منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
 الإيمان عند اهل السنة (الإيمان والإسلام والعلاقة بينهما) >

منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
 الإيمان عند اهل السنة (الإيمان والإسلام والعلاقة بينهما) >

منتديات سيفن ستارز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
ارجو من الساده الاعضاء القدامى تعديل بيانتهم الشخصية
ياجماعة انصحكم بالدخول على المنتدى بالمتصفع العملاق Mozilla Firefox
مشاركتك بالموضوعات تعنى أنك قرأت قانون المنتدى ، وأنك تتحمل المسئولية الأدبية والقانونية عن نشر هذا الموضوع او الردود
تتقدم منتديات سيفن ستارز بأحر التهانى القلبية للأخت رونى المحامية المشرفة على المنتدى القانونى وذلك بمناسبة الزواج السعيد نسأل الله لها التوفيق فى حياتها وألف مليون مبروك لها ولزوجها الأستاذ /حسين إبراهيم حسين وعقبال البكارى وحياة سعيدة ملؤها التراحم والمحبة والقرب من الله
على السادة الأعضاء الإلتزام بالأقسام النوعية للمنتدى عند تقديم مساهماتهم حيث يكون كل موضوع داخل القسم الخاص به حتى يعطى الشكل المطلوب مع سهولة الوصول إليه لكل متصفح .فالموضوعات الخاصة بالمرأة داخل منتدى المرأة .والموضوعات التى تتحدث عن الإسلام توضع فى المنتدى الإسلامى   ...وهكذا ..ونشكر لكم حسن العمل .كما نشكركم على الأداء الممتاز داخل المنتديات..كما نحذر من الخوض أو التطرق لما يمس الغير أو التهجم أو إذدراء الأديان أو الخوض فى موضوعات سياسيه..المنتديات  أصلاً ..منشأة لتبنى وجهة النظر الأجتماعيه والإسلاميه لأهل السنة والجماعة دون التقليل من الغير بل الإحترام المتبادل..وللجميع ودون تميز بجنس أو نوع أو دين أو لون وشكراً لكم جميعاً...
إدارة المنتديات...سيفن ستارز.

 

  الإيمان عند اهل السنة (الإيمان والإسلام والعلاقة بينهما)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حسن المرجاوى
المدير العام
المدير العام
حسن المرجاوى


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4067
تاريخ الميلاد : 03/06/1963
تاريخ التسجيل : 06/11/2010
العمر : 60
المزاج مصر العربيه

 الإيمان عند اهل السنة (الإيمان والإسلام والعلاقة بينهما) Empty
مُساهمةموضوع: الإيمان عند اهل السنة (الإيمان والإسلام والعلاقة بينهما)    الإيمان عند اهل السنة (الإيمان والإسلام والعلاقة بينهما) I_icon_minitimeالأحد أبريل 03, 2011 4:17 pm

الإيمان عند اهل السنة (الإيمان والإسلام والعلاقة بينهما)
ضاحك ضاحك ضاحك ضاحك
الإيمان والإسلام والعلاقة بينهما
كثر نزاع أهل القبلة في مسمى الإيمان والإسلام هل مسماهما واحد؟ أم الإيمان أعم من الإسلام؟ أم الإسلام أعم من الإيمان؟.... الخ.

والذي يعنينا في هذا المبحث الإشارة إلى أقوال أهل السنة وأدلتهم، وإليك بيان ذلك.

اختلف أهل السنة في ذلك على قولين:

أحدهما: أن مسماهما يختلف على حسب الإفراد والاقتران.

والآخر: أن مسماهما واحد.

القول الأول: أكثر أهل السنة على هذا القول وممن قال بذلك ابن عباس والحسن البصري، ومحمد بن سيرين والزهري وقتادة وداود بن أبي هند، وحماد بن زيد، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، وأحمد بن حنبل، وأبو جعفر الباقر، وعبد الرحمن ابن مهدي، وابن معين، وأبو خيثمة، والخطابي، واللالكائي، وابن الصلاح، وابن تيمية، وابن رجب وغيرهم (1).

ومن أبرز أدلتهم:
1- قوله - تعالى -: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا). الآية: (2).

استدل أصحاب هذا القول بالآية على التفريق بين مسمى الإيمان الإسلام عند الافتران، فقالوا إن هذه الآية أثبتت لهم الإسلام ونفت عنهم الإيمان مما يدل على أن مرتبة الإيمان أعلى واستدلوا بها على أن الإسلام المثبت يثابون عليه وهذا أحد القولين في تفسير هذه الآية (1).

يقول ابن تيمية (والدليل على أن الإسلام المذكور في الآية هو إسلام يثابون عليه وأنهم ليسوا منافقين، قوله: (وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئاً) فدل على أنهم إذا أطاعوا الله ورسوله مع هذا الإسلام، آجرهم الله على الطاعة، والمنافق عمله حابط في الآخرة (2) (وأيضاً قوله: (ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) (ولما) إنما ينتفي بها ما ينتظر ويكون حصوله مترقباً، كقوله: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين) (3).

فقوله: (ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) يدل على أن دخول الإيمان منتظر منهم، فإن الذي يدخل في الإسلام ابتداء، لا يكون قد حصل في قلبه الإيمان ولكنه يحصل فيما بعد.. ولهذا كان عامة الذين أسلموا رغبة ورهبة دخل الإيمان في قلوبهم بعد ذلك، وقوله: (ولكن قولوا أسلمنا) أمر لهم بأن يقولوا ذلك، والمنافق لا يؤمر بشيء) (4).

أيضاً نفي الإيمان هنا عنهم من جنس قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)) وقوله ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه)) ونحوه، أي أن المنفى هنا هو الإيمان الواجب وليس أصل الإيمان (فكذلك الأعراب) في هذه الآية لم يأتوا بالإيمان الواجب فنفى عنهم ذلك وإن كانوا مسلمين معهم من الإيمان ما يثابون عليه) (1)

ويق-ول ابن كثير: (استفيد من هذه الآية أن الإيمان أخص من الإسلام كما هو مذهب أهل السنة والجماعة...) (2).

2- عن عام-ر بن سعد، عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى رجالاً ولم يعط رجلاً فقلت يا رسول الله: أعطيت فلاناً وتركت فلاناً لم تعطه، وهو مؤمن!! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أو هو مسلم)) قال: فأعدتها ثلاثاً وهو يقول: ((أو مسلم)).

ثم قال: ((إني لأعطى رجالاً، وأمنع رجالاً أحب إلي منهم مخافة أن يكبوا في النار على وجوههم)) - أو قال ((على مناخرهم)) (3).

يقول ابن أبي العز الحنفي تعليقاً على هذا الحديث: (فأثبت له الإسلام، وتوقف في اسم الإيمان، فمن قال: هما سواء - كان مخالفاً) (4).

وأيضاً يمكن أن يقال: إن هذا الرجل الذي أثبت له - صلى الله عليه وسلم - الإسلام دون الإيمان من جنس الأعراب المذكورين في الآية السابقة، فهو معه إسلام يثاب عليه، ولكن لم يفعل الإيمان الواجب حتى يقال له مؤمن بدون قيد، وهذا من الأدلة الواضحة على أن الإيمان أخص وأعلى من الإسلام حين اقترانهما (5).

3- ومن أدلتهم الكلية على التفريق بينهما قولهم: (إن الله جعل اسم المؤمن اسم ثناء وتزكية ومدحة أوجب عليه الجنة، فقال: (وكان بالمؤمنين رحيما * تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما) (1)وقال: (وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم) (2)وقال: (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم) (3) وقال: (يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم) (4)وقال: (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) (5)وقال: (وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار) (6) ثم أجب الله النار على الكبائر، فدل بذلك على أن اسم الإيمان زائل عن من أتى كبيرة، قالوا: ولم نجد الله أوجب الجنة باسم الإسلام، فثبت أن اسم الإسلام له ثابت على حاله، واسم الإيمان زائل عنه... فإن قيل له-م: فالذين زعمتم أن النبي - صل-ى الله عليه وسلم - أزال عنه اسم الإيمان، هل فيه من الإيمان شيء؟ قالوا: نعم، أصله ثابت ولولا ذلك لكفر) (7).

ويزيد شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الأمر وضوحاً بنص قيم ننقله مع بعض الاختصار. قال (.... والوعد الذي في القرآن بالجنة وبالنجاة من العذاب إنما هو معلق باسم الإيمان، وأما اسم الإسلام مجرداً فما علق به في القرآن دخول الجنة، لكنه فرضه وأخبر أنه دينه الذي لا يقبل من أحد استفار، وبالإسلام بعث جميع النبيين قال تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) (Cool.

وقال: (إن الدين عند الله الإسلام) (1)وكذلك أخبر عن إبراهيم - عليه السلام - أن دينه الإسلام فقال - تعالى -: (ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (2)وقال: (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا) (3)ولمجموع هذين الوصفين (أي الإسلام مع الإحسان علق السعادة فقال: (بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (4) كما علقه بالإيمان باليوم الآخر والعمل الصالح في قوله: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (5)، وهذا يدل على أن الإسلام الذي هو إخلاص الدين لله مع الإحسان وهو العمل الصالح الذي أمر الله به هو والإيمان المقرون بالعمل الصالح متلازمان، فإن الوعد على الوصفين وعد واحد وهو الثواب وانتفاء العقاب... وأما الإسلام المطلق المجرد، فليس في كتاب الله تعليق دخول الجنة به كما في كتاب الله تعليق دخول الجنة بالإيمان المطلق المجرد..) (6).

وقال رادا على من يطلق الإيمان على مرتكب الكبيرة في سياق الثناء والوعد بالجنة بأن ذلك (خلاف الكتاب والسنة، ولو كان كذلك لدخلوا في قوله: (وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار) (1)وأمثال ذلك مما وعدوا فيه الجنة بلا عذاب) (2).

ومقصود الأئمة من الكلام السابق أن الإيمان أكمل من الإسلام حيث إن المؤمن المطلق موعود بالجنة أما المسلم المطلق فلم يرد أنه يدخل الجنة بلا عذاب، لأنه قد يكون مسلماً ولا يكون مؤمناً كاملاً، والله أعلم

4- أيضاً ذكر من يفرقون بين مسمى الإيمان والإسلام قاعدة في الأسماء مفادها (أن من الأسماء ما يكون شاملاً لمسميات متعددة عند إفراده وإطلاقه، فإذا قرن ذلك الاسم بغيره صار دالا على بعض تلك المسميات، والاسم المقرون به دال على باقيها، وهذا كاسم الفقير والمسكين، فإذا أفرد أحدهما دخل فيه كل من هو محتاج، وإذا قرن أحدهما بالآخر دل أحد الاسمين على بعض أنواع ذوي الحاجات والآخر على باقيها، فهكذا اسم الإيمان إذا أفرد أحدهما دخل فيه الآخر، ودل بانفراده على ما يدل عليه الآخر بانفراده، فإذا قرن بينهما دل أحدهما على بعض ما يدل عليه بانفراده ودل الآخر على الباقي وقد صرح بهذا المعنى جماعة من الأئمة.. ويدل على صحة ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فسر الإيمان عند ذكره مفرداً في حديث وفد عبد القيس بما فسر به الإسلام المقرون بالإيمان في حديث جبريل - عليه السلام - وفسر في حديث آخر الإسلام بما فسر به الإيمان، كما في مسند الإمام أحمد عن عمرو بن عبسة قال: جاء رجل إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((يا ر سول الله ما الإسلام؟ قال: ((أن تسلم قلبك لله، وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك))، قال: فأي الإسلام أفضل؟ قال: ((الإيمان، قال: وما الإيمان؟ قال: ((أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت)).. الحديث (3).. فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الإيمان أفضل الإسلام، وأدخل فيه الأعمال... وبهذا التفصيل الذي ذكرناه يزول الاختلاف فيقال: إذا أفرد كل من الإسلام والإيمان بالذكر فلا فرق بينهما حينئذ، وإن قرن بين الاسمين كان بينهما فرق...) (1).

5- وأخيراً لعلنا نذكر ما يمكن أن نعتبره أهم دليل يعتمده من يفرقون بينهما: وهو حديث جبريل المشهور وفيه قال جبريل عليه السلام: يا محمد أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً))، فقال: صدقت، فتعجبنا من سؤاله وتصديقه. ثم قال: فما الإيمان؟ قال: ((أن تؤمن بالله وحده وملائكته وكتبه ورسله وبالبعث بعد الموت والجنة والنار، وبالقدر خيره وشره)). فقال: صدقت، ثم قال: فما الإحسان؟ إلى أن قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ذلك جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم)) (2).

قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح تعليقاً على هذا الحديث: (هذا بيان لأصل الإيمان وهو التصديق الباطن وبيان لأصل الإسلام، وهو الاستسلام والانقياد الظاهر)(3)..

ثم إن اسم الإيمان يتناول ما فسر به الإسلام في هذا الحديث وسائر الطاعات لكونها ثمرات للتصديق الباطن الذي هو أصل الإيمان، ومقويات ومتممات وحافظات له، ولهذا فسر - صلى الله عليه وسلم - الإيمان في حديث وفد عبد القيس بالشهادتين والصلاة والزكاة وصوم رمضان، وإعطاء الخمس من المغنم، ولهذا لا يقع اسم المؤمن المطلق على من ارتكب كبيرة أو بدل فريضة، لأن اسم الشيء مطلقاً يقع على الكامل منه، ولا يستعمل في الناقص ظاهراً إلا بقيد، ولذلك جاز إطلاق نفيه عنه في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن)) واسم الإسلام يتناول أيضاً ما هو أصل الإيمان وهو التصديق الباطن، ويتناول أصل الطاعات. فإن ذلك كله استسلام قال: فخرج مما ذكرناه وحققناه أن الإيمان والإسلام يجتمعان ويفترقان، وأن كل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمناً قال: وهذا تحقيق وافر بالتوفيق بين متفرقات نصوص الكتاب والسنة الواردة في الإيمان والإسلام التي طالما غلط فيها الخائضون، وما حققناه من ذلك موافق لجماهير العلماء من أهل الحديث وغيرهم)(1).

ويستنبط شيخ الإسلام ابن تيمية من هذا الحديث القاعدة التالية وهى أن (الإحسان أعم من جهة نفسه، وأخص من جهة أصحابه من الإيمان، والإيمان أعم من جهة نفسه، وأخص من جهة أصحابه من الإسلام، فالإحسان يدخل فيه الإيمان، والإيمان يدخل فيه الإسلام، والمحسنون أخص من المؤمنين، والمؤمنون أخص من المسلمين (2).. فجعل الدين ثلاث طبقات: أولها الإسلام، وأوسطها الإيمان، وأعلاها الإحسان، ومن وصل إلى العليا، فقد وصل إلى التي تليها، فالمحسن مؤمن، والمؤمن مسلم، وأما المسلم فلا يجب أن يكون مؤمناً (أي الإيمان التام) (3).

وقال الخطابي: (والصحيح من ذلك أن يقيد الكلام في هذا، ولا يطلق، وذلك أن المسلم قد يكون مؤمناً في بعض الأحوال، ولا يكون مؤمناً في بعضها، والمؤمن مسلم في جميع الأحوال، فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمن، وإذا حملت الأمر على هذا استقام لك تأويل الآيات واعتدل القول فيها، ولم يختلف شيء منها..) (1).

لكن - بعدما عرفنا أن مرتبة الإيمان أعلى - كيف يكون معناهما عند الاقتران؟ قالوا: (حقيقة الفرق أن الإسلام دين، والدين مصدر دان يدين ديناً: إذا خضع وذل، ودين الإسلام الذي ارتضاه الله، وبعث به رسله هو الاستسلام لله وحده.. وهو الخضوع له، والعبودية له، هكذا قال أهل اللغة: أسلم الرجل إذا استسلم، فالإسلام في الأصل من باب العمل، عمل القلب والجوارح. وأما الإيمان فأصله تصديق وإقرار ومعرفة، فهو من باب قول القلب المتضمن عمل القلب والأصل فيه التصديق، والعمل تابع له، فلهذا فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - الإيمان بإيمان القلب وبخضوعه، (أي قول القلب وعمله) وفسر الإسلام باستسلام مخصوص هو المباني الخمس، هكذا في سائر كلامه - صلى الله عليه وسلم -: يفسر الإيمان بذلك النوع، ويفسر الإسلام بهذا، وذلك النوع أعلى) (2)، لأن المؤمن الإيمان التام لابد أن يكون مسلماً، ولذلك ورد في الشرع إطلاق الإيمان على أعمال الجوارح.

أما المسلم فلا يلزم أن يكون تام الإيمان، يقول الإمام ابن رجب: (قال المحققون من العلماء: كل مؤمن مسلم، فإن من حقق الإيمان ورسخ في قلبه قام بأعمال الإسلام كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)). فلا يتحقق القلب بالإيمان إلا وتنبعث الجوارح في أعمال الإسلام، وليس كل مسلم مؤمناً، فإنه قد يكون الإيمان ضعيفاً فلا يتحقق القلب به تحققاً تاما، مع عمل جوارحه أعمال الإسلام فيكون مسلماً، وليس بمؤمن الإيمان التام) (1).

القول الثاني:

أن مسماهما واحد، وممن نقل عنه ذلك الإمام البخاري (2)، والإمام محمد بن نصر المروزي، وابن عبد البر وقال: (أكثر أصحاب مالك على أن الإسلام والإيمان شيء واحد) (3)، وقال أيضاً: (وعلى القول بأن الإيمان هو الإسلام، جمهور أصحابنا وغيرهم من الشافعيين والمالكيين، وهو قول داود وأصحابه، وأكثر أهل السنة والنظر، المتبعين للسنة والأثر) (4)(ونقل أبو عوانة الاسفرائيني في صحيحه عن المزني صاحب الشافعي الجزم بأنهما عبارة عن معنى واحد) (5)، وكذلك قال أصحاب أبي حنيفة (6) وابن منده (7).

ومن أبرز أدلتهم ما ذكره الإمام محمد بن نصر المروزي حيث أطال الكلام في حجج هذا القول ورجحه ورد على أصحاب القول الأول في كتابه القيم ((تعظيم قدر الصلاة)) (Cool. ولذلك فأكثر الحجج التي سأذكر منقولة من هذا الكتاب، وهناك حجج

قليلة ذكرها غيره، وإليك أدلتهم:

1- قال الإمام ابن عبد البر (أكثر أصحاب مالك على أن الإسلام والإيمان شيء واحد، ذكر ذلك ابن بكير في الأحكام، واحتج بقول الله عز وجل: (فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) (1)أي غير بيت منهم (2).

2- وقال الإمام محمد بن نصر المروزي: (الإيمان الذي دعا الله العباد له، وافترضه عليهم هو الإسلام الذي جعله ديناً، وارتضاه لعباده، ودعاهم إليه، وهو ضد الكفر الذي سخطه، فقال:

(ولا يرضى لعباده الكفر) (3)، وقال: (ورضيت لكم الإسلام ديناً) (4).. وقال: (أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه)(5) فمدح الله الإسلام بمثل ما مدح به الإيمان، وجعله اسم ثناء وتزكية، فأخبر أن من أسلم فهو على نور من ربه وهدى، وأخبر أنه دينه الذي ارتضاه، فقد أحبه، وامتدحه، ألا ترى أن أنبياء الله ورسله، رغبوا فيه إليه، وسألوه إياه، فقال إبراهيم خليل الرحمن وإسماعيل ذبيحه: (ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك) (6) وقال يوسف: (توفني مسلماً وألحقني بالصالحين) (7) وقال تعالى: (وقل للذين أوتوا الكتاب والأمين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا) (Cool وقال في موضع آخر: (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم) إلى قوله (ونحن له مسلمون فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا) (1)فحكم الله بأن من أسلم، فقد اهتدى، ومن آمن فقد اهتدى فقد سوى بينهما) (2).

ومقصود الإمام هنا: أن مسمى الإيمان والإسلام واحد، لأن الله عز وجل مدح الإسلام بمثل ما مدح به الإيمان، وأخبر أنه دينه الذي ارتضاه، وأمر أهل الكتاب والأمين بالإسلام كما أمرهم بالإيمان، وأخبر أن الرسل والأنبياء، دعوا إلى الإسلام، وسألوه إياه، فلابد أن يكون كل مسلم مؤمناً.

3- وقال أيضاً: (وقال الله عز وجل: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) (3)، وقال: (إن الدين عند الله الإسلام) (4)، فسمى إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة ديناً قيماً، وسمى الدين إسلاماً، فمن لم يؤد الزكاة. فقد ترك من الدين القيم الذي أخبر الله أنه عنده الدين وهو الإسلام، بعضاً، وقد جامعتنا هذه الطائفة التى فرقت بين الإيمان والإسلام على أن الإيمان قول وعمل، وأن الصلاة والزكاة من الإيمان، وقد سماها الله ديناً، وأخبر أن الدين عند الله الإسلام، فقد سمى الله الإسلام بما سمى به الإيمان، وسمى الإيمان بما سمى به الإسلام، وبمثل ذلك جاءت الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) (5).

4- (قالوا - أي من يساوون بينهما -: ومما يدلل على تحقيق قولنا أن من فرق بين الإيمان، والإسلام، قد جامعنا أن من أتى الكبائر أتى استوجب النار بركوبها،

لن يزول عنه اسم الإسلام، وشر من (1)الكبائر وأعظمهم ركوباً لها من أدخله الله النار، فهم يروون الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويثبتونه أن الله يقول: ((أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان، ومثقال برة، ومثقال شعيرة)) (2)فقد أخبر الله - تبارك وتعالى - أن في قلوبهم إيماناً، وأخرجوا بها من النار، وهم أشر أهل التوحيد، الذين لا يزول في قولنا وفي قول من خالفنا عنهم اسم الإسلام، ولا جائز أن يكون من في قلبه إيمان يستوجب به الخروج من النار (3)، ودخول الجنة ما ليس بمؤمن بالله، إذ لا جائز أن يفعل الإيمان الذي يثاب عليه بقلبه من ليس بمؤمن، كما لا جائز أن يفعل الكفر بقلبه من ليس بكافر) (4).

ومقصودهم هنا الرد على من أخرج أهل الكبائر من الإيمان، وقال: إنهم مسلمون وليسوا بمؤمنين، فيقال لهم: كيف تنفون عنهم الإيمان مع إثباتكم أن من في قلبه ذرة من إيمان - من أهل الكبائر - يخرج من النار؟

إذاً من يخرج من النار فلابد أن يكون مسلماً مؤمناً ولا فرق.

5- (قالوا: ومما يدل على بطلان قول من خالفنا، ففرق بين الإيمان والإسلام وتحقيق قولنا: أنا وجدنا الله - عز وجل - افترض الفرائض، وأحل الحلال، وحرم الحرام، ووضع الأحكام والحدود بين المسلمين على اسم الإيمان، لا على اسم الإسلام، فزعم هؤلاء أن من أتى كبيرة، فهو خارج من الإيمان، وليس بمؤمن، ثم حكموا عليه، وله بأحكام المؤمنين، ولو كان الأمر كما قالوا فيمن

أتى كبيرة، للزم إسقاط عامة الفرائض، والأحكام والحدود التي أوجبها على المؤمنين على من أتى كبيرة، لأن اسم الإيمان زال عنه، وفي ذلك خروج من أحكام الكتاب، وما أجمعت عليه الأمة... قال الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) (1) وقال: (يأ أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام) (2).... وقال (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة) (3).. وقال: (يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) (4).

فمن زعم أن من أتى كبيرة، زال عنه اسم الإيمان، لزمه أن يسقط عنه هذه الفرائض كلها، لأن الله إنما أوجبها على المؤمنين باسم الإيمان،] إلى أن قال [: (وقال الله: (فتحرير رقبة مؤمنة) (5) فما تقولون في أمة أو عبد مسلم يصوم ويصلي، ويؤدى الفرائض إلا أنها سرقت، أو شربت خمراً هل يجوز عتقها عن من عليه عتق رقبة؟ فإن أجازوا عتقها، فقد أثبتوا لها اسم الإيمان، وتركوا قولهم، وإن قالوا: ليست بمؤمنة، وعتقها جائز، خالفوا حكم الكتاب، وإن زعموا أن عتقها ليس بجائز، خرجوا من لسان الأمة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأمة السوداء حين امتحنها بالشهادتين، فأقرت: ((اعتقها، فإنها مؤمنة)) ولم يقل: إنها مسلمة) (6).

وقال في تفسير قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يزني الزاني... الحديث)): (فالذي صح عندنا في معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)) (1) وما روي من الأخبار مما يشبه هذا أن معنى ذلك كله أن من فعل تلك الأفعال لا يكون مؤمناً مستكمل الإيمان، لأنه قد ترك بعض الإيمان نفي عنه الإيمان، يريد به الإيمان الكامل، ولا جائز أن يكون معناه غير ذا، قلنا: لأن في إزالة الإيمان بأسره عنه حتى لا يبقى فيه منه شيء إزالة لاسم الإيمان عنه، وفي إزالة اسم الإيمان عنه إسقاط الفرائض، والأحكام التي أوجبها الله تبارك وتعالى، وإسقاط الحدود عنه...) (2).
وقالوا في الرد على بعض أدلة من يفرقون بينهما:
1- قال المروزي: (وأما احتجاجهم بقول الله تبارك وتعالى: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) (3) وبحديث سعد بن أبي وقاص أنه قال لرجل: أراه مؤمناً، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ((أو مسلم؟)) (4) فإن ذلك ليس بخلاف مذهبنا، وذلك أنا نقول: إن الرجل قد يسمى مسلماً على وجهين: أحدهما نية، والجهة الأخرى أن يخضع ويستسلم للرسول وللمؤمنين، خوفاً من القتل والسبي، فيقال: قد أسلم أي خضع خوفاً وتقية، ولم يسلم لله، وليس هذا الإسلام الذي اصطفاه الله وارتضاه، الذي هو الإيمان الذي دعا الله العباد إليه، والدليل على ذلك قوله: (قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) (5)، يريد: ولم يدخل الإيمان في قلوبكم، نظير ذلك قوله: (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم) (6)، يريد: لم يلحقوا بهم.. وكذلك حدثنا محمد بن يحيي، ثنا محمد بن يوسف، ثنا سفيان عن مجاهد في قوله: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا)، قال: استسلمنا خوف السبي والقتل (1).. إلى أن قال: فكذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لسعد: ((أو مسلم؟)) إنما يريد الإسلام الذي هو استسلام من مخافة النبي - صلى الله عليه وسلم -، والمسلمين، وذلك إسلام المنافقين، وليس بإسلام المؤمنين) (2).

وقال الإمام البخاري: (باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة، وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل، لقوله تعالى: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) فإذا كان على الحقيقة فهو على قوله جل ذكره: (إن الدين عند الله الإسلام) (3) ثم ذكر حديث سعد بن أبي وقاص.

قال الشارح الحافظ ابن حجر: ((قوله: (باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة) حذف جواب قوله ((إذا)) للعلم به كأنه يقول: إذا كان الإسلام كذلك لم ينتفع به في الآخرة، ومحصل ما ذكره واستدل به أن الإسلام يطلق ويراد به الحقيقة الشرعية، وهو الذي يراد في الإيمان وينفع عند الله،، وعليه قوله تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام) (4) وقوله تعالى: (فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) (5).

ويطلق ويراد به الحقيقة اللغوية وهو مجرد الانقياد والاستسلام، فالحقيقة في كلام المصنف هنا هي الشرعية) (6). وخلاصة ما سبق من كلامهم أن الإسلام الشرعي الذي ينفع عند الله مرادف للإيمان أما الإسلام المذكور في الآية السابقة وحديث سعد فهو إسلام لا ينفع عند الله، ومن ثم فليس بينه وبين الإيمان علاقة.

2- قال الإمام المروزي: (وأما احتجاجهم بأن الله جعل اسم مؤمن اسم ثناء وتزكية، وأوجب عليه الجنة، ثم أوجب النار على الكبائر، فدل بذلك على أن اسم الإيمان زائل عن كل من أتى كبيرة، فإنا نقول: إن اسم المؤمن قد يطلق على وجهين، اسم بالخروج من ملل الكفر، والدخول في الإسلام، وبه تجب الفرائض التي أوجبها الله على المؤمنين، ويجري عليها الأحكام والحدود التي جعلها الله بين المؤمنين. واسم يلزم بكمال الإيمان، وهو اسم ثناء وتزكية، يجب به دخول الجنة، والفوز من النار، فالمؤمنون الذين خاطبهم الله بالفرائض، والحلال، والحرام، والأحكام، والحدود، الذين لزمهم الاسم بالدخول في الإسلام بالإقرار والتصديق، والخروج من ملل الكفر، والمؤمنون الذين زكاهم، وأثني عليهم، ووعدهم الجنة هم الذين أكملوا إيمانهم باجتناب كل المعاصي، واجتناب الكبائر، دل على ذلك في آيات كثيرة، نعت فيها المؤمنين، ثم وعدهم الجنة على تلك النعوت ثم ذكر بعض الآيات ومنها قوله عز وجل: (ويبشر المؤمنين الذين يعلمون الصالحات أن لهم أجراً حسنا ماكثين فيه أبداً) (1).. إلى أن قال: (فكل آية وعد الله المؤمنين فيها الجنة، وبشرهم بها، فإنما أراد الذين عملوا الصالحات، استدلالاً بهذه الآيات، ولو لم يكن ذلك كذلك، للزمنا أن نثبت الشهادة بالجنة لكل من لزمه اسم الإيمان، وجرت عليه الأحكام التي أجراها الله على المؤمنين على أي حال مات من تضييع الفرائض، وارتكاب المحارم بعد أن لا يكفر بالله) (2)

المناقشة والترجيح بين القولين
في مقدمة هذه الفقرة سنذكر قاعدتين مهمتين وباتضاحهما يمكن الفصل بين القولين بإذن الله.

القاعدة الأولى:] لا إيمان لمن لا إسلام له، ولا إسلام لمن لا إيمان له. [.

والمقصود هنا الإيمان والإسلام المقبولان عند الله عز وجل.

قال أبو طالب المكي: (.. فمثل الإسلام من الإيمان، كمثل الشهادتين إحداهما من الأخرى في المعنى والحكم، فشهادة الرسول، غير شهادة الوحدانية، فهما شيئان في الأعيان، وإحداهما مرتبطة بالأخرى في المعنى والحكم كشيء واحد، كذلك الإيمان والإسلام أحدهما مرتبط بالآخر، فهما كشيء واحد، لا إيمان لمن لا إسلام له، ولا إسلام لمن لا إيمان له، إذ لا يخلو المسلم من إيمان به يصح إسلامه، ولا يخلو المؤمن من إسلام به يحقق إيمانه، من حيث اشترط الله للأعمال الصالحة الإيمان، واشترط للإيمان الأعمال الصالحة، فقال في تحقيق ذلك: (فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه) (1)

وق-ال ف-ي تحقي--ق الإي--مان بالعمل: (وم-ن يأته مؤمناً قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى..)) (2).(3).

ويقول ابن أبي شيبة: (لا يكون الإسلام إلا بإيمان، ولا إيمان إلا بإسلام...) (4).

وقال الإمام البغوي في تعليقه على حديث جبريل عليه السلام: (جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث الإسلام اسماً لما ظهر من الأعمال، وجعل الإيمان اسماً لما بطن

من الاعتقاد، وليس ذلك لأن الأعمال ليست من الإيمان، أو التصديق بالقلب ليس من الإسلام (1)، بل ذلك تفصيل لجملة هي كلها شيء واحد، وجماعها الدين ولذلك قال: ((ذاك جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم)) والتصديق والعمل يتناولهما اسم الإيمان والإسلام جميعاً....) (2).

إذاً يمكن تلخيص هذه القاعدة بما يلي:

إن بين الإسلام والإيمان تلازماً (3) فلا يمكن أن يوجد أحدهما بدون الأخر، فلا يصح الإسلام ولا يوجد بدون أصل الإيمان، فإذا انتفي أصل الإيمان بطل الإسلام، كذلك لا يصح ولا يوجد إيمان بدون إسلام (أي عمل الجوارح، وعمل القلب) فلو انتفي العمل لدل ذلك على بطلان الإيمان وفساده.

القاعدة الثانية: (أن الاسم الواحد ينفي ويثبت بحسب الأحكام المتعلقة به، فلا يجب إذا أثبت أو نفى في حكم أن يكون كذلك في سائر الأحكام... كذلك كل ما يكون له مبتدأ وكمال، ينفى تارة باعتبار انتفاء كماله، ويثبت تارة باعتبار ثبوت مبدئه) (4).

ذكر هذه القاعدة شيخ الإسلام ابن تيمية وهذا من دقته - رحمه الله - وسعة بحثه واستقرائه، وقبل أن نطبقها على مسألة الإيمان نذكر مثالاً من الأمثلة التي ذكرها لتتضح القاعدة أكثر.

قال: (ولفظ النكاح وغيره في الأمر، يتناول الكامل، وهو العقد والوطء، كما في قوله: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) (1) وقوله: (حتى تنكح زوجاً غيره) (2) وفي النهي يعم الناقص والكامل، فينهي عن العقد مفرداً، وإن لم يكن وطء، كقوله: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) (3)، وهذا لأن الآمر مقصوده تحصيل المصلحة، وتحصيل المصلحة إنما يكون بالدخول كما لو قال: اشتر لي طعاماً، فالمقصود ما يحصل إلا بالشراء والقبض، والناهي مقصوده دفع المفسدة، فيدخل كل جزء منه، لأن وجوده مفسدة، وكذلك النسب والميراث معلق بالكامل منه، جزء منه، لأن وجوده مفسدة، وكذلك النسب والميراث معلق بالكامل منه، والتحريم معلق بأدنى سبب حتى الرضاع) (4).

قال: (وكذلك الإيمان له مبدأ، وكمال وظاهر، وباطن، فإذا علقت به الأحكام الدنيوية من الحقوق والحدود كحقن الدم، والمال، والمواريث، والعقوبات الدنيوية، الدنيوية من الحقوق والحدود كحقن الدم، والمال، والمواريث، والعقوبات الدنيوية، علقت بظاهرة، لا يمكن غير ذلك، إذ تعليق ذلك بالباطن متعذر، وإن قدر أحياناً، فهو متعسر علماً وقدرة، فلا يعلم ذلك علماً يثبت به في الظاهر، ولا يمكن عقوبة من يعلم ذلك منه في الباطن... وأما مبدؤه فيتعلق به خطاب الأمر والنهي، فإذا قال الله: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة) (5) ونحو ذلك، فهو أمر في الظاهر لكل من أظهره، وهو خطاب في الباطن لكل من عرف من نفسه أنه مصدق للرسول، وان كان عاصياً، وإن كان لم يقم بالواجبات الباطنة والظاهرة،..... وأما كماله فيتعلق به خطاب الوعد بالجنة، والنصرة والسلامة من النار، فإن هذا الوعد إنما هو لمن فعل المأمور وترك المحظور، ومن فعل بعضاً وترك بعضاً فيثاب على ما فعله، ويعاقب على ما تركه، فلا يدخل في اسم المؤمن المستحق للحمد والثناء دون

الذم والعقاب ومن نفى عنه الرسول الإيمان، فنفي الإيمان في هذا الحكم (1)، لأنه ذكر ذلك على سبيل الوعيد، الوعيد إنما يكون بنفي ما يقتضي الثواب ويدفع العقاب، ولهذا ما في الكتاب والسنة من نفي الإيمان عن أصحاب الذنوب، فإنما هو في خطاب الوعيد والذم، لا في خطاب الأمر والنهي، ولا في أحكام الدنيا) (2).

وكلام المروزي السابق يتفق مع هذه القاعدة حيث قال: (إن اسم المؤمن قد يطلق على وجهين: اسم بالخروج من ملل الكفر، والدخول في الإسلام، وبه تجب الفرائض.... ويجري عليه الأحكام والحدود. واسم يلزم بكمال الإيمان وهو اسم ثناء وتزكية، يجب به دخول الجنة والفوز من النار.. إلخ كلامه وقد مر قريباً (3)

وبتطبيق هاتين القاعدتين على القولين السابقين يمكن أن نستنتج ما يلي:

1- أن الخلاف بين القولين يسير، فكلا الفريقين، يدخل العمل في مسمى الإيمان، وكلاهما لا يخرجون أهل المعاصي من الإيمان إلى الكفر، حتى الذين قالوا: إن أهل الكبائر يخرجون من الإيمان إلى الإسلام، لم يقولوا: إنه لم يبق معهم من الإيمان شيء، بل هذا قول الخوارج والمعتزلة، وأهل السنة الذين قالوا هذا يقولون: الفساق يخرجون من النار بالشفاعة، وإن معهم إيماناً يخرجون به من النار، لكن لا يطلق عليهم اسم الإيمان، لأن الإيمان المطلق هو الذي يستحق صاحبه الثواب ودخول الجنة بلا عذاب، بل من ينكر على هؤلاء إخراجهم أهل المعاصي من الإيمان إلى الإسلام، لا يطلقون على أهل المعاصي الإيمان المطلق، وإنما يقولون مؤمن ناقص الإيمان (4)، وأن المنفي في النصوص المختلفة إنما هو كمال الإيمان ومن ثم قالقولان متفقان على أن أهل الكبائر لا يستحقون اسم الثناء المطلق والوعد بالجنة، وأن ذلك لمن كمل إيمانه، أيضاً يتفقون على أن من لزمه اسم الإيمان من أهل الكبائر يدخل في خطاب الأمر والنهي وبه تجب الفرائض والحدود.

من كل ما سبق، يتبين لنا أن الالتزامات التي ألزمها الإمام المروزي من يفرقون بينهما غير لازمة فهم - أي من يفرقون - وإن لم يطلقوا الإيمان على أهل الكبائر، فلا يخرجونهم من الإيمان ومن ثم فالخطاب بالفرائض والحدود والأحكام يشملهم، لأنه يشمل كل من دخل الإيمان، وهذا متفق عليه بين الفريقين (1)

أما استدلال الإمام محمد بن نصر ب- " حديث الجارية " فلا حجة فيه، لأن المراد بالحديث، أي حكمها في الدنيا حكم المؤمنة، فإن الإيمان الذي علقت به أحكام الدنيا، هو الإيمان الظاهر، وهو الإسلام، فالمسمى واحد في الأحك--ام الظاهرة، وليس المقصود بالحديث أنها تستحق دخول الجنة بلا عذاب إذا لقيته بمجرد هذا الإقرار (2).

2- وكذلك الاستدلال بقول--ه تعالى: (فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) (3)، على عدم التفريق، استدلال ضعيف لأن هؤلاء كانوا مؤمنين، وعندنا أن كل مؤمن مسلم ولا ينعكس، فاتفق الاسمان ههنا لخصوصية الحال، ولا يلزم ذلك في كل حال (4). ويحتمل وجهاً آخر، أن قوله (فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) أي المستسلمين في الظاهر، وذلك لأن امرأة لوط كانت في أهل البيت الموجودين، وكانت في الظاهر مع زوجها، وفي الباطن مع قومها على دينهم، خائنة لزوجها تدل قومها على أضيافه (5).

3- وأما استدلال الإمام المروزي] رقم (2) (3) [فقد أطال شيخ الإسلام ابن تيمية في مناقشته وخلاصة رده يتلخص بما يلي:

أ‌- أن المسلم الممدوح هو المؤمن الممدوح، وأن المذموم ناقص الإيمان والإسلام، وأن المؤمن المستحق لوعد الله هو المسلم المستحق لوعد الله، قال: وهذا متفق على معناه بين السلف والخلف، كلهم يقولون: إن المؤمن الذي وعد بالجنة لابد أن يكون مسلماً، والمسلم الذي وعد بالجنة لابد أن يكون مؤمناً، وكل من يدخل الجنة بلا عذاب فهو مؤمن مسلم، ويتبع ذلك الأنبياء الذين وصفهم الله بالإسلام كلهم كانوا مؤمنين، وقد وصفهم الله بالإيمان، ولو لم يذكر ذلك عنهم، فنحن نعلم قطعاً أن الأنبياء كلهم مؤمنون.

ب‌- وقال جواباً عن استدلال المروزي بقوله عز وجل: (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه) (1). (هذا يقتضي أن كل من دان بغير الإسلام فعمله مردود، وهو خاسر في الآخرة، فيقتضي وجوب دين الإسلام وبطلان ما سواه، لا يقتضي أن مسمى الدين، هو مسمى الإيمان، فإن الإسلام الاستسلام له بقلبه وقصده وإخلاص الدين، والعمل بما أمر به، كالصلاة والزكاة خالصاً لوجهه، فهذا هو الذي سماه إسلاماً، وجعله ديناً (2) ولم يدخل فيما خص به الإيمان، وهو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله (أي تصديق القلب) فإن هذه جعلها من الإيمان، والمسلم المؤمن يتصف بها، وليس إذا اتصف بها المسلم المؤمن يلزم أن تكون من الإسلام، بل هي من الإيمان، والإسلام فرض، والإيمان فرض والإسلام داخل فيه، فمن أتى بالإيمان الذي أمر به، فلابد أن يكون قد أتى بالإسلام المتناول لجميع الأعمال الواجبة، ومن أتى بما سمي إسلاماً لم يلزم أن يكون قد أتى بالإيمان إلا بدليل منفصل) (1)

ج – وأخيراً قال: (والآيات التي احتج بها محمد بن نصر تدل على وجوب الإسلام، وأنه دين الله، وأن الله يحبه ويرضاه، وأنه ليس له دين غيره، وهذا كله حق، لكن ليس في هذا ما يدل على أنه هو الإيمان، بل يدل على أنه بمجرد الإسلام يكون الرجل من أهل الجنة، فإن الله وعد المؤمنين بالجنة في غير أية، ولم يذكر هذا الوعد باسم الإسلام (أي المجرد) وحينئذ فمدحه وإيجابه ومحبة الله له تدل على دخوله في الإيمان، وأنه بعض منه) (2)

خلاصة المناقشة والترجيح:
الرأي الراجح كما يتضح من العرض السابق أن مسماهما مختلف وذلك للأدلة التالية:

1- أصل الإيمان التصديق، والخضوع والانقياد تابع، وأصل الإسلام الخضوع والانقياد، ومنه الأركان الخمسة، لذلك نجد في أكثر النصوص إطلاق الإيمان على الباطن، والإسلام على الظاهر، ومن ذلك حديث جبريل عليه السلام المشهور.

2- لم يرد في النصوص الوعد بالجنة على الإسلام المطلق، كما في الإيمان المطلق.

3- لم يرد في النصوص أن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله (قول القلب)، يدخل في مسمى الإسلام، كما ورد في دخول أعمال القلب والجوارح في الإيمان، وإن كان يلزم الإسلام جنس تصديق.

4- لا يعرف في النصوص نفي الإسلام عمن ترك شيئاً من الواجبات، أو فعل الكبائر (3) كما ورد في الإيمان.

فالأدلة السابقة - كما ترى - صريحة في اختلاف مسماهما، ومع ذلك فهناك استعمالات وحالات تجعلهما يتفقان ومن ذلك:

1- الإيمان الكامل، لابد أن يكون معه إسلام كامل، أما الإسلام الكامل فلا يلزم منه الإيمان الكامل ولكن لابد أن يكون معه أصل الإيمان.

2- أيضاً يمكن أن يقال إن المسلم الممدوح هو المؤمن الممدوح، وذلك كمدح الأنبياء بالإسلام

3- ويشتركان في الخطاب بالإيمان أمراً أو نهياً من أحكام وحدود ومواريث وغيرها، لأن الخطاب بالإيمان يشمل كل الداخلين فيه سواء كان معهم أصل الإيمان أو كماله

4- في حال الافتراق يكون معناهما واحد، وعند الاجتماع يفترقان في المعنى وأخيراً نقول لعل من يساوون بينهما ظنوا أن التلازم بينهما يلزم منه أن يكون مسماهما (واحداً)، يقول محمد بن نصر: (ومن فرق بينهما، فقد عارض سنة النبي صلى الله عليه وسلم - بالرد، إلا أن أحدهما أصل للآخر، لا ينفك أحدهما عن الآخر، لأن أصل الإيمان هو التصديق، وعنه يكون الخضوع، فلا يكون مصدقاً إلا خاضعاً، ولا خاضعاً إلا مصدقاً..)(1) فكلام المروزي هنا يقتضي أن مسماهما مختلف، والله أعلم


د. محمد بن عبد الله بن علي الوهيبي

ضاحك ضاحك ضاحك ضاحك ضاحك ضاحك ضاحك ضاحك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإيمان عند اهل السنة (الإيمان والإسلام والعلاقة بينهما)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سيفن ستارز :: المنتدى الاسلامى :: الدين والحياة-
انتقل الى: