ملخص الجزء الأول
فى الجزء الأول أستعرضنا كيف أن الأمريكان أستخدموا المسلمين والأسلاميين أكثر من مرة لتحقيق اهدافهم بشكل براجماتى نفعى حقير وقد دللنا على ذلك بكل من النموذج الأفغانى واليوغوسلافى وماتم فيهما فى أواخر سبعينات القرن الماضى بغرض تفكيك آخر شظايا وبقايا المنظومة الأشتراكية ومعسكرها الأشتراكى
وقد أشرنا كذلك من ناحية أخرى ألى الدور الذى لعبه الصراع العربى الأسرائيلى فى ظهور المشروع الأسلامى وصعود قوى الأسلام السياسى كخط دفاع أخير أفرزه الجسم العربى بشكل تلقائى فى مواجهة هذا الكيان الصهيونى الاستيطانى السرطانى الأصطناعى بعد أن فشل كل من المشروع القومى العربى والمشروع الأشتراكى فى حسم الصراع معه
وقد أستعرضنا كذلك كيف أن الجشع والنهم الأمبريالى المتعجل فى تحقيق أكبر مكاسب ممكنه فى أقصر وقت متاح بأستغلال وتوظيف كل العوامل والأدوات والظروف المتاحه دون مراعاة لأى تراكمات سلبية قد تنشأ جراء هذا النهم الجشع وهذا التوظيف النفعى كيف كان سببا رئيسيا فى خروج المارد الاسلامى من قمقمه متسلحا ليس فقط بالسلاح الغربى الذى أمده الأمبرياليون به بل أيضا بالعقيدة والأيدولوجية الأستشهادية التى ورثها بعد أن تعلم الدرس وشب عن الطوق لينقلب بعد ذلك السحر على الساحر
المنحى النفعى الأمريكى لم يكن جديدا فى السبعينات ومازال مستمرا حتى الآن
باكستان
لم يكن أستخدام الأمريكان للمسلمين والاسلاميين فى سبعينيات القرن الماضى فى كل من أفغانستان ويوغوسلافيا نهجا جديدا أو أستثنائيا بل سبق لهم أن أستخدموه مع المسلمين والأسلامين من قبل فيما تعرف الآن بأسم باكستان والتى كانت فى الحقيقة جزء من الهند قبل أن تنسلخ عنها وتصبح دولة مستقلة قائمة بذاتها وذلك بأستخدام ذرائع ونعرات عقائدية وتأجيج المشاعر الدينية لدى المسلمين بهدف وغرض
Ø أولا : محاصرة المعسكر الأشتراكى والتمدد الروسى الصينى فى أسيا قبل أن يصل ألى أوروبا وأمريكا
Ø ثانيا : كسر شوكة حركة عدم الأنحياز التى كانت الهند أحد أهم قياداتها مع مصر ويوغوسلافيا وهى الحركة التى كان لها منحى تنموى أستقلالى عن كل من المعسكر الاشتراكى والمعسكر الرأسمالى وهو مايعنى بالنسبة للأمريكان أضعاف غير مباشر للمعسكر الأمبريالى
أذن فما هو الجديد اليوم فى هذا النهج النفعى الأمريكى
الجديد اليوم فى هذا النهج النفعى الأمريكى القذر هو أنه أصبح الآن يستخدم ويوظف الأسلاميين أنفسهم لضرب بعضهم ببعض بعد أن كان يستخدمهم من قبل لضرب أنظمة سياسية أخرى مناوئه للأمريكان فبالأمس وظف الأمريكان التوترات والخلافات والحساسيات بين المسلمين وغيرهم من قوميات أو أنظمة حكم وعملوا على تأجيجها وأستغلالها وأستمالة الأسلاميين لصفهم ودعمهم حتى يتحقق للأمريكان ماكانوا يصبوا أليه ثم لا بأس بعد ذلك من أشعال النيران فى هؤلاء الاسلاميين بعد ان أستنفذوا الغرض منهم ولم يعد لهم فائده مرجوه بل ربما يكون هناك مخاوف من مخاطر محتمله لهم
حدث هذا بالأمس فى أفغانستان لمحاربة الروس والمد الشيوعى تحت دعاوى ورايات محاربة الكفر والكفار الشيوعيين
وحدث هذا فى يوغوسلافيا لتفكيك الدولة الوحيدة المتبقية من الأرث الأشتراكى فى أوروبا تحت دعاوى أضطهاد الصرب والكروات لمسلمى البوسنه والهرسك
كما أنه حدث فى الهند/باكستان لكبح جماح المارد الهندى الصاعد آنذاك تحت دعاوى حماية مسلمى الهند وهويتهم الأسلامية ودعم حقهم فى أن يكون لهم دولة مستقلة
أما اليوم وبعد أن أنتصرت الثورة الأسلامية فى أيران وسقط أهم عملاء الأمريكان فى المنطقة آنذاك وهو الشاه أيران فى نهايات سبعينات القرن الماضى كان لامفر أمام الأمريكان سوى أستخدام الأسلاميين لمحاصرة هذه الثورة ومحاولة أجهاضها بأقل تكلفة ومخاطرة ممكنه ولكن كيف يتأتى ذلك وأيران نفسها دولة أسلامية وثورتها ثورة أسلامية ؟ا
كان هذا هو التحدى الحقيقى أمام الأمريكان وكان هو نفسه السبب فى تطوير النهج الأمريكى النفعى الحقير لتوظيف الأسلاميين لتحقيق الاهداف الأمريكية الدنيئة
فكان المطلوب فى هذه المره هو تفجير الخلافات البينية وتأجيج الحساسيات المذهبية التاريخية داخل المسلمين أنفسهم وتوظيفها وتحويلها ألى أستقطابات وصراعات مذهبية عقائدية بين الشيعة والسنة
النظام البعثى العراقى بقيادة صدام حسين كان هو الحل والمدخل
فبعد أن كان قد وقع صدام حسين ونظامه لشاه أيران فى الجزائر على تنازل عن جزر ثلاث كان متنازع عليها فيما بين البلدين وجدناه فجأه وبعد أنتصار الثورة الاسلامية فى أيران يثير قضية هذه الجزر الثلاث مرة اخرى وينقض ما سبق وأن وقع عليه وكانت هذه هى الذريعة التى دخل بها الحرب ضد الأيرانيين والتى أستمرت زهاء ثمانى سنوات ولكن الهدف الحقيقى من وراء هذه الحرب كان هو خشية أنظمة الحكم القبلية فى الخليج من تصدير الثورة ألى شعوبها وذلك طبعا بأيعاز من الأمريكان وبتوظيف لنظام العميل مبارك فى مصر وكان الغطاء آنذاك أمام شعوب هذه النظم ليس طبعا الخشية من تصدير الثورة ولكن الخشية من تشييع المنطقة التى يسودها المذهب السنى فى معظم بلدانها وبحكم أن الثورة فى أيران كانت بقيادة الأغلبية الشيعية ضد الشاه عميل الأمريكان هناك والذى تصادف أنه كان سنيا
وبذلك تم أستنزاف موارد المنطقة أقتصاديا وتمكنت أسرائيل خلال هذه الفترة التى كانت ذهبية لها من أستثمار هذا الصراع الأسلامى/الأسلامى سياسيا ودبلوماسيا أفضل أستثمار ممكن فتراجعت القضية الفلسطينية وتم تسويق العرب والمسلمين أمام العالم على أنهم شعوب همجية بدائية لا تعرف أن تعيش إلا على التناحر حتى ولو كان ذلك فيما بينهم وأن أسرائيل بذلك معذوره فى صراعها مع الفلسطينيين الذين هم جزء من هذه الشعوب وذلك بأدعاء أنها هى الدولة الحضارية الوحيدة فى المنطقة التى أوقعها حظها العاسر وسط هذه الشعوب ولذلك فأن على دول العالم أن تتفهم موقفها من الصراع العربى الأسرائيلى وتدعمه
وكما فعل الأمريكان بالمسلمين والأسلاميين فى أفغانستان بعد أن أستنفزوا دورهم وأخذ الأمريكان منهم غرضهم فأشعلوا نيران الفتنة والصراع المذهبى والعرقى فيما بينهم فعلوا نفس الشئ مع المسلمين والعرب بعد أن أستنفذ النظام العراقى كل أمكانياته فى حربه مع الأيرانيين وتبين للأمريكان أن الثورة فى أيران ونظام حكمها الأسلامى الجديد ليس من السهل كسره
كيف كان ذلك
قامت الأدارة الأمريكية بالأيعاذ لصدام حسين ونظامه مباشرة وفى أعقاب حربه مع الأيرانيين بأن الكويتيين يسرقون من حصته فى خزان النفط المشترك الممتد بين البلدين وكان لهذا الأيعاذ دوره طبعا وصداه فى أستعادة مخلفات ماضى وحقبة مضت أرتضى بعدها العرب فيما بينهم مانجم عن أتفاقيات ترسيم الحدود بينهم فيما عرف بأتفاقيات التقسيم ومعاهدات سايكس بيكو فخرج أصوات فى العراق تنادى بأحقية العراق فى أراضى الكويت بأعتبارها كانت تاريخيا جزء من العراق
فكانت الحرب العراقية الكويتية التى جاءت مباشرة فى أعقاب الحرب العراقية الأيرانية والتى أنتهت بكارثتين
Ø الكارثة الأولى كانت هى تدمير الجيش العراقى بعد أن أنهى وأستنفذ دوره فى الحرب ضد الأيرانيين والذى كان من الواجب طبقا للنهج النفعى الأمريكى أن يتم التخلص منه حتى لا يتسبب فى المستقبل فى متاعب غير محسوبه
Ø والكارثة الثانية كانت هى أستنزاف موارد الكويت المالية والنفطية لأعادة تعمير الكويت من ناحية ولسداد فاتورة تدخل الحلف الأمريكى لأستعادة الكويت من يد النظام العراقى من ناحية أخرى هذا الحلف الذى شاركت فيه للأسف بل تورطت فيه دول وأنظمة عربية عدة كان منها مصر وسوريا
ولكن السؤال الملح الآن قبل أن أستطرد هو
هل يعنى ذلك أن هذه الحركات والقوى الأسلامية المقاومة والثورية والجهادية فى المنطقة هى كلها أدوات فى يد الأمريكا وصنيعته كما يتردد والذى قد يبدو من هذا السرد السابق
الأجابة بالطبع لا
فكثير من حركات الاسلام السياسى فى المنطقة هى فى الحقيقة حركات مقاومة مشروعة وحركات تحرر وطنى جديدة وفى شكل ثورى جديد يختلف تماما عما أعتادته المنطقة من حركات تحرر وطنى بقيادة العسكريين سادت المنطقة خلال خمسينات وستينات القرن الماضى فى صورة أنقلابات عسكرية مالبثت أن تحولت ألى ثورات أجتماعية ولكنها للأسف سرعان ماأستنفذت طاقاتها وقدراتها الثورية بمجرد أن تحولت ألى أنظمة حكم أستطاع الأمبرياليون أسيعابها والسيطرة عليها وتخريبها من الداخل
إلحاق
ربما لا يتفق مع هذا الرأى كثير من المثقفين العرب الذين أعتادوا أنماطا وقوالب ثابتة للتفكير والرؤيا وضعوا أنفسهم داخلها ووضعوا لها قواعد جامدة تصوروا فيما بعد أنها مسلمات غير قابلة للنقد
ولكن هذه هى مشكلتهم هم وفى الحقيقة هى مشكلة كثير من مثقفى بلدان العالم الثالث التى وقعت تحت الأحتلال لفترات طويلة جعلت مثقفيها ينظرون بدونية ألى الحضارة الغربية فينقلون عنها نقلا حرفيا أو ميكانيكيا دون أستيعاب ديناميكى لها مما أدى بهم لأن يتحولوا ألى مجرد ناقلى حضارة فى شكلها وحرفيتها مما أعاقهم عن الرؤيا والتفكير والتحليل خارج الصندوق رغم كل مايبدو على هؤلاء المثقفين من أناقة اللفظ وعظم مايحملونه ويكترونه من أمثلة وتواريخ وحوادث للتدليل به عن مدى عمق مايتصورون أنه ثقافة وهو ليس فى الحقيقة إلا أكترار ومحاكاة جامدة وميتة ولذلك فأن الشرفاء منهم يعيشون فى غربة داخل أوطانهم أما الأنتهازيون منهم الذين توظفهم الأنظمة داخل تلك البلدان فهم لا يستحقون عناء الوقوف أمام توصيف حالتهم
وأعلم أيضا أن ماطرحته فى هذا الجزء قد لا يحظى برضى كثير من الأسلاميين وخاصة من الأسلاميين السلفيين وربما كذلك بعض الأخوان وأنصارهم وقد يروا فيه تحامل على الحركات والتيارات السنية أو محاباة للثورة الأيرانية والدور الذى تلعبه فى المنطقة ولكن أدعو هؤلاء الثوار والجهادين والمقاومين بأخلاص وحب لأن ينتظروا حتى أنشر الأجزاء التالية حتى تكتمل الصورة ويكون لدينا تصور تشريحى كامل لحالة المخاض الذى تعيشه المنطقة كلها الآن وكيف يمكن توظيفه والأستفاده منه لصالح الشعوب العربية والأسلامية وتفويت الفرصه على الأمريكان والأسرائيليين بدلا من أن يستخدموننا لتحقيق أغراضهم وأطماعهم هم وبأيدينا نحن
فى الجزء الثالث
كيف أن العربدة العسكرية الأمريكية فى المنطقة من ناحية ونهجها النفعى الحقير من ناحية أخرى كان وراء ظهور حركات وقوى الأسلام السياسى المقاوم والثورى والجهادى
وكيف ساهم الفشل العسكرى المتكرر الذى منى به الأمريكان فى كل مغامراتهم الحمقاء فى المنطقة فى أشتداد عود هذه الحركات وتلك القوى وتمرسها وتعلمها من أخطائها وماهو مستقبلها المنظور
وفى الجزء الرابع
هل صحيح أن أمريكا تسعى للقضاء على داعش أم أنها تسعى لأسقاط نظام الأسد فى سوريا أم ألى أستدراج أيران وتركيا ألى حرب أقليمية أم أنها تستهدف فقط تفكيك هلال المقاومة والممانعة المواجهه لاسرائيل أم هى تستهدف كل ذلك أم أنها تستهدف بعضه
ماهو الهدف الأستراتيجى الحقيقى للأمريكان والصهاينة فى المنطقة من وراء أشعال كل هذه الحروب وتأجيج كل تلك الصراعات المذهبية فيها وهل سينجحون فى تحقيق هذا الهدف أم لا
وماهو الدور الذى تلعبه كثير من الأنظمة العربية سواء الخليجية الملكية القبلية منها أو العسكرية الفاشية شبه الجمهورية
وأخيرا ماهو الحل وماهى ملامح المستقبل فى مواجهة المخطط الصهيوأمريكى فى المنطقة
تم النشر قبل 11 hours ago بواسطة Arab