Mohammed Haffz.
***************
#يوم_الشهيد .. عندما رحل «الجنرال الذهبي» كالنسور
==============================
■ زي النهاردة من 50 سنة عاد «الفريق عبدالمنعم رياض»، رئيس أركان حرب الجيش المصرى، من بغداد، بعد حضوره اجتماعات لرؤساء أركان حرب جيوش الجبهة الشرقية
■ «الفريق عبدالمنعم رياض» كان من الشخصيات العسكرية اللي وصلت للعالمية بالفعل ، ودا مش كلامنا ، لكن كلام الجنرالات الروس من قادة مجلس السوفيت الأعلى اللي أطلقوا عليه لقب #الجنرال_الذهبي من فرط اعجابهم بحرفيته ومهاراته كقائد عسكري من الطراز الرفيع
■ لم يكن «عبدالمنعم رياض» ضابطا عاديا منذ بدايته، فقد كان عاشقا للعسكرية المصرية ولذلك وهب حياته كلها لها ، فعاش عمره كله حتى استشهاده بلا زواج ، وكان مؤمنا بأنه لا حياة لمصر بغير جيش قوى يحميها، وأن الجيش القوي هو الذى يستعد لحرب قادمة وليس لحرب سابقة، وكان متبحرا فى العلوم العسكرية فتعددت مصادر دراساته ، حيث درس فى بريطانيا والاتحاد السوفيتى، وأجاد أكثر من لغة كالإنجليزية والفرنسية والروسية بطلاقة، وكان مؤمنا أن القائد يجب أن يكون قدوة بسلوكه وليس بكلماته.. ومن كلماته المأثورة لضباطه وجنود.. القائد الحق لا يقول لجنوده تقدموا وإنما يقول لهم اتبعوني
■ وُلد الفريق محمد عبد المنعم محمد رياض عبد الله في قرية «سبرباي» إحدى ضواحي مدينة طنطا محافظة الغربية في 22 أكتوبر 1919، بعد أن كانت أسرته قد نزحت من الفيوم إلى أرياف طنطا ، حيث كان جده المرحوم «عبد الله طه علي الرزيقي» من أعيان الفيوم، وكان والده القائم مقام (رتبة عميد حاليًا) محمد رياض عبد الله قائد بلوكات الطلبة بالكلية الحربية وقد تخرج على يديه الكثيرين من قادة المؤسسة العسكرية.
■ وبعد الثانوية العامة ألتحق البطل الشهيد بكلية الطب بناء على رغبة أسرته، ولكنه بعد عامين من الدراسة بيترك دراسة الطب ليلتحق بالكلية الحربية التي كان متعلقا بها وليتخرج منها عام 1938 برتبة ملازم ثان.
■ وفي عام 1941 تم تعيينه في سلاح المدفعية، وألحق بإحدى البطاريات المضادة للطائرات في المنطقة الغربية، حيث اشترك في الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا وإيطاليا.
.
■ خدم «الفريق عبدالمنعم رياض» بالقوات المسلحة لأكثر من 30 سنة .. حصل خلالها
على العديد من الشهادات والدرجات العلمية ، فحصل على:
● شهادة الماجستير في العلوم العسكرية عام 1944 وكان ترتيبه الأول.
● أتم دراسته كمعلم مدفعية مضادة للطائرات بامتياز في إنجلترا عامي 1945 و 1946.
● أجاد عدة لغات منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية.
● انتسب أيضا لكلية العلوم لدراسة الرياضيات البحتة.
● انتسب وهو برتبة فريق إلى كلية التجارة لإيمانه بأن الإستراتيجية هي الاقتصاد.
●أتم دراسته بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، وحصل على زمالة كلية الحرب العليا عام 1966.
● في عامي 1962 و1963 اشترك وهو برتبة لواء في دورة خاصة بالصواريخ بمدرسة المدفعية المضادة للطائرات حصل في نهايتها على تقدير الامتياز.
■ وقد تولى البطل الشهيد خلال مسيرته العسكرية العديد من المناصب القيادية مصريا وعربيا ، منها رئاسة أركان سلاح المدفعية عام 1960 ، ثم رئيسا لأركان القيادة العربية الموحدة عام 1964 ، ورُقيّ في عام 1966 إلى رتبة فريق
■ ونتيجة لهذا السجل العسكري الحافل والمشرف ، فقد اختاره الزعيم الخالد «جمال عبد الناصر» فى 11 يونيو1967 رئيسا لأركان الجيش بعد نكسة 5 يونية 1967، مع الفريق «محمد فوزي» كوزيرللحربية، ليقود هذا الثنائي المدهش عملية إعادة بناء الجيش لخوض معركة تحرير الأرض ، ويقول «الفريق فوزي» عنه : عبدالمنعم ليس له مثيل، لم يكن فى الاستطاعة أن يكون لى رفيق فيما كلفت به غيره.
■ «الفريق عبدالمنعم رياض» كان بيشرف بنفسه على الخطة المصرية لتدمير خط بارليف، خلال حرب الاستنزاف.. و اتحدد يوم السبت 8 مارس 1969، اللي انطلقت فيه النيران المصرية بطول الجبهة، عشان تكبد العدو خسائر فادحة.. في أعنف اشتباك شهدته الجبهة، قبل الإنتصار التام في 1973 ،وبالفعل بتتدمر مواقع للعدو بطول الخط.. و بتسقط عدة نقاط إسرائيلية حصينة ، منها تفجير مخزن الذخيرة الرئيسى فى دشمة العدو أمام كوبرى الفردان، والتي تعتبر جزءًا مهمًا من خط بارليف الذى بناه العدو ليكون حصنًا يحميه.
■ وصباح اليوم التالي الأحد 9 مارس 1969 ركب «الفريق عبدالمنعم رياض» طائرة هليكوبتر فى طريقه إلى أحد المطارات الأمامية للجبهة، ثم ركب سيارة عسكرية معه فيها مرافق واحد بخلاف الجندى سائق السيارة، وانطلق يطوف بالمواقع فى الخطوط المتقدمة، يتحدث إلى الضباط والجنود، يسألهم ويسمع منهم، ويرى ويراقب ويسجل فى ذاكرته الواعية
■ ثم تقدم البطل أكثر واختار موقع نمرة 6 بالإسماعيلية بالضفة الشرقية ليتوجه إليه بنفسه عشان يتابع الاشتباكات عن قرب، وفوجئ قائد الموقع بالفريق عبدالمنعم رياض في مكتبه في زيارة مفاجئة بدون إعداد أو إخطار مسبق ، ليشاهد خطة تدمير خط بارليف .. و بيوصل لأكثر النقاط تقدماً علي الجانب المصري.. و كان بعيد عن مرمى النيران الإسرائيلية بحوالي 250 متر فحسب..
.
■ وبيقترح قائد الموقع أن يزور الفريق رياض موقعًا خلفيا أكثر أمانا ، لكن الفريق "رياض" بيصر على زيارة الكتيبة التى استبسلت في معركة 8 مارس٬ وطلب من قائد الكتيبة أن يبقى في غرفة عملياته انتظارًا لأى طارئ، واصطحب معه رائدًا من الكتيبة واستقل سيارة ليمر بها على الكتيبة التي يرابط أفرادها عند المعدية رقم 6 والذي سأله عن المكان الذي يريد التوجه إليه ، ورد رياض: إلى أى موقع أمامي ، فيذهل الضابط الصغير من طلب القائد الكبير ، وبيحاول بكل أدب مراجعة قائد قائده عن تلك الفكرة ، فيجيبه الجنرال الذهبي قائلًا : يا حضرة الضابط ، مكان القادة بين جنودهم في الميدان، وأنا سوف أذهب لأقرب نقطة من شاطئ القناة حتى لو قطعت الطريق إلى المقاتلين زحفًا
.
■ وبالفعل بيتوجه الفريق عبدالمنعم رياض إلى المواقع الأمامية، ويقف بين جنودها كواحد منهم ببدلة ميدانية بلا رتب
■ وكان رياض يدرك خطورة هذه المواقع، ويدرك أيضًا أن العدو بغير شك يستعد لينتقم من معركة الأمس ، لكنه قبل ذلك كان يؤمن وينادي بضرورة أن يحارب القادة من قلب الميدان ذاته لا أن يديروا المعارك من مكاتبهم ، وانه يجب أن يكونوا أقرب إلى المقدمة منه إلى المؤخرة "
.
■ وصدق توقعه العسكري ، فبالفعل كان الإسرائيليين قد جمعوا شتات نفسهم.. و بدأوا يفتحوا نيرانهم بالمقابل.. وتجددت المعركة الدامية بالمدفعية الثقيلة من الجانبين
■ وبتتفتح أبواب الجحيم على الموقع رقم 6، اللي بيتواجد فيه الفريق عبد المنعم..
.
■ ما بيفكرش القائد الكبير في الإنسحاب ولا التراجع.. بيمسك سلاح زي باقي الجنود و بيقود معركة وسط رجاله لمدة ساعتين تقريبا..وكان لابد أن يهبط الجميع إلى حفر الجنود فى الموقع، وكانت الحفرة التى نزل إليها تتسع بالكاد لشخصين أو ثلاثة .. و بتسقط احدى الدانات بالقرب من الحفرة التى قاد منها الشهيد عبد المنعم رياض عملياته ، وانفجرت قنبلة للعدو على حافة الموقع، وأحدث انفجارها تفريغ هواء مفاجئاً وعنيفاً فى الحفرة اللي كان فيها، وكان هو الأقرب إلى البؤرة التى بلغ فيها تفريغ الهواء مداه، وحدث له شبه انفجار فى الجهاز التنفسي
■ وعلى الرغم من أن ما حدث للجنرال الكبير كان صعباً وقاسياً ، إلا أنه لم يشأ أن ينادي أحدًا، فكتم آلامه في صدره بدون أن يشرك أحدًا فيها حتى لا ينشغل به الرجال عن معركتهم مع العدو.
■ وحين انجلى الدخان والغبار كان البطل الشهيد مازال حيث هو، وكما كان، إلا تقلصات ألم صامت شدت تقاطيع وجهه المعبر عن الرجولة، ثم خيط رفيع من الدم ينساب هادئاً من بين شفتيه، وتنزل قطراته واحدة بعد واحدة على صدر بدلة الميدان ليسقط شهيدا وسط جنوده ، وتسيل دماؤه الطاهرة على رمال سيناء..
■ ولم يكن لدى أطباء المستشفى فى الإسماعيلية وقت طويل للمحاولة، برغم أمل ساورهم فى البداية، حين وجدوا جسده سليماً بلا جرح أو خدش، لكنها خمس دقائق لا أكثر ثم انطفأت الشعلة، وتلاشت تقلصات الألم التى كانت تشد تقاطيع الوجه المعبر عن الرجولة، لتحل محلها مسحة هدوء وسلام، ورضى بالقدر واستعداد للرحلة الأبدية إلى رحاب الله يوم 9 مارس - مثل هذا اليوم 1969».
■ ومن يومها أصبح هذا اليوم 9 مارس هو "يوم الشهيد المصري".. و بتحتفل به مصر كل سنة.. بإنها بتكرم فيه كل أبناءها الشهداء.
.
■ استشهاد الفريق عبد المنعم كان مفجع لمصر و الوطن العربي بأكمله.. رثاه الملايين و خلده العديد من الشعراء ، منهم الشاعر السوري الكبير نزار قباني اللي عمل قصيدة رثاه فيها قائلا :
لو يُقتَلونَ مثلما قُتلتْ..
لو يعرفونَ أن يموتوا.. مثلما فعلتْ
لو مدمنو الكلامِ فى بلادنا
قد بذلوا نصفَ الذى بذلتْ
لو أنهم من خلفِ طاولاتهمْ
قد خرجوا.. كما خرجتَ أنتْ..
يا أشرفَ القتلى، على أجفاننا أزهرتْ..
الخطوةُ الأولى إلى تحريرنا
أنتَ بها بدأتْ..
يا أيّها الغارقُ فى دمائهِ
جميعهم قد كذبوا.. وأنتَ قد صدقتْ..
جميعهم قد هُزموا
ووحدكَ انتصرتْ
----------------------
وتستمر قوافل الشهداء ...
سلاماً على من حاربوا بالليل ، وفي الصباح بالأكفان عادوا
سلاماً على من صانوا الحمى ، وبالدماء والأرواح جادوا
سلاماً على من رحلوا عن عيوننا ، لكنهم على عرش القلوب سادوا
سلاماً على من للفردوس أرتقوا ، ومن أنهار النعيم نهلوا واستزادوا
#عظّم_شهيدك
.
موضوع: #يوم_الشهيد .. عندما رحل «الجنرال الذهبي» كالنسور....الفريق أول عبد المنعم رياض 
الإثنين مارس 11, 2019 5:23 pm
