د/ألهام سيف الدولة حمدان...مقالي عن كلمة السيسي ..ومرايا الزيف..على الجارديان

Loly Seif

.................

مقالي عن كلمة السيسي ..ومرايا الزيف..على الجارديان

صرخ الشاعر العروبي الأصيل /علي محمود طه في خمسينيات القرن الماضي؛ إبان نكسة اغتصاب فلسطين ــ بقصيدةٍ عصماء صدح بها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب آنذاك ـ مناشدًا كل صاحب نخوة عربية أصيلة بالحفاظ على الخريطة العربية دون تشرذم وتمزق وتهرؤ قال محذرًا :

أخي، جـاوز الظالمون الــمَـدَى فحــــقَّ الجهـــادُ، وحقَّ الفـِدا

أنتركهُمْ يغصبونَ العُــــروبــــةَ مجـــد الأبــــوَّةِ والـســـــؤددا ؟

وليسوا بِغَيْرِ صليـلِ الســيـوف يُجيـــبونَ صوتًا لنا أو صـدَىِ

فجـــرِّدْ حـــسامَكَ من غـــمــدِهِ فليس لهُ، بـــعـــدُ، أن يُغـــمَـدَا

أخي، أيهـــا العربيُّ الأبـيُّ أرى اليـــوم موعـــدنا لا الغــــــدا

أخي، أقبل الشرقُ في أمــــــةٍ تردُّ الـــضلال وتُحيي الـــهُـدى

أخي، إنّ في القــــدسِ أختًا لنـا أعــــدَّ لها الذابحون الـــمُــــدى

صبرنا على غـدْرِهم قادرينــا و كنا لَهُـمْ قـــدرًا مُــــرصـــــدًا !!

وكأن الشاعر بإحساسه كان "نبوءة" مبكرة للخذلان العربي المهين؛ وكشفًا لأصحاب المؤامرات والدسائس والانبطاح تحت نفوذ "بني صهيون" !! ولكن ذهبت صرخة الرجل أدراج الرياح ولم نعِ الدرس وننتبه إلى أجراس الإنذارعلى مزلقان العبور إلى الوحدة والتوحد والأخذ بعناصر النجاح والتفوق والانطلاق؛ فدهمنا قطار الغرب ومؤامراته نحونا؛ وكأن الألسنة قد أجتثت من الحلقوم .. حتى آل بنا الحال إلى مانحن عليه الآن بفضل "الربيع العربي" الملعون الوهمي؛ المرسومة لوحاته الدموية بإحكام بيد "العم سام" والبنتاجون وجحافل جيوش الـ "C.I.A" المنتشرة في كل أركان الوطن العربي في شكل شركات ومؤسسات ومنظمات مجتمعية ماأنزل الله بها من سلطان .

وتحت ظلال هذه السحابات الكئيبة التى تقوم بتعتيم سماء العالم العربي؛ وتحجب شموس الحقائق الدامغة؛ تجيء رسالة "السيسي " فيما سمِّي بـ "القمة العربية الإسلامية الأمريكية" !! في منتهى الوضوح والصراحة والصرامة والحق والإحقاق؛ لينجح في وضع وجوه كل من حضروا هذه "المسرحية الهزلية" في حائط الخزي والعار والانبطاح؛ وكأنهم يلعبون دور "الصهاينة" على بنيان "حائط المبكى " !! وترنم بالكلمات الكاشفة الواضحة التي لاتقبل التأويل والجدل العقيم؛ وليس لها من معانِ في كل قواميس اللغة إلا النداء بأخذ زمام المبادرة المخلصة للخروج من هذا النفق المظلم دون مواربة أو التفاف حول المعاني !!

القائد الواثق من مواقفه وثبات عقيدته العروبية الأصيلة؛ يواجه بالحقائق الدامغة ووضع الحلول التي لاتقبل القسمة على اثنين وبألفاظ ٍ محددة التوجه والدلالة .. فيقول ـ لافض فوه ـ : " إن مواجهة خطر الإرهاب واستئصاله من جذوره .. تتطلب إلى جانب الإجراءات الأمنية والعسكرية .. مقاربة شاملة تتضمن الأبعاد السياسية والأيديولوجية والتنموية .. وهنا يكون السؤال الحقيقي الذي يحتاج لمعالجة جادة وصريحة هو : كيف يمكن تفعيل هذه المقاربة الشاملة على أرض الواقع ووفق أي أساس " ؟

ماأشبه الليلة بالبارحة ! فصرخات الشاعر النبوءة/على محمود طه في الماضي .. ذهبت أدراج الرياح؛ وتلاشت الخريطة العربية وانزوت في ركنٍ مظلم من الكرة الأرضية؛ وسادت روح القبَلية والتفكك اللعين لأوصال خير أمة أخرجت للناس ! فهل ستذهب كلمات هذا القائد المحنك الحريص على مصلحة أمته العربية وعلى رأسها مصــر قلبها النابض برغم كل المؤامرات التي تحاك ضدها في السر والعلانية أدراج الرياح؟!

فلقد أشار الزعيم بطرفٍ خفي وبمنتهي الحصافة اللغوية ؛ إلى الأموال العربية المهدرة في "حانات الغرب " وبنوكه التي تمول مصانع السلاح .. لتعود أموالنا إلينا ولكن في شكل رصاصة في صدورنا، وقنبلة تمزق أوصالنا، ودبابة تدمر منشآتنا الحيوية، وطائرات تحلّق للتجسس على بيوتنا وأسرارنا؛ وإعلام في قنوات يعمل ليل نهار على محاولة طمس هويتنا وتراثنا وتاريخنا ! ونحن جلوسٌ في انتظار "جودو" الذي لايأتي؛ بل ـ وللغرابة ـ يتطلعون إلى سرقة " الحذاء" من أقدامنا ـ وهي لقطة لايجب أن تفوتنا ـ ؛ لنعود إلى البريَّة حفاة عراة نهيم على وجوهنا في صحراء البداوة والتخلف وطمس الهوية التي انحدرت مباشرة من صُلب أبو البشرية "آدم" وأمنا "حواء" ؛ حقدًا على جذورنا الضاربة في أعماق الزمن؛ تصنع التاريخ ولا يصنعها !

وكلنا يعرف الحقيقة الرائعة والمدهشة في أنه " كان نهار الدنيا ماطلعشي .. وهِنا : عز النهار" ! فهل من عقولٍ رشيدة تفهم وتعي وتبدأ رحلة الذهاب إلى المستقبل الباسم؛ لأننا نملك ـ إن خلُصت النوايا ـ كل ملكات الانطلاق والتقدم، لسحب "الغرب المتربص" من أرنبة أنفه؛ ليعرف حقيقة ماقاله الشاعر بكل الصدق :

أَخِي، قُمْ إِلِى قِبْلَةِ المَشْرِقَيْـن ِ .. لِنَحْمِي الكَنِيسَــةَ وَالمَسْــــجِـدَا

يســـوع الشهيد على أرضها .. يعانق، في جيشه ، أحمـــــــدا !!

مصر تناديكم ـ وربما قد يكون النداء الأخيرـ على لسان قائدها : "و .. دعوني أصارحكم أن جهودنا في مكافحة الإرهاب والقضاء عليه؛ لايمكن أن يكتب لها النجاح وتصبح واقعًا ملموسًا .. إلا من خلال تسوية القضية الفلسطينية عن طريق حل عادل وشامل ونهائي .. على أساس مبدأ حل الدولتين ومرجعيات الشرعية الدولية ذات الصلة .. بما يوفر واقعًا جديدًا لكافة شعوب المنطقة .... " .

أيها العُرب والمسلمون الكرام : هلاً بدأنا في تضميد الجراح ؟

هل ينظر كل ُ منا في المرآه ليري انعكاسات روحه عليها بكل الصدق ؟

نرجو ألا تخدعنا "مرايا الزيف " عن حقيقة أوضاعنا التى تنادي مصر بنقائها لنحيا كرامًا وتحيا مصرنا العصية على الانكسار والاندحار!

إلهام حمدان

أستاذ العلوم اللغوية ـ أكاديمية الفنون