Ahmed Abd Elaziz
.......................
جمعة الشوان
______________
من ملفات المخابرات العامة المصرية
______________________________
بدأ في رسم خطوط ملحمته الوطنية عندما رفض السقوط في بئر الخيانة ، بل واستطاع خداع المخابرات الاسرائيلية "الموساد" لمدة 11 عاما .. إنه أحمد محمد عبد الرحمن الهوان الشهير بـ"جمعة الشوان " ، والذي يعتبر من أهم العملاء الذين شهدهم صراع المخابرات المصري الإسرائيلي .
نشأ الهوان في أسرة مكونة من سبعة أبناء في مدينة السويس ، تحمل مسئولية اسرته وهو في الرابعة عشرة من عمره ويقول في عرضه لقصة حياته :" في فترة قصيرة اصبحت من الافراد الهامين في مجال اعمال الميناء والبحر, وعرفني الاجانب واختلطت بهم حتى تعلمت عدة لغات في سنوات قليلة, واطلق علي السوايسة في الميناء: الشاطر.. وكنت صاحب ومدير شركة سياحية ولم اكمل بعد عامي التاسع عشر" .
وبعد قرار التأميم اتجه الهوان إلى العمل في السياحة ، وبات ينظم رحلات ترفيهية لاطقم السفن التي كانت ترسو على ميناء السويس, ومدها بالمواد التموينية ، ثم تم تعينه مدير لشركة سياحية في بور توفيق .
ويقول جمعة الشوان في أحد حوارته :" حولت حرب 1967 السويس إلى مدينة أشباح واخذت في طريقها اللانش الذي بنيته بعرقي ودمي, ولم تترك سيارتي وبيتي. واصبحت لا املك شيئا .. وفي القاهرة راحت الايام تقذف بي .. وفي احدى الليالي وانا جالس محطم محبط تذكرت مبلغا من المال كنت ادين به لصاحب شركة البحر الاحمر في اليونان كنت قد امددته بقيمته مواد تموينية لاحدى سفنه".
وبالفعل ذهب الهوان إلى اليونان ، الا انه لم يجد "الخواجة" الذي اقترض منه الأموال فواجه صعوبة العيش ، وعندما عاد "باماجاكوس " اكد له إنه لايملك المال ، لأنه تعرض لهزة كبيرة اضاعت ثروته ، والتحق الهوان بعمل على سفينة تقوم برحلات أوروبية ، وتعرف على شاب يوناني يدعى "ديموس" ، وفى إحد الجوالات تعرف على شاب اخر عرض عليه وظيفة بـ الف جنيه استرليني ، ويقول الهوان " بينما أنا في انتظاره تعرفت على فتاتين احدهما تدعى جوجو والأخرى ماري .. وتطورت العلاقة بيني وبين جوجو لدرجة انها عرضت عليّ الزواج ".
وقد ارتبط الهوان بالفتاة جوجو وسافر معها إلى عدد من الاماكن حوال العالم ، إلى كوبنهاجن, وأيرلندا الشمالية ، وفي بلجيكا قرر أن يتزوجها ، الا إنها اختفت ويقول الهوان : بدأت محاولة اصطيادي من قبل الموساد عن طريق المال والنساء ، فلا أحد يصدق أن ما قدمه لي الموساد من نساء طوال سنوات عملي معهم وصل إلى 111 فتاة كانت جوجو أقلهن جمالاً" .
تعرف الهوان على رجلين يدعى احدهما جاك والأخر إبراهام عرض عليه أحدهما العمل في شركة للحديد والصلب مقابل خمسة آلاف جنية استرليني شهريا ، وطلب منه قضاء ليلة مع احد الفتيات ، إلا إنه طلب منه ايضا ان يترك قائمة بأهم الشخصيات التي يعرفها ويقول الهوان :" الضوء الأحمر بدأ يضيء داخلي وبدأت الشكوك والاستفسارات العديدة تقفز إلى ذهني: ما هي علاقة الضمانات بأسماء وكبار الشخصيات من الأهل ؟ وما علاقة جوجو بهذا المكان الذي أعطتني عنوانه والتقيت فيه بأبراهام وجاك؟ وما قصة هذا العمل والعرض المغري المفاجئ؟ ".
ومضى الهوان قائلا : "وبدأت في كتابة أسماء حقيقية عن عائلتي ومعارفي وتعمدت كتابة أسماء بعض العسكريين من بينهم لواء يشغل مركزاً مرموقاً بإحدى محطات الصواريخ المصرية وتركت الورقة مع الفتاة وعدت إلى السفينة وأنا على يقين من أنني وقعت فريسة لإحدى دوائر التجسس أو أجهزة المخابرات وطبعا لم أكن أعرف ولم أسمع عن شيء اسمه (الموساد) ولكن كل هذه الأحداث وأسماء ابراهام وجاك تشير إلى أنهم يهود" ، " ذهبت بفكري الى السويس حيث القتلى والخراب والدمار ووجدتني اقول في نفسي عيش وملح معكم يا سفاحين! .
وطلب منه جاك معلومات عن السفن المحتجرزة في السويس من حيث الاطوال والاحجام, وما تقوم بشحنه. وكل التفاصيل الخاصة بها .
ومع وصول الهوان إلى القاهرة ظل يشعر بأن عبء ثقيل يحمله ، ويقول :" اهتديت إلى ضرورة الذهاب إلى الزعيم جمال عبد الناصر ولكن كيف السبيل .. وذهبت لمكتب المباحث العامة .. وامضيت معهم ثلاثة ايام في ضيافتهم.. ولم انطق سوى بكلمتين: اريد مقابلة الرئيس.. حتى أعياهم إلحاحي وإصراري فاتصلوا بمكتب الرئيس".
وقال الهوان للرئيس الراحل عبد الناصر تفاصيل الصفقة التي تعرض لها ، فقام باعطائه رقم هاتفه الخاص مباركا بدء عملية الخداع للموساد قائلا :" قال لي عبد الناصر سأرسلك الى رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه.. لان ما حدث معك بالفعل شغل موساد.. .. ولا تنس ان مصر بحاجة إلى امثالك ".
ويمضي الهوان في الحديث قائلا: "ذهبت من الرئاسة بسيارة خاصة الى مبنى المخابرات العامة ، وهناك طلب مني الضابط ان اكتب كل ما حدث لي بالتفصيل.. فجلست لساعات اكتب كل شيء.. ثم طلب مني ان اقص كل شيء.. وبالفعل اعدت ما كتبته بالتفصيل ".
واتفق معه رجال المخابرات على تنفيذ مطلب رجال الموساد بتأسيس فرع لشركة الحديد في القاهرة اسماه (تريديشن).. وقال :" عندما جاءني طلب ان اسافر إلى ابراهام ذهبت لرجل المخابرات "الحاج أحمد" واعطيته الخطاب فراح يشرح لي ابعاد اللعبة, وطمأنني ان كل شيء يسير وفق مايريدون وطلب مني ان اسافر بعد تجهيز اوراقي بنفسي دون الاعتماد على المخابرات حتى يسير كل شيء طبيعيا".
ويقول الهوان :" في عام 1968سافرت إلى هولندا لمقابلة بعض رجال الموساد في بداية عملي معهم.. لم أكن أعلم أنهم سيضعونني في اختبار صعب للتأكد من ولائي لهم.. زعموا أنهم شاهدوني في مبنى المخابرات العامة المصرية في القاهرة وحبسوني في حجرة بأحد مزارع أمستردام وأحضروا 12 رجلا قوي البنيان قسموهم إلى ثلاث مجموعات كل مجموعة 4 أفراد وتناوبوا الاعتداء علي حتى أعترف بالحقيقة، كان يغمي علي من شدة الضرب وصمدت رغم شدة الألم بعدها تأكدوا من سلامة موقفي ونجحت في خداعهم".
ويمضى الهوان في لقاء مع طلاب جامعة القاهرة :" يوم 9 أكتوبر 1973 وصلتني رسالة من الموساد تطلب مني الحضور فورا إلى البيت الكبير (تل أبيب) .. وبعد مشاورات مع رجال المخابرات المصرية وتدخل الرئيس الراحل أنور السادات وافقت على السفر إلى تل أبيب... سافرت إلي ايطاليا ومنها إلى تل أبيب.. استمرت الرحلة 12 ساعة وصلت بعدها إلى مطار بن جوريون بتل أبيب".
ويستطرد الهوان :" اصطحبوني إلى داخل احدى قاعات العرض السينمائي وبواسطة شاشة عرض كبيرة شاهدت دبابات وطائرات ومدافع.. وقاموا أيضا بتدريبي على جهاز إرسال خطير يعتبر أحدث جهاز إرسال في العالم يبعث بالرسالة خلال 5 ثوان فقط ".
ويضيف الهوان :" حصلت على الجهاز بعد نجاحي في اختبارات أعدوها خصيصا لي قبل تسليمي الجهاز.. الذي تم إخفاؤه داخل فرشاة أحذية بعد وضع مادة من الورنيش عليها حتى تبدو الفرشاة وكأنها مستعملة.. وقام شيمون بيريز بمسح حذائي بتلك الفرشة عدة مرات إمعانا في الإخفاء.. وعدت إلى مصر بأخطر جهاز إرسال في العالم أطلقت عليه مصر ( البطة الثمينة ) .
وكشف الهوان عن قيامه بتجنيد فتاة المخابرات الإسرائيلية 'جوجو'، التي ارتبطت معه بقصة حب بناء على طلب المخابرات المصرية، وقال إنها أعطت لمصر معلومات خطيرة من داخل الموساد .
وكانت أول رسالة بعث بها إلى إسرائيل بواسطة الجهاز الجديد هي "من المخابرات المصرية إلى رجال الموساد الإسرائيلي.. نشكركم علي تعاونكم معنا طيلة السنوات الماضية عن طريق رجلنا جمعة الشوان وإمدادنا بجهازكم الانذاري الخطير.. والى اللقاء في جولات أخرى" ، وقد وقعت الرسالة كالصاعقة على رجال الموساد ، وهو دفع 6 من أكفأ رجال هذا الجهاز إلى الانتحار فور اكتشاف أمر الهوان وهم الذين كانوا يتولون تدريبي طلية فترة عملي معهم
المخابرات العامة المصرية