منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
 التحذير من الفتوى بغير علم** >

منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
 التحذير من الفتوى بغير علم** >

منتديات سيفن ستارز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
ارجو من الساده الاعضاء القدامى تعديل بيانتهم الشخصية
ياجماعة انصحكم بالدخول على المنتدى بالمتصفع العملاق Mozilla Firefox
مشاركتك بالموضوعات تعنى أنك قرأت قانون المنتدى ، وأنك تتحمل المسئولية الأدبية والقانونية عن نشر هذا الموضوع او الردود
تتقدم منتديات سيفن ستارز بأحر التهانى القلبية للأخت رونى المحامية المشرفة على المنتدى القانونى وذلك بمناسبة الزواج السعيد نسأل الله لها التوفيق فى حياتها وألف مليون مبروك لها ولزوجها الأستاذ /حسين إبراهيم حسين وعقبال البكارى وحياة سعيدة ملؤها التراحم والمحبة والقرب من الله
على السادة الأعضاء الإلتزام بالأقسام النوعية للمنتدى عند تقديم مساهماتهم حيث يكون كل موضوع داخل القسم الخاص به حتى يعطى الشكل المطلوب مع سهولة الوصول إليه لكل متصفح .فالموضوعات الخاصة بالمرأة داخل منتدى المرأة .والموضوعات التى تتحدث عن الإسلام توضع فى المنتدى الإسلامى   ...وهكذا ..ونشكر لكم حسن العمل .كما نشكركم على الأداء الممتاز داخل المنتديات..كما نحذر من الخوض أو التطرق لما يمس الغير أو التهجم أو إذدراء الأديان أو الخوض فى موضوعات سياسيه..المنتديات  أصلاً ..منشأة لتبنى وجهة النظر الأجتماعيه والإسلاميه لأهل السنة والجماعة دون التقليل من الغير بل الإحترام المتبادل..وللجميع ودون تميز بجنس أو نوع أو دين أو لون وشكراً لكم جميعاً...
إدارة المنتديات...سيفن ستارز.

 

  التحذير من الفتوى بغير علم**

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
بوجى
المدير العام
المدير العام
بوجى


اسم العضو : محمد حسن
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 739
تاريخ الميلاد : 25/03/1994
تاريخ التسجيل : 28/09/2010
العمر : 30

 التحذير من الفتوى بغير علم** Empty
مُساهمةموضوع: التحذير من الفتوى بغير علم**    التحذير من الفتوى بغير علم** I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 21, 2011 5:12 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

التحذير من الفتوى بغير علم**


أقوال العلماء المحققين قديماً وحديثاً في التحذير من الفتوى بغير علم

ولما ذكرتُ – بحمد الله – أقوالاً عظاماً للأقوام العظماء من الصحابة والتابعين ؛ فلأذكر الآن أقوال من تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا .

ولقد انبرى الناصحون لأمتهم ، وعلى رأسهم علماؤها ، لتتعالى صيحاتهم وتتنادى وتتوالى إنذاراتهم كفعل النذير العريان ، لإطفاء حريق فتنة الفتوى بغير علم .

ولما كان حمى الدين بالإفتاء جهلاً قد استبيح ، وأساء المتعالمون بسُوْئهم حتى بدت سَوْآتهم ؛ كان لزاماً على كل غيور على دينه وعلمائه أن يَحْذر ويُحذِّر بعلم من كل فتوى ومفتٍ بغير علم , وهتك باطله وما ينطوي عليه من مسلك مُرْدٍ, - نعوذ بالله من الردى - ؛ فكما أن المتطبب بغير علم يحجر عليه لصالح الأبدان ، والمهندس الجاهل يحجر عليه لصالح البلدان ؛ فإن المفتي المتقول على الله يُحجَر عليه من الفتيا لصالح الأديان [1].

وفيما يلي مَسرَدٌ لأقوال من طابت منهم الفِعال ؛ من علماء ربط بينهم رحم العلم ، وإن باعدت بينهم الأحقاب ، وقطع الموت منهم الرقاب ، وشطت بهم الديار والهضاب . وهذه الأقوال لا تحتاج إلى بسط وشرح وإيضاح ؛ بل بانت فيها العبارة ، كما بان منهم القصد والإشارة ؛ فإلى ما منه يحذرون - وأنعم بهم يوم يحذرون - :

1. قال العلامة المالكي محمد بن يوسف الشهير بالمواق ت 883هـ : هَذَا شَأْنُ الْفُتْيَا فِي الزَّمَنِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَمَّا الْيَوْمُ فَقَدْ خُرِقَ هَذَا السِّيَاجُ وَهَانَ عَلَى النَّاسِ أَمْرُ دِينِهِمْ فَتَحَدَّثُوا فِيهِ بِمَا يَصْلُحُ وَمَا لَا يَصْلُحُ وَعَسُرَ عَلَيْهِمْ اعْتِرَافُهُمْ بِجَهْلِهِمْ وَأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ لَا أَدْرِي فَلَا جَرَمَ آلَى الْحَالُ بِالنَّاسِ إلَى هَذِهِ الْغَايَةِ بِالِاقْتِدَاءِ بِالْجُهَّالِ وَالْمُتَجَرِّئِينَ عَلَى دِينِ اللَّهِ تَعَالَى.[2]

2. قال الحافظ ابن بطة الحنبلي : كتب أحمد بن حنبل قال: لا ينبغي للرجل أن ينصب نفسه - يعني للفتوى - حتى يكون فيه خمس خصال : وذكرها فأقول - والله العالم -: لو أن رجلا أنعم نظره، وميز فكره، وسما بطرفه، واستقصى بجهده، طالبا خصلة واحدة في أحد من فقهاء المدينة والمتصدرين للفتوى فيها لما وجدها . فإني أحسب كثيرا ممن يتصدر لهذا الشأن يرى نفسه فوق الذي قد مضى وصفهم، ويرى أنهم لو أدركوه لاحتاجوا إليه وأمموه، ويرى أن هذه الأفعال منهم والأقوال المأثورة عنهم كانت من عجزهم وقلة علمهم وضعف نحائزهم . فليتق الله عبد في نفسه وفي المسلمين من إخوانه، ولا يخاطر بها وبهم، فقال بعلم فغنم أو سكت فسلم . ولو حلف حالف لبر أو قال لصدق: إن أكثر المفتين في زماننا هذا مجانين، لأنك لا تكاد تلقى مسئولا عن مسألة متلعثما في جوابها، ولا متوقفا عنها، ولا خائفا لله ولا مراقبا له أن يقول له: من أين قلت ؟ بل يخاف ويجزع أن يقال: سئل فلان عن مسألة فلم يكن عنده فيها جواب . يريد أن يوصف بأن عنده من كل ضيق مخرجا، وفي كل متعلق متهجرا، يفتي فيما عيي عنه أهل الفتوى، ويعالج ما عجز عن علاجه الأطباء، يخبط العشوة، ويركب السهوة، لا يفكر في عاقبة، ولا يعرف العافية، إذا أكثر عليه السائلون وحاقت به الغاشية .. [3]

3. قال الفيرزآبادي رحمه الله تعالى في تفسيره: ومن الأمور الموجبة للغلط أن يمتهن العلم بابتذاله إلى غير أهله, كما اتفق في علم الطب, فإنه كان في الزمن القديم: حكمة موروثة عن النبوة , فهزل حتى تعاطاه بعض سفلة اليهود, فلم يتشرفوا به بل رذل بهم . [4]

4. قال الشاطبي - رحمه الله تعالى - : كثر من يدعي العلم ويتجاسر على الفتوى فيه . فلو فتح لهم باب فى مخالفة المذهب لاتسع الخرق على الراقع وهتكوا حجاب هيبة المذهب وهذا من المفسدات التى لا خفاء بها .. إذ قل الورع والديانة من كثير ممن ينتصب لبث العلم والفتوى . فلو فتح لهم هذا الباب لانحلت عرى المذهب بل جميع المذاهب .[5]

5. قال أبو عمرو بن الصلاح – رحمه الله تعالى - : فمن انتصب في منصب الفتيا وتصدى لها وليس على صفة واحد من هذه الأصناف الخمسة فقد باء بأمر عظيم ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم . ومن أراد التصدي للفتيا ظانا كونه من أهلها فليتهم نفسه وليتق الله ربه تبارك الله وتعالى ولا يجد عن الأخذ بالوثيقة لنفسه والنظر لها . ويحرم التساهل في الفتوى، ومن عرف به حرم استفتاؤه، فمن التساهل: أن لا يتثبت، ويُسرِع بالفتوى قبل استيفاء حقِّها من النظر والفكر .[6]

6. قال ابن رجب - رحمه الله تعالى - : وقد ابتلينا بجهلة من الناس يعتقدون في بعض من توسع في القول من المتأخرين أنه أعلم ممن تقدم. فمنهم من يظن في شخص أنه أعلم من كل من تقدم من الصحابة ومن بعدهم لكثرة بيانه ومقاله .. وهذا من أقبح الخصال وأرداها. وربما نسب من كان قبله من العلماء إلى الجهل والغفلة والسهو فيوجب له حب نفسه وحب ظهورها إحسان ظنه بها وإساءة ظنه بمن سلف ..وما أحسن قول أبي حنيفة وقد سئل عن علقمة والأسود أيهما أفضل. فقال واللَه ما نحن بأهل أن نذكرهم فكيف نفضل بينهم .[7]

7. قال الحسين بن المنصور اليمني ت 1050هـ : لا ينتصب للدرس إذا لم يكن أهلاً له.. وعن الشبلي: من تصدر قبل أوانه فقد تصدى لهوانه. . فإنه متى لم يكن أهلاً استهزئ بحاله وانتقص به، ولا يرضى ذلك لنفسه أريب ولا يتعاطاه مع الغنا عنه لبيب. . وقيل لأبي حنيفة رضي الله عنه: في المسجد حلقة ينظرون في الفقه؛ فقال ألَهُمْ رأس؟ قالوا: لا، قال: لا يفقه هؤلاء أبداً.

ولبعضهم في تدريس من لا يصلح:

تصدر للتدريس كل مهوِّس ... جهولٍ يسمى بالفقيه المدرس

فحق لأهل العلم أن يتمثلوا ... ببيت قديم شاع في كل مجلس

لقد هزُلت حتى بدا من هزالها ...كُلاها وحتى سامها كل مفلس[8]

8. قال الصيمري والخطيب: قلَّ من حرص على الفتيا، وسابق إليها، وثابر عليها، إلا قلَّ توفيقُه، واضطرب في أموره، وإن كان كارهاً لذلك، غير مؤثر له ما وجد عنه مندوحة، وأحال الأمر فيه على غيره، كانت المعونة له من الله أكثر، والصلاح في جوابه أغلب.[9]

9. قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - : وكم رأينا مبرزاً في علم القرآن أو في الحديث أو في التفسير أو في اللغة لا يعرف مع الشيخوخة معظم أحكام الشرع .. وقد غمني في هذا الزمان أن العلماء لتقصيرهم في العلم صاروا كالعامة، وإذا مر بهم حديث موضوع قالوا قد روي.[10]

10. وقال الزاهد أبو محمد إسحاق بن أحمد العلثي- رحمه الله تعالى – مخاطباً مفتياً بغير علم : وترى كل من أنكر عليك نسبته إلى الجهل ، ففضل الله أُوتيته وحدك ؟ وإذا جَهَّلت الناس فمن يشهد لك أنك عالم؟ ومن أجهل منك، حيث لا تصغي إلى نصيحة ناصح ؟ وتقول: من كان فلان، ومن كان فلان. من الأئمة الذين وصل العلم إليك عنهم، من أنت إذاً ؟ فلقد استراح من خاف مقام ربه، وأحجم عن الخوض فيما لا يعلم، لئلا يندم. فانتبه يا مسكين قبل الممات، وحَسِّن القول والعمل، فقد قرب الأجل. [11]

11. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - : هؤلاء المتأخِّرون من الخلافيين ونحوهم من المتفقهة أقل الناس علماً بالحديث وأبعدهم عن ضبطه ومعرفته , ولعل أحدهم أو أكثرهم لا يعرفون مظان طلب الأحاديث , ولا حملها ونقلها , ولا يميزون بين أجناسها وأنواعها وأدنى دليل على ذلك مافي كتبهم من الأحاديث التي أجمع أهل الحديث على أنه ليس لها أصل عن النبي صلى الله عليه وسلم , فتارةً يجعلون الفتوى حديثًا , وتارةً تكون الكلمة محفوظة عن بعض الفقهاء , أو بعض السلف , فيجعلونها مرفوعةً إلى النبيصلى الله عليه وسلم , وتارة يخلطون بالحديث زيادات ليست منه , وذلك لأنهم لم يتلقوا الأحاديث ممن ضبطها وأحكمها , وإنما غايةُ المبرِّز منهم أن يجده في بعض كتب الفقه ولا يعرف من أين نقله ذلك المصِّنف . [12]

12. وقال ابن القيم - رحمه الله تعالى - : فلعمر الله لا يقبل ذلك من كل من نصب نفسه للفتيا حتى يكون عالما بمأخذ صاحب المذهب ومداركه وقواعده جمعا وفرقا، ويعلم أن ذلك الحكم مطابق لأصوله وقواعده .. ومن أفتى الناس وليس بأهل للفتوى فهو آثم عاص ، ومن أقره من ولاة الأمور على ذلك فهو آثم أيضا . وكان شيخنا رضي الله عنه شديد الإنكار على هؤلاء ، فسمعته يقول : قال لي بعض هؤلاء : أجعلت محتسبا على الفتوى ؟ فقلت له : يكون على الخبازين والطباخين محتسب ولا يكون على الفتوى محتسب ؟ [13]

13. وفي : معيد النعم للسبكي- رحمه الله تعالى - : 63 و73 و82 : ولبعضهم :

إن الــــذي يـــروي ولــكــنــه *** يـجــهــل ما يــروي وما يـكتـب

كــصخــرةٍ تنبــع أمــواهــــــــها *** تسـقي الأراضـي وهي لا تشرب

وقال بعض الظرفاء في الواحد من هذه الطائِفة : إنه قليل المعرفة والمخبرة يمشي ومعه أوراق ومِحبرة ؛ معه أجزاء يدورُ بها على شيخ وعجوز , لا يعرف ما يجوز مما لا يجوز .

14. وقال المفسر محمود الآلوسي - رحمه الله تعالى - عن هؤلاء الجهال ، مذكِّراً نفسه بمنّضة الله عليه : قدح زند مسكنته فأوري وهو من الجهال وقد دلت الآثار أن من إمارات الساعة إفتاء من ليس سوى بز الجهل بضاعة ولا شك أن قيام الساعة قريب فوقوع مثل ذلك غير عجيب وإلا فبين أهل الصدر الأول السادة الأمجاد كانت لا تمهر فتاة الإفتاء إلا بنقد الاجتهاد:

فتراخى الأمر حتى أصبحت ... هملاً يطمع فيها من يراها

ولست أقول هذا من نفس واجدة ؛ لا والذي شقهن خمساً من واحدة ، كيف وأنا أحمد الله تعالى على أن خلصني من نصب منصب الإفتاء وشغلني برشف رضاب فتاة التدريس في الإصباح والإمساء وأنار ليلي بتوقد وجنات ليلى الدقائق ومن على سرح فكري برياض اللطائف وجنات الحقائق ..و أني لفي نعمة من فضل ربي عز شأنه جليلة عظيمة يحق لي أن أقول غير مبال بحسود جهول:

سهري لتنقيح العلوم الذلي ... من وصل غانية وطيب عناق

وتمايلي طرباً لحل عويصةٍ ... في الدرس ابلغ من مدامة ساق[14]

15. وقال الشيخ محمد بن إبراهيم ل الشيخ - رحمه الله تعالى - : وكانت فتنة الجهال وأرباب الكسل عظيمة ، ومفضية إلى أن تبقى البراهين الشرعية ليس لها بين الأمة قيمة ، ومؤدية إلى تضليل الأمة، وفتح باب غث الرخص .[15]
16. وقال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - : إن من أكبر الجنايات أن يقول الشخص عن شيء إنه حلال وهو لا يدري ما حكم الله فيه، أو يقول عن الشيء إنه حرام وهو لا يدري عن حكم الله فيه . وإن كثيرًا من العامة يفتي بعضهم بعضًا بما لا يعلمون ..وإن بعض العامة يجني جناية أخرى فإذا رأى شخصًا يريد أن يستفتي عالمًا يقول له هذا العامي لا حاجة أن تستفتي، هذا أمر واضح، هذا حرام مع أنه في الواقع حلال .. وهذه جناية منه على شريعة الله، وخيانة لأخيه المسلم حيث أفتاه بدون علم . أرأيتم لو أن شخصًا سأل عن طريق بلد من البلدان، فقلت الطريق من هنا وأنت لا تعلم أفلا يعد الناس ذلك خيانة منك؟ فكيف تتكلم عن طريق الجنة وهو الشريعة التي أنزل الله وأنت لا تعلم عنها شيئًا؟!.. وليت هؤلاء القوم يقتصرون على نسبة الأمر إليهم لا بل تراهم ينسبون ذلك للإسلام فيقولون: الإسلام يرى كذا !! وهذا لا يجوز إلا فيما علم القائل أنه من دين الإسلام .[16]




الْفَتْوَى بِغَيْرِ عِلْمٍ

وَأَثَرُهَا عَلَى الْمُجْتَمَعِ

راشد بن عبدالرحمن بن رِدْن البـِداح

معلم بمدرسة الإمام محمد بن سعود الثانوية بمحافظة الزلفي

وخطيب جامع ابن عثيمين -رحمه الله تعالى –


--------------------------------------------------------------------------------

( [1] ) باختصار وتصرف من التعالم وأثره على الفكر والكتاب( ص 9 – 11 )

( [2] ) مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل - (ج 17 / ص 40)

( [3] ) إبطال الحيل لابن بطة - (ص 38)

( [4] ) بصائر ذوي التمييز - (ج 1 / ص 30).

( [5] ) الموافقات - (ج 3 / ص 146)

( [6] ) آداب الفتوى والمفتي والمستفي - (ص 17)

( [7] ) فضل علم السلف على الخلف - (ص 5)

( [8] ) آداب العلماء والمتعلمين - (/ ص 9)

( [9] ) آداب الفتوى والمفتي والمستفتي - (ص 1)

( [10] ) صيد الخاطر - (ج 1 / ص 53)

( [11] ) ذيل طبقات الحنابلة - (ج 1 / ص 269)

( [12] ) تنبيه الرجل العاقل لابن تيمية - رحمه الله تعالى - ( 2/534 )

( [13] ) إعلام الموقعين عن رب العالمين - (5 / 79)

( [14] ) غرائب الاغتراب الآلوسي (ج 1 / ص 29)

( [15] ) فتاوى ابن إبراهيم - (ج 6 / ص 38)

( [16] ) كتاب العلم للعثيمين - (ص 84)


يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع **
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://7stars.forumarabia.com
بوجى
المدير العام
المدير العام
بوجى


اسم العضو : محمد حسن
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 739
تاريخ الميلاد : 25/03/1994
تاريخ التسجيل : 28/09/2010
العمر : 30

 التحذير من الفتوى بغير علم** Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحذير من الفتوى بغير علم**    التحذير من الفتوى بغير علم** I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 21, 2011 5:13 pm


حكم وأدلة الفتوى بغير علم

ويعرف الحكم بداهة من نصوص متضافرة متظاهرة على شدة التحريم ، وشناعته ز فلنبدأ بــــ :

الأدلة من القرآن الكريم :

[قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ] .

فهذه المحرمات الأربع تحريمها لذاتها تحريما أبديا . ولنقل هنا إن أصل الشرك والكفران, وأساس البدع والعصيان, وما هو أغلظ منها ومن جميع الفواحش والآثام, والبغي والعدوان:القول على الله تعالى بلا علم

*[وَيَوْمَ القِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ] .

* [انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا] .

* [فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ الكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] .

*[وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ يَوْمَ القِيَامَةِ ] .

* [قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ] .

* [إِنَّمَا يَفْتَرِي الكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الكَاذِبُونَ] .

* [وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ] .

* [وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ القِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ] .

* [وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ] .

* [وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ العَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ] .

* [قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا ] .

* [وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ القَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا] .

* [سَاءَ مَثَلًا القَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ] .

* [بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ] .

* [وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الخَاسِرِينَ] .

* [وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ] .

* [لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ] .

* [وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ] .

* [الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا] .

فهذه عشرون آية متفرقة من كتاب الله ؛ تدعو إلى الصدق في تبليغ الشرع ، وتحذر من القول على الله بغير علم ، وكل آية منها تستدعي شرحاً وإسهاباً . ولزاماً أنه يدخل فيها ضمناً المفتي بغير علم بلا شك .

الأدلة من السنة الصحيحة :

* في الصحيحين عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما – قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ، ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يُبْقِ عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً ، فسئلوا فأفتوا بغير علم ، فضلوا وأضلوا [1] .

* روى أبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال : قال صلى الله عليه وسلم : مَنْ أُفْتِيَ بِغَيْرِ عِلْمٍ كَانَ إِثْمُهُ عَلَى مَنْ أَفْتَاهُ . وعند ابن ماجه : بفتيا غيرَ ثبتٍ [2].

* وروى أبوداود وابن ماجه أيضاً ، عَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ : خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ ، فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ ، فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ ، ثُمَّ احْتَلَمَ ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ ، فَقَالَ : هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ ؟ فَقَالُوا : مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً ، وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ . فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُخْبِرَ بِذَلِكَ ، فَقَالَ : قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ ! أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا ؛ فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ .[3]

* روى الترمذي ٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَشَخَصَ بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ: هَذَا أَوَانُ يُخْتَلَسُ الْعِلْمُ مِنْ النَّاسِ حَتَّى لَا يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ فَقَالَ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ كَيْفَ يُخْتَلَسُ مِنَّا وَقَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ فَوَاللَّهِ لَنَقْرَأَنَّهُ وَلَنُقْرِئَنَّهُ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا فَقَالَ:ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا زِيَادُ إِنْ كُنْتُ لَأَعُدُّكَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ هَذِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَمَاذَا تُغْنِي عَنْهُمْ؟ [4]



الْفَتْوَى بِغَيْرِ عِلْمٍ

وَأَثَرُهَا عَلَى الْمُجْتَمَعِ

راشد بن عبدالرحمن بن رِدْن البـِداح

معلم بمدرسة الإمام محمد بن سعود الثانوية بمحافظة الزلفي

وخطيب جامع ابن عثيمين -رحمه الله تعالى –


--------------------------------------------------------------------------------

( [1] ) أخرجه البخاري كِتَابٌ : الْعِلْمُ . بَابٌ : كَيْفَ يُقْبَضُ الْعِلْمُ ؟ رقم 100ومسلم " كِتَابٌ : الْعِلْمُ بَابٌ : رَفْعُ الْعِلْمِ رقم 2673-4

( 2 ) أخرجه أبو داود في "سننه" كِتَابٌ : الْعِلْمُ . بَابٌ : التَّوَقِّي فِي الْفُتْيَا . رقم 3657وابن ماجه في "سننه" المقدمة بَابٌ : اجْتِنَابُ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ رقم 53 . وقد حسنه أبو داود والألباني .

( [3] ) أخرجه أبو داود في "سننه" كِتَابٌ : الطَّهَارَةُ . بَابٌ : فِي الْمَجْرُوحِ يَتَيَمَّمُ . رقم 336 أخرجه ابن ماجه في "سننه" كِتَابُ الطَّهَارَةِ وَسُنَنِهَا بَابٌ : فِي الْمَجْرُوحِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ رقم 572 . وقد صححه ابن السكن ، وحسنه الألباني . ورواه أحمد وصححه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، وصححه ابن خزيمة والحاكم ، وانتقاه ابن الجارود .

( [4] ) أخرجه الترمذي في "سننه" أَبْوَابٌ : الْعِلْمُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَابٌ : مَا جَاءَ فِي ذَهَابِ الْعِلْمِ رقم 2653

والنسائي في "السنن الكبرى" كِتَابٌ : الْعِلْمُ كَيْفَ يُرْفَعُ الْعِلْمُ رقم 5878

يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع **



أقوال وآثار في التحذير من الفتوى بغير علم

1. عن ابن حصين، قال: « إن أحدهم ليفتي في المسألة لو وردت على عمر لجمع لها أهل بدر » .

2. عن أيوب، قال: « رأيت أعلم الناس بالقضاء والفتوى أشدهم منه فرارا وأشدهم منه فرقا ، وأعماهم عنه أشدهم مسارعة إليه ».

3. قال ابن خلدة : « يا ربيعة إني أرى الناس قد أحاطوا بك، فإذا سألك الرجل عن مسألة فلا تكن همتك أن تخلصه، ولكن لتكن همتك أن تخلص نفسك » .

4. عن زبيد، قال: « سألت إبراهيم عن مسألة، فقال: ما وجدت من بلدك من تسأله غيري » وقال: « ما سألت إبراهيم عن شيء، قط إلا عرفت الكراهية في وجهه » .

5. قال مالك: قال القاسم بن محمد: لأن يعيش الرجل جاهلا خير له من أن يقول على الله ما لا يعلم . فقال مالك: هذا كلام شديد . ثم ذكر في ذلك أبا بكر الصديق رضي الله عنه وما خصه الله عز وجل به من الفضل وما آتاه من العلم، فقال: يقول أبو بكر في ذلك الزمان: لا أدري .

6. عن سفيان بن عيينة قال: كان الشعبي إذا ذكر عنده الملتبس من المسائل بالصعاب قال: زباء ذات وبر[1] ، لا تنقاد ولا تنساق، لو سئل عنها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لأعضلت بهم » .

7. عن عبد الله، قال: « من أفتى الناس في كل ما يستفتونه فهو مجنون » . قال الأعمش: قال لي الحكم: لو سمعت هذا الحديث منك قبل اليوم ما كنت أفتي في كثير مما كنت أفتي .

8. عن ابن عباس، قال: « من أفتى فتوى يعمي فيها فإثمها عليه » [2] .

9. قال الحسن: « دخلنا فاغتممنا وخرجنا فلم نزدد إلا غما: اللهم إليك نشكو هذا الغثاء الذي كنا نحدث عنه، إن أجبناهم لم يفقهوا وإن سكتنا عنهم وكلناهم إلى عي شديد، والله لولا ما أخذ الله على العلماء في علمهم ما أنبأناهم بشيء أبدا » .

10. عن عبيد الله بن عمرو، قال: كنت في مجلس الأعمش فجاءه رجل فسأله عن مسألة فلم يجبه فيها، ونظر فإذا أبو حنيفة فقال: « يا نعمان، قل فيها » قال: القول فيها كذا، قال: « من أين ؟ » قال: من حديث كذا، أنت حدثتناه، قال: فقال الأعمش، « نحن الصيادلة وأنتم الأطباء » .

11. عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: « أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أراه قال: في المسجد فما كان منهم محدث إلا ود أن أخاه كفاه الحديث ولا مفت إلا ود أن أخاه كفاه الفتيا » .

12. عن ابن شبرمة قال: قال ابن مسعود رضي الله عنه لتميم بن حذلم: « يا تميم بن حذلم إن استطعت أن تكون المحدَّث فافعل » .

13. عن شيخ من أهل المدينة يكنى أبا إسحاق قال: « كنت أرى الرجل في ذلك الزمان وإنه ليدخل يسأل عن الشيء فيدفعه الناس من مجلس إلى مجلس حتى يدفع إلى مجلس سعيد بن المسيب كراهية للفتوى، قال : وكانوا يدعون سعيد بن المسيب الجريء » .

14. عن ابن عيينة وسحنون بن سعيد قالا: « أجرأ الناس على الفتيا أقلهم علما، يكون عند الرجل الباب الواحد من العلم يظن أن الحق كله فيه » .

15. قال سحنون: « إني لأحفظ مسائل، منها ما فيه ثمانية أقوال من ثمانية أئمة من العلماء فكيف ينبغي أن أعجل بالجواب حتى أتخير فلم ألام على حبس الجواب » .

16. عن حماد بن زيد: « أنه ذكر رجلا فأثنى عليه فقال: لم يكن يستفتى ولا يفتي » .

17. عن ابن سيرين قال: قال حذيفة: « إنما يفتي الناس أحد ثلاثة من يعلم ما نسخ من القرآن، قالوا: ومن يعلم ما نسخ من القرآن ؟ قال عمر أو أمير لا يجد بدا أو أحمق متكلف » قال: فربما قال ابن سيرين: فلست بواحد من هذين وما أحب أن أكون الثالث.

18. وسئل ابن شهاب عن شيء، فقال: « ما سمعت فيه بشيء وما نزل بنا وما أنا بقائل فيه شيئا » .

19. عن أبي المنهال قال: « سألت زيد بن أرقم، والبراء بن عازب عن الصرف، فجعل كلما سألت أحدهما قال: سل الآخر؛ فإنه خير مني وأعلم مني » وذكر الحديث في الصرف .

20. قال سحنون يوما: إنا لله ما أشقى المفتي والحاكم، ثم قال: ها أناذا يتعلم مني ما تضرب به الرقاب وتوطأ به الفروج وتؤخذ به الحقوق أما كنت عن هذا غنيا .

21. وروي عن أبي عثمان بن الحداد أنه قال: » القاضي أيسر مأثما وأقرب إلى السلامة من الفقيه؛ لأن الفقيه من شأنه إصدار ما يرد عليه من ساعته بما حضره من القول، والقاضي شأنه الأناة والتثبت ومن تأنى وتثبت تهيأ له من الصواب ما لا يتهيأ لصاحب البديهة [3] .

22. وعن الهيثم بن جميل: شَهِدْتُ مالكاً سئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال في اثنتين وثلاثين منها: لا أدري.

23. وعن مالك أيضاً: أنه ربما كان يُسأل عن خمسين مسألة فلا يجيب في واحدة منها، وكان يقول: "من أجاب في مسألة فينبغي قبل الجواب أن يعرض نفسه على الجنة والنار وكيف خلاصه ثم يجيب".

24. وسئل عن مسألة فقال: لا أدري، فقيل: هي مسألة خفيفة سهلة، فغضب وقال: ليس في العلم شيء خفيف.

25. وقال الشافعي: ما رأيتُ أحداً جمع الله تعالى فيه من آلة الفتيا ما جمع في ابن عيينة أسكت منه عن الفتيا.

26. وقال أبو حنيفة: لولا الفَرَقُ من الله تعالى أن يضيع العلم ما أفتيتُ، يكون لهم المهنأ وعلي الوزر [4] .

27. وكان ابن هرمز : فقيه المدينة قليل الفتيا، شديد التحفظ، كثيرا ما يفتي الرجل ثم يبعث من يرده، ثم يخبره بغير ما أفتاه.[5]

28. قال ابن مهدي: محرم على الرجل أن يفتي إلا في شئ سمعه من ثقة .[6]

29. قال أبو عقيل: كنت جالسا عند القاسم بن عبيدالله، ويحيى بن سعيد ، فقال يحيى للقاسم: يا أبا محمد إنه قبيح على مثلك عظيم أن تسأل عن شئ من أمر هذا الدين فلا يوجد عندك منه ..قال: أقبح من ذاك عند من عقل عن الله أن أقول بغير علم أو آخذ عن غير ثقة.[7]

30. قال عبد العزيز بن أبي سلمة : قلت لربيعة في مرضه الذي مات فيه : إنا قد تعلمنا منك ، وربما جاءنا من يستفتينا في الشئ لم نسمع فيه شيئا ، فنرى أن رأينا خير له من رأيه لنفسه فنفتيه ؟ فقال : اقعدوا ، ثم قال : ويحك يا عبد العزيز ! لأن تموت جاهلا خير من أن تقول في شئ بغير علم لا ، لا ، ثلاث مرات.[8]

31. عن أبي هريرة قال: أرسل إلي عمر: ألا تعمل؟ قلت: لا، قال: لم؟ أليس قد عمل يوسف؟ قلت: يوسف نبي بن نبي ، فأخشى من عملكم ثلاثا ، أو اثنتين ، قال: أفلا تقول خمسا؟ قلت : لا، أخاف أن يشتموا عرضي ، ويأخذوا مالي ، ويضربوا ظهري، وأخاف أن أقول بغير حلم ، وأقضي بغير علم. [9]

32. قَالَ مَالِكٌ : لَا يَنْبَغِي لِمَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ أَنْ لَاْ يُفْتِيَ النَّاسَ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ أَهْلًا لِلْفُتْيَا ، فَإِذَا رَآهُ النَّاسُ أَهْلًا لِلْفُتْيَا فَلْيُفْتِ . [10]

33. وقال ابن هرمز: ينبغي للعالم أن يورث جلساءه من بعده " لا أدري " حتى يكون ذلك أصلا في أيديهم يفزعون إليه .

34. وقال الشعبي: " لا أدري " نصف العلم .

35. وقال عبد الرحمن بن مهدي: جاء رجل إلى مالك، فسأله عن شيء فمكث أياما ما يجيبه، فقال: يا أبا عبد الله إني أريد الخروج، فأطرق طويلا ورفع رأسه فقال: ما شاء الله، يا هذا إني أتكلم فيما أحتسب فيه الخير، ولست أحسن مسألتك هذه .

36. وقال ابن وهب: سمعت مالكا يقول: العجلة في الفتوى نوع من الجهل والخرق .

37. قال ابن المنكدر: العالم بين الله وبين خلقه، فلينظر كيف يدخل بينهم .

38. وقال ابن وهب: قال لي مالك وهو ينكر كثرة الجواب في المسائل: يا عبد الله ما علمت فقل، وإياك أن تقلد الناس قلادة سوء .

39. وكان ابن المسيب لا يكاد يفتي إلا قال: اللهم سلمني وسلم مني .

40. وقال ابن عباس لمولاه عكرمة: اذهب فأفت الناس وأنا لك عون، فمن سألك عما يعنيه فأفته، ومن سألك عما لا يعنيه فلا تفته، فإنك تطرح عن نفسك ثلث مؤنة الناس [11] .



وبعدُ ؛ فهذه أربعون قولاً مجتمعة من أقوال الأئمة أهل القرون المفضلة ، ثم المذاهب الأربعة المعظَّمة ؛ من لدن الصحابة الأتقياء ، والتابعين الأولياء . وكلهم أجمعوا أمرهم وأتوا صفاً يَحْذَرون ويُحَذِّرون من الإفتاء بغير العلم ، أو حتى التسرع بالإفتاء ولو بعلم



الْفَتْوَى بِغَيْرِ عِلْمٍ

وَأَثَرُهَا عَلَى الْمُجْتَمَعِ

راشد بن عبدالرحمن بن رِدْن البـِداح

معلم بمدرسة الإمام محمد بن سعود الثانوية بمحافظة الزلفي

وخطيب جامع ابن عثيمين -رحمه الله تعالى –


--------------------------------------------------------------------------------

( [1] ) المقصود أَنها مسأَلةٌ مُشْكِلَةٌ، شبَّهها بالناقة النَّفُور لصُعُوبَتِها

( [2] ) إبطال الحيل لابن بطة الحنبلي ( 71 – 87 ) .

( [3] ) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر ( 1 / 7 – 14 ) و (3 / 423 - 441)

( [4] ) أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح (ص 13-19) .

( [5] ) سير أعلام النبلاء - (ج 6 / ص 379) .

( [6] ) سير أعلام النبلاء - (ج 9 / ص 206)

( [7] ) تهذيب الكمال - (ج 23 / ص 397)

( [8] ) تهذيب التهذيب - (ج 3 / ص 224)

( [9] ) الطبقات الكبرى لابن سعد - (ج 4 / ص 335)

( [10] ) المدونة - (ج 12 / ص 48) .

( [11] ) إعلام الموقعين عن رب العالمين - (ج 2 / ص 284)


مظاهر ونماذج للفتوى بغير علم

لما كان التحذير من الفتوى بغير علم بهذا الحجم ، كان أن يحذره كل عاقل غير مالك لأداته ، وإلا كان أضحوكة للعالمين عبر مر الدهور وتعاقب العصور .

ولأذكر الآن نماذج وأمثلة هي والله مضحكة مبكية معاً ، في سلسلة أقوال شاذة وآراء فجة يمسك المتعالم لها رواية ضعيفة, أو خلافاً شاذاً, أو فهما ممرضا فيبني عليه فتوى مجللة بحلل البيان ونضد الكلام لكنها عرية عن الدليل والبرهان فالله المستعان. وإن من له أدنى ذوق ومسكة من عقله في قلبه ينكرها بفطرته, ولن يجد لها في الشرع موئلا, ولا من أهله قائلاً.وهي تدلنا على البون الشاسع بين العالم الراسخ والمتعالم المدعي بما ليس عنده ؛ وحينها ينطبق عليه قول الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى - حيث يقول : إذا تكلم المرء في غير فنه, أتى بهذه العجائب[1] .

والآن إلى الأمثلة المضحكة المبكية من تخبط المفتين بغير علم :

1. فهذا أحدهم يقول : إننا ننادي بأن الديمقراطية هي الحل، مثلما ينادي أيضا الشيوعيون بأن الشيوعية هي الحل!!!.

2. وأحدهم أوّل قوله عز وجل { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ } بأنها ليست على عمومها، وإنما هي خاصة فيمن جحد بقلبه وأنكر بلسانه أنه حكم الله عز وجل، أما إن عرف بقلبه، أن هذا الحكم حكم الله، وأقر به بلسانه، فإنه لا يكفر، وإن لم يحكم به، بل وإن أتى بما يضاده ويخالفه. وهذه " التأويلات " تجاهل فظ سمج للأدلة الشرعية الصريحة والقطعية من الكتاب والسنة والإجماع، والتي تقضي بنزع الشرعية عن كل سلطة سياسية لا تحتكم إلى الشريعة الإسلامية ولا تحكم بها!!

3. ومازالت السلسلة تتلاحق دون انتهاء. فهذا سرب آثم أفاك أشر يذهب إلى القول أن الله حرم الربا، لأنه كان ظلما واستغلالا، أما وقد صار إسعافا للفقير والمحتاج ورفعا لخلته، فقد انقلب إلى حلال، بل أصبح ضرورة. ومن بينهم قائل متحايل متلاعب بدين الله يقول : إن الربا المحرم هو ما كان الاقتراض فيه للاستهلاك أما إذا كان للاستثمار والتنمية فلا بأس.[2] !!

4. أما في المعاصرة فترى فواقر الرخص وبواقر الشذوذ يجتمع منها الكثر في الشخص الواحد, وأجواء العصر المادي على أهبة الاستعداد باحتضان عالِم الشقاق فتحمل له العلم الخفاق لنشر صيته في الآفاق, فيغتر بذلك أسير الحظ الزائل, وما زاد أن صار بُوقاً ينفخ به العدو الصائل. ومن شواهدها في المتعالم الواحد:الفتيا بالتلقيح الصناعي من ضرة رحم أخرى وفي صور أخرى اكتسبت إجماع أهل العصر على تحريمها حتى من بعض المؤتمرات الكافرة. والقول بجواز إنشاء بنوك حليب الأمهات, استناداً إلى قول شاذ عن أبي ثور ولا يثبت.والقول بجواز التأمين بشتى صوره.والقول في عموم [فِي سَبِيلِ اللهِ] في مصارف الزكاة ــــ لبناء المساجد والمهاجع والمستشفيات... خرقاً للإجماع كما قرره المفسرون.والقول بإباحة الغناء !!!!

5. وهذا مهوِّس يقول صريحاً : أي فتوى من عالم موثوق به توافق أى مذهب من المذاهب الفقهية المعروفة يجوز الأخذ بها، أيا كانت وظيفة العالم، كما يجوز له عدم الأخذ بها لأنها غير ملزمة إلا فى الأحوال التى سبق ذكرها، وذلك فيما عدا ما يصدر من المفتى الرسمى بخصوص مواعيد المناسبات الدينية التى كانت من اختصاص المحكمة العليا الشرعية، فذلك قضاء أو يشبهه، ويمكن الرجوع إلى الفتوى الخاصة بأن اختلافهم رحمة .!!!!!

6. وهذا مفتون يقترح بديلاً إسلامياً للقنوات الهابطة فيقول :إن اشتراك المرأة في التمثيل أمر ضروري لابد منه ؛ لأننا لانستطيع أن نخرج المرأة من الحياة!! ثم يقول : وأي عمل درامي هادف لاتوجد فيه المرأة فهو عمل غير منطقي ودليلنا على ذلك أن القصص القرآني منذ آدم عليه السلام حتى الرسول الخاتم عليه الصلاة والسلام لم يهمل وجود المرأة فيه حيث آدم وحواء ، ونوح وامرأته ...!!!!

إلى آخر هذا الهراء الذي يسمونه زوراً وبهتاناً بـ : الإسلام المستنير الذين انطلقوا منه تحت ضغط الواقع من منطلقات عقلانية تستدبر النص الشرعي والضابط الفقهي .

7. ويذكر أبو الفرج ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - مثالين لهذ التخبط من عصره ؛ فيقول عن أحدهم :جاءته امرأة فقالت: أيها الشيخ ما تقول في بئر سقطت فيه دجاجة فماتت فهل الماء طاهر أو نجس فقال يحيى ويحك كيف سقطت الدجاجة إلى البئر قالت: لم تكن البئر مغطاة فقال يحيى: ألا غطيتها حتى لا يقع فيها شيء قال الأبهري فقلت يا هذه إن كان الماء تغير فهو نجس وإلا فهو طاهر .وقد كان فيهم من يقدم على الفتوى بالخطأ لئلا يرى بعين الجهل فكان فيهم من يصير بما يفتي به ضحكة فسئل بعضهم عن مسألة من الفرائض فكتب في الفتوى تقسم على فرائض الله سبحانه وتعالى

قلت : فانظروا إلى هاتين الفضيحتين فضيحة الجهل وفضيحة الإقدام على الفتوى بمثل هذا التخليط .. وهذا كله من الإخلاص بمعزل وإنما مقصودهم الرساة والمباهاة .[3]

8. وتذكر كتب التاريخ وتفضح وتحفظ لنا سيراً لنفر من أولئك ليبقوا عبرة للمعتبرين ، فهذا مخذول كان عرياً عن الفقه بل كان يفتى بغير علم وربما أفحش في الخطأ بحيث جمع ابن سلامة من فاحش فتاويه جملة لا توافق مذهباً وأوقفني عليها لما كنت بحلب .[4]

9. ومن هذا القبيل الفتوى التي صدرت من الجامع الأزهر ؛ فقد طلع علينا بفتوى جديدة في هذا الصدد مفادها أن الزواج يبطل إذا خلعت المرأة جميع ملابسها أمام الرجل أثناء عملية الجماع، مما أثار بعض المشايخ الآخرين الذي أفتى أحدهم أن أي شيء يقوي العلاقة بين الزوجين مسموح به.!!!

10. ونشر كثير من وسائل الإعلام المحلية والخارجية، فتوى مثيرة للجدل صادرة من مجمع البحوث الإسلامية أعلى جهة فقهية في مصر تابعة للأزهر، حول استثمار الأموال في البنوك : أن هذه المعاملات حلال، شريطة أن يكون البنك وكيلا عن صاحب المال في استثماره في معاملات مشروعة.

وإن العجب لا يكاد ينقضي من هذه الفتاوى المجيرة الجائرة المؤجرة ، فلا نقول إلا كما قال ابن القيم - رحمه الله تعالى - :

والعلم معرفة الهدى بدليله*** ما ذاك والتقليد مستويان

حرما بكم والله لا أنتم مع العلمـ***ـاء تنفادون للبرهان

كلا ولا متعلمون فمن ترى*** تدعون نحسبكم من الثيران

لكنها والله أنفع منـــــكمُ*** للأرض في حرث وفي دوران

نالت بهم خيرا ونالت منكم المعهـ***ـود من بغي ومن عدوان[5]

بناء على جميع ما تقدم فليحذر المسلم أن يخوض مع الخائضين في هذا الأمر الخطير في المجالس الخاصة، والمجتمعات العامة، وفي الصحف والمجلات وغيرها، من غير قدرة شرعية ولا قواعد علمية ولا أدلة قطعية فهذا تصرف يأباه الله ورسوله والمؤمنون، وفاعله مأزور غير مأجور

وبذلك يكون المسلم في مأمن من الإثم والتبعة في الدارين، وتسلم المجتمعات الإسلامية من مظاهر الانحراف التي سببها الجهل والميل إلى الهوى . والله المستعان .




الْفَتْوَى بِغَيْرِ عِلْمٍ

وَأَثَرُهَا عَلَى الْمُجْتَمَعِ

راشد بن عبدالرحمن بن رِدْن البـِداح

معلم بمدرسة الإمام محمد بن سعود الثانوية بمحافظة الزلفي

وخطيب جامع ابن عثيمين -رحمه الله تعالى –


--------------------------------------------------------------------------------

([1] ) فتح الباري لابن حجر - (ج 5 / ص 446)

( [2] ) التأويل ابراهيم بويداين - (ص 9)

( [3] ) تلبيس إبليس - (ج 1 / ص 138)

( [4] ) الضوء اللامع - (ج 5 / ص 230)

( [5] ) القصيدة النونية - (ج 1 / ص 65)


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://7stars.forumarabia.com





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

 التحذير من الفتوى بغير علم** Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحذير من الفتوى بغير علم**    التحذير من الفتوى بغير علم** I_icon_minitimeالجمعة يونيو 24, 2011 7:45 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

[b]بضع مسائل متفرقة داخلة تحت موضوع الفتوى بغير علم


1- لا يَمنع علم العالم من الوقوع في الخطأ ؛ لأنه من سائر البشر ، ولكن خير الخطائين التوابون . وَلَا يَصِيرُ الرَّجُلُ أَهْلًا لِلْفَتْوَى مَا لَمْ يَصِرْ صَوَابُهُ أَكْثَرَ مِنْ خَطَئِهِ ؛ لِأَنَّ الصَّوَابَ مَتَى كَثُرَ فَقَدْ غَلَبَ وَلَا عِبْرَةَ بِالْمَغْلُوبِ .[1]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - : وهذا يعرفه من يتأمل ؛ كمن يفتى في اليوم بمائة فتيا أو مائتين أو ثلاثمائة وأكثر أو أقل ، وأنا قد جربت ذلك . ومن تدبر ذلك رأى أهل النصوص دائما أقدر على الإفتاء وأنفع للمسلمين في ذلك من أهل الرأى المحدث ..ثم إنهم في الفتوى من أقل الناس منفعة قل أن يجيبوا فيها وإن أجابوا فقل أن يجيبوا بجواب شاف . وأما كونهم يجيبون بحجة فهم من أبعد الناس عن ذلك .[2]

2- لا يضمن المفتي بجهل ما تلف بسسب فتواه . قال منصور البهوتي : وَإِنْ بَانَ خَطَؤُهُ أَيْ الْحَاكِمِ فِي إتْلَافٍ كَقَطْعٍ وَقَتْلٍ لِمُخَالَفَةِ دَلِيلٍ قَاطِعٍ أَوْ بَانَ خَطَأُ مُفْتٍ لَيْسَ أَهْلًا لَلْفُتْيَا ضَمِنَا أَيْ الْحَاكِمُ وَالْمُفْتِي لِأَنَّهُ إتْلَافٌ حَصَلَ بِفِعْلِهِمَا أَشْبَهَ مَا لَوْ بَاشَرَاهُ وَعَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْطَأَ فِيمَا لَيْسَ بِقَاطِعٍ مِمَّا يَقْبَلُ الِاجْتِهَادَ لَا ضَمَانَ . [3]

3- ناقل الفتوى ليس بمفتٍ ، ومع ذلك فيجب عليه الضبط والتحري في النقل ، وإلا صار جانيا من ناحيتين : على السائل السامع للفتوى ، وعلى العالم المنسوبة إليه كذباً وتزويراً . وقد سئل العلامة ابن باز - رحمه الله تعالى - :

س : مُدرس يستفتيه طلابه ولديه علم لا بأس به ، ولكنه ليس أهلاً للفتيا فيكون قد سمع من بعض العلماء الثقات جوابًا لمثل السؤال المطروح ، فهل يجوز أن يفتي طلابه بذلك أم لابد من نسبة الكلام إلى صاحب الفتوى ؟

فأجاب : إذا سئل مَن لديه أهلية للفتوى وهو يحفظ فتاوى عن العلماء المعتبرين فلا بأس أن يخبر بها ولا ينسبها لنفسه ، بل يقول سمعت فلانًا أفتى بكذا إذا كان حافظاً ذلك حفظًا لا شك فيه . والله ولي التوفيق .[4]

4- ثمت مسائل يسوغ للعلماء الاختلاف عليها ، وأخرى لا يسوغ الاختلاف عليها ، ولبيان هذا الأمر فلأُحِل البيان إلى العالم الراسخ ابن باز - رحمه الله تعالى - حيث يقول : وإنما يكون الخلاف في المسائل الاجتهادية التي ليس فيها دليل من القرآن أو السنة ويقال عنها " مسائل الاجتهاد " ومن أصاب فيها فله أجران ومن أخطأ فله أجر إذا كان من أهل العلم والبصيرة وممن يستطيع أن يجتهد في استخراج الأحكام بالأدلة الشرعية - أما ما كان واضحا بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة فلا يجوز فيه الخلاف .[5]

5- ينبغي ؛ بل يجب أن تكون كلمة على لسان العامي وطالب العلم والعالم ؛ ألا وهي كلمة : لا أدري ؛ فإن جُنة العالم لا أدرى، ويهتك حجابه الاستنكاف منها . وعليه ؛ فإن كان نصف العلم لا أدرى، فإن نصف الجهل يقال وأظن .[6]

وإنما يأنف من قول لا أدري من ضعفت ديانته، وقلت معرفته، لأنه يخاف من سقوطه من أعين الحاضرين، ولا يخاف من سقوطه من نظر رب العالمين، وهذه جهالة ورقة دين، وربما يشتهر خطؤه بين الناس، فيقع فيما فر منه .[7]

ولما كان المعلم منبرياً لتعليم الطلاب والإجابة عن أسئلتهم _كان لزاماً عليه أن يأخذ نفسه بالأمانة العلمية؛ فإذا سئل عما يعلم أجاب بكل أمانة ووضوح.

وإذا سئل عما لا يعلم توقف عن الإجابة بأن يقول: لا أدري، أو لعلي أراجع المسألة، أو أتأكد منها، أو أسأل عنها، أو نحو ذلك.

وفي مثل هذه الحال يظهر مقدار صلة المعلم بالأمانة العلمية؛ فإن كان راسخاً فيها رسوخ الجبل تشتد به العواصف فلا تزحزحه قيد شعرة _أجاب داعيها، واستيقن أن الاحترام الحق في الوقوف عند حدودها.

وإن كانت الأمانة كلمة يقولها بفمه، ويسمعها بأذنه دون أن تتخلل مسلك الروح منه _آثر لذة الاحترام في ذلك المشهد، وأجاب بما ليس له به علم.

هذا وإن في توقف الإنسان عما لا يعلم، ورجوعِه إلى الحق إذا تبين _فوائد كثيرة منها: أ- أن هذا هو الواجب عليه: قال الله _تعالى_: [وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً].

ب- أن ذلك يفتح له باب العلم: فإذا توقف في المسألة أسرع إليه الجواب، إما مِنْ مُرَاجَعته هو، أو من مراجعة غيره .

جـ _ أن في ذلك رفعةً للقدر: كما أن من عرف منه الإقدامُ على الكلام فيما لا يعلم كان ذلك داعياً للرَّيب في كل ما يتكلم به حتى في الأمور الواضحة.ولأنْ يقال: سُئِل فقال: لا أدري خير من أن يقال: سئل فقال خطلاً، أو روى ما لم يكن واقعاً.

د_ أن في ذلك إرشاداً للمتعلمين، وتربيةً لهم؛ كي يسلكوا هذه الطريقة بلا تحرج.[8]



أسباب الجرأة على الفتوى بغير علم


1- الهوى وهو: المرض العضال الذي تنتهك بسببه كثير من الحماقات ، وما ذاك إلا ضعف في الإخلاص وفساد في الإرادة ولا يسلك هذا السبيل إلا من كان قلبه كالقبر أو البيت الخرب، ولو فعل ما ظاهره القربة إنما هو لزيادة الحصيلة العلمية لمماراة السفهاء ومجادلة العلماء، وللتفوق على الأقران، فبئس النية نية تحول دقة الطريق على الله فيلبس الأمر على صاحبها في طريقه إلى الله حتى يصير المشرق عنده مغرباً والمغرب مشرقاً، قال تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} .

2- العجب والاغترار وهو: أن يُعجب المرء بنفسه، ويغتر بعلمه فيقدم على الفتوى، وإكثار الكلام وإن لم يعلم، ومما يؤسف له أن داء العجب أشد فتكاً بدين الإنسان من الهوى. والمعجب يغتر بنفسه وبراية و يأمن مكر الله وعذابه ويظن أنه عند الله بمكان ولا يسمع نصح ناصح ولا وعظ واعظ ويمنعه عجبه من سؤال أهل العلم فهذا وأمثاله من آفات العجب فلذلك كان من المهالك ومن أعظم آفاته أن يفتر في السعي لظنه أنه قد فاز وأنه قد استغنى وهو الهلاك الصريح.

3- الاستحياء والخوف من التجهيل: فهو يظن أنه لو قال لا أدري، أو لا أعلم أن هذه سبة في حقه وفي شخصه، وأن السائل سيرميه بالجهل وعدم العلم، ويخاف أن يسقط من أعين الحاضرين. وإذا سئل عما لم يعلمه قال: لا أعلم أو لا أدري فمن العلم أن يقول فيما لا يعلم: لا أعلم، أو الله اعلمِ . . وإنما يأنف من قول لا أدري من ضعفت ديانته، وقلت معرفته، لأنه يخاف من سقوطه من أعين الحاضرين، ولا يخاف من سقوطه من نظر رب العالمين، وهذه جهالة ورقة دين، وربما يشتهر خطؤه بين الناس، فيقع فيما فر منه . [1]

4-الجهل ذاته: فلا يجسر على الفتوى ويتجرأ على أعلم إلا الجاهل الذي لم يشم للعلم أدنى رائحة، وذلك أنه إما أن يذكر الدليل على كلامه في المسألة الشرعية من الكتاب أو السنة أو قول السلف من علماء الأمة ويحيل السامع إلى مظانها... فهذا معه أثارة علم، وإما أن يتشدق ويثرثر ولا يحيل على المظان، ولا يستدل ببرهان فيكون هذا عين الجهل والبهتان، وذلك أن المسألة لا تحتمل إلا أمراً من أمرين: إما العلم، وإما الجهل

5- فقد العلماء واندثارهم في هذه الأرض، وهذا مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا لم يبق عالماً، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا

6-تقصير العلماء بالقيام بواجبهم وذلك حال وجودهم؛فإن أهل الجهالة لا يتصدرون إلا حينما يغيب أهل العلم الذين يقومون بأمر الله، فمهمتهم في هذه الأرض إن يدلوا الناس إلى الخير ويحذروهم من الشر، ويقودوا هذه الأمة إلى بر الأمان على مر الأزمان .

7- سؤال الناس من هبَّ ودبَّ ، بحجة أنه واعظ أو خطيب أو داعية مشهور ، والحقيقة أن :

الدعوة شيء والفتوى شيء آخر، ويحق لك ان تكون واعظا، متحدثا خطيبا، وداعية، لكن لا يحق لك ان تكون مفتيا إلا إذا انطبقت عليك شروط الإفتاء...[2] ثم يغتر هذا المسكين المفتي إذا لقب بـ : شيخ فقيه!! فيَضِلُّ ويُضِلُّ !! . قال ابن بطة - رحمه الله تعالى - : فإني رأيت هذا الاسم قد كثر المتسمون به من عامة الناس وكافتهم، وما ذاك إلا لأن البصائر قد عشيت، والأفهام قد صدأت وأبهمت عن معنى الفقه ما هو ؟ .[3]

1- الخلل في منهج التلقي : وله أسباب منها :

أ- أخذ العلم عن غير أهله: وقد ظهرت في العالم الإسلامي دعوات كبرى، ينضوي تحت لوائها الفئآم من الناس خاصة الشباب، وقادتها ورؤساؤها جهلة في بديهيات الدين، فيفتون بغير علم، ويَضِلون ويُضِلون، وسبب ذلك أنهم وجدوا أتباعاً لهم يأخذون عنهم دون تروي، ودون تثبت ودون منهج صحيح سليم .

ب- استقلالية بعض المتعلمين وبعض الدعاة، وبعض الأحداث عن العلماء، فيكتفون بأخذ العلم عن الكتاب والشريط والمجلة والوسيلة ويعزفون عن التلقي عن العلماء، وهذا هو منهج خطير، بل هو بذرة خطيرة للإفتراق .[4]

ج- تتلمذ الأحداث: أي: صغار السن على بعضهم، أو على طلاب العلم الذين هم دون من هم أعلم منهم، بمعنى التتلمذ الكامل وترك المشايخ الكبار والانقطاع عنهم، ولا يعني ذلك أنه لايجوز أخذ العلم عن أي طالب علم، بل من أجاد أي علم من العلوم الشرعية وكان صالحاً أخذ عنه، لكن لايعني الاستغناء به عمن هو أعلم منه، أو الانقطاع إليه، وترك المشايخ الكبار، وهذا هو مكمن الانحراف، أي أن يستغني بعض الشباب في أخذ علمه وقدوته ودعوته وسلوكه وهديه ببعض طلاب العلم عن العلماء الذين هم أجل وأكبر وأعلم، وهذا مسلك خطير، بل أخطر منه أن يكون الصغار بعضهم شيوخاً لبعض في العلم .

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « قد علمت متى صلاح الناس ومتى فسادهم إذا جاء الفقه من قبل الصغير استعصى عليه الكبير وإذا جاء الفقه من قبل الكبير تابعه الصغير فاهتديا . وقال عبد الله بن مسعود قال: « لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أكابرهم، فإذا جاءهم العلم من قبل أصاغرهم فذلك حين هلكوا » قال أبو عمر: قال بعض أهل العلم: إن الصغير المذكور في حديث عمر وما كان مثله من الأحاديث إنما يراد به الذي يستفتى ولا علم عنده وأن الكبير هو العالم في أي سن كان وقالوا: الجاهل صغير وإن كان شيخا، والعالم كبير وإن كان حدثا..والله أعلم أي الأمور أراد عمر رضي الله عنه .[5]

9- التقصير في فهم فقه الخلاف : والمقصود هنا بفقه الخلاف معرفة أحكام الخلاف بين المسلمين، وماذا يترتب على وقوع الخلاف ؟ وما يجوز الخلاف فيه وما لايجوز ؟، وإذا خالف المخالف متى يُعذر ومتى لايُعذر ؟ وماذا نطلق عليه ؟ ومتى نطلق عليه الكفر أو الفسوق ؟ وهل إطلاق الحكم على المخالف أو الموقف منه متروك لكل أحد ؟ ، وتفصيل ذلك أمر يجهله كثير من الناس .

10- التسرع في إطلاق الأحكام إذ بمجرد أن يسمع أحدهم قضية أو حادثة أو خبراً أو مقولة ما، يحكم على صاحبها غيابياً، أو يحكم قبل أن يتثبت، أو يحكم باللوازم، كأن يقول: إذا كان فلان قد قال كذا فهو كافر بدون نقاش . ومثل قولهم: من لم يُكفّر فلاناً فهو كافر وربما لم يتبين له كفر فلان، ومثل قولهم: فلان رأى بدعة فلم ينكرها، أو تنتشر بين قومه فلم يغيرها، إذاً فهو مبتدع ، وهكذا ....، فنزعة إطلاق الأحكام، والالزامات في الأقوال والإكثار من التكفير بما يخرج عن سمت العلماء وحكمهم ورأيهم.

بل يصل الأمر إلى الحكم على القلوب وإساءة الظن والتوقف في مجهول الحال والمستور، والبراء على المسائل الخلافية .

11- الجفوة بين العلماء والشباب : مما أوقع بعض الشباب في التصدر والإفتاء بغير علم في الأحكام والتصرفات الجائرة والخاطئة التي لا تليق تجاه علمائهم، وتجاه حكامهم، وكذلك هناك حاجز نفسي كبير بين النخبة من الشباب ، تجعل كلا منهم يسيء الظن بالآخر، ولا يفهم حقيقة ما عليه الآخر إلا عبر وسائط غير أمينة غالبا، ومن هنا يفقد الحوار الذي هو أساس التفاهم والإصلاح .

12- التقليد المذهبي المقيت والتعصب المميت : قال ابن عقيل الحنبلي - رحمه الله تعالى - عن هذه الآفة : وجدنا السلف الصالح كلهم , الذين هم أرجح ممن ينتمي إليه أرباب المذاهب اليوم, وجدناهم على أصل وفرع . فالأصل أنهم لم يسلكوا مسلك تقليد بعضهم لبعض . ولا أنكروا بأجمعهم مخالفة الأدنى للأعلى في مسائل الفقه والفرائض . وما أنكر أحد نفس الخلاف . وإنما فزعوا الى الأدلة . ولا أحد منهم نظر في مسائل الاجتهاد الى السابقة , ولا الشجاعة , ولا البلاء في الجهاد , ولا الإيفاء في نصرة الإسلام , بالخلاف نظرهم الى ذلك في الخلافة . فأما مسائل الاجتهاد , فانقطعت ألْسنة التفضيل , والتفتوا الى نفس الدليل . هذه نبذة مثال في الفروع . [6]



أضرار وأخطار الجرأة على الفتوى بغير علم


1- الوقوع في شبهات ومتاهات من الابتداع والتبديع والإكفار والتكفير :

وإن من الضلال المبين، والغش للمسلمين، والتدليس على شبَبَتِهم جَلْبُ أقوال الفرق الضالة، وكسائها بلِحَاء الشريعة، ونسبتها إلى مذهب أهل السنة والجماعة نتيجة لردود الأفعال، وجدل المخاصمات ، وهكذا من رد الباطل بمثله، والضلالة بأخرى وهذه جادة الأخسرين أعمالا، وقد فضح الله المنافقين بها، وهتك أستارهم فيها في مواضع من كتابه، منها في صدر سورة البقرة؛ إذ قالوا لتأييد إفسادهم: [إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ] فكذبهم الله بقوله [أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ المُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ] .

والتكفير حكم شرعي لا مدخل للرأي المجرد فيه , لأنه من المسائل الشرعية لا العقلية , لذا صار القول فيه من خالص - حق الله تعالى - لا حَقَّ فيه لأحد من عباده، فالكافر من كفره الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم لا غير . ولهذا نبه علماء التفسير، والوجوه والنظائر في كتاب الله - تعالى- وشراح الحديث والمؤلفون في: "لغته" وفي الأسماء المشتركة، والمتواطئة، أن لفظ "الكفر" جاء في نصوص الوحيين، على وجوه عدة: "الكفر الناقل عن الملة" و"كفر دون كفر" و"كفر النعمة" و"التبرؤ" و"الجحود" و"التغطية" على أصل معناه اللغوي .

إن بعض فرق الخوارج إنما حملهم على الخروج حبهم للعدل وكرههم للظلم وكانوا عبادا زهادا، فضلوا بالتأويل الفاسد وإن كانوا على قصد حسن ومثلهم بعض المعاصرين الذين ضلوا بالتأويل الفاسد ظانين أنهم إنما يدافعون عن الإسلام، ويقدموه بصورة حسنة مقبولة كما فعلوا في الدفاع عن حرية الرأي والاعتقاد .[1]

2- التزوير على العلماء ببتر نصوصهم من سياقاتها، وعدم النظر إليها في ضوء فقههم الكلي.

3- - التطرف والتعصب لآرائهم دون وجه حق، ودون دليل شرعي مسوغ مع كثرة شكايتهم من تطرف خصومهم وتشددهم المزعوم.

4- الغرور بالنفس والإعجاب بالرأي .

5- سوء الظن والمسارعة إلى اتهام الآخرين بغير بينة .

6- الحرص على الزعامة أو الصدارة أو المنصب .

7- اتباع الهوى وحب الدنيا .

8- قلة العلم في صفوف كثير من المتصدرين .

9- عدم التثبت في نقل الأخبار وسماعها .

10- الاستهانة بالعلماء المتأهلين بالفتوى ، وإسقاطهم ؛ بل واتهامهم بالجهل ، لا سيما المتقدمين منهم . قال الذهبي - رحمه الله تعالى - : وكم من رجل مشهور بالفقه والرأي في الزمن القديم أفضل في الحديث من المتأخرين ! وكم من رجل من متكلمي القدماء أعرف بالأثر من سنية زماننا!! فلا تعتقد أن مذهبك أفضل المذاهب وأحبها إلى الله تعالى فإنك لا دليل لك على ذلك ولا لمخالفك أيضا بل الأئمة رضي الله عنهم على خير كثير ولهم في صوابهم أجران على كل مسألة وفي خطئهم أجر على كل مسألة . وإن كانت همتك كهمة إخوانك من الفقهاء البطالين الذين قصدهم المناصب والمدارس والدنيا والرفاهية والثياب الفاخرة فماذا بركة العلم ولا هذه نية خالصة بل ذا بيع للعلم! بحسن عبارة وتعجل للأجر وتحمل للوزر وغفلة عن الله .[2]

11 – قرب قيام الساعة ؛ لأن جرأة الفساق على العلم من علاماتها الصغرى:

عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم : «إن أمام الدجال سنين خَدَّاعة يُكَذَّبُ فيها الصادق، ويُصَدَّقُ فيها الكاذب، ويُخَوَّن فيها الأمين، ويؤتمن فيها الخائن، ويتكلم فيها الرُّوَيْبِضة. قيل: وما الروبيضة؟ قال: الفُوَيْسق يتكلم في أمر العامة».[3] والرُّوَيْبِضة هو الفاسق، وفي رواية التافه الذي يتكلم في أمور الدين وهو جاهل لأيسر قضاياه، وأمثال هؤلاء كثيرون في زمننا، بل وفي كل الأزمنة التي مرت بالمسلمين، ولكنهم سيظهرون بكثرة في زمننا لغياب العلماء، وابتعادهم عن واجبهم ومسؤوليتهم، وترك الحبل على الغارب لمن لا يحسن الكلام؛ فكيف بالفتوى وإصدار الأحكام؟

12- كثرة المعارف والعلوم في مقابل قلة العمل:

وقدروي عن زياد بن لبيد قال: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً ، فقال: ذاك عند ذهاب العلم قلت: يا رسول الله! وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن ونقرئه أبناءنا، ويقرئه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة؟ قال: ثكلتك أمك، زياد! إن كنت لأراك من أفقه رجل بالمدينة، أوَ ليس هذه اليهود والنصارى يقرؤون التوراة والإنجيل، لا يعملون بشيء مما فيهما؟»

- وعن أبي هريرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عليه، ورَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقَرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ؛ فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ بَهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ...» [4]

13- المروق من ربقة الدين والانتكاس – نسأل الله الثبات إلى الممات - : ولذا قال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - وسئل عن الرجل يفتي بغير علم قال: يروى عن أبي موسى قال: يمرق من دينه. يكون عند الرجل سنة عن نبيه صلى الله عليه وسلم ويفتي بغيرها وشدد في ذلك. [5]


وقفة مع التفجيرات والتكفيرات


وهي وقفة جديرة بالوقوف ؛ بل الجلوس والتأني لحسمها وحزمها وزمِّها بزمام العلم والعقل . وإنما دعاني إلى إفرادها : بسسب أنها بيت القصيد ؛ فإن سبب تلكك القلاقل والتفجيرات والتكفيرات إنما هو وجود مفتين بغير علم ، وقد وجدوا من يستفتيهم ، ولا يصدر إلا عن رأيهم العفن والمليئ بالضغينة على المسلمين المتربص لهم الدوائر ، حتى حدا ذلك بالمفتين منهم والمستفتين إلى تجويز وتسويغ قتل المعاهدين والمستأمنين من الكفار الذين يعيشون بين المسلمين وقد أعطاهم ولي أمر المسلمين العهد والأمان ؛ بل جوزوا قتل المسلمين !! بحجة أوهى من بيت العنكبوت ؛ ألا وهي : أنه إذا لم يمكن قتل الكافر إلا بقتل المسلم فيسوغ – بزعمهم – ذلك . ويتبع ذلك طوام ليس هذا مجال سردها ، كاستباحة أموال المسلمين ، لأجل تسيير عجلة ما يسمونه جهاداً ، وهو – والله جدير أن يسمى إفساداً .

إنها قضية جديرة بالاعتناء ، أما صرف بعض الدعاة النظرعن هذه المسألة، واهتمامهم بغيرها مما هو فرع منها فهو بمثابة علاج الشجة والجروح في رأس مقطوع .[1]

لقد نشأت ناشئة فاسدة ونبتت شجرة خبيثة – قطع الله دابرها - من جراء تلكم الويلات ؛ إنهم : الخوارج أنّهم غلاة متفيقهون ضالّون في التصوّر والاعتقاد والسلوك، مع التشديد والأخذ بأحاديث الوعيد دون النظر في أحاديث التبشير والوعد، ولذلك استحقّوا التسمية النبويّة أنّهم: كلاب أهل النار، يقتلون أهل الإسلام ، ويذرون أهل الشرك والأوثان . وسلوكهم الذي -ولله الحمد والمنّة- كان سبب زوالهم ودمارهم ولم يبقَ منهم إلاّ أخبارهم السوداء التي سوّدوا فيها تاريخ هذه الأمة العظيمة .[2]

ولما صار لهم بعض النفوذ عبر جهات مشبوهة ، كالإنترنت ، وبعض المندسِّين الذين خانوا دينهم ومجتمعهم ، فظلموا أنفسهم : كان أن حدث منهم أحداث مشينة ؛ كاستهداف رجال الأمن والمعاهدين في بلادنا ، والتفجير في دوائر حكومية ووحدات سكنية . ما جرها من تكفير بحجة الولاء والبراء – زعموا - !!

فمسألة الأحداث التي حدثت والتي تحدث وأمثالها فهي من شؤون أهل الحل والعقد هم الذين يتباحثون فيها ويتشاورون فيها، ومن شأن العلماء أن يبينوا حكمها الشرعي، وأما عامة الناس والعوام وأما الطلبة المبتدؤن ليس هذا من شؤونهم قال الله عز وجل { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً } فالواجب إمساك اللسان في القول في مثل هذه المسائل لا سيما في التكفير والولاء والبراء .والإنسان في الغالب جاهل بتطبيقه قد يطبقه خطأ ويحكم على الناس بالضلال والكفر ويرجع حكمه عليه؛ لأن الإنسان إذا قال لأخيه: يا كافر، يا فاسق، وهو ليس كذلك رجع ذلك عليه - عياذا بالله -

و المتورط بهذه الأفعال والمسوغ لها والمفتي فيها يجب أن يؤخذ على يده، وأن يعزر تعزيراً بليغاً من قبل القضاة بما يحجزه عن ذلك، ولما فات التعزير الشرعي في مثل هذه المسائل كثر القول، وكثر الخوض فيها وقد كان القضاة فيما مضى يعزرون في قول المسلم لأخيه: يا كلب ! أو يا كذا ! بما فيه انتقاص له! فكيف إذا كان فيه رمي بمثل هذا الرمي العظيم الذي لا يجوز لمسلم يخشى الله أن يتفوه به، فضلاً على أنه يعتقده .

قال الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله تعالى -: إن وجود المثقفين والخطباء المتحمسين لا يعوض الأمة عن علمائها، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه في آخر الزمان يكثر القراء ويقل الفقهاء"وهؤلاء قراء وليسوا فقهاء، فإطلاق لفظ العلماء على هؤلاءإطلاق في غير محله والعبرة بالحقائق لا بالألقاب، فكثير من يجيد الكلام ويستميل العوام وهو غير فقيه . والذي يكشف هؤلاء أنه عندما تحصل نازلة يحتاج إلى معرفة الحكم الشرعي فيها فإن الخطباء والمتحمسين تتقاصر أفهامهم .[3]

فالواجب نحو هذه النازلة النازية والداهية الدهياء :

1- كشف مواطن الإشكال واللبس والغموض في القضايا الحساسة، وإعلان الوجهة الشرعية فيها، وتأصيل ما لم يتم تأصيله شرعا .. فتحرر جميع المسائل المشكلة شرعا، وتربط بأصولها وقواعدها وأدلتها وفتاوى العلماء .

2- أهمية استقراء شبهات الغلاة ودعاويهم وتلبيساتهم أو الأمور الملتبسة عليهم، وتتبع مقالاتهم ومؤلفاتهم وسائر مزاعمهم والتعرف على رؤوسهم ومرجعياتهم، ثم الرد عليهم بالحجة والدليل والبرهان الشرعي والعقلي ، والحوار الجاد مع المنظِّرين والمتبوعين منهم . وأغلب أفراد الغلاة من المتدينين ذوي العاطفة والغيرة والحماس، لكنهم ينقصهم عمق الفقه، والحكمة والصبر والتجارب، واستهوتهم التيارات والأهواء، وأرى حيالهم:

أ - الحوار المباشر ما أمكن من قبل العلماء والدعاة والدولة، ولو في السجون.

ب- توجيه رسائل وبحوث علمية مؤصلة وأطروحات تطرح بكل الوسائل المتاحة ولا سيما مواقع الإنترنت ، وتكون من متخصصين جديرين، وتعالج القضايا الكبرى ، بأسلوب ميسر .[4]

وقد نفعت – بحمد الله - الجهود المشكورة المبرورة من لجنة المناصحة ، والتي كونتها وزارة الدخلية مشكورة ، بتوجيه من صاحب السمو الملكي ، الأمير نايف بن عبد العزيز – حفظه الله - حيث تراجع واقتنع عدد من المقبوض عليهم لتورطهم في أحداث الإرهاب ، فعاد عدد منهم إلى رشدهم وتابوا .

وهذا الإجراء قديم جديد ؛ لابد أن يوليه العلماء ولاية خاصة ، وقدوتهم الصحابي الجليل ابن عباس - رضي الله عنهما - . ولنأخذ مثالاً يحتذى للعالم الذي يحل مثل هذ النازلة التي سببها جهل الجاهلين ؛ فهذا موقف للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ لما عُين قاضيًا في الأحساء ، حيث وجد فيها رجلين قد اعتزلا الجمعة والجماعة وكفرا من بتلك البلاد من المسلمين بحجج واهية وشبهات باطلة، فأحضرهما وكشف شبهاتهما وأدحض ضلالتهما ورد على زعمهم أن هذا هو معتقد الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب، وبيّن لهم أن الشيخ المجدد لا يكفر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله بعد قيام الحجة وبلوغها المعتبر .[5]

ج- بيان أن من أهم وأخطر أسباب الغلو هو الجهل حيث يوقع في الخطأ في الفهم؛ ويدفع إلى بناء تصورات غير صحيحة، وعليها تنبني تصرفات منحرفة توقع فظائع الأمور .

د- التأكيد على أهم قضية في منهجية تلقي العلم ، فليس المراد بطلب العلم هو أن يجمع منه شيئًا لا يفهمه ولا يدركه، بل القضية هي الفقه والفهم قبل الحفظ .

ومن الأمثلة التي تكشف هذه الحقيقة: من يعمد إلى مجمع سكني أو تجاري، أو دائرة حكومية، أو شركة خاصة، فينسفه بالمتفجرات، ويقتل من بداخله، بحجة أن فيه كفارًا، أو يُعمل فيه شئ من المنكرات، وكمن يعمد إلى محل لبيع الأغاني الماجنة، أو الأفلام الخالعة، فيحرقه أو يفجره، وهو يعلم أن وراءه سلطة تحرسه، وقانونًا يحميه، فينشأ عن ذلك من المفاسد والمناكر أضعاف أضعاف المنكر الذي قام بتغييره .

فهذا الأمر مزلة أقدام، ومضلة أفهام، ولا يحسنه ويوفق فيه إلا العلماء العاملون، والعقلاء المجربون، الذين فقهوا الشريعة وعرفوا مقاصدها، وسبروا غور الواقع، وفكروا في عواقب الأمور، فجمعوا في ذلك بين العلم بالشرع، والعلم بالواقع، ومعرفة مآلات الأمور وما تصير إليه .[6]

2- وقفة مع الفتاوى في الإنترنت والفضائيات .

نحن – المسلمين - لا نحارب وسائل الاتصال الحديثة، ولكننا نتصدى للاستخدامات الخاطئة والضارة لها؛ فالتكنولوجيا سلاح ذو حدين، ووسائل الاتصال الحديثة هي بالفعل نتاج رائع لثورة الاتصالات والمعلومات، والمضار الناجمة عنها إنما ترجع لسوء الاستخدام من قبل أشخاص يجيدون استغلال كافة الوسائل التي تمكنهم من الوصول مآربهم السيئة ، ومنها التصدر للإفتاء عبر مواقع الشبكات العنكبوتية ، وعبر الشاشات الفضائية.

أما عن الفتاوى التي ترسل للمسلمين عبر هواتفهم المحمولة ، وبريدهم الإلكتروني من قبل أشخاص مجهولين الهوية، ومن مواقع لا يُعرَف انتماؤها أو أصحابها ؛ فهو أمر لا يقل خطورة عن ذَيْنِ ؛ فهو أمر غاية في الخطورة ، إنه إفساد للمجتمع، لأنها تثير نوعا من البلبلة والجدل ، بحيث صار الكلام بالشرع كلأ لكل من هبَّ ودبَّ مباحا ، وحمى مستباحاً – ولا حول ولا قوة إلا بالله - .

لقد صار لكل قناة تلفزيونية مفت وكل محطة إذاعية مفت وكل صحيفة أو مجلة مفتٍ، بل ان الجرائد والمجلات التي تنشر الفسق يوجد فيها من يفتي وهذا يبين ان الامر جد خطير ولابد ان يتدارك الناس هذا الامر حتى لا نفاجأ بقوم يتهاونون ويتجرؤون أكثر فيحلون الحرام ويحرمون الحلال .

ومن المؤسف حقا أن القنوات الفضائية أدت دوراً بارزاً في إبراز شخصيات الإفراط والتفريط وتلميعها وحدثاء الأسنان والمتفيقهين ورؤوسا جهالا على حساب العلماء الأفذاذ وللأسف أصبح لهم قبول، والحال تكرر في الشبكات العنكبوتية وأصبح لهم تأثير بالغ على عقول الشباب وبرز شعار -ضعها برأس عالم واطلع منها سالم !!

والخطورة ليست في قلة العلماء بل في تقدم “الرؤوس الجهال” للفتوى، وفي استقطاب بعض الفضائيات لهذه الرؤوس. وفي تضارب الفتاوى فى القنوات الفضائية وعلى شبكة المعلومات الدولية الانترنت أصبح يثير البلبلة والشكوك لدى عامة الناس الذين أصبحوا ضحية لهذا الطوفان المنهمر من فتاوى وآراء غير المتخصصين الذين يفتون فى الدين بغير علم ، فنجد فنانة أو ممثلة أو مطربة أو غير ذلك تستضيفهم الفضائيات بالساعات فى برامج على الهواء مباشرة ليردوا على مشكلات الناس وأسئلتهم الاجتماعية والدينية ، ولا يتحرج الواحد منهم أن يفتى بغير علم ويوجه نصائحه الدينية لهؤلاء المخدوعين!!

بالإضافة إلى هؤلاء هناك بعض الفضائيات تستضيف بعض محبى الظهور من غير العلماء أو المتخصصين وتصر على توجيه الأسئلة الدينية إليهم بزعم أنهم علماء .. ويخفى عليهم وهو أنه ليس كل أستاذ فى جامعة متخصصا في العلوم الشرعية والفقهية

ولأن التجارب العملية أثبتت استحالة السيطرة على محتوى الانترنت ، لكن الموقع الجيد هو الذى يكون من خلفه رجال ثقات ،وعلماء فقهاء فى الإسلام يورث المصداقية لدى الجمهور ، ويجعل المستخدم يأخذ مادة علمية موثقة لا خلاف عليها .

ولو تحرينا الأمانة العلمية لما حدثت مثل هذه المهاترات . فالواجب على الإعلاميين جميعا أن يحدوا من الظاهرة وذلك من خلال عدم دعوة أى إنسان يدعى العلم فى برامج دينية وخاصة الفضائيات ،وكذلك اختيار من يكتب على صفحات الجرائد ويفتى الناس .

وإنك إذا تأملت كثيرا ممن تعرضهم شاشات القنوات الفضائية أو مواقع الشبكات العنكبوتية الإنترنت وجدتهم – والله المستعان- :

- إما من علماء السوء الذين لهم حظ من العلم لكن لا حظ لهم من الورع والدين والخوف من الله، فهم مفتون مفتونون غرتهم الدنيا، فنبذوا العلم وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فشابهوا اليهود الذين بدلوا دين الله وكذبوا على الله وهم يعلمون، فزينوا للظالم ظلمه ولم يقوموا بما أوجب الله عليهم من قول الحق أو الكف عن قول الباطل فاغتر بهم العامة والخاصة، واختلت بسببهم معالم الشريعة وانحرفت بسببهم أفهام الناس، فهؤلاء وإن اغتر بهم بعض العامة وتزيوا بزيّ العلماء ولبسوا عمائمهم إلا أنهم ممقوتون عند الله متوعدون بالعذاب الأليم إن لم يتداركهم الله برحمته.
وصنف آخر من هؤلاء المفتين المفتونين هم بعض صغار طلاب العلم ممن أوتوا شبراً أو شبرين من العلم ولم يؤتوا إيماناً فتاهوا وأعجبتهم أنفسهم بسبب تقدير العامة لهم، فأعطوا لأنفسهم الحق في الفتيا، وتجرؤوا عليها شيئاً فشيئاً حتى أصبحت شهوة للنفس لا يستطيعون الفكاك عنها، والسبب في زيغانهم أنهم تعلموا العلم قبل الإيمان.

وصنف آخر من هؤلاء الذين تجرؤوا على مقام الفتوى هم المنافقون العلمانيون الذين لا يرون للإسلام ولا لشريعة رب العالمين حقاً في أن تحكم الناس في جميع شؤون حياتهم، ثم هم مع ذلك حين يكون الحق موافقاً للهوى، يأتيك الواحد منهم مذعناً متبجحاً فيفتي الناس بفتوى توافق ما في نفسه ثم يشنع، بل ويرد على العلماء المخالفين، وحين لا يجد ما يوافق هواه ينقلب على عقبيه ويسخر بشرائع الدين وأخلاقياته، فهم كما قال ربنا _سبحانه_ عنهم وهو أعلم بهم: "وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" .

وهذا الصنف من المنافقين لم يكتف بنقل فتاوى بعض أهل العلم التي توافق هواه بل تجرأ هو بنفسه على الخوض في كلام الله وكلام رسوله فيرد هذا الحديث ويحرف تلك الآية حتى خرج لنا بعضهم بفقه عجيب يستبيح به موالاة اليهود والنصارى ومحبتهم والخنوع لهم كما يستبيح للمرأة المسلمة خلع حجابها وأن تتبرج بزينتها وتخالط من تشاء، بل وتخلو بمن تشاء.

-وصنف آخر من هؤلاء المفتين المفتونين شباب دفعهم الحماس والحمية لدين الله على أن تجاوزوا مقام العلماء الربانيين، بل وتنقصوهم ورموهم بالتهم وأطلقوا ألسنتهم بالتكفير والتفسيق، بل واستباحة الدماء دونما تنبه لخطورة ما يقومون به، ثم إن أحدهم حينما تُعرض عليه بعض مسائل الطهارة والصلاة يتوقف عن الفتيا فيها تورعاً، فأي ورع هذا الذي يكفه عن القول في مسائل الطهارة بينما لا يكفه عن الخوض في مسائل الكفر والدماء. إن الحماس والحمية للدين والغيرة على المحارم والجهاد في سبيل الله ليس مسوغاً لكل أحد أن يتجاوز مقام الفتيا، فيقول على الله بغير علم.

فإلى ورثة الأنبياء، أهل العلم الغيورين على دينهم من التحريف والتبديل :عليهم أن يتصدوا لموجة التحريف والتأصيل لمفاهيم الغرب التي يحمل لواءها كتاب ومفكرون وصحافيون وغيرهم، وأن يقولوا فيها قولا فصلا لا يخافون في الله لومة لائم، فتلك وظيفتهم الأولى ولهم في علمائنا السابقين سلف صالح حين تصدوا لمقولات الضلالة.

و إلى طلاب الدراسات العليا أن يركزوا دراساتهم ورسائلهم ويصبوا جهودهم في هذا الجانب الهام في الذود عن الدين والمنافحة عن الشريعة والكشف عن زيف الدعاوى المناوئة لها. داخل في باب الترجيح والتخصيص، وهو ليس بمقدور كل فقيه. فضلا عن أن يكون سهلا ومتاحا لكتاب وصحفيين ومحامين وأطباء ومهندسين ممن يتصدون لتأويل النصوص المحكمة والأحكام المبرمة في هذا الزمان. فيامن تجلس مجلساً أو تلقي درساً أو تكتب مقالة في صحيفة أو شبكة اتق الله فإن لم تعلم فاسكت فهو أسلم .

ويا مَفتونون فمُفتون بجهلكم : انتهوا خيراً لكم ، وإلا فيا ويلكم يوم تبلى السرائر ، وحينها يعلم كل متشبِّع بما لم يُعْطَ إلى أي انحطاط هو صائر !! . قَالَ مَالِكٌ : لَا يَنْبَغِي لِمَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ أَنْ يُفْتِيَ النَّاسَ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ أَهْلًا لِلْفُتْيَا ، فَإِذَا رَآهُ النَّاسُ أَهْلًا لِلْفُتْيَا فَلْيُفْتِ [7] .



الْفَتْوَى بِغَيْرِ عِلْمٍ

وَأَثَرُهَا عَلَى الْمُجْتَمَعِ
بواسطة:-
راشد بن عبدالرحمن بن رِدْن البـِداح

معلم بمدرسة الإمام محمد بن سعود الثانوية بمحافظة الزلفي

وخطيب جامع ابن عثيمين -رحمه الله تعالى –



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التحذير من الفتوى بغير علم**
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  حكم الفتوى بغير علم**
» عنوان الفتوى: شرح حديث الثلاث وسبعين فرقة
» التحذير من أكل الحرام
» التحذير من الربا وخطره
» التحذير من الحرص على المال والشرف في الدنيا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سيفن ستارز :: المنتدى الاسلامى :: الفقه الاسلامى-
انتقل الى: