عظات وعبرات ونفحات الطاعات.

تاريخ التسجيل : 31/12/1969

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

قال ابن عطاء الله : أفضل الطاعات ، مراقبة الحق فى جميع الأوقات.
وقال ذو النون المصرى : علامة المراقبة إيثار ما آثر الله ، وتعظيم ما عظم الله .وقال بعض العارفين : من راقب الله فى خواطره عصمه فى جوارحه .
********
ومن أجمل ما قرأت فى هذا المعنى :
كان ابن عمر رضى الله عنهما فى سفر فرأى غلاماً يرعى غنماً فأعجبه حسن رعايته لها فاراد ان يختبر باطنه ، فقال له: تبيع من هذه الغنم واحدة ؟ فقال إنها ليست لى . فقال :قل لصاحبها أن الذئب أخذ منها واحدة . فقال الغلام : فأين الله .. فاعجبه حسن مراقبته وصار يترنم بذلك ويقول : فأين الله ...
***********
وحكى ان رجلاً تعلق قلبه بأمرأة بدوية ذهبت إلى حاجة لها ،فتتبعها ،فلما خلا بها فى البادية ، والناس نيامحولها ، راودها عن نفسها ، فقالت له : أنظر .. أنام الناس جميعاً؟ ففرح الرجل وظن أنها قد أجابته ، فقام وطاف حول مضارب الحى ، فإذا الناس نيام ، فرجع إليها وأخبرها ، فقالت له : ما تقول فى الله تعالى،أنام هو فى هذه الساعة ؟ فقال الرجل :إن الله لاينام ، ولا تأخذه سنة ولانوم ، فقالت المرأة : إن الذى لم ينم ولاينام يرانا وإن كان الناس لايروننا فذلك أولى أن نخاف ، فأتعظ الرجل وتركها ، وتاب خوفاً من الله عالى. ولما مات رئى فى المنام ، فقيل له : ما فعل الله بك ؟ فقال : غفر لى لخوفى منه ، وتوبتى إليه .
**************
واعلم أخ الإسلام : ان من أطاع الله تعالى أطاعه فى كل شئ ، ومن خاف الله تعالى خافه فى كل شئ ،. ولما كان العلماء هم أخوف الناس من الله تعالى بدليل قوله سبحانه :"إنما يخشى الله من عباده العلماء " فاطر (28)
فقد رأيت ان أسوق إليك بعض الأمثلة الحية التى سترى من خلالها عزة العلماء وهيبتهم وكيف كان الأمراء يعملون لهم ألف حساب .لا لشئ إلا لأنهم كانوا ينظرون إليهم نظرة تقدير وإكبار بعد أن رأوا منهم الإخلاص والعزوف عن الدنيا التى إن تربعت على قلب العالم سلبته مهابته ، وأفقدته كرامته ومكانته.
**************
ومن أجمل ما قرأت فى هذا :
أن هشام بن عبد الملك قدم حاجاً إلى بيت الله الحرام ، فلما دخل الحرم قال :إئتونى برجل من الصحابة ، فقيل : يا أمير المؤمنين ماتوا .قال : فمن التابعين ، فأتى بطاووس اليمانى ، فلما دخل عليه خلع نعليه بحاشية بساطه ولم يسلم بيا أمير المؤمنين ، ولم يكنه وجلس إلى جانبه بغير إذنه وقال : كيف أنت ياهشام؟
فغضب من ذلك غضباً شديداً حتى هم بقتله ، فقيل له : انت يا أمير المؤمنين فى حرم الله وحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لايكون ذلك . فقال : يا طاووس .. ما حملك عل ما صنعت ؟ قال: وما صنعت ؟ قال : خلعت نعليك بحاشية بساطى ، ولم تسلم بيا أمير المؤمنين ، ولم تكننى ، وجلست بإزائى بغير إذن ، وقلت : ياهشام كيف انت .
فقال طاووس : أما نعلى بحاشية بساطك ، فإنى أخلعها بين يدى رب العزة خمس مرات ولايعاتبنى ولا يغضب على .
واما قولك :لم تسلم على بأمرة المؤمنين ، فليس كل المؤمنين راضياً بإمرتك ، فخفت أن أكون كاذبا .
واما قولك : لم تكننى ، فإن الله عز وجل سمى أنبياءه فقال : يادوود ، ياعيسى ، وكنى أعداءه فقال : " تبت يدا أبى لهب ..."المسد (1)
واما قولك : جلست بازائى فإنى سمعت على بن أبى طالب رضى الله عنه يقول : إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار فأنظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام .
فقال : عظنى. فقال سمعت على بن أبى طالب رضى الله عنه يقول :إن فى جهنم حيات وعقارب كالبغال تلدغ كل أمير لم يعدل فى رعيته .

بعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــده
وان الإمام الأوزاعى دخل على المنصور ــــــ وقد كان شديد الهيبة ــــفقال له المنصور :عظنى.
فقال : إعلم يا أمير المؤمنين .. أن الله هو الحق المبين ومن كره الحق فقد كرهه الله ،
يا أمير المؤمنين .. إن الملك لايدوم لمخلوق ، وإنما الملك لله وحده، ولو كان يدوم لأحد لما وصل إليك .
يا امير المؤمنين ..إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا للقصاص من نفسه فى خدش خدشه أعربيا وهو غير متعمد .
فقال الأعرابى : بأبى وأمى يارسول الله ..قد أحللتك وما كنت لأفعل ذلك أبدا .
يا
أمير المؤمين.. إن خير الكرم عند الله التقوى ،ومن طلب العزة بطاعة الله
رفعه الله وأعزه ، ومن طلبها بمعصية الله وضعه الله وأذله .
فلما انتهى من عظته أمر له المنصور بمال ، فاعتذر وأستغنى من قبوله وقال :
يا
امير المؤمنين ..ما كنت لأبيع نصيحتى بعرض الدنيا فأحرم ثوابها وأقلل من
نفعها ، وما دام أمير المؤمنين قائماً فينا بالعدل فنحن فى خير الله ثم فى
خيره.
***************
وناظر أبو جعفر
المنصور الإمام مالك رضى الله عنه فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال له الإمام مالك : يا أمير المؤمنين..لا ترفع صوتك فى هذا المسجد فإن
الله تعالى أدب قوماً فقال تعالى : "لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى ولا
تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض "الحجرات (2)
ومدح قوماً فقال :"إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين أمتحن الله قلوبهم للتقوى ، لهم مغفرة وأجر عظيم "الحجرات (3)
وذم قوماً فقال :"إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لايعلمون "الحجرات (4)
وأن حرمته صلى الله عليه وسلم ميتا كحرمته حيا .فاستكان له أبو جعفر .
********************
فبكل
هذا أخا الإسلام تكون أهلاً لرحمة الله تعالى ورعايته لك ولأهلك ومالك
ودنياك ، إذ الجزاء كما عرفت سابقاً من جنس العمل ، وإلى هذا يشير سبحانه
وتعالى فى قوله :"فاذكرونى أذكركم "البقرة (152)
وقوله تعالى :"إن تنصروا الله ينصركم "محمد(7)
وقد
مدح الله تعالى المتقين الحافظين لحدوده فقال :"وأوزلفت الجنة للمتقين غير
بعيد .هذا ماتوعدون لكل أواب حفيظ .من خشى الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب
"سورة ق (31 ـــــ33)
********************
فمن
هذا نرى بوضوح ان الوقوف عند حدود الشرع وعدم الإقتراب منها أو تعديلها
يضمن للك السلامة فى الدارين ، وان إتقاءك للمحارم يجعلك من أعبد الناس ،
كما جاء فى الحديث الشريف الذى يقول فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم: "....
اتق المحارم تكن أعبد الناس ".(رواه الترمذى )
غير أن كل هذا لن يتحقق
إلا بلازمة التقوى التى تعتبر من أهم أسباب الفلاح والنجاح ، كما فى قوله
تعالى :"...واتقوا الله لعلكم تفلحون " أل عمران (200)
وهذا أخا الإسلام
يتطلب دوام إستحضار القلب احاطة علم الله تعالى بحركاته وسكناته ،لأن الله
سبحانه وتعالى كما قال عن نفسه :" لايعزب عنه مثقال ذرة فى الأرض ولا فى
السماء ."
وهو سبحانه " يعلم السر وأخفى " طه(7)
"وهومعكم أين ما كنتم "الحديد (4)
********************

نسأل الله لنا ولكم العفو والعافية وأن يجعلنا من عباده المتقين وأن يجمعنا وغياكم فى جنة النعيم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر :من وصايا الرسول / للأستاذ الفاضل / طه عبد الله العفيفى .جزاه الله كل خير.
طـ ــــ دار التراث العربى بالقاهرة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تواصلوا معنا على الرابط التالى
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
منتديات سيفن ستارز
**********

» أبحاث السيرة وما فيها من فقه و عظات.**
» نبذات وعبرات عن أمم كانت قبلنا **
» نبذات وعبرات عن أمم كانت قبلنا (2)**