هيكل عظمي علي جزيرة الخلافات

[rtl]الرئيسية اجتماعي هيكل عظمي علي جزيرة الخلافات[/rtl]
[rtl]هيكل عظمي علي جزيرة الخلافات
[/rtl]

سبتمبر 17, 2016اجتماعي, سياسي0 Comments

[size][rtl]
1[/rtl][/size]

هيكل عظمي علي جزيرة الخلافات Antomy-terran

مشهد حزين لغروب الشمس على سطح مياه البحر الأحمر والذى تتلاطم أمواجه وينكسر هديرها على صخور إحدى الجزر والتى يتوسطها هيكل عظمى متعفن لشاب فى أواخر الثلاثينات مات من الجوع والعطش على هذه الجزيرة والتى وصل إليها ذات يوم عائماً بعد أن هرب من كفيله فى المملكة العربية السعودية وأراد أن يحتمى منه ويتدثر بتراب الوطن فأراد له القدر أن يلفظ أنفاسه فى جزيرة كثر اللغط علي هويتها ولم يحسم أمرها بعد.

مات الشاب قبل أن يعرف هل وصل إلى أرض الوطن ليدفن فيه ؟ أم أن هيكله العظمى لازال على الأراضى السعودية ؟ ولازال تحت رحمة كفيله ؟ وأنه مات غريباً وحيداً وذليلاً بعد أن ضاقت به سبل العيش فى وطنه وهرب ليكون هيكله العظمى الذى وجد على جزيرة "تيران" منثوراً بجواره بضعة مئات من الريالات السعودية وبطاقة أدائه للخدمة العسكرية فى وطنه بمثابة صفعة على وجه قوميتنا العربية لعلنا نفوق جميعاً.

مشهد حزين فى لوحة عبثية يدعو للتأمل وضع القدر نهايته للشاب محمد سعد محمود الشاب الثلاثينى إبن محافظة الشرقية الذى ضاقت به سبل العيش داخل وطنه وحتى لا يوصم بوصمة "عاطل" وهم كثيرون داخل بلده وأمام أسرته فكّر أن يجرب حظه فى بلد عربى شقيق لعله يكون أحن عليه من بلده ويجد فيه لقمة العيش التى تمكنه من أن يعول أسرته وطفله الصغير ولكنه إصطدم هناك بكفيله السعودى الذى كان يشيد له مبنى حيث كان يعمل فى المقاولات وحسب رواية أهله إضطرته ظروف المرض أن يدخل إلى المستشفى هناك فأوكل لأحد زملائه بتكملة المبنى ويبدو أن هذا الزميل لم يكن أميناً وغش فى مواد البناء وعند التسليم رفض الكفيل إستلام المبنى وإتهمه بالغش وهدد بمقاضاته لتسديد مليون ريال سعودى أو الزج به فى السجن، بالطبع لأنه لا يملك إلا قوت يومه لم يجد الشاب المصرى المذعور حلاً إلا الهرب من بطش الكفيل وأخبر شقيقه بخطة الهروب التى ستكون براً فى البداية ثم العوم مسافة حتى يصل إلى إحدى الجزر فى البحر الأحمر وهناك يلحقه أخيه عن طريق شرم الشيخ ولكن إنقطعت أخباره عنه حتى وجدت قوات حرس الحدود هيكله العظمى وبجواره بعض الريالات السعودي والتى دفع حياته ثمناً لها وبجواره بطاقة تفيد أن هذا الهيكل العظمى قد أدى واجبه الوطنى تجاه وطنه وأكمل سنين خدمته العسكرية بشرف لكن وطنه لم يكفل له حياة حرة كريمة ولم يوجد له أى مورد للرزق داخل جدرانه فغادر للبحث عن الرزق خارجه على أمل أن يعود ببعض أموال غربته ليستثمرها داخل بلده فهو لم يكن يطمع فى الكثير كان يريد فقط أن يعيش أمناً فى بلده بجوار أهله وأسرته الصغيرة ولكنه عاد فاراً ومذعوراً ليترك لنا هيكله العظمى مسجياً على تراب جزيرة تيران التى لازالت قصتها مع شقيقتها "صنافير" تدور بين أروقة المحاكم للفصل فى هويتهما.

محمد لم يعد يهمه كثيراً إذا كانت الجزيرة سعودية ولا مصرية فهيكله العظمى وجد فيها وربما يصبح ميراثاً لمن تحكم له المحكمة بملكيتها سواء كان مصرياً أو سعودياً فقد مات من الجوع والعطش على أراضيها إذن فهيكله أصبح ميراثاً وسيورث أيضاً وستتناقله الأجيال.

فيا أيها المختلفون على الجزيرة أحسموا أموركم بسرعة فهناك ميراثاً ثقيلاً ينتظر من سيملكها ولنعلم أيضاً من منكم سيربح معها هيكل محمد العظمى لكن قبل أن تبدأوا المزاد عليها ردوا أولاً الريالات السعودية إلى أصحابها وأعطوا بطاقة إتمامه شرف الخدمة العسكرية لأبنه الصغير فهو أحق بها منكم أما هيكله العظمى خذوه فهو حلال على من سيربح هويتها وأقيموا له هناك نصب تذكارى على أرضها تحجون إليه كل عام واكتبوا بجواره

"مات من الجوع والعطش على أرض خلاف عربية بعد أن فر هارباً من أمة عربية"

بقلم إيملن حكيم