منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
المذاهب الحديثة فى كتابة تاريخ السيرة النبوية.** >

منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
المذاهب الحديثة فى كتابة تاريخ السيرة النبوية.** >

منتديات سيفن ستارز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
ارجو من الساده الاعضاء القدامى تعديل بيانتهم الشخصية
ياجماعة انصحكم بالدخول على المنتدى بالمتصفع العملاق Mozilla Firefox
مشاركتك بالموضوعات تعنى أنك قرأت قانون المنتدى ، وأنك تتحمل المسئولية الأدبية والقانونية عن نشر هذا الموضوع او الردود
تتقدم منتديات سيفن ستارز بأحر التهانى القلبية للأخت رونى المحامية المشرفة على المنتدى القانونى وذلك بمناسبة الزواج السعيد نسأل الله لها التوفيق فى حياتها وألف مليون مبروك لها ولزوجها الأستاذ /حسين إبراهيم حسين وعقبال البكارى وحياة سعيدة ملؤها التراحم والمحبة والقرب من الله
على السادة الأعضاء الإلتزام بالأقسام النوعية للمنتدى عند تقديم مساهماتهم حيث يكون كل موضوع داخل القسم الخاص به حتى يعطى الشكل المطلوب مع سهولة الوصول إليه لكل متصفح .فالموضوعات الخاصة بالمرأة داخل منتدى المرأة .والموضوعات التى تتحدث عن الإسلام توضع فى المنتدى الإسلامى   ...وهكذا ..ونشكر لكم حسن العمل .كما نشكركم على الأداء الممتاز داخل المنتديات..كما نحذر من الخوض أو التطرق لما يمس الغير أو التهجم أو إذدراء الأديان أو الخوض فى موضوعات سياسيه..المنتديات  أصلاً ..منشأة لتبنى وجهة النظر الأجتماعيه والإسلاميه لأهل السنة والجماعة دون التقليل من الغير بل الإحترام المتبادل..وللجميع ودون تميز بجنس أو نوع أو دين أو لون وشكراً لكم جميعاً...
إدارة المنتديات...سيفن ستارز.

 

 المذاهب الحديثة فى كتابة تاريخ السيرة النبوية.**

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

المذاهب الحديثة فى كتابة تاريخ السيرة النبوية.** Empty
مُساهمةموضوع: المذاهب الحديثة فى كتابة تاريخ السيرة النبوية.**   المذاهب الحديثة فى كتابة تاريخ السيرة النبوية.** I_icon_minitimeالخميس سبتمبر 01, 2011 9:24 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

السيرة النبوية على ضوء المذاهب الحديثة فى كتابة التاريخ


فى القرن التاسع عشر ظهرت طرائق كثيرة فى كتابة التاريخ وتدوينه ’ الى جانب الطريقة الموضوعية أو ما يسمونه بالمذهب العلمى ’ وقد تلاقى معظم هذه المذاهب فيما أطلق عليه اسم المذهب الذاتى . ويعد ( فرويد ) من أكبر الدعاة اليه و المتحمسين له .

ولا يرى أقطاب هذا المذهب من ضير فى أن يقحم المؤرخ نزعته الذاتية أو إتجاهه الفكرى أو الدينى أو السياسى ’ فى تفسير الأحداث وتعليلها و الحكم على أبطالها ... بل أنهم يرون أن هذا واجب المؤرخ ’ لا مجرد وصف الأخبار وتجميع الوقائع العارية . وهذه الطريقة تجعل كتابة التاريخ وتدوينه عملا فنيا مجردا ’ ولا تسمح بعدّه نهوضا بعمل علمى دقيق .
ونحن وإن كنا لسنا بصدد الحديث عن المذاهب التاريخية ونقدها ’ ةفإن علينا ألاّ نخفى أسفنا من أن يجد هذا المذهب - فى عصر العلم والإعتزاز به وبمنهجه - دعاة إليه ومؤمنين به . ذلك لأن هذا المذهب كفيل أن يمزق جميع الحقائق و الأحداث التى يحتضنها الزمن فى هيكله القدسى القديم الماثل أمام الأجيال ’ بفعل سجات من أخيلة التوسم وشهوة الذات و عصبية النفس والهوى . وكم من حقيقة مسخت ’ وأحداث نكّست ’ وأمجاد دثرت ’ وبرآء ظلموا تحت سلطان هذه المحكمة الوهمية الجائرة . فهل كان لهذا المذهب الجديد من تأثير على كتابة السيرة النبوية وطريقة تحليلها ؟
و الحقيقة أن هذه المذهب الجديد فى كتابة التاريخ قد أصبح أساسا لمدرسة جديدة فى دراسة السيرة النبوية وفهمها عند طائفة من الباحثين . فكيف نشأت هذه المدرسة ؟ .... وما هى عوامل نشأتها ؟ ....وما مصيرها اليوم ؟ ...
تعود نشأة هذه المدرسة الى أيام الإحتلال البريطانى لمصر ’ لقد كانت مصر آنذاك منبر العالم الإسلامى ’ يعنو إليه بتفكيره وعقله كلما أراد أن يعلم عن الإسلام علما ’ كما يعنو الى كعبة الله بوجهه كلما أراد حجا أو صلاة . وكان فى إستمرار هذا الصوت العظيم من جانب ’ وفى إستمرار إنصات العالم الإسلامى اليه من جانب آخر ’ ما لا يدع للإحتلال البريطانى فرصة هدوء أو إستقرار . ومهما أخضعت بريطانيا لنفسها الوادى كله تحت سلطان من قوة الحديد و النار . وإنه خضوع موقوت لا يطمإن اليه ’ ما بقيت للأزهر هذه القيادة الحية .

لذا فقد كان لابد للإحيلال البريطانى من الإقدام على أحد علاجين لا ثالث لهما :
أولهما : أن يقطع ما بين الأزهر و الأمة ’ بحيث لا يبقى له عليه سلطان .
ثانيهما : أن يتم التسلل الى مركز العمليات القيادية فى الأزهر ذاته ’ فتوجه قيادته الوجهة التى ترضى مصالح الإحتلال وتهىء له أسباب الطمأنينة و الإستقرار .
ولم تتردد بريطانيا فى إختيار العلاج الثانى ’ نظراً الى أنه أقرب منالا وأبعد عن الملاحظة و الإنتباه .
وكان السبيل الوحيد الى هذا التسلل نحو القيادة العلمية و الفكرية داخل الأزهر ’ الإعتماد على نقطة ضعف أليمة كانت تعانى منها مشاعر الأمة الإسلامية عامة ’ بما فيها مصر وغيرها . وهى إحساس المسلمين بما إنتابهم من الضيعة والتخلف و الشتات ’ الى جانب ملاحظتهم للنهضة العجيبة التى نهضها الغرب فى شتى المجالات الفكرية و العلمية و الحضارية ‍ لقد كان المسلمون يتطلعون ولا ريب الى اليوم الذى يتحررون فيه من الأثقال التى خلفتهم الى الوراء ’ ليشتركوا مع الآخرين فى رحلة الحضارة و المدنية و العلم الحديث .
من هذا السبيل تسلل الهمس ’ بل الكيد الإستعمارى الى صدور بعض قادة الفكر فى مصر ’ ولقد كان مؤدى هذا الهمس أن الغرب لم يتحرر من أغلاله ’ إلا يوم أخضع الدين لمقاييس العلم ..... فالدين شىء و العلم شىء آخر ’ ولا يتم التوفيق بينهما إلا بإخضاع الأول للثانى .
وإذا كان العالم الإسلامى حريصا حقا على مثل هذا التحرر فلا مناص له من أن يسلك الطريق ذاته ’ وأن يفهم الإسلام هنا ’ كما فهم الغرب النصرانية هناك . ولا يتحقق ذلك إلا بتخليص الفكر الإسلامى من سائر الغيبيات التى لاتفهم ولا تخضع لمقاييس العلم الحديث .

