ظلم أصحاب السبت
الدرس : الأول
إن الظلم الذي وقع فيه أصحاب السبت يتلخص فيما يلى :
1. [size=24] تجرئهم على أوامر الله تعالى وأحكام شرعة , .
2. رفضهم النصية من الناصحين والناكرين عليهم .
3. نسيانهم لأوامر الله تعالى واستمرارهم على غيهم واعتدائهم., واحتيالهم الباطل .
قــصـــة اليهود والسبت :هذه قصة قرية من قرى اليهود و هي " أيلة " وهي تقع على شاطئ بحر القلزم , و لم يفصل القرآن عنها أي شيء اسم القرية أو موقعها , ولم يبن زمان القصة أو تفصيلاتها (و هذه من مبهمات القرآن ), وقال ابن عباس هي قرية يقال لها "أيلة" بين مدين والطور, وقد أمر اليهود سكان القرية بعدم صيد الحيتان و الأسماك يوم السبت وإبيح لهم الصيد في باقي أيام السبوع , وقد أبتلاهم الله في هذا التكليف , حيث كانت الأسماك تبتعد عنهم في أيام الصيد , بينما كانت تأتيهم يوم السبت (شرعاً )
قال الإمام راغب في المفردات :( أصل السبت : القطع . يقال سَبَتَ السير , أي فطعه . وسبت شعره : أي قطعه . وسمي النوم سباتا : لأن النائم ينقطع عن العمل أثناء النوم ) , وقد ذكر السبت ومشتقاته في القرآن سبع مرات كلها في سياق واحد , وهوالحديث عن اليهود .
وزين الهم الشيطان لطائفة منهم اصطياد الأسماك , وحتالوا على أمر الله تعالى ففسقهم هو الذي أوجب أن يبتليهم اللّه، وأن تكون لهم هذه المحنة، وإلا فلو لم يفسقوا، لعافاهم اللّه، ولما عرضهم للبلاء والشر، فتحيلوا على الصيد، فكانوا يحفرون لها حفرا، وينصبون لها الشباك، فإذا جاء يوم السبت ووقعت في تلك الحفر والشباك، لم يأخذوها في ذلك اليوم ، فإذا جاء يوم الأحد أخذوها، وكثر فيهم ذلك .
1) قال الله سبحانه وتعالى { واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ{163} و هذا السياق هو بسط لقوله تعالى : { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ {65} سورة البقرة , يقول الله تعالى ، لنبيه صلوات الله وسلامه عليه { وَاسْأَلْهُمْ } أي : واسأل هؤلاء اليهود الذين بحضرتك عن قصة أصحابهم الذين خالفوا أمر الله ، ففاجأتهم نقمته على صنيعهم واعتدائهم واحتيالهم في المخالفة ، وحذر هؤلاء من كتمان صفتك التي يجدونها في كتبهم ؛ لئلا يحل بهم ما حل بإخوانهم وسلفهم . وقوله تعالى { إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ } يعتدون فيه ويخالفون أمر الله فيه لهم بالوصاة به إذ ذاك . { إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا } قال ابن عباس : أي ظاهرة على الماء. { شُرَّعًا } من كل مكان.
و قال ابن جرير وقوله { وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ } نختبرهم بإظهار السمك لهم على ظهر الماء في اليوم المحرم عليهم صيده ، وإخفائه عنهم في اليوم المحلل لهم صيده { كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ } نختبرهم , فالتكاليق ابتلاء وامتحان , و في هذه الأية الكريمة ثلاثة ابتلاءات :
1. نهيهم عن الصيد يوم السبت .
2. مجيء الحتيان إلى اليهود يوم السبت ( شرعا ) كأنهم أشرعة على وجه الماء بحيث تكون قريبة منهم , تغريهم بصيدهم .
3. ذهاب الحيتان أيام الصيد يوم لا يسبتون , واختفاؤها عندما يتوجهون لصيدها في الأيام الأخرى .
ولله حِكَم بالغة من الابتلاء بالتكليف , { بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } يقول : بفسقهم عن طاعة الله وخروجهم عنها. وهؤلاء قوم احتالوا على انتهاك محارم الله ، بما تعاطوا من الأسباب الظاهرة التي معناها في الباطن تعاطي الحرام . عن أبي هريرة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود ، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل" وهذا إسناد جيد . (تفسير أبو بكر الجزائري + السعدي + مع قصص)