Mohammed Hafez.
***************
✪ قراءة في بعض دلالات براءة الأجهزة الأمنية من تلفيق قضية اغتيال النائب العام ✪
===============================================
(1) كانت الأجهزة الأمنية في بداية التحريات ترى أن عملية اغتيال النائب العام كبيرة على الإخوان ، لما فيها من تجهيز عالي ، ودقة في الرصد و المتابعة ، فقد كانوا يرون أن لجان الإخوان النوعية مشكلة من مجموعة هواة
.
(2) في 1 يوليو 2015 و بعد اغتيال النائب العام بيومين ، أعلنت الأجهزة الأمنية تصفية 13 قيادة إخوانية في مواجهة مسلحة داخل إحدى شقق مدينة 6 أكتوبر ، و رجحت بعض ( التقارير الإعلامية ) أن هذه الخلية متورطة في اغتيال المستشار «هشام بركات» ، وأُذيع وقتها أنه عُثر بحوزتهم على وثائق وأدلة تكشف تخطيطهم لتنفيذ عمليات ضد مؤسسات الدولة ( لكن لم يخرج بيان رسمي يؤكد حقيقية هذه الترجيحات )
.
(3) اتجهت أعين الأجهزة الأمنية في البداية للمجموعات الجهادية ، وفي مقدمتهم تنظيم «المرابطون» بقيادة الضابط المفصول «هشام عشماوي» ، ووفق ما تم نشره يوم 2 يوليو 2015 كانت الترجيحات تشير إلى أن العملية تمت على غرار محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق اللواء «محمد ابراهيم»
( لكن لم تصدر الأجهزة الأمنية أية بيانات رسمية عن صحة هذه المعلومات)
.
(4) في 4 فبراير 2016 رجحت مصادر أمنية (مش بيان رسمي) لوسائل إعلامية أن خلية تابعة لتنظيم «أجناد مصر» الذي أسسه الارهابي «همام عطية» تم القبض عليها في منطقة البساتين هي التي وراء اغتيال النائب العام
.
(5) استغرقت عملية القبض على العناصر المتورطة في الاغتيال 7 أشهر من يونيو 2015 حتى مارس 2016 ، ما يعني أن الوصول للجناة الحقيقيين استغرق الكثير من الجهد و البحث و المتابعة و التحري أيضا عن أعضاء هذه الخلايا النوعية ولم يكن الأمر عشوائيا
.
(6) من الوهلة الأولى ربما يظهر أمامنا أن هناك حالة من التخبط فيما تم نشره من تفاصيل حول هذه العملية ، لكن الحالة التي كانت عليها الأجهزة الأمنية في هذه المرحلة من الإنهاك المتزايد نتيجة مئات العمليات الإرهابية وقتها ، وعشرات التنظيمات و الخلايا التكفيرية المسلحة العشوائية التي انتشرت في طول البلاد وعرضها ، وضع الأجهزة في نوع من التشتت والإجهاد و الاستنزاف ، في ظل غياب ملحوظ للمعلومات
لكن النهاية تشير إلى أن قرار الإعلان عن الجناة الحقيقين لاغتيال النائب العام لم يكن عشوائيا ، و إلا لكانت الداخلية اكتفت بتلفيق التهمة لأي من التنظيمات الأخرى مثل خلية هشام عشماوي ، أو أجناد مصر ، أو محمد الظواهري ، أو داعش ، أو غيرها من الكيانات العشوائية التي تكاثرت مثل السرطان خلال تلك المرحلة .
(7) كانت الخيوط الأولى لكشف خلية التنفيذ قد بدأت تتكشف عند القبض على الإرهابي «محمود الأحمدي» في 7 نوفمبر 2015 بعد فشل تنفيذ عملية إرهابية بمنطقة «أبو كبير» بمحافظة «الشرقية» حاولت تنفيذها الخلايا العنقودية التابعة للارهابي الطبيب «يحيى موسى» ، ليتم عقب ذلك عملية طويلة ومعقدة من التحريات المكثفة على مدار 4 أشهر في سرية تامة ، لرصد باقي العناصر المختبئة ، والإمساك ببعضهم أثناء رصدهم و مراقبتهم لشيخ الأزهر و السفير اﻹسرائيلي في 17 يناير 2016.
.
( ضم التنظيم امرأة واحدة مجهولة ، ليست من ضمن الكوادر النسائية المشهورة و المعنية بالتنظيم النسائي للإخوان وهي الطبيبة «بسمة رفعت ابراهيم» التي تلقت مبالغ مالية تجاوزت 250 ألف دولار من «يحيى موسى» لتوصيلها لعناصر الخلايا العنقودية •• والسؤال الذي يطرح نفسه : إذا كانت القضية ملفقة فلماذا لم يتم وضع اسم ابنة أحد قيادات مكتب الإرشاد أو القيادات الكبرى داخل التنظيم ؟؟!!
.
(9) الغريب أن الطبيبة الارهابية «بسمة رفعت» اعترفت في تحقيقات النيابة على زوجها العقيد متقاعد بالقوات المسلحة المدعو «ياسر ابراهيم عرفات» بانتماءه للتنظيم الارهابي ، رغم عدم رصده حتى تلك اللحظة بواسطة الأجهزة الأمنية التي لم تكن على علم بانتمائه لأي من التنظيمات
⚡️ وكان اعترافها مفاجأة لقاضي التحقيقات الذي اندهش من جرأتها عما أخبرت به ، مذكراً إياها بأن لديها أبناء صغار في الخارج ، وأن ما قالته من شأنه أن يورط زوجها ويقضي على مستقبله ، لكنها قالت نصا : "حتى لا تقول الأجيال القادمة أن النساء هُن من تصدرن للجهاد بينما تخاذل الرجال وجلسوا في البيوت " !!!
.
(10) تنظيم «يحيى موسى» يختلف كليا عما كانت تسير عليه الجماعة تنظيميا ، إذ أن الكيان كان عبارة عن "خلايا عنقودية" من دوائر أزهرية ، كونه تولى مسؤولية النشاط الطلابي داخل «جامعة الأزهر» ، و يعد بمثابة "تيار ثالث" يختلف عن منهجية الحرس القديم ، و منهجية الارهابي الطبيب «محمد كمال» مؤسس اللجان النوعية المسلحة.
.
(11) «يحيى موسى» استعان وفقاً لاعترافات المتهمين بـ ثلاثة ضباط من حركة «حماس» ( أحدهم من كتائب عز الدين القسام) في التدريب العسكري للخروج بعناصره بشكل يختلف عن مجموعات الهواة التي أسسها «محمد كمال»
.
(12) و فور معرفة وإذاعة تورط حركة «حماس» في هذه القضية ، استنكرت الحركة وقتها اتهامها بالمشاركة في تنفيذ مشاهد عملية الاغتيال ، لاسيما أن تلك المرحلة شهدت عودة و ترتيب للملف الاستخباراتي مع حماس ، و كانت النتيجة أن وفدا رسميا من حماس زار القاهرة بعدها بساعات ، و تم إطلاعهم على كافة تفاصيل القضية و تحرياتها
حينها أبدت حماس انزعاجها من حجم المعلومات الضخمة التي توافرت لأجهزة الأمن المصرية والتي أثبتت تورط عناصرها في القضية ، ولكي تتهرب من هذا الموقف إدعت أن التعاون مع الإخوان تم بشكل غير رسمي ، و أنها على استعداد لتسليم المتهمين ، لكن تم التغاضي عن ذلك مقابل التعاون في تأمين الحدود الشرقية لمصر .
(13) كلمة الارهابي «محمود الأحمدي» المتهم الرئيسي في القضية بأن اعترافاته تمت تحت الضغط والإجبار لا تعني أنه لم يشارك في وقائع التنفيذ و التخطيط ، لاسيما أن الإخوان يعتبرون أن الحرب خدعة ، و أن الكذب جائز شرعاً إذا كان في حالة الحرب ، و يجوز توظيفه واستخدامه لحماية المجاهدين فيما يسمونه في أدبياتهم بـ #فقه_الأسر
.
(14) الاعترافات الأولية التي أدلى بها المتهمون كانت هي الحقيقة بعينها ، فقد جاءت تحت فكرة الزهو والتباهي والفخر بالفعل نفسه ، و أنه عين الجهاد ، و أن أمثالهم لا يمكن لهم التبرؤ من تهمة الجهاد و الدفاع عن الإسلام ( من وجهة نظرهم )
.
(15) تضمنت اعترافات المتهمين في النيابة تأصيلاً شرعياً و فقهياً لما يقومون به ، و هي المرحلة التي شهدت نشر مجموعة من الدراسات البحثية و المنهجية تعني "أن السلمية ليست من ثوابت الإسلام و ليست من ثوابت الجماعة ، و أن النزعة الجهادية استقرت كعقيدة فى صلب منهجية «حسن البنا»، تحت عناوين متعددة مثل : "فقه المقاومة الشعبية للانقلاب"... "فقه دفع الصائل".. "دليل السائر ومرشد الحائر "... "كشف الشبهات لما عليه الناس من اختلافات"
.
(16) حملت اعترافات المتهمين في الفيديوهات التي بثتها الأجهزة الأمنية الكثير من الثقة و الإيمان المطلق بدورهم في عملية اغتيال النائب العام كونه صاحب القرار المصيري بفض «اعتصام رابعة» الارهابي
.
(17) ادعاءات المتهمين بتعرضهم للتعذيب ثبت كذبها بعد عرضهم على الطب الشرعي ، و لم يعترض أي من محاميهم رسمياً على نتيجة تقرير الطب الشرعي
(18) ضمت هذه القضية أكثر من 60 متهما ، منهم من حصلوا على البراءة ، ومنهم من حصلوا على أحكام مختلفة تبدأ من 3 سنوات إلى 25 سنة ، و لم يتم ذكرهم من قبل إعلام الإخوان
.
(19) وأخيراً وللمعلومية ، فلكي يتم تنفيذ حكم الاعدام في أي شخص/أشخاص فلابد أن تتم محاكمته أمام 4 محاكم و عشرين قاضي كالتالي:
.
أ - محكمة الجنايات وعدد أعضائها ثلاثة قضاة ، ولابد أن يوافق الثلاثة قضاة (بالاجماع) على حكم الإعدام بأدلة اثبات قاطعة لا شك فيها ، وأي شك يفسر فورا لصالح المتهم ، و بعد الحكم بالاعدام ، تطعن النيابة العامة نفسها التي طلبت هذا الحكم بالطعن عليه ، حتى لو لم يطعن المتهم أو محاميه على الحكم .
ب - يذهب الطعن اللي محكمة النقض وعدد قضاتها 7 من مشايخ وأكابر القضاة ، والتي حال قبولها للطعن تحكم بإعادة المحاكمة أمام دائرة جنايات أخرى
ج - إعادة المحكمة أمام دائرة جنايات أخرى وعدد قضاتها 3 ، حيث تقوم بإعادة المحاكمة من البداية بكل مراحلها وتفاصيلها مرة أخرى ، وفي حالة حكمها بالإعدام لابد أيضا أن يوافق الثلاثة قضاة (بالاجماع) أيضا على حكم الإعدام بأدلة اثبات قاطعة لا شك فيها و أي شك يفسر لصالح المتهم ، و بعد صدور حكم الاعدام للمرة الثانية تقوم النيابة العامة بالطعن على الحكم للمرة الثانية .
د - وفي حالة قبول الطعن للمرة الثانية ، ففي هذه الحالة تتصدى محكمة النقض بنفسها وبقضاتها السبعة (دائرة مختلفة عن الدائرة الأولى) للمحاكمة من البداية بكل مراحلها ، ولابد أيضا أن يوافق السبعة قضاة ( و هم من شيوخ القضاء) على حكم الإعدام بأدلة اثبات قاطعة لا شك فيها ، وأي شك يفسر لصالح المتهم ، فاذا تيقنت المحكمة من أدلتها وثبت في يقينها وقوع الفعل ، تصدر حكمها بالإعدام ، وعندها يكون الحكم نهائي وبات وواجب التنفيذ.