Mohammed Haffz
8 مارس، الساعة 07:27 مساءً ·
الجيش الليبي ينتصر وسط ذهول الغرب وغضب الإخوان :
===============================
فاجأ الجيش الليبي العالم بعملية «دم الشهيد» العسكرية لتحرير الشرق الليبي بالكامل من سيطرة تنظيم الدولة داعش وجماعة أنصار الشريعة التابعة لتنظيم القاعدة وتحرير كامل مدينة بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية وعاصمة الشرق، وكان الجيش الليبي بقيادة الفريق ركن خليفة حفتر قد بدأ في التصدي للجماعات الإرهابية بعملية الكرامة واستمرت المعارك على مدار أكثر من عام، لم يستطع الجيش حسم المعركة بشكل نهائى برغم سيطرته على أكثر من 70% من أحياء المدينة بسبب تعنت المجتمع الدولي بحظر استيراد السلاح ونقص الذخيرة، بحجة الضغط للوصول لاتفاق سياسى وتشكيل حكومة وفاق وطني.
.
مع ظهور الاتفاق السياسي الذي تم بمدينة الصخيرات المغربية برعاية الأمم المتحدة والإعلان عن هيئة المجلس الرئاسي، ظهر واضحا الاختلافات السياسية والجهوية وعدم التجانس بين أعضائه من جهة، وبينه وبين أعضاء مجلس النواب الليبي، وأصبح الوضع أكثر تشابكا خصوصا بعد رفض تشكيلة الحكومة المقترحة من قبل المجلس الرئاسي وإعطائه مهلة لتقديم حكومة جديدة أقل عددا، والتي لم يستطع المجلس الرئاسي أن يخرج بها بإجماع أعضائه بعد انسحاب كل من العضوين "على القطراني" نائب رئيس المجلس الرئاسي عن إقليم برقة، و"عمر الأسود" وزير الدولة عن مدينة الزنتان، وعدم اعترافهما بالتشكيل المقترح، ورغم الضغوط الدولية بقيادة مارتن كوبلر المبعوث الأممى إلى ليبيا وكل الدول الغربية، لتمرير حكومة الوفاق التي باءت جميعها بالفشل حتى الآن، حيث تم التأجيل على التصويت على الحكومة من قبل أعضاء البرلمان الليبي جلسة تلو أخرى، ليتضح جليًا أن الخلاف الحقيقي داخل المجلس الرئاسي كان على تسمية الفريق ركن خليفة حفتر قائدا عاما للجيش الليبي والذى انعكس ظله أيضا في الكتلة الأكبر من أعضاء مجلس النواب الليبي، خصوصا نواب المنطقة الشرقية على المراوغة وعدم تمرير حكومة فايز السراج .
.
ومع تزايد القلق الغربي من تمدد داعش على الساحل الليبي ومعلومات استخباراتية لدى الغرب تؤكد نية التنظيم في إرسال مقاتليه عبر مراكب الهجرة غير الشرعية إلى الشواطئ الأوروبية، قررت الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون مع إيطاليا وبريطانيا توجيه عدد من الضربات الجوية المركزة لمقاتلي التنظيم دون انتظار إعلان حكومة الوفاق ، وكانت أولاها الضربات الأمريكية على معسكر تدريب بمدينة صبراتة استهدف 63 داعشيا أغلبهم من تونس أسفر عن مقتل 42 من عناصر التنظيم وصرحت القيادات العسكرية الأمريكية بأن هذه الضربات لن تتوقف وأن القوات الأمريكية ستستمر في استهداف عناصر داعش داخل ليبيا.
.
هذا وقد أفاد شهود عيان خلال الأسبوع الماضي بوجود تمركز لخمس بوارج أمريكية على مقربة من شواطئ العاصمة طرابلس فى الغرب الليبي، مما يؤكد أن المعلومات والتحليلات الغربية تتجه إلى سيناريو فشل الخروج بحكومة وفاق في القريب العاجل.
.
وفي ظل هذا المشهد الغامض لبدء محاربة الغرب لداعش فى ليبيا أبدت دول الجوار (مصر والجزائر وتونس) قلقها الشديد من التدخل الغربي المباشر، حيث لم يتضح في أي اتجاه ستنسحب هذه العناصر الإرهابية شرقا إلى الحدود المصرية أم غربا لحدود الجزائر وتونس، ليفاجأ الجميع بإعلان القيادة العامة للجيش الليبي ببدء عملية عسكرية موسعة للقضاء على داعش في الشرق الليبي، خصوصا تحرير باقى أحياء مدينة بنغازي فى عملية " #دم_الشهيد برغم شح الذخائر ونقص المعدات العسكرية بسبب الحظر المفروض دوليا على تسليح الجيش.
العملية العسكرية للجيش الليبي كانت دقيقة جدا وبخطة عسكرية محكمة وتم تطويق مقاتلي الجماعات الإرهابية وقطع طرق الإمداد عن طريق الالتفاف والسيطرة على مدينة أجدابيا غرب مدينة بنغازي، والتي كان بها بعض الميليشيات التي تتعاون مع الجماعات الإرهابية وتمدهم بالسلاح والرجال من مدينة سرت مركز تنظيم داعش داخل ليبيا في منتصف الساحل الليبي.
.
ثم تمت السيطرة على ميناء المريسة داخل مدينة بنغازي والتي كان يستخدمها عناصر داعش للإمدادات التي تأتى عن طريق مراكب صغيرة من مدينة مصراتة غرب البلاد، وفي خلال الأسبوعين الماضيين تم تحرير جميع أحياء المدينة بالكامل.
.
كما أعلنت القوات العربية الليبية المسلحة عثورها على كمية ضخمة من الصواريخ الحرارية (صاروخ (C5 في مقر كتيبة "راف الله السحاتي" أثناء اقتحامها خلال الأسبوع الماضى، كما أنها غنمت كميات كبيرة من الذخائر والأسلحة المتطورة التي طالما طالبت بها من الدول الغربية لسد فجوة التسليح خلال العام الماضي.
وأعلنت القيادة العامة للجيش أن كميات الأسلحة التي تم العثور عليها بمخازن سرية تكفي لسد حاجة الجيش لتحرير كامل ليبيا.
.
وبدأ سلاح المهندسين فى تفكيك العبوات الناسفة من الألغام التي زرعها مقاتلو داعش داخل المنازل، لتعلن الدولة الليبية رسميا تحرير مدينة بنغازي بالكامل.
.
وكلف القائد العام للقوات المسلحة الليبية الفريق ركن خليفة حفتر في قرار رسمى آمر المنطقة العسكرية ببنغازي بتشكيل لجنة برئاسته بغرض إحكام السيطرة الأمنية على مداخل المدينة.
كما أبلغ حفتر آمر المنطقة العسكرية بأن اللجنة ستكون بعضوية مدير الأمن، ورئيس فرع الشرطة العسكرية، ورئيس فرع الاستخبارات العسكرية، ومدير فرع جهاز المخابرات العامة، ومدير فرع الأمن الداخلي للمدينة، لتبدأ مدينة بنغازي الباسلة في مواجهة تحد آخر بعد التحرير وهو انتشار أمراض الحروب بسبب انتشار الجثث وبرك المياه الراكدة بالأحياء المحررة التي هجرها سكانها منذ أكثر من عام، حيث سيطرت عليها عناصر تنظيم داعش خلال تلك الفترة.
.
كما تفتقر المدينة للدعم الطبي وشُح في الدواء والمستلزمات الطبية والأدوية، بجانب لهفة العائلات النازحة للرجوع لمنازلهم التي هُدم أغلبها، ويبحث مجلس محلي المدينة خطة لكيفية إعادة الإعمار مع الحكومة المؤقتة (حكومة عبدالله الثني) في ظل قلة الموارد واستمرار تجميد الأموال الليبية بالخارج والتي تقدر بـ 250 مليار دولار.
.
وبالانتصار الذي حققه الجيش الليبي داخل مدينة بنغازي وتأمين حدودها الغربية بالسيطرة وتحرير مدينة أجدابيا، بدأ الفريق حفتر في إعطاء أوامره لبدء معركة تحرير مدينة درنة الواقعة بين مدينتي طبرق شرقا والبيضاء غربا من وجود العناصر الإرهابية لداعش على أطرافها بعد أن تكبدوا خلال الأشهر الماضية خسائر عسكرية، وفقدان السيطرة على مدينة درنة خلال المواجهات بين داعش وشباب درنة الذي تحالف بشكل مؤقت مع "مجلس ثوار درنة" التابع لأنصار الشريعة لإخراج مقاتلي داعش من أحياء درنة.
.
وأوضح الناطق باسم مجموعة عمليات "عمر المختار" لتحرير درنة عبد الكريم صبرا أن الفريق حفتر بحث مع العقيد كمال الجبالي قائد عمليات مدينة درنة سبل تحرير مدينة درنة من الجماعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم "داعش"، ليبدأ سلاح الجو الليبي باستهداف وقتل عدد من عناصر تنظيم الدولة الإرهابي يوم الأحد الماضي بمقرات التنظيم في منطقة الفتايح درنة، وتم تدمير مدفع "23" مثبت فى أحد مقرات داعش يسمى "الصومعة"..
كما بدأ سلاح الجو الليبي في استهداف عدد من الآليات، مما أدى إلى إعطابها وإلحاق الأضرار بها، وأوقع خلال الأسبوع الماضي خسائر كبيرة في الأرواح والآليات العسكرية في صفوف تنظيم الدولة المتمركز في ضواحي مدينة درنة خصوصا في الحي "400".
.
ومن المرجح أن يعلن الجيش الليبي سيطرته على كامل مدينة درنة خلال الأسبوع الحالي ليكون بذلك قد سيطر على إقليم "برقة" بالكامل وتمكن من القضاء على أي وجود لتنظيم داعش ليغير بذلك موازين القوى السياسية محليا ودوليا.
وفي الأيام المقبلة ستتغير خريطة وجود داعش داخل الدولة الليبية، حيث كانت تعتمد على تمركز مقاتليها بعدد من المدن شرقا وغربا وتتمركز قيادتها بمدينة سرت في الوسط الليبي الساحلي، فإن انتصارات الجيش الليبي والقضاء على نفوذ داعش في الشرق الليبي سيجعل التنظيم يتنازل عن مهاجمة "منطقة الهلال النفطي" بين مدينتي سرت وبنغازي، من جانب، ومحاولة نقل عناصره من داخل مدينة سرت التي باتت قريبة من مرمى نيران الجيش الليبي من جهة بعد سيطرته على مدينة أجدابيا وبين الضربات الجوية الغربية لينتقل مقاتلوه إلى الاختباء بالعاصمة الليبية طرابلس التي تشهد تدفقًا لأعداد كبيرة من مقاتلي داعش للاحتماء بالكثافة السكانية من الضربات الغربية والابتعاد عن مواجهة الجيش الليبي شرق البلاد، والاحتماء وراء قوات درع الوسطى التابعة لمدينة مصراتة التي لن تتورط فى الهجوم على عناصر التنظيم بإرسال قواتها إلى العاصمة طرابلس خوفا من تقدم الجيش الليبي بقيادة حفتر لدخول مدينة مصراتة.
.
أعضاء الإخوان المسلمين في مصراتة بدأوا في تحفيز المواطنين ضد الجيش الليبي تحت مزاعم أن الفريق حفتر ينوي نقل معركته مع الإرهاب لمعركة ضد مدينة مصراتة، وامتلأت ميادين مصراتة بهؤلاء يخطبون في المواطنين، وظهر فى إحدى القنوات الليبية مقطع فيديو لأحد قادة حزب العدالة والبناء التابع لجماعة الإخوان المسلمين يهتف في عدد من الجموع "النفير النفير، الجهاد الجهاد، لو انكسرت جبهة بنغازي، بكرة حفتر فى مصراتة".
.
القلق الشديد ظهر لدول الجوار الغربية (الجزائر وتونس) من تمركز مقاتلي داعش بالعاصمة طرابلس والتى تبعد 180 كيلومترا عن الحدود التونسية، وخرج تصريح من الحكومة التونسية يرفض أي عمل عسكري غربي ضد داعش في ليبيا قد يؤدي لهروب عناصره إلى الأراضي التونسية.
.
وفي الجزائر بدأ استنفار أمنى للجيش الجزائري بدرجات عالية على الحدود المشتركة الجزائرية الليبية خوفا من لجوء مقاتلي داعش للاحتماء بجبال الجزائر مع بدء الضربات الغربية.
.
ويرى المحللون المحليون أن الأسابيع المقبلة قد تشهد مواجهات ومعارك شرسة بين التنظيم وشباب مناطق العاصمة طرابلس في محاولة قادمة للتنظيم للسيطرة على طرابلس وإسقاطها في قبضته وإعلانها أول عاصمة عربية تتحول لإمارة لتنظيم الدولة في محاولة لتعويض بعض من نفوذه المفقود بالشرق الليبي.
.
مؤسسات الإغاثة الدولية بدأت فى تحركات بإرسال طواقم من الموظفين إلى الحدود الجزائرية والتونسية ونصب الخيام وإرسال المساعدات الإنسانية بكميات كبيرة تحسبًا لعملية نزوح جماعى لسكان المنطقة الغربية، خصوصا العاصمة طرابلس مع بدء المعارك الغربية ضد مقاتلي التنظيم ليتأكد أن داعش تحاول اتخاذ طرابلس مركزا للقيادة بديلا عن سرت.
المصدر: جريدة الأهرام العربي