النجاة من هم وهول وحزن يوم القيامة**

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

النجاة من هم وحزن يوم القيامة**

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

فقد أجمعت جميع الشرائع السماوية على وجود يوم آخر يبعث الله الناس فيه للحساب والثواب والعقاب ، وأجمع على ذلك العقلاء والمفكرون والحكماء ، ولهذا اليوم مخاوف وكروب عظيمة لا يطيقها بشر ، ولهذا أمر الله ـ تعالى ـ عباده أن يتقوه تجنبا لأهوال اليوم الآخر زلزلته العظيمة ، وقال {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ(1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ(2)}. [الحج].

إنه يوم خوف وحزن وفزع يغشى كل من في السماوات ومن في الأرض {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} [النمل87].

إنه من خوفه وحزنه {... يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً} [الإنسان7]. إنه من رهبته وكربته {... يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً}. [المزمل17]. إنه من هوله وغمه {... يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور37]... ولا نجاة من خوف ذلك اليوم وحزنه إلا لمن تغمد الله من عباده برحمة منه وفضل وادخله جنته التي لا خوف فيها ولا حزن ؛ من عباده الذين يناديهم :

{يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ(68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ(69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ(70) يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(71) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ(73)}. [الزخرف].

اعلموا ـ عباد الله ـ أنه لا تتحقق النجاة من هم وحزن اليوم الآخر إلا لمن اتصف بصفتي الإيمان والتقوى ، والإيمان والتقوى أبرز صفات أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ؛لا في الدنيا ولا في ذلك اليوم الرهيب {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ(62) الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ(63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(64)}. [يونس].

أما الإيمان فيتحقق بالإيمان بآيات الله ـ تعالى ـ {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ(68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ(69)}. [الزخرف]. ويتحقق ـ أيضا ـ بالأعمال الصالحة التي هي أصلا شعب للإيمان وأثر له ، ولذلك قرن العمل الصالح بالإيمان كثيرا في كلام الله تعالى ، وبيّن ـ تعالى ـ نجاة من آمن وعمل صالحا من الخوف والحزن فقال {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}.[البقرة62].

ولابد لهذا العمل الصالح من إحسان وإتقان حتى يكون سببا لنجاة من خوف وحزن الآخرة ؛ يؤدي العبد العمل الصالح وكأنه يرى الله فإن لم يكن يراه فليعلم أن الله يراه قال تعالى {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة112].

والمقصود بالإسلام لله ـ تعالى ـ إحسان طاعة أوامره ، سرا وعلانية وفي كل جوانب حياتنا وذلك أحسن الدين عند الله ـ تعالى ـ {وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً}. [النساء125]. وشعب العمل الصالح ـ أيها المؤمنون ـ التي ينجي الله بها العباد من اخوف وحزن الدنيا والآخرة كثيرة ، على رأسها وفي مقدمتها إتباع هدي الله ـ تعالى ـ {قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}. [البقرة38].

ولنحذر من الإعراض عن إتباع هدى فإنه سبب ضنك حياة الدنيا وعمى الآخرة وفزع عذابها وحزنه {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى(123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً(125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى(126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى(127)}. [طه].

ومن هذه الأعمال التي ينجي الله بها عباده من خوف وجزن الدنيا والآخرة الاستقامة على هدي الله وأمره {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}. [الأحقاف13] ، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}. [فصلت30].

ومن هذه الأعمال ـ أيضا ـ الإصلاح {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}. [الأنعام48]. وقد ذكر الفعل (أصلح) ولم يذكر المفعول به مما يدل على عموم الإصلاح ، إصلاح النفس ، إصلاح الأسر والبيوت ، إصلاح المجتمع ، إصلاح الدول ، وإصلاح الأمم والشعوب... ، إصلاح المعتقد ، إصلاح العبادة والعمل ، وإصلاح الأخلاق والسلوك ، والإصلاح السياسي والإصلاح الاقتصادي والإصلاح الاجتماعي والإصلاح الإداري ، وكل ميادين الحياة... ومن هذه الأعمال ـ أيضا ـ إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}. [البقرة277].

وهما ـ الصلاة والزكاة ـ واجبان ومن أهم أركان الإسلام... ومن هذه الأعمال التي ينجي الله بها العباد من خوف وحزن الدنيا والآخرة حسن الإنفاق في سبيل الله ، ويتحقق حسن الإنفاق باستمراره وإن قل ، وبالسر حين يشيع الخير وبالعلن حين يكثر الشح لإحياء سنة الإنفاق ، أو حين يكون المنفق قدوة لغيره ليقتدي الناس به {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}. [البقرة274] ، {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}. [البقرة271].

ويتحقق بعدم إتباع النفقة منا ولا أذى {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}. [البقرة262]. وهذا الإنفاق غير الزكاة التي فرضت على من ملك نصابا وحال عليه الحول ، إنها نفقة أخرى ينفقها في سبيل الله الغني والفقير كل بحسب سعته وقدرته وطاقته {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً}. [الطلاق7].

ومن الأعمال التي بها النجاة من خوف وحزن اليوم الآخر الشهادة في سبيل الله{وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ{169} فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{170} يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ{171)}. [آل عمران].

وليس المقصود الموت ذاته وإنما المقصود الجهاد في سبيل الله ، والجهاد في سبيل الله ليس مقصودا ذاته وإنما هو وسيلة لتحقيق غاية تبليغ دين الله ـ تعالى ـ. ومن هذه الأعمال ـ أيضا ـ التآخي في الله والحب في الله ؛ فعن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلاَ شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى». قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ.؟ قَالَ : «هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلاَ أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ لاَ يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلاَ يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ». وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ {أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}. [سنن أبى داود (3 / 311) رقم 3529]. فالحب في الله من صفات أولياء الله كما أنه أوثق روابط الإيمان كما جاء عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله عز وجل". [صحيح وضعيف الجامع الصغير (10 / 251) رقم 4304 وقال : صحيح].

افآمنوا بالله ـ عباد الله ـ واتبعوا هداه واستقيموا عليه وأصلحوا شأنكم كله به وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وانفقوا في سبيل الله بإحسان وجاهدوا فيه حق جهاده وتآخوا وتحابوا فيه ينجيكم الله من خوف وجزن الآخرة ويتولاكم في الدنيا وينصركم فتفلحون {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ(78)}. [الحج]. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونعني الله وإياكم بالآيات والذكر الحكيم واستغفروا الله لي ولكم ولسائر المسلمين...

الخطبة الثانية : وبعد /

وأما تقوى الله ـ يا عباد الله ـ ؛ فهي وصية الله للأولين والآخرين {... وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ...}. [النساء131]. وهي خير ما يتزود به أولو الألباب {.. وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}. [البقرة197].

أمر بها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كل الأحوال ، وأرشد من غلبت عليه نفسه فأساء أن يتقي الله ويمحو سيئته بحسنة ؛ فعن أبي ذر قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن". [سنن الترمذي (4 / 355) رقم 1987 وقال : هذا حديث حسن صحيح. وقال الألباني : حسن].

وقد جعل الله ولايته ومحبته ومعيته لمن اتقاه في الدنيا وفي الآخرة ؛ فقال : {... وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ}. [الجاثية19]. وقال : {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}. [آل عمران76]. وقال : {... وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}. [البقرة194]. والمتقون هم وفد الله ـ تعالى ـ يوم القيامة {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً}. [مريم85].

فاتقوا الله وأصلحوا ؛ يؤمنكم ، فقد أمّن المتقين من خوف وحزن الآخرة فقال : {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}. [الأعراف35] وقال : {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}. [الزمر61].

واتقوا الله يكرمكم بنعيم الجنة وأمنها الذي لا خوف معه ولا حزن {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ(51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ(52) يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ(53) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ(54) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ(55)}. [الدخان].

وصلوا وسلموا على سيد الأتقياء وإمام الأنبياء القائل الله في شأنه : {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}. [الأحزاب56].

اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصيبات الدنيا ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا...

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

» خايفيين من يوم القيامة ولايعترفون به ..ملاجيء يوم القيامة !!!!!!!!!!!!!
» المعاصى ذنوب وشرور كيف النجاة وكيف التحصين؟
» خطب منبرية (خطبة المسجد الحرام - 1 رجب 1432 - الإعتصام بالكتاب والسنة سبيل النجاة )**
» الظلم ظلمات يوم القيامة.
» لو تركها لدارت إلى يوم القيامة .