية لشل الدولة المصرية و نزع «صلاحيات السيسي»
========================================
على مدى أربع وعشرين ساعة طوال أيام الأسبوع تحول ما يسمى بـ«خلية مصر» بأحد الأقسام التنفيذية في المخابرات المركزية الأمريكية إلى خلية نحل تواصل الليل بالنهار للانتهاء من مشروعها الجديد الذي يفترض أن يعرض على لجنة الاستخبارات المشتركة قبل نهاية الشهر الجاري، المشروع الأمريكي الجديد الذي تناثرت معلوماته بشكل واسع خلال الأيام الماضية لم يكن مفاجأة بالمعنى المعروف لدى المحللين والمراقبين لتحركات العم سام وأجهزته.
فقد تحدثنا في أعداد ماضية عن الخطة الأمريكية لإعادة استخدام رفاق الأمس مرة أخرى من أجل إيجاد موطئ قدم للولايات المتحدة في الساحة السياسية والاجتماعية المصرية ليتسنى لهم تنفيذ ما لم يستطيعوا تنفيذه من خطة «رالف بيترز» المنادية بتقسيم الدول العربية وعلى رأسها مصر والسعودية.
الخطة الأمريكية الجديدة تفضي ببساطة إلى إنتاج حالة من الارتباك السياسي الدائم في المشهد المصري ينتج عنها فتح أبواب جديدة لأفكار الفوضى الخلاقة ومبادئ التآكل الذاتي للمجتمعات التي أنفقت الإدارات الأمريكية المليارات لتطويرها وزرعها في الشرق الأوسط طوال العقود الماضية.
والحقيقة هي أن اللقاء الذي تم مؤخرًا بين مسئولي الملف المصري بالمخابرات المركزية الأمريكية وأطراف مصرية لم يكن إلا جزءا تمهيديا من هذا المخطط أيا كانت العبارات الرنانة والوعود الوردية التي قدمها الأمريكان للسادة الذين قبلوا حضور هذا الاجتماع.
ودون خوض في تفاصيل ماذا حدث أو من وعد بماذا دعونا نبدأ الحديث عن حقيقة هذا الفخ الأمريكي الجديد والذي وإن كنا تطرقنا لجزء منه إلا أن الرؤية الآن باتت أكثر وضوحا مع ظهور تفاصيل جديدة لهذه الخطة.
الوثائق التي تم تسريبها من الخطة الأمريكية تحمل اسم المشروع أو The Project وتنص على عدة نقاط أولها إعادة طرح صيغة جديدة لفكرة الدولة الثيوقراطية مرة أخرى على شاكلة الموجة الانبعاثية الثانية مثلما حدث في تركيا ولكن مع بعض التغييرات.
النقطة هي تجسيد ثقافة ديمقراطية «المحاصصة» من أجل تأزيم الوضع السياسي الداخلى وخلق دولة جامدة للإسراع في عملية التفاعل الاجتماعي المضاد.
هذا ما كتبه خبراء الـ CIA حول المشروع الجديد الذي يسعون لفرضه على الواقع المصري ولكن ما وراء العبارات المزخرفة يكمن واقع أكثر عمقا وخطورة وخبثًا.
ففكرة المشروع أو The Project هي فكرة غير خافية على الكثير من مراقبي حال جماعة الإخوان الإرهابية بعد إطاحة المصريين بهم من السلطة فقد اعتمدت المجموعة الإستراتيجية في التنظيم الدولي للإخوان فكرة تحمل نفس الاسم “ المشروع “ لتقديمها إلى رعاتهم في دول أوربا والولايات المتحدة ونفس المشروع قدم للبرلمان الأوربي لإعادة طرح المشروع الإسلامي ـ على حد زعمهم ـ في مصر مرة أخرى وهو فيما يبدو نفس الإطار الذي بنيت عليه أفكار المشروع الأمريكي الجديد.
فالأمريكان بعد أن تبينوا أن استمرار دعمهم لجماعة الإخوان الإرهابية لن يغير شيئًا على أرض الواقع قرروا العودة إلى المجموعات التي تم زرعها بمعرفة السي آي إيه منتصف السبعينيات في المجتمع المصري من أجل خلق حالة الصراع الطائفي بأفكارهم المتشددة والذين سموا وقتها بالعائدين من أفغانستان من معتنقي الفكر الجهادي الذين ادعوا توبتهم في وقت لاحق وعليه تركت لهم المنابر ليعتلوها ومن ثم أصبحت لهم أحزاب شبه سياسية الآن قد حان دورهم في الدخول إلى دائرة التخطيط الأمريكية مرة أخرى.
فطبقا للوثائق المسربة حول المشروع الأمريكي فإن على هذه المجموعات بظهيرها السياسي استخدام القواعد التي أنشأتها لإعادة تقديم نفسها كرقم صعب في المعادلة السياسية من أجل تشكيل أو المساهمة في تشكيل حكومة ذات صبغة إسلامية من خلال تحالفات مع أحزاب مدنية تحتضن في داخلها عناصر الصف الثالث من قيادات جماعة الإخوان وتلبسهم ثياب السلفيين أو المدنيين من أجل إعادة طرح المشروع السياسي الإسلامي -كما حدث في تركيا بعد فشل التجربة السياسية الإسلامية الأولى “ حزب الرفاه “ حيث أعادت الاستخبارات المركزية الأمريكية وقتها طرح التجربة مرة أخرى تحت مسمى جديد وبشكل جديد وهي حزب العدالة والتنمية - مع الفارق أن التجربة التركية تركت الديمقراطية كي تأخذ مجراها ويختار الشعب التركي بينما الفكرة الأمريكية الجديدة لمصر ستعمل على مبدأ آخر تماما وهو الأكثر خطورة من عودة الإسلاميين أو الإخوان ربما وهو فكرة المحاصصة.
المحاصصة جاءت في النقطة الثانية من الوثيقة التمهيدية الأمريكية التي بين أيدينا وتتحدث هذه النقطة عن ضرورة الوصول إلى الدولة الجامدة بمعنى أن يتشكل كيان الدولة من مجموعات قوى متساوية متضادة فتتوقف دائرة اتخاذ القرار وبالتالي تسقط العملية السياسية وتتجمد العملية الخدمية وتظهر النعرات الطائفية والحزبية ما يؤدي إلى تصادم مكونات المجتمع بعضها ببعض.
أي أن الهدف الثاني لهذه الخطة هو “لبننة “ الحالة السياسية المصرية، فالوضع السياسي في لبنان يقسم السلطة في الدولة بين القوى الاجتماعية والإثنية الموجودة والتي أصبحت كل منها دولة داخل الدولة يمكنها تجميد العملية السياسية برمتها حتى إن كل مجموعة إثنية أو طائفية أنشأت لها قوة أمنية أو ميليشيات خاصة لتحمي مصالحها الأمر الذي ينتج عنه حروب صغيرة كل حين تبقى الدولة اللبنانية على شفا حفرة من النار بشكل مستمر.
الأمر ذاته مع بعض التغييرات تسعى الإدارة الأمريكية من خلال هذا المخطط لتنفيذها في مصر، حيث يسعى المشروع الجديد إلى تمكين تحالف الإسلاميين مع عدد محدد من الأحزاب غير الإسلامية للسيطرة على الكتلة البرلمانية الأكبر وبالتالي تشكيل حكومة تعمل ضد توجهات رأس الدولة أو كما ورد نصا “رئيس دون قوة“ وبلا صلاحيات، مع إلقاء اللوم على القيادة السياسية وهو الأمر الذي ستعمل عليه القواعد الجماهيرية لهذه المجموعات.
في الإطار ذاته تنتعش العصبيات الأيديولوجية بغطاء من الحكومة الجديدة لتتفشي حالات التصادم بين المسلمين والأقباط ما ينتج عنه حالة من الغليان ليصبح المجتمع مقسماً ما بين مؤيدي الرئيس سياسيا ومؤيدي الحكومة سياسيا وبين المسلمين والأقباط في الوقت الذي تجد إدارات وأجهزة الدولة نفسها عاجزة عن التحرك نتيجة تخبط القرار السياسي بين الدولة والحكومة مع ترد في الخدمات والحالة الاقتصادية ينتج عنه صدام شامل في المجتمع.. وقتها تكون أسوأ الفروض مقبولة للخروج من دائرة الأزمة المستمرة لتبدأ خطط أمريكية أخرى تتماشى مع أفكارهم حول تقسيم مصر إلى دويلات طائفية.