[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]حروف ممنوعة _ هشام حسن
8 يناير، الساعة 05:29 مساءً ·
((الحب فى حضرة الصريم))
================
تقديرها الممتاز عند التخرج ومشروعها المميز كانا طريقها للتعيين فى تلك الشركة العالمية .... تم التغاضى عن نقابها فقد كانت بالنسبة لهم فرصة
فى العمل أيضا كانت دائما الأبرز .... تجمع بين الحرفية والإلتزام الشديد حتى أصبحت بعد عام ونصف رئيسة فريق لأحد البرامج المتقدمة بالشركة .... نعم ففى الشركات العالمية التى يديرها أجانب يصبح المعيار الكفاءة لا القرابة والمحسوبية ومقايضة المصالح ويصبح بالإمكان أن تأخذ مكانة تستحقها بجهدك وتميزك
كان اليوم هو أول أيام الدورة التدريبية التى سيتلقاها الفريق لخمسة ايام فتوجهت مع الفريق المكون من خمس مهندسات إلى القاعة المخصصة للتدريب
بعد قليل دخل المدرب ... للوهلة الأولى تعجبت من سنه ومظهره ... كان لا يتجاوز الثامنة والعشرين على الأكثر .... كان شعره ناعما طويلا يصل إلى كتفيه وقد تركه ثائرا بعفوية ويرتدى بذلة فخمة أنيقة على قميص مفتوح يظهر سلسلة فضية .... وكان وسيما جدا ... تنبهت للحظة أنها تفكر بطريقة غريبة لم تعهدها ... وكان فى تلك اللحظة يعرف بنفسه وبشهاداته المتقدمة جدا فى هذا المجال والتى حصل عليها من الخارج وحان وقت تعريف المتدربات بأنفسهن .... عرفت بنفسها بنبرة صارمة تختلف عن نبرات باقى الفريق تماما
بدأ بعرض المادة التدريبة ببراعة واضحة وكانت لغته الإنجليزية رائعة أيضا
أثناء الإستراحة غادر الغرفة فتقاربت رؤوس المهندسات وسمعت ضحكاتهن الخافتة وحديثهن عن (السوبر ستار) .... تعالت القفشات عن وسامته وقوامه وشياكته وقالت إحداهن ضاحكة
.... إذا خرج من هنا دون أن يخطب واحدة منا فسأدفن نفسى حية
عاد إلى الغرفة وبدأت المناقشات حول المادة التدريبة وكان لها النصيب الأكبر منها كونها أكثرهم فهما وتميزا
فى نهاية اليوم غمزتها إحدى المهندسات ضاحكة ولكن بمغزى قائلة
.... النقاب خطف عيون الحليوه ... لا يسمع إلا كلامك
ردت بوضوح وقوة
.... يا مهندسات هذا تدريب وليس فرصة للإيقاع بعريس ! ركزوا
قالتها وعقلها يسأل .... هل فعلا كان مهتما بكلامها تحديدا .... وما الغرابة فى ذلك ؟ هى تعرف أن أسئلتها ومناقشاتها كانت مهمة ومحترفة وفى تفاصيل مهمة
.........
......
فى اليوم الثانى بدا التغيير واضحا على كل المهندسات ... إنسدلت الشعور وتم لإهتمام بالماكياج جدا .... ثقلت الحواجب وحددت العيون والشفاه وأنتصبت الرموش وطالت بفعل الماسكرا المكثفة
خلال المناقشات أيضا تعمدت كل واحدة أن تزيل شيئا من الكلفة ولم يصدهن وبادلهن ذلك بل أصبح يدعوهن بأسماءهن مجردة ... فقط عندما يحدثها تكتسب ملامحه الجدية وتسير كلماته داخل إطار المادة العلمية ويدعوها بالباشمهندسة
........
....
فى اليوم الثالث كانت متوجهة إلى غرفة التدريب بعد الإستراحة فوجدته يخرج من غرفة مخصصة للصلاة ويرتدى حذاءه .... ضبطت نفسها مبتهجة جدا فلم يكن مظهره يدل على إلتزام ... وتعجبت! ولم هذا الإبتهاج ؟ ثم أقنعت نفسها بأنه من باب حب الخير للناس
.........
كانت تقوم بحل أحد التدريبات خلال النصف الثانى من اليوم والذى حدد له نصف ساعة عندما رفعت رأسها لتفكر لتجد عينيه مركزتين عليها .... تركت عيناها لعينيه لبرهة قبل أن تخفضهما بسرعة وقد إضطرب كيانها .... فقدت تركيزها لبعض الوقت ثم عادت لتكمل ... إنتهت من التدريب وكانت تريد أن تناقشه فى النتيجة ... تمهلت قليلا فلم يكن أحد قد إنتهى بعد وخشيت أن تجده ينظر إليها ولكن سرعان ما سخرت من نفسها وتعجبت أن ينساق عقلها لمثل هذا التفكير ولكن على عكس مادار بخلدها ... رفعت عينيها بسرعة ... كان يقف قريبا جدا منها ووجدت عينيها فى عينيه مباشرة مرة أخرى ... إضطربت وخفق قلبها ... وأخفى النقاب تعبيرات وجهها ... ولكن هل أخفى عينيها ؟
حاولت أن تجعل صوتها طبيعيا وهى تعرض عليه النتيجة ولكنها أحست أن صوتها متهدج ... إنتهت فسألته عن رأيه .... إبتسم إبتسامة عصفت بها وهمس
عبقرية
.......
.....
إنتهى اليوم وبينما كانت تغادر سمعت إحداهن تقول للأخريات وسط الضحكات تقول
..... من الغد سأرتدى النقاب لعيون الجميل
........
......
قادت سيارتها إلى المنزل مستغرقة جدا فى التفكير فيه ..... كيف يحدث هذا ؟ بأى منطق ؟ مظهره بعيد تماما عن كل ما تتخيله لرجل ترتبط به ؟ اسلوبه مع زميلاتها ومبادلتهن الضحكات ؟ كيف! كيف!
..............
.........
فى اليوم التالى عادت إلى شخصيتها الصارمة .... تعمدت أن تتجاهله تماما .... تعمدت أن تخنق كل سؤال وكل رغبة فى المناقشة .... حتى عندما وجه لها سؤالا ردت بكلمة مقتضبة محتدة متعمدة عدم النظر إليه ... وأحست بنوع من النصر وأنها عادت لطبيعتها
فى نهاية اليوم وعندما كانت تستعد لمغادرة القاعة مع الباقيات قال
...... من فضلك يا باشمهندسة أريد مناقشتك فى الخطة التنفيذية لتطبيق البرنامج لديكم بوصفك رئيسة القسم
توقفت فى حين غادر الجميع .... جلست على أقرب المقاعد إلى الباب المفتوح ... سحب كرسيا ببساطة متحدية ليجلس قبالتها وهى تتعمد النظر إلى حاسبها
قال
...... باشمهندسة ، أنا معجب بك
ذهلت .... ما هذه الجرأة !!! ردت بسرعة
..... أفندم ! يا باشمهندس هذا مكان عمل
..... وماذا أفعل ؟ أنا فعلا معجب بك وأحدثك بدون لف ولا دوران ؟ أريد أن أعرف رأيك بوضوح
لم تستطع تحديد مشاعرها .... أمواج تتلاطم بعنف داخلها ولا تعرف ماذا تقول
وجدت لسانها يعاندها ويقول
..... وما الذى يمكن أن يعجبك فىّ خلال ثلاثة ايام
رد ببساطة
.... بصراحة .... عينيك وقوامك
كادت أن ترفع يدها فتلطمه ... وتنازعها شعور عجيب بين الذهول من جرأته الوقحة والإستغراب كيف لامست كلماته مشاعر الأنثى وكيف فجرت سعادة عجيبة داخلها فى نفس الوقت
لم تنطق بكلمة فقال
.... سامحينى إن كانت كلماتى صادمة ... لكنها الحقيقة ...... لا أريد أن ألوث ما أراه أمامى من طهر وبراءة بأن أكذب ... هذا ما حدث أولا ثم أكتشفت أننى أمام عقل وأخلاق لم أقابل مثلها فأحببتك .... هكذا بكل بساطة
لم تعد قادرة على أن تنطق بحرف ولكنها كانت واثقة أن صوت أنفاسها يفضح مشاعرها ... إنها فعلا ...... قد هامت به حبا وأنتهى أمرها !
قال لها
..... غدا اليوم الأخير أنا بإنتظار ردك
وغادر !
.........
.....
لا تعرف كيف مرت ليلتها .... لم تعد تناقش مشاعرها نحوه .... كلما تستعيد عباراته تغوص أكثر فى حبه .... المشكلة أنها لا تعرف عنه شيئا .... مظهرة لا يمكن أن يلقى قبولا فى محيطها .... وماذا عن إلتزامه .... إنه يصلى .... ولكن ماذا عن البقية .... شخص درس بالخارج وكان يتحدث مع زميلاتها بحرية .... شاب بهذه الوسامة والأناقة والتعليم والوظيفة كم واحدة رأته فرصة وكم واحدة عرضت نفسها ؟
ستحدثه بصراحة جزئية .... ستخبره بتحفظاتها وتخفى مشاعرها
...........
........
فى اليوم التالى دخل من باب الحجرة بمظهر مختلف كان قد قصر شعرة .... وأرتدى ربطة عنق جميلة وأحست أنه يتفهم ما يقلقها
فى نهاية اليوم إستبقاها وكانت واثقة أن المهندسات يفهمن ما يدور
قال لها
.... أنا افهم كل ما يدور بداخلك ... لست كما تظنين ... إنه مجرد مظهر .... اعطينى فرصة لتتعرفى على ... أطرق البيت من بابه .... أريد أن أتقدم لك فورا
نست كل ما خططت له وكانت تحلق فى سعادة دافئة وهى تقبل ان يتقدم لها
..........
وجاء يوم النظرة الشرعية ... وكانت تتحسب لذلك اليوم وتخشاه فسوف يرى وجهها لأول مرة ... ولكن عندما دخلت لتجلس إليه فى حضور أخوها ووالدتها ووالدته ... رأت عيناه تلمعان بالحب فقر فى قلبها أنها قد وجدت سعادتها
.......
وتزوجا .... وفى كل يوم تجلى لها أنه رجل بكل معانى الرجولة .... كان يتلمس رضاها فى كل شئ ويغدق على أنوثتها برقة وشغف ... وكان بنفسه توق إلى الخير والإلتزام ساعدته عليه فى غير تزيد ... وكان يصحبها فى كل مكان ولا يفارقها حتى فى تسوق أو زيارات لأهلها ... وعاشا سعادة غامرة كللت بعد أشهر بحملها
.........
وذات صباح إختلجت أنفاس الوطن فقامت ثورة ... وكانا فى مقدمة الصفوف ولم يؤخرها حملها عن النزول إلى الميادين وكان يحيطها كأنه درع واق ... كانا مخلصين من أجل إنعتاق الوطن من حكم الطغمة الفاسدة ... من أجل المسحوقين لا من أجل أنفسهم
وأنتصرت الثورة فى يوم مجيد فسموا الوليد ثائر وقرت به أعينهما
ومضى الحلم يكبر رغم الآلام وأصبحت قضية الوطن قضية حياتهما فيها يبذلان كل جهد ومال وكان لهما إيمان بالنصر أكيد
وذات يوم إجتمعت أياد خائنة وتقاسموا ليصرمن الحلم مصبحين .... وعادا إلى الميدان يتمسكان بالحلم ويرفضان عودة الطغمة المجرمة المدنسة للوطن لعقود ... كانت تصاحبه طوال اليوم فإذا أقبل الليل أرجعها إلى البيت وعاد لمكانه
وذات فجر هجم المجرمون على جحافل البراءة بنيران لم يطلقوا مثلا يوما على من إحتلوا الوطن وأسفرت الوحوش عن وجوهها القميئة وحقدها الأسود على كل معنى للصفاء والخير والحرية
وأخذت تتصل على هاتفه ولا مجيب ... وغاص قلبها فى جُب بلا قرار ومنعها أبوها من الخروج ونزل وأخوها يبحثان ولم يجداه
وفى اليوم التالى قيل أن الشهداء مسَجّون بأحد المساجد ..... ولم يستطيعوا منعها ... وعلى سور المسجد كانت ورقة .... وكان إسمه بينهم
وإنتابتها قوة قاهرة فثبتت واسترجعت ودخلت وكشفت عن وجهه فكان أبهى ما رأت من أحواله وخيل إليها أنه سيفتح عينيه الجميلتين
وعز البكاء فلا دمع يكفيه ... واحتسبته عند ربها ... وأنكبت على إبنه ترعاه وترى فيه نسخة من شمائل أبيه ... ومضت تربيه وتصنعه على عينها .... وتعده ليوم ثأر موعود.!