منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
الحلقة السابعة من كتاب هيكل بدار الشروق.. مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان.. مبارك مبهور لأن أتباع أغاخان يقدمون له وزنه ذهبًا فى كل احتفال به >

منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
الحلقة السابعة من كتاب هيكل بدار الشروق.. مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان.. مبارك مبهور لأن أتباع أغاخان يقدمون له وزنه ذهبًا فى كل احتفال به >

منتديات سيفن ستارز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
ارجو من الساده الاعضاء القدامى تعديل بيانتهم الشخصية
ياجماعة انصحكم بالدخول على المنتدى بالمتصفع العملاق Mozilla Firefox
مشاركتك بالموضوعات تعنى أنك قرأت قانون المنتدى ، وأنك تتحمل المسئولية الأدبية والقانونية عن نشر هذا الموضوع او الردود
تتقدم منتديات سيفن ستارز بأحر التهانى القلبية للأخت رونى المحامية المشرفة على المنتدى القانونى وذلك بمناسبة الزواج السعيد نسأل الله لها التوفيق فى حياتها وألف مليون مبروك لها ولزوجها الأستاذ /حسين إبراهيم حسين وعقبال البكارى وحياة سعيدة ملؤها التراحم والمحبة والقرب من الله
على السادة الأعضاء الإلتزام بالأقسام النوعية للمنتدى عند تقديم مساهماتهم حيث يكون كل موضوع داخل القسم الخاص به حتى يعطى الشكل المطلوب مع سهولة الوصول إليه لكل متصفح .فالموضوعات الخاصة بالمرأة داخل منتدى المرأة .والموضوعات التى تتحدث عن الإسلام توضع فى المنتدى الإسلامى   ...وهكذا ..ونشكر لكم حسن العمل .كما نشكركم على الأداء الممتاز داخل المنتديات..كما نحذر من الخوض أو التطرق لما يمس الغير أو التهجم أو إذدراء الأديان أو الخوض فى موضوعات سياسيه..المنتديات  أصلاً ..منشأة لتبنى وجهة النظر الأجتماعيه والإسلاميه لأهل السنة والجماعة دون التقليل من الغير بل الإحترام المتبادل..وللجميع ودون تميز بجنس أو نوع أو دين أو لون وشكراً لكم جميعاً...
إدارة المنتديات...سيفن ستارز.

 

 الحلقة السابعة من كتاب هيكل بدار الشروق.. مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان.. مبارك مبهور لأن أتباع أغاخان يقدمون له وزنه ذهبًا فى كل احتفال به

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الحلقة السابعة من كتاب هيكل بدار الشروق.. مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان.. مبارك مبهور لأن أتباع أغاخان يقدمون له وزنه ذهبًا فى كل احتفال به Empty
مُساهمةموضوع: الحلقة السابعة من كتاب هيكل بدار الشروق.. مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان.. مبارك مبهور لأن أتباع أغاخان يقدمون له وزنه ذهبًا فى كل احتفال به   الحلقة السابعة من كتاب هيكل بدار الشروق.. مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان.. مبارك مبهور لأن أتباع أغاخان يقدمون له وزنه ذهبًا فى كل احتفال به I_icon_minitimeالسبت يناير 28, 2012 5:11 pm

الحلقة السابعة من كتاب هيكل بدار الشروق.. مبارك وزمانه من المنصة
إلى الميدان.. مبارك مبهور لأن أتباع أغاخان يقدمون له وزنه ذهبًا فى كل
احتفال به


الأحد، 29 يناير 2012
الحلقة السابعة من كتاب هيكل بدار الشروق.. مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان.. مبارك مبهور لأن أتباع أغاخان يقدمون له وزنه ذهبًا فى كل احتفال به Smal6201127144236
الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل
الحلقة السابعة من كتاب هيكل بدار الشروق.. مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان.. مبارك مبهور لأن أتباع أغاخان يقدمون له وزنه ذهبًا فى كل احتفال به Igoogle
◄ يقدم الكاتب الكبير محمد حسنين
هيكل فى مقدمة الحلقة السابعة من كتاباته "مبارك وزمانه من المنصة إلى
الميدان" والتى تصدر عن دار الشروق، انطباعاته عن اللقاء الأول الذى جمعه
مع الرئيس السابق مبارك وامتد لساعات طويلة، فيقول..
منذ ذلك اللقاء الأول والمطول مع الرئيس «مبارك»، كان بين ما لفت نظرى
وبشدة توسعه الشديد فى استعمال ألفاظ يصعب تداولها فى أحاديث السياسة،
ومعظمها مما تتجنبه الأعراف، وبعضها مما تطاله مواد القانون!!

وفى ذلك اللقاء الأول لاحظ هو دهشة لعلها أفلتت إلى ملامح وجهى عندما سمعت
بعض ما كان يرد على لسانه بين الحين والحين من لفظ، وكذلك بادر إلى شرح ما
لم يكن لديه داعٍ لشرحه، قائلا «لا مؤاخذة يا محمد بيه»، ولكن هذه
التعبيرات أننى لاحظت أنها أقلقتك هى اللغة التى كنا نستعملها فى المعسكرات
والقواعد البعيدة».

وطمأنته إلى أننى بتجربة مراسل حربى قديم سواء فى الحروب التى خاضتها مصر،
أو فى حروب آخرين غطيتها سمعت قادة كبار يستعملون مثيلا لما وصفه بأنه «لغة
المعسكرات والقواعد»، وطمأنته أيضا إلى أننى سمعت الرئيس الأمريكى الأشهر
الجنرال «دوايت أيزنهاور» يستعمل هذه الألفاظ مرات!
وأظهر اهتماما بقوله: و«كمان» أيزنهاور؟!».

ثم أضاف أنه سمع نفس اللغة عندما كان فى روسيا يدرس فى كلية «فرونز»، ثم
سمعها كذلك أثناء اختلاطه بالعسكريين الأمريكيين الذين التقاهم فى تجربته،
حتى كنائب رئيس، لكنه لم يخطر له أن يستعملها «أيزنهاور»!!

وعلَّق وهو يبتسم «أن الناس تسمع هذه الأسماء المشهورة فى العالم وتنبهر،
لكنه عندما يقتربون منهم كفاية يرونهم مثلنا «ويمكن أوحش»!!».

◄ وفى هذه الفقرة يذكر هيكل لأول مرة اسم
سوزان مبارك، وذلك عندما تحدث الرئيس السابق أن زوجته حاولت أن تساعده فى
القضاء على مشكلة بعض الألفاظ التى تخرج منه، فيتحدث هيكل قائلاً:
أضاف «مبارك» أن «سوزى» (يقصد السيدة قرينته)، حاولت منذ زواجهما أن
«تربينى» من جديد، وقد نجحت، واستدرك «مبارك» بعفوية قائلاً: «إلى حد ما»،
وأضاف «أنه واعٍ لهذه المشكلة، حريص ألا تفلت منه كلمة أثناء خطاب عام».

ولم يظهر لى بعدها أن «مبارك» حقق نجاحا كبيرا رغم محاولاته، ومحاولات
غيره، فقد حدث فيما بعد أن زارنى الأستاذ «فؤاد سراج الدين» يريدنى أن أسمع
شريطا مسجلا وصل إليه لخطاب ألقاه وزير الداخلية وقتها اللواء «زكى بدر»
أثناء مؤتمر شعبى فى «قليوب»، وسمعت الشريط وإذا وزير الداخلية يكرس فقرات
طويلة من خطابه للهجوم على رئيس حزب الوفد، ثم يتجاوز بالسب والقذف، واصلا
إلى أصول العائلة وجذورها، وكان «فؤاد سراج الدين» مستفزا وبحق، وهو يحكى
لى وقائع ما جرى!!

◄ ويتناول هيكل، الحديث الذى دار بينه
وفؤاد سراج الدين وأسامة الباز عن الشريط الذى تم تسجيله عن طريق زكى بدر،
مشيراً إلى أن مبارك عرف الأمر وحقق فيه، وطلب من زكى بدر أن يقدم اعتذاراً
لفؤاد سراج الدين، فيقول هيكل:
واتصلت و«فؤاد سراج الدين» أمامى بـ «أسامة الباز»، وكان فى مكتبه بوزارة
الخارجية القديم، أسأله إذا كان يستطيع أن يمر علينا، وهو على بُعد خمس
دقائق بالسيارة من مكتبى، وبالفعل جاء «أسامة» وسمع بنفسه رواية «سراج
الدين»، وتعهَّد بأنه سوف يأخذ الشريط إلى الرئيس، وهو «يثق أنه لا يرضى
بإهانة أحد، خصوصا رجل فى مقام «فؤاد» (باشا)».

وبعد يومين اثنين اتصل بى الرئيس «مبارك» بنفسه على التليفون يقول «إنه عرف
بما وقع وحقق فيه وأنه طلب من «زكى بدر» أن يعتذر لـ«فؤاد سراج الدين» وأن
وزير الداخلية نفذ الأمر وهو يطلب اعتبار الموضوع منتهيا».

وأضاف «مبارك»: أن «زكى بدر» حاول أن يلف ويدور معه، مدعيا أن شريط التسجيل
مزور، ولكنه لم يعطه الفرصة، ثم راح «مبارك» يروى ما جرى بعد ذلك.

وطبقا لروايته: «اتصل به «زكى بدر» وأبلغه أنه اعتذر فعلا لـ«سراج الدين» وبأمر الرئيس رغم أنه مازال مصرا على أن الشريط مزور.
وسأله «مبارك»: هل «قَبِلَ» «فؤاد سراج الدين» الاعتذار؟! وكان الرئيس
«مبارك» يضحك وهو ينقل لى ما سمعه من وزير الداخلية «زكى بدر»، الذى رد
عليه قائلا له: سيادة الرئيس أنت تعرف «فؤاد سراج الدين»، هذا النوع من
الناس لا يمكن إقناعهم، فهم (......)، وكلها شتائم أفزع مما قال فى الشريط.
واستطرد «مبارك»: تصور أنه وهو ينكر فى كلامه معى، كرر السب والقذف بأشد مما قاله علنا، و.. « »!!
ولم أتمالك نفسى فأبديت ملاحظة تساءلت فيها: «هل هذا معقول؟!».
وكانت المفاجأة أن الرئيس «مبارك» رد بقوله: «أنت لا تعرف «زكى بدر» لسانه
مفلوت و(......)، وكانت كلمات الرئيس فى وصف وزير داخليته «أصعب» مما قاله
«زكى بدر» عن «سراج الدين»، ولاحظ «مبارك» بسكوتى أننى مأخوذ مما سمعت منه
هو أيضا، ثم كان تعليقه الأخير «لا مؤاخذة يا محمد بك»، يظهر أن «الكتابة»
تعلِّمكم الشعر، ولا تعرِّفكم «عن الدنيا وما فيها»!!

واتصلت بالأستاذ «فؤاد سراج الدين»، أرجوه نقلا عن الرئيس أن يعتبر المسألة منتهية، وأن «زكى بدر» على ما أظن اعتذر له.
وقال لى «فؤاد سراج الدين»: «الرئيس «مبارك» كلمنى فورا، وسألنى إذا كان «زكى بدر» قد اعتذر لى، وإذا كنت قبلت اعتذاره!!».

◄ ويحكى الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل أن
سراج الدين طلب منه اللقاء على الغداء، للتحدث فى هذا الأمر، فيروى هيكل من
كان موجوداً أثناء اللقاء وكيف دار الحديث، فيقول هيكل:

وأضاف «سراج الدين»: أنه يقترح أن نلتقى ظهر اليوم التالى على الغداء فى
بيته ونتحدث فى هذا الموضوع، وفى غيره من هموم الساعة، وعلى الغداء فى بيته
فى «جاردن سيتى» التقينا فى اليوم التالى، وكنا على المائدة خمسة:
«فؤاد سراج الدين» نفسه والسيدة «ليلى المغازى»، وهى صديقة عائلية قديمة
رأت أحوال الفوضى فى حياة ذلك السياسى المخضرم بعد وفاة زوجته السيدة «زكية
البدراوى»، خصوصا وهى تعرف أن صحة ابنته الكبرى «نائلة» لم تكن على ما
يرام، كما أن ابنته الثانية «نادية» متزوجة وتعيش فى الكويت وكذلك اقتربت
هى من حياته ترتب شئون بيته.

وكان الثالث هو الصديق ورفيق السجن المشترك «عبدالفتاح حسن» (باشا) قطب حزب
الوفد السابق، ووزير الدولة مع «فؤاد سراج الدين» فى وزارة الداخلية، لأن
«فؤاد سراج الدين» كان مسئول وزارتين فى وزارة «مصطفى النحاس» (باشا)
الأخيرة وهما: المالية والداخلية.

ثم قرينتى وأنا.
وراح «فؤاد سراج الدين» يحكى منذ اللحظة الأولى.
حكى كيف وصله شريط التسجيل (من ضابط بوليس كبير يعرفه منذ كان هو نفسه وزيرا للداخلية قبل الثورة!).
وكيف اتصل به «زكى بدر» يحاول التنصل من الاعتذار بأن الشريط مزور، وأنه
قال له «إنه كوزير سابق للداخلية لا يرضى لوزير لاحق أن يراوغ كما يراوغ أى
متَّهم أمام مأمور القسم الذى احتجز فيه!».
ثم وصل «سراج الدين» إلى اتصال «مبارك» به، وإذا «فؤاد سراج الدين» يسمع من
الرئيس «مبارك» مثلما سمعت قبله فى وصف رئيس الدولة لوزير داخليته.
وقال «فؤاد سراج الدين» إنه سأل «مبارك» «إذا كان ذلك رأيك فيه، فلماذا لا تغيره؟!!».
ورد «مبارك» بأن:
«كلهم رشحوه كضابط بوليس قادر على مواجهة حالة الإرهاب فى البلد، لكنه الآن يفكر جديا فى تغييره».
وواصل «فؤاد سراج الدين»:
«إن الرئيس سأله بعدها إذا كان لديه مرشح يصلح؟!».
وأجابه «فؤاد سراج الدين»:
«إن الرئيس يستطيع اختيار أى خفير فى أى بندر، ولن يكون اختياره أسوأ من اختيار «زكى بدر».

وتطوَّع «عبد الفتاح حسن» (باشا) يقول موجِّها كلامه إلى «فؤاد سراج الدين»:
«ولِمَ لمْ ترشح له (يا باشا) أحدا تعرفه بجد؟!».
ورد «فؤاد سراج الدين»، وفى رده تجربة سياسى مخضرم:
«هل يُعقل أن يطلب رئيس دولة من معارض له أن يختار مسئولا عن أمنه، بينما هو يعتبر بالتأكيد أن هذا المعارض خطر سياسى عليه؟!».

ومضى «فؤاد سراج» ملاحظا:
«أنه يستغرب أن يتخلى رئيس بهذه الطريقة عن مرءوس له، حتى وإن أخطأ، وإنما
الصواب أن يقوم بتصحيحه فيما بينهما، ومن المعقول أن يطلب إليه الاعتذار
لمن أساء إليهم، ولكن لا يكشفه أمام المعارضين ويطلب منهم بديلا يحل
محله!!».

وأضاف: «إما أن «مبارك» لا يقصد ما يقوله، وما طلبه منى «فك مجالس»، وهذا
سياسيا لا يجوز، وإما أنه على استعداد لأن يرمى أى واحد من رجاله فى البحر
لتخف حمولة قاربه، وهذا لا يطمئن!!».

وكان ظنى وقد قلت يومها على الغداء فى بيت «فؤاد سراج الدين» «إنه ليكن ما
يكون، وإننى لست مختلفا معه فيما قال، لكن البلد أمام مشكلة حقيقية».
نعم الرجل لديه أسباب للقصور كلنا نراها.
لكنه فى المقابل فإن الرجل يرأس الدولة المصرية فعلا، وليس هناك غيره.
ومن الناحية الأخرى فليست هناك بدائل هذه اللحظة، بل ليست هناك وسائل إلى هذه البدائل.
والظروف فى البلد دقيقة وشديدة، لأن أحدا لا يعرف على وجه التحديد ما يكفى من الحقائق وراء الظاهر مما يراه!!

واتفق «فؤاد سراج الدين» معى فى أشياء واختلف فى أشياء، وكان خلافه فى
الأساس قولى «إنه ليس هناك بديل»، وظنه أن حزب الوفد ليس فقط البديل، ولكنه
الأصل الشرعى الموجود.

وكان ذلك موضوعا خلافيا بين «فؤاد سراج الدين» وبينى، فقد كان رأيى أن
استحضار الماضى مثل استحضار الأرواح غير مقنع فى أبسط الأحوال!!
وقد يصبح حزب الوفد نداء لنوع من الديمقراطية، لكنه يصعب علىَّ أن أراه نداء لشكل المستقبل.

والحقيقة الراهنة أن «مبارك» هو الرئيس، وإلى جانب ذلك فليس فى مقدورنا أن
نساعده، لأن كلانا لديه تحيزات مسبقة من تأثير انتمائه إلى مرحلة معينة فى
التاريخ المصرى، ومع تسليمى بتواصل المراحل، فإن كل مرحلة لها خصائص، وأيضا
لها مسئوليات!!

وكان اقتراحى على «فؤاد سراج الدين» «أن يحاول كل من يستطع مساعدة الرجل
على أن ينمو بتجربته الخاصة، وذكَّرته بالرئيس الأمريكى «هارى ترومان» الذى
كان نائبا للرئيس، ثم رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية بعد وفاة قائدها
الأشهر «فرانكلين روزفلت» بينما الحرب العالمية الثانية ضد «هتلر» مازالت
تجرى، و«روزفلت» كان قائد التحالف الكبير الذى يخوض الحرب ضد «هتلر»، وهناك
قرارات كبرى تنتظر أمره، وأولها قرار استخدام الأسلحة النووية لأول مرة فى
حرب (ضد اليابان)».

وأضفت «أن «ترومان» بدا لكل المهتمين بمستقبل العالم آخر رجل يمكن الاعتماد
عليه فى قيادة معركة المستقبل العالمى، سواء لإنهاء الحرب أو بعدها، حتى
وإن لم يكن سلاما، لكن النخبة فى الولايات المتحدة وقفت مع الرئيس الجديد
وأعطته الفرصة، وقد كبر الرجل ونضج بتجربة المسئولية، وأصبح من أبرز
الرؤساء الأمريكيين فى القرن العشرين».

ولم يبدُ على «فؤاد سراج الدين» أنه اقتنع بإمكانية أن يتحول «حسنى مبارك» إلى «هارى ترومان» مصرى.

◄ وفى هذه الفقرة يحكى هيكل كيف فاجأه عبد
الفتاح حسن باشا أثناء الحوار، عندما طلب من هيكل الانضمام الى حزب الوفد،
وكيف تلقى فؤاد باشا سراج الدين ذلك الطلب، فيقول هيكل ..
وتدخَّل «عبد الفتاح حسن» (باشا) فى الحوار مرة ثانية، يقول موجِّها الكلام لـ«فؤاد سراج»:
«ما رأيك يا باشا أن ينضم («هيكل») إلى الوفد، ويكون من ذلك لقاء بين
الثورتين (يقصد سنة 1919 وسنة 1952) وفى حين أن «فؤاد سراج الدين» التفت
متحمسا إلى السيدة «ليلى المغازى» يطلب منها أن تذهب بسرعة إلى غرفة مكتبه
وتجىء باستمارة عضوية لحزب الوفد فقد قلت من جانبى: «إن «عبد الفتاح حسن»
(باشا) لا يريد أن يقتنع بأنى صحفى فقط، لا دخل له بالتنظيمات السياسية،
إلى جانب أننى من مؤيدى ثورة سنة 1952 ولكنى لا أمثلها، وفوق ذلك فهناك
قناعتى بأن كلا من الثورتين 1919 و1952 قد استوعبها التاريخ المصرى وهضمها،
ودخلت عصارتهما فى عروقه، والآن زمان جديد!!».
وكالعادة فى مثل هذه المناقشات لم نصل إلى شىء، وقُصارى ما اتفقنا عليه بعدها: فنجان قهوة ودخان سيجار!!

◄ ويروى هيكل عن اتصال جرى مرة أخرى بينه
وبين الرئيس السابق مبارك يشكره فيه، على موعد طلبه مع الأمير صدر الدين
أغاخان، فيقول هيكل:
وبعد أيام قليلة عاود «مبارك» اتصاله بى، فقد اتصل يشكرنى أننى طلبت موعدا
معه لصديق عزيز يزور مصر، وهو الأمير «صدر الدين أغاخان»، وكنت قد طلبت
الموعد عن طريق «أسامة الباز»، وتحدد فعلا، وقابله «مبارك»، والآن كان
«مبارك» يتصل بى يشكرنى أن أتحت له الفرصة يقابل رجلا مثل «صدر الدين
أغاخان» الذى وجده «رجلا عظيما!!».

وقال الرئيس «مبارك» على التليفون: «إن «الرجل» يعرف الكثير، وشخصيته آسرة، وهو متواضع رغم أنه أمير».

وقلت: «إنه بصرف النظر عن مسألة الإمارة فإن «صدر الدين أغاخان» رجل متحضر،
وقد عاش تجربة إنسانية كبيرة، عندما قام على مهمة مفوض الأمم المتحدة
لشئون اللاجئين، فذلك أتاح له أن يتحرك على اتساع القارات» أضفت: «إن «صدر
الدين أغاخان» تحمَّل هذه المهمة بلا مقابل، وحين قيل له إن لكل منصب عقدا،
وكل عقد له مرتب فإنه طلب أن يكون مرتبه فى العقد دولارا واحدا كل سنة».

وقال «مبارك»: «هو غنى جدا كما عرفت من «أسامة»، و«أسامة الباز» قال لى إن أتباع مذهبهم يزنونهم بالذهب كل عام».

ثم أضاف: «أنه استفاد من لقائه، واستمتع به» ثم تساءل: «لم يعد هناك ناس كثيرون بهذا الشكل؟!!».

وقلت: «إن الناس موجودين» أضفت: «أن مصر ملأى برجال ونساء لهم قيمة، لكنه لا يراهم».

◄ ويستطرد هيكل ان الحديث جرى بينه وبين
مبارك، عن هؤلاء الأشخاص الذين لهم قيمة، ولكن من الصعب العثور عليهم " على
حد قول مبارك "، فيقول هيكل:
وسأل: «وكيف نعثر عليهم؟!».
ووجدتها فرصة لأطرح عليه اقتراحا ظننته نافعا.
وسألته: لماذا لا يدعو على غداء أو عشاء أو حتى فنجان شاى، عشرة أو اثنى
عشر رجلا أو امرأة من شخصيات مصر مرة كل شهر يعرفهم ويستمع إليهم ويتحاور
معهم؟!!
مفكرون أساتذة جامعات رجال أعمال ساسة، حتى ولو كانوا معارضين.
قلت له: «إنه يتعامل مع كل الناس من خلال قنوات رسمية، أو بالأدق من خلال
قناة واحدة فى مكتبه، ومع تقديرى لنشاط رجل مثل «أسامة الباز»، فمن حق
الرئيس أكثر مما هو واجبه أن يتوسع فى دائرة من يعرف».
وقلت له: «إن الرئيس «جون كنيدى» كان يتبع هذا التقليد».
غداء أو عشاء أو فنجان شاى منظم كل شهر مع مجموعة متنوعة من عناصر الفكر والفعل فى البلد، ومن خارج المجال الرسمى.
رد بعد قليل: «إن كل هؤلاء سوف يخرجون ويملأوا الدنيا كلاما معظمه «هجص».

وقلت: بإذنه فإنه يظلم الناس، ومع ذلك فماذا يحدث لو تكلموا أو تكلم بعضهم،
ثم إن ذلك ربما يحدث فى بداية التجربة، لكنه عندما تتعود النخب على لقاء
رئيس الدولة ويسمع منها وتسمع منه فإن التجربة سوف تأخذ مسارها الطبيعى،
ولا تعود عجبا يستوجب كثرة الكلام!!».

قلت أيضا: «إنه إذا كان قد استفاد من لقائه مع «صدر الدين أغاخان»، فإن
كثيرين من العالم الخارجى مجموعة شخصيات متنوعة ومنتقاة يمكن دعوتها للقائه
فى مصر ولأحاديث مفتوحة معه». وأضفت «أننى فعلت ذلك مع «جمال عبدالناصر»
ورتبت لكثيرين من نجوم ذلك العصر أن يجيئوا إلى مصر ضيوفا علينا ويلتقون
به، بحيث تحتك أفكار بأفكار، وتتلاقى عقول مع عقول، وإنى أتذكر أن «جمال
عبدالناصر» استفاد من رجال ونساء دعوتهم إلى مصر، ومنهم على سبيل المثال
الماريشال «مونتجمرى» والجنرال «بوفر» و«جان بول سارتر» و«سيمون دى
بوفوار»، وصحفيين عالميين من أمثال «والتر ليبمان» و«ساى سالز بورجر»
و«دنيس هاملتون» وساطع الحصرى وقسطنطين زريق وكلاهما من جيل المفكرين
القوميين الكبار، وكثيرين غير هؤلاء.

وسكت «مبارك» قليلا، ثم تساءل: «ولماذا لا تفعل نفس الشىء الآن؟!» ثم أضاف
«أننى عرضت عليك أن تدخل الحزب ومن داخله تستطيع أن تتصرف».

وقلت: سيادة الرئيس.. أولا أنا لم أنتمِ حزبيا طول عمرى. وثانيا فإننى لا
أستطيع أن أكرر معك ما فعلته مع «جمال عبد الناصر»، لأن التاريخ لا يعيد
نفسه على حد ما قال «كارل ماركس»، التاريخ لا يعيد نفسه وإذا فعل فهو فى
المرة الأولى دراما مؤثرة، وفى المرة الثانية مهزلة مضحكة!!».

وأدهشنى تعليقه:
«الله.. تستشهد بـ«كارل ماركس»؟!».
ثم كان اقتراحه ـ تكرارا لسابقة فى ذاكرتى، أن يبعث إلىَّ بـ«أسامة الباز» أتحدث معه فيما أتصوره لتنفيذ ما اقترحه.

◄ وفى هذه الفقرة يحكى الكاتب الكبير عن
اللقاء الذى دار بينه وبين أسامة الباز، حول مسألة الترتيب للقاء عدد من
الشخصيات، فيقول هيكل :
وجاء «أسامة الباز» فعلا، ومعه نفس الدفتر الأصفر مما يستعمله رجال القانون
فى أمريكا، لكنه لم يخرج قلما من جيبه، وإنما راح يحاورنى وهو يجلس أمامى
ويهز رأسه على طريقته «عندما يواجه معضلة»، ويقول:
«أنت تتعب نفسك، وتتعب الناس معك دون داعٍ هو لن يقابل أحدا، قد يكون
«انبسط» من مقابلة «صدر الدين أغاخان»، لكن هؤلاء ليسوا نوع الناس الذين
يستريح معهم».

وقاطعته: لماذا تفترض ذلك، دع الرجل يرى ويسمع ويعرف أن البلد والعالم ملأى برجال ونساء يستطيع أن يتعلم منهم!
ثم قلت: «أسامة» لديك فرصة «تأهيل» رئيس..!

وبدوره قاطعنى «أسامة»: «أنا أعرفه أكثر منك، وصدقنى هو لا يستريح إلا لمن
يعرفهم، وأما غيرهم فهو من الأصل لا يشعر معهم بالاطمئنان».

وأظن أن «أسامة» كان يعرف أكثر، فلم أسمع بعدها عن الفكرة، لا من «مبارك»
ولا من غيره!فى الحلقة القادمة الصيغة السحرية التى أقرها مبارك
للانتخابات النيابية قال مبارك لوزير الداخلية: سوف أراك بعد الانتخابات ..
وبعدها أخرجه من الوزارة.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

الحلقة السابعة من كتاب هيكل بدار الشروق.. مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان.. مبارك مبهور لأن أتباع أغاخان يقدمون له وزنه ذهبًا فى كل احتفال به Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحلقة السابعة من كتاب هيكل بدار الشروق.. مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان.. مبارك مبهور لأن أتباع أغاخان يقدمون له وزنه ذهبًا فى كل احتفال به   الحلقة السابعة من كتاب هيكل بدار الشروق.. مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان.. مبارك مبهور لأن أتباع أغاخان يقدمون له وزنه ذهبًا فى كل احتفال به I_icon_minitimeالأحد فبراير 05, 2012 2:30 am

تقرأ فى الحلقة العاشرة من كتاب الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل.. مبارك
وزمانه من المنصة إلى الميدان.. الصادر عن دار الشروق.. 11 ساعة مع الملك
حسين على يومين وسط الوثائق فى عمان


◄يحكى الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى
مقدمة الحلقة العاشرة عما دار بينه وبين الملك حسين، والاتصال الذى تلقاه
هيكل بعد وصوله من الأردن بثلاثة أيام، فيقول هيكل:
وبعد عودتى إلى «القاهرة» بثلاثة أيام تلقيت اتصالا من الرئيس «مبارك»، بدأه كذلك بغير مقدمات:
«هل كذب عليك (يقصد «الملك حسين»)، وروى لك ما يشاء لكى يبرر موقفه؟!»..
وأشهد للدكتور «مصطفى الفقى» أنه أخذنى لكى يقول لى همسا: «لا تجعل شيئا
مما يُقال يضايقك، الحق كان معك، والواقع كما أعرفه من موقعى أفظع بكثير من
أى شىء قلته فى كتابك!».

«أنه من حق الملك أن يقول ما يشاء، وعلىَّ أن أفرز ما أسمع، وعلى أى حال
فإن الملك أبلغنى عن طريق رئيس ديوانه بأنه رغبة منه فى اطلاعى على الحقائق
كاملة فسوف يفتح أمامى كل الملفات دون تحفظ، أطلع فيها على ما أشاء».

حل مشاكل مصر على طريقة «ماكيافيللى» لم ينجح، لسبب واضح وهو أن جماعات
المصالح التى أحاطت بالأب، وزحفت مع الابن تحولت إلى سرب جراد أتى على ما
جاءت به السياسة».

كانت تلك لحظة تستحق أن يعيشها ويرصدها الفيلسوف الأكبر فى علوم السياسة وممارستها، وهو فيلسوف التنوير الأشهر «نيكولو ماكيافيللى».

◄ ويتحدث الكاتب الكبير هيكل فى هذه
الفقرة، عن الفترة ما بين منتصف السبيعينات ومنتصف الثمانينات، فيروى أنها
كانت فترة كارثية على العالم العربى:
لم يكن العالم العربى فى أحسن أحواله وهو على وشك الدخول إلى فترة صعبة من
تاريخه، والواقع أن السنوات العشر ما بين منتصف السبعينيات ومنتصف
الثمانينيات كانت كارثية على العالم العربى.

وكانت البداية أن ذلك التحالف العربى الكبير الذى خاض حرب أكتوبر 1973،
والذى كان بلا سابق فى التاريخ العربى الحديث، وكذلك بلا لاحق حتى هذه
اللحظة راح يتفكك جميعه وتتحلل روابطه.

فالحرب فى أكتوبر 1973 دارت بالسلاح على جبهتين: مصر وسوريا، واصطف وراء
الجبهتين دعم شعوب الأمة كافة، وبإصرار عنيد ووراء الإصرار إمداد متدفق
بالعتاد والمال وقوة النفط، وجاءت النتائج التى تحققت فى ميادين القتال فى
مطالع المعركة باهرة لكن الطرق تباينت وسط القتال!
وكذلك فإنه عندما توقفت المعارك كان العالم العربى فى مأزق، لأن مصر آثرت أن تستكشف وحدها ما سُمى بطريق السلام.

ثم توالت العثرات: من الحرب الأهلية فى «لبنان» إلى الحروب فى القرن
الأفريقى بما أدى إلى تآكل دولة الصومال إلى الصراع بين الجنوب والشمال فى
السودان إلى الحرب العراقية الإيرانية إلى غزو «الكويت» وبهذا وغيره فإن
بنيان المشروع العربى والذى ظل واقفا رغم ما كان فيه من ثغرات راح يتصدع،
فعندما خرجت مصر بصلح منفرد مع إسرائيل سنحت الفرص لتجمعات إقليمية أو
عائلية مكبوتة تحت ضغط الظروف، ولها مشروع تجمع دول الخليج تبتعد بها عن
القلب العربى، تاركة له قضاياه الكبرى، آخذة معها ثرواتها الطائلة، وكذلك
نشأت «منظمة التعاون الخليجى» وفى مقابلة أن اقترح العراق ما سُمى «مجلس
التعاون العربى»، وفيها «العراق» و«الأردن» و«مصر» و«اليمن»، ثم جرى طرح
ومناقشة اتحاد الدول المغاربية، ثم انقض الغزو العراقى ل «الكويت»، وانفجر
النظام العربى، حتى وإن حاولت الأشلاء أن تلتحق بالأشلاء!!

ومع أن السياسة المصرية فى ذلك الوقت كانت عضوا فى الاتحاد العربى الذى
يجمعها مع العراق ويحولها هى والأردن إلى قاعدة خلفية للحرب ضد إيران فإن
ظروف العالم العربى وجواره ما لبثت أن أضافت بمستجدات ومضاعفات حمولات
زائدة نزلت عليها، خصوصا معركة الجهاد ضد الإلحاد فى «أفغانستان»، وما فاض
معها من مغانم راحت تتدفق فى المنطقة، وكانت هذه المغانم هى ما أخذ السياسة
المصرية إلى تغيير تحالفاتها بسرعة، فغزو العراق للكويت أغرى السياسة
المصرية بدور اتسع نطاقه واختلطت فيه المسالك، فإذا مقاومة غزو «الكويت»
تفتح باب الذرائع لتدمير «العراق» نفسه من الانقسامات والتحالفات المتناقضة
والمتغيرة، ومن الصراعات والحروب العبثية، كل هذا أزاح القضية الفلسطينية
والصراع العربى الإسرائيلى إلى الأركان والهوامش!

وكانت تلك كلها أعراض أمراض لحقت بأمة ضيَّعت هويتها وذاكرتها وطريقها مهما شطحت الأوهام ببعض الأطراف!

◄ وبعد أن استعرض هيكل فترة العشرة سنوات
الصعبة على الأمة العربية، يتحدث الكاتب الكبير عن توقيعه عقد مع دار
«هاربر كولينز»، ثم يتحدث عن الاتصال الذى جرى بينه وبين مبارك بعد انقطاع
لفترة طويلة، فيقول:
وفى ذلك الوقت كنت قد وقَّعت عقدا مع دار «هاربر كولينز» (فى لندن
ونيويورك) يشمل ثلاثة كتب عن الشرق الأوسط، وسألنى رئيس مجلس إدارتها
(«إيدى بيل») إذا كنت مستعدا لبدئها بكتاب عن تلك الحرب فى الخليج، ووافقت،
وبدأت العمل فيه، ونشرت بعض الصحف فى مصر وخارجها أننى أكتب كتابا اخترت
له عنوان ILLUSIONS OF TRIUMPH «أوهام القوة والنصر»!

وذات صباح فى مكتبى، اتصل بى الرئيس «مبارك» بعد فترة انقطاع طويل، وبادر فسألنى دون مقدمات تقريبا:

«إنه قرأ فى إحدى الجرائد أننى سوف أذهب إلى «عمان» لمقابلة الملك «حسين»، «لأنك» تكتب كتابا عن حرب الخليج!».
وقلت للرئيس: «إن ما قرأه صحيح!».
وسألنى الرئيس: لماذا الملك «حسين»!
وقلت: «سوف أقابل كثيرين غيره، ولكن المسألة فيما يتعلق بالملك «حسين» إنه
الرجل الذى بقى منذ غزو الكويت حتى ضرب العراق على اتصال بكل أطراف الأزمة،
فقد ظل على صلة ب «صدام حسين»، و«جورج بوش»، و«مارجريت تاتشر» دون
انقطاع»!

وقال الرئيس «مبارك» معترضا: «أنت على خطأ فى ذلك، لأن «حسين» لم يكن الطرف
الذى بقى على اتصال بالجميع حتى آخر لحظة، وإنما كنت أنا الذى ظل على
اتصال بالجميع من أول لحظة حتى آخر لحظة».

وواصل الرئيس «مبارك» كلامه قائلا: «والملك «حسين» سوف يكذب عليك، وأنت تعرف ذلك!».

ومع أن عبارته أدهشتنى، فقد قلت: «أنه من حق الملك أن يقول ما يشاء، وعلىَّ
أن أفرز ما أسمع، وعلى أى حال فإن الملك أبلغنى عن طريق رئيس ديوانه بأنه
رغبة منه فى اطلاعى على الحقائق كاملة فسوف يفتح أمامى كل الملفات دون
تحفظ، أطلع فيها على ما أشاء».

وعلق الرئيس بما يعرف عن «اهتمامى بالورق»، ثم أضاف: «أنه بالقطع لا يعترض حقى فى مقابلة من شاء».

وقصدت إلى «عمان» فعلا، والتقيت الملك «حسين» على يومين متواليين: فى اليوم
الأول من الساعة الحادية عشرة صباحا حتى الثامنة مساء، وتغدينا معا فى قصر
«الندوة»، والحديث متواصل، ورئيس ديوانه الأستاذ «عدنان أبوعودة» حاضر
معنا معظم الوقت، وجاهز فور الطلب بالملفات والوثائق.

◄ويستكمل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، حديثه حول رحلته إلى الأردن ولقائه مع الملك حسين فى ذلك الوقت، فيقول هيكل:
وعُدت إلى فندق «الإنتركونتننتال»، وفى انتظارى مجمع من الأصدقاء: ساسة
ومفكرون وصحفيون، وعند منتصف الليل تلقيت اتصالا تليفونيا من الملك «حسين»
يقول لى «إنه يعرف أننى عائد بالطائرة الأردنية ظهر غد إلى «القاهرة»، وأنه
يقترح أن نتقابل مرة أخرى فى الساعة العاشرة صباحا فى قصر «الندوة»، وقلت
للملك: «إننى على موعد أبلغت به قبل قليل مع ولى عهده الأمير «الحسن»، وهو
أيضا فى الساعة العاشرة»، وقال الملك «حسين»: «إنه سوف يرتب الأمر مع
الأمير «الحسن»، وسوف يقوم بالاعتذار عنى لولى العهد لأنه هو شخصيا «الملك
حسين» لديه بقية يراها ضرورية لاستكمال ما كنا نتحدث فيه (رغم أن حديثنا
تواصل 9 ساعات)».

وكذلك كان، وعُدت إلى قصر «الندوة» فى الساعة العاشرة صباحا، وحتى الساعة
الثانية عشرة ظهرا كان الملك منهمكا فى الشرح وفى الرواية وأحس بقلقى وأنا
أنظر فى ساعة يدى مخافة أن يفوتنى موعد الطائرة (الساعة الواحدة ظهرا)،
وقال بسرعة: «سوف أريحك» ورفع سماعة التليفون يأمر بتأجيل قيام طائرة
القاهرة حتى أصل إلى المطار، وواصل الحديث وتجاوزت الساعة الثانية بعد
الظهر، وكان الكلام مازال متواصلا!

وبلغت سلم الطائرة فى الساعة الثانية والنصف، وكان ركابها قد جلسوا على
مقاعدهم فى الموعد المقرر لقيامها، والطائرة بما فيها أى بهم فى مكانها على
مدرج المطار، وركابها لا يعرفون سببا لتأخيرها، وقيل لهم إن السبب فنى،
لكنهم لم يروا من حول الطائرة ما يدل على عملية صيانة، وطال انتظارهم حتى
وصلت سيارتى أمام سلم الطائرة، وصعدت إليها، شاعرا بالحرج أكاد أغطى وجهى،
ولا كيف أعتذر لكل هؤلاء الذين تأخروا بسببى، وأنقذنى قائد الطائرة تفضلا
منه إذ رحَّب بى على ظهر طائرته، معتذرا للركاب بأننى كنت مع «جلالة
الملك»، وأن التأخير كان «بأمر صاحب الجلالة!».

وكان رد الفعل لدى الرُكَّاب كريما وتنفسْتُ الصعداء!

◄ويعود هيكل ليتحدث عن الاتصال الذى تلقاه من مبارك، يسأله فيه عن ما جرى بينه وبين الملك حسين، فيروى الكاتب الكبير، قائلاً:
وبعد عودتى إلى «القاهرة» بثلاثة أيام تلقيت اتصالا من الرئيس «مبارك»،
بدأه كذلك بغير مقدمات: «هل كذب عليك (يقصد «الملك حسين»)، وروى لك ما يشاء
لكى يبرر موقفه؟!».

ولم ينتظر بل استطرد: «أنه سوف يفاجئنى بما لم أتوقعه، فقد تأكد له غرامى
بالوثائق، أبحث فيها عن صورة الوقائع بنفسى، وقد قرر أن يطلعنى على أوراق
الرئاسة (السرية)، وسوف يسمح لى بقراءة ما أشاء منها، شرط عدم تصويرها».

ثم واصل «مبارك» سائلا: «أليس «مصطفى الفقى» (سكرتير الرئيس للمعلومات)
صديقك؟! وقلت: «صحيح» وقال: سوف أبعث «مصطفى الفقى» إليك ومعه الملفات،
تطلع عليها فى حضوره، وكلما فرغت من جزء منها، عاد إليك بجزء جديد حتى
تستوفى ما تريد».
«ما رأيك؟!».
وشكرت الرئيس «مبارك» بصدق على اهتمامه، ولم يمض نصف ساعة إلا واتصل بى
الدكتور «مصطفى الفقى» ليقول: «إن الرئيس أمره بأن يطلعنى على الملفات
السرية للرئاسة فى شأن حرب الخليج. واتفقنا على أن يمر علىَّ فى مكتبى غدا
فى الساعة الواحدة بعد الظهر، ثم ينزل حتى يلحق بالإفطار (وكنا فى شهر
رمضان).
وبعد هذا الموعد الأول تستطيع أن تحدد ما يليه.

◄ وفى هذه الفقرة يتحدث هيكل عن الموعد
المتفق عليه مع الدكتور مصطفى الفقى، واستقباله له حتى يدون ويقرا ما جاء
به هيكل، فيقول الكاتب الكبير:
وجاء الدكتور «مصطفى الفقى» فى موعدنا المتفق عليه، ومعه مساعد له يحمل
حقيبة جلدية كبيرة متخمة بالملفات، وراح وهو يفتحها جالسا أمامى يقول: «إن
التعليمات لديه أن أقرأ ما أريد، ولكن لا أصور شيئا».

وبدا فاستخرج رزمة من «مسيرات الرئاسة»، وهى الدفاتر التى تسجل ضمن ما تسجل اتصالات الرئيس وما يتم تحريره فيها بعد هذه الاتصالات.

وانهمكت فى القراءة، والدكتور «مصطفى الفقى» جالس أمامى يتابع ملامحى مرات،
ثم يقلب ملفات الحقيبة الجلدية مرات أخرى، أو يبدى ملاحظة مرحة سريعة، لكن
الرجل بيقظة سياسى خبير أحس بشعور يراودنى، وأنا أقلب أوراق أحد الملفات
واستعرض محتوياته بسرعة، وبدأ ينظر فى ساعته، وموعد المغرب يقترب، وهو مدعو
للإفطار على مائدة أحد أصدقائه (كما قال).

وقررت اختصار الطرق، فقلت له بصراحة: «إننى أفضل أن لا أواصل قراءة هذه
الأوراق، وهو يستطيع أن يأخذها معه الآن، وأظننى سوف أكتفى بما قرأت، لا
أطلب مزيدا عليها يحمله إلىَّ كل يوم».

◄ ويروى هيكل أن الدكتور مصطفى الفقى أراد استيضاح موقف الكاتب الكبير وقد انعكس هذا على ملامح وجهه، فيقول هيكل فى هذه الفقرة:
وبدت نظرة تساؤل فى عينى الدكتور «مصطفى الفقى»، وانعكست بسرعة على ملامح
وجهه، وقد أراد استيضاح موقفى، وقلت بصراحة ما مؤداه: «أن ما قرأت من
مسيرات الرئاسة، جعلنى أشعر أن هذه المسيرات مكتوبة بأثر رجعى، أى بعد
الحوادث وليس أثناءها، وهذا يفقد المسيرات قيمتها، لأن الأهمية القصوى
للمسيرات أن يكون تسجيلها أولا بأول، فإذا وقعت كتابتها كما أحسست بعد فوات
أوانها، إذن فهى «محررة» «بتوجيه»، لكى ترسم صورة معينة قد لا تكون موافقة
لحقيقة ما جرى!».

وسألنى الدكتور «الفقى» عما يدعونى إلى هذا الشك، وقلت بصراحة أيضا: «هذا ما شعرت به كرجل تعوَّد النظر فى الوثائق».
وعاد الدكتور «الفقى» يسألنى: وماذا أقول للرئيس؟!
وقلت: «إننى أترك المشكلة لحصافته، لكنى أخشى إذا واصلت قراءة كل ما يحمله
اليوم من أوراق وما قد يحمله إلىَّ غدا وبعد غد أن أكون قيدت نفسى أدبيا
بمصدر لا أجده أمامى مقنعا، وأنا أفضل أن أكتب ما أكتب مستندا إلى ما
أستطيع الوصول إليه، راضيا عن مصادره، أما إذا واصلت قراءة ما جاء به إلىَّ
ولدىَّ شكوك فيه، فإن قراءتى له سوف تضع علىَّ قيدا ربما يلزمنى بما لم
أقتنع به».

وأعاد الدكتور «مصطفى الفقى» أوراقه إلى الحقيبة الكبيرة، ودعا مساعده الذى
كان ينتظرنا خارج مكتبى كى يجىء لحملها، ويسبق بها إلى السيارة، ومشيت
بعدها مع الدكتور «مصطفى الفقى» إلى باب المكتب، منتظرا المصعد، وفجأة
وبصدق قدرته له قال الرجل: «أستاذ هيكل.. لا تعتمد فيما تكتب إلا على ما
تثق فيه، ولا تسألنى أكثر من ذلك!».

وفى اليوم التالى كان هو الذى اتصل بى يبلغنى أن أخطر الرئيس بأننى اكتفيت
بما قرأت مما حمل إلىَّ من ملفات الرئاسة، وأن الرئيس سأله، وهو بناء على
ذلك يسألنى: هل الكتاب سوف يعكس وجهة نظرنا أو وجهة نظر الملك «حسين»!

وقلت له بصراحة: «لا وجهة نظركم، ولا وجهة نظر الملك «حسين»، وإنما هو مثل أى كتاب، يعكس جهد كاتب فى تقصى موضوعه، وهذا كل شىء!!».

◄ وفى هذه الفقرة يتحدث الكاتب الكبير عن الحملة الضارية التى بدأت، فور صدور الكتاب وترجمته إلى اللغة العربية، فيروى هيكل قائلاً:
ولكن ذلك لم يكن كل شىء كما تمنيت، وإنما كان بداية حملة ضارية، فما أن صدر
الكتاب، وتُرجم إلى اللغة العربية حتى قامت القيامة، وكانت المواقع
الحساسة فى القصة، والتى دار عليها الجزء الأكبر من الخلاف الذى قامت عليه
القيامة هى:
متى نزلت القوات الأمريكية فى السعودية؟! وهل كان ذلك قبل مؤتمر القمة،
وباتفاق خاص مع الرئيس «مبارك» وغيره قبل مؤتمر القمة؟! أو أن النزول
الأمريكى كان بعد مؤتمر القمة، ونتيجة لدعوة منها؟!

ثم هل كان الهدف تحرير الكويت، أو أن تدمير العراق كان مطلوبا لضرورة أو
مقصودا بسبق الإصرار؟! وأخيرا هل كان نزول القوات الأمريكية فى الخليج وفى
السعودية على هذا النطاق الواسع إجراء طوارئ، أو خريطة استراتيجية مستجدة؟!

ودار جدل طويل حول التناقض فى التصرفات والمواقيت، وصدرت فى مصر كتب رسمية
بيضاء، وهى فى الحقيقة ملونة، وأشهد للدكتور «مصطفى الفقى» أنه أخذنى إلى
ناحية أثناء عشاء التقينا فيه على مائدة أحد الأصدقاء المشتركين، لكى يقول
لى همسا:
«لا تجعل شيئا مما يُقال يضايقك، الحق كان معك، والواقع كما أعرفه من موقعى أفظع بكثير من أى شىء قلته فى كتابك!».

وكانت تلك لحظة تستحق الدراسة فى تاريخ مصر، فقد لاح وكأن مصر قد جرى تنويمها أو تخديرها.

كانت تلك لحظة تستحق أن يعيشها ويرصدها الفيلسوف الأكبر فى علوم السياسة
وممارستها، وهو فيلسوف التنوير الأشهر «نيكولو ماكيافيللى» صاحب كتاب
«الأمير».

كان «ماكيافيللى» فى شرحه للسياسة فى رسالته التى أهداها إلى أمير
«فلورنسا» «لونزو العظيم» يعتبر أن الأمير يستطيع ممارسة السياسة فى عزلة
عن الأخلاق.

وظُلم «ماكيافيللى» لأن بعض الناس سحبوا مقولاته على تصرفات البشر
العاديين، فى حين أن «ماكيافيللى» كان يتحدث إلى الأمير وسياسات الأمير، أى
أن حديثه للأمير كان بمفهوم الأزمنة الجديدة، حديثا إلى الدولة وعن
سياساتها.

وفجأة مع اشتعال الحرب فى الخليج ومضت فرصة أمل، حتى وإن كانت على طريقة «ماكيافيللى» تنفصل فيها السياسة عن الأخلاق!

ولسوء الحظ أو لحسن الحظ على طريقة «ماكيافيللى» فإن حروب المنطقة جاءت
«كوارث موفقة» (إذا جاز التعبير)، لأنها أتاحت ما بدا للبعض أنه فرصة
للتغلب على «مصاعب مصرية»، بصرف النظر عن أى أحكام قيمة!
كان الاقتصاد المصرى مُثقلا ولم تكن أثقاله فى حاجة إلى جهد كبير لاستقراء
أسبابها، وإنما كانت الأسباب عديدة: الاقتصاد المصرى تحمَّل بأعباء مشروعات
كبرى فى التنمية لم تعط بعد عائدها، أو لم تعط بعد هذا العائد كاملا.

الاقتصاد المصرى تحمَّل بأعباء حرب 1967، وحرب الاستنزاف (والحقيقة أن القطاع العام كان السند الأكبر فى التعويض عن هذه الأعباء).
ثم إن اتجاه مصر بعد حرب أكتوبر لم يستدع إليها ما هو تنتظره من مساعدات
عربية، وأول أسباب خيبة التوقعات أن مصر حين انتهاء المعارك اختارت أن
تتوجَّه إلى صلح منفرد مع إسرائيل.

وكذلك وقع فى تلك اللحظة أن المساعدات الخارجية توقفت، فقد لمح المعسكر
الشرقى بوادر التحول فى السياسة المصرية، وتمهَّل فيما يقدمه، وفى نفس
الوقت فإن المعسكر الغربى ودولة الولايات المتحدة كان يريد أن يتأكد من
ثبات هذه التحولات.

وفى هذا التوقيت فإن الإغارة على القطاع العام بدأت، وأوله انقضاضها على التوكيلات وإرجاعها.

ثم إن الذين لم ترق لهم المقاومة الشعبية ضد الخصخصة، مع الطريقة التى
طرحت بها وقتها، ونفذت بها فيما بعد لجأوا إلى سياسات شبه تآمرية على هذا
القطاع العام، فقد حجبوا عنه أى استثمارات جديدة، بينما ظل فائض أرباحه
يذهب إلى حسابات الخزينة العامة.

زاد على ذلك أنه فى أعقاب توقف معارك أكتوبر فقد أراد البعض أن يعوض نقص
الموارد بزيادة الإيمان، لعل الدعاء يسد حاجة المحتاجين أو يقنعهم بالزهد،
برغم كل ما رأوه من غارات تنظم نفسها للانقضاض على النصيب الأكبر من الثروة
الوطنية باسم «الانفتاح».

◄ ثم يتحدث هيكل عن الأحوال التى جرت فى
تلك الفترة، والتى شهدت موجة هجرة من الشباب، خاصة الكفاءات، موضحاً أن
التحولات فى العالم، والثروات المنهمرة فى الإقليم لوَّحت باستعداد
للاستجابة للوعد بأكثر مما تقدر عليه الأوضاع المحلية، فيروى هيكل:
وفى هذه الأجواء وقعت موجة هجرة فى الشباب، وفى الكفاءات، لأن التحولات فى
العالم، والثروات المنهمرة فى الإقليم لوَّحت باستعداد للاستجابة للوعد
بأكثر مما تقدر عليه الأوضاع المحلية، خصوصاً أن ظروف التعبئة العامة
لسنوات سبع من 1967 1974 أوقفت سفر البعثات الدراسية إلى الخارج، لأن شباب
المؤهلات كان فى الخنادق!

وكان الاحتجاج الشعبى الأكبر تلك الفترة وهى مظاهرات 18و19 يناير سنة
1977، قد ضاع صيحة فى الفراغ، ووقع علاجها أمنيا إلى درجة وصفها بأنها
«انتفاضة حرامية»!

ثم وقع اغتيال الرئيس «السادات» بموجة الإرهاب التى تلته، وبدت مصر بلدا
غير مأمون فى أبسط الاحتمالات. وراح الاقتصاد المصرى يتدحرج إلى حافة
الخطر.

ولست أعرف أن «مبارك» قرأ «ماكيافيللى»، لكنه فى حرب الخليج طبق آراءه خير
تطبيق، بمعنى أنه يمكن أن يُقال باطمئنان أن مصر كانت تواجه موقفا اقتصاديا
فى منتهى الصعوبة، فى جزء من الثمانينيات وعلى طول التسعينيات، ثم تكفَّلت
حروب الإقليم وحرب الخليج ب«رد الروح» إلى الاقتصاد المصرى، لأنها ببساطة
جلبت له أموالا جديدة هرعت إلى نجدتها لتقدر على تنفيذ سياساتها على الأرض
التى ظهرت بعد ذلك المنحنى على النهر، وبعد جهاد «أفغانستان»!

وبعد ثورة «إيران»، وكل ما فى الحربين من تناقض بدت المنطقة كلها وكأنها فى حالة انفصام فى الشخصية: «شيزوفرينيا».

فى «أفغانستان» جهاد من أجل الإسلام، وفى «إيران» حرب ضد ثورة إسلامية.

والحرب فى «أفغانستان» ضد سلطة إسلامية سنية هى سلطة «طالبان» (التى كانت
بدايتها فى الجهاد ضد الإلحاد)، لكن الحرب فى «إيران» حرب السنة ضد الشيعة.

والحرب فى «أفغانستان» كانت ضد منطق المحافظة المؤمنة فى «السنة».
وفى إيران كانت الحرب ضد الثورة فى بلد «الشيعة»!

وبصرف النظر عن المتناقضات، فإن التناقض دائما فرصة فيما تقول به دروس «ماكيافيللى».

والحقيقة أن هذه المتناقضات فى المنطقة أحدثت درجة من الحمى فى دوران عجلة
ثروة النفط والذهب، وفى أسلحة المخابرات الدولية والجهاد ضد الإلحاد، وذلك
وفَّر لمصر فيضان من المساعدات لا يشك أحد أنه أنقذ اقتصادها.

وبناء على أرقام صندوق النقد الدولى فإن مصر جاءتها فى ظروف حرب الخليج وما
بعدها مساعدات وهبات بلغت قيمتها 100 مليار دولار، وهى على النحو التالى:
30 مليارا إعفاء ديون مستحقة على مصر لدول أجنبية.
25 مليار دولار من الكويت.
10 مليارات دولار من السعودية.
10 مليارات دولار من دولة الإمارات.
والباقى من مصادر متفرقة، وذلك بالإضافة إلى كثير من خدمات المخابرات
والأمن والسلاح والتوريدات المقدمة إلى ما لا نهاية من الخدمات، وكله أعطى
مصر صفحة اقتصادية جديدة مشجعة!

وهنا نقلة إلى اللحظة الراهنة أحكى فيها مشهدا مثيرا وقع لى فى باريس، فقد
سألت أحد كبار الاقتصاديين المشهود لهم فى العالم عن الطريق الأمثل لحل
المشكلة الاقتصادية المستعصية فى مصر، وأجابنى الرجل المشهود له عالميا:
هناك طريقان: أحدهما طويل وصعب، والآخر سريع وسهل.
طريق طويل الآن يقتضى إجراءات حازمة وحاسمة، لأن التفريط فى الثروة عندكم كان مذهلا فى السنوات الخمس عشرة الأخيرة.

وسكت الرجل وسألته باهتمام: وماذا عن الطريق السريع والسهل؟!
وكان رده وفى حضور واحد من أهم سفراء مصر فى العالم الخارجى قوله:
«الطريق السهل والسريع حرب إقليمية فى الشرق الأوسط حرب أخرى فى الشرق الأوسط تنقذ مصر على نحو ما سبق فى حرب الخليج!!».

◄ ويتحدث هيكل فى هذه الفقرة، عن تحول كبير فى توجهات مبارك، عندما وجد أطرافاً فى المنطقة تطلب تقوية دوره، فيقول هيكل:

والشاهد أن تلك اللحظة كانت نقطة تحول كبير فى توجهات «مبارك»، فقد وجد
أطرافا تطلب تقوية دوره فى المنطقة وتوظيفه، بحيث يأخذ معه «وضع» مصر فى
الإقليم كله إلى حيث يريد وكما يشاء، وكانت تلك البداية فى مطلب تأييد حكمه
طول حياته، مسنودا بقوى دولية وإقليمية، وكان وحتى دون أن يقصد أحد تمهيدا
منطقيا لورود فكرة التوريث على البال، فـ«مبارك» الآن يؤدى دورا، وهو يسحب
مصر وراءه فى أدائه، ومن المهم أن يستمر ذلك، ولا شىء يحقق ضمان استمراره
لأطول مدى إلا أن يكون الابن استمرارا للأب، أو على الأقل لتأكيد الاستمرار
على نفس الطريق!

لكن المشكلة أن حل مشكلات مصر على طريقة «ماكيافيللى» لم ينجح، لسبب واضح
وهو أن جماعات المصالح التى أحاطت بالأب، وزحفت مع الابن تحولت إلى سرب
جراد أتى على ما جاءت به السياسة، متحررة من الأخلاق على طريقة
«ماكيافيللى»، أى أن الوعاء الاقتصادى الذى امتلأ بالسيولة بعد حرب الخليج،
جرى تفريغه بالنهب بعدها!فى الحلقة القادمة هنرى كيسنجر يضع 3 خطط لتأمين
السياسات المصرية الجديدة المصالح تنهب الموارد علنًا وتقدم خدماتها
للسياسة سرًا.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بوجى
المدير العام
المدير العام
بوجى


اسم العضو : محمد حسن
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 739
تاريخ الميلاد : 25/03/1994
تاريخ التسجيل : 28/09/2010
العمر : 30

الحلقة السابعة من كتاب هيكل بدار الشروق.. مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان.. مبارك مبهور لأن أتباع أغاخان يقدمون له وزنه ذهبًا فى كل احتفال به Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحلقة السابعة من كتاب هيكل بدار الشروق.. مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان.. مبارك مبهور لأن أتباع أغاخان يقدمون له وزنه ذهبًا فى كل احتفال به   الحلقة السابعة من كتاب هيكل بدار الشروق.. مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان.. مبارك مبهور لأن أتباع أغاخان يقدمون له وزنه ذهبًا فى كل احتفال به I_icon_minitimeالخميس فبراير 09, 2012 3:04 am

تقرأ فى الحلقة الحادية عشرة من كتاب "هيكل" بدار الشروق.. "مبارك
وزمانه من المنصة إلى الميدان".. الأمن والتأمين.. والثروة والسلطة.. الخطة
لها ثلاثة فروع.. وواضعها هو "هنرى كيسنجر"


يواصل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل رصد
وتحليل مشوار حسنى مبارك من المنصة إلى الميدان.. ويتناول فى الحلقة
الحادية عشرة من كتاباته خطة الأمن والتأمين، والثروة والسلطة.. ويقول:
منذ اللحظة الأولى بعد حرب أكتوبر أصبح «أمن النظام» و«أمن الرئيس» قضية
أساسية وحيوية لضمان استمرار سياسات مستجدة طرأت على الظروف التى أحاطت
بالأسبوع الثانى من حرب أكتوبر وتداعياتها.

وقد جرى طَرْحْ موضوع الأمن والتأمين للمرة الأولى أثناء اجتماع بين الرئيس
«أنور السادات» وبين وزير الخارجية الأمريكى «هنرى كيسنجر» فى استراحة
أسوان يوم 12 يناير 1974، وكان تقدير الرجلين معاً أن التحولات الكبرى فى
مصر والسياسات المستجدة على إستراتيچيتها بعد حرب أكتوبر تقتضى إجراءات
حماية واسعة للرئيس وللنظام، حتى تتمكن تلك التحولات وتترسخ!!

ويعرض الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل مداخل خطة التأمين والأمن التى وضعها هنرى كيسنجر، قائلاً:
كان المدخل إلى طرح موضوع الأمن والتأمين أن الرئيس «السادات» توصل إلى
قناعات نهائية فى قراءته لشكل المستقبل فى مصر وهو مقتنع كل الاقتناع
بموجباتها وقد طرح وجهة نظره فيها بطريقة قاطعة:

1 - إن المستقبل لأمريكا، وهو يريد أن تكون مصر فى هذا المستقبل مع أمريكا وليس مع غيرها.
2 - إنه ترتيبا على ذلك فإنه سوف يتخذ فى سياساته الدولية والعربية منهجا يختلف عما جرت عليه السياسة المصرية من قبل.
3 - ثم إنه وبمقتضى اختياراته بعد حرب أكتوبر على استعداد من الآن للتحرك
نحو سياساته الجديدة وحده، دون انتظار بقية العالم العربى، ثم إنه سوف يصطف
مع الولايات المتحدة فى مواجهة السوفييت.
4 - وهو بالتوازى مع ذلك يعتبر أن حرب أكتوبر 1973 ضد إسرائيل، هى آخر حروب
مصر معها، وذلك سوف يجرى اعتماده وإعلانه تأكيدا نهائيا للسياسات الجديدة.
5 - وبالإضافة إلى ذلك، فإن تصوُّره للتطور الاجتماعى المصرى سوف يختلف عن
تصورات سلفه، عن يقين لديه بأن متغيرات العالم تثبت أن المستقبل
للرأسمالية.
ولأول وهلة تبدَّى ل«كيسنجر» أن تلك سياسات تتجاوز الحقائق الراهنة فى مصر،
وربما تتصادم معها، وساوره الشك فى قدرة الرئيس «السادات» عليها.

ويحكى الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل تفاصيل لقاء أسوان بين السادات وكيسنجر:
على أن «كيسنجر» استمع إلى ما أفضى به الرئيس «السادات» إليه فى أول لقاء
بين الاثنين ظهر يوم 6 نوفمبر 1973 ثم سألنى حولها بطريق غير مباشر مساء
نفس اليوم فى لقاء بيننا فى جناحه فى الدور الثانى عشر من فندق «هيلتون«،
ولم أكن بأمانة على علم بما طرحه الرئيس من تصورات، لكن «كيسنجر» سألنى دون
تفاصيل عن «درجة قوة الرئيس «السادات» داخليا، وما إذا كان فى مقدوره أن
يطرح وينفذ فى مصر سياسات جديدة، واكتفيت بالقول إن «الرئيس قادر على
الوفاء بما يعد به»، وآثرت حتى لا تتشابك الخطوط أن أنتقل فى الحديث معه
إلى ما عداه من شئون الساعة، وكان حديثنا تلك الليلة موضوع مقال طويل نشرته
فى الأهرام بتاريخ 16 نوفمبر 1973 تحت عنوان «مناقشة مع كيسنجر!!».

حمل «هنرى كيسنجر» معه إلى «واشنطن» ما سمعه من الرئيس «السادات» وهناك جرى
بحثه، وعاد مرة أخرى إلى مصر يوم 12 يناير 1974، والتقى الرئيس «السادات»
فى استراحة الرئاسة وراء خزان أسوان القديم.

ويكشف الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل عن موقف الرئيس الراحل أنور السادات من خطة الأمن.. ويقول:
كان الرئيس «السادات» مازال على موقفه، وكان «كيسنجر» جاهزا بخطة أمن رآها
ضرورية للرجل المُقْبِل على مخاطر تحول أساسى فى اتجاه مصر، وللاستراتيجية
الجديدة التى تحمل مسئولية سياساتها!!
وعرض «كيسنجر» فى هذا الاجتماع الثانى على الرئيس «السادات» خطة أمن وتأمين يتم تنفيذها على ثلاثة محاور:

1 الأمن الشخصى للرئيس، وهو يقتضى إعادة تنظيم حراسة أماكن إقامته فى أى مكان وأى وقت.
2 والأمن الإقليمى للدولة فى حركتها على الخطوط الإستراتيجية الجديدة، وهى تشمل عنصرين:
< أن يكون «البلد» THE COUNTRY تحت مظلة منظومة الدفاع الإقليمى الذى
تشرف عليه القيادة المركزية الأمريكية المكلفة بالدفاع عن الشرق الأوسط.
< وأن تتواكب مع هذه المظلة العسكرية، مظلة أمنية هى شبكة المخابرات
الكبرى فى المنطقة، التى تتلاقى فى إطارها جهود الوكالتين الرئيسيتين وهما:
وكالة المخابرات المركزية الأمريكية العاملة مع مجلس الأمن القومى فى البيت الأبيض.
ثم وكالة الأمن الوطنى العاملة فى إطاره وزارة الدفاع الأمريكية وهى وكالة
N.S.A NATIONAL SECURITY AGENCY، وكذلك يكون الغطاء شاملا مدنيا وعسكريا
عابرا للحدود بين الدول، نافذا إلى العمق داخل هذه الدول!!

3 وبعد الأمن الشخصى للرئيس والأمن الإقليمى للدولة يجىء الدور ثالثا فى
خطة «كيسنجر» على الأمن الاجتماعى للنظام، وهو الآن يقتضى إعادة الهندسة
الاجتماعية وخلق طبقات جديدة تسند التوجهات الجديدة بأسرع ما يمكن.

ويؤكد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل أن الأمن الشخصى للسادات كان هاجس الرئيس الراحل الأول.. ويقول:
< كان الأمن الشخصى للرئيس هو البند الأول على القائمة، وقد اقترح
«كيسنجر» أن تجىء إلى القاهرة مجموعة خاصة من الخبراء تقوم بمهمة متعددة
الجوانب:
مباشرة نظام الحماية المخصص للرئيس على الفور.
وإعادة تدريب قوة الحراسة الرئاسية على أحدث وسائل وأساليب الحماية.
ثم وضع خطة دائمة لإجراءات وضمانات الأمن المطلوبة للرئيس.
وبالفعل فإن «هنرى كيسنجر» بعد سفره من أسوان بعشرة أيام بعث إلى وزير
الخارجية السيد «إسماعيل فهمى» برقية شفرية لإبلاغه أن بعثة على مستوى فنى
متقدم سوف تجىء إلى القاهرة لوضع خطة كاملة لتأمين الرئيس (ولم تكن هذه
المسألة من اختصاص وزير الخارجية المصرى، لكنه وقد حضر جانبا من اجتماع
أسوان الذى عُرض فيه الموضوع كان هو الطرف الذى آثر «كيسنجر» أن يوجِّه
إليه الرد، وفى الحقيقة فإنه كان يجب أن يوجَّه إلى السيد «حافظ إسماعيل»
(مستشار الأمن القومى والمسئول عن نظام العمل فى الرئاسة)، لكن «حافظ
إسماعيل» لم يكن حاضرا ذلك الاجتماع فى أسوان.

ويكشف الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل عن
إحدى الوثائق التى تحمل عنوان "سرى للغاية" من كسينجر إلى السادات تسلمها
إسماعيل فهمى.. وفيها:
كان نص رسالة «كيسنجر» التى تسلَّمها «إسماعيل فهمى»:
وزارة الخارجية واشنطن
مكتب الوزير
سرى للغاية
28 يناير 1974
رسالة من وزير الخارجية «كيسنجر» إلى الرئيس «السادات» عبر وزير الخارجية «فهمى».
نص الرسالة:
بالنسبة للمشاورات التى دارت بيننا حين تناقشنا حول مسألة أمنكم الشخصى،
فنحن على استعداد لإرسال فريق الخبراء التالى إلى القاهرة فورا:
«چورچ ك. كيثان» KEITHAN وهو خبير فى شئون الحماية الشخصية.
«بول لويس» PAUL LEWIS وهو خبير فى شئون مقاومة التنصت.
«هيو وارد» HUGH WARD وهو متخصص فى تدريب المسئولين عن الحماية الشخصية.

وإلى جانب ذلك فإن خبيراً فى الأمن المباشر وفى كشف المتفجرات سوف يلحق
بالفريق بعد أيام قليلة، بالإضافة إلى ذلك فنحن نقترح أن نرسل فريقا آخر
برئاسة المستر «آلان د. وولف» ALAN D. WOLF، وهو متخصص فى شئون المخابرات،
وإذا وافق الرئيس «السادات» فإننا نريد إلحاقه ببعثة رعاية المصالح
الأمريكية فى القاهرة، والغرض من قدومه هذه المرة هو أن يُتاح لخبرائكم فى
الأمن الفرصة للقائه ومناقشة مقترحاته للتأكد من قبولكم لها.

إننا ننوى إرسال هذا الفريق بسرعة إلى القاهرة وفى موعد لا يتجاوز 2
فبراير، وإذا رأيتم موعدا أنسب فإننا بالطبع على استعداد للتلاؤم مع
رغباتكم.
هنرى كيسنجر

ويحلل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل خطط الأمن قائلاً:
تقاطرت على مصر وفود من خبراء الأمن، وظل بعضها فى مصر لمدة سنتين، تم
أثناءها وضع الخطط اللازمة لهذا الجزء من خطة الأمن وهو المتعلق بالحماية
الشخصية للرئيس، والإشراف على تطبيقها عمليا، ثم وضع ترتيبات دائمة لأمن
الرئيس.

وكانت خطة الأمن الخاص أوسع من مجرد تشديد الحراسة حول الرئيس حيث يكون أو
حين يتحرك، فقد كان بين بنودها إجراءات تواجه احتمالات مفاجآت غير متوقعة،
ثم قائمة إجراءات تحقق مطالب الأمن المحتملة فى حياة كل يوم، وبدت بعض
الإجراءات مشددة، وأوسع مجالا من المتعارف عليه:

منها مثلا حرس خاص، وسلاح مختلف، وتدريب أعلى، وقيودا وحدودا تطبق فى أى
مكان يتواجد فيه الرئيس، مع ضرورة تأمين أى موقع يحل فيه قبل دخوله إليه
بست وثلاثين ساعة على الأقل!!

ومنها مثلا أن يتنقل الرئيس كلما استطاع بعيدا عن شوارع القاهرة، مع تفضيل
الهليوكوبتر وسيلة للانتقال شرط حركتها من ممرات دائرية تتفادى المناطق
المزدحمة بالعمران والمبانى العالية التى لا ينكشف حولها ما يدور على
سطحها، أو تلك المنخفضة التى تتكدس فيها المخلفات وتوفر إمكانية الكمون
والتربص وسطها.

ومنها مثلا أن تتعدد أماكن إقامة الرئيس فى أكثر من مكان، وبحيث لا يستطيع أحد أن يخطط لشىء أثناء وجوده لمدة معلومة فى مكان معين.

ومنها مثلا أن يكون معظم تواجده فى مناطق تسهل السيطرة عليها، كما يسهل
عزلها عما حولها، كما تتنوع إمكانيات الخروج السريع منها فى حالات الطوارئ،
كأن تكون بها مساحات صالحة لاستعمال الهليوكوبتر أو مجارى مياه لاستعمال
القوارب، إلى جانب الطرق المفتوحة للسيارات.

ومنها مثلا أن تكون هناك مواقع تمركز جاهزة لتسكين مجموعات من سرايا القوات الخاصة من الحرس الجمهورى تتحرك مع الرئيس حيثما ذهب.

ومنها مثلا أن ترصد حوافز ومكافآت خاصة لقوات البوليس التى تصطف على طرق
المواكب، إذا ما اضطر الرئيس لسبب من الأسباب أن يتحرك وسط «مدن»، وأن
تتميز هذه المكافآت عن غيرها بأن توضع فى أظرف خاصة عليها شعار رئاسة
الجمهورية، تذكِّر من يتسلمها ولو بالإيحاء أنها من «ولى النِعَم»!!

ويقفز الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل عشر
سنوات من تاريخ خطة تأمين السادات، وصولاً إلى اغتيال السادات وتولى مبارك
مقاليد حكم مصر، وملامح خطة مبارك لتأمينه.. يقول هيكل:
ومرت قُرابة عشر سنوات، وتوالت أحداث، وطرأت متغيرات، ولكن المقادير ضربت
ضربتها يوم 6 أكتوبر 1981، ووقع اغتيال الرئيس «السادات» على منصة العرض
العسكرى، وبواسطة ضابط فى القوات المسلحة، بيده مدفع رشاش من صنع روسى، وفى
جيبه مسدس من صنع أمريكى!!

وخطا «حسنى مبارك» من المنصة إلى القصر الجمهورى، وكان أول اجتماع حضره بعد
توليه مسئولية الرئاسة اجتماع لمسئولى الأمن والتأمين بدأه بأن «إجراءات
الأمن والتأمين التى اتخذت لحماية سلفه لم تثبت كفاءتها، بدليل نجاح خطة
الاغتيال التى كان هو شاهدا عليها، وأفلت بمعجزة أن يكون إحدى ضحاياها!!».

وفى اجتماعات توالت بعد ذلك مخصصة لبحث أمن وتأمين شخص الرئيس، تولى «مبارك» بنفسه وبتجربته الخاصة إضافة إجراءات أوسع وأبعد:
منها مثلا إغلاق المجال الجوى وقت تحليق طائرة الرئيس فيها، وعلى طول الطريق الذى تسلكه.

ومنها مثلا إغلاق الشوارع من الجانبين أثناء مرور أى موكب رئاسى، (وكانت
الرغبة فى تسهيل المرور خصوصا على طريق مطار القاهرة تدعو مرات إلى إغلاق
الطريق من الجانب الذى يتحرك الموكب عليه، وحدث مرة من المرات أن «مبارك»
لاحظ وهو فى طريقه إلى مطار «ألماظة» أن الناحية الأخرى مفتوحة للمرور،
وعندما وصل إلى «ألماظة» طلب التحقيق بنفسه مع المسئول، ودعى قائد المرور
فى المنطقة إلى المثول أمام الرئيس، وعندما أبدى الرجل عذره بأنه فتح
الجانب الآخر من الطريق بناء على طلب مُلِحْ من مسئولى مطار القاهرة، لأن
عدة طائرات محملة بالسياح على وشك الإقلاع، بينما ركابها متأخرون بسبب موكب
الرئيس ثار «مبارك» على مدير المرور وقائد قوة الاصطفاف عليه، وعندما سمع
عبارة تأمين وصول سياح إلى المطار، زاد غضبه قائلا: «ما هو الأهم: تأمين
السياح أو تأمين الرئيس؟!» مضيفا «أنه ليس هناك هدف فى الدولة المصرية أكثر
أهمية من تأمين الرئيس»).

ومنها مثلا تعليمات دائمة بأنه لا يريد أن يرى على أى طريق يمر فيه بابا
مغلقا، لا يبين ما وراءه، وأن أى باب مغلق لابد أن يُفتح ولو كسرا، وتفتيش
ما وراءه، وأن توضع أمامه حراسة مضافة إلى حراسة الاصطفاف على الطريق.

ويحلل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل أسباب اختيار مبارك لمدينة شرم الشيخ كأحد وسائل خطة التأمين.. ويقول:
مثلا أن تكون «شرم الشيخ» مقر إقامته الأساسى، وكان ذلك رأى الخبراء
الأمريكيين أيضاً، لأن «شرم الشيخ» توفر مزايا أمنية مثالية، فهى منطقة
محددة عند الطرف الجنوبى من شبه جزيرة سيناء، وأجواؤها مكشوفة من كل اتجاه،
وهى على بُعد دقائق بالقارب من السعودية، وعلى بُعد أقل من ثلث ساعة عن
الأردن وإسرائيل، ثم إن موقعها مجاور لمواقع قوة المراقبة الدولية فى سيناء
(وهى فى الواقع أمريكية، ولديها من الوسائل ما يجعلها تلتقط دبيب النمل
على رمل الصحراء!!).

وحين كان الرئيس «مبارك» يسافر من «القاهرة» إلى «شرم الشيخ» أو غيرها، فإن
عشرة جهات على الأقل كانت تُخطر بمسئوليتها فى حماية سفره، وفيها الحرس
الجمهورى بالطبع والأمن الخاص لرئاسة الجمهورية والدفاع الجوى ووزارة
الداخلية ووزارة الطيران المدنى والمخابرات العامة وغيرها.

وكانت كل جهة من هذه الجهات تتخذ ما ترى من إجراءات التأمين المباشرة
والخاصة بها، ثم لا يعرف أحد فى النهاية أى طريق سوف يتخذه الرئيس، إلا قبل
أن يخرج من بيته فعلا!!

وكثيرا ما حدث اصطفاف كثيف على طرق ممتدة، باعتبار أن الرئيس «مبارك» سوف
يسافر بالسيارة، ثم تظهر الهليوكوبتر فجأة تنقله من داخل بيته إلى المطار،
وتنتهى مهمة طوابير الاصطفاف وتكون قد انتظرته على الطرق عشر ساعات،
وأحيانا أكثر!!

ويعرض الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل لهواجس التأمين لدى مبارك قائلا:
وصل هاجس الأمن والتأمين بالرئيس «مبارك» وبحاشيته إلى درجة عبثية.
كانت أجهزة الأمن فى الدولة قد توسعَّت إلى أبعد من أى حد سبق فى مصر بسبب
ما جرى بثورة التكنولوچيا، وكذلك قفزت برامج الأمن والتأمين فى مجال
الرقابة إلى حد غير مسبوق، لأن البعض كان يريد أن يتأكد بنفسه ويطمئن،
خصوصا بالتسمُّع على أطراف مشكوك فى نواياهم.

وكانت البداية هى الطلب من جهاز أمن الدولة تخصيص نسبة معينة لمراقبات
مرغوب فيها من الرئاسة، سواء كانت داخلة فى قائمة أمن الدولة أو لم تكن.
وكانت القوائم مستفيضة، لأن الطالبين كثر، وكان الجزء الأكبر من طلبات
المراقبة فى القوائم الخاصة من مكتب «إرث الرئاسة«، وكثيرا ما وصلت
تسجيلاتها إلى لجنة السياسات فى الحزب الوطنى، وكثيرا ما تسرَّب بعضها
ملونا أو مشوها إلى بعض الصحف والمجلات.

ثم وقع تطور أهم، وذلك أن «أحدهم» عاد من لندن ذات مرة ومعه جهاز جديد
للتنصت على التليفونات، موجود فى محال متخصصة لبيع «أجهزة التأمين»، لكن
شراءها يقتضى «شهادة من جهة رسمية تأذن باستعماله»، وذلك شرط بيعه وتسليمه.

وفى القاهرة جرت تجربة «الجهاز«، واستطاع «الراغبون» أن يدخلوا على أى خط
يريدون التسمع عليه فى أى وقت، ثم ما لبث أمر هذا الجهاز أن أصبح «موضة»
عند مستوى معين من أصحاب السلطة، وكذلك وطبقا لتقدير خبير نافذ فى وزارة
الداخلية، شغل بعض أهم مناصبها فى ذلك الزمن، فقد وقع:

أن الحصة التى كانت تُخصص من مراقبات أمن الدولة للطلبات الخاصة وصلت فى وقت من الأوقات إلى 7% من حجم المراقبات.

أن عدد أجهزة الرقابة على التليفونات الموضوعة تحت تصرف أفراد بعينهم، ومما
جرى شراؤه من لندن، وصل حسب علمه إلى 11 جهازا محمولا، والمدهش أن بعضه
كان يُستخدم لأغراض شخصية، أو بهدف التسلية، والنميمة الاجتماعية.

ولم يكن هناك حد ولا رادع لأية «معلومات» عامة أو خاصة قد تكون لها فائدة فى أمن أو تأمين أحد دون حساب التكاليف!!
حتى «شرم الشيخ» نزل وأقام فيها أكثر من جهاز تسمُّع خاص!!

ويستطرد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، طارحا أسئلة تتعلق بتكاليف وأسباب إقامة مبارك فى شرم الشيخ.. ويقول:
ولم يتصور أحد أو يخطر بباله مثلا أن يحسب تكاليف وجود رئيس الدولة فى «شرم
الشيخ»، وحوله موظفى ديوانه، وحرسه، ومكاتب للاتصال مع الدولة، وزوارا
قادمين وذاهبين، ومسئولين لديهم ما يعرضونه أو يسألون فيه، وسفر الجميع إلى
شرم الشيخ «مهمة» لها تكاليفها من مواصلات وإقامة وبدل سفر، ذلك غير
مصروفات تتحمل بها جهات أخرى فى الدولة، وكانت تقديرات الخبراء تحسب أعباء
إقامة الرئيس فى «شرم الشيخ» بما مقداره مليون جنيه بالزيادة يوميا عن
المصروفات العادية للرئاسة!! (كما أن تكاليف كل يوم سفر للرئيس خارج البلاد
كانت تصل وتزيد أحيانا عن مليون دولار يوميا!!).

وعندما سُئل الرئيس «مبارك» يوما عن سبب إقامته شبه الدائمة فى «شرم
الشيخ»، كان رده (وقد تكرر نشره على لسانه) «أن وجوده فى شرم الشيخ يشجع
السياحة إليها، وذلك مفيد للاقتصاد المصرى!!».

لكن الحقيقة كانت «أمنية» متصلة بالبند الأول من خطة التأمين التى وضع تصميمها الأصلى «هنرى كيسنجر».

ويعرض الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل البند الثانى من خطة تأمين مبارك:
كان البند الثانى فى خطة الأمن والتأمين ربط «أمن النظام» بمؤسسات الأمن
والتأمين الإقليمية للولايات المتحدة الأمريكية، والتى تضم شبكة القيادة
المركزية الأمريكية فى الشرق الأوسط ووكالات المخابرات السياسية C.I.A،
ووكالة الأمن الوطنى التابعة لوزارة الدفاع الأمريكى N.S.A.

وربما كان الأنسب هنا ألا أقول فى تفاصيل هذه القضية الشائكة شيئا من عندى،
وإنما أنقل عن كتاب «بوب وودوارد» الصحفى الأمريكى الأشهر فى مجال
الاستقصاء، والمعروف بدقة مصادره أنها على أرفع مستوى بين صُنَّاع القرار
الأمريكى، فقد تعرَّض «وودوارد» فى كتابه لمسألة أمن وتأمين النظام من
البداية، أى منذ اتفاق «كيسنجر» مع الرئيس «أنور السادات»، ففى صفحة 312
313 من كتابه THE VEIL (أى البرقع أو الحجاب) ذكر «بوب وودوارد» تفاصيل
كثيرة تثير الانزعاج، ولذلك أكتفى فى الحديث عنها بمجرد لمحات تغنى عن
التفاصيل، ففى نصوص ما قاله «بوب وودوارد» مثلا:

«لقد أوضحت عملية الدعم الأمنى والمخابراتى للرئيس الراحل «أنور السادات»
ميزات وعيوب هذه النوعية من العلاقات السرية. لقد وصل «السادات» إلى الحكم
عام 1970، وبعدها بعامين أطاح بالروس خارج مصر، وبعد سنتين أعدت الC.I.A
واحدا من أقوى برامجها للحماية الشخصية والمساعدة الاستخباراتية. فى المقام
الأول أرادت الولايات المتحدة أولا أن يبقى «السادات» على قيد الحياة،
وثانيا أرادت تحصيل أكبر ما يمكن للمعلومات عن «السادات»، وعن سياسات
ومناورات القصر، وكان هناك طوفان من تلك المعلومات وبعضه غير ذى قيمة، ولكن
كانت هناك حالة انتعاش فى الC.I.A بالحصول على مصادر موثوقة، وعمل جداول
لنزوات وطموحات وسياسات العشرات من الوزراء ونواب الوزراء.

لم يكن هناك تقييم كافٍ لما تحصل عليه المخابرات، فقد غلب الكم على الكيف،
بتدفق هذا الكم الغزير من المعلومات، وتحول العمل السرى للمخابرات إلى
إدمان، وفى أوقات معينة بدا أن الأمر يستحيل تقييمه ويصعب تصنيفه، وكلما
زادت المعلومات التى تعرفها الC.I.A كلما قل ما يمكن الاستفادة به منها،
لقد استخدم قادة مثل «السادات» هذه العمليات المخابراتية باعتبارها مرتكزا
ومتكأ، يؤمِّن لهم بابا خلفيا لحكومة الولايات المتحدة، وهى طريقة للالتفاف
حول القنوات الدبلوماسية المعتادة، وطلب معلومات خاصة من ال C.I.A وخدمات
مختلفة، أو حتى اعتمادات مالية.


وأما بالنسبة لزمن «مبارك«، فإن «بوب وودوارد» أفاض فى التفاصيل بالتحديد
ابتداء من صفحة 168 من نفس الكتاب وأكتفى منه لأسباب عديدة بمجرد إشارة
يقول فيها «وودوارد»:

«فى يوم 6 أكتوبر تلقى «كايسى» CASEY («ويليام كايسى» رئيس وكالة المخابرات
المركزية الأمريكية) تقريرا عاجلا بأن الرئيس المصرى السادات تعرَّض
لإطلاق النار أثناء مشاهدته العرض العسكرى، وعلى مدى ثلاث ساعات كررت
التقارير الصادرة من محطة وكالة المخابرات المركزية فى القاهرة الخط الرسمى
للحكومة المصرية بأن إصابة «السادات» ليست خطيرة، على الرغم من أن
التليفزيون الأمريكى كان يبث تقارير تقول إن الرئيس المصرى قد مات.

وبعد قُرابة ثلاث ساعات من التقرير الأول ليوم 6 أكتوبر أكدت محطة القاهرة
أن «السادات» قد قُتِل، وأنه قد توفى على الفور بعد إصابته بعدة طلقات.

شعر «كايسى» CASEY بالخزى، فى حين أمضى «ريجان» REAGAN النهار فى المكتب
البيضاوى يتلقى تطمينات بأن تقارير التليفزيون خاطئة. كان «كايسى»
و«إينمان» INMAN قلقين من أن يتقدم الرئيس الجديد «حسنى مبارك» باحتجاج
عنيف وربما انفعالى، لأن الC.I.A التى قامت بتدريب الحرس الشخصى ل«السادات»
قد فشلت فى تحذيرهم، إلا أن أيا من هذا لم يحدث، ولا حتى شكوى رقيقة.

لقد اتضح أن منفذى الاغتيال كانوا جزءا من مجموعة إسلامية أصولية فى مصر،
لقد أولت الC.I.A اهتماما كبيرا بالتنصت واختراق حكومة «السادات»، وتحذير
«السادات» من الأخطار الخارجية إلى درجة أنها تجاهلت القوى الداخلية فى
مصر، لقد بدا الأمر قريبا لدرجة الخطر من كونه إعادة لكارثة إيران، وانتاب
«كايسى» الغضب الشديد، لقد احتاجت الC.I.A قنوات مستقلة أوسع وأكثر
للمعلومات فى مصر، وأراد «كايسى» المزيد، سواء من المصادر البشرية أو ما
يتم جمعه إلكترونيا، وعلى أعلى مستوى فى الحكومة الجديدة، وكانت أوامر
«كايسى»: «أخرج بعض الناس فى الشارع اللعين للتحقق عما إذا كان أحد سيطلق
الرصاص على (مبارك)»!!

ويسهب الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى شرح البند الثالث لخطة التأمين، قائلاً:
كان البند الثالث فى خطة الأمن والتأمين اجتماعيا واقتصاديا، وكذلك فكريا وثقافيا.

والحقيقة أن الظروف كانت تفتح الأبواب واسعة لهذا البند، ذلك أنه على
الطريق إلى أكتوبر وكذلك بعد المعركة بدا واضحا أن هناك مستجدات وضرورات
لابد على نحو ما من التوافق معها، وكانت هذه المستجدات علمية واقتصادية
واجتماعية هبت رياحها على مصر، وتوافقت معها فوائض ثروات من قفزة أسعار
البترول أشاعت جوا من التوقعات تفاعلت بين المستجدات والتطلعات، ونشأ
بالتالى مناخ مستعد ومهيأ لكل شىء وأى شىء، ولأن الظروف تستدعى الرجال، فقد
كانت تلك هى اللحظة التى ظهر فيها رجال مثل المهندس «عثمان أحمد عثمان»
بالقُرب من الرئيس «السادات»، مبشرين بالمنطق «العملى» و«الواقعى» دون
«أحلام أو خيالات»!

وليس مصادفة أن تلك الأوضاع تأكيدا ولو على المدى القصير لتصورات «هنرى
كيسنجر» وخطته فى بند الأمن والتأمين الاجتماعى والفكرى والثقافى، وأتذكر
أننى سمعت بنفسى كلام «هنرى كيسنجر» فى هذه النقطة بالذات، وكان مجمل حديثه
وقد أطال النظر هو وغيره من القائمين على مراكز القرار الأمريكى فيما
يقوله الرئيس «السادات» «أن الظروف المستجدة على استراتيجية مصر بالفعل
تفتح المجال لظهور طبقة أو جماعات اجتماعية تؤيد السياسات الجديدة وتسندها،
ورأى الجميع أن تلك عملية ممكنة ومقبولة، لأن مصر تواجه حالة فراغ طبقى،
فقد قام «ناصر» («جمال عبد الناصر») بتصفية الملكيات الكبيرة للأرض،
وبتأميم كثير من شركات التجارة والخارجية والبنوك، وبطرد القائمين على
شركات التجارة الخارجية والبنوك والتوكيلات التجارية، وكلهم من الأجانب
وترتب على ذلك أن الطبقة العُليا فى المجتمع المصرى فقدت قاعدتها، وفى نفس
الوقت فإن الطبقات الوسطى والفقيرة التى قصد إليها «جمال عبد الناصر»
بإجراءاته، لم تتمكن بعد من صنع قاعدتها، رغم وجود قطاع عام واسع فيه
جماعات من أصحاب الكفاءة، لكن رباطهم بعملهم وظيفى (بيروقراطى) لا يصنع
طبقة سياسية، لأن الطبقات تصنعها الملكية».

وبناء عليه فى تقدير «كيسنجر» وآخرين فى واشنطن فإن المجتمع المصرى يواجه
الآن «مشكلة فراغ يمكن ملؤه بطبقة جديدة تدخل إلى البنيان الاجتماعى
المصرى».

ما بين الصحيح والمبالغ فيه والمصطنع يسرد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل دور القطاع الخاص وبداية الخصخصة فى مصر.. ويقول:
كان دور القطاع الخاص قد برز وازداد بروزا لأسباب بعضها صحيح، وبعضها مُبالغ فيه، وبعضها مصطنع.

< كان الصحيح هو أن العالم راح يتجه أكثر إلى إفساح المجال للقطاع
الخاص، بهدف توسيع مجال التنمية، بمعنى أن القطاع الخاص يقدر بحيوية كامنة،
وبحوافز المبادرة الفردية على زيادة طاقة الإنتاج، بل ومضاعفتها، ويخلق
منافسة صحية بين قطاع عام قد تعوقه البيروقراطية، وقطاع خاص قد يملك مرونة
إيقاع يساعد على دورة نشيطة لرأس المال.

< وأما المُبالغ فيه فهو نسيان أن القطاع الخاص بالقيمة الحقيقية له
يحتاج إلى وقت لنضوج رأسمالية واعية بالتزامها الاجتماعى، دون عدوان
بالفساد تتجاوز به حدود المشروع إلى ما بعده، لأن نجاح العملية الرأسمالية
له شروط:

أن تدخل الرأسمالية إلى السوق بمشروعات موصولة بخريطة الاقتصاد الوطنى واحتياجاتها.
أن تدخل الرأسمالية ومعها رأسمالها، بحيث يكون اعتمادها على النظام البنكى فى حدود معقولة مما هو متعارف عليه عالميا!
وأن تكون قادرة على تحمل مخاطر الربح، باعتبار أن هذه المخاطر هى مشروعية الربح.
< وأما المصطنع فأوله الاستيلاء على القطاع العام، وبالتخصيص وحداته الرابحة.
وأن تفعل ذلك بالاعتماد على قطاع البنوك العامة وتسهيلاته دون مخاطرة بأموالها.
وأن تلجأ إلى الدولة لحمايتها من مخاطر كان لابد أن تكون فى حسابها.
وفى الواقع فإن تلك الشروط باستثناءات معدودة جرى تجاهلها، خصوصا مع أول موجة تقدمت تحت مُسمَّى القطاع الخاص بعد حرب أكتوبر.

ويضيف الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل:
وعلى أرض الواقع فإنه عندما بدأ حديث «الخصخصة» أوائل سنة 1974 ثارت قطاعات
كبيرة من الرأى العام تبدى قلقها مما حسبته غارات على مدَّخراتها، وكذلك
اكتشف الطالبون وقتها أن الاقتراب من الشركات الآن صعب، وأولى الصعوبات أن
النقابات العمالية أثبتت أنها قادرة على حركة مؤثرة، ساعد عليها أن حرب
أكتوبر وتضحياتها مازالت فى الأذهان وحدث تراجع جزئى للغارات المتعجلة.

وتوقفت عمليات الخصخصة مؤقتا لكن الاهتمام تركَّز على التوكيلات الأجنبية،
فهى جانب مهم من النشاط المالى يقع بعيدا عن المصانع والمنشآت الكبرى
المرئية رأى العين، ثم هى الجزء الرابح أكيدا من القطاع العام، فهذه
التوكيلات تهيمن على معظم ما تستورده مصر، وهو فى حدود 12 مليار دولار
سنويا ذلك الوقت، ونسبة الربح فيه ما بين 10 و14 فى المائة سنويا، أى أن
هامش الربح يقارب 2 مليار دولار سنويا، وكانت هذه التوكيلات بالكامل ملكا
للأجانب قبل معركة السويس سنة 1956 قد وقع تمصيرها، وفى ذلك الوقت اختار
«جمال عبدالناصر» أن يكون استردادها «وطنيا» عن طريق «التأميم» وليس
«التمصير»، وتفكيره ذلك الوقت أن «التمصير» ينقل هذا القطاع من ملكية
الأجانب إلى ملكية القادرين على الشراء من المصريين ومعنى ذلك فى نهاية
المطاف أن يزداد الأغنياء غنى، دون أن يحصل الفقراء على نصيب، والآن وبعد
أقل من عشرين سنة (من سنة 1956 1974) كانت العجلة تدور دورة شبه كاملة،
والتوكيلات تطرح للتوزيع على من يقع عليهم الاختيار، وممن يطمئن النظام إلى
قُربهم من سياساته الجديدة، خصوصا فى السلام مع إسرائيل، والعلاقة الخاصة
مع الولايات المتحدة الأمريكية.

وفى هذا الوقت أوائل 75 وقع توزيع ما يقارب ألفى توكيلا، وبجرة قلم أصبح فى
مصر ألفين من أصحاب الملايين الجُدد، وكانت تلك عملية هندسة طبقية أحدثت
خللا مفاجئا فى توازن الدخول، لا تبرره الأوضاع الاجتماعية فى مصر، لكنه فى
المحصلة أعطى للسياسات الجديدة سندا اجتماعيا قادرا على التأثير وسط
الساحة السياسية.

وكان ذلك إجراء مؤقتا حتى جاءت الخطوة التالية فى عصر «مبارك»، وبدأ التصرف
فى القطاع العام، وبخصخصة أنجح وأكبر الشركات وأكثرها ملاءة وربحية، ثم
تدفق الطوفان بتسييل أراضى الدولة، ثم تطويق قطاعات مهمة بمصالح مالية ذات
طبائع عنكبوتية، تنقض على مواقع محددة مثل البترول والغاز، وخدمات الطيران،
ومراكز الإعلام (1).

وفى هذا المناخ نشأت علاقة غرام بين السلطة والمصالح التى تفتَّحت شهيتها أكثر على أبعد مما كانت تحلم به.

والشاهد أن العمل الحثيث فى خدمة مشروع التوريث كان نوعا من الأمل فى تحويل
العلاقة بين المصالح والسلطة، من مجرد عهد «غرام» إلى عقد زواج، يؤكد
الرغبة بين الطرفين فى عيش مشترك له كل مقومات وضمانات التقنين لحياة
متواصلة فى بيت واحد.

وفى كل العصور فإن العيش المشترك لا تضمنه غير مصالح متكافئة ومتبادلة، ومسئولية واقعة على كل طرف من الطرفين.

وحتى تلك اللحظة فإن السلطة كانت هى الطرف الذى يمنح ويعطى، وكانت المصالح
هى التى تتلقى وتأخذ، والآن فإن المصالح كان عليها أن تثبت قدرتها وتؤكد
فائدتها.

وهكذا راحت المصالح تتحين الفرص، ولعلها خشيت إذا بقيت العلاقة دون نوع من
تبادل العطايا والهدايا، كما جرى فى مسألة التوكيلات الأجنبية، فإنها قد
تصبح رهينة لنزوات هذه السلطة، وأما إذا تجاسرت وتشجعت فإنها تستطيع أن
تجعل من نفسها نظيرا شرعيا أو على الأقل موازيا لقوة السلطة!

ويرى الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل أن قضية عودة طابا إلى مصر كان لها دور كبير فى حياة مبارك من المنصة إلى الميدان:
وفجأة لاحت فرصة لهدايا وعطايا تقدمها المصالح إلى السلطة، ولسوء الحظ فإن كثيرين لم يتنبهوا إلى ما قيل بالهمس وما جرى فى الخفاء.

وهنا فإن قضية «طابا» تستحق الوقوف بعناية وتنبُّه أمامها.
كانت إسرائيل طوال المحادثات التى أجراها «هنرى كيسنجر» حول فك الاشتباك،
قد أرست مبدأ يمكن اعتباره «فخا سياسيا» لم يكن هناك مبرر للوقوع فى حفرته،
وذلك هو مبدأ الفصل بين «السيادة» وبين «الأمن».

وتفسيره كما جرى اعتماده يعنى أن مصر تستطيع أن تعود إلى ممارسة حقوقها فى
السيادة على «سيناء»، لكن هناك ترتيبات للأمن أمن إسرائيل بالطبع يتحتم
إجراؤها على الأرض دون إخلال (كما يقولون) «بحق السيادة لمصر»!

وكانت فكرة وضع قوات دولية للرقابة فى «سيناء» غير تابعة للأمم المتحدة،
وإنما أمريكية فى تكوينها، وفى قيادتها نوعا من هذا الفصل بين «السيادة»
وبين «الأمن»، وجرى التوسع فى هذا المبدأ، فلم تعد مقتضيات الأمن تفرض مجرد
الفصل بين القوات، وإنما وصل الحال إلى قوة دولية (أمريكية فى الحقيقة
والواقع)، لها داوريات تفتيش، ونقط تسمع وترصد وتتدخل وتطلب، وبالتوازى مع
ذلك جرى تقسيم «سيناء» إلى مناطق، تتفاوت فيها درجات وجود قوات مصرية وسلاح
مصرى على الأرض المصرية، ثم يقع ترتيب درجات التواجد العسكرى المصرى
بالنقصان كلما زاد القُرب من خط الحدود الدولية، فإذا ما بلغته إذا القوة
المصرية المسموح بها هى 750 فردا من حرس الحدود، وليس معهم من السلاح غير
ما تمسك به أيديهم، وذلك على اتساع منطقة تكاد مساحتها أن توازى نصف مساحة
إسرائيل كلها!

وكان الخندق الأخير فى مسألة الانسحاب الإسرائيلى من «سيناء» هو موقع
«طابا»، وعندما رفضت إسرائيل أن تنسحب، فإن الحكومة المصرية وطبقا لمشروطية
«كامب داڤيد» لجأت إلى التحكيم الدولى، وخاض عدد من الدبلوماسيين
والمؤرخين والخبراء معركة طويلة وشاقة حتى جاء التحكيم لصالح مصر.

لكن إسرائيل ظلت متمسكة بالرفض، ثم أمكن حل الأزمة والوصول فيها إلى حل وسط
بأسلوب بدا غامضا، حتى تكفلت مذكرات «جورج شولتز» (وزير الخارجية
الأمريكية وقتها وفى رئاسة «رونالد ريجان») بكشف اللغز الذى احتار فيه
الكثيرون، فقد قدم «شولتز» فى هذا الصدد خبرا صريحا حاول إخفاؤه فى هامش
على صفحة 477 من مذكراته، وكان نصه:

أن إسرائيل كانت ترفض تسليم «طابا» إلى مصر مهما كانت الأسباب، وهدفها
إقرار مبدأ أن قرار مجلس الأمن 242 لا يفرض انسحابها من كل الأراضى، لكن
المستشار القانونى لوزارة الخارجية الأمريكية «إبراهام صوفير» توصل إلى حل
يعطى مصر «حق السيادة»، ويعطى إسرائيل «حق الانتفاع»!!

وكذلك جاء الحل فخا آخر منصوبا وبنفس دعوى الفصل بين «السيادة» وبين
«الأمن»، وبمقتضاه ظهرت مجموعة من رجال الأعمال المصريين ورجال الأعمال
الإسرائيليين ينشئون شركة سياحة دولية تدير الفندق الكبير فى «طابا» (وهو
يشغل كل شاطئها)، والاكتتاب فى رأس المال مفتوح للمساهمين على الناحيتين
بحرية السوق، ثم جرى إسناد إدارة الفندق إلى شركة «هيلتون» العالمية تديره
لمدة خمسة عشر عاما، وبدورها فإن «هيلتون» العالمية شكَّلت مجلس إدارة
مشترك يضم مصريين وإسرائيليين، على أن يكون هناك مدير مصرى ومدير إسرائيلى،
وعلى أن تكون العملة المتداولة فيه لتسوية الحسابات، هى: الجنيه المصرى
والشيكل الإسرائيلى.

أى أن فندق «طابا» وهو معظم مساحة «طابا» أصبح إدارة مصرية إسرائيلية،
والعلم المصرى يرفرف على الفندق إعلانا للسيادة، والشراكة الإسرائيلية فى
داخله ضمان للأمن المنفصل عن السيادة.

والمدهش أن السياسيين والدبلوماسيين الذين عملوا على صدور قرار التحكيم
الدولى لصالح مصر، لم تكن لدى أيهم فكرة عما وقع من ترتيبات على الأرض، لأن
المسألة انتقلت من وزارة إلى وزارة، خرجت من وزارة الخارجية كقضية وانتقلت
إلى وزارة السياحة، كشركة وفندق وشاطئ، ولم يتوقف أحد عند التفاصيل، وكان
الشيطان موجودا فى التفاصيل على حد التعبير المأثور فى دراسة النصوص!

ولاحت فرصة أخرى ومرة ثانية دار الكلام همسا ووقعت الحركة خفاء! وإذا المصالح تقدم خدمة أخرى مفيدة للقرار السياسى المصرى.
فقد وقعت فى إطار نفس التوقيت أواخر الثمانينيات حادثة «سليمان خاطر»، وهو
مجند مصرى، كان يؤدى الخدمة ضمن وحدة عسكرية مصرية فى «سيناء».

وقصة «سليمان خاطر» معروفة فى حد ذاتها، ملخصها أن هذا المجند المصرى وجد
أمامه مجموعة من السياح الإسرائيليين يدخلون وفقا لترتيبات معاهدة السلام
دون جوازات أو تأشيرات وإنما بمجرد بطاقة الهوية الشخصية (الفصل بين
السيادة والأمن أيضا)، ويبدو أن الشاب وهو يراهم يقتربون من موقعه، صاح
يحذرهم، لكنهم واصلوا الاقتراب، وفَقَدَ الشاب المجنَّد أعصابه، وإذا هو
يطلق النار، يقتل واحدا ويصيب ستة من الإسرائيليين!

وبرغم محاكمة «سليمان خاطر»، والحكم بالسجن المشدد عليه (تم العثور عليه
بعد شهور ميتا فى زنزانة سجنه) فإن الحكومة الإسرائيلية صممت على أن تدفع
مصر تعويضات مقدارها مليون ونصف مليون دولار، بحساب: مليون دولار لأسرة
القتيل، ومائة ألف دولار لكل جريح، رغم أن جروح بعضهم خدوش! وكان ذلك
مُحرِجًا للحكومة المصرية أمام رأى عام مصرى وعربى يعرف بالعلم العام أن
إسرائيل قتلت مواطنين مصريين حتى بعد معاهدة السلام، دون أن يكلفها أو
يطالبها أحد فى مصر بطلب تعويضات!
والآن كانت إسرائيل هى التى تصر.
والحكومة المصرية تشعر بالحرج.

وفجأة هدأ الموضوع، ولم يعد يتكلم فيه أحد، وتبين أن عددا من رجال الأعمال
المصريين الجُدد خشوا على معاهدة السلام أن تتأثر، وعلى الطرف المصرى أن
يتحرج، وأرادوا الاستجابة للمطلب الإسرائيلى دون أن يشعر أحد، وجمعوا من
بينهم مبلغ التعويضات التى طلبتها إسرائيل، وتم دفعه بهدوء، وانتهى الإشكال
دون ضجة، وبغير مضاعفات.

وكانت العلاقة بين المصالح والقرار السياسى تزداد حميمة، وتحتاج إلى
تحصينها على نحو ما باعتراف، حتى يتحول «الغرام» وتوابعه إلى زواج يسدل
ستار الشرعية على «وليد التوريث»، ولذلك لم يكن غريبا أن تجىء انتخابات آخر
مجلس شعب وقع انتخابه قبل ثورة 25 يناير 2011، وفيه عدد غير مسبوق من رجال
الأعمال، لا تكفى لطمأنتهم وعود وعهود ولا سلطة تطوع من أجلهم القانون،
لكنهم يريدون أن يكتبوا النصوص الآن وفى المستقبل.

ولو أن أحدا راجع تشكيل البعثات والوفود المتحركة بنشاط على الطريق إلى
«واشنطن»، لظهر أمامه الدور المتزايد للجماعات الجديدة الصاعدة فى مصر، وهى
تلتصق بالسلطة، وتبذل أقصى الجهود للترويج لها من خارج الإطار.

ولم تكتفِ البعثات والوفود بما تستطيع توصيله إلى من التقوهم فى أروقة
الكونجرس أو دور الصحف، بل وصل بعضهم إلى توظيف خدمات مكاتب علاقات عامة،
وجماعات ضغط تتحرك بظن التأثير على مراكز القرار الأمريكى، وإقناعه بأن
النظام القائم على السلطة فى مصر لابد من مساندته على الأمد الطويل،
ومساندته فى المستقبل كما فى الحاضر، لأنه ضرورة أمريكية قبل أن يكون ضرورة
مصرية، باعتبار أن الحاضر يحكمه الأب، والمستقبل يحتاج إلى الابن!

وكذلك تسربت الطبقة الجديدة فى مصر إلى آفاق أوسع فى الداخل والخارج، خصوصا
فى مجالات الإعلام والعلاقات العامة والتأثير قريبا وبعيدا على المناخ
الثقافى فى مصر، وهكذا وقع عملية تجريف مصر، وكان أسوأ ما فيه ما جرى
للتعليم، بعدما جرى للإعلام والثقافة.

كانت مصر دائما تقوم بدورين فى العالم العربى: دور تنويرى ودور توحيدى،
وكانت الصلة بين الدورين وثيقة وطبيعية، وفى الواقع أن مشروع النظام العربى
كان فى الأساس ثقافيا.

فقد كانت حركة التنوير (بالتعليم والثقافة والإعلام)، والتى بدأت فى مصر
(ولبنان) هى التى تحرِّك عوامل التقارب والتواصل بين شعوب الأمة العربية
كلها.

وكانت حركة التوحيد نتيجة منطقية لهذا التواصل والتقارب، وبخروج مصر بصلح منفرد مع إسرائيل توقفت عملية التقارب والتواصل.

وفى أجواء ما سُمى بالانفتاح وفى التمهيد له، وبهذه العلاقة غير المشروعة
بين السلطة والثروة فإن أفضل العناصر المستعدة والمؤهلة للحِراك الاجتماعى
والفكرى أحست أن الآفاق أمامها محصورة أو مُحاصَرة، وفجأة فُتح الباب
للتعاقد الفردى للمعلمين وأساتذة الجامعات المصرية للعمل خارجها، وفى أجواء
الحَصر والحِصار هرع كثيرون إلى حيث وجدوا الفرصة، وكانت العقود جاهزة
وسخية، وفى عشر سنوات لا أكثر من سنة 1975 وحتى سنة 1985 كانت الإحصاءات
الرسمية تؤكد أن الجامعات المصرية فقدت 55% من طاقتها العلمية، كما أن
التدريس فى المدارس الثانوية فقد 42% من طاقته التعليمية.

ولعل ما حدث لنهر النيل أثناء مروره فى كل مدينة كشف حجم العدوان حتى على قداسة الحياة.

كانت الرغبة جامحة مع التحولات والتغيرات السياسية، فى إرضاء جميع الطوائف
والجماعات حتى تتلهى وتنصرف، وفى ظرف خمس سنوات بعد حرب أكتوبر كانت ملايين
الأطنان من الأسمنت قد ألقيت فى مجرى النيل لإنشاء ملاعب ونوادٍ نهرية
لمختلف الهيئات والتجمعات المهنية إرضاء وإلهاء لفئات متعددة ما لبث معظمها
أن اكتشف أنها على ضفافه، لكن خصوبته تسير فى اتجاه آخر، وحدث للنيل ما لم
يحدث لأى نهر فى مقامه، حتى كاد النهر العظيم يختنق على طول مجراه فى مصر
كلما مر بعاصمة أو مدينة.

وفى آخر زيارة قام بها الرئيس «فرانسوا ميتران» لمصر كان سؤاله الوحيد:
«لماذا شوَّهتم وجه النيل بهذه الصورة المعادية للحضارة وللحياة؟!».

وكان قد خرج من بيت السفير الفرنسى على النيل فى الجيزة يتمشى على شاطئ النهر العظيم، ويتأمل ما يرى بشعور من الأسى!

(1) (من الإنصاف القول بإن بعض مراكز الإعلام الخاص التى استجدت فى تلك
الظروف، قامت بدور شديد الأهمية فى السنوات الأخيرة بتأثير نجوم ظهروا فيها
على الصفحات وعلى الشاشات). وغيرها مما كان الوصول إليه ضروريا لخدمة
المصالح الطارئة، وتوفير الأمن والتأمين لها هى الأخرى!فى الحلقة القادمة
450 مليون يورو تخرج مع حسين سالم من مصر إلى أبوظبى لغز حسين سالم ولقاء
معه على الطريق إلى جنيف.. وماذا جرى؟!




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://7stars.forumarabia.com
بوجى
المدير العام
المدير العام
بوجى


اسم العضو : محمد حسن
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 739
تاريخ الميلاد : 25/03/1994
تاريخ التسجيل : 28/09/2010
العمر : 30

الحلقة السابعة من كتاب هيكل بدار الشروق.. مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان.. مبارك مبهور لأن أتباع أغاخان يقدمون له وزنه ذهبًا فى كل احتفال به Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحلقة السابعة من كتاب هيكل بدار الشروق.. مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان.. مبارك مبهور لأن أتباع أغاخان يقدمون له وزنه ذهبًا فى كل احتفال به   الحلقة السابعة من كتاب هيكل بدار الشروق.. مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان.. مبارك مبهور لأن أتباع أغاخان يقدمون له وزنه ذهبًا فى كل احتفال به I_icon_minitimeالخميس فبراير 09, 2012 3:18 am

الحلقة الثانية عشرة من كتاب "هيكل" بدار الشروق.. "مبارك وزمانه من
المنصة إلى الميدان".. 450 مليون يورو خرجت على طائرة حسين سالم حين سافر
من شرم الشيخ.. أين هى؟!


الحلقة السابعة من كتاب هيكل بدار الشروق.. مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان.. مبارك مبهور لأن أتباع أغاخان يقدمون له وزنه ذهبًا فى كل احتفال به Igoogle
◄ حوار ممتد مع «حسين سالم» عن «المهم» و«المثير» و«الخطير» فى علاقته مع «مبارك»
◄مقال لـ«جاك أندرسون»: «عقود السلاح تشير إلى كل الرؤساء فى مصر!»

◄يكشف الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى سر
العلاقة الغريبة بين الرئيس السابق حسنى مبارك ورجل الأعمال الأشهر الهارب
حسين سالم.. ويجيب فى الحلقة الثانية عشرة من "مبارك وزمانه من المنصة إلى
الميدان" عن أسرار حسين سالم عمدة العاصمة الثانية لمصر "شرم الشيخ..
ويقول:

شبح «حسين سالم» بقرب «مبارك» بدأ يخرج من الظل إلى ضوء الشمس مع تحول
منتجع «شرم الشيخ» إلى شبه عاصمة سياسية ثانية لمصر، وكان «حسين سالم»
بمثابة العمدة لهذه العاصمة الثانية («شرم الشيخ»)!

«كان آخر مشهد ظهر فيه «حسين سالم» على الساحة المصرية هو ركوبه لطائرته
الخاصة من مطار «شرم الشيخ» بعد أيام من ثورة 25 يناير، ومعه مجموعة صناديق
تحتوى على 450 مليون يورو نقدًا وجديدة وحطت طائرة «حسين سالم» فى مطار
«أبو ظبى».

◄ويحلل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل مدة
مبارك الرئاسية الثالثة، بعد أن فرغ الرئيس السابق محيط النخبة فى مصر،
لأنه لا يريد رجلا ثانيا يقف وراءه، قائلا:

عندما بدأ ترشيح «مبارك» لمدة رئاسة ثالثة لم يكن فى مقدورى غير أن أقف
بعيداً لا تأييد ولا معارضة، وللحقيقة فإنه لم يكن الآن فى حاجة إلى سند من
أى طرف، فقد عزز مواقعه، أو كذلك بدا داخليا وخارجيا أو بالعكس.

وأكثر من ذلك فقد تمكَّن من تفريغ محيط النخبة فى مصر، فلم تتعد تتسع
لغيره، أو لمن يشاء ويختار، إذا جاءت ضرورات للاختيار، حتى بالنسبة لمنصب
نائب رئيس الجمهورية.

ولم يكن «مبارك» على أى حال مستعدا لقبول «رجل» يجلس خلفه أو يجلس بجانبه
فى انتظار موعد التغيير أو مفاجأة المقادير، وكان عذره للناس «أنه لا يريد
أن يفرض عليهم بديلا، إذا عُيِّن بقرار منه نائبا له»، وكان فى ذلك القول
منطق، وفى ظاهره حق، ولم يخطر ببال أحد أن ظاهر الحق قد يخفى وراءه خاطرا
ما زال بعيدا فى ضباب المجهول!!

لكن الرجل وهو يؤبد لحكمه برئاسة ثالثة وإلى آخر «نبض يخفق، ونَفَسْ يتردد»
على حد ما قال، لا يزال كما كان فى أول يوم سؤالا بلا جواب!!
من هو الرجل بالضبط؟! وماذا يعلم الناس عنه أكثر من اختيار «السادات» له؟!
ما الذى علَّمته له السلطة خلال قرابة العشرين سنة قضاها على قمة سلطة لم
يكن يريدها، ولم يكن مستعدا لها (كما قال وكرر)؟!!

وما هى بالضبط عناصر ثقافته، وماذا أضاف الحكم إليها، أو ماذا حذف منها أو صحح؟!!

◄ويسهب الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى شرح بدايات علاقة حسين سالم بمبارك قائلاً:

ولعل أسباب القلق زادت وظهرت إلى العلن عندما لاح شبح السيد «حسين سالم»
قريبا من «مبارك»، وفى الواقع فإن اسم «حسين سالم» تقاطع مع اسم الرئيس
«مبارك»، وإن لم يكن التماسا ظاهرا فى البداية، والواقع أن العلاقة بين
الاثنين تبدت منذ وصول «مبارك» إلى مقعد الرئاسة عقب اغتيال الرئيس
«السادات»، وبالذات فى معرض قضية نظرت بالفعل أمام محاكم «فلوريدا»، وهى
تخص شركة (ايستكو) لنقل المعدات العسكرية الأمريكية الممنوحة لمصر، بمقتضى
المساعدات الملحقة باتفاقية السلام مع إسرائيل، فقد كان اسم «مبارك» بصفته
الرسمية مسجلا فى مستندات القضية كواحد من مؤسسى الشركة، وراح الصحفى
الأمريكى الذائع الصيت فى ذلك الوقت «چاك أندرسون» يكتب عنها ويشير إلى
«مبارك» بالاسم فى عموده اليومى الذى تنشره مئات الصحف الأمريكية.

لكن الضجة التى ثارت من حول القضية هدأت حدتها ونامت وقائعها، إلا من حكم صدر غيابيا يمنع «حسين سالم» من دخول أمريكا.

◄ويرى الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، أن
شبح حسين سالم بدأ يخرج إلى الظل مع تحول شرم الشيخ إلى منتجع.. ويروى
تفاصيل أول لقاء بينه وبين حسين سالم على الطائرة السويسرية.. ويقول:

لكن شبح «حسين سالم» بقرب «مبارك» بدأ يخرج من الظل إلى ضوء الشمس مع تحول
منتجع «شرم الشيخ» إلى شبه عاصمة سياسية ثانية لمصر، وكان «حسين سالم»
بمثابة العمدة لهذه العاصمة الثانية («شرم الشيخ»)!!

وبمحض مصادفات ذات يوم سنة 1988 وجدت السيد «حسين سالم» أمامى، فقد صعدت
إلى طائرة سويسرية من مطار القاهرة قاصدا «جنيف»، وبعد أن أقلعت الطائرة
واستوت فى الجو، وإذا رجل طويل القامة أسمر الملامح يقف بجوار مقعدى، ويقدم
نفسه لى على أنه: «حسين سالم».

وسألته تلقائيا عما إذا كان هو «ال»: حرف THE، الذى يستعمل فى وصف شخصية
بالذات تحمل اسما بالذات شاعت حوله مواصفات تخصه، وصفات تشير إليه تحديدا.

ورد الرجل بحيرة ظاهرة: «لا أعرف من هو «THE» الذى تقصده، ولكنى أظنه أنا».

وأوضح أنه كان يجلس فى مقاعد الوسط فى الطائرة السويسرية، ورآنى أدخل
الطائرة وأجلس على الجناح الأيمن لها فى الصف التالى، وراودته فكرة أن
يتحدث معى، ثم استأذن إذا كانت قرينتى الجالسة إلى جوارى تسمح بأن تنتقل
إلى مقعده بجوار زوجته، لأنه يريد أن يتحدث معى بعض الوقت، وكذلك جرى،
وعندما جلس إلى جوارى كانت أول ملاحظة قلتها له: «هذه السيدة زوجتك شابة
جدا عليك»، وفهم الملاحظة ورد عليها: «إن هذه زوجته الثانية، وأضاف: هى
«ليست أم الأولاد»، لدىَّ فى الحقيقة زوجتان: واحدة للبيت والعائلة، وهى أم
الأولاد، وثانية للسفر والسياحة».

وعلَّقت: «أن هذا ترتيب عبقرى، لا يقدر عليه إلا ذوى العزم من الرجال، خصوصا إذا كانوا أصدقاء «بالالتصاق» مع رئيس الدولة».

ورد: «هذا بالضبط ما أريد أن أتحدث فيه معك، وقد أحسست أن الفرصة جاءتنى من
السماء، عندما وجدتك على نفس الطائرة، وأمامنا أربع ساعات كاملة إذا سمحت
لى «الهانم»، (يقصد قرينتى)، وبادلت مؤقتا مقعدها بمقعدى. ورجوته ألا يقلق،
لأن «هدايت» تعوَّدت على كثرة ما تأخذنى الأحداث منها والمصادفات أيضا.

وجلس إلى جانبى، وأشار إلى السيدة التى وصفها بأنها زوجة السياحة والسفر
وقال: «إنها شابة وجميلة، ولديها فكرة عن الدنيا، ووجودها معى عندما لا
أكون فى مصر أو إسبانيا يجعل حياتى شيئا آخر».

وأضاف: «فى مصر عيونهم مفتوحة على كل حركة، وفى إسبانيا (حيث تقيم زوجته أم
الأولاد فكل واحد من الناس فى حاله)، ولكن العالم أوسع من مصر ومن
إسبانيا!!».

وقلت له «إن تقسيمه للاختصاصات جغرافيا على هذا النحو مثير، وربما كان يعبر
عن أسلوب رجل عمل فى المخابرات له حياتان: واحدة يراها بعض الناس، وأخرى
يراها غيرهم».

ومرة أخرى فهم «حسين سالم» الإشارة وقال:
إننى قرأت لك كل ما كتبت، ومعنى ذلك أننى أعرفك، وأما «سيادتك» فلا تعرف عنى إلا ما سمعته من غيرى، ومعظمه «تشويه مقصود»!!
وسألته: لماذا تتصور أنه «تشويه» وأنه «مقصود»؟!! أنا شخصيا سمعت الكثير عما هو «مهم» وما هو «مثير»، وبعضه أيضا «خطير»!!

◄ويستطرد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى سرد أول لقاء جمعه بـ"حسين سالم" قائلاً:

وسألنى عن معنى «مثير»، وقلت «إننى سمعت مثلا أنك المسئول عن توريد ملابس
«مبارك»، وأنك ترتب لها مع محل «بريونى»، وقاطعنى يقول: «إن هذا بالضبط هو
التشويه المقصود»!!

واستطرد: الحكاية لها أصل «عادى»، لكن التشويه المقصود خرج بها عن كل
الحدود!». وراح يشرح: «أصل الحكاية أن الرئيس «مبارك» ولعلمك فأنا أحبه
كثيرا، وهو صديق من زمن طويل كان يزور الإمارات العربية المتحدة لاجتماع مع
رئيسها الشيخ «زايد»، وقاطع نفسه ليقول: «لابد أنهم قالوا لك إننى أعرف
الإمارات جيدا، وعملت هناك لسنوات طويلة ممثلا لشركة النصر للتجارة، وهى
كما تعلم إحدى شركات المخابرات» ثم عاد إلى سياق حديثه:

كان الرئيس «مبارك» على موعد مع الشيخ «زايد»، ووصل الشيخ «زايد» إلى قاعة
الاجتماع بعد الرئيس بدقيقتين، واعتذر للرئيس عن التأخير «بأنه كان مع
جماعة «بريونى» (محل أزياء الرجال الإيطالى الشهير)، يجرون قياسا جديدا له،
لأن قياسه الموجود عندهم لم يعد ملائما بعد أن فقد الشيخ «زايد» بعض
وزنه)، وراح الشيخ «زايد» يستعجل خبراء «بريونى» (كما قال للرئيس)، لكنهم
«كما تعرف فخامة الرئيس حريصون على شغلهم، يحسبون المقاسات بالمللى»، وأبدى
«مبارك» إعجابه بذوق «بريونى» BRIONI، وسأل عن إمكانية أن يعرضوا عليه ما
لديهم ذات يوم، ورد الشيخ «زايد» بكرمه المعهود «ولماذا لا يفعلون ذلك،
وأنت هنا فى «أبو ظبى»؟!! والأمر لن يستغرق أكثر من ربع ساعة أول مرة، وسوف
يصنعون «على مقاسك نموذجا بالحجم الدقيق، ثم يفصِّلون عليه، ولا تراهم مرة
ثانية إلا عندما يجيئون إليك لتجربة نهائية بعد أن يفرغوا من صنعه، وفى كل
الأحيان سوف تجده مطابقا ومضبوطا إلا إذا تغيَّر وزنك كثيرا، وفى كل موسم
فإنهم سوف يرسلون إليك من عينات أقمشتهم أحسنها، وتختار من العينات ما
يعجبك، وفى ظرف أيام يكون معلقا فى خزانة ملابسك، ثم هم أيضا مع كل «طقم»
يرسلون إليك ما يناسبه من القمصان وربطات العنق».

وأعجب الرئيس «مبارك» بالفكرة، وتم ترتيب موعد يذهب إليه خبراء «بريونى»،
حيث ينزل فى «أبوظبى» فأخذوا مقاساته، واختار من عينات القماش عدة ألوان.

وقاطعته: كم قطعة اختار؟! واحتار قليلا ثم أجاب: ثلاثين قطعة إذا كانت
ذاكرتى سليمة لا تنس أنه رئيس دولة، ثم إن المعروض عليه كان كثيرا، وهم
يلحِّون عليه بتقديم أقمشة وألوان جميلة!!

هذه هى الحكاية هذا هو أصل الحكاية أصل الحكاية هدية من الشيخ «زايد» وهذا
ما أعرفه، بأمانة لا أعرف إذا كان الرئيس قد كرر الطلب من «بريونى»، وإذا
كان فعل، فلم يكن ذلك عن طريقى!!

واستدرك «حسين سالم» «أنه تحدَّث معى بصدق ولم يخف شيئا، لأنه ببساطة لا يريد أن يلف ويدور على «رجل مثلى»!!

وشكرت له «حسن ظنه»!! وقلت: «إننى أريد أن أسمعه فيما يقول، وأما التصديق
فمرهون بالتفكير على مهل لاستيعاب الروايات والمقارنة بينها، وأنا لا أريد
أن أخدعه بالتظاهر».

استطردت قائلا: «إننى سوف أترك هذه الحكاية «المثيرة» إلى غيرها».
ونظر إلىَّ باهتمام وقال: «إنه مستعد لأى سؤال»، وقلت: قيل لى من عدة مصادر
أنك كنت المسئول عن اختيار هدايا أمراء الخليج إلى قرينة الرئيس.
ورد بسرعة بدون أن أكمل ما أريد، قائلا: «هذه أيضا لها أصل، ولكن عملية التشويه لحقت بأصل الوقائع».

واستطرد يسألنى: أنت تعرف قرينة الرئيس؟!! وقلت: «إننى لم أتعرف عليها
شخصيا، لكنى لا أنكر أننى فى وقت من الأوقات كنت أعلق أملا عليها، فقد كان
تصورى وأنا أعرف أنها درست العلوم الاجتماعية فى الجامعة الأمريكية، واهتمت
كثيرا بحى «بولاق»، وأجرت فيه أبحاثا قد تكون عنصر توازن يكمل ثقافة
زوجها، فهى تعرفت بالتدقيق على الواقع الاجتماعى فى البلد وتستطيع تذكيره
به إذا كان نساه!!».

◄ويضيف الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل: مرة
أخرى لم ينتظر «حسين سالم»: قال وهو يقصد الكلام عن قرينة الرئيس: «إن
«سوزى» هكذا سيدة ممتازة ولها ذوق رفيع، وهى على صداقة بأسر عدد من الحكام
فى الخليج، وهى تزورهم وهم يزورونها، وبالطبع فإنهم كرماء فى هداياهم، وهى
أيضا ترد لهم الهدايا»، واستدرك: «لكنها لا تستطيع أن تجارى».

على أن المشكلة التى ظهرت أنهم يختارون لها الهدايا قبل مجيئهم أو قبل
ذهابها هى، وفى كثير من الأحيان تجىء الهدايا مكررة، وتتلقى قرينة الرئيس
نفس الشىء نفس الطقم مرتين وثلاثة وأحيانا أربعة، وبالطبع فإن التنويع
مطلوب، وكذلك «طلبوا» أن أرى الهدايا حتى لا تتكرر الأطقم، فعلت هذا بعض
الوقت، لكن التكرار وقع برغم الاحتياط، ثم تقرر أن ترسل عينات الهدايا
المقترحة إلى مصر قبل أى لقاء، وهناك يجرى الاختيار منها، بنظر من يعرف ما
لديه، ويفضل جديدا غيره».

وعاد يسألنى: أين الخطأ هنا؟ الناس هناك يحبون التعبير عن مشاعرهم
بالهدايا، وهداياهم غالية، والهدايا لا يصح أن تتكرر، وإلا ماذا يفعل بها
الذين يتلقونها، هل يلبسون نفس «الرسم» كل مرة، أو يبحثون عن طريقة تضمن
التجديد؟ هل تتخيل أن يجىء من نفس الطقم نسخا مكررة، وماذا يفعلون بها،
وإذا باعوا المكرر واحتفظوا بنسخة واحدة من الرسم، ألا يثير ذلك انتقادات
وحكايات وشائعات؟!!

وقلت له: دعنا من كل ما هو «مثير» فيما سمعت عنك، دعنا نتكلم عما هو «خطير» أقصد موضوع السلاح!!

ومد بصره عبر نافذة الطائرة، وقال: هذه قمم جبال الألب أمامنا، والطائرة
أوشكت على الهبوط فى «جنيف»، ولكن لا تظن أننى أتهرب من سؤالك فأنا على
استعداد للكلام فيه.

وأكمل يسألنى: ماذا لو التقينا على الغداء غدا، لنكمل الحديث؟!!
وقلت: إننى مدعو على الغداء غدا مع السفير المصرى فى «جنيف» (الدكتور «نبيل العربى»).
وقال: أعرف أنه «عديلك»، وقلت إن ذلك صحيح، وعلى أى حال فقد أستطيع إقناعه بتأجيل غدائه، وإذا رضى فسوف أقبل دعوتك.

واستأذن أن ينتقل إلى مقعده بجوار «زوجة السفر والسياحة» قبل هبوط الطائرة.
وعندما نزلنا إلى مطار «جنيف» كان السفير الدكتور «نبيل العربى» وقرينته
فى استقبالنا، وقال لى «نبيل العربى»: إنه دُهش عندما وجدنى أخرج من
الطائرة مع «حسين سالم»، واستأذنته وقرينته فى تأجيل غدائى معهما إلى اليوم
التالى، ووافق الاثنان، وكلاهما يستطيع أن يفهم اهتماماتى ويقدرها.

والتفت إلىَّ «حسين سالم»، وقلت له إننى سوف أقبل دعوته غدا، وقال هو: إذن
غدا فى فندق «الريزرڤ» LA RESERVE، وحاول «حسين سالم» مد الدعوة إلى «نبيل
العربى»، لكن ذلك السفير اليقظ والمقتدر اعتذر قائلا: «إنه يتصور أن بيننا
حديثا، من الأفضل إتمامه على انفراد» وقد كان!!

◄وينتقل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، من حوار الطائرة المصادف، إلى لقاء آخر مرتب فى فندق "الريزيرف» ويقول:

كان واضحا لى من أول نظرة على المائدة التى وُضعت فى ركن بعيد من حديقة
فندق «الريزيرف» أن «حسين سالم» اتخذ من الترتيبات ما يجعل غداءه «مناسبة
خاصة» فقد كانت المائدة مُعدَّة بعناية ملحوظة، كما أن رئيس الخدمة فى
الفندق كان واقفا بجوارها يُشرف على تهيئتها بنفسه، وإلى جوارها كانت مائدة
يتوسطها حامل من الفضة عليه زجاجة نبيذ مفتوحة، لاحظت أنها «شاتولاتور
1949»، وأبديت دهشتى، فهذه زجاجة نبيذ لا يقل ثمنها عن عشرة آلاف دولار،
وعلَّقت عابرا على نوع زجاجة النبيذ، ثم أضفت: «أنها خسارة لأنى لا أشرب»،
وللإنصاف فقد رد قائلا: «ولا أنا» وقلت: إذن لماذا فتحتها، وقال: «إن رئيس
الخدمة (المتر دوتيل) رأى أن يفتحها مبكرا، لأن النبيذ المعتق يحتاج أن
يتنفس الهواء»، وكان رئيس الخدمة قد نقل جزءا منها إلى إناء من الكريستال
بقربه شمعة مشتعلة تشيع من حولها دفئا قبل صبها فى كئوس الشاربين. وقال
«حسين سالم»: «لقد فتحها وانتهى الأمر» ورجوته إبعادها عن المائدة، لأن
وجودها بالقرب منا مستفز دون داعٍ، وأشار إلى رئيس الخدمة، وطلب إليه أن
«يتصرفوا» فى النبيذ، وبدا الرجل مرتبكا، لكن «حسين سالم» طمأنه بصوت خفيض
بما معناه (كما أظن) أنه سوف يدفعها ضمن الحساب، حتى وإن لم نستهلكها، وكان
الرجل أكثر ارتباكا، لكن ارتباكه هذه المرة كان بالسعادة وليس بالقلق!!

◄ويكشف الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، كيف باغت حسين سالم بالانتقال من الحديث عن النبيذ، إلى سؤال مباشر عن تجارة السلاح، ويقول:

ولم أشأ إضاعة الوقت، فقلت: على أى حال زجاجة نبيذ من هذا النوع تغرى على الفور بموضوع تجارة السلاح!!

وقال على الفور: أنا لا أحب تجارة السلاح ولم أدخل فيها، تجارة السلاح خطرة
على من يقترب منها وعلى من يتاجر فيها، أو حتى يكتب عنها، أضاف فيما أحسست
به شبه تحذير:

أرجوك ألا تكتب أبدا عن موضوع تجارة السلاح لأنه مجال خطر، ومن يعملون فيه «قلبهم ميت»، لا يتورعون عن شىء!!

وقلت: «إن كل مهنة لها مخاطرها، الصحافة بالطبيعة خطرة، والبحث عن الحقيقة
فى أى مجال يعرض الباحث باستمرار لأصحاب المصالح، والمصالح فى السلاح
مروعة، والاقتراب منها مروع أيضا».

ثم أضفت لطمأنته: «وأنا فى هذا اللقاء لست صحفيا، ثم إن اهتمامى هو بالسياسة أكثر منه بالسلاح!!».

وقال: «إنه أولا ولعلمى الخاص يريد أن يوضح أنه لم يدخل فى تجارة السلاح،
وإنما دخل فى نقل السلاح، وهناك فرق كبير بين النقل، وهو عملية شحن بضائع،
حتى وإن كانت سلاحا وبين تجارة السلاح فى حد ذاته باعتباره هذه البضاعة!».
وقلت له: «إننى أريد فهم القضية أكثر مما يهمنى نشرها».

أضفت: «لكى أكون صريحا معك، فإننى بعد لقائنا فى الطائرة، اتصلت بمكتبى
وطلبت أن يرسلوا إلىَّ صورا من بعض الأوراق التى حددتها لهم، وجاءتنى هذه
الأوراق وراجعتها، وهى الآن معى فى السيارة التى جئت بها إلى هنا».

وسألنى إذا كان يستطيع أن يراها، لأنها سوف تساعد على تحديد ما أريد أن نتحدث فيه!!

واتصلت بسائق سيارتى أطلب إليه أن يجىء بمظروف تركته فيها، وكان «حسين
سالم» يتابع حركة المظروف، ينتقل من يد السائق إلى يدى، ثم يتابع حركة يدى،
وأنا أستخرج مجموعة أوراق ناولتها له.

كانت الأوراق التى سلمتها له مجموعة وثائق:
1 حكم استئناف الدائرة الرابعة فى القضية بتاريخ 4 نوفمبر 1983، والقضاة
فيها ثلاثة هم: «رسل» و«فيلبس» و«مور ناجان»، وهم مكلفون بالنظر فى دعوى
رفعتها الحكومة الأمريكية على مجموعة من الشركات يمثلها المستر «ادوين بول
ويلسون»، وضمن منطوق الحكم ذكر لشركة «ايتسكو» EATSCO، وهى شركة يملك «حسين
سالم» 51% من أسهمها، كما يرأس مجلس إدارتها خمسة رجال يحملون أسماء نافذة
فى مصر، وكلهم فى صميم القرار السياسى، والشركة طبقا لعريضة الاتهام
تولَّت عمليات نقل أسلحة أمريكية إلى الشرق الأوسط، وفى الإشارة ما يوحى
بالشبهات فى عملية بين هذه المجموعة وبين شركات السلاح، ثم صلة صحيفة
الدعوى وقد تردد فيها ذِكر وكالة المخابرات المركزية، وأخيرا معلومات عن
تلاعب فى الفواتير.

2 نص حكم قضائى آخر صادر ضد شركة «ايتسكو» بالتحديد، والشركة متهمة بالاسم،
ومقدم الدعوى وزارة الدفاع الأمريكية التى حصلت فيها على حكم، بعد أن
أثبتت أن الشركة «غالطت» الحكومة الأمريكية فى مبالغ بملايين الدولارات،
أضافتها بالتزوير إلى فواتير نقل السلاح.
وقد صدر الحكم غيابيا على «حسين سالم» إلا أنه سارع إلى مغادرة الولايات
المتحدة قبل إعلانه. وأصدر مكتب النائب العام الأمريكى أمرا بالقبض على
«حسين» إذا وصل إلى أراضيها.

3 مجموعة مقالات للصحفى الأمريكى الشهير «چاك أندرسون»، نشرتها جريدة الواشنطن بوست، عن قضايا تجارة السلاح.

أولها بعنوان «عقود السلاح الفضيحة تطبق على الرؤساء فى مصر!!».
واسم «مبارك» موجود فى المقال فى معرض تقرير وصل إلى الرئيس «السادات» عن
تردد اسم اللواء «منير ثابت» (مدير مكتب المشتريات العسكرية فى واشنطن) مع
اسم «حسين سالم» فى سياق أرباح وعمولات تتصل ب«نقل الأسلحة»، ويشير «چاك
أندرسون» فى مقاله صراحة إلى برقية من وزارة الخارجية الأمريكية بتاريخ 2
يوليو 1979 تخطر الخارجية: «بأن الرئيس «السادات» كلف «حسنى مبارك»
بالتحقيق فى التقرير».

لكن السفارة الأمريكية فى القاهرة ردت فى اليوم التالى ببرقية تقول فيها:
«إن مصادرها أكدت لها أن نائب الرئيس سوف يغطى على التحقيق، لأن «منير
ثابت» هو شقيق زوجته، وأن «مبارك» ساعد على ترقيته من منصب مساعد الملحق
العسكرى فى واشنطن، إلى منصب مدير مكتب المبيعات العسكرية الأمريكية لمصر.

وتطرق المقال إلى ذكر «حسين سالم» وشركة «ايتسكو».
وكان المقال الثانى ل«چاك أندرسون» أيضا تحت عنوان «فلسطينيون يسيطرون على
مبيعات السلاح إلى مصر»، وكانت الإشارة إلى رجل أعمال من أصل فلسطينى،
يعيش فى الإمارات، وتربطه شراكة مع «حسين سالم»، وفى المقال أن «مبارك»
الذى أصبح رئيسا لمصر وكذلك أنت (موجها الحديث مباشرة إلى «حسين سالم»)
شركاء فى صفقات سلاح تتم فى الغرف الخلفية، وأن وكالة المخابرات الأمريكية
على علم بالتفاصيل، بل إنها تدخلت فى بعض اللحظات للتسهيل والتشهيل!!

4 وكانت الوثيقة الأخيرة تقريرا عن سفينة شحن اسمها «بوميه» تناوبت على
تأجيرها شركات إسرائيلية، وكذلك أجَّرتها شركة «ايتسكو»، وتلى ذلك تفاصيل
فيها ذكر لأسماء مسئولين مصريين شاركوا فى عمليات تجارة الأسلحة، من
«نيكاراجوا» إلى «أفغانستان» إلى «إيران»، وفى مقابل عمولات طائلة، وكانت
الإشارات إلى «حسين سالم» متكررة، كما أن الإشارات إلى شركة «ايتسكو» وإلى
علاقاته بمسئولين مصريين كبار، ظاهرة فى حركة نشيطة واصلة من «واشنطن» إلى
«مدريد» إلى «القاهرة» إلى بلاد أخرى بعيدة.

◄مفاجأة الوثائق والمستندات التى عرضها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، على حسين سالم، جعلت الأخير يسب الأمريكان، ويقول هيكل:

وفرغ «حسين سالم» من تقليب الأوراق، ثم كان أول تعليق له:
«الأمريكان أولاد ال(...) هدفهم بالدرجة الأولى ابتزاز السياسة المصرية،
وتصوير الأمور بما يوهم الناس بأن لديهم وسائل للسيطرة CONTROL على مسئولين
مصريين.

ثم بدأ يدخل فى تفاصيل كثيرة عن صفقات سرية لبيع السلاح، وكان تركيزه
بالدرجة الأولى أن معظم هذه الصفقات لصالح المجاهدين فى أفغانستان.

وفوجئت به يوجه إلىَّ سؤالا: عما إذا كنت ضد تسليح المجاهدين فى
أفغانستان؟!! وقلت إننى لا أريد أن أتشعب بالحديث إلى موضوعات نستطيع أن
«نغرق» فيها حتى الصباح!! وقال: «إنه يعرف أننى مهتم بالسياسة، ثم إننى لا
أعرف «مبارك» بما فيه الكفاية، وهو يريدنى أن لا أظلم الرجل، فليس عيبا أن
الرجل اقترب بوظائفه فى لحظة من اللحظات من موضوع السلاح.

وربما خطر له شىء، لقد كان على وشك انتهاء خدمته فى سلاح الطيران، ولم يكن
يعرف أن الرئيس «السادات» سوف يختاره نائبا له، ومن الطبيعى أن يفكر الرجل
فى مستقبله ومستقبل أولاده، وأن يبحث فى الخيارات المتاحة له، لأنه سيخرج
وهو بالكاد فى الخمسين من عمره.

وأنا لا أقطع بشىء، ولكن لاحظ أن الرجل كان قريبا من موضوع السلاح للدول
العربية، وأقول لك إنه ربما ربما خطر له الاشتراك مع بعض زملائه فى شىء أنا
أقول ربما ولا أقطع بشىء هذا ما أستطيع أن أقوله وأكثر منه لن أقول
شيئا»!. وكان واضحا أنه بلغ نقطة لا يستطيع أن يتزحزح بعدها.

وانتقلت بالحديث إلى بيع الغاز لإسرائيل، ولم تكن الاتفاقيات الكبرى قد
عُقدت بعد، ولا خط الأنابيب قد امتد مساره عبر سيناء، وقال «حسين سالم»:
«نعم عقدت صفقات غاز لإسرائيل، الغاز يظهر فى مصر بغزارة، ونستطيع أن
نصدره».

وسألته عن الأسعار، واستغربت رده: «عقدت صفقات مع إسرائيل لها دواعيها
السياسية وهى أكبر منى، وأما الغاز لإسبانيا، فلأنى مدين للإسبان، فقد
أعطونى الجنسية الإسبانية، ورحبوا بى وبعائلتى هناك، وأكرمونا فى الحقيقة،
وكان لابد أن أرد لهم الجميل!!».

◄ويكشف الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل عن آخر ظهور لـ"حسين سالم" فى مصر بعد ثورة 25 يناير قائلا:
وكان آخر مشهد ظهر فيه «حسين سالم» على الساحة المصرية هو ركوبه لطائرته
الخاصة من مطار «شرم الشيخ» بعد أيام من قيام ثورة 25 يناير، ومعه مجموعة
صناديق تحتوى على 450 مليون يورو نقدا وجديدة، ولا تزال بنفس التغليف الذى
صُرفت به من البنك المركزى الأوروبى، وحطت طائرة «حسين سالم» فى مطار
«أبوظبى»، وفى مطار «أبوظبى» لاحظ مأمور المطار هذه الصناديق، وأدرك على
الفور أنها أوراق نقد، وأخطروا بالأمر سلطات مسئولة فى «أبوظبى»، وصدر قرار
بالاتصال بالقاهرة لسؤالها فى الموضوع، وكان «مبارك» شبه معتزل فى «شرم
الشيخ»، لكنه لم يكن قد «تخلَّى» عن السلطة بعد وجرى الاتصال بنائبه الجديد
السيد «عمر سليمان»، وأشار النائب بالإفراج عن الرجل، وعدم إثارة ضجة فى
الوقت الحاضر حول الموضوع، لأن الظرف حرج، وسأل بعض المسئولين فى الإمارات
شخصيات مصرية عما يمكن التصرف به حيال الموضوع، وكان بينهم نائب رئيس
الوزراء المصرى السابق، ووزير الصناعة والتجارة فى مصر السيد «رشيد محمد
رشيد»، وكانت نصيحة «رشيد» وغيره إيداع المبلغ مؤقتا فى البنك المركزى
للإمارات، والاتصال مع السلطات المصرية للبحث عن الأصل فى هذا الموضوع،
وكيفية التصرف حياله.

وقد سألت المهندس «رشيد محمد رشيد» فيما بعد عندما قابلته فى عاصمة أوروبية
عن صحة الرواية، واستأذن الرجل «أن أبقيه بعيدا عن هذا الموضوع»، لأن لديه
من المشاكل ما يكفيه، وإن استفاض فى الحديث عن غيره من الموضوعات، وأهمها
روايته عن الأيام الأخيرة لنظام «مبارك» فى مصر، وللأمانة فإنى لم أستأذن
الرجل فى نشر ما أشرت إليه الآن مما ورد فيه اسمه، فحين قابلته لم يكن فى
تقديرى أننى سوف أكتب هذه الصفحات، وكذلك لم أستأذنه!!

وعلى أى حال فقد انقضت الآن أيام وأسابيع وشهور، وظهرت أخبار كثيرة فى صحف
مصرية وخارج مصر عنها، لكن الغموض ما زال يكتنف مصير صناديق الربعمائة
وخمسين مليون يورو، ومن هو صاحبها الحقيقى؟! وماذا جرى لها؟! وأسئلة أخرى
بغير نهاية!!

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://7stars.forumarabia.com
 
الحلقة السابعة من كتاب هيكل بدار الشروق.. مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان.. مبارك مبهور لأن أتباع أغاخان يقدمون له وزنه ذهبًا فى كل احتفال به
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سيفن ستارز :: قسم الموضوعات العامة :: الموضوعات العامة-
انتقل الى: