اللواء عبد الحميد خيرت يكتب :
جبال الصمت .
ما كان لهذا الهجوم الغادر أن يحدث سوى في ليلة عيد، حتى يطفئون فرحة الملايين، وما كان للتحالف الذي اجتمع على حقد وكراهية مصر أن يفوت محاكاة تاريخ شاهد على خسة وتآمر عدة دول، نعم إنه الخامس من يونيو مرارا وتكرارا، إنه اليوم الذي اختاره من ادعوا الورع والعقيدة والجهاد في سبيل الله ليقتلوا فيه إخوانهم في الدين ، فلماذا الخامس من يونيو ؟ لقد أرادوا لمشاعر المصريين أن تلتهب ثم يملؤون الدنيا غضبا فمحاكاة هذا التاريخ البغيض ليست بالصدفة, إنها أجندة مخابراتية, اجتمعت فيها رغبة من حاربونا وتكتلوا علينا في السابق مع خسة وحقارة من خانوا أوطانهم, فليست صدفة أن تنتشر على مواقع التواصل جملا بعينها تحشد الرأي العام ضد الجيش ولكن بدهاء وخبث, فهم يوعزون للشعب أن البسطاء هم من يستشهدون لأن ليس لديهم(واسطة) ولكن فاتهم إن تلك الدماء التي أريقت هي دماء طاهرة ويزيد باذلوها رفعة ومقاما أنهم فدوا بها شعب العريش كله وليس الحدود وأنهم لو خيروا ما تركوا مواقعهم, وأن الغضب الشعبي الذي اشتعل هو من فرط حب ومن قوة ألم على زهرة شبابه, هي كلها مشاعر نبيلة وليس من بينها الخوف ولن يكون, فهذا الشعب يحزن ويغضب ويثور ولكنه في رباط مع جيشه وشرطته مهما حاولوا, أما عن الأخطاء أو الثغرات التي تحدثوا عنها فليس مكانها صفحات التواصل, وإذا كان من بيننا من له الحق في إبداء الرأي أو الاعتراض أو المشورة فهو بطبيعة الحال يعرف جيدا قنوات التواصل بينه وبين القيادات.
الحقيقة أنني منذ فجر الخامس من يونيو، توقيت الحادث الإرهابي بأرض سيناء (كمين بطل ١٤)، وأنا أتابع التعليقات وحجم التسريبات المنتشرة على صفحات التواصل الاجتماعي والغريب أن بعض التسريبات أرسلت وقت الهجوم على الكمين ، وأشار كاتبها إلى ذلك والأغرب استمرار إرساله الأخبار على صفحته تباعاً ولحين انتهاء الحادث واستشهاد أفراد الكمين ، وعند هذه النقطة يجب أن نتوقف ونتسائل ؛
هل هذا أمر طبيعي، هل تفرغ فرد في الكمين لنقل وقائع الحادث على الهواء مباشرةً؟ وأين هو الشخص (الذى يلعب دور المراسل الصحفي) وأفراد الكمين كلهم استشهدوا وفقاً لما هو متداول؟ هل هو من ضمن قوة العناصر الإرهابية التي هاجمت الكمين ودوره محدد في التدوينات التي اشتعلت على صفحات الفيسبوك؟ وهذا كلام لا يتقبله العقل والمنطق ولا يمكن وصفه في الفرضين السابقين بوجود اختراق أمنى، أما الشيء الملفت فهو وجود تسريبات صوتية تواكب تدوينات هذا المراسل الشبح، وهذا نهج جديد لم يسبق حدوثه.
هذا هو المشهد كما قرأته، وأود توضيح الآتي:
1- إننا أمام استهداف للجهاز الأمني وأدائه وإضعاف معنويات أفراده من ضباط وأفراد، من خلال حملة ممنهجة تدار منذ شهور، ورغم ذلك نجح الجهاز الأمني في تحجيم العمليات الإرهابية في عام ٢٠١٨ إلى عمليتين إرهابيتين فقط، مقارنة بعام ٢٠١٥ والذي وصلت العمليات الإرهابية فيه الى ٥٧٦ عملية إرهابية.
2- بناء على تصريحات السيد الرئيس أننا بصدد تعمير سيناء، ونتيجة للضربة الموجعة المتمثلة في استعادة الخائن هشام عشماوي كان لابد لهم من هجمة اُختير تاريخها بعناية محصنة بوسائل التواصل وتطبيقات التكنولوجيا الحديثة, وتم تفعيل الحرب النفسية وحرب العالم الافتراضي وظهور تسريبات غير حقيقية بعد لحظات من الهجوم بين أفراد الكمين وغرفة العمليات، وقد نفت الوزارة هذه الفرضية بالكامل وأكدت على أنه شبه مستحيل أن تحدث تلك التسريبات من جنودنا لأنه فى حالة صحة وجود اختراق أمنى ، ليس من المنطقي أن يعلن هذا الاختراق عن نفسه ، ويتم إعدامه فى محاكمه عسكرية .
3- محاولة اضعاف الروح المعنوية للشعب وللجيش في آن فالحرب (تحسم في الصدور قبل الميادين), واللعب على تمجيد البطولة الفردية للمجند المصري, وهو حق يراد به باطل, فالمقصود بهذا هو تصدير صورة للبطل المصري على إنه إما كان وحيدا في مواجهة الهجوم أو أنه فوجئ به, والعكس صحيح بدليل وجود جثث للإرهابيين بالقرب من الكمين وهذا معناه الالتحام القوي.
4- أنه بعد الفشل الذريع في خلق حرب أهلية بين طرفي الأمة من مسيحيي ومسلم، ازدادت شراسة حروب الجيل الخامس المتمثلة في ماكينة الاعلام المضاد الضخمة والتي انتشرت على مواقع بالآلاف تهدف جميعها إلى التشكيك في كل منجزات الدولة لإشاعة حالة من الإحباط.
بعد كل ذلك بقى أن نؤكد على حقيقة، أن الحزن شعور نبيل، ولكن لكم في أهالي الشهداء أسوة, وقد نشر شقيق أحد الأبطال على صفحته أنه سعيد بنيل أخيه للشهادة وهو نفسه يستعد للذهاب. ولابد لنا جميعا من التصدي لهذا الكم المخيف من الإشاعات فترديدنا لها يزيد من حجمها وتأثيرها السلبي، دورنا الحقيقي في دعم جيشنا ووطننا هو الثقة في قيادات هذا الوطن لأنهم جبال الصمت التي طالما أحاطت مصر بالأمان.