الرسول كان منوطًا به إعداد وبناء أمة خيرة صالحة

حسني المتعافي

.......................

الرسول كان منوطًا به إعداد وبناء أمة خيرة صالحة، وهذا من مقاصد الدين العظمى، ولقد نجح في ذلك وأسس خير أمة أُخرجت للناس، وكان وجوده في هذه الأمة خير ضامن لبقائها كذلك، الرسول أسس بنص القرءان أمة، ولم يؤسس -كما هو واضح في القرءان- دولة، والأمة مفهومها مختلف تماما عن مفهوم الدولة، ويتولى أمرها واحد منها باعتباره الأرقى والأسبق على المستوى الجوهري، أما الدولة فمواصفات من يملكها أو يرأسها ومتطلباته مختلفة تماما.

ولقد أعلن الرسول أمام عشرات الألوف أن ولي أمر الأمة هو الإمام علي، وهو بالفعل سابق الأمة، وبذلك بلَّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وهذا الأمر ثابت، ولا سبيل إلى الجدال فيه، ولا يجادل فيه إلا من أُشربوا في قلوبهم التبعية لأهل البغي وعبيد الدنيا.

ولكن لأسباب عديدة -على رأسها العصبية القبلية ووجود من ظنوا أن الأمر كان تأسيس مملكة أرادوا أن تكون دولة بين بطون قريش- تمرد الناس على هذا الأمر فتحولت الأمة إلى دولة يتحكم فيها فرد واحد هو وأنصاره المقربون، ثم استأثرت بالأمر الأسرة الأقدر على السيطرة على الأعراب بشتى الوسائل غير المشروعة، وبذلك بدأ الانحراف عن السبيل القويم والصراط المستقيم، ولا يحق لأحد تحميل الرسول المسؤولية عن ذلك فلقد أدى مهامه كاملة وأشهدهم على أنفسهم، وفي خطبة حجة الوداع كرر التنبيه والتحذير والوعيد.

فلا يحق لأحد أن يقول: إما أن تقر بأن الجرائم الكبرى التي حدثت من بعد الرسول كانت أعمالا صالحة أو على الأقل اجتهادات مأجورة وإما أن تقول إن الرسول لم ينجح في تزكية أهل القرن الأول! ومن يقل بذلك يتجاهل القول الصائب لأنه لا يتفق مع عقيدته التي تجعل بعض أهل القرن الأول بمثابة أرباب مقدسين أو ملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.

وقد يقول قائلهم: ألم يتول الإمام عليّ الأمر من بعد؟ الأمر مختلف تماما، فقد تولى الأمر بعد أكثر من ربع قرن بعد أن ترسخت أوضاع لم يعد من السهل تغييرها، وفي ظل وجود مراكز قوى على استعداد للقتال المرير الشرس دفاعًا عما حققته من ثروات وجاه ونفوذ، ولم يكن لديها أدنى استعداد لتقبل عودة الأمور إلى ما كانت عليه في العصر النبوي، وهذا ما حدث بالفعل

وبذلك بطن ولاة الأمر الحقيقيون السابقون على المستوى الجوهري، ولن يعودوا إلى الظهور إلا إذا تحولت الدول المتناحرة المحسوبة على الإسلام إلى أمة من جديد، وهذا هو الأصل الصحيح لعقيدة المهدي المنتظر، ولكن العقيدة الشائعة أضافت إليها ما هو منقول من التراث الفارسي البابلي، فتحولت إلى أسطورة.

ويجب العلم بأن الله تعالى لا ينزع فضله من الناس، لذلك لابد لمكارم الأخلاق النبوية والعلوم الحقيقية الجوهرية من ورثة، كما أن بطون ولاة الأمر الحقيقيين لا يعني أنه ليس لهم أي دور، بل إنهم يمارسون مهامهم بدون أن يحظوا بأية سلطة سياسية، فمنهم المجددون والمصلحون، وآيتهم أن معهم علوم القرءان الجديدة، وهم العترة على المستوى الجوهري الحقيقي، وهم أهل الله وخاصته، وهم العلة الغائية لوجود هذه الأمة، وبانقراضهم يتحتم هلاكها.

» الأقصى وبناء "الهيكل **
» حملة .. إلاّ النبى مُحمّد - 2 - إعداد : نبيل جلهوم *
» حملة .. إلاّ النبى مُحمّد - 1 - إعداد : نبيل جلهوم *
» إعداد الخطبة***
» حملة ... إلا النبى محمد - 3 - إعداد : نبيل جلهوم *