منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
 الفتاوى ........الكبرى56(بن تيمية). >

منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
 الفتاوى ........الكبرى56(بن تيمية). >

منتديات سيفن ستارز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
ارجو من الساده الاعضاء القدامى تعديل بيانتهم الشخصية
ياجماعة انصحكم بالدخول على المنتدى بالمتصفع العملاق Mozilla Firefox
مشاركتك بالموضوعات تعنى أنك قرأت قانون المنتدى ، وأنك تتحمل المسئولية الأدبية والقانونية عن نشر هذا الموضوع او الردود
تتقدم منتديات سيفن ستارز بأحر التهانى القلبية للأخت رونى المحامية المشرفة على المنتدى القانونى وذلك بمناسبة الزواج السعيد نسأل الله لها التوفيق فى حياتها وألف مليون مبروك لها ولزوجها الأستاذ /حسين إبراهيم حسين وعقبال البكارى وحياة سعيدة ملؤها التراحم والمحبة والقرب من الله
على السادة الأعضاء الإلتزام بالأقسام النوعية للمنتدى عند تقديم مساهماتهم حيث يكون كل موضوع داخل القسم الخاص به حتى يعطى الشكل المطلوب مع سهولة الوصول إليه لكل متصفح .فالموضوعات الخاصة بالمرأة داخل منتدى المرأة .والموضوعات التى تتحدث عن الإسلام توضع فى المنتدى الإسلامى   ...وهكذا ..ونشكر لكم حسن العمل .كما نشكركم على الأداء الممتاز داخل المنتديات..كما نحذر من الخوض أو التطرق لما يمس الغير أو التهجم أو إذدراء الأديان أو الخوض فى موضوعات سياسيه..المنتديات  أصلاً ..منشأة لتبنى وجهة النظر الأجتماعيه والإسلاميه لأهل السنة والجماعة دون التقليل من الغير بل الإحترام المتبادل..وللجميع ودون تميز بجنس أو نوع أو دين أو لون وشكراً لكم جميعاً...
إدارة المنتديات...سيفن ستارز.

 

  الفتاوى ........الكبرى56(بن تيمية).

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
رونى
مشرف المنتدى اللقانونى
مشرف المنتدى اللقانونى
رونى


الجنس : انثى عدد المساهمات : 911
تاريخ الميلاد : 21/02/1987
تاريخ التسجيل : 16/10/2010
العمر : 37

 الفتاوى ........الكبرى56(بن تيمية). Empty
مُساهمةموضوع: الفتاوى ........الكبرى56(بن تيمية).    الفتاوى ........الكبرى56(بن تيمية). I_icon_minitimeالجمعة مارس 25, 2011 4:30 pm


الفتاوى ........الكبرى56(بن تيمية).
ضاحك ضاحك ضاحك

في الصدر الأول فإن كان فيه خلاف محقق بطلت هذه الطريقة والحق أحق أن يتبع . الوجه العاش الجواب وهو الثالت عشر في الحقيقة : أنا نعلم يقينا أن الحبوب من الشعير والبيضاء والذرة ونحوها كانت تزرع في مزارع المدينة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته ويعلم أن الدواب إذا داست فلا بد أن تروث وتبول ولو كان ذلك ينجس الحبوب لحرمت مطلقاً أو لوجب تنجيسها . وقد أسلمت الحجاز واليمن ونجد وسائر جزائر العرب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث إليهم سعاته وعماله يأخذون عشور حبوبهم من الحنطة وغيرها وكانت سمراء الشام تجلب إلى المدينة فيأكل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون على عهده . وعامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من تمر وزرع وكان يعطي المرأة من نسائه ثمانين وسق شعير من غلة خيبر وكل هذه تداس بالدواب التي تروث وتبول عليها فلو كانت تنجس بذلك لكان الواجب على أقل الأحوال تطهير الحب وغسله ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك ولا فُعل على عهده فعلم أنه صلى الله عليه وسلم لم يحكم بنجاستها . ولا يقال : هو لم يتيقن أن ذلك الحب الذي أكله مما أصابه البول والأصل الطهارة لأنّا نقول فصاحب الحب قد تيقن نجاسة بعض حبه واشتبه عليه الطاهر بالنجس فلا يحل له استعمال الجميع بل الواجب تطهير الجميع كما إذا عَلم نجاسة بعض البدن أو الثوب أو الأرض وخفي عليه مكان النجاسة غسل ما يتيقن به غسلها وهو لم يأمر بذلك . ثم اشتباه الطاهر بالنجس نوع من اشتباه الطعام الحلال بالحرام فكيف يباح أحدهما من غير تحرٍ! فإن القائل إما أن يقول : يحرم الجميع وإما أن يقول بالتحري . فأما الأكل من أحدهما بلا تحر فلا أعرف أحدا

جوَّزه وإنما يستمسك بالأصل مع تيقن النجاسة ولا محيص عن هذا الدليل إلا إلى أحد الأمرين إما أن يقال بطهارة هذه الأبوال والأرواث أو أن يقال : عفى عنها في هذا الموضع للحاجة كا يُعفى عن ريق الكلب في بدن الصيد على أحد الوجهين وكما يطهر محل الاستنجاء بالحجر في أحد الوجهيْن إلى غير ذلك مِن مواضع الحاجات . فيقال : الأصل فيما استحل جريانه على وفاق الأصل فمَن ادّعى أن استحلال هذا مخالف للدليل لأجل الحاجة فقد ادعى ما يخالف الأصل فلا يقبل منه إلا بحجة قوية وليس معه مِن الحجة ما يوجب أن يجعل هذا مخالفاً للأصل ولا شك أنه لو قام دليل يوجب الحظر لأمكن أن يستثنى هذا الموضع . فأمّا ما ذكر من العموم الضعيف والقياس الضعيف فدلالة هذا الموضع على الطهارة المطلقة أقوى من دلالة تلك على النجاسة المطلقة على ما تبين عند التأمل . على أن ثبوت طهارتها والعفو عنها في هذا الموضع أحد موارد الخلاف فيبقى إلحاق الباقي به بعدم القائل بالفرق . ومن جنس هذا : الوجه الحادي عش الجواب وهو الرابع عشر وهو إجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم في كل عصر ومصر على دياس الحبوب من الحنطة وغيرها بالبقر ونحوها مع القطع ببولها وروثها على الحنطة ولم ينكر ذلك منكر ولم يغسل الحنطة لأجل هذا أحد ولا احترز عن شيء مما في البيادر لوصول البول إليه والعلم بهذا كله علم اضطراري ما أعلم عليه سؤالاً ولا أعلم لمن يخالف هذا شبهة . وهذا العمل إلى زماننا متصل في جميع البلاد لكن لم نحتج بإجماع الأعصار التي ظهر فيها هذا الخلاف لئلا يقول المخالف : أنا أخالف في هذا وإنما احتججنا بالإجماع قبل ظهور الخلاف . وهذا الإجماع من جنس الإجماع على كونهم كانوا يأكلون الحنطة ويلبسون الثياب ويسكنون البناء فإنّا نتيقن أن الأرض كانت تزرع ونتيقن أنهم كانوا يأكلون ذلك الحب

ويقرون على أكله وتيقن أن الحب لا يداس إلا بالدواب ونتيقن أن لا بد أن تبول على البيدر الذي يبقى أياماً ويطول دياساها له وهذه كلها مقدمات يقينية . الوجه الثاني عش الجواب وهو الخامس عش الجواب أن الله تعالى قال : { وطهر بيتيَّ للطائفين والعاكفين والركع السجود } البقرة : 125 ] فأمر بتطهير بيته الذي هو المسجد الحرام وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر بتنظيف المساجد وقال : > جعلت لي كل أرض طيبة مسجدًا وطهورًا < . وقال : > الطواف بالبيت صلاة < . ومعلوم قطعاً أن الحمام لم يزل ملازماً للمسجد الحرام لأمنه وعبادة بيت الله وأنه لايزال ذرقه ينزل في المسجد وفي المطاف والمصلى فلو كان نجساً لتنجس المسجد بذلك . ولوجب تطهير المسجد منه إمّا بإبعاد الحمام أو بتطهير المسجد أو بتسقيف المسجد ولم تصح الصلاة في أفضل المساجد وأمها وسيدها لنجاسة أرضه وهذا كله مما يعلم فساده يقيناً . ولا بد من أحد قولين : إمّا طهارته مطلقاً أو العفو عنه كما في الدليل قبله وقد بينا رجحان القول بالطهارة المطلقة . الدليل الثالث عش الجواب وهو في الحقيقة السادس عش الجواب مسلك التشبيه والتوجيه فنقول و الله الهادى : إعلم أن الفرق بين الحيوان المأكول وغير المأكول إنّما فرق بينهما لافتراق حقيقتهما وقد سمّى الله هذا طيباً وهذا خبيثًا . وأسباب التحريم : إما لقوة السبعية التي تكون في نفس البهيمة فأكلها يورث نبات أبداننا منها فتصير أخلاق الناس أخلاق السباع أو لما الله أعلم به وإمّا خبث مطعمها كما يأكل الجيف من الطير أو لأنها في نفسها مستخبثة كالحشرات . فقد رأينا طيب المطعم يؤثر في الحل وخبثه يؤثر في الحرمة كما جاءت به السنة في لحوم الجلالة ولبنها وبيضها فإنه حرم الطيب لاغتذائه بالخبيث وكذلك النبات المسقي بالماء النجس والمسمَّد بالسرقين عند من يقول به وقد رأينا عدم الطعام يؤثر في طهارة البول أو خفة نجاسته مثل الصبي الذي لم يأكل الطعام .

فهذا كله يبين أشياء : منها أن الأبوال قد يخفف شأنها بحسب المطعم كالصبي وقد ثبت أن المباحات لا تكون مطاعمها إلا طيبة فغير مستنكر أن تكون أبوالها طاهرة لذلك . ومنها أن المطعم إذا خبث وفسد حرم ما نبت منه من لحم ولبن وبيض : كالجلالة والزرع المسُمّد وكالطير الذي يأكل الجيف . فإذا كان فساده يؤثر في تنجيس ما توجبه الطهارة والحل فغير مستنكر أن يكون طيبه وحله يؤثر في تطهير ما يكون في محل آخر نجساً محرماً فإن الأرواث والأبوال مستحيلة مخلوقة في باطن البهيمة كغيرها من اللبن وغيره . يبين هذا ما يوجد في هذه الأرواث من مخالفتها غيرها من الأرواث في الخلق والريح واللون وغير ذلك من الصفات فيكون فَرْق ما بينها فرق ما بين اللبنين والمنبتين وبهذا يظهر خلافها للإنسان . يؤكد ذلك ما قد بيناه : من أن المسلمين من الزمن المتقدم وإلى اليوم في كل عصر ومصر ما زالوا يدوسون الزروع المأكولة بالبقر ويصيب الحب من أرواث البقر وأبوالها وما سمعنا أحدًا من المسلمين غسل حباً ولو كان ذلك مُنجساً أو مُستقذراً لأوشك أن ينهوا عنها وأن تنفر عنه نفوسهم نفورها عن بول الإنسان . ولو قيل : هذا إجماع عملي لكان حقاً وكذلك ما زال يسقط في المحالب من أبعار الأنعام ولا يكاد أحد يحترز من ذلك ولذلك عفا عن ذلك بعض من يقول بالتنجيس على أن ضبط قانون كلي في الطاهر والنجس مطرد منعكس لم يتيسر وليس ذلك بالواجب علينا بعد علمنا بالأنواع الطاهرة والأنواع النجسة . فهذه إشارة لطيفة إلى مسالك الرأي في هذه المسألة وتمامه ما حضر في كتابة في هذا المجلس و الله يقول الحق و الله يهدي السبيل . ( الفصل الثاني ) في مني الآدمي وفيه أقوال ثلاثة : أحدها : أنه نجس

كالبول فيجب غسله رطباً ويابساً من البدن والثوب وهذا قول مالك والأوزاعي والثوري وطائفة . وثانيها : أنه نجس يجزء فرك يابسه وهذا قول أبي حنيفة وإسحق ورواية عن أحمد . ثم هنا أوجه قيل : يجزئ فرك يابسه ومسح رطبه من الرجل دون المرأة لأنه يعفي عن يسيره ومني الرجل يتأتى فركه ومسحه بخلاف مني المرأة فإنه رقيق كالمذي وهذا منصوص أحمد . وقيل : يجزئ فركه فقط منهما لذهابه بالفرك وبقاء أثره بالمسح . وقيل : بل الجواز مختص بالفرك من الرجل دون المرأة كما جاءت به السنة . كما سنذكره . وثالثها : أنه مستقذر كالمخاط والبصاق وهذا قول الشافعي وأحمد في المشهور عنه وهو الذي نصرناه والدليل عليه وجوه : أحدها : ما أخرج مسلم وغيره عن عائشة قالت : كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يذهب فيصلي فيه . وروي في لفظ الدارقطني : كنت أفركه إذا كان يابساً وأغسله إذا كان رطباً . فهذا نص في أنه ليس كالبول نجساً يكون نجاسة غليظة . فبقي أن يقال : يجوز أن يكون نجساً : كالدم أو طاهراً : كالبصاق لكن الثاني أرجح لأن الأصل وجوب تطهير الثياب من الأنجاس قليلها وكثيرها فإذا ثبت جواز حمل قليله في الصلاة ثبت ذلك في كثيره فإن القياس لا يفرق بينهما . فإن قيل : فقد أخرج مسلم في > صحيحه < عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغسل المني ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه . فهذا يعارض حديث الفرك في مني رسول الله صلى الله عليه وسلم والغسل دليل النجاسة فإن الطاهر لا يطهر . فيقال : هذا لا يخالفه لأن الغسل للرطب والفرك لليابس كماجاء مفسرًا في رواية الدارقطني أو هذا أحياناً وهذا أحياناً وأما الغسل فإن الثوب قد يغسل

من المخاط والبصاق والنخامة استقذاراً لا تنجيساً ولهذا قال سعد بن أبي وقاص وابن عباس : أمطه عنك ولو بأذخرة فإنّما هو بمنزلة المخاط والبصاق . الدليل الثاني : ما روى الإمام أحمد في > مسنده < بإسناد صحيح عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلت المني من ثوبه بعرق الأذخر ثم يصلي فيه ويحته من ثوبه يابساً ثم يصلي فيه . وهذا من خصائص المستقذرات لا من أحكام النجاسات فإن عامة القائلين بنجاسته لا يجوّزون مسح رطبه . الدليل الثالث : ما احتج به بعض أولينا بما رواه إسحق الأزرق عن شريك عن محمد بن عبد الرحمن عن عطاء عن ابن عباس قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن المني يصيب الثوب فقال : > إنما هو بمنزلة المخاط والبصاق وإنما يكفيك أن تمسحه بخرقة أو بأذخرة < . قال الدارقطني : لم يرفعه غير إسحق الأزرق عن شريك قالوا : وهذا لا يقدح لأن إسحق بن يوسف الأزرق أحد الأئمة . وروى عن سفيان وشريك وغيرهما وحدَّث عنه أحمد ومَنْ في طبقته وقد أخرج له صاحبا > الصحيح < فيقبل رفعه وما ينفرد به . وأنا أقول : أما هذه الفُتيا فهي ثابتة عن ابن عباس وقبله سعد بن أبي وقاص ذكر ذلك عنهما الشافعي وغيره في كتبهم وأما رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم : فمنكر باطل لا أصل له لأن الناس كلهم رووه عن شريك موقوفاً . ثم شريك ومحمد بن عبد الرحمن وهو ابن أبي ليلى ليسا في الحفظ بذاك والذين هم أعلم منهم بعطاء مثل ابن جريح الذي هو أثبت فيه من القطب وغيره من المكيين لم يروه أحد إلا موقوفاً وهذا كله دليل على وهم تلك الرواة . فإن قلت : أليس من الأصول المستقرة أن زيادة العدل مقبولة وأن الحكم لمن رفع لا لمن وقف لأنه زائد . قلت : هذا عندنا حق مع تكافؤ المحدثين المخبرين وتعادلهم وأما مع زيادة عدد من لم يزد فقد اختلف فيه أولونا وفيه نظر .

وأيضاً فإنّما ذاك إذا لم تتصادم الروايتان وتتعارضا وأما متى تعارضتا يسقط رواية الأقل بلا ريب وههنا المروي ليس هو مقابل بكون النبي صلى الله عليه وسلم قد قالها ثم قالها صاحبه تارة تارة ذاكراً وتارة آثراً وإنّما هو حكاية حال وقضية عين في رجل استقتى على صورة وحروف مأثورة فالناس ذكروا أن المستفتى ابن عباس وهذه الرواية ترفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وليست القضية إلا واحدة إذ لو تعددت القضية لما أهمل الثقات الأثبات ذلك على ما يعرف من اهتمامهم بمثل ذلك . وأيضا فأهل نقد الحديث والمعرفة به أقعد لذلك وليسوا يشكون في أن هذه الرواية وهم . الدليل الرابع : أن الأصل في الأعيان الطهارة فيجب القضاء بطهارته حتى يجيئنا ما يوجب القول بأنه نجس وقد بحثنا وسبرنا فلم نجد لذلك أصلاً فعلم أن كل ما لا يمكن الاحتراز عن ملابسته معفو عنه ومعلوم أن المني يصيب أبدان الناس وثيابهم وفرشهم بغير اختيارهم أكثر مما يَلِغُ الهر في آنيتهم فهو طواف الفضلات بل قد يتمكن الإنسان من الاحتراز من البصاق والمخاط المصيب ثيابه ولا يقدر على الاحتراز من مني الاحتلام والجماع وهذه المشقة الظاهرة توجب طهارته ولو كان المقتضى للتنجيس قائماً ألا ترى أن الشارع خفف في النجاسة المعتادة فاجتزأ فيها بالجامد مع أن إيجاب الاستنجاء عند وجود الماء أهون من إيجاب غسل الثياب من المني لا سيما في الشتاء في حق الفقير ومن ليس له إلا ثوب واحد . فإن قيل : الذي يدل على نجاسة المني وجوه : أحدها : ما روي عن عمّار بن ياسر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : > إنما يغسل الثوب من البول والغائط والمنى والقيء < رواه ابن عدي وحديث عائشة قد مضى في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغسله .

الوجه الثاني : أنه خارج يوجب طهارتي الخبث والحدث فكان نجساً كالبول والحيض وذلك لأن إيجاب نجاسة الطهارة دليل على أنه نجس فإن إماطته وتنحيته أخف من التطهير منه فإذا وجب الأثقل فالأخف أولى لا سيما عند من يقول بوجوب الاستنجاء منه فإن الاستنجاء إماطة وتنحية فإذا وجب تنحيته في مخرجه ففي غير مخرجه أحق وأولى . الوجه الثالث : أنه من جنس المذي فكان نجسا كالمذي وذاك لأن المذي يخرج عن مقدمات الشهوة والمني أصل المذي عند استكمالها وهو يجري في مجراه ويخرج من مخرجه فإذا نجس الفرع فلأن ينجس الأصل أولى . الوجه الرابع : أنه خارج من الذكر أو خارج من القبل فكان نجساً كجميع الخوارج مثل : البول والمذي والودي وذلك لأن الحكم في النجاسة منوط بالمخرج ألا ترى أن الفضلات الخارجة من أعالي البدن ليست نجسة وفي أسافله تكون نجسة وأن جمعها الاستحالة في البدن . الوجه الخامس : أنه مستحيل عن الدم لأنه دم قصرته الشهوة ولهذا يخرج عند الإكثار من الجماع أحمر والدم نجس والنجاسة لا تطهر بالإستحالة عندكم . الوجه السادس : أنه يجري في مجرى البول فيتنجس بملاقاة البول فيكون كاللبن في الظرف النجس فهذه أدلة كلها تدل على نجاسته . فنقول : الجواب وعلى الله قصد السبيل : أما حديث عمّار بن ياسر فلا أصل له . في إسناده ثابت بن حماد قال الدارقطني : ضعيف جداً وقال ابن عدي : له مناكير وحديث عائشة مضى القول فيه . وأما الوجه الثاني : فقولهم يوجب طهارتي الخبث والحدث أما الخبث فممنوع بل الاستنجاء منه مستحب كما يستحب إماطته من الثوب والبدن وقد قيل : هو واجب كما قد قيل : يحب غسل الأنثيين من المذي وكما يجب غسل أعضاء الوضوء إذا خرج الخارج من الفرج فهذا كله طهارة وجبت لخارج وإن لم

يكن المقصود بها إماطته وتنجيسه بل سبب آخر كما يغسل منه سائر البدن . فالحاصل أن سبب الاستنجاء منه ليس هو النجاسة بل سبب آخر . فقولهم : يوجب طهارة الخبث وصف ممنوع في الفرع فليس غسله من الفرج للخبث وليست الطهارات منحصرة في ذلك كغسل اليد عند القيام من نوم الليل وغسل الميت والأغسال المستحبة وغسل الأنثيين وغير ذلك . فهذه الطهارة إن قيل بوجوبها فهي من القسم الثالث فيبطل قياسه على البول لفساد الوصف الجامع . وأما إيجابه طهارة الحدث فهو حق لكنّ طهارة الحدث ليست أسبابها منحصرة في النجاسات فإن الصغرى تجب في الريح إجماعاً وتجب بموجب الحجة من ملامسة الشهوة ومِن مس الفرج ومِن لحوم الإبل ومِن الردة وغسل الميت وقد كانت تجب في صدر الإسلام من كل ما غيرته النار وكل هذه الأسباب غير نجسة . وأما الكبرى فتجب بالإيلاج إذا التقى الخاتانان ولا نجاسة وتجب بالولادة التي لا دم معها على رأي مختار والولد طاهر وتجب بالموت ولا يقال هو نجس وتجب بالإسلام عند طائفة فقولهم : إنّما أوجب طهارة الحدث أو أوجب الاغتسال : نجس منتقض بهذه الصور الكثيرة فبطل طرده فإن ضمّوا إلى العلة كونه خارجا انتقض بالريح والولد نقضاً قادحاً . ثم يقال : قولكم : خارج وصف طردي فلا يجوز الاحتراز به ثم أن عكسه أيضاً باطل والوصف عديم التأثير فإنّ ما لا يوجب طهارة الحدث منه شيء كثير نجس كالدم الذي لم يسل واليسير من القيء وأيضاً فسيأتي الفرق إن شاء الله تعالى فهذه أوجه ثلاثة أو أربعة . وأما قولهم : التطهير منه أبعد من تطهيره فجمعٌ ما بين متفاوتين متباينين فإن الطهارة منه طهارة عن حدث وتطهيره إزالة خبث وهما جنسان مختلفان في الحقيقة والأسباب والأحكام من وجوه كثيرة فإنَّ هذه تجب لها النية

دون تلك . وهذه من باب فعل المأمور به وتلك من باب اجتناب المنهى عنه وهذه مخصوصة بالماء أو التراب وقد تزال تلك بغير الماء في مواضع بالاتفاق وفي مواضع على رأي وهذه يتعدى حكمها محل سببها إلى جميع البدن وتلك يختص حكمها بمحلها وهذه تجب في غير محل السبب أو فيه أو في غيره وتلك تجب في محل السبب فقط وهذه حسية وتلك عقلية وهذه جارية في أكثر أمورها على سنن مقايس البحاثين وتلك مستصعبة على سبر القياس وهذه واجبة بالاتفاق وفي وجوب الأخرى خلاف معلوم وهذه لها بدل وفي بدل تلك في البدن خاصة خلاف ظاهر . وبالجملة : فقياس هذه الطهارة على تلك الطهارة كقياس الصلاة على الحج لأن هذه عبادة وتلك عبادة مع اختلاف الحقيقتين . وأما الوجه الثالث : وهو إلحاقه بالمذي فقد منع الحكم في الأصل على قول بطهارة المذي والأكثرون سلمَوه وفرَقوا بافتراق الحقيقتين فإنّ هذا يُخلق منه الولد الذي هو أصل الإنسان وذلك بخلافه . ألا ترى أن عدم الإمناء عيبٌ يبُنى عليه أحكام كثيرة منشؤها على أنه نقص وكثرة الإمذاء ربما كانت مرضاً وهو فضلة محضة لا منفعة فيه وإن اشتركا في انبعاثهما عن شهوة النكاح فليس الموجب لطهارة المني أنه عن شهوة الباءة فقط بل شيء آخر وإن أجريناه مجراه فنتكلم عليه إن شاء الله تعالى . وأما كونه فرعاً فليس كذلك بل هو بمنزلة الجنين الناقص كالإنسان إذا أسقطته المرأة قبل كمال خلقه فإنّه وإن كان مبدأ خلق الإنسان فلا يناط به من أحكام الإنسان إلا ما قل ولو كان فرعاً فإن النجاسة استخباث وليس استخباث الفرع بالموجب خبث أصله الخارجة من الإنسان كالفضول . وأما الوجه الرابع : فقياسه على جميع الخارجات بجامع اشتراكهن في المخرج منقوض بالفم فإنه مخرج النخامة والبصاق الطاهريْن والقيء النجس

وكذلك الدبر مخرج الريح الطاهر والغائط النجس وكذلك الأنف مخرج المخاط الطاهر والدم النجس وإن فصّلوا بين ما يعتاد الناس من الأمور الطبيعية وبين ما يعرض لهم لأسباب حادثة قلنا : النخامة المعدية إذا قيل بنجاستها معتادة وكذلك الريح . وأيضا فإنا نقول : لِمَ قلتم أن الاعتبار بالمخرج . ولم لا يقال الاعتبار بالمعدن والمستحال فما خُلق في أعلى البدن فطاهر وما خلق في أسفله فنجس والمني يخرج من بين الصلب والترائب بخلاف البول والودي وهذا أشد اطراداً لأن القيء والنخامة المنجسة خارجان من الفم لكن لما استحالا في المعدة كانا نجسين وأيضا فسوف نُفرق إن شاء الله تعالى . وأما الوجه الخامس : فقولهم : مستحيل عن الدم والاستحالة لا تطهر عنه عدة أجوبة مستنيرة قاطعة : أحدها : أنه منقوض بالآدمي وبمضغته فإنهما مستحيلان عنه وبعده عن العلقة وهي دم ولم يقل أحد بنجاسته وكذلك سائر البهائم المأكولة . وثانيها : أنا لا نسلم أن الدم قبل طهوره وبروزه يكون نجساً فلا بد من الدليل على تنجيسه ولا يعني القياس عليه إذا ظهر وبرز باتفاق الحقيقة لأنّا نقول للدليل على طهارته وجوه : أحدها : أن النجس هو المستقذر المستخبث وهذا الوصف لا يثبت لهذه الأجناس إلا بعد مفارقتها مواضع خلقها فوصفها بالنجاسة فيها وصف بما لا تتصف به . وثانيها : أن خاصة النجس وجوب مجانبته في الصلاة وهذا مفقود فيها في البدن من الدماء وغيرها . ألا ترى أن من صلى حاملاً وعاءً مسدوداً قد أوعى دماً لم تصح صلاته فلئن قلت : عفى عنه لمشقة الاحتراز . قلت : بل جعل طاهراً لمشقة الاحتراز فما المانع منه والرسول صلى الله عليه وسلم يعلل طهارة الهرة بمشقة الاحتراز حيث يقول : > انها ليست بنجسة إنّها مِن الطوافين عليكم والطوافات < . بل أقول : قد رأينا جنس المشقة في الاحتراز مؤثراً في جنس التخفيف

فإن كان الاحتراز من جميع الجنس مشقاً عفي عن جميعه فحكم بالطهارة وإن كان من بعضه عفى عن القدر المشق وهنا يشق الاحتراز من جميع ما في داخل الأبدان فيحكم لنوعه بالطهارة : كالهر وما دونها وهذا وجه ثالث . الوجه الرابع : أن الدماء المستخبثة في الأبدان وغيرها هي أحد أركان الحيوان التي لا تقوم حياته إلا بها حتى سميت نفساً فالحكم بأن الله يجعل أحد أركان عباده من الناس والدواب نوعًا نجساً في غاية البعد . الوجه الخامس : أن الأصل الطهارة فلا تثبت النجاسة إلا بدليل وليس في هذه الدماء المستخبثة شيء من أدلة النجاسة وخصائصها . الوجه السادس : إنا قد رأينا الأعيان تفترق حالها بين ما إذا كانت في موضع عملها ومنفعتها وبين ما إذا فرّقت ذلك فالماء المستعمل ما دام جارياً في أعضاء المتطهر فهو طهور فإذا انفصل تغيرت حاله والماء في المحل النجس ما دام عليه فعمله باق وتطهيره ولا يكون ذلك إلا لأنه طاهر مطهر فإذا فارق محل عمله فهو إما نجس أو غير مطهر وهذا مع تغير الأمواه في موارد التطهير تارة بالطاهرات وتارة بالنجاسات فإذا كانت المخالطة التي هي أشد أسباب التغيير لا تؤثر في محل عملنا وانتفاعنا فما ظنك بالجسم المفرد في محل عمله بخلق الله وتدبيره فافهم هذا فإنه لُباب الفقه . الوجه الثالث عن أصل الدليل : أنا لو سلمنا أن الدم نجس فإنه قد استحال وتبدل . وقولهم : الاستحالة لا تطهر . قلنا : من أفتى بهذه الفتوى الطويلة العريضة المخالفة للإجماع فإن المسلمين أجمعوا أن المر إذا بدأ الله بإفسادها وتحويلها خلاً طَهُرت وكذلك تحويل الدواب والشجر بل أقول : الاستقراء دلنّا أن كل ما بدأ الله بتحويله وتبديله من جنس إلى جنس مثل : جعل الخمر خلاً والدم منياً والعلقة مضغة ولحم الجلالة الخبيث طيباً وكذلك بيضها ولبها والزرع المستسقى بالنجس إذا سُقِي بالماء الطاهر وغير ذلك فإنه يزول حكم التنجيس ويزول حقيقة الجنس واسمه التابع للحقيقة وهذا ضروري لا يمكن المنازعة فيه فإنّ جميع الأجسام المخلوقة في الأرض فإنّ الله يحولها من حال إلى حال ويبدلها

خلقاً بعد خلق ولا التفات إلى موادها وعناصرها . وأما ما استحال بسبب كسب الإنسان : كإحراق الروث حتى يصير رماداً ووضع الخنزير في الملاحة حتى يصير ملحاً ففيه خلاف مشهور . وللقول بالتطهير اتجاه وظهور ومسألتنا من القسم الأول و & الحمد . الدليل الخامس : أن المني مخالف لجميع ما يخرج من الذكر في خلقه فإنه غليظ وتلك رقيقة وفي لونه : فإنه أبيض شديد البياض وفي ريحه : فإنه طيب كرائحة الطلع وتلك خبيثة ثم جعله الله أصلاً لجميع أنبيائه وأوليائه وعباده الصالحين والإنسان المكرم فكيف يكون أصله نجساً . ولهذا قال ابن عقيل : وقد ناظر بعض من يقول بنجاسته لرجل قال له : ما بالك وبال هذا قال : أريد أن أجعل أصله طاهراً وهو يأبى إلا أن يكون نجساً ثم ليس شأنه شأن الفضول بل شأن ما هو غذاء ومادة في الأبدان إذ هو قوام النسل فهو بالأصول أشبه منه بالفضل . الوجه السادس : وفيه أجوبة : أحدها : لا نُسَلِّم أنه يجري في مجرى البول فقد قيل : أن بينهما جلدة رقيقة وأن البول إنما يخرج رشحاً وهذا مشهور . وبالجملة : فلا بد من بيان اتصالهما وليس ذلك معلوماً إلا في ثقب الذكر وهو طاهر أو معفو عن نجاسته . الوجه الثاني : أنه لو جرى في مجراه فلا نُسلِّم أن البول قبل ظهوره نجس كما مر تقريره في الدم وهو في الدم أبين منه في البول لأن ذلك ركن وبعض وهذا فضل . الثالث : أنه لو كان نجساً فلا نسلّم أن المماسة في باطن الحيوان موجبة للتنجيس كما قد قيل في الاستحالة وهو في المماسة أبين يؤيد هذا قوله تعالى : { من بين فرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين } النحل : 66 ] . ولو كانت المماسة في الباطن للفرث مثلاً موجبة للنجاسة لنجس اللبن . فإن قيل : فلعل بينهما حاجزاً قيل : الأصل عدمه على أن ذكره هذا في معرض بيان ذكر الاقتدار بإخراج طيب من بين خبيثيْن في

الاغتذاء ولا يتم إلا مع عدم الحاجز وألا فهو مع الحاجز ظاهر في كمال خلقه سبحانه . وكذلك قوله : { خالصاً } النحل : 66 ] والخلوص لا بد أن يكون مع قيام الموجب للشرب . وبالجملة : فخروج اللبن من بين الفرث والدم أشبه شيء بخروج المني من مخرج البول وقد سلك هذا المسلك من رأى أنفحة الميتة ولبنها طاهراً لأنه كان طاهراً . وإنّما حدث نجاسة الوعاء فقال : الملاقاة في الباطن غير ظاهرة ومَنْ نجّس هذا فرق بينه وبين المني بأن المني ينفصل عن النجس في الباطن أيضا بخلاف اللبن فإنه لا يمكن فصله من الميتة إلا بعد إبراز الضرع وحينئذ يصير في حد ما يلحقه نجاسة . و الله يقول الحق وهو يهدي السبيل والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى . وهذا الذي حضرني في هذا الوقت ولا حول ولا قوة إلا ب الله العلي العظيم . مسألة 262 ] : في تصرفات السكران قد تنازع الناس فيه قديماً وحديثاً وفيه النزاع في مذهب أحمد وغيره . الجواب كثير من أجوبة أحمد فيه كان التوقف والأقوال الواقعة في مذهب أحمد وغيره القول بصحة تصرفاته مطلقاً -أقواله وأفعاله- والقول بفسادها مطلقاً والفرق بين أقواله وأفعاله والفرق بين الحدود وغيرها والفرق بين ماله وما عليه والفرق بين ما ينفرد به وما لا ينفرد به وهذا التنازع موجود في مذهب أحمد وغيره ثم تنازعوا فيمن زال عقله بغير سك الجواب كالبنج هل يلحق بالسكران أو الجنون على قولين في مذهب أحمد وغيره وكل من أصحاب أحمد يتمسك في ذلك بشيء من كلامه وليس عنه رواية ووجهاً بل روايتان متأولتان وتنازعوا فيمن أكره على شرب الخمر هل يأثم بذلك على وجهين ومن أصحاب أحمد كالخلاّل مَنْ ينصر أنه لا يقع عليه طلاقه ومنهم كالقاضي من ينصر وقوع طلاقه والذين طلاقه لهم ثلاثة مآخذ : أحدها : أن ذلك عقوبة له وصاحب هذا قد يفرِّق بين الحدود وغيرها وهذا ضعيف فإن الشريعة لم تعاقب أحداً بهذا الجنس من إيقاع الطلاق أو عدم إيقاعه ولأن في هذا من الضرر على زوجته البريئة وغيرها ما لا يجوز

فإنه لا يجوز أن يعاقب الشخص بذنب غيره ولأن السكران عقوبته ما جاءت به الشريعة من الجلد ونحو فعقوبته بغير ذلك تغيير لحدود الشريعة ولأن الصحابة إنّما عاقبته بما السكر مظنته وهو الهذيان والافتراء في القول على أنه إذا سكر هذى وإذا هذى افترى وحد المفتري ثمانون . فبين أن إقدامه على السكر الذي هو مظنة الافتراء يلحقه بالمقدم على الافتراء وإقامة لمظنة الحكمة مقام الحقيقة لأن الحكمة هنا خفية منتشرة لأنه قد لا يعلم افتراؤه ولا متى يفتري ولا على مَنْ يفتري كما أن المضطجع يُحدِث ولا يدري هل أحدَث أم لا فقام النوم مقام الحدث فهذا فقه معروف فلو كانت تصرفاته من هذا الجنس لكان ينبغي أن تُطلق امرأته سواء طلق أو لم يطلق كما يُحد حد المفتري سواء افترى أو لم يفتر وهذا لا يقوله أحد . المأخذ الثاني : أنه لا يعلم زوال عقله إلا بقوله وهو فاسق بشربه فلا يقبل قوله في عدم العقل والسكر وحقيقة هذا القول أنه لا يقع الطلاق في الباطن ولكن في الظاهر لا يقبل دعوى المسقط ومَنْ قال هذا قد يفرّق بين ما ينفرد به . المأخذ الثالث : وهو مأخذ الأئمة منصوصاً عنهم الشافعي وأحمد أن حكم التكليف جار عليه ليس كالمجنون المرفوع عنه القلم ولا النائم وذلك أن القلم مرفوع عن المجنون والسكران مُعاقب كما ذكره الصحابة وليس مأخذ أجود من هذا وكذلك قال أحمد ما قيل فيه أحسن من هذا وهذا ضعيف أيضاً فإنه إن أريد أنه وقت السكر يؤمر ويُنهى فهذا باطل فإن من لا عقل له ولا يفهم الخطاب لم يدر بشرع ولا غيره على أنه يؤمر وينهى بل أدلة الشرع والعقل تنفي أن يخاطب مثل هذا وإن أريد أنه قد يؤاخذ بما يفعله في سكره فهذا صحيح في الجملة لكنّ هذا لأنّه خوطب في صحوه بأن لا يشرب الخمر الذي يقتضي تلك الجنايات فإذا فعل المنهى عنه لم يكن معذوراً فيما فعله من المحرمكما قلت في سكر الأحوال الباطنة إذا كان سبب السكر محذوراً لم يكن السكران معذوراً

هذا الذي قلته قد يقتضي أنه في الحدود كالصاحي وهذا قريب وأنّا إنّما تكلمت على تصرفاته صحتها وفسادها . وأما قوله تعالى : { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } النساء : 43 ] فهو نهي لهم أن يسكروا سكراً يفوتون به الصلاة أو نهى لهم عن الشرب قريب الصلاة أو نهىٌ لمن يدب فيه أوائل النشوة . وأما في حال السكر فلا يخاطب بحال والدليل على أنه لا تصح تصرفاته وجوه . أحدها : حديث جابر بن سمرة الذي في > صحيح مسلم < لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم باستنكاه ماعز بن مالك . الثاني : أن عبادته كالصلاة لا تصح بالنص والإجماع فإن الله نهى عن قرب الصلاة مع السكر حتى يعلم ما يقوله واتفق الناس على هذا بخلاف الشارب غير السكران فإنَّ عبادته تصح بشروطها ومعلوم أنَّ صلاته إنّما لم تصح لأنه لم يعلم ما يقول كما دل عليه القرآن فنقول : كل من بطلت عبادته لعدم عقله فبطلان عقوده أولى وأحرى كالنائم والمجنون ونحوهما فإنَّه قد تصح عبادات مَنْ لا يصح تصرفه لنقص عقله كالصبي والمحجور عليه لسفه . الثالث : أن جميع الأقوال والعقود مشروطة بوجود التمييز والعقل فمَنْ لا تمييز له ولا عقل ليس لكلامه في الشرع اعتبار أصلاً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : > إنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد وإذا فسد لها سائر الجسد ألا وهي القلب < فإذا كان القلب زال عقله الذي به يتكلم ويتصرف فكيف يجوز أن يجعل له أمر ونهي أو إثبات ملك أو إزالة وهذا معلوم بالعقل مع تقرير الشارع له . والرابع : أن العقود وغيرها من التصرفات مشروطة بالقصود كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : > إنما الأعمال بالنيات < وقد قررت هذه القاعدة في كتاب : > بيان الدليل على بطلان التحليل < وقررت أن كل لفظ بغير قصد

من المتكلم لسهو وسبق لسان أو عدم عقل فإنه لا يترتب عليه حكم وأمّا إذا قصد اللفظ ولم يقصد معناه : كالهازل فهذا فيه تفصيل والمراد هنا بالقصد : العقل الذي يختص بالعقل فأما القصد الحيواني الذي يكون لكل حيوان فهذا لا بد منه في وجود الأمور الاختيارية من الألفاظ والأفعال وهذا وحده غير كافٍ في صحة العقود والأقوال فإنّ المجنون والصبي وغيرهما لهما هذا القصد كما هو للبهائم ومع هذا فأصواتهم وألفاظهم باطلة مع عدم التمييز لكن الصبي المميز والمجنون الذي يميز أحياناً يعتبر قوله حين التمييز . الخامس : أن هذا باب خطاب الوضع والإخبار لا من باب خطاب التكليف وذلك أن كون السكران معاقباً أو غير معاقب ليس له تعلق بصحة عقوده وفسادها فإن العقود ليست من باب العبادات التي يثاب عليها ولا الجنايات التي يعاقب عليها بل هي من التصرفات التي يشترك فيها البر والفاجر والمؤمن والكافر وهي من لوازم وجوب الخلق فإنّ العهود والوفاء بها أمر لا يتم مصلحة الآدميين إلا بها لاحتياج بعض الناس إلى بعض في جلب المنافع ودفع المضار وإنّما تصدر عن العقل فمن لم يكن له عقل ولا تمييز لم يكن قد عاهد ولا حلف ولا باع ولا نكح ولا طلق ولا أعتق ويوضح ذلك أنه معلوم أن قبل تحريم الخمر كان كلام السكران باطلاً بالاتفاق ولهذا لما تكلم حمزة بن عبد المطلب -رَضيَ اللهُ عنهُ- في سكره قبل التحريم بقوله : وهل أنتم إلا عبيد لأبي لم يكن مؤاخذ عليه وكذلك لما خلط المخُلط من المهاجرين الأولين في سورة : { قل يا أيها الكافرون } الكافرون : 1 ] قبل النهي لم يُعتب عليه وكذلك الكفّار لو شربوا الخمر وعاهدوا وشرطوا لم يلتفت إلى ذلك منهم بالاتفاق ومَنْ سِكر سكراً لا يعاقب عليه مثل أن يشرب ما لا يعلم أنه يسكره ونحو ذلك فأما مَنْ سكر بشرب محرم فلا ريب أنه يأثم بذلك ويستحق من عقوبة الدنيا والآخر ما جاء به أمر الله تعالى . فهذا الفرق ثابت بينه وبين من سكر سكراً يعذر فيه فأمّا كون عهده الذي يعاهد به الآدميين منعقداً يترتب عليه أثره ويحصُل به مقصوده فهذا لا فرق فيه بين سُكر المعذور وغير المعذور لأن هذا إنما كان الموجب لصحته أن

صاحبه فعله وهو عاقل مميز لا أنّه بر وفاجر والشرع لم يجعل السكران بمنزلة الصاحي أصلاً . هذا آخر ما وجد في هذه المسألة من الكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية و الله أعلم ]

ضاحك ضاحك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الفتاوى ........الكبرى56(بن تيمية).
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سيفن ستارز :: المنتدى الاسلامى :: الفقه الاسلامى-
انتقل الى: