منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى** >

منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى** >

منتديات سيفن ستارز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
ارجو من الساده الاعضاء القدامى تعديل بيانتهم الشخصية
ياجماعة انصحكم بالدخول على المنتدى بالمتصفع العملاق Mozilla Firefox
مشاركتك بالموضوعات تعنى أنك قرأت قانون المنتدى ، وأنك تتحمل المسئولية الأدبية والقانونية عن نشر هذا الموضوع او الردود
تتقدم منتديات سيفن ستارز بأحر التهانى القلبية للأخت رونى المحامية المشرفة على المنتدى القانونى وذلك بمناسبة الزواج السعيد نسأل الله لها التوفيق فى حياتها وألف مليون مبروك لها ولزوجها الأستاذ /حسين إبراهيم حسين وعقبال البكارى وحياة سعيدة ملؤها التراحم والمحبة والقرب من الله
على السادة الأعضاء الإلتزام بالأقسام النوعية للمنتدى عند تقديم مساهماتهم حيث يكون كل موضوع داخل القسم الخاص به حتى يعطى الشكل المطلوب مع سهولة الوصول إليه لكل متصفح .فالموضوعات الخاصة بالمرأة داخل منتدى المرأة .والموضوعات التى تتحدث عن الإسلام توضع فى المنتدى الإسلامى   ...وهكذا ..ونشكر لكم حسن العمل .كما نشكركم على الأداء الممتاز داخل المنتديات..كما نحذر من الخوض أو التطرق لما يمس الغير أو التهجم أو إذدراء الأديان أو الخوض فى موضوعات سياسيه..المنتديات  أصلاً ..منشأة لتبنى وجهة النظر الأجتماعيه والإسلاميه لأهل السنة والجماعة دون التقليل من الغير بل الإحترام المتبادل..وللجميع ودون تميز بجنس أو نوع أو دين أو لون وشكراً لكم جميعاً...
إدارة المنتديات...سيفن ستارز.

 

 الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى**

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى** Empty
مُساهمةموضوع: الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى**   الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى** I_icon_minitimeالسبت يونيو 18, 2011 5:31 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى**

[/b][/center]باب ذكر النفخ الثاني للبعث في الصور

و بيانه و كيفية البعث و بيانه . و أول من تنشق عنه الأرض . و أول من يحيى من الخلق . و بيان السن الذي يخرجون عليه من قبورهم . و في لسانهم . و بيان قوله تعالى " و ألقت ما فيها و تخلت " قال الله عز و جل " يوم ينفخ في الصور عالم الغيب و الشهادة " و قال : " فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ و لا يتساءلون " و قال " ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون " و قال " يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجاً" و سماه الله تعالى أيضاً بالناقور في قوله تعالى " فإذا نقر في الناقور " .

قال المفسرون : الصور ينقر فيه مع النفخ الأول لموت الخلق على ما يأتي بيانه ، قال الله تعالى مخبراً عن كفار قريش " ما ينظرون " أي ما ينظرون كفار آخر هذه الأمة الدائنون بدين أبي جهل و أصحابه ـ إلا صيحة واحدة ـ يعني النفخة الأولى التي يكون بها هلاكهم " تأخذهم و هم يخصمون " أي يختصمون في أسواقهم و حوائجهم . قال الله : " لا تأتيكم إلا بغتة " " فلا يستطيعون توصية " أي أن يوصوا " و لا إلى أهلهم يرجعون " أي من أسواقهم و حيث كانوا " إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون " ، " و نفخ في الصور فإذا هم من الأجداث " النفخة هي النفخة الثانية نفخة البعث . و الصور : قرن من نور يجعل فيه الأرواح يقال إن فيه من الثقب على عدد أرواح الخلائق على ما يأتي . قال مجاهد هو كالبوق ذكره البخاري ، فإذا نفخ فيه صاحب الصور النفخة الثانية ذهب كل روح إلى جسده " فإذا هم من الأجداث " أي القبور " ينسلون " أي يخرجون سراعاً يقال نسل ينسل و ينسل بالضم أيضاً : إذا أسرع في مشيه فالمعنى يخرجون مسرعين و في الخبر : أن بين النفختين أربعين عاماً . و سيأتي . و في البخاري عن ابن عباس في قوله تعالى : " فإذا نقر في الناقور " : الصور : قال : و [ الراجفة ] النفخة الأولى [ و الرادفة ] الثانية .

و روي عن مجاهد أنه قال : للكافرين هجعة قبل يوم القيامة يجدون فيها طعم النوم ، فإذا صيح بأهل القبور قاموا مذعورين عجلين ينظرون مايراد بهم لقوله تعالى : " ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون " و قد أخبر الله عز و جل عن الكفار أنهم يقولون " يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا " ؟ فيقول لهم الملائكة أو المؤمنون على اختلاف المفسرين " هذا ما وعد الرحمن و صدق المرسلون " و قيل إن الكفار هم القائلون : " هذا ما وعد الرحمن " و ذلك أنهم لما بعثوا لما بعثوا قال بعضهم لبعض " يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا " ؟ صدقوا الرسل لما عاينوا ما أخبروهم به ثم قالوا : " هذا ما وعد الرحمن و صدق المرسلون " فكذبنا به أقروا حين لم ينفعهم الإقرار ثم يؤمر بحشر الجميع إلى الموقف للحساب .

و قال عكرمة : إن الذين يغرقون في البحر تقتسم لحومهم الحيتان فلا يبقى منهم شيء إلا العظام ، فنلقيها الأمواج إلى الساحر فتمكث حيناً ثم تصير حائلة نخرة ، ثم تمر بها الإبل فتأكلها ثم تسير الإبل فتبعر . ثم يجيء قوم فينزلون فيأخذون ذلك البعر فيوقدونه . ثم تخمد تلك النار فيجيء الريح فيلقي ذلك الرماد على الأرض فإذا جاءت النفخة " فإذا هم قيام ينظرون " يخرج أولئك و أهل القبور سواء " إن كانت إلا صيحة واحدة " أي نفخة واحدة " فإذا هم جميع لدينا محضرون " .

قال علماؤنا رحمهم الله : فالنفخ في الصور إنما هو سبب لخروج أهل القبور و غيرهم ، فيعيد الله الرفات من أبدان الأموات ، و يجمع ما تفرق منها في البحار و بطون السباع و غيرها ، حتى تصير كهيئاتها الأولى ، ثم يجعل فيها الأرواح فتقوم الناس كلهم أحياء حتى السقط ، فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن السقط ليظل محبنطئاً على باب الجنة . و يقال له : ادخل الجنة فيقول لا حتى يدخل أبواي " و هذا السقط هو الذي تم خلقه ، و نفخ فيه الروح قال الله تعالى : " و إذا الموؤدة سئلت " فدل على أن المؤودة تحشر و تسأل ، و من قبرها تخرج و تبعث . و أما من لم ينفخ فيه الروح فهو سائر الأموات سواء قاله الحاكم أبو الحسين بن الحسن الحليمي رحمه الله في كتاب منهاج الدين له . و بالحقيقة إنما خروج الخلق بدعوة الحق قال الله تعالى : " يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده " فتقومون فتقولون : سبحانك اللهم و بحمدك . قالوا : فيوم القيامة يوم يبدأ بالحمد ، و يختم به . قال الله تعالى : " يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده " و قال في آية أخرى " و قضي بينهم بالحق و قيل الحمد لله رب العالمين " .

ابن ماجه قال : " حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا عباد بن العوام ، عن حجاج بن عطية ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن صاحبي الصور بأيديهما ـ أو في أيديهما ـ قرنان يلاحظان النظر متى يؤمران " .

الترمذي ، " عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : ما لصور ؟ قال : قرن ينفخ فيه " قال هذا حديث حسن .

" و عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : كيف أنعم و صاحب الصور قد التقم القرن و استمع الإذن متى يؤمر بالنفخ " ؟ فكأن ذلك ثقل على أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فقال لهم : قولوا : " حسبنا الله و نعم الوكيل " قال حديث حسن .

" وروي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ماأطرق صاحب الصور منذ وكل به مستعداً بحذاء العرش مخافة أن يؤمر بالصيحة قبل أن يرتد طرفه كأن عينيه كوكبان دريات " أخرجه أبو الحسن بن صخر في فوائده وغيره .

" و خرج ابن المبارك و مؤمل بن إسماعيل و علي بن معبد عن ابن مسعود حديثاً ذكر فيه قال : ثم يقوم ملك الصور بين السماء و الأرض فينفخ فيه ، و الصور قرن فلا يبقى لله خلق في السموات والأرض إلا مات إلا ما شاء ربك . ثم يكون بين النفختين ماشاء الله أن يكون ، فليس من بني آدم خلق إلا و في الأرض شيء منه " زاد " مؤمل بن إسماعيل قال سفيان ـ يعني الثوري ـ عجب الذنب قال : فيرسل الله ماء من تحت العرش : منياً كمني الرجال فتنبت جثمانهم و لحمانهم كما تنبت الأرض من الثرى " ثم قرأ عبد الله " و الله الذي أرسل الرياح فتثير سحاباً فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور " قال : " ثم يقوم ملك الصور بين السماء والأرض فينفخ فيه فينطلق كل نفس إلى جسدها حتى تدخل فيه ثممون فيجيبون إجابة رجل واحد قياماً لرب العالمين " و قال ابن المبارك و مؤمل : " ثم يقومون فيحيون تحية واحدة " .

و ذكر أبو عبيد القاسم بن سلام قال : حدثنا ابن مهدي ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي الزعراء ، عن عبد الله بن مسعود قال : [ فيقومون فيحيون تحية رجل واحد قياماً لرب العالمين ] قوله [ فيحيون ] التحية تكون في حالين :

أحدهما : أن يضع يديه على ركبتيه و هو قائم و هذا هو المعنى الذي في هذا الحديث ألا تراه يقول : [ قياماً لرب العالمين ] .

و الوجه الآخر : أن ينكب على وجهه باركاً و هذا هو الوجه المعروف عند الناس ، و قد حمله بعض الناس على قوله [ فيخرون سجداً لرب العالمين ] فجعل السجود هو التحية و هذا هو الذي يعرفه الناس من التحية .

" و روي عن علي بن معبد عن أبي هريرة قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و نحن في طائفة من أصحابه و ساق الحديث بطوله إلى قوله جل ثناؤه و تقدست أسماؤه " لله الواحد القهار " ثم " تبدل الأرض غير الأرض و السماوات " فيبسطها بسطاً ثم يمدها مد الأديم العكاظي " لا ترى فيها عوجاً و لا أمتاً " ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة ، فإذا هم في هذه الأرض المبدلة في مثل ما كانوا فيه من الأولى : من كان في بطنها و من كان على ظهرها كان على ظهرها . ثم ينزل الله عليكم ماء من تحت العرش يقال له : ماء الحياة فتمطر السماء عليكم أربعين سنة حتى يكون الماء من فوقكم اثني عشر ذراعاً . ثم يأمر الله عز وجل الأجساد فتنبت كنبات الطراثيث . و كنبات البقل حتى إذا تكلمت أجسادكم فكانت كما كانت يقول الله عز وجل : ليحى حملة العرش فيحيون . ثم يقول : ليحى جبريل و ميكائيل و إسرافيل فيأمر الله إسرافيل فيأخذ الصور ، ثم يدعو الله تعالى الأرواح فيؤتى بها . تتوهج أرواح المسلمين نوراً والأخرى مظلمة فيأخذها الله فيلقيها في الصور . ثم يقول لإسرافيل انفخ نفخة البعث فينفخ فتخرج الأرواح كلها كأمثال النحل قد ملأت ما بين السماء و الأرض فيقول الله عز و جل : و عزتي و جلالي ليرجع كل روح إلى جسده فتدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد . . . ثم تدخل في الخياشيم فتمشي في الأجساد مشي السم في اللديغ ثم تنشق الأرض عنكم . و أنا أول من تنشق الأرض عنه فتخرجون منها شباباً كلكم أبناء ثلاث و ثلاثين و اللسان يومئذ بالسريانية سراعاً إلى ربهم ينسلون " مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر " " ذلك يوم الخروج " " و حشرناهم فلم نغادر منهم أحداً " فتوقفون في موقف عراة غلفاً غرلاً مقدار سبعين عاماً و يعرقون حتى تبلغ منهم الأذقان ، و يلجمهم فيضجون و يقولون : من يشفع لنا إلى ربنا " ؟ و ساق الحديث بطوله في الشفاعة . و سيأتي حديث الشفاعة في صحيح مسلم و غيره إن شاء الله تعالى .

و خرج الختلي أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم في كتاب الديباج له : " حدثني أبو بكر بن الحارث بن خليفة ، حدثنا محمد بن جعفر المدائني ، عن سلام بن مسلم الطويل ، عن عبد الحميد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله عز وجل " إذا السماء انشقت * و أذنت لربها و حقت " قال : فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم أنا أول من تنشق عنه الأرض فأجلس جالساً في قبري ، فينفتح لي باب إلى السماء بحيال رأسي حتى أنظر إلى العرش ، ثم يفتح لي باب من تحتي حتى أنظر إلى الأرض السابعة ، حتى أنظر إلى الثرى ، ثم يفتح لي باب عن يميني حتى أنظر إلى الجنة و منازل أصحابي ، و إن الأرض تحركت تحتي فقلت : ما بالك أيتها الأرض ؟ قالت : أن ربي أمرني أن ألقي ما في جوفي ، و أن أتخلى فأكون كما كنت إذ لا شيء في فذلك قوله عز وجل : " و ألقت ما فيها و تخلت * و أذنت لربها و حقت " أي سمعت و أطاعت و حق لها أن تسمع و تطيع " يا أيها الإنسان " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنا ذلك الإنسان

و روي في تفسير قوله تعالى " يا أيتها النفس المطمئنة * ارجعي إلى ربك راضية مرضية " إن هذا خطاب للأرواح بأن ترجع إلى أجسادها " إلى ربك " أي صاحبك كما تقول : رب الغلام ، و رب الدار ، و رب الدابة ، أي صاحب الغلام و صاحب الدار و صاحب الدابة " فادخلي في عبادي " أي في أجسادهم من مناخرهم كما ورد في الخبر المتقدم . و قد روي أن الله تعالى خلق الصور حين فرغ من خلق السموات والأرض . و أن عظم دارته كغلظ السماء و الأرض ، و في حديث أبي هريرة : " و الذي نفسي بيده إن أعظم دارة فيه لكعرض السماء والأرض " و سيأتي . و روي : " أن له رأسين رأساً بالمشرق و رأساً بالمغرب " . فالله أعلم .

فصل : الصور : بالصاد قرن ينفخ فيه النفخة الأولى للفناء ، و هي نفخة الصعق و يكون معها نقر لقوله تعالى : " فإذا نقر في الناقور " أي في الصور فإذا نفخ فيه للإصعاق جمع بين النقر و النفخ لتكون الصيحة أشد و أعظم . ثم يمكث الناس أربعيم عاماً ، ثم ينزل الله ماء كمني الرجال على ما تقدم ، فتكون منه الأجسام بقدرة الله تعالى ، حتى يجعلهم بشراً كما روي في قصة الذين يخرجون النار قد صاروا حمماً . إنهم يغتسلون من نهر بباب الجنة فينبتون نبات الحبة في حميل السيل . و عن ذلك عبر في حديث أبي هريرة المتقدم في صحيح مسلم و غيره " فينبتون نبات البقل " فإذا تهيأت الأجسام ، و كملت نفخ في الصور نفخة البعث من غير نقر ، لأن المراد إرسال الأرواح من ثقب الصور إلى أجسادها لا تنقيرها من أجسادها فالنفخة الأولى للتنقير ، و هي نظير صوت الرعد الذي قد يقوى فيمات منه و نظير الصيحة : الصيحة الشديدة التي يصيحها الرجل بصبي فيفزع منه فيموت ، فإذا نفخ للبعث من غير نقر كما ذكرنا خرجت الأرواح من المجال التي هي فيه فتأتي كل روح إلى جسدها فيحييها الله . كل ذلك في لحظة كما قال تعالى : " فإذا هم قيام ينظرون " " ما خلقكم و لا بعثكم إلا كنفس واحدة " و عند أهل السنة أن تلك الأجساد الدنيوية تعاد بأعيانها و أعراضها بلا خلاف بينهم . قال بعضهم : بأوصافها . فيعاد الوصف أيضاً كما يعاد الجسم و اللون . قال القاضي أبو بكر بن العربي : و ذلك جائز في حكم الله و قدرته و هين عليه جميعه . و لكن لم يرد بإعادة الوصف خبر .

قلت : فيه أخبار كثيرة في هذا الباب بعد هذا .

فصل : و ليس الصور جمع صورة كما زعم بعضهم أي ينفخ في صور الموتى بدليل الأحاديث المذكورة ، و التنزيل يدل على ذلك . قال الله تعالى : " ثم نفخ فيه أخرى " و لم يقل : فيها ، فعلم أنه ليس جمع صورة . قال الكلبي : لا أدري ما الصور ؟ و يقال : هو جمع صورة مثب بسرة و بسر أي ينفخ فيصور الموتى : الأرواح و قرأ الحسن : " يوم ينفخ في الصور عالم الغيب و الشهادة " .

