منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
التفسير الميسر  للقرآن الكريم*** - صفحة 2 >

منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
التفسير الميسر  للقرآن الكريم*** - صفحة 2 >

منتديات سيفن ستارز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
ارجو من الساده الاعضاء القدامى تعديل بيانتهم الشخصية
ياجماعة انصحكم بالدخول على المنتدى بالمتصفع العملاق Mozilla Firefox
مشاركتك بالموضوعات تعنى أنك قرأت قانون المنتدى ، وأنك تتحمل المسئولية الأدبية والقانونية عن نشر هذا الموضوع او الردود
تتقدم منتديات سيفن ستارز بأحر التهانى القلبية للأخت رونى المحامية المشرفة على المنتدى القانونى وذلك بمناسبة الزواج السعيد نسأل الله لها التوفيق فى حياتها وألف مليون مبروك لها ولزوجها الأستاذ /حسين إبراهيم حسين وعقبال البكارى وحياة سعيدة ملؤها التراحم والمحبة والقرب من الله
على السادة الأعضاء الإلتزام بالأقسام النوعية للمنتدى عند تقديم مساهماتهم حيث يكون كل موضوع داخل القسم الخاص به حتى يعطى الشكل المطلوب مع سهولة الوصول إليه لكل متصفح .فالموضوعات الخاصة بالمرأة داخل منتدى المرأة .والموضوعات التى تتحدث عن الإسلام توضع فى المنتدى الإسلامى   ...وهكذا ..ونشكر لكم حسن العمل .كما نشكركم على الأداء الممتاز داخل المنتديات..كما نحذر من الخوض أو التطرق لما يمس الغير أو التهجم أو إذدراء الأديان أو الخوض فى موضوعات سياسيه..المنتديات  أصلاً ..منشأة لتبنى وجهة النظر الأجتماعيه والإسلاميه لأهل السنة والجماعة دون التقليل من الغير بل الإحترام المتبادل..وللجميع ودون تميز بجنس أو نوع أو دين أو لون وشكراً لكم جميعاً...
إدارة المنتديات...سيفن ستارز.

 

 التفسير الميسر للقرآن الكريم***

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
كاتب الموضوعرسالة





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

التفسير الميسر  للقرآن الكريم*** - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: التفسير الميسر للقرآن الكريم***   التفسير الميسر  للقرآن الكريم*** - صفحة 2 I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 20, 2013 3:08 pm

اقتباس :

وَإِنْ جَنَحُوا
لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ
عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ
السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61)


وإن مالوا إلى ترك
الحرب ورغبوا في مسالمتكم فمِلْ إلى ذلك
-أيها النبي- وفَوِّضْ أمرك إلى الله, وثق
به. إنه هو السميع لأقوالهم, العليم بنيَّاتهم.




وَإِنْ يُرِيدُوا
أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّ
هُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ
وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ
قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ
جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ
وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ
إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)


وإن أراد الذين
عاهدوك المك
ر بك فإن الله سيكفيك خداعهم;
إنه هو الذي أنزل عليك نصره وقوَّاك بالمؤمنين
من المهاجرين والأنصار, وجَمَع بين قلوبهم
بعد التفرق, لو أنفقت مال الدنيا على جمع
قلوبهم ما استطعت إلى ذلك سبيلا ولكن الله
جمع بينها على الإيمان فأصبحوا إخوانًا
متحابين, إنه عزيز في م
ُلْكه, حكيم في أمره وتدبيره.



يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ
حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ
الْمُؤْمِنِينَ (64)


يا أيها النبي إن
الله كافيك, وكافي الذين معك من المؤمنين
شرَّ أعدائكم.




يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ
حَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ
إِنْ
يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ
صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ
يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً
مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ
قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (65)


يا أيها النبي حُثَّ
المؤمنين بك على القتال, إن يكن منكم عشرون
صابرون عند لقاء الع
دو يغلبوا مائتين منهم, فإن يكن
منكم مائة مجاهدة صابرة يغلبوا ألفًا من
الكفار; لأنهم قوم لا عِلْم ولا فهم عندهم
لما أعدَّ الله للمجاهدين في سبيله, فهم
يقاتلون من أجل العلو في الأرض والفساد
فيها.




الآنَ خَفَّفَ
اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ
ضَعْفاً
فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ
صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ
يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ
بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ
(66)


الآن خفف الله عنكم
أيها المؤمنون لما فيكم من الضعف, فإن يكن
منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين
من الكافرين, وإن يكن منكم ألف
يغلبوا ألفين منهم بإذن الله تعالى. والله
مع الصابرين بتأييده ونصره.




مَا كَانَ لِنَبِيٍّ
أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ
فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا
وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ
عَزِيزٌ حَكِي
مٌ (67)

لا ينبغي لنبي أن
يكون له أسرى مِن أعدائه حتى يبالغ في القتل;
لإدخال الرعب في قلوبهم ويوطد دعائم الدين,
تريدون -يا معشر المسلمين- بأخذكم الفداء
من أسرى "بدر" متاع الدنيا, والله يريد
إظهار دينه الذي به تدرك الآخرة. والله
عزيز لا يُقْهر, حكيم في شرعه.




لَوْلا كِتَابٌ
مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا
أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68)


لولا كتاب من الله
سبق به القضاء والقدر بإباحة الغنيمة وفداء
الأسرى لهذه الأمة, لنالكم عذاب عظيم بسبب
أخْذكم الغنيمة والفداء قبل أن ينزل بشأنهما
تشريع.




فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ (69)


فكلوا من الغنائم
وفداء الأسرى فهو حلال طيب, وحافظوا على
أحكام دين الله وتشريعاته. إن الله غفور
لعباده, رحيم بهم.




يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ
قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنْ
الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمْ اللَّهُ
فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً
مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (70)


يا أيها النبي قل
لمن أسرتموهم في "بدر": لا تأسوا على
الفداء الذي أخذ منكم, إن يعلم الله تعالى
في قلوبكم خيرًا
يؤتكم خيرًا مما أُخذ منكم من
المال بأن يُيَسِّر لكم من فضله خيرًا كثيرًا
-وقد أنجز الله وعده للعباس رضي الله عنه
وغيره-, ويغفر لكم ذنوبكم. والله سبحانه
غفور لذنوب عباده إذا تابوا, رحيم بهم.




وَإِنْ يُرِيدُوا
خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ
قَبْلُ
فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ
عَلِيمٌ حَكِيمٌ (71)


وإن يرد الذين أَطْلَقْتَ
صراحهم -أيها النبي- من الأسرى الغدر بك
مرة أخرى فلا تَيْئسْ, فقد خانوا الله من
قبل وحاربوك, فنصرك الله عليهم. والله عليم
بما تنطوي عليه الصدور, حكيم في تدبير شؤون
عباده.




إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا
وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا
وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ
بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا
مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ
حَتَّى يُهَاجِر
ُوا وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ
فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ
إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ
مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ
بَصِيرٌ (72)


إن الذين صدَّقوا
الله, ورسوله وعملوا بشرعه, وهاجروا إلى
دار الإسلام, أو بلد يتمكنون فيه من عبادة
رب
هم، وجاهدوا في سبيل الله بالمال
والنفس, والذين أنزلوا المهاجرين في دورهم,
وواسوهم بأموالهم, ونصروا دين الله, أولئك
بعضهم نصراء بعض. أما الذين آمنوا ولم يهاجروا
من دار الكفر فلستم مكلفين بحمايتهم ونصرتهم
حتى يهاجروا, وإن وقع عليهم ظلم من الكفار
فطلبوا نصرتك
م فاستجيبوا لهم, إلا على قوم
بينكم وبينهم عهد مؤكد لم ينقضوه. والله
بصير بأعمالكم, بجزي كلا على قدر نيته وعمله.




وَالَّذِينَ كَفَرُوا
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ
تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ
وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73)


والذين كفروا بعضهم
ن
صراء بعض, وإن لم تكونوا -أيها
المؤمنون- نصراء بعض تكن في الأرض فتنة
للمؤمنين عن دين الله, وفساد عريض بالصد
عن سبيل الله وتقوية دعائم الكفر.




وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا
أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُ
ؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ
وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74)


والذين آمنوا بالله
ورسوله, وتركوا ديارهم قاصدين دار الإسلام
أو بلدًا يتمكنون فيه من عبادة ربهم, وجاهدوا
لإعلاء كلمة الله, والذين نصروا إخوانهم
المهاجرين وآووهم وواسوهم بالمال والتأييد,
أولئك هم المؤم
نون الصادقون حقًا, لهم مغفرة
لذنوبهم, ورزق كريم واسع في جنات النعيم.




وَالَّذِينَ آمَنُوا
مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا
مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنْكُمْ وَأُوْلُوا
الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ
فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ
شَيْء
ٍ عَلِيمٌ (75)



والذين آمنوا مِن
بعد هؤلاء المهاجرين والأنصار, وهاجروا
وجاهدوا معكم في سبيل الله, فأولئك منكم
-أيها المؤمنون- لهم ما لكم وعليهم ما عليكم,
وأولو القرابة بعضهم أولى ببعض في التوارث
في حكم الله من عامة المسلمين. إن الله بكل
شيء عليم يعلم ما يص
لح عباده مِن توريث بعضهم من
بعض في القرابة والنسب دون التوارث بالحِلْف,
وغير ذلك مما كان في أول الإسلام.





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

التفسير الميسر  للقرآن الكريم*** - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: التفسير الميسر للقرآن الكريم***   التفسير الميسر  للقرآن الكريم*** - صفحة 2 I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 20, 2013 3:13 pm

اقتباس :





9- سورة
التوبة






بَرَاءَةٌ مِنْ
اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ
عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (1)


هذه براءة من الله
ورسوله, وإعلان بالتخلي عن ا
لعهود التي كانت بين المسلمين
والمشركين.




فَسِيحُوا فِي
الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا
أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ
اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2)


فسيروا -أيها المشركون-
في الأرض مدَّة أربعة أشهر, تذهبون حيث
شئتم آمنين من المؤمني
ن, واعلموا أنكم لن تُفْلِتوا
من العقوبة, وأن الله مذل الكافرين ومورثهم
العار في الدنيا, والنار في الآخرة. وهذه
الآية لذوي العهود المطلقة غير المؤقتة,
أو من له عهد دون أربعة أشهر, فيكمَّل له
أربعة أشهر، أو مَن كان له عهد فنقضه.




وَأَذَانٌ مِنْ
اللَّهِ وَرَ
سُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ
الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ
مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ
تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ
تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ
غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرْ الَّذِينَ
كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
(3)

وإعلام من الله
ورسوله وإنذار إلى الناس يوم النحر أن الله
بريء من المشركين, ورسوله بريء منهم كذلك.
فإن رجعتم -أيها المشركون- إلى الحق وتركتم
شرككم فهو خير لكم, وإن أعرضتم عن قَبول
الحق وأبيتم الدخول في دين الله فاعلموا
أنكم لن تُفْلِتوا من عذاب الله. وأ
نذر -أيها الرسول- هؤلاء المعرضين
عن الإسلام عذاب الله الموجع.




إِلاَّ الَّذِينَ
عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ
لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا
عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ
عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ
الْمُتَّقِينَ (4)

ويُستثنى من الحكم
السابق المشركون الذين دخلوا معكم في عهد
محدد بمدة, ولم يخونوا العهد, ولم يعاونوا
عليكم أحدا من الأعداء, فأكملوا لهم عهدهم
إلى نهايته المحدودة. إن الله يحب المتقين
الذين أدَّوا ما أمروا به, واتقوا الشرك
والخيانة, وغير ذل
ك من المعاصي.



فَإِذَا انسَلَخَ
الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ
حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ
وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ
تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا
الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ
اللَّه
َ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)

فإذا انقضت الأشهر
الأربعة التي أمَّنتم فيها المشركين, فأعلنوا
الحرب على أعداء الله حيث كانوا, واقصدوهم
بالحصار في معاقلهم, وترصدوا لهم في طرقهم,
فإن رجعوا عن كفرهم ودخلوا الإسلام والتزموا
شرائعه من إقام الصلاة وإخراج الزكاة, فاتركوهم,
فقد أصبحوا إخوانكم في الإسلام,
إن الله غفور لمن تاب وأناب, رحيم بهم.




وَإِنْ أَحَدٌ
مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ
حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ
أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ
قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (6)


وإذا طلب أحد من
المشرك
ين الذين استبيحت دماؤهم وأموالهم
الدخول في جوارك -أيها الرسول- ورغب في الأمان,
فأجبه إلى طلبه حتى يسمع القرآن الكريم
ويطَّلع على هدايته, ثم أَعِدْه من حيث
أتى آمنًا; وذلك لإقامة الحجة عليه; ذلك
بسبب أن الكفار قوم جاهلون بحقائق الإسلام,
فربما اختاروه إذا زا
ل الجهل عنهم.



كَيْفَ يَكُونُ
لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ
وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ
عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا
لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ
(7)


لا ينبغي أن يكون
للم
شركين عهد عند الله وعند رسوله,
إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام في
صلح (الحديبية) فما أقاموا على الوفاء بعهدكم
فأقيموا لهم على مثل ذلك. إن الله يحب المتقين
الموفِّين بعهودهم.




كَيْفَ وَإِنْ
يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا
فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً
يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ
وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ
فَاسِقُونَ (Cool


إن شأن المشركين
أن يلتزموا بالعهود ما دامت الغلبة لغيرهم,
أما إذا شعروا بالقوة على المؤمنين فإنهم
لا يراعون القرابة ولا العهد, فلا يغرنكم
منهم ما يعاملونكم به وقت الخوف منكم,
فإنهم يقولون لكم كلامًا بألسنتهم;
لترضوا عنهم, ولكن قلوبهم تأبى ذلك, وأكثرهم
متمردون على الإسلام ناقضون للعهد.




اشْتَرَوْا بِآيَاتِ
اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ
سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ (9)


استبدلوا بآيات
الله عرض الدن
يا التافه, فأعرضوا عن الحق ومنعوا
الراغبين في الإسلام عن الدخول فيه, لقد
قَبُح فعلهم, وساء صنيعهم.




لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ
إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمْ
الْمُعْتَدُونَ (10)


إن هؤلاء المشركين
حرب على الإيمان وأهله, فلا يقيمون وزنًا
لقرابة المؤ
من ولا لعهده, وشأنهم العدوان
والظلم.




فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا
الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ
فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ
يَعْلَمُونَ (11)


فإن أقلعوا عن عبادة
غير الله, ونطقوا بكلمة التوحيد, والتزموا
شرائع الإسلام من إقام ا
لصلاة وإيتاء الزكاة, فإنهم
إخوانكم في الإسلام. ونبين الآيات, ونوضحها
لقوم ينتفعون بها.




وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ
مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي
دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ
إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ
يَنتَهُونَ (12)


وإنْ نَقَضَ هؤلاء
المشركون العهود التي أبرمتموها معهم,
وأظهروا الطعن في دين الإسلام, فقاتلوهم
فإنهم رؤساء الضلال, لا عهد لهم ولا ذمة,
حتى ينتهوا عن كفرهم وعداوتهم للإسلام.




أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْماً
نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ
الرَّسُولِ
وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ
مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ
أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ
(13)


لا تترددوا في قتال
هؤلاء القوم الذين نقضوا عهودهم, وعملوا
على إخراج الرسول من (مكة), وهم الذين بدؤوا
بإيذائكم أول الأمر, أتخافونهم أو تخافو
ن ملاقاتهم في الحرب؟ فالله
أحق أن تخافوه إن كنتم مؤمنين حقًا.




قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ
اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ
عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ
(14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ
اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَ
اءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
(15)


يا معشر المؤمنين
قاتلوا أعداء الله يعذبهم عز وجل بأيديكم,
ويذلهم بالهزيمة والخزي, وينصركم عليهم,
ويُعْلِ كلمته, ويشف بهزيمتهم صدوركم التي
طالما لحق بها الحزن والغم من كيد هؤلاء
المشركين, ويُذْهِب عن قلوب المؤمنين الغيظ.
و
من تاب من هؤلاء المعاندين فإن
الله يتوب على من يشاء. والله عليم بصدق
توبة التائب, حكيم في تدبيره وصنعه ووَضْع
تشريعاته لعباده.






أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا
وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ
جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا
مِنْ دُونِ اللَّهِ و
َلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ
وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
(16)


مِن سنة الله الابتلاء,
فلا تظنوا يا معشر المؤمنين أن يترككم الله
دون اختبار; ليعلم الله علمًا ظاهرًا للخلق
الذين أخلصوا في جهادهم, ولم يتخذوا غير
الله ورسوله والمؤمنين بطا
نة وأولياء. والله خبير بجميع
أعمالكم ومجازيكم بها.




مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ
أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ
عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ
حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ
هُمْ خَالِدُونَ (17)


ليس من شأن المشركين
إعمار بيوت ا
لله, وهم يعلنون كفرهم بالله
ويجعلون له شركاء. هؤلاء المشركون بطلت
أعمالهم يوم القيامة, ومصيرهم الخلود في
النار.




إِنَّمَا يَعْمُرُ
مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ
وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ
اللَّه
َ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا
مِنْ الْمُهْتَدِينَ (1
Cool

لا يعتني ببيوت
الله ويعمرها إلا الذين يؤمنون بالله واليوم
الآخر, ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة, ولا
يخافون في الله لومة لائم, هؤلاء العُمَّار
هم المهتدون إلى الحق.




أَجَعَلْتُمْ
سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّ
هِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ
اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ
الظَّالِمِينَ (19)


أجعلتم -أيها القوم-
ما تقومون به من سقي الحجيج وعِمارة المسجد
الحرام كإيمان من آمن بالله واليوم الآخر
وجاهد في سبيل الله؟ ل
ا تتساوى حال المؤمنين وحال
الكافرين عند الله, لأن الله لا يقبل عملا
بغير الإيمان. والله سبحانه لا يوفق لأعمال
الخير القوم الظالمين لأنفسهم بالكفر.




الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا
وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ
وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ
اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ
(20)


الذين آمنوا بالله
وتركوا دار الكفر قاصدين دار الإسلام, وبذلوا
أموالهم وأنفسهم في الجهاد لإعل
اء كلمة الله, هؤلاء أعظم درجه
عند الله, وأولئك هم الفائزون برضوانه.




يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ
مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ
فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21)


إن هؤلاء المؤمنين
المهاجرين لهم البشرى من ربهم بالرحمة
الواسعة والرضوان الذي لا سخط بع
ده, ومصيرهم إلى جنات الخلد والنعيم
الدائم.




خَالِدِينَ فِيهَا
أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ
عَظِيمٌ
(22)

ماكثين في تلك الجنان
لا نهاية لإقامتهم وتنعمهم, وذلك ثواب ما
قدَّموه من الطاعات والعمل الصالح في حياتهم
الدنيا. إن الله تعالى عنده أجر عظيم لمن
آمن وعمل صالحا بامتثال أوامره واجتناب
نواهيه.




يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَ
إِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ
إِنْ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ
هُمْ الظَّالِمُونَ (23)


يا أيها الذين صدَّقوا
الله ورسوله وعملوا بشرعه لا تتخذوا أقرباءكم
-من الآباء والإخوان وغيرهم- أولياء, تفشون
إليهم أسرا
ر المسلمين, وتستشيرونهم في
أموركم, ما داموا على الكفر معادين للإسلام.
ومن يتخذهم أولياء ويُلْقِ إليهم المودة
فقد عصى الله تعالى, وظلم نفسه ظلمًا عظيمًا.




قُلْ إِنْ كَانَ
آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ
وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَال
ٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ
تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا
أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا
حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ
لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)


قل -يا أيها الرسول- للمؤمنين: إن فَضَّلتم
الآباء والأبناء والإخوان والزوجات والقرابات
والأموال التي جمعتموها والتجارة التي
تخافون عدم رواجها والبيوت الفارهة التي
أقمتم فيها, إن فَضَّلتم ذلك على حب الله
ورسوله والجهاد في سبيله فانتظروا عقاب
الله ونكاله بكم. والله لا
يوفق الخارجين عن طاعته.



لَقَدْ نَصَرَكُمْ
اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ
حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ
فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ
عَلَيْكُمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ
وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25)


لقد أنزل الله نَصْرَه عليكم في مواقع كثيرة عندما
أخذتم بالأسباب وتوكلتم على الله. ويوم
غزوة (حنين) قلتم: لن نُغْلَبَ اليوم0 من
قلة, فغرَّتكم الكثرة فلم تنفعكم, وظهر
عليكم العدو فلم تجدوا ملجأً في الأرض الواسعة
ففررتم منهزمين.




ثُمَّ أَنزَلَ
اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُو
لِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ
وَأَنزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ
الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ
الْكَافِرِينَ (26)


ثم أنزل الله الطمأنينة
على رسوله وعلى المؤمنين فثبتوا, وأمدَّهم
بجنود من الملائكة لم يروها, فنصرهم على
عدوهم, وعذَّب الذين كفروا.
وتلك عقوبة الله للصادِّين
عن دينه, المكذِّبين لرسوله.




ثُمَّ يَتُوبُ
اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ
يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (27)


ومن رجع عن كفره
بعد ذلك ودخل الإسلام فإن الله يقبل توبة
مَن يشاء منهم, فيغفر ذنبه. والله غفور رحيم.




يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا
الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا
الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ
هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ
يُغْنِيكُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ
شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28)


يا معشر المؤمنين
إنما ال
مشركون رِجْس وخَبَث فلا تمكنوهم
من الاقتراب من الحرم بعد هذا العام التاسع
من الهجرة, وإن خفتم فقرًا لانقطاع غارتهم
عنكم, فإن الله سيعوضكم عنها, ويكفيكم من
فضله إن شاء, إن الله عليم بحالكم, حكيم
في تدبير شؤونكم.




قَاتِلُوا الَّذِينَ
لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّه
ِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ
وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ
وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ
مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى
يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ
صَاغِرُونَ (29)


أيها المسلمون
قاتلوا الكفار الذين لا يؤمنون بالله, ول
ا يؤمنون بالبعث والجزاء, ولا
يجتنبون ما نهى الله عنه ورسوله, ولا يلتزمون
أحكام شريعة الإسلام من اليهود والنصارى,
حتى يدفعوا الجزية التي تفرضونها عليهم
بأيديهم خاضعين أذلاء.




وَقَالَتْ الْيَهُودُ
عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى
الْمَسِيحُ ابْن
ُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ
بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمْ
اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30)


لقد أشرك اليهود
بالله عندما زعموا أن عزيرًا ابن الله.
وأشرك النصارى بالله عندما ادَّعوا أن
المسيح ابن الله. وهذا القو
ل اختلقوه من عند أنفسهم, وهم
بذلك لا يشابهون قول المشركين من قبلهم.
قَاتَلَ الله المشركين جميعًا كيف يعدلون
عن الحق إلى الباطل؟




اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ
وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ
اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ
وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَع
ْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا
إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا
يُشْرِكُونَ (31)


اتخذ اليهودُ والنصارى
العلماءَ والعُبَّادَ أربابًا يُشَرِّعون
لهم الأحكام, فيلتزمون بها ويتركون شرائع
الله, واتخذوا المسيح عيسى ابن مريم إلهًا
فعبدوه, وقد أمرهم الله بعبادته
وحده دون غيره، فهو الإله الحق
لا إله إلا هو. تنزَّه وتقدَّس عما يفتريه
أهل الشرك والضلال.




يُرِيدُونَ أَنْ
يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ
وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ
نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ
(32)


يريد الكفار بتكذيبهم
أن يبط
لوا دين الإسلام, ويبطلوا حجج
الله وبراهينه على توحيده الذي جاء به محمد
صلى الله عليه وسلم, ويأبى الله إلا أن يتم
دينه ويظهره, ويعلي كلمته, ولو كره ذلك الجاحدون.




هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ
رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ
لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّ
هِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ
(33)


هو الذي أرسل رسوله
محمدًا صلى الله عليه وسلم بالقرآن ودين
الإسلام; ليعليه على الأديان كلها, ولو
كره المشركون دين الحق -الإسلام- وظهوره
على الأديان.




يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنْ الأَحْبَارِ
وَالرّ
ُهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ
النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ
سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ
الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا
فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ
أَلِيمٍ (34)


يا أيها الذين صَدَّقوا
الله ورسوله وعملوا بش
رعه, إن كثيرًا من علماء أهل
الكتاب وعُبَّادهم ليأخذون أموال الناس
بغير حق كالرشوة وغيرها, ويمنعون الناس
من الدخول في الإسلام, ويصدون عن سبيل الله.
والذين يمسكون الأموال, ولا يؤدون زكاتها,
ولا يُخْرجون منها الحقوق الواجبة, فبشِّرهم
بعذاب موجع.




يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ
فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ
وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ
فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35)


يوم القيامة توضع
قطع الذهب والفضة في النار, فإذا اشتدت
حرارتها أُحرقت بها جباه أصحابها وجنوب
هم وظهورهم. وقيل لهم توبيخًا:
هذا مالكم الذي أمسكتموه ومنعتم منه حقوق
الله, فذوقوا العذاب الموجع; بسبب كنزكم
وإمساككم.




إِنَّ عِدَّةَ
الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ
شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ
السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ
فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ
وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً
كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا
أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)


إنّ عدة الشهور
في حكم الله وفيما كُتب في اللوح المحفوظ
اثنا عشر
شهرًا, يوم خلق السموات والأرض,
منها أربعة حُرُم; حرَّم الله فيهنَّ القتال
(هي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب)
ذلك هو الدين المستقيم, فلا تظلموا فيهن
أنفسكم; لزيادة تحريمها, وكون الظلم فيها
أشد منه في غيرها, لا أنَّ الظلم في غيرها
جائز. وقاتلوا المشركين
جميعًا كما يقاتلونكم جميعًا,
واعلموا أن الله مع أهل التقوى بتأييده
ونصره.




إِنَّمَا النَّسِيءُ
زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ
الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً
يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ
عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ
اللَّ
هُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ
اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ
وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ
(37)


إن الذي كانت تفعله
العرب في الجاهلية من تحريم أربعة أشهر
من السنة عددًا لا تحديدًا بأسماء الأشهر
التي حرَّمها الله, فيؤخرون بعضها أو يقد
ِّمونه ويجعلون مكانه من أشهر
الحل ما أرادوا حسب حاجتهم للقتال, إن ذلك
زيادة في الكفر, يضل الشيطان به الذين كفروا,
يحلون الذي أخروا تحريمه من الأشهر الأربعة
عامًا, ويحرمونه عاما; ليوافقوا عدد الشهور
الأربعة, فيحلوا ما حرَّم الله منها. زَيَّن
لهم الشيطان الأ
عمال السيئة. والله لا يوفق القوم
الكافرين إلى الحق والصواب.




يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ
انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ
إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ
الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ
الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ
قَلِيلٌ (38)


يا أيها الذين صدَّقوا
الله ورسوله وعملوا بشرعه، ما بالكم إذا
قيل لكم: اخرجوا إلى الجهاد في سبيل الله
لقتال أعدائكم تكاسلتم ولزمتم مساكنكم؟
هل آثرتم حظوظكم الدنيوية على نعيم الآخرة؟
فما تستمتعون به في الدنيا قلي
ل زائل, أما نعيم الآخرة الذي
أعده الله للمؤمنين المجاهدين فكثير دائم.




إِلاَّ تَنفِرُوا
يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ
قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً
وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
(39)


إن لا تنفروا أيها
المؤمنون إلى قتال
عدوكم ينزلِ الله عقوبته بكم,
ويأت بقوم آخرين ينفرون إذ ا استُنْفروا,
ويطيعون الله ورسوله, ولن تضروا الله شيئًا
بتولِّيكم عن الجهاد, فهو الغني عنكم وأنتم
الفقراء إليه. وما يريده الله يكون لا محالة.
والله على كل شيء قدير من نصر دينه ونبيه
دونكم.




إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ
إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ
اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ
يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ
اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ
عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ
تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَ
لِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا
السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا
وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)


يا معشر أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم إن لا تنفروا معه
أيها المؤمنون إذا استَنْفَركم, وإن لا
تنصروه; فقد أيده الله ونصره يوم أخرجه
الكفار من قريش من
بلده (مكة), وهو ثاني اثنين (هو
وأبو بكر الصديق رضي الله عنه) وألجؤوهما
إلى نقب في جبل ثور "بمكة"، فمكثا فيه
ثلاث ليال, إذ يقول لصاحبه (أبي بكر) لما
رأى منه الخوف عليه: لا تحزن إن الله معنا
بنصره وتأييده, فأنزل الله الطمأنينة في
قلب رسول الله صلى الله عليه
وسلم, وأعانه بجنود لم يرها
أحد من البشر وهم الملائكة, فأنجاه الله
من عدوه وأذل الله أعداءه, وجعل كلمة الذين
كفروا السفلى. وكلمةُ الله هي العليا,, ذلك
بإعلاء شأن الإسلام. والله عزيز في ملكه,
حكيم في تدبير شؤون عباده. وفي هذه الآية
منقبة عظيمة لأبي بكر الصد
يق رضي الله عنه.



انفِرُوا خِفَافاً
وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ
وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ
خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(41)


اخرجوا -أيها المؤمنون-
للجهاد في سبيل الله شبابًا وشيوخًا في
العسر واليسر, على أي حال كنتم, و
أنفقوا أموالكم في سبيل الله,
وقاتلوا بأيديكم لإعلاء كلمة الله, ذلك
الخروج والبذل خير لكم في حالكم ومآلكم
فافعلوا ذلك وانفروا واستجيبوا لله ورسوله.




لَوْ كَانَ عَرَضاً
قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاتَّبَعُوكَ
وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمْ الشُّقَّةُ
وَسَيَح
ْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوْ اسْتَطَعْنَا
لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
(42)


وبَّخ الله جلَّ
جلاله جماعة من المنافقين استأذنوا رسول
الله صلى الله عليه وسلم في التخلف عن غزوة
(تبوك) مبينًا أنه لو كان خروج
هم إلى غنيمة قريبة سهلة المنال
لاتبعوك, ولكن لما دعوا إلى قتال الروم
في أطراف بلاد (الشام) في وقت الحر تخاذلوا,
وتخلفوا, وسيعتذرون لتخلفهم عن الخروج
حالفين بأنهم لا يستطيعون ذلك, يهلكون أنفسهم
بالكذب والنفاق, والله يعلم إنهم لكاذبون
فيما يبدون لك من الأعذا
ر.



عَفَا اللَّهُ
عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ
لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ
(43)


عفا الله عنك -أيها
النبي- عمَّا وقع منك مِن تَرْك الأولى
والأكمل, وهو إذنك للمنافقين في القعود
عن الجهاد, لأي سبب أَذِنْتَ لهؤلاء بالتخلف
عن الغزوة, حتى يظهر لك الذين
صدقوا في اعتذارهم وتعلم الكاذبين منهم
في ذلك؟




لا يَسْتَأْذِنُكَ
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ
وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ
(44)


ليس من شأن المؤمنين
بال
له ورسوله واليوم الآخر أن يستأذنوك
-أيها النبي- في التخلف عن الجهاد في سبيل
الله بالنفس والمال, وإنما هذا من شأن المنافقين.
والله عليم بمن خافه فاتقاه بأداء فرائضه
واجتناب نواهيه.




إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ
الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الآ
خِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ
فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ
(45)


إنما يطلب الإذن
للتخلف عن الجهاد الذين لا يصدِّقون بالله
ولا باليوم الآخر, ولا يعملون صالحًا, وشكَّتْ
قلوبهم في صحة ما جئت به -أيها النبي- من
الإسلام وشرائعه, فهم في شكهم يتحيَّرون.




وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ
لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ
اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ
وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ
(46)


ولو أراد المنافقون
الخروج معك -أيها النبي- إلى الجهاد لتأهَّبوا
له بالزاد والراحلة, ولكن الله كره خروجهم
فثَق
ُلَ عليهم الخروج قضاء وقدرًا,
وإن كان أمرهم به شرعا, وقيل لهم: تخلفوا
مع القاعدين من المرضى والضعفاء والنساء
والصبيان.




لَوْ خَرَجُوا
فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً
وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمْ
الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ
وَ
اللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ
(47)


لو خرج المنافقون
معكم -أيها المؤمنون- للجهاد لنشروا الاضطراب
في الصفوف والشر والفساد, ولأسرعوا السير
بينكم بالنميمة والبغضاء, يبغون فتنتكم
بتثبيطكم عن الجهاد في سبيل الله, وفيكم
-أيها المؤمنون- عيون لهم يسمعون أخباركم,
وينقلونها إليهم. والله عليم
بهؤلاء المنافقين الظالمين, وسيجازيهم
على ذلك.




لَقَدْ ابْتَغَوْا
الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا
لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ
وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ
(48)


لقد ابتغى المنافقون
فتنة المؤمنين عن دينهم
وصدهم عن سبيل الله من قبل غزوة
(تبوك), وكشف أمرهم, وصرَّفوا لك -أيها النبي-
الأمور في إبطال ما جئت به, كما فعلوا يوم
(أحد) ويوم (الخندق), ودبَّروا لك الكيد حتى
جاء النصر من عند الله, وأعز جنده ونصر دينه,
وهم كارهون له.




وَمِنْهُمْ مَنْ
يَقُولُ ائْذَنْ لِ
ي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي
الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ
لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (49)


ومِن هؤلاء المنافقين
من يطلب الإذن للقعود عن الجهاد ويقول:
لا توقعْني في الابتلاء بما يعرض لي في
حالة الخروج من فتنة النساء. لقد سقط هؤلاء
المنافقون في فتنة
النفاق الكبرى. فإن جهنم لمحيطة
بالكافرين بالله واليوم الآخر, فلا يُفْلِت
منهم أحد.




إِنْ تُصِبْكَ
حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ
مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا
مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوا وَهُمْ فَرِحُونَ
(50)


إن يصبك -أيها النبي-
سرور وغ
نيمة يحزن المنافقون, وإن يلحق
بك مكروه من هزيمة أو شدة يقولوا: نحن أصحاب
رأي وتدبير قد احتطنا لأنفسنا بتخلفنا
عن محمد, وينصرفوا وهم مسرورون بما صنعوا
وبما أصابك من السوء.




قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا
إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ
مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ
فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ
(51)


قل -أيها النبي-
لهؤلاء المتخاذلين زجرًا لهم وتوبيخًا:
لن يصيبنا إلا ما قدَّره الله علينا وكتبه
في اللوح المحفوظ, هو ناصرنا على أعدائنا,
وعلى الله, وحده فليعتمد المؤمنون به.




قُلْ هَلْ تَتَربَّصُونَ
بِنَا إِلاَّ إِحْدَى
الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ
نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ
اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ
بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ
مُتَرَبِّصُونَ (52)


قل لهم -أيها النبي-:
هل تنتظرون بنا إلا شهادة أو ظفرًا بكم؟
ونحن ننتظر بكم أن يصيبكم الله بعقو
بة مِن عنده عاجلة تهلككم أو
بأيدينا فنقتلكم, فانتظروا إنا معكم منتظرون
ما الله فاعل بكل فريق منا ومنكم.




قُلْ أَنفِقُوا
طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ
مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ
(53)


قل -أيها النبي-
للمنافقين: أنفقوا أموالكم كيف
شئتم, وعلى أي حال شئتم طائعين
أو كارهين, لن يقبل الله منكم نفقاتكم; لأنكم
قوم خارجون عن دين الله وطاعته.




وَمَا مَنَعَهُمْ
أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ
إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ
وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ
إِلاَّ وَهُمْ كُسَال
َى وَلا يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ
كَارِهُونَ (54)


وسبب عدم قَبول
نفقاتهم أنهم أضمروا الكفر بالله عز وجل
وتكذيب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم,
ولا يأتون الصلاة إلا وهم متثاقلون, ولا
ينفقون الأموال إلا وهم كارهون, فهم لا
يرجون ثواب هذه الفرائض, ولا يخشون على
تركها عقابًا بسبب كفرهم.



فَلا تُعْجِبْكَ
أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ
أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55)


فلا تعجبك -أيها
النبي- أموال هؤلاء المنافقين ولا أولادهم,
إنما
يريد الله أن يعذبهم بها في الحياة
الدنيا بالتعب في تحصيلها وبالمصائب التي
تقع فيها, حيث لا يحتسبون ذلك عند الله,
وتخرج أنفسهم, فيموتوا على كفرهم بالله
ورسوله.




وَيَحْلِفُونَ
بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا
هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُون
َ (56)

ويحلف هؤلاء المنافقون
بالله لكم أيها المؤمنون كذبًا وباطلا
إنهم لمنكم, وليسوا منكم, ولكنهم قوم يخافون
فيحلفون تَقِيَّة لكم.




لَوْ يَجِدُونَ
مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً
لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ
(57)


لو يجد هؤلاء المنافقون مأمنًا وحصنًا يحفظهم, أو كهفًا
في جبل يؤويهم, أو نفقًا في الأرض ينجيهم
منكم, لانصرفوا إليه وهم يسرعون.




وَمِنْهُمْ مَنْ
يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا
مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا
مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (58)


ومن المنافقين
مَن
يعيبك في قسمة الصدقات, فإن نالهم
نصيب منها رضوا وسكتوا, وإن لم يصبهم حظ
منها سخطوا عليك وعابوك.




وَلَوْ أَنَّهُمْ
رَضُوا مَا آتَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ
وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا
اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا
إِلَى اللَّهِ رَاغِ
بُونَ (59)

ولو أن هؤلاء الذين
يعيبونك في قسمة الصدقات رضوا بما قسم الله
ورسوله لهم, وقالوا: حسبنا الله, سيؤتينا
الله من فضله, ويعطينا رسوله مما آتاه الله,
إنا نرغب أن يوسع الله علينا, فيغنينا عن
الصدقة وعن صدقات الناس. لو فعلوا ذلك لكان
خيرًا لهم وأجدى.




إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ
وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا
وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ
وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ
وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)


إنما تعطى الزكوات
ال
واجبة للمحتاجين الذين لا يملكون
شيئًا, وللمساكين الذين لا يملكون كفايتهم,
وللسعاة الذين يجمعونها, وللذين تؤلِّفون
قلوبهم بها ممن يُرْجَى إسلامه أو قوة إيمانه
أو نفعه للمسلمين, أو تدفعون بها شرَّ أحد
عن المسلمين, وتعطى في عتق رقاب الأرقاء
والمكاتبين, وتعطى
للغارمين لإصلاح ذات البين,
ولمن أثقلَتْهم الديون في غير فساد ولا
تبذير فأعسروا, وللغزاة في سبيل الله, وللمسافر
الذي انقطعت به النفقة, هذه القسمة فريضة
فرضها الله وقدَّرها. والله عليم بمصالح
عباده, حكيم في تدبيره وشرعه.






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

التفسير الميسر  للقرآن الكريم*** - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: التفسير الميسر للقرآن الكريم***   التفسير الميسر  للقرآن الكريم*** - صفحة 2 I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 20, 2013 3:18 pm

اقتباس :



وَمِنْهُمْ الَّذِينَ
يُؤْذُونَ النّ
َبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ
قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ
وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ
لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ
يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ (61)


ومن المنافقين
قوم يؤذون رسول الله صلى الله عليه
وسلم بالكلام, ويقولون: إنه
يستمع لكل ما يقال له فيصدقه, قل لهم -أيها
النبي-: إن محمدًا هو أذن تستمع لكل خير,
يؤمن بالله ويصدق المؤمنين فيما يخبرونه,
وهو رحمة لمن اتبعه واهتدى بهداه. والذين
يؤذون رسول الله محمدًا صلى الله عليه وسلم
بأي نوع من أنواع الإيذاء
, لهم عذاب مؤلم موجع.



يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ
لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ
أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ
(62)


يحلف المنافقون
الأيمان الكاذبة, ويقدمون الأعذار الملفقة;
ليُرضُوا المؤمنين, والله ورسوله أحق وأولى
أن يُرضُوهما بال
إيمان بهما وطاعتهما, إن كانوا
مؤمنين حقًا.




أَلَمْ يَعْلَمُوا
أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً
فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63)


ألم يعلم هؤلاء
المنافقون أن مصير الذين يحاربون الله
ورسوله نارُ جهنم لهم
العذاب الدائم فيها؟ ذلك المصبر
هو الهوان والذل العظيم, ومن المحاربة أذِيَّة
رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبه والقدح
فيه, عياذًا بالله من ذلك.




يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ
أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ
بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ اسْتَهْزِئ
ُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ
مَا تَحْذَرُونَ (64)


يخاف المنافقون
أن تنزل في شأنهم سورة تخبرهم بما يضمرونه
في قلوبهم من الكفر, قل لهم -أيها النبي-:
استمروا على ما أنتم عليه من الاستهزاء
والسخرية, إن الله مخرج حقيقة ما تحذرون.




وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ
لَيَقُولُ
نَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ
وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ
وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ
(65)


ولئن سألتهم -أيها
النبي- عما قالوا من القَدْح في حقك وحق
أصحابك لَيَقولُنَّ: إنما كنا نتحدث بكلام
لا قصد لنا به, قل لهم -أيها النبي-: أبالله
عز وجل
وآياته ورسوله كنتم تستهزئون؟



لا تَعْتَذِرُوا
قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ
إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ
طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ
(66)


لا تعتذروا -معشر
المنافقين- فلا جدوى مِن اعتذاركم, قد كفرتم
بهذا المقال الذي است
هزأتم به, إن نعف عن جماعة منكم
طلبت العفو وأخلصت في توبتها, نعذب جماعة
أخرى بسبب إجرامهم بهذه المقالة الفاجرة
الخاطئة.




الْمُنَافِقُونَ
وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ
يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ
عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِي
َهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ
إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ
(67)


المنافقون والمنافقات
صنف واحد في إعلانهم الإيمان واستبطانهم
الكفر, يأمرون بالكفر بالله ومعصية رسوله
وينهون عن الإيمان والطاعة, ويمسكون أيديهم
عن النفقة في سبيل الله, نسوا الله
فلا يذكرونه, فنسيهم من رحمته,
فلم يوفقهم إلى خير. إن المنافقين هم الخارجون
عن الإيمان بالله ورسوله.




وَعَدَ اللَّهُ
الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ
نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ
حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمْ اللَّهُ وَلَهُمْ
عَذَابٌ مُق
ِيمٌ (68)

وعد الله المنافقين
والمنافقات والكفار بأن مصيرهم إلى نار
جهنم خالدين فيها أبدًا, هي كافيتهم; عقابًا
على كفرهم بالله, وطردهم الله مِن رحمته,
ولهم عذاب دائم.




كَالَّذِينَ مِنْ
قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ
قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَو
ْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ
فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا
اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا
أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي
الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ
هُمْ الْخَاسِرُونَ (69)


إن أفعالكم -معشر المنافقين- من الاستهزاء
والكفر كأفعال الأمم السابقة التي كانت
على جانب من القوة والمال والأولاد أشد
منكم, فاطْمَأنوا إلى الحياة الدنيا, وتَمتَّعوا
بما فيها من الحظوظ والملذات, فاستمعتم
أيها المنافقون بنصيبكم من الشهوات الفانية
كاستمتاع الذين من
قبلكم بحظوظهم الفانية, وخضتم
بالكذب على الله كخوض تلك الأمم قبلكم,
أولئك الموصوفون بهذه الأخلاق هم الذين
ذهبت حسناتهم في الدنيا والآخرة, وأولئك
هم الخاسرون ببيعهم نعيم الآخرة بحظوظهم
من الدنيا.




أَلَمْ يَأْتِهِمْ
نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ
ن
ُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ
إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ
أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالبَيِّنَاتِ
فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ
كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (70)


ألم يأت هؤلاء المنافقين
خبرُ الذين مضوا مِن قوم نوح و
قبيلة عاد وقبيلة ثمود وقوم
إبراهيم وأصحاب (مدين) وقوم لوط عندما جاءهم
المرسلون بالوحي وبآيات الله فكذَّبوهم؟
فأنزل الله بهؤلاء جميعًا عذابه; انتقامًا
منهم لسوء عملهم, فما كان الله ليظلمهم,
ولكن كانوا هم الظالمين لأنفسهم بالتكذيب
والمخالفة.




وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ
أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ
الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ
اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
(71)


والمؤمنون والمؤمنات بالله ورسوله
بعضهم أنصار بعض, يأمرون الناس بالإيمان
والعمل الصالح, وينهونهم عن الكفر والمعاصي,
ويؤدون الصلاة, ويعطون الزكاة, ويطيعون
الله ورسوله, وينتهون عما نُهوا عنه, أولئك
سيرحمهم الله فينقذهم من عذابه ويدخلهم
جنته. إن الله عزيز في ملك
ه, حكيم في تشريعاته وأحكامه.



وَعَدَ اللَّهُ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ
فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ
عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ أَكْبَرُ
ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)


وعد الله المؤمنين والمؤمنات بالله
ورسوله جنات تجري من تحتها الأنهار ماكثين
فيها أبدًا, لا يزول عنهم نعيمها, ومساكن
حسنة البناء طيبة القرار في جنات إقامة,
ورضوان من الله أكبر وأعظم مما هم فيه من
النعيم. ذلك الوعد بثواب الآخرة هو الفلاح
العظيم.




يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ
وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ
وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ
(73)


يا أيها النبي جاهد
الكفار بالسيف والمنافقين باللسان والحجة,
واشدد على كلا الفريقين, ومقرُّهم جهنم,
وبئس المصير مصيرهم.




يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا
كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ
إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا
وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمْ
اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ
يَتُوبُوا يَكُنْ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ
يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْ
هُمْ اللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً
فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ
فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ
(74)


يحلف المنافقون
بالله أنهم ما قالوا شيئًا يسيء إلى الرسول
وإلى المسلمين, إنهم لكاذبون; فلقد قالوا
كلمة الكفر وارتدوا بها عن الإسلام وحاولوا
ال
إضرار برسول الله محمد صلى الله
عليه وسلم, فلم يمكنهم الله من ذلك, وما
وجد المنافقون شيئًا يعيبونه, وينتقدونه,
إلا أن الله -تعالى- تفضل عليهم, فأغناهم
بما فتح على نبيه صلى الله عليه وسلم من
الخير والبركة, فإن يرجع هؤلاء الكفار إلى
الإيمان والتوبة فهو خير له
م, وإن يعرضوا, أو يستمروا على
حالهم, يعذبهم الله العذاب الموجع في الدنيا
على أيدي المؤمنين, وفي الآخرة بنار جهنم,
وليس لهم منقذ ينقذهم ولا ناصر يدفع عنهم
سوء العذاب.




وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ
لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ
وَلَنَكُونَ
نَّ مِنْ الصَّالِحِينَ (75)

ومن فقراء المنافقين
مَن يقطع العهد على نفسه: لئن أعطاه الله
المال ليصدَّقنَّ منه, وليعمَلنَّ ما يعمل
الصالحون في أموالهم, وليسيرَنَّ في طريق
الصلاح.




فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ
بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ
(76)

فلما أعطاهم الله
من فضله بخلوا بإعطاء الصدقة وبإنفاق المال
في الخير, وتولَّوا وهم معرضون عن الإسلام.




فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي
قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ
بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ
وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77)


فكان جزاء صنيعهم وعاقبتهم أَنْ زادهم
نفاقًا على نفاقهم, لا يستطيعون التخلص
منه إلى يوم الحساب; وذلك بسبب إخلافهم
الوعد الذي قطعوه على أنفسهم, وبسبب نفاقهم
وكذبهم.




أَلَمْ يَعْلَمُوا
أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ
وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ
(78)

ألم يعلم هؤلاء
المنافقون أن الله يعلم ما يخفونه في أنفسهم
وما يتحدثون به في مجالسهم من الكيد والمكر,
وأن الله علام الغيوب؟ فسيجازيهم على أعمالهم
التي أحصاها عليهم.




الَّذِينَ يَلْمِزُونَ
الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ
فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِي
نَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ
فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ
مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79)


ومع بخل المنافغين
لا يَسْلَم المتصدقون من أذاهم; فإذا تصدق
الأغنياء بالمال الكثير عابوهم واتهموهم
بالرياء, وإذا تصدق الفقراء بما في طاقتهم
استهز
ؤوا بهم, وقالوا سخرية منهم:
ماذا تجدي صدقتهم هذه؟ سخر الله من هؤلاء
المنافقين, ولهم عذاب مؤلم موجع.




اسْتَغْفِرْ لَهُمْ
أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ
لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ
اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا
بِاللّ
َهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ
لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (80)


استغفر -أيها الرسول-
للمنافقين أو لا تستغفر لهم, فلن يغفر الله
لهم, مهما كثر استغفارك لهم وتكرر; لأنهم
كفروا بالله ورسوله. والله سبحانه وتعالى
لا يوفق للهدى الخارجين عن طاعته.




فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ
خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ
يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنفِرُوا
فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ
حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81)


فرح المخلفون الذين
تخلفوا ع
ن رسول الله صلى الله عليه وسلم
بقعودهم في (المدينة) مخالفين لرسول الله
صلى الله عليه وسلم, وكرهوا أن يجاهدوا
معه بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله, وقال
بعضهم لبعض: لا تنفروا في الحرِّ, وكانت
غزوة (تبوك) في وقت شدة الحرِّ. قل لهم -أيها
الرسول-: نار جهنم أشد حر
ًا, لو كانوا يعلمون ذلك.



فَلْيَضْحَكُوا
قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزَاءً
بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82)


فليضحك هؤلاء المنافقون
الذين تخلفوا عن رسول الله في غزوة (تبوك)
قليلا في حياتهم الدنيا الفانية, وليبكوا
كثيرًا في نار جهنم; جزاءً بما كانوا يكسب
ون في الدنيا من النفاق والكفر.



فَإِنْ رَجَعَكَ
اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ
لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِي
أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِي عَدُوّاً
إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ
مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِ
فِينَ (83)

فإنْ رَدَّك الله
-أيها الرسول- مِن غزوتك إلى جماعة من المنافقين
الثابتين على النفاق, فاستأذنوك للخروج
معك إلى غزوة أخرى بعد غزوة (تبوك) فقل لهم:
لن تخرجوا معي أبدًا في غزوة من الغزوات,
ولن تقاتلوا معي عدوًا من الأعداء; إنكم
رضيتم بالقعود أول مرة
, فاقعدوا مع الذين تخلفوا عن
الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.




وَلا تُصَلِّ عَلَى
أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ
عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ
وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ
(84)


ولا تصلِّ -أيها
الرسول- أبدًا على أ
حد مات من المنافقين, ولا تقم
على قبره لتدعو له; لأنهم كفروا بالله تعالى
وبرسوله صلى الله عليه وسلم وماتوا وهم
فاسقون. وهذا حكم عام في كل من عُلِمَ نفاقه.




وَلا تُعْجِبْكَ
أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا
يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا
فِي ا
لدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ
وَهُمْ كَافِرُونَ (85)


ولا تعجبك -أيها
الرسول- أموال هؤلاء المنافقين وأولادهم,
إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا
بمكابدتهم الشدائد في شأنها, وبموتهم على
كفرهم بالله ورسوله.




وَإِذَا أُنزِلَتْ
سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِال
لَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ
اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ
وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ
(86)


وإذا أنزلت سورة
على محمد صلى الله عليه ولم تأمر بالإيمان
بالله والإخلاص له والجهاد مع رسول الله,
طلب الإذن منك -أيها الرسول- أولو ا
ليسار من المنافقين, وقالوا:
اتركنا مع القاعدين العاجزين عن الخروج.




رَضُوا بِأَنْ
يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ
عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ
(87)


رضي هؤلاء المنافقون
لأنفسهم بالعار, وهو أن يقعدوا في البيوت
مع النساء والصبيان وأصحاب الأعذا
ر, وختم الله على قلوبهم; بسبب
نفاقهم وتخلفهم عن الجهاد والخروج مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله, فهم
لا يفقهون ما فيه صلاحهم ورشادهم.




لَكِنْ الرَّسُولُ
وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا
بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ
لَهُمْ الْ
خَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ
الْمُفْلِحُونَ (88)


إنْ تخلَّف هؤلاء
المنافقون عن الغزو, فقد جاهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه بأموالهم
وأنفسهم, وأولئك لهم النصر والغنيمة في
الدنيا, والجنة والكرامة في الآخرة, وأولئك
هم الفائزون.




أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ
تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89)


أعدَّ الله لهم
يوم القيامة جنات تجري مِن تحت أشجارها
الأنهار ماكثين فيها أبدًا. وذلك هو الفلاح
العظيم.




وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ
مِنْ الأَعْرَابِ لِيُؤْذ
َنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ
كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ (90)


وجاء جماعة من أحياء
العرب حول (المدينة) يعتذرون إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم, ويبينون له ما هم فيه
من الضعف وعدم القدرة على الخروج للغ
زو, وقعد قوم بغير عذر أظهروه
جرأة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سيصيب الذين كفروا من هؤلاء عذاب أليم في
الدنيا بالقتل وغيره, وفي الآخرة بالنار.




لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ
وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ
لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِ
ذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ
مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ
وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91)


ليس على أهل الأعذار
مِن الضعفاء والمرضى والفقراء الذين لا
يملكون من المال ما يتجهزون به للخروج إثم
في القعود إذا أخلصوا لله ورسوله, وعملوا
بشرعه, ما على
مَن أحسن ممن منعه العذر عن الجهاد
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو ناصح
لله ولرسوله من طريق يعاقب مِن قِبَلِه
ويؤاخذ عليه. والله غفور للمحسنين, رحيم
بهم.




وَلا عَلَى الَّذِينَ
إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ
لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ
تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ
تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ
يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ (92)


وكذلك لا إثم على
الذين إذا ما جاؤوك يطلبون أن تعينهم بحملهم
إلى الجهاد قلت لهم: لا أجد ما أحملكم عليه
من الدوابِّ, فانصرفوا عنك, وقد فاضت أعينهم
دَمعًا أسفًا على م
ا فاتهم من شرف الجهاد وثوابه;
لأنهم لم يجدوا ما ينفقون, وما يحملهم لو
خرجوا للجهاد في سبيل الله.




إِنَّمَا السَّبِيلُ
عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ
أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا
مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى
قُلُوبِهِمْ فَهُمْ
لا يَعْلَمُونَ (93)

إنما الإثم واللوم
على الأغنياء الذين جاءوك -أيها الرسول-
يطلبون الإذن بالتخلف, وهم المنافقون الأغنياء
اختاروا لأنفسهم القعود مع النساء وأهل
الأعذار, وختم الله على قلوبهم بالنفاق,
فلا يدخلها إيمان, فهم لا يعلمون سوء عاقبتهم
بتخلفهم عنك و
تركهم الجهاد معك.














الجزء الحادي عشر
:




يَعْتَذِرُونَ
إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ
قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ
قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ
وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ
ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ ال
ْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ
بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (94)


يعتذر إليكم -أيها
المؤمنون- هؤلاء المتخلفون عن جهاد المشركين
بالأكاذيب عندما تعودون مِن جهادكم من
غزوة (تبوك), قل لهم -أيها الرسول-: لا تعتذروا
لن نصدقكم فيما تقولون, قد نبأنا الله من
أم
ركم ما حقق لدينا كذبكم, وسيرى
الله عملكم ورسوله, إن كنتم تتوبون من نفاقكم,
أو تقيمون عليه, وسيُظهر للناس أعمالكم
في الدنيا, ثم ترجعون بعد مماتكم إلى الذي
لا تخفى عليه بواطن أموركم وظواهرها, فيخبركم
بأعمالكم كلها, ويجازيكم عليها.




سَيَحْلِفُونَ
بِاللَّهِ ل
َكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ
لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ
إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ
جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95)


سيحلف لكم المنافقون
بالله -كاذبين معتذرين- إذا رجعتم إليهم
من الغزو; لتتركوهم دون مساءلة, فاجتنب
وهم وأعرضوا عنهم احتقارًا لهم,
إنهم خبثاء البواطن, ومكانهم الذي يأوون
إليه في الآخرة نار جهنم; جزاء بما كانوا
يكسبون من الآثام والخطايا.




يَحْلِفُونَ لَكُمْ
لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا
عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنْ
الْقَوْمِ الْفَاسِق
ِينَ (96)

يحلف لكم -أيها
المؤمنون- هؤلاء المنافقون كذبًا; لتَرضَوا
عنهم, فإن رضيتم عنهم -لأنكم لا تعلمون كذبهم-
فإن الله لا يرضى عن هؤلاء وغيرهم ممن استمروا
على الفسوق والخروج عن طاعة الله ورسوله.




الأَعْرَابُ أَشَدُّ
كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ
يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ
اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ
حَكِيمٌ (97)


الأعراب سكان البادية
أشد كفرًا ونفاقًا من أهل الحاضرة, وذلك
لجفائهم وقسوة قلوبهم وبُعدهم عن العلم
والعلماء, ومجالس الوعظ والذكر, فهم لذلك
أحق بأن لا يعلموا حدود الدين, وما أنزل
الله من الشرائع والأحكام. والله عليم بحال
هؤلاء جميعًا, حكيم في تدبيره لأمور عب
اده.



وَمِنْ الأَعْرَابِ
مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً
وَيَتَرَبَّصُ بِكُمْ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ
دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ (98)


ومن الأعراب مَن
يحتسب ما ينفق في سبيل الله غرامة وخسارة
لا يرجو له ثوابًا, ولا يدفع عن نفسه عقابً
ا, وينتظر بكم الحوادث والآفات,
ولكن السوء دائر عليهم لا بالمسلمين. والله
سميع لما يقولون عليم بنياتهم الفاسدة.




وَمِنْ الأَعْرَابِ
مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ
عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ
أَلا إِن
َّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمْ
اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ
غَفُورٌ رَحِيمٌ (99)


ومن الأعراب مَن
يؤمن بالله ويقرُّ بوحدانيته وبالبعث بعد
الموت, والثواب والعقاب, ويحتسب ما ينفق
من نفقة في جهاد المشركين قاصدًا بها رضا
الله ومحبته, ويجعلها وسيلة
إلى دعاء الرسول صلى الله عليه
وسلم له, ألا إن هذه الأعمال تقربهم إلى
الله تعالى, سيدخلهم الله في جنته. إن الله
غفور لما فعلوا من السيئات, رحيم بهم.




وَالسَّابِقُونَ
الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ
وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ
رَضِ
يَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا
عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي
تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
(100)


والذين سبقوا الناس
أولا إلى الإيمان بالله ورسوله من المهاجرين
الذين هجروا قومهم وعشيرتهم وانتقلوا إلى
دا
ر الإسلام, والأنصار الذين نصروا
رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعدائه
الكفار, والذين اتبعوهم بإحسان في الاعتقاد
والأقوال والأعمال طلبًا لمرضاة الله سبحانه
وتعالى, أولئك الذين رضي الله عنهم لطاعتهم
الله ورسوله, ورضوا عنه لما أجزل لهم من
الثواب على طاعتهم
وإيمانهم, وأعدَّ لهم جنات تجري
تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا, ذلك هو
الفلاح العظيم. وفي هذه الآية تزكية للصحابة
-رضي الله عنهم- وتعديل لهم, وثناء عليهم;
ولهذا فإن توقيرهم من أصول الإيمان.




وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ
مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ
أَهْلِ
الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى
النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ
سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ
إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101)


ومن القوم الذين
حول (المدينة) أعراب منافقون, ومن أهل (المدينة)
منافقون أقاموا على النفاق, وازدادوا فيه
طغيا
نًا, بحيث يخفى عليك -أيها الرسول-
أمرهم, نحن نعلمهم, سنعذبهم مرتين: بالقتل
والسبي والفضيحة في الدنيا, وبعذاب القبر
بعد الموت, ثم يُرَدُّون يوم القيامة إلى
عذاب عظيم في نار جهنم.




وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا
بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً
وَآخَرَ سَيِّ
ئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ
عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
(102)


وآخرون من أهل (المدينة)
وممن حولها, اعترفوا بذنوبهم وندموا عليها
وتابوا منها, خلطوا العمل الصالح -وهو التوبة
والندم والاعتراف بالذنب وغير ذلك من الأعمال
الصالحة- بآخر سيِّئ- وهو
التخلف عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم وغيره من الأعمال السيئة -عسى
الله أن يوفقهم للتوبة ويقبلها منهم. إن
الله غفور لعباده, رحيم بهم.




خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ
صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ
بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ
سَكَنٌ لَهُمْ وَا
للَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)

خذ -أيها النبي-
من أموال هؤلاء التائبين الذين خلطوا عملا
صالحا وآخر سيئا صدقة تطهرهم مِن دنس ذنوبهم,
وترفعهم عن منازل المنافقين إلى منازل
المخلصين, وادع لهم بالمغفرة لذنوبهم واستغفر
لهم منها, إن دعاءك واستغفارك رحمة وطمأنينة
له
م. والله سميع لكل دعاء وقول,
عليم بأحوال العباد ونياتهم, وسيجازي كلَّ
عامل بعمله.




أَلَمْ يَعْلَمُوا
أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ
عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ
وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
(104)


ألم يعلم هؤلاء
المتخلفون
عن الجهاد وغيرهم أن الله وحده
هو الذي يقبل توبة عباده, ويأخذ الصدقات
ويثيب عليها, وأن الله هو التواب لعباده
إذا رجعوا إلى طاعته, الرحيم بهم إذا أنابوا
إلى رضاه؟




وَقُلْ اعْمَلُوا
فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ
وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِل
َى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
(105)


وقل -أيها النبي-
لهؤلاء المتخلِّفين عن الجهاد: اعملوا
لله بما يرضيه من طاعته، وأداء فرائضه،
واجتناب المعاصي, فسيرى الله عملكم ورسوله
والمؤمنون, وسيتبين أمركم, وسترجعون يوم
القيامة إلى مَن يعلم سركم وجهركم,
فيخبركم بما كنتم تعملون. وفي هذا تهديد
ووعيد لمن استمر على باطله وطغيانه.




وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ
لأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ
وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ
عَلِيمٌ حَكِيمٌ (106)


ومن هؤلاء المتخلفين
عنكم -أ
يها المؤمنون- في غزوة (تبوك)
آخرون مؤخرون; ليقضي الله فيهم ما هو قاض.
وهؤلاء هم الذين ندموا على ما فعلوا, وهم:
مُرارة بن الربيع, وكعب بن مالك, وهلال بن
أُميَّة, إما يعذبهم الله, وإما يعفو عنهم.
والله عليم بمن يستحق العقوبة أو العفو,
حكيم في كل أقواله وأفعا
له.



وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا
مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً
بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِمَنْ
حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ
وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ
الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ
لَكَاذِبُونَ (107)


والمنافقون الذين بنوا مسجدًا; مضارة
للمؤمنين وكفرًا بالله وتفريقًا بين المؤمنين,
ليصلي فيه بعضهم ويترك مسجد (قباء) الذي
يصلي فيه المسلمون, فيختلف المسلمون ويتفرقوا
بسبب ذلك, وانتظارا لمن حارب الله ورسوله
من قبل -وهو أبو عامر الراهب الفاسق- ليكون
مكانًا للكيد للم
سلمين, وليحلفنَّ هؤلاء المنافقون
أنهم ما أرادوا ببنائه إلا الخير والرفق
بالمسلمين والتوسعة على الضعفاء العاجزين
عن السير إلى مسجد (قباء), والله يشهد إنهم
لكاذبون فيما يحلفون عليه. وقد هُدِم المسجد
وأُحرِق.




لا تَقُمْ فِيهِ
أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى
التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ
أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ
يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ
يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108)


لا تقم -أيها النبي-
للصلاة في ذلك المسجد أبدًا; فإن المسجد
الذي أُسِّسَ على التقوى من أول يوم -وهو
مسجد (قباء)-
أولى أن تقوم فيه للصلاة, ففي
هذا المسجد رجال يحبون أن يتطهروا بالماء
من النجاسات والأقذار, كما يتطهرون بالتورع
والاستغفار من الذنوب والمعاصي. والله
يحب المتطهرين. وإذا كان مسجد (قباء) قد
أُسِّسَ على التقوى من أول يوم, فمسجد رسول
الله, صلى الله عليه وسلم, ك
ذلك بطريق الأولى والأحرى.



أَفَمَنْ أَسَّسَ
بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنْ اللَّهِ
وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ
بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ
فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ
لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109)


لا يستوي مَن أسَّس بنيانه على تقوى الله
وطاعته ومرضاته, ومن أسَّس بنيانه على طرف
حفرة متداعية للسقوط, فبنى مسجدًا ضرارًا
وكفرًا وتفريقًا بين المسلمين, فأدَّى
به ذلك إلى السقوط في نار جهنم. والله لا
يهدي القوم الظالمين المتجاوزين حدوده.




لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمْ
الَّ
ذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ
إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ
عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110)


لا يزال بنيان المنافقين
الذي بنوه مضارَّة لمسجد (قباء) شكًا ونفاقًا
ماكثًا في قلوبهم, إلى أن تتقطع قلوبهم
بقتلهم أو موتهم, أو بندمهم غاية الندم,
وتوبتهم إ
لى ربهم, وخوفهم منه غاية الخوف.
والله عليم بما عليه هؤلاء المنافقون من
الشك وما قصدوا في بنائهم, حكيم في تدبير
أمور خلقه.




إِنَّ اللَّهَ
اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ
وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ
يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَ
يَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ
وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ
وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى
بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا
بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ
وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)


إن الله اشترى من
المؤمنين أنف
سهم بأن لهم في مقابل ذلك الجنة,
وما أعد الله فيها من النعيم لبذلهم نفوسهم
وأموالهم في جهاد أعدائه لإعلاء كلمته
وإظهار دينه, فيَقْتلون ويُقتَلون, وعدًا
عليه حقًا في التوراة المنزلة على موسى
عليه السلام, والإنجيل المنزل على عيسى
عليه السلام, والقرآن المنزل ع
لى محمد صلى الله عليه وسلم.
ولا أحد أوفى بعهده من الله لمن وفَّى بما
عاهد الله عليه, فأظهِروا السرور-أيها المؤمنون-
ببيعكم الذي بايعتم الله به, وبما وعدكم
به من الجنة والرضوان, وذلك البيع هو الفلاح
العظيم.




التَّائِبُونَ
الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّا
ئِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ
الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ
عَنْ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ
اللَّهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (112)


ومن صفات هؤلاء
المؤمنين الذين لهم البشارة بدخول الجنة
أنهم التائبون الراجعون عما كرهه الله
إلى ما ي
حبه ويرضاه, الذين أخلصوا العبادة
لله وحده وجدوا في طاعته, الذين يحمدون
الله على كل ما امتحنهم به من خير أو شر,
الصائمون, الراكعون في صلاتهم, الساجدون
فيها, الذين يأمرون الناس بكل ما أمر الله
ورسوله به, وينهونهم عن كل ما نهى الله عنه
ورسوله, المؤدون فرائض ا
لله المنتهون إلى أمره ونهيه,
القائمون على طاعته, الواقفون عند حدوده.
وبشِّر -أيها النبي- هؤلاء المؤمنين المتصفين
بهذه الصفات برضوان الله وجنته.




مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ
وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا
لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي
قُرْبَى م
ِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ
أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113)


ما كان ينبغي للنبي
محمد صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا أن
يدعوا بالمغفرة للمشركين, ولو كانوا ذوي
قرابة لهم مِن بعد ما ماتوا على شركهم بالله
وعبادة الأوثان, وتبين لهم أنهم أصحاب الجحيم
لم
وتهم على الشرك, والله لا يغفر
للمشركين, كما قال تعالى: (إِنَّ اللهَ لا
يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) وكما قال
سبحانه: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ
فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ).




وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ
إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِ
دَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا
تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ
تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ
لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114)


وما كان استغفار
إبراهيم عليه السلام لأبيه المشرك, إلا
عن موعدة وعدها إياه, وهي قوله: "سَأَسْتَغْفِرُ
لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَا
نَ بِي حَفِيًّا" . فلما تبيَّن
لإبراهيم أن أباه عدو لله ولم ينفع فيه
الوعظ والتذكير, وأنه سيموت كافرًا, تركه
وترك الاستغفار له, وتبرأ منه. إن إبراهيم
عليه السلام عظيم التضرع لله, كثير الصفح
عما يصدر مِن قومه من الزلات.




وَمَا كَانَ اللَّهُ
لِيُضِلَّ قَوْم
اً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى
يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ
اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (115)


وما كان الله ليضلَّ
قومًا بعد أن مَنَّ عليهم بالهداية والتوفيق
حتى يبيِّن لهم ما يتقونه به, وما يحتاجون
إليه في أصول الدين وفروعه. إن الله بكل
شيء عل
يم, فقد علَّمكم ما لم تكونوا
تعلمون, وبيَّن لكم ما به تنتفعون, وأقام
الحجة عليكم بإبلاغكم رسالته.




إِنَّ اللَّهَ
لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ يُحْيِ وَيُمِيتُ
وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ
وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (116)


إن لله مالك السموات
والأر
ض وما فيهن لا شريك له في الخلق
والتدبير والعبادة والتشريع, يحيي مَن
يشاء ويميت مَن يشاء, وما لكم مِن أحد غير
الله يتولى أموركم, ولا نصير ينصركم على
عدوكم.




لَقَدْ تَابَ اللَّهُ
عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ
الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاع
َةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ
مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ
ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ
رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117)


لقد وفَّق الله
نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الإنابة
إليه وطاعته, وتاب الله على المهاجرين الذين
هجروا ديارهم وعشيرتهم إلى
دار الإسلام, وتاب على أنصار
رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين خرجوا
معه لقتال الأعداء في غزوة (تبوك) في حرٍّ
شديد, وضيق من الزاد والظَّهْر, لقد تاب
الله عليهم من بعد ما كاد يَميل قلوب بعضهم
عن الحق, فيميلون إلى الدَّعة والسكون,
لكن الله ثبتهم وقوَّاهم وت
اب عليهم, إنه بهم رؤوف رحيم.
ومن رحمته بهم أنْ مَنَّ عليهم بالتوبة,
وقَبِلَها منهم, وثبَّتهم عليها.




وَعَلَى الثَّلاثَةِ
الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ
عَلَيْهِمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ
عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ
لا مَلْجَأ
َ مِنْ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ
ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ
اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
(118)


وكذلك تاب الله
على الثلاثة الذين خُلِّفوا من الأنصار
-وهم كعب بن مالك وهلال بن أُميَّة ومُرَارة
بن الربيع- تخلَّفوا عن رسول الله صلى الله
عليه
وسلم, وحزنوا حزنًا شديدًا,
حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بسَعَتها غمًّا
وندمًا بسبب تخلفهم, وضاقت عليهم أنفسهم
لِمَا أصابهم من الهم, وأيقنوا أن لا ملجأ
من الله إلا إليه, وفَّقهم الله سبحانه
وتعالى إلى الطاعة والرجوع إلى ما يرضيه
سبحانه. إن الله هو التواب على ع
باده, الرحيم بهم.



يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ
الصَّادِقِينَ (119)


يا أيها الذين صدَّقوا
الله ورسوله وعملوا بشرعه، امتثلوا أوامر
الله واجتنبوا نواهيه في كل ما تفعلون وتتركون,
وكونوا مع الصادقين في أَيمانهم وعهودهم,
وفي ك
ل شأن من شؤونهم.



مَا كَانَ لأَهْلِ
الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ
الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ
عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ
ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي
سَبِيلِ اللَّه
ِ وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئاً
يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ
مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ
بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا
يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120)


ما كان ينبغي لأهل
مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومَن
حولهم من سكان البادي
ة أن يتخلَّفوا في أهلهم ودورهم
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا يرضوا
لأنفسهم بالراحة والرسول صلى الله عليه
وسلم في تعب ومشقة; ذلك بأنهم لا يصيبهم
في سفرهم وجهادهم عطش ولا تعب ولا مجاعة
في سبيل الله, ولا يطؤون أرضًا يُغضِبُ
الكفارَ وطؤهم إياها, ولا يصي
بون مِن عدو الله وعدوهم قتلا
أو هزيمةً إلا كُتِب لهم بذلك كله ثواب
عمل صالح. إن الله لا يضيع أجر المحسنين.




وَلا يُنفِقُونَ
نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا
يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ
لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا
كَانُوا يَعْمَ
لُونَ (121)

ولا ينفقون نفقة
صغيرة ولا كبيرة في سبيل الله, ولا يقطعون
واديًا في سيرهم مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم في جهاده, إلا كُتِب لهم أجر عملهم;
ليجزيهم الله أحسن ما يُجْزَون به على أعمالهم
الصالحة.




وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ
لِيَنفِرُوا كَافَّةً
فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ
فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا
فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ
إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ
يَحْذَرُونَ (122)


وما كان ينبغي للمؤمنين
أن يخرجوا جميعًا لقتال عدوِّهم, كما لا
يستقيم لهم أن يقعدوا جميعًا,
فهلا خرج من كل فرقة جماعة تحصل
بهم الكفاية والمقصود; وذلك ليتفقه النافرون
في دين الله وما أنزل على رسوله, وينذروا
قومهم بما تعلموه عند رجوعهم إليهم, لعلهم
يحذرون عذاب الله بامتثال أوامره واجتناب
نواهيه.




يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ
يَلُونَكُمْ مِنْ الْكُفَّارِ
وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا
أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123)


يا أيها الذين صدَّقوا
الله ورسوله وعملوا بشرعه، ابدؤوا بقتال
الأقرب فالأقرب إلى دار الإسلام من الكفار,
وليجد الكفار فيكم غِلْظة وشدة, واعلموا
أن ا
لله مع المتقين بتأييده ونصره.



وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ
سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ
زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا
الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً
وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124)


وإذا ما أنزل الله
سورة من سور القرآن على رسوله, فمِن
هؤلاء المنافقين من يقول: -إنكارًا
واستهزاءً- أيُّكم زادته هذه السورة تصديقًا
بالله وآياته؟ فأما الذين آمنوا بالله
ورسوله فزادهم نزول السورة إيمانًا بالعلم
بها وتدبرها واعتقادها والعمل بها, وهم
ي


عدل سابقا من قبل حسن الذهبى في الأربعاء فبراير 20, 2013 3:37 pm عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

التفسير الميسر  للقرآن الكريم*** - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: التفسير الميسر للقرآن الكريم***   التفسير الميسر  للقرآن الكريم*** - صفحة 2 I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 20, 2013 3:26 pm

اقتباس :


وَمَا تَكُونُ
فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ
قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ
إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ
تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ
رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ
وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ
ذَلِكَ
وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ
مُبِينٍ (61)


وما تكون -أيها
الرسول- في أمر مِن أمورك وما تتلو من كتاب
الله من آيات, وما يعمل أحد من هذه الأمة
عملا من خير أو شر إلا كنا عليكم شهودًا
مُطَّلِعين عليه, إذ تأخذون في ذلك, وتعملونه,
فنحفظه عليكم ونجزيكم به, وما
يغيب عن علم ربك -أيها الرسول-
من زنة نملة صغيرة في الأرض ولا في السماء,
ولا أصغر الأشياء ولا أكبرها, إلا في كتاب
عند الله واضح جلي, أحاط به علمه وجرى به
قلمه.




أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ
اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ
يَحْزَنُونَ (62)


ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم في الآخرة من
عقاب الله, ولا هم يحزنون على ما فاتهم من
حظوظ الدنيا.




الَّذِينَ آمَنُوا
وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)


وصفات هؤلاء الأولياء,
أنهم الذين صدَّقوا الله واتبعوا رسوله
وما جاء به من عند الله, وكانوا يتقون الله
بامتثال أوامره, واجتناب
معاصيه.



لَهُمْ الْبُشْرَى
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ
لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ
هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)


لهؤلاء الأولياء
البشارة من الله في الحياة الدنيا بما يسرُّهم,
وفي الآخرة بالجنة, لا يخلف الله وعده ولا
يغيِّره, ذلك
هو الفوز العظيم; لأنه اشتمل
على النجاة مِن كل محذور, والظَّفَر بكل
مطلوب محبوب.




وَلا يَحْزُنْكَ
قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ
جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
(65)


ولا يحزنك -أيها
الرسول- قول المشركين في ربهم وافتراؤهم
عليه وإشراكهم معه الأوثان
والأصنام; فإن الله تعالى هو
المتفرد بالقوة الكاملة والقدرة التامة
في الدنيا والآخرة, وهو السميع لأقوالهم,
العليم بأفعالهم ونياتهم.




أَلا إِنَّ لِلَّهِ
مَنْ فِي السَّمَوَاتِ
وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ
الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
شُرَكَا
ءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ
الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ
(66)


ألا إن لله كل مَن
في السموات ومن في الأرض من الملائكة, والإنس,
والجن وغير ذلك. وأي شيء يتَّبع مَن يدعو
غير الله من الشركاء؟ ما يتَّبعون إلا الشك,
وإن هم إلا يكذبون فيما ينسبونه إلى ال
له.



هُوَ الَّذِي جَعَلَ
لَكُمْ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ
وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ
لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (67)


هو الذي جعل لكم
-أيها الناس- الليل لتسكنوا فيه وتهدؤوا
من عناء الحركة في طلب المعاش, وجعل لكم
النهار; لتبصروا فيه, ولتسع
َوْا لطلب رزقكم. إن في اختلاف
الليل والنهار وحال أهلهما فيهما لَدلالةً
وحججًا على أن الله وحده هو المستحق للعبادة,
لقوم يسمعون هذه الحجج, ويتفكرون فيها.




قَالُوا اتَّخَذَ
اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ
لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ
وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ
بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا
لا تَعْلَمُونَ (68)


قال المشركون: اتخذ
الله ولدًا, كقولهم: الملائكة بنات الله,
أو المسيح ابن الله. تقدَّس الله عن ذلك
كله وتنزَّه, هو الغني عن كل ما سواه, له
كل ما في السموات والأر
ض, فكيف يكون له ولد ممن خلق وكل
شيء مملوك له؟ وليس لديكم دليل على ما تفترونه
من الكذب, أتقولون على الله ما لا تعلمون
حقيقته وصحته؟




قُلْ إِنَّ الَّذِينَ
يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ
لا يُفْلِحُونَ (69)


قل: إن الذين يفترون
على الله الكذب باتخاذ الولد
وإضافة الشريك إليه, لا ينالون
مطلوبهم في الدنيا ولا في الآخرة.




مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا
ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمْ
الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا
يَكْفُرُونَ (70)


إنما يتمتعون في
الدنيا بكفرهم وكذبهم متاعًا قصيرًا, ثم
إذا انقضى أج
لهم فإلينا مصيرهم, ثم نذيقهم
عذاب جهنم بسبب كفرهم بالله وتكذيبهم رسل
الله, وجحدهم آياته.




وَاتْلُ عَلَيْهِمْ
نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا
قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي
وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى
اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَ
جْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ
ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ
غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ
(71)


واقصص -أيها الرسول-
على كفار "مكة" خبر نوح -عليه السلام-
مع قومه حين قال لهم: إن كان عَظُمَ عليكم
مقامي فيكم وتذكيري إياكم بحجج ال
له وبراهينه فعلى الله اعتمادي
وبه ثقتي, فأعدُّوا أمركم, وادعوا شركاءكم,
ثم لا تجعلوا أمركم عليكم مستترًا بل ظاهرًا
منكشفًا, ثم اقضوا عليَّ بالعقوبة والسوء
الذي في إمكانكم, ولا تمهلوني ساعة من نهار.




فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ
فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ
أَجْرِي إِلاَّ عَلَى اللَّهِ
وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ
(72)


فإن أعرضتم عن دعوتي
فإنني لم أسألكم أجرًا; لأن ثوابي عند ربي
وأجري عليه سبحانه, وحده لا شريك له, وأمرت
أن أكون من المنقادين لحكمه.




فَكَذَّبُوهُ
فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِ
ي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ
خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا
بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ
الْمُنْذَرِينَ (73)


فكذب نوحًا قومُه
فيما أخبرهم به عن الله, فنجَّيناه هو ومن
معه في السفينة, وجعلناهم يَخْلُفون المكذبين
في الأرض, وأغرقنا
الذين جحدوا حججنا, فتأمل -أيها
الرسول- كيف كان عاقبة القوم الذين أنذرهم
رسولهم عذاب الله وبأسه؟




ثُمَّ بَعَثْنَا
مِنْ بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ
فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا
لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ
قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْب
َعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ
(74)


ثم بعثنا من بعد
نوح رسلا إلى أقوامهم (هودًا وصالحًا وإبراهيم
ولوطًا وشعيبًا وغيرَهم) فجاء كل رسول قومه
بالمعجزات الدالة على رسالته, وعلى صحة
ما دعاهم إليه, فما كانوا ليصدِّقوا ويعملوا
بما كذَّب به قوم نوح ومَن سبقهم من
الأمم الخالية. وكما ختم الله
على قلوب هؤلاء الأقوام فلم يؤمنوا, كذلك
يختم على قلوب مَن شابههم ممن بعدهم من
الذين تجاوزوا حدود الله, وخالفوا ما دعاهم
إليه رسلهم من طاعته عقوبة لهم على معاصيهم.




ثُمَّ بَعَثْنَا
مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى
فِرْع
َوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا
فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ
(75)


ثم بعثنا مِن بعد
أولئك الرسل موسى وهارون عليهما السلام
إلى فرعون وأشراف قومه بالمعجزات الدالة
على صدقهما, فاستكبروا عن قَبول الحق, وكانوا
قومًا مشركين مجرمين مكذبين.




فَلَمَّا جَاءَهُمْ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا
قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ
(76)


فلما أتى فرعونَ
وقومَه الحقُّ الذي جاء به موسى قالوا:
إن الذي جاء به موسى من الآيات إنما هو سحر
ظاهر.




قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ
لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ
هَذَا وَلا يُ
فْلِحُ السَّاحِرُونَ (77)

قال لهم موسى متعجبًا
مِن قولهم: أتقولون للحق لما جاءكم: إنه
سحر مبين؟ انظروا وَصْفَ ما جاءكم وما اشتمل
عليه تجدوه الحق. ولا يفلح الساحرون, ولا
يفوزون في الدنيا ولا في الآخرة.




قَالُوا أَجِئْتَنَا
لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَ
لَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ
لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الأَرْضِ
وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ (78)


قال فرعون وملؤه
لموسى: أجئتنا لتصرفنا عما وجدنا عليه آباءنا
من عبادة غير الله, وتكون لكما أنت وهارون
العظمة والسلطان في أرض "مصر"؟ وما
نحن لكما بمقرِّين
بأنكما رسولان أُرسلتما إلينا;
لنعبد الله وحده لا شريك له.




وَقَالَ فِرْعَوْنُ
ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (79)


وقال فرعون: جيئوني
بكل ساحر متقن للسحر.




فَلَمَّا جَاءَ
السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا
مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (80)


فلما جاء السحرة فرعون قال لهم موسى: ألقوا
على الأرض ما معكم من حبالكم وعصيِّكم.




فَلَمَّا أَلْقَوْا
قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ
إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ
لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81)


فلما ألقَوا حبالهم
وعصيَّهم قال لهم موسى: إنَّ
الذي جئتم به وألقيتموه هو السحر,
إن الله سيُذْهب ما جئتم به وسيُبطله, إن
الله لا يصلح عمل مَن سعى في أرض الله بما
يكرهه, وأفسد فيها بمعصيته.




وَيُحِقُّ اللَّهُ
الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ
الْمُجْرِمُونَ (82)


ويثبِّت الله الحق
الذي جئتكم به من عن
ده فيُعليه على باطلكم بكلماته
وأمره, ولو كره المجرمون أصحاب المعاصي
مِن آل فرعون.




فَمَا آمَنَ لِمُوسَى
إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى
خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ
أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ
لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنْ
ال
ْمُسْرِفِينَ (83)

فما آمن لموسى عليه
السلام مع ما أتاهم به من الحجج والأدلة
إلا ذرية من قومه من بني إسرائيل, وهم خائفون
من فرعون وملئه أن يفتنوهم بالعذاب, فيصدُّوهم
عن دينهم, وإن فرعون لَجبار مستكبر في الأرض,
وإنه لمن المتجاوزين الحد في الكفر والفساد.




وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ
كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ
تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ
(84)


وقال موسى: يا قومي
إن صدقتم بالله -جلَّ وعلا- وامتثلتم شرعه
فثقوا به, وسلِّموا لأمره, وعلى الله توكلوا
إن كنتم مذعنين له بالطاعة.




فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا
لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
(85)


فقال قوم موسى له:
على الله وحده لا شريك له اعتمدنا, وإليه
فوَّضنا أمرنا, ربنا لا تنصرهم علينا فيكون
ذلك فتنة لنا عن الدين، أو يُفتن الكفارُ
بنصرهم، فيقولوا: لو كانوا عل
ى حق لما غُلبوا.



وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ
مِنْ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (86)


ونجِّنا برحمتك
من القوم الكافرين فرعون وملئه; لأنهم كانوا
يأخذونهم بالأعمال الشاقة.




وَأَوْحَيْنَا
إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّأَا
لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَل
ُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا
الصَّلاةَ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (87)


وأوحينا إلى موسى
وأخيه هارون أن اتخذا لقومكما بيوتًا في
"مصر" تكون مساكن وملاجئ تعتصمون بها,
واجعلوا بيوتكم أماكن تصلُّون فيها عند
الخوف, وأدُّوا الصلاة المفروضة في أوقاتها.
وبشِّ
ر المؤمنين المطيعين لله بالنصر
المؤزر, والثواب الجزيل منه سبحانه وتعالى.




وَقَالَ مُوسَى
رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ
وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ
سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ
و
َاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ
فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ
الأَلِيمَ (88)


وقال موسى: ربنا
إنك أعطيت فرعون وأشراف قومه زينة من متاع
الدنيا; فلم يشكروا لك, وإنما استعانوا
بها على الإضلال عن سبيلك, ربنا اطمس على
أموالهم, فلا ينتفعوا بها, واختم على ق
لوبهم حتى لا تنشرح للإيمان,
فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الشديد الموجع.




قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ
دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِ
سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (89)


قال الله تعالى
لهما: قد أجيبت دعوتكما في فرعون وملئه
وأموالهم -وكان موسى يدعو,
وهارون يؤمِّن على دعائه, فمن
هنا نسبت الدعوة إلى الاثنين- فاستقيما
على دينكما, واستمرَّا على دعوتكما فرعون
وقومه إلى توحيد الله وطاعته, ولا تسلكا
طريق مَن لا يعلم حقيقة وعدي ووعيدي.




وَجَاوَزْنَا
بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ
فِرْعَوْنُ وَ
جُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً
حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ
آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي
آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا
مِنْ الْمُسْلِمِينَ (90)


وقطَعْنا ببني
إسرائيل البحر حتى جاوزوه, فأتبعهم فرعون
وجنوده ظلمًا وعدوانًا, فسلكو
ا البحر وراءهم, حتى إذا أحاط
بفرعون الغرق قال: آمنتُ أنه لا إله إلا
الذي آمنتْ به بنو إسرائيل, وأنا من الموحدين
المستسلمين بالانقياد والطاعة.




أَالآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ
وَكُنْتَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ (91)


آلآن يا فرعون,
وقد نزل بك الموت تقرُّ لله بالعب
ودية, وقد عصيته قبل نزول عذابه
بك, وكنت من المفسدين الصادين عن سبيله!!
فلا تنفعك التوبة ساعة الاحتضار ومشاهدة
الموت والعذاب.




فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ
بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ
آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ
عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)


فاليوم نجعلك على
مرتفع من الأرض ببدنك, ينظر إليك من كذَّب
بهلاكك; لتكون لمن بعدك من الناس عبرة يعتبرون
بك. فإن كثيرًا من الناس عن حججنا وأدلتنا
لَغافلون, لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون.




وَلَقَدْ بَوَّأْنَا
بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ
وَرَزَقْنَاهُم
ْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ فَمَا
اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمْ الْعِلْمُ
إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
(93)


ولقد أنزلنا بني
إسرائيل منزلا صالحًا مختارًا في بلاد
"الشام" و"مصر", ورزقناهم الرزق
الحلال الطيب
من خيرات الأرض المباركة, فما
اختلفوا في أمر دينهم إلا مِن بعد ما جاءهم
العلم الموجب لاجتماعهم وائتلافهم, ومن
ذلك ما اشتملت عليه التوراة من الإخبار
بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم. إن ربك -أيها
الرسول- يقضي بينهم يوم القيامة, ويَفْصِل
فيما كانوا يختلفون فيه م
ن أمرك, فيدخل المكذبين النار
والمؤمنين الجنة.




فَإِنْ كُنْتَ
فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ
فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ
مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ
مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ المُمْتَرِينَ
(94)


فإن كنت -أيها الرسول- في ريب من حقيقة ما أخبرناك به
فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك من أهل
التوراة والإنجيل, فإن ذلك ثابت في كتبهم,
لقد جاءك الحق اليقين من ربك بأنك رسول
الله, وأن هؤلاء اليهود والنصارى يعلمون
صحة ذلك, ويجدون صفتك في كتبهم, ولكنهم ينكرون
ذلك مع علمهم به, فلا ت
كوننَّ من الشاكِّين في صحة
ذلك وحقيقته.




وَلا تَكُونَنَّ
مِنْ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ
فَتَكُونَ مِنْ الْخَاسِرِينَ (95)


ولا تكونن -أيها
الرسول- من الذين كذَّبوا بحجج الله وأدلته
فتكون من الخاسرين الذين سخِطَ الله عليهم
ونالوا عقابه.




إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ
كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (96)


إن الذين حقَّت
عليهم كلمة ربك -أيها الرسول- بطردهم من
رحمته وعذابه لهم, لا يؤمنون بحجج الله,
ولا يقرُّون بوحدانيته, ولا يعملون بشرعه.




وَلَوْ جَاءَتْهُمْ
كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَاب
َ الأَلِيمَ (97)

ولو جاءتهم كل موعظة
وعبرة حتى يعاينوا العذاب الموجع, فحينئذ
يؤمنون, ولا ينفعهم إيمانهم.




فَلَوْلا كَانَتْ
قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا
إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا
كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ
فِي الْحَيَاةِ ال
دُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ
إِلَى حِينٍ (98)


لم ينفع الإيمان
أهل قرية آمنوا عند معاينة العذاب إلا أهل
قرية يونس بن مَتَّى, فإنهم لـمَّا أيقنوا
أن العذاب نازل بهم تابوا إلى الله تعالى
توبة نصوحا, فلمَّا تبيَّن منهم الصدق في
توبتهم كشف الله عنهم عذاب الخزي بعد
أن اقترب منهم, وتركهم في الدنيا
يستمتعون إلى وقت إنهاء آجالهم.




وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ
لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً
أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى
يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99)


ولو شاء ربك -أيها
الرسول- الإيمان لأهل الأرض كلهم لآمنوا
جميعً
ا بما جئتهم به, ولكن له حكمة
في ذلك; فإنه يهدي من يشاء ويضل من يشاء
وَفْق حكمته, وليس في استطاعتك أن تُكْره
الناس على الإيمان.




وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ
أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ
وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ
لا يَعْقِلُونَ (100)


وما كان لنفس أن تؤمن بالله إلا بإذنه وتوفيقه,
فلا تُجهد نفسك في ذلك, فإن أمرهم إلى الله.
ويجعل الله العذاب والخزي على الذين لا
يعقلون أمره ونهيه.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

التفسير الميسر  للقرآن الكريم*** - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: التفسير الميسر للقرآن الكريم***   التفسير الميسر  للقرآن الكريم*** - صفحة 2 I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 20, 2013 3:43 pm

اقتباس :


وتدبرها واعتقادها والعمل بها, وهم
يفرحون بما أعطاهم الله من الإيمان واليقين.



وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ
رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ
كَافِرُونَ (125)


وأما الذين في قلوبهم
نفاق وشك في دين الله, فإن نزول السورة يزيدهم
نفاقًا وشكًا إلى ما هم عليه من قبلُ من
النفاق والشك, وهلك هؤلاء وهم جاحدون بالله
وآياته.




أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ
فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ
ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ
(126)


أولا يرى المنافقون
أن الله يبتليهم بالقحط والشدة, وبإظهار
ما يبطنون من النفاق مرة أو مرتين في كل
عام؟ ثم هم مع ذلك لا يتوبون مِن
كفرهم ونفاقهم, ولا هم يتعظون
ولا يتذكرون بما يعاينون من آيات الله.




وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ
نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ
مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ
قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ
(127)


وإذا ما أُنزلت سورة تغَامَزَ المنافقون بالعيون
إنكارًا لنزولها وسخرية وغيظًا; لِمَا
نزل فيها مِن ذِكْر عيوبهم وأفعالهم, ثم
يقولون: هل يراكم من أحد إن قمتم من عند
الرسول؟ فإن لم يرهم أحد قاموا وانصرفوا
من عنده عليه الصلاة والسلام مخافة الفضيحة.
صرف الله قلوبهم عن الإيمان;
بسبب أنهم لا يفهمون ولا يتدبرون.



لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ
أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ
حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ
رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)


لقد جاءكم أيها
المؤمنون رسول من قومكم, يشق عليه ما تلقون
من المكروه والعنت, حريص على إيما
نكم وصلاح شأنكم, وهو بالمؤمنين
كثير الرأفة والرحمة.




فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِي
اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ
تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
(129)


فإن أعرض المشركون
والمنافقون عن الإيمان بك -أيها الرسول-
فقل لهم: حسبي الله, ي
كفيني جميع ما أهمَّني, لا معبود
بحق إلا هو, عليه اعتمدت, وإليه فَوَّضْتُ
جميع أموري; فإنه ناصري ومعيني, وهو رب العرش
العظيم, الذي هو أعظم المخلوقات.

















10- سورة
يونس






الر تِلْكَ آيَاتُ
الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1)


(الر) سبق الكلام
على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة.


هذه آيات الكتاب
المحكم الذي أحكمه الله وبيَّنه لعباده.




أَكَانَ لِلنَّاسِ
عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ
مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرْ النَّاسَ وَبَشّ
ِرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ
لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ
قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ
مُبِينٌ (2)


أكان أمرًا عجبًا
للناس إنزالنا الوحي بالقرآن على رجل منهم
ينذرهم عقاب الله, ويبشِّر الذين آمنوا
بالله ورسله أن لهم أجرًا حسنًا بما قدَّم
وا من صالح الأعمال؟ فلما أتاهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم بوحي الله
وتلاه عليهم, قال المنكرون: إنَّ محمدًا
ساحر, وما جاء به سحر ظاهر البطلان.




إِنَّ رَبَّكُمْ
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ
ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَ
رْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا
مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ
ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ
أَفَلا تَذَكَّرُونَ (3)


إن ربكم الله الذي
أوجد السموات والأرض في ستة أيام, ثم استوى
-أي علا وارتفع- على العرش استواء يليق بجلاله
وعظمته, يدبر أمور
خلقه, لا يضادُّه في قضائه أحد,
ولا يشفع عنده شافع يوم القيامة إلا من
بعد أن يأذن له بالشفاعة, فاعبدوا الله
ربكم المتصف بهذه الصفات, وأخلصوا له العبادة.
أفلا تتعظون وتعتبرون بهذه الآيات والحجج؟




إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ
جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً إِنَّهُ
يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ
لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ
كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ
وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ
(4)


إلى ربكم معادكم
يوم القيامة جميعًا, وهذا وعد الله الحق,
هو
الذي يبدأ إيجاد الخلق ثم يعيده
بعد الموت, فيوجده حيًا كهيئته الأولى,
ليجزي مَن صَدَّق الله ورسوله, وعمل الأعمال
الحسنة أحسن الجزاء بالعدل. والذين جحدوا
وحدانية الله ورسالة رسوله لهم شراب من
ماء شديد الحرارة يشوي الوجوه ويقطِّع
الأمعاء, ولهم عذاب موجع بسبب
كفرهم وضلالهم.



هُوَ الَّذِي جَعَلَ
الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً
وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ
السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ
ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ
لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5)


الله هو الذي جعل
الشمس ضياء
, وجعل القمر نورًا, وقدَّر القمر
منازل, فبالشمس تعرف الأيام, وبالقمر تعرف
الشهور والأعوام, ما خلق الله تعالى الشمس
والقمر إلا لحكمة عظيمة, ودلالة على كمال
قدرة الله وعلمه, يبيِّن الحجج والأدلة
لقوم يعلمون الحكمة في إبداع الخلق.




إِنَّ فِي اخْتِلافِ
اللَّي
ْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ
اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ
يَتَّقُونَ (6)


إن في تعاقب الليل
والنهار وما خلق الله في السموات والأرض
من عجائب الخلق وما فيهما من إبداع ونظام,
لأدلة وحججًا واضحة لقوم يخشون عقاب الله
وسخطه وعذابه.




إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا
وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا
بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا
غَافِلُونَ (7)


إن الذين لا يطمعون
في لقائنا في الآخرة للحساب, وما يتلوه
من الجزاء على الأعمال لإنكارهم البعث,
ورضوا بالحياة الدنيا عوض
ًا عن الآخرة, وركنوا إليها,
والذين هم عن آياتنا الكونية والشرعية
ساهون.




أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ
النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (Cool


أولئك مقرُّهم
نار جهنم في الآخرة; جزاء بما كانوا يكسبون
في دنياهم من الآثام والخطايا.




إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُ
وا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ
رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ
تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ
النَّعِيمِ (9)


إن الذين آمنوا
بالله ورسوله وعملوا الصالحات يدلهم ربهم
إلى طريق الجنة ويوفقهم إلى العمل الموصل
إليه؛ بسبب إيمانهم ، ثم يثيبهم بدخول الجنة
وإحلال رضوانه عليهم, تجري من
تحتهم الأنهار في جنات النعيم.




دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ
اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ
وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ (10)


دعاؤهم في الجنة
التسبيح (سبحانك اللهم)، وتحية الله وملا
ئكته لهم, وتحية بعضهم بعضًا
في الجنة (سلام)، وآخر دعائهم قولهم: "الحمد
لله رب العالمين" أي: الشكر والثناء لله
خالق المخلوقات ومربِّيها بنعمه.




وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ
الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ
لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ
الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا
فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11)


ولو يعجِّل الله
للناس إجابة دعائهم في الشر كاستعجاله
لهم في الخير بالإجابة لهلكوا, فنترك الذين
لا يخافون عقابنا, ولا يوقنون بالبعث والنشور
في تمرُّدهم وعتوِّهم, يترددون حائرين.




وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ
دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ
قَائِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ
مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ
مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ
مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12)


وإذا أصاب الإنسانَ
الشدةُ استغاث بنا
في كشف ذلك عنه مضطجعًا لجنبه
أو قاعدًا أو قائمًا, على حسب الحال التي
يكون بها عند نزول ذلك الضرِّ به. فلما كشفنا
عنه الشدة التي أصابته استمرَّ على طريقته
الأولى قبل أن يصيبه الضر, ونسي ما كان فيه
من الشدة والبلاء, وترك الشكر لربه الذي
فرَّج عنه ما كان قد
نزل به من البلاء, كما زُيِّن
لهذا الإنسان استمراره على جحوده وعناده
بعد كشف الله عنه ما كان فيه من الضر, زُيِّن
للذين أسرفوا في الكذب على الله وعلى أنبيائه
ما كانوا يعملون من معاصي الله والشرك به.




وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ
مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَ
لَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ
بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا
كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ
(13)


ولقد أهلكنا الأمم
التي كذَّبت رسل الله من قبلكم -أيها المشركون
بربهم- لـمَّا أشركوا, وجاءتهم رسلهم من
عند الله بالمعجزات الواضحات والح
جج التي تبين صدق مَن جاء بها,
فلم تكن هذه الأمم التي أهلكناها لتصدق
رسلها وتنقاد لها, فاستحقوا الهلاك, ومثل
ذلك الإهلاك نجزي كل مجرم متجاوز حدود الله.




ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ
فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ
كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14)


ثم جعلناكم -أيها الناس- خَلَفًا في الأرض
من بعد القرون الـمُهْلَكة, لننظر كيف تعملون:
أخيرًا أم شرًا, فنجازيكم بذلك حسب عملكم.




وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ
آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ
لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ
غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ
مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ
مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ
إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ
إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
(15)


وإذا تتلى على المشركين
آيات الله التي أنزلناها إليك -أيها الرسول-
واضحات, قال الذين لا يخافون ا
لحساب, ولا يرجون الثواب, ولا
يؤمنون بيوم البعث والنشور: ائت بقرآن غير
هذا, أو بدِّل هذا القرآن: بأن تجعل الحلال
حرامًا, والحرام حلالا والوعد وعيدًا, والوعيد
وعدًا, وأن تُسْقط ما فيه مِن عيب آلهتنا
وتسفيه أحلامنا, قل لهم -أيها الرسول- : إن
ذلك ليس إليَّ, وإ
نما أتبع في كل ما آمركم به وأنهاكم
عنه ما ينزله عليَّ ربي ويأمرني به, إني
أخشى من الله -إن خالفت أمره- عذاب يوم عظيم
وهو يوم القيامة.




قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا
تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ
بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً
مِنْ قَبْلِهِ أَ
فَلا تَعْقِلُونَ (16)

قل لهم -أيها الرسول-:
لو شاء الله ما تلوت هذا القرآن عليكم, ولا
أعلمكم الله به, فاعلموا أنه الحق من الله,
فإنكم تعلمون أنني مكثت فيكم زمنًا طويلا
من قبل أن يوحيه إليَّ ربي, ومن قبل أن أتلوه
عليكم, أفلا تستعملون عقولكم بالتدبر والتفكر؟




فَمَنْ أَظْلَمُ
مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً
أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ
الْمُجْرِمُونَ (17)


لا أحد أشد ظلمًا
ممن اختلق على الله الكذب أو كذَّب بآياته
إنه لا ينجح مَن كذَّب أنبياء الله ورسله,
ولا ينالون الفلاح.




وَيَعْبُدُونَ
م
ِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ
وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ
شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ
اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ
وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18)


ويعبد هؤلاء المشركون
من
دون الله ما لا يضرهم شيئًا,
ولا ينفعهم في الدنيا والآخرة, ويقولون:
إنما نعبدهم ليشفعوا لنا عند الله, قل لهم
-أيها الرسول- : أتخبرون الله تعالى بشيء
لا يعلمه مِن أمر هؤلاء الشفعاء في السموات
أو في الأرض؟ فإنه لو كان فيهما شفعاء يشفعون
لكم عنده لكان أعلم به
م منكم, فالله تعالى منزَّه عما
يفعله هؤلاء المشركون من إشراكهم في عبادته
ما لا يضر ولا ينفع.




وَمَا كَانَ النَّاسُ
إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا
وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ
لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
(19)


كان الناس على دين واحد وهو الإسلام, ثم
اختلفوا بعد ذلك, فكفر بعضهم, وثبت بعضهم
على الحق. ولولا كلمة سبقت من الله بإمهال
العاصين وعدم معاجلتهم بذنوبهم لقُضِيَ
بينهم: بأن يُهْلك أهل الباطل منهم, وينجي
أهل الحق.




وَيَقُولُونَ
لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّ
هِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ
لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ
مِنْ الْمُنْتَظِرِينَ (20)


ويقول هؤلاء الكفرة
المعاندون: هلاَّ أُنزل على محمد علم ودليل,
وآية حسية من ربه نعلم بها أنه على حق فيما
يقول, فقل لهم -أيها الرسول-: لا يعلم الغيب
أحد إلا الله, ف
إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل, فانتظروا
-أيها القوم- قضاء الله بيننا وبينكم بتعجيل
عقوبته للمبطل منا, ونصرة صاحب الحق, إني
منتظر ذلك.




وَإِذَا أَذَقْنَا
النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ
مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا
قُلْ اللَّهُ أَسْرَع
ُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ
مَا تَمْكُرُونَ (21)


وإذا أذقنا المشركين
يسرًا وفرجًا ورخاءً بعد عسر وشدة وكرب
أصابهم, إذا هم يكذِّبون, ويستهزئون بآيات
الله, قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين
المستهزئين: الله أسرع مكرًا واستدراجًا
وعقوبة لكم. إن حَفَظ
َتَنا الذين نرسلهم إليكم يكتبون
عليكم ما تمكرون في آياتنا, ثم نحاسبكم
على ذلك.




هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ
فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا
كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ
بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا
رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُ
مْ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ
وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوْا
اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ
أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ
مِنْ الشَّاكِرِينَ (22)


هو الذي يسيِّركم
-أيها الناس- في البر على الدواب وغيرها,
وفي البحر في السُّفُ
ن, حتى إذا كنتم فيها وجرت بريح
طيبة, وفرح ركاب السفن بالريح الطيبة, جاءت
هذه السفنَ ريحٌ شديدة, وجاء الركابَ الموجُ
(وهو ما ارتفع من الماء) من كل مكان, وأيقنوا
أن الهلاك قد أحاط بهم, أخلصوا الدعاء لله
وحده, وتركوا ما كانوا يعبدون, وقالوا: لئن
أنجيتنا من هذ
ه الشدة التي نحن فيها لنكونن
من الشاكرين لك على نِعَمك.




فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ
إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ
الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا
بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا
مَرْجِعُكُمْ فَنُن
َبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ (23)


فلما أنجاهم الله
من الشدائد والأهوال إذا هم يعملون في الأرض
بالفساد وبالمعاصي. يا أيها الناس إنما
وَبالُ بغيكم راجع على أنفسكم, لكم متاع
في الحياة الدنيا الزائلة, ثم إلينا مصيركم
ومرجعكم, فنخبركم بجميع أعمالكم, ون
حاسبكم عليها.



إِنَّمَا مَثَلُ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ
مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ
الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ
حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا
وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ
قَادِر
ُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا
لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا
حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ
كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ (24)


إنما مثل الحياة
الدنيا وما تتفاخرون به فيها من زينة وأموال,
كمثل مطر أنزلناه من السماء إل
ى الأرض, فنبتت به أنواع من النبات
مختلط بعضها ببعض مما يقتات به الناس من
الثمار, وما تأكله الحيوانات من النبات,
حتى إذا ظهر حُسْنُ هذه الأرض وبهاؤها,
وظن أهل هذه الأرض أنهم قادرون على حصادها
والانتفاع بها, جاءها أمرنا وقضاؤنا بهلاك
ما عليها من النبات, والز
ينة إما ليلا وإما نهارًا, فجعلنا
هذه النباتات والأشجار محصودة مقطوعة لا
شيء فيها, كأن لم تكن تلك الزروع والنباتات
قائمة قبل ذلك على وجه الأرض, فكذلك يأتي
الفناء على ما تتباهَون به من دنياكم وزخارفها
فيفنيها الله ويهلكها. وكما بيَّنا لكم
-أيها الناس- مَثَلَ
هذه الدنيا وعرَّفناكم بحقيقتها,
نبيِّن حججنا وأدلتنا لقوم يتفكرون في
آيات الله, ويتدبرون ما ينفعهم في الدنيا
والآخرة.




وَاللَّهُ يَدْعُو
إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ
يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25)


والله يدعوكم إلى
جناته التي أعدها لأوليائ
ه, ويهدي مَن يشاء مِن خَلْقه,
فيوفقه لإصابة الطريق المستقيم, وهو الإسلام.




لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا
الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ
وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ
أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
(26)


للمؤمنين الذين
أحسنوا عبادة ا
لله فأطاعوه فيما أمر ونهى, الجنةُ,
وزيادة عليها, وهي النظر إلى وجه الله تعا
لى
في الجنة, والمغفرةُ والرضوان, ولا يغشى
وجوههم غبار ولا ذلة, كما يلحق أهل النار.
هؤلاء المتصفون بهذه الصفات هم أصحاب الجنة
ماكثون فيها أبدًا.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التفسير الميسر للقرآن الكريم***
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 2انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
 مواضيع مماثلة
-
»  التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الأحزاب /سبأ/فاطر/يٌس/الصًافات/صً*)
» التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة المؤمنون/النور/الفرقان/الشعراء*)
» التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة النمل/القصص/العنكبوت/الروم/لقمان/السجدة*)
»  التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الزمر/غافر/فصلت/الشورى/الزخرف/الدخان)
»  التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سيفن ستارز :: المنتدى الاسلامى :: التفسير-
انتقل الى: