Mohammed Haffz
***************
أن تكون إبراهيم عيسى !
==============
عادة لا أُحب الكتابة عن أشخاص.. وتزيد هذه الرغبة عندما تكون الكتابة عن زميل أو أُستاذ فى الحقل الصحفى والإعلامى.. ودائمًا أقول لنفسى أن تقييم زميل لزميله درب من دروب العيب..
لكن إذا كانت هذه هى القاعدة فيجب أن يكون لها استثناء.. وإذا كان بيننا إبراهيم عيسى فالكتابة عنه واجبة.. ولا أتعامل هنا مع الأستاذ إبراهيم على أنه شخص أو زميل أو أُستاذ، ولكنه حالة اقتربت من أن تكون ظاهرة.
إبراهيم عيسى باختصار شديد هو مدرسة فى كيفية التلاعب بالعقول.. يعتز بذلك كثيرًا.. نعم بإمكانه أن يُقنعك بالشىء ثم يعود ليقنعك بعكسه بعده بدقائق.. يتعامل وكأنه المثقف الأوحد، والفكر الأوحد ، وصاحب البصر والبصيرة الأوحد.
.
أرسم خط بياني بالتوقيت الزمني لمواقفه وأفكاره وأُطروحاته ، لتدرك سيرك إبراهيم عيسى الذى لا يُريد أن ينتهي.. حلقة لا نهائية من الفقرات المتنوعة..
إبراهيم عيسى فى يوم من الأيام قال إن لنا الفخر أن هناك قناة عربية اسمها "الجزيرة"، وحاول أن يُقنعنا بذلك أو رُبما أقنع البعض.. ثم عاد ليقنعنا أنها قناة الخراب والمؤامرة...ثم عاد الآن لينكر وجود المؤامرة من الأساس !!
.
إبراهيم عيسى أتهم النظام فى ميدان التحرير أثناء ثورة يناير بأنه نظام قاتل وحاول أن يُقنعنا بذلك، ثم عاد لتبرئة النظام من قتل من كانوا فى الميدان.. إبراهيم عيسى هو من فتح الباب الواسع للإخوان فى الصحافة أثناء رئاسة تحريره لجريدة الدستور.. بعد انتخابات 2005 كتب عيسى مانشيت شهير لمقال "انتهى الدرس يا وطنى"، وكان هذا المانشيت هو أول احتفاء بالصعود السياسى للإخوان...بل وكان هذا المقال بالتحديد هو ماينفستو اسقاط الأنظمة الذي رفعه الإخوان منذ ذلك اليوم وحتى استيلائهم على الحكم في غفلة من الزمان .
.
ومُنذ 2005 وحتى ترك إبراهيم عيسى للدستور فى 2010 كانت الجريدة عبارة عن منشور للإخوان، وكوادرها، ورجالها، وأتباعها الظاهرين والمستترين.. وقتها سقطت كل قناعات عيسى تجاه الإخوان.. تراجعت أفكاره التنويرية تجاه المجتمع أمام المصالح.
.
هذة التركيبة الخاصة للصحفى الكبير أُضيف لها بُعد آخر عندما أذاع الدكتور عبدالرحيم علي في برنامجه الصندوق الأسود اتصالا تليفونيا بين عيسى والبرادعى كان فيه عيسى يُملى على البرادعي صياغة أفكاره.. كانوا جنودًا في معركة الضغط على المجلس العسكرى في توقيت كانت الأمة المصرية كلها مُهددة بالانكسار.. هذا التسجيل ربما يُفسر تقدير إبراهيم عيسى للبرادعي، وهجوم إبراهيم عيسى على الرئيس السيسي.. البرادعى رجل لين يُمكن تطويعه.. يُمكن التلاعب به وإملاء الأفكار عليه، أما السيسى فينتمي لمعسكر آخر من الصعب ممارسة هذه الهواية معه.
.
إنها عُقدة الأُستاذ هيكل التي سيطرت - ومازالت - على أجيال من الصحافة.. الصحفي الذى يقود السياسة وأهلها.. الصحفى الأوحد.. صحفى المهام الخاصة.. يتبدل الزمن وتبقى عقدة هيكل تتسلمها الأجيال.. مثلما يبقى سيرك الأُستاذ إبراهيم عيسى وتلاعبه المُستمر بعقولنا.. الأشياء ونقيضها مصحوبة بقدرات خاصة في النقد والسخرية والذبح دون دماء..
سيظل السيرك منصوبًا وعروض الأُستاذ المسلية ستبقى على إيقاعها ومنهجها ولكن إلى حين.. لأن السيسى لن يكون البرادعى، ولا أنت ستُصبح هيكل.
.
-------------------------------------
مقال للصحفي الشاب / احمد الطاهري