وسرعان ما خضع لهذا الهمس ’ أولئك إنبهرت أبصارهم بمظاهر النهضة الأوروبية الحديثة ’ ممن لم تترسخ حقائق الإيمان بالله تعالى فى قلوبهم ولا تجلت حقائق العلم الحديث و ضوابطه فى عقولهم . فتنادو فيما بينهم الى التحرر من كل عقيدة غيبية لم تصل إليها إكتشافات العلم الحديث ’ ولم تدخل تحت سلطان التجربة و المشاهدة الإنسانية .
فكان أن قاموا بما أسمى فيما بعد بالإصلاح الدينى . واقتضى منهم ذلك أمورا عديدة ’ منها تطوير كتابة السيرة النبوية وفهمها ’ واعتماد منهج جديد فى تحليلها ’ يتفق مع ما استهدفوه من الإعراض عن كل ما يدخل فى نطاق الغيبيات و الخوارق التى لا يقف العلم الحديث منها موقف فهم أو قبول . ولقد كان لهم فى الطريقة الذاتية فى كتابة التاريخ خير ملجأ يعينهم على تحقيق ما قصدوا إليه . وبدأت تظهر كتب وكتابات فى السيرة النبوية ’ تستبدل بميزان الرواية و السند وقواعد التحديث وشروطه ’ طريقة الإستنتاج الشخصى ’ وميزان الرضى النفسى ’ ومنهج التوسم الذى لا يضبطه شىء إلا دوافع الرغبة ’ وكوامن الأغراض و المذاهب التى يضمرها المؤلف .
واعتمادا على هذه الطريقة أخذ يستبعد هؤلاء الكاتبون كل ما قد يخالف المألوف ’ مما يدخل فى باب المعجزات و الخوارق من سيرته صلى الله عليه وسلم . وراحوا يروجون له صفة العبقرية و العظمة و البطولة وما شاكلها ’ شغلا للقارىء بها عن صفات قد تجره الى غير المألوف من النبوة و الوحى و الرسالة ونحنوها مما يشكل المقومات الأولى لشخصية النبى صلى الله عليه وسلم .
ويعد كتاب محمد حسين هيكل ( حياة محمد ) أبرز نموذج لهذا الإتجاه فى كتابة السيرة النبوية . ويعبر مؤلفه عن إتجاهه هذا بصراحة وفخر عندما يقول ( إننى لم آخذ بما سجلته كتب السيرة و الحديث ’ لأننى فضلت أن أجرى فى هذا البحث على الطريقة العلمية ) !

ومن نماذج هذه الطريقة الحديثة فى كتابة السيرة وفهمها . تلك المقالات المتتابعة التى نشرها المرحوم محمد فريد وجدى فى مجلة نور الإسلام تحت عنوان ( السيرة المحمدية تحت ضوء العلم و الفلسفة ) و التى يقول فى بعض منها ( وقد لاحظ قراؤنا أننا حرصنا كل الحرص فيما نكتبه فى هذه السيرة ’ على الاّ نسرف فى كل ناحية من نواحى الإعجاز ’ ما دام يمكن تعليلها بالأسباب العادية حتى ولو بشىء من التكلف ) .
ومن نماذج هذه الطريقة أيضا تلك الكتابات الكثيرة التى ظهرت لطائفة من المستشرقين عن حياة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ’ فى نطاق أعمالهم وكتاباتهم التاريخية التى قامت على المنهج الذاتى الذى ألمحنا إليه آنفا .
إنك لترا هم يمجدون شخص محمد صلى الله عليه وسلم ’ وينوهون بعظمته وصفاته الحميدة بعيدا عن كل ما قد ينبه القارىء الى شىء من معانى النبوة أو الوحى فى حياته ’ وبعيدا عن الإهتمام بالأسانيد و الروايات التى قد يضطرهم الأخذ بها الى اليقين بأحداث ووقائع ليس من صالحهم إعتمادها أو الإهتمام بها . وهكذا وجد أبطال هذه المدرسة الجديدة ’ فى إتباع المذهب الذاتى فى كتابة التاريخ ’ الميدان الفسيح الذى يمكنهم من نبذ كل ما لا يعجبهم من حقائق السيرة النبوية مهما جاءت مدعومة بدلائل العلم اليقين ’ متخذين من ميولهم النفسية ’ ورغباتهم الشخصية و أهدافهم البعيدة ’ حاكما مطلقا على حقائق التاريخ وتحليل ما وراءه من العوامل ’ وحكما مطلقا لقبول ما ينبغى قبوله ورفض ما يجب رفضه . لقد رأينا- مثلا - أن كل خارقة مما قد جاء به متواتر السنة ’ وربما صريح القرآن ’ تؤول ولو بتكلف وتمحل ’ بما يعيدها الى الوفاق المألوف ’ وبما يجعلها تنسجم مع الغرض المطلوب .
فطير الأبابيل ’ يؤول - على الرغم من أنف الآية الصريحة الواضحة - بداء الجدرى .
و الإسراء الذى جاء به صريح القرآن ’ يحمل على سياحة الروح وعالم الرؤى .

و الملائكة الذين أمد الله بهم المسلمين فى غزوة بدر يؤولون بالدعم المعنوى الذى أكرمهم الله به !
وآخر المضحكات العجيبة التى جاءت على هذا الطريق ’ تفسير النبوة فى حياة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم و إيمان الصحابة به وعموم الفتح الإسلامى ’ بأن جميعه لم تكن إلا ثورة يسار ضد يمين ’ أثارتها النوازع الإقتصادية إنتجاعا للرزق وطلبا للتوسع ’ وألهبتها ردود الفعل لدى الفقراء ضد الأغنياء و أصحاب الإقطاع ..... !
وبعد فقد كانت هذه الطريقة فى دراسة السيرة النبوية خصوصا ’ و التارخ الإسلامى عموما مكيدة خطيرة عشيت عن رؤيتها أعين البسطاء من بعض المسلمين وصادقت هوى وقبول حسناً عند طائفة أخرى من المنافقين و أصحاب الأهواء .
لقد غاب عن أعين أولئك البسطاء ’ أن ذلك الهمس الإستعمارى الذى يدعو المسلمين الى ما أسموه بثورة الإصلاح فى شئون العقيدة الإسلامية ’ إنما تستهدف فى الحقيقة نسف هذه العقيدة من جذورها .
وغاب عنهم أن تفريغ الإسلام من حقائقه الغيبية ’ إنما يعنى حشوه بمنجزات ناسفة تحيله أثرا بعد عين . ذلك لأن الوحى الإلهى - وهو ينبوع الإسلام ومصدره - يعدّ قمة الخوارق و الحقائق الغيبية كلها . ولا ريب أن الذى يسرع الى رفض ما قد جاء فى السيرة النبوية من خوارق العادات ’ بحجة إختلافها عن مقتضى سنن الطبيعة و مدارك العلم الحديث ’ يكون أسرع لرفض الوحى الإلهى كله بما يتبعه و يتضمنه من إخباراته عن النشور و الحساب و الجنة و النار بالحجة الطبيعية ذاتها .
كما غاب عنهم أن الدين الصالح فى ذاته لا يحتاج فى عصر ما الى مصلح يتدارك شأنه ’ أو إصلاح يغير من جوهره

غاب عن هؤلاء الناس هذا كله ’ مع أن إدراكهم له كان من أبسط مقتضيات العلم ’ لو كانوا يتمتعون بحقيقته وينسجمون مع منطقيته . ولكن أعينهم غشيت فى غمرة إنبهارها بالنهضة الأوروبية الحديثة وما قد حف بها من شعارات العلم و ألفاظه ’ فلم تبصر من حقائق المنطق و العلم إلا عناوينها وشعاراتها ’ وقد كانوا بأمس الحاجة الى فهم كامل لما وراء تلك العناوين والى هضم صحيح لمضمون تلك الشعارات . فلم يعد يستأثر بتفكيرهم إلا خيال نهضة ( إصلاحية ) تطور العقيدة الإسلامية هنا كما تطورت العقيدة النصرانية هناك .
وهكذا ’ فقد كان عماد هذه المدرسة الحديثة التى أشرنا اليها بإيجاز هياجا فى النفس ’ أكثر من أن يكون حقيقة علمية مدروسة إستحوذت على العقل .
مصير هذه المدرسة اليوم :
و الحقيقة أن الإهتمام بهذه المدرسة فى كتابة السيرة وفهمها ’ والحماسة التى ظهرت يوما ما لدى البعض فى الأخذ بها - إنما كان منعطفا تاريخيا ومرّ ... وعذر اولئك الذين كتب عليهم أن يمروا بذلك المنعطف أو يمر هو بهم ’ أنهم كانوا - كما قلنا - يفتحون أعينهم ‘ذ ذاك على خبر النهضة العلمية فى أوروبا ’ بعد طول غفلة و إغماض . وإنه لأمر طبيعى أن تنبهر العين عند أول لقياها مع الضياء ’ فلا تتبين حقائق الأشياء ’ ولا تتميز الأشباه عن بعضها . حتى إذا مر الوقت ’ واستراحت العين الى الضياء أخذت الأشياء تتمايز وبدت الحقائق جلية لا لبس فيها ولا غموض .
وهذا ما قد تم فعلا ’ فقد إنجابت الغاشية ’ وصفت أسباب الرؤية السليمة أمام الأبصار ... أبصار الجيل الواعى المثقف اليوم . فانطلق يتعامل مع حقيقة العلم و جوهره ’ بعد أولئك الذين أخذوا بألفاظه وانخدعوا بشعاراته . ثم عادوا وقد أيقنوا ببصيرة الباحث العليم المفكر الحر ’ بأن شيئا مما يسمى بالخوارق و المعجزات لايمكن أن تتنافى فى جوهرها مع حقائق العلم وموازينه .

وذلك لأن الخوارق سميت كذلك لخرقها لما هو مألوف أمام الناس ’ وما كان للإلف أو العادة أن يكون مقياسا علميا لما هو ممكن وغير ممكن . هيهات أن يقضى العلم يوما ما بأن كل ما استأنست إليه عين الإنسان مما هو مألوف ممكن الوقوع ’ وأن كل ما استوحشت منه عين الإنسان مما هو غير مألوف له غير ممكن الوقوع .
ولقد علم كل باحث ومثقف اليوم بأن أحداث ما إنتهت إليه مدارك العلماء فى هذا الصدد ’ هو أن العلاقة التى نراها بين الأسباب و مسبباتها ’ ليست إلا علاقة إقتران مطرد ’ إكتسبت تحليلا ثم تعليلا ’ ثم إستنبط منها القانون الذى هو تابع لظهور تلك العلاقة وليس العكس .
فإن رحت تسأل القانون العلمى عن رايه فى خارقة أو معجزة الهية ’ قال لك بلسان الحال الذى يفقهه كل عالم بل كل متبصر بثقافة العصر : ليست الخوارق و المعجزات من موضوعات بحثى واختصاصى ’ فلا حكم لى عليها بشىء . ولكن إذا وقعت خارقة من ذلك أمامى فإنها تصبح فى تلك الحال موضوعا جاهزا للنظر و التحليل ’ ثم الشرح و التعليل ’ ثم تغطى تلك الخارقة بقانونها التابع لها .
وقد إنقرض الزمن الذى كان بعض العلماء يظنون فيه أن أثر الأسباب الطبيعية فى مسبباتها أثر حتمى يستعصى على التخلف و التغيير . وانتصر الحق الذى طالما نبه إليه ودافع عنه علماء المسلمين عامة و الإمام الغزالى خاصة ’ من أن علاقات الأسباب بمسبباتها ليست أكثر من رابطة إقتران مجردة ’ وما العلم فى أحكامه و قونينه إلا جدار ينهض فوق اساس هذا الإقتران وحده . أما سر هذا الإقتران فهو عند ذلك الإله العظيم الذى أعطى كل شىء خلقه ثم هدى .
ولقد رأينا العالم التجريبى ( دافيد هيوم ) كيف يجلى هذه الحقيقة بأنصع بيان صارم .

نعم لابد أن يشترط كل ‘نسان عاقل يحترم العقل و الحقيقة ’ لقبوله أى خبر ’ سواء تضمن أمرا خارقا أو مألوفا ’ شرطا واحدا ’ ألا وهو أن يصل ذلك الخبر اليه عن طريق علمى سليم ينعض على قواعد الرواية و الإسناد ومقتضيات الجرح و التعديل ’ بحيث يورث الجزم و اليقين ’ وتفصيل القول فى هذه الموازين العلمية العظيمة يستلزم كلاما طويل الذيل لسنا بصدد شىء منه الآن .
إن رجل العلم اليوم ’ ليأخذ منه العجب كل مأخذ ’ عندما يقف أمام هذا الذى يقوله حسين هيكل فى مقدمة كتابه ( حياة محمد ) ( وإننى لم آخذ بما سجلته كتب السيرة و الحديث ’ لأننى فضلت أن أجرى فى هذا البحث على الطريقة العلمية ) !
أى أنه يطمئنك الى أنه لم يأخذ حتى بما قد ثبت فى صحيحى البخارى ومسلم ’ حفظا لكرامة العلم ..! إذاً فإن ما يرويه الإمام البخارى ضمن قيود رائعة عجيبة من الحيطة العلمية النادرة فى رواية الكلمة و الخبر ’ إنحراف عن جادة العلم .... على حين تكون طريقة الإستنتاج و الحدس و التخمين وما يسمونه بمنهج التوسم ’ حفظا لكرامته والتزاما لميزانه و جادّته ...!
أليس هذا من أفجع الكوارس النازلة برأس العلم .
وأخيرا كيف ندرس السيرة النبوية على ضوء ما قد ذكرناه :

من المعلوم أن محمدا صلى الله عليه وسلم ’ عندما ظهر فى الجزيرة العربية ’ قدّم نفسه الى العالم على أنه نبى مرسل من قبل الله عز وجل الى الناس كافة ’ ليؤكد لهم الحقيقة التى بعث بها الأنبياء الذين خلوا من قبل ’ ولتحملهم المسئولية التى حمّلها الأنبياء السابقون أقوامهم ’ موضحا أنه آخر نبى مرسل فى سلسلة الرسل الذين تعاقبوا مع الزمن ’ ثم زاد نفسه تعريفا لهم فأوضح أنه ليس إلاّ بشرا من الناس يسرى عليه جميع سمات البشرية و أحكامها ’ ولكن أن إئتمنه - بواسطة الوحى - على تبليغ الناس رسالة تعرفهم بهوياتهم الحقيقية ’ وتنبههم الى موقع هذه الحياة الدنيا من خارطة المملكة الإلهية زمانا و مكانا ’ وإلى مصيرهم الذى سيلقونه حتما بعد الموت ’ كما تلفت أنظارهم الى ضرورة إنسجامهم فى سلوكهم الإختيارى مع هوياتهم التى لا مفر منها ’ أى أن عليهم أن يكونوا عبيدا لله بتعيينهم وسلوكهم الإختيارى ’ كما تحققت فيهم هذه العبودية بالواقع الإضطرارى . ثم أكد لهم بكل مناسبة أنه لا يملك أن يزيد أو ينقص أو يبدل شيئا من مضمون هذه الرسالة التى حمّله الله مسؤولية إبلاغها الى الناس جميعا ’ بل أكد البيان الإلهى ذاته هذه الحقيقة قائلا :
( ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فمامنكم من أحد أحد عنه حاجزين ) .
وإذا فإن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يقدم نفسه للعالم زعيما سياسيا ’ أو قائدا وطنيا ’ أو رجل فكرة ومذهب ’ أو مصلحا إجتماعيا .... بل لم يتخذ لنفسه ’ خلال حياته كلها أى سلوك قد يوحى بأنه يسعى سعيا ذاتيا الى شىء من ذلك
وإذا كان الأمر هكذا ’ فإن الذى يفرضه المنطق علينا أن ندرس حياة رجل هذا شأنه ’ أن ندرس حياته العامة من خلال الهوية التى قدم نفسه الى العالم عل أساسها ’ لنستجلى فيها دلائل الصدق أو عدمه على ما يقول ...!

وهذا يلزمنا بلا ريب ’ أن ندرس جميع النواحى الشخصية و الإنسانية فى حياته ’ ولكن على أن نجعل من ذلك كله قبسا هاديا يكشف لنا ببرهان علمى وموضوعى عن حقيقة هذه الهوية التى قدم نفسه الى العالم على أساسها ’ نعم ربما كان مقبولا أن نزعم بأننا لسنا مضطرين أن نشغل أفكارنا وعقولنا بهذا الذى أراد محمد صلى الله عليه وسلم أن يشغل الناس به من معانى النبوة و الرسالة فى شخصه ’ لو أن الأمر لم يكن متعلقا بمصيرنا ’ ولم يكن له من شأن تجربتنا و سلوكنا .
أما وأن القضية متعلقة بذواتنا وتكشف - إن صح الأمر - عن واجبات فى المعرفة و السلوك إن لم نسع الى تحقيقها ’ وقعنا من ذلك فى مغبة شقاء عظيم و هلاك وبيل - إذاً فالمسألة أخطر من أن نتصور أنها لا تعنينا ’ أو أن نمر عليها معرضين عابثين !
من العبث البين عندئذ أن نعرض عن دراسة هذه الهوية التى عرّف محمد صلى الله عليه وسلم العالم على نفسه من خلالها ’ ثم نتشاغل بالتأمل فى جوانب أخرى من شخصه لا صلة لها بنا ’ وليس لها بتلك الهوية أى تعلق أو مساس .
أجل وأى عبث أعبث من أن يقف أمامنا هذا الرجل : محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ’ ليكشف لنا عن ذاته ’ ثم ليقو ل لنا محذرا بملء يقينه و مشاعره : والله لتموتن كما تنامون ولتبعثنّ كما تستيقظون ’ ووالله إنها لجنة أبدا ’ أو نار أبدا - ثم لا يهمنا من شخصه وكلامه هذا إلا التأمل فى عبقريته أو فصاحته وحكمته ! .
أليس هذا كما لو أقبل إليك إنسان و أنت على مفترق طرق ’ يعّرفك منها على السبيل الموصل الهادى ويحذرك من المتاهات المهلكة ’ فلم تلتفت من كل ما يقوله لك إلا إلى مظهره ولون ثيابه و طريقة حديثه ’ ثم رحت تجعل من ذلك موضع درس وتحليل تستغرق فيه ؟ ! ..

إن المنطق يقضى أن تدرس حياة محمد صلى الله عليه وسلم من شتى جوانبها : نشأته و أخلاقه ’ وحياته الشخصية و البيتية ’ وصبره وكفاحه ’ وسلمه وحربه ’ وتعامله مع أصدقائه و أعدائه ’ وموقفه من الدنيا و أهوائها وزخرفها . دراسة موضوعية تتوخى الصدق و الدقة بناء على المنهج العلمى الذى يقضى باتباع قواعد الرواية و الإسناد وشروط الصحة فيها - أقول إن المنطق يقضى بأن ندرس ذلك كله ’ ولكن على أن تتخذ منه سلّما للوصول الى نهاية من البحث و الدرس تتأكد فيها من نبوته ’ ونتبين فيها حقيقة الوحى فى حياته ’ حتى إذا تجلى لنا ذلك بعد البحث الموضوعى المتجرد عن أى هوى أو عصبية ’ أدركنا أنه صلى الله عليه وسلم لم يخترع لنا من عنده شرعة و أحكاما ’ وإنما كان أمينا على إبلاغها إيانا ’ قضاءاً مبرما من لدن رب العالمين ’ وعندئذ نتنبه الى أعظم مسؤولياتنا تجاه هذه الشرائع و الأحكام رعاية وتنفيذا .

ثم إن كل من ألزم نفسه من دراسة السيرة النبوية بالجوانب الإنسانية المجردة وراح يخللها بعيدا عن الهوية التى قدم النبى صلى الله عليه وسلم نفسه للناس على أساسها ’ لابد أن يحبس نفسه ضمن ألغاز مغلقة لاسبيل الى الخروج منها بأى تحليل . لابد مثلا أن يقف ذاهلا حائرا أما لغز الفتح الإسلامى الذى قضى بأن يكون لطائفة من السيوف القديمة التى طالما أكل بعضها بعضا سلطان سحرى فى القضاء على حصن الحضارة الفارسية و جبروت البأس الرومانى . ولابد مثلا أن يقف حائرا كل الحيرة أمام لغز القانون الذى تكامل فى الجزيرة العربية قبل أن ينمو فيها نبت أى ثقافة ’ وقبل أن يمتد إليها رواق أى حضارة أو مدنية ! تشريع متكامل توجت به الجزيرة العربية ’ وهى لا تزال فى مرحلة المهد من سعيها الى المعرفة و الثقافة و الحياة الإجتماعية المعقدة ’ كيف يتفق ذلك مع ما هو بدهى عند علماء الإجتماع من أن نشأة القانون المتكامل فى حياة الأمة ثمرة لنضجها الثقافى و الحضارى ’ ونتيجة لتركيبها الإجتماعى المتطور ؟ !.

ألغاز تفعله ’ لايمكن لمن لم يضع نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فى الحسبان ’ أن يجد لها أى حل فى نطاق الأسباب و التعليلات المادية المألوفة . وكم رأينا من باحثين - من هذا القبيل - يتطوعون بأفكارهم ذات اليمين و ذات الشمال بحثا عن مخرج من الحيرة دون أن يعودوا من سعيهم بأى طائل . ولكن سبيل المخرج من هذه الحيرة واضح مع ذلك . فالسبيل هو أن نكون منطقيين وموضوعيين فى دراسة السيرة النبوية ’ نجعل من الهوية التى عرّف على نفسه من خلالها محورا لدراسة حياته العامة كما قلنا ’ حتى إذا سلمتنا هذه الدراسة الى اليقين بأنه نبى مرسل من قبل الله تعالى ’ أسلمتنا نبوته بدورها الى المخرج من الحيرة و الوقوف على السر بالنسبة لهذه الألغاز ’ إن النبى الصادق فى نبوته لا بد أن يكون مؤيدا من قبل الإله الذى أرسله ’ ولابد أن يكون القرآن وحى هذا الإله إليه ’ فالقانون المتكامل إذاً تنزيله وشرعته وليس من تأليف أمة أمية حتى يقع العجب وتطبق الحيرة .
وهذا الإله يقول للمؤمنين فى محكم تبيانه : ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين )
ويقول : ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فىالأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ) . ويقول : ( إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أنى ممدكم بألف من الملائكة مردفين وما جعله الله إلاّ بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلاّ من عند الله إن الله عزيز الحكيم ) . فقد اتضح المبهم ’وظهر الحل ’ وانجابت الغشاوة ’ وعاد الأمر طبيعيا إذ ينصر خالق القوى و القدر عباده المؤمنين به الملتزمين بمنهجه ويحقق لهم الفوز على من يشاء .
بل الحيرة كل الحيرة كانت تقع لو أن الله التزم النصر لرسوله و التأييد لعباده المؤمنين ’ ثم لم تقع معجزة ذلك النصر و التأييد .


فقهُ السّيرَة

الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي



ضاحك ضاحك ضاحك

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المذاهب الحديثة فى كتابة تاريخ السيرة النبوية.**
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تحميل كتاب (( السيرة النبوية لابن كثير الكتاب : السيرة النبوية))**
»  كلمات من السيرة النبوية..
» دروس وعظات من السيرة النبوية..
» أهمية السيرة النبوية فى حيـاة المسلم وفى فهم الإسلام.**
» السيرة النبوية و البناء العقدي في العهد المكي .**

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سيفن ستارز :: المنتدى الاسلامى :: السيرة النبوية-
انتقل الى: