منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
الخليفة والإمام العادل :::: | عمر بن عبد العزيز ** >

منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
الخليفة والإمام العادل :::: | عمر بن عبد العزيز ** >

منتديات سيفن ستارز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
ارجو من الساده الاعضاء القدامى تعديل بيانتهم الشخصية
ياجماعة انصحكم بالدخول على المنتدى بالمتصفع العملاق Mozilla Firefox
مشاركتك بالموضوعات تعنى أنك قرأت قانون المنتدى ، وأنك تتحمل المسئولية الأدبية والقانونية عن نشر هذا الموضوع او الردود
تتقدم منتديات سيفن ستارز بأحر التهانى القلبية للأخت رونى المحامية المشرفة على المنتدى القانونى وذلك بمناسبة الزواج السعيد نسأل الله لها التوفيق فى حياتها وألف مليون مبروك لها ولزوجها الأستاذ /حسين إبراهيم حسين وعقبال البكارى وحياة سعيدة ملؤها التراحم والمحبة والقرب من الله
على السادة الأعضاء الإلتزام بالأقسام النوعية للمنتدى عند تقديم مساهماتهم حيث يكون كل موضوع داخل القسم الخاص به حتى يعطى الشكل المطلوب مع سهولة الوصول إليه لكل متصفح .فالموضوعات الخاصة بالمرأة داخل منتدى المرأة .والموضوعات التى تتحدث عن الإسلام توضع فى المنتدى الإسلامى   ...وهكذا ..ونشكر لكم حسن العمل .كما نشكركم على الأداء الممتاز داخل المنتديات..كما نحذر من الخوض أو التطرق لما يمس الغير أو التهجم أو إذدراء الأديان أو الخوض فى موضوعات سياسيه..المنتديات  أصلاً ..منشأة لتبنى وجهة النظر الأجتماعيه والإسلاميه لأهل السنة والجماعة دون التقليل من الغير بل الإحترام المتبادل..وللجميع ودون تميز بجنس أو نوع أو دين أو لون وشكراً لكم جميعاً...
إدارة المنتديات...سيفن ستارز.

 

 الخليفة والإمام العادل :::: | عمر بن عبد العزيز **

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
رونى
مشرف المنتدى اللقانونى
مشرف المنتدى اللقانونى
رونى


الجنس : انثى عدد المساهمات : 911
تاريخ الميلاد : 21/02/1987
تاريخ التسجيل : 16/10/2010
العمر : 37

الخليفة والإمام العادل :::: | عمر بن عبد العزيز ** Empty
مُساهمةموضوع: الخليفة والإمام العادل :::: | عمر بن عبد العزيز **   الخليفة والإمام العادل :::: | عمر بن عبد العزيز ** I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 07, 2011 9:42 am


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الخليفة والإمام العادل :::: | عمر بن عبد العزيز **

[b][color=darkblue]
" كان الوليد صاحب بناء واتخذ المصانع والضياع وكان الناس يلتقون في زمانه، فكان يسأل بعضهم بعضاً عن البناء والمصانع، فولي سليمان فكان صاحب نكاح وطعام، فكان الناس يسأل بعضهم عن التزويج والجواري، فلمّا ولي عمر بن عبد العزيز كانوا يلتقون فيقول الرجل للرجل: ما وراءك الليلة ؟ وكم تحفظ من القرآن ؟ ومتى تختم، وما تصوم من الشهر؟ "


تاريخ الطبري



1- من الميلاد إلى خلافته

- اسمه ولقبه وكنيته وأسرته
هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، الإمام الحافظ العلامة المجتهد الزاهد العابد، السيد أمير المؤمنين حقاً أبو حفص القرشي الأموي المدني ثم المصري، الخليفة الزاهد الراشد أشج بني أمية

والده: هو عبد العزيز بن مروان بن الحكم، وكان من خيار أمراء بني أميةشجاعاً كريماً بقي أمير لمصر أكثر من عشرين سنة، تزوج أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهي حفيده أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب وقيل اسمها ليلى ، كما أن زواجه من آل الخطاب ما كان ليتم لولا علمهم بحاله وحسن سيرته وخلقه، فقد كان حسن السيرة في شبابه، فضلاً عن التزامه وحرصه على تحصيل العلم واهتمامه بالحديث النبوي الشريف فقد جلس إلى أبي هريرة وغيره من الصحابة وسمع منهم

ولادته ومكانها :
اختلف المؤرخون في سنة ولادته والراجح أنه ولد عام 61هـ وهو قول أكثر المؤرخين
أشج بني أمية: كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يلقب بالأشج، وكان يقال له أشج بني مروان، وذلك أن عمر بن عبد العزيز عندما كان صغيراً دخل إلى اصطبل أبيه عندما كان والياً على مصر ليرى الخيل فضربه فرس في وجهه فشجه، فجعل أبوه يمسح الدم عنه ويقول: إن كنت أشج بني أمية إنك إذاً لسعيد ، ولما رأى أخوه الأصبغ الأثر قال: الله أكبر! هذا أشج بني مروان الذي يملك، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: إن من ولدي رجلاً بوجهه أثر يملأ الأرض عدلاً . وكان الفاروق قد رأى رؤيا تشير إلى ذلك وقد تكررت هذه الرؤيا لغير الفاروق حتى أصبح الأمر مشهوراً عند الناس بدليل ما قاله أبوه عندما رأى الدم في وجهه وما قاله أخوه عندما رأى الشج في وجهه كلاهما تفاءل لعله أن يكون ذلك الأشج الذي يملأ الأرض عدلاً


صفاته الخلقية:
كان عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ أسمر رقيق الوجه أحسنه، نحيف الجسم حسن اللحية، غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة وقد خطه الشيب ، وقيل في صفته: أنه كان رجلاً أبيض دقيق الوجه، جميلاً، نحيف، وقيل في صفته: أنه كان رجلاً أبيض دقيق الوجه، جميلاً، نحيف الجسم، حسن اللحية .



العوامل التي أثرت في تكوين شخصية عمر بن عبد العزيز

إقباله المبكر على طلب العلم وحفظه القرآن الكريم:
فقد رزق منذ صغره حب الإقبال على طلب العلم وحب المطالعة والمذاكرة بين العلماء كما كان يحرص على ملازمة مجالس العلم في المدينة وكانت يومئذ منارة العلم والصلاح زاخرة بالعلماء والفقهاء والصالحين، وتاقت نفسه للعلم وهو صغير وكان أول ما استبين من رشد عمر بن عبد العزيز حرصه على العلم ورغبته في الأدب ، وجمع عمر بن عبد العزيز القرآن وهو صغير وساعده على ذلك صفاء نفسه وقدرته الكبيرة على الحفظ وتفرغه الكامل لطلب العلم والحفظ

تربيته على أيدي كبار فقهاء المدينة وعلمائها:
اختار عبد العزيز والد عمر صالح بن كيسان ليكون مربياً لعمر بن عبد العزيز، فتولى صالح تأديبه وكان يلزم عمر الصلوات المفروضة في المسجد، فحدث يوماً أن تأخر عمر بن عبد العزيز عن الصلاة مع الجماعة فقال صالح بن كيسان ما يشغلك؟ قال: كانت مرجّلتي تسكن شعري، فقال: بلغ منك حبك تسكين شعرك أن تؤثره على الصلاة؟ فكتب إلى عبد العزيز يذكر ذلك، فبعث أبوه رسولاً فلم يكلمه حتى حلق رأسه ، وحرص على التشبه بصلاة رسول الله أشد الحرص

- مكانته العلمية
اتفقت كلمة المترجمين له على أنه من أئمة زمانه، فقد أطلق عليه كل من الإمامين: مالك وسفيان بن عيينة وصف إمام ، وقال فيه مجاهد: أتيناه نعلمه فما برحنا حتى تعلمَّنا منه ، وقال ميمون بن مهران: كان عمر بن عبد العزيز معلمَّ العلماء ، قال فيه الذهبي: كان إماماً فقيهاً مجتهداً، عارفاً بالسنن، كبير الشأن، حافظاً، قانتاً لله أوَّاهاً منيباً يعد في حسن السيرة والقيام بالقسط مع جده لأمه عمر، وفي الزهد مع الحسن البصري وفي العلم مع الزهري

- ولايته على المدينة
في ربيع الأول من عام 87هـ ولاّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة المنورة، ثم ضم إليه ولاية الطائف سنة 91هـ وبذلك صار والياً على الحجاز كلها: واشترط عمر لتوليه الإمارة ثلاثة شروط:
الشرط الأول:أن يعمل في الناس بالحق والعدل ولا يظلم أحداً ولا يجور على أحد في أخذ ما على الناس من حقوق لبيت المال، ويترتب على ذلك أن يقل ما يرفع للخليفة من الأموال من المدينة. الشرط الثاني: أن يسمح له بالحج في أول سنة لأن عمر كان في ذلك الوقت لم يحج.
الشرط الثالث: أن يسمح له بالعطاء أن يخرجه للناس في المدينة فوافق الوليد على هذه الشروط، وباشر عمر بن عبد العزيز عمله بالمدينة وفرح الناس به فرحاً شديد .

مجلس شورى عمر بن عبد العزيز: مجلس فقهاء المدينة العشرة:
كان من أبرز الأعمال التي قام بها عمر بن عبد العزيز تكوينه لمجلس الشورى بالمدينة، وهم عروة ابن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأبو بكر بن سليمان بن أبي خيثمة، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله بن عمر، وأخوه عبد الله بن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عامر بن ربيعة وخارجه بن زيد بن ثابت

- الحادث المؤسف في ولاية عمر
قال العلماء في السير: كان خبيب بن عبد الله بن الزبير قد حدَّث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً اتخذوا عباد الله خولاً، ومال الله دولاً وهو حديث ضعيف فبعث الوليد بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز ـ واليه على المدينة ـ يأمره بجلده مائة سوط وبحبسه فجلده عمر مائة سوط، وبرد له ماءً في جرّة ثم صبه عليه في غداة باردة فكزّ ، فمات فيها. وكان عمر قد أخرجه من السجن حين اشتد وجعه، وندم على ما صنع منه وحزن عمر على موت خبيب، فقد روى مصعب بن عبد الله عن مصعب بن عثمان أنهم نقلوا خبيباً إلى دار عمر بن مصعب بن الزبير ببقيع الزبير واجتمعوا عنده حتى مات، فبينما هم جلوس، إذ جاءهم الماجشون يستأذن عليهم وخبيب مسجى بثوبه. وكان الماجشون مع عمر بن عبد العزيز في ولايته على المدينة. فقال عبد الله بن عروة: ائذنوا له. فلما دخل قال: كأن صاحبكم في مرية من موته اكشفوا له عنه، فكشفوا عنه، فلما رآه الماجشون انصرف. قال الماجشون: فانتهيت إلى دار مروان، فقرعت الباب ودخلت فوجدت عمر كالمرأة الماخض قائماً وقاعداً فقال لي: ما وراءك فقلت: مات الرجل. فسقط على الأرض فزعاً ثم رفع رأسه يسترجع فلم يزل يعرف فيه حتى مات. واستعفى من المدينة، وامتنع من الولاية. وكان كلما قيل له: إنك قد صنعت كذا فأبشر فيقول: كيف بخبيب ، ولم يذكرها ويتصورها أمام عينه حتى مات

- بين عمر بن عبد العزيز والحجّاج في خلافة الوليد
ذكر ابن الجوزي أن عمر بن عبد العزيز قد استعفى من المدينة كما مرّ ذكره ولكن ذكر غيره أنه عزل عنها، ففي سنة 92هـ عقد الخليفة الوليد لواء الحج للحجاج بن يوسف الثقفي ليكون أميراً على الحج ولما علم عمر بن عبد العزيز بذلك، كتب رحمه الله تعالى إلى الخليفة يستعفيه أن يمرَّ عليه الحجاج بالمدينة المنورة، لأن عمر بن عبد العزيز كان يكره الحجّاج ولا يطيق أن يراه، لما هو عليه من الظلم، فامتثل الوليد لرغبة عمر، وكتب إلى الحجّاج: إن عمر بن عبد العزيز كتب إليَّ يستعفيني من ممرك عليه، فلا عليك أن لا تمر بمن كرهك فتنحّ عن المدينة

- عمر في عهد سليمان بن عبد الملك
في عهد سليمان تهيأت الفرص لعمر بن عبد العزيز بقدر كبير فظهرت آثاره في مختلف الجوانب، فبمجرد تولي سليمان الخلافة قرب عمر بن عبد العزيز وأفسح له المجال واسعاً حيث قال: يا أبا حفص إنا ولينا ما قد ترى، ولم يكن بتدبيره علم، فما رأيت من مصلحة العامة فمر به وجعله وزيراً ومستشاراً ملازماً له في إقامته أو سفره وكان سليمان يرى أنه محتاج له في صغيره وكبيره، فكان يقول: ما هو إلا أن يغيب عني هذا الرجل فما أجد أحداً يفقه عني . وفي موضع آخر قال: يا أبا حفص ما اغتممت بأمر ولا أكربني أمر إلا خطرت فيه على بالي .
فقد كان لعمر أثر كبير على سليمان في إصدار عدد من القرارات النافعة ومن أهمها: عزل ولاة الحجّاج، وبعض الولاة الآخرين، كوالي مكة، خالد القسري ووالي المدينة عثمان بن حيان ، ومنها الأمر بإقامة الصلاة في وقتها، فأورد ابن عساكر عن سعيد بن عبد العزيز: أن الوليد بن عبد الملك كان يؤخر الظهر والعصر، فلما ولي سليمان كتب إلى الناس ـ عن رأي عمر ـ أن الصلاة كانت قد أميتت فأحيوها وهناك أمور أخرى أجملها الذهبي بقوله: مع أمور جليلة كان يسمع من عمر فيها .
هم خصماؤك يوم القيامة: لما وقف سليمان وعمر بعرفة جعل سليمان يعجب من كثرة الناس، فقال له عمر: هؤلاء رعيّتُك اليوم،، وأنت مسئول عنهم غداً وفي رواية: وهم خصماؤك يوم القيامة فبكى سليمان وقال: بالله استعين .




2- خلافة عمر بن عبد العزيز

عن سهيل بن أبي سهيل قال: سمعت رجاء بن حيوة يقول: لما كان يوم الجمعة لبس سليمان بن عبد الملك ثياباُ خضر من خز ونظر في المرآة فقال: أنا والله الملك الشاب فخرج إلى الصلاة يصلي بالناس الجمعة فلم يرجع حتى وعك، فلما ثقل كتب كتاب عهده إلى ابنه أيوب، وهو غلام لم يبلغ فقلت: ما تصنع يا أمير المؤمنين؟ إنه مما يحفظ به الخليفة في قبره أن يستخلف الرجل الصالح، فقال سليمان: كتاب استخير الله فيه، وانظر، ولم أعزم عليه، فمكث يوماً أو يومين، ثم خرقه ثم دعاني، فقال: ما ترى في داود بن سليمان؟ فقلت هو غائب بقسطنطينية، وأنت لا تدري أحي هو أم ميت. قال: يا رجاء فمن ترى؟ قال: فقلت: رأيك يا أمير المؤمنين وأنا أريد أن أنظر من يذكر. فقال: كيف ترى في عمر بن عبد العزيز؟ فقلت: أعلمه والله فاضلاً خياراً مسلماً. فقال: هو على ذلك والله لئن وليته، ولم أول أحداً من ولد عبد الملك لتكونن فتنة ولا يتركونه أبداً يلي عليهم إلا أن أجعل أحدهم بعده ـ ويزيد بن عبد الملك غائب على الموسم ـ قال: فيزيد بن عبد الملك أجعله بعده، فإن ذلك مما يسكنه ويرضون به، قلت : رأيك قال: فكتب بيده بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من عبد الله سليمان أمير المؤمنين لعمر بن عبد العزيز، إني وليته الخلافة من بعدي، ومن بعده يزيد بن عبد الملك، فاسمعوا له وأطيعوا، واتقوا الله، ولا تختلفوا، فيطمع فيكم


- منهج عمر في إدارة الدولة من خلال خطبته الأولى
صعد عمر المنبر وقال في أول لقاء مع الأمة بعد استخلافه: أيها الناس إني قد ابتليت بهذا الأمر عن غير رأي كان مني فيه، ولا طلبة له، ولا مشورة من المسلمين وإني قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي، فاختاروا لأنفسكم. فصاح الناس صيحة واحدة. قد اخترناك يا أمير المؤمنين ورضينا بك فوّل أمرنا باليمن والبركة وهنا شعر أنه لا مفر من تحمل مسؤولية الخلافة فأضاف قائلاً يحدد منهجه وطريقته في سياسة الأمة المسلمة : أما بعد فإنه ليس بعد نبيكم نبي، ولا بعد الكتاب الذي أنزل عليه كتاب، ألا إن ما أحل الله حلال إلى يوم القيامة، ألا إني لست بقاض، ولكني منفذ، ألا وإني لست بمبتدع ولكني متبع، ألا إنه ليس لأحد أن يطاع في معصية الله، ألا إني لست بخيركم، ولكني رجل منكم غير أن الله جعلني أثقلكم حملاً. أيها الناس من صحبنا فليصحبنا بخمس، و إلا فلا يقربنا: يرفع إلينا حاجة من لا يستطيع رفعها، ويعيننا على الخير بجهده ويدلنا من الخير على ما نهتدي إليه، ولا يغتابن عندنا الرعية ولا يعترض فيما لا يعنيه. أوصيكم بتقوى الله، فإن تقوى الله خلف من كل شيء وليس من تقوى الله عز وجل خلف، واعملوا الآخرتكم، فإنه من عمل لآخرته كفاه الله تبارك وتعالى أمر ديناه، وأصلحوا سرائركم، يصلح الله الكريم علانيتكم، وأكثروا من ذكر الموت، وأحسنوا الاستعداد قبل أن ينزل بكم، فإنه هادم اللذات... وإن هذه الأمة لم تختلف في ربها عز وجل، ولا في نبيها صلى الله عليه وسلم، ولا في كتابها وإنما اختلفوا في الدينار والدرهم، وإني والله لا أعطي أحداً باطلاً، ولا أمنع أحداً حقا. ثم رفع صوته حتى أسمع الناس فقال: يا أيها الناس، من أطاع الله وجبت طاعته، ومن عصى الله فلا طاعة له، أطيعوني ما أطعت الله، فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم. وإن من حولكم من الأمصار والمدن فإن هم أطاعوا كما أطعتم فأنا وليكم، وإن هم نقموا فلست لكم بوال

- الحرص على العمل بالكتاب والسنة
ورد عنه أنه قال: في إحدى خطبه: إن للإسلام حدوداً وشرائع وسنناً فمن عمل بها استكمل الإيمان، ومن لم يعمل بها لم يستكمل الإيمان، فلأن أعش أعلمكموها وأحملكم عليها، وإن أمت فما أنا على صحبتكم بحريص . وقال أيضاً: فلو كان كل بدعة يميتها الله على يدي وكل سنة يعيشها الله على يدي ببضعة من لحمي حتى يأتي آخر ذلك على نفسي كان في الله يسيراً. وفي موضع آخر قال: والله لولا أن أنعش سنة أو أسير بحق ما أحببت أن أعيش فواقاً

- الشورى في دولة عمر بن عبد العزيز
اهتم عمر بن عبد العزيز بتفعيل مبدأ الشورى في خلافته، ومن أقواله في الشورى: إن المشورة والمناظرة باب رحمة ومفتاح بركة لا يضل معهما رأي، ولا يفقد معهما حزم ، وكان أول قرار اتخذه عمر بعدما ولي أمر المدينة للوليد بن عبد الملك، يتعلق بتطبيق مبدأ الشورى، وجعله أساساً في إمارته، حين دعا من فقهاء المدينة وكبار علمائها، وجعل منهم مجلساً استشارياً دائماً

- العدل في دولة عمر بن عبد العزيز
وقد أحب الإستزاده من فهم صفات الإمام العادل وما يجب أن يقوم به ليتصف بهذه الخصلة الفريدة الحميدة فكتب إلى الحسن البصري يسأله في ذلك فأجابه الحسن: الإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأب الحاني على ولده يسعى لهم صغاراً، ويعلمهم كباراً، يكتب لهم في حياته ويدخرهم بعد مماته، والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البّرة الرفيقة بولدها، حملته كرهاً، ووضعته كرهاً، وربته طفلاً، تسهر بسهره، وتسكن بسكونه، ترضعه تارة وتفطمه أخرى، وتفرح بعافيته، وتغتمّ بشكايته، والإمام العدل يا أمير المؤمنين وصيّ اليتامى، وخازن المساكين يربي صغيرهم، والإمام العدل يا أمير المؤمنين كقلب بين الجوانح، تصلح الجوانح بصلاحه، وتفسد بفساده والإمام العدل يا أمير المؤمنين هو القائم بين الله وبين عباده، يسمع كلام الله ويُسمعهم، وينظر إلى الله ويريهم وينقاد إلى الله ويقودهم، فلا تكن يا أمير المؤمنين، فيما ملَّكك الله كعبد ائتمنه سيده واستحفظه ماله وعياله، فبدَّد، وشرَّد العيال، فأفقر أهله وفرَّق ماله

- سياسته في رد المظالم
روى ابن سعد: أنه لما رد عمر بن عبد العزيز المظالم قال: إنه لينبغي أن لا أبدأ بأول من نفسي . وهذا الفعل جعله قدوة للآخرين، فنظر إلى ما في يديه من أرض، أو متاع، فخرج منه حتى نظر إلى فص خاتم. فقال: هذا مما كان الوليد بن عبد الملك أعطانيه مما جاءه من أرض المغرب فخرج منه
وقد بلغ به حرصه على التثبت أنه نزع حلي سيفه من الفضة، وحلاه بالحديد، قال عبد العزيز بن عمر: كان سيف أبي محلى بفضة فنزعها وحلاه حديداً
وهكذا يتبع عمر أسلوب الحكمة والحسنى في تنفيذ سياسته وتطبيقاً لهذه السياسة فإنه قد مهد لهذه الخطوة الحاسمة، والخطيرة بخطوات تسبقها خروجه هو أولاً مما بيده من مظالم وردها إلى أصحابها، أو بيت المال، ثم إتجه إلى أبناء البيت الأموي فجمعهم وطلب إليهم أن يخرجوا مما بأيدهم من أموال وإقطاعات أخذوها بغير حق . وشهدت الأيام الأولى من خلافة عمر تجريداً واسع النطاق لكثير من أموال وأملاك بني أمية، ظلت تنمو في الماضي وتتضخم لكونهم العائلة الحاكمة ليس إلا.. وها هي الآن ترد إلى بيت مال المسلمين لكي يأخذ العدل مجراه، وتعود أموال المسلمين إلى المسلمين، لا يستأثر بها أحد دون أحد، ولا حزب دون حزب.. أموال وأملاك من شتى الصنوف والأنواع، جمعت بمختلف الطرق وسائر الأساليب جرد عمر بني أمية منها ومزق مستنداتها واحدة واحدة، وردها إلى مكانها الصحيح: مظالم وجوائز وهدايا ومخصصات استثنائية وضياع وقطاع، جمعت كلها على شكل ممتلكات ثابتة ونقود سائلة بلغت في تقدير عمر شطراً كبيراً من أموال الأمة جاوزت النصف ، ولا تمضي سوى أيام معدودات حتى يجد بنو أمية أنفسهم مجردين إلا من حقهم الطبيعي المشروع، فيضجون ضد سياسة عمر هذه ويعلنون معارضتهم الصارمة لها، فماذا يكون جواب عمر. أنظروا: والله لوددت أن ألا تبقى في الأرض مظلمة إلا ورددتها على شرط ألا أرد مظلمة إلا سقط لها عضو من أعضائي أجد ألمه ثم يعود كما كان حياً، فإذا لم يبق مظلمة إلا رددتها سألت نفسي عندها

بنو أمية يرسلون عمة عمر بن عبد العزيز:
فعندما عجز الرجال من بني أمية عن جعل عمر يخاف أو يلين عن سياسته إزاءهم، لجأوا إلى عمته فاطمة بنت مروان، وكانت عمته هذه لا تحجب عن الخلفاء ولا يرد لها طلب أو حاجة، وكانوا يكرمونها ويعظمونها، وكذلك كان عمر يفعل معها قبل استخلافه، فلما دخلت عليه عظمها وأكرمها كعادته وألقى لها وسادة لتجلس عليها. فقالت: إن قرابتك يشكونك ويذكرونك أنك أخذت منهم خير غيرك قال: ما منعتهم حقاً أو شيئاً كان لهم، ولا أخذت منهم حقاً أو شيئاً كان لهم فقالت: إني رأيتهم يتكلمون، وإني أخاف أن يهيجوا عليك يوماً عصيباً. فقال: كل يوم أخافه دون يوم القيامة فلا وقاني الله شره. قال: فدعا بدينار، وجنب، ومجمرة، فألقى ذلك الدينار بالنار، وجعل ينفح على الدينار إذا احمر تناوله بشيء، فألقاه على الجمر فنشى وقتر فقال: أي عمه أما ترثين لابن أخيك من هذا؟ وتؤخذ العمة بهذا المشهد المؤثر، وتلتفت إلى عمر طالبة منه أن يستمر في الكلام واسمعوه يقول وكأنه يرسم لوحة فنية رائعة للعدالة الاجتماعية التي جاء بها الإسلام لكي يجعلها تفجر الخير والنعيم على الجميع قال: إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة ولم يبعثه عذاباً إلى الناس كافة، ثم اختار له ما عنده وترك للناس نهراً شربهم فيه سواء ثم ولي أبو بكر وترك النهر على حاله، ثم ولي عمر فعمل عملهما، ثم يزل النهر يستقي منه يزيد ومروان وعبد الملك وابنه الوليد وسليمان أبناء عبد الملك حتى أفضى الأمر إلي وقد يبس النهر الأعظم فلم يرو أصحابه حتى يعود إلى ما كان عليه فقالت: حسبك

رد الحقوق لأصحابها: لم يقف عمر عند حد استرداد الأموال من بني أمية وردها إلى بيت المال، بل يخطو خطوة أخرى ويعلن لأبناء الأمة الإسلامية أن كل من له حق على أمير أو جماعة من بني أمية أو لحقته منهم مظلمة، فليتقدم بالبينة لكي يرد عليه حقه.. وتقدم عدد من الناس بظلامتهم وبيّناتهم وراح عمر يردها واحدة بعد الأخرى: أراضٍ ومزارع وأموال وممتلكات، ومرة بعث إليه واليه على البصرة برجل اغتصب أرضه فرد عمر هذه الأرض إليه ثم قال له: كم أنفقت في مجيئك إلي؟ قال: يا أمير المؤمنين تسألني عن نفقتي وأنت قد رددت علي أرضي وهي خير من مائة ألف؟ فأجابه عمر: إنما رددت عليك حقك، ثم ما لبث أن أمر له بستين درهماً كتعويض له عن نفقات سفره

عزله جميع الولاة والحكام الظالمين
لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة عمد إلى جميع الولاة والحكام المسؤولين الظالمين فعزلهم عن مناصبهم
وهكذا يعزل عمر الظالمين وهذا أسلوبه في اختيار الولاة والقضاة والكتاب وغيرهم، إنه يبحث عن أصلح الناس ديناً وأمانة، ولما انتقد أحد ولاته الذين اختارهم نكت بين عينيه بالخيزرانة في سجدته وقال: هذه غرتني منك. يريد سجدته أي أثر السجود في وجهه، فهذه علامة من علامات صلاح الرجل وهي دليل على كثرة السجود، ومن أجل ذلك اختاره عمر بن عبد العزيز، وعمر لا يكتفي بمظهر الرجل ولكنه يختبره أيضاً، قد رأى رجلاً كثير الصلاة، وأراد أن يمتحنه ليوليه، فأرسل إليه رجلاً من خاصته فقال: يا فلان إنك تعلم مقامي عند أمير المؤمنين فمالي لو جعلته يوليك على أحد البلدان؟ فقال الرجل: لك عطاء سنة، فرجع الرجل إلى عمر وأخبره بما كان من هذا الرجل، فتركه لأنه سقط في الاختبار


رفع المظالم عن الموالي
فلما تولى عمر بن عبد العزيز أزال تلك المظالم التي لحقت بهؤلاء الموالي وكتب إلى عماله يقول".. فمن أسلم من نصراني أو يهودي أو مجوسي من أهل الجزيرة اليوم فخالط المسلمين في دارهم، وفارق داره التي كان بها فإن له للمسلمين وعليه ما عليهم، وعليهم أن يخالطوه وأن يواسوه غير أرضه وداره إنما هي من فيء الله على المسلمين عامة، ولو كانوا أسلموا عليها قبل أن يفتح الله للسملمين كانت لهم، ولكنها فيء الله على المسلمين عامة

رفع المظالم عن أهل الذمة
وقد وضعها عنهم عمر بن عبد العزيز كسياسة عامة التزم بها في أن يرفع المظالم عن أهل الذمة حتى يدعهم ينعمون بحياتهم في ظل الشرائع الإسلامية السمحة ويؤيد ذلك ما جاء في كتابه إلى عامله على البصرة ـ عدي بن أرطأة: أما بعد، فإن الله سبحانه إنما أمر أن تؤخذ الجزية ممن رغب عن الإسلام واختار الكفر عتيا، وخسراناً مبيناً، فضع الجزية على من أطاق حملها، وخل بينهم وبين عمارة الأرض، فإن في ذلك صلاحاً لمعاش المسلمين، وقوة على عدوهم، وانظر من قبلك من أهل الذمة ممن قد كبرت سنه، وضعفت قوته، وولت عنه المكاسب، فأجر عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه. فلو أن رجلاً من المسلمين كان له مملوك كبرت سنه وضعفت قوته وولت عنه المكاسب كان من الحق عليه أن يقوته حتى يفرق بينهما موت أو عتق، وذلك أنه بلغني أن أمير المؤمنين عمر مر بشيخ من أهل الذمة يسأل على أبواب الناس فقال: ما أنصفناك، إن كنا أخذنا منك الجزية في شبيبتك ثم ضيعناك في كبرك. قال: ثم أجرى عليه من بيت المال ما يصلحه

إقامة العدل لأهل سمرقند
لما وصل خبر تولية عمر بن عبد العزيز الخلافة إلى سكان ما وراء النهر، اجتمع أهل سمرقند وقالوا لسليمان بن أبي السرّي: إن قتيبة غدر بنا، وظلمنا وأخذ بلادنا، وقد أظهر الله العدل والانصاف، فإذن لنا فليفذ منا وفد إلى أمير المؤمنين، يشكو ظلامتنا، فإن كان لنا حق أعطيناه، فإن بنا إلى ذلك حاجة. فإذن لهم سليمان، فوجهوا منهم قوماً فقدموا على عمر، فكتب لهم عمر إلى سليمان بن السري: إن أهل سمرقند، قد شكوا إليَّ ظلماً أصابهم،، وتحاملاً من قتيبة عليهم أخرجهم من أرضهم فإذا أتاك كتابي، فأجلس لهم القاضي فلينظر في أمرهم، فإن قضى لهم فأخرجهم إلى معسكرهم كما كانوا وكنتم قبل أن ظهر عليهم قتيبة. فأجلس سليمان جُمَيْعَ بن حاضر القاضي فقضى أن يخرج عرب سمرقند إلى معسكرهم وينابذوهم على سواء فيكون صلحاً جديداً أو ظفراً عنوة، فقال أهل الصُّغد: بل نرضى بما كان ولا نجدِّد حرباً، وتراضوا بذلك، فقال أهل الرأي: قد خالطنا هؤلاء القوم وأقمنا معهم، وأمنونا وأمنّاهم، فإن حكم لنا عدْنا إلى الحرب ولا ندري لمن يكون الظفر، وإن لم يكن لنا اجتلبنا عداوة في المنازعة، فتركوا الأمر على ما كان ورضوا ولم ينازعوا

وضع المكس
عن محمد بن قيس قال: لما ولي عمر بن عبد العزيز وضع المكس عن كل أرض ووضع الجزيه عن كل مسلم وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطاة أن ضع عن الناس... والمكس ولعمري ما هو بالمكس ولكنه البخس الذي قال الله فيه: ((ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين)). فمن أدى زكاة ماله فاقبل منه ومن لم يأت فالله حسيبه




3 - أهم صفاته ومعالم تجديده

- أهم صفاته
إن شخصية عمر بن عبد العزيز تعتبر شخصية قيادية جذابة، وقد اتصف رضي الله عنه بصفات القائد الرباني، ومن أهم هذه الصفات: إيمانه الراسخ بالله وعظمته، وإيمانه بالمصير والمآل، وخوفه من الله تعالى والعلم الغزير، والثقة بالله، والقدوة، والصدق، والكفاءة والشجاعة والمروءة والزهد، وحب التضحية، والتواضع، وقبول النصيحة، والحلم والصبر، وعلو الهمة، والحزم، والإدارة القوية، والعدل، والقدرة على حل المشكلات، وقدرته على التخطيط والتوجيه والتنظيم والمراقبة

شدة خوفه من الله تعالى
تقول زوجته فاطمة بنت عبد الملك: والله ما كان بأكثر الناس صلاة، ولا أكثرهم صياماً، ولكن والله ما رأيت أحداً أخوف لله من عمر، لقد كان يذكر الله في فراشه، فينتفض انتفاض العصفور من شدة الخوف حتى نقول: ليصبحَنَّ الناس ولا خليفة لهم ، وقال مكحول: لو حلفت لصدقت، ما رأيت أزهد ولا أخوف لله من عمر بن عبد العزيز، ولشدة خوفه من الله، كان غزير الدمع وسريعه، فقد: دخل عليه رجل وبين يديه كانون فيه نار، فقل: عظني. قال: يا أمير المؤمنين ما ينفعك من دخل الجنة، إذا دخلت أنت النار، وما يضرّك من دخل النار، إذا دخلت أنت الجنة، قال: فبكى عمر حتى طفئ الكانون الذي بين يديه من دموعه، وقد كان جلّ خوفه ـ رحمه الله ـ من يوم القيامة، فيدعو الله، ويقول: اللهم إن كنت تعلم إني أخاف شيئاً دون القيامة، فلا تؤمن خوفي

زهده
قال مالك بن دينار: الناس يقولون: مالك بن دينار زاهد، إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي أتته الدنيا فتركها، قال ابن عبد الحكم: ولما ولي عمر بن عبد العزيز زهد في الدنيا، ورفض ما كان فيه وترك ألوان الطعام، فكان إذا صنع له طعام هيىء على شيء وغطي، حتى إذا دخل اجتذبه فأكل، فكان لا يهمه من الأكل إلا ما يسد جوعه ويقيم صلبه وكانت نفقته وعياله في اليوم كما في الأثر، فعن سالم بن زياد: كان عمر ينفق على أهله في غدائه وعشائه كل يوم درهمين، وكان لا يلبس من الثياب إلا الخشن، وترك مظاهر البذخ والإسراف التي سادت قبله وأمر ببيعها وأدخل أثمانها في بيت مال المسلمين، وهكذا فعل بالجواري والعبيد حيث رد الجواري إلى أصحابهن إن كن من اللاتي أخذن بغير حق ووزع العبيد على العميان وذوي العاهات وحارب كل مظاهر الترف والبذخ، والإسراف

تواضعه
ومما يذكر من تواضع عمر جوابه لرجل ناداه: يا خليفة الله في الأرض، فقال له عمر: مه: إني لما ولدت أختار لي أهلي أسماً فسموني عمر، فلو ناديتني: يا عمر، أجبتك، فلما اخترت لنفسي الكُنى فكنيت بأبي حفص، فلو ناديتني يا أبا حفص أجبتك، فلما وليتموني أموركم سميتموني: أمير المؤمنين، فلو ناديتني يا أمير المؤمنين أجبتك، وأما خليفة الله في الأرض، فلست كذلك ولكن خلفاء الله في الأرض داوود والنبي صلى الله عليه وسلم وشبهه ، مشيراً على قوله تعالىSad( يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ)) (ص :آية :36). ومن تواضعه أن نهى الناس عن القيام له، فقال: يا معشر الناس: إن تقوموا نقم، وإن تقعدوا نقعد، فإنما يقوم الناس لرب العالمين

ورعه
ومن ورعه أنه: كان له غلام يأتيه بقمقم، من ماء مسخن، يتوضأ منه، فقال للغلام يوماً: أتذهب بهذا القمقم إلى مطبخ المسلمين، فتجعله عنده، حتى يسخن، ثم تأتي به؟ قال: نعم أصلحك الله، قال: أفسدته علينا، قال: أفسدته علينا، قال: فأمر مزاحماً أن يغلي ذلك القمقم، ثم ينظر ما يدخل فيه من الحطب ثم يحسب تلك الأيام، التي كان يغليه فيها، فيجعله حطباً في المطبخ
ومن ورعه أنه كان لا يرى لنفسه أن تشم رائحة مسك أتته من أموال المسلمين، فعندما وضعت بين يديه مسكة عظيمة فأخذ بأنفه، فقيل يا أمير المؤمنين إنما هو ريح قال: وهل ينتفع منها إلا بريحها، وكان يحترز من استعمال أموال المسلمين العامة، فكان يسرج السراج من بيت إذا كان في حاجة المسلمين، فإذا فرغ من حوائجهم أطفأها ثم أسرج عليه سراجه الخاص به من ماله الخاص

حلمه وصفحه وعفوه
وعن إبراهيم بن أبي عبلة قال: غضب عمر بن عبد العزيز يوماً غضباً شديداً على رجل، فأمر به فأحضر وجرِّد وشُدَّ في الحبال وجيء بالسياط فقال: خلُّوا سبيله ثم قال: أما أني لولا أن أكون غضباناً لسُؤْتُك. وتلا: ((وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ)) (آل عمران ، الآية : 134)، وعن عبد الملك قال: قام عمر بن عبد العزيز إلى قائلته، وعرض له رجل بيده طومار، فظن القوم أنه يريد أمير المؤمنين، فخاف أن يُحبس دونه فرماه بالطومار، فالتفت عمر فوقع في وجهه فشجه. قال: فنظرت إلى الدماء تسيل على وجهه وهو قائم في الشمس، فلم يبرح حتى قرأ الطومار وأمر له بحاجته وخلَّى سبيله

العدل
رواه الآجري من أن رجلاً ذمّياً من أهل حمص قدم على عمر، فقال: يا أمير المؤمنين: أسألك كتاب الله عز وجل، قال: وما ذاك، قال العباس بن الوليد بن عبد الملك: اغتصبني أرضي ـ والعباس جالس ـ فقال له: يا عباس ما تقول؟ قال: أقطعنيها يا أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك، وكتب لي بها سجلاً، فقال عمر: ما تقول يا ذمي؟ قال: يا أمير المؤمنين أسألك كتاب الله عز وجل. فقال عمر: كتاب الله أحق أن يتبع من كتاب الوليد بن عبد الملك، فأردد عليه يا عباس ضيعته فردّها عليه



4- من إصلاحات عمر وأعماله التجديدية

يرى المتتبع لأقوال العلماء والمؤرخين والمهتمين بدراسة الحركة التجديدية، إجماعاً تاماً على عدّ الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز المجدد الأول في الإسلام، وكان أول من أطلق عليه ذلك الإمام محمد بن شهاب الزهري، ثم تبعه على ذلك الإمام أحمد بن حنبل فقال:يروى في الحديث إن الله يبعث على رأس كل مائة عام من يصحح لهذه الأمة أمر دينها، فنظرنا في المائة الأولى فإذا هو عمر بن عبد العزيز

- الشورى
قد مرّ معنا أن عمر بن عبد العزيز في أول لقاء له مع الناس حمد الله وأثني عليه وقال: يا أيها الناس إني قد ابتليت بهذا الأمر من غير رأي كان مني فيه، ولا طلبة له، ولا مشورة من المسلمين، وإني قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي فاختاروا لآنفسكم فصاح الناس صيحة واحدة: قد اخترناك يا أمير المؤمنين، ورضينا بك: فَلِ أمرنا باليُمن والبركة. وبهذا يكون عمر قد قام بأول عمل تجديدي، حيث أعفى الناس من الملك العضوض، ولم يجبرهم على القبول بمن لم يختاروه، بل رد الأمر إليهم وجعله شورى بينهم


- الأمانة في الحكم
فقد كتب إلى عامله أبي بكر بن حزم: أن أدق قلمك، وقارب بين أسطرك، فإني أكره أن أخرج من أموال المسلمين مالاً ينتفعون به، وقد ساس رعيته سياسة رحيمة، وأمَّن لهم عيشاً رغيداً وكفاهم مذلة السؤال، فقسم فضول العطاء في أهل الحاجات، وقسم في فقراء أهل البصرة ثلاثة دراهم لكل إنسان، وأعطى الزمنى خمسين خمسين، وطلب من عماله أن يجهزوا من أراد أداء فريضة الحج، وكتب إلى عماله: أن اعملوا خانات في بلادكم فمن مر بكم من المسلمين، فاقروهم يوماً وليلة وتعهدوا دوابهم فمن كانت به علّة فاقروهم يومين وليلتين، فإن كان منقطعاً به فقوّوه بما يصل به إلى بلده، وقد عزّ في زمن عمر وجود من يقبل الزكاة يقول عمر بن أسيد: والله ما مات عمر بن عبد العزيز حتى جعل الرجل يأتينا بالمال العظيم فيقول: اجعلوا هذا حيث ترون، فما يبرح يرجع بماله كله قد أغنى عمر الناس

مبدأ العدل :
كتب لعامله الجراح بن عبد الله الحكمي أمير خراسان: يا ابن أم جراح: لا تضربن مؤمناً ولا معاهداً سوطا إلا في حق، واحذر القصاص، فإنك صائر إلى من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وتقرأ كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا إحصاها. وأنصف أهل الذمة وأمر أن لا يعتدي عليهم أو على معابدهم وكتب إلى عماله: لا تهدموا كنيسة ولا بيعة، ولا بيت نار صولحتم عليه، وقد رفع المكس وحطّ العشور والضرائب التي فرضتها الحكومات السابقة، وأطلق للناس حرية التجارة في البر والبحر، وقد تبرأ من المظالم التي كان يرتكبها بنو أمية وتبرأ من الحجّاج وأفعاله و أنكر على عمّاله الاستنان بسنته




5- اهتمام عمر بن عبد العزيز بعقائد أهل السنة

اهتم عمر بن عبد العزيز بعقائد أهل السنة وحرص على تعلمها وتعليمها وبثها بين الناس، وتناثرت أقواله في عقائد أهل السنة بين المراجع والمصادر الإسلامية من عقائد وتفسير وحديث وفقه وغيرها
مر عمر بن عبد العزيز برجل في يده حصاة يلعب بها وهو يقول: اللهم زوجني من الحور العين، فقام إليه فقال: بئس الخاطب أنت، ألا ألقيت الحصاة، وأخلصت إلى الله الدعاء
قال عمر بن عبد العزيز:اللهم إني أطعتك في أحب الأشياء إليك وهو التوحيد، ولم أعصك في أبغض الأشياء إليك وهو الكفر فاغفر لي ما بينهما. فهنا توسل عمر بن عبد العزيز بالطاعة والتوحيد وطلب الغفران من الله تعالى، ولا شك أن التوسل بالأعمال الصالحة مشروع كحديث الثلاثة الذين أووا إلى الغار

حصلت زلزلة بالشام، فكتب عمر بن عبد العزيز: أما بعد: فإن هذا الرجف شيء يعاتب الله به العباد، وقد كتب إلى أهل الأمصار أن يخرجوا يوم كذا من شهر كذا، فمن كان عنده شيء فليتصدق
لما خرج عمر بن عبد العزيز من المدينة نظر مولاه مزاحم إلى القمر فإذا القمر في الدبران، قال: فكرهت أن أقول ذلك له فقلت: ألا تنظر إلى القمر ما أحسن استواءه في هذه الليلة فنظر عمر فإذا هو بالدبران فقال: كأنك أردت أن تعلمني أن القمر بالدبران يا مزاحم إنا لا نخرج بشمس ولا قمر ولكننا نخرج بالله الواحد القهار
قال عمر بن عبد العزيز:.. ولقد أعظم بالله الجهل من زعم أن العلم كان بعد الخلق بل لم يزل الله وحده بكل شيء عليماً، وعلى كل شيء شهيداً قبل أن يخلق شيئاً وبعد ما خلقفبين عمر أن الله له الأسماء الحسنى وهي العليم، والشهيد أزلاً وهذا معتقد أهل السنة والجماعة.
قال عدي بن عدي. قال: كتب إليّ عمر بن عبد العزيز أما بعد: فإن الإيمان فرائض وشرائع وحدوداً، وسنناً فمن استكملها استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان، فإن أعش فسأبينها لكم حتى تعملوا بها، وإن أمت فما أنا على صحبتكم بحري

- الاعتصام بالكتاب والسنة وسنة الخلفاء الراشدين
لما ولي عمر بن عبد العزيز كتب: أما بعد: فإني أوصيكم بتقوى الله ولزوم كتابه والإقتداء بسنة نبيه وهديه ، وليس لأحد في كتاب الله ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم أمر ولا رأى إلا إنفاذه والمجاهدة عليه... فإن الذي في نفسي وبقيتي في أمر أمة محمد صلى الله عليه ومسلم أن تتبعوا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وأن تجتنبوا ما مالت إليه الأهواء والزيغ البعيد، من عمل بغيرهما فلا كرامة ولا رفعة له في الدنيا والأخرى، وليعلم من عسى أن يذكر له ذلك، ولعمري لأن تموت نفسي في أول نفس أحب إلى من أن أحملهم على غير إتباع كتاب ربهم وسنة نبيهم إلتي عاش عليها من عاش وتوفاه الله عليها حين توفاه ـ إلا أن يأتي علي وأنا حريص على إتباعه ـ وإن أهون الناس علي تلفاً وحزناً لمن عسى أن يريد خلاف شيء من تلك السنة

- موقفه من الصحابة والخلاف بينهم
عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه أنه قال:: لقد أعجبني قول عمر بن عبد العزيز رحمه الله: ما أحب أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا لأنه لو كان قولاً واحداً كان الناس في ضيق وإنهم أئمة يقتدى بهم ولو أخذ رجل بقول أحدهم كان في سعة. قال أبو عمر رحمه الله هذا فيما كان طريقه الاجتهاد، وسئل عمر بن عبد العزيز عن علي وعثمان وصفين وما كان بينهم فقال: تلك دماء كف الله يدي عنها وأنا أكره أن أغمس لساني فيها




6- حياته الاجتماعية والعلمية والدعوية

-الحياة الاجتماعية
ربط عمر بن عبد العزيز أولاده بالقرآن الكريم وكان يأذن لهم يوم الجمعة بالدخول عليه قبل أن يأذن للناس ليتدارس معهم القرآن الكريم: فإذا قال: إيها قرأ الأكبر منه ثم إذ قال: إيها، قرأ الذي يليه حتى يقرأ طائفة منهم

فقد أرسل في العام الذي استخلف فيه إلى أبنه عبد الملك، وهو إذ ذاك في المدينة يقول فيما قال فيها: ...فمن كان راغباً في الجنة وهارباً من النار ـ يقصد عبد الملك وأخوته ـ فالآن التوبة مقبولة، والذنب مغفور، قبل نفاذ الأجل، وانقضاء العمل، وفراغ من الله للمنقلبين ليدنيهم بأعمالهم في موضع لا تقبل فيه الفدية، ولا تنفع فيه المعذرة، تبرز فيه الخفيات، وتبطل فيه الشفاعات، يردُدُه الناس بأعمالهم، ويصدرون عنه أشتاتاً إلى منازلهم، فطوبى يومئذ لمن أطاع الله، وويل يومئذ لمن عصى الله
ومما يروى أيضاً في حسن إجابته لأولاده وإقناعهم، أن ابنة له بعثت إليه بلؤلؤة وقالت له: إن رأيت أن تبعث لي بأخت لها، حتى أجعلها في أذني فلم يرد عليها بالإجابة ولا بالرفض، وإنما الأمر مرتبط بصبرها على الجمر، إذ أرسل لها بجمرتين وقال لها: إن استطعت أن تجعلي هاتين الجمرتين في إذنيك بعثت إليك بأخت لها، فكان جواب مقنع لها.
فيروى ابن عبد الحكم أن عمر: كان يصلي العتمة ، ثم يدخل على بناته فيسلم عليهن، فدخل عليهن ذات ليلة فلما أحسنَّه وضعن أيديهن على أفواههن ثم تبادرن الباب، فقال للحاضنة: ما شأنهن؟ فقالت: إنه لم يكن عندهن شيء يتعشينه إلا عدس وبصل فكرهن أن تشم ذلك من أفواههن فبكى عمر. ثم قال لهن: يا بناتي ما ينفعكن أن تعشين الألون، ويمر بأبيكن على النار، فبكين حتى علت اصواتهن ثم انصرفن


-من نتائج منهج عمر بن عبد العزيز في تربية أولاده: ابنه عبد الملك
-عن عاصم بن أبي بكر بن عبد العزيز بن مروان وهو ابن أخي عمر بن عبد العزيز قال: وفدت إلى سليمان بن عبد الملك، ومعنا عمر بن عبد العزيز، فنزلت على ابنه عبد الملك وهو عزب، فكنت معه في بيت فصلينا العشاء، وأوى كل رجل منا إلى فراشه، ثم قام عبد الملك إلى المصباح فأطفأه، ثم قام يصلِّي، حتى ذهب بي النوم، فاستيقظت فإذا هو في هذه الآية: ((أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ..)) (الشعراء ، الآيتان : 205 ـ 206). فبكى، ثم يرجع إليها، فإذا فرغ منها فعل مثل ذلك، حتى قلت: سيقتله البُكاءُ، فلما رأيت ذلك قلت: لا إله إلا الله والحمد لله كالمستيقظ من النوم لأقطع ذلك عليه، فلما سمعني سكت فلم أسمع له حِسَّارحمه الله

علمه وفقه :
جمع عمر بن عبد العزيز الناس واستشارهم في رد مظالم الحجّاج، فكان كلما استشار رجلاً قال له: يا أمير المؤمنين، ذاك أمر كان في غير سلطانك ولا ولايتك، فكان كلما قال له رجل ذلك أقامه، حتى خلص بابنه عبد الملك، فقال له ابنه عبد الملك: يا أَبَهْ ما من رجل استطاع أن يردَّ مظالم الحجَّاج إن لم يردها أن يشركه فيها. فقال عمر: لولا أنك ابني، لقلت أنك أفقه الناس

مات ابن لعمر بن عبد العزيز، فجاء عمر فقعد عند رأسه، وكشف الثوب عن وجهه فجعل ينظر إليه ويستدمع، فجاء عبد الملك ابنه فقال: أشغلك يا أمير ما أقبل من الموت إليك؟ بل هو في شغل عما حل لديك، فكأن قد لحقت به وساويته تحت التراب بوجهك. فبكى عمر ثم قال: رحمك الله يا بني، فوالله، إنك لعظيم البركة ما علمتك على أبيك نافع الموعظة لمن وعظت، وأيم الله، إن كان الذي رأيت من جزعي على أخيك، ولكن لما علمت أن ملك الموت دخل داري فراعني دخوله، فكان الذي رأيت، ثم أمر بجهازه

مرضه وموته رحمه الله:
دخل عمر بن عبد العزيز على أبنه في وجعه ـ من الطاعون ـ فقال: يا بني، كيف تجد؟ قال: أجدني في الحق. قال: يا بني، إن تكن في ميزاني أحبُّ علي من أن أكون في ميزانك. فقال ابنه: وأنا يا أبه لئن أكون ما تحب أحب إليّ من أن يكون ما أُحب . وحين دفن ابنه خطب على قبره فقال: رحمك الله يا بني، فلقد كنت برَّاً بأبيك، وما زلت منذ وهبك الله لي مسروراً، ولا والله ما كنت أشدَّ سروراً ولا أرجى لحظي من الله فيك، منذ وضعتك في الموضع الذي صيرك الله إليه، فرحمك الله وغفر ذنبك وجزاك الله بأحسن عملك وتجاوز عن مسيئه، ورحم كلَّ شافع يشفع لك بخير من شاهد وغائب، رضينا بقضاء الله وسلّمنا لأمره، والحمد الله رب العالمين. ثم انصرف


-عمر بن عبد العزيز، والعلماء
كانت أيام سليمان بن عبد الملك بداية لمشاركة العلماء في مسؤوليات الدولة وقربهم من مصدر القرار السياسي وتأثيرهم فيه، فلما جاء عهد عمر بن عبد العزيز ـ أصبحت مشاركة العلماء في إدارة شؤون الدولة قوية فعالة، وشاملة متنوعة، فعلى رأس الدولة عمر وهو يعد من أبرز العلماء وكبار الفقهاء وساس الدولة، كعالم وليس كملك، وتوسعت دائرة مشاركة العلماء في عهده فبدأت في مركز اتخاذ القرار في العاصمة حيث أحاط عمر نفسه بجملة من العلماء للإشارة عليه ومعاونته وأبعد من سواهم، فأصبحوا فرسان الحلبة وحدهم، فساهموا في صياغة سياسة الدولة صياغة شرعية خالصة، وامتدت مشاركتهم في المسئولية إلى بقية مرافق الدولة، فأسندت إليهم مختلف المناصب والأعمال، ولا يعدو القول الحقيقة إذا قلنا إن الدولة في عهد عمر بن عبد العزيز كانت دولة العلماء، فهي نموذج لما ينبغي أن تكون عليه الدولة الإسلامية اتحدت فيها السلطة التشريعية مع السلطة التنفيذية على أحسن حال



7- عمر والفتوح ورفع الحصار عن القسطنطينية

-رسائله الدعوية إلى الملوك في الهند وغيرها
-تشجيع غير المسلمين على الدخول في الإسلام
-الإصلاحات المالية في عهد عمر بن عبد العزيز



8ـ من أسباب نجاح مشروع عمر بن عبد العزيز الإصلاحي:

كانت هناك عوامل متعددة ساهمت في نجاح مشروعه الإصلاحي منها:
1ـ صفاته الشخصية من العلم، والورع والخشية والزهد والتواضع والحلم والصفح والعفو والحزم والعدل مع قدرات إدارية كبيرة في فن التخطيط والتنظيم والقيادة والتوجيه ومعرفة الناس.
2ـإمتلاكه لرؤية إصلاحية تجديدية واضحة المعالم، هدفها الرجوع بالدولة والأمة لمنهج الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
3ـالتفاف الأمة حول هذا المشروع عندما لمست صدق المشرف عليه وإخلاصه.
4ـ وجود كوكبة من العلماء الربانيين في عهده كانوا مؤهلين لقيادة الدولة والأمة، فلما جاءت الفرصة بوصول عمر بن عبد العزيز للحكم وأتاح لهم المجال أبدعوا وأثبتوا جدارتهم في ما أسند لهم من مهام كبرى وهذا درس مهم في أهمية تكامل العلم الشرعي، والأمانة والتقوى مع القدرات القيادية في شخصية العلماء الربانيين، فذلك يساعدهم على تحكيم شرع الله من خلال مناصب الدولة وقيادة الجماهير والتفاهم حول المشروع الإسلامي الكبير.
5ـ الحرص على تحكيم الشرع في كل صغيرة وكبيرة، على مستوى الدولة والأمة فيأتي بذلك التوفيق الرباني قال تعالى: ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ...)) (الأعراف، الآية: 96).



9- الأيام الأخيرة في حياة عمر بن عبد العزيز ووفاته رحمه الله

-أخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز
كانت أخر خطبة خطبها بخناصرة، فقال فيها: أيها الناس، إنكم لم تخلقوا عبثاً ولن تتركوا سدى وإن لكم معاداً ينزل الله فيه للحكم فيكم، والفصل بينكم وقد خاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شيء وحرم الجنة التي عرضها السماوات والأرض، ألا وأعلموا أنما الأمان غداً لمن حذر الله وخافه، وباع نافذا بباق، وقليلاً بكثير وخوفاً بأمان ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين، وسيخلفها بعدكم الباقون كذلك حتى ترد إلى خير الوارثين ؟ وفي كل يوم تشيعون غاديا ورائحاً إلى الله قد قضى نحبه وانقضى أجله، فتعيبونه في صدع من الأرض، ثم تدعونه غير موسد ولا ممهد، قد فارق الأحبة، وخلع الأسباب فسكن التراب وواجه الحساب، فهو مرتهن بعمله، فقير إلى ما قدم غني عما ترك، فاتقوا الله قبل نزول الموت وانقضاء مواقعه وأيم الله إني لا قو لكم هذه المقالة وما أعلم عند أحد من الذنوب أكثر مما عندي، فأستغفر الله وأتوب إليه، وما منكم من أحد تبلغنا عنه حاجة إلا أحببت أن أسد من حاجته ما قدرت عليه، وما منكم أحد يسعه ما عندنا إلا وودت أنه سداي ولحمتي، حتى يكون عيشنا وعيشه سواء، وأيم الله أن لو أردت غير هذا من الغضارة والعيش، لكان اللسان مني به ذلولاً عالماً بأسبابه، ولكنه مضى من الله كتاب ناطق وسنة عادلة، يدل فيها على طاعته، وينهى عن معصيته، ثم رفع طرف ردائه فبكى حتى شهق وأبكى الناس حوله، ثم نزل فكانت إياها لم يخطب بعدها حتى مات رحمه الله

-سقيه السم
اختلفت الروايات عن سبب مرض وموت عمر بن عبد العزيز فعلى حين تذكر الروايات أن سبب مرضه وموته هو الخوف من اللهتعالى والإهتمام بأمر ، إلا أنه قد ذكر سبب أخر لموته وهو أنه سقي السم وذلك أن بني أمية قد تبرموا وضاقوا ذرعاً من سياسة عمر بن عبد العزيز التي قامت على العدل وحمتهم من ملذاتهم وحال بينهم وبين مايشتهون، فكاد له بعض بني أمية بوضع السم في شرابه
وعن مجاهد قال : قال لي عمر بن عبد العزيز: مايقول الناس في؟ قلت: يقولون إنك مسحور. قال: ما أنا بمسحور ثم دعا غلاماً له فقال له: ويحك ماحملك على أن تسقيني السم ؟ قال: ألف دينار أعطيتها وعلى أن أعتق، قال: هات الألف فجاء بها فألقاها عمر في بيت المال. وقال: أذهب حيث لا يراك أحد

-شراء عمر موضع قبره
بلغ من تواضع عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه عندما ذكروا له ذلك الموضع الرابع في حجرة عائشة والتي فيها قبر النبي (صلى الله عليه وسلم) وأبي بكر وعمر، فقالوا: لو دنوت من المدينة حتى تدفن معهم قال: والله لا يعذبني الله عذاباًـ إلا النار فإني لا صبر بي عليها ـ أحب إلي من أن يعلم الله من قلبي أني أراني لذلك أهلاً .وي


عدل سابقا من قبل رونى في الثلاثاء يونيو 07, 2011 9:52 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رونى
مشرف المنتدى اللقانونى
مشرف المنتدى اللقانونى
رونى


الجنس : انثى عدد المساهمات : 911
تاريخ الميلاد : 21/02/1987
تاريخ التسجيل : 16/10/2010
العمر : 37

الخليفة والإمام العادل :::: | عمر بن عبد العزيز ** Empty
مُساهمةموضوع: رد: الخليفة والإمام العادل :::: | عمر بن عبد العزيز **   الخليفة والإمام العادل :::: | عمر بن عبد العزيز ** I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 07, 2011 9:49 am


-شراء عمر موضع قبره
بلغ من تواضع عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه عندما ذكروا له ذلك الموضع الرابع في حجرة عائشة والتي فيها قبر النبي (صلى الله عليه وسلم) وأبي بكر وعمر، فقالوا: لو دنوت من المدينة حتى تدفن معهم قال: والله لا يعذبني الله عذاباًـ إلا النار فإني لا صبر بي عليها ـ أحب إلي من أن يعلم الله من قلبي أني أراني لذلك أهلاً .ويأبى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله تعالى ـ إلا أن يشتري موضع قبره من ماله الخاص وذلك بسبب ورعه ومحاسبته الشديدة لنفسه، فقد جاءت الروايات أنه قال لمن حوله ـ وهو في مرض موته ـ إشتروا من الراهب موضع قبري فقال له النصراني: والله يا أمير المؤمنين إني لأتبرك بقربك وجوارك وإنها لخيرة أن يكون قبرك في أرضي، قد أحللتك ويأبى عمر قائلاً: إن بعتموني موضع قبري وإلا تحولت عنكم ثم دعا بالثمن

-وصيته لولي عهده يزيد بن عبد الملك
كتب عمر بن عبد العزيز إلى يزيد بن عبد الملك ـ وهو في مرض الموت ـ قائلا:: بسم الله الرحمن الرحيم: من عبد الله عمر ـ أمير المؤمنين ـ إلى يزيد بن عبد الملك، السلام عليك:
فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أمابعد: فإني كتبت إليك وأنا دنف من وجعي وقد علمت إني مسئول عما وليت يحاسبني عليه مليك الدنيا والآخرة ولست أستطيع أن أخفي عليه من عملي شيئاً يقول تعالى فيما يقول: ((فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ)): (الأعراف ، الآية : 7) فإن يرضى عني الرحيم فقد أفلحت ونجوت من الهول الطويل، وإن سخط علي فيا ويح نفسي إلى ما أصير أسأل الله الذي لا إله إلا هو، أن يجيرني من النار برحمته، وأن يمن علي برضوانه والجنة. وعليك بتقوى الله والرعية الرعية، فإنك لن تبقى بعدي إلا قليلاً حتى تلحق باللطيف الخبير

-وصيته لأولاده عند الموت
لما حضرت عمر بن عبد العزيز الوفاة دخل عليه مسلمة بن عبد الملك فقال: يا أمير المؤمنين إنك قد أفغرت أفواه ولدك من هذا المال، فلو أوصيت بهم إليَ وإلى نظرائي من قومك فكفوك مؤونتهم، فلما سمع مقالته: قال: أجلسوني فأجلسوه فقال: قد سمعت مقالتك يا مسلمة، أما قولك: إني قد أفغرت أفواه ولدي من هذا المال فوالله ما ظلمتهم حقاً هو لهم ولم أكن لأعطيهم شيئاً لغيرهم، وأما ما قلت في الوصية فإن وصيتي فيهم: ((إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ)) (الأعراف، الآية: 196). وإنما ولد عمر بين أحد رجلين: إما صالح فسيغنيه الله، وإما غير ذلك فلن أكون أول من أعانه بالمال على معصية الله ادع لي بني، فأتوه فلما رآهم ترقرقت عيناه، وقال: بنفسي فتية تركتهم عالة لا شيء لهم ـ وبكى ـ: يابني إني قد تركت لكم خيراً كثيراً، لا تمرون بأحد من المسلمين وأهل ذمتهم إلا رأوا لكم حقاً يابني إني قد مثلت بين الأمرين: إما أن تستغنوا وأدخل النار، أو تفتقروا إلى أخر يوم الأبد وأدخل الجنة، فأرى أن تفتقروا إلى ذلك أحب إلي، قوموا عصمكم الله، قوموا رزقكم الله

-حاله لما احتضر
لما احتضر عمربن عبد العزيز، قال: أخرجوا عني فلايبقين عندي أحد. وكان عنده مسلمة بن عبد الملك، فخرجوا وقعد مسلمة وفاطمة زوجه أخت مسلمة على الباب فسمعوه يقول: مرحباً بهذه الوجوه ليست وجوه إنس ولا بوجوه جان ، وجاء في رواية: . ..قالت فاطمة بنت عبد الملك: كنت أسمع عمر يقول في أيا م مرضه: اللهم أخف عنهم موتي ولو ساعة من نهار، فلما كان اليوم الذي قبض فيه خرجت من عنده، وجلست في بيت بيني وبينه باب، فسمعته يقول: ((تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)) (القصص ، الآية : 83). ثم هدأ فجعلت لا أسمع له صوتاً ولاحساً ولاكلاماً. فقلت لوصيف كان يخدمه: لو دخلت على أمير المؤمنين فدخل وصاح، فقمت ودخلت عليه وقد أقبل بوجهه إلى القبلة وأغمض عينيه بإحدى يديه وأغمض فمه بالأخرى، ومات رحمه الله

-تاريخ وفاته
توفي الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز يوم الجمعة لعشر ليال بقين من رجب سنة (101هـ) على أصح الرواياتوكان عمره لما توفي أربعين سنة



-ثناء الناس على عمر بن عبد العزيز بعد وفاته


مسلمة بن عبد الملك: حين توفي عمر ورآه مسجى قال يرحمك الله لقد لينت لنا قلوباً قاسية وأبقيتلنا في الصالحين ذكراً.
الحسن البصري:لما أتى الحسن موت عمر بن عبد العزيز قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، يا صاحب كل خير.
مكحول: مارأيت أزهد ولا أخوف لله من عمر بن عبد العزيز.
يزيد بن حوشب: مارأيت أخوف من الحسن البصري وعمر بن عبد العزيز، كأن النار لم تخلق إلا لهما
بكاء الرهبان عليه: عن الأوزاعي قال: شهدت جنازة عمر بن عبد العزيز، ثم خرجت أريد مدينة قنسرين فمررت على راهب فقال: يا هذا أحسبك شهدت وفاة هذا الرجل قال: فقلت له: نعم فأرخى عينيه فبكى سجاماً، فقلت له: ما يبكيك ولست من أهل دينه ؟ فقال: إني لست أبكي عليه، ولكن أبكي على نور كان في الأرض فطفئ


-ماقيل فيه من رثاءه

قال جرير:
ينعى النـعاة أميـر المؤمنين لنـا
يا خير من حج بيت الله واعتمرا
حملت أمراً عظيماً فاضطلعت بـه
وقمت فيـه بأمـر الله يا عمرا
الشمس كاسفة ليسـت بطالعة
تبكي عليك نجوم الليل والقمرا

وقال محارب بن دثار:
لـو أعظم الموت خلقاً أن يواقعه
لعدله لم يصبك المـوت يا عمر
كم من شريعة عدل قد نعشت لهم
كادت تموت وأخرى منك تنتظر
يا لهف نفسي ولهف الواجدين معي
على العدول التي تغتلها الحفـر
وأنـت تتبعهم لـم تـأل مجتهداً
سقيا لهـا سنن بالحـق تفتقر
لو كنـت أملك والأقـدار غالبة
تـأتي رواحاً وتبياناً وتبتـكر



رحم الله أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز وأعلى ذكره في المصلحين فهذه معالم من سيرته الإصلاحية التجديدية الراشدية التي سار بها على منهاج النبوة، وقد حفظ الله لنا هذه السيرة ولم تهملها الليالي، ولم تفصلها عنا حواجز الزمن ولا أسوار القرون فلعلها تجد من يسير على نهجه من حكامنا وزعمائنا وقادتنا وما ذلك على الله بعزيز في جيلنا أو في غيره.



_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

المراجع :
عمر بن عبد العزيز – د/ محمد علي الصلابي


ضاحك ضاحك ضاحك ضاحك ضاحك ضاحك ضاحك ضاحك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الخليفة والإمام العادل :::: | عمر بن عبد العزيز **
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سيفن ستارز :: المنتدى الاسلامى :: شخصيات اسلامية-
انتقل الى: