منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
المعاصى وأثرها تدمر الإنسان دنيا وأخرة. >

منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
المعاصى وأثرها تدمر الإنسان دنيا وأخرة. >

منتديات سيفن ستارز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
ارجو من الساده الاعضاء القدامى تعديل بيانتهم الشخصية
ياجماعة انصحكم بالدخول على المنتدى بالمتصفع العملاق Mozilla Firefox
مشاركتك بالموضوعات تعنى أنك قرأت قانون المنتدى ، وأنك تتحمل المسئولية الأدبية والقانونية عن نشر هذا الموضوع او الردود
تتقدم منتديات سيفن ستارز بأحر التهانى القلبية للأخت رونى المحامية المشرفة على المنتدى القانونى وذلك بمناسبة الزواج السعيد نسأل الله لها التوفيق فى حياتها وألف مليون مبروك لها ولزوجها الأستاذ /حسين إبراهيم حسين وعقبال البكارى وحياة سعيدة ملؤها التراحم والمحبة والقرب من الله
على السادة الأعضاء الإلتزام بالأقسام النوعية للمنتدى عند تقديم مساهماتهم حيث يكون كل موضوع داخل القسم الخاص به حتى يعطى الشكل المطلوب مع سهولة الوصول إليه لكل متصفح .فالموضوعات الخاصة بالمرأة داخل منتدى المرأة .والموضوعات التى تتحدث عن الإسلام توضع فى المنتدى الإسلامى   ...وهكذا ..ونشكر لكم حسن العمل .كما نشكركم على الأداء الممتاز داخل المنتديات..كما نحذر من الخوض أو التطرق لما يمس الغير أو التهجم أو إذدراء الأديان أو الخوض فى موضوعات سياسيه..المنتديات  أصلاً ..منشأة لتبنى وجهة النظر الأجتماعيه والإسلاميه لأهل السنة والجماعة دون التقليل من الغير بل الإحترام المتبادل..وللجميع ودون تميز بجنس أو نوع أو دين أو لون وشكراً لكم جميعاً...
إدارة المنتديات...سيفن ستارز.

 

 المعاصى وأثرها تدمر الإنسان دنيا وأخرة.

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بوجى
المدير العام
المدير العام
بوجى


اسم العضو : محمد حسن
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 739
تاريخ الميلاد : 25/03/1994
تاريخ التسجيل : 28/09/2010
العمر : 30

المعاصى وأثرها تدمر الإنسان دنيا وأخرة. Empty
مُساهمةموضوع: المعاصى وأثرها تدمر الإنسان دنيا وأخرة.   المعاصى وأثرها تدمر الإنسان دنيا وأخرة. I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 29, 2011 2:10 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

المعاصي تخرج العبد من دائرة الإحسان



ومن
عقوباتها : أنها تخرج العبد من دائرة الإحسان وتمنعه من ثواب المحسنين ،
فإن الإحسان إذا باشر القلب منعه عن المعاصي ، فإن من عبد الله كأنه يراه ،
لم يكن كذلك إلا لاستيلاء ذكره ومحبته وخوفه ورجائه على قلبه ، بحيث يصير
كأنه يشاهده ، وذلك سيحول بينه وبين إرادة المعصية ، فضلا عن مواقعتها ،
فإذا خرج من دائرة الإحسان ، فاته صحبة رفقته الخاصة ، وعيشهم الهنيء ،
ونعيمهم التام ، فإن أراد الله به خيرا أقره في دائرة عموم المؤمنين ، فإن
عصاه بالمعاصي التي تخرجه من دائرة الإيمان كما قال النبي - صلى الله عليه
وسلم : لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو
مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع
إليه فيها الناس أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن فإياكم إياكم ، والتوبة
معروضة بعد .

العاصي يفوته ثواب المؤمنين

ومن
فاته رفقة المؤمنين ، وحسن دفاع الله عنهم ، فإن الله يدافع عن الذين
آمنوا ، وفاته كل خير رتبه الله في كتابه على الإيمان ، وهو نحو مائة خصلة ،
كل خصلة منها خير من الدنيا وما فيها .

فمنها : الأجر العظيم : وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما [ سورة النساء : 146 ] .

ومنها : الدفع عنهم شرور الدنيا والآخرة : إن الله يدافع عن الذين آمنوا [ سورة الحج : 38 ] .

ومنها : استغفار حملة العرش لهم : الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون
بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا [ سورة غافر : 7 ] .

ومنها : موالاة الله لهم ، ولا يذل من والاه الله ، قال الله تعالى : الله ولي الذين آمنوا [ سورة البقرة : 257 ] .

ومنها : أمره ملائكته بتثبيتهم : إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا [ سورة الأنفال : 12 ] .

ومنها : أن لهم الدرجات عند ربهم والمغفرة والرزق الكريم .

ومنها : العزة : ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون [ سورة المنافقون : 8 ] .

ومنها : معية الله لأهل الإيمان : وأن الله مع المؤمنين [ سورة الأنفال : 19 ] .

ومنها : الرفعة في الدنيا والآخرة : يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات [ سورة المجادلة : 11 ] .

ومنها : إعطاؤهم كفلين من رحمته وإعطاؤهم نورا يمشون به ومغفرة ذنوبهم .

ومنها : الود الذي يجعله سبحانه لهم ، وهو أنه يحبهم ويحببهم إلى ملائكته وأنبيائه وعباده الصالحين .

ومنها : أمانهم من الخوف يوم يشتد الخوف : فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون [ سورة الأنعام : 48 ] .

ومنها : أنهم المنعم عليهم الذين أمرنا أن نسأله أن يهدينا إلى صراطهم في كل يوم وليلة سبع عشرة مرة .

ومنها
: أن القرآن إنما هو هدى لهم وشفاء : قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين
لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد [ سورة
فصلت : 44 ] .

والمقصود أن الإيمان سبب جالب لكل خير ، وكل خير في
الدنيا والآخرة فسببه الإيمان ، وكل شر في الدنيا والآخرة فسببه عدم
الإيمان ، فكيف يهون على العبد أن يرتكب شيئا يخرجه من دائرة الإيمان ،
ويحول بينه وبينه ، ولكن لا يخرج من دائرة عموم المسلمين ، فإن استمر على
الذنوب وأصر عليها خيف عليه أن يرين على قلبه ، فيخرجه عن الإسلام بالكلية ،
ومن هاهنا اشتد خوف السلف ، كما قال بعضهم : أنتم تخافون الذنوب ، وأنا
أخاف الكفر .

المعاصي تضعف القلب


ومن
عقوبتها : أنها تضعف سير القلب إلى الله والدار الآخرة ، أو تعوقه أو
توقفه وتقطعه عن السير ، فلا تدعه يخطو إلى الله خطوة ، هذا إن لم ترده عن
وجهته إلى ورائه ، فالذنب يحجب الواصل ، ويقطع السائر ، وينكس الطالب ،
والقلب إنما يسير إلى الله بقوته ، فإذا مرض بالذنوب ضعفت تلك القوة التي
تسيره ، فإن زالت بالكلية انقطع عن الله انقطاعا يبعد تداركه ، والله
المستعان .

فالذنب إما يميت القلب ، أو يمرضه مرضا مخوفا ، أو يضعف
قوته ولا بد حتى ينتهي ضعفه إلى الأشياء الثمانية التي استعاذ منها النبي -
صلى الله عليه وسلم - وهي : [ الهم ، والحزن ، والعجز ، والكسل ، والجبن ،
والبخل ، وضلع الدين ، وغلبة الرجال ] وكل اثنين منها قرينان .

فالهم
والحزن قرينان : فإن المكروه الوارد على القلب إن كان من أمر مستقبل
يتوقعه أحدث الهم ، وإن كان من أمر ماض قد وقع أحدث الحزن .

والعجز والكسل قرينان : فإن تخلف العبد عن أسباب الخير والفلاح ، إن كان لعدم قدرته فهو العجز ، وإن كان لعدم إرادته فهو الكسل .

والجبن والبخل قرينان : فإن عدم النفع منه إن كان ببدنه فهو الجبن ، وإن كان بماله فهو البخل .

وضلع الدين وقهر الرجال قرينان : فإن استعلاء الغير عليه إن كان بحق فهو من ضلع الدين ، وإن كان بباطل فهو من قهر الرجال .

والمقصود أن الذنوب من أقوى الأسباب الجالبة لهذه الثمانية ، كما أنها من
أقوى الأسباب الجالبة لجهد البلاء ، ودرك الشقاء ، وسوء القضاء ، وشماتة
الأعداء ، ومن أقوى الأسباب الجالبة لزوال نعم الله ، وتحول عافيته إلى
نقمته وتجلب جميع سخطه .


المعاصي تزيل النعم

ومن
عقوبات الذنوب : أنها تزيل النعم ، وتحل النقم ، فما زالت عن العبد نعمة
إلا بذنب ، ولا حلت به نقمة إلا بذنب ، كما قال علي بن أبي طالب - رضي الله
عنه - : ما نزل بلاء إلا بذنب ، ولا رفع إلا بتوبة .

وقد قال تعالى : وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير [ سورة الشورى : 30 ] .

وقال تعالى : ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم [ سورة الأنفال : 53 ] .

فأخبر
الله تعالى أنه لا يغير نعمه التي أنعم بها على أحد حتى يكون هو الذي يغير
ما بنفسه ، فيغير طاعة الله بمعصيته ، وشكره بكفره ، وأسباب رضاه بأسباب
سخطه ، فإذا غير غير عليه ، جزاء وفاقا ، وما ربك بظلام للعبيد .

فإن غير المعصية بالطاعة ، غير الله عليه العقوبة بالعافية ، والذل بالعز .

وقال
تعالى : إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله
بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال [ سورة الرعد : 11 ] .

وفي
بعض الآثار الإلهية ، عن الرب تبارك وتعالى أنه قال : وعزتي وجلالي ، لا
يكون عبد من عبيدي على ما أحب ، ثم ينتقل عنه إلى ما أكره ، إلا انتقلت له
مما يحب إلى ما يكره ، ولا يكون عبد من عبيدي على ما أكره ، فينتقل عنه إلى
ما أحب ، إلا انتقلت له مما يكره إلى ما يحب .

وقد أحسن القائل :
إذا كنت في نعمة فارعها*** فإن الذنوب تزيل النعم
وحطها بطاعة رب العباد*** فرب العباد سريع النقم


وإياك والظلم مهما استطعت *** فظلم العباد شديد الوخم
وسافر بقلبك بين الورى *** لتبصر آثار من قد ظلم
فتلك مساكنهم بعدهم *** شهود عليهم ولا تتهم
وما كان شيء عليهم أضر *** من الظلم وهو الذي قد قصم
فكم تركوا من جنان ومن *** قصور وأخرى عليهم أطم
صلوا بالجحيم وفات النعيم *** وكان الذي نالهم كالحلم





المعاصي تلقي الرعب والخوف في القلوب

ومن عقوباتها ما يلقيه الله سبحانه وتعالى من الرعب والخوف في قلب العاصي ، فلا تراه إلا خائفا مرعوبا .

فإن
الطاعة حصن الله الأعظم ، من دخله كان من الآمنين من عقوبات الدنيا
والآخرة ، ومن خرج عنه أحاطت به المخاوف من كل جانب ، فمن أطاع الله انقلبت
المخاوف في حقه أمانا ، ومن عصاه انقلبت مآمنه مخاوف ، فلا تجد العاصي إلا
وقلبه كأنه بين جناحي طائر ، إن حركت الريح الباب قال : جاء الطلب ، وإن
سمع وقع قدم خاف أن يكون نذيرا بالعطب ، يحسب أن كل صيحة عليه ، وكل مكروه
قاصد إليه ، فمن خاف الله آمنه من كل شيء ، ومن لم يخف الله أخافه من كل
شيء :


بذا قضى الله بين الخلق مذ خلقوا أن المخاوف والأجرام في قرن


المعاصي توقع في الوحشة

ومن
عقوباتها أنها توقع الوحشة العظيمة في القلب فيجد المذنب نفسه مستوحشا ،
قد وقعت الوحشة بينه وبين ربه ، وبين الخلق وبين نفسه ، وكلما كثرت الذنوب
اشتدت الوحشة ، وأمر العيش عيش المستوحشين الخائفين ، وأطيب العيش عيش
المستأنسين ، فلو نظر العاقل ووازن لذة المعصية وما توقعه من الخوف والوحشة
، لعلم سوء حاله ، وعظيم غبنه ، إذ باع أنس الطاعة وأمنها وحلاوتها بوحشة
المعصية وما توجبه من الخوف والضرر الداعي له .

كما قيل :


فإن كنت قد أوحشتك الذنوب *** فدعها إذا شئت واستأنس


وسر المسألة : أن الطاعة توجب القرب من الرب سبحانه ، فكلما اشتد القرب
قوي الأنس ، والمعصية توجب البعد من الرب ، وكلما زاد البعد قويت الوحشة .

ولهذا
يجد العبد وحشة بينه وبين عدوه للبعد الذي بينهما ، وإن كان ملابسا له ،
قريبا منه ، ويجد أنسا قويا بينه وبين من يحب ، وإن كان بعيدا عنه .

والوحشة
سببها الحجاب ، وكلما غلظ الحجاب زادت الوحشة ، فالغفلة توجب الوحشة ،
وأشد منها وحشة المعصية ، وأشد منها وحشة الشرك والكفر ، ولا تجد أحدا
ملابسا شيئا من ذلك إلا ويعلوه من الوحشة بحسب ما لابسه منه ، فتعلو الوحشة
وجهه وقلبه فيستوحش ويستوحش منه .

المعاصي تمرض القلوب

ومن
عقوباتها : أنها تصرف القلب عن صحته واستقامته إلى مرضه وانحرافه ، فلا
يزال مريضا معلولا لا ينتفع بالأغذية التي بها حياته وصلاحه ، فإن تأثير
الذنوب في القلوب كتأثير الأمراض في الأبدان ، بل الذنوب أمراض القلوب
وداؤها ، ولا دواء لها إلا تركها .

وقد أجمع السائرون إلى الله أن
القلوب لا تعطى مناها حتى تصل إلى مولاها ، ولا تصل إلى مولاها حتى تكون
صحيحة سليمة ، ولا تكون صحيحة سليمة حتى ينقلب داؤها ، فيصير نفس دوائها ،
ولا يصح لها ذلك إلا بمخالفة هواها ، فهواها مرضها ، وشفاؤها مخالفته ، فإن
استحكم المرض قتل أو كاد .

وكما أن من نهى نفسه عن الهوى كانت
الجنة مأواه ، فكذا يكون قلبه في هذه الدار في جنة عاجلة ، لا يشبه نعيم
أهلها نعيما البتة ، بل التفاوت الذي بين النعيمين ، كالتفاوت الذي بين
نعيم الدنيا والآخرة ، وهذا أمر لا يصدق به إلا من باشر قلبه هذا وهذا .

ولا
تحسب أن قوله تعالى : إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم [ سورة
الانفطار : 13 - 14 ] مقصور على نعيم الآخرة وجحيمها فقط بل في دورهم
الثلاثة كذلك - أعني دار الدنيا ، ودار البرزخ ، ودار القرار - فهؤلاء في
نعيم ، وهؤلاء في جحيم ، وهل النعيم إلا نعيم القلب ؟ وهل العذاب إلا عذاب
القلب ؟ وأي عذاب أشد من الخوف والهم والحزن ، وضيق الصدر ، وإعراضه عن
الله والدار الآخرة ، وتعلقه بغير الله ، وانقطاعه عن الله ، بكل واد منه
شعبة ؟ وكل شيء تعلق به وأحبه من دون الله فإنه يسومه سوء العذاب .

[
ص: 77 ] فكل من أحب شيئا غير الله عذب به ثلاث مرات في هذه الدار ، فهو
يعذب به قبل حصوله حتى يحصل ، فإذا حصل عذب به حال حصوله بالخوف من سلبه
وفواته ، والتنغيص والتنكيد عليه ، وأنواع من العذاب في هذه المعارضات ،
فإذا سلبه اشتد عليه عذابه ، فهذه ثلاثة أنواع من العذاب في هذه الدار .

وأما
في البرزخ : فعذاب يقارنه ألم الفراق الذي لا يرجو عودة وألم فوات ما فاته
من النعيم العظيم باشتغاله بضده ، وألم الحجاب عن الله ، وألم الحسرة التي
تقطع الأكباد ، فالهم والغم والحزن تعمل في نفوسهم نظير ما يعمل الهوام
والديدان في أبدانهم ، بل عملها في النفوس دائم مستمر ، حتى يردها الله إلى
أجسادها ، فحينئذ ينتقل العذاب إلى نوع هو أدهى وأمر ، فأين هذا من نعيم
من يرقص قلبه طربا وفرحا وأنسا بربه ، واشتياقا إليه ، وارتياحا بحبه ،
وطمأنينة بذكره ؟ حتى يقول بعضهم في حال نزعه : واطرباه .

ويقول الآخر : مساكين أهل الدنيا ، خرجوا منها وما ذاقوا لذيذ العيش فيها ، وما ذاقوا أطيب ما فيها .

ويقول الآخر : لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف .

ويقول الآخر : إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة .

فيا
من باع حظه الغالي بأبخس الثمن ، وغبن كل الغبن في هذا العقد وهو يرى أنه
قد غبن ، إذا لم يكن لك خبرة بقيمة السلعة فسل المقومين ، فيا عجبا من
بضاعة معك الله مشتريها وثمنها جنة المأوى ، والسفير الذي جرى على يده عقد
التبايع وضمن الثمن عن المشتري هو الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وقد
بعتها بغاية الهوان ، كما قال القائل :


إذا كان هذا فعل عبد بنفسه فمن ذا له من بعد ذلك يكرم


ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء [ سورة الحج : 18 ] .

يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://7stars.forumarabia.com
بوجى
المدير العام
المدير العام
بوجى


اسم العضو : محمد حسن
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 739
تاريخ الميلاد : 25/03/1994
تاريخ التسجيل : 28/09/2010
العمر : 30

المعاصى وأثرها تدمر الإنسان دنيا وأخرة. Empty
مُساهمةموضوع: رد: المعاصى وأثرها تدمر الإنسان دنيا وأخرة.   المعاصى وأثرها تدمر الإنسان دنيا وأخرة. I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 29, 2011 2:11 pm

المعاصي تعمي البصيرة

ومن عقوباتها : أنها تعمي بصيرة القلب ، وتطمس نوره ، وتسد طرق العلم ، وتحجب مواد الهداية .

وقد قال مالك للشافعي لما اجتمع به ورأى تلك المخايل : إني أرى الله تعالى قد ألقى على قلبك نورا ، فلا تطفئه بظلمة المعصية .

ولا
يزال هذا النور يضعف ويضمحل ، وظلام المعصية يقوى حتى يصير القلب في مثل
الليل البهيم ، فكم من مهلك يسقط فيه ولا يبصر ، كأعمى خرج بالليل في طريق
ذات مهالك ومعاطب ، فيا عزة السلامة ويا سرعة العطب ، ثم تقوى تلك الظلمات ،
وتفيض من القلب إلى الجوارح ، فيغشى الوجه منها سواد ، بحسب قوتها
وتزايدها ، فإذا كان عند الموت ظهرت في البرزخ ، فامتلأ القبر ظلمة ، كما
قال النبي - صلى الله عليه وسلم : إن هذه القبور ممتلئة على أهلها ظلمة ،
وإن الله ينورها بصلاتي عليهم .

فإذا كان يوم المعاد ، وحشر العباد
، علت الظلمة الوجوه علوا ظاهرا يراه كل أحد ، حتى يصير الوجه أسود مثل
الحممة ، فيالها من عقوبة لا توازن لذات الدنيا بأجمعها من أولها إلى آخرها
، فكيف بقسط العبد المنغص المنكد المتعب في زمن إنما هو ساعة من حلم ؟
والله المستعان .

المعاصي تصغر النفس

ومن
عقوباتها : أنها تصغر النفس ، وتقمعها ، وتدسيها ، وتحقرها ، حتى تكون
أصغر كل شيء وأحقره ، كما أن الطاعة تنميها وتزكيها وتكبرها ، قال تعالى :
قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها [ سورة الشمس : 9 - 10 ] ، والمعنى قد
أفلح من كبرها وأعلاها بطاعة الله وأظهرها ، وقد خسر من أخفاها وحقرها
وصغرها بمعصية الله .

وأصل التدسية : الإخفاء ، ومنه قوله تعالى : أم يدسه في التراب [ سورة النحل : 59 ] .

فالعاصي
يدس نفسه في المعصية ، ويخفي مكانها ، يتوارى من الخلق من سوء ما يأتي به ،
وقد انقمع عند نفسه ، وانقمع عند الله ، وانقمع عند الخلق ، فالطاعة والبر
تكبر النفس وتعزها وتعليها ، حتى تصير أشرف شيء وأكبره ، وأزكاه وأعلاه ،
ومع ذلك فهي أذل شيء وأحقره وأصغره لله تعالى ، وبهذا الذل حصل لها هذا
العز والشرف والنمو ، فما أصغر النفوس مثل معصية الله ، وما كبرها وشرفها
ورفعها مثل طاعة الله .


المعاصي في سجن الشيطان

ومن
عقوباتها : أن العاصي دائما في أسر شيطانه ، وسجن شهواته ، وقيود هواه ،
فهو أسير مسجون مقيد ، ولا أسير أسوأ حالا من أسير أسره أعدى عدو له ، ولا
سجن أضيق من سجن الهوى ، ولا قيد أصعب من قيد الشهوة ، فكيف يسير إلى الله
والدار الآخرة قلب مأسور مسجون مقيد ؟ وكيف يخطو خطوة واحدة ؟

وإذا
قيد القلب طرقته الآفات من كل جانب بحسب قيوده ، ومثل القلب مثل الطائر ،
كلما علا بعد عن الآفات ، وكلما نزل استوحشته الآفات .

وفي الحديث : الشيطان ذئب الإنسان .

وكما
أن الشاة التي لا حافظ لها وهي بين الذئاب سريعة العطب ، فكذا العبد إذا
لم يكن عليه حافظ من الله فذئبه مفترسه ولا بد ، وإنما يكون عليه حافظ من
الله بالتقوى ، فهي وقاية وجنة ، حصينة بينه وبين ذئبه ، كما هي وقاية بينه
وبين عقوبة الدنيا والآخرة ، وكلما كانت الشاة أقرب من الراعي كانت أسلم
من الذئب ، وكلما بعدت عن الراعي كانت أقرب إلى الهلاك ، فأسلم ما تكون
الشاة إذا قربت من الراعي ، وإنما يأخذ الذئب القاصية من الغنم ، وهي أبعد
من الراعي .

وأصل هذا كله : أن القلب كلما كان أبعد من الله كانت الآفات إليه أسرع ، وكلما قرب من الله بعدت عنه الآفات .

والبعد
من الله مراتب ، بعضها أشد من بعض ، فالغفلة تبعد القلب عن الله ، وبعد
المعصية أعظم من بعد الغفلة ، وبعد البدعة أعظم من بعد المعصية ، وبعد
النفاق والشرك أعظم من ذلك كله .

المعاصي تسقط الكرامة

ومن
عقوباتها : سقوط الجاه والمنزلة والكرامة عند الله وعند خلقه ، فإن أكرم
الخلق عند الله أتقاهم ، وأقربهم منه منزلة أطوعهم له ، وعلى قدر طاعة
العبد تكون له منزلته عنده ، فإذا عصاه وخالف أمره سقط من عينه ، فأسقطه من
قلوب عباده ، وإذا لم يبق له جاه عند الخلق وهان عليهم عاملوه على حسب ذلك
، فعاش بينهم أسوأ عيش خامل الذكر ، ساقط القدر ، زري الحال ، لا حرمة له
ولا فرح له ولا سرور ، فإن خمول الذكر وسقوط القدر والجاه معه كل غم وهم
وحزن ، ولا سرور معه ولا فرح ، وأين هذا الألم من لذة المعصية لولا سكر
الشهوة ؟

ومن أعظم نعم الله على العبد : أن يرفع له بين العالمين
ذكره ، ويعلي قدره ، ولهذا خص أنبياءه ورسله من ذلك بما ليس لغيرهم ، كما
قال تعالى : واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار إنا
أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار [ سورة ص 45 : - 46 ] .

أي : خصصناهم
بخصيصة ، وهو الذكر الجميل الذي يذكرون به في هذه الدار ، وهو لسان الصدق
الذي سأله إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حيث قال : واجعل لي لسان صدق
في الآخرين [ سورة الشعراء : 84 ] .

وقال سبحانه وتعالى عنه وعن بنيه : ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا [ سورة مريم : 50 ] .

وقال لنبيه - صلى الله عليه وسلم : ورفعنا لك ذكرك [ سورة الشرح : 4 ] .

فأتباع الرسل لهم نصيب من ذلك بحسب ميراثهم من طاعتهم ومتابعتهم ، وكل من خالفهم فإنه بعيد من ذلك بحسب مخالفتهم ومعصيتهم

المعصية مجلبة للذم

ومن
عقوباتها : أنها تسلب صاحبها أسماء المدح والشرف ، وتكسوه أسماء الذم
والصغار ، فتسلبه اسم المؤمن ، والبر ، والمحسن ، والمتقي ، والمطيع ،
والمنيب ، والولي ، والورع ، والصالح ، والعابد ، والخائف ، والأواب ،
والطيب ، والمرضي ونحوها .

وتكسوه اسم الفاجر ، والعاصي ، والمخالف
، والمسيء ، والمفسد ، والخبيث ، والمسخوط ، والزاني ، والسارق ، والقاتل ،
والكاذب ، والخائن ، واللوطي ، وقاطع الرحم ، والغادر وأمثالها .

فهذه أسماء الفسوق و بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان [ سورة الحجرات : 11 ]
الذي يوجب غضب الديان ، ودخول النيران ، وعيش الخزي والهوان .

وتلك
أسماء توجب رضاء الرحمن ، ودخول الجنان ، وتوجب شرف المسمى بها على سائر
أنواع الإنسان ، فلو لم يكن في عقوبة المعصية إلا استحقاق تلك الأسماء
وموجباتها لكان في العقل ناه عنها ، ولو لم يكن في ثواب الطاعة إلا الفوز
بتلك الأسماء وموجباتها لكان في العقل آمر بها ، ولكن لا مانع لما أعطى
الله ، ولا معطي لما منع ، ولا مقرب لما باعد ، ولا مبعد لمن قرب ، ومن يهن
الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء [ سورة الحج : 18 ]

المعصية تؤثر في العقل

ومن
عقوباتها : أنها تؤثر بالخاصة في نقصان العقل ، فلا تجد عاقلين أحدهما
مطيع لله والآخر عاص ، إلا وعقل المطيع منهما أوفر وأكمل ، وفكره أصح ،
ورأيه أسد ، والصواب قرينه .

ولهذا تجد خطاب القرآن إنما هو مع
أولي العقول والألباب ، كقوله : واتقون ياأولي الألباب [ سورة البقرة : 197
] ، وقوله : فاتقوا الله ياأولي الألباب لعلكم تفلحون [ سورة المائدة :
100 ] ، وقوله : وما يذكر إلا أولو الألباب [ سورة البقرة : 269 ] ، ونظائر
ذلك كثيرة .

وكيف يكون عاقلا وافر العقل من يعصي من هو في قبضته
وفي داره ، وهو يعلم أنه يراه ويشاهده فيعصيه وهو بعينه غير متوار عنه ،
ويستعين بنعمه على مساخطه ، ويستدعي كل وقت غضبه عليه ، ولعنته له ،
وإبعاده من قربه ، وطرده عن بابه ، وإعراضه عنه ، وخذلانه له ، والتخلية
بينه وبين نفسه وعدوه ، وسقوطه من عينه ، وحرمانه روح رضاه [ ص: 82 ] وحبه ،
وقرة العين بقربه ، والفوز بجواره ، والنظر إلى وجهه في زمرة أوليائه ،
إلى أضعاف أضعاف ذلك من كرامته أهل الطاعة ، وأضعاف أضعاف ذلك من عقوبة أهل
المعصية .

فأي عقل لمن آثر لذة ساعة أو يوم أو دهر ، ثم تنقضي
كأنها حلم لم يكن ، على هذا النعيم المقيم ، والفوز العظيم ؟ بل هو سعادة
الدنيا والآخرة ، ولولا العقل الذي تقوم به عليه الحجة لكان بمنزلة
المجانين ، بل قد يكون المجانين أحسن حالا منه وأسلم عاقبة ، فهذا من هذا
الوجه .

وأما تأثيرها في نقصان العقل المعيش ، فلولا الاشتراك في
هذا النقصان ، لظهر لمطيعنا نقصان عقل عاصينا ، ولكن الجائحة عامة ،
والجنون فنون .

ويا عجبا لو صحت العقول لعلمت أن طريق تحصيل اللذة
والفرحة والسرور وطيب العيش ، إنما هو في رضاء من النعيم كله في رضاه ،
والألم والعذاب كله في سخطه وغضبه ، ففي رضاه قرة العيون ، وسرور النفوس ،
وحياة القلوب ، ولذة الأرواح ، وطيب الحياة ، ولذة العيش ، وأطيب النعيم ،
ومما لو وزن منه مثقال ذرة بنعيم الدنيا لم يف به ، بل إذا حصل للقلب من
ذلك أيسر نصيب لم يرض بالدنيا وما فيها عوضا منه ، ومع هذا فهو يتنعم
بنصيبه من الدنيا أعظم من تنعم المترفين فيها ، ولا يشوب تنعمه بذلك الحظ
اليسير ما يشوب تنعم المترفين من الهموم والغموم والأحزان المعارضات ، بل
قد حصل له على النعيمين وهو ينتظر نعيمين آخرين أعظم منهما ، وما يحصل له
في خلال ذلك من الآلام ، فالأمر كما قال تعالى : إن تكونوا تألمون فإنهم
يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون [ سورة النساء : 104 ] .

فلا
إله إلا الله ما أنقص عقل من باع الدر بالبعر ، والمسك بالرجيع ، ومرافقة
الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، بمرافقة
الذين غضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا .

المعاصي توجب القطيعة بين العبد والرب

ومن
أعظم عقوباتها : أنها توجب القطيعة بين العبد وبين ربه تبارك وتعالى ،
وإذا وقعت القطيعة انقطعت عنه أسباب الخير واتصلت به أسباب الشر ، فأي فلاح
، وأي رجاء ، وأي عيش لمن انقطعت عنه أسباب الخير ، وقطع ما بينه وبين
وليه ومولاه الذي لا غنى عنه طرفة عين ، ولا بدل له منه ، ولا عوض له عنه ،
واتصلت به أسباب الشر ، ووصل ما بينه [ ص: 83 ] وبين أعدى عدو له : فتولاه
عدوه وتخلى عنه وليه ؟ فلا تعلم نفس ما في هذا الانقطاع والاتصال من أنواع
الآلام وأنواع العذاب .

قال بعض السلف : رأيت العبد ملقى بين الله
سبحانه وبين الشيطان ، فإن أعرض الله عنه تولاه الشيطان ، وإن تولاه الله
لم يقدر عليه الشيطان ، وقد قال تعالى : وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم
فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من
دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا [ سورة الكهف : 50 ] .

يقول
سبحانه لعباده : أنا أكرمت أباكم ، ورفعت قدره ، وفضلته على غيره ، فأمرت
ملائكتي كلهم أن يسجدوا له ، تكريما له وتشريفا ، فأطاعوني ، وأبى عدوي
وعدوه ، فعصى أمري ، وخرج عن طاعتي ، فكيف يحسن بكم بعد هذا أن تتخذوه
وذريته أولياء من دوني ، فتطيعونه في معصيتي ، وتوالونه في خلاف مرضاتي وهم
أعدى عدو لكم ؟ فواليتم عدوي وقد أمرتكم بمعاداته ، ومن والى أعداء الملك ،
كان هو وأعداؤه عنده سواء ، فإن المحبة والطاعة لا تتم إلا بمعاداة أعداء
المطاع وموالاة أوليائه ، وأما أن توالي أعداء الملك ثم تدعي أنك موال له ،
فهذا محال .

هذا لو لم يكن عدو الملك عدوا لكم ، فكيف إذا كان
عدوكم على الحقيقة ، والعداوة التي بينكم وبينه أعظم من العداوة التي بين
الشاة وبين الذئب ؟ فكيف يليق بالعاقل أن يوالي عدوه عدو وليه ومولاه الذي
لا مولى له سواه ، ونبه سبحانه على قبح هذه الموالاة بقوله : وهم لكم عدو [
سورة الكهف : 50 ] ، كما نبه على قبحها بقوله تعالى : ففسق عن أمر ربه [
سورة الكهف : 50 ] ، فتبين أن عداوته لربه وعداوته لنا ، كل منهما سبب يدعو
إلى معاداته ، فما هذه الموالاة ؟ وما هذا الاستبدال ؟ بئس للظالمين بدلا .


ويشبه أن يكون تحت هذا الخطاب نوع من العتاب لطيف عجيب وهو أني
عاديت إبليس إذ لم يسجد لأبيكم آدم مع ملائكتي فكانت معاداته لأجلكم ، ثم
كان عاقبة هذه المعاداة أن عقدتم بينكم وبينه عقد المصالحة

المعاصي تمحق البركة

ومن عقوباتها : أنها تمحق بركة العمر ، وبركة الرزق ، وبركة العلم ، وبركة العمل ، وبركة الطاعة .

وبالجملة
أنها تمحق بركة الدين والدنيا ، فلا تجد أقل بركة في عمره ودينه ودنياه
ممن عصى الله ، وما محقت البركة من الأرض إلا بمعاصي الخلق ، قال الله
تعالى : ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء
والأرض [ الأعراف : 96 ] .

وقال تعالى : وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه [ الجن : 16 - 17 ] .

وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه .

وفي
الحديث : إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها ،
فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، فإنه لا ينال ما عند الله إلا بطاعته ، وإن
الله جعل الروح والفرح في الرضى واليقين ، وجعل الهم والحزن في الشك
والسخط .

وقد تقدم الأثر الذي ذكره أحمد في كتاب الزهد : أنا الله ،
إذا رضيت باركت ، وليس لبركتي منتهى ، وإذا غضبت لعنت ، ولعنتي تدرك
السابع من الولد .

وليست سعة الرزق والعمل بكثرته ، ولا طول العمر بكثرة الشهور والأعوام ، ولكن سعة الرزق وطول العمر بالبركة فيه .

وقد
تقدم أن عمر العبد هو مدة حياته ، ولا حياة لمن أعرض عن الله واشتغل بغيره
، بل حياة البهائم خير من حياته ، فإن حياة الإنسان بحياة قلبه وروحه ،
ولا حياة لقلبه إلا بمعرفة فاطره ، ومحبته ، وعبادته وحده ، والإنابة إليه ،
والطمأنينة بذكره ، والأنس بقربه ، ومن فقد هذه الحياة فقد الخير كله ،
ولو تعرض عنها بما تعوض مما في الدنيا ، بل ليست الدنيا بأجمعها عوضا عن
هذه الحياة ، فمن كل شيء يفوت العبد عوض ، وإذا فاته الله لم يعوض عنه شيء
البتة .

وكيف يعوض الفقير بالذات عن الغني بالذات ، والعاجز بالذات
عن القادر بالذات ، والميت عن الحي الذي لا يموت ، والمخلوق عن الخالق ،
ومن لا وجود له ولا شيء له من ذاته البتة عمن غناه وحياته وكماله ووجوده
ورحمته من لوازم ذاته ؟ وكيف يعوض من لا يملك مثقال ذرة عمن له ملك
السماوات والأرض .

وإنما كانت معصية الله سببا لمحق بركة الرزق
والأجل ، لأن الشيطان موكل بها وبأصحابها ، فسلطانه عليهم ، وحوالته على
هذا الديوان وأهله وأصحابه ، وكل شيء يتصل به الشيطان ويقارنه ، فبركته
ممحوقة ، ولهذا شرع ذكر اسم الله تعالى عند الأكل والشرب واللبس والركوب
والجماع لما في مقارنة اسم الله من البركة ، وذكر اسمه يطرد الشيطان فتحصل
البركة ولا معارض له ، وكل شيء لا يكون لله فبركته منزوعة ، فإن الرب هو
الذي يبارك وحده ، والبركة كلها منه ، وكل ما نسب إليه مبارك ، فكلامه
مبارك ، ورسوله مبارك ، وعبده المؤمن النافع لخلقه مبارك ، وبيته الحرام
مبارك ، وكنانته من أرضه ، وهي الشام أرض البركة ، وصفها بالبركة في ست
آيات من كتابه ، فلا مبارك إلا هو وحده ، ولا مبارك إلا ما نسب إليه ، أعني
إلى ألوهيته ومحبته ورضاه ، وإلا فالكون كله منسوب إلى ربوبيته وخلقه ،
وكل ما باعده من نفسه من الأعيان والأقوال والأعمال فلا بركة فيه ، ولا خير
فيه ، وكل ما كان منه قريبا من ذلك ففيه من البركة على حسب قربه منه .

وضد
البركة اللعنة ؛ فأرض لعنها الله أو شخص لعنه الله أو عمل لعنه الله أبعد
شيء من الخير والبركة ، وكلما اتصل بذلك وارتبط به وكان منه بسبيل فلا بركة
فيه البتة .

وقد لعن عدوه إبليس وجعله أبعد خلقه منه ، فكل ما كان
جهته فله من لعنة الله بقدر قربه واتصاله به ، فمن هاهنا كان للمعاصي أعظم
تأثير في محق بركة العمر والرزق والعلم والعمل ، وكل وقت عصيت الله فيه ،
أو مال عصي الله به ، أو بدن أو جاه أو علم أو عمل فهو على صاحبه ليس له ،
فليس له من عمره وماله وقوته وجاهه وعلمه وعمله إلا ما أطاع الله به .

ولهذا
من الناس من يعيش في هذه الدار مائة سنة أو نحوها ، ويكون عمره لا يبلغ
عشرين سنة أو نحوها ، كما أن منهم من يملك القناطير المقنطرة من الذهب
والفضة ويكون ماله في الحقيقة لا يبلغ ألف درهم أو نحوها ، وهكذا الجاه
والعلم .

وفي الترمذي عنه - صلى الله عليه وسلم - الدنيا ملعونة ، ملعون ما فيها ، إلا ذكر الله وما والاه ، أو عالم أو متعلم .

وفي أثر آخر : الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان لله فهذا هو الذي فيه البركة خاصة ، والله المستعان .

المعصية تجعل صاحبها من السفلة

ومن
عقوباتها : أنها تجعل صاحبها من السفلة بعد أن كان مهيئا لأن يكون من
العلية ، فإن الله خلق خلقه قسمين : علية ، وسفلة ، وجعل عليين مستقر
العلية ، وأسفل سافلين مستقر السفلة ، وجعل أهل طاعته الأعلين في الدنيا
والآخرة ، وأهل معصيته الأسفلين في الدنيا والآخرة ، كما جعل أهل طاعته
أكرم خلقه عليه ، وأهل معصيته أهون خلقه عليه ، وجعل العزة لهؤلاء ، والذلة
والصغار لهؤلاء ، كما في مسند أحمد من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي -
صلى الله عليه وسلم - أنه قال : بعثت بالسيف بين يدي الساعة ، وجعل رزقي
تحت ظل رمحي ، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري

فكلما عمل العبد
معصية نزل إلى أسفل ، درجة ، ولا يزال في نزول حتى يكون من الأسفلين ،
وكلما عمل طاعة ارتفع بها درجة ، ولا يزال في ارتفاع حتى يكون من الأعلين .


وقد يجتمع للعبد في أيام حياته الصعود من وجه ، والنزول من وجه ،
وأيهما كان أغلب عليه كان من أهله ، فليس من صعد مائة درجة ونزل درجة واحدة
، كمن كان بالعكس .

ولكن يعرض هاهنا للنفوس غلط عظيم ، وهو أن
العبد قد ينزل نزولا بعيدا أبعد مما بين المشرق والمغرب ، ومما بين السماء
والأرض ، فلا يفي صعوده ألف درجة بهذا النزول الواحد ، كما في الصحيح عن
النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إن العبد ليتكلم بالكلمة الواحدة ،
لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب .

فأي
صعود يوازن هذه النزلة ؟ والنزول أمر لازم للإنسان ، ولكن من الناس من
يكون نزوله إلى غفلة ، فهذا متى استيقظ من غفلته عاد إلى درجته ، أو إلى
أرفع منها بحسب يقظته .

ومنهم من يكون نزوله إلى مباح لا ينوي به
الاستعانة على الطاعة ، فهذا متى رجع إلى الطاعة فقد يعود إلى درجته ، وقد
لا يصل إليها ، وقد يرتفع عنها ، فإنه قد يعود أعلى همة مما كان ، وقد يكون
أضعف همة ، وقد تعود همته كما كانت .

ومنهم من يكون نزوله إلى معصية ، إما صغيرة أو كبيرة ، فهذا يحتاج في عوده إلى درجته إلى توبة نصوح ، وإنابة صادقة .

واختلف
الناس هل يعود بعد التوبة إلى درجته التي كان فيها ، بناء على أن التوبة [
ص: 87 ] تمحو أثر الذنب ، وتجعل وجوده كعدمه فكأنه لم يكن ، أو لا يعود ،
بناء على أن التوبة تأثيرها في إسقاط العقوبة ، وأما الدرجة التي فاتته
فإنه لا يصل إليها .

قالوا : وتقرير ذلك : أنه كان مستعدا باشتغاله
بالطاعة في الزمن الذي عصى فيه لصعود آخر وارتقاء تحمله أعماله السالفة ،
بمنزلة كسب الرجل كل يوم بجملة ماله الذي يملكه ، وكلما تضاعف المال تضاعف
الربح ، فقد راح عليه في زمن المعصية ارتفاع وربح تحمله أعماله ، فإذا
استأنف العمل استأنف صعودا من نزول ، وكان قبل ذلك صاعدا من أسفل إلى أعلى ،
وبينهما بون عظيم .

قالوا : ومثل ذلك رجلان يرتقيان في سلمين لا
نهاية لهما ، وهما سواء ، فنزل أحدهما إلى أسفل ، ولو درجة واحدة ، ثم
استأنف الصعود ، فإن الذي لم ينزل يعلو عليه ولا بد .

وحكم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بين الطائفتين حكما مقبولا فقال :

التحقيق أن من التائبين من يعود إلى أرفع من درجته ، ومنهم من يعود إلى مثل درجته ، ومنهم من لا يصل إلى درجته .

قلت
: وهذا بحسب قوة التوبة وكمالها ، وما أحدثته المعصية للعبد من الذل
والخضوع والإنابة ، والحذر والخوف من الله ، والبكاء من خشية الله ، فقد
تقوى هذه الأمور ، حتى يعود التائب إلى أرفع من درجته ، ويصير بعد التوبة
خيرا منه قبل الخطيئة ، فهذا قد تكون الخطيئة في حقه رحمة ، فإنها نفت عنه
داء العجب ، وخلصته من ثقته بنفسه وإدلاله بأعماله ، ووضعت خد ضراعته وذله
وانكساره على عتبة باب سيده ومولاه ، وعرفته قدره ، وأشهدته فقره وضرورته
إلى حفظ مولاه له ، وإلى عفوه عنه ومغفرته له ، وأخرجت من قلبه صولة الطاعة
، وكسرت أنفه من أن يشمخ بها أو يتكبر بها ، أو يرى نفسه بها خيرا من غيره
، وأوقفته بين يدي ربه موقف الخطائين المذنبين ، ناكس الرأس بين يدي ربه ،
مستحيا خائفا منه وجلا ، محتقرا لطاعته مستعظما لمعصيته ، عرف نفسه بالنقص
والذم . وربه متفرد بالكمال والحمد والوفاء كما قيل :
استأثر الله بالوفاء وبالحم د وولى الملامة الرجلا


فأي
نعمة وصلت من الله إليه استكثرها على نفسه ورأى نفسه دونها ولم يرها أهلا ،
وأي نقمة أو بلية وصلت إليه رأى نفسه أهلا لما هو أكبر منها ، ورأى مولاه
قد أحسن إليه ، إذ لم يعاقبه على قدر جرمه ولا شطره ، ولا أدنى جزء منه .

فإن ما يستحقه من العقوبة لا تحمله الجبال الراسيات ، فضلا عن هذا العبد
الضعيف العاجز ، فإن الذنب وإن صغر ، فإن مقابلة العظيم الذي لا شيء أعظم
منه ، الكبير الذي لا شيء أكبر منه ، الجليل الذي لا أجل منه ولا أجمل ،
المنعم بجميع أصناف النعم دقيقها وجلها - من أقبح الأمور وأفظعها وأشنعها ،
فإن مقابلة العظماء والأجلاء وسادات الناس بمثل ذلك يستقبحه كل أحد مؤمن
وكافر . وأرذل الناس وأسقطهم مروءة من قابلهم بالرذائل ، فكيف بعظيم
السماوات والأرض ، وملك السماوات والأرض ، وإله أهل السماوات والأرض ؟
ولولا أن رحمته سبقت غضبه ، ومغفرته سبقت عقوبته ، وإلا لتدكدكت الأرض بمن
قابله بما لا يليق مقابلته به ، ولولا حلمه ومغفرته لزلزلت السماوات والأرض
من معاصي العباد ، قال تعالى : إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا
ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا [ سورة فاطر :
41 ] .

فتأمل ختم هذه الآية باسمين من أسمائه ، وهما : " الحليم ،
والغفور " كيف تجد تحت ذلك أنه لولا حلمه عن الجناة ومغفرته للعصاة لما
استقرت السماوات والأرض ؟

وقد أخبر سبحانه عن كفر بعض عباده أنه : تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا [ سورة مريم : 90 ] .

وقد
أخرج الله سبحانه الأبوين من الجنة بذنب واحد ارتكباه وخالفا فيه نهيه ،
ولعن إبليس وطرده وأخرجه من ملكوت السماوات والأرض بذنب واحد ارتكبه وخالف
فيه أمره ، ونحن معاشر الحمقى كما قيل :


نصل الذنوب إلى الذنوب ونرتجي *** درج الجنان لذي النعيم الخالد
ولقد علمنا أخرج الأبوين من *** ملكوته الأعلى بذنب واحد


والمقصود
أن العبد قد يكون بعد التوبة خيرا مما كان قبل الخطيئة وأرفع درجة ، وقد
تضعف الخطيئة همته وتوهن عزمه ، وتمرض قلبه ، فلا يقوى دواء التوبة على
إعادته إلى الصحة الأولى ، فلا يعود إلى درجته ، وقد يزول المرض بحيث تعود
الصحة كما كانت ويعود إلى مثل عمله ، فيعود إلى درجته .

هذا كله
إذا كان نزوله إلى معصية ، فإن كان نزوله إلى أمر يقدح في أصل إيمانه ، مثل
الشكوك والريب والنفاق ، فذاك نزول لا يرجى لصاحبه صعود إلا بتجديد إسلامه
.

الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي

أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ( ابن قيم الجوزية)





[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



المصدر: القلوب البيضاء الإسلامية - [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://7stars.forumarabia.com
 
المعاصى وأثرها تدمر الإنسان دنيا وأخرة.
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سيفن ستارز :: المنتدى الاسلامى :: الدين والحياة-
انتقل الى: