روح الابتكار في ثورة 25 يناير

روح الابتكار في ثورة 25 يناير

ضاحك

حين قام الشباب المصري بثورة 25 يناير ظهرت معهم روح الابتكار، حيث لم يكن يعنيهم وقت قيامهم بالثورة سوى خلق روح جديدة تسري في جسد الشعب المصري، وتلهم العالم، فلم يكن يعنيهم في تلك اللحظات النتيجة التي سيصلون إليها بقدر ما كان يعنيهم العمل من أجل الحياة الكريمة، لا مجرد الحياة، فلم يهدفوا من وراء ثورتهم الحصول على صيت أو جاه أو مال أو عقال، أو حل مشكلات فئوية، فكان استمتاع الشباب بصناعة الثورة أكثر من استمتاعهم بنتيجتها، فسعادتهم الحقيقية كانت تلك اللحظات السعيدة رغم - مرارتها وقسوتها- التي مرت بهم أثناء العمل، والتي كانوا يشعرون فيها أنهم لا يكتسبون الحياة فحسب، وإنما يكتسبون أثرا طيبا مستديما يؤثر على عقولهم وأجسادهم معًا.
ذلك هو الشخص الذي خلقته الثورة، الشخص الذي إذا ما انخرط في عمل يجب عليه ألا يتطلع إلى أي مغنم مادي أو معنوي سوى المتعة التي يحققها لنفسه من هذا العمل. فتلك هي الروح التي يجب أن تسري في الإنسان بشكل عام وفي المسلم بوجه خاص، امتثالا لقول الله تعالى: "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" التوبة 105.
فالمتعة الحقيقية للمسلم من وراء عمله ليس الثمرة المادية، وإنما علمه بأن الله ورسوله والمؤمنين سيطلعون على عمله، ولهذا فهو يجوده ويتقنه، وهنا ينتفع بعلمه عند الله في الآخرة. فإن العبد لا ينتفع بعمله إذا كان لا يعلم أن الله تعالى سيطلع عليه.
لهذا علمتنا الثورة أن نذوب في العمل، وأن ينسى كل منا ذاته حين القيام بعمله، فالابتكار في ميدان التحرير هو أن كل شخص عمل ونسي ذاته ومعتقده و تياره الفكري، ووضعه الاجتماعي، غنيا كان أو فقيرا، عالما أو أميا، رئيسا أو مرؤوسا، سيدا أو خادما، فالكل نسي ذات من أجل العمل لإنجاح الثورة. فانطبق عليهم قول الفيلسوف الصيني (يو منج فو): "الحبة التي ترغب لنفسها النمو، يجب أن تفقد نفسها كحبة وهؤلاء الصغار ربما يرتفعون ويصلون إلى القمة".
وهكذا فإن شباب الثورة صاروا يستمتعون بأعمالهم، ولا يتطلعون إلى ذواتهم كتلك الحبة، ولا يعباون بالمغانم من وراء الأعمال، فليت أصحاب المطالب الفئوية يتعلمون ذلك منهم.
لقد كان أفراد الشعب المصري يمارسون أعمالا لا يستمتعون بها، فها هم أبناؤهم يزاولون الدراسة في المدارس والجامعات، ولا يرغبونها، وكم تحسسنا مدى كراهية موظفي الدولة لأعمالهم، والطلاب لدراستهم، وحتى سائقو الحافلات وسيارات الأجرة يشعرون أنهم مرغمون على أعمالهم، وبالتالي فإنهم لم يبتكروا. فمن السبب في ممارسة هذا الشعب لأعماله التي لا تتفق ورغباته وميوله الشخصية.
ومن هنا فإنه لا بد من سياسة جديدة للدولة ترسم أهدافهما وتحدد متطلباتها بتوافق وانسجام مع حاجيات أفرادها واستعداداتهم، وبهذا تحصل الدولة على أناس يعيشون لبلادهم قبل أن يعيشوا لأنفسهم، فيمارسون أعمالهم وهم يستمتعون بها.
هذا هو الاتجاه الطبيعي الذي يجب أن نتحلى به، أن نكون هواة في أعمالنا وأن نمارسها لذاتها، لا لأن نجني من ورائها العمارات الشامخة، أو المرتبات الضخمة، والأفدنة الشاسعة، فليست هذه كلها إلا وسائل تعين على القيام بالأعمال، فقيمة هذه الأشياء ليست في نفسها، وإنما قيمتها في مدى تأثيرها فينا، فكل ما في الوجود من إنسان أو حيوان أو جماد لا يخرج عن كونه وسيلة للتفاعل مع الحياة. فجزى الله عنا خيرا هؤلاء الشباب ، ورحم شهداءهم الأبرار الذين خلقوا فينا روح الابتكار، وروح العمل لذات العمل، وكذلك روح الصبر والثبات، وكأنهم أرادا لنا الامتثال لقول الحق سبحانه:" والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر".
منقول..
ضاحك

» حوار بين مواطن وكوالجى حول ثورة يناير
» معهد الدراسات الدولية والإستراتيجية يدين تحيز "الجزيرة" ضد ثورة يونيو 2013.. القناة شوهت سمعتها كمحطة عالمية وانحازت لمرسى والإخوان ومررت فكرة "الانقلاب".. ويؤكد: لا اختلاف بين ثورة 25 يناير و30يونيو
» النص الكامل لملخص تقرير لجنة تقصي الحقائق حول ثورة 25 يناير بمصر
» نحن نستعد للإحتفال بذكرى ثورة يناير وعيد الشرطة كى نسترجع العبر ونتذكر ماكنا وماسنكون
» "الداخلية" تحبط أخطر مخطط إخوانى لاحتلال ميدان التحرير واقتحام السجون فى ذكرى 25 يناير باسم "ثورة الفقراء"..