منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 >

منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 >

منتديات سيفن ستارز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
ارجو من الساده الاعضاء القدامى تعديل بيانتهم الشخصية
ياجماعة انصحكم بالدخول على المنتدى بالمتصفع العملاق Mozilla Firefox
مشاركتك بالموضوعات تعنى أنك قرأت قانون المنتدى ، وأنك تتحمل المسئولية الأدبية والقانونية عن نشر هذا الموضوع او الردود
تتقدم منتديات سيفن ستارز بأحر التهانى القلبية للأخت رونى المحامية المشرفة على المنتدى القانونى وذلك بمناسبة الزواج السعيد نسأل الله لها التوفيق فى حياتها وألف مليون مبروك لها ولزوجها الأستاذ /حسين إبراهيم حسين وعقبال البكارى وحياة سعيدة ملؤها التراحم والمحبة والقرب من الله
على السادة الأعضاء الإلتزام بالأقسام النوعية للمنتدى عند تقديم مساهماتهم حيث يكون كل موضوع داخل القسم الخاص به حتى يعطى الشكل المطلوب مع سهولة الوصول إليه لكل متصفح .فالموضوعات الخاصة بالمرأة داخل منتدى المرأة .والموضوعات التى تتحدث عن الإسلام توضع فى المنتدى الإسلامى   ...وهكذا ..ونشكر لكم حسن العمل .كما نشكركم على الأداء الممتاز داخل المنتديات..كما نحذر من الخوض أو التطرق لما يمس الغير أو التهجم أو إذدراء الأديان أو الخوض فى موضوعات سياسيه..المنتديات  أصلاً ..منشأة لتبنى وجهة النظر الأجتماعيه والإسلاميه لأهل السنة والجماعة دون التقليل من الغير بل الإحترام المتبادل..وللجميع ودون تميز بجنس أو نوع أو دين أو لون وشكراً لكم جميعاً...
إدارة المنتديات...سيفن ستارز.

 

 الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
كاتب الموضوعرسالة





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر   الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد مارس 03, 2013 1:49 pm

اقتباس :

تراجم رجال إسناد حديث (صليت مع رسول الله فكان إذا كبر رفع يديه)
قوله: [حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجشمي].
عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجشمي ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثنا عبد الوارث بن سعيد].
هو عبد الوارث بن سعيد العنبري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا محمد بن جحادة].
محمد بن جحادة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني عبد الجبار بن وائل بن حجر].
عبد الجبار بن وائل بن حجر ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[حدثني وائل بن علقمة].
قال الحافظ ابن حجر: الصواب (علقمة بن وائل).
يعني
أنَّ فيه قلباً وتقديماً وتأخيراً، وأن الصواب أنه علقمة بن وائل الذي هو
أخوه، وعبد الجبار لم يسمع من أبيه، وأما علقمة بن وائل فقد ذكر الحافظ في
التقريب أنه لم يسمع من أبيه، ولكن الصحيح أنه سمع من أبيه، وجاء ذلك في
صحيح مسلم، وكذلك في غيره، فسماعه من أبيه ثابت، وكذلك ذكره الصنعاني في
شرح بلوغ المرام عند زيادة (وبركاته) في السلام، فعند ذكر زيادتها ذكر سماع
علقمة بن وائل من أبيه، أما عبد الجبار فالصحيح أنه لم يسمع من أبيه.
وعلقمة بن وائل صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[عن أبي وائل بن حجر].
هو وائل بن حجر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
قوله: [روى هذا الحديث همام عن ابن جحادة].
همام هو ابن يحيى العوذي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

(95/Cool

شرح حديث وائل أنه أبصر النبي حين قام إلى الصلاة رفع يديه
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبد الرحيم بن
سليمان عن الحسن بن عبيد الله النخعي عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه رضي
الله عنه: (أنه أبصر النبي صلى الله عليه وسلم حين قام إلى الصلاة رفع يديه
حتى كانتا بحيال منكبيه وحاذى بإبهاميه أذنيه ثم كبر)].
أورد المصنف هنا حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه، وفيه أنه كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام حتى تكونا حذاء منكبيه.
والحديث
فيه انقطاع، وذلك لأن عبد الجبار يروي عن أبيه وهو لم يسمع منه، ولكن ذلك
ثابت في الرواية الأخرى التي مرت، وهي روايته عن أخيه علقمة بن وائل،
والحديث موافق لما جاء في حديث ابن عمر المتقدم.

(95/9)

تراجم رجال إسناد حديث وائل أنه أبصر النبي حين قام إلى الصلاة رفع يديه
قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبد الرحيم بن سليمان].
عبد الرحيم بن سليمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن بن عبيد الله النخعي].
الحسن بن عبيد الله النخعي ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه].
قد مر ذكرهما.

(95/10)

شرح حديث وائل أنه رأى رسول الله يرفع يديه مع التكبيرة
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا يزيد -يعني ابن زريع - حدثنا
المسعودي حدثني عبد الجبار بن وائل قال: حدثني أهل بيتي عن أبي رضي الله
عنه أنه حدثهم (أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مع
التكبيرة)].
أورد أبو داود هنا حديث وائل بن حجر رضي الله عنه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مع التكبيرة.
والمقصود بذلك تكبيرة الإحرام، فهو مثل الذي قبله، فالحديث الذي قبل هذا فيه أنه كان يرفع حين يريد أن يكبر، أي: في الدخول للصلاة.
والحديث فيه هؤلاء الذين أبهموا، وهم أهل بيته، ويمكن أن يكون المبهم أخاه علقمة بن وائل الذي مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
والحاصل
أن رفع اليدين عند التكبير للدخول في الصلاة ثابت عن ابن عمر وعن وائل بن
حجر وعن غيرهما، والحديث وإن كان فيه هذا الإبهام إلا أنه يمكن أن يكون
المبهم أخاه علقمة بن وائل الذي مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا أو يكون
علقمة ممن أبهم.
وعلى كل حال فالرفع عند تكبيرة الإحرام ثابت، سواءٌ صح هذا الإسناد أو لم يصح.

(95/11)

تراجم رجال إسناد حديث وائل أنه رأى رسول الله يرفع يديه مع التكبيرة
قوله: [حدثنا مسدد حدثنا يزيد -يعني ابن زريع -].
يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا المسعودي].
هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودي، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن.
[حدثني عبد الجبار بن وائل قال حدثني أهل بيتي عن أبي].
قد مر ذكر عبد الجبار وأبيه.

(95/12)

شرح حديث (لأنظرن إلى صلاة رسول الله كيف يصلي)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل عن عاصم بن كليب
عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: (قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم كيف يصلي.
قال: فقام رسول الله صلى الله
عليه وآله سلم فاستقبل القبلة فكبر فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه ثم أخذ شماله
بيمينه، فلما أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك، ثم وضع يديه على ركبتيه، فلما
رفع رأسه من الركوع رفعهما مثل ذلك، فلما سجد وضع رأسه بذلك المنزل من بين
يديه، ثم جلس فافترش رجله اليسرى ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، وحد
مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى وقبض ثنتين وحلق حلقة، ورأيته يقول هكذا
-وحلق بشر الإبهام والوسطى وأشار بالسبابة-)].
أورد أبو داود رحمه الله
حديث وائل بن حجر من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله من رفع النبي صلى
الله عليه وسلم يديه في التكبير في ثلاثة مواضع: عند تكبيرة الإحرام، وعند
الركوع، وعند الرفع من الركوع.
قوله:: [(قال: فقام رسول الله صلى الله
عليه وآله سلم فاستقبل القبلة فكبر فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه)] فيه أن رفع
اليدين إلى محاذاة الأذنين، ويشرع -كذلك- محاذاة المنكبين، وكل ذلك صحيح
وثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون ذلك عند تكبيرة الإحرام وعند
الركوع وعند الرفع منه.
قوله: [(ثم أخذ شماله بيمينه)] معناه أنه لما كبر تكبيرة الإحرام وقد رفع يديه حذو أذنيه وضع اليمين على الشمال على صدره.
قوله: [(فلما أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك)].
يعني أنه رفع يديه عند التكبير للركوع.
قوله: [(ثم وضع يديه على ركبتيه)].
يعني: في حال ركوعه وضع يديه على ركبتيه وهو راكع.
قوله: [(فلما رفع رأسه من الركوع رفعهما مثل ذلك)].
أي: رفع يديه مثل ذلك، يعني: مثل ما تقدم عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع.
قوله: [(فلما سجد وضع رأسه بذلك المنزل من بين يديه)].
يعني: بين يديه، فيد من جهة اليمين ويد من جهة الشمال والرأس بينهما.
قوله: [(ثم جلس فافترش رجله اليسرى، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى)].
معنى:
[(ثم جلس)] أي: بين السجدتين [(فافترش رجله اليسرى)] يعني أنه جلس عليها
وجعل إليته عليها، فلم يجلس على الأرض، وإنما جلس على رجله اليسرى التي
افترشها، وهذا يسمى الافتراش، وهو يكون بين السجدتين ويكون في التشهد
الأول، وكذلك في الصلاة الثنائية كالنوافل والجمعة والعيدين وغيرها، وأما
التورك -وهو الجلوس على الورك- فإنه لا يكون إلا في الصلاة الرباعية أو
الثلاثية، ويكون في التشهد الأخير، والصلاة الثلاثية هي المغرب، والرباعية
الظهر والعصر والعشاء، فهذه الصلوات الأربع في التشهد الأخير منها يتورك،
وهنا ذكر الافتراش لأنه بين السجدتين.
قوله: [(ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى)].
يعني: في التشهد بين السجدتين يضع يده اليسرى على فخذه اليسرى.
قوله: [(وحد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى)].
حد المرفق هو طرفه.
قوله: [(وقبض ثنتين وحلق حلقةً)].
معناه
أنه قبض الخنصر والبنصر، وحلق بالإبهام مع الوسطى، وجاء عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه يقبض الثلاثة بدون تحليق، فهذا ثابت وذاك ثابت عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا الذي ذكر إنما هو في التشهدين، وليس فيما
بين السجدتين، فحال كونه بين السجدتين تكون اليدان على الفخذين.
قوله: [(وحلق حلقةً ورأيته يقول هكذا)] يعني أنه كان يشير بالسبابة.

(95/13)

تراجم رجال إسناد حديث (لأنظرن إلى صلاة رسول الله كيف يصلي)
قوله: [حدثنا مسدد حدثنا بشر بن مفضل].
بشر بن مفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عاصم بن كليب].
عاصم بن كليب صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن أبيه].
أبوه هو كليب، وهو صدوق، أخرج له البخاري في جزء رفع اليدين وأصحاب السنن.
[عن وائل بن حجر].
قد مر ذكره.

(95/14)

ذكر زيادة وضع اليد على اليد وتحريك الأيدي تحت الثياب في حديث وائل بن حجر
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا أبو الوليد حدثنا
زائدة عن عاصم بن كليب بإسناده ومعناه، قال فيه: (ثم وضع يده اليمنى على
ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد) وقال فيه: (ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد
شديد فرأيت الناس عليهم جل الثياب تحرك أيديهم تحت الثياب)].
أورد أبو داود حديث وائل من طريق أخرى وفيه [(ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد)].
ويعني
بذلك أنه لما كبر وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد، أي
أن يده اليمنى تكون على ثلاثة أعضاء: على الساعد، وعلى الرسغ الذي هو
المفصل، وعلى الكف، فتكون يده اليمنى جاءت على هذه المواطن الثلاثة، فلا
يقلب يده، ولا يمسك الساعد، وإنما يضع اليمنى على الساعد والرسغ والكف.
قوله: [ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد شديد فرأيت الناس عليهم جل الثياب تحرك أيديهم تحت الثياب].
يعني أنهم كانوا يلتحفون بالثياب.

(95/15)

تراجم رجال إسناد زيادة وضع اليد على اليد وتحريك الأيدي تحت الثياب في حديث وائل بن حجر
قوله: [حدثنا الحسن بن علي].
هو الحسن بن علي الحلواني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
[حدثنا أبو الوليد].
أبو الوليد هو الطيالسي هشام بن عبد الملك، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا زائدة].
هو زائدة بن قدامة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
الملقي: [عن عاصم بن كليب بإسناده].
عاصم بن كليب وأبوه ووائل قد مر ذكرهم.

(95/16)

شرح حديث (رأيت النبي حين افتتح الصلاة رفع يديه حيال أذنيه) وتراجم رجال إسناده
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا شريك عن عاصم بن
كليب عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: (رأيت النبي صلى الله
عليه وآله سلم حين افتتح الصلاة رفع يديه حيال أذنيه.
قال: ثم أتيتهم فرأيتهم يرفعون أيديهم إلى صدورهم في افتتاح الصلاة وعليهم برانس وأكسية)].
هذا الحديث مثل الذي قبله، وقوله: [عليهم برانس وأكسية].
البرنس قطعة من الثياب متصلة بالثوب من خلفه يغطى بها الرأس، والأكسية يراد بها هنا الثياب التي رآهم يلتحفون بها من البرد.
وقوله: [(يرفعون أيديهم إلى صدورهم في افتتاح الصلاة)] يعني به رفع اليدين حذو المنكبين عند تكبيرة الإحرام.
قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا شريك].
شريك هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي، صدوق كثير الخطأ، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر].
قد مر ذكر الثلاثة.

(95/17)

الأسئلة
(95/18)

الاختلاف في موضع رفع اليدين في الصلاة وحكمه

السؤال
هل الصحيح هو رفع اليدين إلى الأذنين عند مواضع رفعهما في الصلاة أم رفعهما إلى حذو المنكبين؟

الجواب
كل منهما ثابت، وهذا الاختلاف من اختلاف التنوع، فالاختلاف إذا وجد في
مثل هذا فهو دال على التنوع، وكلا الأمرين ثابت، وللمصلي أن يفعل هذا تارة
وهذا تارة؛ لأن ذلك كله ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(95/19)

نقل الإمام البخاري ولادة عبد الجبار بن وائل بعد وفاة أبيه

السؤال
ينقل عن الإمام البخاري أنه قال في التاريخ الكبير في ترجمة علقمة بن وائل: سمع أباه.
وفي ترجمة عبد الجبار قال: ولد بعد وفاة أبيه بستة أشهر.
فما صحة هذا القول؟

الجواب
هذا غير واضح؛ لأن عبد الجبار نفسه قال: كنت غلاماً لا أعقل صلاة أبي.
وكونه لا يعقل صلاة أبيه معناه أنه موجود في زمن أبيه.

(95/20)

حكم الانحناء لكبار السن

السؤال
اعتاد الناس في بعض البلاد الإسلامية على أنهم إذا رأوا أحداً من كبار
السن فإنهم ينحنون له بما يشبه الركوع، ثم يجلس الواحد منهم إذا كان هذا
الشيخ الكبير قائماً، ويعتبرون ذلك من الاحترام الواجب، وبعضهم -أيضاً-
يسجد للسلطان، فما حكم هذا العمل؟

الجواب
كل هذه الأعمال لا تسوغ ولا تجوز وكلها حرام، ولا يجوز الانحناء لأحد إلا
لله عز وجل، فالإنسان يصلي لله عز وجل بركوعه وسجوده، وأما فعل ذلك مع
المخلوقين فذلك غير جائز، لا الانحناء، ولا السجود.

(95/21)

المراد بالميسر والأنصاب والأزلام

السؤال
ما المراد بالميسر والأنصاب والأزلام؟

الجواب
الأزلام جمع (زلم)، وهي سهام كانوا يضربونها ثم يستخرجون أحدها فإن كان
فيه (افعل) فعل الضارب ما هو مقدم عليه، وإن كان فيه (لا تفعل) ترك ما هو
مقدم عليه، وإن خرج الثالث فهو سهم ليس مكتوباً عليه شيء، فيعيد الضرب مرة
أخرى.
والأنصاب هي التي كان يذبحون عليها؛ لقوله تعالى: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} [المائدة:3]، والميسر هو القمار.

(95/22)

معنى قاعدة (لا قياس في العبادات)

السؤال
ما المراد بقولهم: (لا قياس في العبادة)؟

الجواب
معناه أن العبادة يعول فيها على النصوص، فليس فيها قياس.

(95/23)

حكم سماع الرجل إذاعة الأخبار بصوت المرأة

السؤال
ما حكم سماع الأخبار التي تلقيها امرأة؟

الجواب
لا بأس به إذا لم يترتب على السماع فتنة، لكن لا يصلح أن تكون المرأة
تلقي أخباراً في البلاد الإسلامية، وإن كان هذا قد وجد في بلاد الكفار، فإن
احتاج الإنسان إلى أن يسمع الأخبار فله أن يسمع إذا لم يكن هناك افتتان
بالصوت.

(95/24)

طالب العلم والدعوة إلى الله تعالى

السؤال
متى يكون طالب العلم أهلاً للدعوة؟ وما المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية)؟

الجواب
يكون الإنسان طالب العلم أهلاً للدعوة إذا كان متمكناً من الشيء الذي
يدعو إليه، فالإنسان إذا كان غير متمكن وغير عالم بالذي يدعو إليه فقد يأمر
بما هو منكر وينهى عما هو معروف، ولكن لا بد من أن يكون عالماً، أن يكون
عنده علم وعند معرفة، فإذا أتقن شيئاً أو تحقق من شيء أو عرف أمراً من
الأمور فإن له أن يدعو إلى هذا الذي عرفه وتحقق منه، ولا يُدخل نفسه في
أمور أخرى لا يعرفها ولا يدركها ولا يعقلها، وإنما الشيء الذي أتقنه وعرفه
يدعو إليه ويرشد إليه.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو
آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) فمعناه أن الإنسان لا يتساهل في شيء،
بل الإنسان يبلغ ولو كان ما عنده إلا شيء يسير، فإنه يبلغ ما عنده، ولكن لا
بد من التحقق بأن ما يدعو إليه هو على بصيرة فيه، كما قال الله عز وجل
{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا
وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف:108]، فالشيء الذي لا يعرفه ولا يعقله يتركه،
ولا يدخل نفسه في أمور لا يدركها ولا يعقلها، فإن ذلك يكون من القول على
الله بغير علم.

(95/25)

الطاعنون في تنصيف دية المرأة

السؤال
ظهر في بعض البلدان الإسلامية أناس يقولون إن القول بأن دية المرأة نصف دية الرجل غير صحيح، وإن الأحاديث في ذلك غير صحيحة.
فما رأيكم؟

الجواب
هذا كلام غير صحيح، وهذا القول الذي يقوله هؤلاء هو من التخبط، والعلماء
-رحمهم الله- المشهور عنهم أن دية المرأة على النصف من دية الرجل، وقد جاء
في ذلك بعض الأحاديث، وأظن أنَّ المسألة فيها إجماع، وقد ذكر ابن القيم أن
المرأة على النصف من الرجل في خمسة أشياء: في الدية، وفي الشهادة، وفي
العقيقة، وفي العتق، وفي الميراث.

(95/26)



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر   الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد مارس 03, 2013 1:50 pm

اقتباس :


الجمع بين كون ترك ابن عباس الأتان ترتع ودخوله الصلاة حصل في منى وكونه حصل في عرفة

السؤال
ورد في سنن أبي داود أن ابن عباس ترك الأتان وكان النبي صلى الله عليه
وسلم يصلي في منى، وفي رواية النسائي أنه كان يصلي بعرفة، فما هو الجمع
بينهما؟

الجواب
يمكن أن تكونا
قصتين، أو تكون واحدة، وهذا هو الأرجح، والأرجح أنه كان في منى، وفي بعض
الروايات أنه كان ذلك في يوم النحر، ويوم النحر إنما هو في منى.

(95/27)

توجيه ترك أبي داود إخراج حديث صلاته صلى الله عليه وسلم في منى إلى غير جدار

السؤال
ما هو توجيه فعل أبي داود في ترك إخراج حديث ابن عباس أنه عليه الصلاة
والسلام صلى في منى إلى غير جدار، مع أن أبا داود من منهجه في كتابه أن
يسوق أدلة الفريقين؟ وما التوجيه لهذا الحديث؟

الجواب
كون المؤلف يلتزم بأن يورد كل حديث هذا ليس من شأن المصنفين، فليس من شأن
أبي داود ولا غيره، وليس المقصود أنهم يجمعون كل الأحاديث، وإنما يأتون
بجملة من الأحاديث، فـ البخاري ومسلم لم يلتزما إخراج كل صحيح.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

(95/28)

شرح سنن أبي داود [096]
حرص
الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم على معرفة صلاة النبي صلى الله عليه
وسلم حرصاً بالغاً، وروي عنهم عدة من الأحاديث في بيان صفتها، ومن جملة من
حكى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أبو حميد الساعدي في حديث عظيم نقل فيه
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم مبيناً كثيراً من أركانها وواجباتها
وسننها.

(96/1)

افتتاح الصلاة
(96/2)

شرح حديث (أتيت النبي في الشتاء فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم في الصلاة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب افتتاح الصلاة.
حدثنا
محمد بن سليمان الأنباري حدثنا وكيع عن شريك عن عاصم بن كليب عن علقمة بن
وائل عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم
في الشتاء فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم في الصلاة)].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب افتتاح الصلاة].
والترجمة
السابقة العامة هي [تفريع أبواب استفتاح الصلاة] والمقصود من ذلك هو بيان
الأمور التي تتعلق بأول الصلاة، ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك؛ لأنه يشمل
ذلك ويشمل غيره، وسيأتي بعد هذه الترجمة تفريع أبواب الركوع والسجود، وقد
اشتملت هذه التراجم التي أوردها أبو داود في تفريع أبواب استفتاح الصلاة
على ما يتعلق بالركوع والسجود وغير ذلك، ولكن المقصود هو ما يكون في أول
الصلاة، وقد يسوق الحديث وهو مشتمل على ذلك وعلى غيره، فلا يلزم أن يكون كل
ما فيه مقصوراً على استفتاح الصلاة، لكن ما فيه مشتمل على استفتاح الصلاة،
وقد يكون مع استفتاح الصلاة أشياء أخرى من أفعال الصلاة غير استفتاح
الصلاة، فيكون تبعاً في هذه الترجمة.
وقد أورد أبو داود رحمه الله تحت
هذه الترجمة حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه أنه قال: (أتيت النبي صلى
الله عليه وسلم في الشتاء فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم في
الصلاة).
يعني أنهم عندما يكبرون تكبيرة الإحرام والركوع والرفع منه
يحركون أيديهم ويرفعونها وهي داخل الثياب، والمقصود من ذلك أن الصلاة تفتتح
بالتكبير ويكون التكبير على حسب الحال، سواء أكانت اليدان داخل الثياب أم
خارج الثياب.

(96/3)

تراجم رجال إسناد حديث (أتيت النبي في الشتاء فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم)
قوله: [حدثنا محمد بن سليمان الأنباري].
محمد بن سليمان الأنباري، صدوق، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[حدثنا وكيع].
هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شريك].
هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي، صدوق كثير الخطأ، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن عاصم بن كليب].
هو عاصم بن كليب بن شهاب، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن علقمة بن وائل].
هو علقمة بن وائل بن حجر، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في رفع اليدين ومسلم وأصحاب السنن.
[عن وائل بن حجر] هو وائل بن حجر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في جزء القراءة، ومسلم وأصحاب السنن.

(96/4)

شرح حديث (كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا أبو عاصم الضحاك بن
مخلد، ح: وحدثنا مسدد حدثنا يحيى -وهذا حديث أحمد - قال: أخبرنا عبد الحميد
-يعني ابن جعفر - أخبرني محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعت أبا حميد الساعدي
رضي الله عنه في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو
قتادة رضي الله عنه، قال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم.
قالوا: فلم؟! فوالله ما كنت بأكثرنا له تبعةً ولا أقدمنا له صحبة.
قال: بلى، قالوا: فاعرض.
قال:
(كان رسول الله صلى الله عليه وآله سلم إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى
يحاذي بهما منكبيه، ثم يكبر حتى يقر كل عظم في موضعه معتدلا، ثم يقرأ، ثم
يكبر فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه،
ثم يعتدل فلا يصب رأسه ولا يقنع، ثم يرفع رأسه فيقول: سمع الله لمن حمده.
ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلاً، ثم يقول: الله أكبر.
ثم
يهوي إلى الأرض فيجافي يديه عن جنبيه، ثم يرفع رأسه ويثني رجله اليسرى
فيقعد عليها ويفتح أصابع رجليه إذا سجد، ويسجد ثم يقول: الله أكبر.
ويرفع
رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها حتى يرجع كل عظم إلى موضعه، ثم يصنع
في الأخرى مثل ذلك، ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما
منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة، ثم يصنع ذلك في بقية صلاته، حتى إذا
كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركاً على شقه
الأيسر.
قالوا: صدقت، هكذا كان يصلي صلى الله عليه وآله وسلم)].

(96/5)

توجيه مدح أبي حميد الساعدي نفسه ودلالته
أورد
أبو داود حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنه كان في جماعة من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم قدرهم عشرة أشخاص من أصحاب النبي صلى الله
عليه وسلم، فقال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا
فيه جواز مدح الإنسان نفسه ليؤخذ عنه العلم وليحرص على أخذ ما عنده، هذا
هو مقصود أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذكر مثل هذا الكلام، وأنهم
يريدون أن يؤخذ ما عندهم، وأن يهتم بأخذ ما عندهم حتى يعرف الآخذون عنهم
سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعملون بها، وفي ذلك تحقيق وتطبيق لقول
الرسول صلى الله عليه وسلم: (نضرَّ الله امرأً سمع مقالتي فوعاها وأداها
كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه).
فكان
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وأرضاهم حريصين على
الأخذ من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكانوا -أيضاً- حريصين على أن
يؤخذ عنهم العلم وأن تتلقى عنهم السنن، ويأتون بالكلام الذي يرغب في ذلك
ويحفز الهمم على تلقي الحديث عنهم، كما فعل أبو حميد رضي الله عنه حيث قال:
[أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم].
يريد من ذلك أن
يعتنى بأخذ ما عنده؛ لأنه يتحدث عن علم وعن بصيرة وعن معرفة تامة، حيث قال:
[أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم] فلم يكن من الحاضرين إلا
أن قالوا: ولم ذلك؟ لست أكثرنا له صحبة ولا أكثرنا له اتباعاً.
ثم قالوا: اعرض علينا ما عندك.
فعرض عليهم صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقروا له بذلك، وقالوا: إن هذه هي كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(96/6)

شرح ألفاظ الحديث
قوله: [(كان رسول الله صلى الله عليه وآله سلم إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه)].
يعني: عند التكبير حال الدخول في الصلاة.
قوله: [(ثم يكبر)].
يعني
أنه عند هذه الهيئة يحصل منه التكبير وهو رافع يديه، وليس معنى ذلك أنه
يرفع يديه ثم ينزلهما ثم يكبر، وإنما يكون التكبير مع رفع اليدين مصاحباً
لهما، فيكبر تكبيرة الإحرام التي يكون بها تحريم الصلاة، كما قال عليه
الصلاة والسلام: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم).
قوله: (حتى يقر كل عظم في موضعه معتدلا، ثم يقرأ)].
يعني
أنه يكبر وقد رفع يديه ثم يضعهما حتى يقر كل عظم في موضعه، ثم يبدأ
بالقراءة، فعندما يرفع ثم يضع يديه ويكون قد استقر كل عظم على ما هو عليه
عند ذلك يبدأ بالقراءة.
قوله: [(ثم يكبر فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه)].
يعني
أنه يقرأ الفاتحة وما تسير من القرآن، ثم بعد ذلك يرفع يديه ويكبر وهو
يهوي إلى الركوع، فيكون معنى هذا أنه عند تكبيرة الإحرام يرفع يديه، وكذلك
عند الركوع يرفع يديه.
قوله: [(ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه)].
يعني: في حال ركوعه يضع راحتيه على ركبتيه.
قوله: [(ثم يعتدل فلا يصب رأسه ولا يقنع)].
معنى: [(ثم يعتدل)] أي: في ركوعه [(فلا يصب رأسه)] يعني: لا يخفضه [(ولا يقنع)] أي: لا يرفعه.
وقيل:
إن ذلك -أيضاً- يأتي بمعنى الخفض، فتقنيع الرأس يطلق على الرفع وعلى
الخفض، وأما قوله: [(يصب رأسه)] أو (يصوب رأسه) -كما جاء في بعض الألفاظ-
فإن المقصود به الخفض، ومعنى ذلك أن رأسه مع امتداد ظهره ليس نازلاً ولا
مرتفعاً، وإنما هو مع امتداد ظهره صلى الله عليه وسلم.
قوله: [(ثم يرفع رأسه فيقول: سمع الله لمن حمده.
ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلا)].
أي
أنه يرفع من الركوع ويقول: (سمع الله لمن حمده) ويرفع يديه مع ذلك عندما
يقوم، فيكون بهذا جاء الرفع في ثلاثة مواضع: في تكبيرة الإحرام والركوع
والرفع منه.
قوله: [(ثم يقول: الله أكبر.
ثم يهوي إلى الأرض فيجافي يديه عن جنبيه)].
أي:
أنه يكبر عند السجود، وقوله: (فيجافي يديه عن جنبيه) يعني: لا يلصقهما
بجنبه، وإنما يجافيهما بحيث يكون معتمداً عليهما، ولا يكون معتمداً على
فخذه، وإنما يعتمد على يديه مجافياً لهما عن فخذيه وعن جنبه.
قوله: [(ثم يرفع رأسه ويرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها)].
هذا
الذي يسمى الافتراش في الصلاة، يعني أنه يفترش رجله اليسرى، وافتراش الرجل
اليسرى يكون بين السجدتين ويكون في التشهد الأول، أما التشهد الأخير ففيه
تورك، وهو الجلوس على وركه وإخراج رجله اليسرى من تحت ساقه اليمنى، ونصب
قدمه اليمنى مستقبلاً بأصابعها القبلة قوله: [(ويفتح أصابع رجليه إذا
سجد)].
يعني أنه يلينها إذا سجد، بحيث تكون أطرافها إلى القبلة.
قوله: [(ويسجد ثم يقول: الله أكبر.
ويرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها حتى يرجع كل عظم إلى موضعه)].
معناه أنه يطمئن في جلوسه، ويعتدل في جلوسه، لا أنه يجلس ثم يترك الجلوس بسرعة، وإنما لا بد من الاطمئنان، فيطمئن جالسا.
قوله: [(ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك)].
يعني بذلك السجود، أي: سجد في الأخرى مثل ذلك.
قوله: [(ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة)].
هذا
فيه الموضع الرابع من مواضع رفع اليدين في الصلاة، وهو عند القيام من
التشهد الأول؛ لقوله: [(ثم إذا قام من الركعتين)] ومعناه: إذا قام التشهد
الأول.
قوله: [(ثم يصنع ذلك في بقية صلاته)].
أي: مثلما عمل فيما مضى يعمل في بقية صلاته كذلك.
قوله: [(حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركاً على شقه الأيسر)].
يعني بذلك الثلاثية أو الرباعية؛ لأنه ذكر أنه يقوم من الركعتين ويكبر.
فالصلاة
الثنائية كالفجر ليس فيها إلا الافتراش، وكذلك النوافل ليس فيها إلا
الافتراش، ولكن الصلاة الرباعية أو الثلاثية التشهد الأول منها فيه افتراش
والتشهد الأخير فيه تورك، فلهذا ذكر القيام من التشهد الأول، والقيام من
الركعتين، وأنه يرفع يديه عندما يقوم، وأنه يفعل في صلاته مثلما فعل في
الأول، ثم إذا قام من السجدة التي بعدها السلام في الثلاثية أو الرباعية
فإنه يتورك، أي: يخرج رجله اليسرى من تحت ساقه اليمنى ويجعل وركه على
الأرض، بخلاف ما مضى فإنه يفترش رجله ويجلس عليها، فلا يجلس على الأرض
وإنما يجلس على رجله، أما التورك فهو الاعتماد بالورك على الأرض، والافتراش
هو الجلوس على القدم مفترشاً لها، والتورك إنما يكون في الصلاة الثلاثية
أو الرباعية في التشهد الأخير، كما جاء في حديث أبي حميد الساعدي هذا.
قوله: [(حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركاً على شقه الأيسر)].
قوله:
[(أخر رجله اليسرى)] معناه أنه قدمها، فبدلاً من أن يجلس عليها مثل التشهد
الأول وما بين السجدتين أخرها إلى جهة اليسار بحيث تخرج من تحت ساقه،
ويجلس على وركه معتمداً عليه.
قوله: [(قالوا: صدقت، هكذا كان يصلي صلى الله عليه وسلم)].
يعني:
أقروا له بأن هذا الذي حكاه موافق للشيء الذي يعلمونه ويعرفونه من صلاة
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فهذه الكيفية جاءت عن أبي حميد،
وكذلك أقره جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن هذه
الكيفية هي كيفية صلاته صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عن أصحابه
الكرام.

(96/7)

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه)
قوله: [حدثنا أحمد بن حنبل].
هو
أحمد بن محمد بن حنبل الإمام الفقيه المحدث المشهور، أحد أصحاب المذاهب
الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد].
أبو
عاصم الضحاك بن مخلد هو أبو عاصم النبيل، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة،
وهو من كبار شيوخ البخاري، ويروي عنه البخاري جملة من الثلاثيات؛ لأنه من
أتباع التابعين.
[ح: وحدثنا مسدد].
قوله: (ح) هو للتحول من إسناد إلى إسناد.
ومسدد هو مسدد بن مسرهد البصري، ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا يحيى].
هو ابن سعيد القطان البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قوله: [وهذا حديث أحمد].
يعني: هذا السياق حديث أحمد، أي: في الإسناد الأول.
قوله: [قال: أخبرنا عبد الحميد -يعني ابن جعفر -].
عبد الحميد بن جعفر صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[أخبرني محمد بن عمرو بن عطاء].
محمد بن عمرو بن عطاء ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[قال: سمعت أبا حميد الساعدي هو عبد الرحمن بن سعد بن المنذر رضي الله تعالى عنه، وقد اختلف في اسمه, أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

(96/Cool

شرح حديث (فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه وفرج بين أصابعه)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة عن يزيد
-يعني ابن أبي حبيب - عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو العامري
أنه قال: كنت في مجلس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فتذاكروا
صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم، فقال: أبو حميد رضي الله عنه فذكر
بعض هذا الحديث وقال (فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه وفرج بين أصابعه، ثم
هصر ظهره غير مقنع رأسه ولا صافح بخده، وقال: فإذا قعد في الركعتين قعد على
بطن قدمه اليسرى ونصب اليمنى، فإذا كان في الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى
الأرض وأخرج قدميه من ناحية واحدة)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي حميد من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، إلا أنه أخصر مما تقدم.
قوله: [(فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه)] يعني أنَّه وضع كفيه على ركبتيه وفرج بين أصابعه.
قوله: [(ثم هصر ظهره)].
يعني أنه خفضه حتى يكون مساوياً لرأسه.
قوله: [(غير مقنع رأسه)] يعني: غير رافع له، ولفظ (مقنع) يصلح للرفع وللخفض؛ لأنه من المشترك المتضاد.
[(ولا صافح بخده)] معناه أنه غير مبين لصفحته، والمراد أن رأسه مستقيم ليس مائلاً بحيث تكون صفحة منه نازلة وصفحة مرتفعة.
قوله: [وقال: (فإذا قعد في الركعتين قعد على بطن قدمه اليسرى ونصب اليمنى)].
يعني: في التشهد الأول، أي: جلس مفترشاً.
قوله: [(فإذا كان في الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض وأخرج قدميه من ناحية واحدة)].
يعني
الركعة الرابعة، فإنه يفضي بقدمه اليسرى إلى جهة يمينه ويعتمد على وركه،
وتصير الرجلان كلتاهما من جهة اليمين، فاليمنى هي في الأصل من جهة اليمين،
واليسرى -أيضاً- صارت من جهة اليمين؛ لأنها خرجت من تحت الساق اليمنى؛ لأنه
إذا كان جالساً عليها صارت تحته، ولكن إذا جلس على وركه أخرها إلى جهة
اليمين حتى تخرج من تحت الساق اليمنى.

(96/9)


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر   الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد مارس 03, 2013 1:52 pm

اقتباس :

تراجم رجال إسناد حديث (فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه وفرج بين أصابعيه)
قوله: [حدثنا قتيبة بن سعيد].
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا
ابن لهيعة] هو ابن لهيعة عبد الله بن لهيعة المصري، وهو صدوق اختلط لما
احترقت كتبه، وحديثه أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة.
أما النسائي فما كان يحدث عنه.
وقد
روى عنه قتيبة بن سعيد، وقتيبة كان من المعمرين فأدركه إدراكاً بيناً،
وذكر الشيخ الألباني في السلسلة أن قتيبة روى عن ابن لهيعة قبل الاختلاط.
فعلى هذا تكون رواية ابن لهيعة هنا ليس فيها شيء.
[عن يزيد -يعني ابن أبي حبيب -].
يزيد بن أبي حبيب ثقة يرسل ويدلس، وحديث أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن عمرو بن حلحلة].
محمد بن عمرو بن حلحلة ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[عن محمد بن عمرو العامري].
محمد بن عمرو العامري هو محمد بن عمرو بن عطاء الذي مر في الإسناد الذي قبل هذا عن أبي حميد.

(96/10)

شرح حديث (فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عيسى بن إبراهيم المصري حدثنا ابن وهب عن
الليث بن سعد عن يزيد بن محمد القرشي ويزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو بن
حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء نحو هذا، قال: (فإذا سجد وضع يديه غير
مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابعه القبلة)].
أورد هنا حديث أبي حميد من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم إلا أنه ذكره مختصراً.
قوله: [(إذا سجد وضع يديه غير مفترش)].
يعني:
(وضع يديه) على الأرض معتمداً عليهما غير مفترش لهما، بمعنى أنه لا
يفرشهما على الأرض مثل افتراش الكلب الذي جاء النهي عنه، فالمصلي لا يفترش
يديه، وإنما يضعهما على الأرض معتمداً عليهما مع مجافاتهما عن جنبيه بحيث
يكون معتمداً عليهما.
قوله: [(ولا قابضهما)].
يعني: ليس مفترشاً ولا قابضاً لهما، ويمكن أن يكون المراد بالقبض أنَّه يقبض يديه بدلاً من أن يبسطهما، أو أنه يقبضهما إلى جنبه.
فعلى
الساجد أن يجافي بينهما وبين جنبيه، بحيث يكون معتمداً عليهما، أي:
معتمداً على الكفين لا على الكفين والذراعين، وهي هيئة افتراش الكلب.
قوله: [(واستقبل بأطراف أصابعه القبلة)].
يعني أصابع اليدين، فعند سجوده تكون أطرافهما مستقبلة القبلة.

(96/11)

تراجم رجال إسناد حديث (فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما)
قوله: [حدثنا عيسى بن إبراهيم المصري].
عيسى بن إبراهيم المصري ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي.
[حدثنا ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الليث بن سعد].
هو الليث بن سعد المصري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يزيد بن محمد القرشي].
يزيد بن محمد القرشي ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي.
[ويزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء].
قد مر ذكرهم جميعاً.

(96/12)

شرح حديث (ثم رفع رأسه فقال سمع الله لمن حمده)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا علي بن الحسين بن إبراهيم حدثنا أبو بدر
حدثني زهير أبو خيثمة حدثنا الحسن بن الحر حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك
عن محمد بن عمرو بن عطاء أحد بني مالك عن عباس -أو عياش بن سهل الساعدي -
أنه كان في مجلس فيه أبوه -وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- وفي
المجلس أبو هريرة وأبو حميد الساعدي وأبو أسيد بهذا الخبر يزيد أو ينقص،
قال فيه: (ثم رفع رأسه -يعني: من الركوع- فقال: سمع الله لمن حمده، اللهم
ربنا لك الحمد.
ورفع يديه ثم قال: الله أكبر.
فسجد فانتصب على كفيه
وركبتيه وصدور قدميه وهو ساجد، ثم كبر فجلس فتورك ونصب قدمه الأخرى، ثم كبر
فسجد، ثم كبر فقام ولم يتورك) ثم ساق الحديث، قال: (ثم جلس بعد الركعتين،
حتى إذا هو أراد أن ينهض للقيام قام بتكبيرة، ثم ركع الركعتين الأخريين)
ولم يذكر التورك في التشهد].
قوله: [بهذا الخبر] يعني: عن أبي حميد.
قوله: [عن محمد بن عمرو بن عطاء أحد بني مالك عن عباس أو عياش بن سهل الساعدي].
يعني
أن محمد بن عمرو بن عطاء بينه وبين أبي حميد في هذا الإسناد واسطة، وأما
في الأحاديث التي مرت فكان يروي عن أبي حميد، بل إنه صرح بالسماع منه فقال:
سمعت أبا حميد الساعدي يحدث.
وعلى هذا فهذه الواسطة التي ذكرت هنا إما
أن تكون من المزيد في متصل الأسانيد، وإما أن يكون محمد بن عمرو بن عطاء
رواه بواسطة وبغير واسطة.
ويمكن أن يكون حصله أولاً نازلاً ثم ظفر به
عالياً، وهذا إذا لم يكن من المزيد في متصل الأسانيد، وأما إذا كان من
المزيد في متصل الأسانيد فمعناه أن محمد بن عمرو بن عطاء يروي عن أبي حميد
مباشرة، وتكون تلك الزيادة وهماً، وهي التي هي يسمونها (المزيد في متصل
الأسانيد) فيحتمل هذا ويحتمل هذا، يحتمل أن يكون من المزيد ويحتمل أن يكون
مما حصله نازلاً أولاً ثم ظفر به عالياً.
[(ثم رفع رأسه -يعني من الركوع- وقال: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد)] المراد بذلك التسميع والتحميد.
قوله: [(ورفع يديه ثم قال الله أكبر.
فسجد فانتصب على كفيه وركبتيه وصدور قدميه وهو ساجد)].
أي أنَّه اعتمد على ستة أعضاء، ومع ذلك العضو السابع الذي هو الجبهة والأنف.
قوله:
[(ثم كبر فجلس وتورك)] معناه أنه بين السجدتين تورك، وهذا يخالف الروايات
السابقة التي فيها الافتراش، وليس التورك، وأن التورك إنما يكون في التشهد
الأخير كما مر في الرواية السابقة حيث قال: (فلما كان من السجدة الرابعة
أخر رجله اليسرى وجلس على وركه) فهذا مخالف لما تقدم من الروايات التي فيها
أنه بين السجدتين يفترش ولا يتورك.
قوله: [(ثم كبر فسجد)].
أي: السجدة الثانية.
وقوله:
[(ثم كبر وقام ولم يتورك)] معناه أنه ما جلس، لكن جاء في بعض الأحاديث
الجلسة التي يسمونها جلسة الاستراحة، وهي بعد الوتر في الصلاة، بعد السجدة
الثانية من الركعة الأولى أو الثالثة، فقوله: [(ولم يتورك)] يعني جلسة
الاستراحة بعد السجود، يعني أنه قام ولم يتورك إذا كان يقصد الاستراحة؛
لأنه لا يزال في الركعة الأولى، ومن المعلوم أنه ليس هناك في الأولى إلا
جلسة الاستراحة، والتشهد لم يذكر بعد.
قوله: [(ثم جلس بعد الركعتين)] يعني التشهد الأول.
قوله: [(حتى إذا هو أراد أن ينهض إلى القيام قام بتكبيرة)] يعني أنه يقوم من التشهد الأول مكبراً، ويرفع يديه كما سبق أن مر بنا.
قوله: [(ثم ركع الركعتين الأخريين) ولم يذكر التورك في التشهد].
لعله
يعني التشهد الأخير، وكذلك في التشهد الأول ما ذكر شيئاً فيما مضى، ولكن
التورك ثابت في التشهد الأخير، والافتراش في التشهد الأول وبين السجدتين.

(96/13)

تراجم رجال إسناد حديث (ثم رفع رأسه فقال سمع الله لمن حمده)
قوله: [حدثنا علي بن الحسين بن إبراهيم].
علي بن الحسين بن إبراهيم صدوق، أخرج له أبو داود وابن ماجة.
: [حدثنا أبو بدر].
هو شجاع بن الوليد السكوني، صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني زهير أبي خيثمة].
هو زهير بن معاوية أبو خيثمة، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الحسن بن الحر].
الحسن بن الحر ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي.
[حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك].
عيسى بن عبد الله بن مالك مقبول، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[عن محمد بن عمرو بن عطاء أحد بني مالك].
امحمد بن عمرو بن عطاء مر ذكره.
[عن عباس أو عياش بن سهل الساعدي].
هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
والحديث
فيه عيسى بن عبد الله، وهو مقبول، ففي حديثه ما وافق الروايات السابقة وله
شواهد، وما كان مخالفاً لها لا يعول عليه، مثل ذكر التورك بين السجدتين.

(96/14)

شرح حديث (ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الملك بن عمرو
أخبرني فليح حدثني عباس بن سهل قال: اجتمع أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد
ومحمد بن مسلمة فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم، فقال أبو
حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم.
فذكر بعض هذا، قال: (ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما، ووتر يديه فتجافى عن جنبيه.
قال:
ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته ونحى يديه عن جنبيه ووضع كفيه حذو منكبيه، ثم
رفع رأسه حتى رجع كل عظم في موضعه، حتى فرغ، ثم جلس فافترش رجله اليسرى
وأقبل بصدر اليمنى على قبلته، ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى وكفه
اليسرى على ركبته اليسرى وأشار بأصبعه).
قال أبو داود: روى هذا الحديث
عتبة بن أبي حكيم عن عبد الله بن عيسى عن العباس بن سهل لم يذكر التورك،
وذكر نحو حديث فليح، وذكر الحسن بن الحر نحو جلسة حديث فليح وعتبة].
قوله: [(وضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما)] يعني: كأنه ممسك بهما.
قوله: [(ووتر يديه فتجافى عن جنبي)].
يعني: جعلهما كالوتر فيه ميلان، أي: لم يكن ملصقاً إياهما على بطنه أو على فخذيه، وإنما كان مجافياً لهما عن ذلك.
قوله: [(ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته ونحى يديه عن جنبيه)].
يعني: اعتمد على يديه وجافى بين يديه وجنبيه فلم يعتمد على فخذيه، وإنما اعتمد على يديه مجافياً لهما عن جنبيه.
قوله: [(ووضع كفيه حذو منكبيه)].
يعني: في السجود.
قوله: [(ثم رفع رأسه حتى رجع كل عظم في موضعه)].
يعني أنه رفع رأسه من السجود وجلس بين السجدتين حتى استقر واعتدل واطمأن.
قوله: [(حتى فرغ ثم جلس فافترش رجله اليسرى)].
يعني: حتى فرغ من الركعتين أو من الصلاة إذا كانت ثنائية كالفجر وكالسنن.
قوله: [(ثم جلس فافترش رجله اليسرى وأقبل بصدر اليمنى على قبلته ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى)].
يعني أنه جعل صدر رجله اليمنى إلى القبلة بحيث جعل أصابعها إلى القبلة.
قوله: [(وكفه اليسرى على ركبته اليسرى وأشار بأصبعه)].
أي: وضع اليد اليسرى على الفخذ اليسرى، واليمنى على الفخذ اليمنى، وأشار بأصبعه، يعني: في التشهد.

(96/15)

تراجم رجال إسناد حديث (ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما)
قوله: [حدثنا أحمد بن حنبل].
أحمد بن حنبل مر ذكره.
[حدثنا عبد الملك بن عمرو].
هو أبو عامر العقدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني فليح] هو فليح بن سليمان، وهو صدوق كثير الخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني عباس بن سهل].
عباس بن سهل قد مر ذكره.

(96/16)

الرواة المخالفون لمن روى التورك في الجلوس بين السجدتين وتراجمهم
[قال
أبو داود: روى هذا الحديث عتبة بن أبي حكيم عن عبد الله بن عيسى عن العباس
بن سهل لم يذكر التورك، وذكر نحو حديث فليح، وذكر الحسن بن الحر نحو جلسة
حديث فليح وعتبة].
قوله: [روى هذا الحديث عتبة بن أبي حكيم].
عتبة بن أبي حكيم صدوق يخطئ كثيراً، أخرج له البخاري في (خلق أفعال العباد) وأصحاب السنن.
[عن عبد الله بن عيسى].
هو
ذاك الأول عيسى بن عبد الله بن مالك، قال ابن حجر في ترجمته: عيسى بن عبد
الله وقيل فيه: عبد الله بن عيسى، ففي اسمه تقديم وتأخير.
[عن العباس بن سهل].
مر ذكره.
قوله: [لم يذكر التورك].
التورك
-كما هو معلوم- هو في التشهد الأخير، لكن في الرواية السابقة التي فيها
ذلك المقبول ذكر التورك بين السجدتين، لكن هنا ما ذكر التورك، بل ذكر
الافتراش.
قوله: [وذكر نحو حديث فليح].
وهو الحديث الذي بين أيدينا الذي فيه ذكر الافتراش.
قوله: [وذكر الحسن بن الحر نحو جلسة حديث فليح وعتبة].
الحسن بن الحر مر ذكره.
وقوله: [نحو جلسة حديث فليح وعتبة].
عتبة بن أبي حكيم صدوق يخطئ كثيراً.

(96/17)



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر   الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد مارس 03, 2013 1:54 pm

اقتباس :

شرح حديث (وإذا سجد فرج بين فخذيه)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا بقية حدثني عتبة
حدثني عبد الله بن عيسى عن العباس بن سهل الساعدي عن أبي حميد رضي الله عنه
بهذا الحديث قال: (وإذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من
فخذيه)].
قوله: [(غير حامل بطنه على شيء من فخذيه)].
معناه أنه يجافي
بطنه عن فخذيه، بحيث لا يكون معتمداً ببطنه على فخذيه، وإنما يكون معتمداً
ساجداً على ركبتيه ومجافياً بطنه عن فخذيه، بحيث يكون الاعتماد على
الركبتين واليدين، ولا تكون اليدان ملصقتين بالفخذين، ولا يكون البطن
-أيضاً- معتمداً على الفخذين.

(96/18)

تراجم رجال إسناد حديث (وإذا سجد فرج بين فخذيه)
قوله: [حدثنا عمرو بن عثمان].
هو عمرو بن عثمان الحمصي، وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[حدثنا بقية] هو بقية بن الوليد الحمصي، وهو صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[حدثني عتبة حدثني عبد الله بن عيسى عن العباس بن سهل الساعدي عن أبي حميد].
هؤلاء جميعاً قد مر ذكرهم.
[قال
أبو داود: رواه ابن المبارك: حدثنا فليح سمعت عباس بن سهل يحدث فلم أحفظه،
فحدثنيه -أراه ذكر عيسى بن عبد الله - أنه سمعه من عباس بن سهل قال: حضرت
أبا حميد الساعدي بهذا الحديث.
قوله: [رواه ابن المبارك].
هو عبد الله بن المبارك المروزي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا فليح سمعت عباس بن سهل].
مر ذكرهما.
[فحدثنيه -أراه ذكر عيسى بن عبد الله -].
عيسى بن عبد الله مر ذكره كذلك.
[أنه سمعه من عباس بن سهل قال: حضرت أبا حميد].
قد مر ذكرهما.

(96/19)

الأسئلة
(96/20)

اتخاذ المصلي المسبوق السترة بعد سلام الإمام

السؤال
هل على المصلي المسبوق بعد سلام الإمام أن يقرب إلى الجدار أو شيء غيره سترةً له؟

الجواب
نعم له ذلك، فإذا كان المكان قريباً وقرب فلا بأس بذلك.

(96/21)

حكم الاستتار في الصلاة بالجالس

السؤال
هل يجوز لأحد أن يجعل الشخص الجالس أمامه سترة له؟

الجواب
يمكن؛ لأن الصف الثاني سترتهم الصف الأول، وإذا ذهب الجالس يبقى بدون سترة.

(96/22)

النيابة في الحج عمن ليس عنده قدرة مالية

السؤال
والديّ ليس عندهما قدرة مالية على الحج والعمرة، فهل يجوز لي أن أعتمر عنهما أو أحج؟

الجواب
الحي لا يحج عنه إلا في إحدى حالتين: أن يكون هرماً كبيراً لا يستطيع السفر والركوب، الثانية: أن يكون مريضاً مرضاً لا يرجى برؤه.
فهذان
هما اللذان يحج عنهما ويعتمر، وإذا كانا غير قادرين وأنت غير قادر فلا
يكلف الله نفساً إلا وسعها، وإذا يسر الله لهما القدرة المالية فعليهما أن
يؤديا ما فرضه الله تعالى عليهما.

(96/23)

معنى الظلم في قوله تعالى (وقد خاب من حمل ظلماً)

السؤال
ما المقصود بالظلم في قول الله جل وعلا: {وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا} [طه:111] هل هو الشرك أم الظلم عامة؟

الجواب
الشرك لا شك في أنه أبلغ الظلم وأبطل الباطل، وكذلك الظلم خطير، أعني ظلم
الناس، فيبدو -والله أعلم- أنه يشمل الظلم الأكبر، ولكن الخيبة العظيمة
التي ليس وراءها سلامة هي دخول النار والخلود فيها، وهذا لا يكون إلا
للكفار، وأما غيرهم فإنهم إذا عوقبوا على ظلمهم وعلى ما حصل منهم فإنهم لا
بد من أن يخرجوا ويدخلوا الجنة.

(96/24)

حكم تقبيل يد الوالد ووضعها على الجبين

السؤال
جرت العادة في بعض البلاد الإسلامية بأن يقبل الابن يد أبيه أو أمه ثم يضعها على جبينه، فما الحكم؟

الجواب
تقبيل اليد ووضعها على الجبين لا نعلم له أصلاً، فلا يفعل.

(96/25)

ضابط الحكم باستحلال المعصية

السؤال
الاستحلال الذي يعد به العاصي مستحلاً للمعصية هل هو بمجرد الدعوة إليها أو بالمجاهرة بها؟

الجواب
المجاهرة ليس فيها استحلال، فإذا كان الإنسان يجاهر بالمعصية فلا يقال: إنه مستحل لها.
ولكن الاستحلال هو كونه يقول: إنها حلال ليس فيها مانع.
أما
مجرد كونه يفعل الشيء وهو لم يصدر منه أو يسمع منه ما يدل على استحلاله
فلا يعتبر مستحلاً؛ لأن المجاهرة ليست استحلالاً، ولكن المجاهرة زيادة في
المعصية، وزيادة في قلة الحياء وقلة المبالاة.
وكذلك لو دعا إلى هذه المعصية وهو غير مستحل لها، وإنما أعجبه ذلك الأمر المحرم ودعا غيره إليه، فلا يقال: إن هذا استحلال.
وإنما هو ذنب، اللهم إلا إذا قال: هذا حلال ليس به بأس، فافعلوه فإنه لا بأس به.
فهذا هو الاستحلال.

(96/26)

حكم قول طالب العلم (الله أعلم) مع علمه بالمسألة

السؤال
إذا سئل طالب العلم عن مسألة وكان عنده علم بها فكتمها وقال: (الله أعلم)
مع علمه أن المسألة المسئول عنها غير متعينة عليه، وذلك لوجود من هو أعلم
منه، أو أن السائل إنما يسأل من باب زيادة المعلومات، فهل يدخل في الوعيد
على من كتم العلم؟

الجواب
كون
طالب العلم يحيل إلى غيره لا بأس به، وإذا كان قد احتيج إليه والأمر متعين
عليه فلا يجوز له ذلك، وأما إذا كان يوجد من يقوم بالفتوى وأراد طالب العلم
أن يكون في عافية فلا بأس بذلك، ما دام أن هناك من يتحمل عنه ومن يقوم
بذلك عنه، أما إذا تعين عليه فليس له أن لا يجيب.
فإذا كان عنده علم
وقال: (الله أعلم) فقد قال كلمة صحيحة، لكن كلمة (لا أدري) هي التي لا تكون
مستقيمة إذا كان يدري، ولكن قوله: (الله أعلم) هو جواب صحيح؛ لأنه وإن كان
عنده علم فالله أعلم، ولكن كونه يقول لغيره: اذهب إلى فلان واسأله حين
يتعين عليه لا يجوز له.

(96/27)

معنى تشدد أئمة الحديث في أحاديث الأحكام وتساهلهم في أحاديث الترغيب والترهيب

السؤال
ما معنى قول بعض الأئمة المتقدمين من علماء الحديث: إذا تكلمنا في الحلال
والحرام شددنا في الأسانيد، فإذا كان الترغيب والترهيب تساهلنا.
ومعلوم
أنه يحتج بالحسن لغيره في الأحكام، فهل يعني هذا أنهم يذكرون في الترغيب
والترهيب ما دون مرتبة الحسن لغيره من الأحاديث الضعيفة؟

الجواب
الذي يبدو ويظهر أن الأحاديث الضعيفة لا يعول عليها في ترغيب ولا في
غيره؛ لأن التعويل عليها معناه إقرار بإضافة الشيء إلى الرسول صلى الله
عليه وسلم وهو لم يثبت، والإمام مسلم رحمه الله في المقدمة ذكر أن الأحاديث
الضعيفة لا يعول عليها في الترغيب ولا في الترهيب ولا في غير ذلك، وإنما
يعول على ما يصح وما يثبت في جميع هذه الأشياء، ومن ذلك الترغيب والترهيب،
فالعمل بها على اعتبار أن هذه سنة جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
يجوز، أما إذا كان الحكم ثابتاً بنص آخر وجاء الحديث الضعيف شاهداً أو
موافقاً لشيء قد صح فالعبرة بما صح، ويكون الحديث الضعيف قد وافق ما هو
صحيح، فيكون له أصل، لكن ليس التعويل عليه.
مثل صلاة الجماعة، فالأحاديث
التي دلت على وجوبها كثيرة وصحيحة، وجاءت أحاديث ضعيفة تدل على وجوب
الجماعة، فهناك أصل لهذا الضعيف والمعول على الحديث الصحيح، أما إذا كان
الحديث ما وجد إلا من طريق ضعيف، مثل صلاة الرغائب أو تخصيص أول جمعة من
رجب ببعض الأفعال التعبدية، فإنها ما جاءت إلا من طريق ضعيف، فهذه لا يعمل
بها ولا يجوز العمل بها لأن إضافة ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم
معناها إضافة شيء غير ثابت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعمل به على
أنه جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو لم يثبت عنه.
ولعل
المقصود بالجملة المنقولة عن السلف أن مسألة الحرام والحلال كانوا يعتنون
بها؛ لأنه يترتب عليها تحليل فروج وتحريم فروج، وإحلال شيء وتحريم شيء وما
إلى ذلك، بخلاف أحاديث الترغيب والترهيب، فإنهم لا يولونها من العناية
مثلما يولون تلك التي يترتب عليها تحليل وتحريم، لكن لا يعني ذلك أنهم
يستجيزون العمل بحديث ضعيف لم يأت موضوعه الذي دل عليه الحديث إلا من ذلك
الطريق الضعيف.

(96/28)

شرح سنن أبي داود [097]
في
الصلاة أحكام عظيمة مهمة ينبغي للمسلم العناية بها، ومن تلك الأحكام ما
يتعلق بموضع الاعتماد حال النهوض من السجدة الثانية إلى الركعة الأخرى،
ومنها ما يتعلق برفع اليدين إلى الأذنين أو إلى المنكبين ومواطنه في
الصلاة، وغير ذلك من الأحكام العملية التي لا يليق بمسلم جهلها.

(97/1)

تابع افتتاح الصلاة
(97/2)

شرح حديث (فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن معمر قال حدثنا حجاج بن منهال
حدثنا همام حدثنا محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه رضي الله
عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قال: (فلما سجد وقعتا
ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه، قال: فلما سجد وضع جبهته بين كفيه،
وجافى عن إبطيه) قال حجاج: وقال همام: وحدثنا شقيق حدثني عاصم بن كليب عن
أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا، وفي حديث أحدهما -وأكبر علمي
أنه حديث محمد بن جحادة - (وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذه)].
يذكر
المصنف رحمه الله تعالى تحت ترجمة افتتاح الصلاة في حديث وائل بن حجر رضي
الله عنه ما يتعلق ببيان صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يقول
فيما حدث به من حديثه: [(فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع
كفاه)] أي أنه قدم ركبتيه على يديه حين سجوده، وحديث وائل بن حجر رضي الله
عنه يدل على تقديم الركبتين، وقال به جماعة من أهل العلم، وقال جماعة منهم
بتقديم اليدين على الركبتين أخذاً بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: (لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير وليضع يديه قبل
ركبتيه) فمن أهل العلم من رجح حديث وائل بن حجر، ومنهم من رجح حديث أبي
هريرة فقدم اليدين على الركبتين.
والذين قالوا بتقديم الركبتين على اليدين قالوا: إن حديث أبي هريرة فيه قلب.
وقد ذكر ذلك ابن القيم في كتابه (زاد المعاد) قال: والأصل أن يكون: وليضع ركبتيه قبل يديه.
فحصل القلب بالتقديم والتأخير.
والعلماء
-كما ذكرت- اختلفوا فمنهم من صحح أو قوى حديث أبي هريرة وهو فيه كلام،
ومنهم من قوى حديث وائل بن حجر -وفيه كلام- فقدم الركبتين على اليدين.
وقوله
في هذه الرواية: [(وقعتا ركبتاه)] هذا فيه جمع بين الضمير والاسم الظاهر،
مع أن الأصل أن لا يذكر الضمير مع الاسم الظاهر، بل الصواب المعروف (وقعت
ركبتاه) لكن هذه الصيغة هي لغة مشهورة، وهي التي يسمونها لغة (أكلوني
البرغيث) وقد جاء مثالها في القرآن وكذلك في السنة، فمما جاء في القرآن:
{وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء:3] ففيه الاسم
الظاهر الذي هو (الَّذِينَ) وفيه الضمير الذي هو الواو في قوله:
(وَأَسَرُّوا)، وفي الحديث: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة
بالنهار).
قال: [(فلما سجد وضع جبهته بين كفيه وجافى عن أبطيه)].
قوله:
[(بين كفيه)] معناه أن رأسه بين كفيه، فلم تكن يداه تحت رأسه ولا كان
مباعداً لهما، ولا كان مفترشاً، وإنما وضع جبهته أو رأسه بين كفيه وجافى
بين عضديه، بمعنى أنه لم يلصق عضده بجنبه ولم يعتمد على فخذيه بمرفقيه، بل
اعتمد على يديه وعلى ركبتيه وعلى قدميه وعلى جبهته مع أنفه، فهذه الأعضاء
السبعة مكنت من الأرض.

(97/3)

شرح حديث الاعتماد على الركبتين عند القيام
قوله: [قال حجاج: وقال همام: وحدثنا شقيق حدثني عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا].
أي:
جاء الحديث من طريق أخرى مروياً عن عاصم بن كليب عن أبيه بمثل هذا اللفظ،
وذكر أمراً آخر، وهو عند القيام من الركعة الثانية، فإنه يقوم معتمداً على
ركبتيه وليس على يديه، وقال الراوي: يحتمل أن يكون هذا اللفظ من شقيق أو من
محمد بن جحادة، لكن أكبر علمي أنه من محمد بن جحادة.
ولفظ هذا الحكم هو قوله: [(وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذه)].
فهذا هو اللفظ الذي قال عنه: أكبر علمي أنه لفظ محمد بن جحادة.
لأنه ذكر من طريقين: الطريق الأولى التي أسندها طريق محمد بن جحادة.
والطريق
الثانية التي علقها طريق شقيق عن عاصم بن كليب عن أبيه، فـ الحجاج بن
منهال يروي عن همام عن شقيق، والحجاج بن منهال كذلك يروي عن همام عن محمد
بن جحادة، فهو قال: أكبر علمي أنه حديث محمد بن جحادة.
يعني هذا اللفظ الذي هو كونه يقوم معتمداً على ركبتيه واضعاً يديه على فخذيه.
وقوله: [حدثني عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم].
أبوه هو كليب بن شهاب الجرمي الكوفي، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يدركه.
وعليه فإن الحديث الذي ليس فيه ذكر وائل بن حجر حديث مرسل.

(97/4)

تراجم رجال إسناد حديث (فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه)
قوله: [حدثنا محمد بن معمر].
هو محمد بن معمر البحراني، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا حجاج بن منهال].
حجاج بن منهال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا همام].
هو همام بن يحيى، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا محمد بن جحادة].
محمد بن جحادة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الجبار بن وائل].
عبد الجبار بن وائل ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[عن أبيه].
هو وائل بن حجر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في (جزء القراءة) ومسلم وأصحاب السنن.
وهذا الحديث منقطع ليس بمتصل؛ لأن عبد الجبار لم يسمع من أبيه، ولكن الذي سمع منه علقمة.
فهذا الحديث نفسه بهذا الطريق لا يصح، لكنه جاء من طريق أخرى متصلاً من غير طريق عبد الجبار.

(97/5)

تراجم رجال إسناد حديث الاعتماد على الركبتين عند القيام
قوله: [قال حجاج: وقال همام: وحدثنا شقيق].
شقيق هو أبو ليث، وهو يروي عن عاصم بن كليب.
[حدثني عاصم بن كليب].
عاصم بن كليب صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن أبيه].
هو كليب بن شهاب، وهو صدوق، أخرج له البخاري في رفع اليدين وأصحاب السنن.

(97/6)

شرح حديث (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة يرفع إبهامه إلى شحمة أذنيه)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا عبد الله بن داود عن فطر عن
عبد الجبار بن وائل عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يرفع إبهاميه في الصلاة إلى شحمة أذنيه)].
أورد أبو داود
حديث وائل بن حجر من طريق أخرى، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
يرفع إبهاميه إلى شحمة أذنيه، وهذا موافق لما جاء في الأحاديث الأخرى أنه
كان يرفع إلى أذنيه وكان يرفع إلى منكبيه، وكل ذلك ثابت.
والذي ذكر هنا هو من طريق عبد الجبار بن وائل عن أبيه وفيه انقطاع، ولكنه موافق للأحاديث الأخرى التي فيها الرفع إلى الأذنين.
ومعناه أن إبهامية تكونان عند شحمة الأذنين، وهي اللحمة الرقيقة المتدلية أسفل الأذن.

(97/7)

تراجم رجال إسناد حديث (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع إبهامه في الصلاة إلى شحمة أذنيه)
قوله: [حدثنا مسدد].
هو مسدد بن مسرهد البصري، ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا عبد الله بن داود].
هو عبد الله بن داود الخريبي، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[عن فطر].
هو فطر بن خليفة، وهو صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه].
قد مر ذكرهما.

(97/Cool

شرح حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة جعل يديه حذو منكبيه)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي عن
جدي عن يحيى بن أيوب عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج عن ابن شهاب عن
أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه
قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة جعل يديه حذو
منكبيه، وإذا ركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع للسجود فعل مثل ذلك، وإذا قام من
الركعتين فعل مثل ذلك)].
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه،
وفيه الرفع في المواضع الأربعة التي مرت في حديث أبي حميد الساعدي، وهي عند
تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد
الأول، فهذه المواضع في حديث أبي هريرة قد جاءت في حديث أبي حميد الساعدي
رضي الله تعالى عنهما، وهو موافق لما تقدم.
قوله: [(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة جعل يديه حذو منكبيه)].
يعني: رفعهما حتى حاذا المنكبين.
وقوله:
[(وإذا رفع للسجود فعل مثل ذلك)] يعني: إذا قام من الركوع ليسجد فعل مثل
ذلك، وليس المقصود منه أنه قام للسجود، فالعبارة هذه معناها أنه قام من
ركوعه ليسجد، والسجود -كما هو معلوم- ليس فيه قيام له، وإنما فيه نزول،
فيكون معنى العبارة: وإذا قام من ركوعه ليسجد فعل مثل ذلك.
فهو مطابق لحديث أبي حميد الساعدي المتقدم.
الملقي: [(وإذا قام من الركعتين فعل مثل ذلك)].
يعني: إذا قام من التشهد الأول، سواء أكانت الصلاة ثلاثية أم رباعية.

(97/9)

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة جعل يديه حذو منكبيه)
قوله: [حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث].
عبد الملك بن شعيب بن الليث ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثني أبي].
أبوه شعيب كذلك ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي.
[عن جدي].
هو الليث بن سعد، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن أيوب].
يحيى بن أيوب، صدوق ربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج].
عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن عبيدالله بن شهاب الزهري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام].
أبو
بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة
على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن
أبي هريرة] هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
والحديث ضعفه الألباني، ولكن ابن القيم يقول: إنه على شرط مسلم.
يعني
أن هذا الحديث على شرط مسلم، وذلك لأن الرواة كلهم خرج لهم الشيخان إلا
عبد الملك وشعيباً فقد انفرد مسلم عن البخاري في إخراجه لهما.

(97/10)

شرح حديث صلاة ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة عن أبي
هبيرة عن ميمون المكي أنه رأى عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما -وصلى
بهم- يشير بكفيه حين يقوم وحين يركع وحين يسجد وحين ينهض للقيام، فيقوم
فيشير بيديه، فانطلقت إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقلت: إني رأيت ابن
الزبير صلى صلاة لم أر أحدا يصليها، فوصفت له هذه الإشارة فقال: إن أحببت
أن تنظر إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فاقتد بصلاة عبد الله
بن الزبير].
أورد أبو داود حديث ميمون المكي أنه رأى عبد الله بن الزبير -وصلى بهم- يشير بكفيه حين يقوم وحين يركع، يعني: حين يقوم للصلاة.
أي: حين يكبر في الدخول في الصلاة، وقوله: [(وحين يركع)] يعني: للركوع.
قوله: [(وحين يسجد، وحين ينهض للقيام)] يعني: حين سجوده وحين نهوضه للقيام.
قوله: [(فيقوم فيشير بيديه)].
معناه أنه يرفعهما.
قوله: [فانطلقت إلى ابن عباس فقلت: إني رأيت ابن الزبير صلى صلاةً لم أر أحداً يصليها.
فوصفت له هذه الإشارة].
معناه
أنه أخبر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بما رأى فأقره على ذلك وقال: إن
سرك أن تنظر إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقتد بصلاة عبد الله
بن الزبير.
وهذا معناه أن الحديث عن ابن الزبير وعن ابن عباس؛ لأن ابن عباس قال: إن هذه صفة صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم.
لكن الحديث في إسناده من هو ضعيف.

(97/11)

تراجم رجال إسناد حديث صلاة ابن الزبير
قوله: [حدثنا قتيبة بن سعيد].
قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن لهيعة].
هو عبد الله بن لهيعة المصري، وهو صدوق، اختلط بعد احتراق كتبه، وحديثه أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة.
[عن أبي هبيرة].
هو عبد الله بن هبيرة السبئي، ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
وقد ذكر في (عون المعبود) أن أبا هبيرة هو محمد بن الوليد بن هبيرة الهاشمي الدمشقي القلساني، قال ابن أبي حاتم: صدوق.
ونحن نقول: إن أبا هبيرة هو عبد الله بن هبيرة السبئي، ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
وما
ذكره صاحب عون المعبود ليس بصحيح؛ لأن محمد بن الوليد بن هبيرة الهاشمي
أبو هبيرة الدمشقي القلساني من الحادية عشرة، مات سنة ست وثمانين.
[عن ميمون المكي].
ميمون المكي مجهول، أخرج له أبو داود.
[أنه
رأى عبد الله بن الزبير] هو عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما، أحد
العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم عبد الله بن
الزبير وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عباس، وأيضاً
الحديث عن عبد الله بن عباس أيضاً، فيكون فيه اثنان من العبادلة.

(97/12)

شرح حديث رفع ابن عباس يديه بين السجدتين
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن أبان المعنى قالا:
حدثنا النضر بن كثير -يعني السعدي - قال: صلى إلى جنبي عبد الله بن طاوس
في مسجد الخيف، فكان إذا سجد السجدة الأولى فرفع رأسه منها رفع يديه تلقاء
وجهه، فأنكرت ذلك فقلت لـ وهيب بن خالد فقال له وهيب بن خالد: تصنع شيئا لم
أر أحداً يصنعه! فقال ابن طاوس: رأيت أبي يصنعه، وقال أبي: رأيت ابن عباس
يصنعه.
ولا أعلم إلا أنه قال: النبي صلى الله عليه وآله سلم يصنعه].
أورد
أبو داود الحديث الذي فيه أن النضر بن كثير السعدي صلى إلى جنب عبد الله
بن طاوس في مسجد الخيف، قال: [فكان إذا سجد السجدة الأولى فرفع رأسه منها
رفع يديه تلقاء وجهه].
أي أنه إذا سجد السجدة الأولى ورفع منها يرفع اليدين وهو جالس بين السجدتين.
قال: [فأنكرت ذلك، فقلت لـ وهيب بن خالد فقال له وهيب بن خالد: تصنع شيئا لم أر أحدا يصنعه!] يقوله لـ عبد الله بن طاوس.
قال: [فقال ابن طاوس: رأيت أبي يصنعه وقال أبي: رأيت ابن عباس يصنعه ولا أعلم إلا أنه قال: النبي صلى الله عليه وآله سلم يصنعه].
أي
أنه شك في رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن طاوس حكى
فعل أبيه، وكذلك أبوه حكى فعل عبد الله بن عباس، وقال: [ولا أعلم إلا أنه
قال: النبي صلى الله عليه وسلم يصنعه] فَرَفْعُه غير مجزوم به.

(97/13)

تراجم رجال إسناد حديث رفع ابن عباس يديه بين السجدتين
قوله: [حدثنا قتيبة بن سعيد].
قتيبة بن سعيد ثقة، وقد مر ذكره.
[ومحمد بن أبان] هو البلخي، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[قالا: حدثنا النضر بن كثير].
النضر بن كثير ضعيف، أخرج له أبو داود والنسائي.
[صلى إلى جنبي عبد الله بن طاوس].
هو عبد الله بن طاوس بن كيسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وأبوه هو طاوس بن كيسان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وابن عباس قد مر ذكره.

(97/14)

شرح حديث رفع اليدين في مواطنه الأربعة في الصلاة
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا نصر بن علي أخبرنا عبد الأعلى حدثنا عبيد
الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أنه كان إذا دخل في الصلاة كبر
ورفع يديه، وإذا ركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، وإذا قام من الركعتين
رفع يديه، ويرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال أبو داود:
الصحيح قول ابن عمر، ليس بمرفوع.
قال أبو داود: وروى بقية أوله عن عبيد
الله وأسنده، ورواه الثقفي عن عبيد الله وأوقفه على ابن عمر، وقال فيه:
وإذا قام من الركعتين يرفعهما إلى ثدييه.
وهذا هو الصحيح.
قال أبو
داود: ورواه الليث بن سعد ومالك وأيوب وابن جريج موقوفا، وأسنده حماد بن
سلمة وحده عن أيوب، ولم يذكر أيوب ومالك الرفع إذا قام من السجدتين، وذكره
الليث في حديثه، قال ابن جريج فيه: قلت لـ نافع: أكان ابن عمر يجعل الأولى
أرفعهن؟ قال: لا، سواء.
قلت: أشر لي.
فأشار إلى الثديين أو أسفل من ذلك].
أورد
أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه كان إذا صلى رفع
يديه عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من
الركعتين، أي: عند القيام من التشهد الأول.
ثم ذكر أبو داود رحمه الله
الكلام حول رفعه ووقفه على عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، لكن ابن
عمر رضي الله عنه جاء عنه مرفوعاً في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام، والركوع، والرفع منه، ولا يفعل ذلك في
غير هذا، فكونه مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ثابتاً في
صحيح البخاري وصحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما،
وهذا الاختلاف الذي ذكره أبو داود لا يؤثر؛ لأن ذلك ثابت عنه مرفوعاً إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في صحيح البخاري وصحيح مسلم.

(97/15)

تراجم رجال إسناد حديث رفع اليدين في مواطنه الأربعة في الصلاة
قوله: [حدثنا نصر بن علي].
هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا عبد الأعلى].
هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبيد الله].
هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العمري المصغر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع].
هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
هو
عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، أحد العبادلة الأربعة من
الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(97/16)

رواة رفع الحديث ورواة وقفه وتراجمهم والألفاظ الواردة فيه
قوله: [قال أبو داود: الصحيح قول ابن عمر، ليس بمرفوع].
يعني أن الصحيح أنه موقوف على ابن عمر، فقوله: [قول ابن عمر] يعني أنه موقوف عليه، وليس مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقوله: [قال أبو داود: وروى بقية أوله عن عبيد الله وأسنده].
بقية هو بقية بن الوليد، وهو صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
وقوله: [ورواه الثقفي عن عبيد الله وأوقفه على ابن عمر].
الثقفي هو عبد الوهاب بن عبد المجيد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قوله: [وقال فيه: وإذا قام من الركعتين يرفعهما إلى ثدييه.
وهذا هو الصحيح].
هذا الرفع دون المنكبين، ولكن الذي ثبت أنه إلى المنكبين أو إلى الأذنين.
قوله: [وهذا هو الصحيح].
لعله يقصد وقفه؛ لأن الصحيح في رفع اليدين هو ثبوته إلى الأذنين وإلى المنكبين.
قوله: [قال أبو داود: ورواه الليث بن سعد ومالك وأيوب وابن جريج موقوفا].
الليث
مر ذكره، ومالك هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة المعروف، وأيوب هو أبو
أيوب بن أبي تميمة السختياني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وابن جريج
مر ذكره.
قوله: [وأسنده حماد بن سلمة وحده عن أيوب].
حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
وقوله: [ولم يذكر أيوب ومالك الرفع إذا قام من السجدتين].
أي: لم يذكرا الموضع الرابع الذي هو الرفع إذا قام من السجدتين، وإنما ذكرا الثلاثة الأول.
قوله: [وذكره الليث في حديثه].
يعني: ذكر الرفع عند القيام من السجدتين، والسجدتان هنا المقصود بهما الركعتان؛ لأن الركعة يطلق عليها لفظ (سجدة).
وقوله: [قال ابن جريج فيه: قلت لـ نافع: أكان ابن عمر يجعل الأولى أرفعهن؟ قال: لا، سواء.
قلت: أشر لي.
فأشار إلى الثديين أو أسفل من ذلك].
الثابت هو إلى المنكبين أو إلى الأذنين.

(97/17)

شرح حديث فعل ابن عمر في رفع اليدين في الصلاة
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع أن ابن عمر رضي
الله عنهما كان إذا ابتدأ الصلاة يرفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من
الركوع رفعهما دون ذلك.
قال أبو داود: لم يذكر رفعهما دون ذلك أحد غير مالك فيما أعلم].
أورد أبو داود هنا حديث ابن عمر من طريق أخرى، حيث ذكر نافع أن ابن عمر كان إذا ابتدأ الصلاة يرفع يديه حذو منكبيه.
وقال: [وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك].
يعني أن هناك فرقاً في كيفية الرفع، وأنه في الأولى يكون أعلى وفي الثانية يكون أنزل.
[قال أبو داود: لم يذكر رفعهما دون ذلك أحد غير مالك].
أي أن مالكاً هو الذي جاء عنه أن الرفع دون ذلك، أي: دون المنكبين.

(97/18)

تراجم رجال إسناد حديث فعل ابن عمر في رفع يديه في الصلاة
قوله: [حدثنا القعنبي].
هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[عن مالك عن نافع عن ابن عمر].
قد مر ذكرهم جميعاً.

(97/19)

شرح سنن أبي داود [098]
من
جملة أحكام الصلاة رفع اليدين فيها حذو المنكبين أو إلى شحمة الأذنين،
وذلك عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع، وعند القيام
من التشهد الأول في الصلاة الثلاثية والرباعية، وهذا الفعل هو من جملة سنن
الصلاة الواردة في عدد من الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(98/1)

ذكر رفع اليدين عند القيام من التشهد الأول
(98/2)

شرح حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من ذكر أنه يرفع يديه إذا قام من الثنتين.
حدثنا
عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن عبيد المحاربي قالا: حدثنا محمد بن فضيل عن
عاصم بن كليب عن محارب بن دثار عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه)].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [باب من ذكر أنه يرفع يديه إذا قام من الثنتين] يعني: من الركعتين الأوليين.
وذلك
في الصلاة الثلاثية أو الرباعية إذا قام من التشهد الأول، فهذا هو المقصود
بقوله: [قام من الثنتين] يعني: بعد الثنتين الأوليين، فعندما يقوم من
التشهد الأول يرفع يديه، وهذا أحد المواضع الأربعة الثابتة عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم من حديث أبي حميد الساعدي المتقدم، وكذلك من حديث غيره.
فقوله:
[(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه)]
يعني أن هذا أحد المواضع الأربعة التي ترفع فيها الأيدي.

(98/3)

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه)
قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة].
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[ومحمد بن عبيد المحاربي].
محمد بن عبيد المحاربي صدوق، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي.
[قالا: حدثنا محمد بن فضيل].
هو محمد بن فضيل بن غزوان، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عاصم بن كليب عن محارب بن دثار].
عاصم بن كليب مر ذكره، ومحارب بن دثار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
قد مر ذكره.

(98/4)

شرح حديث (كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا سليمان بن داود
الهاشمي حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن
الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب عن عبد الرحمن بن الأعرج عن عبيد
الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم: (أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حذو
منكبيه، ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع من
الركوع، ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من السجدتين رفع
يديه كذلك وكبر).
قال أبو داود: في حديث أبي حميد الساعدي حين وصف صلاة
النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي
بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة)].
أورد أبو داود حديث علي بن
أبي طالب رضي الله عنه، وهو مثل الأحاديث المتقدمة في ذكر الأربعة المواضع
التي ترفع فيها اليدان، وهي عند تكبيرة الإحرام، والركوع، والرفع منه،
والقيام من التشهد الأول.
قوله: [(ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد)].
أي أنه لا يرفع بين السجدتين؛ لأن الذي بين السجدتين هو جلوس.
وقوله:
[قال أبو داود: في حديث أبي حميد الساعدي حين وصف صلاة رسول الله صلى الله
عليه وسلم: (إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما
كبر عند افتتاح الصلاة)].
أشار إلى أن هذا الذي في حديث علي بن أبي طالب هو -أيضاً- ثابت في حديث أبي حميد المتقدم.

(98/5)

تراجم رجال إسناد حديث (كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه)
قوله: [حدثنا الحسن بن علي].
هو الحسن بن علي الحلواني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
[حدثنا سليمان بن داود الهاشمي].
سليمان بن داود الهاشمي ثقة، أخرج له البخاري في (خلق أفعال العباد) وأصحاب السنن.
[حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد].
عبد الرحمن بن أبي الزناد صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم في المقدمة، وأصحاب السنن.
وعبد
الرحمن بن أبي الزناد هذا هو ابن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان، وبه يكنى،
فكنيته أبو عبد الرحمن، وأما أبو الزناد فهو لقب له وليس بكنية، ولكنه على
صيغة الكنية، وهو يكنى بابنه هذا، والرواية هنا في الإسناد عن عبد الرحمن
بن أبي الزناد.
[عن موسى بن عقبة].
هو موسى بن عقبة المدني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب].
عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن الأعرج].
الصحيح: عبد الرحمن الأعرج، وهو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، فإما أن تكون (ابن) زائدة، أو أن اسم (هرمز) سقط بعد لفظة (ابن).
[عن عبيد الله بن أبي رافع].
عبيد الله بن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وكاتب علي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن علي بن أبي طالب].
هو
علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين،
صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند
أصحاب الكتب الستة.

(98/6)

شرح حديث (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن قتادة عن نصر بن
عاصم عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه أنه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه
وسلم يرفع يديه إذا كبر، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع حتى يبلغ بهما
فروع أذنيه)].
أورد أبو داود حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه، وفيه
رفع اليدين في المواضع الثلاثة: عند تكبيرة الإحرام، والركوع، والرفع من
الركوع.
قوله: [(حتى يبلغ بهما فروع أذنيه)].
قيل: المقصود بالفروع الأعالي، وقيل: المقصود بها الأسافل، أي: الشحمتان.

(98/7)

تراجم رجال إسناد حديث (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر)
قوله: [حدثنا حفص بن عمر].
حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي.
[حدثنا شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نصر بن عاصم].
نصر بن عاصم ثقة، أخرج له البخاري في (رفع اليدين) ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[عن مالك بن الحويرث].
هو مالك بن الحويرث صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

(98/Cool

شرح حديث (لو كنت قدام النبي صلى الله عليه وسلم لرأيت إبطيه)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا ابن معاذ حدثنا أبي، ح: وحدثنا موسى بن
مروان حدثنا شعيب -يعني ابن إسحاق، المعنى -عن عمران عن لاحق عن بشير بن
نهيك أنه قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: لو كنت قدام النبي صلى الله
عليه وآله وسلم لرأيت إبطيه.
زاد ابن معاذ - عبيد الله بن معاذ - قال:
يقول لاحق أبو مجلز: ألا ترى أنه في الصلاة ولا يستطيع أن يكون قدام رسول
الله صلى الله عليه وسلم؟! وزاد موسى - ابن مروان الرقي شيخ أبي داود -
يعني: إذا كبر رفع يديه].
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: [لو كنت قدام رسول الله صلى الله عليه وسلم لرأيت إبطيه].
يعني:
عندما يرفع يديه إلى أذنيه عند التكبير لو كنت قدامه لرأيت إبطيه صلى الله
عليه وسلم، والمقصود من ذلك أن المكبر يرفع يديه إلى محاذاة الأذنين.
فهو يقول: [لو كنت قدام النبي صلى الله عليه وسلم لرأيت إبطيه] إشارة إلى رفعه اليدين.
وقال أبو مجلز: [ألا ترى أنه في الصلاة ولا يستطيع أن يكون قدام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!].
والمعنى
أنه يستطيع ذلك في النفل، أي: أن يكون قدامه ويراه يصلي النافلة ويرفع
يديه، وأما بالنسبة للفريضة وهو وراءه فلا يمكنه ذلك، ولكن الذي يمكنه في
النافلة، بحيث يكون أمامه فيرى إبطيه صلى الله عليه وسلم.
قوله: [وزاد موسى - ابن مروان الرقي شيخ أبي داود - يعني: إذا كبر رفع يديه].
أي:
يرفع يديه حال التكبير، فـ أبو هريرة رضي الله عنه يخبر أنه لو كان أحدٌ
أمامه لرأى إبطيه من رفعه ليديه صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن الرفع
إلى الأذنين وإلى المنكبين ثابت، كل ذلك ثابت عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم.

(98/9)

تراجم رجال إسناد حديث (لو كنت قدام النبي صلى الله عليه وسلم لرأيت إبطيه)
قوله: [حدثنا ابن معاذ].
هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري، ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم والنسائي وأبو داود والنسائي.
[حدثنا أبي].
أبوه هو معاذ بن معاذ العنبري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وحدثنا موسى بن مروان].
موسى بن مروان مقبول، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[حدثنا شعيب - يعني: ابن إسحاق].
شعيب بن إسحاق ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن عمران].
هو عمران بن حدير السدوسي، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
[عن لاحق].
هو لاحق بن حميد أبو مجلز، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن بشير بن نهيك].
بشير بن نهيك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
قد مر ذكره.

(98/10)

شرح حديث (علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا ابن إدريس عن
عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال: قال عبد الله رضي الله
عنه: (علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، فكبر ورفع يديه، فلما
ركع طبق يديه بين ركبتيه.
قال: فبلغ ذلك سعداً فقال: صدق أخي، قد كنا نفعل هذا ثم أمرنا بهذا -يعني الإمساك على الركبتين-)].
أورد
أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وأورد كلام سعد بن أبي
وقاص رضي الله تعالى عنه، ومعنى كلام سعد أن التطبيق كان موجوداً من قبل،
وبعد ذلك نسخ بوضع اليدين على الركبتين، فـ ابن مسعود رضي الله عنه حدث
بالشيء الذي كان يعلمه، والذي كان من قبل ثم نسخ، ولهذا قال سعد بن أبي
وقاص رضي الله عنه: [صدق أخي، قد كنا نفعل هذا ثم أمرنا بهذا -يعني الإمساك
على الركبتين-].

(98/11)

تراجم رجال إسناد حديث (علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة)
قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة].
مر ذكره.
[حدثنا ابن إدريس].
هو عبد الله بن إدريس الأودي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود].
عاصم بن كليب مر ذكره، وعبد الرحمن بن الأسود ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن علقمة].
هو علقمة بن قيس النخعي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[قال: قال عبد الله].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

(98/12)



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر   الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد مارس 03, 2013 1:55 pm

اقتباس :

من لم يذكر الرفع عند الركوع
(98/13)

شرح حديث ابن مسعود (ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من لم يذكر الرفع عند الركوع.
حدثنا
عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن سفيان عن عاصم -يعني ابن كليب - عن عبد
الرحمن بن الأسود عن علقمة قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ألا
أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم؟ قال: فصلى فلم يرفع يديه
إلا مرة.
قال أبو داود: هذا حديث مختصر من حديث طويل، وليس هو بصحيح على هذا اللفظ].
يقول
الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب من لم يذكر الرفع عند
الركوع] أي: لم يذكر رفع اليدين إلى محاذاة المنكبين أو الأذنين عندما
يركع.
لأنه ذكر الأحاديث التي فيها الرفع عند الركوع، وعند القيام من
الركوع، وعند القيام من التشهد الأول، ثم أتى بهذه الترجمة، وهي: [باب من
لم يذكر الرفع عند الركوع].
أي أنه ورد في بعض الأحاديث عدم ذكر الرفع
عند الركوع، ولكن ما دام أنه قد ثبت في الصحيحين وفي غيرهما الرفع عند
الركوع فإن هذا هو الذي يعتمد، وهو الذي يعول عليه، ومن لم يذكر الرفع عند
الركوع فقد ذكره غيره، فيعول على رواية من ذكر، ومن حفظ حجة على من لم
يحفظ، ولا يتعارض ما ورد من عدم ذكر الرفع مع ما ورد من ذكر الرفع؛ لأن
أكثر ما في الأمر أن تكون بعض الروايات جاء فيها الرفع عند التكبيرة الأولى
ولم يذكروا فيها شيئاً وراء ذلك، لكن قد جاءت الروايات الكثيرة بزيادة على
الموضع الأول الذي هو عند تكبيرة الإحرام، وذلك عند الركوع، وعند الرفع من
الركوع، وعند القيام من التشهد الأول.
وقد أورد أبو داود رحمه الله
حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: [ألا أصلي بكم صلاة رسول
الله صلى الله عليه وسلم؟] فرفع يديه في أول مرة.
ثم قال أبو داود: [وليس هو بصحيح على هذا اللفظ] وقد تكلم جماعة من أهل العلم في هذا الحديث، وبعض أهل العلم قال: إنه صحيح أو حسن.
ولكن
لا يعارض الأحاديث الكثيرة التي جاءت مثبتةً للرفع عند الركوع؛ لأن هذه
فيها زيادة، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، لاسيما أنَّ الروايات موجودة في
الصحيحين وفي غيرهما.

(98/14)

تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود (ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم)
قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة].
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[حدثنا وكيع].
هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عاصم -يعني ابن كليب -].
عاصم بن كليب صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن عبد الرحمن بن الأسود].
عبد الرحمن بن الأسود ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن علقمة].
هو علقمة بن قيس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[قال: قال عبد الله بن مسعود].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وإسناد هذا الحديث مستقيم، فأقل راوٍ فيه هو عاصم، وهو صدوق، فيكون الحديث حسناً.
وقد يقال: إن عبد الرحمن لم يسمع من علقمة.
فالجواب
أن عبد الرحمن ذكر عنه أنه أدخل على عائشة، وعلقمة يروي عن عائشة رضي الله
تعالى عنها، فمن أدرك عائشة رضي الله تعالى عنها أولى به أن يدرك علقمة.
والحديث -فيما أظن- حسنه الشيخ الألباني.
ولا
يصح أن يعتبر شاذاً؛ إذ إنما أثبت موضعاً واحداً للرفع، والأحاديث الأخرى
أثبتت ما زاد على ذلك، فليس هناك تعارض حتى بحكم بشذوذه.
وأما قول أبي
داود: [وليس هو بصحيح على هذا اللفظ] فكأنه يعني أنه ليس بصحيح لمخالفته
الأحاديث الأخرى، لكن المخالفة -كما أشرت- لا تؤثر؛ لأنه أثبت موضعاً،
والأحاديث الأخرى جاءت وأثبتت عدة مواضع.
ومما أجيب به عن فعل ابن مسعود
أن هذا الذي حصل من ابن مسعود يمكن أن يكون من قبيل التطبيق الذي كان عرفه
أولاً ثم لم يعلم نسخه، وكذلك ما ذكر هنا يكون من جنسه، أي أنه كان عرف
هذا الموضع ولم يعرف غيره، فلا ينافي عدم ذكره مواضع أخرى، كما أن ذكره
التطبيق لا ينافي الأحاديث الأخرى؛ لأن ذاك منسوخ والذي جاء بعده ناسخ، وهو
وضع اليدين على الركبتين، وأما هذا فليس بنسخ، وإنما فيه ذكر موضع واحد،
وجاءت أحاديث أخرى فذكرت مواضع أخر، فيؤخذ بهذا وبهذا.

(98/15)

شرح حديث (كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن الصباح البزاز حدثنا شريك عن يزيد
بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء رضي الله عنه (أن رسول
الله صلى الله عليه وآله سلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من
أذنيه ثم لا يعود)].
أورد أبو داود هنا حديث البراء بن عازب (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه ثم لا يعود)].
قوله:
[(ثم لا يعود)] هذا هو الذي فيه الإشكال من ناحية كونه لا يعود إلى رفع
اليدين بعد ذلك، فهذا هو الذي يعارض ما جاء في الأحاديث الأخرى، لكن الحديث
ضعيف، فلا يقاوم تلك الأحاديث، ثم إن عدداً من الرواة رووه بدون كلمة (ثم
لا يعود) ورواية كونه إذا افتتح الصلاة كبر لا تنافي الروايات الأخرى التي
فيها أنه يكبر عند الركوع وعند الرفع منه، مثل حديث ابن مسعود الذي تقدم،
وإنما الإشكال في كلمة (ثم لا يعود)، لكن الحديث غير ثابت من أجل يزيد بن
أبي زياد الذي فيه، وهو ضعيف.

(98/16)

تراجم رجال إسناد حديث (كان إذا افتتح الصلاة يرفع يديه إلى قريب من أذنيه)
قوله: [حدثنا محمد بن الصباح البزاز].
محمد بن الصباح البزاز ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شريك].
هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي، صدوق كثير الخطأ، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن يزيد بن أبي زياد].
يزيد بن أبي زياد ضعيف، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن عبد الرحمن بن أبي ليلى].
عبد الرحمن بن أبي ليلى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن البراء].
هو البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما، صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

(98/17)

الرواة المخالفون لمن ذكر (ثم لا يعود) وتراجمهم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن محمد الزهري حدثنا سفيان عن يزيد نحو حديث شريك، لم يقل: (ثم لا يعود).
قال سفيان: قال لنا بالكوفة بعد: (ثم لا يعود).
قال أبو داود: وروى هذا الحديث هشيم وخالد وابن إدريس عن يزيد لم يذكروا: (ثم لا يعود)].
أورد
أبو داود رحمه الله الحديث من طريق أخرى، وفيه عدم ذكر زيادة (ثم لا يعود)
وقال سفيان بن عيينة: إنه قال لهم فيما بعد في الكوفة: (ثم لا يعود).
ثم ذكر أن عدداً من الرواة رووه عن يزيد بن أبي زياد ولم يذكروا فيه زيادة (ثم لا يعود) التي هي فيها الإشكال.
وقد
اختلف في إثباتها وعدم إثباتها، فعدد من الرواة رووا الحديث عن يزيد بن
أبي زياد ليس فيه ذكر (ثم لا يعود) وبعضهم رواه بذكرها، ويزيد بن أبي زياد
ضعيف، فلا يعول على ما جاء في حديثه، سيما ما جاء مخالفاً لما جاء في
الصحيحين وفي غيرهما.
قوله: [حدثنا عبد الله بن محمد الزهري].
هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن المخرمي الزهري، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
[حدثنا سفيان].
هو
سفيان بن عيينة، وليس سفيان الثوري؛ لأن عبد الله بن محمد الزهري من صغار
شيوخ أبي داود، فهو لم يدرك سفيان الثوري، ولكنه قد أدرك سفيان بن عيينة؛
لأن ابن عيينة توفي بعد التسعين ومائة، وأما الثوري فقد توفي سنة إحدى
وستين ومائة.
وسفيان بن عيينة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يزيد].
هو ابن أبي زياد.
[نحو حديث شريك] أي: نحو حديث شريك المتقدم في الإسناد الذي قبل هذا.
قوله: [قال أبو داود: وروى هذا الحديث هشيم].
هشيم هو ابن بشير الواسطي، وهو ثقة مدلس، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وخالد].
هو خالد بن عبد الله الواسطي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وابن إدريس].
هو عبد الله بن إدريس الأودي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يزيد].
هو ابن أبي زياد.

(98/18)

شرح حديث رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا معاوية وخالد بن عمرو
وأبو حذيفة قالوا: حدثنا سفيان بإسناده بهذا، قال: (فرفع يديه في أول مرة)
وقال بعضهم: (مرة واحدة)].
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله في أنه رفع يديه في أول مرة عند تكبيرة الإحرام.
قوله: [(فرفع يديه في أول مرة) وقال بعضهم: (مرة واحدة)] معناه أنه لم يكرر ذلك، والحديث -كما هو معلوم- من طريق يزيد بن أبي زياد.

(98/19)

تراجم رجال إسناد حديث رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام
قوله: [حدثنا الحسن بن علي].
هو الحسن بن علي الحلواني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
[حدثنا معاوية].
هو معاوية بن هشام وهو صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[وخالد بن عمرو].
خالد بن عمرو كذبوه، ورماه ابن معين بالكذب، ونسبه صالح جزرة وغيره إلى الوضع، وأخرج له أبو داود وابن ماجة.
[وأبو حذيفة].
هو موسى بن مسعود النهدي، صدوق سيء الحفظ، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة.

(98/20)

مرجع الضمير في قول الرواة عن سفيان (حدثنا سفيان بإسناده هذا)
قوله: [قالوا: حدثنا سفيان بإسناده بهذا وقال: (فرفع يديه في أول مرة) وقال بعضهم: (مرةً واحدة)].
المراد
بذلك إسناد سفيان في حديث ابن مسعود [ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى
الله عليه وسلم؟] وليس الضمير عائداً إلى حديث البراء بن عازب، فإنه لما
ذكر حديث ابن مسعود بالإسناد الأول ثنى بهذا السند، وهو قوله: [حدثنا الحسن
حدثنا معاوية وخالد بن عمرو وأبو حذيفة قالوا: حدثنا سفيان بإسناده بهذا]
وحصل الإشكال في إدراج حديث البراء بين الإسنادين.
ويؤكد ذلك قوله في الإسناد الثاني: [(فرفع يديه في أول مرة) وقال بعضهم: (مرة واحدة)].
وهو يوافق ما جاء في حديث ابن مسعود في أول الباب.

(98/21)

شرح حديث (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين افتتح الصلاة)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حسين بن عبد الرحمن أخبرنا وكيع عن ابن
أبي ليلى عن أخيه عيسى عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن
عازب رضي الله عنهما أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه
حين افتتح الصلاة ثم لم يرفعهما حتى انصرف).
قال أبو داود: هذا الحديث ليس بصحيح].
أورد
أبو داود حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما من طريق أخرى, وهو مثل
الذي قبله في أنه رفع يديه عند افتتاح الصلاة ثم لم يرفعهما، فهو مثل ما
تقدم في حديث يزيد بن أبي زياد حيث قال: [(ثم لا يعود)] يعني أنه لم يعد
إلى رفعهما، بل رفعهما في الموضع الأول، وعرفنا أن تلك الزيادة ضعيفة، وهي
قوله: [(ثم لا يعود)]، وكذلك الحديث هذا ضعيف.

(98/22)

تراجم رجال إسناد حديث (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين افتتح الصلاة)
قوله: [حدثنا حسين بن عبد الرحمن].
حسين بن عبد الرحمن مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[عن وكيع عن ابن أبي ليلى].
وكيع
بن الجراح الرؤاسي مر ذكره، وابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي
ليلى، وهو فقيه مشهور، وهو المشهور في مسائل الفقه عندما يقال: ابن أبي
ليلى، ولكنه في الحديث متكلم فيه، وهو صدوق سيء الحفظ جداً، وهناك من يقول:
إنه ضعيف.
أخرج له أصحاب السنن.
[عن أخيه عيسى].
هو عيسى بن عبد الرحمن، وهو ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي في (عمل اليوم والليلة) وابن ماجة.
[عن الحكم].
هو الحكم بن عتيبة الكندي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء].
عبد الرحمن بن أبي ليلى والبراء قد مر ذكرهما.
قوله: [قال أبو داود: هذا الحديث ليس بصحيح].
يعني أن فيه ابن أبي ليلى محمد بن عبد الرحمن.

(98/23)

شرح حديث رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه مداً في الصلاة
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن أبي ذئب عن سعيد
بن سمعان عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم إذا دخل في الصلاة رفع يديه مدا)].
أورد أبو داود حديث أبي هريرة،
فذكر فيه رفع اليدين عند الدخول في الصلاة، وهذا -كما هو معلوم- لا ينافي
ما جاء من الأحاديث التي فيها ذكر الرفع عند الركوع والرفع في مواضع أخرى،
وإنما ذكر أنه يرفع يديه عند دخوله في الصلاة مدا.

(98/24)

تراجم رجال إسناد حديث رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه مداً في الصلاة
قوله: [عن سعيد بن سمعان].
سعيد بن سمعان ثقة، أخرج حديثه البخاري في (جزء القراءة) وأبو داود والترمذي والنسائي.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق.

(98/25)

الأسئلة
(98/26)

حكم المضمضة والاستنشاق وتخليل اللحية

السؤال
ما حكم المضمضة والاستنشاق وتخليل اللحية في الوضوء؟

الجواب
المضمضة والاستنشاق واجبان، وأما تخليل اللحية فهو مستحب، ويكون مع غسل الوجه.

(98/27)

كيفية استعمال الماء للوضوء بغير إسراف

السؤال
كيف نستعمل الماء للوضوء من غير إسراف إذا كان الماء يجري باستمرار؟

الجواب
الماء يجري من الصنابير في كل مكان، فعلى المتوضئ إذا فتح الصنبور أن لا
يفتحه بقوة، بل يفتحه بمقدار ما يكفيه، وعندما يتوضأ لا يزيد على ثلاث
غسلات، وبذلك يكون الإنسان غير مسرف، فلا يتجاوز، ولا يصب الماء صباً قوياً
بحيث يهدر ماءً كثيراً في أثناء الوضوء.

(98/28)

حكم النافلة قبل صلاة العشاء

السؤال
هل هناك صلاة نافلة قبل صلاة العشاء؟

الجواب
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بين كل أذانين صلاة) فما بين الأذان
والإقامة في المغرب، وما بين الأذان والإقامة في العشاء كل ذلك داخل تحت
قوله: (بين كل أذانين صلاة) ويعني بالأذانين الأذان والإقامة.

(98/29)

أبو حنيفة رحمه الله تعالى في الرأي والاعتقاد

السؤال
هل يصح أن يقال: إن أبا حنيفة -رحمه الله تعالى- إمام أهل الرأي، ولا يدخل في أهل السنة؟ فإن كان لا يصح ذلك فلم جرحه أئمة السلف؟

الجواب
لا، بل هو من أهل السنة، ومعدود مذهبه في مذاهب أهل السنة الأربعة، وهو
وإن كان من أهل الرأي لأنه غلب عليه الاجتهاد والقول بالرأي إلا أنه من أهل
السنة، ومذهبه أحد مذاهب أهل السنة الأربعة.
وأما فعل السلف فإنهم
تكلموا في الرواة بما فيهم جرحاً وتعديلاً، وكون أبي حنيفة صاحب مذهب أو
إماماً مشهوراً بالفقه لا يعني أنه لا كلام فيه أو أنه لم يتكلم فيه، بل
تكلموا فيه من حيث الرواية، وأما من حيث الفقه ومن حيث المذهب فهو إمام
مشهور.
ومن ناحية الاعتقاد هو من أهل السنة، والطحاوي لما ذكر عقيدة أهل السنة ذكر أن ذلك هو اعتقاد أبي حنيفة وغيره من الأئمة.
إلا
أن الذي أخذ عليه هو قوله بعدم دخول الأعمال في مسمى الإيمان، وهو الذي
يسمى إرجاء الفقهاء، فهو ممن لا يجعل الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، ولهذا
فإن الطحاوي رحمه الله ما ذكر في تعريف الإيمان العمل بالجوارح، وإنما ذكر
قول اللسان واعتقاد الجنان.

(98/30)

حكم استقرار غير الطلاب في السكن الجامعي

السؤال
هل يجوز للطلاب أن يخبروا عمادة شئون الطلاب بالجامعة بأنه يوجد في السكن الجامعي من هو من غير الطلاب؟

الجواب
الجامعة إذا كانت لا تسمح بأن يسكن إلا الطلاب، وطلبت من أحد أن يخبرها
فعليه أن يخبر بالشيء الذي يسأل عنه إذا كان يعلمه، وهذا إذا كان يسكن
باستمرار، وأما إذا كان ضيفاً جاء ليوم أو يومين أو ثلاثة مع شخص في
الجامعة فالضيافة لها حق، لكن من يسكن باستمرار ويستفيد من خدمات الجامعة
باستمرار فإنه يحتاج إلى إذن الجامعة صاحبة الحق.

(98/31)

حكم قول (لا إله إلا الله) قياساً عند الحلف بغير الله تعالى

السؤال
ورد في الحديث أنه من حلف باللات والعزى فليقل: (لا إله إلا الله) فهل يقاس على ذلك كل حلف بغير الله تعالى؟

الجواب
كان العرب في أول الأمر قد جرت ألسنتهم بذكر اللات والعزى والحلف باللات
والعزى، فأمروا عندما يحلفون باللات بأن يقولوا: (لا إله إلا ال) له.
ومعناه
أن هذا الذي حصل منهم جرت به ألسنتهم حين اعتادوه، وهذا شيء غير مقصود
لهم، فأمروا بأن يقولوا: (لا إله إلا الله) حتى يأتوا بالتوحيد وحتى
يستذكروا التوحيد عندما يحصل منهم ذلك.
أما بعد ذلك وبعدما عرفت الأحكام واستقر حكم ذلك في عقول الناس فليس لإنسان أن يحلف بغير الله تعالى ثم يقول: (لا إله إلا الله).
فأولئك
اعتادوا على الحلف باللات والعزى، فأمروا بأن يأتوا بكلمة (لا إله إلا
الله) حتى يستذكروا التوحيد ويستذكروا أن ذلك قد نسخ وقضي عليه، وأن أمور
الجاهلية كلها انتهت ولم يبق عندهم إلا التوحيد وإخلاص العبادة لله عز وجل،
أما بعد ذلك فلا يجوز لأحد أن يحلف بغير الله عز وجل، وعليه أن يقلع عن
ذلك وأن يبتعد عنه، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يحلفون بآبائهم
وأمهاتهم، فجاء الحديث: (لا تحلفوا بآبائكم، ولا بأمهاتكم، ولا تحلفوا
بالأنداد، ولا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون).
وقد حصل أن عمر رضي الله عنه أدركه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: وأبي وأبي.
فقال
عليه الصلاة والسلام: (لا تحلفوا بآبائكم) قال: (فما حلفت بعد ذلك ذاكراً
ولا آثراً) يعني: ما حلفت بذلك ولا حكيت أن أحداً حلف بغير الله عز وجل.

(98/32)

حكم اتخاذ المسلمين في البلدان النصرانية يوم الأحد عيداً

السؤال
في بعض البلاد الإسلامية تكون العطلة الرسمية الأسبوعية يوم الأحد، فيخرج
الناس في هذا اليوم للنزهة وقضاء الحاجات ويغلقون أبواب محلاتهم، فهل هذا
جائز شرعاً؟

الجواب
لا يجوز
للمسلمين أن يكون يوم راحتهم ويوم عيدهم يوم الأحد، بل عيد الأسبوع
للمسلمين هو يوم الجمعة، كما جاء عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله
عنه -كما في صحيح البخاري - أنه خطب الناس في يوم الأضحى فقال: (إنه اجتمع
لكم في يومكم هذا عيدان).
وكان قد وافق يوم جمعة، فقال: (اجتمع لكم في
يومكم هذا عيدان) يعني عيد الأسبوع وعيد السنة، فعيد المسلمين هو يوم
الجمعة، فكيف يجعل المسلمون عيدهم الأسبوعي يوم الأحد الذي هو عيد
النصارى؟!

(98/33)

الراجح فعله عند الهوي إلى السجود

السؤال
ما هو الراجح عند الهوي إلى السجود، هل تقدم اليدان قبل الركبتين أو تقدم الركبتان قبل اليدين؟

الجواب
الأمر في ذلك واسع، وحديث أبي هريرة ما سلم من كلام، والحديث الآخر
-أيضاً- ما سلم من كلام، فأقول: الأمر في ذلك واسع، ومن صح عنده شيء فليعمل
به، ومن لم يصح عنده شيء فالأمر في ذلك واسع.

(98/34)

شرح سنن أبي داود [099]
من
سنن الصلاة: وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى حال القيام، وقد وردت به
الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما وردت الأحاديث ببيان كيفية
وضعهما، وموطن النزاع في ذلك هو في محل وضعهما، فمثل هذه السنة ينبغي
للمسلم أن يحافظ عليها.

(99/1)

وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة
(99/2)

شرح حديث صف القدمين ووضع اليد على اليد
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة.
حدثنا
نصر بن علي أخبرنا أبو أحمد عن العلاء بن صالح عن زرعة بن عبد الرحمن سمعت
ابن الزبير رضي الله عنهما يقول: (صف القدمين ووضع اليد على اليد من
السنة)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [باب وضع اليد
اليمنى على اليسرى في الصلاة]، فـ أبو داود رحمه الله رتب الأبواب التي
أوردها على وفق تنفيذ أعمال الصلاة؛ لأنه أولاً ذكر استفتاح الصلاة وأنه
يكون بالتكبير ويكون فيه رفع اليدين، ثم لما فرغ من ذلك انتقل إلى وضع اليد
اليمنى على اليسرى في الصلاة؛ لأن الإنسان أولاً يكبر ويرفع يديه ثم يضع
اليد اليمنى على اليسرى، ثم بعد ذلك يأتي بالاستفتاح، فترتيبه رحمه الله
للموضوعات أو للأبواب التي أوردها موافق لهيئة الصلاة ولكيفية الصلاة.
وأورد المصنف هنا حديث ابن الزبير أنه قال: [(صف القدمين ووضع اليد على اليد من السنة)].
ومعنى
صف القدمين أن الإنسان في الصلاة يصف قدميه متساويتين ليس في إحداهما تقدم
ولا تأخر، وليس المراد إلصاقهما، بل المراد تساويهما في مكان الوقوف.
وبعد
ذكر صف القدمين ذكر وضع اليد على اليد في الصلاة ثم قال: [(من السنة)]
والصحابي إذا قال: (من السنة) فإن قوله يكون من قبيل المرفوع؛ لأن المقصود
بذلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا فيه ذكر وضع اليد على اليد.
قيل:
والحكمة من ذلك أن فيه خضوعاً وتذللاً لله سبحانه وتعالى، ولهذا فإن هذه
الهيئة من خصائص الصلاة ولا تفعل أمام أحد من الخلق، وإنما تفعل والإنسان
يناجي ربه في الصلاة، وهي هيئة ذل وخضوع لله سبحانه وتعالى، فإذا دخل
الإنسان في صلاته يناجي ربه فإنه يكون على هذه الهيئة التي هي تذلل وخضوع
لله سبحانه وتعالى.
وهذه الهيئة تفعل في سائر أحوال المصلين، سواء أكان
المصلي منفرداً أم في جماعة، ويمكن أن يكون معنى قوله: [(صف القدمين)] تراص
الصفوف واتصالها في صلاة الجماعة، إلا أن قوله: [(صف القدمين)] يشمل جميع
أحوال المصلي، فيكون المعنى هو تساويهما.

(99/3)

تراجم رجال إسناد حديث صف القدمين ووضع اليد على اليد
قوله: [حدثنا نصر بن علي].
هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا أبو أحمد].
هو أبو أحمد الزبيري محمد بن عبد الله بن الزبير، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن العلاء بن صالح].
العلاء بن صالح صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي.
[عن زرعة بن عبد الرحمن].
زرعة بن عبد الرحمن مقبول، أخرج له أبو داود.
[سمعت عن ابن الزبير].
هو
عبد الله بن الزبير بن العوام صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد
العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن أصحاب
رسول الله عليه الصلاة والسلام رضي الله عنهم وأرضاهم يكفي الواحد منهم أن
يقال عنه: إنه صحابي.

(99/4)

شرح حديث وضع النبي صلى الله عليه وسلم يد ابن مسعود اليمنى على اليسرى
قال
رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن بكار بن الريان عن هشيم بن بشير عن
الحجاج بن أبي زينب عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود رضي الله عنه (أنه
كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فوضع
يده اليمنى على اليسرى)].
أورد أبو داود حديث ابن مسعود رضي الله عنه
أنه كان يصلي وقد وضع يده اليسرى على اليمنى، فالرسول صلى الله عليه وسلم
أطلقها وجعل اليمنى على اليسرى، فأرشده وفعل به الهيئة الصحيحة، وهي وضع
اليمنى على اليسرى في الصلاة، إذ كان قد وضع اليسرى على اليمنى، فالرسول
صلى الله عليه وسلم أخذ يديه وجعل اليمنى فوق اليسرى.

(99/5)


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر   الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد مارس 03, 2013 1:56 pm

اقتباس :

تراجم رجال إسناد حديث وضع النبي صلى الله عليه وسلم يد ابن مسعود اليمنى على اليسرى
قوله: [حدثنا محمد بن بكار بن الريان].
محمد بن بكار بن الريان ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود.
[عن هشيم بن بشير عن الحجاج بن أبي زينب].
هشيم
بن بشير مر ذكره، وهو من المدلسين، قال العراقي في الألفية: وفي الصحيح
عدة كـ الأعمش وكـ هشيم بعده وفتش والحجاج بن أبي زينب صدوق يخطئ، أخرج
حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[عن أبي عثمان النهدي].
هو عبد الرحمن بن مل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن مسعود].
قد مر ذكره.

(99/6)

شرح حديث (من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن محبوب حدثنا حفص بن غياث عن عبد
الرحمن بن إسحق عن زياد بن زيد عن أبي جحيفة أن علياً رضي الله عنهما قال:
(من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة)].
أورد المصنف حديث علي رضي الله عنه أنه قال: [(من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة)].
والحديثان
الأولان فيهما ذكر وضع اليدين، ولكن ليس فيهما ذكر الموضع الذي تكون
اليدان عليه تحت السرة أو فوق السرة، فهما مطلقان ليس فيهما تعيين المكان
الذي تكون عليه اليدان في حال وضع إحداهما على الأخرى، وفي هذا الحديث بيان
أنه تحت السرة، لكن ما ورد من أنه تحت السرة غير صحيح، بل الذي صح أنه على
الصدر، وجاء في بعض الرويات: (فوق السرة) لكن ما تحت السرة لم يثبت عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث من الأحاديث التي لم تثبت؛ لأن
فيه عبد الرحمن بن إسحاق، وهو ضعيف.

(99/7)

تراجم رجال إسناد حديث (من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة)
قوله: [حدثنا محمد بن محبوب].
محمد بن محبوب ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي.
[عن حفص بن غياث].
حفص بن غياث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن إسحاق].
عبد الرحمن بن إسحاق ضعيف، أخرج له أبو داود والترمذي.
[عن زياد بن زيد].
زياد بن زيد مجهول، أخرج له أبو داود وحده.
فالحديث فيه ضعيف وفيه مجهول.
[عن أبي جحيفة].
هو وهب بن عبد الله السوائي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أن علياً].
هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

(99/Cool

شرح حديث إمساك علي رضي الله عنه شماله بيمينه فوق السرة
قال
رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن قدامة -يعني ابن أعين - عن أبي بدر عن
أبي طالوت عبد السلام عن ابن جرير الضبي عن أبيه قال: رأيت علياً رضي الله
عنه يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة.
قال أبو داود: وروي عن سعيد بن جبير: فوق السرة.
وقال أبو مجلز: تحت السرة.
وروي عن أبي هريرة وليس بالقوي].
أورد أبو داود حديث علي من طريق أخرى وفيه الاختلاف فوق السرة وتحت السرة.
قوله: [رأيت علياً رضي الله عنه يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة].
الرسغ
هو المفصل بين الكف والساعد، وقد سبق أن ذكرنا أن الرسول صلى الله عليه
وسلم كان يجعل يده اليمنى على ثلاثة أشياء من اليسرى: على الساعد والرسغ
والكف.

(99/9)

تراجم رجال إسناد حديث إمساك علي رضي الله عنه شماله بيمينه فوق السرة
قوله: [حدثنا محمد بن قدامة -يعني ابن أعين -].
محمد بن قدامة ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
وكلمة (يعني ابن أعين) زادها من دون أبي داود، وفاعل (يعني) ضمير مستتر يرجع إلى أبي داود نفسه، وأما قائلها فهو من دون أبي داود.
[عن أبي بدر].
هو شجاع بن الوليد الكوفي، صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي طالوت عبد السلام].
أبو طالوت عبد السلام ثقة، أخرج له أبو داود.
[عن ابن جرير الضبي عن أبيه].
هو غزوان بن جرير الضبي، مقبول، أخرج له أبو داود.
وأبوه جرير الضبي -أيضاً- مقبول، أخرج له أبو داود.
وجرير
الضبي هذا غير جرير بن عبد الحميد الذي في طبقة شيوخ شيوخ أبي داود، وهو
الذي يأتي ذكره كثيراً في الأسانيد فيقال قال أبو داود: حدثنا فلان حدثنا
جرير.
وأما هذا فهو جرير الضبي في طبقة عالية؛ لأنه في طبقة التابعين.
[قال أبو داود: وروي عن سعيد بن جبير: فوق السرة].
سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وقال أبو مجلز: تحت السرة].
أبو مجلز هو لاحق بن حميد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قوله: [وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه وليس بالقوي].
يعني كونه تحت السرة، وقوله: [وليس بالقوي] يعني الحديث.

(99/10)

شرح حديث أخذ الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد بن زياد عن عبد
الرحمن بن إسحاق الكوفي عن سيار أبي الحكم عن أبي وائل قال: قال أبو هريرة
رضي الله عنه: أخذ الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة.
قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يضعف عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي].
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة أنه قال: [أخذ الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة].
يعني أن الإنسان إذا أخذ بيمينه على شماله يجعلهما تحت السرة، وهذا غير ثابت، وفيه عبد الرحمن بن إسحاق الذي سبق أن مر، وهو ضعيف.
قوله: [قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يضعف عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي].
ذكر هنا تضعيف الإمام أحمد لـ عبد الرحمن بن إسحاق.

(99/11)

تراجم رجال إسناد حديث أخذ الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة
قوله: [حدثنا مسدد عن عبد الواحد بن زياد].
عبد الواحد بن زياد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي عن سيار أبي الحكم].
سيار أبي الحكم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي وائل].
هو شقيق بن سلمة، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
قد مر ذكره.

(99/12)

شرح حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى)
قال
رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو توبة حدثنا الهيثم -يعني ابن حميد - عن ثور
عن سليمان بن موسى عن طاوس قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده
اليمنى على يده اليسرى، ثم يشد بينهما على صدره وهو في الصلاة)].
أورد
أبو داود الحديث مرسلاً من طريق طاوس بن كيسان أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يضع يده اليمنى على يده اليسرى ثم يشد بينهما على صدره.
وهذا فيه
التنصيص على أنه يكون وضعهما على الصدر، لكن الحديث مرسل، ولكنه قد جاءت
أحاديث أخرى، من أصحها حديث وائل بن حجر في صحيح ابن خزيمة: (أن النبي صلى
الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على اليسرى على صدره) فالثابت هو على
الصدر.

(99/13)

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى)
قوله: [حدثنا أبو توبة].
أبو توبة هو الربيع بن نافع، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن الهيثم -يعني ابن حميد -].
الهيثم بن حميد صدوق، أخرج له أصحاب السنن.
[عن ثور].
هو ثور بن يزيد الحمصي، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[عن سليمان بن موسى].
سليمان بن موسى صدوق، أخرج له مسلم في المقدمة وأصحاب السنن.
[عن طاوس].
هو طاوس بن كيسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
والحديث
مرسل؛ لأن قول التابعي: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) هو من قبيل
المرسل، لكن هذا المرسل مطابق لما جاء من حديث وائل بن حجر وغيره عن النبي
صلى الله عليه وسلم في ثبوت وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر.

(99/14)

الأسئلة
(99/15)

حكم الدعاء بقول (اللهم لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه)

السؤال
ما صحة قول الداعي: (اللهم لا أسألك رد القضاء، ولكن أسألك اللطف فيه)؟

الجواب
هذا ينسب إلى عمر رضي الله تعالى عنه ولا أدري بثبوته، والذي يبدو أن مثل هذا لا يصلح، فلا يقل الإنسان: اللهم إني لا أسألك كذا.
بل يسأل الله عز وجل ما يريد بدون أن ينفي، بل يثبت ويسأل الله عز وجل ما يريد، فيقول: اللهم إني أسألك كذا وكذا.
ولا يقول: اللهم إني لا أسألك كذا وإنما أسألك كذا.
وقد
يقال: ما الحكم لو قال: اللهم أسألك اللطف فيما جرت به المقادير؟ فالجواب
أن هذا لا بأس به؛ لأن كل شيء مقدر، والإنسان يسأل الله أن يلطف به فيما
قدره.

(99/16)

أجر العمرة بصلاة الفريضة في مسجد قباء

السؤال
من أتى مسجد قبا وصلى فيه صلاة فريضة فهل يثبت له أجر العمرة؟

الجواب
من توضأ في بيته ثم ذهب وأدرك الصلاة في مسجد قبا وصلى ثم رجع يدخل تحت
قوله: (من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قبا فصلى فيه صلاةً كان كأجر عمرة)
وذلك يشمل الفرض ويشمل النفل.

(99/17)

حكم تخصيص آيات من القرآن للسكينة عند اضطراب القلب

السؤال
قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين في منزلة السكينة: كان شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور قرأ آيات السكينة،
وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له في مرضه تعجز العقول عن حملها من محاربة
أرواح شيطانية ظهرت له إذ ذاك في حال ضعف القوة، قال: فلما اشتد علي الأمر
قلت لأقاربي ومن حولي: اقرءوا آيات السكينة.
قال: ثم أقلع عني ذلك الحال وجلست وما بي قلبة.
وقد جربت أنا -أيضاً- قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب مما يرد عليه فرأيت لها تأثيرًا عظيماً في سكونه وطمأنينته.
قال
ابن القيم: آيات السكينة في ستة مواضع في القرآن: الأول: قوله تعالى:
{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ
التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة:248]، وقوله: {ثُمَّ
أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ}
[التوبة:26]، وقوله: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ
مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ
لَمْ تَرَوْهَا} [التوبة:40]، وقوله: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ
فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ
وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا
حَكِيمًا} [الفتح:4]، وقوله: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ
إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ
فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}
[الفتح:18]، وقوله: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ
الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ
عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح:26].
فهل قراءة آيات السكينة عند اضطراب القلب مما يرد عليه مشروع؟

الجواب
لا أعلم شيئاً يدل على مشروعيته.
وقد
يقال: هل قول ابن تيمية رحمه الله: اقرءوا آيات السكينة طلبٌ للاسترقاء،
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة
بغير حساب ولا عذاب: (لا يسترقون) فكيف سيكون ابن تيمية رحمه الله من الذين
يطلبون الرقية من غيرهم؟
و
الجواب
والرقية -كما هو معلوم- بالقرآن كله مشروعة، ولكن التخصيص بأشياء معينة بأنها يرقى بها ولم يأت فيها نص في النفس منه شيء.
وما
فعله ابن تيمية رحمه الله يمكن أن يكون اجتهاداً، ومثله بعض الأشياء التي
ذكرها كالكتابة والمحو، حيث تكتب آيات من القرآن في كتاب ويمحى بالماء
ويشرب، وما نعلم شيئاً يدل على ثبوته، فالأولى تركه، وإنما يؤتى بالرقية
المشروعة، فـ ابن القيم وابن تيمية جاء عنهما الكتابة والمحو، والأولى ترك
ذلك.

(99/18)

حكم تحري القائم من نومه وقت الصلاة بقاءً وخروجاً

السؤال
إذا استيقظ الرجل وقد نام عن الصلاة فهل عليه أن يتحرى إذا كان قد خرج
الوقت أم لا، أم ينوي إيقاعها بمجرد الاستيقاظ؟ وهل يشترط أن ينوي أنها
أداء أو قضاء أم أنه يكفيه أن ينوي أنها أداء لصلاة الفريضة؟

الجواب
الإنسان إذا قام يجب عليه أن يبادر إلى الإتيان بالصلاة، ففي الحديث: (من
نسي صلاةً أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك) والإنسان
بمجرد أن يقوم وينظر في الساعة سيعرف أن الوقت خرج أو أنه لا يزال باقياً.
وإذا
كان قد عرف أن الوقت باق فلا شك في أنها أداء، وإن كان الوقت قد خرج فهي
ليست إلا قضاءً، وإذا قام ولم يدر بالوقت فصلاها ولم يتبين أنها قبل خروج
الوقت أو بعده فقد أدى ما عليه.

(99/19)

مسألة دوران الأرض بين الاعتقاد والاجتهاد

السؤال
هل تعتبر مسألة دوران الأرض وكرويتها من المسائل العقدية التي ينبني عليها ولاء وبراء أم أنها من المسائل الاجتهادية؟

الجواب
هي من المسائل الاجتهادية كما هو معلوم، لكن النصوص التي وردت في الدلالة
على الكروية ما فيها إشكال، وإنما الكلام في الدوران، فهو الذي فيه
الإشكال، وأما كونها كروية فهذا أمر مفروغ منه، ومن قديم الزمان ذكره
العلماء، وليس هو من مبتكرات القرن العشرين، فإنه جاء عن ابن عباس رضي الله
تعالى عنهما، وقد ذكره ابن كثير عند تفسير قول الله عز وجل: {يُولِجُ
اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} [فاطر:13]
في آخر سورة فاطر نقلاً عن تفسير ابن أبي حاتم، ونقل بإسناد صحيح أنه قال
عن الشمس: إنها تظهر على أناس وتغيب عن أناس.
وهذا لا يكون إلا عن طريق
الكروية؛ لأنه لو كانت الأرض سطحاً لطلعت الشمس على الناس دفعةً واحدة، لكن
كونها تغيب عن أناس وتظهر على أناس يدل على كرويتها، وهذا جاء عن ابن عباس
بإسناد صحيح من قديم الزمان.
وكذلك -أيضاً- جاء عن أبي محمد الجويني
والد إمام الحرمين في النصيحة التي نصح بها زملاءه ومشايخه ليخرجوا من مذهب
الأشاعرة كما خرج؛ لأنه كان أشعرياً ثم هداه الله لمذهب أهل السنة، وكتب
نصيحةً يشفق فيها على شيوخه وعلى زملائه، وكان مما ذكر فيها أن الإنسان لو
انطلق من نقطة من الأرض متجهاً إلى الغرب وواصل فإنه سيأتي إلى مكان
انطلاقه من الشرق، وأبو محمد الجويني متقدم.
والجغرافيون يستدلون على
كروية الأرض بأشياء، يقولون: إذا أقمنا ثلاثة أعمدة متوازية ثم نظرنا إليها
في المنظار سنجد إنها ليست متساوية.
قالوا: وهذا دليل كروية الأرض.

(99/20)

حكم لعن المعين

السؤال
ما حكم لعن المعين من المبتدعة، فقد ورد عن بعض السلف لعن بشر وعمرو بن عبيد وواصل؟

الجواب
لا يجوز لعن المعين مطلقا، إلا من عرف أنه مات كافراً، ولهذا كان ابن
كثير رحمه الله تعالى في كتابه البداية والنهاية عندما يأتي إلى شخص سيء
يعلق اللعن بالموت على الكفر، فإنه لما ذكر أبا نصر الفارابي وذكر عنه أنه
كان يقول بعدم معاد الأجساد وأن المعاد معاد الأرواح دون معاد الأجساد.
قال: فعليه -إن كان مات على ذلك- لعنة رب العالمين.
وابن
عساكر في كتابه تاريخ دمشق -وهو كتاب واسع لدمشق- لم يذكر فيه أبا نصر
الفارابي مع أنه من أهل دمشق، وقيل: ولعله إنما تركه لنتنه وخباثته.
وقد
ذكر ابن كثير شخصاً نصرانياً أنشأ قصيدة طويلة فيها ذم الإسلام وذم
المسلمين وذم الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر عن ابن حزم قصيدة رد على
النصراني بها، وهي قصيدة مطولة، ولما ذكر قصيدة النصراني قال: عليه لعنة
الله والملائكة والناس أجمعين إن كان مات كافراً.
وثبوت ما ذكر في السؤال محل نظر.

(99/21)


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر   الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد مارس 03, 2013 1:57 pm

اقتباس :


حكم النوم على البطن

السؤال
هل يجوز لأحد أن ينام على بطنه؟

الجواب
جاء ما يدل على منع ذلك.

(99/22)

حكم الاستلقاء أو الاستناد حال الأكل

السؤال
هل يجوز أكل الإنسان مستلقياً أو مستنداً على جدار؟

الجواب
كون الإنسان يستند على جدار أو علي شيء لا بأس به، وإنما الممنوع أن يكون
متكئاً، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا آكل متكئاً) وفسر الاتكاء
بتفسيرين: الأول التربع الذي فيه الشره وفيه كثرة الأكل.
والثاني: التمايل وهو أن الإنسان يكون مائلاً.

(99/23)

حكم أداء صلاة الجمعة قبل الزوال

السؤال
ما حكم إقامة صلاة الجمعة قبل الزوال؟

الجواب
بعض أهل العلم أجاز ذلك، ولكن القول الذي عليه جمهور العلماء أنها تكون
بعد الزوال، ولا شك في أن الاحتياط هو الإتيان بها بعد الزوال، وبعضهم جعل
الخطبة قبل الزوال والصلاة بعد الزوال، ومنشأ اختلافهم الحديث الذي فيه:
(كنا ننصرف من الصلاة وليس للحيطان ظل يستظل به) فالذين قالوا: إنها تكون
بعد الزوال قالوا: إن النفي راجع إلى القيد لا إلى المقيد، أي أن الظل
موجود لكن لا يكفي للاستظلال به، فالقيد هو قوله: (يستظل به)، والذين
قالوا: إنها تكون قبل الزوال قالوا: النفي للقيد والمقيد.
أي: نفي للظل من أصله، ومعنى هذا أن الصلاة كانت قبل الزوال.
فعلى
القول بأن النفي للقيد -وهو قوله: (يستظل به) - يكون المعنى أن هناك ظلاَّ
ولكنه لا يستطيع الإنسان أن يستظل به لأنه قليل جداً لا يكفي، ومن يقول:
إنه للقيد والمقيد يقول: إن الصلاة كانت قبل الزوال.
وقطع الشك باليقين وكون الإنسان يأتي بها بعد الزوال هذا هو الذي لا شك فيه وهو الاحتياط.

(99/24)

شرح سنن أبي داود [100]
للصلاة
آداب وسنن تجعل منها موضوع خشوع من العبد واستكانة منه لربه جل وعلا،
وتعينه على خشوعه في صلاته وانشغاله بها، ومن هذه السنن أدعية الاستفتاح
الواردة بعد تكبيرة الإحرام، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم جملة
منها فيها ثناء على الله تبارك وتعالى وتعظيم وتمجيد لله تعالى، وسؤاله
واستغفاره، وكلها حق وخير، وللمرء أن يتخير منها في صلاته ما شاء.

(100/1)

ما يستفتح به الصلاة من الدعاء
(100/2)

قال المصنف رحمه الله تعالى: (باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء)
المقصود
بهذه الترجمة هو أن الإنسان يأتي بدعاء الاستفتاح، وهو الدعاء الذي تستفتح
به الصلاة بعدما يدخل الإنسان فيها بقوله: (الله أكبر) فإنه يأتي بهذا
الثناء والذكر والدعاء بأي صيغة ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
يأتي بذلك بعد التكبير وقبل القراءة، وقد جاء دعاء الاستفتاح بصيغ متعددة
كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل ما ثبت منها فإنه حق أن يؤتى
به في الصلاة، ومن العلماء من قال: إنه ينبغي أن يؤتى بتلك الصيغ وأن يمر
عليها وأن يأتي بهذا تارة وبهذا تارة وبهذا تارة.
وبعض أهل العلم يختار
صيغة معينة من هذه الصيغ، ومن المعلوم أن هذه الصيغ منها ما يكون دعاء
وطلباً من الله سبحانه وتعالى، ومنها ما يكون ذكراً وثناءً على الله عز
وجل.
فقوله: [ما تستفتح به الصلاة من الدعاء] يعني به ذكر الأدعية
والأذكار التي تستفتح بها الصلاة، والتي يأتي بها الإنسان بعدما يدخل في
الصلاة بتكبيرة الإحرام، فيأتي بنوع من هذه الأنواع، وذكر من هذه الأذكار
أو دعاء من هذه الأدعية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد
أورد أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى عدة أحاديث تشتمل على أدعية من
أدعية الاستفتاح، وبدأها بحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه المشتمل على
دعاء من أدعية الاستفتاح، وعلى أدعية أخرى في الركوع وفي السجود، وكذلك عند
القيام من الركوع، وكذلك بعد الانصراف من الصلاة، فهذا الحديث مشتمل على
عدة أمور وعلى عدة أدعية، واشتمل أيضاً على صيغة من صيغ الاستفتاح.

(100/3)

حكم تنويع أدعية الاستفتاح
وقد اختار بعض أهل العلم لفظ: (سبحانك -اللهم- وبحمدك) وبعضهم اختار لفظ (اللهم باعد بيني وبين خطاياي).
وبعض أهل العلم يقول: إنه ينبغي أن يؤتى بهذا تارة وبهذا تارة وبهذا تارة.
وهذا
الاختلاف الذي حصل من بعض العلماء في اختيار بعض الأدعية في الاستفتاح
يسمونه اختلاف التنوع؛ لأن هذه الأدعية أنواع من الاستفتاح، وكل ما ثبت حق،
وليس هذا من قبيل اختلاف التضاد؛ لأن اختلاف التضاد مثل أن يقول بعض أهل
العلم: (هذا حلال) وبعضهم يقول: (هذا حرام) في شيء واحد، أو يقول بعضهم
لشيء معين: هذا يبطل الصلاة.
والآخر يقول: لا يبطل الصلاة.
أو أحد منهم يقول: هذا ينقض الوضوء.
والثاني يقول: لا ينقض الوضوء.
فهذا يسمى اختلاف التضاد.
واختلاف
التنوع كله حق، فمادام أنه ثبت فهو حق، فإن أتيت بهذه الصيغة فأنت على حق،
وإن أتيت بهذه الصيغة فأنت على حق، وإن أتيت بهذه الصيغة فأنت على حق؛
لأنها كلها أنواع للحق، فمن اختار واحداً منها فإنه أخذ بما هو حق، ومن
اختار غيره أخذ بما هو حق، وعلى هذا فمن اختار واحداً من هذه الأدعية يقال
عنه: إنه على حق.
ولا يقال: إن هذا من اختلاف التضاد.
وإنما هو من
اختلاف التنوع، ومثل ذلك ألفاظ الأذان وألفاظ التشهد في الصلاة، فإن هذا
كله من قبيل اختلاف التنوع، فكل ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
فإنه يؤتى به، والخلاف في أن يختار بعضهم هذا الدعاء وبعضهم هذا الدعاء
وبعضهم هذا الدعاء هو من اختلاف التنوع، وكل منهم مصيب للحق؛ لأن هذه كلها
أنواع للحق، ولكن اختلاف التضاد لا يقال فيه: إن كل مجتهد مصيب.
وإنما
فيه المصيب وفيه المخطئ، وليس كل مجتهد مصيب فيما يتعلق باختلاف التضاد؛
لأنه لا يقال فيمن قال في مسألة معينة: هي حلال ومن قال: هي حرام لا يقال:
إن القائل: (هي حلال) على حق والقائل: (هي حرام) على حق.
ليس هذا بصحيح، وإنما يقال: الاختلاف في ذلك اختلاف تضاد.
وكل
مجتهد فيه إما مجتهد مصيب وإما مجتهد مخطئ، والمجتهد المصيب له أجران: أجر
على اجتهاده وأجر على إصابته، والمجتهد المخطئ له أجر واحد على اجتهاده،
وخطؤه مغفور، فلا يقال: إن كل مجتهد مصيب فيما هو اختلاف تضاد، ولكن يمكن
أن يقال في اختلاف التضاد: إن كل مجتهد مصيب باعتبار الأجر.
فيقال: كل
مجتهد مصيبٌ أجرا، وإن كانوا متفاوتين في الأجر، فالمجتهد المصيب له أجران
والمجتهد المخطئ له أجر واحد، ولكن كلٌ مصيبٌ أجرا، ولكن ليس كلٌ يصيب
الحق؛ لأن المجتهدين في مسائل اختلاف التضاد يكون الحق مع واحد منهم وغيره
يكون قد أخطأ، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله
أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد) فقوله صلى الله عليه وسلم في هذا
الحديث: (له أجران) و (له أجر واحد) يدل على أن المجتهدين فيهم مصيب وفيهم
مخطئ، ولو كان كل مجتهد مصيباً لما كان فيهم مخطئ، ولم يكن لهذا التقسيم من
رسول الله صلى الله عليه وسلم معنى، ولكنه لما قسمهم هذا التقسيم علم بأنه
ليس كل مجتهد مصيباً، ولكن يمكن أن يقال: كل مجتهد مصيبٌ أجرا.

(100/4)

شرح حديث علي في استفتاح النبي صلى الله عليه وسلم وأدعيته في الصلاة
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا عبد
العزيز بن أبي سلمة عن عمه الماجشون بن أبي سلمة عن عبد الرحمن الأعرج عن
عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول
الله صلى الله عليه وآله سلم إذا قام إلى الصلاة كبر ثم قال: وجهت وجهي
للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إن صلاتي
ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول
المسلمينَ، اللهم أنت الملك لا إله لي إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت
نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت،
واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف
سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك
وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك.
وإذا ركع قال: اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظامي وعصبي.
وإذا رفع قال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد ملء السموات والأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد.
وإذا
سجد قال: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره
فأحسن صورته، وشق سمعه وبصره، وتبارك الله أحسن الخالقين.
وإذا سلم من
الصلاة قال: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت
وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم والمؤخر لا إله إلا أنت)].
قوله: [عن
علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا قام إلى الصلاة كبر ثم قال: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً
مسلماً وما أنا من المشركي].
معنى قوله: [إذا كبر] أي: دخل في الصلاة
بقوله: (الله أكبر) وهو التكبير الذي يكون به تحريم الصلاة، حيث قال عليه
الصلاة والسلام: (مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها
التسليم) فإذا دخل فيها بقوله: (الله أكبر) يأتي بدعاء الاستفتاح (وجهت
وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين) هكذا كان يفعل
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا إعلان التوحيد، وإخلاص العبادة لله
عز وجل، وأن الإنسان وجه وجهه لله، وأنه مستسلم منقاد لأمر الله، وأنه بريء
من الشرك ومن المشركين، ويثني على الله عز وجل بأنه الخالق الذي خلق
السموات والأرض وخلق كل شيء بقوله: (وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض
حنيفاً مسلماً) أي: حال كوني حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، بل مقبل
على الله ومعرض عما سواه ومخلص العبادة لله عز وجل، ومبتعد عن أن أجعل لغير
الله عز وجل نصيباً من العبادة.
فالعبادة يجب أن تكون خالصةً لوجه
الله، وأن لا يكون لله عز وجل فيها شريك، فكما أنه لا شريك له في خلق
السموات والأرض فكذلك لا شريك له في العبادة، فالمتفرد بالخلق والإيجاد
والرزق والأحياء والإماتة هو الذي يستحق أن يعبد وحده لا شريك له.

(100/5)

المقصود بالصلاة والنسك والمحيا والممات
قوله في الاستفتاح: [(إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ)].
الصلاة
هي الصلاة ذات الركوع والسجود، وهي أعظم العبادات وأعظم أركان الإسلام بعد
الشهادتين، فالصلوات -سواءٌ أكانت مفروضة أم نافلة- كلها لله سبحانه
وتعالى، وكذلك النسك، وفسر بأنه الذبح لله عز وجل، وفسر بأنه الحج، وفسر
بأنه العبادة، وكونه بمعنى الذبح لله عز وجل يوافق ما جاء في قول الله عز
وجل: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:2] ففيه ذكر الصلاة وذكر النحر
الذي هو النسك أو النسيكة والذبيحة لله عز وجل التي تذبح لله عز وجل
تقربا.
وقوله: [(قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي
لِلَّهِ)] محيا الإنسان حياته كلها، فهي كلها لله، ويجب أن تكون معمورة تلك
الحياة بعبادة الله عز وجل وطاعة الله عز وجل وبما يقرب إلى الله عز وجل،
وكذلك ممات الإنسان هو لله؛ لأن الله تعالى هو المتصرف بالكون، وهو الذي
يحيي ويميت، وهو الذي يوفق من يوفق للعمل الصالح في هذه الحياة الدنيا
للجزاء والثواب عليه في الدار الآخرة؛ لأن الحياة هي محل العمل، والممات
محل الجزاء على العمل، إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً، كما قال سبحانه:
{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه وَمَنْ يَعْمَلْ
مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه} [الزلزلة:8]، ويقول سبحانه في الحديث
القدسي: (يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد
خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه).

(100/6)

دلالة قوله (لله رب العالمين لا شريك له)
قوله: [(لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ)].
هذا
هو معنى (لا إله إلا الله) كلمة الإخلاص كلمة التوحيد، أي: عبادتي لله عز
وجل لا شريك له فيها، فصلاتي ونسكي ومحياي ومماتي وعبادتي كلها لله عز وجل
خالصة لا شركة لغير الله عز وجل فيها، فهذا هو معنى كلمة الإخلاص ومعنى
كلمة التوحيد، مثل قول القائل: (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له)
فقوله: (أشهد أن لا إله إلا الله) نفي وإثبات، وقوله: (وحده لا شريك له)
إثبات ونفي مؤكد لـ (أشهد أن لا إله إلا الله) لأن قول: (وحده) بمعنى (إلا
الله) وقوله: (لا شريك له) بمعنى (لا إله) فـ (أشهد أن لا إله إلا الله)
نفي وإثبات، نفي في الأول وإثبات في الآخر، وقوله (وحده لا شريك له) تأكيد
لهذا النفي والإثبات، وهو -أيضاً- نفي وإثبات، ولكن جاء الإثبات مقدماً
والنفي مؤخرا، ففي اللفظ المؤكد جاء الإثبات (وحده) مقدماً، وجاء النفي (لا
شريك له) مؤخراً.
قوله: [(وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)].
يعني:
أمر بأن تكون صلاته لله وأن تكون عبادته لله عز وجل أمراً شرعياً؛ لأن
الله عز وجل خلق الناس للعبادة، فقال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ
وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56] أي: لآمرهم وأنهاهم.
فمنهم من وفق للتطبيق والتنفيذ، ومنهم من لم يوفق لذلك.

(100/7)

المقصود بقوله (وأنا أول المسلمين)
وقوله: [(وأنا أول المسلمين)].
قيل:
إن المراد بذلك بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم أنه أول هذه الأمة التي
هي خير الأمم، فهو مقدمها وهو أولها وهو سابقها، وهو الذي أنزل الله عز وجل
إليه الوحي والهداية، وأنزل عليه النور الذي به الهداية إلى الصراط
المستقيم وإخراج الناس من الظلمات إلى النور.
وبالنسبة لغير النبي صلى
الله عليه وسلم يمكن أن يكون قوله: [(وأنا أول المسلمين)] يعني: أنا أول من
يبادر ومن أول من يستسلم، وليس معنى ذلك أنه يكون أول من أسلم وأول من دخل
في هذا الدين، فإن القدوة والأسوة في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وأول من استجاب لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق من الرجال
وخديجة من النساء وعلي بن أبي طالب من الصبيان رضي الله تعالى عنهم، ولكن
المسلم عندما يقول هذا الكلام ويقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم بأن يقول:
(وأنا أول المسلمين) فمعنى قوله أنه من أول من ينقاد ويستسلم، وليس المراد
أن يكون هو الأول حقيقة وأنه لم يسبقه إلى ذلك أحد، وإنما المقصود من ذلك
المبادرة والإقدام والاستسلام والانقياد وعدم التأخر وعدم التباطؤ، وقد جاء
عن بعض أهل العلم أن غير النبي صلى الله عليه وسلم عندما يأتي بهذا الذكر
يقول: (وأنا من المسلمين) بدل قوله: (وأنا أول المسلمين) قالوا: لأنه لا
ينطبق على غير الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون كذلك.
ولكن ذلك صحيح
بالمعنى الذي أشرت إليه وذكره بعض أهل العلم، وهو أن المقصود بالأولية
المبادرة والاستسلام والانقياد وعدم التأخر والتباطؤ.

(100/Cool

شرح قوله (أنت الملك لا إله إلا أنت)
قوله: [(اللهم أنت الملك لا إله لي إلا أنت)].
أي:
أنت ملك الدنيا والآخرة، وقد جاء في سورة الفاتحة (ملك يوم الدين) أو
{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4] وهو يوم القيامة ويوم الجزاء
والحساب، وأضيف اسمه تعالى (الملك) إلى يوم الدين لأن ذلك اليوم هو الذي
يظهر فيه الخضوع والذل والاستكانة لله عز وجل.
من جميع الخلق حتى من
المتكبرين المتجبرين في هذه الدنيا، فإن الكل يومئذٍ يخضع لله عز وجل ويذل
لله سبحانه وتعالى، فقال: (ملك يوم الدين) لأنه اليوم الذي يخضع فيه الجميع
لرب العالمين، بخلاف الدنيا فإن فيها من يخضع وفيها من يتجبر، بل وجد فيها
من قال: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} [النازعات:24] وقال: {مَا عَلِمْتُ
لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص:38]، ولكن ذلك اليوم هو اليوم الذي
يخضع فيه الجميع لرب العالمين، ومثله ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم
في قوله: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة) مع أنه سيد الناس في الدنيا
والآخرة صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن سؤدده يظهر على الناس جميعاً، ويحصل
فضله وإحسانه للناس جميعاً من لدن آدم إلى الذين قامت عليهم الساعة، وذلك
في الشفاعة العظمى التي هي المقام المحمود، وهي شفاعته عند الله عز وجل
ليفصل بين الناس ويقضي بينهم، فينصرفون إلى منازلهم من الجنة أو النار، فإن
هذا هو المقام الذي يحمده عليه الأولون والآخرون.
فإذاً قوله: [(أنت الملك)] يعني أنه تعالى ملك الدنيا والآخرة ومالك كل شيء.
وقوله: [(لا إله لي إلا أنت)].
يعني:
أنت إلهي وحدك ليس لي معبود سواك، فأنا لا أعبد إلا إياك، ولا أخص
بالعبادة أحداً سواك، بل أجعل العبادة خالصةً لك، ولا أشرك معك أحداً؛ لأنك
أنت الملك الذي هو مالك لكل شيء، ومن كان خالقاًَ لكل شيء ومالكاً لكل شيء
وإليه يرجع كل شيء فهو الذي يجب أن يفرد بالعبادة وحده لا شريك له.

(100/9)

شرح قوله (أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي)
قوله: [(أنت ربي وأنا عبدك)].
أي: أنت ربي الذي خلقتني وربيتني بالنعم وتفضلت علي بالإحسان، وأنا عبدك، فأنت الرب وأنا العبد الخاضع المستكين لك وحدك لا شريك لك.
قوله: [(ظلمت نفسي واعترفت بذنبي)].
يعني:
ظلمت نفسي كثيراً، وأنا محل الظلم، وأنا الذي يحصل منه الظلم، وأنا معترف
بذنوبي ومقر بأخطائي، ولكني أرجوك وأسألك أن تغفر لي الذنوب فإنه لا يغفرها
إلا أنت.
[(فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)] يعني: أنا الظالم
لنفسه، وأنا المعترف بالذنوب والمقر بها، وأسألك غفرانها والتجاوز عنها،
فإنه لا يغفرها إلا أنت، فأنت الذي تغفر الذنوب، وأنت الذي تستر العيوب،
فأسألك وأرجوك أن تغفر لي هذه الذنوب وأن تتجاوز عن هذه الخطايا التي صدرت
مني.

(100/10)

طلب الهداية لأحسن الأخلاق وصرف سيئها
قوله: [(واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت)].
أي:
دلني وأرشدني وسددني وثبتني على أن أكون على الأخلاق الحسنة التي لا يهدي
لأحسنها إلا أنت، فأنا أسألك أن توفقني للاتصاف بتلك الأخلاق الحسنة
الكريمة التي لا يهدي لأحسنها إلا أنت.
قوله: [(واصرف عني سيئها لا يصرف سيئها إلا أنت)].
أي:
اصرف عني سيء تلك الأخلاق التي لا يصرف سيئها إلا أنت، وكل شيء بيدك، فأنت
الذي تهدي من تشاء وتضل من تشاء، وأنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت.

(100/11)

شرح قوله (لبيك وسعديك)
قوله: [(لبيك وسعديك والخير كله في يديك)].
قيل: إن المقصود بقوله: [(لبيك)] إقامة بعد إقامة، يعني: مقيم على طاعتك إقامة بعد إقامة.
من قولهم: لب بالمكان إذا أقام به.
وقيل: إن المراد: إجابة بعد إجابة.
لأن (لب) بمعنى: أجاب الدعوة وأجاب النداء، والمنادى إذا نودي فإنه يجيب أحسن ما يجيب بقوله: لبيك.
وقد كان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم عندما ينادي النبي صلى الله عليه وسلم واحداً منهم يقول: لبيك -يا رسول الله- وسعديك.
فإما أن يكون بمعنى: إقامة بعد إقامة، أي: مقيم على طاعتك إقامة بعد إقامة ومستمر على ذلك، أو أن يكون بمعنى: إجابة بعد إجابة.
ولا
تنافي بين المعنيين، بل كل منهما حق، فهو يقيم على الطاعة ويلازمها، وفي
نفس الوقت يلبي الدعوة ويلبي النداء، ولهذا قيل في التلبية في الحج: إن
الله عز وجل لما دعا الناس لحج بيته العتيق فمن وفقه الله عز وجل للإتيان
ثم الدخول في النسك يقول: لبيك -اللهم- لبيك.
يعني: إنك دعوتني لحج بيتك
ووفقتني للمجيء والوصول إلى هذا المكان الذي تلبست فيه بهذه العبادة ودخلت
في هذه العبادة، فأنا أقول: لبيك -اللهم- لبيك.
أي: دعوتني فأجبتك قائلاً: لبيك -اللهم- لبيك.
وقوله: [(وسعديك)] قيل: معناه: إسعاد بعد إسعاد منك.
أو: مساعدة بعد مساعدة منك.

(100/12)

شرح قوله (والخير كله في يديك)
وقوله: [(والخير كله في يديك)].
ذلك
لأن الأمر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصيته لـ ابن عباس:
(واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه
الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله
عليك) فالخير كله بيد عز وجل لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، قال
تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ} [النحل:53] {وَإِنْ
تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [إبراهيم:34]، وفي الحديث
القدسي حديث أبي ذر (يا عبادي! كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني
أطعمكم، يا عبادي! كلكم عار إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم، ياعبادي! كلكم
ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم) فالخير كله بيد الله سبحانه وتعالى،
فهو الذي يتفضل على من شاء بما شاء من خيره وفضله، ويبسط الرزق لمن يشاء
ويقدر سبحانه وتعالى.

(100/13)

معنى قوله (والشر ليس إليك)
قوله: [(والشر ليس إليك)].
معلوم
أن الله عز وجل خالق كل شيء، فالخير والشر كل ذلك من مخلوقات الله عز وجل،
ولا يكون في الوجود إلا ما هو مخلوق لله سبحانه وتعالى، سواءًٌ أكان خيراً
أم شراً، ولا يقع في ملك الله إلا ما شاءه الله عز وجل، فالله تعالى خالق
كل شيء، وليس هناك شيء في الوجود لم يخلقه الله سبحانه وتعالى، بل الله عز
وجل خالق كل شيء في الوجود، لا شريك له في الخلق والإيجاد، فالخير والشر
خلق الله عز وجل وإيجاده، وكلاهما بقضاء الله وقدره، وكلاهما بعلم الله عز
وجل وبمشيئته وإرادته، فكل ذلك من الله سبحانه وتعالى.
فقوله: [(والشر
ليس إليك)] مع أن الله عز وجل هو الخالق لكل شيء، والموجد لكل شيء -سواءٌ
أكان خيراً أم شراً- فسر بأن المراد به أن الشر الذي هو شر محض لا خير فيه
بوجه من الوجوه ليس إلى الله عز وجل؛ لأنه لا يخلق شراً محضاً لا خير فيه
بوجه من الوجوه، بل ما يخلقه الله عز وجل من الشر يترتب عليه مصلحة ويترتب
عليه فائدة، فمن ذلك كون الإنسان يصبر على ما يصيبه من الشر فيثاب ويؤجر
على ذلك، ومن ذلك أن خلق الكفر في الكافرين وخلق الله عز وجل الإيمان في
المؤمنين يوجد به الجهاد ويوجد به الصراع بين الحق والباطل، فلا يخلق الله
عز وجل شراً محضاً لا يترتب عليه خير بأي وجه من الوجوه، بل ما يخلق الله
تعالى من شر فهو مشتمل على خير ومشتمل على فائدة، فليس إلى الله الشر المحض
الذي لا خير فيه بوجه من الوجوه.
ومنهم من قال: معناه أن الشر لا يتقرب به إليك.
وقيلت أقوال أخرى غير ذلك.

(100/14)

معنى قوله (أنا بك وإليك)
قوله: [(أنا بك وإليك)].
معنى [(أنا بك)] أي: قائم بك وبإقامتك لي، وأنا عابد لك ومخلص العبادة لك، ومعتمد عليك، ومتوكل عليك، ومستعين بك، ومعلق آمالي بك.
ومعنى [(وإليك)] أي: مآلي إليك ومرجعي إليك ونهايتي إليك.
كما قال تعالى: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} [الغاشية:26].

(100/15)

شرح قوله (تباركت وتعاليت)
قوله: [(تباركت وتعاليت)].
هذا
ثناء على الله عز وجل بأنه المتبارك المتعالي الذي يأتي بكل بركة، والذي
منه كل بركة، وهو المتبارك في نفسه المبارك لغيره، وهو المتعالي العالي
الذي لا تكون هذه الأوصاف إلا له سبحانه وتعالى، فلا يقال لغيره: (تبارك
وتعالى) وإنما الذي يقال له: (تبارك وتعالى) هو الله سبحانه وتعالى، فلا
يقال: تبارك فلان.
ولا يقال: تعالى فلان.
وإنما هذه ألفاظ لا تقال
إلا لله سبحانه تعالى كـ (سبحانك) فإن كلمة (سبحانك) لا تقال إلا لله، و
(تباركت) لا تقال إلا لله، و (تعاليت) لا تقال إلا لله سبحانه وتعالى.
قوله: [(أستغفرك وأتوب إليك)].
أي: أستغفرك من جميع الذنوب وأتوب إليك.

(100/16)

دعاء الركوع ودلالته
قوله: [(وإذا ركع قال: اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظامي وعصبي)].
هذا
كله ثناء على الله عز وجل، وتعظيم لله سبحانه وتعالى، والركوع -كما هو
معلوم وكما جاء في الحديث- يعظم فيه الرب، كما قال عليه الصلاة والسلام:
(أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء، فقمن أن
يستجاب لكم)، وهذا من تعظيم الله سبحانه وتعالى.
فقوله: [(اللهم لك ركعت)].
يعني
الركوع الذي هو في أثناء الصلاة، حيث يخضع الإنسان ويذل لله سبحانه
وتعالى، فيركع الركوع لله عز وجل، والركوع من الصلاة، والصلاة من العبادة،
والعبادة كلها لله سبحانه وتعالى.
وقوله: [(خشع لك سمعي وبصري ومخعي وعظامي وعصبي)].
هذا من ذل الراكع لله جل جلاله.

(100/17)

شرح قوله (وإذا رفع قال سمع الله لمن حمده)
قوله: [(وإذا رفع قال: سمع الله لمن حمده)].
أي: استجاب الله لمن حمده.
فمعنى: (سمع) استجاب.
ولهذا
قال بعض أهل العلم لما سئل عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى فقيل
له: ماذا تقول في معاوية؟ قال: ماذا أقول في رجل صلى خلف النبي صلى الله
عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام في الصلاة: (سمع الله لمن حمده) فقال
معاوية وراءه: ربنا ولك الحمد.
يعني أن الله تعالى استجاب لمن حمده، ومعاوية كان وراء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ربنا ولك الحمد.
ولا
يشكل على ما ذكرت قول الله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي
تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة:1] إذ المقصود بما في الآية السماع
الذي هو سماع صوتها، ولهذا جاء في نفس الآية: ((سَمِعَ اللَّهُ))
((يَسْمَعُ)) ((سَمِيعٌ بَصِيرٌ)) فذكر السمع في ثلاثة مواضع من الآية
بالفعل الماضي وبالمضارع وبالاسم.
فقوله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ
قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة:1] يعني بالقول
الكلام الذي جرى بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم بصوت خفي، وكانت
عائشة قريبة منهما فلم تعرف ما تقول، والله تعالى سمع مجادلتها وكلامها وهو
فوق عرشه سبحانه وتعالى.
فقوله تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ) ليس مثل
(سمع الله لمن حمده) لأن معنى (سمع) هنا (استجاب) وأما ما في الآية الكريمة
فيعني أن صوتها الخفي سمعه الله عز وجل الذي، وقال بعد ذلك: {وَاللَّهُ
يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة:1]،
فذكر هذه الصفة بالماضي والمضارع والاسم.
وقد تكون التعدية بحرف الجر اللام فارقة بين المعنيين.
وليس معنى هذا أن أهل السنة يؤولون الصفات، فليس هذا تأويلاً، بل الأمر اختلاف في المعاني في أصل الوضع العربي.
قوله: [(وإذا رفع قال سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد ملء السموات والأرض وملء ما شئت من شيءٍ بعد)].
يعني
أن ذلك الحمد والثناء كبير، وأنه ملء السموات وملء الأرض وملء ما شاء من
شيءٍ بعد ملء السموات والأرض، فهو تعظيم لله عز وجل وثناء عليه بأنه
المستحق للحمد والإكثار من الحمد.

(100/18)

ذكر السجود، وما يصح فعله فيه وفي الركوع
قوله:
[(وإذا سجد قال: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه
وصوره فأحسن صورته، وشق سمعه وبصره، وتبارك الله أحسن الخالقين)].
هذا
ثناء على الله عز وجل، وقد جاء في السجود، والسجود الغالب فيه الدعاء،
ويمكن أن يكون فيه التعظيم والثناء، وهذا منه؛ لأن هذا كله ثناء على الله
عز وجل وتعظيم لله جل جلاله، ولكن الغالب في السجود هو الدعاء، كما أن
الركوع الغالب فيه التعظيم، ويمكن أن يدعى فيه، ومنه الحديث الذي فيه أن
النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما نزل عليه قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ
اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ
أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ
تَوَّابًا} [النصر:3] بعد ذلك روت عائشة رضي الله عنها وأرضاها فقالت: (ما
صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةً بعد إذ أنزل عليه {إِذَا جَاءَ
نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر:1] إلا قال في ركوعه وسجوده: سبحانك
-اللهم- وبحمدك، اللهم اغفر لي.
يتأول القرآن).
فقوله ((سبحانك
-اللهم- وبحمدك) ثناء، وهو تنفيذ لقوله تعالى: (فَسَبِّحْ) وقوله: اللهم
اغفر لي) دعاء، وهو تنفيذ لقوله تعالى: (وَاسْتَغْفِرْهُ).

(100/19)

الدعاء بعد السلام من الصلاة
قوله:
[(وإذا سلم من الصلاة قال: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما
أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم والمؤخر، لا إله إلا
أنت)].
إذا سلم من الصلاة دعا بهذا الدعاء، وجاء في بعض الروايات وبعض
الأحاديث أنه يقوله قبل أن يسلم، يقول ذلك بعد التشهد وقبل أن يسلم، فجاء
في روايات أنه بعد السلام وجاء في روايات أنه قبل السلام، ولا شك في أن
الدعاء قبل السلام وارد، وقد جاء ما يدل عليه، وقد قال عليه الصلاة
والسلام: (ثم يتخير من الدعاء ما شاء) يعني: بعدما يتشهد ويصلي على النبي
صلى الله عليه وسلم.
والدعاء يؤتى به في الصلاة ويكثر منه، وفي السجود وفي التشهد الأخير قبل السلام.
وأيضاً
يدل هذا الحديث على أنه يدعو بعد السلام، وأنه بعد السلام يكون في ذكر وفي
دعاء، بل أول شيء يكون بعد السلام هو الدعاء، حيث يقول: أستغفر الله،
أستغفر الله، أستغفر الله، ثلاث مرات، ومعنى (أستغفر الله) أطلب المغفرة من
الله، وأسأل المغفرة من الله.
ففيه الدعاء قبل السلام وبعد السلام.
وقوله: [(اغفر لي ما قدمت وما أخرت)].
يعني:
الذنوب التي أذنبتها مقدمها ومؤخرها، وما أسررت منها وما أعلنته، ما كان
علانية يطلع عليه الناس وما كان مستوراً لا يطلع عليه إلا الله سبحانه
وتعالى، وكذلك ما أسرفت، أي: ما تجاوزت فيه الحدود.
وقوله: [(وما أنت أعلم به مني)].
أي:
لأنك العالم بكل شيء، والإنسان لا يعلم كل شيء، وإن علم فإنه ينسى، والله
سبحانه وتعالى هو الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء سبحانه
وتعالى.
وقوله: [(أنت المقدم والمؤخر)].
يعني: المقدم من قدمته والمؤخر من أخرته، فالتأخير منك والتقديم منك، فمن قدمته فهو المقدم، ومن أخرته فهو المؤخر.
وهذا التقديم والتأخير هو في الفضل، وكذلك في تحصيل الثواب، وفي الإتيان بالأعمال الصالحة.
وقوله: [(لا إله إلا أنت)].
ختم بهذا الثناء على الله عز وجل الذي هو كلمة التوحيد وكلمة الإخلاص، وهي: (لا إله إلا الله).

(100/20)

تراجم رجال إسناد حديث علي في استفتاح النبي صلى الله عليه وسلم وأدعيته في الصلاة
قوله: [حدثنا عبيد الله بن معاذ].
هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري، ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثنا أبي].
هو معاذ بن معاذ العنبري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة].
هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمه الماجشون بن أبي سلمة].
هو
يعقوب بن أبي سلمة الماجشون، والماجشون لقب ويعقوب اسم، فهو يعقوب بن أبي
سلمة، وهو أخو عبد الله وعم الراوي عنه؛ لأن ذاك عبد العزيز بن عبد الله بن
أبي سلمة وهذا يعقوب بن أبي سلمة، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم وأبو داود
والترمذي والنسائي.
[عن عبد الرحمن الأعرج].
هو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، والأعرج لقب، وهو مدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله بن أبي رافع].
عبيد الله بن أبي رافع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن علي بن أبي طالب].
هو أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

(100/21)

شرح حديث الاستفتاح بـ (وجهت وجهي)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا سليمان بن داود
الهاشمي أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن
الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله
بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم: (أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حذو منكبيه،
ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وإذا أراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع من
الركوع، ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من السجدتين رفع
يديه كذلك وكبر ودعا) نحو حديث عبد العزيز في الدعاء يزيد وينقص الشيء،
ولم يذكر: (والخير كله في يديك والشر ليس إليك) وزاد فيه: (ويقول عند
انصرافه من الصلاة: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وأعلنت، أنت
إلهي لا إله إلا أنت)].
أورد أبو داود حديث علي بن أبي طالب من طريق
أخرى، وفيه الإشارة إلى ما جاء في الحديث المتقدم، وفيه ذكر أمور أخرى سبق
أن مرت تتعلق برفع اليدين عند الدخول في الصلاة وعند الركوع وعند القيام من
الركوع.

(100/22)


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر   الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد مارس 03, 2013 1:59 pm

اقتباس :

تراجم رجال إسناد حديث الاستفتاح بـ (وجهت وجهي)
قوله: [حدثنا الحسن بن علي].
هو الحسن بن علي الحلواني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
[حدثنا سليمان بن داود الهاشمي].
سليمان بن داود الهاشمي ثقة، أخرج له البخاري في (خلق أفعال العباد) وأصحاب السنن.
[أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد].
عبد الرحمن بن أبي الزناد صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم في المقدمة وأصحاب السنن.
[عن موسى بن عقبة].
هو موسى بن عقبة المدني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب].
هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي].
مر ذكرهم جميعاً.

(100/23)

ذكر أثر من رأى من السلف الاقتصار على قول (وأنا من المسلمين) في الاستفتاح
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا شريح بن يزيد حدثني
شعيب بن أبي حمزة قال: قال لي محمد بن المنكدر وابن أبي فروة وغيرهما من
فقهاء أهل المدينة: فإذا قلت أنت ذلك فقل: وأنا من المسلمين.
يعني قوله: ((وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ))].
أورد
أبو داود هذا الأثر عن ابن أبي فروة وعن محمد بن المنكدر وهما من فقهاء
المدينة، حيث قالا: إذا قلت دعاء الاستفتاح فقل: (وأنا من المسلمين) بدلاً
من قولك (وأنا أول المسلمين) وذلك لأن الأولية إنما تنطبق على الرسول صلى
الله عليه وسلم.
لكن المعنى يمكن أن يستقيم وأن يصلح لغير الرسول صلى
الله عليه وسلم، ويكون المقصود من ذلك المبادرة، وليس المقصود الأولية التي
هي السبق إلى هذا العمل، وإنما المقصود من ذلك المبادرة والإقدام على
العمل وعدم التأخر والتباطؤ، فيستقيم أن يقول غير النبي صلى الله عليه
وسلم: (وأنا أول المسلمين).

(100/24)

تراجم رجال إسناد أثر من رأى من السلف الاقتصار على قول (وأنا من المسلمين) في الاستفتاح
قوله: [حدثنا عمرو بن عثمان].
عمرو بن عثمان هو الحمصي، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[حدثنا شريح بن يزيد].
شريح بن يزيد هو أبو حيوة، وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي.
[عن شعيب بن أبي حمزة].
هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[قال: قال لي محمد بن المنكدر].
محمد بن المنكدر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وابن أبي فروة].
هو إسحاق بن عبد الله أبي فروة، وهو متروك، أخرج له أصحاب السنن.

(100/25)

شرح حديث استفتاح الرجل الداخل إلى الصلاة وقد حفزه النفس
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل أخبرنا حماد عن قتادة
وثابت وحميد عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رجلاً جاء إلى الصلاة وقد
حفزه النفس، فقال: الله أكبر، الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.
فلما
قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: أيكم المتكلم بالكلمات فإنه
لم يقل بأسا؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله، جئت وقد حفزني النفس فقلتها.
فقال:
لقد رأيت اثني عشر ملكاً يبتدرونها أيهم يرفعها) وزاد حميد فيه: (إذا جاء
أحدكم فليمش نحو ما كان يمشي، فليصل ما أدركه وليقض ما سبقه)].
أورد أبو
داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي
بأصحابه فجاء رجل وقد حفزه النفس، أي: ثار نفُسُه بسبب إسراعه، فدعا بهذا
الدعاء، حيث قال: [الحمد لله حمداً طيباً مباركاً فيه].
وقاله عند دخوله في الصلاة، فعندما كبر قال هذا الكلام.
فالنبي صلى الله عليه وسلم بعدما سلم قال: [(أيكم المتكلم بالكلمات فإنه لم يقل بأساً)].
ومعناه أن هذا السؤال ليس فيه شيء يخشى منه على ذلك الرجل، وليس فيه ذم أو فيه عيب، فإنه لم يقل بأساً.
فأراد
أن يبين عظيم شأن هذه الكلمات بعد أن يعرف الذي قالها، قلما قال الرجل:
[أنا يا رسول الله]، قال: [(لقد رأيت اثني عشر ملكاً يبتدرونها أيهم
يرفعها)].
أي: يرفعها إلى الله عز وجل.
قوله: [وزاد حميد فيه: (إذا جاء أحدكم فليمش نحو ما كان يمشي، فليصل ما أدركه وليقض ما سبقه)].
حميد
هو أحد الرواة الثلاثة عن أنس، زاد على ما في الحديث أن النبي صلى الله
عليه وسلم أمر المصلي بأن يمشي مثلما كان يمشي، أي: لا يسرع حتى يحبسه
النفس إذا أسرع فيثور نفسه بسبب إسراعه، وإنما يمشي المشي الذي يعتاده،
فليمش مثلما كان يمشي.
قوله: [(فليصل ما أدركه وليقض ما سبقه)].
أي:
الذي أدركه يصليه مع الإمام، والذي سبق به فإنه يأتي به بعد فراغ الإمام من
الصلاة، وهذه الكلمات التي قالها الرجل نوع من أنواع الاستفتاح.

(100/26)

تراجم رجال إسناد حديث استفتاح الرجل الداخل إلى الصلاة وقد حفزه النفس
قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل].
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا حماد].
هو حماد بن سلمة، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وثابت].
هو ثابت بن أسلم البناني البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وحميد].
هو حميد بن أبي حميد الطويل، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس بن مالك].
هو خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(100/27)

شرح حديث تكبير النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة وحمده وتسبيحه واستعاذته بالله تعالى من الشيطان
قال
رحمه الله تعالى: [حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة عن
عاصم العنزي عن ابن جبير بن مطعم عن أبيه: (أنه رأى رسول الله صلى الله
عليه وسلم يصلي صلاةً -قال عمرو: لا أدري أي صلاة هي- فقال: الله أكبر
كبيرا، الله أكبر كبيرا، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، والحمد لله
كثيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا -ثلاثا-، أعوذ بالله من
الشيطان من نفخه ونفثه وهمزه).
قال نفثه: الشعر، ونفخه: الكبر، وهمزه: الموتة].
أورد
أبو داود رحمه الله حديث جبير بن مطعم النوفلي رضي الله عنه أن النبي صلى
الله عليه وسلم صلى صلاةً قال عنها عمرو بن مرة: [لا أدري أي صلاة هي].
يعني: لا أدري أي صلاة هي من الصلوات.
ثم
ذكر ما ورد في الحديث من أذكار وتكرارها، والاستعاذة بالله تعالى من نفخ
الشيطان ونفثه وهمزه، وفسر نفثه بالشعر ونفخه بالكبر، وهمزه بالموتة، وهي
الجنون.

(100/28)

تراجم رجال إسناد حديث تكبير النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة وحمده وتسبيحه واستعاذته بالله تعالى من الشيطان
قوله: [حدثنا عمرو بن مرزوق].
عمرو بن مرزوق ثقة له أوهام، أخرج له البخاري وأبو داود.
[أخبرنا شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن مرة].
عمرو بن مرة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عاصم العنزي].
هو عاصم بن عمير العنزي، وهو مقبول، أخرج حديثه أبو داود وابن ماجة.
[عن ابن جبير بن مطعم].
هو نافع بن جبير بن مطعم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو جبير بن مطعم رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والحديث في إسناده عاصم العنزي، وهو مقبول.

(100/29)

إسناد آخر لحديث تكبيره صلى الله عليه وسلم في الصلاة وتراجم رجاله
قال
رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن مسعر عن عمرو بن مرة عن رجل
عن نافع بن جبير عن أبيه قال: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في
التطوع) ذكر نحوه].
أورد المصنف الحديث من طريق أخرى، وفيه ذكر هذا الدعاء أنه كان يقوله في التطوع.
قوله: [حدثنا مسدد].
هو مسدد بن مسرهد، ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مسعر].
هو مسعر بن كدام، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن مرة عن رجل عن نافع بن جبير].
الرجل هنا مبهم، وتقدم في الإسناد الذي قبل هذا أنه عاصم العنزي، وهو مقبول.
[عن نافع بن جبير عن أبيه].
قد مر ذكرهما.

(100/30)

شرح سنن أبي داود [101]
الصلاة
عبادة عظيمة يقف فيها العبد بين يدي ربه خاشعاً ذليلاً، ولكي يخشع فيها
وتسكن فيها جوارحه شرع له فيها جملة من الأحكام التي تحقق هذا الغرض، ومنها
الاستفتاح بأدعية مخصوصة، وقد ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم بألفاظ
مختلفة في صلاة الفريضة وفي صلاة الليل، فينبغي للمسلم أن يعلمها ليزداد
من الله تعالى قرباً وتزيد صلاته خشوعاً.

(101/1)

تابع ما يستفتح به الصلاة من الدعاء
(101/2)

شرح حديث (بأي شيء كان يفتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن رافع حدثنا زيد بن الحباب أخبرني
معاوية بن صالح أخبرني أزهر بن سعيد الحرازي عن عاصم بن حميد قال: سألت
عائشة رضي الله عنها: بأي شيء كان يفتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام
الليل؟ فقالت: (لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، كان إذا قام كبر
عشراً، وحمد الله عشراً، وسبح عشراً، وهلل عشراً، واستغفر عشراً، وقال:
اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني، ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة).
قال أبو داود: ورواه خالد بن معدان عن ربيعة الجرشي عن عائشة رضي الله عنها نحوه].
هذه
جملة من أدعية الاستفتاح التي أوردها أبو داود رحمه الله تحت [باب ما
يُستفتح به الصلاة من الدعاء] وأورد جملة من الأحاديث ذكر فيها أنواعاً من
استفتاح الرسول صلى الله عليه وسلم صلاته بها، ومنها حديث عائشة رضي الله
عنها، وقد سألها عاصم بن حميد: [بأي شيء كان يفتتح رسول الله صلى الله عليه
وسلم قيامه في الليل؟] فقالت: [لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك].
ثم
بينت له ما كان يستفتح به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقولها هذا له
فيه تشجيع وثناء على مثل هذا السؤال، وأنه ينبغي الحرص على معرفة المسائل
والأحكام الشرعية، وكذلك ما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم من الأمور
التي يغيبون عنها فلا يطلع عليها إلا أزواجه صلى الله عليه وسلم، كهذا
السؤال الذي سأل عنه عاصم بن حميد وهو استفتاح قيام الليل بأي شيء يكون.
فكان
هذا من عائشة رضي الله عنها وأرضاها تشجيعاً وتأييداً لهذا السائل على مثل
هذا السؤال، وحث له على أن يُعنى بمسائل العلم، وأيضاً فيه تنبيه على حصول
الغفلة من بعض الناس حيث لم يحصل منهم السؤال عن مثل هذا الذي لا يطلع
عليه إلا أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته.
ثم إنها بينت أنه
كان يستفتح قيام الليل بأن يكبر عشراً، ويسبح عشراً، ويهلل عشراً، ويحمد
عشراً، ويستغفر عشراً، ثم يقول: [(اللهم اغفرلي واهدني وارزقني وعافني)].
قالت: [(ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة)] وهو ما يحصل من الكرب ومن الشدة.

(101/3)

تراجم رجال إسناد حديث (بأي شيء كان يفتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل)
قوله: [حدثنا محمد بن رافع].
هو محمد بن رافع النيسابوري القشيري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[حدثنا زيد بن الحباب].
زيد بن الحباب صدوق يخطئ في حديث الثوري، أخرج له البخاري في (جزء القراءة) ومسلم وأصحاب السنن.
[أخبرني معاوية بن صالح].
معاوية بن صالح صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في (جزء القراءة) ومسلم وأصحاب السنن.
[عن أزهر بن سعيد الحرازي].
أزهر بن سعيد الحرازي صدوق، أخرجه له البخاري في (الأدب المفرد) وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[عن عاصم بن حميد].
عاصم بن حميد صدوق، أخرج له أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة.
[سألت عائشة].
هي
عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي من
أوعية العلم وحفظته، لاسيما ما يتعلق بالأمور التي لا يطلع عليها إلا أمهات
المؤمنين، ومن ذلك الإجابة على هذا السؤال الذي سئلت عنه، وهو المتعلق
باستفتاح النبي صلى الله عليه وسلم صلاته في الليل.
قوله: [قال أبو داود: ورواه خالد بن معدان عن ربيعة الجرشي عن عائشة نحوه].
خالد بن معدان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وربيعة الجرشي مختلف في صحبته، وثقه الدارقطني وغيره، أخرج له أصحاب السنن.
[عن عائشة].
عائشة رضي الله عنها قد مر ذكرها.

(101/4)

شرح حديث الاستفتاح بـ (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل)
قال
المصنف رحمه الله: [حدثنا ابن المثنى حدثنا عمر بن يونس حدثنا عكرمة حدثني
يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: سألت عائشة
رضي الله عنها: بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا
قام من الليل؟ قالت: (كان إذا قام من الليل يفتتح صلاته: اللهم رب جبريل
وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم
بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك
أنت تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)].
أورد أبو داود حديث عائشة رضي
الله عنها وفيه صفة أخرى من صفات دعاء الاستفتاح الذي كان يدعو به صلى الله
عليه وسلم في صلاته عندما يقوم من الليل، وهو أنه صلى الله عليه وسلم كان
يقول: [(اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم
الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما
اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)].
وهذا
توسل إلى الله عز وجل بربوبيته لجبريل وميكائيل وإسرافيل، وهم من أشراف
الملائكة، وقيل: إنه ذكر هؤلاء الثلاثة وتوسل إلى الله عز وجل بربوبيته لهم
لأن جبريل موكل بالوحي الذي به حياة القلوب، وميكائيل موكل بالقطر الذي به
حياة الأبدان، وإسرافيل موكل بالنفخ في الصور الذي به الحياة بعد الموت
والبعث بعد الموت، ثم بعد ذكر ربوبيته لجبريل وميكائيل وإسرافيل أثنى على
الله عز وجل بما هو أهله فقال: [(فاطر السموات والأرض)].
يعني: فاطرهما وموجدهما.
وقوله:
[(عالم الغيب والشهادة)] يعني: يعلم ما غاب وما خفي، ما كان علانيةً وما
كان سراً وخفياً، كما قال تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا
تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر:19] {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه:7].
قوله: [(أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون)].
يعني: أنت المرجع في الحكم، لا حكم إلا حكمك.
والله
عز وجل والله عز وجل يقول: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ
فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى:10]، ويقول عز وجل: {فَإِنْ
تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ
كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ
وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء:59].
ثم بعد ذلك وصل إلى الغاية وهي
السؤال؛ لأن هذا كله تمهيد وكله توطئة وكله تقديم بين يدي السؤال، وهو
قوله: [(اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط
مستقيم)] فما قبل هذا الدعاء وهذا الطلب من الله عز وجل كله تمهيد وثناء
على الله عز وجل، وذلك بين يدي هذا الدعاء الذي هو الهداية لما اختلف فيه
من الحق، بأن يوفق للصواب، ويوفق للحق في الذي اختلف فيه.

(101/5)

تراجم رجال إسناد حديث الاستفتاح بـ (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل)
قوله: [حدثنا ابن المثنى].
هو محمد بن المثنى أبو موسى العنزي الملقب بـ الزمن، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عمر بن يونس].
عمر بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عكرمة].
عكرمة بن عمار صدوق يغلط، وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[حدثني يحيى بن أبي كثير].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن].
هو
أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني، ثقة فقيه، وحديثه أخرجه أصحاب
الكتب الستة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في
السابع منهم.

(101/6)

إسناد آخر لحديث الاستفتاح بـ (اللهم رب جبريل) وتراجم رجاله
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن رافع حدثنا أبو نوح قراد حدثنا
عكرمة بإسناده بلا إخبار ومعناه قال: (كان إذا قام بالليل كبر ويقول)].
أورد المصنف طريقاً أخرى لهذا الحديث المتقدم، وليس فيه ذكر المتن، وإنما هو بالمعنى.
قوله: [حدثنا محمد بن رافع].
محمد بن رافع مر ذكره.
[حدثنا أبو نوح قراد].
هو عبد الرحمن بن غزوان، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا عكرمة].
هو عكرمة بن عمار الذي مر ذكره.
قوله: [بإسناده بلا إخبار ومعناه].
يعني أنه ما قال: أخبرني.
ومعنى (ومعناه) أي: بمعنى الحديث المتقدم.
أو
أن المقصود بقوله: (ومعناه) معنى صيغة الأداء التي هي ليست إخباراً، فهو
قال: (بلا إخبار) وما قال (أخبرني) ولكنه ذكر معنى روايته.

(101/7)

إسناد رأي الإمام مالك رحمه الله تعالى في الدعاء في الصلاة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا القعنبي عن مالك قال: لا بأس بالدعاء في الصلاة في أوله وأوسطه وفي آخره، في الفريضة وغيرها].
أورد المصنف هنا أثراً عن مالك، وهو أنه قال: لا بأس بالدعاء في الصلاة في أوله وفي وسطه وفي آخره.
أي: أول الصلاة ووسطها وآخرها.
وهذا
يفيد أنه يرى الدعاء في الاستفتاح، وقيل: إن المشهور عنه أنه يكبر ويتعوذ
ويقرأ ولا يذكر دعاء الاستفتاح، ولكن هذا الأثر يدل على أنه يرى الدعاء؛
لأن الدعاء في أول الصلاة هو الاستفتاح.
ووسطها يراد به في السجود، وكذلك بين السجدتين، وآخرها هو قبل التشهد، فكل ذلك موطن للدعاء.
قوله: [في الفريضة وغيرها].
يعني أن الدعاء يكون في الفريضة والنافلة.
والدعاء
في أول الصلاة لا يكون إلا بما ورد، وأما بالنسبة للسجود فالإنسان يسأل
فيه ما يريد، وكذلك في آخر الصلاة يسأل ما يريد، وحرصه على ما هو مأثور
أولى، وأما بالنسبة لأول الصلاة فليس فيه إلا المأثور، فيدعو بما هو مأثور،
وفي السجود قال صلى الله عليه وسلم: (وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء)
ويمكن للإنسان أن ينص على حاجته وعلى مراده ويسمي مراده.

(101/Cool


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر   الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد مارس 03, 2013 2:00 pm

اقتباس :

تراجم رجال إسناد رأي الإمام مالك في الدعاء في الصلاة
قوله: [حدثنا القعنبي].
هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[عن مالك].
هو
مالك بن أنس إمام دار الهجرة، الإمام الفقيه المحدث المشهور، أحد أصحاب
المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب
الستة.

(101/9)

شرح حديث (كنا يوماً نصلي وراء رسول الله قال رجل وراء رسول الله: اللهم ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا القعنبي عن مالك عن نعيم بن عبد الله
المجمر عن علي بن يحيى الزرقي عن أبيه عن رفاعة بن رافع الزرقي رضي الله
عنه قال: (كنا يوما نصلي وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رسول
الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده.
قال رجل وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.
فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله سلم قال: من المتكلم بها آنفا؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم: لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول)].
أورد
أبو داود حديث رفاعة بن رافع الزرقي رضي الله تعالى عنه أنه صلى وراء رسول
الله صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رأسه من الركوع إذا برجل يقول: [(اللهم
ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه)].
فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: [(من المتكلم بها آنفاً؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله.
فقال: لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أول)].
وهذا فيه بيان عظم شأن هذه الكلمة وهذا الثناء وهذا التعظيم لله سبحانه وتعالى.
ولا
علاقة له بدعاء الاستفتاح في هذا الباب، ولكن لعله ذكره لأنه جاء مثله في
دعاء الاستفتاح في قصة ذلك الرجل الذي حفزه النفس، وذلك في دعاء الاستفتاح،
وهذا الكلام من جنسه، ولكنه ليس في الاستفتاح، وإنما هو بعد الركوع.

(101/10)

تراجم
رجال إسناد حديث (كنا يوماً نصلي وراء رسول الله قال رجل وراء رسول الله:
اللهم ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه)
قوله: [حدثنا القعنبي عن مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر].
نعيم بن عبد الله المجمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن علي بن يحيى الزرقي].
علي بن يحيى الزرقي ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[عن أبيه].
هو يحيى بن خلاد الزرقي، له رؤية، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[عن رفاعة بن رافع الزرقي].
هو رفاعة بن رافع الزرقي رضي الله عنه، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

(101/11)

شرح حديث الاستفتاح بـ (اللهم لك الحمد)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزبير
عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وآله سلم
كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يقول: اللهم لك الحمد أنت نور السموات
والأرض، ولك الحمد أنت قيام السموات والأرض، ولك الحمد أنت رب السموات
والأرض ومن فيهن، أنت الحق، وقولك الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق،
والنار حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك
أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وأخرت، وأسررت وأعلنت، أنت
إلهي لا إله إلا أنت)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عباس رضي
الله عنهما، وهو يتعلق باستفتاح الصلاة في الليل، وهو نوع آخر من أنواع
الاستفتاح لصلاة الليل، وهو مثل ما تقدم في الحديث السابق، ففيه ذكر وثناءٌ
على الله عز وجل، وفي نهايته طلب المغفرة من الله سبحانه وتعالى، فيثني
على الله عز وجل بما هو أهله، ويذكر عدة أشياء فيها ثناء على الله عز وجل،
ثم بعد ذلك يسأل حاجته، وهي أن يغفر الله له ذنوبه.

(101/12)

بيان معنى نور الله عز وجل
قوله: [(كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يقول: اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض)].
يعني أنه يحمد الله عز وجل ويثني عليه ويقول: إنه نور السموات والأرض.
والله
عز وجل هو نور، وحجابه النور، ولهذا جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه
وسلم لما قيل له: هل رأيت ربك قال: (نور أنى أراه) وجاء في حديث آخر أنه
قال: (حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)
فقوله: (لأحرقت سبحات وجهه) فيه ذكر نور وجهه سبحانه وتعالى.
ونور
الشمس ونور القمر والنور في السموات والأرض كله من الله سبحانه وتعالى،
والكتاب نور، كما قال الله عز وجل: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا} [التغابن:8]، وكذلك نبينا محمد صلى الله
عليه وسلم هو سراج منير، كما قال عز وجل: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا
وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا
مُنِيرًا} [الأحزاب:45 - 46].
والمراد بذلك نور الوحي ونور الهدى ونور
الحق، فكتاب الله عز وجل هو النور لأنه ينير الطريق إلى الله عز وجل، ومن
سار على هذا النور الذي جاء في هذا القرآن فإنه يصل إلى الغاية الحميدة
وينتهي إلى عاقبة حسنة، وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم ما جاء به هدىً
ونور، وهذا هو معنى كون النبي صلى الله عليه وسلم نوراً، وليس معنى ذلك
-كما يقول بعض الخرافيين وبعض المبتدعة- أنه لا ظل له؛ لأنه نور، لأنه لو
كان الأمر كذلك لما كان في حاجة إلى أن يستظل في الظلال، ويرد عليهم قول
عائشة رضي الله عنها: (والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح) لما كان يصلي وهي
مضطجعة نائمة بين يديه، وكذلك المرأة التي دفنت في الليل وكانت تقم المسجد،
ولم يعلم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما عاتبهم قالوا: إنها ماتت
في ليلة ظلماء، وكرهنا أن نوقظك.
فلو كان المقصود النور الذي يضيء بحيث
يرى الطريق بذلك لما كان هناك حاجة إلى ذكر هذه الأشياء، ولكن المقصود هو
النور المعنوي الذي يضيء الطريق إلى الله عز وجل والذي يوصل إلى الله
سبحانه وتعالى.
فالله عز وجل هو نور، وحجابه النور، وما جعله في السموات
والأرض هو نور، وما وصف به كتابه فهو نور ولكنه نور معنوي، وكذلك أيضاً
رسوله صلى الله عليه وسلم نوره معنوي.
والله تعالى هو منور السموات
والأرض، وقد ذكر ابن القيم في كتابه (الصواعق المرسلة) أن من أسماء الله
تعالى النور، وذكر عشرة أمثلة منها الآية الكريمة {اللَّهُ نُورُ
السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [النور:35].
وإذا ثبت ذلك فيجوز إطلاق اسم (عبد النور) على الإنسان ليكون اسماً له.
ثم
إنه على القول بأنه من أسماء الله يكون النور اسماً لله تعالى وصفة، ولكن
المعروف أن الأسماء تدل على الصفات، مثل الحكيم يدل على الحكمة، والعليم
يدل على العلم، والسميع يدل على السمع، واللطيف يدل على اللطف، والخبير يدل
على الخبرة، والقدير يدل على القدرة، والكريم يدل على الكرم، وهكذا، وأما
النور فهو اسم وصفة بنفس الحروف.

(101/13)

دلالات ألفاظ الحديث
قوله: [(ولك الحمد أنت قيام السموات والأرض)].
في
بعض الروايات: (قيم السموات والأرض) وجاء في القرآن لفظ (قيوم) كما في
قوله تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}
[البقرة:255]، والمراد به الذي هو قائم بكل شيء، فهو قائم بذاته ومقيم
لغيره، لا قيام لغيره إلا به، ولا وجود لغيره إلا به، ولا بقاء لغيره إلا
به.
قوله: [(ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن)].
يعني: موجدهما والمتصرف فيهما.
قوله: [(أنت الحق وقولك الحق)].
الحق
من أسماء الله تعالى، ومعنى (وقولك الحق) أن قول الله عز وجل وما يقوله حق
وصدق، قال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا}
[الأنعام:115].
قوله: [(ووعدك الحق)].
يعني أن الله لا يخلف الميعاد، فهو حق، والله تعالى ينجز وعده.
قوله: [(ولقاؤك حق)].
يعني
يوم القيامة، ولهذا يستدل بعض العلماء بالآيات التي فيها ذكر اللقاء بأنها
من أدلة إثبات رؤية الله سبحانه وتعالى في الدار الآخرة.
قوله: [(والجنة حق والنار حق)].
أي
أن الجنة ثابتة وموجودة، والنار كذلك، والجنة أعدها الله لأوليائه والنار
أعدها الله لأعدائه، وقد جاء في الحديث: أنه تعالى قال للجنة: (أنت رحمتي
أرحم بك من أشاء، وقال للنار: أنت عذابي أعذب بك من أشاء، ولكليكما علي
ملؤها).
قوله: [(والساعة حق)].
يعني أنها قائمة ولا بد من أن تأتي.
وقوله: [(وبك خاصمت)].
قيل في معناه: إنه يقيم الحجة على الكفار، وفيه إثبات ألوهية الله عز وجل وربوبيته.
قوله: [(وإليك حاكمت)].
يعني:
إلى حكمك احتكمت لا إلى أي شيء آخر مما يتحاكم إليه الناس من عادات
الجاهلية ومما لم ينزل الله به سطاناً ولم ينزل به وحياً، كالقوانين
الوضعية وغير ذلك، فإن المحاكمة إلى الله عز وجل وإلى حكمه واجبة، قال
تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}
[الشورى:10]، وقال: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى
اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء:59]، والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه،
والرد إلى رسوله الرد إليه في حياته وإلى سنته بعد وفاته صلى الله عليه
وسلم.
قوله: [(فاغفر لي ما قدمت وأخرت وأسررت وأعلنت)].
هذه هي الغاية؛ لأن كل ما مضى ثناء على الله عز وجل، وهو وسيلة للوصول إلى هذه الغاية التي هي طلب المغفرة.
وقوله: [(فاغفر لي ما قدمت وما أخرت)] يعني: ما قدمت من الذنوب وما أخرت.
وقوله: [(وأسررت وأعلنت)].
يعني: ما كان خفياً لا يطلع عليه إلا أنت، وما كان علانيةً يطلع عليه الناس.
قوله: [(أنت إلهي لا إله إلا أنت)].
يعني: أنت معبودي الذي أقصدك بالعبادة، لا إله لي إلا أنت، فأنت إلهي ومعبودي الذي لا معبود بحق سواك.

(101/14)

تراجم رجال إسناد حديث الاستفتاح بـ (اللهم لك الحمد)
قوله: [حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزبير].
أبو الزبير هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي، صدوق مدلس، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن طاوس].
هو طاوس بن كيسان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
هو
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وأحد
العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي
صلى الله عليه وسلم.

(101/15)

حديث الاستفتاح بـ (اللهم لك الحمد) في صلاة الليل من طريق آخر وتراجم رجاله
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو كامل حدثنا خالد -يعني ابن الحارث -
حدثنا عمران بن مسلم أن قيس بن سعد حدثه قال: حدثنا طاوس عن ابن عباس رضي
الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله سلم كان في التهجد يقول بعد
ما يقول الله أكبر) ثم ذكر معناه].
ذكر المصنف الحديث من طريق أخرى، وأحال على اللفظ المتقدم، فالحديث بمعنى اللفظ المتقدم.
قوله: [حدثنا أبو كامل].
هو فضيل بن حسين الجحدري، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثنا خالد -يعني ابن الحارث -].
خالد بن الحارث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عمران بن مسلم].
عمران بن مسلم صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[أن قيس بن سعد].
قيس بن سعد ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[عن طاوس عن ابن عباس].
طاوس وابن عباس قد مر ذكرهما.

(101/16)

شرح حديث رفاعة (صليت خلف رسول الله فقلت: الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد وسعيد بن عبد الجبار نحوه،
قال قتيبة: حدثنا رفاعة بن يحيى بن عبد الله بن رفاعة بن رافع عن عم أبيه
معاذ بن رفاعة بن رافع عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (صليت خلف رسول الله
صلى الله عليه وسلم فعطس رفاعة -لم يقل قتيبة: رفاعة - فقلت: الحمد لله
حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه مباركاً عليه، كما يحب ربنا ويرضى.
فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف، فقال: من المتكلم في الصلاة؟) ثم ذكر نحو حديث مالك وأتم منه].
هذا
الدعاء لا علاقة له بالاستفتاح، وهو مثل الحديث المتقدم في قصة الرجل الذي
قال بعد الركوع: (ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه) إلا أن
هذا قال هذا الكلام عندما عطس وحمد الله، قالوا: وفي هذا دليل على أن
الإنسان عندما يعطس في الصلاة فإنه يحمد الله، ولكن ليس لمن سمعه أن يشمته؛
لأنه لا تشميت لأحد في الصلاة، ولا يتكلم أحد مع أحد في الصلاة، ولكن كون
الإنسان يحمد الله، ويثني عليه عندما يعطس بأن يقول مثل هذا الكلام أو
يقول: الحمد لله لا بأس به، وهذا الحديث يدل عليه.

(101/17)

تراجم رجال إسناد حديث رفاعة (صليت خلف رسول الله فقلت الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه)
قوله: [حدثنا قتيبة بن سعيد].
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغدادي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وسعيد بن عبد الجبار].
سعيد بن عبد الجبار صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود.
قوله: [نحوه].
أي: بمعنى رواية الحديث، فيؤتي بمثل هذه الكلمات أحياناً، فالمقصود بقوله: (نحوه) أي: بمعناه.
[قال قتيبة: حدثنا رفاعة بن يحيى بن عبد الله بن رفاعة بن رافع].
قوله: [قال قتيبة] يعني أن هذا لفظ قتيبة.
[حدثنا رفاعة بن يحيى بن عبد الله بن رفاعة بن رافع].
رفاعة صدوق، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي.
[عن عم أبيه معاذ بن رفاعة بن رافع].
معاذ بن رفاعة بن رافع صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[عن أبيه].
هو رفاعة بن رافع وقد مر ذكره.
قوله: [ثم ذكر حديث مالك وأتم منه].
يعني بذلك حديث مالك السابق في قصة قول الرجال بعد الركوع: (اللهم ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه).
قوله: [لم يقل قتيبة: رفاعة].
يعني أن الذي ذكر رفاعة هو سعيد بن عبد الجبار.

(101/18)

شرح حديث (عطس شاب من الأنصار خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا العباس بن عبد العظيم حدثنا يزيد بن هارون
أخبرنا شريك عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه
رضي الله عنه أنه قال: (عطس شاب من الأنصار خلف رسول الله صلى الله عليه
وسلم وهو في الصلاة، فقال: الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه حتى
يرضى ربنا، وبعدما يرضى من أمر الدنيا والآخرة.
فلما انصرف رسول الله
صلى الله عليه وآله سلم قال: من القائل الكلمة؟ قال: فسكت الشاب، ثم قال:
من القائل الكلمة فإنه لم يقل بأسا؟ فقال: يا رسول الله! أنا قلتها لم أرد
بها إلا خيرا.
قال: ما تناهت دون عرش الرحمن تبارك وتعالى)].
أورد
أبو داود حديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه أن شاباً من الأنصار عطس، فقال:
[(الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه حتى يرضى ربنا، وبعد ما يرضى
من أمر الدنيا والآخرة)] فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [(ما تناهت دون
عرش الرحمن)].
يعني: ما قصرت أو ما منعت أو ما حيل بينها وبين أن تنتهي إلى العرش، وما وقفت دون العرش، بل انتهت إليه.
وقوله: [(حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، مباركاً عليه)].
أي: حمداً مباركاً فيه ومباركاً عليه.
وهو مثل الذي قبله، إلا أن فيه هذه الزيادات، وهذا الحديث في إسناده من هو ضعيف، وهو عاصم بن عبيد الله.

(101/19)

تراجم رجال إسناد حديث (عطس شاب من الأنصار خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة)
قوله: [حدثنا العباس بن عبد العظيم].
هو عباس بن عبد العظيم العنبري، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[حدثنا يزيد بن هارون].
هو يزيد بن هارون الواسطي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا شريك].
هو شريك بن عبد الله النخعي صدوق يخطئ كثيراً، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن عاصم بن عبيد الله].
هو عاصم بن عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر، وهو ضعيف، أخرج له البخاري في (خلق أفعال العباد) وأصحاب السنن.
[عن عبد الله بن عامر بن ربيعة].
عبد الله بن عامر بن ربيعة، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ووثقه العجلي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
الملقي: [عن أبيه].
هو عامر بن ربيعة رضي الله تعالى عنه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

(101/20)

من رأى الاستفتاح بـ (سبحانك اللهم وبحمدك)
(101/21)

شرح حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل كبر ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من رأى الاستفتاح بـ (سبحانك اللهم وبحمدك).
حدثنا
عبد السلام بن مطهر حدثنا جعفر عن علي بن علي الرفاعي عن أبي المتوكل
الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله
عليه وآله سلم إذا قام من الليل كبر، ثم يقول: سبحانك -اللهم- وبحمدك،
وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك.
ثم يقول: لا إله إلا الله
-ثلاثا- ثم يقول: الله أكبر كبيرا -ثلاثا- أعوذ بالله السميع العليم من
الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه.
ثم يقرأ).
قال أبو داود: وهذا الحديث يقولون: هو عن علي بن علي عن الحسن مرسلا، الوهم من جعفر].
أورد
أبو داود هذه الترجمة: [باب من رأى الاستفتاح بـ (سبحانك اللهم وبحمدك)]
وهذا نوع من أنواع الاستفتاح التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
والتي جاءت عن الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم، وأورد أبو داود رحمه
الله حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
إذا كبر في الصلاة قال: [(سبحانك -اللهم- وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك،
ولا إله غيرك)] قوله: [(سبحانك -اللهم- وبحمدك)] تنزيه لله عز وجل وتعظيم
له؛ لأن التسبيح هو تنزيه، والحمد هو ثناء.
ثم بعد ذلك قال: [(وتبارك
اسمك)] و (تبارك) لا تأتي إلا مضافة إلى الله سبحانه وتعالى، ولا يطلق على
غيره هذا اللفظ، ولا يقال لمخلوق: تبارك.
ولا يقال: تعالى.
ولا يقال: سبحان فلان.
لأن هذه الألفاظ الثلاثة كلها من خصائص الله، ولا تقال إلا لله سبحانه وتعالى.
قوله:
[(وتعالى جدك)] الجد هو العظمة، ومنه قول الله عز وجل فيما حكاه عن الجن:
{وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} [الجن:3] فالجد هنا العظمة، فيأتي
الجد بمعنى العظمة كما هنا، وكما في الآية، ويأتي الجد بمعنى الحظ والنصيب،
ومنه قول الشاعر: الجد بالجد والحرمان بالكسل.
يعني: الحظ والنصيب إنما يكون بالجد والاجتهاد، والحرمان الذي هو مقابل الحظ ومقابل الجد يكون بالكسل.
ويأتي بمعنى أبي الأب وأبي الأم، فيقال له: جد.
فلفظ
الجد يأتي ويراد به العظمة، ويأتي ويراد به الجد الذي هو الأب الثاني،
سواءٌ من جهة الأب أو الأم، ويأتي بمعنى الحظ والنصيب، ومنه الحديث: (ولا
ينفع ذا الجد منك الجد) يعني: لا ينفع صاحب الحظ حظه عندك، وإنما ينفعه
العمل الصالح.
وقوله: [(تبارك اسمك)] يعني: كثرت بركته وخيره.

(101/22)

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل كبر ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك)
قوله: [حدثنا عبد السلام بن مطهر].
عبد السلام بن مطهر صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود.
[حدثنا جعفر].
هو جعفر بن سليمان، وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[عن علي بن علي الرفاعي].
علي بن علي الرفاعي لا بأس به، وهو بالمعنى: صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
[عن أبي المتوكل الناجي].
هو على بن داود، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سعيد الخدري].
هو سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(101/23)

كلام أبي داود على الحديث
قوله: [قال أبو داود: وهذا الحديث يقولون: هو عن علي بن علي عن الحسن مرسلاً، الوهم من جعفر].
هذا
كلام حول هذا الحديث، لكن الحديث ثابت، وجاء عن أبي بكر وعمر وعثمان أنهم
كانوا يستفتحون بهذا الذكر، وبعض أهل العلم يختار هذا، ويقول: إن كون
الإنسان يبدأ صلاته بالثناء على الله عز وجل أولى من كونه يدعو مباشرةً.
وكل
ذلك -كما هو معلوم- صحيح؛ لأنه جاء عنه صلى الله عليه وسلم الذكر والثناء
كما في هذا الحديث، وجاء عنه الدعاء مباشرةً، كما في قوله صلى الله عليه
وسلم: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب).
وهذا
من قبيل اختلاف التنوع، أعني كون أحدهم يختار هذا وأحدهم يختار هذا، وآخر
يفضل هذا الذكر وآخر يفضل هذا الدعاء، فهذا من قبيل اختلاف التنوع.

(101/24)

شرح حديث الاستفتاح بـ (سبحانك اللهم وبحمدك)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حسين بن عيسى حدثنا طلق بن غنام حدثنا عبد
السلام بن حرب الملائي عن بديل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة رضي الله
عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله سلم إذا استفتح الصلاة
قال: سبحانك -اللهم- وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك).
قال
أبو داود: وهذا الحديث ليس بالمشهور عن عبد السلام بن حرب، لم يروه إلا
طلق بن غنام، وقد روى قصة الصلاة عن بديل جماعة لم يذكروا فيه شيئا من
هذا].
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها وهو مثل الحديث المتقدم.

(101/25)


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر   الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد مارس 03, 2013 2:02 pm

اقتباس :

تراجم رجال إسناد حديث الاستفتاح بـ (سبحانك اللهم وبحمدك)
قوله: [حدثنا حسين بن عيسى].
حسين بن عيسى صدوق، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثنا طلق بن غنام].
طلق بن غنام، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن].
[حدثنا عبد السلام بن حرب الملائي].
عبد السلام بن حرب الملائي ثقة له مناكير، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن بديل بن ميسرة].
بديل بن ميسرة ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن].
[عن أبي الجوزاء].
هو قوس بن عبد الله الربعي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
عائشة رضي الله تعالى عنها قد مر ذكرها.

(101/26)

الأسئلة
(101/27)

حكم الذهاب بالملابس الخاصة بالنوم إلى المسجد للصلاة

السؤال
ما حكم لبس الثياب الخاصة بالنوم والذهاب بها إلى الصلاة مع القدرة على لبس الثياب العادية؟

الجواب
لا يليق بالإنسان أن يذهب بالملابس الخاصة بالنوم أو الملابس الخاصة
بالبيت التي ليس فيها ستر وزينة للمرء، وكما أنه لا يقابل بها الناس إذا
زاروه، فكذلك لا يصلح أن يذهب إلى المسجد بها، والله تعالى يقول: {يَا
بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31]، فهذا
من الأمور التي بلي بها بعض الناس في هذا الزمان، حيث يأتي إلى المسجد
بهيئة غير حسنة، ولا يستطيع أن يقابل بها الناس لو زاروه في بيته، فإذا
زاروه في بيته يلبس لباساً آخر يناسب المقام.

(101/28)

حكم النظر إلى السبابة في التشهد

السؤال
في أثناء التشهد هل ينظر المصلي إلى السبابة؟

الجواب
نعم ينظر إلى السبابة.

(101/29)

حكم منع الوالد ولده من الزواج بالثانية

السؤال
رجل عمره خمسون سنة متزوج بواحدة ويريد أن يتزوج بثانية؛ لأنه إن لم
يتزوج فسيقع في الحرام، ولكن والده لا يريد له ذلك، فل من حقه شرعاً أن
يمنعه؟

الجواب
ما دام الأمر ضرورياً فليرض والده وليتزوج.

(101/30)

فضل الصلاة في الروضة ومتى يكون

السؤال
هل للصلاة في الروضة فضل عن غيرها من الأماكن أم ليس لها فضل؟

الجواب
الصفوف الأمامية أولى من الروضة بالصلاة في صلاة الفريضة، وأما النافلة
فإن صلاتها في الروضة لا شك في أن لها ميزة لكون الروضة في المسجد تتميز عن
غيرها بهذا الوصف.
لكن على الإنسان أن لا يذهب إليها ولا يزاحم ويؤذي
الناس في سبيل الوصول إليها، أو في سبيل الصلاة فيها؛ لأن إيذاء الناس
حرام، والصلاة فيها مستحبة، كتقبيل الحجر الأسود، فإنه مستحب وإيذاء الناس
في الوصول إليه حرام لا يجوز، فلا يرتكب الأمر المحرم من أجل أن يصل إلى
أمر مستحب.

(101/31)

حكم دعاء الاستفتاح في الصلاة

السؤال
هل دعاء الاستفتاح سنة أم واجب؟

الجواب
هو سنة، ولا نعلم أحداً يقول بوجوبه.

(101/32)

حكم الجمع والقصر للمسافر، وحكم جمع الفرضين قبل الخروج من البلدة

السؤال
هل الجمع والقصر سنة لمن أراد أن يسافر، وهل له أن يصلي الفرضين جمعاً قبل خروجه من قريته أو يصليهما في الطريق؟

الجواب
الجمع والقصر من أحكام السفر، والسفر إنما يكون عند مغادرة البلد، فبعد
مغادرة البلد تبدأ أحكامه، أما ما دام المرء في البلد فليس له أن يأتي
بأحكام السفر.
ثم إذا كان المكان الذي وصل إليه يريد أن يبقى فيه أربعة
أيام فأكثر فإنه يتم ولا يقصر، وإن كان سيبقى فيه أقل من أربعة أيام فإنه
يقصر إذا صلى وحده، وله أن يجمع، ولكن كون الإنسان في حال إقامته وهو مسافر
لا يجمع هو الأولى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان في منى لا يجمع،
وإنما يقصر ولا يجمع، فكل صلاة يصليها في وقتها، ويقصر بدون جمع، ولكن
الجمع جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين في غزوة تبوك،
فدل هذا على الجواز، ولكن تركه أولى.

(101/33)

مشروعية قراءة آية الكرسي عقب كل فريضة

السؤال
هل تشرع قراءة آية الكرسي عقب كل صلاة فريضة؟

الجواب
نعم تقرأ آية الكرسي، وكذلك (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ).

(101/34)

حكم قراءة الأذكار بعد صلاة المغرب

السؤال
هل تجوز قراءة أذكار المساء بعد صلاة المغرب؟

الجواب
يجوز، لكن كون الإنسان يأتي بها قبل الغروب أولى.

(101/35)

حكم الزواج بالصغيرة مع تأخير الدخول بها إلى البلوغ

السؤال
هل يجوز للرجل أن يتزوج امرأةً صغيرة ولا يدخل عليها إلا إذا بلغت؟

الجواب
ذلك جائز، لكن ما فائدة ذلك؟! إن هناك أمراً مهماً، وهو إذنها، فإن إذنها معتبر، فمن حيث الجواز هو جائز، ولكن لا بد من إذنها.
ومن
هي دون البلوغ ليس عندها إدراك ولا عندها المعرفة، ولكن البكر تستأذن،
وكونها تزوج وهي صغيرة قد يحصل منه أنها إذا بلغت أو إذا دخل بها يكون لها
رأي آخر، كما في قصة المرأة التي زوجها أبوها وهي كارهة، فاشتكت إلى الرسول
صلى الله عليه وسلم فخيرها، فهذا الأمر يترتب عليه ما يترتب من المحاذير.

(101/36)

حكم سماع صوت المرأة

السؤال
هل صوت المرأة عورة؟

الجواب
صوت المرأة إذا كان يتلذذ به فإنه يكون عورة ولا يجوز سماعه، وأما إذا لم
يكن كذلك فيجوز للحاجة وعلى قدر الحاجة، ولا يجوز الاسترسال فيه في
التلفون ولا في غير التلفون، وإنما عند الحاجة يتكلم مع المرأة في الأمر
الذي يقتضي ذلك دون أن يتجاوز إلى ما هو أكثر من الحاجة، وإذا كان الصوت
فيه متعة وفيه لذة وفيه فتنة فليس للإنسان أن يسمع ذلك الصوت.

(101/37)

حكم محاضرة المرأة وتدريسها الرجال

السؤال
المرأة قد تحاضر الرجال وتدرسهم، فما حكم ذلك؟

الجواب
المرأة لا يجوز لها أن تحاضر الرجال.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

(101/38)

شرح سنن أبي داود [102]
يعرض
للصلاة جملة من الأحكام الشرعية الخاصة بها، ومنها كيفية قراءة البسملة
فيها، إذ يرى بعض الفقهاء الجهر بها، ويرى آخرون الإسرار بها، ومن أحكام
الصلاة مراعاة الأمر الطارئ وقت أدائها، كالتجوز فيها عند سماع بكاء الصبي
مع سبق إرادة الطول فيها، وكإطالتها لعارض، ومثل هذه الأحكام حري بالمسلم
أن يعرفها ليعمل بها تقرباً إلى الله تعالى.

(102/1)

من لم ير الجهر بـ (بسم الله الرحمن الرحيم)
(102/2)

شرح حديث قراءة النبي صلى الله عليه وسلم سورة الكوثر بعد نزولها
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [باب: من لم ير الجهر بـ (بسم الله الرحمن
الرحيم)] حدثنا هناد بن السري حدثنا ابن فضيل عن المختار بن فلفل أنه قال:
سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
سلم: (أنزلت علي آنفا سورة.
فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم {إِنَّا
أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر:1] حتى ختمها، قال: هل تدرون ما
الكوثر؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: فإنه نهر وعدنيه ربي في الجنة)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث أنس رضي الله تعالى عنه الذي فيه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [(أنزلت علي آنفاً سورة.
فقرأ:
بسم الله الرحمن الرحيم {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر:1])]
وإيراد الحديث تحت ترجمة [من لم ير الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم] ليس
بواضح؛ لأنه ليس فيه شيء يدل على أن (بسم الله الرحمن الرحيم) لا يجهر بها،
وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ عليهم ما أنزل عليه، وكان مما قرأه
(بسم الله الرحمن الرحيم) {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر:1].
فقوله:
[(فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}
[الكوثر:1])] يدل على أن (بسم الله الرحمن الرحيم) آية من القرآن، لكن ليس
فيه ما يدل على أنه لا يجهر بها كما أدخل ذلك أبو داود رحمه الله تحت
الترجمة، وهي [من لم ير الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم] فليس فيه ما يدل
على ذلك، بل قد يقال: يمكن أن يستدل به على الجهر، وهو أنه لما ذكر أنها
آية من القرآن وأنه قرأ البسملة كما قرأ السورة دل ذلك على أنه يجهر بها
كما يجهر بالقرآن.
فالاستدلال أو إيراد الحديث تحت ترجمة [من لم ير
الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم] ليس بواضح؛ لأن الذي فيه أنه أخبر أنه
أنزلت عليه سورة، قال: [(فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم)] يعني: أتى بكلمة
(قرأ) ثم بعدها (بسم الله الرحمن الرحيم) على أنها قرآن كالسورة، ولكن ليس
فيه -فيما يظهر- دليل على الترجمة، وهي [من لم ير الجهر ببسم الله الرحمن
الرحيم] ولو كان في الترجمة التي تليها وهي [باب من جهر بها] لكان واضحاً
ولكان له وجه؛ لأن (بسم الله الرحمن الرحيم) قرأها الرسول صلى الله عليه
وسلم كما قرأ السورة، وإذا كانت من جملة السورة فإنه يجهر بها كما يجهر
بالسورة على سبيل الاستنباط والاستدلال.

(102/3)

دلالة الحديث على إثبات نهر الكوثر
ثم
إن الحديث يدل على إثبات هذا الأمر المغيب الذي هو الكوثر، وهو نهر وعده
الله نبيه صلى الله عليه وسلم في الجنة، وأنزل الله تعالى فيه هذه السورة
التي هي سورة الكوثر.
فهذا النهر الإيمان به داخل تحت الإيمان باليوم
الآخر، وهو من الإيمان بالغيب؛ لأن هذه أمور مغيبة لا تعرف إلا عن طريق
الوحي، ولا يتكلم فيها إلا بالوحي، فما جاء به الوحي من أمور الغيب فإنه
يصدق ويؤمن به، سواءٌ أكان ذلك في الماضي أم في المستقبل أم في الأمور
الموجودة الغائبة عنا التي لا نراها ولا نشاهدها، فالماضي مثل بدء الخلق
وأخبار بدء الخلق وأخبار الأنبياء السابقين وأخبار الأمم السابقة، فكل هذا
الإيمان به من الإيمان بالغيب؛ لأن هذه أمور مغيبة مضت ما عرفناها إلا عن
طريق الوحي.
والمستقبل كالأمور التي تجري قبل قيام الساعة، وما يجري عند
قيام الساعة، وما يجري من البعث، وما يجري من الحشر، وما يجري من الصراط
والميزان، وما يجري من الورود على الحوض، وكذلك الجنة وما فيها من النعيم،
ومنها ذلك الحوض الذي وعده الله نبيه صلى الله عليه وسلم في الجنة، وكل ذلك
داخل في الإيمان بالغيب.
والأمور الموجودة التي لا نشاهدها هي كالجن
والملائكة؛ لأن الملائكة موجودون والجن موجودون، وهم يكونون حولنا ولا
نراهم، ولكن جاء الوحي بذلك، فهذه من الأمور المغيبة التي نؤمن بها، ونصدق
بأن ما أخبر الله به وأخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم حق وصدق يجب
الإيمان به ويجب تصديقه.

(102/4)

دلالة الحديث على بيان السنة وتفسيرها للقرآن الكريم
ثم
إن في هذا الحديث بيان أن السنة تبين القرآن وتفسره وتدل عليه؛ لأن قول
الله عز وجل: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر:1] عرف معناه
بهذا الحديث وبهذه السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي
بيان الكوثر وأنه نهر في الجنة وعده الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم،
فالحديث يدل على أن السنة تبين القرآن وتفسره؛ لأن النبي صلى الله عليه
وسلم فسر الكوثر الذي جاء في قول الله عز وجل: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ
الْكَوْثَرَ} [الكوثر:1] فسره وبين أنه نهر في الجنة وعده الله تعالى به،
ثم قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}
[الكوثر:1]) حتى ختهما.

(102/5)

الاستفهام عن الكوثر ودلالاته
قوله: [(قال: هل تدرون ما الكوثر؟ قالوا: الله ورسوله أعلم)].
هذا
السؤال والاستفهام حصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعلم أنهم لا
يدرون؛ لأن هذا أمر مغيب، ولكنه عندما يسأل هذا السؤال يجعلهم يستعدون
ويتهيئون ويكونون على استعداد لمعرفة هذا الشيء الذي لا يعرفونه ولا
يعلمونه، فإذا بين فإنهم يكونون على استعداد وعلى تهيؤ لتلقيه واستيعابه
ومعرفته وعدم فوات شيء منه، فهذه فائدة سؤاله: [(هل تدرون ما الكوثر؟)]
لأنه كان بإمكانه صلى الله عليه وسلم أن يقول: الكوثر نهر وعدنيه ربي في
الجنة.
لكن هذا من كمال بيانه وكمال نصحه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فهو أفصح الناس وأنصح الناس للناس عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
وقوله: [(قالوا: الله ورسوله أعلم)].
قول
(الله ورسوله أعلم) يقال في حياته صلى الله عليه وسلم عندما يسأل هو
فيجيبونه بذلك ليعلمهم وليبين لهم، وأما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فلا
يقال: الله ورسوله أعلم.
بل يقال: (الله أعلم) فحسب.
كما أن هذه
الكلمة لا تقال في الأمور التي لا يعلمها النبي صلى الله عليه وسلم، سواء
وقع السؤال في حياته أو بعد مماته، فلو قيل: متى تقوم الساعة؟ فليس للإنسان
أن يقول: الله ورسوله أعلم.
فالرسول لا يعلم متى تقوم الساعة، وإنما يقال: الله أعلم.
فالإنسان
عندما يسأل عن شيء مثل هذا يكل العلم إلى العالم، وهو الله سبحانه وتعالى
الذي يعلم الغيب في السموات والأرض ويعلم السر في السموات والأرض ويعلم كل
شيء، ولا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
قوله: [(قال: فإنه نهر وعدنيه ربي في الجنة)].
هذا
بيان أن نهر الكوثر في الجنة، وأما الحوض فهو في العرصات في الموقف يوم
القيامة قبل أن يذهب الناس إلى الصراط والميزان، لأن الناس إذا خرجوا من
قبورهم يكونون عطاشاً، فيكون الحوض في عرصات القيامة، فيتجه الناس إليه
يريدون أن يشربوا منه فيذاد عنه من يذاد ويشرب من يشرب، وجاء في بعض
الأحاديث أن الكوثر يصب فيه ميزابان من الجنة.

(102/6)

تراجم رجال إسناد حديث قراءة النبي صلى الله عليه وسلم سورة الكوثر بعد نزولها
قوله: [حدثنا هناد بن السري].
هو هناد بن السري أبو السري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في (خلق أفعال العباد) ومسلم وأصحاب السنن.
[حدثنا ابن فضيل].
هو محمد بن فضيل بن غزوان صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن المختار بن فلفل].
المختار بن فلفل، صدوق له أوهام، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
[سمعت أنس بن مالك].
أنس بن مالك -رضي الله عنه- صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا
الإسناد من أعلى الأسانيد عند أبي داود؛ لأن أبا داود أعلى ما عنده
الرباعيات، فليس عنده إسناد ثلاثي، بل أعلى ما عنده الرباعيات، وهذا منها.

(102/7)

شرح حديث قراءة النبي صلى الله عليه وسلم آيات حادثة الإفك
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قطن بن نسير حدثنا جعفر حدثنا حميد الأعرج
المكي عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها -وذكر الإفك- قالت:
(جلس رسول الله صلى الله عليه وآله سلم وكشف عن وجهه وقال: أعوذ بالسميع
العليم من الشيطان الرجيم {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ
مِنْكُمْ} [النور:11] الآية).
قال أبو داود: وهذا حديث منكر، قد روى هذا
الحديث جماعة عن الزهري لم يذكروا هذا الكلام على هذا الشرح، وأخاف أن
يكون أمر الاستعاذة من كلام حميد].
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله
عنها في قصة الإفك، وحديث الإفك حديث مشهور طويل جاء في الصحيحين وفي
غيرهما، والإفك المقصود به الكذب والافتراء الذي رميت به عائشة رضي الله
تعالى عنها وأرضاها وهي بريئة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم هجرها
وأذن لها بأن تذهب إلى أهلها، وكان لا يعلم الحقيقة، وكان يأتي إليها
ويقول: (يا عائشة! إن كنت ألممت بذنب فتوبي إلى الله عز وجل واستغفري) فما
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الحقيقة، وهذا يدل على أن الرسول لا
يعلم الغيب على الإطلاق، فالغيب لا يعلمه على الإطلاق إلا الله سبحانه
وتعالى، ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب مطلقاً لقال: أنا
أعلم الغيب، فهذا الكلام غير صحيح.
وإنما بقي متألماً متأثراً وهجر زوجه
وأرسلها إلى أهلها وبقيت متألمة مريضة متعبة بسبب هذا الذي ألصق بها،
والرسول صلى الله عليه وسلم مكث مدةً طويلة وهو لا يعلم، حتى أنزل الله
براءتها في قرآن يتلى.

(102/Cool


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر   الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد مارس 03, 2013 2:03 pm

اقتباس :

تواضع الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم
وكانت
عائشة رضي الله عنها وأرضاها تخبر أنها كانت تظن أن براءتها ستكون أن يرى
النبي صلى الله عليه وسلم في منامه رؤيا يبرؤها الله بها؛ لأن رؤيا
الأنبياء وحي، ولكن الله عز وجل أنزل فيها قرآناً يتلى، ومع هذا الذي
أكرمها الله به من إنزال قرآن يتلى في براءتها تتواضع وتقول: (ولشأني في
نفسي أحقر من أن ينزل الله فيّ قرآناً يتلى).
وهذا شأن أولياء الله، حيث
أعطاهم الله ما أعطاهم من الكمال ومع ذلك يتواضعون لله عز وجل، ولهذا فإن
ابن القيم رحمه الله في كتابه (جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير
الأنام صلى الله عليه وسلم) عندما جاء إلى ذكر الآل ترجم لأمهات المؤمنين؛
لأنهن داخلات تحت الآل حين يقال: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد).
فترجم
لكل واحدة من أمهات المؤمنين ترجمة وأتى بشيء من فضائلها، ولما جاء عند
عائشة رضي الله عنها وأرضاها ذكر تواضعها، وأن الله عز وجل أنزل فيها ما
أنزل وكانت تقول: كنت أتمنى أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه رؤيا
يبرؤني الله بها، ولشأني في نفسي أحقر من أن ينزل الله فيّ آيات تتلى.
وذكر أن هذا من تواضعها، ثم قال: أين هذا ممن يصوم يوماً من الدهر ويقول: أنا فعلت كذا وكذا.
وذكر أمثله.
فهذا شأن أولياء الله كما قال تعالى عنهم: {يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون:60].
ومثل
ذلك قصة أويس القرني مع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فـ عمر بن
الخطاب رضي الله عنه خير من مشى على الأرض بعد الأنبياء والمرسلين وبعد أبي
بكر رضي الله تعالى عنهما وعن الصحابة أجمعين، وأويس القرني هو من
التابعين، بل هو خير التابعين، فقد قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (إن
خير التابعين رجل يقال له: أويس) وذكر شيئاً من صفاته ثم قال: (فمن وجده
منكم فليطلب منه أن يستغفر له)، فكان عمر رضي الله عنه يسأل الذين يأتون من
اليمن للحج: أفيكم أويس؟ حتى وجد أويساً، ولما سأله وتحقق أنه أويس قال
له: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا، وأنا أطلب منك أن تستغفر لي.
فـ
عمر بن الخطاب رضي الله عنه بشر بالجنة، وله قصر في الجنة، ولكن لأن النبي
صلى الله عليه وسلم قال هذا طلب من أويس أن يستغفر له، لكن ماذا قال أويس؟
لقد كان عمر يتواضع من جانبه وأويس كان يتواضع من جانبه.
فـ أويس يقول: أنتم أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، فأنتم الأحق بأن يطلب منكم الاستغفار.
فما
تعاظم وتكبر لكون صحابي يقول له هذا الكلام عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وما زاده ذلك إلا تواضعاً، ولهذا لما قال له عمر: إلى أين تذهب؟ قال:
إلى البصرة أو إلى الكوفة.
قال: هل أكتب لك إلى أميرها؟ قال: دعني أكون مع الناس.
أي: غير معروف وغير مشهور وغير بارز وغير ظاهر.
فالحاصل
أن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك والكذب الذي ألصق بها وأضيف إليها
رضي الله عنها وأرضاها أنزل الله براءتها في تلك الآيات من سورة النور.
وهنا
أورد المصنف رحمه الله تعالى عن عائشة أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما
نزلت عليه هذه الآيات من سورة النور التي فيها براءتها -رضي الله عنها
وأرضاها- كشف عن وجهه، أي: بعد أن أوحي إليه؛ لأنه كان صلى الله عليه وسلم
عندما يوحي إليه تصيبه شدة ويصيبه كرب شديد، حتى إنه يكون في اليوم الشاتي
الشديد البرودة يتفصد جبينه عرقاً من شدة ما يحصل له عند الوحي صلوات الله
وسلامه وبركاته عليه.
قالت: [(وكشف عن وجهه وقال: أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم ((إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ)) [النور:11])].
والمقصود
من إيراد أبي داود رحمه الله لهذا الحديث أنه ذكر الاستعاذة وما ذكر
البسملة قبل قراءته قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ
عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور:11].
لكن عدم إيراد البسملة لا يدل على أن
هناك بسملة في هذا المكان؛ لأن هذا ليس أول السورة، والبسملة إنما تكون في
أوائل السور إلا في سورة براءة، وأما قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا
بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور:11] فهو في أثناء السورة وليس في
مطلعها؛ لأن سورة النور أولها قوله تعالى: {سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا}
[النور:1] وبعد آيات متعددة جاءت الآية الكريمة: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا
بِالإِفْكِ).
فكونه ما قال: (بسم الله الرحمن الرحيم) ليس معناه أنه لم
يجهر بالبسملة أو لم يأت بالبسملة؛ لأن هذا ليس مكان بسملة، ولكنه مكان
استعاذة.
فالإنسان إذا أراد أن يقرأ من وسط السورة يستعيذ بالله من
الشيطان الرجيم، وإذا كان يريد أن يقرأ من أول السورة يستعيذ ويبسمل، فهنا
الآيات ليست من أول السورة، فلا يظهر وجه لإيراد الحديث تحت هذه الترجمة.
ثم
إن هذا الحديث قال عنه أبو داود [وهذا حديث منكر] وذلك لأن الذين رووا عن
الزهري قصة الإفك وحديث الإفك -وهم كثيرون- ما ذكروا الاستعاذة، وإنما
ذكروا أنه أتى بالآيات التي أنزلها الله تعالى عليه دون أن يسبقها استعاذة.
وقال
أبو داود رحمه الله: [وأخاف أن يكون أمر الاستعاذة من كلام حميد] أحد رجال
الإسناد، وهو حميد الأعرج، ولا بأس به، أي أنه صدوق، وهو من رجال الكتب
الستة، وبعض أهل العلم قال: إنه على موجب الاصطلاح فإن الثقة المخالف لمن
هو أوثق منه يقال لحديثه: شاذ.
ولا يقال له: منكر.
وإنما المنكر مخالفة الضعيف للثقة.
وعلى
هذا فيكون ذكر الاستعاذة في هذا الموضع فيه مخالفة، ومخالفة الثقة لمن هو
أوثق منه تعتبر شذوذاً، ولا يعتبر هذا من زيادة الثقة، لأن في رجال الإسناد
من هو متصف بالخطأ كما سيأتي ذكره.
وعلى كل حال فإن إيراد الحديث تحت
ترجمة [من لم ير الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم] ليس بواضح؛ لأنه ليس فيه
عدم الجهر بالبسملة؛ لأن البسملة ليس هذا مكانها، وإنما تأتي في أوائل
السور.

(102/9)

تراجم رجال إسناد حديث قراءة النبي صلى الله عليه وسلم آيات حادثة الإفك
قوله: [حدثنا قطن بن نسير].
قطن بن نسير صدوق يخطئ، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي.
[حدثنا جعفر].
هو جعفر بن سليمان، وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
وابن
القيم في تهذيب السنن قال: لعل الحمل في ذلك على قطن الذي هو صدوق يخطئ،
أو على جعفر بن سليمان، وهذا هو السبب في كون الحديث فيه نكارة.
أما
حميد أبو صفوان الأعرج الذي أشار إليه أبو داود وقال: [وأخاف أن يكون أمر
الاستعاذة من حميد] فقد قال الحافظ ابن حجر عنه: لا بأس به.
أي أن حديثه معتمد وحجة ومقبول.
فـ ابن القيم أشار إلى أن الحمل قد يكون على من دونه، وهو جعفر بن سليمان أو قطن بن نسير.
قوله: [حدثنا حميد الأعرج المكي].
حميد الأعرج المكي لا بأس به، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عروة].
هو عروة بن الزبير بن العوام، ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
هي
أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي مكثرة
من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي أحد سبعة أشخاص عرفوا
بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(102/10)

من رأى الجهر بالبسملة
(102/11)

شرح حديث سؤال ابن عباس عثمان رضي الله عنهما عن تركهم الفصل بين الأنفال وبراءة بالبسملة
قال رحمه الله تعالى: [باب من جهر بها.
أخبرنا
عمرو بن عون أخبرنا هشيم عن عوف عن يزيد الفارسي أنه قال: سمعت ابن عباس
رضي الله عنهما قال: (قلت لـ عثمان بن عفان رضي الله عنه: ما حملكم أن
عمدتم إلى براءة وهي من المئين وإلى الأنفال وهي من المثاني فجعلتموهما في
السبع الطول ولم تكتبوا بينهما سطر (بسم الله الرحمن الرحيم)؟ قال عثمان:
كان النبي صلى الله عليه وسلم مما تنزل عليه الآيات فيدعو بعض من كان يكتب
له ويقول له: ضع هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا.
وتنزل
عليه الآية والآيتان فيقول مثل ذلك، وكانت الأنفال من أول ما أنزل عليه
بالمدينة، وكانت براءة من آخر ما نزل من القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها،
فظننت أنها منها، فمن هناك وضعتهما في السبع الطول ولم أكتب بينهما سطر
(بسم الله الرحمن الرحيم))].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [من جهر بها] ويعني ما يدل على الجهر بـ (بسم الله الرحمن الرحيم).
وأورد
حديث ابن عباس أنه سأل عثمان رضي الله تعالى عنه فقال: ما حملكم على أن
عمدتم إلى الأنفال -وهي من المثاني- وبراءة -وهي من المئين- وهذه من أول ما
نزل في المدينة وهذه من آخر ما نزل فجعلتموهما سورة واحدة، ولم تكتبوا
بينهما سطر (بسم الله الرحمن الرحيم)؟ فـ عثمان رضي الله عنه قال: إن
الرسول صلى الله عليه وسلم كانت تنزل عليه الآية والآيتان فيقول: ضعوا هذه
الآية في السورة التي يذكر فيها كذا.
ويعني بذلك الشيء الذي اشتهرت به السورة.
وكان
بين سورتي التوبة والأنفال تشابه وتماثل، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه
وسلم بأن يكتبوا سطر (بسم الله الرحمن الرحيم) قبل سورة براءة، فمن أجل ذلك
جمعوا بينهما، ولم يفصلوا بينهما بسطر (بسم الله الرحمن الرحيم).
ولهذا
قال بعض العلماء: إن هاتين السورتين هما بمثابة السورة الواحدة، ولهذا
اعتبروهما جميعاً، فسابعة السبع الطوال هاتان السورتان الاثنتان.
ومنهم من قال: السابعة هي براءة والأنفال ليست من الطوال.
ومنهم من قال: إن الأنفال هي السابعة.
فبين
عثمان رضي الله عنه وأرضاه أن السبب الذي جعله لم يكتب سطر (بسم الله
الرحمن الرحيم) هو أن النبي صلى الله عليه وسلم ما جاء عنه أنه قرأ (بسم
الله الرحمن الرحيم) قبل براءة، ومن أهل العلم من يقول بأن سورة براءة نزلت
بالسيف والبسملة فيها رحمة، فما ذكرت فيها.
والذي جاء عن عثمان هو ما ذكر، ولكن هذا الحديث فيه ضعف من جهة يزيد الفارسي الذي هو مقبول.
ثم إن معنى المئين السور التي تبلغ آياتها فوق المائة، أي: مائة فأكثر، فهذه يقال لها: ذوات المئين.
والمثاني قيل: هي التي دون ذلك.
ولهذا فسورة الأنفال لا تصل إلى مائة، لكن مجموع السورتين يجعلهما من ذوات المئين، وسورة التوبة وحدها هي من المئين.

(102/12)

تراجم رجال إسناد حديث سؤال ابن عباس عثمان رضي الله عنهما عن تركهم الفصل بين الأنفال وبراءة بالبسملة
قوله: [أخبرنا عمرو بن عون].
عمرو بن عون ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا هشيم].
هو هشيم بن بشير الواسطي، وهو ثقة مدلس، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عوف].
هو عوف بن أبي جميلة الأعرابي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يزيد الفارسي].
يزيد الفارسي مقبول، أخرج حديثه أبو داود والترمذي والنسائي.
[عن ابن عباس].
هو
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد
العبادلة الأربعة من الصحابة، وهم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر،
وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن الزبير، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة
الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[قلت لـ عثمان].
هو عثمان بن
عفان رضي الله عنه، أمير المؤمنين وثالث الخلفاء الراشدين الهادين
المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب
الستة رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

(102/13)

إسناد آخر لحديث سؤال ابن عباس عثمان عن ترك الفصل بالبسملة بين الأنفال وبراءة وتراجم رجاله
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا زياد بن أيوب حدثنا مروان -يعني ابن
معاوية - أخبرنا عوف الأعرابي عن يزيد الفارسي قال: حدثنا ابن عباس رضي
الله عنهما.
بمعناه، قال فيه: (فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها).
قال
أبو داود: قال الشعبي وأبو مالك وقتادة وثابت بن عمارة: (إن النبي صلى
الله عليه وسلم لم يكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) حتى نزلت سورة النمل) هذا
معناه، وهذا مرسل].
أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله عنهما من
طريق أخرى، وهو بمعنى الحديث السابق، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قبض
ولم يبين لهم أنها منها.
أي: لم يبين لهم أن البسملة من سورة براءة،
فمائة وثلاث عشرة سورة بدأت بـ (بسم الله الرحمن الرحيم)، وسورة التوبة
وحدها لم يأت قبلها بسم الله الرحمن الرحيم.
قوله: [حدثنا زياد بن أيوب].
زياد بن أيوب ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا مروان -يعني ابن معاوية -].
هو مروان بن معاوية الفزاري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عوف الأعرابي عن يزيد الفارسي عن ابن عباس].
قد مر ذكرهم.
قوله:
[قال أبو داود: قال الشعبي وأبو مالك وقتادة وثابت بن عمارة: (إن النبي
صلى عليه وآله وسلم لم يكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) حتى نزلت سورة النمل)
هذا معناه، وهذا مرسل].
الشعبي هو عامر بن شراحيل الشعبي، ثقة فقيه، من التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وقتادة هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وثابت بن عمارة صدوق فيه لين، أخرج حديثه أبو داود والترمذي والنسائي.
وقولهم:
[إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) حتى نزلت
سورة النمل] هو مرسل؛ إذ إن هؤلاء الذين ذكروا ذلك هم من التابعين، وإضافة
ما قالوه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو من قبيل المرسل؛ لأن المرسل هو
ما يقول فيه التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بدون ذكر الواسطة
بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(102/14)

شرح حديث (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم)
قال رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد وأحمد بن محمد المروزي وابن السرح قالوا: حدثنا سفيان عن عمرو عن سعيد بن جبير.
قال
قتيبة فيه: عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه
وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم) وهذا لفظ
ابن السرح].
أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عباس أن النبي صلى الله
عليه وسلم كان لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم،
وهذا يدل على أن البسملة هي من القرآن؛ لأن قوله: [حتى تنزل عليه بسم الله
الرحمن الرحيم] معناه أنها قرآن، وهو يدل على أنها آية يفصل بها بين السور
وليست من السورة، ولهذا لا تعد من الآيات، ولا يأتي ذكرها في عدد الآيات،
وإنما يعد من ورائها، إلا سورة الفاتحة فإنها عدت البسملة فيها في المصحف،
وقد عرفنا أن القول الصحيح أنها آية مستقلة ليست من الفاتحة ولا من غيرها،
إلا في سورة النمل فهي جزء آية، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم -كما
جاء في الحديث القدسي الصحيح- قال: (قال الله عز وجل: قسمت الصلاة بيني
وبين عبدي نصفين، فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل.
فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين) فما قال: فإذا قال: بسم الله الرحمن الرحيم.
فهذا يبين أنها ليست من الفاتحة، فهي آية مستقلة يفصل بها بين السور.
وهذا
الحديث الذي هو حديث ابن عباس يدل على أن البسملة من القرآن وأنها آية من
القرآن، ولكن يفصل بها بين السور، وهذا -كما هو معلوم- في غير براءة وفي
غير الفاتحة؛ لأن الفاتحة ليس قبلها سورة حتى تفصل عنها، فهي جاءت في أولها
لا لتفصل بينها وبين سورة، ولم تأت في سورة التوبة.

(102/15)

تراجم رجال إسناد حديث (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم)
قوله: [حدثنا قتيبة بن سعيد].
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وأحمد بن محمد المروزي].
أحمد بن محمد المروزي ثقة، أخرج حديثه أبو داود.
[وابن السرح].
هو أحمد بن عمرو بن السرح المصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[قالوا: حدثنا سفيان].
سفيان هو ابن عيينة.
[عن عمرو].
هو عمرو بن دينار، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن جبير].
سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
قد مر ذكره.

(102/16)

تخفيف الصلاة للأمر يحدث
(102/17)

شرح حديث (إني لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب تخفيف الصلاة للأمر يحدث.
حدثنا
عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا عمر بن عبد الواحد وبشر بن بكر عن الأوزاعي
عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه رضي الله عنه أنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد
أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز كراهية أن أشق على أمه)].
أورد
أبو داود رحمه الله [باب تخفيف الصلاة للأمر يحدث] يعني: للأمر الذي يطرأ
ويقتضي التخفيف، فيخفف إذا كان يريد التطويل، أو حيث يكون من نيته أن يطول،
ثم يحدث شيء يقتضي أن يخفف فيخفف، مثلما جاء في هذا الحديث الذي أورده أبو
داود عن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(إني
لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز كراهية
أن أشق على أمه)].
وذلك لأن الطفل إذا صار يبكي في الصلاة وأمه تصلي مع
الإمام فإنه يحصل لها تشويش، فالرسول صلى الله عليه وسلم يخفف من أجل هذا
البكاء الذي يسمعه من ذلك الصبي، وهذا يدلنا على أن النساء يحضرن المساجد
ويصلين مع الرجال، وأنهن يحضرن أطفالهن معهن، وأنه إذا وجد أمر يقتضي
التخفيف في الصلاة ممن يريد التطويل فإنه يخفف للأمر الذي طرأ، كما جاء في
هذا الحديث، وكما حصل من عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لما طعن عمر وتقدم
وصلى بالناس، فإنه قرأ (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد) في صلاة
الفجر، فخفف الصلاة لهذا الأمر الطارئ والمصيبة التي نزلت وحلت.
وكذلك
جاء في الحديث الذي سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ ب (المؤمنون) حتى
جاء عند قصة موسى وهارون أو موسى وعيسى فأصابته سعلة فركع، فكان يريد أن
يواصل، ولكن عندما طرأ هذا الشيء الذي حصل اختصر القراءة وقطعها وركع.
وفي
حديث الباب بيان شفقة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما وصفه الله عز وجل
بذلك فقال: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ
مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}
[التوبة:128]، فهذا من رحمته ورأفته بأمته؛ لأنه يدخل في الصلاة يريد أن
يطول وإذا سمع بكاء الصبي خفف حتى لا يشق على أمه ويحصل لها تشويش ويحصل
لها تأثر وهي تسمع طفلها يبكي ويصيح.
قوله: [(إني لأقوم إلى الصلاة وأن أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوز كراهية أن أشق على أمه)].
معنى (أتجوز): أخفف، يعني: أخفف القراءة كراهية أن أشق على أمه لو أطلت القراءة.
وقد
يحصل للإمام عكس ما ذكر، حيث يكون يريد التخفيف فيعرض له أمر طارئ فيطيل،
كما إذا ركع يريد التخفيف، ثم دخل أناس وهو راكع، فإنه يطيل ليدركوا
الركعة.
وأنبه هنا على قول بعض الناس عند دخولهم والإمام راكع: (إن الله مع الصابرين) لكي يطيل الإمام، فلا يصح أن يقول المأموم هذا الكلام.
نعم الركعة الأولى هي أطول من الثانية، وذلك ليدرك الناس، ولو أراد أن يخفف ثم بدا له أن يطول لأمر طارئ فلا بأس بذلك.

(102/18)

تراجم رجال إسناد حديث (إني لأقوم إلى الصلاة وأريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز)
قوله: [حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم].
عبد الرحمن بن إبراهيم هو الملقب بـ (دحيم) وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[عن عمر بن عبد الواحد].
عمر بن عبد الواحد ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[وبشر بن بكر].
بشر بن بكر ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[عن الأوزاعي].
هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، ثقة فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن أبي كثير].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن أبي قتادة].
هو عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو أبو قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

(102/19)

شرح سنن أبي داود [103]
لصلاة
الجماعة أحكام تتعلق بالإمام وبالمأمومين، ومن أحكام صلاة الجماعة
المتعلقة بالإمام أن يراعي أحوال المأمومين، فلا يشق عليهم بالإطالة في
الصلاة؛ إذ قد يكون فيهم من يقع في الحرج لمرضه أو لضعفه أو لكبره ونحو ذلك
بسبب الإطالة، وهذا لا يعني أن تخفف الصلاة تخفيفاً يؤدي إلى الانتقاص
منها، فذلك أيضاً أمر محذور، وقد يؤدي إلى حرمان كثير من أجر الصلاة.

(103/1)

تخفيف الصلاة
(103/2)

شرح حديث (يا معاذ أفتان أنت)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في تخفيف الصلاة.
حدثنا
أحمد بن حنبل حدثنا سفيان عن عمرو أنه سمعه من جابر رضي الله عنه قال:
(كان معاذ رضي الله عنه يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يرجع فيؤمنا
-قال مرة: ثم يرجع فيصلي بقومه- فأخر النبي صلى الله عليه وسلم ليلةً
الصلاة -وقال مرة: العشاء-، فصلى معاذ مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جاء
يؤم قومه، فقرأ البقرة فاعتزل رجل من القوم فصلى، فقيل: نافقت يا فلان!
فقال: ما نافقت.
فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن معاذاً
يصلي معك ثم يرجع فيؤمنا يا رسول الله، وإنا نحن أصحاب نواضح ونعمل
بأيدينا، وإنه جاء يؤمنا فقرأ بسورة البقرة.
فقال: يا معاذ! أفتان أنت؟!
أفتان أنت؟! اقرأ بكذا، اقرأ بكذا) قال أبو الزبير بـ (سَبِّحِ اسْمَ
رَبِّكَ الأَعْلَى) (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى)، فذكرنا لـ عمر فقال: أراه
ذكره].
أورد أبو داود رحمه الله [باب في تخفيف الصلاة] يعني أن الإنسان
الذي هو إمام للناس يخفف الصلاة، ومن المعلوم أن الإنسان يراعي أحوال
المأمومين، فإذا صلى لنفسه فليطل ما شاء، وإذا صلى بالناس فليخفف.
لكن
الصلوات -كما هو معلوم- جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيان
التفاوت بينها في القراءة، وأن صلاة الفجر تطول فيها القراءة، وصلاة العشاء
تخفف فيها القراءة، والحديث إنما جاء في صلاة العشاء، وأورد أبو داود رحمه
الله حديث جابر بن عبد الله: كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم
ثم يرجع فيؤمنا] أي أنه يصلي مفترضاً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
ويصلي بهم متنفلاً وهم مفترضون، وهو دال على صحة صلاة المفترض خلف المتنفل
وواضح الدلالة في ذلك، وهذا قول جمهور العلماء.
وذهب بعض أهل العلم إلى
أنه لا يقتدي المفترض بالمتنفل، وأجابوا عن هذا الحديث بأن معاذاً رضي الله
عنه إنما كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نافلة، ثم يذهب إلى
قومه ويصلي بهم تلك الفريضة، فهو مفترض وهم مفترضون.
لكن هذا بعيد جداً؛
لأنه لا يليق بـ معاذ بن جبل رضي الله عنه أن يترك صلاة الفرض مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم وفي مسجده صلى الله عليه وسلم، ثم يؤخر ذلك إلى أن
يصلي مع الناس في مسجد آخر مفترضاً وقد تمكن من أن يأتي بالفريضة في مسجد
هو خير المساجد بعد المسجد الحرام والصلاة فيه بألف صلاة، الفريضة بألف
فريضة، والنافلة بألف نافلة، فكيف يترك معاذ بن جبل رضي الله عنه صلاة
الفريضة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والفريضة فيه بألف فريضة ويؤخر
ذلك إلى أن يصلي بقومه؟! ثم إن الحديث ورد فيه أنه صلى معه العشاء، ومعلوم
أن العشاء إنما هي الفرض، ومعنى هذا أنه كان يصلي معه الفرض ولا يصلي معه
النفل.
ثم إنه ليس للإنسان أن ينشغل بالنافلة مع الجماعة وقد دخل وقت
الفريضة ويؤجل ذلك؛ لأن المبادرة إلى إبراء الذمة والمبادرة إلى أداء
الواجب الفرض المتحتم مطلوب، سيما وقد دخل الوقت وهو مع الرسول صلى الله
عليه وسلم وفي مسجده عليه الصلاة والسلام، فكل هذا يبين عدم صحة القول بأن
معاذاً رضي الله عنه إنما كان متنفلاً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومفترضاً مع قومه، وعلى هذا فإن صلاة المفترض خلف المتنفل صحيحة وثابتة،
وهذا الحديث يدل عليها.
ومما يدل عليها -أيضاً- فعل الرسول صلى الله
عليه وسلم في صلاة الخوف، فإنه جعل الناس مجموعتين في إحدى صور صلاة الخوف،
فصلى بالمجموعة الأولى منهم ركعتين وسلم، ثم صلى بالمجموعة الثانية ركعتين
وسلم، فهو صلى الله عليه وسلم متنفل في الصلاة الثانية وفي الأولى
مفترضاً.
فالذي جاء في حديث معاذ رضي الله عنه هذا هو مثل الذي جاء في
حديث صلاة الخوف من إمامته عليه الصلاة والسلام للمجموعة الثانية وهو متنفل
وهم مفترضون.
ويجوز العكس، بأن يصلي المتنفل خلف المفترض، والدليل على
ذلك قصة الرجلين الذين كانا في مسجد الخيف والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي
بالناس الصبح، ولما انصرف من صلاته رآهما جالسين، فدعا بهما فجاءا ترتعد
فرائصهما، فقال: (مالكما لم تصليا؟ قالا: إنا صلينا في رحالنا.
قال: إذا
صليتما في رحالكما وأتيتما والإمام لم يصل فصليا معه تكن نافلة) فهذا يدل
على عكس ما جاء في حديث معاذ من صلاة المتنفل خلف المفترض.
وكذلك تجوز صلاة المفترض خلف المفترض مع اختلاف النيتين، كمن يصلي الظهر خلف من يصلي العصر، فكل ذلك سائغ ولا بأس به.
فـ
معاذ رضي الله عنه في مرة من المرات جاء رجل ودخل معه في الصلاة، وأطال
معاذ صلاة العشاء، والرجل صاحب نواضح -وهي الإبل التي يستقى عليها الماء من
الآبار- وكان يتعب في النهار، فـ معاذ قرأ بالبقرة، فانفصل عنه وأكمل
صلاته وذهب إلى نواضحه، فقيل له: نافقت.
أي: لكونك تركت الصلاة مع
الإمام وخرجت قبل أن تكمل الصلاة مع الإمام، فوقعت في هذا الأمر الذي هو من
صفات المنافقين؛ لأن المنافقين -كما هو معلوم- شأنهم في الصلاة أنهم لا
يأتونها إلا وهم كسالى، فهم لا يأتون الصلاة، وإذا أتوا فعندهم كسل.
فهذا الرجل ترك الصلاة خلف معاذ وأكمل لنفسه، فقيل له: نافقت.
فجاء
إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بالذي حصل من معاذ، فالنبي صلى الله
عليه وسلم قال لـ معاذ: [(أفتان أنت يا معاذ؟)] يعني: لا يحصل منك الشيء
الذي يشق على الناس، فوراءك الصغير والكبير وذو الحاجة [(ولكن اقرأ بكذا
اقرأ بكذا)].
وجاء في بعض الروايات تفسير المقروء الذي أبهم من بعض
الرواة، وأن المقصود به (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى)، (وَاللَّيْلِ
إِذَا يَغْشَى) أي: يقرأ في صلاة العشاء بهاتين السورتين وأمثالهما مما ليس
فيه مشقة أو ضرر على المصلين المأمومين.
فالحاصل أن الحديث فيه دلالة على الأمر بالتخفيف في الصلاة إذا كان هناك مشقة على الناس.
وإذا
علم أن أهل المسجد عددهم محصور معروف ويرغبون بأن تطول القراءة فإنه لا
بأس بذلك، ولكن حيث يكون المسجد على طريق، أو يدخله أناس غير أصحاب المكان،
أو قد يأتيه صاحب حاجة فيحصل له مثل هذا الذي حصل للرجل الذي صلى خلف معاذ
رضي الله تعالى عنه فإن التخفيف حينئذٍ يكون مطلوباً، وقد جاء في الحديث
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخفف صلاته وكانت مع ذلك تماماً، ومعناه
أنه لا يحصل فيها شيء من النقص مع تخفيفه إياها صلوات الله وسلامه وبركاته
عليه.
قوله: [(ثم يرجع فيؤمنا -قال مرة: ثم يرجع فيصلي بقومه-)].
لا تنافي بين قوله قوله: [فيؤمنا] وقوله: [فيصلي بقومه]؛ لأن معاذاً من قومه رضي الله عن الجميع.
قوله: [(فصلى معاذ مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم جاء يؤم قومه، فقرأ البقرة فاعتزل رجل من القوم فصلى)].
الذي
يظهر أنه تركهم وأتم صلاته ولم يستأنفها، ودخوله في الصلاة صحيح، لكن
التطويل هو الذي منعه من البقاء معهم، فقطع الائتمام وأتم صلاته ثم ذهب إلى
نواضحه.
وهذا يدل على أن الإنسان إذا حصل له أمر يقتضي خروجه من الصلاة
ويضطره إلى ذلك فله أن ينفصل عن الإمام ويكمل الصلاة منفرداً، ويبني على
ما سبق، فيكون صلى بعض صلاته مأموماً وصلى بعضها منفرداً، وكلمة اعتزل تفيد
أنه تنحى عنهم ولم يبق في الصف.
ثم إن في الحديث عتاب من حصل منه خطأ،
فإن النبي صلى الله عليه وسلم عاتب معاذاً رضي الله عنه وقال له: [(أفتان
أنت يا معاذ؟)] وقوله: [(أفتان)] يحتمل أن يكون المراد به الفتنة في الدين،
وهو أنه يحصل بذلك أن الناس لا يقدمون على الجماعة ولا يأتون لصلاة
الجماعة بسبب التطويل، ويحتمل أن يكون المقصود به التعذيب؛ لأن الفتنة تأتي
بمعنى التعذيب، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} [البروج:10] يعني: عذبوهم.
ولا
شك في أن الإنسان إذا صلى مثل هذه الصلاة التي فيها طول مع أنه مشغول وذو
حاجة أو تعب في النهار ثم وقف هذا الوقوف الطويل لا شك أن في ذلك مشقة
عليه، ولا شك أن في ذلك مضرة عليه، فالنبي صلى الله عليه وسلم عاتب معاذاً
على ما حصل منه، وأرشده إلى أن يقرأ بالشيء الذي لا مشقة فيه على غيره من
الناس الذين يصلون وراءه.

(103/3)


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر   الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد مارس 03, 2013 2:05 pm

اقتباس :


تراجم رجال إسناد حديث (يا معاذ أفتان أنت)
قوله: [حدثنا أحمد بن حنبل].
هو
أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب
الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو
آخر الأئمة الأربعة؛ لأن الأئمة الأربعة هم على حسب الزمان أبو حنيفة ثم
مالك ثم الشافعي ثم أحمد، وأحمد -رحمه الله- هو آخرهم، وهو تلميذ للشافعي،
والشافعي تلميذ لـ مالك، وقد جاء ذكر الثلاثة في إسناد حديث عن كعب بن مالك
رضي الله عنه، وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (نسمة المؤمن طائر يعلق
في الجنة)، فهذا الحديث في مسند الإمام أحمد يرويه عن الشافعي، والشافعي
يرويه عن الإمام مالك، وقد ذكره ابن كثير في تفسيره عند قول الله عز وجل:
{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ
أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران:169] وقال: هذا إسناد
عزيز فيه ثلاثة من الأئمة أصحاب المذاهب المتبوعة أو المشهورة؛ لأنهم
اجتمعوا في هذا الإسناد يروي هذا عن هذا وهذا عن هذا.
وحديث أحمد أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
سفيان هو ابن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو].
هو عمرو بن دينار المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعه من جابر].
هو
جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، صاحب رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا
الإسناد من الأسانيد العالية عند أبي داود، وهو من أعلى الأسانيد عند أبي
داود؛ إذ هو رباعي، فإن بين أبي داود وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم
أربعة أشخاص، وهم الإمام أحمد وسفيان بن عيينة وعمرو بن دينار وجابر بن عبد
الله الأنصاري رضي الله عنهما.

(103/4)

شرح حديث (يا معاذ لا تكن فتاناً فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا طالب بن حبيب حدثنا
عبد الرحمن بن جابر يحدث عن حزم بن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه أتى معاذ
بن جبل رضي الله عنه وهو يصلي بقوم صلاة المغرب -في هذا الخبر- قال: فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معاذ! لا تكن فتاناً؛ فإنه يصلي وراءك
الكبير والضعيف وذو الحاجة والمسافر)].
أورد أبو داود رحمه الله الحديث
من طريق أخرى، وقال فيه: [في هذا الخبر] أي: خبر قصة معاذ وصلاته مع الرسول
صلى الله عليه وسلم، ثم ذهابه إلى قومه والصلاة بهم.
وهنا قال: [(صلاة
المغرب)] وفي الأول قال: [(صلاة العشاء)]، فيحتمل أن تكونا قصتين، فمرة صلى
المغرب ومرة صلى العشاء، أو أنها قصة واحدة، ولكن الصواب فيها العشاء وليس
المغرب.
قوله: [(يا معاذ! لا تكن فتاناً)].
أي: لا تكن فتاناً بأن تطول وتشق على الناس فيترتب على ذلك حصول مثل هذا الذي حصل من ذلك الذي صلى وراءك.
قوله: [(فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة والمسافر)].
الكبير
يعني به الشيخ الكبير الذي يشق عليه طول القيام، والضعيف هو ضعيف الجسد،
سواءٌ أكان الضعف لأصل الخلقة، بأن يكون فيه ضعف في خلقته، أم كان بسبب
مرض، وجاء في بعض الروايات (الضعيف والسقيم) فيكون الضعيف المراد به الضعف
في أصل الخلقة، والسقيم يراد به من أصابه مرض، وضعفه يكون بسبب المرض،
والمسافر المقصود به أنه يكون مشغولاً في سفره، أو مرتبطاً بموعد في سفره،
فيشق عليه الصلاة مع هذا التطويل الذي يحصل.
والإسناد تُكلم فيه من جهة أن عبد الرحمن بن جابر قيل: إنه لم يدرك حزم بن أبي كعب.
ولكن
ما جاء في قوله: [(لا تكن فتاناً)] وكذلك ما جاء في شأن الكبير والضعيف
وذي الحاجة كل ذلك جاء في أحاديث أخرى، وأما ذكر المسافر فإنه جاء في هذا
الحديث الذي فيه ضعف، ولهذا قال الألباني: إنه منكر بذكر المسافر.
كما
أن ذكر صلاة المغرب -أيضاً- فيه نكارة، لكن فيه احتمال أن ذلك -كما قاله
بعض أهل العلم- حصل في قصة أخرى، ولكن يبدو أنه بعيد؛ لأن معاذاً رضي الله
عنه إذا حصل له من رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة العشاء مثل هذا
التنبيه فإنه لن يعود إلى أن يحصل منه ذلك مرة ثانية.
فالذي يبدو أن ذلك
حصل -كما جاء في الحديث الصحيح- في صلاة العشاء، وأن لفظ (صلاة المغرب)
إما أن يراد به العشاء أو أن الحديث فيه نكارة.

(103/5)

تراجم رجال إسناد حديث (يا معاذ لا تكن فتاناً فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة)
قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل].
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا طالب بن حبيب].
طالب بن حبيب صدوق يهم، أخرج له أبو داود وحده.
[حدثنا عبد الرحمن بن جابر].
عبد الرحمن بن جابر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[يحدث عن حزم بن أبي بن كعب].
حزم صحابي قليل الحديث، أخرج له أبو داود وحده.
وقد وقعت نسبته في الإسناد إلى أبي بن كعب، وليس بصحيح، فكلمة (بن) هنا زائدة، والصواب أنه حزم بن أبي كعب.
ففي
المنهل العذب المورود يقول: وحزم بن أبي كعب الأنصاري السلمي الصحابي روى
عنه عبد الرحمن بن جابر، روى له أبو داود هذا الحديث، وقال في التقريب:
صحابي قليل الحديث، وذكره ابن حبان في الصحابة، ثم غفل عن قصة معاذ فذكره
في التابعين، وفي بعض النسخ حزم بن أبي بن كعب بضم الهمزة وفتح الموحدة
وتشديد التحتانية، وهو تصحيف من الناس، والصواب حزم بن أبي كعب.

(103/6)

شرح حديث سؤاله صلى الله عليه وسلم رجلاً عما يقول في الصلاة
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا حسين بن علي عن
زائدة عن سليمان عن أبي صالح عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل: (كيف تقول في الصلاة؟ قال: أتشهد
وأقول: اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، أما إني لا أحسن دندنتك
ولا دندنة معاذ.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حولها ندندن)].
أورد
أبو داود رحمه الله حديث بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو
مبهم غير معين، ومن المعلوم أن الجهالة في الصحابة لا تؤثر؛ لأنهم عدول،
ويكفي الواحد منهم شرفاً وفضلاً أن يقال: إنه صحب رسول الله صلى الله عليه
وسلم.
وهذا إنما هو خاص بالصحابة، بخلاف غيرهم فإنه يحتاج إلى معرفتهم
والجهالة تؤثر فيهم، وأما الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم فالمجهول فيهم في
حكم المعلوم؛ لأنه حصل لهم هذا الشرف، وذلك بثناء الله عليهم وثناء رسوله
صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
فذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لرجل: [(كيف تقول في الصلاة؟)] يعني: في الدعاء، أي: كيف تدعو في صلاتك؟
قال: [أتشهد وأقول: اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، أما إني لا
أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ] فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [(حولها
ندندن)].
فالرجل يقصد أنه لا يحسن تلك الأدعية الكثيرة التي كان يدعو
بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي كان يرى رسول الله صلى الله عليه
وسلم يدعو بها ويحصل منه الدعاء دون أن يسمع الصوت، وكذلك ما يحصل من معاذ
من الدعاء دون أن يسمع له الصوت، وهذا هو الدندنة.
فالرجل أخبر أنه يسأل
الله الجنة بعد التشهد ويستعيذ بالله من النار، فالنبي صلى الله عليه وسلم
قال: [(حولها ندندن)] يعني: هذه الدعوة التي تدعو بها -وهي حصول الجنة
والسلامة من النار- كل الأدعية التي نقولها تدور حول نتيجتها وغايتها، وهي
الوصول إلى الجنة والسلامة من النار.
ولعله ذكر معاذ في هذا الحديث وفي
هذه الترجمة على اعتبار أنه كان يؤمهم، وأنه كان إمامهم، حيث كان يصلي مع
النبي صلى الله عليه وسلم ثم يذهب ليصلي بهم، ولا يظهر وجه لهذا الحديث من
ناحية تخفيف الصلاة.

(103/7)

تراجم رجال إسناد حديث سؤاله صلى الله عليه وسلم رجلاً عما يقول في الصلاة
قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة].
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[حدثنا حسين بن علي].
هو حسين بن علي الجعفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زائدة].
هو زائدة بن قدامة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سليمان].
سليمان هو الأعمش، وهو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي صالح].
هو ذكوان السمان، وأبو صالح كنيته، واسمه ذكوان، ولقبه السمان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن بعض أصحاب النبي].
يقول ابن حجر في آخر التقريب: أبو صالح السمان عن رجل من أسلم لم يسم وعن بعض الصحابة في ثلاثة أحاديث هو أبو هريرة.
وأبو صالح مشهور بالرواية عن أبي هريرة، وقد أخرج الحديث ابن ماجة من طريق أبي صالح عن أبي هريرة.

(103/Cool

شرح حديث (كيف تصنع يا ابن أخي إذا صليت)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يحيى بن حبيب حدثنا خالد بن الحارث حدثنا
محمد بن عجلان عن عبيد الله بن مقسم عن جابر رضي الله عنه ذكر قصة معاذ رضي
الله عنه قال: وقال -يعني النبي صلى الله عليه وسلم- للفتى: (كيف تصنع -يا
ابن أخي- إذا صليت؟ قال: أقرأ بفاتحة الكتاب وأسأل الله الجنة وأعوذ به من
النار، وإني لا أدري ما دندنتك ولا دندنة معاذ.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني ومعاذاً حول هاتين) أو نحو هذا].
أورد
أبو داود الحديث عن جابر رضي الله عنه، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم
سأل الفتى عما يصنعه في صلاته فأخبره أنه يقرأ فاتحة الكتاب ويسأل الله
تعالى الجنة ويعوذ به من النار، قال: [(وإني لا أدري ما دندنتك ولا دندنة
معاذ)].
وهو مثل الذي قبله، إلا أن ذاك عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أبو هريرة، وهذا عن جابر رضي الله عنه.

(103/9)

تراجم رجال إسناد حديث (كيف تصنع يا ابن أخي إذا صليت)
قوله: [حدثنا يحيى بن حبيب].
هو يحيى بن حبيب بن عربي، ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[حدثنا خالد بن الحارث].
هو خالد بن الحارث البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا محمد بن عجلان].
هو محمد بن عجلان المدني، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن عبيد الله بن مقسم].
عبيد الله بن مقسم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن جابر].
هو جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وقد مر ذكره.

(103/10)

شرح حديث (إذا صلى أحدكم للناس فليخفف)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا صلى
أحدكم للناس فليخفف؛ فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى لنفسه
فليطول ما شاء)].
أورد أبو داود رحمه الله تعالى حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(إذا صلى أحدكم للناس فليخفف)].
ومعنى قوله: [(للناس)] أي: بالناس، بأن يكون إماماً لهم.
فليخفف
في صلاته ولا يطل الصلاة، وقوله: [(فإن فيهم)] هذا هو التعليل، فالسبب في
الأمر بالتخفيف هو أن في الناس من يكون كبيراً ومن يكون ضعيفاً ومن يكون
صاحب حاجة، وهذا عام، وهذه الحاجة مثل قصة الرجل الذي له كان نواضح وجاء
وصلى مع معاذ ثم انفصل عنه وأتم صلاته.
وقوله: [(وإذا صلى لنفسه فليطول
ما شاء)] لأن الأمر يرجع إليه، ولا يترتب عليه مشقة على أحد، وهو الذي يعرف
قدرته وعدم قدرته، لكن بالنسبة لغيره قد يحصل له المضرة من حيث لا يشعر هو
بأن هناك مضرة في هذا التطويل.

(103/11)

تراجم رجال إسناد حديث (إذا صلى أحدكم للناس فليخفف)
قوله: [حدثنا القعنبي].
هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[عن مالك].
هو مالك بن أنس، إمام دار الهجرة المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الزناد].
هو عبد الله بن ذكوان لقبه أبو الزناد، وكنيته أبو عبد الرحمن، ولقب بصيغة الكنية، وهو مشهور بذلك، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعرج].
هو عبد الرحمن بن هرمز المدني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بلقبه الأعرج.
[عن أبي هريرة].
هو
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، وهو
أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم.

(103/12)

إسناد آخر لحديث (إذا صلى أحدكم للناس فليخفف) وتراجم رجاله
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا
معمر عن الزهري عن ابن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(إذا صلى أحدكم للناس فليخفف؛ فإن فيهم
السقيم والشيخ الكبير وذا الحاجة)].
أورد أبو داود رحمه الله الحديث من
طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، إلا أنه قال: [(فإن فيهم السقيم)] يعني الذي
به مرض وبه سقم [(والشيخ الكبير وذا الحاجة)].
قوله: [حدثنا الحسن بن علي].
هو الحسن بن علي الحلواني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
[حدثنا عبد الرزاق].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا معمر].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن المسيب].
هو سعيد بن المسيب، ثقة فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وهو منهم باتفاق.
[وأبي سلمة].
هو
أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة فقيه من فقهاء المدينة السبعة في
عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم؛ لأن الفقهاء السبعة
في المدينة ستة منهم متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، وهم سعيد بن المسيب،
وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعروة
بن الزبير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسليمان بن يسار، والسابع
فيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.
وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فهذا الإسناد فيه واحد من فقهاء المدينة السبعة باتفاق وواحد منهم باختلاف.
[عن أبي هريرة].
قد مر ذكره.

(103/13)

ما جاء في نقصان الصلاة
(103/14)

شرح حديث (إن الرجل لينصرف من صلاته وما كتب له إلا عشر صلاته)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في نقصان الصلاة.
حدثنا
قتيبة بن سعيد عن بكر -يعني ابن مضر - عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن
عمر بن الحكم عن عبد الله بن عنمة المزني عن عمار بن ياسر رضي الله عنه أنه
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الرجل لينصرف وما كتب
له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها)].
أورد
أبو داود رحمه الله تعالى هذه الترجمة، وهي [باب ما جاء في نقصان الصلاة]
يعني كون المصلي لا يأتي بها كما ينبغي فيترتب على ذلك نقصان الأجر، بحيث
لا يحصل من أجرها إلا على الشيء اليسير؛ لأنه ما أتى بها على التمام
والكمال، ثم أورد حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: [(إن الرجل لينصرف من صلاته) وذكر الرجل هنا إنما هو لكون الخطاب
مع الرجال في الغالب، وإلا فإن المرأة تكون كذلك أيضاً، والأصل هو تساوي
الرجال والنساء في الأحكام حتى يأتي شيء يميز الرجال عن النساء أو النساء
عن الرجال، فذكر الرجل هنا لا مفهوم له يدل على أن المرأة ليست كذلك، وإنما
يأتي الحديث مع الرجال وذكر الرجال أو الرجل لأن الخطاب غالباً إنما يكون
مع الرجال، وهذا في أحاديث كثيرة جداً، مثل حديث: (لا تتقدموا رمضان بيوم
أو يومين، إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه)، وكذلك المرأة إذا كانت تصوم
صوماً فإنها تصوم هذا اليوم أو هذين اليومين، فذكر الرجل لا مفهوم له،
فكذلك هنا [(إن الرجل لينصرف من صلاته -يعني: ينتهي منها وينصرف منها- وما
كتب له إلا عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسدها خمسها ربعها ثلثها نصفها)].
وهذا
فيه أنهم متفاوتون، وأنهم ليسوا على حد سواء في الإتيان بالصلاة، ولا في
الأجر الذي يترتب على الإتيان بالصلاة، فيكون التفاوت في العمل والتفاوت في
الأجر، وهذا فيه تنبيه على الحث على الإقبال على الصلاة وعلى الإتيان بها
على الوجه الأكمل حتى يحصل الكمال ويحصل الخير الكثير من وراء ذلك.
بل
إنه قد جاء في بعض الأحاديث ما يدل على أن الإنسان بسبب بعض الأعمال لا
يكتب له شيء منها، وذلك في مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (من أتى كاهناً أو
عرافاً لم تقبل له صلاة أربعين يوماً) ومعناه أنه لا يحصل له أجرها، فحرم
أجرها بسبب هذا الذنب الذي اقترفه، فهو يصلي الصلاة ويأتي بها بأركانها
وواجباتها وما هو مطلوب منها ولكن لا أجر له فيها، فقد حيل بينه وبين
أجرها، وحرم أجرها وإن كان يعتبر قد أدى الصلاة، ولا يؤمر بالإعادة ولا
يؤمر بقضاء تلك الصلوات، ولكنه حرم أجرها، وما كتب له شيء من أجرها عقوبة
له على ذلك الذنب الذي اقترفه.

(103/15)

تراجم رجال إسناد حديث (إن الرجل لينصرف من صلاته وما كتب له إلا عشر صلاته)
قوله: [حدثنا قتيبة بن سعيد].
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن بكر -يعني ابن مضر -].
قوله:
[يعني ابن مضر] هذه الكلمة قالها هو من دون قتيبة بن سعيد، إما أبو داود
وإما من دون أبي داود؛ لأن التعبير الذي عبر به قتيبة ما زاد فيه على كلمة
(بكر) في ذكر شيخه، ولكن من جاء بعد قتيبة - أبو داود أو من دونه- هو الذي
أتى بكلمة (يعني ابن مضر) وعلى هذا فكلمة (يعني) فعلٌ مضارع له فاعل،
ففاعله ضمير مستتر يرجع إلى قتيبة، أي: يعني قتيبة بقوله: (بكر) ابن مضر.
وقائل (يعني) هو من دون قتيبة.
فهذه
الكلمة لها قائل ولها فاعل، ففاعلها ضمير مستتر يرجع إلى قتيبة، وقائلها
هو من دون قتيبة؛ لأن قتيبة لا يحتاج إلى أن يقول: (يعني) وإنما له أن يذكر
شيخه باختصار أو بتطويل، له أن يذكره بكلمة واحدة وله أن ينسبه إلى جده
العاشر أو أقل أو أكثر وينقل عنه كما جاء.
لكن لما كان بعض الرواة قد
يذكر شيخه باسمه ولا يضيف إلى ذلك نسبه وقد يحتاج إلى أن يُعرف فعندما يأتي
من دون التلميذ بذكره فإنه يأتي بما يوضح ويبين، ولكن يأتي بكلمة (يعني)؛
لأنه لو لم يأت بها وقال: (بكر بن مضر) لفهم أن الذي قال هذا هو قتيبة، مع
أن قتيبة ما قال إلا كلمة (بكر)، لكن كلمة (يعني) دلت على أن هذه الزيادة
إنما جاءت ممن هو دون التلميذ، وبكر بن مضر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة
إلا ابن ماجة.
[عن ابن عجلان].
ابن عجلان مر ذكره.
[عن سعيد المقبري].
هو سعيد بن أبي سعيد المقبري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمر بن الحكم].
عمر بن الحكم صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[عن عبد الله بن عنمة المزني].
عبد الله بن عنمة يقال: له صحبة.
أخرج حديثه أبو داود والنسائي.
[عن عمار بن ياسر].
هو عمار بن ياسر رضي الله عنهما صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

(103/16)

شرح سنن أبي داود [104]
قراءة
الفاتحة في الصلاة ركن من أركانها، ثم يقرأ المرء ما تيسر له بعدها، وقد
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ بعد الفاتحة في الأوليين
والأخريين من صلاة الظهر والعصر، وكان يطيل أحياناً ويخفف أحياناً، ولكل من
الفرضين مقدار من زمن القراءة.

(104/1)


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر   الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد مارس 03, 2013 2:06 pm

اقتباس :


ما جاء في القراءة في الظهر
(104/2)

شرح حديث (في كل صلاة يقرأ)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في القراءة في الظهر.
حدثنا
موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن قيس بن سعد وعمارة بن ميمون وحبيب عن عطاء
بن أبي رباح أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: (في كل صلاة يقرأ، فما أسمعنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى علينا أخفينا عليكم)].
أورد
أبو داود رحمه الله القراءة في صلاة الظهر، والمقصود من هذه الترجمة أن
صلاة الظهر فيها قراءة، ولكنها تكون سراً، ويأتي في هذه الترجمة عدة أحاديث
فيها ما يدل على القراءة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه يقرأ فيها
غير الفاتحة، ويستدل على ذلك بعدة أمور ستأتي في هذه الأحاديث التي أوردها
أبو داود رحمه الله تحت هذه الترجمة.
وقد أورد أولاً حديث أبي هريرة رضي
الله عنه أنه قال: [في كل صلاة يقرأ -يعني: فيها قراءة- فما أسمعنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى علينا أخفينا عليكم].
ومعناه: ما سمعناه يجهر به فنحن نسمعكم إياه ونخبركم به، وما أخفاه -يعني: أسره- فإننا نخفيه عليكم، يعني: نسر به.
أي
أن الصلاة يكون فيها جهر وفيها إسرار، ونحن نؤدي كما أخذنا من رسول الله
صلى الله عليه وسلم، فما أسر به أسررنا به، وما جهر به جهرنا به، وعلى هذا
فمحل الشاهد من إيراد الحديث قوله: [(في كل صلاة يقرأ)] يعني: فيها
القراءة، ويدخل في ذلك صلاة الظهر، وكذلك في قوله: [(وما أخفاه علينا
أخفيناه عليكم)] يعني الإسرار، ففيه قراءة ولكن قد أسر بها ولم يجهر بها،
وصلاة النهار هي سرية، إلا الجمعة، فإنه يجهر فيها بالقراءة، فيسر في الظهر
والعصر، وأما صلاة الليل فإنه يجهر بها.

(104/3)

تراجم رجال إسناد حديث (في كل صلاة يقرأ)
قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل].
موسى بن إسماعيل مر ذكره.
[حدثنا حماد].
هو حماد بن سلمة بن دينار، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
وحماد
هنا غير منسوب، فيحتمل أن يكون ابن زيد ويحتمل أن يكون ابن سلمة، ولكن حيث
جاء أن الراوي هو موسى بن إسماعيل فهو حماد بن سلمة، وهو ثقة.
[عن قيس بن سعد].
هو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[وعمارة بن ميمون].
عمارة بن ميمون مجهول، أخرج حديثه البخاري في (جزء القراءة) وأبو داود، وهذا المجهول لا يؤثر؛ لأنه لم ينفرد، إذ قد توبع.
[وحبيب].
يحتمل أن يكون حبيب بن أبي ثابت، ويحتمل أن يكون حبيباً المعلم، وكما هو معلوم أن المجهول هنا لا يؤثر؛ لأنه لم ينفرد، فقد توبع.
[عن عطاء بن أبي رباح].
عطاء ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أن أبا هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، وقد مر ذكره.

(104/4)

شرح حديث (كان رسول الله يصلي بنا فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا يحيى، عن هشام بن أبي عبد
الله، ح: وحدثنا ابن المثنى، حدثنا ابن أبي عدي، عن الحجاج -وهذا لفظه- عن
يحيى، عن عبد الله بن أبي قتادة -قال ابن المثنى: وأبي سلمة، ثم اتفقا- عن
أبي قتادة رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي
بنا فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين،
ويسمعنا الآية أحياناً، وكان يطول الركعة الأولى من الظهر ويقصر الثانية،
وكذلك في الصبح).
قال أبو داود: لم يذكر مسدد فاتحة الكتاب وسورة].
أورد
أبو داود رحمه الله حديث أبي قتادة الأنصاري، وهو الحارث بن ربعي رضي الله
تعالى عنه قال: [كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا، فيقرأ في
الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين ويسمعنا الآية
أحياناً].
فهذا يدل على قراءته، وذلك أنهم يستدلون على قراءته بكونه
يسمعهم الآية أحياناً، ويظهر من هذا أنه كان يجهر ببعض الآية أو بطرف منها،
لذلك كانوا يعرفون السورة التي يقرأ فيها، وهذا يدل -أيضاً- على أن النبي
صلى الله عليه وسلم كان يقرأ، وكانوا يستدلون على قراءته بأدلة منها أنه
كان يسمعهم الآية أحياناً، وهذا لا يدل على أن الصلاة السرية يجهر بها،
فكونه يسمع منه طرف الآية التي يعرف بها السورة التي يقرأ بها لا يوجب أن
يقال: إنّ الصلاة صارت جهرية، بل هي سرية، وإنما يسمعهم أحياناً حتى يعرفوا
السورة التي تقرأ في هذه الصلاة، وهذا كان يقع أحياناً وليس دائماً.
قوله:
[(وكان يطول الركعة الأولى من الظهر، ويقصر الثانية)] قد قيل في سبب تطويل
الأولى تعليلان: أحدهما: ما جاء في الأحاديث أو الآثار كما سيأتي في هذا
الباب، وهو انتظار من سيأتي، أي: الذين تأخر مجيئهم قبل الإقامة؛ حتى
ليدركوا الركعة.
والأمر الثاني: أن أول الصلاة يكون فيها نشاط للمصلي،
فإذا حصلت الإطالة في الأولى أكثر من الثانية فلا بأس بذلك، لنشاط المصلي
في البداية.
قوله: [وكذلك في الصبح] يعني: يطول في الأولى.

(104/5)

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله يصلي بنا فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين)
قوله: [حدثنا مسدد].
هو ابن مسرهد، ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا يحيى].
هو ابن سعيد القطان البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن هشام بن أبي عبد الله].
هو الدستوائي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قوله: [ح] وهو للتحول من إسناد إلى إسناد.
[حدثنا ابن المثنى].
هو محمد بن المثنى العنزي الملقب بـ الزمن، البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن أبي عدي].
هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، منسوب إلى جده، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الحجاج].
هو الصواف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وهذا لفظه] يعني لفظ الطريق الثاني.
[عن يحيى].
هو ابن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن أبي قتادة].
هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[قال ابن المثنى: وأبي سلمة].
أي:
في الطريق الثانية؛ لأن الطريق الأولى ليس فيها إلا عن عبد الله بن أبي
قتادة، وهي طريق مسدد، فـ مسدد لم يروِ هذا الحديث إلا من طريق عبد الله بن
أبي قتادة، وأما الطريق الثانية -وهي طريق ابن المثنى - فإنه يرويها عن
شيخين: عبد الله بن أبي قتادة وأبي سلمة بن عبد الرحمن.
[عن أبي قتادة].
هو الحارث بن ربعي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

(104/6)

شرح حديث أبي قتادة في صلاة الظهر: (وكان يطول في الركعة الأولى ما لا يطول في الثانية)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما جاء في القراءة في الظهر.
حدثنا
الحسن بن علي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا همام وأبان بن يزيد العطار، عن
يحيى، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه ببعض هذا، وزاد: (في الأخريين
بفاتحة الكتاب)، وزاد عن همام قال: (وكان يطول في الركعة الأولى ما لا يطول
في الثانية، وهكذا في صلاة العصر، وهكذا في صلاة الغداة)] سبق أن مرت بعض
الأحاديث التي تتعلّق بصلاة الظهر وصلاة العصر، وأورد هنا أبو داود رحمه
الله حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله تعالى عنه قال: [وكان -أي: رسول
الله صلى الله عليه وسلم يطول في الركعة الأولى ما لا يطول في الثانية]،
وذلك لانتظار الداخل كما جاء في بعض الآثار كما سيذكره المصنف فيما بعد،
وأيضاً لكون المصلي في أول صلاته يكون عنده من النشاط ما لا يكون عنده بعد
ذلك، فكان يطيل في الركعة الأولى ما لا يطيله في الثانية، وكذلك يفعل في
صلاة الغداة، وهي صلاة الفجر، فكان يطيل الركعة الأولى فيها، ويطيل القراءة
فيها أيضاً، وتكون الثانية أقل منها، ولعل ذلك للسببين المشار إليهما
آنفاً، وكان يقرأ في الركعتين الأخريين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب، وقد
جاء في بعض الروايات التي ستأتي عند المصنف أنه كان يقرأ -أيضاً- في
الركعتين الأخريين من صلاة الظهر والعصر غير الفاتحة، وذلك في الحديث الذي
سيأتي من أنهم حزروا قراءته فكانت ثلاثين آية في الركعتين الأوليين، وفي
الركعتين الأخريين على النصف من ذلك، وهذا في الظهر، وفي العصر في الركعتين
الأوليين على النصف من الركعتين الأخريين في الظهر، أي: مقدار خمس عشرة
آية، وفي الركعتين الأخريين على النصف من ذلك، وذلك يعني أنه يسوغ للإنسان
أن يقرأ في الركعتين الأخريين من الظهر والعصر بغير فاتحة الكتاب أيضاً.

(104/7)

تراجم رجال إسناد حديث أبي قتادة في قدر القراءة في صلاة الظهر
قوله: [حدثنا الحسن بن علي].
الحسن بن علي هو الحلواني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب إلا النسائي.
[حدثنا يزيد بن هارون].
هو الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا همام].
هو ابن يحيى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الستة.
[وأبان بن يزيد العطار].
هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلّا ابن ماجة.
[عن يحيى].
هو ابن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله].
هو عبد الله بن أبي قتادة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو أبو قتادة الأنصاري واسمه: الحارث بن ربعي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

(104/Cool

طريق أخرى لحديث أبي قتادة في قدر القراءة في صلاة الظهر
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا
معمر، عن يحيى، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه رضي الله عنه أنه قال:
(فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى)].
ثم أورد أبو داود
الأثر عن أبي قتادة رضي الله عنه في سبب تطويل الرسول صلى الله عليه وسلم
للركعة الأولى أكثر من الثانية كما جاء في الأحاديث المتقدمة، وأنهم ظنوا
أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة، يعني الذين يأتون وقد أقيمت الصلاة،
فيدركون الركعة الأولى إذا أطيل في القراءة.
وهناك تعليل آخر أشرت إليه
سابقاً، وذكره بعض أهل العلم، وهو أنه يكون في الركعة الأولى من النشاط ما
لا يكون بعد ذلك، فناسب ذلك أن يطال في القراءة في الركعة الأولى.

(104/9)

تراجم رجال إسناد الطريق الأخرى لحديث أبي قتادة في قدر القرءاة في صلاة الظهر
قوله: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق].
الحسن بن علي مر ذكره، وعبد الرزاق هو ابن همام الصنعاني اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا معمر].
هو معمر بن راشد الأزدي، ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه].
قد مر ذكرهم.

(104/10)

شرح حديث سؤال خباب عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد بن زياد عن الأعمش
عن عمارة بن عمير عن أبي معمر أنه قال: قلنا لـ خباب رضي الله عنه: (هل كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم.
قلنا: بم كنتم تعرفون ذاك؟ قال: باضطراب لحيته)].
أورد
أبو داود رحمه الله حديث خباب بن الأرت رضي الله عنه أنه سئل: هل كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم، قيل: بم كنتم
تعرفون ذلك مع أنّ الصلاة سرّية؟ قال: باضطراب لحيته، وهذا دليل آخر يدل
على القراءة في الصلاة السرية.
إذاً: مرّ بنا دليلان على أنه صلى الله
عليه وسلم كان يقرأ في الصلاة السرية، الدليل الأول: أنه كان يسمعهم الآية
أحياناً؛ حتى يعرفوا السورة التي يقرأ فيها، وهذا كما مرّ سابقاً.
والدليل
الثاني هو هذا الحديث، وهو أنهم كانوا يستدلون على ذلك باضطراب لحيته، فهم
يصلون وراءه صلى الله عليه وسلم الصلاة السرية كالظهر والعصر فيعلمون أنه
يقرأ باضطراب لحيته، فبسبب تحريك شفتيه في القراءة تضطرب اللحية يميناً
وشمالاً، فيظهر شعر لحيته ويبدو من الجانبين فيرونه يتحرك فيعلمون أنه
يقرأ، وهذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب الرسول الكريم -عليه الصلاة
والسلام، ورضي الله عنهم وأرضاهم- من العناية والاهتمام بتتبع أحوال رسول
الله صلى الله عليه وسلم، ومعرفة الأحكام الشرعية، ومعرفة السنن التي جاءت
عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وأنهم ينظرون إليه وهو يصلي بهم
الصلاة السرية، فيفهمون من تحرك لحيته واضطرابها أنه يقرأ.
فهذا فيه
دليل على القراءة في الصلاة السرية، ويدلنا -أيضاً- على أن القراءة لا بد
فيها من تحريك الشفتين، وأن الإنسان لا يكفي أن يقرأ وهو مطبق شفتيه؛ لأن
الاستذكار في القلب لا يقال له قراءة، وإنما تكون القراءة بتحريك اللسان
والشفتين، ولهذا قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: {لا تُحَرِّكْ
بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [القيامة:16]، فعندما كان جبريل يتلو عليه
القرآن، ويلقي عليه الوحي كان يحرك لسانه، ويقرأ مع قراءة جبريل، فنهي عن
أن يحرك لسانه، ووعد بأن يحفظ له القرآن، وأن يمكن من حفظه، وأنه لا يفوته
منه شيء، فقال تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * (فَإِذَا
قَرَأْنَاهُ} [القيامة:18] أي: قرأه جبريل، (فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}
[القيامة:18] أي: استمع، وبعد فراغه فإنه يكون محفوظاً في صدره صلى الله
عليه وسلم، فاضطراب اللحية وتحريك الشفتين يدلنا على أن القراءة إنما تكون
كذلك، ولا تكون مع إطباق الشفتين، وكون الإنسان يستذكر القرآن استذكاراً،
ويتأمله تأملاً دون أن يقرأ لا يقال له قراءة.
والحديث يدل -أيضاً- على
أنه صلى الله عليه وسلم كان صاحب لحية، وأن لحيته كانت كثة، وذلك أنهم
كانوا يرون الشعر من جوانبه وهم من ورائه.

(104/11)

تراجم رجال إسناد حديث سؤال خباب عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر
قوله: [حدثنا مسدد].
مسدد هو ابن مسرهد البصري، ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا عبد الواحد بن زياد].
عبد الواحد بن زياد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعمش].
الأعمش
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة،
والأعمش لقبه، واسمه سليمان، ومن الأمور المهمة في علم المصطلح معرفة
الألقاب، وفائدة معرفتها أن لا يظن الشخص الواحد شخصين، فإذا ذكر باسمه مرة
ثم ذكر بلقبه مرة أخرى فالذي لا يعرفه يظن هذا شخصاً وهذا شخصاً، فإذا جاء
في بعض الأسانيد سليمان بن مهران، أو سليمان فقط، ثم جاء في إسناد آخر
الأعمش، فالذي لا يعرف أن الأعمش لقب لـ سليمان بن مهران الكاهلي يظن أن
الأعمش شخص، وأن سليمان شخص آخر، إذاً: ففائدة معرفة الألقاب أن لا يظن
الشخص الواحد شخصين.
[عن عمارة بن عمير].
هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي معمر].
هو عبد الله بن سخبرة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن خباب].
هو ابن الأرت رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

(104/12)

شرح حديث (أن النبي كان يقوم في الركعة الأولى من صلاة الظهر حتى لا يسمع وقع قدم)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عفان حدثنا همام
حدثنا محمد بن جحادة عن رجل عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه: (أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم في الركعة الأولى من صلاة الظهر حتى لا
يسمع وقع قدم)].
أورد أبو داود هذا الحديث عن عبد الله بن أبي أوفى رضي
الله عنه [(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم في الركعة الأولى حتى لا
يسمع وقع قدم)] ومعنى ذلك أنه كان يطيل الركعة الأولى فيدرك الداخلون
والآتون بعد ذلك هذه الركعة حتى لا يبقى أحد آت إلى الصلاة، فقد تكاملوا،
ووصلوا جميعهم، وهذا هو سبب الإطالة، كما جاء عن أبي قتادة آنفاً، حيث قال
(فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى).
وهذا الحديث نص في
هذا المعنى، إلا أن الحديث فيه رجل مبهم، فهو غير ثابت عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم؛ لأن هذا المبهم غير مسمى، فلا يدرى من هو، والإبهام
والجهالة يؤثران في غير الصحابة، وأما الإبهام والجهالة في الصحابة فلا
يؤثران؛ لأن المجهول فيهم في حكم المعلوم، ويكفي أن يقال عن رجل: صحب النبي
صلى الله عليه وسلم، ولا يحتاج إلى معرفة شخصه ولا حاله؛ لأن الصحابة كلهم
عدول بتعديل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لهم، فهم لا يحتاجون بعد ثناء
الله عز وجل وثناء رسوله عليه الصلاة والسلام عليهم إلى تعديل المعدلين،
أو توثيق الموثقين، رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
وعلى هذا فهذا الحديث
يدل على ذلك الذي ظنه الصحابة كما أشار إليه أبو قتادة في الأثر المتقدم،
ولو صح لكان نصاً في ذلك، ولكن الحديث لم يصح لوجود هذا الرجل المبهم.

(104/13)

تراجم رجال إسناد حديث (أنّ النبي كان يقوم في الركعة الأولى من صلاة الظهر حتى لا يسمع وقع قدم)
قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة].
هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[حدثنا عفان].
هو ابن مسلم الصفار، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا همام، حدثنا محمد بن جحادة].
همام مر ذكره، ومحمد بن جحادة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن رجل عن عبد الله بن أبي أوفى].
عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

(104/14)

تخفيف الأخريين
(104/15)

شرح حديث سعد بن أبي وقاص في شكوى أهل الكوفة منه
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: تخفيف الأُخْرَيين.
حدثنا
حفص بن عمر، حدثنا شعبة، عن محمد بن عبيد الله أبي عون، عن جابر بن سمرة
رضي الله عنهما أنه قال: [قال عمر لـ سعد رضي الله عنهما: قد شكاك الناس في
كل شيء حتى في الصلاة! قال: أما أنا فأمد في الأوليين، وأحذف في الأخريين،
ولا آلو ما اقتديت به من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: ذاك الظن بك].
أورد
أبو داود رحمه الله [باب تخفيف الأخريين]، فكما أن الأوليين تطولان فإن
الأخريين تخففان، والأخريان هما الركعتان الأخيرتان من الظهر والعصر
والعشاء، ومثلهما الركعة الأخيرة من المغرب، فالتخفيف يكون في الأخريين في
الصلاة الرباعية، وفي الثالثة في الصلاة الثلاثية كما في المغرب، وتخفف
وتسر فيها القراءة بالنسبة للصلاة الجهرية، كالركعتين الأخيرتين من العشاء،
والركعة الأخيرة بالنسبة للمغرب، فحكم هذه الركعات الإسرار والاختصار، أن
يسر بها وأن تختصر وتخفف، ولا تطول كما تطول الركعتان الأوليان.
وقد
أورد أبو داود رحمه الله عدة أحاديث، منها حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله
تعالى عنه وأرضاه أنه لما أمره عمر على الكوفة مكث بها مدة، فحصل بينه وبين
بعض أهلها شيء حتى تكلموا فيه، وقدحوا فيه وسبوه، حتى بلغ بهم الحد
-والعياذ بالله- أنهم قالوا: (لا يحسن أن يصلي!!) وهذا الكلام قالوه في رجل
يمشي على الأرض وهو من أهل الجنة، في رجل من العشرة المبشرين بالجنة، ومع
ذلك لم يسلم من أذاهم.
فلما بلغ عمر رضي الله عنه وأرضاه شكواهم، وأنهم
قالوا عنه: (لا يحسن أن يصلي) كلم سعداً في ذلك، فأخبره سعد أنه كان يصلي
بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يمد القراءة في الأوليين
ويطيلهما، ويحذف في الأخريين، أي: يقصر القراءة فيهما، وقال: إنه لا يألوا
-أي: لا يقصر- فيما اتبع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن هذا الفعل
الذي يفعله إنما هو اقتداء برسول الله عليه الصلاة والسلام، فقال له عمر
رضي الله عنه: (هذا هو الظن بك يا أبا إسحاق) كما في صحيح البخاري، فكنية
سعد أبو إسحاق، فرضي الله عن سعد بن أبي وقاص وأرضاه.
وبلغ بهم الحد إلى
أن قال واحد منهم - لما أرسل عمر يسأل عما شكوه به-: (أما إنه لا يحكم في
القضية، ولا يعدل بالسوية) فدعا عليه سعد -وكان مجاب الدعوة كما في صحيح
البخاري - فقال: (اللهم إن كان كاذباً فيما يقول فأطل عمره، وأكثر فقره،
وعرضه للفتن) فطال عمره، وكثر فقره، ونزل حاجباه على عينيه، وكان يلاحق
النساء فتنة وابتلاء وامتحاناً، فأصابته دعوة سعد، وقال عن نفسه: (أصابتني
دعوة سعد) رضي الله عن سعد وعن الصحابة أجمعين.
ولكن عمر رضي الله عنه
وأرضاه رأى من المصلحة أن يعزل سعداً عن الكوفة ما دام أن الأمر قد وصل إلى
هذا الحد خشية أن يحصل له شيء لا يحمد عقباه، ولم ينس أن ينبه على ذلك رضي
الله عنه وأرضاه، فإنه لما اختار ستة -بعدما طعن- ليكونوا أهل الشورى
فيختاروا خليفة منهم كان سعد واحداً من هؤلاء الستة، فخشي عمر أن يقول
قائل: لقد نسي عمر، فكيف يعزله من الكوفة وهي قرية ثم يرشحه للخلافة؟ فأراد
أن يبين أنه لم ينس، وأنه ما زال ذاكراً للذي حصل منه من عزل سعد، فقال
رضي الله عنه وأرضاه: (إن أصابت الإمارة سعداً فذاك، هو أهل لها، وإن لم
تصبه فليستعن به من أُمرَّ، فإنني لم أعزله من عجز ولا خيانة) فمسوغات
العزل: العجز والخيانة، وإنما كان عزله لمصلحة، وهي: أن لا يعتدي عليه أحد،
أو يحصل له ضرر لا تحمد عقباه من هؤلاء السفهاء الذين بلغ بهم الحد إلى أن
قالوا فيه ما قالوا، فهو رجل يمشي على الأرض وهو من أهل الجنة رضي الله
تعالى عنه وأرضاه.
ومحل الشاهد من إيراد هذا الحديث هو قوله: [وأحذف في
الأخريين] أي أنه يخفف القراءة في الركعتين الأخريين، فيقرأ في الركعتين
الأخريين بفاتحة الكتاب وشيء من القرآن غير الفاتحة، وهو دون ما يقرأ به في
الركعتين الأوليين، وقد جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(104/16)

تراجم رجال إسناد حديث سعد بن أبي وقاص في شكوى أهل الكوفة منه
قوله: [حدثنا حفص بن عمر].
هو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي.
[حدثنا شعبة].
هو شعبة بن حجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن عبيد الله أبي عون].
هو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[عن جابر بن سمرة].
جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعد].
هو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

(104/17)


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر   الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد مارس 03, 2013 2:08 pm

اقتباس :


شرح حديث (حزرنا قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن محمد -يعني النفيلي - حدثنا
هشيم، أخبرنا منصور، عن الوليد بن مسلم الهجيمي، عن أبي الصديق الناجي، عن
أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: (حزرنا قيام رسول الله صلى الله
عليه وسلم في الظهر والعصر، فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر
قدر ثلاثين آية، قدر {الم * تَنزِيلُ} [السجدة:1 - 2] السجدة، وحزرنا قيامه
في الأخريين على النصف من ذلك، وحزرنا قيامه في الأوليين من العصر على قدر
الأخريين من الظهر، وحزرنا قيامه في الأخريين من العصر على النصف من
ذلك)].
أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، وفيه
دلالة على مقدار ما يقرأ به، أو الحزر الذي حزره الصحابة رضي الله عنهم
وأرضاهم في صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد حزروا صلاته صلى الله
عليه وسلم في الأوليين من الظهر بمقدار ثلاثين آية في كل ركعة، كما جاء ذلك
في بعض الروايات الصحيحة، وليس المقصود ثلاثين آية في الركعتين، وفي
الأخريين على النصف من ذلك، أي: في كل ركعة من الركعتين الأخريين مقدار خمس
عشرة آية، وهذا يدل على القراءة في الركعتين الأخريين غير الفاتحة، فكونه
يقرأ في الركعتين الأوليين ثلاثين آية في كل ركعة، وفي الأخريين على النصف
من ذلك لا يتأتى ذلك إلا إذا كان قرأ غير الفاتحة؛ لأن قراءة الفاتحة
بالنسبة لثلاثين آية شيء يسير، ومعنى هذا أن هناك قراءة بغير الفاتحة،
فتقرأ الفاتحة وغيرها، ويكون مجموع ذلك على النصف مما قرأ في الركعتين
الأوليين، أي: خمس عشرة آية في كل ركعة.
قوله: [وحزرنا قيامه في في
الأخريين من العصر فكانت على النصف من ذلك] أي: على النصف من صلاة الظهر،
فإذا كان يقرأ في الأخريين من الظهر خمس عشرة آية، فسيقرأ في الأوليين من
العصر على النصف من ذلك، أي: سبع آيات، فهذا يدل على تخفيف الركعتين
الأخريين، وعلى أنه يقرأ فيهما بغير الفاتحة، أي: في كل من الأخريين من
الظهر ومن العصر، كما جاء في هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى
عنه وأرضاه.
وهذا -أيضاً- يبين ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم من العناية بسنته، ومعرفة أحكام الشريعة والسنن التي تأتي عن
رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإنهم كانوا يقدرون القراءة في الصلاة
السرية يقدرون ذلك بمقدار طول القيام الذي فيه تلك القراءة، فيقدرونه
بثلاثين آية في كل ركعة من الأوليين في الظهر، ومعناه أن الرسول صلى الله
عليه وسلم كان يقرأ ولكن مقدار قراءته في الركعتين الأوليين ثلاثون آية في
كل ركعة وفي الركعتين الأخريين خمسة عشرة آية في كل ركعة، والعصر على النصف
من ذلك، فالأوليان منها تساويان الأخيرتين من الظهر، والأخيرتان على النصف
من ذلك، أي أنها ستكون القراءة سبع آيات في الركعتين الأخيرتين بعد
الفاتحة.

(104/18)

تراجم رجال إسناد حديث (حزرنا قيام رسول الله في الظهر والعصر)
قوله: [حدثنا عبد الله بن محمد -يعني النفيلي -].
عبد
الله بن محمد النفيلي هو عبد الله بن محمد بن نفيل النفيلي، وكلمة (يعني)
قالها من دون أبي داود؛ لأن أبا داود لا يحتاج إلى أن يقول: (يعني
النفيلي)، وإذا أراد أن ينسبه فسيقول (حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي)،
فهو لم يأت إلا باسمه واسم أبيه، وأضاف من دون أبي داود هذه النسبة
(النفيلي) وأتى بكلمة (يعني) حتى يعرف بأنها ليست من أبي داود، وإنما هي
مِنْ تصرّف مَنْ دونه على سبيل توضيح ذلك الرجل الذي لم يذكر أبو داود
نسبته، وإنما ذكر اسمه واسم أبيه، والنفيلي هذا ثقة، أخرج له البخاري
وأصحاب السنن.
[حدثنا هشيم].
هو هشيم بن بشير الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا منصور].
هو ابن معتمر الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الوليد بن مسلم الهجيمي].
هو ثقة، أخرج له البخاري في (جزء القراءة)، ومسلم وأبو داود والنسائي.
[عن أبي الصديق الناجي].
اسمه بكر بن عمرو الناجي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته ونسبته.
[عن أبي سعيد الخدري].
هو
سعد بن مالك بن سنان، مشهور بكنيته ونسبته، فكنيته: أبو سعيد، ونسبته:
الخدري، واسمه: سعد بن مالك بن سنان، وهو صحابي جليل، وهو أحد السبعة
المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(104/19)

قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر
(104/20)

شرح حديث (أن رسول الله كان يقرأ في الظهر والعصر بـ (السماء والطارق))
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر.
حدثنا
موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة (أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر والعصر بـ (والسماء والطاق)
(والسماء ذات البروج) ونحوهما من السور)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه
الترجمة، وهي [قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر، وقد جاء عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم أنه كان يخفف القراءة أحياناً في هاتين الصلاتين، وكان
يطيلها أحياناً، والذي جاء في هذا الحديث هو التخفيف لهما، أي: للصلاتين،
حيث كان يقرأ (والسماء والطارق) (والسماء ذات البروج)، وهذا من التخفيف،
وجاء عنه أنه كان يدخل في الصلاة فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته،
ويرجع إلى منزله، ويتوضأ ثم يأتي ويدرك الركعة الأولى مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم، وهذا لا يتأتى إلا بإطالة الركعة الأولى، فيؤخذ من هذا أنه
كان أحياناً يطيل هذه الصلاة، وأحياناً يخفف صلوات الله وسلامه وبركاته
عليه، فقد جاء في حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه: [أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يقرأ في الظهر والعصر بـ (والسماء والطارق) (والسماء وذات
البروج) ونحوهما من السور]، أي: ونحوهما من السور التي هي بهذا القدر، وسبق
أن مر بنا حديث أبي سعيد الذي قال فيه: (فحزرنا قيامه في الركعتين
الأوليين من الظهر قد ثلاثين آية)، والحديث الذي أشرت إليه هو أن الذاهب
يذهب إلى البقيع ويقضي حاجته فيرجع ويتوضأ ويأتي ويدرك الركعة، ومعنى ذلك
أن صلاته كانت أحياناً أطول من ذلك بكثير.
إذاً: فكل ذلك جاء عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

(104/21)

تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله كان يقرأ في الظهر والعصر بـ (السماء والطارق))
قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل].
وهو التبوذكي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد].
وهو ابن سلمة بن دينار البصري، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن.
وإذا جاء ذكر حماد يروي عنه موسى بن إسماعيل، وهو غير منسوب، فالمراد به حماد بن سلمة، وليس حماد بن زيد.
[عن سماك بن حرب].
وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن.
[عن جابر بن سمرة].
جابر بن سمرة رضي الله عنه قد مر ذكره.
وهذا
الحديث من الرباعيات، وهي أعلى ما يكون عند أبي داود رحمه الله، فـ موسى
بن إسماعيل يروي عن حماد بن سلمة، وحماد يروي عن سماك بن حرب، وسماك بن حرب
يروي عن جابر بن سمرة، فهو رباعي.

(104/22)

شرح حديث (كان رسول الله إذا دحضت الشمس صلى الظهر وقرأ بنحو من (والليل إذا يغشى))
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة
عن سماك أنه سمع جابر بن سمرة رضي الله عنهما أنه قال: (كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم إذا دحضت الشمس صلى الظهر، وقرأ بنحو من: {وَاللَّيْلِ
إِذَا يَغْشَى} [الليل:1]، والعصر كذلك، والصلوات كذلك إلا الصبح، فإنه كان
يطيلها)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه:
[(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دحضت الشمس)] أي: زالت ومالت إلى
جهة المغرب بعد أن كانت في كبد السماء، فالشمس تتجه إلى المغرب، والظل يتجه
إلى المشرق، وهو الذي يسمى بالفيء، فيصلي بالناس الظهر في ذلك الوقت، وكان
يقرأ بنحو: (والليل إذا يغشى) أي: مثل هذه السورة القصيرة، وهذا في بعض
الأحيان كما هو معلوم، وكذلك في بقية الصلوات يقرأ مثل هذه السورة، إلا
الفجر فإنه كان يطيل فيها القراءة أكثر من غيرها.

(104/23)

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله إذا دحضت الشمس صلى الظهر، وقرأ بنحو من (والليل إذا يغشى))
قوله: [حدثنا عبيد الله بن معاذ].
هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري، ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثنا أبي].
هو معاذ بن معاذ العنبري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
شعبة هو ابن الحجاج الواسطي، ثم البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سماك، عن جابر].
قد مر ذكرهما.

(104/24)

شرح حديث (أن النبي سجد في صلاة الظهر، ثم قام فركع، فرأينا أنه قرأ (تنزيل السجدة))
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عيسى، حدثنا معتمر بن سليمان
ويزيد بن هارون وهشيم، عن سليمان التيمي، عن أمية، عن أبي مجلز عن ابن عمر
رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في صلاة الظهر، ثم قام
فركع، فرأينا أنه قرأ {تَنزِيلُ} [السجدة:2] السجدة).
قال ابن عيسى: لم يذكر أمية أحدٌ إلا معتمر].
أورد
أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم
صلى بهم الظهر فسجد، ثم قام وركع، فظنوا أنه قرأ (الم) السجدة، وهذا فيه
إشارة إلى مقدار القراءة، وقد مر حديث أبي سعيد أنهم حزروا قراءته في الظهر
فكانت ثلاثين آية على قدر (الم) السجدة، وهذا الحديث فيه: أنه قرأ في
الظهر وأنه سجد سجود التلاوة، وقام، ثم ركع بعد قيامه صلى الله عليه وسلم،
والإتيان بالحديث من أجل مقدار القراءة.
لكن هذا الحديث فيه كلام من حيث
ثبوته، وهو دال على أنه يقرأ في السرية سجدة ويسجد بها، والحديث -كما
قلنا- متكلم فيه، وقد تكلم فيه الألباني بأنه منقطع، وأنه غير صحيح، ثم
كونه يسجد في الصلاة السرية قد يشوش على الناس من جهة أنهم يظنون أنه ناسٍ،
وأنه بدلاً من أن يركع سجد، فيقولون: سبحان الله، سبحان الله.
فالسجود
إنما يكون في الصلاة الجهرية، وأما الصلاة السرية فالسجود فيها يترتب عليه
تشويش على المصلين، ولو ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان حجة،
ولكن حيث إنه لم يثبت فإن عدم سجود التلاوة في الصلاة السرية هو الذي
ينبغي؛ لما يترتب على السجود من التشويش.

(104/25)

تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي سجد في صلاة الظهر، ثم قام فركع، فرأينا أنه قرأ (تنزيل السجدة))
قوله: [حدثنا محمد بن عيسى].
هو: محمد بن عيسى الطباع، وهو ثقة أخرج له البخاري تعليقاً، وأبو داود والترمذي في (الشمائل)، والنسائي، وابن ماجة.
[عن أبي مجلز].
هو لاحق بن حميد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا معتمر بن سليمان].
هو: معتمر بن سليمان التيمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ويزيد بن هارون].
هو: يزيد بن هارون الواسطي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وهشيم].
هو: ابن بشير الواسطي أيضاً، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سليمان التيمي].
هو: سليمان بن طرخان التيمي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أمية].
هو مجهول، أخرج له أبو داود وحده.
[عن أبي مجلز].
هو لاحق بن حميد، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب.
[عن ابن عمر].
هو
عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، أحد العبادلة الأربعة من
أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن
النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: [قال ابن عيسى: لم يذكر أمية أحد إلا معتمر].
أي:
قال ابن عيسى -وهو شيخ أبي داود -: لم يذكر أمية إلا معتمر، أي: من شيوخه
الثلاثة؛ لأن محمد بن عيسى في هذا الحديث له ثلاثة شيوخ: الأول: معتمر بن
سليمان والثاني: يزيد بن هارون، والثالث: هشيم بن بشير، والذي ذكر أمية هو
شيخه الأول، وأما الآخران فإنما ذكرا رواية سليمان التيمي عن أبي مجلز،
وليس هناك واسطة.

(104/26)

شرح حديث ابن عباس وقد سئل (أكان رسول الله يقرأ في الظهر والعصر؟ فقال لا)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث عن موسى بن سالم
حدثنا عبد الله بن عبيد الله قال: (دخلت على ابن عباس في شباب من بني هاشم،
فقلنا لشاب منا: سل ابن عباس: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في
الظهر والعصر؟ فقال: لا لا، فقيل له: فلعله كان يقرأ في نفسه، فقال: خمشاً!
هذه شر من الأولى، كان عبداً مأموراً بلغ ما أرسل به، وما اختصنا دون
الناس بشيء إلا بثلاث خصال: أمرنا أن نسبغ الوضوء، وأن لا نأكل الصدقة، وأن
لا ننزي الحمار على الفرس)].
أورد أبو داود حديث ابن عباس أنه سئل عن
الرسول صلى الله عليه وسلم هل كان يقرأ في الظهر والعصر؟ فقال: لا، قيل:
فلعله كان يقرأ في نفسه، فقال: [خمشاً]، وهي كلمة دعاء على السائل، ثم قال
[هذه شر من الأولى]، يعني: شرّ من السؤال الأول، [كان رسول الله عبداً
مأموراً بلغ ما أرسل به]، أي أن ابن عباس ما علم أنه كان يقرأ، وقد مر في
الحديث: (ما أسمعناه أسمعناكم إياه، وما أخفاه علينا أخفينا عليكم)، وهذا
فيه أن ابن عباس ينفي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ، وسيأتي في
الرواية التي بعدها أنه كان يشك هل كان يقرأ أو لا يقرأ، ولكن الإثبات قد
جاء عن غيره من الصحابة، وجاء عنه -أيضاً- ما يوافق رواية الجماعة، وهي
رواية الإثبات، وعلى هذا فإن القراءة في صلاة الظهر والعصر ثابتة عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم، وقد عرفنا أن من الأدلة على ذلك أنه كان يسمعهم
الآية أحياناً، وأنهم كانوا يستدلون على ذلك باضطراب لحيته، وكذلك -أيضاً-
حديث أبي سعيد أنهم حزروا قراءته صلى الله عليه وسلم في الظهر بثلاثين آية،
أي: في كل ركعة من ركعات الصلاة.
يقول عبد الله بن عبيد الله، وهو ابن
عبيد الله بن عباس [دخلت على ابن عباس في شباب من بني هاشم] أي: مجموعة من
شباب بني هاشم، وهو واحد منهم.
قوله: [فقلنا لشاب منا] أي: لواحد من
هؤلاء الشباب [سل ابن عباس: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في
صلاة الظهر والعصر؟ فقال: لا، فقيل له: فلعله كان يقرأ في نفسه، فقال:
خمشاً] أي: دعا عليه بأن يخمش وجهه، ويحصل له شيء من هذا السوء، وهذا يقال
في حالة الإنكار، وهو مثل بعض العبارات التي تذكر ولا يراد ظاهرها، مثل:
(عقرى حلقى)، و (تربت يداك)، و (ثكلتك أمك)، وما إلى ذلك من الألفاظ.
قوله: [وما اختصنا] أي: بني هاشم [دون الناس بشيء] أي: نتميز به.
[إلا بثلاث خصال: أمرنا أن نسبغ الوضوء].
قوله:
[أمرنا بأن نسبغ الوضوء] إسباغ الوضوء يكون بإبلاغه إلى ثلاث غسلات، ويكون
بالدلك، ويكون -أيضاً- بالمبالغة في إيصال الماء إلى العضد، فهذا كله يدخل
تحت الإسباغ، لكنّ ذلك لا يختص ببني هاشم، فقد جاء عن الرسول صلى الله
عليه وسلم أنه قال: (أسبغ الوضوء، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)،
وهذا حكم عام.
وأما الخصلة الثانية فهي قوله: [وأن لا نأكل الصدقة] وهذا خاص ببني هاشم.
والخصلة
الثالثة قوله: [وأن لا ننزي الحمار على الفرس] وهذا لا يختص ببني هاشم، بل
هذا لهم ولغيرهم، والمقصود من ذلك أن لا ينقطع نسل الخيل التي هي عدة
الجهاد في سبيل الله؛ لأنه إذا أنزي الحمار على الفرس يخرج منهما البغل،
وليس فيه ما في الفرس من القدرة على الكر والفر الذي يكون في وقت القتال في
سبيل الله تعالى، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (الخيل معقود في نواصيها
الخير إلى يوم القيامة) فإنزاء الحمار على الفرس يكون فيه تولد البغل
بينهما، فيؤدي ذلك إلى عدم كثرة نسل الخيل التي هي العدة في الجهاد، والتي
فيها الكر والفر أثناء الجهاد في سبيل الله، والحاصل أن هذه الثلاث الخصال
واحدة منها مختصة ببني هاشم، والاثنتان الباقيتان ليستا مختصتين بهم.
وقال
بعض أهل العلم: لعل المقصود أن هذه تجب على بني هاشم، فيجب عليهم إسباغ
الوضوء، وغيرهم لا يجب عليه ذلك، ويمكن أن يقال: إن هذا هو الذي بلغهم عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك مثلما جاء عن علي رضي الله عنه أنه
قال: ما اختصنا بشيء دون الناس إلا فهماً يعطيه الله رجلاً في كتاب الله،
وما في هذه الصحيفة.
يعني أن ما في هذه الصحيفة ليس خاصاً بهم.

(104/27)

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس وقد سئل (أكان رسول الله يقرأ في الظهر والعصر؟ فقال لا)
قوله: [حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث].
مسدد مر ذكره، وعبد الوارث هو ابن سعيد العنبري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن موسى بن سالم].
موسى بن سالم صدوق، أخرج له أصحاب السنن.
[عن عبد الله بن عبيد الله].
هو عبد الله بن عبيد الله بن عباس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن.
[عن ابن عباس].
هو
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد
العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي
صلى الله عليه وسلم.

(104/28)

شرح حديث ابن عباس (لا أدري أكان رسول الله يقرأ في الظهر والعصر أم لا)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا زياد بن أيوب حدثنا هشيم أخبرنا حصين عن
عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لا أدري أكان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر أم لا.
].
أورد أبو داود هذا
الحديث عن ابن عباس، وقد شك في كون النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر
والعصر، فقال: [لا أدري أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر
والعصر أم لا]، فهنا شك في ذلك، وأما في الحديث السابق فإنه جزم بأنه ما
كان يقرأ.

(104/29)

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس (لا أدري أكان رسول الله يقرأ في الظهر والعصر أم لا)
قوله: [حدثنا زياد بن أيوب].
زياد بن أيوب ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا هشيم، أخبرنا حصين].
هشم هو هشيم بن بشير، وحصين بن عبد الرحمن ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عكرمة].
وعكرمة مولى ابن عباس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
قد مر ذكره.
والله تعالى أعلم.

(104/30)

شرح سنن أبي داود [105]
من
أحكام الصلاة المتعلقة بها القراءة فيها بعد الفاتحة، وصلاة المغرب هي من
جملة الصلوات التي يقرأ فيها، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ
فيها فأطال وقرأ فيها فقصر، وقرأ فيها من طوال المفصل ووسطه وقصاره، وكل
ذلك جائز للمرء أن يصنعه في صلاته، وينبغي للإمام أن يسلك مسلك الرسول صلى
الله عليه وسلم في تنويع القراءة فيها طولاً وقصراً.

(105/1)

قدر القراءة في المغرب
(105/2)

شرح حديث أم الفضل (إنها لآخر ما سمعت من رسول الله يقرأ بها في المغرب)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: قدر القراءة في المغرب.
حدثنا
القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن
عباس: (أن أم الفضل بنت الحارث سمعته وهو يقرأ: {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا}
[المرسلات:1] فقالت: يا بني! لقد ذكرتني بقراءتك هذه السورة، إنها لآخر ما
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في المغرب)].
يقول الإمام
أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب قدر القراءة في المغرب]، وقد
وردت أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على قراءته فيها، فقرأ
فيها من طوال المفصل مثل الطور، وقرأ فيها من أواسط المفصل مثل المرسلات،
وقرأ فيها من قصار المفصل، وقرأ فيها -أيضاً- بسورة الأعراف، وهي من أطول
سور القرآن، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم القراءة في المغرب على أوجه
مختلفة، وكلها صحيحة، وكل ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه سنة.
ومما
أورده أبو داود رحمه الله تحت هذه الترجمة حديث أم الفضل لبابة بنت الحارث
الهلالية، وهي أخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله تعالى عن
الجميع، وهي زوجة العباس بن عبد المطلب، وأم أولاده الذين أكبرهم الفضل رضي
الله تعالى عن الجميع.
فكان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يقرأ سورة
المرسلات، فقالت أمه: (إنك ذكرتني بقراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم
بهذه السورة، وذلك في آخر صلاة جهرية سمعته صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها
بهذه السورة).
فدل هذا الحديث على مشروعية قراءة سورة المرسلات في صلاة
المغرب كما جاء بذلك هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدل
-أيضاً- على أنها آخر قراءة سمعتها أم الفضل من رسول الله صلى الله عليه
وسلم وهو يصلي بالناس صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وأم الفضل هي
التي روت الحديث الذي فيه: (أن الناس لما حجوا مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم حجة الوداع كانوا يتساءلون: هل النبي صلى الله عليه وسلم صائم أو
مفطر؟ فأرادت أن يبين النبي صلى الله عليه وسلم للناس على سبيل العموم حاله
عليه الصلاة والسلام هل هو صائم أو مفطر، فقالت: أنا أدلكم على ذلك.
فأعطتهم
قدحاً فيه لبن فقالت: ناولوه إياه، وكان على ناقته، فشرب منه والناس يرون،
وهذا من فطنتها وذكائها رضي الله تعالى عنها وأرضاه).

(105/3)


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر   الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد مارس 03, 2013 2:09 pm

اقتباس :


تراجم رجال إسناد حديث أم الفضل (إنها لآخر ما سمعت من رسول الله يقرأ بها في المغرب)
قوله: [حدثنا القعنبي].
القعنبي هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[عن مالك].
هو
مالك بن أنس إمام دار الهجرة الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة
المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
ابن شهاب هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله].
هو
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وهو تابعي مشهور، أحد الفقهاء
السبعة في المدينة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
هو
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم،
وأحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد
السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويروي عن أمه
أم الفضل، وهي لبابة بنت الحارث الهلالية رضي الله تعالى عنها، وهي -كما
قلت- أخت أم المؤمنين ميمونة، وهناك لبابة الكبرى أم خالد بن الوليد،
ولبابة الصغرى وهي أم الفضل رضي الله تعالى عن الجميع، وحديثها أخرجه أصحاب
الكتب الستة.

(105/4)

شرح حديث (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بـ (والطور) في المغرب)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن محمد بن
جبير بن مطعم عن أبيه أنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بـ
{وَالطُّورِ} [الطور:1] في المغرب)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث
جبير بن مطعم النوفلي رضي الله عنه: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ
بالطور في المغرب) أي: يقرأ بسورة الطور في المغرب، وهي من طوال المفصل؛
لأن المفصل يبدأ بـ (ق) أو بالحجرات إلى آخر القرآن، على قولين، ومبنى هذين
القولين على اعتبار بدء العدد من الفاتحة أو من البقرة، أي: تحزيب القرآن،
فقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحزبون القرآن سبعة أحزاب،
بحيث يقرأ الواحد منهم حزباً في اليوم، فيكمل القرآن في سبعة أيام، فكانوا
يجعلونه أحزاباً سبعة.
وقد جاء عن أوس بن أوس أنه قال: (سألت أصحاب محمد
صلى الله عليه وسلم: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: ثلاثاً، وخمساً، وسبعاً،
وتسعاً، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل، وأوله (ق)،) فهي إذن سبعة
أحزاب.
فعلى القول بأن الفاتحة معدودة في السور الثلاث -وهي: الفاتحة
والبقرة وآل عمران- ينتهى الحزب السادس بسورة الفتح، ثم يأتي حزب المفصل
وأوله الحجرات، وعلى القول بأن سورة الفاتحة غير محسوبة وإنما العدد للسور
الطوال، وهي: البقرة وآل عمران والنساء تكون (ق) هي أول المفصل، فتكون
الحجرات هي آخر الثلاث عشرة التي هي نهاية الحزب السادس.
فسورة الطور من
طوال المفصل، وجبير بن مطعم النوفلي رضي الله عنه سمع النبي صلى الله عليه
وسلم يقرأ بالطور وكان إذ ذاك مشركاً، ولم يكن قد أسلم بعدُ، وقد جاء عنه
في صحيح البخاري أنه قال: (لما بلغ قول الله عز وجل: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ
غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ} [الطور:35 - 36] كاد قلبي أن يطير)، وكان
ذلك سبباً في إسلامه، وكاد قلبه أن يطير من حسن هذا البيان، ومن هذه
البلاغة والفصاحة، وهذا الحديث يدل على أن الكافر إذا تحمل في حال كفره،
وأدى في حال إسلامه فإن روايته معتبرة؛ لأن العبرة في حال التأدية
بالإسلام، وأما التحمل فسواء كان في حال الكفر، أو في حال الإسلام فإنه لا
يضر، فالمهم أن يؤدي ما تحمله في حال إسلامه.
ومثل ذلك -أيضاً- قصة أبي
سفيان مع هرقل عظيم الروم، فإن الأشياء التي جرت بينهما، والإخبار عنه عليه
الصلاة والسلام بما كانوا يعرفونه عنه من الصفات، كل ذلك حصل في حال كفره،
ولكن هذا الذي جرى من المحاورة بينه وبين هرقل أداه بعد إسلامه، ولهذا
يذكر العلماء في (علم المصطلح) أن الكافر إذا تحمل في حال كفره، وأدى ذلك
في حال إسلامه فالرواية صحيحة، ومثله في ذلك الصغير، فإنه إذا تحمل في حال
صغره، وأدى بعد بلوغه فإن روايته معتبرة صحيحة، فالمهم حال الأداء، وأما
التحمل فيمكن أن يكون في الصغر، وهناك عدد من صغار الصحابة رضي الله تعالى
عنهم وأرضاهم حدثوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكبر، وقد تحملوا
ذلك في حال الصغر، منهم النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه وعن أبيه وعن
الصحابة أجمعين، فإنه كان من صغار الصحابة، وقد توفي رسول الله عليه الصلاة
والسلام وعمره ثمان سنوات، وقد حدث بأحاديث بلفظ (سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم)، وهذا لا يكون إلا في حال الصغر؛ لأن الرسول صلى الله عليه
وسلم مات وعمره ثمان سنوات، ومما حدث به حديث: (الحلال بين والحرام بين)
وهو حديث مشهور متفق على صحته، فإنه قال فيه: (سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم)، فـ النعمان تحمله في حال صغره.
فالحديث الذي معنا -وهو حديث
جبير بن مطعم النوفلي رضي الله عنه- يدل على أن الكافر إذا تحمل في حال
كفره، وأدى في حال إسلامه فذلك صحيح؛ لأن العبرة بحال الأداء وليست بحال
التحمل.

(105/5)

تراجم رجال إسناد حديث (سمعت رسول الله يقرأ بـ (والطور) في المغرب)
قوله: [حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه].
محمد بن جبير بن مطعم النوفلي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وأبوه
جبير بن مطعم النوفلي رضي الله تعالى عنه صحابي، أخرج له أصحاب الكتب
الستة، وهو الذي جاء هو وعثمان بن عفان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقالا: (يا رسول الله! إنك أعطيت بني المطلب ونحن وإياهم بدرجة واحدة) أي:
أعطيت بني المطلب وهم من أولاد عبد مناف، ونحن -أيضاً- من أولاد عبد مناف
ولم تعطنا، فقال: (إن بني هاشم وبني المطلب شيء واحد)، فأعطاهم من الفي،
وأما الزكاة فتحرم عليهم، ويعطون -أيضاً- من الغنائم.
فأولاد عبد مناف
هم: هاشم والمطلب ونوفل وعبد شمس، فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم بني هاشم
وبني المطلب من الخمس، ولم يعط بني نوفل الذين منهم جبير، ولا بني عبد شمس
الذين منهم عثمان رضي الله تعالى عن الجميع، وقد أجابهم عليه الصلاة
والسلام بقوله: (إنا وبني المطلب شيء واحد).
ومطعم والد جبير هو الذي
أجار النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قال فيه الشاعر: ولو أن مجداً خلد
الدهر واحداً لأبقى مجده الدهر مطعماً وقد مات على الكفر.
وأما أقسام
المفصل فطوال وأواسط وقصار، وقد اختلف العلماء في تحديدها، ولا شك في أن
بعضها يتبيّن بالنظر إليه، فالإنسان يستطيع أن يعرف القصار مثل: {إِنَّا
أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، و {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا} و
(العاديات)، و (القارعة)، وما إلى ذلك، وبعضهم يدخل: {لَمْ يَكُنِ} فيها،
والأوساط مثل: (البروج)، و (السماء والطارق)، والطوال مثل: (الذاريات)، و
(الطور)، و (النجم) وغير ذلك.

(105/6)

شرح حديث (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بطولى الطوليين)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق عن ابن
جريج حدثني ابن أبي مليكة عن عروة بن الزبير عن مروان بن الحكم أنه قال:
قال لي زيد بن ثابت رضي الله عنه: (ما لك تقرأ في المغرب بقصار المفصل وقد
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بطولى الطوليين؟ قال:
قلت: ما طولى الطوليين؟ قال: الأعراف والأخرى الأنعام.
قال: وسألت أنا ابن أبي مليكة، فقال لي من قبل نفسه: المائدة والأعراف)].
أورد
أبو داود رحمه الله حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه يرويه عنه مروان بن
الحكم أنه قال له -أي: زيد بن ثابت -: [ما لك تقرأ في المغرب بقصار
المفصل؟] والمقصود من ذلك ملازمة القراءة بالقصار دون أن يقرأ شيئاً
طويلاً، فهذا هو قصد زيد، وليس ذلك منعاً للقراءة من القصار، وإنما المقصود
من ذلك التنبيه على أن الإنسان لا يقتصر على شيء معين ويترك غيره، وقد جاء
عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك كله، فيقرأ من القصار، ومن الطوال، ومن
الأواسط وهكذا، ولا يلازم ويداوم على شيء بعينه، فكل ما جاء عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم فإنه حق، والإنسان يقرأ به، فـ زيد بن ثابت رضي الله
عنه إنما أنكر عليه الملازمة والمداومة، ولم ينكر عليه القراءة من القصار،
فإن ذلك سائغ وجائز، فأنكر المداومة، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ
في المغرب بالسور الطوال، بل قرأ طولى الطوليين، والمقصود بقوله: (طولى)
أي: أطول، و (الطوليين) أي: الطويلتين، يعني سورتين طويلتين، وهاتان
السورتان هما: الأنعام والأعراف، والأعراف أطولهما، فهي إذن طولى الطوليين،
وطولى تأنيث أطول، والطوليين تثنية طولى، فهي أطول السورتين الطويلتين،
وقد قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في المغرب بالأعراف؛ ليبين أن القراءة في
المغرب تكون بالسور القصيرة وبالطويلة.
وقد فسرت الطولى التي قرأ بها بأنها الأعراف، والأخرى هي الأنفال.
وسأل ابن جريج ابن أبي مليكة عن ذلك، فقال من قبل نفسه -يعني: تفسيراً من قبل نفسه-: هي الأعراف والمائدة.

(105/7)

تراجم رجال إسناد حديث (رأيت رسول الله يقرأ بطولى الطوليين)
قوله: [حدثنا الحسن بن علي].
هو الحسن بن علي الحلواني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
[حدثنا عبد الرزاق].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج].
ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي مليكة].
ابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عروة بن الزبير].
هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مروان بن الحكم].
مروان بن الحكم كان إذ ذاك أمير المدينة، وقد تولى الخلافة، خرج له البخاري وأصحاب السنن.
[عن زيد بن ثابت].
هو زيد بن ثابت رضي الله عنه الصحابي المشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

(105/Cool

التخفيف في صلاة المغرب
(105/9)

شرح أثر عروة أنه كان يقرأ في المغرب بـ (والعاديات)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: من رأى التخفيف فيها.
حدثنا
موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا هشام بن عروة أن أباه كان يقرأ في صلاة
المغرب بنحو ما تقرءون {وَالْعَادِيَاتِ) [العاديات:1] ونحوها من السور.
قال أبو داود: هذا ما يدل على أن ذاك منسوخ، وهذا أصح].
أورد
أبو داود التخفيف في صلاة المغرب، فقد ذكر في الأحاديث الماضية قراءة
السور الطوال كسورة الأعراف، وسورة المرسلات، وسورة الطور، وهنا يذكر
التخفيف في صلاة المغرب، فأخرج أثر هشام بن عروة بن الزبير رحمة الله عليه
أن أباه عروة بن الزبير كان يقرأ بمثل ما تقرؤون: (والعاديات) ونحوها من
السور، يعني: قصار المفصل.
وفيه إشارة إلى أنهم كانوا يقرءون القصار،
وهذا الأثر يقال له: مقطوع، فكل ما انتهى متنه إلى تابعي أو من دونه يقال
له: مقطوع، وهو من صفات المتن، وما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقال له: مرفوع، وما انتهى إلى الصحابي يقال له: موقوف، والمقطوع غير
المنقطع، فالمقطوع من صفات المتن، والمنقطع من صفات الإسناد، فإذا سقط من
الإسناد راوٍ أو راويان في الوسط فهذا انقطاع، وأما المقطوع فهو المتن الذي
ينتهي إلى التابعي أو من دونه.
قوله: [قال أبو داود: هذا يدل على أن
ذاك منسوخ] يعني التطويل الذي ورد، وهذا غير واضح، وكيف يكون منسوخاً
والنسخ لا يثبت بالاحتمال، بل جاء في الحديث الذي سبق عن أم الفضل: أنه قرأ
بالمرسلات، وكانت هذه آخر صلاة جهرية سمعتها صلاها رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وقد سمعتها أم الفضل بنت الحارث الهلالية رضي الله تعالى عنها،
فالصحيح أنه لا نسخ، وأن كل ذلك سائغ وجائز وثابت عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم.
قوله: [قال أبو داود: وهذا أصح] لا أدري هل المقصود أن
القراءة بالقصار ناسخة للقراءة بالطوال، أم المقصود غير ذلك، وهذا الأثر
مقطوع وليس مرفوعاً إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام.

(105/10)

تراجم رجال إسناد أثر عروة أنه كان يقرأ في المغرب بـ (والعاديات)
قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل].
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حماد].
هو
حماد بن سلمة، وقد مر بنا مراراً وتكراراً أنه إذا جاء (حماد) غير منسوب
-وهو الذي يسمى بالمهمل في علم المصطلح، وهو غير المبهم، فالمبهم أن يقول:
عن رجل، وأما إذا ذكر اسم الشخص ولم ينسبه فإنه يقال له: مهمل- فإذا جاء
(حماد) غير منسوب فيحتمل أنه حماد بن زيد أو حماد بن سلمة، لكن إذا كان
الراوي عنه موسى بن إسماعيل فالمراد به حماد بن سلمة، وحماد بن سلمة ثقة،
أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[عن هشام بن عروة].
هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو عروة بن الزبير وقد مر ذكره.

(105/11)

شرح حديث (ما من المفصل سورة صغيرة ولا كبيرة إلّا وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم الناس بها في الصلاة المكتوبة)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن سعيد السرخسي حدثنا وهب بن جرير
حدثنا أبي قال: سمعت محمد بن إسحاق يحدث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
رضي الله عنه أنه قال: (ما من المفصل سورة صغيرة ولا كبيرة إلا وقد سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم الناس بها في الصلاة المكتوبة)].
أورد
أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أنه قال:
(ما من المفصل سورة صغيرة ولا كبيرة إلا وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يؤم الناس بها في الصلاة)، وهذا يدل على قراءة سور المفصل قصيرها
وطويلها، فهو دال على التخفيف في الجملة.

(105/12)

تراجم رجال إسناد حديث (ما من المفصل سورة صغيرة ولا كبيرة إلّا وقد سمعت رسول الله يؤم الناس بها في الصلاة المكتوبة)
قوله: [حدثنا أحمد بن سعيد السرخسي].
أحمد بن سعيد السرخسي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
[حدثنا وهب بن جرير].
هو وهب بن جرير بن حازم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبي].
أبوه هو جرير بن حازم، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت محمد بن إسحاق].
محمد بن إسحاق صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن عمرو بن شعيب].
عمرو بن شعيب صدوق، أخرج حديثه البخاري في (جزء القراءة) وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
أبوه
هو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، وهو -أيضاً- صدوق، أخرج حديثه
البخاري في (الأدب المفرد) و (جزء القراءة) وأصحاب السنن الأربعة.
[عن جده].
هو
عبد الله بن عمرو بن العاص، فـ شعيب يروي عن جده عبد الله بن عمرو، وليست
روايته عن أبيه محمد؛ لأنها ستكون مرسلة، فهو تابعي، فإذا أضاف شيئاً إلى
الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يكون متصلاً وإنما يكون منقطعاً، وقد ذكر
الحافظ ابن حجر أن شعيباً صح سماعه من جده عبد الله بن عمرو، إذاً فـ عمرو
بن شعيب يروي عن شعيب، وشعيب يروي عن جده عبد الله، وليست روايته عن أبيه
محمد بن عبد الله التابعي.
وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى
عنهما أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه
أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والحديث ضعفه الألباني، ولا أدري ما وجه التضعيف، اللهم إلا أن يكون من جهة محمد بن إسحاق فإنه مدلس، ولم يصرَّح بالتحديث.

(105/13)

شرح أثر ابن مسعود أنه قرأ في المغرب بـ (قل هو الله أحد)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا قرة عن
النزال بن عمار عن أبي عثمان النهدي أنه صلى خلف ابن مسعود رضي الله عنه
المغرب فقرأ بـ (قل هو الله أحد)].
أورد أبو داود أثر عبد الله بن مسعود
أنه قرأ في المغرب بـ (قل هو الله أحد)، وهي من قصار المفصل، وهذا الأثر
في إسناده النزال بن عمار وهو مقبول.

(105/14)

تراجم رجال إسناد أثر ابن مسعود أنه قرأ في المغرب بـ (قل هو الله أحد)
قوله: [حدثنا عبيد الله بن معاذ].
هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري، ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[عن أبيه].
هو معاذ بن معاذ العنبري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا قرة].
هو قرة بن خالد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن النزال].
هو النزال بن عمار، وهو مقبول، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[عن أبي عثمان النهدي].
أبو عثمان النهدي هو عبد الرحمن بن مل، بتثليث الميم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وهذا الحديث فيه ذلك المقبول، فلا يعول على ما انفرد به، إلّا أنّ مسألة القراءة بقصار المفصل ثابتة.

(105/15)

إعادة السورة الواحدة في الركعتين
(105/16)

شرح حديث قراءته صلى الله عليه وسلم سورة الزلزلة في الركعتين في صلاة الصبح
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين.
حدثنا
أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو عن ابن أبي هلال عن معاذ بن عبد
الله الجهني: (أن رجلاً من جهينة أخبره أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم
يقرأ في الصبح: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا} في الركعتين
كلتيهما، فلا أدري أنسي رسول الله صلى الله عليه وسلم أم قرأ ذلك
عمداً؟!)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [باب الرجل يعيد
سورة واحدة في الركعتين]، أي أنه يقرأ السورة في الركعة الأولى ثم يعيدها
في الركعة الثانية.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث رجل من جهينة: أن
النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في الصبح بـ (إذا زلزلت الأرض زلزالها) في
الركعتين كلتيهما، قال: [فلا أدري أنسي رسول الله صلى الله عليه وسلم أم
قرأ ذلك عمداً؟] يعني: أنسي أنه قرأ بها في الركعة الأولى، أو أنه تعمد أن
يقرأها في الركعة الثانية.
وهذا الحديث يدل على ما ترجم له من جواز
إعادة السورة مرة ثانية، ولكن المشهور والمعروف عن النبي صلى الله عليه
وسلم في غالب أحواله أنه لا يعيد، فهذا الحديث يدل على الجواز، ولو فعل
بالنسبة لهذه السورة لكان مناسباً؛ لأن الإعادة لم ترد عنه صلى الله عليه
وسلم إلّا في هذه السورة، وأما ما سواها فإن الأولى للإنسان ألا يعيد في
الركعة الثانية ما قرأه في الركعة الأولى.

(105/17)

تراجم رجال إسناد حديث قراءته صلى الله عليه وسلم الزلزلة في الركعتين في صلاة الصبح
قوله: [حدثنا أحمد بن صالح].
هو أحمد بن صالح المصري، ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.
[حدثنا ابن وهب].
ابن وهب هو: عبد الله بن وهب المصري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني عمرو].
عمرو هو: ابن الحارث المصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي هلال].
ابن أبي هلال هو سعيد بن أبي هلال، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن معاذ بن عبد الله الجهني].
معاذ بن عبد الله الجهني صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) وأصحاب السنن.
[عن رجل من جهينة].
أي أنه مجهول، والجهالة في الصحابة لا تؤثر كما عرفنا ذلك.

(105/18)

القراءة في الفجر
(105/19)

شرح حديث قراءته صلى الله عليه وسلم سورة التكوير في صلاة الفجر
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: القراءة في الفجر.
حدثنا
إبراهيم بن موسى الرازي أخبرنا عيسى - يعني ابن يونس - عن إسماعيل عن أصبغ
مولى عمرو بن حريث عن عمرو بن حريث رضي الله عنه أنه قال: (كأني أسمع صوت
النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الغداة: {فَلا أُقْسِمُ
بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ})].
أورد أبو داود [باب: القراءة
في الفجر]، وصلاة الفجر تطال فيها القراءة، وقد جاء التنصيص على قراءة
الفجر في القرآن في قوله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ
الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء:78].
وجاء عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه قرأ فيها بسور طوال وسورٍ قصار، فمن الطوال أنه كان في فجر يوم
الجمعة يقرأ بـ[السجدة:1]، و {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ}، وأما السور
القصار فكما جاء في الحديث الذي مر قبل هذا، وهو قراءة (إذا زلزلت الأرض
زلزالها)، حيث قرأها في الفجر مرتين.
وأورد أبو داود حديث عمرو بن حريث
رضي الله عنه أنه قال: [(كأني أسمع الرسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في
صلاة الغداة: (فلا أقسم بالخنس))].
قوله: [(كأني أسمع)] المقصود من ذلك
استحضاره لتلك القراءة، فكأنه يسمعها في حينه، وذلك يدل على تأكده من ذلك،
وليس هناك شك، فهو إخبار عن شيء كأنه يشاهده ويعاينه، وذلك لقوة استحضاره
إياه.
وهذا الحديث فيه مشروعية القراءة في الفجر بـ (إذا الشمس كورت)،
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم القراءة فيها بتطويل، وبتوسط، وبقصار
المفصل.

(105/20)

تراجم رجال إسناد حديث قراءته صلى الله عليه وسلم سورة التكوير في صلاة الفجر
قوله: [حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي].
إبراهيم بن موسى الرازي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا عيسى يعني ابن يونس].
هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن إسماعيل].
إسماعيل هو ابن أبي خالد، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أصبغ مولى عمرو بن حريث].
أصبغ مولى عمرو بن حريث ثقة، أخرج له أبو داود وابن ماجة.
[عن عمرو بن حريث].
عمرو بن حريث رضي الله عنه صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

(105/21)

الأسئلة
(105/22)

حكم من توفي وعليه صيام شهر

السؤال
رجل توفيت أمه وعليها صيام شهر رمضان فماذا يعمل؟

الجواب
إذا كانت متمكنة من القضاء ولم تقض فإنه يقضى عنها.
وأما
إذا ماتت ولم تتمكن من القضاء إما لقصر المدة بعد رمضان ولم تتمكن فيها،
أو لطول المدة ولكنها بقيت مريضة وماتت في مرضها فإنه لا يقضى عنها، وإنما
يقضى عنها إذا كانت قادرة على القضاء ولم تقضِ.
وقد قال عليه الصلاة
والسلام: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)، فيصوم عنها ولدها، لكن هذا
-كما قلت-: إذا كانت متمكنة من القضاء، بمعنى أنه جاء بعد رمضان وقت وهي
غير مريضة وكانت متمكنة من القضاء وماتت قبل أن تقضي.
ولا يلزمه أن يطعم
عنها؛ لأنها لم يجب عليها القضاء، فهي قادرة، فلا يطعم عنها، وإنما يكون
الإطعام عن الإنسان الذي لا يستطيع، والذي عنده عجز دائم، وأما الإنسان
الذي أصابه مرض، أو حصل له سفر وكان عليه قضاء فإنه لا يطعم عنه، وإنما
يصام عنه.

(105/23)

حكم الوضوء بالنسبة للصبي

السؤال
ما حكم الوضوء بالنسبة للصبي؟ وهل يؤمر به؟

الجواب
يعوّد الصبي على الوضوء كما يعوّد على الصلاة.

(105/24)

تعويد الأبناء الصغار على ستر عوراتهم

السؤال
بعض الآباء يأتي بابنه ليصلي، ومع ذلك يلبسه البنطلون القصير بحجة أنه صغير، فما الحكم؟

الجواب
على الإنسان أن يعود أبناءه أحكام الصلاة من ستر العورة، والوضوء وغير ذلك.
وأما
إذا كان الطفل صغيراً لا يعقل فهذا لا ينبغي أنه يوضع في الصف، وأما إذا
كان مميزاً أو يعقل الصلاة فلا بأس، وأما إذا لم يكن كذلك فلا ينبغي له أن
يجعله في الصف، وإنما يجعله أمام الصف، أو خلف الصف، فلا يكون في الصف وهو
ليس من المصلين.

(105/25)

حكم تكليم الخاطب لمخطوبته بالتلفون

السؤال
هل يجوز للخاطب أن يكلم مخطوبته بالتلفون؟

الجواب
لا يصلح أن يحصل من الإنسان توسع في مثل هذا، فله أن يراها، ولها أن تراه، وأما أن يخاطبها ويتكلم معها بالتلفون فهذا لا يجوز.

(105/26)

الحافظ ابن حجر والإرجاء

السؤال
هل الحافظ ابن حجر رحمه الله في مسائل الإيمان مرجئ؟

الجواب
لا أعرف هذا عن الحافظ ابن حجر، والإرجاء الباطل لا يقول به ابن حجر.
ولكن هل عنده إرجاء الفقهاء؟ لا أدري.

(105/27)

حكم لبس البنطلون، والفرق بينه وبين السراويل

السؤال
ما ضابط لبس البنطلون؟ وما الفرق بينه وبين السروال الذي ورد في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم اشتراه؟

الجواب
السراويلات -كما هو معلوم- تكون واسعة، ولا تصف الأحجام، وأما البنطلون
فهو يحجم الجسم، فهذه ميزة البنطلون التي يتميز بها عن السراويلات.

(105/28)

حكم استماع الجنب للقرآن

السؤال
هل يجوز للجنب أن يستمع القرآن؟

الجواب
نعم.

(105/29)

حكم قراءة الجنب للكتب الدينية

السؤال
هل يقرأ الجنب الكتب الدينية؟

الجواب
نعم له ذلك، وله أن يذكر الله، وأما إذا أراد قراءة القرآن فإنه يغتسل ثم يقرأ، ولا يقرأ قبل أن يغتسل.

(105/30)

رفع المأموم صوته بالتكبيرات بعد الإمام

السؤال
هل للمأموم أن يرفع صوته في كل التكبيرات بعد تكبيرات الإمام؟

الجواب
لا يرفع المأموم صوته بالتكبير، وإنما يكبر سراً بينه وبين نفسه، ورفع الصوت بالتكبير إنما هو للإمام؛ حتى يسمع الناس.

(105/31)

تطويل الإمام للركوع لأجل الداخل

السؤال
هل يجوز تطويل الإمام في الركوع لأجل الداخل؟

الجواب
قال به بعض العلماء إذا لم يشق على المأمومين انتظار الداخل، وما أعلم شيئاً يدل عليه.

(105/32)

الدعاء في سجود التلاوة

السؤال
ماذا يقال في سجود التلاوة؟

الجواب
يقال في سجود التلاوة كما يقال في سجود الصلاة، ويقرأ ذلك الدعاء: (اللهم لك سجدت) إلخ الحديث الوارد في هذا.

(105/33)

حكم سجود التلاوة لمن يقرأ القرآن في السيارة

السؤال
كيف يسجد سجود التلاوة من مر على آية سجدة وهو يقرأ القرآن في السيارة؟

الجواب
سجود التلاوة -كما هو معلوم- ليس بواجب، وإنما هو مستحب، فمن فعله -كما
جاء في الأثر عن عمر - فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه، ويبدو أن الذي
لا يسجد على الأرض لا يفعل ذلك؛ لأن هذا قد يشغله عن قيادة السيارة، فإن
خفض الرأس في السجود لا يناسب من يقود السيارة.

(105/34)

شرح سنن أبي داود [106]
القراءة
في الصلاة جزء كبير منها، والواجب منها قراءة سورة الفاتحة، فلا صلاة لمن
لم يقرأ بها، وللعلماء في القراءة بها أقوال معلومة في شأن قراءتها حال
الانفراد وقراءتها خلف الإمام، وغير ذلك مما يتعلق بها من أحكام.

(106/1)

من ترك القراءة بالفاتحة في الصلاة
(106/2)

شرح حديث (أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر)
قال المصنف رحمة الله عليه: [باب: من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب.
حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا همام عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: (أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر)].
أورد
الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب من ترك القراءة في صلاته
بفاتحة الكتاب]، ثم أورد تحت هذه الترجمة الأحاديث التي جاء فيها الأمر
بقراءة الفاتحة ولزومها وتعينها، وليس فيها ذكر تركها كما قد تشير إليه
الترجمة، ولكن المراد بالترجمة -كما قال صاحب (عون المعبود) - حكم من ترك
القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب، ومعنى ذلك أن صلاته غير صحيحة، فقد جاءت
الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعيّن ولزوم قراءتها.
إذا:
ً يكون معنى الترجمة: (باب حكم من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب)
والحكم أن صلاته غير صحيحة؛ للأحاديث الكثيرة التي أوردها أبو داود رحمه
الله تحت هذه الترجمة.
ثم أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي سعيد الخدري
رضي الله تعالى عنه قال: [أمرنا] وقوله: [أمرنا] له حكم الرفع؛ لأن
الصحابي لا يقول مثل ذلك إلا إذا كان الآمر هو رسول الله صلوات الله وسلامه
وبركاته عليه، فهذه صورة لها حكم الرفع، أن يقول الصحابي: أمرنا بكذا أو
نهينا عن كذا، أي أن الآمر والناهي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما إذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت بكذا أو نهيت عن كذا فإن الآمر له هو الله سبحانه وتعالى.
فقول
أبي سعيد: [أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر] يدل على أن قراءة فاتحة
الكتاب وما تيسر مأمور بها ومطلوبة، فجمهور العلماء على أن قراءة الفاتحة
واجبة في حق الإمام والمنفرد، وقال بعض أهل العلم: إن قراءة الفاتحة ليست
متعينة ولا لازمة، بل المطلوب هو قراءة شيء من القرآن، سواء الفاتحة أو غير
الفاتحة، ويستدلون على ذلك بما جاء في بعض الأحاديث من الأمر بقراءة ما
تيسر من القرآن، وقالوا: الذي تيسر من القرآن يشمل الفاتحة وغير الفاتحة،
وعلى هذا فلا تلزم الفاتحة، لكن جمهور أهل العلم على لزوم قراءة الفاتحة في
حق الإمام والمنفرد، وذلك لوجود الأحاديث الكثيرة فيها عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم الدالة على قراءتها.
وأما بالنسبة للمأموم إذا صلى وراء
الإمام فهل يلزمه قراءة الفاتحة أو لا يلزمه ففي ذلك ثلاثة أقوال لأهل
العلم: فمنهم من قال: إنه يقرأ بها في الصلوات السرية والجهرية.
والقول
الثاني بعكس ذلك، وهو أن المأموم لا يلزمه القراءة وراء الإمام سواء في
السرية أو الجهرية، ويستدلون على ذلك بحديث فيه ضعف وهو: (من كان له إمام
فقراءة الإمام له قراءة)، ولو صح فإنه يكون محمولاً على غير الفاتحة، وأما
الفاتحة فإن قراءتها لازمة وواجبة.
والقول الثالث يقول: إن المأموم يقرأ
الفاتحة في الصلاة السرية دون الصلاة الجهرية، والقول الذي تدل عليه
الأحاديث هو القول بوجوب القراءة خلف الإمام، سواء أكان في صلاة جهرية أم
في صلاة سرية، وإذا تمكن من أن يأتي بها في سكتة الإمام إذا سكت في قراءته
دعاء الاستفتاح، وإلا فإنه يقرأ بها والإمام يقرأ السورة؛ لأن قراءة
الفاتحة مطلوبة، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن القراءة
إلا بفاتحة الكتاب.

(106/3)

تراجم رجال إسناد حديث (أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر)
قوله: [حدثنا أبو الوليد الطيالسي].
أبو الوليد الطيالسي هو هشام بن عبد الملك، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا همام].
هو همام بن يحيى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي نضرة].
هو المنذر بن مالك، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن أبي سعيد].
أبو
سعيد الخدري هو سعد بن مالك بن سنان الخدري صاحب رسول الله صلى الله عليه
وسلم، مشهور بنسبته وكنيته، فنسبته: الخدري، وكنيته: أبو سعيد، وأبو سعيد
الخدري رضي الله تعالى عنه واحد من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي
صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة وابن عمر وابن عباس وأبو سعيد وأنس
وجابر وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، فهم ستة
رجال وامرأة واحدة.
وقوله: [وما تيسر] يعني قراءة شيء زائد على
الفاتحة، وجمهور أهل العلم على القول بعدم وجوبها، وإنما هي مستحبة، وقال
بعض أهل العلم: إنه يجب أن يُقرأ شيء مع الفاتحة.

(106/4)

شرح حديث (لا صلاة إلّا بقرآن، ولو بفاتحة الكتاب فما زاد)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي أخبرنا عيسى عن
جعفر بن ميمون البصري حدثنا أبو عثمان النهدي قال: حدثني أبو هريرة رضي
الله عنه أنه قال: قال لي رسول الله صلى الله وعليه وآله وسلم: (اخرج فناد
في المدينة: إنه لا صلاة إلا بقرآن ولو بفاتحة الكتاب فما زاد)].
أورد
أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:
[(اخرج فناد في المدينة: إنه لا صلاة إلا بقرآن ولو بفاتحة الكتاب فما
زاد)] وهذا يدل على أن الصلاة لابد فيها من قراءة، وجاء في آخره قال: [(ولو
بفاتحة الكتاب وما زاد)] وهذا احتج به بعض أهل العلم، فقالوا: إنّ قراءة
الفاتحة لا تتعين وإنما الذي يتعين هو شيء من القرآن سواء الفاتحة أو غير
الفاتحة، وقوله: [(ولو بفاتحة الكتاب فما زاد)] لا يدل على ذلك؛ لأن
المقصود من ذلك أن فاتحة الكتاب هي التي يقرأ بها، وإن جاء شيء معها فإنه
لابد منه، لكن لا يعني ذلك أنه يجوز له ألّا يقرأ بفاتحة الكتاب ويقرأ
بغيرها، فإنه لابد من القرآن، وأقل شيء فيه أن يقرأ بفاتحة الكتاب وما زاد
على ذلك، فليس فيه دلالة على أنه لا تجب قراءة الفاتحة، بل جاءت أحاديث
كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دالة على وجوب قراءتها، وأما هذه
الرواية ففي إسنادها من فيه كلام.

(106/5)

تراجم رجال إسناد حديث (لا صلاة إلّا بقرآن، ولو بفاتحة الكتاب فما زاد)
قوله: [حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي].
إبراهيم بن موسى الرازي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا عيسى].
عيسى هو ابن يونس بن أبي إسحاق، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جعفر بن ميمون البصري].
جعفر بن ميمون البصري صدوق يخطئ، أخرج حديثه البخاري في (جزء القراءة) وأصحاب السنن.
[حدثنا أبو عثمان النهدي].
أبو عثمان النهدي هو عبد الرحمن بن مل بتثليث الميم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثني أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

(106/6)

شرح حديث (لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد) وتراجم رجال إسناده
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا ابن بشار حدثنا يحيى حدثنا جعفر عن أبي
عثمان عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (أمرني رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن أنادي أنه: لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد)].
هذه
رواية أخرى لحديث أبي هريرة، وفيها بيان أن قراءة الفاتحة مأمور بها، وليس
للمصلي أن يقرأ أي قرآن غيرها، بل يقرأ بفاتحة الكتاب وما زاد على ذلك،
فهذه الرواية تدل على ما دل عليه حديث أبي سعيد، وتدل -أيضاً- على أن ما
جاء في الرواية السابقة ليس المقصود منه أنه يقرأ الفاتحة أو غيرها، فإن
الفاتحة لابد منها وغيرها يضاف إليها.
قوله: [حدثنا ابن بشار].
ابن
بشار هو محمد بن بشار الملقب بندار، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة،
بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا يحيى].
يحيى هو ابن سعيد القطان البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جعفر عن أبي عثمان عن أبي هريرة].

(106/7)

شرح حديث (من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا القعنبي عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن
أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة يقول: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه
يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم
القرآن فهي خداج، فهي خداج، فهي خداج غير تمام).
قال: فقلت: يا أبا هريرة! إني أكوني أحياناً وراء الإمام.
قال:
فغمز ذراعي وقال: اقرأ بها -يا فارسي- في نفسك؛ فإني سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين:
فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
اقرءوا، يقول العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
[الفاتحة:2]، يقول الله عز وجل: حمدني عبدي، يقول: {الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ} [الفاتحة:3]، يقول الله عز وجل: أثنى علي عبدي، يقول العبد:
{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4]، يقول الله عز وجل: مجدني عبدي،
يقول العبد: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5]، يقول
الله: هذه بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، يقول العبد: {اهْدِنَا
الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ
غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:6 - 7]، يقول
الله: فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي
هريرة رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [(من
صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج، فهي خداج، فهي خداج غير
تمام)] والمقصود بالخداج أنها غير صحيحة، أو أنها ناقصة غير تامة، وأصل
الخداج مأخوذ من قولهم: أخدجت الناقة: إذا ألقت ما في بطنها قطعة من الدم
قبل أن تتخلق جنيناً، فذلك يكون شيئاً فاسداً لا فائدة منه، فكذلك الصلاة
التي لا يُقرأ فيها بأم الكتاب لا فائدة من ورائها، أو أنها لا تصح، إذاً
فلابد من قراءة الفاتحة.
فقال له الراوي عنه -وهو أبو السائب مولى بني
زهرة -: [إني أكون وراء الإمام] فقال: [اقرأ بها في نفسك]، أي: لا تترك
القراءة وراء الإمام، بل اقرأ بها في نفسك سراً، وليس المقصود من ذلك أنه
يقرأ بها في نفسه بدون تحريك الشفتين؛ لأن هذه ليست قراءة، وإنما المقصود
بذلك أن يقرأ بها سراً في نفسه، وليس استذكاراً أو تأملاً في النفس دون أن
يحرك شفتيه ولسانه، فإن القراءة إنما تكون بذلك، قال: [اقرأ بها في نفسك]
أي: ولو كان الإمام يقرأ، لكن لا تجهر بها، ولا تنازعه في القراءة، ولا
تشوش عليه ولكن اقرأ بها في نفسك، سواء أسر الإمام أو جهر، ولكنه إذا كانت
الصلاة سرية فللمأموم أن يقرأ شيئاً غير الفاتحة، وأما في الجهرية فلا يقرأ
إلا الفاتحة ثم يستمع.
ثم قال أبو هريرة رضي الله عنه: [(فإني سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين
عبدي نصفين، فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل، قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: اقرءوا، يقول العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] يقول الله عز وجل: حمدني عبدي، يقول العبد:
{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:3] يقول الله عز وجل: أثنى علي عبدي،
يقول العبد: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4] يقول الله عز وجل:
مجدني عبدي)] وهذه كلها لله عز وجل؛ لأنها ثناء عليه سبحانه وتعالى، فهذه
ثلاث آيات من أول سورة الفاتحة كلها ثناء وتعظيم وتمجيد لله سبحانه وتعالى،
[(يقول العبد: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5]
يقول الله: هذه بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل)] فقوله: (إياك نعبد) هذه
لله؛ لأن العبادة لله عز وجل، وقوله: (وإياك نستعين) فيه طلب العون من الله
عز وجل، وهذا سؤال، لذلك قال: [(ولعبدي ما سأل)] إذاً: فالآية الرابعة هي
بين الله وبين عبده.
ثم قال: [(يقول العبد: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ
الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ
الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:6 - 7] يقول الله:
هؤلاء لعبدي، ولعبدي ما سأل)].
فهذا الحديث ذكره أبو هريرة رضي الله عنه
مستدلاً به على أن الإنسان يقرأ الفاتحة في نفسه، وذلك أن الصلاة قُسمت
بين العبد وبين الله تعالى قسمان.
والمقصود بالصلاة في قوله سبحانه:
[(قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين)] المقصود بها القراءة، فقد فسرها
بقوله: [(يقول العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2]
وليس المقصود بها الصلاة التي هي أقوال وأفعال مبتدأة بالتكبير ومنتهية
بالتسليم، فإن ذلك لله وحده، وإنما الذي يكون لله وللعبد هو ما اشتملت عليه
الفاتحة، فبعضها دعاء يرجع إلى العبد، وبعضها ثناء على الله عز وجل وتعظيم
له، ولهذا فكون الإنسان يقرأ الفاتحة، أو يدعو بهذا الدعاء الذي في
الفاتحة بعد أن سبقه الحمد لله والثناء عليه هو من أسباب قبول الدعاء.
ثم
ختمت السورة بطلب الهداية: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}
[الفاتحة:6]، وحاجة الناس إليه فوق كل حاجة، وضرورتهم إليه فوق كل ضرورة؛
لأن هدايتهم للصراط المستقيم فيه خروجهم من الظلمات إلى النور، وفيه
سعادتهم في الدنيا والآخرة، فلا شك في أن هذا أهم المهمات، وأعظم المطالب،
وأجل شيء يدعو به الإنسان ربه أن يعطيه إياه.
وقوله: {اهْدِنَا
الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6] هذا الدعاء يشتمل على أمرين:
التثبيت على الهداية الحاصلة، وطلب المزيد من الهداية، فالهداية منها ما هو
موجود فيطلب الإنسان التثبيت عليه، أو يطلب المزيد، كما قال تعالى:
{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ}
[محمد:17]، فهو يطلب بقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}
[الفاتحة:6] أن يثبته الله على ما حصل له من الهداية، وأن يوفقه لتحصيل
زيادة في الهداية.
فقول الله عز وجل: [(قسمت الصلاة بيني وبين عبدي
نصفين)] المقصود به القراءة وليس المقصود به الصلاة، وأطلق على الفاتحة
أنها صلاة لأنها لازمة ومتعينة على كل مصلٍ، حيث تجب قراءتها في الصلاة، ثم
كون الإنسان يقرأ بها يحصل هذه المطالب التي في آخرها التي تتعلق بالعبد،
وقد قال الله عز وجل: [(هذه لعبدي ولعبدي ما سأل)].
ثم إن هذا الحديث
يدل على أن البسملة ليست آية من الفاتحة؛ لأنه لما قال: [(قسمت الصلاة بيني
وبين عبدي نصفين)]، وذكر هذه السورة التي تقرأ في الصلاة وهي الفاتحة قال:
[(يقول العبد: الحمد لله رب العالمين)] ولم يقل: فإذا قال: بسم الله
الرحمن الرحيم.
قال بعض أهل العلم: فدل هذا على أن البسملة ليست من
الفاتحة، فهي آية من القرآن تأتي قبل كل سورة، ولكنها ليست من الفاتحة ولا
من غير الفاتحة، إلا بسم الله الرحمن التي في وسط سورة النمل، فهي بعض آية
من سورة النمل، وإنما الكلام في الآيات التي تكون في أوائل السور، فهي آية
من القرآن ولكنها ليست من السور، ولم يرو عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم
في المصحف إلا ما هو قرآن، ولو كانت غير قرآن لما وضعوها في وسط المصحف،
ولميزوها عن غيرها، ولبينوا أنها ليست قرآناً، فما دام أنهم ذكروها في
المصحف ولا يكون في المصحف إلا القرآن فهي قرآن، ولكنها ليست من الفاتحة،
وعلى هذا فمن يقول: إنها من الفاتحة والفاتحة سبع آيات فتكون البسملة هي
الآية الأولى، وتكون الآية الأخيرة هي: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ
عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}
[الفاتحة:7]، وأما على ما دل عليه حديث أبي هريرة هذا من أن البسملة ليست
من الفاتحة فإن ما بعد: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6]
ثلاث آيات، وتكون: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5]
هي الآية المتوسطة، فهي متوسطة بين الثلاث الآ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر   الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد مارس 03, 2013 2:17 pm

اقتباس :


فهذا الحديث ذكره أبو هريرة رضي الله عنه مستدلاً به على أن الإنسان
يقرأ الفاتحة في نفسه، وذلك أن الصلاة قُسمت بين العبد وبين الله تعالى
قسمان.
والمقصود بالصلاة في قوله سبحانه: [(قسمت الصلاة بيني وبين عبدي
نصفين)] المقصود بها القراءة، فقد فسرها بقوله: [(يقول العبد: {الْحَمْدُ
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] وليس المقصود بها الصلاة التي هي
أقوال وأفعال مبتدأة بالتكبير ومنتهية بالتسليم، فإن ذلك لله وحده، وإنما
الذي يكون لله وللعبد هو ما اشتملت عليه الفاتحة، فبعضها دعاء يرجع إلى
العبد، وبعضها ثناء على الله عز وجل وتعظيم له، ولهذا فكون الإنسان يقرأ
الفاتحة، أو يدعو بهذا الدعاء الذي في الفاتحة بعد أن سبقه الحمد لله
والثناء عليه هو من أسباب قبول الدعاء.
ثم ختمت السورة بطلب الهداية:
{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6]، وحاجة الناس إليه فوق
كل حاجة، وضرورتهم إليه فوق كل ضرورة؛ لأن هدايتهم للصراط المستقيم فيه
خروجهم من الظلمات إلى النور، وفيه سعادتهم في الدنيا والآخرة، فلا شك في
أن هذا أهم المهمات، وأعظم المطالب، وأجل شيء يدعو به الإنسان ربه أن يعطيه
إياه.
وقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6] هذا
الدعاء يشتمل على أمرين: التثبيت على الهداية الحاصلة، وطلب المزيد من
الهداية، فالهداية منها ما هو موجود فيطلب الإنسان التثبيت عليه، أو يطلب
المزيد، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى
وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} [محمد:17]، فهو يطلب بقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ
الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6] أن يثبته الله على ما حصل له من الهداية، وأن
يوفقه لتحصيل زيادة في الهداية.
فقول الله عز وجل: [(قسمت الصلاة بيني
وبين عبدي نصفين)] المقصود به القراءة وليس المقصود به الصلاة، وأطلق على
الفاتحة أنها صلاة لأنها لازمة ومتعينة على كل مصلٍ، حيث تجب قراءتها في
الصلاة، ثم كون الإنسان يقرأ بها يحصل هذه المطالب التي في آخرها التي
تتعلق بالعبد، وقد قال الله عز وجل: [(هذه لعبدي ولعبدي ما سأل)].
ثم إن
هذا الحديث يدل على أن البسملة ليست آية من الفاتحة؛ لأنه لما قال: [(قسمت
الصلاة بيني وبين عبدي نصفين)]، وذكر هذه السورة التي تقرأ في الصلاة وهي
الفاتحة قال: [(يقول العبد: الحمد لله رب العالمين)] ولم يقل: فإذا قال:
بسم الله الرحمن الرحيم.
قال بعض أهل العلم: فدل هذا على أن البسملة
ليست من الفاتحة، فهي آية من القرآن تأتي قبل كل سورة، ولكنها ليست من
الفاتحة ولا من غير الفاتحة، إلا بسم الله الرحمن التي في وسط سورة النمل،
فهي بعض آية من سورة النمل، وإنما الكلام في الآيات التي تكون في أوائل
السور، فهي آية من القرآن ولكنها ليست من السور، ولم يرو عن الصحابة رضي
الله عنهم وأرضاهم في المصحف إلا ما هو قرآن، ولو كانت غير قرآن لما وضعوها
في وسط المصحف، ولميزوها عن غيرها، ولبينوا أنها ليست قرآناً، فما دام
أنهم ذكروها في المصحف ولا يكون في المصحف إلا القرآن فهي قرآن، ولكنها
ليست من الفاتحة، وعلى هذا فمن يقول: إنها من الفاتحة والفاتحة سبع آيات
فتكون البسملة هي الآية الأولى، وتكون الآية الأخيرة هي: {صِرَاطَ
الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا
الضَّالِّينَ} [الفاتحة:7]، وأما على ما دل عليه حديث أبي هريرة هذا من أن
البسملة ليست من الفاتحة فإن ما بعد: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}
[الفاتحة:6] ثلاث آيات، وتكون: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ
نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] هي الآية المتوسطة، فهي متوسطة بين الثلاث الآيات
الخاصة بالعبد، والثلاث الآيات الخاصة بالله، وهذه الآية المتوسطة نصفها
الأول لله ونصفها الآخر للعبد، ونصفها الأول هو قوله: ((إِيَّاكَ
نَعْبُدُ))، وهذا لله، فتكون تابعة للثلاث الآيات التي قبلها، وتكون جملة:
((وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) -وهي من مطالب العبد- تابعة لما بعدها وهو:
{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6]، فتكون: ((صِرَاطَ
الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)) آية، ويكون قوله: ((غَيْرِ الْمَغْضُوبِ
عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ)) آية، والقول الصحيح -كما سبق إن أشرت إلى
ذلك من قبل- أن البسملة في أوائل السور آية من القرآن، ولكنها ليست من
السورة التي جاءت في أولها، وإنما هي آية من القرآن، فقد مر بنا الحديث
الذي فيه: أنه نزل على النبي صلى الله عليه وسلم (بسم الله الرحيم: {إِنَّا
أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر:1]) فذكر أن البسملة من جملة ما نزل،
لكن جاء في هذا الحديث أن البسملة ليست آية من الفاتحة، وجعل أول الفاتحة
هو قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2]، وهذا
الحديث من الأحاديث القدسية التي تكلم بها الله عز وجل، والضمائر فيه ترجع
إلى الله عز وجل، فهو من كلام الله عز وجل، وهو ليس من القرآن، وإنما هو من
سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فليس له حكمه حكم القرآن من حيث التعبد
بالتلاوة، ولكن حكمه حكم القرآن من حيث العمل به؛ لأن السنة يعمل بها كما
يعمل بالقرآن.
وقول
(106/Cool

تراجم رجال إسناد حديث (من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج)
قوله: [حدثنا القعنبي].
القعنبي هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[عن مالك].
هو
مالك بن أنس إمام دار الهجرة، الإمام المشهور أحد أصحاب المذاهب الأربعة
المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن العلاء بن عبد الرحمن].
العلاء بن عبد الرحمن صدوق ربما وهم، أخرج حديثه البخاري في (جزء القراءة) ومسلم وأصحاب السنن.
[أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة].
أبو السائب مولى هشام بن زهرة ثقة، أخرج له البخاري في (جزء القراءة) ومسلم وأصحاب السنن.
[سمعت أبا هريرة].
أبو هريرة رضي الله عنه مر ذكره.

(106/9)

شرح حديث (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعداً)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد وابن السرح قالا: حدثنا
سفيان عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت رضي الله عنهما
يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب
فصاعداً) قال سفيان: لمن يصلي وحده].
أورد أبو داود حديث عبادة بن
الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(لا صلاة لمن لم
يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعداً)]، وهذا مثل ما تقدم في حديث أبي سعيد وحديث
أبي هريرة [(لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعداً)] أي: فما زاد على
ذلك.
ثم قال أبو داود: [قال سفيان: لمن صلى وحده] أي أنها تكون في حق
المنفرد ولا تكون في حق المأموم، والأصل هو العموم والشمول، وتقييده أو
إخراج شيء من أفراده غير صحيح، بل الأصل هو بقاء النص على عمومه، وأنه لا
صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، وقد سبق أن مر حديث أبي هريرة عندما قال
له أبو السائب: إني أكون وراء الإمام قال: اقرأ بها في نفسك، أي أن قراءة
الفاتحة لا يتركها المأموم، فالقول بأن المقصود من الحديث من صلى وحده دون
من كان مأموماً غير صحيح.

(106/10)

تراجم رجال إسناد حديث (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعداً)
قوله: [حدثنا قتيبة بن سعيد].
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وابن السرح].
ابن السرح هو أحمد بن عمرو بن السرح المصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[حدثنا سفيان].
سفيان هو ابن عيينة المكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
الزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله الزهري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمود بن الربيع].
محمود بن الربيع صحابي صغير، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبادة بن الصامت].
عبادة بن الصامت رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم].
هذا
بمعنى: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) فهناك عبارات هي بمعنى: (قال)،
أو (سمعت)، منها: (يبلغ به)، (يرفعه)، (ينميه)، فهذه كلها صيغ بمعنى (قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم)، أي أن ذلك مرفوع إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وليس موقوفاً على الصحابي.

(106/11)

شرح حديث (لعلكم تقرءون خلف إمامكم)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا محمد بن
سلمة عن محمد بن إسحاق عن مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت رضي
الله عنهما أنه قال: (كنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر
فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فثقلت عليه القراءة، فلما فرغ قال:
لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟! قلنا: نعم هذّاً يا رسول الله!.
قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها)].
أورد
أبو داود رحمه الله حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم صلى بهم صلاة الفجر فثقلت عليه القراءة فقال: [(لعلكم تقرءون خلف
إمامكم؟)] قالوا: نعم نصنع ذلك هذاً.
أي أنهم يسرعون بالقراءة، فقال:
[(لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها)] وهذا يدل
على أن المأموم لا يقرأ خلف إمامه شيئاً من القرآن إلا الفاتحة؛ لأن
الفاتحة مستثناة، وقد جاءت نصوص تدل على قراءتها، وأما في غير الفاتحة فإن
المأموم يستمع ولا يقرأ شيئاً إلا في الصلاة السرية، فإنه يقرأ الفاتحة
وغير الفاتحة، وليس في هذا شيء إلا إذا كان هناك رفع للصوت، فهذا يؤثر
ويشوش على الإمام، وقد جاء في بعض الأحاديث: (وإذا قرأ فأنصتوا)، فلا
يقرءون وهو يقرأ إلا بفاتحة الكتاب، فإنها مستثناة.

(106/12)

تراجم رجال إسناد حديث (لعلكم تقرءون خلف إمامكم)
قوله: [حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي].
عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[عن محمد بن سلمة].
هو محمد بن سلمة الباهلي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في (جزء القراءة) ومسلم وأصحاب السنن.
وهذا غير محمد بن سلمة المرادي المصري فإن المرادي المصري من شيوخ أبي داود.
[عن محمد بن إسحاق].
هو محمد بن إسحاق المدني، صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن مكحول].
مكحول هو الشامي، وهو ثقة فقيه، أخرج له البخاري في (جزء القراءة) ومسلم وأصحاب السنن.
[عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت].
محمود بن الربيع وعبادة بن الصامت مر ذكرهما.

(106/13)

شرح حديث (لا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرتُ إلّا بأم القرآن)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الربيع بن سليمان الأزدي حدثنا عبد الله
بن يوسف حدثنا الهيثم بن حميد أخبرني زيد بن واقد عن مكحول عن نافع بن
محمود بن الربيع الأنصاري قال نافع: (أبطأ عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن
صلاة الصبح، فأقام أبو نعيم المؤذن للصلاة فصلى أبو نعيم بالناس، وأقبل
عبادة وأنا معه حتى صففنا خلف أبي نعيم، وأبو نعيم يجهر بالقراءة، فجعل
عبادة يقرأ بأم القرآن، فلما انصرف قلت لـ عبادة: سمعتك تقرأ بأم القرآن
وأبو نعيم يجهر! قال: أجل، صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض
الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة، قال: فالتبست عليه القراءة، فلما انصرف
أقبل علينا بوجهه وقال: هل تقرءون إذا جهرت بالقراءة؟ فقال بعضنا: إنا نصنع
ذلك، قال: فلا، وأنا أقول: ما لي ينازعني القرآن؟! فلا تقرءوا بشيء من
القرآن إذا جهرت إلا بأم القرآن)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث عبادة
بن الصامت من طريق أخرى، وهو كالذي قبله، وفيه ذكر المناسبة التي حدّث فيها
عبادة بن الصامت بهذا الحديث، وهي أن عبادة أبطأ على الناس، فتقدم المؤذن
أبو نعيم فصلى بالناس وجهر بالقراءة لأن الصلاة كانت جهرية، وكان نافع بن
محمود مع عبادة بن الصامت فصلى بجانبه، فسمع عبادة بن الصامت وهو يقرأ
بالفاتحة في الوقت الذي كان فيه أبو نعيم يجهر بالقراءة، فسأله بعد أن سلم،
فذكر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وهو مثل ما تقدم.
والمنازعة هي المخالجة والمداخلة.

(106/14)

تراجم رجال إسناد حديث (لا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرتُ إلّا بأم القرآن)
قوله: [حدثنا الربيع بن سليمان الأزدي].
الربيع بن سليمان الأزدي، ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي.
[حدثنا عبد الله بن يوسف].
هو عبد الله بن يوسف التنيسي، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا الهيثم بن حميد].
الهيثم بن حميد صدوق، أخرج له أصحاب السنن.
[أخبرني زيد بن واقد].
زيد بن واقد ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[عن مكحول عن نافع بن محمود بن الربيع].
مكحول مر ذكره، ونافع بن محمود بن الربيع مستور، أخرج له البخاري في جزء القراءة وأبو داود والنسائي.
[عن عبادة].
عبادة مر ذكره.
وكون هذه الطريق فيها مستور لا يضر؛ فقد سبقت طرق أخرى من غير هذا المستور.

(106/15)

شرح حديث (لا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرت إلا بأم القرآن) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا علي بن سهل الرملي حدثنا الوليد عن ابن
جابر وسعيد بن عبد العزيز وعبد الله بن العلاء عن مكحول عن عبادة رضي الله
عنه نحو حديث الربيع بن سليمان، قالوا: فكان مكحول يقرأ في المغرب والعشاء
والصبح بفاتحة الكتاب في كل ركعة سراً، قال مكحول: اقرأ بها فيما جهر به
الإمام إذا قرأ بفاتحة الكتاب وسكت سراً، فإن لم يسكت اقرأ بها قبله ومعه
وبعده، لا تتركها على كل حال].
أورد أبو داود حديث عبادة بن الصامت من
طريق أخرى، نحو حديث الربيع بن سليمان وفيه أن مكحولاً قال: [اقرأ بها فيما
جهر به الإمام إذا قرأ بفاتحة الكتاب وسكت سراًَ].
أي: لا تترك قراءة
الفاتحة وراء الإمام، فإذا جهر الإمام فإن كان له سكتات اقرأ في السكتات،
وإن لم يكن له سكتات فإنه يقرأ والإمام يقرأ، سواء أكان ذلك قبله أم معه أم
بعده، فالمهم أن لا يتركها في حال من الأحوال، وله أن يقرأ قبله وقت أن
يقرأ الإمام دعاء الاستفتاح، وليس في هذا مسابقة له؛ لأن القراءة مطلوبة،
وكونه يقرأ في حال سكوت الإمام ثم يستمع للإمام أفضل.
قوله: [حدثنا علي بن سهل الرملي].
علي بن سهل الرملي صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي في (عمل اليوم والليلة).
[حدثنا الوليد].
الوليد هو ابن مسلم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جابر].
هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وسعيد بن عبد العزيز].
هو سعيد بن عبد العزيز الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) ومسلم وأصحاب السنن.
[وعبد الله بن العلاء].
عبد الله بن العلاء ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[عن مكحول عن عبادة].
مكحول وعبادة مر ذكرهما، ومكحول لم يدرك عبادة، ففيه انقطاع، لكن الروايات السابقة فيها ذكر الواسطة.

(106/16)

كراهة القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام
(106/17)

شرح حديث (هل قرأ معي أحد منكم آنفاً)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام.
حدثنا
القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن ابن أكيمة الليثي عن أبي هريرة رضي الله
عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة
فقال: هل قرأ معي أحد منكم آنفاً؟ فقال رجل: نعم يا رسول الله! قال: إني
أقول: ما لي أنازع القرآن؟! قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم فيما جهر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة من
الصلوات حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم).
قال أبو داود: روى حديث ابن أكيمة هذا معمر ويونس وأسامة بن زيد عن الزهري على معنى مالك].
أورد
أبو داود رحمه الله هذه الترجمة: [باب: من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا
جهر الإمام]، والمقصود من هذا الإشارة إلى أن من العلماء من قال بأن
المأموم لا يقرأ بفاتحة الكتاب في حال الجهر، وقد سبق أن ذكرت أن هناك
ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه يقرأ بفاتحة الكتاب في جميع الأحوال.
والقول الثاني: إنه لا يقرأ بها في جميع الأحوال، ولا يلزمه ذلك.
والقول الثالث: أنه يقرأ في السرية دون الجهرية، وهذه الترجمة هنا تدل على هذا القول.
وأورد
أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه: [(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال: هل قرأ معي أحداً منكم آنفا؟ فقال
رجل: نعم يا رسول الله!)].
وهو مثل ما تقدم عن أبي هريرة، إلا إنه فيما
مضى قال: (فلا تقرءوا إلا بفاتحة الكتاب) وهنا قال: [(إني أقول: ما لي
أنازع القرآن؟)] فانتهى الناس حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه
وسلم.
لكن يمكن أن يحمل ما جاء هنا من الإطلاق على ما جاء عنه فيما تقدم
من التقييد، فيكون المقصود من ذلك أن الانتهاء والامتناع إنما يكون في غير
الفاتحة، وأما الفاتحة فإنه يقرأ بها، فهنا عندما قال: [(ما لي أنازع)]
قال بعد ذلك: (لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب)، فعلى هذا لا يكون في هذا
الحديث دليل على أن الفاتحة لا تقرأ؛ لأنه قد ورد في الأحاديث ما يدل على
استثناء الفاتحة، وأن المنع إنما هو فيما إذا كان المأموم يقرأ غير
الفاتحة، فليس له أن يقرأ في ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (وإذا قرأ
فأنصتوا).

(106/18)

تراجم رجال إسناد حديث (هل قرأ معي أحد منكم آنفاً)
قوله: [حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن ابن أكيمة الليثي].
قد مر ذكر الجميع إلا ابن أكيمة الليثي، وهو عمارة، وهو ثقة، أخرج له البخاري في (جزء القراءة) وأصحاب السنن.
[عن أبي هريرة].
أبو هريرة مر ذكره.
قوله: [قال أبو داود: روى حديث ابن أكيمة هذا معمر ويونس وأسامة].
معمر بن راشد الأزدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ويونس بن يزيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وأسامة بن زيد].
هو أسامة بن زيد الليثي، وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن الزهري على معنى مالك].
أي أن ما جاء عن الزهري هو بمعنى ما جاء في حديث مالك الذي تقدم في الإسناد السابق.

(106/19)

شرح حديث (هل قرأ معي أحد منكم آنفاً) من طريق أخرى
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد وأحمد بن محمد المروزي ومحمد بن أحمد
بن أبي خلف وعبد الله بن محمد الزهري وابن السرح قالوا: حدثنا سفيان عن
الزهري قال: سمعت ابن أكيمة يحدث عن سعيد بن المسيب أنه قال: سمعت أبا
هريرة رضي الله عنه يقول: (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة نظن
أنها الصبح.
بمعناه إلى قوله: ما لي أنازع القرآن؟).
قال أبو داود:
قال مسدد في حديثه: قال معمر: فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر به رسول
الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن السرح في حديثه: قال معمر عن الزهري:
قال أبو هريرة: فانتهى الناس، وقال عبد الله بن محمد الزهري من بينهم: قال
سفيان: وتكلم الزهري بكلمة لم أسمعها، فقال معمر: إنه قال: فانتهى الناس.
قال
أبو داود: ورواه عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري وانتهى حديثه إلى قوله:
(ما لي أنازع القرآن؟)، ورواه الأوزاعي عن الزهري قال فيه: قال الزهري:
فاتعظ المسلمون بذلك، فلم يكونوا يقرءون معه فيما يجهر به صلى الله عليه
وسلم.
قال أبو داود: سمعت محمد بن يحيى بن فارس قال: قوله: (فانتهى الناس) من كلام الزهري].
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: [(صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة نظن أنها الصبح.
بمعناه
إلى قوله: ما لي أنازع القرآن؟)] أي: بمعنى الحديث المتقدم، ثم ذكر روايات
متعددة في بيان أن قوله: [فانتهى الناس] من كلام الزهري، أو من كلام معمر،
وبعضهم قال: إنه من كلام أبي هريرة، لكن قد سبق عن أبي هريرة رضي الله عنه
أنه غمز ذلك الرجل بيده وقال له: (اقرأ بها في نفسك يا فارسي) فيدل هذا
على أن أبا هريرة رضي الله عنه يقول بالقراءة، ويستدل -أيضاً- على ذلك بما
جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في قسمة الصلاة بين الله تعالى وبين
عبده نصفين، وعلى هذا فسواء أكان ذلك من قول أبي هريرة، أم من قول الزهري،
أم من قول معمر فإنه يحمل على غير الفاتحة، وأما بالنسبة للفاتحة فقد
تقدمت الأحاديث عن أبي هريرة وفيها التنصيص على استثناء الفاتحة.

(106/20)

تراجم رجال إسناد حديث (هل قرأ معي أحد منكم آنفاً) من طريق آخرى
قوله: [حدثنا مسدد].
مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[وأحمد بن محمد المروزي].
أحمد بن محمد المروزي ثقة، أخرج له أبو داود.
[ومحمد بن أحمد بن أبي خلف].
محمد بن أحمد بن أبي خلف ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود.
[وعبد الله بن محمد الزهري].
عبد الله بن محمد الزهري صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[وابن السرح].
ابن السرح مر ذكره.
[حدثنا سفيان].
سفيان هو ابن عيينة، وقد مر ذكره.
[عن الزهري سمعت ابن أكيمة عن سعيد بن المسيب].
سعيد بن المسيب أحد الثقاة التابعين، وهو أحد الفقهاء السبعة الذي كانوا في عصر التابعين، وهو ثقة، أخرج له الكتاب الستة.
قوله:
[قال ابن السرح في حديثه: قال معمر: عن الزهري قال أبو هريرة: فانتهى
الناس، وقال عبد الله بن محمد الزهري من بينهم: قال سفيان: وتكلم الزهري
بكلمة لم أسمعها، فقال معمر: إنه قال: فانتهى الناس].
أي أنه اختلف على
معمر هل هذا الكلام من كلام الزهري أو من كلام أبي هريرة، وسواء أكان من
كلام أبي هريرة أم من كلام الزهري أم من كلام معمر نفسه فإن ذلك الانتهاء
يحمل على غير الفاتحة.
قوله: [قال أبو داود: ورواه عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري].
عبد الرحمن بن إسحاق صدوق، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) ومسلم وأصحاب السنن.
قوله: [وانتهى حديثه إلى قوله: [(ما لي أنازع القرآن؟)] ورواه الأوزاعي عن الزهري].
الأوزاعي هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قوله: [قال فيه: قال الزهري: فاتعظ المسلمون بذلك فلم يكونوا يقرءون معه فيما يجهر به صلى الله عليه وسلم] أي أنه من كلام الزهري.
قوله: [قال أبو داود: سمعت محمد بن يحيى بن فارس قال: قوله: (فانتهى الناس) من كلام الزهري].
أورد
هذا الكلام عن شيخه محمد بن يحيى بن فارس أن قوله: [فانتهى الناس] من كلام
الزهري، وهو دائر بين أن يكون من كلام أبي هريرة أو من كلام الزهري، أو من
كلام الاثنين.
ومحمد بن يحيى بن فارس هو الذهلي، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
وأما
بالنسبة لسكتات الإمام فقد سبق أن مر بنا بعض الأحاديث في سكتات الإمام،
وهي من رواية الحسن عن سمرة، ورواية الحسن عن سمرة -كما هو معلوم- منقطعة،
إلّا حديث العقيقة فهو متصل، وأما غيره فلا يصح، فإذا لم تثبت تلك الأحاديث
فلا يسكت؛ لعدم وجود شيء ثابت يدل على أن الإمام يسكت ليقرأ الناس
الفاتحة، ولكنه إذا سكت ليتأمل ما يريد أن يقرأ به، أو يريد أن يختار شيئاً
يقرأ به فلا بأس بذلك، وأما أن يسكت من أجل أن يقرأ الناس الفاتحة فما
نعلم شيئاً يدل على ذلك.

(106/21)


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر   الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد مارس 03, 2013 2:18 pm

اقتباس :


شرح سنن أبي داود [107]
قراءة
الفاتحة واجبة في الصلاة على الإمام والمأموم والمنفرد، إلا أنه ينبغي
للمأموم ألا يجهر بها حتى يخالج الإمام ويشوش عليه، وإن كان في جهرية
فالأولى له أن يقرأها في إحدى سكتات الإمام، فإن لم يتيسر له ذلك جاز له أن
يقرأها والإمام يقرأ، ومن كان أمياً أو أعجمياً لا يحسن الفاتحة فعليه أن
يقرأ سواها من القرآن، فإن لم يتيسر له ذلك اكتفى بالتسبيح والتهليل
والدعاء، وعليه أن يسعى في حفظ الفاتحة بقدر استطاعته.

(107/1)

من رأى القراءة إذا لم يجهر الإمام بقراءته
(107/2)

شرح حديث (قد عرفت أن بعضكم خالجنيها)
قال المصنَّف رحمة الله عليه: [باب من رأى القراءة إذا لم يجهر الإمام بقراءته.
حدثنا
أبو الوليد الطيالسي حدثنا شعبة، ح: وحدثنا محمد بن كثير العبدي أخبرنا
شعبة -المعنى- عن قتادة عن زرارة عن عمران بن حصين رضي الله عنه: (أن النبي
صلى الله عليه وسلم صلى الظهر فجاء رجل فقرأ خلفه بـ: (سَبِّحِ اسْمَ
رَبِّكَ الأَعْلَى) فلما فرغ قال: أيكم قرأ؟ قالوا: رجل، قال: قد عرفت أن
بعضكم خالجنيها).
قال أبو داود: قال أبو الوليد في حديثه: قال شعبة:
فقلت لـ قتادة: أليس قول سعيد: أنصت للقرآن؟ قال: ذاك إذا جهر به، وقال ابن
كثير في حديثه: قال: قلت لـ قتادة: كأنه كرهه، قال: لو كرهه نهى عنه].
يقول الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: [باب من رأى القراءة إذا لم يجهر الإمام بقراءته].
والمقصود
من هذه الترجمة أن الإمام إذا أسر القراءة فإن المأموم يقرأ الفاتحة
وغيرها ولكنه لا يجهر بحيث يشوش على الإمام وعلى غير الإمام، فليس هناك
معارضة أو تنافٍ مع قراءة الإمام، فإذا جهر الإمام فإنه يستمع، وإذا أسر
الإمام فليس هناك استماع، فعلى المأموم أن يقرأ الفاتحة وغيرها ولا يسكت،
وقد عرفنا فيما مضى إن العلماء اختلفوا في قراءة المأموم الذي يصلي وراء
الإمام على ثلاثة أقوال:- القول الأول: أنه يقرأ الفاتحة دون غيرها سواء
جهر الإمام أو أسر.
والقول الثاني: أنه لا يقرأ في الجهرية ولا في السرية، أي: ليس على المأموم قراءة سواء أسر الإمام أو جهر.
والقول
الثالث: التفصيل بين السرية والجهرية، فيستمع في الصلاة الجهرية، ويقرأ في
الصلاة السرية، لأنه ليس هناك قراءة قرآن حتى يستمع لها.
والراجح هو
القول الأول الذي يقول بلزوم قراءة الفاتحة على المأموم في جميع الأحوال،
سواء أسر الإمام أو جهر، وأما بالنسبة لغير الفاتحة فلا يقرأها في الجهرية،
ولكن يقرأها مع الفاتحة في السرية، والدليل على هذا أن النبي عليه الصلاة
والسلام قال: (لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب)، أو (إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة
الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب).
وقد أورد أبو داود حديث
عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه: [(أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى
الظهر، فجاء رجل وقرأ خلفه: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى)] معنى ذلك
أنه سمع صوت قراءته بها.
قال: [(فلما فرغ قال: أيكم قرأ؟ قالوا: رجل.
قال:
قد عرفت أن بعضكم خالجنيها)] يعني: نازعني في القراءة، فالمخالجة هي
المنازعة في القراءة والمداخلة، وهذا إنما يكون محذوراً وممنوعاً إذا جهر،
وأما إذا كانت القراءة بدون جهر فإن هذا لا إشكال فيه، ولا يؤثر على الإمام
شيئاً، ولهذا عرف الرسول صلى الله عليه وسلم أن الرجل قرأ بـ {سَبِّحِ
اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى:1]؛ لأنه رفع صوته.
قوله: [قال أبو
داود: قال أبو الوليد في حديثه: قال شعبة: فقلت لـ قتادة: أليس قول سعيد:
أنصت للقرآن؟ قال: إنما ذاك إذا جهر به] أي: وهذه الصلاة سرية، والصلاة
السرية يقرأ فيها؛ لأنه ليس فيها قرآن ينصت له، وإنما يكون الإنصات في
الصلاة الجهرية، ولا يقرأ إلا الفاتحة، وإن كان الإمام يجهر بالقراءة،
فيحاول أن يقرأ في سكتات الإمام، كالسكتة الأولى التي يستفتح بها، وإن وجد
غير ذلك من السكتات فإنه يقرأ في ذلك، وإن لم يكن هناك سكوت فإن الفاتحة
تقرأ ولو كان الإمام يقرأ؛ لأنه قد جاء استثناؤها عن رسول الله صلوات الله
وسلامه وبركاته عليه.
قوله: [وقال ابن كثير في حديثه: قال: قلت لـ قتادة: كأنه كرهه، قال: لو كرهه نهى عنه].
ابن
كثير هو شيخ أبي داود في الطريق الثانية، وأبو الوليد هو شيخ أبي داود في
الطريق الأولى، وابن كثير هو محمد بن كثير العبدي، قال: [قلت لـ قتادة:
كأنه كرهه] يعني: كره هذا الفعل، قال: [لو كرهه لنهى عنه]، والمقصود من ذلك
أن القراءة لو كانت منهياً عنها لمنع منها، ولكن الشيء الذي يكره إنما هو
الجهر؛ لأن الإمام لا يجهر وكذلك المأموم لا يجهر، فالجهر يحصل به التشويش
والمخالجة وانشغال الإمام.
وأما أصل القراءة فإنها مشروعة، وقد جاء ما
يدل على ذلك عن الصحابة، فجاء أنهم كانوا يقرءون خلف رسول الله صلى الله
عليه وسلم، بل إن النبي عليه الصلاة والسلام كان يسمعهم الآية أحياناً؛ حتى
يعرفوا السورة التي يقرأ بها من أجل أن يقرءوا بها.

(107/3)

تراجم رجال إسناد حديث (قد عرفت أن بعضكم خالجنيها)
قوله: [حدثنا أبو الوليد الطيالسي].
أبو الوليد الطيالسي: هشام بن عبد الملك الطيالسي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ح: وحدثنا محمد بن كثير].
قوله: [ح] للتحول من إسناد إلى إسناد، ومحمد بن كثير هو العبدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا شعبة المعنى].
قوله:
[المعنى] أي أن هاتين الطريقين لم تتفقا في الألفاظ، وإنما اتفقتا في
المعنى مع وجود خلاف في الألفاظ، وهذه الطريقة يستعملها أبو داود رحمه الله
عندما يذكر طرقاً متعددة، فيشير إلى أن الاتفاق إنما هو حاصل في المعنى
وليس هناك اتفاق في الألفاظ كلها، وإنما هو اتفاق معنىً لا لفظاً.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زرارة].
هو
زرارة بن أوفى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقد ذكروا في ترجمته
أنه كان أميراً على البصرة فيما يظهر لي، وكان يصلي بالناس، فقرأ سورة
المدثر فلما وصل إلى قول الله عز وجل: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ *
فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ} [المدثر:8 - 9] شهق وخر مغشياً عليه
ومات، رحمة الله عليه، وذكره أيضاً ابن كثير في تفسير عند قوله: {فَإِذَا
نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [المدثر:8].
[عن عمران بن حصين].
هو عمران بن حصين أبو نجيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
ووجه
المناسبة بين الترجمة وهذا الحديث أن الباب فيه القراءة إذا أسر الإمام
بالقراءة، وهذا فيه أن ذلك المأموم قرأ بـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ
الأَعْلَى) وراء الإمام، إذاً فالمأموم يقرأ إذا أسر الإمام بالفاتحة
وغيرها.
وقوله: [(قد عرفت أن بعضكم خالجنيها)] يعني: لكونه سمع صوته، لا
لكونه أسر بها، فكلهم يقرءون ويسرون، والمقصود عدم رفع الصوت بالقراءة من
قبل المأموم، ولا يلزم أن يقرأ بـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى)،
فالمخالجة في القراءة هي تداخل القراءات، فيكون هناك تشويش.

(107/4)

إسناد آخر لحديث (قد علمت أن بعضكم خالجنيها) وتراجم رجاله
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا ابن المثنى حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن
قتادة عن زرارة عن عمران بن حصين رضي الله عنه: (أن النبي الله صلى الله
عليه وسلم صلى بهم الظهر، فلما انفتل قال: أيكم قرأ بـ: (سَبِّحِ اسْمَ
رَبِّكَ الأَعْلَى)؟ فقال رجل: أنا، فقال: علمت أن بعضكم خالجنيها)].
أورد حديث عمران بن حصين رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله.
قوله: [حدثنا ابن المثنى].
ابن
المثنى هو: محمد بن المثنى العنزي أبو موسى الملقب بـ الزمن، وهو مشهور
بكنيته، ولهذا تجد في (تهذيب التهذيب) عند ذكر الشيوخ والتلاميذ من الرواة
يقول: روى عنه أبو موسى، أو روى عن أبي موسى، والمقصود به محمد بن المثنى،
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، فقد
رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا ابن أبي عدي].
ابن أبي عدي هو: محمد بن إبراهيم بن أبي عدي منسوب إلى جده، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد].
سعيد هو ابن أبي عروبة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة عن زرارة عن عمران بن حصين].
قد مر ذكرهم.

(107/5)

ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة
(107/6)

شرح حديث (اقرءوا فكل حسن وسيجيء أقوام يقيمونه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة.
حدثنا
وهب بن بقية أخبرنا خالد عن حميد الأعرج عن محمد بن المنكدر عن جابر بن
عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: (خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
ونحن نقرأ القرآن، وفينا الأعرابي والأعجمي، فقال: اقرءوا فكل حسن، وسيجيء
أقوام يقيمونه كما يقام القدح، يتعجلونه ولا يتأجلونه)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [باب: ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة].
والأمي: هو الذي لا يقرأ ولا يكتب، والأعجمي: هو غير العربي، لذلك لا يحسن العربية؛ لأنه من العجم، ولغته لغة العجم.
وقوله:
[ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة] يحتمل أن يكون المراد به القرآن الذي
يقرأ به وهو يجزئه، أو الذي يجزئ عن القراءة إذا لم يستطع القراءة في
الصلاة ولم يكن عنده شيء من القرآن، وكلا الحالتين تكون بالنسبة للأمي
والأعجمي، فقد يكون الأمي والأعرابي والأعجمي عندهم شيء من القرآن ولكنهم
لا يقيمونه بإتقان وترتيل، ففي هذه الحالة يقرءون على حسب أحوالهم ما دام
أنهم يقيمون الحروف ولا يحصل منهم خطأ، ولو لم يكونوا متمكنين من التجويد
والترتيل.
والحالة الثانية: أن يكون الواحد منهم ليس عنده شيء من
القرآن، فما الذي يجزئه بدلاً منه؟ قد وردت في ذلك أحاديث تدل على أن
الأعرابي والأعجمي يقرءان على ما يتيسر لهما، وورد أنه إذا لم يكن عنده شيء
من القرآن فإنه يحمد الله ويسبحه ويهلله، وورد في هذه الترجمة أحاديث.
فقوله:
[ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة] يحتمل أن يكون المقصود به القرآن حيث
يكون عنده شيء من القرآن ولكنه لا يقرأه كما يقرأه المتمكن في قراءته،
فهنا يقرأ على حسب حاله، ويحتمل أن يكون ليس عنده شيء من القرآن، فهذا يأتي
بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، ويكفيه ذلك عن القرآن، وهذا لا يعني
أن الإنسان يكون كذلك باستمرار، ولكن حيث يعجز في الحال عن أن يتعلم شيئاً
من القرآن فإنه يأتي بهذه الكلمات ويصلي، كأن يحين وقت الصلاة، أو دخل في
الإسلام وهو لا يعرف شيئاً فإنه يصلي، ولكن عليه أن يتعلم.
وأورد أبو
داود رحمه الله عدة أحاديث، أولها حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله
عنه قال: [(خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقرأ القرآن،
وفينا الأعرابي والأعجمي)] أي أنهم يقرءون القرآن، ويتفاوتون في قراءته،
فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: [(اقرءوا فكل حسن)] يعني ما عند الأعرابي
وما عند الأعجمي وما يقدر عليه من القراءة حسن، قال: [(وسيجيء أقوام
يقيمونه كما يقام القدح)] وهو واحد السهام التي يرمى بها [(يتعجلونه ولا
يتأجلونه)] يعني أنهم يتقنون القرآن، ويحسنون قراءته، ويتمكنون من ذلك،
ولكن همهم الدنيا وليس همهم الآخرة، فيريدون تعجل الثواب دون أن يؤجلوا
الثواب، فيكون همهم الفانية وليس همهم الباقية، وليس هذا تزهيداً في إقامة
القرآن والعناية به فإن ذلك محمود، ولكن المحذور هو أنهم يجودون القرآن
ويتقنونه فيتعجلون الثواب ولا يتأجلونه، فهذا هو المذموم.
وأما إقامة
القرآن وإتقانه، والحرص على إجادته دون تكلف أو مبالغة فهو أمر مطلوب، فهذا
الذي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم هو إخبار عن أناس هذه صفتهم.
وأما
من يجيد القرآن ويتقنه ولا يكون همه الدنيا، ولا يكون متعجلاً للثواب، بل
قصده أن يقرأ القرآن ويتدبره، ويحصل الأجر فيه بكل حرف واحد عشر حسنات كما
جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن هذا محمود، وإنما المذموم هو
أوصاف هؤلاء الذين سيأتون، فهم متمكنون من القرآن، يقيمون حروفه، ويقيمون
قراءته ولكنهم لا يعملون به، ويتعجلون الثواب ولا يتأجلونه، أي أن همهم
الدنيا وليست همهم الآخرة، إذاً فليس في هذا تزهيد في إقامة القرآن
وإتقانه، ولكن الذي لا يصلح هو المبالغة والزيادة التي تخرج عن الحد في
قراءة القرآن.
وفي هذا الحديث إخبار عن أمور مستقبلة، وكل ما أخر به
الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه واقع ولابد؛ لأنه لا ينطق عن الهوى عليه
الصلاة والسلام، فهذا إخبار عن قوم سيأتون هذا شأنهم ووصفهم، ولا شك في أن
هذا قد وقع، فهناك من يكون عنده إتقان للقرآن ولكن همه الدنيا وليس همه
الآخرة، والعياذ بالله.

(107/7)

تراجم رجال إسناد حديث (اقرءوا فكل حسن وسيجيء أقوام يقيمونه)
قوله: [حدثنا وهب بن بقية].
وهب بن بقية هو الواسطي، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي.
[أخبرنا خالد].
خالد هو ابن عبد الله الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حميد الأعرج].
حميد الأعرج لا بأس به، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن المنكدر].
محمد بن المنكدر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر بن عبد الله].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، الصحابي الجليل، أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(107/Cool

شرح حديث (خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقترئ)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب
أخبرني عمرو وابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن وفاء بن شريح الصدفي عن سهل بن
سعد الساعدي رضي الله عنهما أنه قال: (خرج علينا رسول الله صلى الله عليه
وسلم يوماً ونحن نقترئ، فقال: الحمد لله، كتاب الله واحد، وفيكم الأحمر،
وفيكم الأبيض، وفيكم الأسود، اقرءوه قبل أن يقرأه أقوام يقيمونه كما يقوم
السهم، يتعجل أجره ولا يتأجله)].
أورد أبو داود حديث سهل بن سعد الساعدي
رضي الله عنه -وهو مثل حديث جابر المتقدم- أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم
خرج عليهم وفيهم الأحمر والأبيض والأسود، وقال: [(اقرءوه قبل أن يقرأه
أقوام يقيمونه كما يقوم السهم)] أي أنه سيأتي أناس هذا شأنهم، فلا يكن شأن
أحد منكم مثلهم، فهو مثل حديث جابر بن عبد الله المتقدم، وزاده توضيحاً
بذكر التعجل والتأجل، أي: يتعجلون أجره وثوابه، ولا يتأجلونه، أي: يريدون
الدنيا ولا يريدون الآخرة، ويريدون العاجلة ولا يريدون الآخرة.
ولا يفهم من هذه العبارة أن المراد تعجلهم بقراءة القرآن دون العمل بمقتضى القرآن، فالحديث واضح في بيان أن التعجل هو للأجر.

(107/9)

تراجم رجال إسناد حديث (خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقترئ)
قوله: [حدثنا أحمد بن صالح].
هو أحمد بن صالح المصري، ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.
[حدثنا عبد الله بن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا عمرو].
هو عمرو هو ابن الحارث المصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وابن لهيعة].
ابن
لهيعة هو عبد الله بن لهيعة المصري، وهو صدوق، احترقت كتبه فاختلط، وحديثه
أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة، وأما النسائي فما كان يحدث عنه،
بل إذا جاء ذكره في مثل هذا الإسناد الذي فيه القرن بينه وبين غيره يقول
النسائي: حدثنا فلان ورجل آخر، فيبهمه ولا يحذفه؛ لأن في الإسناد رجلين،
فهو لا يخرج لهذا الرجل انفراداً، فيحافظ على الإسناد مع إبهام الثاني وهو
ابن لهيعة كما هنا.
[عن بكر بن سوادة].
هو بكر بن سوادة المصري أيضاً، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن وفاء بن شريح الصدفي].
وفاء بن شريح الصدفي مصري أيضاً، وهو مقبول، أخرج له أبو داود.
[عن سهل بن سعد الساعدي].
سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وكون وفاء بن شريح مقبول لا يؤثر في الحديث؛ لأنه بمعنى الحديث المتقدم.

(107/10)

شرح حديث (إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئاً فعلمني ما يجزئني منه)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع بن الجراح
حدثنا سفيان الثوري عن أبي خالد الدالاني عن إبراهيم السكسكي عن عبد الله
بن أبي أوفى رضي الله عنه أنه قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئاً فعلمني ما يجزئني منه، قال:
قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا
قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال: يا رسول الله! هذا لله عز وجل فما لي؟ قال: قل: اللهم ارحمني، وارزقني، وعافني، واهدني.
فلما قام قال هكذا بيده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما هذا فقد ملأ يده من الخير)].
أورد
أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه أنه جاء رجل
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله! إنني لا أستطيع أن
آخذ من القرآن شيئاً فعلمني ما يجزئني منه.
وليس معنى ذلك أنه لا يستطيع
أن يأخذ من القرآن شيئاً أبداً، ولكنه لعله في ذلك الحال لا يستطيع، ويريد
أن يصلي، فيريد من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمه شيئاً يجزئه عن
القراءة حتى يتمكن من أن يأخذ شيئاً، والذي يستطيع أن يعرف هذه الكلمات
فإنه يمكنه أن يتعلم الفاتحة، فالمقصود هو التمكن من الإتيان بالصلاة قبل
أن يتعلم.
وقوله: [ما يجزئني منه] أي: عنه، وليس جزءاً منه، فالرسول صلى
الله عليه وسلم علمه شيئاً غير القرآن وهو التسبيح والتهليل والتكبير
والتحميد، فكلمة (منه) تعني: بدلاً عنه، أي: يعلمه شيئاً يقوم مقام القرآن
في حال قيامه.
وكلمة (منه) تأتي بهذا المعنى وهو البدل، ومنه قول الله
عز وجل: {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ
الرَّحْمَنِ} [الأنبياء:42] أي: بدل الرحمن، والمراد: من الذي يفعل هذا غير
الرحمن؟ فليس هناك أحد غير الله سبحانه وتعالى، فهو الذي يكلؤكم.
ومنه قول الشاعر: جارية لم تأكل المرققا ولم تذق من البقول الفستقا.
يعني: بدل البقول.
وليس معنى ذلك أنه يستمر دائماً وأبداً لا يتعلم شيئاً من القرآن ويأتي بهذه الكلمات.
قوله:
[هذه لربي] أي: هذا كله ثناء على الله عز وجل وليس فيه سؤال ولا طلب شيء
لي، فما لي؟ قال: [(قل: اللهم ارحمني وارزقني، وعافني، واهدني)] وهذه كلها
مطالب وأسئلة من الله عز وجل تعود عليه، فقوله: (اللهم ارحمني) يطلب منه
الرحمة، (وارزقني) يطلب منه الرزق الحلال، (وعافني) يطلب منه العافية
والسلامة، (واهدني) أي: ثبتني على الهدى الحاصل، وزدني من الهدى، فهو يطلب
التثبيت على ما قد حصل، ويطلب المزيد مما لم يحصل من الهداية، ولهذا نجد في
قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ
أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}
[الفاتحة:6 - 7] أنهم طلبوا الهداية من ناحيتين: التثبيت على الهداية
الحاصلة، وطلب المزيد من الهداية.
وفي قوله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا
زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} [محمد:17] فهذا فيه التثبيت على ما
هو حاصل، والمزيد مما لم يحصل.
قوله: [(فلما قام)] أي: السائل أو الرجل
[(قال هكذا بيده)] وقال هنا بمعنى (فعل)، أي: فعل بيده هكذا، ففيه الإتيان
بالقول بدل الفعل، يعني: قال بيده هكذا.
يعني: قبضها، كأنه قبض هذه
الأشياء التي عدها وأمسكها حفظها وأبقى عليها، فالرسول صلى الله عليه وسلم
قال: [(أما هذا فقد ملأ يده من الخير)].

(107/11)

تراجم رجال إسناد حديث (إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئاً فعلمني ما يجزئني منه)
قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة].
عثمان بن أبي شيبة الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[حدثنا وكيع بن الجراح].
هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان الثوري].
سفيان الثوري هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي خالد الدالاني].
أبو خالد الدالاني هو يزيد بن عبد الرحمن، صدوق يخطئ كثيراً، أخرج له أصحاب السنن.
[عن إبراهيم السكسكي].
إبراهيم
السكسكي، هو إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي وهو صدوق ضعيف الحفظ، أخرج له
البخاري وأبو داود والنسائي، ولا يؤثر كونه سيء الحفظ، فقد احتج به
البخاري.
[عن عبد الله بن أبي أوفى].
هو عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

(107/12)


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر   الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد مارس 03, 2013 2:21 pm

اقتباس :

شرح أثر (كنا نصلي التطوع ندعو قياماً وقعوداً)
قال المصنف رحمه
الله تعالى: [حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع أخبرنا أبو إسحاق -يعني
الفزاري - عن حميد عن الحسن عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال:
(كنا نصلي التطوع ندعو قياماً وقعوداً، ونسبح ركوعاً وسجوداً)].
أورد
أبو داود رحمه الله حديث جابر قال: [كنا نصلي التطوع فندعو قياماً وقعوداً،
ونسبح ركوعاً وسجوداً] يعني أنهم كانوا يدعون في حال قيامهم بدل القرآن أو
مع القرآن، لكن الحديث لم يثبت؛ لأن فيه انقطاعاً، ومع هذا هو موقوف على
جابر، وليس من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد جاءت نصوص عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم تدل على أنه لابد من قراءة الفاتحة، فهذا الحديث
مع ضعفه مخالف للأحاديث التي فيها إيجاب قراءة القرآن في الصلاة.

(107/13)

تراجم رجال إسناد حديث (كنا نصلي التطوع ندعو قياماً وقعوداً)
قوله: [حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع].
أبو توبة الربيع بن نافع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[أخبرنا أبو إسحاق -يعني الفزاري -].
أبو إسحاق الفزاري هو: إبراهيم بن محمد، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حميد].
هو حميد بن أبي حميد الطويل، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن].
هو الحسن بن أبي الحسن البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد مر ذكره.
ولم
يسمع الحسن من جابر، فهو منقطع، ومع ذلك هو موقوف على جابر، فهو حديث لا
يثبت، وهو مع ذلك معارض للأحاديث التي فيها لزوم القراءة في حال القيام،
وإنما يكون الدعاء في حق من لم يقدر على القراءة، وذلك بصورة مؤقتة كما سبق
في الحديث الذي قبل هذا، أما أن يكون عملهم في حال القيام الدعاء بدل
القراءة فهذا لم يثبت.

(107/14)

شرح أثر قراءة الحسن للفاتحة مع التسبيح والتكبير والتهليل
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن حميد مثله،
لم يذكر التطوع قال: كان الحسن يقرأ في الظهر والعصر إماماً أو خلف إمام
بفاتحة الكتاب، ويسبح ويكبر ويهلل قدر (ق) و (الذاريات)].
أورد أبو داود
الحديث عن جابر وقال: [مثله] يعني: مثل ما تقدم، وزاد: [الحسن يقرأ في
الظهر والعصر إماماً أو خلف إمام بفاتحة الكتاب، ويسبح ويكبر ويهلل قدر (ق)
و (الذاريات)]، وهذا فيه تنصيص على أنه يقرأ الفاتحة، ويسبح ويكبر قدر
قراءة (ق) والذاريات، وهذا شيء كثير في حال القيام، وهذا الإسناد متصل إلى
الحسن من فعله، فهو ثابت عنه، ولكن لا حجة فيه؛ لأن الحجة إنما تكون بما
جاء عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

(107/15)

تراجم رجال إسناد أثر قراءة الحسن للفاتحة مع التسبيح والتكبير والتهليل
قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل].
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد].
حماد هو ابن سلمة، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن حميد].
حميد هو ابن أبي حميد الطويل، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[مثله].
قوله:
[مثله] أي: مثل ما تقدم عن الحسن عن جابر، وبعد ذلك قال: [وكان الحسن] وهو
ثابت إلى الحسن، فتبين من ذلك أن الحديث المرفوع لم يثبت رفعه، وأن الصواب
فيه أنه من فعل الحسن، فقد كان يدعو طويلاً قدر (ق) والذاريات، وهذا -كما
قلنا- ثابت إلى الحسن.

(107/16)

شرح سنن أبي داود [108]
الصلاة
عبادة عظيمة شرع لها الله تعالى من الأحكام ما يخصها ويرفع قدرها، ومن تلك
الأحكام مشروعية التكبير فيها عند كل خفض ورفع، إلا في الرفع من الركوع،
ومن أحكامها كذلك كيفية الهوي إلى السجود، وعلى أي عضو يعتمد المرء من يديه
وركبتيه، وغير ذلك من الأحكام المتعلقة بها.

(108/1)

تمام التكبير
(108/2)

شرح حديث (صليت أنا وعمران بن حصين خلف علي بن أبي طالب فكان إذا سجد كبر وإذا رفع كبر)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب تمام التكبير.
حدثنا
سليمان بن حرب حدثنا حماد عن غيلان بن جرير عن مطرف أنه قال: (صليت أنا
وعمران بن حصين خلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه فكان إذا سجد كبر، وإذا
ركع كبر، وإذا نهض من الركعتين كبر، فلما انصرفنا أخذ عمران بيدي وقال: لقد
صلى هذا قبل -أو قال: لقد صلى بنا هذا قبل- صلاة محمد صلى الله عليه
وسلم)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [باب تمام التكبير]،
يعني أنه يؤتى بالتكبير في جميع الأحوال التي وردت عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وهي عند كل خفض ورفع في الصلاة، إلا عند القيام من الركوع
فيقال: (سمع الله لمن حمده) وإلا عند التسليم فيقال: (السلام وعليكم ورحمة
الله)، وما عدا ذلك فكله تكبير، فهناك تكبيرة الإحرام، والتكبير عند
الركوع، وعند السجود، وعند القيام من السجدة الأولى، وعند السجدة الثانية،
وعند القيام من السجدة الثانية، ففي كل ذلك تكبير، وهذا هو تمام التكبير،
فيؤتى به في جميع الأحوال، ويؤتى به في كل الانتقالات من ركن إلى ركن، في
الانتقال من القيام إلى الركوع، ومن القيام إلى السجود، ومن القيام من
السجود، ومن السجود بعد الجلوس، ومن القيام بعد السجدة الثانية، فهذا
المقصود بتمام التكبير، أي أنه يؤتى به في جميع المواضع التي ورد فيها،
فيكون في الفجر إحدى عشرة تكبيرة؛ لأن كل ركعة فيها خمس، وتكبيرة الإحرام
هي الحادية عشرة، وصلاة المغرب فيها سبع عشرة تكبيرة، فهي ثلاث ركعات، وكل
ركعة فيها خمس تكبيرات، وتكبيرة الإحرام، وتكبيرة القيام من التشهد الأول،
والصلوات الرباعيات كل صلاة فيها اثنتان وعشرون تكبيرة، فتكون تكبيرات
الصلوات الخمس في اليوم والليلة أربعاً وتسعين تكبيرة، وصيغة التكبير:
(الله أكبر)، فهذا هو تمام التكبير، فيؤتى به في جميع المواضع.
وقد ذكر
المصنف هنا تمام التكبير، وسيأتي أن هناك حذف التكبير في بعض المواضع، وأنه
لا يؤتى به، لكن لعل ذاك محمول على أن فيه إخفاء التكبير، لا أن يحذف كله
ولا يؤتى به.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث عمران بن حصين أن علياً رضي
الله عنه صلى بهم صلاة فكان إذا سجد كبر، يعني: إذا هوى من القيام إلى
السجود كبر.
قوله: [وإذا ركع كبر] أي أنه يكبر عندما يكون قائماً، ويكبر بعدما يرفع من الركوع، ويكبر عند الهوي للسجود.
قوله: [وإذا نهض من الركعتين كبر] يعني بذلك القيام من التشهد الأول.
قوله: [قال مطرف: فلما انصرفنا أخذ عمران بيدي وقال: لقد صلى هذا قبل -أو قال: لقد صلى بنا هذا قبلُ- صلاة محمد صلى الله عليه وسلم].
أي: لقد صلى بنا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، أي أنها مشتملة على التكبير.

(108/3)

تراجم رجال إسناد حديث (صليت أنا وعمران بن حصين خلف علي بن أبي طالب فكان إذا سجد كبر وإذا ركع كبر)
قوله: [حدثنا سليمان بن حرب].
سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد].
حماد هو ابن زيد، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وإذا
روى سليمان عن حماد وهو غير منسوب فالمراد به حماد بن زيد، وهذا عكس موسى
بن إسماعيل التبوذكي، فإنه إذا روى عن حماد غير منسوب فهو حماد بن سلمة.
[عن غيلان بن جرير].
غيلان بن جرير، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مطرف].
هو مطرف بن عبد الله بن الشخير، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمران بن حصين].
عمران بن حصين رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وهذا
الحديث من مسند عمران بن حصين؛ لأنه قال: إن صلاة علي هذه هي صلاة الرسول
صلى الله عليه وسلم، أي أن صفة الصلاة هذه كصفة صلاة رسول الله، فالذي رفعه
إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام هو عمران بن حصين رضي الله عنه.

(108/4)

شرح حديث بيان صلاة أبي هريرة وتشبيهها بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا أَبي وبقية عن شعيب
عن الزهري أنه قال: أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن وأبو سلمة: (أن أبا هريرة
رضي الله عنه كان يكبر في كل صلاة من المكتوبة وغيرها، يكبر حين يقوم، ثم
يكبر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده، ثم يقول: ربنا ولك الحمد قبل
أن يسجد، ثم يقول: الله أكبر حين يهوي ساجداً، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم
يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يقوم من الجلوس في
اثنتين، فيفعل ذلك في كل ركعة حتى يفرغ من الصلاة، ثم يقول حين ينصرف:
والذي نفسي بيده إني لأقربكم شبهاً بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن
كانت هذه لصلاته حتى فارق الدنيا).
قال أبو داود: هذا الكلام الأخير
يجعله مالك والزبيدي وغيرهما عن الزهري عن علي بن حسين، ووافق عبد الأعلى
عن معمر شعيب بن أبي حمزة عن الزهري].
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي
الله عنه، وفيه أنه صلى بالناس وكان يكبر حين يقوم - أي: تكبيرة الإحرام
-، ويكبر حين يركع، ويكبر حين يسجد، ويكبر حين يقوم من السجود، ويكبر حين
يسجد، ويكبر حين يقوم، ثم عند القيام من الركعتين -أي: في الصلاة الثلاثية
والرباعية-، ثم يقول: إني أشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا فيه تمام التكبير الذي أشار إليه المصنف، وهو الإتيان به في المواضع كلها.
وقد
اتفق العلماء على أن تكبيرة الإحرام لابد منها، بل إن الصلاة لا تنعقد
بدونها، وقد قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تحريمها التكبير)،
فالإنسان لا يكون داخلاً في الصلاة إلا إذا كبر، ولا يصح أن يدخل في الصلاة
بدون تكبيرة الإحرام.
وأما التكبيرات الأخرى -وهي تكبيرات الانتقال-
فقد اختلف فيها العلماء، فمنهم من قال باستحبابها، ومنهم من قال بوجوبها،
وأما التكبيرة الأولى وهي تكبيرة الإحرام فهي ركن لابد منه، فكان أبو هريرة
رضي الله عنه يكبر في كل صلاة من المكتوبة وغيرها، أي: في الفرائض
والنوافل.
قوله: [يكبر حين يقوم] يعني تكبيرة الإحرام، والمراد: عندما
يكون قائماً، وليس المقصود أنه عندما يقوم من السجود أو غيره؛ لأن هذا
القيام في أول الصلاة فمن أين يقوم؟! والمقصود: حين يكون قائماً، فإذا أراد
أن يدخل في الصلاة كبر.
وقوله: [ثم يكبر حين يركع] أي: حين يوجد منه الهوي للركوع.
وقوله: [ثم يقول: سمع الله لمن حمده] أي: عندما يقوم من الركوع، فليس هناك تكبير في هذا المقام، وإنما فيه التسميع.
وقوله: [ثم يقول: ربنا ولك الحمد قبل أن يسجد] أي: في حال قيامه بعد الركوع وقبل السجود.
وقوله:
[ثم يقول: الله أكبر حين يهوي ساجداً] أي: يكبر حين يهوي، فلا يكبر وهو
قائم ثم يسجد، ولا يكبر وهو ساجد على الأرض، وإنما يكون ذلك حين يهوي.
وقوله: [ثم يكبر حين يرفع رأسه] أي: من السجود في السجدة الأولى.
وقوله: [ثم يكبر حين يسجد] أي: السجدة الثانية.
وقوله: (ثم يكبر حين يرفع رأسه) أي: من السجدة الثانية.
وقوله:
[ثم يكبر حين يقوم من الجلوس في اثنتين، فيفعل ذلك في كل ركعة حتى يفرغ من
الصلاة] أي أن كل ركعة فيها خمس تكبيرات: تكبيرة عند الركوع، وتكبيرة عند
السجود، وتكبيرة عند القيام من السجود، وتكبيرة عند القيام من السجود،
وتكبيرة عند السجود الثاني، وتكبيرة عند الرفع من السجدة الثانية، ويضاف
إلى ذلك تكبيرة الإحرام، وتكبيرة القيام من الركعتين بالنسبة للصلاة
الثلاثية والرباعية.
ثم قال أبو هريرة: [إني أقربكم شبهاً بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم].
ومقصود
أبي هريرة رضي الله عنه من قسمه بأنه أشبههم صلاة برسول الله صلى الله
عليه وسلم تنبيههم إلى أن يعرفوا أن هذه الهيئة في الصلاة التي صلاها هي
هيئة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون بذلك حاثاً لهم على أن
يتأملوا في أفعاله وفي صلاته؛ لأنه يصلي كصلاة رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وليس المقصود من ذلك التمدح والثناء، وإنما يقصد بذلك حثهم وإخبارهم
بأن هذه الهيئة التي فعلها هي صفة صلاة رسول الله صلوات الله وسلامه
وبركاته عليه.
وقوله: [إن كانت هذه لصلاته حتى فارق الدنيا] يعني أنه
استمر على ذلك، وبهذه الهيئة التي فيها هذه التكبيرات، وبهذه الكيفية التي
صلاها بهم أبو هريرة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلوات الله وسلامه
وبركاته وعليه.

(108/5)

تراجم رجال إسناد حديث صلاة أبي هريرة وتشبيهها بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
قوله: [حدثنا عمرو بن عثمان].
عمرو بن عثمان هو: عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي، وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[حدثنا أبي].
هو عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[وبقية].
بقية هو بقية بن الوليد وهو صدوق كثير الرواية عن الضعفاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن شعيب].
شعيب هو ابن أبي حمزة الحمصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
الزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن].
هو
أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وهو ثقة فقيه، من فقهاء المدينة
السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، والفقهاء السبعة كانوا في
المدينة في عصر التابعين، ستة منهم متفق على عدهم في الفقهاء السبعة،
والسابع فيه خلاف على أقوال ثلاثة، والستة المتفق على عدهم من الفقهاء
السبعة هم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وخارجة بن زيد بن
ثابت، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسليمان بن
يسار، وعروة بن الزبير بن العوام، فهؤلاء الستة متفق على عدهم في الفقهاء
السبعة، وأما السابع ففيه ثلاثة أقوال: فقيل: هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن
الحارث بن هشام المذكور هنا، وقيل: هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وقد
جاء هنا في نفس الإسناد مع أبي بكر بن عبد الرحمن، والقول الثالث أنه سالم
بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعلى هذا فـ أبو بكر بن عبد الرحمن بن
الحارث بن هشام أحد فقهاء المدينة السبعة الذين اشتهروا بهذا اللقب على
اختلاف فيه، وليس متفقاً عليه، وهؤلاء الفقهاء السبعة يذكرون بهذا اللقب
فيغني ذلك عن عدهم، كما يذكر ذلك في بعض المسائل الفقهية كمسألة زكاة عروض
التجارة، فعندما يذكر العلماء الكلام عليها يقولون: وقد قال بها الأئمة
الأربعة، والفقهاء السبعة.
فالأئمة الأربعة هم أصحاب المذاهب الأربعة
المشهورة: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، والفقهاء السبعة هم هؤلاء
السبعة الذين مرّ ذكرهم.
وقد اجتمع في هذا الإسناد اثنان من الذين اختلف
في عدهم في الفقهاء السبعة، وهم أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام،
وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وكل منهما ثقة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب
الستة.
[عن أبي هريرة].
أبو هريرة هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن
النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة وابن عمر وابن عباس وأبو سعيد
وأنس وجابر وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين،
فهم ستة رجال وامرأة واحدة، وهؤلاء السبعة هم الذين رووا الأحاديث الكثيرة
عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قوله: [قال أبو داود: هذا الكلام الأخير يجعله مالك والزبيدي وغيرهما عن الزهري عن علي بن الحسين].
يعني بذلك قوله: [إن كانت هذه لصلاته حتى فارق الدنيا] حيث يجعله مالك والزبيدي وغيرهما عن الزهري عن علي بن الحسين.
ومالك بن أنس رحمة الله عليه هو أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة المعروفة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والزبيدي هو محمد بن الوليد الزبيدي الحمصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن الزهري عن علي بن الحسين].
الزهري مر ذكره.
وعلي بن حسين هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب زين العابدين، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قوله: [ووافق عبد الأعلى عن معمر شعيب بن أبي حمزة عن الزهري].
أي
أن عبد الأعلى هو الذي وافق شعيب بن أبي حمزة في الرواية، فـ عبد الأعلى
عن معمر عن الزهري، وشعيب عن الزهري، فوافق عبدَ الأعلى عن معمر شعيباً عن
الزهري وهذه الموافقة في كون الزهري يروي عن شيخين، وهما أبو بكر بن عبد
الرحمن بن الحارث بن هشام وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، فهذا هو المقصود
بالموافقة، فقد جاء عن الزهري أنه روى عن أبي بكر بن عبد الرحمن وحده،
وجاء عنه -أيضاً- أنه روى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وحده، ولكن جاء عن عبد
الأعلى عن معمر عن الزهري مثل ما جاء عن شعيب بن أبي حمزة عن الزهري في أن
الزهري يروي عن شيخين وهما: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام،
وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.
وعبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
ومعمر هو معمر بن راشد الأزدي البصري، ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وشعيب والزهري مر ذكرهما في الإسناد السابق.

(108/6)

شرح حديث ابن أبزى أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان لا يتم التكبير
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن بشار وابن المثنى قالا: حدثنا أبو
داود حدثنا شعبة عن الحسن بن عمران -قال ابن بشار: الشامي، وقال أبو داود:
أبو عبد الله العسقلاني - عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه رضي الله
عنه: (أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان لا يتم التكبير).
قال أبو داود: معناه: إذا رفع رأسه من الركوع وأراد أن يسجد لم يكبر، وإذا قام من السجود لم يكبر].
أورد
أبو داود حديث عبد الرحمن بن أبزى [أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم وكان لا يتم التكبير]، وهذا يخالف ما تقدم عن أبي هريرة من إتمام
التكبير، والإتيان بالتكبيرات عند كل خفض ورفع، وقد ترجم له أبو داود فقال:
[باب تمام التكبير]، وهذا الحديث فيه عدم إتمام التكبير، أي: حذف شيء منه
وعدم الإتيان به، فيحمل هذا الحديث -لو صح- على إخفائه، وأنه كان لا يظهره
في هذين الموضعين الذين أشار إليهما أبو داود وهما: إذا سجد، وإذا قام من
السجود، ففي هاتين الحالتين كان لا يتم التكبير، لكن الحديث غير صحيح؛ لأن
في إسناده من هو ضعيف، وعلى هذا فلا يثبت، والمعتمد في ذلك ما جاء في حديث
أبي هريرة، وحديث علي الذي قبله رضي الله تعالى عنهما، وفي ذلك إتمام
التكبير، والإتيان بالتكبيرات كلها، ولو صح حديث عبد الرحمن بن أبزى لأمكن
حمله على إخفائه وعدم إظهاره كما ينبغي، وليس المقصود أن يتركه ولا يأتي
به، وعلى كل فالحديث ضعيف من أجل أحد رواته، وهو الحسن بن عمران، فهو لين
الحديث.

(108/7)

تراجم رجال إسناد حديث ابن أبزى أنه صلى مع رسول الله وكان لا يتم التكبير
قوله: [حدثنا محمد بن بشار].
محمد
بن بشار هو الملقب بـ بندار البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة،
بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، فقد رووا عنه مباشرة بلا واسطة.
[وابن
المثنى] هو محمد بن المثنى العنزي أبو موسى الملقب بـ الزمن، وهو ثقة، أخرج
له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
فهذان الشيخان
هما من شيوخ أصحاب الكتب الستة، وهم: البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي
والنسائي وابن ماجة، وهما من شيوخ البخاري الصغار، وقد ماتا في سنة واحدة،
وذلك قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، وقد كان ذلك في سنة اثنتين وخمسين
ومائتين، وتوفي البخاري سنة ست وخمسين ومائتين.
وممن كان من شيوخ أصحاب
الكتب الستة ومات في السنة التي ماتا فيها: يعقوب بن إبراهيم الدورقي،
فهؤلاء الثلاثة من صغار شيوخ البخاري، وهم شيوخ لأصحاب الكتب الستة كلهم،
وقد مات الثلاثة قبل وفاة البخاري بأربع سنين.
وقد قال الحافظ ابن حجر لما ذكر ترجمة محمد بن المثنى: وكان هو وبندار كفرسي رهان، وماتا في سنة واحدة.
يعني
أنهما متماثلان في أمور كثيرة: فهما متفقان في الشيوخ والتلاميذ، وهما من
أهل البصرة، وماتا في سنة واحدة وهي سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
[حدثنا أبو داود].
أبو داود هو سليمان بن داود الطيالسي، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا شعبة].
شعبة هو ابن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن بن عمران].
الحسن بن عمران لين الحديث، أخرج حديثه أبو داود وحده.
قوله: [قال ابن بشار: الشامي، وقال أبو داود: أبو عبد الله العسقلاني].
أي
أن ابن بشار شيخ أبي داود الأول من الشيخين أضاف في إسناده وفي ذكر هذا
الشيخ الذي هو الحسن بن عمران فقال: [الشامي] أي أن محمد بن المثنى في
إسناده قال: الحسن بن عمران الشامي.
وأبو داود قال في إسناده: [العسقلاني].
فذكر
كنيته أبا عبد الله، وذكر نسبته وهي العسقلاني، وليس بينها وبين الشامي
فرق؛ لأن عسقلان من بلاد الشام، فـ الشامي نسبة عامة والعسقلاني نسبة خاصة،
فقال ابن بشار: [الشامي]، وقال أبو داود: [أبو عبد الله العسقلاني]، لكن
يشكل على هذا الكلام أن محمد بن بشار يروي هنا عن أبي داود، فهو شيخه، فلا
أدري هل هذا الكلام صحيح، وعلى كل فهذه النسبة هي زيادة إيضاح لهذا الرجل
وهو الحسن بن عمران، ففي الأول ذكر نسبته إلى الشام، وفي الثاني ذكر نسبته
إلى عسقلان، وذكر بكنيته وهي أبو عبد الله، والحديث ضعيف بسبب الحسن بن
عمران هذا.
[عن ابن عبد الرحمن بن أبزى].
ابن عبد الرحمن بن أبزى هو سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
أبوه هو عبد الرحمن بن أبزى رضي الله عنه، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

(108/Cool



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر   الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد مارس 03, 2013 2:22 pm

اقتباس :

كيف يضع ركبتيه قبل يديه
(108/9)

شرح حديث (رأيت النبي إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه.
حدثنا
الحسن بن علي وحسين بن عيسى قالا: حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا شريك عن
عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: (رأيت النبي
صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل
ركبتيه)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [باب: كيف يضع
ركبتيه قبل يديه] وعقد الترجمة لوضع الركبتين قبل اليدين، وصدر ذلك بقوله:
[كيف] وأورد تحت هذه الترجمة حديثاً عن وائل بن حجر فيه تقديم الركبتين على
اليدين، وأورد حديثاً عن أبي هريرة في تقديم اليدين على الركبتين، وقد
اختلف العلماء في ذلك: فمن العلماء من قوى حديث وائل بن حجر فقال بتقديم
الركبتين على اليدين، ومنهم من قوى حديث أبي هريرة رضي الله عنه -الذي
سيأتي- فقال بتقديم اليدين على الركبتين، وكلا القولين مبني على تصحيح
الحديث، فالذين قالوا بتقديم الركبتين على اليدين صححوا حديث وائل بن حجر،
والذين قالوا بتقديم اليدين على الركبتين صححوا حديث أبي هريرة رضي الله
عنه، وكلا الحديثين فيه كلام، فمن العلماء من قدح في هذا، ومنهم من قدح في
هذا، ولكن ذكر بعض أهل العلم -كشيخ الإسلام ابن تيمية - أن الصلاة بكليهما
جائزة باتفاق العلماء، وإنما اختلفوا في الأفضل.
إذاً: فالاختلاف إنما
هو في الأفضل، ويقول الشيخ ابن باز رحمه الله في فتاواه: والأمر في ذلك
واسع، فله أن يقدم اليدين على الركبتين، وله أن يقدم الركبتين على اليدين.
وهو
يرجح القول بتقديم الركبتين على اليدين، وقال: إنه أصح قولي العلماء في
ذلك، وعلى هذا فمن صح عنده حديث أبي هريرة، وأخذ بموجبه فقد أخذ بدليل، ومن
صح عنده حديث وائل بن حجر فأخذ به فقد أخذ بدليل، وإن لم يترجح للإنسان
ذلك وأخذ بأي واحد منهما فإن الكل جائز باتفاق العلماء كما حكى ذلك شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وكما ذكر ذلك الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة
الله عليه.
ثم إن الترجمة التي أوردها أبو داود -وهي قوله: كيف يضع
ركبتيه قبل يديه- قد يكون فيها إشارة إلى اختياره تقديم الركبتين على
اليدين، فقد ذكر الحديث الذي فيه تقديم الركبتين على اليدين، والحديث الذي
فيه تقديم اليدين على الركبتين، لكنه ترجم بتقديم الركبتين على اليدين
وقال: [باب: كيف يضع ركبتيه قبل يديه؟] فيفهم منه أنه يقول بذلك، ثم هذا
الاستفهام في الترجمة -وهو قوله: كيف يضع- لعله متجه إلى الهيئة التي يكون
عليها تقديم الركبتين على اليدين، فتقديم الركبتين على اليدين قد يكون كما
ينبغي، وذلك بأن يضع الركبتين قبل اليدين بهدوء ويسر وسهولة، وقد يكون فيه
محذور، وذلك لو قدم الركبتين وهوى وضرب بهما على الأرض فإنه يصدر لهما صوت
مثل الصوت الذي يصدر من البعير إذا نزل بركبتيه على الأرض، فإذا كان النزول
بهذه الهيئة التي تشبه فعل البعير فإنه يكون ممنوعاً، وأما إذا كان النزول
بيسر وسهولة بحيث تصل الركبتان إلى الأرض دون أن يصدر لهما صوت فهو جائز.
ثم
ذكر حديث وائل بن حجر قال: [(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد)]
أي: إذا أراد أن يسجد [وضع ركبتيه قبل يديه] أي: تصل الركبتان إلى الأرض
أولاً، ثم تصل اليدان، ثم يصل الوجه، وإذا قام رفع رأسه، ثم يديه، ثم
ركبتيه، فيكون ذلك على عكس ما حصل في الأول، فهذا هو مقتضى حديث وائل بن
حجر، وقد صححه جماعة من أهل العلم، وقال بمقتضاه أكثر أهل العلم، أي أن
جمهور العلماء على تقديم الركبتين على اليدين.

(108/10)

تراجم رجال إسناد حديث (رأيت النبي إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه)
قوله: [حدثنا الحسن بن علي].
هو الحسن بن علي الحلواني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
[وحسين بن عيسى].
حسين بن عيسى صدوق، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثنا يزيد بن هارون].
هو يزيد بن هارون الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا شريك].
هو
شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، وهو صدوق يخطئ كثيراً، وقد تغير
حفظه لما ولي القضاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن
الأربعة.
[عن عاصم بن كليب].
عاصم بن كليب صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
أبوه هو كليب بن شهاب، وهو صدوق أيضاً، أخرج حديثه البخاري في (جزء رفع اليدين) وأصحاب السنن الأربعة.
[عن وائل بن حجر].
هو
وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وحديثه أخرجه البخاري في (جزء القراءة) ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
وقد
تكلم بعضهم في حديث وائل بن حجر من أجل شريك بن عبد الله النخعي الكوفي،
فهو صدوق يخطئ كثيراً، وقد تغير لما ولي القضاء، إلا أن يزيد بن هارون
الواسطي الذي روى عنه هنا إنما روى عنه قديماً قبل أن يلي القضاء، فإذا كان
الأمر كذلك فإن هذا التعليل يزول، ويقوى ما قاله بعض أهل العلم من تصحيح
الحديث، والاعتماد على رواية شريك، على أنه قد جاء له بعض المتابعات
والشواهد، وسيأتي عند أبي داود رحمه الله ذكر إسنادٍ آخر إلى وائل بن حجر،
وفيه انقطاع بين ابنه عبد الجبار وبينه، ولكنه يقوي تلك الطريق التي فيها
شريك بن عبد الله النخعي الكوفي.

(108/11)

شرح حديث (فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن معمر حدثنا حجاج بن منهال حدثنا
همام حدثنا محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه وسلم فذكر حديث الصلاة، قال: (فلما سجد وقعتا ركبتاه
إلى الأرض قبل أن تقع كفاه).
قال همام: وحدثني شقيق حدثني عاصم بن كليب
عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا، وفي حديث أحدهما -وأكبر
علمي أنه في حديث محمد بن جحادة -: (وإذا نهض نهض على ركبتيه، واعتمد على
فخذيه)].
أورد أبو داود حديث وائل بن حجر رضي الله عنه من طريق أخرى، وهي مثل التي قبلها.
وقوله:
[(فلما سجد وقعتا ركبتاه)] فيه جمع بين الضمير والاسم الظاهر، وهذه اللغة
تسمى: (لغة أكلوني البراغيث)، وقد جاءت في القرآن وفي السنة، فمما جاء في
القرآن قول الله عز وجل: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}
[الأنبياء:3]، ففيه الجمع بين الاسم الظاهر والضمير.
وفي الحديث: (يتعاقبون فيكم ملائكة)، فجمع بين الضمير والاسم الظاهر.
واللغة المشهورة هي عدم الجمع بين الضمير والاسم الظاهر، فيقال: وقعت ركبتاه.
قوله: [حدثنا محمد بن معمر].
محمد بن معمر هو البحراني، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، فقد رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا حجاج بن منهال].
حجاج بن منهال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا همام].
هو همام بن يحيى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا محمد بن جحادة].
محمد بن جحادة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الجبار بن وائل].
عبد الجبار بن وائل ثقة، أرسل عن أبيه، أي أنه لم يسمع من أبيه، فروايته عنه مرسلة.
ووائل بن حجر مر ذكره.
وهذا
الإسناد ليس فيه إلا إرسال عبد الجبار عن أبيه، ولكن هذه الطريق التي فيها
الإرسال تقوي تلك الطريقة السابقة التي فيها شريك بن عبد الله النخعي
الكوفي.
قوله: [قال همام: وحدثني شقيق حدثني عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا].
ذكر
أبو داود هنا طريقاً أخرى ولكنها مرسلة، أي: ليس فيها ذكر وائل بن حجر،
وإنما يرويها همام عن شقيق عن عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه
وسلم، فهو مرسل؛ لأن كليب بن شهاب -وهو والد عاصم - من التابعين وليس من
الصحابة.
قوله: [قال همام].
همام مر ذكره.
[وحدثني شقيق].
شقيق هو أبو الليث، وهو مجهول، أخرج له أبو داود وحده.
[عن عاصم بن كليب عن أبيه].
عاصم بن كليب وأبوه مر ذكرهما.
قوله:
[وفي حديث أحدهما -وأكبر علمي أنه في حديث محمد بن جحادة (وإذا نهض نهض
على ركبتيه، واعتمد على فخذه)] أي: رفع يديه قبل ركبتيه، فيكون مطابقاً
لحديث وائل بن حجر المتقدم من طريق شريك، ففيه أنه يرفع اليدين قبل
الركبتين، وهنا قال: [(نهض على ركبتيه، واعتمد على فخذه)] أي أنه رفع يديه
قبل ركبتيه، ثم اعتمد على ركبتيه بعد أن رفع يديه.
يقول أبو داود: إنه
في أحد الطريقين: إما الطريق المرسلة، وإما الطريق التي فيها انقطاع بين
عبد الجبار وأبيه، وأغلب ظني أنه في الطريقين الأولى التي فيها محمد بن
حجادة.

(108/12)

تراجم رجال إسناد حديث (فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه)
قوله: [حدثنا محمد بن معمر].
محمد بن معمر هو البحراني وهو صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، فقد رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا حجاج بن منهال].
حجاج بن منهال ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا همام].
همام بن يحيى وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا محمد بن جحادة].
محمد بن جحادة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الجبار بن وائل].
عبد الجبار بن وائل وهو ثقة، أرسل عن أبيه، أي: أنه لم يسمع من أبيه، فروايته عنه مرسلة.
ووائل بن حجر مر ذكره.
وهذا
الإسناد ليس فيه إلا إرسال عبد الجبار عن أبيه، ولكن هذه الطريق التي فيها
الإرسال تقوي تلك الطريقة السابقة التي فيها شريك بن عبد الله النخعي
الكوفي.
[قال همام: وحدثني شقيق حدثني عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا].
ثم
ذكر أبو داود طريقاً أخرى ولكنها مرسلة، أي: ليس فيها ذكر وائل بن حجر،
وإنما يرويها همام عن شقيق عن عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه
وسلم، فهو مرسل؛ لأن كليب بن شهاب -وهو والد عاصم - من التابعين وليس من
الصحابة.
قوله: [قال همام].
همام مر ذكره.
[وحدثني شقيق].
شقيق هو أبو الليث وهو مجهول أخرج له أبو داود وحده.
[عن عاصم بن كليب عن أبيه].
عاصم بن كليب وأبوه مر ذكرهما.
[وفي
حديث أحدهما، وأكبر علمي أنه في حديث محمد بن جحادة: (وإذا نهض نهض على
ركبتيه، واعتمد على فخذه)] أي: رفع يديه قبل ركبتيه، فيكون مطابقاً لحديث
وائل بن حجر المتقدم من طريق شريك، ففيه: أنه يرفع اليدين قبل الركبتين،
وهنا قال: (نهض على ركبتيه، واعتمد على فخذه) أي: أنه رفع يديه قبل ركبتيه،
ثم اعتمد على ركبتيه بعد أن رفع يديه.
يقول أبو داود: إن في أحد
الطريقين: إما الطريق المرسلة، أو الطريق التي فيها انقطاع بين عبد الجبار
وأبيه، وأغلب ظني أنه في الطريقة الأولى التي فيها محمد بن حجادة.

(108/13)

شرح حديث (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سعيد بن منصور حدثنا عبد العزيز بن محمد
حدثني محمد بن عبد الله بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي
الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا سجد أحدكم فلا
يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)].
أورد أبو داود حديث أبي
هريرة رضي الله تعالى عنه، وهو يعارض حديث وائل بن حجر المتقدم، وفيه أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير،
وليضع يديه قبل ركبتيه)]، وهذا الحديث اعتمد عليه بعض أهل العلم في قولهم
بتقديم اليدين على الركبتين.
وقوله: [(فلا يبرك كما يبرك البعير)] فيه
نهي عن مشابهة الحيوانات، فلا يبرك الإنسان كما يبرك البعير، وهنا سؤال،
وهو: كيف يبرك البعير؟ في هذا الحديث أنه قال: [(وليضع يديه قبل ركبتيه)]،
وجاء في بعض الأحاديث النهي عن البروك كما يبرك البعير، وليس فيها ذكر:
(وليضع بيديه قبل ركبتيه)، فمن العلماء من قال: إن هذه الجملة الأخيرة فيها
انقلاب، وبذلك يطابق حديث وائل بن حجر؛ لأنه لا يبرك كما يبرك البعير،
فإذا قدم ركبتيه فإنه يتصور أن يبرك كما يبرك البعير، وذلك بالهيئة التي
أشرت إليها آنفاً بأنه ينزل بقوة ويظهر صوت لركبتيه أثناء نزوله على الأرض،
حيث ينزل بجسمه كله عليهما، فهذا فيه مشابهة حتى ولو قدم الركبتين،
فالإنسان إذا فعل ذلك وأنزل ركبتيه بقوة وكان لهما صوت فإنه يصير مشابهاً
للبعير، فقالوا: إن الحديث فيه انقلاب، ومعناه: وليضع ركبتيه قبل يديه،
وبذلك يكون موافقاً لحديث وائل بن حجر.
وقال بعض أهل العلم: إنه لا قلب
في ذلك، وإن المقصود أنه يضع يديه قبل ركبتيه حتى لا يكون مشابهاً للبعير؛
لأن ركبتي البعير في يديه، فهو يضع ركبتيه التي في يديه على الأرض، لكن إذا
نظرنا إلى البعير عندما يبرك فإنه يقدم اليدين على الرجلين، فقال أصحاب
هذا المذهب: إن هذا الحديث ليس فيه قلب، وإنه فيه مخالفة لهيئة البعير؛ لأن
البعير يقدم ركبتيه اللتين في يديه، وقد جاء في حديث سراقة في قصة الهجرة
أنه قال: (ساخت يدا فرسي بالأرض حتى بلغت الركبتين) فمعناه أن الركبتين في
اليدين بالنسبة للحيوان، فقالوا: إن البعير يقدم ركبتيه، فإذا قدم المصلي
يديه لم يشابه البعير، والقائلون بمقتضى حديث وائل بن حجر يقولون: إن
البعير يقدم يديه قبل رجليه، والرجلان فيهما الركبتان، وإن كانت اليدان
فيهما ركبتان إلا أن حديث وائل بن حجر يدل على تقديم الركبتين قبل اليدين،
وفي ذلك مخالفة لفعل البعير الذي يقدم يديه قبل ركبتيه، أي: الركبتين
اللتين في يديه قبل الركبتين اللتين في رجليه، وعلى هذا إما أن يكون حديث
أبي هريرة قد وقع فيه القلب، والصواب: (وليضع ركبتيه قبل يديه)، ويكون بذلك
مطابقاً لحديث وائل بن حجر، أو أنه لم يقع فيه شيء، فبعض الذين صححوا حديث
وائل ضعفوا هذا الحديث من جهة عبد العزيز بن محمد الدراوردي أحد رجاله.

(108/14)

تراجم رجال إسناد حديث (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير)
قوله: [حدثنا سعيد بن منصور].
سعيد بن منصور ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد العزيز بن محمد].
هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وهو صدوق، كان يحدث من كتب غيره، فيخطئ، وروايته عن عبيد الله منكرة.
[حدثني محمد بن عبد الله بن حسن].
محمد بن عبد الله بن حسن ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي.
[عن أبي الزناد].
أبو
الزناد هو عبد الله بن ذكوان المدني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة،
وأبو الزناد لقب، وقد اشتهر بهذا اللقب، وهو لقب على صيغة الكنية، وكنيته
أبو عبد الرحمن، وهو مدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعرج].
الأعرج
هو عبد الرحمن بن هرمز المدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، والأعرج
لقب له، وهو مشهور بهذا اللقب، ومعرفة ألقاب المحدثين مهمة، وفائدتها أن لا
يظن الشخص الواحد شخصين، فإذا ذكر باسمه مرة وبلقبه أخرى فقد يظن من لا
يعرف أن هذا اللقب لصاحب هذا الاسم أنه رجل آخر.
[عن أبي هريرة].
قد مر ذكره.

(108/15)

شرح حديث (يعمد أحدكم في صلاته فيبرك كما يبرك الجمل)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد الله بن نافع عن
محمد بن عبد الله بن حسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله
عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يعمد أحدكم في صلاته
فيبرك كما يبرك الجمل!)].
أورد حديث أبي هريرة [(يعمد أحدكم في صلاته
فيبرك كما يبرك الجمل)] وهذا استفهام إنكاري، وهمزة الاستفهام محذوفة أي
(أيعمد أحدكم) وهذا إنكار، أي: لا يفعل ذلك، وهذا فيه النهي عن مشابهة
الجمل في البروك، وإذا قدم ركبتيه فإنه يتصور أن يبرك كما يبرك الجمل كما
أشرت إلى ذلك سابقاً، وإذا قدم يديه أيضاً فإنه يتصور أنه يبرك كما يبرك
الجمل، وذلك إما بالهيئة كأن ينزل بقوة، أو لأن البعير يقدم يديه على
ركبتيه، أي: الركبتين اللتين في الرجلين.

(108/16)

تراجم رجال إسناد حديث (يعمد أحدكم في صلاته فيبرك كما يبرك الجمل)
قوله: [حدثنا قتيبة بن سعيد].
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد الله بن نافع].
عبد الله بن نافع هو الصائغ، وهو ثقة صحيح الكتاب في حفظه لين، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) ومسلم وأصحاب السنن.
[عن محمد بن عبد الله بن حسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة].
محمد بن عبد الله بن حسن وأبو الزناد والأعرج وأبو هريرة مر ذكرهم.
وهذا
الحديث لا يقال إنه شاهد لحديث أبي هريرة المتقدم؛ لأن هذا الحديث فيه
النهي عن مشابهة بروك البعير، والذين يقولون بتقديم الركبتين على اليدين
يقولون بالنهي عن البروك كما يبرك البعير، ولكنه يصلح شاهداً لو جاء فيه:
(وليضع يديه قبل ركبتيه) لكنه لما جاء خالياً من ذكر كيفية البروك بقي
محتملاً، فلا يعارض ما جاء في حديث وائل بن حجر؛ لأنه ليس فيه إلا النهي عن
مشابهة بروك البعير، والقائلون بحديث وائل يقولون: إن ذلك مخالف لبروك
البعير؛ لأن البعير يقدم الركبتين اللتين في اليدين على الركبتين اللتين في
الرجلين.

(108/17)

الأسئلة
(108/18)

اكتفاء المصلي بقوله في سجوده (سبحان ربي الأعلى)

السؤال
هل يكتفي المصلي في حال السجود بقوله: سبحان ربي الأعلى، أم أنه يقول: سبحان ربي الأعلى وبحمده؟

الجواب
يكفيه أن يقول: سبحان ربي الأعلى، فهذا هو الذي لابد منه، ويأتي بذلك مرة واحدة، وهذا هو المعروف في الأحاديث.

(108/19)

حكم اعتبار غسل اليدين ثلاثاً بعد النوم من الوضوء

السؤال
قال صلى الله عليه وسلم: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في
الإناء حتى يغسلها ثلاثاً)، فهل هذه الثلاث الغسلات من الوضوء، أي أنه
يتمضمض بعدها مباشرة، أم أنها مستقلة؟

الجواب
هي مستقلة وليست من الوضوء، فإذا كان القيام من النوم فإنه يجب أن
يغسلها، وإذا كان من غير ذلك فيستحب أن يغسلها، كما جاء بذلك الحديث عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس هذا من فروض الوضوء، وإنما هو من
الأمور التي تسبق الوضوء، لكنه يجب عليه عند القيام من نوم الليل.

(108/20)

حكم جلوس المرأة مع أقارب زوجها وهي محتجبة

السؤال
هل يجوز للمرأة أن تجلس في مجلس فيه أقارب زوجها وهم ليسوا من محارمها، مع العلم أنها ساترة لوجهها؟

الجواب
يجوز ذلك، ولكن الأولى أن تكون المرأة حريصة على الابتعاد عن الرجال ولو
كانت متسترة، فابتعاد النساء عن الرجال، وحرصهن على ألا يظهرن أمام الرجال
هو الذي ينبغي، وأما من حيث الجواز فيجوز.

(108/21)

حكم ستر وجه المرأة في الصلاة

السؤال
ما حكم ستر وجه المرأة في الصلاة؟

الجواب
بالنسبة للصلاة فإنها تترك وجهها مكشوفاً، وذلك حيث لا يراها أحد، والله تعالى أعلم.

(108/22)

شرح سنن أبي داود [109]
يستحب
في الصلاة جلسة الاستراحة، وهي جلسة خفيفة لا ذكر فيها، وتكون قبل القيام
إلى الركعة الثانية والرابعة بعد السجود، ولا بأس بالإقعاء بين السجدتين،
وهو أن ينصب قدميه ويضع أليتيه عليهما، وإذا رفع المصلي رأسه من الركوع
قال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد إن كان إماماً أو منفرداً، وإن كان
مأموماً اقتصر على التحميد بعد قول الإمام: سمع الله لمن حمده.

(109/1)

كيفية النهوض من الركعة الوتر
(109/2)

شرح حديث مالك بن الحويرث في جلسة الاستراحة
قال المصنف رحمة الله عليه: [باب النهوض في الفرد.
حدثنا
مسدد حدثنا إسماعيل -يعني ابن إبراهيم - عن أيوب عن أبي قلابة أنه قال:
جاءنا أبو سليمان مالك بن الحويرث رضي الله عنه إلى مسجدنا فقال: (والله
إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة، ولكني أريد أن أريكم كيف رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يصلي.
قال: قلت لـ أبي قلابة: كيف صلى؟ قال: مثل
صلاة شيخنا هذا -يعني عمرو بن سلمة إمامهم- وذكر أنه كان إذا رفع رأسه من
السجدة الآخرة في الركعة الأولى قعد ثم قام)].
أورد أبو داود رحمه الله
تعالى: [باب النهوض في الفرد] يعني: كيفية النهوض من الركعة المفردة في
الصلاة الثنائية أو الثلاثية أو الرباعية، أي: بعد الركعة الأولى؛ لأن
الركعة الأولى تعتبر فرداً.
وقد جاء في حديث مالك بن الحويرث رضي الله
عنه: أنه كان يجلس بعد السجدة الثانية من الركعة الأولى ثم يقوم، ولكنه جاء
في بعض روايات حديثه: (إذا كان في وتر)، وهذا أشمل من كلمة الفرد؛ لأن
الوتر يشمل الفرد وهي الأولى، ويشمل إذا قام من الثالثة في الصلاة
الرباعية، فإن هذا وتر، فالترجمة فيها ذكر الفرد، وجاء ذكر الركعة الأولى
وجاء ذكر الوتر، ولفظ الوتر أشمل من الفرد؛ لأنه يشمل القيام من الأولى
والقيام من الثالثة في الصلاة الرباعية؛ لأنه يقوم من وتر.
فكان يجلس
قبل أن ينهض جلسة يسيرة جداً ليس لها دعاء وليس لها ذكر، وإنما يقوم من
سجوده ويجلس قاعداً يسيراً جداً ثم يقوم، وهذه يسميها العلماء: (جلسة
الاستراحة)، وقد جاءت بها الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن
ذلك حديث مالك بن الحويرث الذي معنا في هذا الباب، فقد أورد أبو داود رحمه
الله أن أبا قلابة قال: جاءنا أبو سليمان مالك بن الحويرث رضي الله عنه
وقال: [إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة] يعني: ما كان قصدي أن أكون إماماً
وأن أتقدم عليكم في الصلاة، وإنما أريد أن أعلمكم، فهذا قصدي من الإمامة
وكوني أصلي بكم، فليس قصدي أن أتقدم عليكم أو أن أكون إماماً لكم أو أريد
أن أصلي بكم، هذا هو مقصوده من النفي، أي أنه ما كان يريد أن يكون إماماً
لهم، ولكنه أراد أن يعلمهم بصلاته بهم كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وهذا يبين لنا حرص الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم على بيان
السنن وبيان هدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، حيث كان الواحد منهم
يقدم على العمل فيكون إماماً لا من أجل كونه إماماً أو لأنه يريد الإمامة،
وإنما يريد أن يصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا من حرص
الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم على بيان السنة، ومثل هذا ما جاء في
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله
عليه وسلم)، يريد من ذلك حثهم على أن يتلقوا عنه كيفية الصلاة وأنه يصلي
بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: [ولكني أريد أن أريكم كيف
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي]، أي: لتقتدوا به، ولتأخذوا هذه
السنة عني، وقد أخذتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا هو مقصوده من
هذا الكلام رضي الله عنه وأرضاه.
قوله: [قال: قلت لـ أبي قلابة: كيف
صلى؟] أي: قال أيوب السختياني لـ أبي قلابة شيخه: كيف صلى؟ فقال: [مثل صلاة
شيخنا هذا -يعني عمرو بن سلمة -] ثم ذكر من صلاته وأنه [كان إذا رفع رأسه
من السجدة الآخرة في الركعة الأولى قعد ثم قام] ومعنا أنه يقوم من جلوس لا
من سجود بعد الأولى، كان يجلس جلسة قصيرة ثم يقوم، فقيامه من جلوس وليس من
سجود، وهذه الجلسة يسميها العلماء [جلسة الاستراحة]، وهنا قال: [في الركعة
الأولى] وهذا هو معنى قوله: [في الفرد]؛ لأن الأولى هي فرد، فإذا أتم
الأولى وقام منها إلى الثانية من السجود جلس جلوساً قليلاً لا ذكر فيه ولا
دعاء، ثم يقوم إلى الركعة الثانية، لكن هذا الحكم لا يختص بالأولى، نعم
يكون في الأولى في كل صلاة، سواءٌ أكانت ثنائية أم ثلاثية أم رباعية، فريضة
أم نافلة، ما دام أنه يصلي ركعتين ويقوم بعد الأولى، سواءٌ أكان بعد
الركعتين ثالثة أو رابعة أو ليس بعدهما شيء، لكن ورد في بعض روايات حديث
مالك بن الحويرث (إذا كان في وتر)، وكلمة (وتر) تشمل بعد الأولى وبعد
الثالثة، ولكن هذا إنما يكون في الرباعية فقط؛ لأن بعد الثالثة لا يكون إلا
في الرباعية، أما المغرب والفجر فليس فيهما جلسة الاستراحة إلا بعد
الأولى، ولكن في الرباعية بعد الأولى وبعد الثالثة، ولهذا قال: (إذا قام من
وتر)، فالوتر في الصلوات المفروضة إنما يكون بعد الأولى وبعد الثالثة،
وبعد الثالثة خاص بالرباعية، وبعد الأولى في كل صلاة، سواءٌ أكانت نافلة أم
فريضة.

(109/3)

تراجم رجال إسناد حديث مالك بن الحويرث في جلسة الاستراحة
قوله: [حدثنا مسدد].
هو ابن مسرهد البصري، ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[عن إسماعيل يعني ابن إبراهيم].
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي المشهور بـ ابن علية، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب].
وهو ابن أبي تميمة السختياني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي قلابة].
هو عبد الله بن زيد الجرمي، وهو ثقة يرسل، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سليمان مالك بن الحويرث].
هو أبو سليمان مالك بن الحويرث رضي الله تعالى عنه، صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.

(109/4)

شرح حديث (فقعد في الركعة الأولى)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا زياد بن أيوب حدثنا إسماعيل عن أيوب عن
أبي قلابة أنه قال: جاءنا أبو سليمان مالك بن الحويرث رضي الله عنه إلى
مسجدنا فقال: (والله إني لأصلي وما أريد الصلاة، ولكني أريد أن أريكم كيف
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي.
قال: فقعد في الركعة الأولى حين رفع رأسه من السجدة الآخرة)].
أورد
أبو داود حديث مالك بن الحويرث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، فبعد أن
قام من الركعة الأولى قعد ثم قام، فيكون قيامه إلى الركعة الثانية من جلوس
لا من سجود.
وجلسة الاستراحة اختلف فيها العلماء: فمنهم من استحبها
لحديث مالك بن الحويرث، ومنهم من لم يستحبها وقال: إنه لا يجلس لها،
وقالوا: إن ذلك إنما كان بعدما كبر النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون ذلك
الجلوس إنما هو لحاجة، لكن الأصل هو الاقتداء به، وليس هناك شيء يدل على أن
ذلك كان لأمر عارض لرسول صلى الله عليه وسلم، والأصل هو الاقتداء به فيما
جاء عنه، إلا ما جاء التنصيص عنه صلى الله عليه وسلم بأن ذلك الفعل الذي
فعله إنما هو لعارض، مثل كونه صلى بالناس جالساً وأشار إليهم أن يجلسوا بعد
أن صلوا وراءه قياماً لأمر عارض، وأما هنا فليس هناك شيء يدل على أن ذلك
كان لعارض.

(109/5)

تراجم رجال إسناد حديث (فعقد في الركعة الأولى)
قوله: [حدثنا زياد بن أيوب].
هو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[عن إسماعيل عن أيوب عن أبي قلابة].
إسماعيل هو ابن علية، وأيوب وأبو قلابة ومالك بن الحويرث قد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.

(109/6)

شرح حديث مالك بن الحويرث (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً)
قال
المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا هشيم عن خالد عن أبي قلابة عن
مالك بن الحويرث رضي الله عنه: (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان
في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً)].
أورد هنا حديث مالك بن
الحويرث من طريق أخرى، وهو أعم من الطريقين الأوليين؛ لأن الأوليين فيهما
التنصيص على أنه في القيام من الركعة الأولى، وأما هنا فأتى بلفظ الوتر،
وهو يشمل ما بعد الأولى وما بعد الثالثة في الرباعية، فقوله: [(إذا كان في
وتر من صلاته)] معناه: بعد وتر وليس بعد شفع، فإذا كان بعد وتر من صلاته
يقوم بعد الأولى وبعد الثالثة، والثالثة إنما تكون في الرباعية، فهذه
الرواية أعم وأوسع، وتفيد أن جلسة الاستراحة تفعل في موضعين من الصلاة
يشملهما كلمة (في وتر) وذلك بعد الركعة الأولى في أي صلاة، سواء أكانت
ثنائية أم ثلاثية أم رباعية، وبعد الثالثة وذلك خاص بالصلوات الرباعية.

(109/7)


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 2انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
 مواضيع مماثلة
-
» *أحوال القلب وعلاجه... للدكتور: عبدالرزاق العباد البدر-حفظه الله-***
» لإحسان حقيقته - فضله - طرقه للشيخ عبد المحسن العباد **
» الحلم سيد الأخلاق وكما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خُلقًا "ـ
» تحميـــــل كتاب ((تفسير البغوي الكتاب : معالم التنزيل المؤلف : محيي السنة ، أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي [ المتوفى 516 هـ ]))**
» التوحيد حق الله على العباد.

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سيفن ستارز :: المنتدى الاسلامى :: السنة النبوية-
انتقل الى: