منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
 التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور) >

منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
 التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور) >

منتديات سيفن ستارز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
ارجو من الساده الاعضاء القدامى تعديل بيانتهم الشخصية
ياجماعة انصحكم بالدخول على المنتدى بالمتصفع العملاق Mozilla Firefox
مشاركتك بالموضوعات تعنى أنك قرأت قانون المنتدى ، وأنك تتحمل المسئولية الأدبية والقانونية عن نشر هذا الموضوع او الردود
تتقدم منتديات سيفن ستارز بأحر التهانى القلبية للأخت رونى المحامية المشرفة على المنتدى القانونى وذلك بمناسبة الزواج السعيد نسأل الله لها التوفيق فى حياتها وألف مليون مبروك لها ولزوجها الأستاذ /حسين إبراهيم حسين وعقبال البكارى وحياة سعيدة ملؤها التراحم والمحبة والقرب من الله
على السادة الأعضاء الإلتزام بالأقسام النوعية للمنتدى عند تقديم مساهماتهم حيث يكون كل موضوع داخل القسم الخاص به حتى يعطى الشكل المطلوب مع سهولة الوصول إليه لكل متصفح .فالموضوعات الخاصة بالمرأة داخل منتدى المرأة .والموضوعات التى تتحدث عن الإسلام توضع فى المنتدى الإسلامى   ...وهكذا ..ونشكر لكم حسن العمل .كما نشكركم على الأداء الممتاز داخل المنتديات..كما نحذر من الخوض أو التطرق لما يمس الغير أو التهجم أو إذدراء الأديان أو الخوض فى موضوعات سياسيه..المنتديات  أصلاً ..منشأة لتبنى وجهة النظر الأجتماعيه والإسلاميه لأهل السنة والجماعة دون التقليل من الغير بل الإحترام المتبادل..وللجميع ودون تميز بجنس أو نوع أو دين أو لون وشكراً لكم جميعاً...
إدارة المنتديات...سيفن ستارز.

 

  التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

 التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور) Empty
مُساهمةموضوع: التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور)    التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور) I_icon_minitimeالخميس مارس 14, 2013 10:07 am

اقتباس :



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور)






45- سورة الجاثية





حم (1)

( حم ) سبق الكلام على الحروف المقطَّعة
في أول سورة البقرة.




تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنْ اللَّهِ
الْعَزِيزِ الْحَ
كِيمِ (2)

هذا القرآن منزل
من الله العزيز في انتقامه من أعدائه, الحكيم
في تدبير أمور خلقه.




إِنَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ
(3)


إن في السموات السبع,
والأرض التي منها خروج الخلق, وما فيهما
من المخلوقات المختلفة الأجناس والأنواع،
لأدلة وحججًا للمؤمنين بها.




وَفِي خَلْقِكُمْ
وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ
يُ
وقِنُونَ (4)

وفي خَلْقكم -أيها
الناس- وخلق ما تفرق في الأرض من دابة تَدِبُّ
عليها, حجج وأدلة لقوم يوقنون بالله وشرعه.




وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ
السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ
الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيف
ِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ
يَعْقِلُونَ (5)


وفي اختلاف الليل
والنار وتعاقبهما عليكم وما أنزل الله
من السماء من مطر, فأحيا به الأرض بعد يُبْسها,
فاهتزت بالنبات والزرع, وفي تصريف الرياح
لكم من جميع الجهات وتصريفها لمنافعكم,
أدلةٌ وحججٌ لقوم يعقلون عن الله ح
ججه وأدلته.



تِلْكَ آيَاتُ
اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ
فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ
يُؤْمِنُونَ (6)


هذه الآيات والحجج
نتلوها عليك -أيها الرسول- بالحق, فبأي حديث
بعد الله وآياته وأدلته على أنه الإله الحق
وحده لا شريك له يؤمنون ويص
دقون ويعملون؟



وَيْلٌ لِكُلِّ
أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7)


هلاك شديد ودمار
لكل كذاب كثير الآثام.




يَسْمَعُ آيَاتِ
اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ
مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا
فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (Cool


يسمع آيات كتاب
الله تُقْرأ عليه, ثم ي
تمادى في كفره متعاليًا في نفسه
عن الانقياد لله ورسوله, كأنه لم يسمع ما
تُلي عليه من آيات الله, فبشر -أيها الرسول-
هذا الأفاك الأثيم بعذاب مؤلم مؤجع في نار
جهنم يوم القيامة.




وَإِذَا عَلِمَ
مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً اتَّخَذَهَا هُزُواً
أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَا
بٌ مُهِينٌ (9)

وإذا علم هذا الأفاك
الأثيم من آياتا شيئًا اتخذها هزوًا وسُخْرية,
أولئك لهم عذاب يهينهم, ويخزيهم يوم القيامة؛
جزاء استهزائهم بالقرآن.




مِنْ وَرَائِهِمْ
جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا
شَيْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ
اللَّ
هِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ
عَظِيمٌ (10)


مِن أمام هؤلاء
المستهزئين بآيات الله جهنم, ولا يغني عنهم
ما كسبوا شيئًا من المال والولد, ولا آلهتُهم
التي عبدوها مِن دون الله, ولهم عذاب عظيم
مؤلم.




هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ
كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَ
ذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (11)

هذا القرآن الذي
أنزلناه عليك -أيها الرسول- هدى من الضلالة,
ودليل على الحق, يهدي إلى طريق مستقيم مَن
اتبعه وعمل به, والذين جحدوا بما في القرآن
من الآيات الدالة على الحق ولم يُصَدِّقوا
بها, لهم عذابٌ مِن أسوأ أنواع العذاب يوم
ا
لقيامة, مؤلم موجع.



اللَّهُ الَّذِي
سَخَّرَ لَكُمْ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ
الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا
مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
(12)


الله سبحانه وتعالى
هو الذي سخَّر لكم البحر; لتجري السفن فيه
بأمره, ولتبتغوا من فضله بأنواع التجا
رات والمكاسب, ولعلكم تشكرون
ربكم على تسخيره ذلك لكم, فتعبدوه وحده,
وتطيعوه فيما يأمركم به, وينهاكم عنه.




وَسَخَّرَ لَكُمْ
مَا فِي السَّمَوَاتِ
وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً
مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ (13)


وسخَّر لكم كل ما
في الس
موات من شمس وقمر ونجوم, وكل
ما في الأرض من دابة وشجر وسفن وغير ذلك
لمنافعكم, جميع هذه النعم منة من الله وحده
أنعم بها عليكم, وفضل منه تَفضَّل به, فإياه
فاعبدوا, ولا تجعلوا له شريكًا. إنَّ فيما
سخره الله لكم لعلامات ودلالات على وحدانية
الله لقوم يتفكرون في
آيات الله وحججه وأدلته, فيعتبرون
بها.




قُلْ لِلَّذِينَ
آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ
أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً
بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)


قل -أيها الرسول-
للذين صدَّقوا بالله واتَّبَعوا رسله يعفوا,
ويتجاوزوا عن الذين لا يرجون ثو
اب الله, ولا يخافون بأسه إذا
هم نالوا الذين آمنوا بالأذى والمكروه;
ليجزي الله هؤلاء المشركين بما كانوا يكسبون
في الدنيا من الآثام وإيذاء المؤمنين.




مَنْ عَمِلَ صَالِحاً
فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا
ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15)


من عمل مِن عباد الله بطاعته فلنفسه
عمل, ومن أساء عمله في الدنيا بمعصية الله
فعلى نفسه جنى, ثم إنكم - أيها الناس - إلى
ربكم تصيرون بعد موتكم, فيجازي المحسن بإحسانه,
والمسيء بإساءته.




وَلَقَدْ آتَيْنَا
بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ
وَالنُّبُوَّةَ وَرَز
َقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ
وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ
(16)


ولقد آتينا بني
إسرائيل التوراة والإنجيل والحكم بما فيهما,
وجعلنا أكثر الأنبياء من ذرية إبراهيم
عليه السلام فيهم, ورزقناهم من الطيبات
من الأقوات والثمار والأطعمة, وفضَّلناهم
على عالمي ز
مانهم.



وَآتَيْنَاهُمْ
بَيِّنَاتٍ مِنْ الأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا
إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ
بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي
بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا
كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17)


وآتينا بني إسرائيل
شرائع واضحات في
الحلال والحرام, ودلالات تبين
الحق من الباطل, فما اختلفوا إلا من بعد
ما جاءهم العلم, وقامت الحجة عليهم, وإنما
حَمَلهم على ذلك بَغْيُ بعضهم على بعض؛
طلبًا للرفعة والرئاسة, إن ربك -أيها الرسول-
يحكم بين المختلفين من بني إسرائيل يوم
القيامة فيما كانوا فيه يخت
لفون في الدنيا. وفي هذا تحذير
لهذه الأمة أن تسلك مسلكهم.




َعَلْنَاكَ عَلَى
شَرِيعَةٍ مِنْ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا
وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا
يَعْلَمُونَ (18)


ثم جعلناك -أيها
الرسول- على منهاج واضح من أمر الدين, فاتبع
الشريعة التي جعلناك عليها, ول
ا تتبع أهواء الجاهلين بشرع
الله الذين لا يعلمون الحق. وفي الآية دلالة
عظيمة على كمال هذا الدين وشرفه, ووجوب
الانقياد لحكمه, وعدم الميل إلى أهواء الكفرة
والملحدين.




إِنَّهُمْ لَنْ
يُغْنُوا عَنكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ
الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِي
َاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ
الْمُتَّقِينَ (19)


إن هؤلاء المشركين
بربهم الذين يدعونك إلى اتباع أهوائهم
لن يغنوا عنك -أيها الرسول- من عقاب الله
شيئًا إن اتبعت أهواءهم, وإن الظالمين المتجاوزين
حدود الله من المنافقين واليهود وغيرهم
بعضهم أنصار بعض على المؤمن
ين بالله وأهل طاعته, والله ناصر
المتقين ربَّهم بأداء فرائضه واجتناب نواهيه.




هَذَا بَصَائِرُ
لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ
يُوقِنُونَ (20)


هذا القرآن الذي
أنزلناه إليك أيها الرسول بصائر يبصر به
الناس الحق من الباطل, ويعرفون به سبيل
الرشاد, وهدى ور
حمةٌ لقوم يوقنون بحقيقة صحته,
وأنه تنزيل من الله العزيز الحكيم.




أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ
اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ
كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ
مَا يَحْكُمُونَ (21)


بل أظنَّ الذين
اكت
سبوا السيئات, وكذَّبوا رسل
الله, وخالفوا أمر ربهم, وعبدوا غيره, أن
نجعلهم كالذين آمنوا بالله, وصدقوا رسله
وعملوا الصالحات, وأخلصوا له العبادة دون
سواه, ونساويَهم بهم في الدنيا والآخرة؟
ساء حكمهم بالمساواة بين الفجار والأبرار
في الآخرة.




وَخَلَقَ اللَّهُ
ا
لسَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى
كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا
يُظْلَمُونَ (22)


وخَلَق الله السموات
والأرض بالحق والعدل والحكمة; ولكي تجزى
كل نفس في الآخرة بما كسبت مِن خير أو شر,
وهم لا يُظْلمون جزاء أعمالهم.




أَفَرَأَيْتَ
مَنْ اتَّخ
َذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ
اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ
وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً
فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ
أَفَلا تَذَكَّرُونَ (23)


أفرأيت -أيها الرسول-
من اتخذ هواه إلهًا له, فلا يهوى شيئًا إلا
فَعَله,
وأضلَّه الله بعد بلوغ العلم
إليه وقيام الحجة عليه, فلا يسمع مواعظ
الله, ولا يعتبر بها, وطبع على قلبه, فلا
يعقل به شيئًا, وجعل على بصره غطاء, فلا
يبصر به حجج الله؟ فمن يوفقه لإصابة الحق
والرشد بعد إضلال الله إياه؟ أفلا تذكرون
-أيها الناس- فتعلموا أنَّ مَن ف
َعَل الله به ذلك فلن يهتدي أبدًا,
ولن يجد لنفسه وليًا مرشدًا؟ والآية أصل
في التحذير من أن يكون الهوى هو الباعث
للمؤمنين على أعمالهم.




وَقَالُوا مَا
هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ
وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ
وَمَا لَهُمْ بِذَلِك
َ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ
يَظُنُّونَ (24)


وقال هؤلاء المشركون:
ما الحياة إلا حياتنا الدنيا التي نحن فيها,
لا حياة سواها; تكذيبا منهم بالبعث بعد
الممات, وما يهلكنا إلا مرُّ الليالي والأيام
وطول العمر؛ إنكارًا منهم أن يكون لهم رب
يفنيهم ويهلكهم, وما لهؤ
لاء المشركين من علم بذلك, ما
هم إلا يتكلمون بالظن والوهم والخيال.




وَإِذَا تُتْلَى
عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا
كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا
ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ
(25)


إذا تتلى على هؤلاء
المشركين المكذبين بالبعث آياتن
ا واضحات, لم يكن لهم حجة إلا
قولهم للرسول محمد: أحْي أنت والمؤمنون
معك آباءنا الذين قد هلكوا, إن كنتم صادقين
فيما تقولون.




قُلْ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ
ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ
إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ
وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ
لا يَعْلَمُونَ (26)

قل -أيها الرسول-
لهؤلاء المشركين المكذبين بالبعث: الله
سبحانه وتعالى يحييكم في الدنيا ما شاء
لكم الحياة, ثم يميتكم فيها, ثم يجمعكم جميعا
أحياء إلى يوم القيامة لا شك فيه, ولكن أكثر
الناس لا يعلمون قدرة الله على إماتتهم
ثم بعثهم يوم القيا
مة.



وَلِلَّهِ مُلْكُ
السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ
السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ
(27)


ولله سبحانه سلطان
السموات السبع والأرض خَلْقًا ومُلْكًا
وعبودية. ويوم تجيء الساعة التي يبعث فيها
الموتى من قبورهم ويحاسبون, يخسر الكافرون
بال
له الجاحدون بما أنزله على رسوله
من الآيات البينات والدلائل الواضحات.




وَتَرَى كُلَّ
أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى
إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ
مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28)


وترى -أيها الرسول-
يوم تقوم الساعة أهل كل ملة ودين جاثمين
على رُ
كَبهم, كل أمة تُدْعى إلى كتاب
أعمالها, ويقال لهم: اليوم تُجزون ما كنتم
تعملون من خير أو شر .




هَذَا كِتَابُنَا
يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا
كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
(29)


هذا كتابنا ينطق
عليكم بجميع أعمالكم من غير زيادة ولا نقص,
إ
نَّا كنا نأمر الحفظة أن تكتب
أعمالكم عليكم.




فَأَمَّا الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ
رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ
الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30)


فأما الذين آمنوا
بالله ورسوله في الدنيا, وامتثلوا أوامره
واجتنبوا نواهيه, فيدخله
م ربهم في جنته برحمته, ذلك الدخول
هو الفوز المبين الذي لا فوز بعده.




وَأَمَّا الَّذِينَ
كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى
عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ
قَوْماً مُجْرِمِينَ (31)


وأما الذين جحدوا
أن الله هو الإله الحق وكذَّبوا رسله ولم
يعملو
ا بشرعه, فيقال لهم تقريعًا وتوبيخًا:
أفلم تكن آياتي في الدنيا تتلى عليكم, فاستكبرتم
عن استماعها والإيمان بها, وكنتم قومًا
مشركين تكسِبون المعاصي ولا تؤمنون بثواب
ولا عقاب؟




وَإِذَا قِيلَ
إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ
لا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَ
ا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ
نَظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ
(32)


وإذا قيل لكم: إن
وعد الله ببعث الناس من قبورهم حق, والساعة
لا شك فيها, قلتم: ما ندري ما الساعة؟ وما
نتوقع وقوعها إلا توهمًا, وما نحن بمتحققين
أن الساعة آتية.













الجزء السادس والعشرون :



وَبَدَا لَهُمْ
سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ
مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (33)


وظهر لهؤلاء الذين
كانوا يكذِّبون بآيات الله ما عملوا في
الدنيا من الأعمال القبيحة, ونزل بهم من
عذاب الله جزاء ما كانوا به يستهزئون.




وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ
لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمْ
النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ
(34)


وقيل لهؤلاء الكفرة:
اليوم نترككم في عذاب جهنم, كما تركتم الإيمان
بربكم والعمل للقاء يومكم هذا, ومسكنكم
نار جهنم, وما لكم من ناصرين ينصرونكم
من عذاب الله.



ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمْ
اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً
وَغَرَّتْكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا
فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلا
هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (35)


هذا الذي حلَّ بكم
مِن عذاب الله ; بسبب أنكم اتخذتم آيات الله
وحججه هزوًا ولعبًا,
وخدعتكم زينة الحياة الدنيا,
فاليوم لا يُخرجون من النار, ولا هم يُرَدُّون
إلى الدنيا؛ ليتوبوا ويعملوا صالحًا.




فَلِلَّهِ الْحَمْدُ
رَبِّ السَّمَوَاتِ
وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
(36)


فلله سبحانه وتعالى
وحده الحمد على نعمه التي لا تحصى على خلقه,
رب
السموات والأرض وخالقهما ومدبرهما,
رب الخلائق أجمعين.




وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ
فِي السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ (37)


وله وحده سبحانه
العظمة والجلال والكبرياء والسُّلْطان
والقدرة والكمال في السموات والأرض, وهو
العزيز الذي لا يغالَب, ا
لحكيم في أقواله وأفعاله وقدره
وشرعه, تعالى وتقدَّس, لا إله إلا هو.










عدل سابقا من قبل حسن الذهبى في الخميس مارس 14, 2013 10:43 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

 التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور) Empty
مُساهمةموضوع: رد: التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور)    التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور) I_icon_minitimeالخميس مارس 14, 2013 10:40 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

اقتباس :




46- سورة الأحقاف





حم (1)

( حم ) سبق الكلام على الحروف المقطَّعة
في أول سورة البقرة.




تَنْزِيلُ الْكِتَابِ
مِنْ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2)


هذا القرآن تنزيل
من الله العزيز الذي لا ي
غالَب, الحكيم في تدبيره وصنعه.



مَا خَلَقْنَا
السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا
إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى
وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا
مُعْرِضُونَ (3)


ما خلقنا السموات
والأرض وما بينهما إلا بالحق, لا عبثًا
ولا سدى؛ بل ليعرف الع
باد عظمة خالقهما فيعبدوه وحده,
ويعلموا أنه قادر على أن يعيد العباد بعد
موتهم, وليقيموا الحق والعدل فيما بينهم
وإلى أجل معلوم عنده. والذين جحدوا أن الله
هو الإله الحق, عما أنذرهم به القرآن معرضون,
لا يتعظون ولا يتفكرون.




قُلْ أَرَأَيْتُمْ
مَا تَدْعُونَ مِن
ْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا
خَلَقُوا مِنْ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ
فِي السَّمَوَاتِ
اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ
قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ
إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4)


قل -أيها الرسول-
لهؤلاء الكفار: أرأيتم الآلهة, والأوثان
التي تعبدونها
من دون الله, أروني أيَّ شيء
خلقوا من الأرض, أم لهم مع الله نصيب من
خلق السموات؟ ائتوني بكتاب من عند الله
من قبل هذا القرآن أو ببقيَّة من علم, إن
كنتم صادقين فيما تزعمون.




وَمَنْ أَضَلُّ
مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ
لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَو
ْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ
دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5)


لا أحد أضلُّ وأجهل
ممن يدعو من دون الله آلهة لا تستجيب دعاءه
أبدًا؛ لأنها من الأموات أو الأحجار والأشجار
ونحوها, وهي غافلة عن دعاء مَن يعبدها, عاجزة
عن نفعه أو ضره.




وَإِذَا حُشِرَ
النَّاسُ كَانُوا ل
َهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا
بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (6)


وإذا حُشر الناس
يوم القيامة للحساب والجزاء كانت الآلهة
التي يدعونها في الدنيا لهم أعداء, تلعنهم
وتتبرأ منهم, وتنكر علمها بعبادتهم إياها.




وَإِذَا تُتْلَى
عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ
الَّذِ
ينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا
جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)


وإذا تتلى على هؤلاء
المشركين آياتنا واضحات, قال الذين كفروا
حين جاءهم القرآن: هذا سحر ظاهر.




أَمْ يَقُولُونَ
افْتَرَاهُ قُلْ إِنْ افْتَرَيْتُهُ فَلا
تَمْلِكُونَ لِي مِنْ اللَّهِ شَيْئاً
هُوَ
أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ
فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ
وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (Cool


بل أيقول هؤلاء
المشركون: إن محمدًا اختلق هذا القرآن؟
قل لهم -أيها الرسول-: إن اختلقته على الله
فإنكم لا تقدرون أن تدفعوا عني من عقاب
الله شيئًا, إن ع
اقبني على ذلك. هو سبحانه أعلم
من كل شيء سواه بما تقولون في هذا القرآن,
كفى بالله شاهدًا عليَّ وعليكم, وهو الغفور
لمن تاب إليه, الرحيم بعباده المؤمنين.




قُلْ مَا كُنْتُ
بِدْعاً مِنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي
مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ
إِلاَّ
مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا
إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (9)


قل -أيها الرسول-
لمشركي قومك: ما كنتُ أول رسل الله إلى خلقه,
وما أدري ما يفعل الله بي ولا بكم في الدنيا,
ما أتبع فيما آمركم به وفيما أفعله إلا
وحي الله الذي يوحيه إليَّ, وما أنا إلا
نذير بيِّن الإن
ذار.



قُلْ أَرَأَيْتُمْ
إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ
بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ
عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ
إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
(10)


قل -أيها الرسول-
لمشركي قومك: أخبروني إن كان ه
ذا القرآن من عند الله وكفرتم
به, وشهد شاهد من بني إسرائيل كعبد الله
بن سلام على مثل هذا القرآن, وهو ما في التوراة
من التصديق بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم،
فصدَّق وعمل بما جاء في القرآن, وجحدتم
ذلك استكبارًا, فهل هذا إلا أعظم الظلم
وأشد الكفر؟ إن الله لا ي
وفِّق إلى الإسلام وإصابة الحق
القوم الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم بالله.




وَقَالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ
خَيْراً مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ
لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ
هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11)


وقال الذين جحدوا
نبوة محمد
صلى الله عليه وسلم للذين آمنوا
به: لو كان تصديقكم محمدًا على ما جاء به
خيرًا ما سبقتمونا إلى التصديق به, وإذ
لم يهتدوا بالقرآن ولم ينتفعوا بما فيه
من الحق فسيقولون: هذا كذب, مأثور عن الناس
الأقدمين.




وَمِنْ قَبْلِهِ
كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَ
ذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَاناً
عَرَبِيّاً لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا
وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12)


ومن قبل هذا القرآن
أنزلنا التوراة إمامًا لبني إسرائيل يقتدون
بها, ورحمة لمن آمن بها وعمل بما فيها, وهذا
القرآن مصدق لما قبله من الكتب, أنزلناه
بلسان عربي
؛ لينذر الذين ظلموا أنفسهم
بالكفر والمعصية, وبشرى للذين أطاعوا الله,
فأحسنوا في إيمانهم وطاعتهم في الدنيا.




إِنَّ الَّذِينَ
قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا
فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ
(13)


إن الذين قالوا:
ربنا الله, ثم استقامو
ا على الإيمان به, فلا خوف عليهم
من فزع يوم القيامة وأهواله, ولا هم يحزنون
على ما خلَّفوا وراءهم بعد مماتهم من حظوظ
الدنيا.




أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ
الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً
بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (14)


أولئك أهل الجنة
ماكثين فيها أبدًا برحمة ال
له تعالى لهم, وبما قدَّموا من
عمل صالح في دنياهم.




وَوَصَّيْنَا
الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً
حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ
كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ
شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ
وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَ
بِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ
نِعْمَتَكَ قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ
أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ
عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ
صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي
ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي
مِنْ الْمُسْلِمِينَ (1
5)

ووصينا الإنسان
أن يحسن في صحبته لوالديه بِرًّا بهما في
حياتهما وبعد مماتهما, فقد حملته أمه جنينًا
في بطنها على مشقة وتعب, وولدته على مشقة
وتعب أيضًا, ومدة حمله وفطامه ثلاثون شهرًا.
وفي ذكر هذه المشاق التي تتحملها الأم دون
الأب, دليل على أن حقها على ولده
ا أعظم من حق الأب. حتى إذا بلغ
هذا الإنسان نهاية قوته البدنية والعقلية,
وبلغ أربعين سنة دعا ربه قائلا: ربي ألهمني
أن أشكر نعمتك التي أنعمتها عليَّ وعلى
والديَّ, واجعلني أعمل صالحًا ترضاه, وأصلح
لي في ذريتي, إني تبت إليك من ذنوبي, وإني
من الخاضعين لك بالطاع
ة والمستسلمين لأمرك ونهيك,
المنقادين لحكمك.




أُوْلَئِكَ الَّذِينَ
نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا
وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي
أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ
الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)


أولئك الذين نتقبل
منهم أحسن ما عملوا من
صالحات الأعمال, ونصفح عن سيئاتهم,
في جملة أصحاب الجنة, هذا الوعد الذي وعدناهم
به هو وعد الصدق الحق الذي لا شك فيه.




وَالَّذِي قَالَ
لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي
أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ
مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ
اللّ
َهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ
اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلاَّ
أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (17)


والذي قال لوالديه
إذ دعواه إلى الإيمان بالله والإقرار بالبعث:
قبحًا لكما أتعِدانني أن أُخْرج من قبري
حيًا, وقد مضت القرون من الأمم من قبلي,
فهلكوا فلم يُب
عث منهم أحد؟ ووالداه يسألان
الله هدايته قائلَين له: ويلك, آمن وصدِّق
واعمل صالحًا, إن وعد الله بالبعث حق لا
شك فيه, فيقول لهما: ما هذا الذي تقولانه
إلا ما سطَّره الأولون من الأباطيل, منقول
من كتبهم.




أُوْلَئِكَ الَّذِينَ
حَقَّ عَلَيْهِمْ الْقَوْلُ فِي أُم
َمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ
مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا
خَاسِرِينَ (18)


أولئك الذين هذه
صفتهم وجب عليهم عذاب الله, وحلَّت بهم
عقوبته وسخطه في جملة أمم مضت مِن قبلهم
مِنَ الجن والإنس على الكفر والتكذيب, إنهم
كانوا خاسرين ببيعهم الهدى بالضل
ال, والنعيم بالعذاب.



وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ
مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ
وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (19)


ولكل فريق من أهل
الخير وأهل الشر منازل عند الله يوم القيمة;
بأعمالهم التي عملوها في الدنيا, كل على
وَفْق مرتبته؛ وليوفيهم الله جزاء أعماله
م, وهم لا يُظلمون بزيادة في
سيئاتهم, ولا بنقص من حسناتهم.




وَيَوْمَ يُعْرَضُ
الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ
طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمْ الدُّنْيَا
وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ
تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ
تَسْتَكْبِ
رُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ
الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ
(20)


ويوم يعرض الذين
كفروا على النار للعذاب, فيقال لهم توبيخًا:
لقد أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم
بها, فاليوم - أيها الكفار- تُجْزَون عذاب
الخزي والهوان في النار؛ بما كنتم تتكبرو
ن في الأرض بغير الحق, وبما كنتم
تخرجون عن طاعة الله.




وَاذْكُرْ أَخَا
عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ
وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ
وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ
اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ
يَوْمٍ عَظِيمٍ
(21)

واذكر -أيها الرسول-
نبيَّ الله هودًا أخا عاد في النَّسب لا
في الدين, حين أنذر قومه أن يحل بهم عقاب
الله, وهم في منازلهم المعروفة بـ "الأحقاف",
وهي الرمال الكثيرة جنوب الجزيرة العربية,
وقد مضت الرسل بإنذار قومها قبل هود وبعده:
بأن لا تشركوا مع الله شي
ئًا في عبادتكم له, إني أخاف
عليكم عذاب الله في يوم يَعْظُم هوله, وهو
يوم القيامة.




قَالُوا أَجِئْتَنَا
لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا
بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ
(22)


قالوا: أجئتنا بدعوتك
؛ لتصرفنا عن عبادة آلهتنا؟ فأتنا بما تع
دنا به من العذاب, إن كنت من أهل
الصدق في قولك ووعدك.




قَالَ إِنَّمَا
الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ
مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ
قَوْماً تَجْهَلُونَ (23)


قال هود عليه السلام:
إنما العلم بوقت مجيء ما وُعدتم به من العذاب
عند الله, وإنم
ا أنا رسول الله إليكم, أبلغكم
عنه ما أرسلني به, ولكني أراكم قومًا تجهلون
في استعجالكم العذاب, وجرأتكم على الله.




فَلَمَّا رَأَوْهُ
عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ
قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ
هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا
عَذَا
بٌ أَلِيمٌ (24)

فلما رأوا العذاب
الذي استعجلوه عارضًا في السماء متجهًا
إلى أوديتهم قالوا: هذا سحاب ممطر لنا, فقال
لهم هود عليه السلام: ليس هو بعارض غيث ورحمة
كما ظننتم, بل هو عارض العذاب الذي استعجلتموه,
فهو ريح فيها عذاب مؤلم موجع.




تُدَمِّرُ كُلَّ
شَيْء
ٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا
لا يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ
نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25)


تدمِّر كل شيء تمر
به مما أُرسلت بهلاكه بأمر ربها ومشيئته,
فأصبحوا لا يُرى في بلادهم شيء إلا مساكنهم
التي كانوا يسكنونها, مثل هذا الجزاء نجزي
القوم
المجرمين؛ بسبب جرمهم وطغيانهم.



وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ
فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا
لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً
فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا
أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ
شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآي
َاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ
مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (26)


ولقد يسَّرنا لعاد
أسباب التمكين في الدنيا على نحوٍ لم نمكنكم
فيه معشر كفار قريش, وجعلنا لهم سمعًا يسمعون
به, وأبصارًا يبصرون بها, وأفئدة يعقلون
بها, فاستعملوها فيما يسخط الله عليهم,
فلم تغن ع
نهم شيئًا إذ كانوا يكذِّبون
بحجج الله, ونزل بهم من العذاب ما سخروا
به واستعجلوه. وهذا وعيد من الله جل شأنه,
وتحذير للكافرين.




وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا
مَا حَوْلَكُمْ مِنْ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا
الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27)


ولقد أهلكنا ما
حولكم يا أهل
"مكة" من القرى كعاد وثمود,
فجعلناها خاوية على عروشها, وبيَّنَّا
لهم أنواع الحجج والدلالات ؛ لعلهم يرجعون
عما كانوا عليه من الكفر بالله وآياته.




فَلَوْلا نَصَرَهُمْ
الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ
قُرْبَاناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ
وَذَلِكَ إ
ِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ
(28)


فهلا نصر هؤلاء
الذين أهلكناهم من الأمم الخالية آلهتُهم
التي اتخذوا عبادتها قربانًا يتقربون بها
إلى ربهم; لتشفع لهم عنده, بل ضلَّت عنهم
آلهتهم, فلم يجيبوهم, ولا دافعوا عنهم, وذلك
كذبهم وما كانوا يَفْتَرون في اتخاذهم
إياهم آلهة.



وَإِذْ صَرَفْنَا
إِلَيْكَ نَفَراً مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ
الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا
أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا
إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29)


واذكر -أيها الرسول-
حين بعثنا إليك, طائفة من الجن يستمعون
منك القرآن, فل
ما حضروا, ورسول الله صلى الله
عليه وسلم يقرأ, قال بعضهم لبعض: أنصتوا;
لنستمع القرآن, فلما فرغ الرسول من تلاوة
القرآن, وقد وعَوه وأثَّر فيهم, رجعوا إلى
قومهم منذرين ومحذرين لهم بأس الله, إن
لم يؤمنوا به.




قَالُوا يَا قَوْمَنَا
إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُن
ْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً
لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ
وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30)


قالوا: يا قومنا
إنا سمعنا كتابًا أنزل من بعد موسى, مصدقًا
لما قبله من كتب الله التي أنزلها على رسله,
يهدي إلى الحق والصواب, وإلى طريق صحيح
مست
قيم.



يَا قَوْمَنَا
أَجِيبُوا دَاعِي اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ
يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ
مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31)


يا قومنا أجيبوا
رسول الله محمدًا إلى ما يدعوكم إليه, وصدِّقوه
واعملوا بما جاءكم به, يغفر الله لكم من
ذنوبكم وينقذكم من عذاب
مؤلم موجع.



وَمَنْ لا يُجِبْ
دَاعِي اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي
الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ
أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (32)


ومن لا يُجِبْ رسول
الله إلى ما دعا إليه فليس بمعجز الله في
الأرض إذا أراد عقوبته, وليس له من دون الله
أن
صار يمنعونه من عذابه, أولئك
في ذَهاب واضح عن الحق.




أَوَلَمْ يَرَوْا
أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ
بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى
بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
(33)


أغَفَلوا ولم يعلموا أنَّ الله الذي خلق السموات
والأرض على غير مثال سبق, ولم يعجز عن خلقهن,
قادر على إحياء الموتى الذين خلقهم أوّلا؟
بلى, ذلك أمر يسير على الله تعالى الذي لا
يعجزه شيء, إنه على كل شيء قدير.




وَيَوْمَ يُعْرَضُ
الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ
هَذَا
بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا
قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ
تَكْفُرُونَ (34)


ويوم القيامة يُعْرَض
الذين كفروا على نار جهنم للعذاب فيقال
لهم: أليس هذا العذاب بالحق؟ فيجيبون قائلين:
بلى وربنا هو الحق, فيقال لهم: فذوقوا العذاب
بما كنتم تجحدو
ن عذاب النار وتنكرونه في الدنيا.



فَاصْبِرْ كَمَا
صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنْ الرُّسُلِ
وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ
يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا
إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ
يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُون
َ (35)

فاصبر -أيها الرسول-
على ما أصابك مِن أذى قومك المكذبين لك,
كما صبر أولو العزم من الرسل من قبلك- وهم،
على المشهور: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى
وأنت منهم- ولا تستعجل لقومك العذاب; فحين
يقع ويرونه كأنهم لم يمكثوا في الدنيا إلا
ساعة من نهار, هذا بلاغ لهم و
لغيرهم. ولا يُهْلَكُ بعذاب
الله إلا القوم الخارجون عن أمره وطاعته.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

 التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور) Empty
مُساهمةموضوع: رد: التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور)    التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور) I_icon_minitimeالخميس مارس 14, 2013 10:42 am


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]






47- سورة محمد





الَّذِينَ كَفَرُوا
وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ
أَعْمَالَهُمْ (1)


الذين جحدوا أن
الله هو الإله الحق وحده لا شريك له, وصدوا
الناس عن دينه, أَذْهَبَ الله أعمالهم,
و
أبطلها, وأشقاهم بسببها.



وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا
نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ
مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ
وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2)


والذين صدَّقوا
الله واتَّبَعوا شرعه وصدَّقوا بالكتاب
الذي
أنزل على محمد صلى الله عليه
وسلم، وهو الحق الذي لا شك فيه من ربهم,
عفا عنهم وستر عليهم ما عملوا من السيئات,
فلم يعاقبهم عليها, وأصلح شأنهم في الدينا
والآخرة.




ذَلِكَ بِأَنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ
وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا
ال
ْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ
يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ
(3)


ذلك الإضلال والهدى
سببه أن الذين كفروا اتَّبَعوا الشيطان
فأطاعوه, وأن الذين آمنوا اتَّبَعوا الرسول
صلى الله عليه وسلم وما جاء به من النور
والهدى, كما بيَّن الله تعالى فِعْلَه بالفر
يقين أهل الكفر وأهل الإيمان
بما يستحقان يضرب سبحانه للناس أمثالهم,
فيلحق بكل قوم من الأمثال والأشكال ما يناسبه.




فَإِذا لَقِيتُمْ
الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ
حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا
الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا
فِد
َاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ
أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ
لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ
بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا
فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ
(4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ
(5) وَيُدْخِلُهُ
مْ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ
(6)


فإذا لقيتم- أيها
المؤمنون- الذين كفروا في ساحات الحرب فاصدقوهم
القتال, واضربوا منهم الأعناق, حتى إذا
أضعفتموهم بكثرة القتل, وكسرتم شوكتهم,
فأحكموا قيد الأسرى: فإما أن تَمُنُّوا
عليهم بفك أسرهم بغير عوض, وإما أن يفادوا
أن
فسهم بالمال أو غيره, وإما أن
يُسْتَرَقُّوا أو يُقْتَلوا, واستمِرُّوا
على ذلك حتى تنتهي الحرب. ذلك الحكم المذكور
في ابتلاء المؤمنين بالكافرين ومداولة
الأيام بينهم, ولو يشاء الله لانتصر للمؤمنين
من الكافرين بغير قتال, ولكن جعل عقوبتهم
على أيديكم, فشرع الجهاد
؛ ليختبركم بهم, ولينصر بكم دينه.
والذين قُتلوا في سبيل الله من المؤمنين
فلن يُبْطِل الله ثواب أعمالهم, سيوفقهم
أيام حياتهم في الدنيا إلى طاعته ومرضاته,
ويُصْلح حالهم وأمورهم وثوابهم في الدنيا
والآخرة, ويدخلهم الجنة, عرَّفهم بها ونعتها
لهم، ووفقهم للقيام بم
ا أمرهم به -ومن جملته الشهادة
في سبيله-، ثم عرَّفهم إذا دخلوا الجنة
منازلهم بها.




يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ
وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)


يا أيها الذين صدَّقوا
الله ورسوله وعملوا بشرعه, إن تنصروا دين
الله بالجهاد في
سبيله, والحكم بكتابه, وامتثال
أوامره, واجتناب نواهيه, ينصركم الله على
أعدائكم, ويثبت أقدامكم عند القتال.




وَالَّذِينَ كَفَرُوا
فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ
(Cool ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ
اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9)


والذين كفروا فهلاكًا لهم, وأذهب الله
ثواب أعمالهم؛ ذلك بسبب أنهم كرهوا كتاب
الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه
وسلم، فكذبوا به, فأبطل أعمالهم; لأنها
كانت في طاعة الشيطان.




أَفَلَمْ يَسِيرُوا
فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ
عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ ق
َبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا
(10)


أفلم يَسِرْ هؤلاء
الكفار في أرض الله معتبرين بما حلَّ بالأمم
المكذبة قبلهم من العقاب؟ دمَّر الله عليهم
ديارهم, وللكافرين أمثال تلك العاقبة التي
حلت بتلك الأمم.




ذَلِكَ بِأَنَّ
اللَّهَ
مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا
وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ
(11)


ذلك الذي فعلناه
بالفريقين فريق الإيمان وفريق الكفر; بسبب
أن الله وليُّ المؤمنين ونصيرهم, وأن الكافرين
لا وليَّ لهم ولا نصير.




إِنَّ اللَّهَ
يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّ
الِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي
مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَالَّذِينَ
كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ
كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ
مَثْوًى لَهُمْ (12)


إن الله يدخل الذين
آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات جنات
تجري من تحت أشجارها الأنهار تَكْرِمَ
ةً لهم, ومثل الذين كفروا في
أكلهم وتمتعهم بالدنيا, كمثل الأنعام من
البهائم التي لا همَّ لها إلا في الاعتلاف
دون غيره, ونار جهنم مسكن لهم ومأوى.




وَكَأَيِّنْ مِنْ
قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ
الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ
فَلا نَاصِ
رَ لَهُمْ (13)

وكثير من أهل قرى
كانوا أشد بأسًا من أهل قريتك -أيها الرسول,
وهي "مكة"- التي أخرجتك, دمَّرناهم
بأنواع من العذاب, فلم يكن لهم نصير ينصرهم
من عذاب الله.




أَفَمَنْ كَانَ
عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ
لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُ
وا أَهْوَاءَهُمْ (14)

أفمن كان على برهان
واضح من ربه والعلم بوحدانيته, كمن حسَّن
له الشيطان قبيح عمله, واتبع ما دعته إليه
نفسه من معصية الله وعبادة غيره مِن غير
حجة ولا برهان؟ لا يستوون.




مَثَلُ الْجَنَّةِ
الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا
أَنْهَارٌ مِن
ْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ
مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ
وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ
وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ
فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ
مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي
النَّارِ وَسُ
قُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ
أَمْعَاءَهُمْ (15)


صفة الجنة التي
وعدها الله المتقين: فيها أنهارٌ عظيمة
من ماء غير متغيِّر, وأنهار من لبن لم يتغيَّر
طعمه, وأنهار من خمر يتلذذ به الشاربون,
وأنهار من عسل قد صُفِّي من القذى, ولهؤلاء
المتقين في هذه الجنة جميع ال
ثمرات من مختلف الفواكه وغيرها,
وأعظم من ذلك السَّتر والتجاوزُ عن ذنوبهم,
هل مَن هو في هذه الجنة كمَن هو ماكث في
النار لا يخرج منها, وسُقوا ماء تناهى في
شدة حره فقطَّع أمعاءهم؟




وَمِنْهُمْ مَنْ
يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا
مِنْ عِنْدِكَ قَالُو
ا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ
مَاذَا قَالَ آنِفاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ
طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا
أَهْوَاءَهُمْ (16)


ومن هؤلاء المنافقين
مَن يستمع إليك -أيها النبي- بغير فهم؛ تهاونًا
منهم واستخفافًا, حتى إذا انصرفوا من مجلسك
قالوا لمن ح
ضروا مجلسك من أهل العلم بكتاب
الله على سبيل الاستهزاء: ماذا قال محمد
الآن؟ أولئك الذين ختم الله على قلوبهم,
فلا تفقه الحق ولا تهتدي إليه, واتبعوا
أهواءهم في الكفر والضلال.




وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا
زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ
(17)


والذين اهتدوا
لا
تِّباع الحق زادهم الله هدى,
فقوي بذلك هداهم, ووفقهم للتقوى, ويسَّرها
لهم.




فَهَلْ يَنْظُرُونَ
إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ
بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى
لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ
(18)


ما ينتظر هؤلاء
المكذبون إلا الساعة التي
وُعدوا بها أن تجيئهم فجأةً,
فقد ظهرت علاماتها ولم ينتفعوا بذلك, فمن
أين لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة؟




فَاعْلَمْ أَنَّهُ
لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ
لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ
(19)

فاعلم -أيها النبي-
أنه لا معبود بحق إلا الله, واستغفر لذنبك,
واستغفر للمؤمنين والمؤمنات. والله يعلم
تصرفكم في يقظتكم نهارًا, ومستقركم في نومكم
ليلا.




وَيَقُولُ الَّذِينَ
آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا
أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ
فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ
الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنظُرُونَ
إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ
مِنْ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) طَاعَةٌ
وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ
فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً
لَهُمْ (21)


ويقول الذين آمنوا بالله ورسوله: هلا
نُزِّلت سورة من الله تأمرنا بجهاد الكفار,
فإذا أُنزِلت سورة محكمة بالبيان والفرائض
وذُكر فيها الجهاد, رأيت الذين في قلوبهم
شك في دين الله ونفاق ينظرون إليك -أيها
النبي- نظر الذي قد غُشِيَ عليه خوفَ الموت,
فأولى لهؤلاء الذين في
قلوبهم مرض أن يطيعوا الله, وأن
يقولوا قولا موافقًا للشرع. فإذا وجب القتال
وجاء أمر الله بِفَرْضه كره هؤلاء المنافقون
ذلك, فلو صدقوا الله في الإيمان والعمل
لكان خيرًا لهم من المعصية والمخالفة.




فَهَلْ عَسَيْتُمْ
إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي
الأَر
ْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ
(22)


فلعلكم إن أعرضتم
عن كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه
وسلم أن تعصوا الله في الأرض, فتكفروا به
وتسفكوا الدماء وتُقَطِّعوا أرحامكم.




أُوْلَئِكَ الَّذِينَ
لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى
أَبْصَارَهُمْ (23)


أولئك الذين أبعدهم
الله من رحمته, فجعلهم لا يسمعون ما ينفعهم
ولا يبصرونه, فلم يتبينوا حجج الله مع كثرتها.




أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ
الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا
(24)


أفلا يتدبر هؤلاء
المنافقون مواعظ القرآن ويتفكرون في حججه؟
بل هذه القلوب مغلَق
ة لا يصل إليها شيء من هذا القرآن,
فلا تتدبر مواعظ الله وعبره.




إِنَّ الَّذِينَ
ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ
بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى
الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى
لَهُمْ (25)


إن الذين ارتدُّوا
عن الهدى والإيمان, ورجعوا على أعقاب
هم كفارًا بالله من بعد ما وَضَح
لهم الحق, الشيطان زيَّن لهم خطاياهم, ومدَّ
لهم في الأمل.




ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ
قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ
اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26)


ذلك الإمداد لهم
حتى يتمادو
ا في الكفر ; بسبب أنهم قالوا
لليهود الذين كرهوا ما نزل الله: سنطيعكم
في بعض الأمر الذي هو خلاف لأمر الله وأمر
رسوله, والله تعالى يعلم ما يخفيه هؤلاء
ويسرونه, فليحذر المسلم من طاعة غير الله
فيما يخالف أمر الله سبحانه, وأمر رسوله
محمد صلى الله عليه وسلم.




فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ
الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ
وَأَدْبَارَهُمْ (27)


فكيف حالهم إذا
قبضت الملائكة أرواحهم وهم يضربون وجوههم
وأدبارهم؟




ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ
اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا
رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ
(28
)

ذلك العذاب الذي
استحقوه ونالوه؛ بسبب أنهم اتبعوا ما أسخط
الله عليهم من طاعة الشيطان, وكرهوا ما
يرضيه عنهم من العمل الصالح, ومنه قتال
الكفار بعدما افترضه عليهم, فأبطل الله
ثواب أعمالهم من صدقة وصلة رحم وغير ذلك.




أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ
فِي قُلُوبِهِمْ مَر
َضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ
أَضْغَانَهُمْ (29)


بل أظنَّ المنافقون
أن الله لن يُخْرِج ما في قلوبهم من الحسد
والحقد للإسلام وأهله؟ بلى فإن الله يميز
الصادق من الكاذب.




وَلَوْ نَشَاءُ
لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ
وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي
لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ
يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30)


ولو نشاء -أيها
النبي- لأريناك أشخاصهم, فلعرفتهم بعلامات
ظاهرة فيهم, ولتعرفنَّهم فيما يبدو من كلامهم
الدال على مقاصدهم. والله تعالى لا تخفى
عليه أعمال مَن أطاعه ولا أعمال من عصاه,
وسيجازي كلا بما يستحق.




وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ
حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ
وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ
(31)


ولنختبرنكم- أيها
المؤمنون- بالقتال والجهاد لأعداء الله
حتى يظهر ما علمه سبحانه في الأزل؛ لنميز
أهل الجهاد منكم والصبر على قتال أعداء
الله, ونختبر
أقوالكم وأفعالكم, فيظهر الصادق
منكم من الكاذب.




إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا
تَبَيَّنَ لَهُمْ الهُدَى لَنْ يَضُرُّوا
اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ
(32)


إن الذين جحدوا
أن الله هو
الإله الحق وحده لا شريك له,
وصدوا الناس عن دينه, وخالفوا رسول الله
صلى الله عليه وسلم، فحاربوه من بعد ما
جاءتهم الحجج والآيات أنه نبي من عند الله,
لن يضروا دين الله شيئًا, وسيُبْطِل ثواب
أعمالهم التي عملوها في الدنيا؛ لأنهم
لم يريدوا بها وجه الله تعالى.




يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ
(33)


يا أيها الذين صدَّقوا
الله ورسوله وعملوا بشرعه أطيعوا الله
وأطيعوا الرسول في أمرهما ونهيهما, ولا
تبطلوا ثواب أعمالكم بالكفر والمعاصي.




إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ
سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ
كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ
(34)


إن الذين جحدوا
أن الله هو الإله الحق وحده لا شريك له وصدُّوا
الناس عن دينه, ثم ماتوا على ذلك, فلن يغفر
الله لهم, وسيعذبهم عقابًا لهم على كفرهم,
وي
فضحهم على رؤوس الأشهاد.



فَلا تَهِنُوا
وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمْ
الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ
يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)


فلا تضعفوا -أيها
المؤمنون بالله ورسوله- عن جهاد المشركين,
وتجْبُنوا عن قتالهم, وتدعوهم إلى الصلح
والمسالمة, و
أنتم القاهرون لهم والعالون
عليهم, والله تعالى معكم بنصره وتأييده.
وفي ذلك بشارة عظيمة بالنصر والظَّفَر
على الأعداء. ولن يُنْقصكم الله ثواب أعمالكم.




إِنَّمَا الحَيَاةُ
الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا
وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا
يَ
سْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36)
إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا
وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37)


إنما الحياة الدنيا
لعب وغرور. وإن تؤمنوا بالله ورسوله, وتتقوا
الله بأداء فرائضه واجتناب معاصيه, يؤتكم
ثواب أعمالكم, ولا يسألْكم إخراج أموالكم
جميعها ف
ي الزكاة, بل يسألكم إخراج بعضها.
إن يسألكم أموالكم, فيُلِحَّ عليكم ويجهدكم,
تبخلوا بها وتمنعوه إياها, ويظهر ما في
قلوبكم من الحقد إذا طلب منكم ما تكرهون
بذله.




هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ
تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ
يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ
عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمْ
الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ
قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا
أَمْثَالَكُمْ (38)


ها أنتم -أيها المؤمنون-
تُدْعَون إلى النفقة في جهاد أعداء الله
ونصرة دينه, فم
نكم مَن يَبْخَلُ بالنفقة في
سبيل الله, ومَن يَبْخَلْ فإنما يبخل عن
نفسه, والله تعالى هو الغنيُّ عنكم وأنتم
الفقراء إليه, وإن تتولوا عن الإيمان بالله
وامتثال أمره يهلكُّم, ويأت بقوم آخرين,
ثم لا يكونوا أمثالكم في التولي عن أمر
الله, بل يطيعونه ويطيعون رسوله
, ويجاهدون في سبيله بأموالهم
وأنفسهم.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

 التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور) Empty
مُساهمةموضوع: رد: التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور)    التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور) I_icon_minitimeالخميس مارس 14, 2013 10:48 am

اقتباس :


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

48- سورة الفتح





إِنَّا فَتَحْنَا
لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (1)


إنا فتحنا لك -أيها
الرسول- فتحًا مبينًا, يظهر الله فيه دينك,
وينصرك على عدوك, وهو هدنة "الحديبية"
التي أمن الناس بسببها بعضهم بعضًا, فاتسعت
دائرة الدعوة لدين
الله, وتمكن من يريد الوقوف
على حقيقة الإسلام مِن معرفته, فدخل الناس
تلك المدة في دين الله أفواجًا؛ ولذلك سمَّاه
الله فتحًا مبينًا، أي ظاهرًا جليًّا.




لِيَغْفِرَ لَكَ
اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا
تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ
وَيَهْ
دِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً
(2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً
(3)


فتحنا لك ذلك الفتح,
ويسَّرناه لك؛ ليغفر الله لك ما تقدم من
ذنبك وما تأخر؛ بسبب ما حصل من هذا الفتح
من الطاعات الكثيرة وبما تحملته من المشقات,
ويتم نعمته عليك بإظهار دينك ونصرك على
أ
عدائك, ويرشدك طريقًا مستقيمًا
من الدين لا عوج فيه، وينصرك الله نصرًا
قويًّا لا يَضْعُف فيه الإسلام.




هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ
السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ
لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ
وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً
(4)


هو الله الذي أنزل
الطمأنينة في قلوب المؤمنين بالله ورسوله
يوم "الحديبية" فسكنت, ورسخ اليقين
فيها؛ ليزدادوا تصديقًا لله واتباعًا لرسوله
مع تصديقهم واتباعهم. ولله سبحانه وتعالى
جنود السموات والأرض ينصر بهم عباده المؤمنين.
وكان ا
لله عليمًا بمصالح خلقه, حكيمًا
في تدبيره وصنعه.




لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ
تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ
وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً
عَظِيماً (5)


ليدخل الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري مِن
تحت أشجارها وقصورها الأنهار, ماكثين فيها
أبدًا, ويمحو عنهم سيِّئ ما عملوا, فلا يعاقبهم
عليه, وكان ذلك الجزاء عند الله نجاة من
كل غم, وظَفَرًا بكل مطلوب.




وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ
وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ
وَالْمُش
ْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ
ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ
السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ
وَسَاءَتْ مَصِيراً (6)


ويعذب الله المنافقين
والمنافقات والمشركين والمشركات الذين
يظنون ظنًا سيئًا بالله أنه ل
ن ينصر نبيه والمؤمنين معه على
أعدائهم, ولن يُظهر دينه, فعلى هؤلاء تدور
دائرة العذاب وكل ما يسوءهم, وغضب الله
عليهم, وطردهم من رحمته, وأعدَّ لهم نار
جهنم, وساءت منزلا يصيرون إليه.




وَلِلَّهِ جُنُودُ
السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ
عَزِيزاً حَكِيماً
(7)

ولله سبحانه وتعالى
جنود السموات والأرض يؤيد بهم عباده المؤمنين.
وكان الله عزيزًا على خلقه, حكيمًا في تدبير
أمورهم.




إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ
شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (Cool


إنا أرسلناك -أيها
الرسول- شاهدًا على أمتك بالبلاغ, مبينًا
لهم ما أرسلناك به
إليهم, ومبشرًا لمن أطاعك بالجنة,
ونذيرًا لمن عصاك بالعقاب العاجل والآجل؛
لتؤمنوا بالله ورسوله, وتنصروا الله بنصر
دينه, وتعظموه, وتسبحوه أول النهار وآخره.




لِتُؤْمِنُوا
بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ
وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً
وَأَصِيلاً
(9)

إن الذين يبايعونك
-أيها النبي- بـ "الحديبية" على القتال
إنما يبايعون الله, ويعقدون العقد معه ابتغاء
جنته ورضوانه, يد الله فوق أيديهم, فهو معهم
يسمع أقوالهم, ويرى مكانهم, ويعلم ضمائرهم
وظواهرهم, فمن نقض بيعته فإنما يعود وبال
ذلك على نفسه, ومن أوفى بما ع
اهد الله عليه من الصبر عند لقاء
العدو في سبيل الله ونصرة نبيه محمد صلى
الله عليه وسلم, فسيعطيه الله ثوابًا جزيلا
وهو الجنة. وفي الآية إثبات صفة اليد لله
تعالى بما يليق به سبحانه, دون تشبيه ولا
تكييف.




إِنَّ الَّذِينَ
يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ
ا
للَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ
أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا
يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى
بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ
أَجْراً عَظِيماً (10) سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ
مِنْ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا
وَأَهْلُونَا
فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ
بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ
قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنْ اللَّهِ
شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ
أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ اللَّهُ
بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (11)


سيقول لك -أيها
النبي- الذي
ن تخلَّفوا من الأعراب عن الخروج
معك إلى "مكة" إذا عاتبتهم: شغلتنا
أموالنا وأهلونا, فاسأل ربك أن يغفر لنا
تخلُّفنا, يقولون ذلك بألسنتهم, ولا حقيقة
له في قلوبهم, قل لهم: فمن يملك لكم من الله
شيئًا إن أراد بكم شرًا أو خيرًا؟ ليس الأمر
كما ظن هؤلاء المنافقون أ
ن الله لا يعلم ما انطوت عليه
بواطنهم من النفاق, بل إنه سبحانه كان بما
يعملون خبيرًا, لا يخفى عليه شيء من أعمال
خلقه.




بَلْ ظَنَنْتُمْ
أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ
إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ
ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ
ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ
قَوْماً بُوراً (12)


وليس الأمر كما
زعمتم من انشغالكم بالأموال والأهل, بل
إنكم ظننتم أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم ومن معه من أصحابه سيَهْلكون, ولا
يَرْجعون إليكم أبدًا, وحسَّن الشيطان
ذلك في قلوبكم, وظننتم ظنًا سيئًا أن الله
لن
ينصر نبيه محمدًا صلى الله عليه
وسلم وأصحابه على أعدائهم, وكنتم قومًا
هَلْكى لا خير فيكم.




وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ
بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا
لِلْكَافِرِينَ سَعِيراً (13)


ومن لم يصدِّق بالله
وبما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم ويعمل
بشرعه, ف
إنه كافر مستحق للعقاب, فإنا
أعددنا للكافرين عذاب السعير في النار.




وَلِلَّهِ مُلْكُ
السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ
يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ
اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (14)


ولله ملك السموات
والأرض وما فيهما, يتجاوز برحمته عمن يشاء
ف
يستر ذنبه, ويعذِّب بعدله من
يشاء. وكان الله سبحانه وتعالى غفورًا لمن
تاب إليه, رحيمًا به.




سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ
إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا
ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ
يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ
تَتَّبِعُونَ
ا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ
مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا
بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً
(15)


سيقول المخلَّفون,
إذا انطلقت -أيها النبي- أنت وأصحابك إلى
غنائم "خيبر" التي وعدكم الله بها,
اتركونا نذهب معكم إلى "خيبر", يريدون
أن ي
غيِّروا بذلك وعد الله لكم. قل
لهم: لن تخرجوا معنا إلى "خيبر"؛ لأن
الله تعالى قال لنا من قبل رجوعنا إلى "المدينة":
إن غنائم "خيبر" هي لمن شهد "الحديبية"
معنا, فسيقولون: ليس الأمر كما تقولون, إن
الله لم يأمركم بهذا, إنكم تمنعوننا من
الخروج معكم حسدًا منكم؛ ل
ئلا نصيب معكم الغنيمة, وليس
الأمر كما زعموا, بل كانوا لا يفقهون عن
الله ما لهم وما عليهم من أمر الدين إلا
يسيرًا.




قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ
مِنْ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى
قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ
أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا ي
ُؤْتِكُمْ اللَّهُ أَجْراً
حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ
مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً
(16)


قل للذين تخلَّفوا
من الأعراب (وهم البدو) عن القتال: ستُدْعون
إلى قتال قوم أصحاب بأس شديد في القتال,
تقاتلونهم أو يسلمون من غير قتال,
فإن تطيعوا الله فيما دعاكم
إليه مِن قتال هؤلاء القوم يؤتكم الجنة,
وإن تعصوه كما فعلتم حين تخلفتم عن السير
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى "مكة",
يعذبكم عذابًا موجعًا.




لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى
حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا
عَلَى الْمَرِيضِ حَ
رَجٌ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي
مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ
يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً (17)


ليس على الأعمى
منكم- أيها الناس- إثم, ولا على الأعرج إثم,
ولا على المريض إثم, في أن يتخلَّفوا عن
الجهاد مع الم
ؤمنين؛ لعدم استطاعتهم. ومن
يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري مِن تحت
أشجارها وقصورها الأنهار, ومن يعص الله
ورسوله, فيتخلَّف عن الجهاد مع المؤمنين,
يعذبه عذابًا مؤلمًا موجعًا.




لَقَدْ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ
تَحْتَ الشَّجَرَةِ
فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ
فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ
فَتْحاً قَرِيباً (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً
يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً
حَكِيماً (19)


لقد رضي الله عن
المؤمنين حين بايعوك -أيها النبي- تحت الشجرة
(وهذه هي بيعة الرضوا
ن في "الحديبية") فعلم الله
ما في قلوب هؤلاء المؤمنين من الإيمان والصدق
والوفاء, فأنزل الله الطمأنينة عليهم وثبَّت
قلوبهم, وعوَّضهم عمَّا فاتهم بصلح "الحديبية"
فتحًا قريبًا, وهو فتح "خيبر", ومغانم
كثيرة تأخذونها من أموال يهود "خيبر".
وكان الله عزيزًا في انت
قامه من أعدائه, حكيمًا في تدبير
أمور خلقه.




وَعَدَكُمْ اللَّهُ
مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ
لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ
عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ
وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً
(20) وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِر
ُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ
اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيراً (21) وَلَوْ قَاتَلَكُمْ
الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوْا الأَدْبَارَ
ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً
(22)


وعدكم الله مغانم
كثيرة تأخذونها في أوقاتها التي قدَّرها
ال
له لكم فعجَّل لكم غنائم "خيبر",
وكفَّ أيدي الناس عنكم, فلم ينلكم سوء مما
كان أعداؤكم أضمروه لكم من المحاربة والقتال,
ومن أن ينالوا ممن تركتموهم وراءكم في "المدينة",
ولتكون هزيمتهم وسلامتكم وغنيمتكم علامة
تعتبرون بها, وتستدلون على أن الله حافظكم
وناصركم, وي
رشدكم طريقا مستقيما لا اعوجاج
فيه. وقد وعدكم الله غنيمة أخرى لم تقدروا
عليها, الله سبحانه وتعالى قادر عليها,
وهي تحت تدبيره وملكه, وقد وعدكموها, ولا
بد مِن وقوع ما وعد به. وكان الله على كل
شيء قديرًا لا يعجزه شيء. ولو قاتلكم كفار
قريش بـ "مكة" لانهزموا عنك
م وولوكم ظهورهم, كما يفعل المنهزم
في القتال, ثم لا يجدون لهم من دون الله
وليًا يواليهم على حربكم, ولا نصيرًا يعينهم
على قتالكم.




سُنَّةَ اللَّهِ
الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ
تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً
(23)


سنة الله التي سنَّها
في خلقه م
ن قبل بنصر جنده وهزيمة أعدائه,
ولن تجد -أيها النبي- لسنة الله تغييرًا.




وَهُوَ الَّذِي
كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ
عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ
أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ
اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً (24)


وهو الذي كفَّ أيدي المشركين عنكم, وأيديكم
عنهم ببطن "مكة" من بعد ما قَدَرْتم
عليهم, فصاروا تحت سلطانكم (وهؤلاء المشركون
هم الذين خرجوا على عسكر رسول الله صلى
الله عليه وسلم بـ"الحديبية", فأمسكهم
المسلمون ثم تركوهم ولم يقتلوهم, وكانوا
نحو ثمانين رجلا) وكان الله بأعما
لكم بصيرًا, لا تخفى عليه خافية.



هُمْ الَّذِينَ
كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ
يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ
مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ
تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ
مِنْهُمْ
مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ
لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ
يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً
أَلِيماً (25)


كفار قريش هم الذين
جحدوا توحيد الله, وصدُّوكم يوم "الحديبية"
عن دخول المسجد الحرام, ومنعوا الهدي, وحبس
وه أن يبلغ محل نحره, وهو الحرم.
ولولا رجال مؤمنون مستضعفون ونساء مؤمنات
بين أظهر هؤلاء الكافرين بـ "مكة",
يكتمون إيمانهم خيفة على أنفسهم لم تعرفوهم؛
خشية أن تطؤوهم بجيشكم فتقتلوهم, فيصيبكم
بذلك القتل إثم وعيب وغرامة بغير علم, لكنَّا
سلَّطناكم عليهم؛ ليدخل
الله في رحمته من يشاء فيَمُنَّ
عليهم بالإيمان بعد الكفر, لو تميَّز هؤلاء
المؤمنون والمؤمنات عن مشركي "مكة"
وخرجوا من بينهم, لعذَّبنا الذين كفروا
وكذَّبوا منهم عذابًا مؤلمًا موجعًا.




إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ
كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْحَمِيَّةَ
حَمِيَّةَ الْ
جَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ
سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى
الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ
التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا
وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً
(26)


إذ جعل الذين كفروا
في قلوبهم الأنَفَة أنَفَة الجاهلية؛ لئ
لا يقروا برسالة محمد صلى الله
عليه وسلم، ومن ذلك امتناعهم أن يكتبوا
في صلح "الحديبية" "بسم الله الرحمن
الرحيم" وأبوا أن يكتبوا "هذا ما قاضى
عليه محمد رسول الله", فأنزل الله الطمأنينة
على رسوله وعلى المؤمنين معه, وألزمهم قول
"لا إله إلا الله" التي هي رأس كل
تقوى, وكان الرسول صلى الله
عليه وسلم والمؤمنون معه أحق بكلمة التقوى
من المشركين, وكانوا كذلك أهل هذه الكلمة
دون المشركين. وكان الله بكل شيء عليمًا
لا يخفى عليه شيء.




لَقَدْ صَدَقَ
اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ
لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَ
امَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ
مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ
لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا
فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً
(27)


لقد صدق الله رسوله
محمدًا رؤياه التي أراها إياه بالحق أنه
يدخل هو وأصحابه بيت الله الحرام آم
نين, لا تخافون أهل الشرك, محلِّقين
رؤوسكم ومقصِّرين, فعلم الله من الخير والمصلحة
(في صرفكم عن "مكة" عامكم ذلك ودخولكم
إليها فيما بعد) ما لم تعلموا أنتم, فجعل
مِن دون دخولكم "مكة" الذي وعدتم به,
فتحًا قريبًا, وهو هدنة "الحديبية"
وفتح "خيبر".




هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى
وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً
(28)


هو الذي أرسل رسوله
محمدًا صلى الله عليه وسلم، بالبيان الواضح
ودين الإسلام؛ ليُعْليه على الملل كلها,
وحسبك -أيها الرسول- بالله شاهدًا على أنه
ناصرك ومظهر دينك على كل دين.



مُحَمَّدٌ رَسُولُ
اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ
عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ
تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ
فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ
فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ
ذَلِكَ
مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ
وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ
أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ
فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ
لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْف
ِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (29)

محمد رسول الله,
والذين معه على دينه أشداء على الكفار,
رحماء فيما بينهم, تراهم ركعًا سُجَّدًا
لله في صلاتهم, يرجون ربهم أن يتفضل عليهم,
فيدخلهم الجنة, ويرضى عنهم, علامة طاعتهم
لله ظاهرة في وجههم من أثر السجود والعبادة,
هذه صفته
م في التوراة. وصفتهم في الإنجيل
كصفة زرع أخرج ساقه وفرعه, ثم تكاثرت فروعه
بعد ذلك, وشدت الزرع, فقوي واستوى قائمًا
على سيقانه جميلا منظره, يعجب الزُّرَّاع؛
ليَغِيظ بهؤلاء المؤمنين في كثرتهم وجمال
منظرهم الكفار. وفي هذا دليل على كفر من
أبغض الصحابة -رضي الله
عنهم-; لأن من غاظه الله بالصحابة,
فقد وُجد في حقه موجِب ذاك, وهو الكفر. وعد
الله الذين آمنوا منهم بالله ورسوله وعملوا
ما أمرهم الله به, واجتنبوا ما نهاهم عنه,
مغفرة لذنوبهم, وثوابًا جزيلا لا ينقطع,
وهو الجنة. (ووعد الله حق مصدَّق لا يُخْلَف,
وكل من اقتفى
أثر الصحابة رضي الله عنهم فهو
في حكمهم في استحقاق المغفرة والأجر العظيم,
ولهم الفضل والسبق والكمال الذي لا يلحقهم
فيه أحد من هذه الأمة, رضي الله عنهم وأرضاهم).



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

 التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور) Empty
مُساهمةموضوع: رد: التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور)    التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور) I_icon_minitimeالخميس مارس 14, 2013 10:50 am


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]




49- سورة الحجرات





يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ
اللَّهِ وَرَسُول
ِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ
اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)


يا أيها الذين آمنوا
بالله ورسوله لا تقضوا أمرًا دون أمر الله
ورسوله من شرائع دينكم فتبتدعوا, وخافوا
الله في قولكم وفعلكم أن يخالَف أمر الله
ورسوله, إن الله سميع لأقوالكم, عليم بنياتكم
وأفعالكم. وفي ه
ذا تحذير للمؤمنين أن يبتدعوا
في الدين, أو يشرعوا ما لم يأذن به الله.




يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ
فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا
لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ
لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ
وَأَنْتُمْ
لا تَشْعُرُونَ (2)

يا أيها الذين صدَّقوا
الله ورسوله وعملوا بشرعه, لا ترفعوا أصواتكم
فوق صوت النبي عند مخاطبتكم له, ولا تجهروا
بمناداته كما يجهر بعضكم لبعض, وميِّزوه
في خطابه كما تميَّز عن غيره في اصطفائه
لحمل رسالة ربه, ووجوب الإيمان به, ومحبته
وطاعته وال
اقتداء به؛ خشية أن تبطل أعمالكم,
وأنتم لا تشعرون, ولا تُحِسُّون بذلك.




إِنَّ الَّذِينَ
يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ
اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ
اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ
مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3)


إن الذين يَخْفِضون أصواتهم عند رسول الله أولئك
الذين اختبر الله قلوبهم, وأخلصها لتقواه,
لهم من الله مغفرة لذنوبهم وثواب جزيل,
وهو الجنة.




إِنَّ الَّذِينَ
يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ
أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (4)


إن الذين ينادونك
-أيها النبي- من وراء حجراتك بصو
ت مرتفع, أكثرهم ليس لهم من العقل
ما يحملهم على حسن الأدب مع رسول الله صلى
الله عليه وسلَّم, وتوقيره.




وَلَوْ أَنَّهُمْ
صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ
لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ (5)


ولو أنهم صبروا
حتى تخرج إليهم لكان خيرًا لهم عن
د الله; لأن الله قد أمرهم بتوقيرك,
والله غفور لما صدر عنهم جهلا منهم من الذنوب
والإخلال بالآداب, رحيم بهم حيث لم يعاجلهم
بالعقوبة.




يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ
فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً
بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُو
ا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ
(6)


يا أيها الذين صدَّقوا
الله ورسوله وعملوا بشرعه, إن جاءكم فاسق
بخبر فتثبَّتوا من خبره قبل تصديقه ونقله
حتى تعرفوا صحته؛ خشية أن تصيبوا قومًا
برآء بجناية منكم, فتندموا على ذلك.




وَاعْلَمُوا أَنَّ
فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ
لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ
مِنْ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ
اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الإِيمَانَ
وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ
إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ
أُوْلَئِكَ هُمْ الرَّاشِدُونَ (7)


واعلموا أن بين
أظهركم رسولَ الل
ه فتأدبوا معه؛ فإنه أعلم منكم
بما يصلح لكم, يريد بكم الخير, وقد تريدون
لأنفسكم من الشر والمضرة ما لا يوافقكم
الرسول عليه, لو يطيعكم في كثير من الأمر
مما تختارونه لأدى ذلك إلى مشقتكم, ولكن
الله حبب إليكم الإيمان وحسَّنه في قلوبكم,
فآمنتم, وكرَّه إليكم الكفر
َ بالله والخروجَ عن طاعته, ومعصيتَه,
أولئك المتصفون بهذه الصفات هم الراشدون
السالكون طريق الحق.




فَضْلاً مِنْ اللَّهِ
وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
(Cool


وهذا الخير الذي
حصل لهم فضل من الله عليهم ونعمة. والله
عليم بمن يشكر نعمه, حكيم في تدبير أمور
خل
قه.



وَإِنْ طَائِفَتَانِ
مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا
بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا
عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي
تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ
فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا
بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إ
ِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
(9)


وإن طائفتان من
أهل الإيمان اقتتلوا فأصلحوا -أيها المؤمنون-
بينهما بدعوتهما إلى الاحتكام إلى كتب
الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والرضا
بحكمهما, فإن اعتدت إحدى الطائفتين وأبت
الإجابة إلى ذلك, فقاتلوها حتى ترجع إلى
حكم الله ورسوله, فإن رجعت فأصلحوا
بينهما بالإنصاف, واعدلوا في حكمكم بأن
لا تتجاوزوا في أحكامكم حكم الله وحكم رسوله,
إن الله يحب العادلين في أحكامهم القاضين
بين خلقه بالقسط. وفي الآية إثبات صفة المحبة
لله على الحقيقة, كما يليق بجلاله سبحانه.




إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا
بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ
لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)


إنما المؤمنون
إخوة في الدين, فأصلحوا بين أخويكم إذا
اقتتلا وخافوا الله في جميع أموركم؛ رجاء
أن تُرحموا.




يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ
مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا
خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ
عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ
وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا
بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ
بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ
فَأُوْلَئِكَ هُمْ ا
لظَّالِمُونَ (11)

يا أيها الذين صدَّقوا
الله ورسوله وعملوا بشريعته لا يهزأ قوم
مؤمنون من قوم مؤمنين؛ عسى أن يكون المهزوء
به منهم خيرًا من الهازئين, ولا يهزأ نساء
مؤمنات من نساء مؤمنات; عسى أن يكون المهزوء
به منهنَّ خيرًا من الهازئات, ولا يَعِبْ
بعضكم بعضًا
, ولا يَدْعُ بعضكم بعضًا بما
يكره من الألقاب, بئس الصفة والاسم الفسوق,
وهو السخرية واللمز والتنابز بالألقاب,
بعد ما دخلتم في الإسلام وعقلتموه, ومن
لم يتب من هذه السخرية واللمز والتنابز
والفسوق فأولئك هم الذين ظلموا أنفسهم
بارتكاب هذه المناهي.




يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا
كَثِيراً مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ
إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ
بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ
أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً
فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ
اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيم
ٌ (12)

يا أيها الذين صدَّقوا
الله ورسوله وعملوا بشرعه اجتنبوا كثيرًا
من ظن السوء بالمؤمنين; إن بعض ذلك الظن
إثم, ولا تُفَتِّشوا عن عورات المسلمين,
ولا يقل بعضكم في بعضٍ بظهر الغيب ما يكره.
أيحب أحدكم أكل لحم أخيه وهو ميت؟ فأنتم
تكرهون ذلك, فاكرهوا اغتيابه.
وخافوا الله فيما أمركم به ونهاكم
عنه. إن الله تواب على عباده المؤمنين, رحيم
بهم.




يَا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ
اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّ
هَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)

يا أيها الناس إنَّا
خلقناكم من أب واحد هو آدم, وأُم واحدة هي
حواء، فلا تفاضل بينكم في النسب, وجعلناكم
بالتناسل شعوبًا وقبائل متعددة؛ ليعرف
بعضكم بعضًا, إن أكرمكم عند الله أشدكم
اتقاءً له. إن الله عليم بالمتقين, خبير
بهم.




قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ
تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا
وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ
وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ
لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً
إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)


قالت الأعراب (وهم
البدو): آمن
ا بالله ورسوله إيمانًا كاملا
قل لهم -أيها النبي-: لا تدَّعوا لأنفسكم
الإيمان الكامل, ولكن قولوا: أسلمنا, ولم
يدخل بعدُ الإيمان في قلوبكم, وإن تطيعوا
الله ورسوله لا ينقصكم من ثواب أعمالكم
شيئًا. إن الله غفور لمن تاب مِن ذنوبه,
رحيم به. وفي الآية زجر لمن يُظ
هر الإيمان, ومتابعة السنة, وأعماله
تشهد بخلاف ذلك.




إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ
الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ
وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ
هُمْ الصَّادِقُونَ (15)


إنما المؤمنون
الذين
صدَّقوا بالله وبرسوله وعملوا
بشرعه, ثم لم يرتابوا في إيمانهم, وبذلوا
نفائس أموالهم وأرواحهم في الجهاد في سبيل
الله وطاعته ورضوانه, أولئك هم الصادقون
في إيمانهم.




قُلْ أَتُعَلِّمُونَ
اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ
مَا فِي السَّمَوَاتِ
وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمٌ (16)


قل -أيها النبي-
لهؤلاء الأعراب: أتُخَبِّرون الله بدينكم
وبما في ضمائركم, والله يعلم ما في السموات
وما في الأرض؟ والله بكل شيء عليم, لا يخفى
عليه ما في قلوبكم من الإيمان أو الكفر,
والبر أو الفجور.




يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ
لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلْ
اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ
لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ
(17)


يَمُنُّ هؤلاء
الأعراب عليك -أيها النبي- بإسلامهم ومتابعتهم
ونصرتهم لك, قل لهم: لا تَمُنُّوا عليَّ
دخولكم ف
ي الإسلام ; فإنَّ نفع ذلك إنما
يعود عليكم, ولله المنة عليكم فيه أنْ وفقكم
للإيمان به وبرسوله, إن كنتم صادقين في
إيمانكم.




إِنَّ اللَّهَ
يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ
بِمَا تَعْمَلُونَ (18)


إن الله يعلم غيب
السموات والأرض, لا يخ
فى عليه شيء من ذلك, والله بصير
بأعمالكم وسيجازيكم عليها, إن خيرًا فخير,
وإن شرًا فشر.





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

 التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور) Empty
مُساهمةموضوع: رد: التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور)    التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور) I_icon_minitimeالخميس مارس 14, 2013 10:52 am


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


50- سورة ق





ق وَالْقُرْآنِ
الْمَجِيدِ (1)


( ق ) سبق الكلام على الحروف المقطَّعة
في أول سورة البقرة.


أقسم الله تعالى
بالقرآن الكريم ذي المجد والشرف.




بَلْ عَجِبُوا
أَن
ْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ
فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ
(2)


بل عجب المكذبون
للرسول صلى الله عليه وسلم أن جاءهم منذر
منهم ينذرهم عقاب الله, فقال الكافرون بالله
ورسوله: هذا شيء مستغرب يتعجب منه.




أَئِذَا مِتْنَا
وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَج
ْعٌ بَعِيدٌ (3)

أإذا متنا وصِرْنا
ترابًا, كيف يمكن الرجوع بعد ذلك إلى ما
كنا عليه؟ ذلك رجع بعيد الوقوع.




قَدْ عَلِمْنَا
مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا
كِتَابٌ حَفِيظٌ (4)


قد علمنا ما تنقص
الأرض وتُفني من أجسامهم, وعندنا كتاب محفوظ
من التغيير والتبديل, بكل ما يجري عليهم
في حياتهم وبعد مماتهم.




بَلْ كَذَّبُوا
بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِ
ي أَمْرٍ مَرِيجٍ (5)

بل كذَّب هؤلاء
المشركون بالقرآن حين جاءهم, فهم في أمر
مضطرب مختلط, لا يثبتون على شيء, ولا يستقر
لهم قرار.




أَفَلَمْ يَنْظُرُوا
إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا
وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ
(6)


أغَفَلوا حين كفروا بالبعث, فلم ينظروا إلى السماء
فوقهم, كيف بنيناها مستوية الأرجاء, ثابتة
البناء, وزيناها بالنجوم, وما لها من شقوق
وفتوق, فهي سليمة من التفاوت والعيوب؟




وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا
وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا
فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
(7)

والأرض وسَّعْناها
وفرشناها, وجعلنا فيها جبالا ثوابت; لئلا
تميل بأهلها, وأنبتنا فيها من كل نوع حسن
المنظر نافع, يَسُرُّ ويبهج الناظر إليه.




تَبْصِرَةً وَذِكْرَى
لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (Cool


خلق الله السموات
والأرض وما فيهما من الآيات العظيمة عبرة
يُتبصر
بها مِن عمى الجهل, وذكرى لكل
عبد خاضع خائف وَجِل, رجَّاع إلى الله عز
وجل.




وَنَزَّلْنَا
مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا
بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9)


ونزَّلنا من السماء
مطرًا كثير المنافع, فأنبتنا به بساتين
كثيرة الأشجار, وحب الزرع
المحصود.



وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ
لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10)


وأنبتنا النخل
طِوالا لها طلع متراكب بعضه فوق بعضٍ.




رِزْقاً لِلْعِبَادِ
وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً
كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11)


أنبتنا ذلك رزقًا
للعباد يقتاتون به حسب حاجاتهم, وأحيينا
بهذا ا
لماء الذي أنزلناه من السماء
بلدة قد أجدبت وقحطت, فلا زرع فيها ولا نبات,
كما أحيينا بذلك الماء الأرض الميتة نخرجكم
يوم القيامة أحياء بعد الموت.




كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ
قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ
(12) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ
لُوطٍ (1
3) وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ وَقَوْمُ
تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ
وَعِيدِ (14)


كذَّبت قبل هؤلاء
المشركين من قريش قومُ نوح وأصحاب البئر
وثمود, وعاد وفرعون وقوم لوط, وأصحاب الأيكة
قومُ شعيب, وقوم تُبَّع الحِمْيَري, كل
هؤلاء الأقوام كذَّبوا رسلهم, فح
ق عليهم الوعيد الذي توعدهم
الله به على كفرهم.




أَفَعَيِينَا
بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ
مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15)


أفَعَجَزْنا عن
ابتداع الخلق الأول الذي خلقناه ولم يكن
شيئًا, فنعجز عن إعادتهم خلقًا جديدًا بعد
فنائهم؟ لا يعجزنا ذلك, بل نحن عل
يه قادرون, ولكنهم في حَيْرة
وشك من أمر البعث والنشور.




وَلَقَدْ خَلَقْنَا
الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ
بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ
مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)


ولقد خلقنا الإنسان,
ونعلم ما تُحَدِّث به نفسه, ونحن أقرب إليه
من حبل الوري
د (وهو عِرْق في العنق متصل بالقلب).



إِذْ يَتَلَقَّى
الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ
الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17)


حين يكتب المَلَكان
المترصدان عن يمينه وعن شماله أعماله. فالذي
عن اليمين يكتب الحسنات, والذي عن الشمال
يكتب السيئات.




مَا يَلْفِظُ مِنْ
ق
َوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ
عَتِيدٌ (18)


ما يلفظ من قول
فيتكلم به إلا لديه مَلَك يرقب قوله, ويكتبه,
وهو مَلَك حاضر مُعَدٌّ لذلك.




وَجَاءَتْ سَكْرَةُ
الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ
مِنْهُ تَحِيدُ (19)


وجاءت شدة الموت
وغَمْرته بالحق الذي لا مردَّ
له ولا مناص, ذلك ما كنت منه -
أيها الإنسان - تهرب وتروغ.




وَنُفِخَ فِي الصُّورِ
ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20)


ونُفخ في "القرن"
نفخة البعث الثانية, ذلك النفخ في يوم وقوع
الوعيد الذي توعَّد الله به الكفار.




وَجَاءَتْ كُلُّ
نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ
(21)

وجاءت كل نفس معها
مَلَكان, أحدهما يسوقها إلى المحشر, والآخر
يشهد عليها بما عملت في الدنيا من خير وشر.




لَقَدْ كُنْتَ
فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ
غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ
(22)


لقد كنت في غفلة
من هذا الذي عاينت اليوم أيها ا
لإنسان, فكشفنا عنك غطاءك الذي
غطَّى قلبك, فزالت الغفلة عنك, فبصرك اليوم
فيما تشهد قوي شديد.




وَقَالَ قَرِينُهُ
هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23)


وقال المَلَك الكاتب
الشهيد عليه: هذا ما عندي من ديوان عمله,
وهو لديَّ مُعَدٌّ محفوظ حاضر.




أَلْقِيَا فِي
جَهَنَّ
مَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24)
مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ
(25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً
آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ
(26)


يقول الله للمَلَكين
السائق والشهيد بعد أن يفصل بين الخلائق:
ألقيا في جهنم كل جاحد أن الله هو الإ
لهُ الحقُّ، كثيرَ الكفر والتكذيب
معاند للحق, منَّاع لأداء ما عليه من الحقوق
في ماله, مُعْتدٍ على عباد الله وعلى حدوده,
شاكٍّ في وعده ووعيده, الذي أشرك بالله,
فعبد معه معبودًا آخر مِن خلقه, فألقياه
في عذاب جهنم الشديد.




قَالَ قَرِينُهُ
رَبَّنَا مَا أَطْغَي
ْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ
بَعِيدٍ (27)


قال شيطانه الذي
كان معه في الدنيا: ربنا ما أضللته, ولكن
كان في طريق بعيد عن سبيل الهدى.




قَالَ لا تَخْتَصِمُوا
لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ
بِالْوَعِيدِ (28)


قال الله تعالى:
لا تختصموا لديَّ اليوم في موق
ف الجزاء والحساب; إذ لا فائدة
من ذلك, وقد قَدَّمْتُ إليكم في الدنيا
بالوعيد لمن كفر بي وعصاني.




مَا يُبَدَّلُ
الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ
لِلْعَبِيدِ (29)


ما يُغيَّر القول
لديَّ, ولست أعذِّب أحدًا بذنب أحد, فلا
أعذِّب أحدًا إلا بذنبه بعد قيام
الحجة عليه.



يَوْمَ نَقُولُ
لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ
هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30)


اذكر -أيها الرسول-
لقومك يوم نقول لجهنم يوم القيامة: هل امتلأت؟
وتقول جهنم: هل من زيادة من الجن والإنس؟
فيضع الرب -جل جلاله- قدمه فيها, فينزوي
بعضها على بعض, وتقول:
قط, قط.



وَأُزْلِفَتْ
الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ
(31)


وقُرِّبت الجنة
للمتقين مكانًا غير بعيد منهم, فهم يشاهدونها
زيادة في المسرَّة لهم.




هَذَا مَا تُوعَدُونَ
لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ
الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ
مُنِيبٍ (33)

يقال لهم: هذا الذي
كنتم توعدون به - أيها المتقون - لكل تائب
مِن ذنوبه, حافظ لكل ما قَرَّبه إلى ربه,
من الفرائض والطاعات, مَن خاف الله في الدنيا
ولقيه يوم القيامة بقلب تائب من ذنوبه.




ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ
ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34)


ويقال لهؤلاء المؤمنين: ادخلوا الجنة
دخولا مقرونًا بالسلامة من الآفات والشرور,
مأمونًا فيه جميع المكاره, ذلك هو يوم الخلود
بلا انقطاع.




لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ
فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)


لهؤلاء المؤمنين
في الجنة ما يريدون, ولدينا على ما أعطيناهم
زيادة نعيم, أع
ظَمُه النظر إلى وجه الله الكريم.



وَكَمْ أَهْلَكْنَا
قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ
بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ
مِنْ مَحِيصٍ (36)


وأهلكنا قبل هؤلاء
المشركين من قريش أممًا كثيرة, كانوا أشد
منهم قوة وسطوة, فطوَّفوا في البلاد وعمَّرو
ا ودمَّروا فيها, هل من مهرب
من عذاب الله حين جاءهم؟




إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ
أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)


إن في إهلاك القرون
الماضية لعبرة لمن كان له قلب يعقل به, أو
أصغى السمع, وهو حاضر بقلبه, غير غافل ولا
ساهٍ.




وَلَقَدْ خَلَقْنَا
السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا
فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ
لُغُوبٍ (38)


ولقد خلقنا السموات
السبع والأرض وما بينهما من أصناف المخلوقات
في ستة أيام, وما أصابنا من ذلك الخلق تعب
ولا نَصَب. وفي هذه القدرة العظيمة دل
يل على قدرته -سبحانه - على إحياء
الموتى من باب أولى.




فَاصْبِرْ عَلَى
مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ
قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ
(39) وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ
السُّجُودِ (40)


فاصبر -أيها الرسول-
على ما يقوله الم
كذبون, فإن الله لهم بالمرصاد,
وصلِّ لربك حامدًا له صلاة الصبح قبل طلوع
الشمس وصلاة العصر قبل الغروب, وصلِّ من
الليل, وسبِّحْ بحمد ربك عقب الصلوات.




وَاسْتَمِعْ يَوْمَ
يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ
(41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ
ذ
َلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42)

واستمع -أيها الرسول-
يوم ينادي المَلَك بنفخه في "القرن"
من مكان قريب, يوم يسمعون صيحة البعث بالحق
الذي لا شك فيه ولا امتراء, ذلك يوم خروج
أهل القبور من قبورهم.




إِنَّا نَحْنُ
نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ
(43) يَوْم
َ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ
سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ
(44)


إنَّا نحن نحيي
الخلق ونميتهم في الدنيا, وإلينا مصيرهم
جميعًا يوم القيامة للحساب والجزاء, يوم
تتصدع الأرض عن الموتى المقبورين بها, فيخرجون
مسرعين إلى الداعي, ذلك الجمع في موقف الحسا
ب علينا سهل يسير.



نَحْنُ أَعْلَمُ
بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ
بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ
يَخَافُ وَعِيدِ (45)


نحن أعلم بما يقول
هؤلاء المشركون مِن افتراء على الله وتكذيب
بآياته, وما أنت -أيها الرسول- عليهم بمسلَّط;
لتجبرهم على ال
إسلام, وإنما بُعِثْتَ مبلِّغًا,
فذكِّر بالقرآن من يخشى وعيدي; لأن مَن
لا يخاف الوعيد لا يذَّكر.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

 التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور) Empty
مُساهمةموضوع: رد: التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور)    التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور) I_icon_minitimeالخميس مارس 14, 2013 10:54 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]





52- سورة الطور





وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ
مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ
الْمَعْمُورِ (4) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ
(5) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ
(6)

أقسم الله بالطور,
وهو الجبل الذي كلَّم الله سبحانه وتعالى
موسى عليه, وبكتاب مكتوب, وهو القرآن في
صحف منشورة، وبالبيت المعمور في السماء
بالملائكة الكرام الذين يطوفون به دائمًا,
وبالسقف المرفوع وهو السماء الدنيا, وبالبحر
المسجور المملوء بالمياه.




إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ
(7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (Cool يَوْمَ تَمُورُ
السَّمَاءُ مَوْراً (9) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ
سَيْراً (10)


إن عذاب ربك -أيها
الرسول- بالكفار لَواقع، ليس له مِن مانع
يمنعه حين وقوعه, يوم تتحرك السماء فيختلُّ
نظامها وتضطرب أجزاؤها, وذلك
عند نهاية الحياة الدنيا, وتزول
الجبال عن أماكنها, وتسير كسير السحاب.




فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ
لِلْمُكَذِّبِينَ (11) الَّذِينَ هُمْ فِي
خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (12)


فهلاك في هذا اليوم
واقع بالمكذبين الذين هم في خوض بالباطل
يلعبون به, ويتخذون دينهم هزوًا ولعبًا.




يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ
جَهَنَّمَ دَعّاً (13) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي
كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14)


يوم يُدْفَع هؤلاء
المكذبون دفعًا بعنف ومَهانة إلى نار جهنم،
ويقال توبيخًا لهم: هذه هي النار التي كنتم
بها تكذِّبون.




أَفَسِحْرٌ هَذَا
أَمْ أَنْتُمْ
لا تُبْصِرُونَ (15) اصْلَوْهَا
فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ
عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ
تَعْمَلُونَ (16)


أفسحر ما تشاهدونه
من العذاب أم أنتم لا تنظرون؟ ذوقوا حرَّ
هذه النار, فاصبروا على ألمها وشدتها, أو
لا تصبروا على ذلك، فلن يُخَ
فَّف عنكم العذاب، ولن تخرجوا
منها, سواء عليكم صبرتم أم لم تصبروا, إنما
تُجزون ما كنتم تعملون في الدنيا.




إِنَّ الْمُتَّقِينَ
فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ
بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ
رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18)


إن المتقين في جنات ونعيم عظيم, يتفكهون بما آتاهم
الله من النعيم من أصناف الملاذِّ المختلفة,
ونجَّاهم الله من عذاب النار.




كُلُوا وَاشْرَبُوا
هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (19)
مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ
وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20)


كلوا طعامًا هنيئًا, واشربوا شرابًا سائغًا؛ جزاء
بما عملتم من أعمال صالحة في الدنيا. وهم
متكئون على سرر متقابلة, وزوَّجناهم بنساء
بيض واسعات العيون حسانهنَّ.




وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ
أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا
أَلَتْنَاهُمْ
مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ
كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)


والذين آمنوا واتبعتهم
ذريتهم في الإيمان, وألحقنا بهم ذريتهم
في منزلتهم في الجنة, وإن لم يبلغوا عمل
آبائهم; لتَقَرَّ أعين الآباء بالأبناء
عندهم في منازلهم، فيُجْمَع بينهم على
أحسن الأحوال,
وما نقصناهم شيئًا من ثواب أعمالهم.
كل إنسان مرهون بعمله, لا يحمل ذنب غيره
من الناس.




وَأَمْدَدْنَاهُمْ
بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ
(22) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لا لَغْوٌ
فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ (23)


وزدناهم على ما
ذُكر من النعيم فواكه ولحو
مًا مما يستطاب ويُشتهى، ومن
هذا النعيم أنهم يتعاطَوْن في الجنة كأسًا
من الخمر, يناول أحدهم صاحبه؛ ليتم بذلك
سرورهم، وهذا الشراب مخالف لخمر الدنيا،
فلا يزول به عقل صاحبه, ولا يحصل بسببه لغو،
ولا كلام فيه إثم أو معصية.




وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ
غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ
مَكْنُونٌ (24)


ويطوف عليهم غلمان
مُعَدُّون لخدمتهم, كأنهم في الصفاء والبياض
والتناسق لؤلؤ مصون في أصدافه.




وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ
عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا
إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي
أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ
اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ
السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ
نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ
(28)


وأقبل أهل الجنة,
يسأل بعضهم بعضًا عن عظيم ما هم فيه وسببه,
قالوا: إنا كنا قبل في الدنيا- ونحن
بين أهلينا- خائفين ربنا، مشفقين
من عذابه وعقابه يوم القيامة. فمنَّ الله
علينا بالهداية والتوفيق، ووقانا عذاب
سموم جهنم, وهو نارها وحرارتها. إنا كنا
من قبلُ نضرع إليه وحده لا نشرك معه غيره
أن يقينا عذاب السَّموم ويوصلنا إلى النعيم،
فاستجاب لنا وأعطانا سؤالن
ا, إنه هو البَرُّ الرحيم. فمن
بِره ورحمته إيانا أنالنا رضاه والجنة,
ووقانا مِن سخطه والنار.




فَذَكِّرْ فَمَا
أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ
وَلا مَجْنُونٍ (29)


فذكِّر -أيها الرسول-
مَن أُرسلت إليهم بالقرآن، فما أنت بإنعام
الله عليك بالنبوة ورجاحة الع
قل بكاهن يخبر بالغيب دون علم،
ولا مجنون لا يعقل ما يقول كما يَدَّعون.




أَمْ يَقُولُونَ
شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ
(30) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ
مِنْ الْمُتَرَبِّصِينَ (31)


أم يقول المشركون
لك -أيها الرسول-: هو شاعر ننتظر به نزول
الموت؟ قل لهم: انتظروا موتي
فإني معكم من المنتظرين بكم العذاب، وسترون
لمن تكون العاقبة.




أَمْ تَأْمُرُهُمْ
أَحْلامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ
طَاغُونَ (32)


بل أتأمر هؤلاء
المكذبين عقولهم بهذا القول المتناقض (ذلك
أن صفات الكهانة والشعر والجنون لا يمكن
ا
جتماعها في آن واحد)، بل هم قوم
متجاوزون الحدَّ في الطغيان.




أَمْ يَقُولُونَ
تَقَوَّلَهُ بَل لا يُؤْمِنُونَ (33)


بل أيقول هؤلاء
المشركون, اختلق محمد القرآن من تلقاء نفسه؟
بل هم لا يؤمنون, فلو آمنوا لم يقولوا ما
قالوه.




فَلْيَأْتُوا
بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ
كَانُوا صَادِقِينَ (34)

فليأتوا بكلام
مثل القرآن، إن كانوا صادقين- في زعمهم-
أن محمدًا اختلقه.




أَمْ خُلِقُوا
مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ
(35)


أخُلِق هؤلاء المشركون
من غير خالق لهم وموجد, أم هم الخالقون لأنفسهم؟
وكلا الأمرين باطل ومستحيل.
وبهذا يتعيَّن أن الله سبحانه
هو الذي خلقهم، وهو وحده الذي لا تنبغي
العبادة ولا تصلح إلا له.




أَمْ خَلَقُوا
السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ
(36)


أم خَلَقوا السموات
والأرض على هذا الصنع البديع؟ بل هم لا
يوقنون بعذاب الله, فهم مشركون.




أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ
هُمْ الْمُسَيْطِرُونَ (37)


أم عندهم خزائن
ربك يتصرفون فيها, أم هم الجبارون المتسلطون
على خلق الله بالقهر والغلبة؟ ليس الأمر
كذلك، بل هم العاجزون الضعفاء.




أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ
يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ
بِسُلْ
طَانٍ مُبِينٍ (38)

أم لهم مصعد إلى
السماء يستمعون فيه الوحي بأن الذي هم عليه
حق؟ فليأت مَن يزعم أنه استمع ذلك بحجة
بينة تصدِّق دعواه.




أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ
وَلَكُمْ الْبَنُونَ (39)


ألِلهِ سبحانه
البنات ولكم البنون كما تزعمون افتراء
وكذبًا؟




أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ
مُثْقَلُونَ (40)


بل أتسأل -أيها
الرسول- هؤلاء المشركون أجرًا على تبليغ
الرسالة, فهم في جهد ومشقة من التزام غرامة
تطلبها منهم؟




أَمْ عِنْدَهُمْ
الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41)


أم عندهم علم الغيب
فهم يكتبونه للناس ويخبرون
هم به؟ ليس الأمر كذلك; فإنه
لا يعلم الغيب في السموات والأرض إلا الله.




أَمْ يُرِيدُونَ
كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمْ الْمَكِيدُونَ
(42)


بل يريدون برسول
الله وبالمؤمنين مكرًا، فالذين كفروا يرجع
كيدهم ومكرهم على أنفسهم.




أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ
غَيْرُ اللَّ
هِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا
يُشْرِكُونَ (43)


أم لهم معبود يستحق
العبادة غير الله؟ تنزَّه وتعالى عما يشركون،
فليس له شريك فى الملك، ولا شريك في الوحدانية
والعبادة.




وَإِنْ يَرَوْا
كِسْفاً مِنْ السَّمَاءِ سَاقِطاً يَقُولُوا
سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44)


وإن ير هؤلاء المشركون قطعًا من السماء
ساقطًا عليهم عذابًا لهم لم ينتقلوا عما
هم عليه من التكذيب, ولقالوا: هذا سحاب متراكم
بعضه فوق بعض.




فَذَرْهُمْ حَتَّى
يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ
(45)


فدع -أيها الرسول-
هؤلاء المشركين حتى يلاقوا يومهم الذي
فيه
يُهْلكون، وهو يوم القيامة.



يَوْمَ لا يُغْنِي
عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ
يُنصَرُونَ (46)


وفي ذلك اليوم لا
يَدْفع عنهم كيدهم من عذاب الله شيئًا،
ولا ينصرهم ناصر من عذاب الله.




وَإِنَّ لِلَّذِينَ
ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ
أَكْثَرَ
هُمْ لا يَعْلَمُونَ (47)

وإن لهؤلاء الظلمة
عذابًا يلقونه في الدنيا قبل عذاب يوم القيامة
من القتل والسبي وعذاب البرزخ وغير ذلك،
ولكن أكثرهم لا يعلمون ذلك.




وَاصْبِرْ لِحُكْمِ
رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ
بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَم
ِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ
وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)


واصبر -أيها الرسول-
لحكم ربك وأمره فيما حَمَّلك من الرسالة،
وعلى ما يلحقك من أذى قومك، فإنك بمرأى
منا وحفظ واعتناء، وسبِّح بحمد ربك حين
تقوم إلى الصلاة، وحين تقوم من نومك، ومن
الليل فسبِّح بحمد ربك وعظّ
ِمه, وصلِّ له، وافعل ذلك عند
صلاة الصبح وقت إدبار النجوم. وفي هذه الآية
إثبات لصفة العينين لله تعالى بما يليق
به، دون تشبيه بخلقه أو تكييف لذاته, سبحانه
وبحمده, كما ثبت ذلك بالسنة, وأجمع عليه
سلف الأمة، واللفظ ورد هنا بصيغة الجمع
للتعظيم.





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التفسير الميسر للقرآن الكريم (تفسير سورة الجاثية/الأحقاف/محمد/الفتح/الحجرات/ق/الذاريات/الطور)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سيفن ستارز :: المنتدى الاسلامى :: التفسير-
انتقل الى: