منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
البداية وتاريخ الإسلام منذ عهد أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام* >

منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
البداية وتاريخ الإسلام منذ عهد أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام* >

منتديات سيفن ستارز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
ارجو من الساده الاعضاء القدامى تعديل بيانتهم الشخصية
ياجماعة انصحكم بالدخول على المنتدى بالمتصفع العملاق Mozilla Firefox
مشاركتك بالموضوعات تعنى أنك قرأت قانون المنتدى ، وأنك تتحمل المسئولية الأدبية والقانونية عن نشر هذا الموضوع او الردود
تتقدم منتديات سيفن ستارز بأحر التهانى القلبية للأخت رونى المحامية المشرفة على المنتدى القانونى وذلك بمناسبة الزواج السعيد نسأل الله لها التوفيق فى حياتها وألف مليون مبروك لها ولزوجها الأستاذ /حسين إبراهيم حسين وعقبال البكارى وحياة سعيدة ملؤها التراحم والمحبة والقرب من الله
على السادة الأعضاء الإلتزام بالأقسام النوعية للمنتدى عند تقديم مساهماتهم حيث يكون كل موضوع داخل القسم الخاص به حتى يعطى الشكل المطلوب مع سهولة الوصول إليه لكل متصفح .فالموضوعات الخاصة بالمرأة داخل منتدى المرأة .والموضوعات التى تتحدث عن الإسلام توضع فى المنتدى الإسلامى   ...وهكذا ..ونشكر لكم حسن العمل .كما نشكركم على الأداء الممتاز داخل المنتديات..كما نحذر من الخوض أو التطرق لما يمس الغير أو التهجم أو إذدراء الأديان أو الخوض فى موضوعات سياسيه..المنتديات  أصلاً ..منشأة لتبنى وجهة النظر الأجتماعيه والإسلاميه لأهل السنة والجماعة دون التقليل من الغير بل الإحترام المتبادل..وللجميع ودون تميز بجنس أو نوع أو دين أو لون وشكراً لكم جميعاً...
إدارة المنتديات...سيفن ستارز.

 

 البداية وتاريخ الإسلام منذ عهد أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام*

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

البداية وتاريخ الإسلام منذ عهد أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام* Empty
مُساهمةموضوع: البداية وتاريخ الإسلام منذ عهد أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام*   البداية وتاريخ الإسلام منذ عهد أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام* I_icon_minitimeالأحد مارس 18, 2012 9:30 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ذكر عمارة البيت الحرام بمكة

قيل
: ثم أمر الله إبراهيم ببناء البيت الحرام ، فضاق بذلك ذرعا فأرسل الله
السكينة ، وهي ريح خجوج ، وهي اللينة الهبوب ، لها رأسان ، فسار معها
إبراهيم حتى انتهت إلى موضع البيت فتطوت عليه كطي الحجفة ، فأمر إبراهيم أن
يبني حيث تستقر السكينة ، فبنى إبراهيم .

وقيل : أرسل الله مثل
الغمامة له رأس فكلمه وقال : يا إبراهيم ، ابن على ظلي ، أو على قدري ، ولا
تزد ، ولا تنقص ، فبنى . وهذان القولان نقلا عن علي . وقال السدي : الذي
دله على موضع البيت هو جبرائيل .

فسار إبراهيم إلى مكة ، فلما
وصلها وجد إسماعيل يصلح نبلا له وراء زمزم ، فقال له : يا إسماعيل ، إن
الله قد أمرني أن أبني له بيتا . قال إسماعيل : فأطع ربك . فقال إبراهيم :
قد أمرك أن تعينني على بنائه . قال : إذن أفعل . فقام معه فجعل إبراهيم
يبنيه ، وإسماعيل يناوله الحجارة . ثم قال إبراهيم لإسماعيل : إيتني بحجر
حسن أضعه على الركن فيكون للناس علما . فناداه أبو قبيس : إن لك عندي وديعة
، وقيل : بل جبرائيل أخبره بالحجر الأسود ، فأخذه ووضعه موضعه ، وكانا
كلما بنيا دعوا الله : ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم .

فلما
ارتفع البنيان وضعف الشيخ عن رفع الحجارة قام على حجر ، وهو مقام إبراهيم ،
فجعل يناوله ، فلما فرغ من بناء البيت أمره الله أن يؤذن في الناس بالحج ،
فقال إبراهيم : يا رب ، وما يبلغ صوتي ؟ قال : أذن وعلي البلاغ . فنادى :
أيها الناس إن الله قد كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق ! فسمعه ما بين
السماء والأرض وما من أصلاب الرجال ، وأرحام النساء ، فأجابه من آمن ممن
سبق في علم الله أن يحج إلى يوم القيامة ، فأجيب لبيك لبيك ! ثم خرج
بإسماعيل معه إلى التروية فنزل به منى ، ومن معه من المسلمين ، فصلى بهم
الظهر ، والعصر ، والمغرب ، والعشاء الآخرة ، ثم بات حتى أصبح ، فصلى بهم
الفجر ، ثم سار إلى عرفة ، فأقام بهم هناك حتى إذا مالت الشمس جمع بين
الصلاتين الظهر ، والعصر ، ثم راح بهم إلى الموقف من عرفة الذي يقف عليه
الإمام ، فوقف به على الأراك ، فلما غربت الشمس دفع به ومن معه حتى أتى
المزدلفة ، فجمع بها الصلاتين المغرب ، والعشاء الآخرة ، ثم بات بها ومن
معه ، حتى إذا طلع الفجر صلى الغداة ، ثم وقف على قزح حتى إذا أسفر دفع به
وبمن معه يريه ، ويعلمه كيف يصنع ، حتى رمى الجمرة ، وأراه المنحر ، ثم نحر
وحلق ، وأراه كيف يطوف ، ثم عاد به إلى منى ليريه كيف رمي الجمار حتى فرغ
من الحج .

وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن جبرائيل هو الذي أرى إبراهيم كيف يحج ، ورواه عنه ابن عمر .

ولم
يزل البيت على ما بناه إبراهيم - عليه السلام - إلى أن هدمته قريش سنة خمس
وثلاثين من مولد النبي - صلى الله عليه وسلم - على ما نذكره إن شاء الله
تعالى .


ذكر ولادة إسماعيل - عليه السلام - وحمله إلى مكة

قيل
: كانت هاجر جارية ذات هيئة فوهبتها سارة لإبراهيم ، وقالت : خذها لعل
الله يرزقك منها ولدا ، وكانت سارة قد منعت الولد حتى أسنت ، فوقع إبراهيم
على هاجر فولدت إسماعيل ، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إذا
استفتحتم مصر فاستوصوا بأهلها خيرا ، فإن لهم ذمة ورحما ، يعني ولادة هاجر .


فكان إبراهيم قد خرج بها إلى الشام من مصر خوفا من فرعون ، فنزل
السبع من أرض فلسطين ، ونزل لوط بالمؤتفكة ، وهي من السبع مسيرة يوم وليلة ،
فبعثه الله نبيا ، وكان إبراهيم قد اتخذ بالسبع بئرا ومسجدا وكان ماء
البئر معينا طاهرا ، فآذاه أهل السبع ، فانتقل عنهم ، فنضب الماء فاتبعوه
يسألونه العود إليهم ، فلم يفعل وأعطاهم سبعة أعنز ، وقال : إذا أوردتموها
الماء ظهر حتى يكون معينا طاهرا فاشربوا منه ، ولا تغترف منه امرأة حائض .
فخرجوا بالأعنز ، فلما وقفت على الماء ظهر إليها ، وكانوا يشربون منه ، إلى
أن غرفت منه امرأة طامث فعاد الماء إلى الذي هو عليه اليوم . وأقام
إبراهيم بين الرملة ، وإيليا ببلد يقال له قط أو قط .

قال : فلما
ولد إسماعيل حزنت سارة حزنا شديدا ، فوهبها الله إسحاق ، وعمرها سبعون سنة ،
فعمر إبراهيم مائة وعشرون سنة ، فلما كبر إسماعيل ، وإسحاق اختصما ، فغضبت
سارة على هاجر فأخرجتها ، ثم أعادتها ، فغارت منها فأخرجتها ، وحلفت
لتقطعن منها بضعة ، فتركت أنفها وأذنها لئلا تشينها ، ثم خفضتها ، فمن ثم
خفض النساء . وقيل : كان إسماعيل صغيرا ، وإنما أخرجتها سارة غيرة منها ،
وهو الصحيح . وقالت سارة : لا تساكنني في بلد . فأوحى الله إلى إبراهيم أن
تأتي بمكة ، وليس بها يومئذ نبت ، فجاء إبراهيم بإسماعيل وأمه هاجر فوضعهما
بمكة بموضع زمزم ، فلما مضى نادته هاجر : يا إبراهيم ، من أمرك أن تتركنا
بأرض ليس فيها زرع ، ولا ضرع ، ولا ماء ، ولا زاد ، ولا أنيس ؟ قال : ربي
أمرني . قالت : فإنه لن يضيعنا . فلما ولى قال : ربنا إني أسكنت من ذريتي
بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس
تهوي إليهم الآية .

فلما ظمئ إسماعيل جعل يدحض الأرض برجله ،
فانطلقت هاجر حتى صعدت الصفا لتنظر هل ترى شيئا فلم تر شيئا ، فانحدرت إلى
الوادي فسعت حتى أتت المروة ، فاستشرفت هل ترى شيئا فلم تر شيئا ، ففعلت
ذلك سبع مرات ، فذلك أصل السعي ، ثم جاءت إلى إسماعيل وهو يدحض الأرض
بقدميه وقد نبعت العين ، وهي زمزم ، فجعلت تفحص الأرض بيدها عن الماء ،
وكلما اجتمع أخذته وجعلته في سقائها . قال : فقال النبي - صلى الله عليه
وسلم - : يرحمها الله ! لو تركتها لكانت عينا سائحة .

وكانت جرهم
بواد قريب من مكة ولزمت الطير الوادي حين رأت الماء ، فلما رأت جرهم الطير
لزمت الوادي ، قالوا : ما لزمته إلا وفيه ماء ، فجاءوا إلى هاجر ، فقالوا :
لو شئت لكنا معك فآنسناك والماء ماؤك . قالت : نعم . فكانوا معها حتى شب
إسماعيل وماتت هاجر ، فتزوج إسماعيل امرأة من جرهم فتعلم العربية منهم هو
وأولاده ، فهم العرب المتعربة .

واستأذن إبراهيم سارة أن يأتي هاجر
، فأذنت له وشرطت عليه ألا ينزل ، فقدم وقد ماتت هاجر ، فذهب إلى بيت
إسماعيل فقال لامرأته : أين صاحبك ؟ قالت : ليس ههنا ، ذهب يتصيد . وكان
إسماعيل يخرج من الحرم يتصيد ، ثم يرجع . قال إبراهيم : هل عندك ضيافة ؟
قالت : ليس عندي ضيافة وما عندي أحد . فقال إبراهيم : إذا جاء زوجك فأقرئيه
السلام ، وقولي له فليغير عتبة بابه .

وعاد إبراهيم ، وجاء
إسماعيل فوجد ريح أبيه ، فقال لامرأته : هل عندك أحد ؟ قالت : جاءني شيخ
كذا وكذا ، كالمستخفة بشأنه ، قال : فما قال لك ؟ قالت : أقرئي زوجك السلام
وقولي له فليغير عتبة بابه . فطلقها وتزوج أخرى .

فلبث إبراهيم ما
شاء الله أن يلبث ، ثم استأذن سارة أن يزور إسماعيل ، فأذنت له وشرطت عليه
أن لا ينزل . فجاء إبراهيم حتى انتهى إلى باب إسماعيل ، فقال لامرأته أين
صاحبك ؟ قالت : ذهب ليتصيد وهو يجيء الآن إن شاء الله تعالى ، فانزل يرحمك
الله . فقال لها : فعندك ضيافة ؟ قالت : نعم . قال : فهل عندك خبز ، أو بر ،
أو شعير ، أو تمر ؟ قال : فجاءت باللبن واللحم ، فدعا لهما بالبركة ، ولو
جاءت يومئذ بخبز ، أو تمر ، أو بر ، أو شعير لكانت أكثر أرض الله من ذلك ،
فقالت : انزل حتى أغسل رأسك . فلم ينزل . فجاءته بالمقام بالإناء فوضعته
عند شقه الأيمن ، فوضع قدمه عليه فبقي أثر قدمه فيه ، فغسلت شق رأسه الأيمن
، ثم حولت المقام إلى شقه الأيسر ففعلت به كذلك . فقال لها : إذا جاء زوجك
فأقرئيه عني السلام وقولي له : قد استقامت عتبة بابك .

فلما جاء
إسماعيل وجد ريح أبيه ، فقال لامرأته : هل جاءك أحد ؟ قالت : نعم ، شيخ
أحسن الناس وجها وأطيبهم ريحا ، فقال لي كذا وكذا . وقلت له كذا وكذا ،
وغسلت رأسه ، وهذا موضع قدمه ، وهو يقرئك السلام ويقول : قد استقامت عتبة
بابك . قال : ذلك إبراهيم .

وقيل : إن الذي أنبع الماء جبرائيل ،
فإنه نزل إلى هاجر وهي تسعى في الوادي فسمعت حسه فقالت : قد أسمعتني فأغثني
فقد هلكت أنا ومن معي . فجاء بها إلى موضع زمزم ، فضرب بقدمه ، ففارت عينا
، فتعجلت ، فجعلت تفرغ في شنها . فقال لها : لا تخافي الظمأ .



ذكر هجرة إبراهيم - عليه السلام - ومن آمن معه

ثم
إن إبراهيم والذين اتبعوا أمره أجمعوا على فراق قومهم ، فخرج مهاجرا حتى
قدم مصر وبها فرعون من الفراعنة الأولى كان اسمه سنان بن علوان بن عبيد بن
عولج بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح ، وقيل : كان أخا الضحاك استعمله على
مصر ، وكانت سارة من أحسن النساء وجها ، وكانت لا تعصي إبراهيم شيئا ، فلما
وصفت لفرعون أرسل إلى إبراهيم فقال : من هذه التي معك ؟ قال : أختي ، يعني
في الإسلام ، وتخوف إن قال هي امرأتي أن يقتله . فقال له : زينها وأرسلها
إلي . فأمر بذلك إبراهيم ، فتزينت ، وأرسلها إليه ، فلما دخلت عليه أهوى
بيده إليها ، وكان إبراهيم حين أرسلها قام يصلي ، فلما أهوى إليها أخذ أخذا
شديدا ، فقال : ادعي الله ولا أضرك . فدعت له ، فأرسل فأهوى إليها ، فأخذ
أخذا شديدا ، فقال : ادعي الله ولا أضرك . فدعت له ، فأرسل ، ثم فعل ذلك
الثالثة ، فذكر مثل المرتين ، فدعا أدنى حجابه فقال : إنك لم تأتني بإنسان
وإنك أتيتني بشيطان ! أخرجها ، وأعطها هاجر ، ففعل ، فأقبلت بهاجر ، فلما
أحس إبراهيم بها انفتل من صلاته ، فقال : مهيم ! فقالت : كفى الله كيد
الكافرين وأخدم هاجر .

وكان أبو هريرة يقول : تلك أمكم يا بني ماء
السماء . وروى أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لم
يكذب إبراهيم إلا ثلاث مرات ، اثنتين في ذات الله ، قوله : إني سقيم ،
وقوله : بل فعله كبيرهم هذا ، وقوله في سارة : هي أختي .

الكامل في التاريخ

عز الدين أبو الحسن علي المعروف بابن الأثير

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

البداية وتاريخ الإسلام منذ عهد أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام* Empty
مُساهمةموضوع: رد: البداية وتاريخ الإسلام منذ عهد أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام*   البداية وتاريخ الإسلام منذ عهد أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام* I_icon_minitimeالأحد مارس 18, 2012 9:33 am


ذكر إبراهيم الخليل عليه السلام ومن كان في عصره من ملوك العجم

وهو
إبراهيم بن تارخ بن ناخور بن ساروغ بن أرغو بن فالغ بن غابر بن شالخ بن
قينان بن أرفخشذ بن سام بن نوح - عليه السلام - . واختلف في الموضع الذي
كان فيه والموضع الذي ولد فيه ، فقيل : ولد بالسوس من أرض الأهواز ، وقيل :
ولد ببابل ، وقيل : بكوثى ، وقيل : بحران ، ولكن أباه نقله .

قال عامة أهل العلم : كان مولده في عهد نمرود بن كوش .

ويقول
عامة أهل الأخبار : إن نمرود كان عاملا للازدهاق الذي زعم بعض من زعم أن
نوحا أرسل إليه . وأما جماعة من سلف من العلماء فإنهم يقولون : كان ملكا
برأسه .

قال ابن إسحاق : وكان ملكه قد أحاط بمشارق الأرض ومغاربها ،
وكان ببابل ، قال : ويقال : لم يجتمع ملك الأرض إلا لثلاثة ملوك : نمرود ،
وذي القرنين ، وسليمان بن داود ، وأضاف غيره إليهم بختنصر ، وسنذكر بطلان
هذا القول .

فلما أراد الله أن يبعث إبراهيم حجة على خلقه ورسولا
إلى عباده ، ولم يكن فيما بينه وبين نوح نبي إلا هود ، وصالح ، فلما تقارب
زمان إبراهيم أتى أصحاب النجوم نمرود ، فقالوا له : إنا نجد غلاما يولد في
قريتك هذه يقال له إبراهيم يفارق دينكم ويكسر أصنامكم في شهر كذا من سنة
كذا . فلما دخلت السنة التي ذكروا حبس نمرود الحبالى عنده إلا أم إبراهيم
فإنه لم يعلم بحبلها لأنه لم يظهر عليها أثره ، فذبح كل غلام ولد في ذلك
الوقت . فلما وجدت أم إبراهيم الطلق خرجت ليلا إلى مغارة كانت قريبة منها
فولدت إبراهيم ، وأصلحت من شأنه ما يصنع بالمولود ، ثم سدت عليه المغارة ،
ثم سعت إلى بيتها راجعة ، ثم كانت تطالعه لتنظر ما فعل ، فكان يشب في اليوم
ما يشب غيره في الشهر ، وكانت تجده حيا يمص إبهامه جعل الله رزقه فيها .

وكان
آزر سأل أم إبراهيم عن حملها فقالت : ولدت غلاما فمات ، فصدقها ، وقيل :
بل علم آزر بولادة إبراهيم ، وكتمه حتى نسي الملك ذكر ذلك ، فقال آزر : إن
لي ابنا قد خبأته أفتخافون عليه الملك إن أنا جئت به ؟ فقالوا : لا .
فانطلق فأخرجه من السرب فلما نظر إلى الدواب ، وإلى الخلق ، ولم يكن رأى
قبل ذلك غير أبيه وأمه ، جعل يسأل أباه عما يراه ، فيقول أبوه : هذا بعير ،
أو بقرة ، أو غير ذلك . فقال : ما لهؤلاء الخلق بد من أن يكون لهم رب !
وكان خروجه بعد غروب الشمس ، فرفع رأسه إلى السماء فإذا هو بالكوكب وهو
المشتري ، فقال : ( هذا ربي ) . فلم يلبث أن غاب ، فقال : ( لا أحب الآفلين
) . وكان خروجه في آخر الشهر فلهذا رأى الكوكب قبل القمر .

وقيل :
كان تفكر وعمره خمسة عشر شهرا ، قال لأمه وهو في المغارة أخرجيني أنظر ،
فأخرجته عشاء فنظر فرأى الكوكب وتفكر في خلق السماوات والأرض وقال في
الكوكب ما تقدم ، فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم
يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين . فلما جاء النهار وطلعت الشمس رأى نورا
أعظم من كل ما رأى فقال : هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال ياقوم إني بريء
مما تشركون . ثم رجع إبراهيم إلى أبيه وقد عرف ربه وبرئ من دين قومه إلا
أنه لم ينادهم بذلك ، فأخبرته أمه بما كانت صنعت من كتمان حاله ، فسره ذلك .


وكان آزر يصنع الأصنام التي يعبدونها ويعطيها إبراهيم ليبيعها ،
فكان إبراهيم يقول : من يشتري ما لا يضره وما لا ينفعه ؟ فلا يشتريها منه
أحد ، وكان يأخذها ، وينطلق بها إلى نهر فيصوب رءوسها فيه ويقول : اشربي !
استهزاء بقومه . حتى فشا ذلك عنه في قومه ، غير أنه لم يبلغ خبره نمرود .
فلما بدا لإبراهيم أن يدعو قومه إلى ترك ما هم عليه ويأمرهم بعبادة الله
تعالى دعا أباه إلى التوحيد فلم يجبه ، ودعا قومه ، فقالوا : من تعبد أنت ؟
قال : رب العالمين . قالوا : نمرود ؟ قال : بل أعبد الذي خلقني . فظهر
أمره . وبلغ نمرود أن إبراهيم أراد أن يري قومه ضعف الأصنام التي يعبدونها
ليلزمهم الحجة ، فجعل يتوقع فرصة ينتهي بها ليفعل بأصنامهم ذلك ، فنظر نظرة
في النجوم فقال : إني سقيم ، أي طعين ، ليهربوا منه إذا سمعوا به ، وإنما
يريد إبراهيم ليخرجوا عنه ليبلغ من أصنامهم . وكان لهم عيد يخرجون إليه
جميعهم . فلما خرجوا قال هذه المقالة فلم يخرج معهم إلى العيد ، وخالف إلى
أصنامهم وهو يقول : وتالله لأكيدن أصنامكم فسمعه ضعفى الناس ومن هو في
آخرهم ، ورجع إلى الأصنام وهي في بهو عظيم بعضها إلى جنب بعض لكل صنم يليه
أصغر منه حتى بلغوا باب البهو وإذا هم قد جعلوا طعاما بين يدي آلهتهم ،
وقالوا : نترك الآلهة إلى حين نرجع فتأكله . فلما نظر إبراهيم إلى ما بين
أيديهم من الطعام قال : ألا تأكلون فلما لم يجبه أحد قال : ما لكم لا
تنطقون فراغ عليهم ضربا باليمين ، فكسرها بفأس في يده حتى إذا بقي أعظم صنم
منها ربط الفأس بيده ثم تركهن .

فلما رجع قومه ، ورأوا ما فعل
بأصنامهم راعهم ذلك ، وأعظموه ، وقالوا : من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن
الظالمين قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم يعنون يسبها ويعيبها ،
ولم نسمع ذلك من غيره وهو الذي نظنه صنع بها هذا . وبلغ ذلك نمرود وأشرف
قومه ، فقالوا : ( فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون ) ما نفعل به ،
وقيل : يشهدون عليه ، كرهوا أن يأخذوه بغير نية ، فلما أتي به ، واجتمع له
قومه عند ملكهم نمرود ، وقالوا : أأنت فعلت هذا بآلهتنا ياإبراهيم قال بل
فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون ، غضب من أن يعبدوا هذه الصغار
وهو أكبر منها فكسرها ، فارعووا ورجعوا عنه فيما ادعوا عليه من كسرها إلى
أنفسهم فيما بينهم ، فقالوا : لقد ظلمناه وما نراه إلا كما قال . ثم قالوا ،
وعرفوا أنها لا تضر ولا تنفع ولا تبطش : لقد علمت ما هؤلاء ينطقون ، أي لا
يتكلمون ، فتخبرنا من صنع هذا بها وما تبطش بالأيدي فنصدقك . يقول الله
تعالى : ثم نكسوا على رءوسهم في الحجة عليهم لإبراهيم ، فقال لهم إبراهيم
عند قولهم " ما هؤلاء ينطقون " : أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا
ولا يضركم أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون

ثم إن نمرود
قال لإبراهيم : أرأيت إلهك الذي تعبد وتدعو إلى عبادته ما هو ؟ قال : ربي
الذي يحيي ويميت . قال نمرود : أنا أحيي وأميت . قال إبراهيم : وكيف ذلك ؟
قال : آخذ رجلين قد استوجبا القتل فأقتل أحدهما فأكون قد أمته ، وأعفو عن
الآخر فأكون قد أحييته . فقال إبراهيم : فإن الله يأتي بالشمس من المشرق
فأت بها من المغرب فبهت عند ذلك نمرود ولم يرجع إليه شيئا . ثم إنه وأصحابه
أجمعوا على قتل إبراهيم ، فقالوا : حرقوه وانصروا آلهتكم

قال عبد
الله بن عمر : أشار بتحريقه رجل من أعراب فارس ، قيل له : وللفرس أعراب ؟
قال : نعم ، الأكراد هم أعرابهم . قيل : كان اسمه هيزن فخسف به فهو يتجلجل
فيها إلى يوم القيامة .

فأمر نمرود بجمع الحطب من أصناف الخشب حتى
إن كانت المرأة لتنذر بـ : إن بلغت ما تطلب لتحتطب لنار إبراهيم ، حتى إذا
أرادوا أن يلقوه فيها قدموه ، وأشعلوا النار حتى إن كانت الطير لتمر بها
فتحترق من شدتها وحرها ، فلما أجمعوا لقذفه فيها صاحت السماء والأرض وما
فيها من الخلق إلا الثقلين إلى الله صيحة واحدة : أي ربنا ! إبراهيم ، ليس
في أرضك من يعبدك غيره يحرق بالنار فيك فأذن لنا في نصره ! قال الله تعالى :
إن استغاث بشيء منكم فلينصره وإن لم يدع غيري فأنا له . فلما رفعوه على
رأس البنيان رفع رأسه إلى السماء ، وقال : اللهم أنت الواحد في السماء وأنت
الواحد في الأرض ، حسبي الله ونعم الوكيل . وعرض له جبرائيل وهو يوثق فقال
: ألك حاجة يا إبراهيم ؟ قال : أما إليك فلا . فقذفوه في النار فناداها ،
فقال : يانار كوني بردا وسلاما على إبراهيم . وقيل : ناداها جبرائيل ، فلو
لم يتبع بردها سلام لمات إبراهيم من شدة بردها ، فلم يبق يومئذ نار إلا
طفئت ظنت أنها هي . وبعث الله ملك الظل في صورة إبراهيم فقعد فيها إلى جنبه
يؤنسه .

فمكث نمرود أياما لا يشك أن النار قد أكلت إبراهيم ، فرأى
كأنه نظر فيها وهي تحرق بعضها بعضا وإبراهيم جالس إلى جنبه رجل مثله .
فقال لقومه : لقد رأيت كأن إبراهيم حي ولقد شبه علي ، ابنوا لي صرحا يشرف
بي على النار ، فبنوا له وأشرف منه فرأى إبراهيم جالسا وإلى جانبه رجل في
صورته ، فناداه نمرود : يا إبراهيم ، كبير إلهك الذي بلغت قدرته وعزته أن
حال بينك وبين ما أرى ، هل تستطيع أن تخرج منها ؟ قال : نعم . قال : أتخشى
إن أقمت فيها أن تضرك ؟ قال : لا . فقام إبراهيم فخرج منها ، فلما خرج قال
له : يا إبراهيم ، من الرجل الذي رأيت معك مثل صورتك ؟ قال : ذلك ملك الظل
أرسله إلي ربي ليؤنسني . قال نمرود : إني مقرب من إلهك قربانا لما رأيت من
قدرته وعزته وما صنع بك حين أبيت إلا عبادته .

فقال إبراهيم : إذا
لا يقبل الله منك ما كنت على شيء من دينك . فقال : يا إبراهيم ، لا أستطيع
ترك ملكي . وقرب أربعة آلاف بقرة وكف عن إبراهيم ، ومنعه الله منه . وآمن
مع إبراهيم رجال من قومه حين رأوا ما صنع الله به على خوف من نمرود وملئهم ،
وآمن له لوط بن هاران ، وهو ابن أخي إبراهيم ، وكان لهم أخ ثالث يقال له
ناخور بن تارخ ، وهو أبو بتويل ، وبتويل أبو لابان وأبو ربقا امرأة إسحاق
بن إبراهيم أم يعقوب ، ولابان أبو ليا وراحيل زوجتي يعقوب . وآمنت به سارة ،
وهي ابنة عمه ، وهي سارة ابنة هاران الأكبر عم إبراهيم ، وقيل : كانت ابنة
ملك حران . فآمنت بالله تعالى مع إبراهيم .


الكامل في التاريخ

عز الدين أبو الحسن علي المعروف بابن الأثير

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

البداية وتاريخ الإسلام منذ عهد أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام* Empty
مُساهمةموضوع: رد: البداية وتاريخ الإسلام منذ عهد أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام*   البداية وتاريخ الإسلام منذ عهد أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام* I_icon_minitimeالأحد مارس 18, 2012 9:35 am


ذكر الأحداث التي كانت بين نوح ، وإبراهيم

قد
ذكرنا ما كان من أمر نوح ، وأمر ولده واقتسامهم الأرض بعده ، ومساكن كل
فريق منهم ، فكان ممن طغى وبغى فأرسل إليهم رسولا فكذبوه فأهلكهم الله ،
هذان الحيان من ولد إرم بن سام بن نوح ، أحدهما عاد ، والثاني ثمود .

فأما
عاد فهو عاد بن عوض بن إرم بن سام بن نوح ، وهو عاد الأولى ، وكانت
مساكنهم ما بين الشحر ، وعمان ، وحضرموت بالأحقاف ، فكانوا جبارين طوال
القامة لم يكن مثلهم ، يقول الله تعالى : واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد
قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة ، فأرسل الله إليهم هود بن عبد الله بن رباح
بن الجلود بن عاد بن عوض .

ومن الناس من يزعم أنه هود وهو غابر بن
شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح ، وكانوا أهل أوثان ثلاثة ، يقال لأحدها ضرا ،
وللآخر ضمور ، وللثالث الهبا ، فدعاهم إلى توحيد الله ، وإفراده بالعبادة
دون غيره ، وترك ظلم الناس ، فكذبوه ، وقالوا : من أشد منا قوة ! ولم يؤمن
بهود منهم إلا قليل .

وكان من أمرهم ما ذكره ابن إسحاق قال : إن
عادا أصابهم قحط تتابع عليهم بتكذيبهم هودا ، فلما أصابهم قالوا : جهزوا
منكم وفدا إلى مكة يستسقون لكم ، فبعثوا قيل بن عير ، ولقيم بن هزال ،
ومرثد بن سعد ، وكان مسلما يكتم إسلامه ، وجلهمة بن الخيبري خال معاوية بن
بكر ، ولقمان بن عاد بن فلان بن عاد الأكبر في سبعين رجلا من قومهم ، فلما
قدموا مكة نزلوا على معاوية بن بكر بظاهر مكة خارجا عن الحرم ، فأكرمهم ،
وكانوا أخواله وصهره لأن لقيم بن هزال كان تزوج هزيلة بنت بكر أخت معاوية ،
فأولدها أولادا كانوا عند خالهم معاوية بمكة ، وهم عبيد ، وعمرو ، وعامر ،
وعمير بنو لقيم ، وهو عاد الآخرة التي بقيت بعد عاد الأولى ، فلما نزلوا
على معاوية أقاموا عنده شهرا يشربون الخمر وتغنيهم الجرادتان - قينتان
لمعاوية - فلما رأى معاوية طول مقامهم وتركهم ما أرسلوا له شق عليه ذلك ،
وقال : هلك أخوالي ، واستحيا أن يأمر الوفد بالخروج إلى ما بعثوا له ، فذكر
ذلك للجرادتين فقالتا : قل شعرا نغنيهم به لا يدرون من قائله لعلهم
يتحركون ; فقال معاوية :


ألا يا قيل ويحك قم فهينم لعل الله يصبحنا غماما

فيسقي أرض عاد إن عادا قد امسوا لا يبينون الكلاما



في أبيات ذكرها . والهينمة : الكلام الخفي .

فلما
غنتهم الجرادتان ذلك الشعر وسمعه القوم ، قال بعضهم لبعض : يا قوم ، بعثكم
قومكم يتغوثون بكم من البلاء الذي نزل بهم فأبطأتم عليهم فادخلوا الحرم ،
واستسقوا لقومكم . فقال مرثد بن سعد : إنهم والله لا يسقون بدعائهم ، ولكن
أطيعوا نبيكم ، فأنتم تسقون ، وأظهر إسلامه عند ذلك . فقال جلهمة بن
الخيبري خال معاوية ، لمعاوية بن بكر : احبس عنا مرثد بن سعد . وخرجوا إلى
مكة يستسقون بها لعاد ، فدعوا الله تعالى لقومهم ، واستسقوا ، فأنشأ الله
سحائب ثلاثا بيضاء ، وحمراء ، وسوداء ، ونادى مناد منها : يا قيل ، اختر
لنفسك وقومك . فقال : قد اخترت السحابة السوداء فإنها أكثر ماء ، فناداه [
ص: 81 ] مناد اختر رمادا رمدادا ، لا تبقي من عاد أحدا ، لا ولدا تترك ولا
والدا إلا جعلته همدا ، إلا بني اللوذية المهدى .

وبنو اللوذية : بنو لقيم بن هزال ، كانوا بمكة عند خالهم معاوية بن بكر .

وساق
الله السحابة السوداء بما فيها من العذاب إلى عاد ، فخرجت عليهم من واد
يقال له المغيث ، فلما رأوها استبشروا بها وقالوا : هذا عارض ممطرنا يقول
الله تعالى : بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر
ربها أي كل شيء أمرت به . وكان أول من رأى ما فيها وعرف أنها ريح مهلكة
امرأة من عاد يقال لها فهدد ، فلما رأت ما فيها صاحت وصعقت ، فلما أفاقت
قالوا : ماذا رأيت ؟ قالت : رأيت ريحا فيها كشهب النار أمامها رجال
يقودونها ، فلما خرجت الريح من الوادي قال سبعة رهط منهم ، أحدهم الخلجان :
تعالوا حتى نقوم على شفير الوادي فنردها . فجعلت الريح تدخل تحت الواحد
منهم فتحمله فتدق عنقه ، وبقي الخلجان فمال إلى الجبل وقال :


لم يبق إلا الخلجان نفسه *** يا لك من يوم دهاني أمسه
بثابت الوطء شديد وطسه *** لو لم يجئني جئته أجسه



فقال
له هود : أسلم تسلم . فقال : وما لي ؟ قال : الجنة . فقال : فما هؤلاء
الذين في السحاب كأنهم البخت ؟ قال : الملائكة . قال : أيعيذني ربك منهم إن
أسلمت ؟ قال : هل رأيت ملكا يعيذ من جنده ؟ قال : لو فعل ما رضيت .

ثم
جاءت الريح وألحقته بأصحابه و سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما ،
كما قال تعالى . والحسوم : الدائمة . فلم تدع من عاد أحدا إلا هلك ، واعتزل
هود والمؤمنون في حظيرة لم يصبه ومن معه منها إلا تليين الجلود ، وإنها
لتمر [ ص: 82 ] من عاد بالظعن وما بين السماء والأرض وتدمغهم بالحجارة .
وعاد وفد عاد إلى معاوية بن بكر فنزلوا عليه ، فأتاهم رجل على ناقة فأخبرهم
بمصاب عاد وسلامة هود .

قال : وكان قد قيل للقمان بن عاد : اختر
لنفسك إلا أنه لا سبيل إلى الخلود . فقال : يا رب أعطني عمرا . فقيل له :
اختر . فاختار عمر سبعة أنسر . فعمر فيما يزعمون عمر سبعة أنسر ، فكان يأخذ
الفرخ الذكر حين يخرج من بيضته حتى إذا مات أخذ غيره ، وكان يعيش كل نسر
ثمانين سنة ، فلما مات السابع مات لقمان معه ، وكان السابع يسمى لبدا . قال
: وكان عمر هود مائة وخمسين سنة . وقبره بحضرموت ، وقيل بالحجر من مكة ،
فلما هلكوا أرسل الله طيرا سودا فنقلتهم إلى البحر ، فذلك قوله تعالى :
فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم . ولم تخرج ريح قط إلا بمكيال إلا يومئذ فإنها
عتت على الخزنة ، فذلك قوله فأهلكوا بريح صرصر عاتية . وكانت الريح تقلع
الشجرة العظيمة بعروقها وتهدم البيت على من فيه .

وأما ثمود فهم
ولد ثمود بن جاثر بن إرم بن سام ، وكانت مساكن ثمود بالحجر بين الحجاز ،
والشام ، وكانوا بعد عاد قد كثروا ، وكفروا ، وعتوا ، فبعث الله إليهم صالح
بن عبيد بن أسف بن ماشج بن عبيد بن جادر بن ثمود ، وقيل : أسف بن كماشج بن
إرم بن ثمود - يدعوهم إلى توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة فقالوا يا
صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا الآية ، وكان الله قد أطال أعمارهم حتى إن
كان أحدهم يبني البيت من المدر فينهدم وهو حي ، فلما رأوا ذلك اتخذوا من
الجبال بيوتا فارهين فنحتوها ، وكانوا في سعة من معايشهم ، ولم يزل صالح
يدعوهم فلم يتبعه منهم إلا قليل مستضعفون ، فلما ألح عليهم بالدعاء ،
والتحذير ، والتخويف سألوه ، فقالوا : يا صالح ، اخرج [ ص: 83 ] معنا إلى
عيدنا ، وكان لهم عيد يخرجون إليه بأصنامهم ، فأرنا آية فتدعو إلهك وندعو
آلهتنا ، فإن استجيب لك اتبعناك وإن استجيب لنا اتبعتنا . فقال : نعم ،
فخرجوا بأصنامهم ، وصالح معهم ، فدعوا أصنامهم أن لا يستجاب لصالح ما يدعو
به ، وقال له سيد قومه : يا صالح ، أخرج لنا من هذه الصخرة لصخرة منفردة
ناقة جوفاء عشراء ، فإن فعلت ذلك صدقناك .

فأخذ عليهم مواثيق بذلك ،
وأتى الصخرة ، وصلى ، ودعا ربه - عز وجل - فإذا هي تتمخض كما تتمخض الحامل
، ثم انفجرت وخرجت من وسطها الناقة كما طلبوا وهم ينظرون ، ثم نتجت سقبا
مثلها في العظم ، فآمن به سيد قومه ، واسمه جندع بن عمرو ، ورهط من قومه ،
فلما خرجت الناقة قال لهم صالح : هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ،
ومتى عقرتموها أهلككم الله . فكان شربها يوما وشربهم يوما معلوما ، فإذا
كان يوم شربها خلوا بينها وبين الماء وحلبوها لبنها ، وملأوا كل وعاء ،
وإناء ، وإذا كان يوم شربهم صرفوها عن الماء فلم تشرب منه شيئا وتزودوا من
الماء للغد .

فأوحى الله إلى صالح أن قومك سيعقرون الناقة ، فقال
لهم ذلك ، فقالوا : ما كنا لنفعل . قال : إلا تعقروها أنتم يوشك أن يولد
فيكم مولود يعقرها . قالوا : وما علامته ؟ فوالله لا نجده إلا قتلناه ! قال
: فإنه غلام أشقر ، أزرق ، أصهب ، أحمر . قال : فكان في المدينة شيخان
عزيزان منيعان لأحدهما ابن رغب له عن المناكح ، وللآخر ابنة لا يجد لها
كفؤا فزوج أحدهما ابنه بابنة الآخر فولد بينهما المولود ، فلما قال لهم
صالح إنما يعقرها مولود فيكم اختاروا قوابل من القرية وجعلوا معهن شرطا
يطوفون القرية فإذا وجدوا امرأة تلد نظروا ولدها ما هو ، فلما وجدوا ذلك
المولود صرخ النسوة ، وقلن : هذا الذي يريد نبي الله صالح ، فأراد الشرط أن
يأخذوه فحال جداه بينهم وبينه وقالا : لو أراد صالح هذا لقتلناه . فكان شر
مولود وكان يشب في اليوم شباب غيره في الجمعة ، فاجتمع تسعة رهط منهم
يفسدون في الأرض ولا يصلحون ، كانوا قتلوا أبناءهم حين ولدوا خوفا أن يكون
عاقر الناقة منهم ، ثم ندموا فأقسموا ليقتلن صالحا ، وأهله ، وقالوا : نخرج
فترى الناس أننا نريد السفر فنأتي الغار الذي على طريق صالح فنكون فيه ،
فإذا جاء الليل وخرج صالح إلى مسجده قتلناه ، ثم رجعنا إلى الغار ، ثم
انصرفنا إلى رحالنا ، وقلنا ما شهدنا قتله فيصدقنا قومه . وكان صالح لا
يبيت معهم ، كان يخرج إلى مسجد له [ ص: 84 ] يعرف بمسجد صالح فيبيت فيه ،
فلما دخلوا الغار سقطت عليهم صخرة فقتلتهم ، فانطلق رجال ممن عرف الحال إلى
الغار فرأوهم هلكى ، فعادوا يصيحون : إن صالحا أمرهم بقتل أولادهم ، ثم
قتلهم .

وقيل : إنما كان تقاسم التسعة على قتل صالح بعد عقر الناقة
وإنذار صالح إياهم بالعذاب ، وذلك أن التسعة الذين عقروا الناقة قالوا :
تعالوا فلنقتل صالحا فإن كان صادقا عجلنا قتله ، وإن كان كاذبا ألحقناه
بالناقة ، فأتوه ليلا في أهله فدمغتهم الملائكة بالحجارة فهلكوا ، فأتى
أصحابهم فرأوهم هلكى فقالوا لصالح : أنت قتلتهم ، وأرادوا قتله ، فمنعهم
عشيرته وقالوا : إنه قد أنذركم العذاب ، فإن كان صادقا فلا تزيدوا ربكم
غضبا ، وإن كان كاذبا فنحن نسلمه إليكم ، فعادوا عنه ، فعلى القول الأول
يكون التسعة الذين تقاسموا غير الذين عقروا الناقة ، والثاني أصح ، والله
أعلم .

وأما سبب قتل الناقة فقيل : إن قدار بن سالف جلس مع نفر
يشربون الخمر فلم يقدروا على ماء يمزجون به خمرهم لأنه كان يوم شرب الناقة ،
فحرض بعضهم بعضا على قتلها .

وقيل : إن ثمودا كان فيهم امرأتان
يقال لإحداهما قطام ، وللأخرى قبال ، وكان قدار يهوى قطام ، ومصدع يهوى
قبال ، ويجتمعان بهما ، ففي بعض الليالي قالتا لقدار ومصدع : لا سبيل لكما
إلينا حتى تقتلا الناقة ، فقالا : نعم ، وخرجا وجمعا أصحابهما وقصدا الناقة
وهي على حوضها ، فقال الشقي لأحدهم : اذهب فاعقرها ، فأتاها ، فتعاظمه ذلك
، فأضرب عنه ، وبعث آخر فأعظم ذلك وجعل لا يبعث أحدا إلا تعاظمه قتلها حتى
مشى هو إليها فتطاول فضرب عرقوبها ، فوقعت تركض ، وكان قتلها يوم الأربعاء
، واسمه بلغتهم جبار ، وكان هلاكهم يوم الأحد ، وهو عندهم أول ، فلما قتلت
أتى رجل منهم صالحا فقال : أدرك الناقة فقد عقروها ، فأقبل وخرجوا يتلقونه
، ويعتذرون إليه : يا نبي الله إنما عقرها فلان ، إنه لا ذنب لنا ! قال :
انظروا هل تدركون فصيلها ؟ فإن أدركتموه فعسى الله أن يرفع عنكم العذاب .
فخرجوا يطلبونه ، ولما رأى الفصيل أمه تضطرب قصد جبلا يقال له القارة قصيرا
فصعده ، وذهبوا يطلبونه ، فأوحى الله إلى الجبل فطال في [ ص: 85 ] السماء
حتى ما يناله الطير ، ودخل صالح القرية ، فلما رآه الفصيل بكى حتى سالت
دموعه ثم استقبل صالحا فرغا ثلاثا ، فقال صالح : لكل رغوة أجل يوم تمتعوا
في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ، وآية العذاب أن وجوهكم تصبح في
اليوم الأول مصفرة ، وتصبح في اليوم الثاني محمرة ، وتصبح في اليوم الثالث
مسودة . فلما أصبحوا إذا وجوههم كأنما طليت بالخلوق صغيرهم وكبيرهم ، ذكرهم
وأنثاهم ، فلما أصبحوا في اليوم الثاني إذا وجوههم محمرة ، فلما أصبحوا في
اليوم الثالث إذا وجوههم مسودة كأنما طليت بالقار ، فتكفنوا وتحنطوا ،
وكان حنوطهم الصبر ، والمر ، وكانت أكفانهم الأنطاع ، ثم ألقوا أنفسهم إلى
الأرض فجعلوا يقلبون أبصارهم إلى السماء والأرض لا يدرون من أين يأتيهم
العذاب ، فلما أصبحوا في اليوم الرابع أتتهم صيحة من السماء فيها صوت
كالصاعقة ، فتقطعت قلوبهم في صدورهم فأصبحوا في ديارهم جاثمين وأهلك الله
من كان بين المشارق والمغارب منهم إلا رجلا كان في الحرم فمنعه الحرم . قيل
: ومن هو ؟ قيل : هو أبو رغال ، وهو أبو ثقيف في قول .

ولما سار
النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك أتى على قرية ثمود ، فقال لأصحابه :
لا يدخلن أحد منكم القرية ولا تشربوا من مائها ، وأراهم مرتقى الفصيل في
الجبل ، وأراهم الفج الذي كانت الناقة ترد منه الماء .

وأما صالح -
عليه السلام - فإنه سار إلى الشام ، فنزل فلسطين ، ثم انتقل إلى مكة فأقام
بها يعبد الله حتى مات ، وهو ابن ثمان وخمسين سنة ، وكان قد أقام في قومه
يدعوهم عشرين سنة .

وأما أهل التوراة فإنهم يزعمون أنه لا ذكر لعاد
، وهود ، وثمود ، وصالح في التوراة ، قال : وأمرهم عند العرب في الجاهلية
والإسلام كشهرة إبراهيم الخليل - عليه السلام - .

قلت : وليس إنكارهم ذلك بأعجب من إنكارهم نبوة إبراهيم الخليل ورسالته ، وكذلك إنكارهم حال المسيح - عليه السلام - .


الكامل في التاريخ

عز الدين أبو الحسن علي المعروف بابن الأثير

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
البداية وتاريخ الإسلام منذ عهد أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام*
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  قصص الأنبياء إبراهيم عليه السلام لعمرو خالد
» قصة أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام ومولد إبنه ‘سماعيل ووفاته ووفاة زوجته سارة وقصته مع النمرود عدو الله**
»  فتوى سماحة مفتى الديار السعودية محمد بن إبراهيم آل الشيخ في جواز نقل مقام إبراهيم عليه السلام حيث وجد
» هجرة إبراهيم عليه السلام - هجرة إبراهيم الخليل وبناء البيت ودعوة الناس للحج إليه
» قصص الأنبياء (شعيب .عليه السلام)*

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سيفن ستارز :: قسم التاريخ :: التاريخ الاسلامى-
انتقل الى: