سبحان الله .. سيول و أمطار هنا ، و جفاف هناك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قبل أربعة عشر قرناً ، قال صلى الله عليه و سلم: (لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً و أنهاراً) [حديث صحيح].
من الأشياء العجيبة التي حدثنا عنها النبي الأعظم عليه الصلاة و السلام ، هذا الحديث الذى يدلنا على تاريخ الصحراء في الجزيرة العربية ، أو على أرض العرب إجمالاً ، و يحدثنا عن شيء سوف يحدث بعد فترة من الزمن .. طبعاً هذا الحديث لا يمكن أن يتصوره إنسان يعيش في القرن السابع الميلادي ، أي في العصر الذي قيل فيه هذا الحديث ؛ لأنه لا أحد يتخيل أن الصحراء ستنقلب إلى مروج و أنهار ، و لو تخيل ذلك لا يستطيع أن يتخيل أن هذه الصحراء كانت فيما قبل مغطاة بالأنهار و البحيرات و النباتات و المروج. و لكن النبي عليه الصلاة و السلام و هو الذي لا ينطق عن الهوى حدثنا عن هذا الأمر ، و هذه معجزة تشهد على صدقه ، و لم تنكشف أمامنا إلا حديثاً جداً.
في منتصف القرن العشرين بدأ العلماء يدرسون ما يسمونه دورة الطقس أو دورة المناخ ، و وجدوا أن هنالك دورة للكرة الأرضية ليس حول نفسها أو حول الشمس أيضاً محور الأرض يدور حول نفسه ، فالآن الأرض تميل أثناء دورانها على محورها بحدود 23 درجة و نصف عن هذا المحور ، و بسبب هذا الميلان ينشأ كما نعلم الصيف و الشتاء و الربيع و الخريف. و لكن هذا المحور مثلاً قبل آلاف السنين كانت درجة ميلانه أكبر مما هي عليه اليوم ، و قبل ذلك كانت أكبر ، و لذلك فإن الأرض كانت تمر بعصور يسمونها العصور الجليدية ، و منذ أكثر من عشرين ألف سنة كانت أوروبا (قارة أوربا) مغطاة تماماً بطبقات من الجليد يبلغ سمكها مئات الأمتار ، هذه الطبقات التي غطت قارة أوربا بالكامل قالوا إنها حدثت في العصر الجليدي منذ أكثر من عشرين ألف سنة.
بدأ علماء وكالة ناسا في رحلتهم حول كوكب الأرض باستكشاف المناطق الأثرية ، و المناطق التي تحوي الثروات الطبيعية مثل الغاز و البترول و المعادن ، و بحثوا في كل مكان. و أخيراً قالوا لماذا لا نبحث في صحراء الربع الخالي ، و هي صحراء تمتد آلاف الكيلو مترات و هي خالية تماماً ؛ يعني لا تكاد تجد فيها حيوان أو لا بشر، و يستحيل على عقل إنسان أن يصدق أن هذه المنطقة كانت ذات يوم مغطاة بالأنهار و المروج .. هذه المنطقة هي الأكثر جفافاً و خطورة في العالم ؛ و لا يمكن لبشر أن يتوقع أن هذه المنطقة كانت ذات يوم تعج بالحياة و الأنهار و الغابات الكثيفة و المروج التي تمتد لآلاف الكيلو مترات.
صور بالقمر الصناعي لصحراء الجزيرة العربية
بعد استخدام تقنيات المسح عن بعد (بالأشعة تحت الحمراء، و بالأشعة الراديوية و باستخدام كل التقنيات المتاحة لديهم) ؛ وجد العلماء آثاراً لغابات كثيفة و مروج على عمق عدة أمتار تحت الرمال ، و تغطي مساحة 8000 كيلو متر مربع من الربع الخالي. و العالم الذي أشرف على هذا الاكتشاف قال بالحرف الواحد: "إن هذه المنطقة كانت ذات يوم مغطاة بالأنهار و البحيرات العذبة و النباتات و المروج ، و أن هذه المنطقة كانت في ذلك اليوم أي الماضي أشبه بأوربا اليوم" ؛ يعني كانت تماماً تشبه أوربا في أنهارها و مروجها و أشجارها.
الدكتور (McClure)
- يقول الدكتور (McClure) في أطروحته للدكتوراه عام 1984 في لندن: "إن منطقة الربع الخالي تشكلت قبل حوالي مليوني سنة ، و لكن هذه الصحراء لا تبقى على حالها بل تتبع نظاماً جيولوجياً مدهشاً ؛ حيث نلاحظ أن الأنهار و الغابات تغطي هذه المنطقة كل فترة من الزمن.
- يتابع الدكتور(McClure): "قبل 37000 وحتى 17000 سنة كانت مغطاة بالمروج و الأنهار العذبة ، ثم بعد ذلك حدث تغير في المناخ ، و تشكلت الصحراء من جديد ، و بعد ذلك أي قبل حوالي 10000 إلى 5000 سنة عادت و غُطيت بالمروج و الغابات و البحيرات و الأنهار. و هكذا وفق دورة عجيبة! و قد عثرنا في منطقة الربع الخالي على أسنان لفرس النهر ، و كانت بحالة جيدة ، و عثرنا على آثار لمخلوقات نهرية عديدة و حيوانات مثل الجمال و الخراف و الغزلان كانت ترعى ذات يوم!"
- و يتساءل الدكتور (McClure): "هل يمكن للأمطار الموسمية أن تعود بغزارة إلى منطقة الربع الخالي ؛ فتعود البحيرات و المروج و الأنهار من جديد؟" .. هناك بعض المؤشرات لذلك ، ففي صيف 1977 جاءت أمطار موسمية و نزلت في الشمال الشرقي للربع الخالي ، و لكن بنسبة محدودة ، و يرجح الدكتور (McClure) أن تعود الأمطار و تعود البحيرات و المروج إلى هذه المنطقة في وقت ما في المستقبل ؛ (مع أنه لم يطلع على الحديث النبوي!!).
الخلاصة
و هذا ما أشار إليه الحديث النبوي قبل أربعة عشر قرناً: (لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً). و العجيب أن النبي عليه الصلاة و السلام لم يقل (حتى تأتي المروج و الأنهار).. لا.. بل قال: (حتى تعود) لماذا؟ نستطيع أن نستنتج أنها كانت كذلك و ستعود إلى ما كانت عليه ؛ فأرض العرب كانت مروجاً و أنهاراً و ستعود ، و هذا ما يقوله العلماء بالحرف الواحد ، و صوروه بأجهزتهم ، و لذلك نحن اليوم أمام حقيقة يقينية لا يمكن لأحد أن ينكرها أو يشكك في صدقها. بل يقولون إن ما يميز صحراء الربع الخالي قبل عدة آلاف من السنين أنها كانت مغطاة بالأعشاب و المروج بشكل جذب الكثير من الحيوانات إليها.