قلت : و إلى هذا التأويل في أن الصور بمعنى الصور جمع صورة . ذهب أبو عبيدة معمر بن المثنى و هو مردود بما ذكرنا . و أيضاً لا ينفخ في الصور للبعث مرتين بل ينفخ مرة واحدة ، و إسرافيل عليه السلام ينفخ في الصور الذي هو القرن و الله سبحانه يحيي الصور فينفخ فيها الروح كما قال تعالى : " فنفخنا فيه من روحنا " و " نفخت فيه من روحي " . قال ابن زيد : يخلق الله الناس في الأرض الخلق الآخر ثم يأمر السماء فتمطر عليهم أربعين يوماً فينبتون فيها حتى تنشق عن رؤوسهم كما تنشق عن رأس الكمأة . فمثلها يومئذ مثل الماخض تنتظر أن يأتيها أمر الله فتطرحهم على ظهرها . فلما كانت تلك النفخة طرحتهم . قال علماؤنا : و الأمم مجمعون على أن الذي ينفخ في الصور إسرافيل عليه السلام .

قلت : قد جاء حديث يدل على أن الذي ينفخ في الصور غير إسرافيل خرجه أبو نعيم الحافظ قال : حدثنا أحمد بن القاسم قال : حدثنا عفان بن مسلم قال : حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد ، عن عبد الله بن الحارث قال : كنت عند عائشة و عندها كعب الأحبار فذكر كعب إسرافيل فقالت عائشة : يا كعب أخبرني عن إسرافيل ؟ فقال كعب عندكم العلم . قالت : أجل فأخبرني . فقال : " له أربعة أجنحة جناحان في الهواء ، و جناح قد تسربل به و جناح على كاهله ، و العرش على كاهله ، و القلم على أذنه ، فإذا نزل الوحي كتب القلم ثم درست الملائكة ، و ملك الصور جاث على إحدى ركبتيه ، و قد نصب الأخرى ، ملتقم الصور ، محنياً ظهره ، شاخصاً ببصره ، ينظر إلى إسرافيل ، و قد أمر إذا رأى إسرافيل قد ضم جناحيه أن ينفخ في الصور " قالت عائشة ؟ هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول . غريب من حديث كعب لم يروه عنه إلا عبد الله بن الحارث ، و رواه خالد الحذاء عن الوليد أبي بشر عن عبد الله بن رباح عن كعب نحوه .

فصل : قلت : و ما خرجه أبو عيسى الترمذي و غيره يدل على أن صاحب الصور إسرافيل عليه السلام ينفخ فيه وحده . و حديث أبي عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه يدل على أن معه غيره .

و قد خرج أبو بكر البزار في مسنده ، و أبو داود في كتاب الحروف من كتاب السنن " من حديث عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم صاحب الصور فقال : عن يمينه جبريل ، و عن يساره ميكائيل " فلعل لأحدهما قرناً آخر ينفخ فيه و الله أعلم .

و ذكر أبو السري عناد بن السري التيمي الكوفي . قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرو قال : [ ما من صباح إلا و ملكان يقولون : يا طالب الخير أقبل ، و يا طالب الشر أقصر ، و ملكان موكلان يقولان : اللهم أعط منفقاً خلفاً ، و أعط ممسكاً تلفاً ، و ملكان موكلان يقولان سبحان الملك القدوس ، و ملكان موكلان بالصور ] قال : و حدثنا وكيع عن الأعمش عن مجاهد عن عبد الله بن ضمرة عن كعب قال : [ ما من صباح مثله سواء ] و زاد بعد قوله : [ و ملكان موكلان بالصور : ينتظران متى يؤمران فينفخان ] و عطية لا يحتج أحد بحديثه على ماذكره أبو محمد عبد الحق و غيره .

فصل : و اختلف في عدد النفخات : فقيل ثلاث : نفخة الفزع لقوله تعالى " و يوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله و كل أتوه داخرين " و نفخة الضعف و نفخة البعث ، لقوله تعالى : " و نفخ في الصور فصعق من في السموات و من في الأرض إلا من شاء الله ، ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون " و هذا اختيار ابن العربي و غيره . و سيأتي .

و قيل : هما نفختان . و نفخة الفزع هي نفخة الصعق ، لأن لا زمان لها أي فزعوا ماتوا منه . و السنة الثابتة على ما تقدم من حديث أبي هريرة و حديث عبد الله بن عمر و غيرهما يدل على أنهما نفختان لا ثلاث و هو الصحيح إن شاء الله تعالى . قال الله تعالى : " و نفخ في الصور فصعق من في السموات و من في الأرض إلا من شاء الله " فاستثنى هنا كما استثنى في نفخة الفزع فدل على أنهما واحدة . و قد روي ابن المبارك " عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : بين النفختين أربعون سنة . الأولى : يميت الله تعالى بها كل حي . و الأخرى : يحيى الله بها كل ميت " و سيأتي مزيد بيان إن شاء الله تعالى .

و قال الحليمي جهنم اتفقت الروايات على أن بين النفختين أربعين سنة . و ذلك بعد أن يجمع الله تعالى ما تفرق من أجساد الناس من بطون السباع ،و حيوانات الماء و بطن الأرض ، و ما أصاب النيران منها بالحرق ، و المياه بالغرق ، و ما أبلته الشمس ، و ذرته الرياح . فإذا جمعها و أكمل كل بدن منها . و لم يبقى إلا الأرواح جمع الأرواح في الصور ، و أمر إسرافيل عليه السلام فأرسلها بنفخة من ثقب الصور ، فرجع كل ذي روح إلى جسده بإذن الله تعالى .

و جاء في بعض الأخبار ما يبين أن من أكله طائر أو سبع : حشر من جوفه . و هو ما رواه الزهري " عن أنس قال : مر رسول الله صلى الله عليه و سلم بحمزة يوم أحد و قد جذع و مثل به فقال : لولا أن تجد صفية في نفسها لتركته حتى يحشره الله من بطون السباع و الطير " و قد أنكر بعض أهل الزيغ أن يكون الصور قرناً . قال أبو الهيثم : من أنكر أن يكون الصور قرناً ، فهو كمن ينكر العرش و الصراط و الميزان . و طلب لها تأويلات





تابـــــــــــــــــــــــع باب ذكر النفخ الثاني للبعث في الصور

باب منه في صفة البعث و ما آية ذلك في الدنيا و أول ما يخلق من الإنسان رأسه

قال الله تعالى " و هو الذي يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته ، حتى إذا أقلت سحاباً ثقالاً . سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون " و قال سبحانه : " الله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً فيبسطه في السماء كيف يشاء " إلى قوله " فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها " . " كذلك النشور " . و الآيات في هذا المعنى كثيرة .

و خرج أبو داود الطيالسي و البيهقي و غيرهما " عن أبي رزين العقيلي قال : قلت يا رسول الله : كيف يعيد الله الخلق ؟ و ما آية ذلك في خلقه ؟ قال : أما مررت بوادي قومك جدباً ، ثم مررت به يهتز خضراً ؟ قال : نعم . قال : فتلك آية الله في الخلق " .

قلت : هذا حديث صحيح لأنه موافق لنص التنزيل و الحمد لله .

و في حديث " لقيط بن عامر عن النبي صلى الله عليه و سلم فأرسل ربك إلى السماء تهضب من عند العرش فلعمر إلهك ما تدع على ظهرها من مصرع قتيل و لا مدفن ميت إلا شقت القبر عنه حتى يخلق من قبل رأسه " و ذكر الحديث .

باب يبعث كل عبد على ما مات عليه

مسلم " عن جابر بن عبد الله قال سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : يبعث كل عبد على ما مات عليه " . و عن " عبد الله بن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول إذا أراد الله بقوم عذاباً أصاب العذاب من كان فيهم ، ثم بعثوا على نياتهم " خرجه البخاري . و لفظ " البخاري عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا أنزل الله بقوم عذاباً أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم " .

مالك " عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : و الذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله ـ و الله أعلم بمن يكلم في سبيله ـ إلا جاء يوم القيامة و جرحه يثعب دماً اللون لون الدم ، و العرف عرف المسك " خرجه البخاري و مسلم .

أبو داود عن " عبد الله بن عمرو أنه قال : يا رسول الله ، أخبرني عن الجهاد و الغزو . فقال : يا عبد الله إن قتلت صابراً محتسباً بعثت صابراً محتسباً . و إن قتلت مرائياً مكاثراً بعثت مرائياً مكاثراً على أي حال قاتلت أو قتلت بعثك الله بتلك الحال " .

و روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال : " حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من مات سكران فإنه يعاين ملك الموت سكران ، و يعاين منكراً و نكيراً سكران ، و يبعث يوم القيامة سكران إلى حندق في سوط جهنم يسمى السكران ، فيه عين يجري ماؤها دماً ، لا يكون له طعام و لا شراب إلا منه " .

مسلم عن " ابن عباس أن رجلا كان مع رسول الله صلى الله عليه و سلم محرماً فوقصته ناقته فمات فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم اغسلوه بماء و سدر ، و كفنوه في ثوبه ، و لا تمسوه بطيب ، و لا تخمروا رأسه ، فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً " و في رواية [ ملبداً ] أخرجه البخاري .

و روى عباد بن كثير ، عن الزبير ، عن جابر قال : [ إن المؤذنين و الملبين يخرجون يوم القيامة من قبورهم يؤذن المؤذن . و يلبي الملبي ] ذكره الحليمي الحافظ في كتاب المنهاج له و سيأتي بكماله .

و ذكر أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم بن محمد الختلي في كتاب الديباج له " حدثنا أبو محمد عبد الله بن يونس بن بكير ، حدثنا أبي ، عن عمرو بن سمير عن جابر ، عن محمد بن علي ، عن ابن عباس و علي بن حسين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال أخبرني جبريل عليه السلام أن : لا إله إلا الله أنس للمسلم عند موته ، و في قبره ، و حين يخرج من قبره ، يا محمد لو تراهم حين يمرقون من قبورهم بنفضون رؤوسهم هذا يقول : لا إله إلا الله ، و الحمد لله فيبيض وجهه . و هذا ينادي ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله مسودة و جوههم " قال : " و حدثني يحيى بن عبد الحميد بن عبد الحماني ، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ليس على أهل لا إله إلا الله و حشة عند الموت و لا في قبورهم و لا منشرهم كأني بأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رؤوسهم و هم يقولون : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن " .

و روى النسائي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : " تخرج النائحة من قبرها يوم القيامة شعثاء غبراء عليها جلباب من لعنة الله و درع من نار يدها على رأسها تقول : يا ويلاه " أخرجه بمعناه مسلم ، و ابن ماجه " عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : النياحة من أمر الجاهلية ، و إن النائحة إذا ماتت قطع الله لها ثياباً من نار و درعاً من لهب النار " لفظ ابن ماجه . و قال مسلم : " تقام القيامة و عليها سربال من قطران و درع من جرب " .

و أسند الثعلبي في تفسيره " عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هذه النوائح يجعلن يوم القيامة صفين ، صفاً عن اليمين ، و صفاً عن الشمال ، ينبحن كما تنبح الكلاب ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، ثم يؤمر بهن إلى النار " أنبأناه الشيخ الحاج الراوية أبو محمد عبد الوهاب شهر بابن رواح ، و الشيخ الإمام علي بن هبة الله الشافعي قالا : " حدثنا السلفى قال : حدثنا الرئيس أبو عبد الله الثقفي قال : حدثنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن خولة الأبهري الأديب فيما قرئ عليه و أنا أسمع منه سنة ثلاث و أربع مائة قال : أخبرنا أبو عمر و أحمد بن محمد بن حكيم المدني ، أخبرنا أبو أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا سليمان بن داود اليماني ، حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن هذه النوائح يجعلن يوم القيامة صفين في جهنم صفاً عن يمينهن و صفاً عن شمالهن ينبحن على أهل جهنم كما تنبح الكلاب " غريب من حديث أبي نصر يحيى بن كثير عن أبي سلمة تفرد به عنه سليمان بن داود .

و قال " أنس قال النبي صلى الله عليه و سلم : تخرج النائحة من قبرها شعثاء غبراء مسودة الوجه زرقاء العينين ثائرة الشعر كالحة الوجه و عليه جلباب من لعنة الله و درع من غضب الله إحدى يديها مغلولة إلى عنقها و الأخرى قد و ضعتها على رأسها . و هي تنادي يا ويلاه و يا ثبوراه و يا حزناه ، و ملك وراءها يقول : آمين آمين . ثم يكون من بعد ذلك حظها النار " .

ابن ماجة " عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : النياحة على الميت من أمر الجاهلية . و إن النائحة إذا لم تتب قبل أن تموت فإنها تبعث يوم القيامة عليها سرابيل من قطران ، ثم يعلى عليها بدرع من لهب النار " .

و في التنزيل : " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " قال أهل التأويل : المعنى لا يقومون من قبورهم . قاله ابن عباس و مجاهد و ابن جبير و قتادة و الربيع و السدي و الضحاك و ابن زيد و غيرهم ، قال : بعضهم يجعل معه شيطان يخنقه . و قالوا : كلهم يبعث كالمخنوق عقوبة له ، وتميقتاً عند جميع أهل المحشر . فجعل الله هذه العلامة لأكلة الربا ، و ذلك أنه أرباه في بطونهم فاثقلهم ، فهم إذا خرجوا من قبورهم يقومون و يسقطون لعظم بطونهم و ثقلها عليهم . نسأل الله الستر و السلامة و العافية في الدنيا و الآخرة . و قال تعالى " و من يغلل يأت بما غل يوم القيامة " و سيأتي .

و روي عن النبي صلى الله عليه و سلم : " من مات على مرتبة من المراتب بعث عليها يوم القيامة " ذكره صاحب القوت و هو صحيح المعنى يدل على صجته ما ذكرناه و سياتي لهذا الباب مزيد بيان في باب بيان الحشر إلى الموقف إن شاء الله تعالى

باب في بعث النبي صلى الله عليه و سلم من قبره

ابن المبارك قال : أخبرنا ابن لهيعة قال : حدثني خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن نبيه بن وهب أن كعباً دخل على عائشة رضي الله عنه فذكروا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال كعب : ما من فجر يطلع إلا نزل سبعون ألفاً من الملائكة حتى يحفوا بالقبر ، يضربون بأجنحتهم و يصلون على النبي صلى الله عليه و سلم حتى إذا أمسوا عرجوا و هبط سبعون ألف ملك يحفون بالقبر و يضربون بأجنحتهم و يصلون عن النبي صلى الله عليه و سلم سبعون ألفاً بالليل و سبعون ألفاً بالنهار . و حتى إذا انشقت عنه الأرض خرج في سبعين ألفا من الملائكة يوقرونه صلى الله عليه و سلم . و الأخبار دالة ثابتة على أن جميع الناس يخرجون عراة و يحشرون كذلك على ما يأتي إن شاء الله تعالى .

و خرج الترمذي الحكيم في نوادر الأصول : " حدثنا بشر بن خالد قال ، حدثنا سعيد بن مسلمة ، عن إسماعيل بن أمية ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : خرج النبي صلى الله عليه و سلم و يمينه على أبي بكر و شماله على عمر فقال : هكذا نبعث يوم القيامة " .



باب ما جاء في بعث الأيام و الليالي و يوم الجمعة

" عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن الله عز و جل يبعث لأيام القيامة على هيأتها . و يبعث يوم الجمعة : زهراء منيرة أهلها محتفون بها كالعروس تهدى إلى كريمها تضيء لهم يمشون في ضوئها . ألوانهم كالثلج بياضاً ، و ريحهم يسطع كالمسك ، يخوضون في جبال الكافور ، ينظر إليهم الثقلان ما يطرقون تعجباً . يدخلون الجنة لا يخالطهم إلا المؤذنون المحتسبون " خرجه القاضي الشريف أبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي العيسوي من ولد عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس رضي الله عنهم و إسناده صحيح . و قال أبو عمران الجوني : ما من ليلة تأتي إلا تنادى : اعملوا في ما استطعتم من خير ، فلن أرجع إليكم يوم القيامة ذكره أبو نعيم .
[center]

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى** Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى**   الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى** I_icon_minitimeالسبت يونيو 18, 2011 5:31 pm


باب ما جاء أن العبد المؤمن إذا قام من قبره يتلقاه الملكان اللذان كانا معه في الدنيا و عمله

تقدم من حديث جابر مرفوعاً : " فإذا قامت الساعة انحط عليه ملك الحسنات و ملك السيئات فأنشطا كتاباً معقوداً في عنقه . ثم حضرا معه واحد سائق ، و الآخر شهيد . ذكره أبو نعيم أيضاً عن ثابت البناني أنه قرأ : " حم "السجدة حتى إذا بلغ " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة " وقف فقال : بلغنا أن العبد المؤمن حين يبعث من قبره يتلقاه الملكان اللذان كانا معه في الدنيا فيقولان له : لا تخف و لا تحزن و أبشر بالجنة التي كنت توعد قال : فأمن الله خوفه ، و أقر الله عينه فما عظيمة تغشى الناس يوم القيامة فالمؤمن في قرة عين لما هداه الله له . و لما كان يعمل له في الدنيا " .

و قال عمرو بن قيس الملاي : إن المؤمن إذا خرج من قبره استقبله عمله في أحسن صورة و أطيب ريح فيقول : هل تعرفني ؟ فيقول : لا . إلا أن الله قد طيب ريحك و حسن صورتك . فيقول كذلك كنت في الدنيا ، أنا عملك الصالح ، طال ما ركبتك في الدنيا ، اركبني اليوم و تلا : " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً " و أن الكافر يستقبله عمله في أقبح صورة و أنتن ريح فيقول : هل تعرفني ؟ فيقول : لا إلا أن الله قد قبح صورتك ، و نتن ريحك . فيقول : كذلك كنت في الدنيا أنا عملك السيء ، طال ما ركبتني في الدنيا . و أنا اليوم أركبك و تلا : " و هم يحملون أوزارهم على ظهورهم ، ألا ساء ما يزرون " و لا يصح من قبل إسناده قاله القاضي أبو بكر بن العربي



باب أين يكون الناس ؟ يوم تبدل الأرض غير الأرض و السموات

مسلم " عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : كنت قائماً عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فجاء حبر من أحبار اليهود فقال : السلام عليك يا محمد و ذكر الحديث و فيه فقال اليهودي أين يكون الناس " يوم تبدل الأرض غير الأرض و السموات " ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هم في الظلمة دون الجسر " الحديث بطوله و سيأتي .

و خرج مسلم أيضاً و ابن ماجه جميعاً قالا : " حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا علي بن مسهر ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله تعالى : " يوم تبدل الأرض غير الأرض و السموات " فأين يكون الناس يومئذ ؟ قال : على الصراط " .

و أخرجه الترمذي قال : " حدثنا ابن أبي عمر قال : حدثنا سفيان عن داود بن هند ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : يا رسول الله " و الأرض جميعاً قبضته يوم القيامة و السموات مطويات بيمينه " فأين يكون المؤمنون يومئذ ؟ قال : على الصراط يا عائشة " قال : هذا حديث حسن صحيح .

و خرج عن مجاهد قال : قال ابن عباس : أتدري ما سعة جهنم ؟ قلت : لا . قال : أجل و الله ما تدري . " حدثتني عائشة أنه سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قوله عز و جل " و الأرض جميعاً قبضته يوم القيامة و السموات مطويات بيمينه " قال : فقلت : فأين الناس يا رسول الله ؟ قال : على جسر جهنم " قال : حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه .

فصل : هذه الأحاديث نص في أن الأرض و السموات تبدل و تزال و يخلق الله أرضاً أخرى يكون عليها الناس بعد كونهم على الجسر و هو الصراط . لا كما قال كثير من الناس أن تبدل الأرض عبارة عن تغيير صفاتها ، و تسوية آكامها ، و نسف جبالها و مد أرضها ، و رواه ابن مسعود رضي الله عنه . خرجه ابن ماجه و سيأتي ذكره في الاشتراط إن شاء الله .

و ذكر ابن المبارك من حديث شهر بن حوشب قال : حدثني ابن عباس قال : [ إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم و زيد في سعتها كذا و كذا ] و ذكر الحديث . و روى " أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : تبدل الأرض غير الأرض فيبسطها و يمدها مد الأديم " ذكره الثعلبي في تفسيره .

و روى علي بن الحسين رضي الله عنهما قال : [ إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مد الأديم حتى لا يكون لأحد من البشر إلا موضع قدميه ] ذكره الماوردي ، و ما بدأنا بذكره أصح لأنه نص ثابت عن النبي صلى الله عليه و سلم . فإن قائل : إن بدل في كلام العرب معناه : تغيير الشيء ، و منه قوله تعالى : " كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها " و قال : " فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم " ، و لا يقتضي هذا إزالة العين و إنما معناه تغيير الصفة . و لو كان المعنى لإزالة لقال يوم تبدل الأرض مخففاً من أبدلت الشيء إذا أزالت عنه و شخصه قيل له : ما ذكرته صحيح ، و لكن قد قرئ قوله عزو جل " عسى ربنا أن يبدلنا خيراً منها " مخففاً و مثقلاً بمعنى واحد . قال : " و ليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً " و قال : " فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات " و كذا ذكر تاج اللغة أبو نصر الجوهري في الصحاح ، و أبدلت الشيء بغيره و بدله الله من الخوف أمناً و تبديل الشيء أيضاً تغييره ، فقد دل القرآن و كلام العرب على أن بدل و أبدل بمعنى واحد ، و قد فسر النبي صلى الله عليه و سلم أحد المعنيين ، فهو أعلى و لا كلام معه .

قال ابن عباس و ابن مسعود : تبدل الأرض أرضاً بيضاء كالفضة لم يسفك عليها دم حرام و لم يعمل عليها خطيئة قط . و قال ابن مسعود أيضاً تبدل الأرض ناراً و الجنة من ورائها يرى أكوابها و كواعبها . و قال أبو الجلد حيان بن فروة : إني لأجد فيما أقرأ من كتب الله أن الأرض تشعل ناراً يوم القيامة . و قال علي رضي الله عنه : تبدل الأرض فضة ، و السماء ذهباً ، و قال جابر : سألت أبا جعفر محمد بن علي عن قول الله تعالى : " يوم تبدل الأرض غير الأرض " قال تبدل خبزة يأكل منها الخلق يوم القيامة . ثم قرأ " و ما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطعام " و قال سعيد بن جبير و محمد بن كعب : تبدل الأرض خبزة بيضاء يأكل المؤمن من تحت قدميه .

قلت : و هذا المعنى الذي قاله سعيد بن جبير و محمد بن كعب مروي في الصحيح و سيأتي . و إليه ذهب ابن برحان في كتاب الإرشاد له . و أن المؤمن يطعم يومئذ من بين رجليه و يشرب من الحوض ، فهذه أقوال الصحابة و التابعين دالة على ما ذكرنا .

و أما تبديل السماء فقيل تكوير شمسها و قمرها و تناثر نجومها . قاله ابن عباس و قيل : اختلاف أحوالها قتارة كالمهل ، و تارة كالدهان . حكاه ابن الأنباري . و قال كعب : تصير السماء دخاناً ، و تصير البحار نيراناً ، و قيل تبديلها : أن تطوي كطي السجل للكتاب ، و ذكر أبو الحسن شبيب بن إبراهيم بن حيدرة في كتاب الإفصاح له : أنه لا يعارض بين هذه الآثار ، و أن الأرض و السماوات تبدل كرتين إحداهما هذه الأولى و أنه سبحانه يغير صفاتها قبل نفخة الصعق فتنتثر أولاً كواكبها ، و تكسف شمسها و قمرها و تصير كالمهل ، ثم تكشط عن رؤوسهم ، ثم تسير الجبال ثم تموج الأرض ، ثم تصير البحار نيراناً ، ثم تنشق الأرض من قطر إلى قطر فتصير الهيئة غير الهيئة ، و البنية غير البنية ، ثم إذا نفخ في الصور نفخة الصعق طويت السماء و دحيت الأرض ، و بدلت السماء سماء أخرى ، و هو قوله تعالى " و أشرقت الأرض بنور ربها " و بدلت الأرض : تمد مد الأديم العكاظي . و أعيدت كما كانت فيها القبور . و البشر على ظهرها و في بطنها . و تبدل أيضاً تبديلاً ثانياً . و ذلك إذا وقفوا في المحشر فتبدل لهم الأرض التي يقال لها [ الساهرة ] يجلسون عليه و هو أرض عفراء و هي البيضاء من فضة لم يسفك عليها دم حرام قط ، و لا جرى عليه ظلم قط ، و حينئذ يقوم الناس على الصراط ، و هو لا يسع جميع الخلائق و إن كان قد روي أن مسافته ألف سنة صعوداً و ألف سنة هبوطاً و ألف سنة استواء ، و لكن الخلق أكثر من ذلك فيقوم من فضل على الصراط ، على متن جهنم ، و هي كإهالة جامدة و هي الأرض التي قال عبد الله إنها أرض من نار يعرق فيها البشر ، فإذا حوسب عليها أعين الأرض المسماة بالساهرة و جاوزوا الصراط و جعل أهل الجنان من وراء الصراط ، و أهل النيران في النار و قام الناس على حياض الأنبياء يشربون بدلت الأرض كقرصة النقي ، فأكلوا من تحت أرجلهم ، و عند دخولهم الجنة كانت خبزة واحدة أي قرصاً واحداً يأكل منه جميع الخلق ممن دخل الجنة و إدامهم زيادة كبد ثور في الجنة و زيادة كبد النون على ما يأتي .




محمد بن أحمد بن أبي بكربن فرج (( القرطبي))




[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حسن المرجاوى
المدير العام
المدير العام
حسن المرجاوى


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4067
تاريخ الميلاد : 03/06/1963
تاريخ التسجيل : 06/11/2010
العمر : 60
المزاج مصر العربيه

الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى** Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى**   الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى** I_icon_minitimeالإثنين يونيو 20, 2011 5:39 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


أسمح لى بإستكمال الموضوع حتى ننال الثواب معكم وشكراً لك أخى الفاضل**
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حسن المرجاوى
المدير العام
المدير العام
حسن المرجاوى


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4067
تاريخ الميلاد : 03/06/1963
تاريخ التسجيل : 06/11/2010
العمر : 60
المزاج مصر العربيه

الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى** Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى**   الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى** I_icon_minitimeالإثنين يونيو 20, 2011 5:41 pm


باب منه أمور تكون قبل الساعة

ذكر علي بن معبد " عن أبي هريرة قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم و نحن في طائفة من أصحابه فقال : إن الله تعالى لما فرغ من خلق السموات و الأرض خلق الصور و أعطاه إسرافيل فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر فقال أبو هريرة قلت : يا رسول الله و ما الصور ؟ قال : قرن فقلت : و كيف هو ؟ قال : هو عظيم و الذي نفسي بيده إن عظم دارة فيه لكعرض السماء و الأرض فينفخ فيه ثلاث نفخات الأولى ، نفخة الفزع ، و الثانية : نفخة الصعق ، و الثالثة : نفخة القيام لرب العالمين ، يأمر الله إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول : انفخ نفخة الفزع فيفزع أهل السماء و الأرض إلا ما شاء الله و يأمره فيمدها و يديمها و يطولها " يقول الله عز و جل : " و ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق " مأخوذة من فواق الحالب و هي المهلة بين الحلبتين و ذلك أن الحالب يحلب الناقة و الشاة ثم يتركها ساعة يرضعها الفصيل لتدر ثم يحلب ، و منه سمي الفواق فواقاً لأنه ريح يتردد في المعدة بين مهليتن أي أن هذه النفخة ممتدة لا تقطيع فيها و يكون ذلك يوم الجمعة في النصف من شهر رمضان فيسير الله الجبال فتمر مر السحاب ، ثم تكون سراباً ثم ترتج الأرض بأهلها رجاً و هي التي يقول الله عز و جل " يوم ترجف الراجفة * تتبعها الرادفة * قلوب يومئذ واجفة " فتكون الأرض كالسفينة في البحر تضربها الأمواج فيميد الناس على ظهرها و تذهل المراضع و تضع الحوامل ما في بطونها ، و تشيب الولدان ، و تتطاير الشياطين هاربة ، حتى تأتي الأقطار فتتلقاها الملائكة هاربة فتضرب بها وجوهها و يولي الناس مدبرين ينادي بعضهم بعضعاً و هي التي يقول الله عز و جل " يوم التناد * يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم و من يضلل الله فما له من هاد " فبينما هم على ذلك إذ تصدعت الأرض من قطر إلى قطر ، و رأوا أمراً عظيماً لم يروا مثله فيأخذهم من ذلك من الكرب و الهول ما الله به عليم ، ثم ينظرون إلى السماء فإذا هي كالمهل ثم انشقت و انخسف شمسها و قمرها و انتثرت نجومها ، ثم كشطت السماء عنهم ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " و الموتى لا يعلمون شيئاً من ذلك . قلت : يا رسول الله فمن استثنى الله عز و جل ، حين يقول " ففزع من في السموات و من في الأرض إلا من شاء الله " ؟ قال : أولئك هم الشهداء عند ربهم يرزفون . إنما يصل الفزع إلى الأحياء ، يقيهم الله شر ذلك اليوم و يؤمنهم منه . و هو عذاب يلقيه الله على شرار خلقه ، و هو الذي يقول الله تعالى : " يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم " أي شديد فتمكثون في ذلك ما شاء الله إلا أنه يطول عليهم كأطول يوم ، ثم يأمر الله إسرافيل فينفخ نفخة الصعق " الحديث بطوله ، و قد تقدم وسطه و هذا آخره .

فصل : هذا الحديث ذكره الطبري و الثعلبي و صححه ابن العربي في سراج المريدين و قال : يوم الزلزلة و هو الاسم الثاني عشر يكون عن النفخة الأولى . بهذا اختلافهم الصحيح الواحد المفرد . و لما نبأ النبي صلى الله عليه و سلم بذكر الزلزلة التي تكون عند النفخة الأولى ذكر ما يكون في ذلك اليوم من الأهوال العظام التي يعظمها قوله [ شيء عظيم ] و من فزعها ما لا تطيق حمله النفوس و هو قوله لآدم : [ ابعث بعث النار ] فيكون ذلك في أثناء ذلك اليوم و لا يقتضي أن يكون ذلك متصلاً بالنفخة الأولى التي يشيب فيها الوليد و تضع الحوامل و تذهل المراضع و لكن يحتمل أمرين :

أحدهما : أن يكون آخر الكلام منوطاً بأوله تقديره يقال لآدم ابعث بعث النار أثناء يوم يشيب فيه الوليد و تضع الحوامل و تذهل المراضع من أوله .

الثاني : أن شيب الوليد و وضع الحوامل و ذهول المراضع يكون في النفخة الأولى حقيقة . و في هذا القول الثاني تكون صفته بذلك إخباراً عن شدته و إن لم يوجد غير ذلك الشيء فيه و هذه طريقة العرب في فصاحتها .

قلت : ما ذكره ابن العربي من صحة الحديث و كلامه فيه : فيه نظر لما نبينه آنفاً و قد قال أبو محمد عبد الحق في كتاب العاقبة له : ورد في هذا الباب حديث منقطع لا يصح ذكره الطبري " من حديث أبي هريرة عن النبي قال : ينفخ في الصور ثلاث نفخات الأولى نفخة الفزع " فذكره . قال : و هو عنده في سورة يس .

قلت : قد تقدم أن الصحيح في النفخ إنما هو مرتان لا ثلاث ، و حديث مسلم في قول الله تعالى لآدم [ يا آدم ابعث بعث النار ] إنما هو يعد البعث يوم القيامة . و نفخة الفزع هي نفخة الصعق على ما تقدم أو نفخة البعث على ما قيل على ما يأتي و لأنه لو كانت نفخة الفزع غير نفخة الصعق لأقتضى ذلك أن يكون بقاء الناس بعدها أحياء ما شاء و يكون هناك ليل و نهار حتى تأتي نفخة الصعق التي يموت لسماعها جميع الخلق كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص و على هذا لا يكون قوله ابعث في أثناء اليوم الذي يكون مبدؤه نفخة الفزع على ما ذكره ابن العربي و الله أعلم .

و لا يلزم من زلزال الأرض أن تكون عن نفخة فإنا نشاهد تحرك الأرض و ميدها بمن عليها و ما عليها من جبال و مياه كالسفينة في البحر إذا تلاطمت أمواجه من غير نفخ و إنما تلك الزلزلة من أشراط الساعة و مقدماتها كسائر أشراطها .

و قد قال علقمة و الشعبيث : الزلزلة من أشراط الساعة و هي في الدنيا . و كذلك قال أنس بن مالك و الحسن البصري . و قد ذكر القشيري أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم في تفسيره : أن المراد بنفخة الفزع ، و النفخة الثانية أي يحيون فزعين يقولون : " من بعثنا من مرقدنا " و يعاينون من الأمر ما يهولهم و يفزعهم . و الله أعلم . و نحو ذلك ذكره الماوردي و اختاره .

و قد قيل : إن هذه الزلزلة تكون قبل الساعة في النصف من شهر رمضان بعدها

طلوع الشمس من مغربها و الله أعلم .

و قوله تعالى : " ترونها " الضمير المنصوب في " ترونها " للزلزلة أو القيامة قولان : فعلى الأولى أن ذلك في الدنيا قبل نفخة الصعق لعظم تلك الزلزلة و قوة حركتها بالأرض لأن القيامة لارضاع فيها و لا حمل فترى الناس سكارى يعني من الخوف . و على القول الثاني يكون فيه وجهان :

أحدهما : أن يكون مثلاً ، و المعنى أن يكون يوماً لا يهم أحداً فيه إلا نفسه و الحامل تسقط من مثله كما تسقط الحوامل من الصيحة الشديدة و يكون الهول عظيماً .

و الوجه الآخر : أن يكون ذلك حقيقة لا مثلاً . و يكون المعنى أن من كانت محشورة مع ولد رضيع فإنها إذا رأت هول ذلك اليوم ذهلت عن من ولدت ، و أن الحوامل إذا بعثن أسقطت من فزع يوم القيامة : الأحمال التي كانت أحياء فماتت بموت أمهاتها أحياء ثم لا يمتن بالإسقاط . لأن الموت لا يتكرر عليهن مرتين لأنه لا موت في القيامة ، و إنما هو يوم الحياة و تضع الحوامل حملها . ثم يحتمل أن يحيي الله كل حمل كان قد أتم خلقه و نفخ فيه الروح و يسويه و يعدله فإن الأم تذهل عنه ، و لو لم تذهل ما قدرت على إرضاعه لأنه لا غذاء يومئذ لها و لبن ، و اليوم يوم الحساب لا يقبل فيه من عذر و لا علة فكيف تخلى و الاشتغال بالولد مع ما عليها من الحساب و هي بصدده من الجزاء و الحمل الذي لم ينفخ فيه قط إذا سقط يكون مع الوحوش تراباً و لم يبتدأ إحياؤه لأن اليوم الآعادة . فمن لم يمت في الدنيا لم يحى في الآخرة . قاله الحليمي في منهاج الدين .

و قال الحسن في قوله تعالى : " و ترى الناس سكارى " أي من العذاب و الخوف " و ما هم بسكارى " من الشراب و مما يبين ما قلناه : أن إبليس قال

: " أنظرني إلى يوم يبعثون " سأل النظرة و الإمهال إلى يوم البعث و الحساب طلب أن لا يموت لأن يوم البعث لا موت بعده فقد قال تعالى : " إنك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم " قال ابن عباس و السدي و غيرهما : أنظره إلى النفخة الأولى حيث يموت الخلق كلهم ، و كان طلب الإنظار إلى النفخة الثانية حيث يقوم الناس لرب العالمين فأبى الله ذلك عليه .

قال المؤلف رحمه الله : و ما وقع في هذا الحديث من انشقاق السماء ، و تناثر نجومها و طمس شمسها و قمرها . فقد ذكر المحاسبي و غيره : أن ذلك يكون بعد جمع الناس في الموقف . و روي عن ابن عباس و سيأتي و قاله الحليمي في كتاب منهاج الدين .

فصل : فأما التكوين يوم القيامة قبل الحساب . فقد قال الله تعالى : " يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم " إلى قوله " عذاب الله شديد " و قال : " إذا زلزلت الأرض زلزالها " إلى آخرها .

و الذي ثبت بسياق الآيات : أن هذه الزلزلة إنما يكون بعد أحياء الناس و بعثهم من قبورهم لأنه لا يراد بها إلا إذعان الناس و التهويل عليهم ، فينبغي أن يشاهدوها ليفزعوا منها و يهولهم أمرها ، و لا تمكن المشاهدة منهم و هم أموات . و لأنه تعالى قال : " يومئذ تحدث أخبارها " . أي تخبر عما عمل عليها من خير و شر " يومئذ يصدر الناس أشتاتاً " فدل ذلك على أن هذه الزلزلة إنما تكون و الناس أحياء و اليوم يوم الجزاء و قال تعالى : " فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة " يعني الآخرة " و حملت الأرض و الجبال " إلى قوله " لا تخفى منكم خافية " فدلت هذه السورة على أن اصطدام الأرض و الجبال لا يكون إلا بعد الإحياء ، فدلت هذه الآية على أن الكوائن إنما تكون بعد النشأة الثانية . و الله أعلم .

و أما قوله فيه يوم التناد ، فقال الحسن و قتادة ، ذلك يوم ينادي أهل الجنة أهل النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً ، و ينادي أهل النار أهل الجنة أن أفيضوا علينا من الماء يوم تولون مدبرين يعني عن النار أي غير قادرين و غير معجزين فيتفسر مجاهد . و قيل : معناه يوم ينادي أهل النار بالويل و الثبور و يولون مدبرين من شدة العذاب . و قيل : إن ذلك نداء بعض الناس لبعضهم في المحشر و توليهم مدبرين إذا رأوا عنقاً من النار .

و قال قتادة : معنى تولون مدبرين منطلقاً بكم إلى النار ما لكم من الله من عاصم أي مانع يمنعكم ، فإن قيل : فقد قال الآلله تعالى : " يوم ترجف الراجفة * تتبعها الرادفة " إلى أن قال : " فإنما هي زجرة واحدة " و هذا يقتضي بظاهره أنها ثلاث له ليس كذلك ، و إنما المراد بالزجرة النفخة الثانية التي يكون عنها خروج الخلق من قبورهم كذلك قال ابن عباس و مجاهد و عطاء و ابن زيد و غيرهم ، قال مجاهد : هما صيحتان ، أما الأولى فيموت كل شيء بإذن الله ، و أما الأخرى فيحيا كل شيء بإذن الله .

و قال مجاهد أيضاً : الرادفة حين تنشق السماء و تحمل الأرض و الجبال فتدك دكة واحدة . و قال عطاء : الراجفة القيامة ، و الرادفة البعث ، و قال ابن زيد : الراجفة الموت ، و الرادفة الساعة ، فهذا يبين لك ما قلناه من أن المراد بالزجرة النفخة الثانية .

و اختلفوا في الساهرة اختلافاً كثيراً ، فقال ابن عباس : و أما الساهرة فأرض من فضة بيضاء لم يعص الله عليها طرفة عين خلفها الله يومئذ و هو قوله تعالى : " يوم تبدل الأرض غير الأرض " .

و قال بعضهم : الساهرة اسم الأرض السابعة يأتي الله بها فيحاسب عليها الخلائق و ذلك حين تبدل الأرض غير الأرض . و قال قتادة : هي جهنم أي فإذا هؤلاء الكفار في جهنم ، و قيل صحراء قريب من شفير جهنم .

و قال الثوري : الساهرة أرض الشام و قيل غير هذا ، و إنما قيل لها ساهرة لأنهم لا ينامون عليها حينئذ ، و معنى " فإذا هم بالساهرة " أي على الأرض بعدما كانوا في بطنها و العرب تسمي الفلاة و وجه الأرض ساهرة ، قال أمية بن أبي الصلت :

و فيها لحم ساهرة و بحر *** و ما فاهوا به لهم مقيم


يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع **
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حسن المرجاوى
المدير العام
المدير العام
حسن المرجاوى


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4067
تاريخ الميلاد : 03/06/1963
تاريخ التسجيل : 06/11/2010
العمر : 60
المزاج مصر العربيه

الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى** Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى**   الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى** I_icon_minitimeالإثنين يونيو 20, 2011 5:43 pm

باب بيان الحشر إلى الموقف كيف هو و في أرض المحشر

و ذكر الصخرة . و قوله تعالى " و استمع يوم يناد المناد من مكان قريب " الآية .

أبو نعيم قال ، حدثنا أبي قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا محمد قال ، قال حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا المنذر النعمان أنه سمع وهب بن منبه يقول : قال الله تعالى لصخرة بيت المقدس : لأضعن عليك عرشي و لأحشرن عليك خلقي و ليأتينك يومئذ داود راكباً و قال بعض العلماء في قوله تعالى : " و استمع يوم يناد المناد من مكان قريب " قال : إنه ملك قائم على صخرة بيت المقدس فينادي : أيتها العظام البالية ، و الأوصال المتقطعة ، و يا عظاماً نخرة ، و يا أكفاناً فانية ، و يا قلوبا خلوية ، ويا أبداناً فاسدة ، و يا عيوناً سائلة قومواً لعرض رب العالمين . قال قتادة : المنادي هو صاحب الصور ينادي من الصخرة من بيت المقدس . قال كعب : و هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلاً . و قيل : باثني عشر ميلاً ذكره القشيري ، و الأول ذكره المارودي ، و قيل : إن المنادي جبريل و الله أعلم . قال عكرمة : ينادي منادي الرحمن فكأنما ينادي في آذانهم يوم يسمعون الصحية بالحق يريد النفخ في الصور " ذلك يوم الخروج * إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير * يوم تشقق الأرض عنهم سراعا " إلى المنادي صاحب الصور إلى بيت المقدس أرض المحشر " ذلك حشر علينا يسير " أي هين سهل .

فإن قيل : فإذا كانت الصيحة للخروج فكيف يسمعونها و هم أموات ؟

قيل له : إن نفخة الإحياء تمتد و تطول ، فتكون أوائلها للإحياء و ما بعدها للإزعاج من القبور فلا يسمعون ما يكون للإحياء و يسمعون ما يكون للإزعاج ، و يحتمل أن تتطاول تلك النفخة و الناس يحيون منها أولاً فأولاً ، و كلما حيى واحد سمع ما يحيى به من بعده إلى أن يتكامل الجميع للخروج ، و قد تقدم أن الأرواح في الصور ، فإذا نفخ فيه النفخة الثانية ذهب كل روح إلى جسده ، " فإذا هم من الأجداث " أي القبور " إلى ربهم ينسلون " و هذا يبين لك ما ذكرنا و بالله توفيقنا .

و قال محمد بن كعب القرظي : يحشر الناس يوم القيامة في ظلمة ، و تطوي السماء و تتناثر النجوم ، و تذهب الشمس و القمر ، و ينادي مناد فيتبع الناس الصوت يومئذ ، فذلك قول الله عز و جل " يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له " الآية . و قال الله عز و جل " إذا السماء انفطرت * و إذا الكواكب انتثرت * و إذا البحار فجرت " فجر عذبها في ملحها و ملحها في عذبها في تفسير قتادة " و إذا القبور بعثرت " أي أخرج ما فيها من الأموات ، و قال تعالى " إذا السماء انشقت * و أذنت لربها " أي سمعت و أطاعت " و حقت " أي و حق لها أن تفعل " و إذا الأرض مدت " تمد مد الأديم و هذا إذا بدلت بأرض بيضاء كأنها فضة لم تعمل عليها خطيئة قط ، و ألقت ما فيها من الأموات فصاروا على ظهرها .

مسلم " عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفرا كقرصة النقي ليس فيه علم لأحد " .

و خرج أبو بكر أحمد بن علي الخطيب ، عن عبد الله بن مسعود : يحشرالناس يوم القيامة أجوع ما كانوا قط ، و أظمأ ما كانوا قط ، و أعرى ما كانوا قط ، و أنصب ما كانوا فمن أطعم لله أطعمه ، و من سقا لله سقاه ، و من كسا لله كساه ، و من عمل لله كفاه ، و من نصر الله أراحه الله في ذلك اليوم .

" و روي من حديث معاذ بن جبل قال : قلت يا رسول الله أرأيت قول الله " يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجاً " فقال النبي صلى الله عليه و سلم يا معاذ بن جبل لقد سألت عن أمر عظيم ثم أرسل عينيه بالبكاء الدموع ، ثم قال : تحشر عشرة أصناف من أمتى أشتاتاً قد ميزهم الله تعالى من جماعات المسلمين و بدل صورهم ، فمنهم على صورة القردة ، و بعضهم على صورة الخنازير ، و بعضهم منسكين أرجلهم أعلاهم و وجوههم يسحبون عليها ، و بعضهم عمي يترددون ، و بعضهم صم بكم لا يعلقون ، و بعضهم يمضغون ألسنتهم مدلاة على صدورهم يسيل القيح من أفواههم لعاباً تقدرهم أهل الجمع ، و بعضهم مقطعة أيديهم و أرجلهم ، و بعضهم مصلبون على جذوع النار ، و بعضهم أشد نتناً من الجيف ، و بعضهم يلبسون جلابيب سابغة من القطران ، فأما الذين على صورة القردة فالقتات من الناس يعني النمام ، و أما الذين على صورة الخنازير فأهل السحت و الحرام و المكس ، و أما المنكسون رؤوسهم و وجوههم فأكلة الربا ، و العمي من يجوز في الحكم ، و الصم البكم الذي يعجبون بأعمالهم ، و الذين يمضغون ألسنتهم فالعلماء و القصاص الذين يخالف قولهم فعلهم و المقطعة أيديهم و أرجلهم الذين يؤذون الجيران ، و المصلبون على جذوع النار السعاة بالناس إلى السلطان ، و الذين هم أشد نتناً من الجيف الذي يتمتعون بالشهوات و اللذات و يمنعون حق الله تعالى من أموالهم ، و الذين يلبسون الجلابيب فأهل الكبر و الفخر و الخيلاء " .

و قال أبو حامد في كتاب كشف علم الآخرة : و من الناس من يحشر بفتنته الدنيوية ، فقوم مفتونون بالعود معتكفون عليه دهرهم فعند قيام أحدهم من قبره يأخذ بيمينه فيطرحه من يده و يقول سحقاً لك شغلتني عن ذكر الله فيعود إليه ، يقول : أنا صاحبك حتى يحكم الله بيننا و هو خير الحاكمين ، و كذلك يبعث السكران سكران ، و الزامر زامراً ، و كل واحد على الحال الذي صده عن سبيل الله . قال : و مثل الحديث الذي روي في الصحيح أن شارب الخمر يحشر و الكوز معلق في عنقه و القدح بيده و هو أنتن من كل جيفة على الأرض يلعنه كل من يمر به من الخلق . و قال أيضاً في الكتاب : فإذا استوى كل أحد قاعداً على قبره فمنهم العريان و منهم المكسو و الأسود و الأبيض ، و منهم من يكون له نور كالمصباح الضعيف ، و منهم من يكون كالشمس لا يزال كل واحد منهم مطرقاً برأسه ألف عام حتى تقوم من الغرب نار لها دوي تساق فيدهش لها رؤوس الخليقة إنساً و جناً و طيراً و وحشاً ، فيأتي كل واحد من المخاطبين عمله و يقول له : قم فانهض إلى المحشر ، فمن كان له حينئذ عمل جيد شخص له عمله بغلاً ، و منهم من يشخص عمله حماراً ، و منهم من يشخص له كبشاً تارة يحمله و تارة يلقيه و يجعل لكل واحد منهم نور شعاعي بين يديه و عن يمينه و مثله يسرس بين يديه في الظلمات و هو قوله تعالى " يسعى نورهم بين أيديهم و بأيمانهم " و ليس عن شمائلهم نور بل ظلمة حالكة لا يستطيع البصر نفاذها يحار فيها الكفار و يتردد المرتابون ، و المؤمن ينظر إلى قوة حلكتها و شدة حندسها و يحمد الله تعالى على ما أعطاه من النور المهتدي به في تلك الشدة يسعى بين أيديهم و بأيمانهم ، لأن الله تعالى يكشف للعبد المؤمن المنعم عن أحوال المعذب الشقي ليستبين له سبيل الفائدة ، كما فعل بأهل الجنة و أهل النار حيث يقول فاطلع فرآه في سواء الجحيم ، و كما قال سبحانه " و إذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا : ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين " لأن أربعاً لا يعرف قدرها إلا أربع : لا يعرف قدر الحياة إلا الموتى ، و لا يعرف قدر الأغنياء إلا الفقراء ، و لا يعرف قدر الصحة إلا أهل البلاء و السقم ، و لا يعرف قدر الشباب إلا الشيوخ . و في نسخة : و لا يعرف قدر النعيم إلا أهل الجحيم ، و من الناس من يبقى على قدميه و على طرف بنانه و نوره يطفأ تارة و يشتعل أخرى ، و إنما هم عند البعث على قدر إيمانهم و أعمالهم ، و قد مضى في باب يبعث كل عبد على ما مات عليه ما فيه كفاية ، و الحمد لله .



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حسن المرجاوى
المدير العام
المدير العام
حسن المرجاوى


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4067
تاريخ الميلاد : 03/06/1963
تاريخ التسجيل : 06/11/2010
العمر : 60
المزاج مصر العربيه

الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى** Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى**   الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى** I_icon_minitimeالإثنين يونيو 20, 2011 5:47 pm

باب الحشر و معناه الجمع

و هو على أربعة أوجه : حشران في الدنيا و حشران في الآخرة .

أما الذي في الدنيا فقوله تعالى " هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر " قال الزهري : كانوا من سبط لم يصيبهم جلاء ، و كان الله عز و جل قد كتب عليهم الجلاء فلولا ذلك لعذبهم في الدنيا ، و كان أول حشر حشروا في الدنيا إلى الشام . " قال ابن عباس : من شك أن الحشر في الشام فليقرأ هذه الآية و ذلك أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لهم : أخرجوا قالوا أي أين ؟ قال : إلى أرض المحشر " قال قتادة : هذا أول الحشر .

الثاني : ما رواه مسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين و راهبين و اثنان على بعير و ثلاثة على بعير و تحشر بقيتهم النار تبيت معهم حيث يأتوا ، و تقيل معهم حيث قالوا ، و تصبح معهم حيث أصبحوا ، و تمسي معهم حيث أمسوا " أخرجه البخاري أيضاً .

و قال قتادة : الحشر الثاني نار تحشرهم من المشرق إلى المغرب تبيت معهم حيث باتوا ، و تقيل معهم حيث قالوا ، و تأكل منهم من تخلف . قال القاضي عياض : هذا الحشر في الدنيا قبل قيام الساعة و هو آخر أشراطهما كما ذكره مسلم بعد هذا في آيات الساعة . قال فيه : و آخر ذلك في نار تخرج من قعر عدن تزجر الناس ، و في رواية تطرد الناس إلى محشرهم ، و في حديث آخر : لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجار و يدل على أنها قبل يوم القيامة . قوله : فتقيل معهم حيث قالوا ، و تمسي معهم حيث أمسوا ، و تصبح معهم حيث أصبحوا . و قال و في بعض الروايات في غير مسلم فإذا سمعتم به فاخرجوا إلى الشام كأنه أمر بسبقها إليه قبل إزعاجها لهم .

قال المؤلف رحمه الله : و ذكر الحليمي في منهاج الدين له من حديث ابن عباس و ذكر أن ذلك في الآخرة فقال : يحمتل قوله عليه السلام : " تحشر الناس على ثلاث طرائق " إشارة إلى الأبرار و المخلطين و الكفار ، فالأبرار هم الراغبون إلى الله تعالى فيما أعد لهم من ثوابه ، و الراهبون هم الذين بين الخوف و الرجاء ، فأما الأبرار فإنهم يؤتون بالنجائب كما في الحديث على ما يأتي في هذا الباب ، و أما المخلطون فهم الذين أرادوا في هذا الحديث ، و قيل : إنهم يحملون على الأبعرة ، و أما الفجار الذين تحشرهم النار فإن الله تعالى يبعث إليهم ملائكة فتقيض لهم ناراً تسوقهم و لم يرد في هذا الحديث إلا ذكر البعير ، فأما أن ذلك من إبل الجنة أو من الإبل التي تحيا و تحشر يوم القيامة ، فهذا لم يأت بيانه . و الأشبه ألا يكون من نجائب الجنة لأن من خرج من جملة الأبرار فكان مع ذلك من جملة المؤمنين ، فإنهم بين الخوف و الرجاء أن من هؤلاء من يغفر الله تعالى ذنوبه فيدخل الجنة ، و منهم من يعاقبه بالنار ، ثم يخرجه منها و يدخله الجنة . و إذا كانوا كذلك لم يلق أن يردوا موقف الحساب على نجائب الجنة ، ثم ينزل الله بعضهم إلى النار لأن من أكرمه الله بالجنة لم يهنه بعد ذلك بالنار . قال : و في حديث آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : [ يحشر الناس ] الحديث و في آخره أما أنهم يتقون بوجوههم كل حدب و شوك ، فهذا إن ثبت مرفوعاً فالركبان هم المتقون السابقون الذين يغفر الله ذنوبهم عند الحساب و لا يعذبهم إلا أن المتقين يكونون على نجائب الجنة و الآخرون على دواب سوى دواب الجنة ، و الصنف الثاني الذين يعذبهم الله بذنوبهم ثم يخرجهم من النار إلى الجنة و هؤلاء يكونون مشاة على أقدامهم ، و قد يحتمل على هذا أن يمشوا وقتاً ثم يركبوا أو يكونوا ركبانا فإذا قاربوا المحشر نزلوا فمشوا ليتفق الحديثان ، و الصنف الثالث المشاة على وجوههم هم الكفار ، و قد يحتمل أن يكونوا ثلاثة أصناف : صنف مسلمون و هم ركبان ، و صنفان من الكفار أحدهما العتاة و أعلام الكفر ، فهؤلاء يحشرون على وجوههم و الآخرون الأتباع فهم يمشون على أقدامهم .

قال المؤلف رحمه الله : و إلى هذا القول ذهب أبو حامد في كتاب كشف علم الآخرة في قوله عليه السلام كيف تحشر الناس يا رسول الله ؟ قال : " اثنان على بعير و خمسة على بعير و عشرة على بعير " و معنى هذا الحديث و الله أعلم أن قوماً يأتلفون في الإسلام برحمة الله يخلق الله لهم من أعمالهم بعيراً يركبون عليه ، و هذا من ضعف العمل لكونهم يشتركون فيه كقوم خرجوا في سفر بعيد و ليس مع واحد ، منهم ما يشترى به مطية توصله فاشترك في ثمنها رجلان أو ثلاثة فابتاعوا مطية يتعقبون عليها في الطريق ، و يبلغ بعير مع عشرة فاعمل هداك الله عملاً يكون لك به بعير خالص من الشركة ، و اعلم أن ذلك هو المتجر الرابح فالمتقون وافدون كما قال الجليل : " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً " .

و في غريب الرواية أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال يوماً لأصحابه : " كان رجل من بني إسرائيل كثيراً ما يفعل الخير حتى إنه ليحشر فيكم قالوا له : و ما كان يصنع قال : ورث من أبيه مالاً كثيراً فاشترى بستاناً فحبسه للمساكين و قال هذا بستاني عند الله تعالى و فرق دانانير عديدة في الضعفاء و قال بهذا أشترى جارية من الله تعالى و عبيداً و أعتق رقاباً كثيرة و قال هؤلاء خدمي عند الله تعالى ، و التفت ذات يوم لرجل ضرير البصر فرآه تارة يمشي و تارة يكبو ، فابتاع له مطية يسير عليها و قال هذه مطيتي عند الله تعالى أركبها و الذي نفس محمد بيده لكأني أنظر إليه و قد جيء بها إليه مسرجة ملجمة يركبها تسير به إلى الموقف " .

قال المؤلف رحمه الله : ما ذكره القاضي عياض من أن ذلك في الدنيا أظهر و الله أعلم لما في الحديث نفسه من ذكر السماء و المبيت والصباح و القائلة ، و ذلك ليس في الآخرة . و قد احتج الترمذي " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف صنفاً مشاة و صنفاً ركباناً و صنفاً على وجوههم قيل يا رسول الله : كيف يمشون على وجوههم ؟ قال : إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر أن يمشيهم على وجوههم أما أنهم يتقون بوجوههم كل حدب و شوك قال : هذا حديث حسن فقوله يتقون بوجوههم كل حدب و شوك يدل على أنه في الدنيا إذ ليس في الآخرة ذلك على ما يأتي من صفة أرض المحشر ، و الله أعلم .

و خرج النسائي عن أبي ذر قال : إن الصادق المصدوق حدثني أن الناس يحشرون ثلاثة أفواج فوجاً راكبين طاعمين كاسين ، و فوجاً تسحبهم الملائكة على وجوههم ، و يحشر الناس فوجاً يمشون و يسعون يلقى الله ألافه على الظهر فلا تبقى حتى إن الرجل لتكون له الحديقة يعطيها بذات القتب لا يقدر عليها .

و ذكر عمر بن شيبة في كتاب المدينة على ساكنها السلام ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : آخر من يحشر رجلان رجل من جهينة و آخر من مزينة فيقولان أين الناس فيأتيان المدينة فلا يريان إلا الثعلب ، فينزل إليهما ملكان فيسحبانهما على وجوههما حتى يلحقاهما بالناس . و هذا كله مما يدل على أن ذلك في الدنيا كما قال القاضي عياض ، و أما الآخرة ، فالناس أيضاً مختلفو الحال على ما ذكروه ، و سنذكر من ذلك ما فيه كفاية في الباب بعد هذا .

و الحشر الثالث : حشرهم إلى الموقف على ما يأتي بيانه في الباب بعد هذا إن شاء الله . قال الله تعالى " و حشرناهم فلم نغادر منهم أحداً " .

و الرابع : حشرهم إلى الجنة و النار . قال الله تعالى : " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً " أي ركباناً على النجب ، و قيل : على الأعمال كما تقدم . و قد وردت أخبار منها ما رواه النعمان سعد " عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله تعالى " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً " قال : أما إنهم ما يحشرون على أقدامهم و لا يساقون سوقاً و لكنهم يؤتون بنوق من نوق الجنة لم تنظر الخلائق إلى مثلها رحالها الذهب ، و أزمتها الزبرجد فيقعدون عليها حتى يقرعوا باب الجنة ، و سمي المتقون وفداً لأنهم يسبقون الناس إلى حيث يدعون إليه فهم لا يتباطئون ، لكنهم يجدون و يسرعون و الملائكة تتلقاهم بالبشارات . قال الله تعالى " و تتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون " فيزيدهم ذلك إسراعاً و حق للمتقين أن يسبقوا لسبقهم في الدنيا بالطاعات " و نسوق المجرمين إلى جهنم ورداً " أي عطاشاً . و قال " و نحشر المجرمين يومئذ زرقاً " و قال : " و نحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً و بكماً و صماً " و قال : " الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكاناً و أضل سبيلاً " .

مسلم " عن أنس أن رجلاً قال يا رسول الله : الذين يحشرون على وجوههم أيحشر الكافر على وجهه ؟ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أليس الذي أمشاه على الرجلين قادراً أن يمشيه على وجهه يوم القيامة " قال قتادة حين بلغه : بلى و عزة ربنا . أخرجه البخاري أيضاً :

فصل : قال أبو حامد : و ذكر هذا الفصل و في طبع الآدمي إنكار ما لم يأنس و به و لم يشاهده و لو لم يشاهد الإنسان الحية و هي تمشي على بطنها لأنكر المشي من غير رجل ، و المشي بالرجل أيضاً مستبعد عند من لم يشاهد ذلك ، فإياك أن تنكر شيئاً من عجائب يوم القيامة لمخالفتها قياس الدنيا فإنك لو لم تشاهد عجائب الدنيا ثم عرضت عليك قبل المشاهدة لكنت أشد إنكاراً لها ، فاحضر رحمك الله في قلبك صورتك ، و أنت قد وقفت عارياً ذليلاً مدحوراً متحيراً مبهوتاً منتظراً لما يجري عليك من القضاء بالسعادة أو بالشقاء





باب ما جاء في حشر الناس إلى الله عز و جل حفاة عراة غرلاً و في أول من يكسى منهم و في أول ما يتكلم من الإنسان

مسلم " عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه و سلم بموعظة فقال : أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلاً كما بدأنا أول خلق نعيده و عداً علينا إنا كنا فاعلين ألا و إن أول الناس يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام ألا و إنه يؤتى برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب أصحابي فيقول إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك . فأقول كما قال العبد الصالح " و كنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم " إلى قوله " العزيز الحكيم " قال فيقال إنهم لم يزالوا مدبرين مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم " .

أخرجه البخاري و الترمذي ، " عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم في حديث ذكره قال : و أشار بيده إلى الشام فقال : ههنا إلى ههنا تحشرون ركباناً و مشاة و تجرون على وجوهكم يوم القيامة أفواهكم الفدام توفون سيعين أمة أنتم خيرها على الله و أكرمهم على الله ، و إن أول ما يعرب عن أحدكم فخذه " و في رواية أخرى ذكرها ابن أبي شيبة " و إن أول ما يتكلم من الإنسان فخذه و كفه " .

فصل : قوله [ غرلاً ] أي غير مخنوتين النقي الحواري و هو الدرمك من الدقيق ، و العفر بياض ليس بخالص يضرب إلى الحمرة قليلاً ، و الفدام مصفاة الكوز و الابريق . قاله الليث . قال أبو عبيدة : يعني أنهم منعوا الكلام حتى تتكلم أفخاذهم ، فشبه ذلك بالفدام الذي يجعل على الإبريق و قوله " أول من يكسى إبراهيم " فضيلة عظيمة لإبراهيم و خصوص له كما خص موسى عليه السلام بأن النبي صلى الله عليه و سلم يجده معلقاً بساق العرش مع أن النبي صلى الله عليه و سلم أول من تنشق عنه الأرض ، و لا يلزم من هذا أن يكون أفضل منه مطلقاً ، بل هو أفضل من وافى القيامة على ما يأتي بيانه في أحاديث الشفاعة و المقام المحمود إن شاء الله تعالى .

قال شيخنا أبو العباس أحمد بن عمر في كتاب المفهم له : و يجوز أن يراد بالناس من عداه من الناس فلم يدخل تحت خطاب نفسه . و الله أعلم .

قلت : هذا حسن لو لا ما جاء منصوصاً خلافه ، فقد روى ابن المبارك في رقائقه : أخبرنا سفيان ، عن عمر بن قيس ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث ، عن علي رضي الله عنه قال : أول من يكسى خليل الله إبراهيم قبطيتين ، ثم يكسى محمد صلى الله عليه و سلم حلة حبرة عن يمين العرش . ذكره البيهقي أيضاً .

و روى عباد بن كثير ، عن أبي الزبير ، عن جابر رضي الله عنه قال : إن المؤذنين و الملبين يخرجون يوم القيامة من قبورهم يؤذن المؤذن و يلبي الملبي ، و أول من يكسى من حلل الجنة إبراهيم خليل الله ، ثم محمد صلى الله عليه و سلم ثم النبيون و الرسل عليهم السلام ، ثم يكسى المؤذنون و تتلاقهم الملائكة على نجائب من نور أحمر أزمتها من زمرد أخضر رحالها من الذهب ، و يشيعهم من قبورهم سبعون ألف ملك إلى المحشر . ذكره الحليمي في كتاب منهاج الدين له .

و ذكر أبو نعيم الحافظ من " حديث الأسود و علقمة و أبي وائل ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : جاء ابنا مليكة إلى النبي صلى الله عليه و سلم الحديث و فيه : فيكون أول من يكسى إبراهيم عليه السلام يقول اكسوا خليلي فيؤتى بربطتين بيضاوين فيلبسهما ثم يقعد مستقبل العرش ، ثم أوتي بكسوتي فألبسها فأقوم عن يمينه قياماً لا يقومه أحد غيري يغبطني فيه الأولون و الآخرون " و ذكر الحديث .

و خرج البيهقي بإسناده في كتاب الأسماء و الصفات " عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إنكم تحشرون حفاة عراة ، و أول من يكسى من الجنة إبراهيم عليه السلام يكسى حلة من الجنة و يؤتى بكرسي فيطرح عن يمين العرش ، و يؤتى بي فأكسى حلة من الجنة لا يقوم لها البشر ، ثم أوتي بكرسي فيطرح لي على ساق العرش " و هذا نص بأن إبراهيم أول من يكسى ، ثم نبينا بإخباره صلى الله عليه و سلم فطوبى ثم طوبى لمن كسي في ذلك الوقت من ثياب الجنة ، فإنه من لبسه فقد لبس جبة تقيه مكاره الحشر و عرقه و حر الشمس و غير ذلك من أهواله .

فصل : و تكلم العلماء في حكمة تقديم إبراهيم عليه السلام بالكسوة فروي أنه لم يكن في الأولين و الآخرين لله عز و جل عبد أخوف من إبراهيم عليه السلام ، فتعجل له كسوته أماناً له ليطمئن قلبه ، و يحتمل أن يكون ذلك لما جاء به الحديث من أنه أول من أمر بلبس السراويل إذا صلى مبالغة في التستر ، و حفظاً لفرجه من أن يماس مصلاه ففعل ما أمر به فيجزى بذلك أن يكون أول من يستر يوم القيامة ، و يحتمل أن يكون الذين ألقوه في النار جردوه و نزعوا عنه ثيابه على أعين الناس كما يفعل بمن يراد قتله ، و كان ما أصابه من ذلك في ذات الله عز و جل فلما صبر و احتسب و توكل على الله تعال دفع الله عنه شر النار في الدنيا و الآخرة ، و جزاه بذلك العرى أن جعله أول من يدفع عنه العرى يوم القيامة على رؤوس الأشهاد ، و هذا أحسنها ، و الله أعلم .

و إذا بدئ في الكسوة بإبراهيم و ثنى بمحمد صلى الله عليه و سلم أوتي محمد بحلة لا يقوم لها البشر لينجبر التأخير بنفاسة الكسوة ، فيكون كأنه كسي مع إبراهيم عليهما السلام

قاله الحليمي . و قوله " تجدون على أفواهكم الفدام " ، الفدام : مصفاة الكوز و الإبريق قاله الليث . قال أبو عبيد يعني أنهم منعوا الكلام حتى تتكلم أفخاذهم فشبه ذلك بالفدام الذي يجعل على الإبريق . قال سفيان : و فدامهم أن يؤخذ على ألسنتهم و هذا مثل .



باب الجمع بين آيات وردت في الكتاب في الحشر ظاهرها التعارض

منها قوله تعالى " و يوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم " و قال تعالى " و نحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً و بكماً و صماً " و في آية ثالثة إنهم يقولون " يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا " و هذا كلام و هو مضاد للبكم و التعارف تخاطب و هو مضاد للصم و البكم معاً ، و قال الله تعالى " فلنسألن الذين أرسل إليهم و لنسألن المرسلين " و السؤال لا يكون إلا بالاسماع و إلا لناطق يتسع للجواب و قال " نحشر المجرمين يومئذ زرقاً " و قال ، " فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون " و قال " يوم يخرجون من الأجداث سراعاً كأنهم إلى نصب يوفضون " و النسلان و الاسراع مخالفان للحشر على الوجوه .

و الجواب : لمن سأل عن هذا الباب أن يقال له إن الناس إذا أحيوا و بعثوا من قبورهم ، فليست حالهم حالة واحدة و لا موقفهم و لا مقامهم واحداً ، و لكن لهم مواقف و أحوال و اختلفت الأخبار عنهم لاختلاف مواقفهم و أحوالهم و جملة ذلك أنها خمسة أحوال : حال البعث من القبور ، و الثانية حال السوق إلى مواضع الحساب و الثالثة حال المحاسبة ، و الرابعة حال السوق إذا دار الجزاء ، و الخامسة حال مقامهم في الدار التي يستقرون فيها .

فأما حال البعث من القبور : فإن الكفار يكونون كاملي الحواس و الجوارح لقول الله تعالى " يتعارفون بينهم " و قوله " يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشراً " و قوله " فإذا هم قيام ينظرون " و قوله : " قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين " إلى قوله " ترجعون " .

و الحالة الثانية : حال السوق إلى موضع الحساب و هم أيضاً في هذه الحال بحواس تامة لقوله عز و جل " احشروا الذين ظلموا و أزواجهم و ما كانوا يعبدون " " من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم " " وقفوهم إنهم مسؤولون " و معنى فاهدوهم أي دلوهم و لا دلالة لأعمى أصم و لا سؤال لأبكم ، فثبت بهذا أنهم يكونون بأبصار و أسماع و ألسنة ناطقة .

و الحالة الثالثة : و هي حالة المحاسبة و هم يكونون فيها أيضاً كاملي الحواس ليسمعوا ما يقال لهم و يقرأوا كتبهم الناطقة بأعمالهم و تشهد عليهم جوارحهم بسيئاتهم ، فيسمعونها و قد أخبر الله تعالى أنهم يقولون " مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها " و أنهم يقولون لجلودهم " لم شهدتم علينا " و ليشاهدوا أحوال القيامة و ما كانوا مكذبين في الدنيا به من شدتها و تصرف الأحوال بالناس فيها .

و أما الحالة الرابعة : و هي السوق إلى جهنم فإنهم يسلبون فيها أسماعهم و أبصارهم و ألسنتهم لقوله تعالى " و نحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً و بكماً و صماً مأواهم جهنم " و يحتمل أن يكون قوله تعالى " يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي و الأقدام " إشارة إلى ما يشعرون به من سلب الأبصار و الأسماع و المنطق .

و الحالة الخامسة ، حال الإقامة في النار . و هذه الحالة تنقسم إلى بدو و مآل . فبدوها أنهم إذا قطعوا المسافة التي بين موقف الحساب و شفير جهنم عمياً و بكماً و صماً إذلالاً لهم تمييزاً عن غيرهم ، ثم ردت الحواس إليهم ليشاهدوا النار ، و ما أعد الله لهم فيها من العذاب و يعاينوا ملائكة العذاب و كل ما كانوا به مكذبين ، فيستقرون في النار ناطقين سامعين مبصرين و لهذا قال الله تعالى " و تراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي " و قال " لو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد و لا نكذب بآيات ربنا و نكون من المؤمنين " و قال " كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعاً قالت أخراهم لأولاهم " إلى قوله " و قالت أولاهم لأخراهم " و قال " كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير * قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا و قلنا ما نزل الله من شيء " و أخبر تعالى أنهم ينادون أهل الجنة فيقولون " أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله " و أن أهل الجنة ينادونهم " أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً قالوا نعم " و أنهم يقولون " يا مالك ليقض علينا ربك " فيقول لهم " إنكم ماكثون " و أنهم يقولون لخزنة جهنم " ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب " فيقولون لهم " أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا و ما دعاء الكافرين إلا في ضلال " . و أما العقبى و المال فإنهم إذا قالوا : " أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون " فقال الله تعالى " اخسؤوا فيها ولا تكلمون " و كتب عليهم الخلود بالمثل الذي يضرب لهم و هو أن يؤتى بكبش أملح و يسمى المكوت ، ثم يذبح على الصراط بين الجنة و النار و ينادوا يا أهل الجنة خلود فلا موت ، و يا أهل النار خلود فلا موت سلبوا في ذلك الوقت أسماعهم ، و قد يجوز أن يسلبوا الأبصار و الكلام ، لكن سلب السمع يقين ، لأن الله تعالى يقول : " لهم فيها زفير و هم فيها لا يسمعون " فإذا سلبوا الأسماع صاروا إلى الزفير و الشهيق ، و يحتمل أن تكون الحكمة في سلب الأسماع من قبل أنهم سمعوا نداء الرب سبحانه على ألسنة رسله فلم يجيبوه بل جحدوه ، و كذبوا به بعد قيام الحجة عليهم بصحته ، فلما كانت حجة الله عليهم في الدنيا الاستماع عاقبهم على كفرهم في الأخرى بسلب الأسماع يبين ذلك أنهم كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه و سلم : و في آذاننا وقر و من بيننا و بنيك حجاب و قالوا لا تسمعوا لهذا القرآن و الغوا فيه و إن قوم نوح عليه السلام كانوا يستغشون ثيابهم تسترا منه لئلا يروه و لا يسمعوا كلامه و قد أخبر الله تعالى عن الكفار في وقت نبينا محمد صلى الله عليه و سلم مثله فقال : ألا أنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم و إن سلبت أبصارهم فلأنهم أبصروا الغير فلم يعتبروا و النطق فلأنهم أوتوه فكفروا فهذا وجه الجمع بين الآيات على ما قاله علماؤنا ، و الله أعلم

محمد بن أحمد بن أبي بكربن فرج (( القرطبي))



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بوجى
المدير العام
المدير العام
بوجى


اسم العضو : محمد حسن
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 739
تاريخ الميلاد : 25/03/1994
تاريخ التسجيل : 28/09/2010
العمر : 30

الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى** Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى**   الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى** I_icon_minitimeالسبت يونيو 25, 2011 6:08 am

أستكمل الموضوع بعد إذن الأستاذ /حسن **
تابع معى من فضللك**



باب في قوله تعالى يوم تبيض وجوه و تسود وجوه


الترمذي عن أبي غالب قال : رأى أبو إمامة رؤوساً منصوبة على برج دمشق ، فقال أبو أمامة : [ كلاب النار شر قتلى تحت أديم السماء خير قتلى من قتلوه ] . ثم قرأ قوله تعالى " يوم تبيض وجوه و تسود وجوه " إلى آخر الآية فقلت لأبي أمامة الباهلي : أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين أو ثلاثاً حتى عد سبعاً ما حدثتكموه " . قال : هذا حديث حسن .

و خرج أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب ، " عن مالك بن سليم الهروي أخي غسان ، عن مالك بن أنس ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في قول الله تعالى " يوم تبيض و جوه و تسود وجوه " قال : يعني تبيض و جوه أهل السنة و تسود و جوه أهل البدعة " و قال مالك بن أنس رضي الله عنه هي في أهل الأهواء . و قال الحسن هي في المنافقين ، و قال قتادة في المرتدين ، و قال أبي بن كعب هي في الكفار و هو اختيار الطبري . اللهم بيض و جوهنا يوم تبيض و جوه أو ليائك و لا تسود و جوهنا يوم تسود و جوه أعدائك بحق رسلك و أنبيائك و أصفيائك بفضلك ياذا الفضل العظيم و كرمك يا كريم .



باب في قوله تعالى و وضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه الآية


ابن المبارك قال : أخبرنا الحكم و أبو الحكم ـ شك ـ نعيم ، عن إسماعيل بن عبد الرحمن ، عن رجل من بني أسد قال : قال عمر لكعب : و يحك يا كعب حدثنا من حديث الآخرة قال نعيم : يا أمير المؤمنين إذا كان يوم القيامة رفع اللوح المحفوظ فلم يبق أحد من الخلائق إلا و هو ينظر إلى عمله قال ، ثم يؤتى بالصحف التي فيها أعمال العباد فتنشر حول العرش و ذلك قوله تعالى " ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها " قال الأسدي : الصغيرة ما دون الشرك و الكبيرة الشرك [ إلا أحصاها ] قال كعب : ثم يدعى المؤمن فيعطى كتابه بيمينه فينظر فيه فحسناته باديات للناس و هو يقرأ سيئاته فذكر معنى ما تقدم ، و كان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه الآية يقول : يا ويلتنا ضجوا إلى الله من الصغائر قبل الكبائر . قال ابن عباس رضي الله عنه : الصغيرة التبسم و الكبيرة الضحك بعني ما كان من ذلك في معصية الله .

و قد روي أن النبي صلى الله عليه و سلم " ضرب بصغائر الذنوب مثلاً فقال : إنما محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بفلاة من الأرض و حضر صنيع القوم فانطلق كل رجل منهم يحتطب فجعل الرجل يجيء بالعود و الآخر بالعودين ، حتى جمعوا سواداً و أججوا ناراً فشووا خبزهم ، و أن الذنب الصغير يجتمع على صاحبه فيهلكه إلا أن يغفر الله ، و اتقوا محقرات الذنوب فإن لها من الله طالباً " .

أنبأنا الشيخان " أبو محمد عبد الوهاب القرشي و الإمام أبو الحسن الشافعي قالا : أخبرنا السلفي قال : أخبرنا الثقفي ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن مخمش الزيادي إملاء بنيسابور قال : أخبرنا حاجب بن أحمد الطوسي قال : أخبرنا محمد بن حماد الأبيوردي قال : أخبرنا أنس بن عياض الليثي ، عن أبي حازم لا أعلمه إلا عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إياكم و محقرات الذنوب فإن مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود و جاء ذا بعود حتى جمعوا ما أنضجوا به خبزهم ، و إن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه " غريب من حديث أبي حازم سلمة بن دينار تفرد به عنه أبو ضمرة أنس بن عياض الليثي ، و لقد أحسن القائل :

خل الذنوب صغيرها و كبيرها ها ذاك التقي

واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى

لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى


و قال جماعة من العلماء : إن الذنوب كلها كبائر ، قال بعضهم : لا تنظر إلى صغر الذنب ، و لكن انظر من عصيت فهي من حيث المخالفة كبائر ، و الصحيح أن فيها صغائر و كبائر ليس هذا موضع الكلام في ذلك ، و قد بيناه في سورة النساء في كتاب جامع أحكام القرآن و الله أعلم .




باب منه أمور تكون قبل الساعة

ذكر علي بن معبد " عن أبي هريرة قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم و نحن في طائفة من أصحابه فقال : إن الله تعالى لما فرغ من خلق السموات و الأرض خلق الصور و أعطاه إسرافيل فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر فقال أبو هريرة قلت : يا رسول الله و ما الصور ؟ قال : قرن فقلت : و كيف هو ؟ قال : هو عظيم و الذي نفسي بيده إن عظم دارة فيه لكعرض السماء و الأرض فينفخ فيه ثلاث نفخات الأولى ، نفخة الفزع ، و الثانية : نفخة الصعق ، و الثالثة : نفخة القيام لرب العالمين ، يأمر الله إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول : انفخ نفخة الفزع فيفزع أهل السماء و الأرض إلا ما شاء الله و يأمره فيمدها و يديمها و يطولها " يقول الله عز و جل : " و ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق " مأخوذة من فواق الحالب و هي المهلة بين الحلبتين و ذلك أن الحالب يحلب الناقة و الشاة ثم يتركها ساعة يرضعها الفصيل لتدر ثم يحلب ، و منه سمي الفواق فواقاً لأنه ريح يتردد في المعدة بين مهليتن أي أن هذه النفخة ممتدة لا تقطيع فيها و يكون ذلك يوم الجمعة في النصف من شهر رمضان فيسير الله الجبال فتمر مر السحاب ، ثم تكون سراباً ثم ترتج الأرض بأهلها رجاً و هي التي يقول الله عز و جل " يوم ترجف الراجفة * تتبعها الرادفة * قلوب يومئذ واجفة " فتكون الأرض كالسفينة في البحر تضربها الأمواج فيميد الناس على ظهرها و تذهل المراضع و تضع الحوامل ما في بطونها ، و تشيب الولدان ، و تتطاير الشياطين هاربة ، حتى تأتي الأقطار فتتلقاها الملائكة هاربة فتضرب بها وجوهها و يولي الناس مدبرين ينادي بعضهم بعضعاً و هي التي يقول الله عز و جل " يوم التناد * يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم و من يضلل الله فما له من هاد " فبينما هم على ذلك إذ تصدعت الأرض من قطر إلى قطر ، و رأوا أمراً عظيماً لم يروا مثله فيأخذهم من ذلك من الكرب و الهول ما الله به عليم ، ثم ينظرون إلى السماء فإذا هي كالمهل ثم انشقت و انخسف شمسها و قمرها و انتثرت نجومها ، ثم كشطت السماء عنهم ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " و الموتى لا يعلمون شيئاً من ذلك . قلت : يا رسول الله فمن استثنى الله عز و جل ، حين يقول " ففزع من في السموات و من في الأرض إلا من شاء الله " ؟ قال : أولئك هم الشهداء عند ربهم يرزفون . إنما يصل الفزع إلى الأحياء ، يقيهم الله شر ذلك اليوم و يؤمنهم منه . و هو عذاب يلقيه الله على شرار خلقه ، و هو الذي يقول الله تعالى : " يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم " أي شديد فتمكثون في ذلك ما شاء الله إلا أنه يطول عليهم كأطول يوم ، ثم يأمر الله إسرافيل فينفخ نفخة الصعق " الحديث بطوله ، و قد تقدم وسطه و هذا آخره .

فصل : هذا الحديث ذكره الطبري و الثعلبي و صححه ابن العربي في سراج المريدين و قال : يوم الزلزلة و هو الاسم الثاني عشر يكون عن النفخة الأولى . بهذا اختلافهم الصحيح الواحد المفرد . و لما نبأ النبي صلى الله عليه و سلم بذكر الزلزلة التي تكون عند النفخة الأولى ذكر ما يكون في ذلك اليوم من الأهوال العظام التي يعظمها قوله [ شيء عظيم ] و من فزعها ما لا تطيق حمله النفوس و هو قوله لآدم : [ ابعث بعث النار ] فيكون ذلك في أثناء ذلك اليوم و لا يقتضي أن يكون ذلك متصلاً بالنفخة الأولى التي يشيب فيها الوليد و تضع الحوامل و تذهل المراضع و لكن يحتمل أمرين :

أحدهما : أن يكون آخر الكلام منوطاً بأوله تقديره يقال لآدم ابعث بعث النار أثناء يوم يشيب فيه الوليد و تضع الحوامل و تذهل المراضع من أوله .

الثاني : أن شيب الوليد و وضع الحوامل و ذهول المراضع يكون في النفخة الأولى حقيقة . و في هذا القول الثاني تكون صفته بذلك إخباراً عن شدته و إن لم يوجد غير ذلك الشيء فيه و هذه طريقة العرب في فصاحتها .

قلت : ما ذكره ابن العربي من صحة الحديث و كلامه فيه : فيه نظر لما نبينه آنفاً و قد قال أبو محمد عبد الحق في كتاب العاقبة له : ورد في هذا الباب حديث منقطع لا يصح ذكره الطبري " من حديث أبي هريرة عن النبي قال : ينفخ في الصور ثلاث نفخات الأولى نفخة الفزع " فذكره . قال : و هو عنده في سورة يس .

قلت : قد تقدم أن الصحيح في النفخ إنما هو مرتان لا ثلاث ، و حديث مسلم في قول الله تعالى لآدم [ يا آدم ابعث بعث النار ] إنما هو يعد البعث يوم القيامة . و نفخة الفزع هي نفخة الصعق على ما تقدم أو نفخة البعث على ما قيل على ما يأتي و لأنه لو كانت نفخة الفزع غير نفخة الصعق لأقتضى ذلك أن يكون بقاء الناس بعدها أحياء ما شاء و يكون هناك ليل و نهار حتى تأتي نفخة الصعق التي يموت لسماعها جميع الخلق كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص و على هذا لا يكون قوله ابعث في أثناء اليوم الذي يكون مبدؤه نفخة الفزع على ما ذكره ابن العربي و الله أعلم .

و لا يلزم من زلزال الأرض أن تكون عن نفخة فإنا نشاهد تحرك الأرض و ميدها بمن عليها و ما عليها من جبال و مياه كالسفينة في البحر إذا تلاطمت أمواجه من غير نفخ و إنما تلك الزلزلة من أشراط الساعة و مقدماتها كسائر أشراطها .

و قد قال علقمة و الشعبيث : الزلزلة من أشراط الساعة و هي في الدنيا . و كذلك قال أنس بن مالك و الحسن البصري . و قد ذكر القشيري أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم في تفسيره : أن المراد بنفخة الفزع ، و النفخة الثانية أي يحيون فزعين يقولون : " من بعثنا من مرقدنا " و يعاينون من الأمر ما يهولهم و يفزعهم . و الله أعلم . و نحو ذلك ذكره الماوردي و اختاره .

و قد قيل : إن هذه الزلزلة تكون قبل الساعة في النصف من شهر رمضان بعدها

طلوع الشمس من مغربها و الله أعلم .

و قوله تعالى : " ترونها " الضمير المنصوب في " ترونها " للزلزلة أو القيامة قولان : فعلى الأولى أن ذلك في الدنيا قبل نفخة الصعق لعظم تلك الزلزلة و قوة حركتها بالأرض لأن القيامة لارضاع فيها و لا حمل فترى الناس سكارى يعني من الخوف . و على القول الثاني يكون فيه وجهان :

أحدهما : أن يكون مثلاً ، و المعنى أن يكون يوماً لا يهم أحداً فيه إلا نفسه و الحامل تسقط من مثله كما تسقط الحوامل من الصيحة الشديدة و يكون الهول عظيماً .

و الوجه الآخر : أن يكون ذلك حقيقة لا مثلاً . و يكون المعنى أن من كانت محشورة مع ولد رضيع فإنها إذا رأت هول ذلك اليوم ذهلت عن من ولدت ، و أن الحوامل إذا بعثن أسقطت من فزع يوم القيامة : الأحمال التي كانت أحياء فماتت بموت أمهاتها أحياء ثم لا يمتن بالإسقاط . لأن الموت لا يتكرر عليهن مرتين لأنه لا موت في القيامة ، و إنما هو يوم الحياة و تضع الحوامل حملها . ثم يحتمل أن يحيي الله كل حمل كان قد أتم خلقه و نفخ فيه الروح و يسويه و يعدله فإن الأم تذهل عنه ، و لو لم تذهل ما قدرت على إرضاعه لأنه لا غذاء يومئذ لها و لبن ، و اليوم يوم الحساب لا يقبل فيه من عذر و لا علة فكيف تخلى و الاشتغال بالولد مع ما عليها من الحساب و هي بصدده من الجزاء و الحمل الذي لم ينفخ فيه قط إذا سقط يكون مع الوحوش تراباً و لم يبتدأ إحياؤه لأن اليوم الآعادة . فمن لم يمت في الدنيا لم يحى في الآخرة . قاله الحليمي في منهاج الدين .

و قال الحسن في قوله تعالى : " و ترى الناس سكارى " أي من العذاب و الخوف " و ما هم بسكارى " من الشراب و مما يبين ما قلناه : أن إبليس قال

: " أنظرني إلى يوم يبعثون " سأل النظرة و الإمهال إلى يوم البعث و الحساب طلب أن لا يموت لأن يوم البعث لا موت بعده فقد قال تعالى : " إنك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم " قال ابن عباس و السدي و غيرهما : أنظره إلى النفخة الأولى حيث يموت الخلق كلهم ، و كان طلب الإنظار إلى النفخة الثانية حيث يقوم الناس لرب العالمين فأبى الله ذلك عليه .

قال المؤلف رحمه الله : و ما وقع في هذا الحديث من انشقاق السماء ، و تناثر نجومها و طمس شمسها و قمرها . فقد ذكر المحاسبي و غيره : أن ذلك يكون بعد جمع الناس في الموقف . و روي عن ابن عباس و سيأتي و قاله الحليمي في كتاب منهاج الدين .

فصل : فأما التكوين يوم القيامة قبل الحساب . فقد قال الله تعالى : " يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم " إلى قوله " عذاب الله شديد " و قال : " إذا زلزلت الأرض زلزالها " إلى آخرها .

و الذي ثبت بسياق الآيات : أن هذه الزلزلة إنما يكون بعد أحياء الناس و بعثهم من قبورهم لأنه لا يراد بها إلا إذعان الناس و التهويل عليهم ، فينبغي أن يشاهدوها ليفزعوا منها و يهولهم أمرها ، و لا تمكن المشاهدة منهم و هم أموات . و لأنه تعالى قال : " يومئذ تحدث أخبارها " . أي تخبر عما عمل عليها من خير و شر " يومئذ يصدر الناس أشتاتاً " فدل ذلك على أن هذه الزلزلة إنما تكون و الناس أحياء و اليوم يوم الجزاء و قال تعالى : " فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة " يعني الآخرة " و حملت الأرض و الجبال " إلى قوله " لا تخفى منكم خافية " فدلت هذه السورة على أن اصطدام الأرض و الجبال لا يكون إلا بعد الإحياء ، فدلت هذه الآية على أن الكوائن إنما تكون بعد النشأة الثانية . و الله أعلم .

و أما قوله فيه يوم التناد ، فقال الحسن و قتادة ، ذلك يوم ينادي أهل الجنة أهل النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً ، و ينادي أهل النار أهل الجنة أن أفيضوا علينا من الماء يوم تولون مدبرين يعني عن النار أي غير قادرين و غير معجزين فيتفسر مجاهد . و قيل : معناه يوم ينادي أهل النار بالويل و الثبور و يولون مدبرين من شدة العذاب . و قيل : إن ذلك نداء بعض الناس لبعضهم في المحشر و توليهم مدبرين إذا رأوا عنقاً من النار .

و قال قتادة : معنى تولون مدبرين منطلقاً بكم إلى النار ما لكم من الله من عاصم أي مانع يمنعكم ، فإن قيل : فقد قال الآلله تعالى : " يوم ترجف الراجفة * تتبعها الرادفة " إلى أن قال : " فإنما هي زجرة واحدة " و هذا يقتضي بظاهره أنها ثلاث له ليس كذلك ، و إنما المراد بالزجرة النفخة الثانية التي يكون عنها خروج الخلق من قبورهم كذلك قال ابن عباس و مجاهد و عطاء و ابن زيد و غيرهم ، قال مجاهد : هما صيحتان ، أما الأولى فيموت كل شيء بإذن الله ، و أما الأخرى فيحيا كل شيء بإذن الله .

و قال مجاهد أيضاً : الرادفة حين تنشق السماء و تحمل الأرض و الجبال فتدك دكة واحدة . و قال عطاء : الراجفة القيامة ، و الرادفة البعث ، و قال ابن زيد : الراجفة الموت ، و الرادفة الساعة ، فهذا يبين لك ما قلناه من أن المراد بالزجرة النفخة الثانية .

و اختلفوا في الساهرة اختلافاً كثيراً ، فقال ابن عباس : و أما الساهرة فأرض من فضة بيضاء لم يعص الله عليها طرفة عين خلفها الله يومئذ و هو قوله تعالى : " يوم تبدل الأرض غير الأرض " .

و قال بعضهم : الساهرة اسم الأرض السابعة يأتي الله بها فيحاسب عليها الخلائق و ذلك حين تبدل الأرض غير الأرض . و قال قتادة : هي جهنم أي فإذا هؤلاء الكفار في جهنم ، و قيل صحراء قريب من شفير جهنم .

و قال الثوري : الساهرة أرض الشام و قيل غير هذا ، و إنما قيل لها ساهرة لأنهم لا ينامون عليها حينئذ ، و معنى " فإذا هم بالساهرة " أي على الأرض بعدما كانوا في بطنها و العرب تسمي الفلاة و وجه الأرض ساهرة ، قال أمية بن أبي الصلت :

و فيها لحم ساهرة و بحر *** و ما فاهوا به لهم مقيم




باب بيان الحشر إلى الموقف كيف هو و في أرض المحشر

و ذكر الصخرة . و قوله تعالى " و استمع يوم يناد المناد من مكان قريب " الآية .

أبو نعيم قال ، حدثنا أبي قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا محمد قال ، قال حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا المنذر النعمان أنه سمع وهب بن منبه يقول : قال الله تعالى لصخرة بيت المقدس : لأضعن عليك عرشي و لأحشرن عليك خلقي و ليأتينك يومئذ داود راكباً و قال بعض العلماء في قوله تعالى : " و استمع يوم يناد المناد من مكان قريب " قال : إنه ملك قائم على صخرة بيت المقدس فينادي : أيتها العظام البالية ، و الأوصال المتقطعة ، و يا عظاماً نخرة ، و يا أكفاناً فانية ، و يا قلوبا خلوية ، ويا أبداناً فاسدة ، و يا عيوناً سائلة قومواً لعرض رب العالمين . قال قتادة : المنادي هو صاحب الصور ينادي من الصخرة من بيت المقدس . قال كعب : و هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلاً . و قيل : باثني عشر ميلاً ذكره القشيري ، و الأول ذكره المارودي ، و قيل : إن المنادي جبريل و الله أعلم . قال عكرمة : ينادي منادي الرحمن فكأنما ينادي في آذانهم يوم يسمعون الصحية بالحق يريد النفخ في الصور " ذلك يوم الخروج * إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير * يوم تشقق الأرض عنهم سراعا " إلى المنادي صاحب الصور إلى بيت المقدس أرض المحشر " ذلك حشر علينا يسير " أي هين سهل .

فإن قيل : فإذا كانت الصيحة للخروج فكيف يسمعونها و هم أموات ؟

قيل له : إن نفخة الإحياء تمتد و تطول ، فتكون أوائلها للإحياء و ما بعدها للإزعاج من القبور فلا يسمعون ما يكون للإحياء و يسمعون ما يكون للإزعاج ، و يحتمل أن تتطاول تلك النفخة و الناس يحيون منها أولاً فأولاً ، و كلما حيى واحد سمع ما يحيى به من بعده إلى أن يتكامل الجميع للخروج ، و قد تقدم أن الأرواح في الصور ، فإذا نفخ فيه النفخة الثانية ذهب كل روح إلى جسده ، " فإذا هم من الأجداث " أي القبور " إلى ربهم ينسلون " و هذا يبين لك ما ذكرنا و بالله توفيقنا .

و قال محمد بن كعب القرظي : يحشر الناس يوم القيامة في ظلمة ، و تطوي السماء و تتناثر النجوم ، و تذهب الشمس و القمر ، و ينادي مناد فيتبع الناس الصوت يومئذ ، فذلك قول الله عز و جل " يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له " الآية . و قال الله عز و جل " إذا السماء انفطرت * و إذا الكواكب انتثرت * و إذا البحار فجرت " فجر عذبها في ملحها و ملحها في عذبها في تفسير قتادة " و إذا القبور بعثرت " أي أخرج ما فيها من الأموات ، و قال تعالى " إذا السماء انشقت * و أذنت لربها " أي سمعت و أطاعت " و حقت " أي و حق لها أن تفعل " و إذا الأرض مدت " تمد مد الأديم و هذا إذا بدلت بأرض بيضاء كأنها فضة لم تعمل عليها خطيئة قط ، و ألقت ما فيها من الأموات فصاروا على ظهرها .

مسلم " عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفرا كقرصة النقي ليس فيه علم لأحد " .

و خرج أبو بكر أحمد بن علي الخطيب ، عن عبد الله بن مسعود : يحشرالناس يوم القيامة أجوع ما كانوا قط ، و أظمأ ما كانوا قط ، و أعرى ما كانوا قط ، و أنصب ما كانوا فمن أطعم لله أطعمه ، و من سقا لله سقاه ، و من كسا لله كساه ، و من عمل لله كفاه ، و من نصر الله أراحه الله في ذلك اليوم .

" و روي من حديث معاذ بن جبل قال : قلت يا رسول الله أرأيت قول الله " يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجاً " فقال النبي صلى الله عليه و سلم يا معاذ بن جبل لقد سألت عن أمر عظيم ثم أرسل عينيه بالبكاء الدموع ، ثم قال : تحشر عشرة أصناف من أمتى أشتاتاً قد ميزهم الله تعالى من جماعات المسلمين و بدل صورهم ، فمنهم على صورة القردة ، و بعضهم على صورة الخنازير ، و بعضهم منسكين أرجلهم أعلاهم و وجوههم يسحبون عليها ، و بعضهم عمي يترددون ، و بعضهم صم بكم لا يعلقون ، و بعضهم يمضغون ألسنتهم مدلاة على صدورهم يسيل القيح من أفواههم لعاباً تقدرهم أهل الجمع ، و بعضهم مقطعة أيديهم و أرجلهم ، و بعضهم مصلبون على جذوع النار ، و بعضهم أشد نتناً من الجيف ، و بعضهم يلبسون جلابيب سابغة من القطران ، فأما الذين على صورة القردة فالقتات من الناس يعني النمام ، و أما الذين على صورة الخنازير فأهل السحت و الحرام و المكس ، و أما المنكسون رؤوسهم و وجوههم فأكلة الربا ، و العمي من يجوز في الحكم ، و الصم البكم الذي يعجبون بأعمالهم ، و الذين يمضغون ألسنتهم فالعلماء و القصاص الذين يخالف قولهم فعلهم و المقطعة أيديهم و أرجلهم الذين يؤذون الجيران ، و المصلبون على جذوع النار السعاة بالناس إلى السلطان ، و الذين هم أشد نتناً من الجيف الذي يتمتعون بالشهوات و اللذات و يمنعون حق الله تعالى من أموالهم ، و الذين يلبسون الجلابيب فأهل الكبر و الفخر و الخيلاء " .

و قال أبو حامد في كتاب كشف علم الآخرة : و من الناس من يحشر بفتنته الدنيوية ، فقوم مفتونون بالعود معتكفون عليه دهرهم فعند قيام أحدهم من قبره يأخذ بيمينه فيطرحه من يده و يقول سحقاً لك شغلتني عن ذكر الله فيعود إليه ، يقول : أنا صاحبك حتى يحكم الله بيننا و هو خير الحاكمين ، و كذلك يبعث السكران سكران ، و الزامر زامراً ، و كل واحد على الحال الذي صده عن سبيل الله . قال : و مثل الحديث الذي روي في الصحيح أن شارب الخمر يحشر و الكوز معلق في عنقه و القدح بيده و هو أنتن من كل جيفة على الأرض يلعنه كل من يمر به من الخلق . و قال أيضاً في الكتاب : فإذا استوى كل أحد قاعداً على قبره فمنهم العريان و منهم المكسو و الأسود و الأبيض ، و منهم من يكون له نور كالمصباح الضعيف ، و منهم من يكون كالشمس لا يزال كل واحد منهم مطرقاً برأسه ألف عام حتى تقوم من الغرب نار لها دوي تساق فيدهش لها رؤوس الخليقة إنساً و جناً و طيراً و وحشاً ، فيأتي كل واحد من المخاطبين عمله و يقول له : قم فانهض إلى المحشر ، فمن كان له حينئذ عمل جيد شخص له عمله بغلاً ، و منهم من يشخص عمله حماراً ، و منهم من يشخص له كبشاً تارة يحمله و تارة يلقيه و يجعل لكل واحد منهم نور شعاعي بين يديه و عن يمينه و مثله يسرس بين يديه في الظلمات و هو قوله تعالى " يسعى نورهم بين أيديهم و بأيمانهم " و ليس عن شمائلهم نور بل ظلمة حالكة لا يستطيع البصر نفاذها يحار فيها الكفار و يتردد المرتابون ، و المؤمن ينظر إلى قوة حلكتها و شدة حندسها و يحمد الله تعالى على ما أعطاه من النور المهتدي به في تلك الشدة يسعى بين أيديهم و بأيمانهم ، لأن الله تعالى يكشف للعبد المؤمن المنعم عن أحوال المعذب الشقي ليستبين له سبيل الفائدة ، كما فعل بأهل الجنة و أهل النار حيث يقول فاطلع فرآه في سواء الجحيم ، و كما قال سبحانه " و إذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا : ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين " لأن أربعاً لا يعرف قدرها إلا أربع : لا يعرف قدر الحياة إلا الموتى ، و لا يعرف قدر الأغنياء إلا الفقراء ، و لا يعرف قدر الصحة إلا أهل البلاء و السقم ، و لا يعرف قدر الشباب إلا الشيوخ . و في نسخة : و لا يعرف قدر النعيم إلا أهل الجحيم ، و من الناس من يبقى على قدميه و على طرف بنانه و نوره يطفأ تارة و يشتعل أخرى ، و إنما هم عند البعث على قدر إيمانهم و أعمالهم ، و قد مضى في باب يبعث كل عبد على ما مات عليه ما فيه كفاية ، و الحمد لله .


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://7stars.forumarabia.com
بوجى
المدير العام
المدير العام
بوجى


اسم العضو : محمد حسن
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 739
تاريخ الميلاد : 25/03/1994
تاريخ التسجيل : 28/09/2010
العمر : 30

الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى** Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى**   الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى** I_icon_minitimeالسبت يونيو 25, 2011 6:09 am


باب ما يلقي الناس في الموقف من الأهوال العظام و الأمور الجسام


قال المحاسبي في كتاب التوهم و الأهوال : يحشر الله الأمم من الإنس و الجن عراة أذلاء قد نزع الملك من ملوك الأرض و لزمهم الصغار بعد عتوهم و الذلة بعد تجبرهم على عباد الله في أرضه . ثم أقبلت الوحوش من أماكنها منكسة رؤوسها بعد توحشها من الخلائق و انفرادها ذليلة من هول يوم النشور من غير ريبة و لا خطية أصابتها حتى وقفت من وراء الخلق بالذلة و الانكسار لذلك الجبار ، و أقبلت الشياطين بعد تمردها و عتوها خاضعة ذليلة للعرض على الملك الديان ، حتى إذا تكاملت عدة أهل الأرض من إنسها و جنها و شياطينها و وحوشها و سباعها و أنعامها و هوامها تناثرت نجوم السماء من فوقهم و طمست الشمس و القمر فأظلما عليهم و مارت سماء الدنيا من فوقهم فدارت من فوقهم بعظمها فوق رؤوسهم و هي خمسمائة عام فيا هول صوت انشقاقها في سمعهم و تمزقت و تفطرت لهول يوم القيامة من عظم يوم الطامة ثم ذابت حتى صارت مثل الفضة المذابة كما قال الجبار تبارك و تعالى " فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان " و قال " يوم تكون السماء كالمهل * و تكون الجبال كالعهن " أي كالصوف المنفوش و هو أضعف الصوف و هبطت الملائكة من حافاتها إلا الأرض بالتقديس لربها فتوهم انحدارهم من السماء لعظم أجسامهم و كثرة أخطارهم و هول أصواتهم و شدة فرقهم من خوف ربهم فتوهم فزعك حينئذ و فزع الخلائق لنزولهم مخافة أن يكونوا قد أمروا بهم فأخذوا مصافهم محدقين بالخلائق منكسي رؤوسهم العظيم هول يومهم قد تسربلوا أجنحتهم و نكسوا رؤوسهم بالذلة و الخضوع لربهم ، و كذلك ملائكة كل سماء إلى السماء السابعة قد أضعف أهل كل سماء على أهل السماء الذين قبلهم في العدة و عظم الأجسام و الأصوات حتى إذا وافى الموقف أهل السموات السبع و الأرضين السبع كسيت الشمس حر عشر سنين ، ثم أدنيت من الخلائق قاب قوسين أو قوس فلا ظل ذلك اليوم إلا ظل عرش الرحمن فمن بين مستظل بظل العرش و بين مضح بحر الشمس قد صهرته و اشتد فيها كربه و أقلقته و قد ازدحمت الأمم و تضايقت و دفع بعضهم بعضاً ، و اختلفت الأقدام و انقطعت الأعناق من العطش قد اجتمع عليهم في مقامهم حر الشمس مع وهج أنفاسهم و تزاحم أجسامهم ففاض العرق منهم على وجه الأرض ، ثم على أقدامهم ، ثم على قدر مرابتهم و منازلهم عند ربهم من السعادة و الشقاء ، فمنهم من يبلغ العرق منكبيه و حقويه ، و منهم إلى شحمة أذنيه ، و منهم من قد ألجمه العرق فكاد أن يغيب فيه .

قلت : ذكر المحاسبي و غيره أن انفطار السماء انشقاقها بعد جمع الناس في الموقف و قد قدمنا أن ذلك يكون قبل ذلك و هو ظاهر القرآن كما ذكرنا و الله اعلم و قد جاء ذلك مرفوعاً في حديث أبي هريرة رضي الله عنه و قد تقدم .

و ما ذكره المحاسبي مروي عن ابن عباس رضي الله عنه قال : إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم و زيد في سعتها كذا و كذا ، و جمع الخلائق بصعيد واحد جهنم و إنسهم ، فإذا كان ذلك قبضت هذه السماء عن أهلها فينتشرون على وجه الأرض فلأهل السماء أكثر من أهل جميع الأرض جهنم و إنسهم بالضعف .

الحديث بطول ما ذكره ابن المبارك في رقائقه . قال : أخبرنا عوف عن أبي المنهال سيار بن سلامة الرياحي قال ، أخبرنا شهر بن حوشب . قال : حدثني ابن عباس فذكره . قال ابن المبارك و أخبرني جويبر عن الضحاك قال : إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا فتشققت بأهلها فتكون الملائكة على حافاتها حتى يأمر الرب فينزلون إلى الأرض فيحيطون بالأرض و من فيها ، ثم يأمر السماء التي تليها فينزلون فيكونون صفاً خلف ذلك الصف ثم السماء الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة فينزل الملك الأعلى في بهائه و جلاله و ملكه و بجنبته اليسرى جهنم فيسمعون زفيرها و شهيقها فلا يأتون قطراً من أقطارها إلا وجدوا صفوفاً قياماً من الملائكة فذلك قوله تعالى " يا معشر الجن و الإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات و الأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان " و السلطان العذر و ذلك قوله عز و جل " و جاء ربك و الملك صفاً صفاً " و قال " و انشقت السماء فهي يومئذ واهية * و الملك على أرجائها " يعني على حافاتها يعني بأرجائها ما تشفق منها ، فبيناهم كذلك إذ سمعوا الصوت فأقبلوا إلى الحساب .

قلت : و لا يصح إسنادهما ، فإن شهراً و جبيراً قد تكلم فيها و ضعفوهما .

قال البخاري في التاريخ جويبر بن سعيد البلخي عن الضحاك قال لي علي ، قال يحيى : كنت أعرف جويبراً بحديثين ، ثم أخرج هذه الأحاديث بعد فضعفه ، و أما شهر فقال مسلم في صدر كتابه سئل ابن عوف عن حديث شهر و هو قائم على أسكفة الباب ، فقال : إن شهراً تركوه . قال مسلم : يقول أخذته ألسنة الناس تكلموا فيه ، و قال عن شعبة و قد لقيت شهراً فلم أعتد به .

و ذكر أبو حامد في كتاب كشف علم الآخرة نحواً مما ذكر المحاسبي عن ابن عباس رضي الله عنه و الضحاك فقال إن الخلائق إذا اجتمعوا في صعيد واحد الأولين و الآخرين أمر الجليل جل و جلاله بملائكة سماء الدنيا أن يتولوهم فيأخذ كل واحد منهم إنساناً و شخصاً من المبعوثين إنساً و جناً و وحشاً و طيراً و حولوهم إلى الأرض الثانية ، و هي أرض بيضاء من فضة نورية ، و صارت الملائكة من وراء العالمين حلقة واحدة ، فإذا هم أكثر من أهل الأرض بعشر مرات ، ثم إن الله سبحانه و تعالى يأمر ملائكة السماء الثانية فيحدقون بهم واحدة فإذا هم مثلهم عشرين مرة ثم تنزل ملائكة السماء الثالثة فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة ، فإذا هم أكثر منهم ثلاثين ضعفاً ، ثم تنزل ملائكة السماء الرابعة فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة أكثر منهم بأربعين صفاً ، ثم تنزل ملائكة السماء الخامسة فيحدقون من ورائهم حلقة واحدة فيكونون مثلهم خمسين مرة ، ثم تنزل ملائكة السماء السادسة فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة و هم مثلهم ستين مرة ، ثم تنزل ملائكة السماء السابعة فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة و هم مثلهم سبعين مرة و الخلق تتداخل و تندمج حتى يعلو القدم ألف قدم لشدة الزحام ، و تخوض الناس في العرق على أنواع مختلفة إلى الأذقان و إلى الصدر و إلى الحقوين و إلى الركبتين ، و منهم من يصيبه الرشح اليسير كالقاعد في الحمام ، و منهم من تصيبه البلة كالعاطش إذا شرب الماء ، و كيف لا يكون القلق و العرق و الأرق و قد قربت الشمس من رؤوسهم حتى لو مد أحدهم يده لنالها ، و يضاعف حرها سبعين مرة .

و قال بعض السلف لو طلعت الشمس على الأرض كهيتئها يوم القيامة لأحرقت الأرض و ذابت الصخر و جفت الأنهار ، فبينما الخلائق يموجون في تلك الأرض البيضاء التي ذكرها الله تعالى حيث يقول : " يوم تبدل الأرض غير الأرض " و هم على أنواع في المحشر على ما تقدم في حديث معاذ ، و الملوك كالذر كما قد ورد في الخبر في وصف المتكبرين و ليس هم كهيئة الذر غير أن الأقدام عليهم حتى صاروا كالذر في مذلتهم و انخفاضهم ، و قوماً يشربون ماء بارداً عذباً صافياً ، لأن الصبيان يطوفون على آبائهم بكؤوس من أنهار الجنة يسقونهم .

و عن بعض السلف أنه نام فرأى القيامة قد قامت ، و كأنه في الموقف عطشان و صبيان صغار يسقون الناس قال : فناديتهم ناولوني شربة ، فقال لي واحد منهم ألك فينا ولد ؟ فقلت : لا . فقال : فلا إذاً و لهذا فضل التزويج . و لهذا الولد الساقي شروط ذكرناها في الإحياء ، و قوم قدموا على رؤوسهم ظل يمنعهم من الحر و هي الصدقة الطيبة لا يزالون كذلك ألف عام حتى إذا سمعوا نقر الناقور الذي وصفناه في كتاب الإحساء و هو بعض أسرار القرآن فتوجل له القلوب و تخشع الأبصار لعظيم نقره ، و تشتاف الرؤوس من المؤمنين ، و الكافرين يظنون أن ذلك عذاب يزداد بهم في هول يوم القيامة ، فإذا بالعرش تحمله ثمانية أملاك قدم الملك منهم مسيرة عشرين ألف سنة ، و أفواج الملائكة و أنواع الغمام بأصوات التسبيح ، لهم هرج عظيم لا تطيقه العقول حتى يستقر العرش في تلك الأرض البيضاء التي خلقها الله تعالى لهذا الشأن خاصة ، فتطرق الرؤوس و تخنس و تشفق البرايا و ترعب الأنبياء و تخاف العلماء و تفزع الأولياء و الشهداء من عذاب الله سبحانه الذي لا يطيق شيء إذ غشاهم نور حتى غلب عليه نور الشمس التي كانوا في حرها فلا يزالون يموج بعضهم في بعض ألف عام و الجليل سبحانه لا يكلمهم كلمة واحدة ، فحينئذ يذهب الناس إلى آدم فيقولون : يا أبا البشر الأمر علينا شديد ، و أما الكافر فيقول : يا رب أرحني و لو إلى النار من شدة ما يرى من الهول . يقولون : أنت الذي خلقك الله بيده و أسجد لك ملائكته و نفخ فيك من روحه اشفع لنا في فصل القضاء ، و ذكر أمر الشفاعة من نبي إلى نبي و أن ما بين إتيانهم من نبي إلى نبي ألف عام حتى تنتهي الشفاعة إلى نبينا محمد صلى الله عليه و سلم على ما يأتي بيانه من أمر الشفاعة في أحاديث إن شاء الله تعالى ، و نحو من هذا ذكره الفقيه أبو بكر بن برجان في كتاب الإرشاد له قال : فإذا كان يومئذ جمع الله الأولين و الآخرين في صعيد واحد و كورت الشمس و انكدرت النجوم و مارت السماء فوق الخلائق موراً ، و تفطرت من عظيم هول ذلك اليوم ، و تشققت بالغمام المنزل من عليهن فوقهن ، ثم صارت وردة كالدهان و كشطن سماء سماء ، و نزلت الملائكة تنزيلاً ، و قام الخلائق و طال قيامهم أقل ما قيل في قيامهم مقدار أربعين عاماً إلى ثلاثمائة عام ، و أياماً كان فاليوم يسعه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما من صاحب إبل " الحديث و فيه " وردت عليها أولاها " . في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، و سيأتي بكماله و هم في قيامهم ذلك في الظلمة دون الجسر كما في صحيح مسلم من حديث ثوبان عراة غرلاً . أعطش ما كانوا و أجوع ما كانوا عليه قط عراة فلا يسقى ذلك اليوم إلا من سقى لله عز و جل ، و لا يطعم إلا من أطعم لله ، و لا يكسى يومئذ إلا من كسا لله ، و لا يكفى إلا من اتكل على الله . و مصداق هذا من كتاب الله عز و جل قوله الحق " يوفون بالنذر " إلى قوله تعالى : " فوقاهم الله شر ذلك اليوم " أي من إزالة الجوع و العطش و العرى إلى غير ذلك من أهوال القيامة و أفزاعها على ما يأتي بيانه في هذا الباب الذي يليه .

أبو بكر بن أبي شيبة ، عن أبي معاوية ، عن عاصم ، عن أبي عثمان ، عن سلمان قال : تعطى الشمس يوم القيامة حر عشر سنين ثم تدنى من جماجم الناس حتى تكون قاب قوسين . قال : فيعرفون حتى يرشح العرق في الأرض قامة ، ثم يرتفع حتى يغرغر الرجل قال سلمان : حتى يقول الرجل غرغر ، فإذا رأوا ما هم فيه قال بعضهم لبعض : ألا ترون ما أنتم فيه ائتوا أباكم آدم فيشفع لكم . الحديث بطوله ، و سيأتي مرفوعاً من حديث أبي هريرة ، و أخرجه ابن المبارك قال : أنبأنا سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن سلمان قال : تدنى الشمس من الناس يوم القيامة حتى تكون من رؤوسهم قاب قوسين فتعطى حر عشر سنين و ليس على أحد يومئذ طحرية و لا يرى فيها عورة مؤمن و لا مؤمنة لا يضر حرها يومئذ مؤمنا و لا مؤمنة و أما الآخرون أو قال الكفار فتطبخهم طبخاً فإنما تقول أجوافهم : [ غق غق ] قال نعيم : الطحرية : الخرقة . و أخرجه هناد بن السري ، حدثنا قبيضة عن سفيان عن سليمان التيمي فذكره سواء إلا أنه قال [ و لا يجد حرها ] بدل [ و لا يضر ] و قال [ و أما الكافر أو الآخرون فتطبخهم طبخاً حتى يسمع لأجوافهم غق غق ] .

مسلم " عن سليم بن عامر ، عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل قال سليم بن عامر فو الله ما أدري ما يعني بالميل أمسافة الأرض أو الميل الذي تكحل به العين قال [ فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق ، فمنهم من يكون إلى كعبيه ، و منهم من يكون إلى ركبتيه ، و منهم من يكون إلى حقويه ، و منهم من يلجمه إلجاماً ] قال : و أشار رسول الله صلى الله عليه و سلم بيده إلى فيه " ، و أخرجه الترمذي و زاد قوله تكحل به العين فتصهرهم الشمس .

و ذكر ابن المبارك ، أخبرنا مالك بن مغول ، عن عبيد الله بن العيزار قال : إن الأقدام يوم القيامة مثل النبل في القرن و السعيد الذي يجد لقدميه موضعاً يضعهما عليه ، و إن الشمس تدنى من رؤوسهم حتى لا يكون بينها و بين رؤوسهم إما قال ميلاً أو ميلين ثم يزاد في حرها بضعة و ستون ضعفاً ، و عند الميزان ملك إذا وزن العبد نادى ألا إن فلان بن فلان قد ثقلت موازينه و سعد سعادة لا يشقى بعدها أبداً . ألا فلان ابن فلان قد خفت موازينه و شقى شقاء لا يسعد بعده أبداً

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://7stars.forumarabia.com
بوجى
المدير العام
المدير العام
بوجى


اسم العضو : محمد حسن
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 739
تاريخ الميلاد : 25/03/1994
تاريخ التسجيل : 28/09/2010
العمر : 30

الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى** Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى**   الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى** I_icon_minitimeالسبت يونيو 25, 2011 6:10 am

باب ما ينجي من أهوال يوم القيامة و من كربها


مسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة " ذكر الحديث .

و خرج الترمذي الحكيم في نوادر الأصول قال : " حدثنا أبي رحمه الله قال : حدثنا عبد الله بن نافع قال : حدثني ابن أبي فديك عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن سعيد بن المسيب ، عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم و نحن في مسجد المدينة فقال إني رأيت البارحة عجباً رأيت رجلاً من أمتي جاءه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالديه فرد عنه ، و رأيت رجلاً من أمتي قد بسط عليه عذاب القبر فجاءه وضوؤه فاستنقذه من ذلك ، و رأيت رجلاً من أمتي قد احتوشته الشياطين فجاءه ذكر الله فخلصه من بينهم ، و رأيت رجلاً من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم ، و رأيت رجلاً من أمتي يلهث عطشاً كلما ورد حوضاً منع منه فجاءه صيامه فسقاه و أرواه ، و رأيت رجلاً من أمتي و النبيون قعود حلقاً حلقاً كلما دنا لحلقة طردوه ، فجاء اغتساله من الجنابة فأخذ بيده و أقعده بجنبي ، و رأيت رجلاً من أمتي من بين يديه ظلمة و من خلفه ظلمة و عن يمينه ظلمة و عن شماله ظلمة و من فوقه ظلمة و من تحته ظلمة فهو متحير فيها ، فجاءته حجته و عمرته فاستخرجاه من الظلمة و أدخلاه في النور ، و رأيت رجلاً من أمتي يكلم المؤمنين فلا يكلمونه فجاءته صلة الرحم ، فقالت يا معشر المؤمنين كلموه فكلموه ، و رأيت رجلاً من أمتي يتقي شرر النار و وهجها بيده عن وجهه فجاءته صدقته فصارت ستراً على وجهه و ظلا على رأسه ، و رأيت رجلاً من أمتي قد أخذته الزبانية من كل مكان فجاءه أمره بالمعروف و نهيه عن المنكر فاستنفذه من أيديهم و أدخلاه مع ملائكة الرحمة ، و رأيت رجلاً من أمتي جانباً على ركبتيه بينه و بين الله حجاب فجاءه حسن خلقه فأخذ بيده فأدخله على الله ، و رأيت رجلاً من أمتي قد هوت صحيفة من قبل شماله فجاءه خوفه من الله تعالى فأخذ صحيفته فجعلها في يمينه ، و رأيت رجلاً من أمتي قد خف ميزانه فجاءته أفراطه فثقلوا ميزانه ، و رأيت رجلاً من أمتي قائماً على شفير جهنم فجاءه و جله من الله فاستنقذه من ذلك و مضى ، و رأيت رجلاً من أمتي هوى في النار فجاءته دموعه التي بكى من خشية الله في الدنيا فاستخرجته من النار ، و رأيت رجلاً من أمتي قائماً على الصراط يرعد كما ترعد السعفة فجاءه حسن ظنه بالله فسكن رعده و مضى ، و رأيت رجلاً من أمتي على الصراط ، و رأيت رجلاً من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة فغلقت الأبواب دونه فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله ففتحت له الأبواب و أدخلته الجنة " .

قلت : هذا حديث عظيم ذكر فيه أعمالاً خاصة تنجي من أهوال خاصة و الله أعلم .

و قد ينجي منها كلها ما ثبت في صحيح مسلم " عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء إلا أنه كان يخالط الناس و كان موسراً فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر قال : قال الله عز و جل أنا أحق بذلك منك تجاوزوا عن عبدي " .

و خرج " عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه و سلم أن رجلاً مات فدخل الجنة ، فقيل له ما كنت تعمل ؟ فقال : إني كنت أبايع الناس ، فكنت أنظر المعسر و أتجاوز في السكة أو في النقد فغفر له " فقال له المسعود رضي الله عنه : و أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم . رواه مسلم من طرق ، و خرجه البخاري .

و روى مسلم " عن أبي قتادة رضي الله عنه أنه طلب غريماً له فتوارى عنه ، ثم وجده فقال : إني معسر . قال الله فقال الله . قال : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم : من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينس عن معسر أو يضع عنه " .

" و عن أبي اليسر و اسمه كعب بن عمرو رضي الله عنه أن سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : من أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله في ظله " خرجه مسلم .

و قال أنس بن مالك رضي الله عنه : من أنظر مديوناً فله بكل يوم عند الله وزن أحد ما لم يطلبه .

و روى الأئمة " عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : الإمام العادل ، و شاب نشأ في عبادة الله ، و رجل قلبه معلق بالمساجد و رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه و تفرقا عليه ، و رجل دعته امرأة ذات منصب و جمال فقال : إني أخاف الله ، و رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، و رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه " : معنى في ظله أي في ظل عرشه و قد جاء هكذا تفسيراً في الحديث .

و روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال : " حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من أشبع جائعاً و كسا عرياناً و آوى مسافراً أعاذه الله من أهوال يوم القيامة " .

و خرج الطبراني سليمان بن أحمد عن يزيد الرقاشي ، " عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من لقم أخاه لقمة صرف الله عنه مرارة الموقف يوم القيامة " . و في التنزيل تحقيقاً لهذا الباب ، و جامعاً له قوله الحق " يوفون بالنذر " إلى قوله " فوقاهم الله شر ذلك اليوم " مع قوله " إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً " مع قوله في غير موضع بعد ذكر الأعمال الصالحة " فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون " .

باب

ذكر أبو نعيم الحافظ قال : " حدثنا سليمان بن أحمد قال : حدثنا أحمد بن يحيى ابن خالد قال : حدثنا محمد بن سلام قال : حدثنا يحيى بن بكير قال : حدثنا مالك عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن من الذنوب ذنوباً لا يكفرها الصلاة و لا الصوم و لا الحج و لا العمرة قال : و ما يكفرها يا رسول الله ؟ قال : الهموم في طلب المعيشة " . قال أحمد بن يحيى : فقلت : كيف سمعت هذا من يحيى بن بكير فلم يسمعه أحد غيرك ؟ قال : كنت عند يحيى جالساً فجاءه رجل فذكر ضعفه فقال : قال ابن بكير : حدثنا مالك فذكره


محمد بن أحمد بن أبي بكربن فرج (( القرطبي))



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://7stars.forumarabia.com
 
الموت والبعث والأخرة من كتاب التذكرة للقرطبى**
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التذكرة في احوال الموتى وامور الاخرة (( باب ما جاء في رسل ملك الموت قبل الوفاة ))
»  التذكرة في احوال الموتى وامور الاخرة ((باب الموت كفارة لكل مسلم))
»  التذكرة في احوال الموتى وامور الاخرة ((باب متى يرتفع ملك الموت عن العبد))
»  التذكرة في احوال الموتى وامور الاخرة (( صفة ملك الموت عن قبض روح المؤمن و الكافر))
» باب في الشافعين لمن دخل النار(من كتاب التذكرة للإمام القرطبى)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سيفن ستارز :: المنتدى الاسلامى :: السنة النبوية-
انتقل الى: