وكتب صديقنا دكتور محمد حافظ وهو من أشد المؤيدين للدولة المصرية
Mohammed Haffz
.........................
من امبارح وانا تقريبا شبه متوقف عن الكتابة وبأكتفي بالفرجة على البوستات والتعليقات من كل الاتجاهات وبأسمع لكل الأراء من الجانبين ..دا غير اني لا أخفيكم سرا إتوجعت كمواطن من متوسطي الدخل من الزيادة المنهكة اللي حصلت في أسعار المحروقات واللي هيتبعها بالتأكيد زيادة رهيبة في كل شئ ، ومن وقتها وانا بأفكر هدبر أمور بيتي إزاي وهقدر أعيش أنا وولادي إزاي في ظل إن الزيادة في المرتب هتلتهم أضعافها زيادة الأسعار في الأساسيات وغير الأساسيات ..إحنا كطبقة متوسطة بقينا بنكح تراب وكل شوية بنتنازل عن حاجات كانت من ضمن اللايف استايل بتاعتنا عشان نقدر نعيش ونكمل .. عشان كده آثرت الصمت والتأمل لحد ما أستوعب الأمور وأعيد تظبيط حساباتي.
أنا متفهم جدا للغضب وحالة الألم اللي عند أغلبنا - وانا منهم - ومتفهم برضه إن أي انسان من أي مكان في العالم حتى لو من سلطنة بروناي لو قلتله انك هتدفع فلوس زيادة هيزعل ويحتقن ويمكن يقعد يبرطم ، لكن برضه لا أتفهم ولا يمكن أعذر أي حد عايز يزيط في الزيطة وبيستغل الفرصة ويبتدي يصطاد في الميه العكرة ويقعد يشكك في الثوابت ، وانا عندي بعض الثوابت اللي لا يمكن أتناقش فيها وهي كالآتي:
- الوطن فوق المزايدات، لأن مليش مكان غيره..!
- الجيش فوق النقد، لأنه المؤسسة الوحيدة الباقية فى البلد القادرة على اعادة الاتزان عند اختلال الامور..
- ثقتي في القيادة لا متناهية وثقتي في حسن تقديرها للأمور لا تقبل الشك لأن القيادة ترى الصورة كاملة ولديها حسابات وطنية دقيقة لا تدخل فيها حسابات الشعبية المعتادة عند أغلب السياسيين التقليديين
- مهما حصل مش هقف فى موقف واحد مع اسلامجى و اللا كولجى، لأنهم ولاد وسخة بالتجربة.. ومش هسمح لأي وغد منهم إنه يزيط في الزيطة ويحاول يركب الموجة عشان تحقيق مصلحته الشخصية مش عشان مصلحة البلد.. لأني عارف ومتأكد إن البلد عمرها ما كانت موجودة أصلا في حساباتهم ..دول شوية تجار وشعارتجية مالهومش غير في الشو و المزيدات الرخيصة
.
من امبارح وانا شايف ناس بتتكلم وترغي وتعبر عن غضبها ورؤيتها للأمور، فيهم الشخص الوطني الموجوع اللي بينفس عن غضبه المشروع ، وفيهم المزايد ، وفيهم الزياط ، وفيهم وفيهم ...
فيهم اللي بيشيّل الليلة كلها للحكومة والنظام ، وفيهم اللي بيحمل الليلة كلها للشعب الكسول المرفه اللي مش بينتج واللي إتعود على الأنتخة وإتغيرت أبجديات حياة أغلب طبقاته - حتى الفقيرة منها- للنمط الاستهلاكي النهم .. حتى في الفرعيات
بعضنا إتكلم عن مرارة الإجراءات وتأثيرها على أغلب الطبقات ، وبعضنا - وانا منهم - إتكلم عن عدم المصداقية في نفي وجود أي زيادة ثم إذا بنا ننام ونصحى ونلاقي كل حاجة زادت ، وبعضنا إتكلم عن التوقيت السيئ .. والحقيقة إن كل وجهة نظر من اللي عرضتها عايزه عشرات البوستات لوحدها لمناقشتها ، لكن هحاول اختصر بقدر الإمكان عشان ماأطولش عليكم
.
اللي بيشيل الليلة كلها للحكومة والنظام أحب أفكره بأن الريس من أيام ماكان لسه مرشح رئاسي لم يعدنا في يوم من الأيام بأنهار الخمر والعسل ولا بالحياة الناعمة المرفهة.. هو في كل كلماته كان بيقولنا إن الطريق صعب وكله عرق ومعاناة وصعوبات.. فهل محدش فينا أخد باله من الكلام ده وحس النهاردة إن الرئيس خدعنا ؟
الحكومة معندهاش رقابة فعالة على الأسواق وده شيئ لازم نعترف بيه .. بس تعالوا نناقش إزاي ممكن الحكومة تراقب الأسعار وتضع منظومة فعالة لضبطها
صحيح انت ما تقدرش تعمل تسعيرة جبرية للسلع والخدمات باعتبار اننا بنتبع نظام الإقتصاد الحر الخاضع لأليات السوق والعرض والطلب ، لكن تقدر تحدد هامش ربح للتاجر وتعاقبه لو تجاوزه ..لكن المشكلة هي في كيفية تنفيذ الكلام ده..
يعني إيه الآلية اللي عند الحكومة اللي بيها تقدر تنفذ الاقتراح ده..؟
انا فاكر انه فيه حاجة كان اسمها مفتش التموين .. الناس دي راحت فين يا كابتن متحت ؟
أقولك .. مفتشين التموين دول ناس مننا ..مواطنين زيهم زينا ..موظفين حكومة يعني مش من آلهة جبل الأوليمب ..بس المشكلة ان 99% منهم فاسد ، والفساد هنا مش بس انه لما بيروح لبتاع الفراخ مثلا فبيكرمش له 100 جنيه في إيده عشان يطرمخ ويسيبه ويمشي.. فيهم اللي بيكسل ، وفيهم اللي بيخاف يواجه التجار ، وفيهم اللي بيروح يمضي ويروح أو يطلع يشتغل على تاكسي ومنطقه هنا طالما اني مش بأمد إيدي للحرام وبحاول أحسن دخلي بطريقة حلال يبقى انا كده في السليم .. مع انه تغافل مثلا عن إنه بيخون الأمانة الموكلة إليه ، وده في حد ذاته فساد ما بعده فساد
خلو بالكو إننا بنتكلم عن فئة تعدادها يقدر بمئات الآلاف مش ألف واللا ألفين عشان حد يقولي طاب ما نفصلهم ونجيب غيرهم .. هتقدر الحكومة ترفد 200 ألف موظف وتشرد أسرهم ؟؟ خلي بالك اننا بنتكلم كده على ما يقرب من مليون مواطن هيتشردوا ..يعني دول لوحدهم بأسرهم يعملوا ثورة ، او يعملوا ميليشيا مسلحة
طيب آلية الرقابة على مفتشين التميون إيه وكيفية محاسبتهم ؟ يعني الرقابة على الرقابة بتتم إزاي..؟ أبدا سعادتك الحكاية كلها جزا إداري أو تحويل للشئون القانونية وآخرتها خصم يومين تلاته من المرتب يقدر المفتش يعوضهم في طلعة وحدة على السوق.. دا غير إن الجزاء غالبا بيترفع عشان ما يعطلش الترقية .
هتقولي نغير قوانين المحاسبة هفكرك ان الحكومة لما حبت تعمل كده بالقانون 18 للخدمة المدنية ، كلنا فجأة افتكرنا الموظف الغلبان (الفاسد) وقعدنا نتباكى عليه وعلى حاله لحد ما الحكومة تراجعت وعدلت القانون وشالت منه طريقة المحاسبة الرادعة ..يعني احنا اللي كنا السبب
طيب شرطة التموين دي أخبارها إيه حضرتك ؟
ولا حاجة.. ما أسخم من سيدي إلا ستي .. وأكيد طبعا مش محتاج أكلمك عن فئة أمناء الشرطة اللي بينفذوا (الكبسة) على المحلات ...يا حبيبي دول آلهة الرشوة والكرمشة عند قدماء المصريين
كده مش فاضل غير اننا ننزل الجيش يراقب الأسواق .. وأظن دا اقتراح غير منطقي ..دا غير انك ساعتها هتلاقي جحافل الكولجية بيقولوا السيسي طالق الجيش على البياعين الغلابة ، وهاتك بقى يا نحنحة وصعبانيات
أما بقى حكاية الشعب المأنتخ واللي إتغيرت أنماطه الاستهلاكية لحد ما قرب من الشعوب الخليجية ، فالكلام ده صحيح جزئيا، لكن ما ننساش برضه انه فيه طبقات عريضة من الفقرا المطحونين بجد واللي مرتباتهم بالكاد بتكفي الأساسيات ، بس احنا عشان عددنا كبير لما بنشوف الزحمة على المولات والكافيهات بنرجع نقول فين الشعب الجعان ده..؟ ماهي المولات والسينمات مليانه أهي ، ونسينا اننا بنتكلم عن كتلة تعدادها من 15 لـ 20 مليون من الشرائح العليا في الطبقة المتوسطة ، يعني بنتكلم عن كتلة تعادل تعداد دولة زي السعودية ...الفئة دي هي اللي بتصنع مشهد الزحمة على المولات والكافيهات ده ، وبتدينا صورة خادعة عن الرفاهية اللي بيعيش فيها الشعب
لكن حتى الطبقات المطحونة اللي بتعاني بالفعل.. هل نقدر نعفيهم من المسئولية ؟ مطلقا
الطبقة دي برضه مش ملايكة و أغلبهم فاسد برضه ( كلٌ في نطاقه) من أول عامل البناء اللي بيغلي عليك أجرته ومش بيأدي المطلوب منه كما يجب وبـ (يكروت) في الشغل ،، لحد سواق التوكتوك اللي برضه بيغالي في الأجر وبيقسم المشوار لحتتين وتلاته وبيجري يجيب باللي معاه شريط الترامادول عشان ينبسط ويعمل دماغ ، وطبعا لو حاولت تناقشه هتلاقيه بيغزك بمطوة ، وصولا حتى للي بيقعد يزروب عيال بدون حساب وبدون شغل وفي الآخر يشكتي من الدولة اللي مش بتجيب أكل لعياله .
نيجي بقى لمسألة التوقيت .. الحقيقة دي برضه شماعة حلوة بتساعدنا على التنفيس عن غضبنا وتمثيل دور الضحية اللي بيتكالب عليها الجميع .. لأن التوقيت عمره ما هيكون مناسب ... احنا شايفينه مش مناسب مثلا لأنه جه بعد رمضان ومصاريفه وكلنا خارجين من (قفا عيد) زي ما بيقولوا
بس برضه مش هيكون مناسب مع موسم المصايف ومصاريفها..
ولا هيكون مناسب مع عيد الأضحى ومصاريف اللحمة والفتة
ولا هيكون مناسب مع موسم دخول المدارس ومصاريفها اللي بقت نار
ولا هيكون مناسب مع دخول الشتا ومصاريف اللبس الشتوي
طاب هيبقى مناسب إمتى ..؟
هيفضل دايما مش مناسب
آخر حاجة هي موضوع المفأجاة... على فكرة هي ماكانتش مفاجأة ولا حاجة ،، لأن الحكومة من سنة 2014 وعلى لسان المهندس ابراهيم محلب صارحتنا وقالت انه هيتم رفع الدعم عن الطاقة بشكل متدرج على مدار الخمس سنين القادمة ..يمكن النفي المتكرر انه هتكون فيه زيادة في الفترة الحالية هو اللي أصاب بعضنا - وانا منهم - بالصدمة ودفعنا للقول بأن الحكومة كانت بتعمل معانا عملية خداع استراتيجي ، بس عايزك تتخيل معايا كده لو الحكومة قالت مثلا إنه بعد أسبوعين هتكون أسعار المحروقات كذا وكذا.. تخيل بقى اللي كان هيحصل ، وتخيل حجم السواق السودا اللي كنا هنشوفها ...كله كان هيجري يخزن ويعبي في جراكن وكنا هنرجع لأزمة البنزين وأزمة البوتاجاز مرة تانية ونشوف قتلى وجرحى وشهداء محطات البنزين ومستودعات الأنابيب
.
أنا عارف إن القرارت صعبة ، بس كان لابد منها .. إحنا كنا امام دولة جسدها مصاب بالسرطان وكان لابد لها من من العلاج الكيماوي مع كل آثاره الجانبية المؤلمة، بس مفيش قدامنا حل تاني .. يعني يا نتحمل المر اللي إحنا فيه علشان البلد دي تكمل صح .. يا نعيش يومين إنتحار قومي ويبقى حلال فينا سب ولعن الأجيال القادمة .
.
على فكرة انا تعمدت إني ما أقعدش أعدد في الإنجازات اللي تمت واللي أكيد ليها تمن ، ولا أتكلمت عن تكلفة إسترجاع الدولة من براثن عصابة كانت واخدها في طريق الهاوية ، ولا حتى إتكلمت عن التكلفة المرعبة للعمليات العسكرية لمكافحة الإرهاب ..كل دي حاجات ليها تمن ، والتمن غالي أوي ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون
أخيرا...أنا إحترمت كل من عارض وكل من إنتقد بخوف على مصلحة الوطن والمواطن وكل من عبر عن غضبه المشروع ... ولو عايز تنفس عن غضبك وخنقتك بشكل ايجابي، اتكلم في المفيد... احنا عايزين ضمانات ان دي اجراءات اصلاح حقيقي مش تلبيس طواقي ، لكن خللي بالك.. دا مش معناه أبدا انك تحاول تزيط في الزيطة وتبتدي تطاول على الرئيس ..لا يا حبيبي ..السيسي مش حسني مبارك ومش مرسي .. يعني هو لا فاسد ولا بيحمي فسدة ، وهو مش خائن ولا بيتحالف مع خونة .. ومهما كانت لي أية إنتقادات أو تساؤلات حول بعض القرارات .. فلن أغير رأيي ولا ثقتي فيه ...يعني لو حاولت تستظرف ولقيتها فرصة انك تزيط في الزيطة.. هخليك تدور على قطع غيار لكرامتك وتجيب اللي يدور عليها معاك ، وكل قرد يلزم شجرته .