| الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| موضوع: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر الأحد مارس 03, 2013 12:51 pm | |
| - اقتباس :
الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر مصدر الكتاب: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][ الكتاب مرقم آليا، ورقم الجزء هو رقم الدرس - 598 درسا]
| تراجم رجال إسناد حديث (واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً) قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل]. موسى بن إسماعيل هو: التبوذكي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن حماد]. حماد هو: ابن سلمة، وإذا جاء حماد يروي عنه موسى بن إسماعيل فهو: ابن سلمة، وهو ثقة أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [عن سعيد الجريري]. هو سعيد بن إياس الجريري، ثقة، أخرج له الكتب الستة. [عن أبي العلاء]. أبو العلاء هو: يزيد بن عبد الله بن الشخير، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن مطرف]. هو مطرف بن عبد الله بن الشخير، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أخو يزيد بن عبد الله المذكور سابقاً. [عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه]. هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان والياً على الطائف، وهو من ثقيف من أهل الطائف، وقد أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن الأربعة. (74/4)
الأذان قبل دخول الوقت قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الأذان قبل دخول الوقت. حدثنا موسى بن إسماعيل وداود بن شبيب المعنى، قالا: حدثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن بلالاً رضي الله عنه أذن قبل طلوع الفجر، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادي: (ألا إن العبد قد نام، ألا إن العبد قد نام) زاد موسى: فرجع فنادى: ألا إن العبد قد نام. قال أبو داود: وهذا الحديث لم يروه عن أيوب إلا حماد بن سلمة]. أورد أبو داود رحمه الله: [باب في الأذان قبل دخول الوقت] والأذان يكون عند دخول الوقت، وإذا حصل الأذان فمعناه أنه جاء وقت الصلاة ليتجه المسلمون إلى المساجد، والنساء يصلين في البيوت، وأهل الأعذار يصلون في البيوت كمن يكون مريضاً أو عاجزاً لا يستطيع أن يصلي. والأذان فيه إشعار وإعلام بدخول الوقت، وحينما يحصل الأذان فمن صلى الصلاة فإنه يكون قد صلاها في وقتها، وعلى هذا فلا يجوز أن يكون الأذان قبل الوقت؛ لأن الأذان قبل الوقت يترتب عليه الصلاة قبل الوقت، والصلاة قبل وقتها غير صحيحة، ومن صلاها قبل وقتها نسياناً أو خطأً فيجب عليه إعادتها في الوقت؛ لأن الصلاة لوقتها، ويؤتى بها في وقتها، ولا تُقدم على وقتها، ولا تؤخر عن وقتها إلا إذا كان هناك نوم أو شيء لابد منه، وأما بالاختيار فلا تؤخر الصلاة عن وقتها ولا يجوز أن تقدم عن وقتها. وكل الصلوات ليس لها إلا أذان واحد يكون عند دخول الوقت إلا الفجر فإنه يشرع أذان آخر قبل الفجر، وليس المقصود منه أن يحضر الناس إلى الصلاة، أو أن يصلي من يسمع الأذان، وإنما كما جاء في الحديث: (يوقظ النائم ويرجع القائم) أي: من كان نائماً دعاه ذلك الأذان إلى أن يستعد ويتهيأ للصلاة قبل دخول وقتها، ومن كان يريد أن يصوم ويتسحر فإن الأذان الأول يكون سبباً في تحصيله وبلوغه ما يريد، هذا هو المراد من إيقاظ النائم. والأذان الثاني هو الذي يكون عند دخول الوقت، وهو المتعين، وهو الذي لابد منه، وكل صلاة لابد لها من أذان في أول وقتها حتى يصلي الناس بعد سماع الأذان، إلا الفجر فإنه يجوز أن يؤذن لها أذان آخر قبل الوقت، ومهمته -أي: الأذان الأول- إرجاع القائم الذي كان يصلي من الليل ليستريح شيئاً قليلاً من الوقت حتى يقوم إلى الصلاة، والذي كان نائماً يستيقظ ويتهيأ إذا كان الأمر يحتاج إلى تهيؤ للصلاة بغسل أو ما إلى ذلك، أو بسحور إذا كان يريد أن يصوم. وكذلك يوم الجمعة يكون أذان آخر قبل الوقت حتى يتهيأ الناس للصلاة، ويستعدوا للصلاة. ولا يؤذن قبل الوقت، وإن أذن قبل الوقت فيلزم أن يعاد الأذان عند دخول الوقت، حتى من كان قد صلى فعليه أن يتنبه إلى أن المسألة فيها خطأ وأن فيها غلطاً، وعليه أن يعيد الصلاة بعد دخول الوقت. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن بلالاً أذن قبل الوقت في الفجر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي [(ألا إن العبد قد نام، ألا إن العبد قد نام)]، ليبين أن فعله الذي قد حصل أولاً كان خطأ، وهذا -فيما يظهر كما ذكره بعض أهل العلم- كان قبل أن يوجد الأذان الأول الذي جاء ذكره في قوله صلى الله عليه وسلم: (إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم). وهذا يدل على أن بلالاً كان يؤذن الأذان الأول وابن أم مكتوم يؤذن الأذان الثاني، وكان بلال هو الذي يؤذن قبل أن يشرع الأذان الأول للفجر، وبعدما شرع الأذان الأول صار بلال يؤذن الأول وابن أم مكتوم يؤذن الأذان الثاني، وقبل ذلك كان بلال هو الذي يؤذن في جميع الأوقات. فهذا الذي حصل كان قبل أن يشرع الأذان الأول؛ لأن الأذان الثاني هو الذي يكون عند دخول الوقت كسائر الصلوات، ولكن الأول هو الذي يكون قبل دخول الوقت، والذي لو ترك لا يؤثر؛ لأنه ليس كالأذان الذي عند دخول الوقت، مع أن الإتيان به مطلوب وفيه فائدة، ولكن لو ترك لا يؤثر؛ لأن الذي يؤثر هو الذي عند دخول الوقت في جميع الصلوات، والذي تتحد فيه الصلوات جميعها وتتفق كلها على أنه يؤذن به عند دخول الوقت. وقوله: [ألا أن العبد قد نام] قيل: إن المراد به أنه قد حصل منه غفلة لم يتبين فيها الوقت، ولهذا أخطأ في كونه أذن قبل الوقت، ومعنى هذا أنه لا يبنى على هذا الأذان حكم ولا يبنى عليه شيء ولا يصلى من أجله؛ لأنه حصل خطأً. (74/5)
تراجم رجال إسناد حديث (ألا إن العبد قد نام) قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل وداود بن شبيب]. موسى بن إسماعيل مر ذكره، وداود بن شبيب صدوق أخرج له البخاري وأبو داود وابن ماجه. [المعنى]. أي أن هذين الشيخين لـ أبي داود روايتهما متفقة بالمعنى مع اختلاف في الألفاظ، هذا هو المقصود بكلمة (المعنى). [قالا: حدثنا حماد. حماد هو: ابن سلمة، مر ذكره. [عن أيوب]. هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن نافع]. نافع هو: مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن ابن عمر]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: [قال أبو داود: وهذا الحديث لم يروه عن أيوب إلا حماد بن سلمة]. بعض أهل العلم تكلم في هذا الحديث وذكر أن فيه خطأ من حماد، وأن الصواب هو ما جاء فيما يأتي أن الآمر للمؤذن بأن يعيد هو عمر وليس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعض أهل العلم يقول: إنه صحيح. (74/6)
شرح أثر عمر (ألا إن العبد قد نام) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أيوب بن منصور ثنا شعيب بن حرب عن عبد العزيز بن رواد قال: أخبرنا نافع عن مؤذن لـ عمر يقال له: مسروح أذن قبل الصبح فأمره عمر رضي الله عنه. فذكر نحوه. قال أبو داود: وقد رواه حماد بن زيد عن عبيد الله بن عمر عن نافع أو غيره أن مؤذناً لـ عمر يقال له: مسروح أو غيره. قال أبو داود: ورواه الدراوردي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: كان لـ عمر رضي الله عنه مؤذن يقال له: مسعود. وذكر نحوه، وهذا أصح من ذاك]. أورد أبو داود رحمه الله الأثر عن عمر رضي الله عنه وأنه كان له مؤذن وقد حصل أنه أذن قبل الوقت فأمره أن يقول: (ألا إن العبد قد نام) أي أن الذي ذُكر في الحديث السابق إنما حصل لـ عمر وأن الذي أمر بذلك هو عمر. وبعض العلماء يقول: إن الرفع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيه كلام، وأنه ما روي إلا من طريق حماد بن سلمة عن أيوب، وأن الذي جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم في حق بلال أنه قال: (إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم)، ولكن ما جاء في حديث ابن عمر في إضافة ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو متفق مع ما جاء عن عمر في قصة مؤذنه الذي حصل منه خطأً، وأمره عمر رضي الله عنه أن ينادي بما جاء أن بلالاً نادى به، وهو قوله: (ألا إن العبد قد نام)، وأن المقصود بذلك هو أنه قد غفل، وأنه لم يتبين الصبح تماماً، وأنه حصل منه الخطأ، فينبه الناس حتى لا يعتمدوا على ذلك الأذان الأول فيصلوا الفجر، أو أنهم يأتون إلى المسجد وقد كان ذلك حصل بالليل، وحتى لا يكون لهم ذلك الإزعاج الذي قد حصل، فمن أراد أن يستريح فيمكنه أن يستريح ويمكنه أن ينام ولا يأتي إلا عند دخول الوقت. (74/7)
تراجم رجال إسناد أثر عمر (ألا إن العبد قد نام) قوله: [حدثنا أيوب بن منصور]. أيوب بن منصور صدوق يهم، أخرج حديثه أبو داود وحده. [عن شعيب بن حرب]. شعيب بن حرب ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي. [عن عبد العزيز بن أبي رواد]. عبد العزيز بن أبي رواد صدوق ربما وهم، أخرج حديثه البخاري تعليقاً وأصحاب السنن. [عن نافع عن مؤذن لـ عمر]. نافع قد مر ذكره. عن مؤذن لـ عمر يقال له: مسروح وفي الرواية الأخرى يقال له: مسعود، وهو شخص واحد ذكر مرة أنه مسروح ومرة أنه مسعود، وهو مقبول، أخرج حديثه أبو داود وحده. قوله: [قال أبو داود: وقد رواه حماد بن زيد عن عبد الله بن عمر عن نافع أو غيره أن مؤذناً لـ عمر يقال له: مسروح أو غيره]. قوله: [عن نافع أو غيره]. أي: شك هل هو هذا أو هذا، والرواية الأولى ليس فيها شك، وكذلك الروايات التي ستأتي بعد هذا ليس فيها شك من جهة هل هو نافع أو غيره، وإنما هو نافع. [قال أبو داود: وقد رواه حماد بن زيد]. حماد بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبيد الله بن عمر]. هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العمري المصغر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن نافع أو غيره]. نافع مر ذكره. [عن مسروق]. مسروق مر ذكره. [قال أبو داود: ورواه الدراوردي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنه قال: كان لـ عمر مؤذن يقال له: مسعود وذكر نحوه، وهذا أصح من ذاك]. وهذا مثل الذي تقدم أولاً إلا أن هناك قال: مسروح وهنا قال: مسعود، ومسروح هو مسعود. [قال أبو داود: ورواه الدراوردي]. الدراوردي هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر]. قد مر ذكرهم جميعاً. وقوله: [وهذا أصح من ذاك]. أي: الذي فيه: الدراوردي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن مؤذناً لـ عمر يقال له: مسعود أصح من الطريق المتقدم. لكن ابن حجر لما ترجم للدراوردي قال: حديثه عن عبيد الله العمري منكر. وهو هنا يروي عن عبيد الله ويصحح أبو داود حديثه على من تقدم، وهو حماد بن زيد الذي يروي عن عبيد الله بن عمر. وعلى كل فهذه الطرق كلها يشهد بعضها لبعض، وهي متفقة وغير مختلفة. (74/
شرح حديث (لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا زهير بن حرب حدثنا وكيع حدثنا جعفر بن برقان عن شداد مولى عياض بن عامر عن بلال رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا، ومد يديه عرضاً). قال أبو داود: شداد مولى عياض لم يدرك بلالاً]. أورد أبو داود رحمه الله حديث بلال رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: [(لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا، ومد يديه عرضاً)] أي: حتى يستبين لك الأفق الذي يأتي بالعرض، والذي يتزايد حتى تطلع الشمس؛ لأن الفجر فجران: فجر يظهر بظهور بياض في الأفق مستطيل رأسياً وليس بمعترض، وهذا يذهب، وهو الذي يسمونه الفجر الكاذب، والفجر الثاني: الذي يأتي بالعرض ممتداً في الأفق ويتزايد حتى تطلع الشمس، فهذا هو الذي يكون عنده الأذان الثاني ويكون عنده دخول الوقت، والذي تحل عنده صلاة الصبح ويحرم الأكل في حق الصائم؛ لأنه تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فخروج هذا الخط المعترض من الفجر هو الخيط الأبيض الذي يتزايد شيئاً فشيئاً حتى تطلع الشمس. وقوله: [(ومد يديه عرضاً)] أي: مدّ يديه أفقياً بالعرض توضيحاً وبياناً. (74/9)
تراجم رجال إسناد حديث (لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا) قوله: [حدثنا زهير بن حرب]. زهير بن حرب هو: أبو خيثمة، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي. [عن وكيع]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن جعفر بن برقان]. جعفر بن البرقان صدوق يهم في حديث الزهري، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن. [عن شداد مولى عياض بن عامر]. شداد مولى عياض بن عامر مقبول يرسل، أخرج حديثه أبو داود. [عن بلال]. هو بلال رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وقوله: [قال أبو داود: شداد مولى عياض لم يدرك بلال]. معنى هذا أن فيه انقطاعاً، أي أن فيه إرسالاً؛ لأن شداداً مقبول يرسل، ومعناه أنه يروي عمن لم يدركه، والحديث حسنه الألباني، ولعل تحسينه من شواهد وطرق أخرى، وإلا فإن فيه انقطاعاً كما هو معلوم. (74/10)
الأذان للأعمى (74/11)
شرح حديث (أن ابن أم مكتوم كان مؤذناً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعمى) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الأذان للأعمى. حدثنا محمد بن سلمة حدثنا ابن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم بن عبد الله بن عمر وسعيد بن عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: (أن ابن أم مكتوم رضي الله عنه كان مؤذشناً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعمى)]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [باب الأذان للأعمى] يعني أنه لا بأس به إذا كان معه من يخبره بدخول الوقت وينبهه على ذلك، ولا يقدم على ذلك إلا بعدما يخبره من هو ثقة بدخول الوقت، فلا بأس بذلك؛ لأنه أعمى لا يرى الزوال، ولا يرى الغروب، ولا يرى طلوع الفجر، فلا بد من أن يكون معه من ينبهه ويبصره ويخبره. فلا بأس بأن يكون المؤذن أعمى بشرط أن يكون معه من ينبهه ويخبره بدخول الوقت، وهذا على اعتبار أن الأعمى لا يرى، والمسألة متعلقة تعلقاً رئيساً بالرؤية، مثل رؤية الزوال، وطلوع الفجر، وغروب الشمس، والأعمى لا يرى، فكونه يؤذن مع أنه يعتمد على من يخبره بدخول الوقت لا بأس به. وليست هنا القضية قضية تقليد، وإنما هي قضية إخبار واعتماد على كلام من يوثق به، وكذلك في جهة القبلة، فإن وجد من يرشده إليها فلا يلزمه أن يجتهد، وإنما يجتهد حيث لا يكون عنده من يخبره، أما إن كان عنده أحد يخبره مثل أناس ساكنين في البرية وعندهم علم ومعرفة، أو هو نفسه معه ناس لهم خبرة ومعرفة فيسألهم؛ لأنه لو أراد أن يجتهد فسوف يصححون ما يفعله ويرشدونه إلى الصواب. وأما ما ذكره بعض الفقهاء من أنه لو كانوا جماعة في سفر فلا يجوز أخذ أحدهم قول غيره، بل كل واحد منهم يجتهد ويصلي إلى القبلة التي توصل إليها اجتهاده فنقول: هذا إذا اختلفوا، وأما إذا كان هناك من ليس عنده خبرة وسأل من عنده خبرة فلا بأس بذلك، وهذا شيء مطلوب، وما أكثر ما يحتاج الناس إلى السؤال عن القبلة وهم في سفر؛ لأنه ليس كل إنسان يعرف، وبعض الناس يعرف اتجاه القبلة عن طريق النجوم أو عن طريق المشارق والمغارب، وهكذا. (74/12)
تراجم رجال إسناد حديث (أن ابن أم مكتوم كان مؤذناً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعمى) قوله: [حدثنا محمد بن سلمة]. هو محمد بن سلمة المرادي المصري، ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة. [عن ابن وهب]. ابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن يحيى بن عبد الله بن سالم بن عبد الله بن عمر]. يحيى بن عبد الله بن سالم بن عبد الله بن عمر صدوق، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي. [وسعيد بن عبد الرحمن]. سعيد بن عبد الرحمن هو الجمحي، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في (خلق أفعال العباد) ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه. [عن هشام بن عروة]. هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبيه: عروة بن الزبير]. وهو ثقة فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الستة. [عن عائشة]. هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، الصديقة بنت الصديق، وهي أحد سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. (74/13)
الخروج من المسجد بعد الأذان (74/14)
شرح أثر أبي هريرة في خروج المرء من المسجد بعد الأذان قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الخروج من المسجد بعد الأذان. حدثنا محمد بن كثير حدثنا سفيان عن إبراهيم بن المهاجر عن أبي الشعثاء قال: (كنا مع أبي هريرة رضي الله عنه في المسجد، فخرج رجل حين أذن المؤذن للعصر، فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم)]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة: [(باب: الخروج من المسجد بعد الأذان)] أي: ما حكمه؟ والجواب أنه يجوز إذا كان لحاجة ولأمر يقتضيه، كمن يريد أن يتوضأ، أو كان حاقناً أو حاقباً يحتاج إلى الخلاء، أو يكون إمام مسجد فأذن المؤذن وهو في مسجد من المساجد والناس ينتظرونه في مسجده ليصلي بهم، فإذا كان هناك أمر يقتضي خروجه فلا بأس، وأما إذا كان لغير حاجة فإنه لا يجوز. وقد سبق أن مر بنا في الحديث أن الشيطان يفر عندما يسمع الأذان، فالإنسان عندما يخرج من المسجد وهو غير مضطر لذلك يكون فيه مشابهة للشيطان في كونه يخرج بعد الأذان، حيث يخرج والناس يُدعون إلى أن يأتوا إلى المساجد، فإذا لم يكن خروجه لضرورة فإن ذلك معصية. ولهذا أورد أبو داود رحمه الله هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان في المسجد فخرج رجل بعد الأذان فنظر إليه أبو هريرة وقال: [أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم]، وقول الصحابي عن فعل من الأفعال بأنه معصية للرسول صلى الله عليه وسلم له حكم الرفع، ومعنى هذا أن الرسول نهى عن ذلك، والذي حصل منه ذلك قد خالف ما جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فيكون قد عصاه، ولهذا قال: [أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم]. وإذا كان الإنسان مسافراً وقد صلى فله أن يخرج، فإذا جمع بين الصلاتين في وقت إحداهما وخرج من المسجد فلا بأس بذلك؛ لأنه قد أدى ما عليه، لكن من كان جالساً في المسجد ثم سمع الأذان ثم خرج من غير ضرورة فهذا هو الخطأ. حتى ولو أذن المؤذن وهو في مسجد قريب من المسجد النبوي، وأراد الذهاب إلى المسجد النبوي فلا يفعل؛ لأنه ليس إماماً للمسجد النبوي وليس حاقباً وليس له حاجة تضطره للخروج، والأولى جلوسه في المسجد الذي هو فيه لكيلا يُتهم ويساء به الظن، وقد يقتدي به غيره ممن لا يفهم. (74/15)
تراجم رجال إسناد أثر أبي هريرة في خروج المرء من المسجد بعد الأذان قوله: [حدثنا محمد بن كثير]. هو محمد بن كثير العبدي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن سفيان]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن إبراهيم المهاجر]. هو صدوق لين الحفظ، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [عن أبي الشعثاء]. هو: سليم بن أسود المحاربي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي هريرة]. هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق. (74/16)
في المؤذن ينتظر الإمام (74/17)
شرح حديث (كان بلال يؤذن ثم يمهل) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في المؤذن ينتظر الإمام. حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا شبابة عن إسرائيل عن سماك عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (كان بلال رضي الله عنه يؤذن ثم يمهل، فإذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج أقام الصلاة)]. أورد أبو داود رحمه الله: [باب في المؤذن ينتظر الإمام] أي: ينتظره للإقامة؛ لأن الإقامة هي للإمام، وهو الذي يملك الإقامة، وتقام الصلاة عندما يأتي أو عندما يأمر بإقامتها، والمؤذن مسئول عن الأذان، وليس للمؤذن أن يقيم من تلقاء نفسه إلا بإذن الإمام أو باتفاق معه على أنه إذا رآه قد أقبل فإنه يقيم. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه أن بلالاً كان يؤذن ثم يمهل -يعني: ينتظر بين الأذان والإقامة-، حتى إذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم خرج -يعني: من حجرته- متجهاً أقام، فيقوم الناس، ثم إذا وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكانه وأمرهم بتسوية الصفوف صلى بهم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. (74/18)
تراجم رجال إسناد حديث (كان بلال يؤذن ثم يمهل) قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي. [عن شبابة]. هو شبابة بن سوار، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن إسرائيل]. هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن سماك]. هو سماك بن حرب، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [عن جابر بن سمرة]. هو جابر بن سمرة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. (74/19)
ما جاء في التثويب (74/20)
شرح أثر إنكار ابن عمر على من ثوب بالصلاة في الظهر أو العصر قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في التثويب. حدثنا محمد بن كثير حدثنا سفيان حدثنا أبو يحيى القتات عن مجاهد أنه قال: كنت مع ابن عمر رضي الله عنهما فثوب رجل في الظهر أو العصر قال: أخرج بنا فإن هذه بدعة]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [باب التثويب] والتثويب يراد به ثلاثة أمور: أحدها: الإقامة؛ فإن الإقامة يقال لها: تثويب، وقد سبق أن مر بنا الحديث الذي فيه هروب الشيطان عندما يسمع الأذان، فإذا فرغ قضي الأذان رجع، فإذا ثوب للصلاة -أي: نودي إلى الصلاة مرة أخرى بالإقامة- هرب، فأطلق على الإقامة أنها تثويب، وذلك أن التثويب هو رجوع إلى النداء وإلى الدعاء للصلاة؛ لأنه حصل أولاً الأذان ثم رجع إليه وثوب إليه، أي: رُجع إليه، من: (ثاب) إذا رجع، يقال: ثاب إلى رشده: إذا رجع إلى ما كان عليه من قبل من الرشد، فالإقامة يقال لها: تثويب. الثاني: قول: (>الصلاة خير من النوم) في أذان الصبح، فيقال له: تثويب، وقيل له: تثويب لأنه عود إلى الدعوة، يعني: إلى المجيء إلى الصلاة؛ لأن قوله: (حي على الصلاة حي على الفلاح) دعوة، ثم إذا قال: الصلاة خير من النوم كان ذلك -أيضاً- عوداً إلى الدعوة مرة أخرى، ولكن بلفظ آخر، وهو أن ما تدعون إليه خير مما أنتم فيه وإن كان قد طاب لكم ولذ لكم الفراش. ويطلق إطلاقاً ثالثاً: وهو ما أحدثه الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أن المؤذن إذا استبطأ الناس بعد الأذان ينادي بين الأذان والإقامة فيقول: قد قامت الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح. فهذا تثويب أيضاً، ولكنه تثويب محدث ومبتدع، ولعل هذا هو الذي أنكره ابن عمر كما في الأثر الذي ذكره أبو داود هنا، فإنه ذكر تحت هذه الترجمة عن ابن عمر أنه كان في مسجد، قال مجاهد بن جبر: [كنت مع ابن عمر -يعني في مسجد- فثوب رجل بالظهر أو العصر] قيل: إن المقصود بالتثويب هو الذي أحدثه الناس من كون المؤذن بعد الأذان بمدة وقبل إقامة الصلاة ينادي نداءً بينهما ويقول: قد قامت الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، أو أنه يقول: (الصلاة خير من النوم) في الظهر أو العصر؛ لأن هذه لا تقال إلا في الفجر، وهذا من الأمور المبتدعة. وقوله: [اخرج بنا فإن هذه بدعة] يعني: هذا العمل الذي عمله بدعة، وإذا كان قد صح أن ابن عمر خرج وقال: إنه بدعة فهذا يعني الإنكار بالقول وبالفعل، والحديث في سنده راوٍ تكلموا فيه، وهو أبو يحيى القتات، والألباني صحح الحديث أو حسنه، وعلى كلٍ فإن صح فهو إنكار بالقول وبالفعل. (74/21)
تراجم إسناد أثر إنكار ابن عمر على من ثوب بالصلاة في الظهر والعصر قوله: [حدثنا محمد بن كثير عن سفيان عن أبي يحيى القتات]. محمد بن كثير وسفيان مر ذكرهما، أبو يحيى القتات قالوا عنه: لين الحديث. وأخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وابن ماجه. [عن مجاهد]. هو مجاهد بن جبر المكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وابن عمر رضي الله عنهما قد مر ذكره. (74/22)
الأسئلة (74/23)
حكم المرور بين يدي المصلي الذي ليس له سترة
السؤال هل من حق المصلي الذي ليس له سترة أن يمنع المرور بين يديه؟
الجواب نعم، له أن يمنع المرور فيما بينه وبين موضع سجوده، وإذا كان المار بمسافة تزيد على ثلاثة أذرع فلا يمنعه. (74/24)
حكم أخذ الداعية للمال من المحسنين
السؤال هل يجوز أن يعطى الداعية أجراً من المحسنين الذين يرسلون أموالهم لبعض الدول للدعاة؟ وإن كان جائزاً فما هو الدليل على أنه يجوز له أن يأخذ ذلك من غير بيت المال؟
الجواب وأي مانع يمنع من ذلك؟! ومن قال: إنه لا يجوز إلا من بيت المال؟! بل يجوز من بيت المال، ويجوز من الأوقاف، ويجوز من تبرعات المحسنين، فالأصل هو الجواز، وكون المحسن يساعد داعية أو يخصص داعية يقوم بالدعوة، وينفق عليه ويجعله يتفرغ لهذه المهمة لا بأس بذلك، وهذا عمل طيب ولا مانع منه. (74/25)
توصيف مكافأة طلاب الجامعة
السؤال هل مكافأة الطلاب في الجامعة من باب الجعل أو هو من باب الأجرة؟
الجواب هي من باب الجعل، فهذه أشياء رصدت لهم من بيت المال، وهي جعل لهم. (74/26)
حكم زيارة المقابر التي عليها الأبنية
السؤال ما حكم زيارة المقابر التي عليها الأبنية؟
الجواب لا بأس بأن تزار المقابر ولو كان عليها أبنية، فيزورها الإنسان وينكر المنكر، ويبين أن هذا البناء منكر، والمقبرة إذا كان فيها بنيان لا تترك فلا تزار لأن عليها بنياناً محدثاً، وكون الأموات أسيء إليهم بأمر لا يجوز فلا يحرمون من الزيارة والدعاء لهم بسبب ذلك، فأقول: لا بأس بزيارة تلك المقبرة، ويدعى للأموات فيها، وينكر المنكر. (74/27)
| |
|
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| |
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| |
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| |
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| موضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر الأحد مارس 03, 2013 12:58 pm | |
| - اقتباس :
تراجم رجال إسناد حديث: (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة) قوله: [حدثنا يحيى بن معين]. يحيى بن معين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا أبو عبيدة الحداد]. هو عبد الواحد بن واصل السدوسي وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي. [حدثنا إسماعيل أبو سليمان الكحال]. إسماعيل أبو سليمان الكحال صدوق يخطئ، أخرج له أبو داود والترمذي. [عن عبد الله بن أوس]. عبد الله بن أوس لين الحديث، أخرج له أبو داود والترمذي. [عن بريدة]. هو بريدة بن الحصيب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. والحديث صححه الألباني، وفيه راو لين الحديث، وفيه راو صدوق يخطئ، وله طرق أخرى، ومنها: حديث أنس عند ابن ماجة نحوه. (77/16)
ما جاء في الهدي في المشي إلى الصلاة (77/17)
شرح حديث: (إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامداً إلى المسجد) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في الهدى في المشي إلى الصلاة. حدثنا محمد بن سليمان الأنباري أن عبد الملك بن عمرو حدثهم عن داود بن قيس قال: حدثني سعد بن إسحاق حدثني أبو ثمامة الحناط: (أن كعب بن عجرة رضي الله عنه أدركه وهو يريد المسجد؛ أدرك أحدهما صاحبه، قال: فوجدني وأنا مشبك بيدي، فنهاني عن ذلك وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامداً إلى المسجد فلا يشبكن يديه؛ فإنه في صلاة)]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: باب ما جاء في الهدى في المشي إلى الصلاة، والمقصود الهيئة والطريقة والسيرة التي ينبغي أن يكون عليها الإنسان، والآداب التي ينبغي أن يتأدب بها الإنسان وهو خارج إلى الصلاة؛ والمقصود هنا ذكر بعض الأمور التي لا تنبغي أن يكون الإنسان متصفاً بها في ذهابه إلى الصلاة. أورد أبو داود رحمه الله حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه وفيه أن أبا ثمامة الحناط كان يريد الذهاب إلى المسجد فأدركه كعب بن عجرة وهو ذاهب إلى المسجد، وكان أبو ثمامة الحناط قد شبك بين أصابعه، فنهاه عن ذلك كعب بن عجرة وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامداً إلى المسجد فلا يشبكن يديه) يعني: لا يشبكن بين أصابعه؛ وذلك بأن يدخل الأصابع بعضها في بعض فيشبكها. قوله: (فإنه في صلاة) يعني: ما دام متجهاً إلى الصلاة فهو في صلاة، فلا يشبكن بين أصابعه لا في الطريق ولا في المسجد. وحديث كعب بن عجرة يدلنا على أن الهيئة التي يكون عليها الإنسان وهو خارج إلى المسجد أنه لا يشبك بين أصابعه، وهذا من الهدي ومن السمت والطريقة والهيئة التي يكون عليها الإنسان وهو خارج إلى المسجد؛ لأنه في صلاة، وهذا فيما إذا كان في الصلاة وقبل الصلاة، أما بعد الصلاة فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه شبك بين أصابعه، كما جاء في حديث ذي اليدين الذي في الصحيحين (أنه صلى الله عليه وسلم لما صلى الظهر أو العصر صلاها ركعتين فقط، ثم تقدم إلى خشبة معروفة في المسجد واستند عليها وشبك بين أصابعه، فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في يديه طول يقال له: ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟! قال: لم أنس ولم تقصر، قال: بل نسيت يا رسول الله! فالتفت عليه الصلاة والسلام إلى الصحابة وقال: أكما يقول ذو اليدين؟ قالوا: نعم، فقام وصلى الركعتين الباقيتين). وبعض أهل العلم قال في الجمع بين هذه الأحاديث: إن هذا يحمل على ما دل عليه وهذا يحمل على ما دل عليه وهذا جمع بين الأحاديث، وبعضهم قال: إن الأحاديث التي في الصحيحين أقوى من الأحاديث التي في غيرهما، ولكن الجمع مقدم على الترجيح وعلى النسخ، وفي إعمال كل ما جاء من التشبيك وعدمه إعمال للأحاديث جميعاً، فيجوز بعد الصلاة ولا يجوز في الصلاة ولا قبل الصلاة، وهذا هو التوفيق بين الأحاديث التي وردت في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (77/18)
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامداً إلى المسجد) قوله: [حدثنا محمد بن سليمان الأنباري]. محمد بن سليمان الأنباري صدوق، أخرج حديثه أبو داود وحده. [أن عبد الملك بن عمرو حدثهم]. هو أبو عامر العقدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وكثيراً ما يأتي ذكره بكنيته أبي عامر، وهنا جاء باسمه عبد الملك بن عمرو. [عن داود بن قيس]. داود بن قيس ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [حدثني سعد بن إسحاق]. سعد بن إسحاق ثقة، أخرج له أصحاب السنن. [حدثني أبو ثمامة الحناط]. أبو ثمامة الحناط مجهول الحال، أخرج له أبو داود. [أن كعب بن عجرة]. كعب بن عجرة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. والحديث فيه هذا الرجل المجهول، لكن قد جاءت أحاديث كثيرة عديدة تدل على ما دل عليه. (77/19)
شرح حديث: (إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم خرج إلى الصلاة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن معاذ بن عباد العنبري حدثنا أبو عوانة عن يعلى بن عطاء عن معبد بن هرمز عن سعيد بن المسيب قال: حضر رجل من الأنصار الموت فقال: إني محدثكم حديثاً ما أحدثكموه إلا احتساباً، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى الصلاة، لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب الله عز وجل له حسنة، ولم يضع قدمه اليسرى إلا حط الله عز وجل عنه سيئة، فليقرب أحدكم أو ليبعد، فإن أتى المسجد فصلى في جماعة غفر له، فإن أتى المسجد وقد صلوا بعضاً وبقي بعض صلى ما أدرك وأتم ما بقي كان كذلك، فإن أتى المسجد وقد صلوا فأتم الصلاة كان كذلك)]. أورد أبو داود حديث رجل من الأنصار يرويه عنه سعيد بن المسيب رحمه الله أنه لما حضره الموت قال: (إني محدثكم حديثاً لا أحدثكموه إلا احتساباً) يعني: أنه يرجو الثواب من الله عز وجل في ذلك، وليأخذ الناس بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يرويه لهم من الحديث، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء) وإحسان الوضوء يكون بإسباغه، وذلك بكونه يتأكد من كون الماء جاء على جميع أعضاء الوضوء بحيث لم يترك شيئاً لم يصل إليه الماء، ثم أيضاً يأتي به بثلاث غسلات ولا يزيد على ذلك. إذاً: فإحسان الوضوء هو كون الإنسان يأتي به مستوعباً لا يترك موضعاً أو شيئاً من أعضاء الوضوء لم يصل إليه الماء، ثم يغسل أعضاءه ثلاث مرات، هذا هو إسباغ الوضوء. قوله: (ثم خرج إلى الصلاة لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب الله له بها درجة، ولم يضع رجله اليسرى إلا حط الله عنه بها سيئة) والأحاديث التي تقدمت تدل على هذا، ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يخطو خطوة إلا رفع الله له بها درجة وحط عنه بها خطيئة)؛ فكلما رفع الإنسان قدمه فإن الله تعالى يرفع له بها درجة، وكلما وضعها حط الله تعالى عنه بها خطيئة، ولا بد من رفع ووضع، فالرفع فيه رفع درجات والوضع فيه حط خطايا، وذلك فضل من الله عز وجل. قوله: (فليقرب أحدكم أو ليبعد) يعني: فليقرب بيته أو يبعد من المسجد، والمسافة كلما زادت كان أعظم، وهذا مثل الحديث الذي تقدم (أن الأبعد فالأبعد إلى المسجد أعظم أجراً). قوله: (فإن أتى المسجد فصلى في جماعة غفر له) يعني: لو أتى المسجد وصلى جماعة فإنه يغفر له. قوله: (فإن أتى المسجد وقد صلوا بعضاً وبقي بعض صلى ما أدرك وأتم ما بقي) يعني: إن فاتته بعض الصلاة صلى ما أدرك وأتم ما بقي، وهذا معناه: أنه يصلي معهم ما أدرك وما بقي فإنه يتمه بعد الصلاة. وهذا فيه دليل على أن ما يقضيه المسبوق بعد السلام هو آخر صلاته؛ لأنه قال: (أتم ما بقي) يعني: أن ما يدركه المسبوق مع الإمام هو أول صلاته وما يقضيه بعد سلام الإمام هو آخر صلاته، وسيأتي في بعض الأحاديث: (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) وهو دليل على أن ما يقضيه المسبوق هو آخر صلاته وليس أول صلاته. وقوله: (كان كذلك) يعني: غفر له؛ لأنه خرج من بيته متوضئاً يريد الصلاة، وهذا فيما إذا لم يكن ذلك تكاسلاً وعادة، فإذا كان الإنسان حريصاً على الصلاة ولكن حصل أن فاتته الصلاة فإنه يعذر، وأما أن يكون الإنسان عادته أن يتكاسل ويتأخر عن الصلاة فهذا لا ينبغي، فالإنسان عليه أن يحرص على أن يذهب إلى المساجد وأن يبكر إليها. وهذا يدلنا على فضل الذهاب إلى المساجد وأن فيه الأجر العظيم من الله، وسواء أدرك الصلاة كلها أو أدرك بعضها أو لم يدرك شيئاً ولكنه صلى في المسجد، فإنه بذلك يحصل الأجر العظيم والثواب الجزيل من الله سبحانه وتعالى. (77/20)
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم خرج إلى الصلاة) قوله: [حدثنا محمد بن معاذ بن عباد العنبري]. محمد بن معاذ بن عباد العنبري صدوق يهم، أخرج له مسلم وأبو داود. [حدثنا أبو عوانة]. هو أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن يعلى بن عطاء]. يعلى بن عطاء ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن. [عن معبد بن هرمز]. معبد بن هرمز مجهول، أخرج له أبو داود. [عن سعيد بن المسيب]. سعيد بن المسيب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين. [حضر رجل من الأنصار الموت]. الصحابة رضي الله عنهم المجهول فيهم في حكم المعلوم؛ لأنهم كلهم عدول ولا يحتاجون بعد تعديل الله عز وجل وثنائه عليهم إلى تعديل المعدلين وتوثيق الموثقين، بل يكفيهم شرفاً وفضلاً ما جاء في فضلهم من النصوص، ومن كونهم تشرفوا بصحبة الرسول صلى الله عليه وسلم ورأوا طلعته وسمعوا حديثه عليه الصلاة والسلام، فلهم ذلك الفضل ولهم تلك الميزة التي تميزوا بها على غيرهم، لذا كان المجهول فيهم في حكم المعلوم؛ بخلاف غير الصحابة فإن المجهول فيهم جهالته تؤثر. (77/21)
شرح سنن أبي داود [078] المشي إلى المساجد من أجل أداء الصلاة في جماعة من فضائل الأعمال، فقد وردت في ذلك أحاديث عدة تبين الأجر العظيم والثواب الجزيل في ذلك؛ لذا على المسلم أن يحافظ على صلاة الجماعة في المسجد؛ ليزداد بذلك أجراً وثواباً. (78/1)
ما جاء فيمن خرج يريد الصلاة فسبق بها (78/2)
شرح حديث: (من توضأ فأحسن وضوءه ثم راح فوجد الناس قد صلوا) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فيمن خرج يريد الصلاة فسبق بها. حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن محمد - عن محمد -يعني: ابن طحلاء - عن محصن بن علي عن عوف بن الحارث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من توضأ فأحسن وضوءه، ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله جل وعز مثل أجر من صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجرهم شيئاً)]. أورد أبو داود رحمه الله تعالى هذه الترجمة: باب فيمن خرج يريد الصلاة فسبق بها، يعني: فاتته وصلى الناس قبل أن يصلي، والمراد: أنه يؤجر ويثاب على ذلك؛ لأن إسباغه الوضوء، ثم خروجه من بيته يريد الصلاة لا تخرجه إلا الصلاة يرفع له بكل خطوة يخطوها درجة، ويحط عنه بها خطيئة، فإذا أدرك الناس وصلى معهم حصل ما ذهب إليه، وإن فاتته فإنه على نيته وقصده وحرصه ورغبته، لكن هذا فيما إذا لم يكن ذلك عن تقصير منه وتهاون، بأن يكون حريصاً على الصلاة وإنما حصل أن فاتته، فإنه يؤجر على ذلك؛ لأن ذهاب الإنسان وإيابه كل ذلك يؤجر عليه. وأورد في ذلك أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من توضأ فأحسن الوضوء، ثم راح ووجد الناس قد صلوا) يعني: ذهب؛ لأن (راح) بمعنى السير في الرواح الذي هو المساء، وهو يقابل الغدو، وتأتي بمعنى: ذهب، مثل قوله عليه الصلاة والسلام: (من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنه) يعني: من ذهب. وقوله: (أعطاه عز وجل مثل أجر من صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً) يعني: أن الله يتفضل عليه بنيته وقصده ورغبته وحرصه على الإتيان إلى الصلاة، فالصلاة وإن فاتته وإن سبق بها فإن الله تعالى يثيبه ويأجره على ذلك مثل ما يأجر الذين حضروا، وهذا فيما إذا لم يكن هناك تقصير أو إهمال أو عدم اهتمام. (78/3)
تراجم رجال إسناد حديث: (من توضأ فأحسن وضوءه ثم راح فوجد الناس) قوله: [حدثنا عبد الله بن مسلمة]. عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة. [حدثنا عبد العزيز يعني: ابن محمد]. عبد العزيز بن محمد الدراوردي صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن محمد يعني: ابن طحلاء]. محمد بن طحلاء صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي. [عن محصن بن علي]. محصن بن علي مستور، أخرج حديثه أبو داود والنسائي. [عن عوف بن الحارث]. عوف بن الحارث مقبول، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة. [عن أبي هريرة]. أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق. والحديث وإن كان في إسناده من تكلم فيه إلا أنه جاءت أحاديث أخرى تدل على ما دل عليه، ومنها بعض الأحاديث التي تقدمت في الدرس الماضي؛ فإنها شاهدة له ودالة على ما دل عليه. وبالمناسبة القصد الحسن يؤجر الإنسان عليه، ولكن ما اشتهر من أن: (نية المرء خير من عمله) هذا ورد فيه حديث ضعيف: (نية المرء خير من عمله) ولكن كون النية والقصد الحسن يؤجر الإنسان عليه هذا لا شك فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال بالنيات). وأيضاً ثبت في الحديث الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام قال في غزوة تبوك: (إن في المدينة لرجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم؛ حبسهم العذر) يعني: أنهم معكم بنياتهم وقصدهم وحرصهم ورغبتهم وتأسفهم وتألمهم؛ لكونهم لم يتمكنوا من أن يخرجوا لقلة الظهر، ولعدم قدرتهم على ذلك، فهذا الحديث هو مثل تلك الأحاديث التي فيها أن الإنسان بقصده ورغبته يؤجر على ذلك، وكذلك بالإضافة إلى ذلك في هذا الحديث ذهابه وخطواته واستعداده بالتوضؤ وإحسان الوضوء يأجره الله تعالى مثل أجر من صلى. (78/4)
ما جاء في خروج النساء إلى المسجد (78/5)
شرح حديث أبي هريرة: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، ولكن ليخرجن وهن تفلات)]. أورد أبو داود رحمه الله باب خروج النساء إلى المسجد، يعني: حكمه، وهل يخرجن أو لا يخرجن؟ وهل يؤذن لهن أو لا يؤذن لهن؟ والحكم: هو أنه يؤذن لهن بالشروط التي لا بد منها، وهي: أن يكن -كما جاء في هذا الحديث- تفلات، يعني: ليس معهن رائحة طيبة، وإنما يذهبن بهيئتهن التي كن عليها دون تطيب وتجمل، فلا يخرجن متجملات، ولا يخرجن متطيبات، ولا يحصل بهن فتنة، ومن الشروط أن يؤمن عليهن في خروجهن من أن ينالهن أذى أو يتسببن في إيذاء الناس أو يؤذيهن أحد من الناس. فالحكم في هذا أنه يؤذن لهن كما جاءت بذلك الأحاديث، ولكن بالشروط المعتبرة التي منها ما جاء في الحديث الأول من هذه الأحاديث: (ولكن ليخرجن وهن تفلات) يعني: ليس معهن رائحة طيبة، وإنما يخرجن بروائحهن المعتادة التي ليس فيها التطيب، وإنما يخرجن بهيئتهن بدون تجمل وتطيب، فالمقصود بالتفلة: أنها غير متطيبة، فتخرج بالرائحة التي هي عليها دون أن تتطيب. وأيضاً يجب ألا تختلط مع الرجال، وألا تزاحم الناس؛ ولهذا جاء أنه كان لهن باب يدخلن إلى المسجد منه بحيث لا يدخلن مع الرجال ولا يدخل الرجال معهن، يعني: أنهن كن يعتزلن الرجال ويتميزن عنهم ولا يخالطنهم. فإذاً: الحكم هو أنه يؤذن لهن كما جاءت بذلك النصوص، لكن بالشروط والقيود التي دلت عليها النصوص. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن وهن تفلات). وقوله: (لا تمنعوا) هذا خطاب للأولياء: الأزواج وغير الأزواج، فإذا كانت المرأة مزوجة فوليها زوجها، وإذا كانت غير مزوجة فوليها أبوها ومن يليه ممن هو من أوليائها أو هو المسئول عنها، فالخطاب للرجال الذين هم الأزواج أو غيرهم من الأولياء الذين يتولون أمور النساء. ثم لما نهى الرجال عن منع النساء من الذهاب إلى المساجد وجه الخطاب للنساء بأن يخرجن بالهيئة التي ينبغي أن يخرجن عليها، وهي أن يكن تفلات فقال: (وليخرجن وهن تفلات) يعني: لا يمنعن ولهن الخروج، لكن بشرط: أن يكن تفلات. وقوله: (لا تمنعوا إماء الله) الإماء: جمع أمة، والمراد النساء. وقوله: (لا تمعنوا إماء الله مساجد الله) استدل به بعض أهل العلم على أن المرأة لا تمنع من الحج والعمرة؛ لأن المسجد الحرام داخل تحت قوله: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) ولكن لا شك أن هذا بالنسبة للفرض المتعين الذي هو العمرة والحج في العمر مرة واحدة، فهذا أمر واجب على المرأة وليس للإنسان أن يمنعها، وأما كثرة الذهاب، وكونها كلما أرادت الحج والعمرة لا تمنع، ويستدل لذلك بعموم الحديث فهذا فيه إشكال؛ لأن هذا يترتب عليه سفر، ويترتب عليه كونها تغيب عنه مدة طويلة، ولكن كونها تذهب إلى المسجد وترجع، وتصلي وترجع هذا أمره سهل، لكن كونها كلما أرادت أن تسافر إلى العمرة أو تسافر إلى الحج أنها لا تمنع، فنعم لا تمنع من الفرض، ولكن بالنسبة للنفل فهذا يرجع إلى الزوج ويرى ما فيه المصلحة؛ لأن هذا شيء يتعلق بسفر، ويتعلق بتفويت مصالح وفوائد له، وكذلك أيضاً قد يترتب على ذلك إخلال بأمور لا بد منها كالغيبة عن الأولاد وما إلى ذلك. فالحديث واضح في أن ذلك في غير سفر، لكن بالنسبة للحج الواجب والعمرة الواجبة فليس له أن يمنعها. (78/6
| |
|
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| |
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| |
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| موضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر الأحد مارس 03, 2013 1:04 pm | |
| - اقتباس :
شرح حديث: (لا تصلوا صلاة في يوم مرتين) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب إذا صلى في جماعة ثم أدرك جماعة أيعيد؟]: حدثنا أبو كامل حدثنا يزيد بن زريع حدثنا حسين عن عمرو بن شعيب عن سليمان بن يسار -يعني: مولى ميمونة - قال: أتيت ابن عمر رضي الله عنهما على البلاط وهم يصلون، فقلت: ألا تصلي معهم؟ قال: قد صليت، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تصلوا صلاة في يوم مرتين)]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة بعنوان: [باب إذا صلى في جماعة ثم أدرك جماعة أيعيد؟] يعني: هل يعيد أو لا يعيد؟ وأورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وفيه أن سليمان بن يسار مولى ميمونة قال: أتيت ابن عمر على البلاط وهم يصلون، فقلت: ألا تصلي معهم؟ يعني: أنه كان على البلاط لم يصل وهم يصلون، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تصلوا صلاة في يوم مرتين) وهذا ظاهره يخالف ما تقدم من الأحاديث التي فيها أن الإنسان يصلي مع الجماعة مرة ثانية، وتكون له نافلة، والأولى هي الفريضة، وعلى هذا فيحمل ما جاء في حديث ابن عمر على ما إذا كان المقصود أن الإنسان يصليها ويكررها من غير أن يكون لها سبب، أما ما جاء في الأحاديث المتقدمة فهي إعادة الجماعة بسبب، أما أن يصلي الظهر ثم يذهب يصلي الظهر مرة ثانية، ثم يصلي مرة ثالثة، وهكذا فلا، وإنما إذا صلى ثم وجد ناساً يصلون يصلي معهم. فإذاً: تلك التي لها سبب يصليها الإنسان، والأحاديث حيث أمكن التوفيق بينها يوفق بينها، فيقال: إن الصلاة إذا كانت ذات سبب كأن يكون وجد الجماعة تصلي فيصلي معها ولا بأس بذلك، وإن لم يكن هناك سبب وإنما يريد أن يكرر الصلاة فهذا لا يجوز، وليس للإنسان أن يصلي الصلاة مرتين، فلا يصلي الظهر مرتين على أنها فريضة، لكن حيث تكون هناك جماعة وهناك سبب اقتضى ذلك فيصلي، وتكون الأولى هي الفريضة، والثانية هي النافلة، وعلى هذا فالتوفيق بين حديث ابن عمر هذا وبين ما تقدم من الأحاديث محمول على أن المقصود بما في الأحاديث السابقة ما كان له سبب، وهذا على ما ليس له سبب. ومن المعلوم أن هذه جماعة ثانية، لكن لعل ابن عمر لم تبلغه تلك الأحاديث التي فيها أن الجماعة تعاد ولكن لسبب، وعلى أن الثانية نافلة وليست فريضة. (79/14)
تراجم رجال إسناد حديث: (لا تصلوا صلاة في يوم مرتين) قوله: [حدثنا أبو كامل]. هو أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي. [حدثنا يزيد بن زريع]. يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا حسين]. هو حسين بن ذكوان المعلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عمرو بن شعيب]. عمرو بن شعيب صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن. [عن سليمان بن يسار]. سليمان بن يسار ثقة فقيه أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [قال: أتيت ابن عمر]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. (79/15)
ما جاء في جماع الإمامة وفضلها (79/16)
شرح حديث: (من أمَّ الناس فأصاب الوقت فله ولهم) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في جماع الإمامة وفضلها. حدثنا سليمان بن داود المهري حدثنا ابن وهب أخبرني يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن حرملة عن أبي علي الهمداني قال: سمعت عقبة بن عامر رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من أمَّ الناس فأصاب الوقت فله ولهم، ومن انتقص من ذلك شيئاً فعليه ولا عليهم)]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: [باب جماع الإمامة وفضلها]. ويصلح أن يكون: جِماع أو: جُمّاع، والمقصود من ذلك: ما يجمع الأبواب المتعلقة بالإمامة، وهذه طريقة أبي داود رحمة الله عليه؛ فإنه يجمع الأحاديث التي تتعلق بموضوع واحد، ولكن يجعلها تحت أبواب متعددة، مثل ما ذكرنا في كتاب الطهارة أنه لم يجعله كتباً، وإنما جعل للوضوء باباً، ولغسل الجنابة باباً، وللحيض باباً، وجعل كل ما يتعلق بالطهارة كتاباً واحداً، ولم يكرر الكتب، ولكنه جعل كل مجموعات متصلة مع بعض، كالأبواب المتعلقة بغسل الجنابة جعلها مع بعض، والأبواب المتعلقة بالحيض مع بعض، والأبواب المتعلقة بالوضوء مع بعض، وهكذا في الصلاة ذكر أولاً المواقيت، ثم ذكر بناء المساجد وما يتعلق بها وأحكامها، ثم ذكر بعد ذلك ما يتعلق بالجماعة وفضل الجماعة، ثم بعد ذلك ذكر الأذان، ثم ذكر الجماعة وفضلها، ثم ذكر بعد ذلك التشديد في ترك الجماعة، ثم ذكر هنا ما يتعلق بالإمامة، ثم بعد ذلك سيذكر ما يتعلق بما يصلى من اللباس، والسترة وما يتعلق بها والذي يصلى عليه. فهنا عبر بقوله: [جماع الإمامة وفضلها]، يعني: ما يتعلق بالإمامة وما يتعلق بفضلها. وهذا الباب أورد تحته حديثاً عاماً، والأحاديث التي ستأتي في الأبواب القادمة هي أحاديث خاصة محددة معينة، وهنا ذكر حديثاً يجمع شيئاً عاماً في الإمامة، وكذلك في فضل الإمامة. قوله: (من أمَّ الناس فأصاب الوقت فله ولهم، وإن انتقص من ذلك شيئاً فعليه ولا عليهم) يعني: أن الخلل والنقص يكون عليه وليس عليهم من النقص شيء، ولكن إن حصل إحسان فهو له ولهم، ومثل ذلك ما جاء في الأحاديث في الأمراء: (يصلون لكم؛ فإن أحسنوا فلكم ولهم، وإن أساءوا فلكم وعليهم) وكذلك الأثر الذي جاء عن عثمان رضي الله عنه، فقد ذكر البخاري في صحيحه: أنه رضي الله عنه لما حوصر في داره وصار يصلي بالناس واحد من أولئك الذين خرجوا عليه جاءه رجل وقال: يا أمير المؤمنين! إنك إمام عامة، وهذا الذي يصلي بالناس إمام فتنة، فماذا تأمرنا؟ فقال: (الصلاة من خير ما يفعل الناس، فإن أحسنوا فأحسن معهم، وإن أساءوا فاجتنب إساءتهم). وقوله: (يصلون لكم؛ فإن أحسنوا فلكم ولهم) يعني: أن الإحسان مشترك والفضل مشترك، (وإن أساءوا فلكم وعليهم) يعني: لكم الثواب ولكم الأجر وعليهم إثم ما أساءوا وقصروا ونقصوا. أورد أبو داود حديث عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أمَّ الناس فأصاب الوقت فله ولهم) وليس المقصود بذلك الوقت فقط، وإنما كل ما يتعلق بما هو مطلوب في الصلاة، فإن وجد منه إحسان فالإحسان له ولهم، وإن وجد منه نقص وخلل سواء يتعلق بالوقت أو بغيره فعليه ولا عليهم. وقوله: (فعليه ولا عليهم) يعني: أن ذلك النقص عليه هو وليس عليهم منه شيء، بل هم ليس لهم إلا الخير وإن وجدت إساءة فهي تخصه وتقتصر عليه ولا تتعداه إلى غيره. (79/17)
تراجم رجال إسناد حديث: (من أمَّ الناس فأصاب الوقت فله ولهم) قوله: [حدثنا سليمان بن داود المهري]. هو سليمان بن داود المهري المصري أبو الربيع ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي. [حدثنا ابن وهب أخبرني يحيى بن أيوب]. ابن وهب تقدم ذكره، ويحيى بن أيوب صدوق ربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبد الرحمن بن حرملة]. عبد الرحمن بن حرملة صدوق ربما أخطأ، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [عن أبي علي الهمداني]. أبو علي الهمداني هو ثمامة بن شفي ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة. [قال: سمعت عقبة بن عامر]. هو عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. (79/18)
كراهة التدافع على الإمامة (79/19)
شرح حديث: (إن من أشراط الساعة أن يتدافع أهل المسجد) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في كراهية التدافع على الإمامة. حدثنا هارون بن عباد الأزدي حدثنا مروان حدثتني طلحة أم غراب عن عقيلة امرأة من بني فزارة مولاة لهم عن سلامّة بنت الحر رضي الله عنها أخت خرشة بن الحر الفزاري قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن من أشراط الساعة أن يتدافع أهل المسجد لا يجدون إماماً يصلي بهم)]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: [باب في كراهية التدافع على الإمامة]، والمقصود من ذلك: أن الناس يجتمعون ثم يريدون من بعضهم أن يصلي بهم. وكل منهم يمتنع؛ إما لعدم معرفته بأحكام الإمامة، أو لما عنده من نقص في ذلك هذا هو المقصود بالتدافع. وقد أورد أبو داود حديث سلامة بنت الحر أخت خرشة بن الحر رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من أشراط الساعة أن يتدافع أهل المسجد لا يجدون إماماً يصلي بهم) يعني: أن كل واحد يصلي ثم يمضي ولا يتقدم من يصلي بهم إماماً. وقوله: (من أشراط الساعة) أشراط جمع شرط، والشرط هو: العلامة، يعني: أن هذا من علامات الساعة. والحديث غير ثابت؛ لأن فيه مجهولين، ولكن من يكون أقرأ من غيره إذا طلب منه أن يتقدم فعليه أن يتقدم. (79/20)
تراجم رجال إسناد حديث: (إن من أشراط الساعة أن يتدافع أهل المسجد) قوله: [حدثنا هارون بن عباد الأزدي]. هارون بن عباد الأزدي مقبول، أخرج له أبو داود. [حدثنا مروان]. هو مروان بن معاوية ثقة يدلس أسماء الشيوخ، وتدليس أسماء الشيوخ هو: أن يذكر شيوخه بصيغ مختلفة، فقد يتوهم أن الشخص الذي يذكره غير معروف مع أنه معروف، وذلك لأنه ذكره بغير ما اشتهر به، وهذا نوع من أنواع التدليس؛ لأن هناك تدليس الشيوخ وتدليس الإسناد، فتدليس الشيوخ ليس فيه سقوط أحد، ولكنه يذكر شيخه بغير ما اشتهر به، كأن يذكر اسمه واسم جده، أو اسمه وكنيته، أو اسم أبيه إذا كان مشهوراً بغير نسبته إلى أبيه، فهذا يسمى تدليس الشيوخ، وكان مروان بن معاوية هذا معروفاً بتدليس الشيوخ، وهو ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [حدثتني طلحة أم غراب]. طلحة أم غراب لا يعرف حالها، أخرج حديثها أبو داود وابن ماجة. [عن عقيلة امرأة من بني فزارة مولاة لهم]. عقيلة امرأة من بني فزارة مولاة لهم، يعني: مولاة لبني فزارة، وهي أيضاً لا يعرف حالها، أخرج حديثها أبو داود وابن ماجة. [عن سلامة بنت الحر]. سلامة بنت الحر صحابية، أخرج لها أبو داود وابن ماجة. والمرأتان اللتان دونها كل منهما لا يعرف حالها، فالحديث غير صحيح. (79/21)
| |
|
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| |
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| موضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر الأحد مارس 03, 2013 1:07 pm | |
| - اقتباس :
شرح حديث: (إذا حضرت الصلاة فأذنا، ثم أقيما، ثم ليؤمكما أكبركما سناً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا إسماعيل ح وحدثنا مسدد حدثنا مسلمة بن محمد المعنى واحد عن خالد عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له أو لصاحب له: (إذا حضرت الصلاة فأذنا، ثم أقيما، ثم ليؤمكما أكبركم سناً) وفي حديث مسلمة قال: (وكنا يومئذٍ متقاربين في العلم) وقال في حديث إسماعيل: قال خالد قلت لـ أبي قلابة: فأين القرآن؟ قال: إنهما كانا متقاربين]. أورد أبو داود حديث مالك بن الحويرث رضي الله تعالى عنه أنه جاء مع صاحب له إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما أرادوا الانصراف قال لهما صلى الله عليه وسلم: (إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما)، يعني: أنه أمرهما بأن يوجد فيهما الأذان، وذلك بأن يؤذن واحد منهما، وليس معناه أنهم كلهم يؤذنون، إلا أن يكون المقصود أن واحداً يؤذن والثاني يتابعه، يعني: يقول مثل ما يقول، فتكون الإضافة إليهما جميعاً لاعتبار أن واحداً يؤذن وواحداً يتابعه ويقول مثل ما يقول، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا سمتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن). فقوله: (أذنا) يعني: يؤذن واحد منكم وليس كلكم تؤذنون؛ لأن الذي يؤذن هو واحد وليس الكل، فما دام أنهم مع بعض وأنهم رفقاء بعضهم مع بعض فيؤذن واحد منهم، ويمكن أن التثنية المقصود بها أنه يوجد الأذان، أو أن واحداً يؤذن والثاني يجيبه ويقول مثل ما يقول. وقوله: (ثم أقيما) أي: واحد يقيم والثاني يجيبه، قالوا: وهذا مما يستدل به على أن الإقامة مثل الأذان يجاب فيها المؤذن كما يجاب في الأذان؛ لأنها كلها ذكر لله عز وجل، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن) فيتابع في الأذان ويتابع في الإقامة، وعلى هذا فيقال في قوله: (ثم أقيما) ما قيل في قوله: (أذنا) يعني: يؤذن واحد منكم ويقيم، واحد منكم، أو واحد يؤذن والثاني يتابعه وواحد يقيم والثاني يتابعه. وقوله: (ثم ليؤمكما أكبركما سناً) هذا ليس فيه تعرض لكثرة القراءة، ولا للعلم بالسنة، قيل: لعل السبب في ذلك أن هذه قضية خاصة في اثنين، وكانا قد تعلما من الرسول صلى الله عليه وسلم سوياً، والرسول يعرف بأنهم متساويان، ولهذا أرشد إلى تقديم الأكبر، ومعنى هذا: أن القراءة هي المقدمة، والعلم بالسنة مقدم، والهجرة مقدمة، ولكن هذين الاثنين لعل حالهما كانت متفقة أو متماثلة، والرسول صلى الله عليه وسلم يعرف ما عندهما، وقد جاءا إليه وتعلما منه ثم ذهبا إلى قومهما فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم ما قال. وقوله: [وفي حديث مسلمة قال: (وكنا يومئذ متقاربين في العلم)]. يعني: أن هذا هو السبب الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقدم أكبرهما، وقيل: إن هذا فيه إدراج. وقوله: [وقال في حديث إسماعيل: قال خالد: قلت لـ أبي قلابة: فأين القرآن؟ قال: إنهما كانا متقاربين]. يعني: أنه ما ذكر يؤمهم أقرؤهم كما جاء في الأحاديث الأخرى، والسبب أنهما كانا متقاربين، فمن أجل ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ليؤمكما أكبركما سناً). (80/15)
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا حضرت الصلاة فأذنا، ثم أقيما، ثم ليؤمكما أكبركما سناً) قوله: [حدثنا مسدد]. هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي. [حدثنا إسماعيل]. هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بـ ابن علية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ح وحدثنا مسدد حدثنا مسلمة بن محمد]. مسلمة بن محمد لين الحديث، أخرج له أبو داود. [المعنى واحد عن خالد]. هو خالد بن مهران المشهور بـ الحذاء أو الملقب الحذاء ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي قلابة]. هو أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن مالك بن الحويرث]. مالك بن الحويرث رضي الله عنه وأرضاه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. (80/16)
شرح حديث: (ليؤذن لكم خياركم، وليؤمكم قراؤكم) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا حسين بن عيسى الحنفي حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليؤذن لكم خياركم، وليؤمكم قراؤكم)]. أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليؤذن لكم خياركم وليؤمكم قراؤكم). وقوله: (ليؤذن لكم خياركم) يعني: من يكونوا ذا أمانة وفضل؛ وذلك أن الأذان مسئولية ويترتب عليه أحكام ومن ذلك دخول الوقت، وكون الناس يصلون في الوقت يحتاج إلى أمانة، وكذلك أيضاً يترتب عليه الإفطار والإمساك عند أذان الفجر، وعند أذان المغرب، وكل ذلك أمانة؛ ولهذا قال: (خياركم) وقال: (وليؤمكم قراؤكم) يعني: من يكونوا أقرأ، وهذا مطابق لقوله: (أقرؤكم لكتاب الله) الذي تقدم في الأحاديث السابقة. (80/17)
تراجم رجال إسناد حديث: (ليؤذن لكم خياركم، وليؤمكم قراؤكم) قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي. [حدثنا حسين بن عيسى الحنفي]. حسين بن عيسى الحنفي ضعيف، أخرج له أبو داود وابن ماجة. [حدثنا الحكم بن أبان]. الحكم بن أبان صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن. [عن عكرمة]. هو عكرمة مولى ابن عباس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن ابن عباس]. عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. والحديث في إسناده حسين بن عيسى وهو ضعيف. (80/18)
شرح سنن أبي داود [081] لصلاة الجماعة فضل عظيم، وهي تقتضي إماماً ومؤتمين، وتستدعي أحكاماً يحتاج إليها المؤمنين، وأحكام الإمامة قد جاءت مبينة في كثير من الآثار النبوية، التي أوضحت من تجوز خلفه الصلاة ومن أحق بالإمامة، وهل تؤم المرأة غيرها، ونحو ذلك من الأحكام. (81/1)
ما جاء في إمامة النساء (81/2)
شرح حديث أم ورقة في إمامتها أهل دارها قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب إمامة النساء: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع بن الجراح حدثنا الوليد بن عبد الله بن جميع حدثتني جدّتي وعبد الرحمن بن خلاد الأنصاري عن أم ورقة بنت نوفل رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما غزا بدراً، قالت: قلت له: يا رسول الله! ائذن لي في الغزو معك أمرض مرضاكم؛ لعل الله أن يرزقني شهادة، قال: قري في بيتكي، فإن الله تعالى يرزقك الشهادة. قال: فكانت تسمى الشهيدة، قال: وكانت قد قرأت القرآن، فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تتخذ في دارها مؤذناً، فأذن لها، قال: وكانت قد دبرت غلاماً لها وجارية، فقاما إليها بالليل فغماها بقطيفة لها حتى ماتت، وذهبا، فأصبح عمر فقام في الناس فقال: من كان عنده من هذين علم أو من رآهما فليجئ بهما، فأمر بهما فصلبا، فكانا أول مصلوب في المدينة). حدثنا الحسن بن حماد الحضرمي حدثنا محمد بن فضيل عن الوليد بن جميع عن عبد الرحمن بن خلاد عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث رضي الله عنها بهذا الحديث والأول أتم قال: (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها في بيتها، وجعل لها مؤذناً يؤذن لها، وأمرها أن تؤم أهل دارها) قال عبد الرحمن: فأنا رأيت مؤذنها شيخاً كبيراً. ]. أورد أبو داود رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعنوان: [باب في إمامة النساء]، يعني: كون النساء يصلين جماعة ويؤم بعضهن بعضاً. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أم ورقة بنت الحارث بن عبد الله وفي الطريق الأولى بنت الحارث بن نوفل أنها استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تذهب معه في الغزو تمرض المرضى، فأمرها بأن تقر في دارها، وأخبرها أن الله تعالى سيرزقها الشهادة، فكان يقال لها: الشهيدة، وكانت دبرت غلاماً لها وجارية، أي: علقت عتقهما بوفاتها، وذلك بأن قالت: هما أحرار بعد موتي، وهذا هو التدبير، فالتدبير هو: تعليق العتق بالموت، والمدبر هو: الذي علق السيد عتقه بموته، فيكون في حياته في ملكه، وعندما يموت فإنه يعتق، ولكن في حدود الثلث؛ لأن الإنسان ليس له أن يكون له من ماله بعد موته إلا ما كان في حدود الثلث، ولكن هذا الغلام والجارية استعجلا موتها، فتسببا في موتها من أجل أن يحصل لهما العتق، فغماها في قطيفة، يعني: كتما أنفاسها بأن لفا قطيفة على رأسها فماتت بسبب ذلك، ثم إنهما هربا، فأمر عمر رضي الله عنه من وجدهما أن يحضرهما، فوجدا فصلبا، فكانا أول مصلوب في المدينة، وكانت استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تؤم أهل دارها، فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، وأن تتخذ مؤذناً، وكان ذلك المؤذن شيخاً كبيراً. وهذا الحديث يدل على إمامة المرأة للنساء وصلاتها للنساء، وقد جاءت روايات وآثار متعددة عن ابن عباس وعائشة وأم سلمة أن إمامة النساء تقف وسطهن، يعني: لا تتقدم عليهن. فالحديث يدل على إمامة المرأة للنساء، ويدل أيضاً على اتخاذ المؤذن في ذلك، ولكن الحديث فيه من تكلم فيه بسبب الجهالة، وهو عبد الرحمن بن خلاد وكذلك جده الوليد بن عبد الله بن جميع، لكن ذكر الحافظ في بلوغ المرام أن ابن خزيمة صححه، والحديث صححه أيضاً الشيخ الألباني، ولكن الحديث في إسناده ذلك الشخص الذي تكلم فيه وهو عبد الرحمن بن خلاد وقد قال عنه الحافظ في التقريب: مجهول، فلا أدري ما وجه تصحيح هذا الحديث وفي سنده هذا الرجل المجهول، ولكن الحديث إذا صح فإنه يدل على إمامة النساء، والآثار التي وردت تدل على أن المرأة تؤم النساء، ولكن الإشكال هو في اتخاذ المؤذن؛ لأن كون المرأة تؤم النساء وتقف في وسطهن قد جاء ذلك عن ابن عباس في مصنف عبد الرزاق، وكذلك جاء عن أم سلمة وعائشة أن المرأة تصلي بالنساء وتقف وسطهن. لكن اتخاذ المؤذن ووجود الأذان في البيت، وأن هذا الذي يؤذن لا أدري هل يصلي وراء المرأة، أو يصلي مع النساء أو الرجال يصلون مع النساء، والأصل أن الرجال هم الذين يؤمون النساء والنساء لا تؤم الرجال، ففيه إشكال، ولا أدري ما وجه تصحيحه، وأما قضية إمامة المرأة للنساء فهذه قد جاء عن ابن عباس وعن غيره ما يدل عليه. (81/3)
تراجم رجال إسناد حديث أم ورقة في إمامتها أهل دارها قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي. [حدثنا وكيع بن الجراح]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا الوليد بن عبد الله بن جميع]. الوليد بن عبد الله بن جميع صدوق يهم، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. [حدثتني جدتي]. جدته هي ليلى بنت مالك لا تعرف، أخرج لها أبو داود. [وعبد الرحمن بن خلاد الأنصاري]. عبد الرحمن بن خلاد الأنصاري مجهول الحال، أخرج له أبو داود وحده. [عن أم ورقة بنت نوفل]. أم ورقة بنت نوفل أو بنت الحارث بن عبد الله صحابية، أخرج حديثها أبو داود وحده. وهذا الإسناد فيه مجهولان في طبقة واحدة، والطريق الثانية فيها عبد الرحمن بن خلاد وحده. وقوله: [حدثنا الحسن بن حماد الحضرمي]. الحسن بن حماد الحضرمي صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة. [حدثنا محمد بن فضيل]. هو محمد بن فضيل بن غزوان الكوفي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن الوليد بن جميع عن عبد الرحمن بن خلاد عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث]. هؤلاء قد مر ذكرهم. (81/4)
ما جاء في الرجل يؤم القوم وهم له كارهون (81/5)
شرح حديث: (ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الرجل يؤم القوم وهم له كارهون: حدثنا القعنبي حدثنا عبد الله بن عمر بن غانم عن عبد الرحمن بن زياد عن عمران بن عبد المعافري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول (ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة: من تقدم قوماً وهم له كارهون، ورجل أتى الصلاة دباراً -والدبار: أن يأتيها بعد أن تفوته- ورجل اعتبد محررة)]. أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: [باب الرجل يؤم القوم وهم له كارهون]. وهذا ورد فيه هذا الوعيد محمول على ما إذا كانت الكراهية من أجل الدين، وأنه تقدم من غير اختيارهم أو فرض عليهم، أما إذا كان من أجل شيء في النفوس بينهم وبينه، أو بين بعضهم وبينه فإن هذا لا يؤثر، وإنما الذي يؤثر إذا كان من أجل الدين، ومن أجل عدم ارتياح إليه في دينه؛ لكونه يتصف بفسق أو ببدعة أو ما إلى ذلك، فهذا هو الذي له هذا الذنب، وأما إذا كان من أجل شحناء وعداوة دنيوية وليس لها أساس من الدين وليست مبنية على دين فإن هذا لا يؤثر. وأورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: (ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة: رجل تقدم قوماً وهم له كارهون، ورجل أتى الصلاة دباراً)، أي أنه يكون من عادته أنه يتخلف عن الصلاة ولا يأتي إلى المسجد إلا إذا فرغ الناس، فيأتي ليصلي وحده، ويمكن أن يكون ذلك إما كسلاً أو لكونه لا يريد أن يصلي مع الجماعة، وكل هذا مذموم، فالدبار فسر بأنه يأتيها متأخراً ويكون ذلك من عادته، أما أن يحصل ذلك منه في بعض الأحيان فهذا لا يؤثر، وإنما الذي يؤثر هو أن يكون من عادته أنه يتهاون في شأن الصلاة، أو أنه لا يريد أن يصلي مع الجماعة، بل يريد أن يصلي في المسجد وحده، بحيث لا يصلي وراء الإمام أو مع تلك الجماعة القائمة. وقد ذكرنا فيما مضى أن وجود جماعة ثانية لا يجوز إذا كان المقصود منه عدم الصلاة مع الجماعة الأولى أو متابعة الجماعة الأولى، وأن المقصود هو الانفراد عنهم، وأما إذا كان ذلك ليس مقصوداً وإنما كان يريد أن يصلي في المسجد ولكنه فاتته الصلاة، وكان يريد ألا تفوته، فهذا يمكن أن يصلي معه غيره سواء كان عن طريق الصدقة بأن يصلى معه بعض من صلى، أو أن يكونوا اثنين فأكثر ويصلون جماعة ثانية، كل ذلك لا بأس به. والحاصل: أن من يأتي الصلاة دباراً هو الذي من عادته أن يتأخر عن الصلاة بحيث يأتي بعدما يصلي الناس. وقيل: إن المقصود بذلك الذي يأتيها في آخر وقتها ويؤخرها حتى يخرج وقتها، أو يؤخرها بحيث يكاد وقتها يخرج فيكون في ذلك تفريط. وقوله: (ورجل اعتبد محرره) وفي بعض نسخ أبي داود: (محررة) وكلمة (محررة) ليس المقصود بها المرأة فقط، وإنما المقصود: النسمة أو النفس، فيشمل العبيد والإماء، الذكور والإناث. وقوله: (محرره) الضمير يرجع إلى المعتق وليس تاء التأنيث، وإنما هو هاء الضمير مضاف ومضاف إليه، واعتباده محرره يكون بأن يعتقه ويكتم عتقه، أو يعتقه ثم ينكر عتقه، أو يعتقه ولكنه يتسلط عليه ويجبره بأن يخدمه ويستخدمه، فيكون في ذلك كله استعباد المحرر، بمعنى أنه يعتقه ويكتم عتقه، أو أنه أعتقه وأنكر أنه أعتقه، أو أنه استخدمه بالقوة والقهر والغلبة والقسر، وكل هذه أمور محرمة. والحديث فيه من تكلم فيه، والشيخ الألباني قال: إنه ضعيف إلا الشطر الأول منه، وهو قوله: (من أم قوماً وهم له كارهون) ولكن لا شك أن هؤلاء كلهم مذمومون، سواء الذي اعتبد المحرر، أو الذي أتى الصلاة دباراً، أو الذي أمَّ قوماً وهم له كارهون. وقوله: (لا يقبل الله صلاة) يعني: أنه لا تقبل له تلك الصلاة التي يصليها، بمعنى: أنه يحرم أجرها أو يحرم ثواب تلك الإمامة أو الجماعة التي صلاها، وهذا بالنسبة لمن صلى وأم الناس، وأما ذاك الذي أتى دباراً واعتبد محرره، فظاهره أنها لا تقبل، ولكن الحديث غير صحيح، ولا أدري ما وجه تصحيح القسم الأول منه، فيمكن أن يكون التصحيح لشواهد ولأمور أخرى خارجة عما جاء في الحديث، وإلا فإن الحديث طريقه واحدة، إلا أن القسم الأول يمكن أنه صحح لشيء من الشواهد والأمور الأخرى التي هي غير هذا الحديث، ولعل الألباني صححه من أجل هذا. (81/6)
تراجم رجال إسناد حديث: (ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة) قوله: [حدثنا القعنبي]. هو عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة. [حدثنا عبد الله بن عمر بن غانم]. عبد الله بن عمر بن غانم وثقه ابن يونس وغيره، وأخرج حديثه أبو داود وحده. [عن عبد الرحمن بن زياد]. هو عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي ضعيف، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وابن ماجة. [عن عمران بن عبد المعافري]. عمران بن عبد المعافري ضعيف أيضاً، أخرج له أبو داود وابن ماجة. [عن عبد الله بن عمرو]. هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما صحابي جليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. والحديث فيه ضعيفان يروي أحدهما عن الآخر. (81/7)
| |
|
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| |
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| موضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر الأحد مارس 03, 2013 1:14 pm | |
| - اقتباس :
الأسئلة (81/25)
وجه قول المحشي: في إسناده رجل مجهول. على الحديث الأول في باب الإمام يقوم مكاناً أرفع من مكان القوم
السؤال استشكل تحشية المحشي على الحديث الأول في [باب الإمام يقوم مكاناً أرفع من مكان القوم] قال: في إسناده رجل مجهول، والإسناد أحمد بن سنان وأحمد بن الفرات، وهو مسلسل بالرواة إلى آخره، فما وجه قوله هذا؟
الجواب الظاهر أنه وهم، والذي فيه مجهول هو الذي بعده، أما هؤلاء فليس فيهم مجهول، بل كلهم معروفون، فالذي يبدو أنها جاءت خطأً في الموضع الأول. (81/26)
حكم شراء الكفن من المدينة النبوية للتبرك
السؤال هل يجوز شراء الكفن من المدينة، علماً بأن الناس في بلدي طلبوا مني أن أشتري لهم كفناً من المدينة؟
الجواب الكفن الموجود في المدينة جاء من خارج المدينة، فكونه يشتري كفناً من المدينة أو لا يشتري كفناً ليس هناك ميزة؛ لأن الكفن في المدينة ليس من نتاجها، وليس هناك شيء يدل على ذلك، وليس المهم أن يأخذ الشخص كفناً من المدينة أو غيرها وإنما المهم أن يقدم عملاً صالحاً؛ لأن هذا هو الذي ينفعه، وهذا هو الذي يجده أمامه. (81/27)
شرح سنن أبي داود [082] على المأموم أن يتابع الإمام، وألا يسابقه أو يوافقه أو يتأخر عنه، وإذا كان المأموم واحداً فإنه يقف عن يمين الإمام مساوياً له لا متقدماً عليه ولا متأخراً عنه. (82/1)
ما جاء في الإمام يصلي من قعود (82/2)
شرح حديث: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا صلى قائماً فصلوا قياماً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الإمام يصلي من قعود. حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب فرساً فصُرع عنه، فجحش شقه الأيمن، فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد، وصلينا وراءه قعوداً، فلما انصرف قال: إنما جُعل الإمام ليؤتم به، فإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون)]. قوله: [باب الإمام يصلي من قعود]. يعني: الإمام إذا صلى قاعداً كيف يصلي وراءه المأمومون؟ هل يصلون قعوداً أو يصلون قياماً؟ هذه المسألة اختلف فيها العلماء: فمنهم من قال: يصلون قعوداً أخذاً بحديث أنس هذا وغيره من الأحاديث التي فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وصلى معه جماعة من أصحابه قعوداً، ثم قال عليه الصلاة والسلام: (إنما جعل الإمام ليؤتم به) وفي آخر الحديث قال: (وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون). ومن أهل العلم من قال: إذا صلى قاعداً فإنهم يصلون قياماً ولا يصلون قعوداً، واستدلوا على ذلك بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر صلاة صلاها بأصحابه، فإنه صلى بهم وهو جالس، وكان أبو بكر رضي الله عنه قد بدأ الصلاة، ثم دخل الرسول صلى الله عليه وسلم معه وهو في أولها، فصار رسول الله عليه الصلاة والسلام هو الإمام وهو جالس، وأبو بكر عن يمينه قائم، والناس قيام، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يكبر ويكبر أبو بكر بتكبيره، والناس يتّبعون تكبير أبي بكر رضي الله عنه. قالوا: فهذه آخر صلاة صلّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما جاء في الأحاديث الصحيحة كحديث أنس وغيره من أنه صلى قاعداً وصلى وراءه قوم قعوداً، يكون المتأخر من الأحاديث ناسخاً للمتقدم. ومعنى هذا أن الإمام إذا صلى قاعداً فالذين وراءه يصلون قياماً ولا يصلون قعوداً؛ استناداً إلى ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه في آخر صلاة صلّاها بأصحابه رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم وهو جالس وصلوا وراءه قياماً. ومن أهل العلم من ذهب إلى الجمع بين الأحاديث، بأنه إذا كان بدأ الصلاة قاعداً فإنهم يصلون وراءه قعوداً، وهذا هو الذي تدل عليه الأحاديث التي أوردها أبو داود في هذا الباب، كحديث أنس وعائشة وغيرهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى قاعداً وصلى وراءه قوم قعوداً)، وأما إذا كانوا قد دخلوا في الصلاة وهم قيام، وإمامهم صلى قاعداً، كما جاء في قصة صلاته صلى الله عليه وسلم حيث جاء الرسول صلى الله عليه وسلم، وكبّر وصار هو إمام الناس، فالقيام في الركعة الأولى حصل مع أبي بكر رضي الله عنه وهو إمامهم، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلس عن يسار أبي بكر، وصار يكبّر، وأبو بكر يكبّر بتكبيره، والناس يكبرون بتكبير أبي بكر. وبهذا جمع بعض أهل العلم بين هذه الأحاديث. والذي ينبغي أن الإمام إذا كان لا يستطيع أن يصلي بالناس إلا وهو جالس، فإن الأولى في حقه أن يمكّن غيره من الصلاة ويصلي هو وراءه قاعداً، فيكون في هذا احتياط في الدين وخروج من الخلاف. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام ركب فرساً فصرع عنه فجُحِش شقه الأيمن)]. يعني: أنه حصل له خدش أو حك وتألم منه الرسول صلى الله عليه وسلم، فلم يستطع بسبب ذلك أن يصلي قائماً. وجاء في بعض الروايات: (أنه انفكت قدمه) كما سيأتي، ويمكن أن يكون الاثنان حصلا جميعاً، وأن تكون القصة واحدة، وإنما أحد الرواة ذَكَر بعض ما حصل، والآخر ذكر بعض ما حصل، فيكون كل ما جاء في الروايات قد حصل. ومنهم من قال: إنهما واقعتان، الأولى: التي فيها ذكر انفكاك القدم، والثانية: التي فيها أن شقه الأيمن قد جُحش، أي: خدش. قوله: [(فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد، وصلينا وراءه قعوداً)]. يعني: أن الصحابة صلوا بصلاته صلى الله عليه وسلم وهو قاعد، وصلوا وراءه وهم قعود، وقد جاء في بعض الروايات أنه أشار إليهم أن يجلسوا، وقال: (إن كدتم أن تفعلوا فعل فارس والروم، يقومون على رءوس ملوكهم وهم جلوس). فالشاهد: أنه أشار إليهم أن يجلسوا فجلسوا، وكانوا يصلون بصلاته وهو قاعد وهم قعود. قوله: [(فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به)]. أي: فلما فرغ من صلاته قال لهم: (إنما جُعل الإمام ليؤتّم به) يعني: أن المقصود من الإمام أنه يؤتم به ويقتدى به، ثم بيّن عليه الصلاة والسلام كيفية الاقتداء بالإمام فقال: (فإذا صلى قائماً فصلوا قياماً)، أي: إذا صلى الإمام قائماً، فصلّوا أنتم معه قياماً، وإذا صلى قاعداً فصلوا معه قعوداً. قوله: [(وإذا ركع فاركعوا)]. أي: بعد أن يأخذ في الركوع فتابعوه، ولا تسبقوه ولا تتأخروا عنه، ولا توافقوه بأن يكون ركوعكم مع ركوعه في آن واحد، بل هو يتقدمكم، بحيث تركعون معه إذا أخذ في الركوع واستقر في الركوع، وليس المقصود أنه إذا فرغ من الركوع. فإذاً: على الإنسان إذا كان يرى الإمام قد استقر راكعاً فإنه يتابعه، وإذا كان لا يراه وسمع صوته قد انقطع بالتكبير، فإنه يهوي إلى الركوع. قوله: [(وإذا رفع فارفعوا)]. أي: وإذا رفع من الركوع فارفعوا، وهو كالركوع، فلا تسابقوه ولا توافقوه ولا تتأخروا عنه؛ لأن أحوال المأمومين مع الإمام في الائتمام أربع حالات: مسابقة، وتأخر، وهذان متقابلان، وقد نُهي عنهما. ثم موافقة: وهي أن توافق حركة المأموم حركة الإمام، بحيث لا يسبق أحدهما الآخر، وهذه منهي عنها. الحالة الرابعة: المتابعة، وهي المشروعة التي بيّنها صلى الله عليه وسلم بقوله: (وإذا ركع فاركعوا). قوله: [(وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد)]. يعني: أنهم يفعلون مثل ما يفعل الإمام، فيكبرون كما يكبر، ويركعون كما يركع، ويسجدون كما يسجد، ويقولون مثل ما يقول بالنسبة للتكبير، مثل: تكبيرة الإحرام وتكبيرات الانتقال؛ لأن كل أحوال الصلاة في الانتقال ليس هناك إلا التكبير، إلا عند الرفع من الركوع فإنه يقول فيه الإمام والمنفرد: سمع الله لمن حمده، وأما المأموم فيقول: ربنا ولك الحمد؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قال: (وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد) ومعناه: أنتم تقولون شيئاً، وهو يقول شيئاً آخر، فلا توافقوه فيما يقول في هذه الحالة، وهذا هو الذي يدل عليه هذا الحديث، والدلالة واضحة. وبعض أهل العلم قال: إن المأموم يقول: سمع الله لمن حمده، ثم يقول: ربنا ولك الحمد، ويستدل على ذلك بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (صلّوا كما رأيتموني أصلي)، وهو يقول: سمع الله لمن حمده، فمن وراءه يقول: سمع الله لمن حمده. فنقول: لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بيّن في هذا الحديث أن المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده، حيث أنه ذكر ما يفعله الإمام وما يفعله المأموم، وما يقوله الإمام وما يقوله المأموم، ولم يذكر أن المأموم يقول كما يقول الإمام عند قول: سمع الله لمن حمده، وإنما يقول المأموم: ربنا ولك الحمد، وهذا الذي يقتضيه الحديث، وهو نصّ في المقصود والمطلوب. وأما حديث: (صلّوا كما رأيتموني أصلي)، وهو الذي استدل به بعض أهل العلم على أن المأموم يقول: سمع الله لمن حمده، فأخرج منه ذلك بهذا البيان، مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن) لكن عند قوله: حي على الصلاة، حيّ على الفلاح جاء أنه لا يقول مثلما يقول المؤذن، وإنما يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فهذا من جنس الأول، فهو مستثنى بقوله صلى الله عليه وسلم: (فإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد). قوله: [(وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون)]. وهذا سبقت الإشارة إليه وهو المقصود من الترجمة. (82/3)
تراجم رجال إسناد حديث: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا صلى قائماً فصلوا قياماً) قوله: [حدثنا القعنبي]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة. [عن مالك]. هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه الإمام المشهور، وهو أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن ابن شهاب]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أنس بن مالك]. أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وابن شهاب من صغار التابعين، وأنس رضي الله عنه من صغار الصحابة، ولذلك يوجد من صغار التابعين من يروي عن بعض صغار الصحابة؛ لأن صغار التابعين أدركوا صغار الصحابة الذين تأخرت وفاتهم. (82/4)
شرح حديث: (إذا صلى الإمام جالساً فصلوا جلوساً وإذا صلى الإمام قائماً فصلوا قياماً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير ووكيع عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: (ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرساً بالمدينة فصرعه على جِذم نخلة، فانفكت قدمه فأتيناه نعوده، فوجدناه في مشربة لـ عائشة يسبِّح جالساً، قال: فقمنا خلفه فسكت عنا، ثم أتيناه مرة أخرى نعوده فصلى المكتوبة جالساً، فقمنا خلفه فأشار إلينا فقعدنا، قال: فلما قضى الصلاة قال: إذا صلى الإمام جالساً فصلوا جلوساً، وإذا صلى الإمام قائماً فصلّوا قياماً، ولا تفعلوا كما يفعل أهل فارس بعظمائها)]. أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وفيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم صرعه فرسه على جذم نخلة، يعني: على أصلها أي جذعها، فانفكت قدمه، وهذا فيه أن القدم انفكت، والحديث الأول فيه: أن شقه الأيمن جُحش، يعني: خُدش، وعرفنا أن كلاً من الراويين ذكر شيئاً مما حصل للرسول صلى الله عليه وسلم. ومن أهل العلم من قال: يحتمل أن تكون واقعتين مختلفتين. في هذا الحديث أنهم جاءوا ووجدوه يسبّح، يعني: يصلي نافلة؛ لأن النافلة يقال لها: سُبحة، ومنه الحديث الذي فيه: (ولم يسبّح بينهما)، يعني: أنه بين الصلاتين التي يُجمع بينهما كالظهر والعصر، أو المغرب والعشاء لم يكن يتنفل بينهما. قوله: [(يسبح جالساً)] يعني: يصلي جالساً. قوله: [(فقمنا خلفه)]، أي: يصلون. قوله: [(فسكت)]، يعني: لم ينههم عن ذلك. قوله: [(ثم أتيناه مرة أخرى نعوده فصلى المكتوبة جالساً، فقمنا خلفه فأشار إلينا فقعدنا، فلما قضى الصلاة قال: إذا صلى الإمام جالساً فصلوا جلوساً، وإذا صلى الإمام قائماً فصلوا قياماً)] يعني: تابعوا الإمام في جلوسه وفي قيامه. قوله: [(ولا تفعلوا كما يفعل أهل فارس بعظمائها)]. يعني: أنهم يقومون على رءوسهم وهم جلوس، وقد جاء في صحيح مسلم: (إن كدتم آنفاً أن تفعلوا فعل فارس والروم يقومون على رءوس ملوكهم وهم قعود). وهذا فيه دليل على أن القيام على الرؤساء والملوك لا يجوز، إلا فيما إذا كان يحضره العدو من أجل يرى هيبة احتفائهم بالإمام واهتمامهم بالإمام؛ لأن هذا حصل في صلح الحديبية لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً والمغيرة بن شعبة قائم على رأسه. فهذا يدل على أنه إذا حصل مثل ذلك لا بأس به، ولكن كونه يتخذ ذلك ديدناً وطريقة فالرسول صلى الله عليه وسلم أنكر هذا. وهو يدل على أن الإمام إذا صلى قاعداً فالناس يصلون وراءه قعوداً، وجاء أنه في المكتوبة، أما بالنسبة للنافلة فقد جاء أن الرسول صلى الله عليه وسلم سكت عنهم، فجاء أنهم صلوا بعده الصلاة جلوساً في المكتوبة، والمكتوبة أهم من النافلة، مع أن النافلة يجوز أن تصلى عن قعود ولو كان الإنسان قادراً، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صلاة الجالس على النصف من صلاة القائم) يعني: إذا جلس وهو يقدر على القيام. إذاً: فكون الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بهم جالساً في المكتوبة وهي أهم من النافلة دل ذلك على صحة ذلك، وفيه الكلام الذي ذكرته فيما مضى من أن بعض أهل العلم ذهب إلى أنهم يصلون جلوساً وبعضهم قال: يصلون قياماً، وبعضهم يقول: يفصل بين بدئهم الصلاة قياماً وبدئهم الصلاة جلوساً، فإذا بدءوا الصلاة جلوساً يستمرون جلوساً، وإذا بدءوا الصلاة قياماً يتمون الصلاة قياماً تبعاً للإمام. (82/5)
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا صلى الإمام جالساً فصلوا جلوساً وإذا صلى الإمام قائماً فصلوا قياماً) قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي. [حدثنا جرير]. هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ووكيع]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن الأعمش]. هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي سفيان]. هو طلحة بن نافع وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن جابر]. هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. (82/6)
شرح حديث: (وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سليمان بن حرب ومسلم بن إبراهيم المعنى عن وهيب عن مصعب بن محمد عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما جُعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبّر فكبروا، ولا تكبّروا حتى يكبّر، وإذا ركع فاركعوا ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، قال مسلم: ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا ولا تسجدوا حتى يسجد، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون). قال أبو داود: اللهم ربنا لك الحمد، أفهَمَني بعض أصحابنا عن سليمان]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما جعل الإمام ليؤتم به) وهذه قضية عامة ما بعدها كله تفسير لها. ثم إن متابعة الإمام والائتمام إنما يكون في التقدم والتأخر والركوع والسجود، وكذلك في الجلوس والقيام، وأما الأمور الأخرى التي هي سنن ومستحبات فالإنسان يفعل السنة، وسواء فعلها الإمام أو لم يفعلها، فإذا كان بعض الأئمة لا يرفع يديه عند التكبير عند الركوع والرفع منه والقيام من التشهد الأول فالمأموم له أن يرفع يديه؛ لأن هذه سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإمام لا ينبغي له أن يتركها، فمثل هذه الأمور لا يقال: إن الإنسان يتابع إمامه؛ لأن هذا يلزم منه أنه يعرف طريقة إمامه قبل أن يصلي وراءه، وهل يفعلها أو لا يفعلها. فإذاً: المتابعة إنما تكون بالقيام والقعود والركوع والسجود وما إلى ذلك. قوله: [(فإذا كبر فكبروا)] يعني: إذا كبر الإمام للإحرام أو كبر للانتقال عند كل خفض ورفع فإنه يكبر بتكبيره المأموم، إلا عند الرفع من الركوع فإن الإمام يقول: سمع الله لمن حمده، والمأموم يقول: ربنا ولك الحمد، وكذلك أيضاً الإمام يقول: ربنا ولك الحمد. فإذاً: المفهوم من قوله: (إذا كبر فكبروا) يعني: أنهم لا يسبقونه وأنهم يكبرون وراءه، فأكد ذلك بقوله: (ولا تكبروا حتى يكبر) وهو لو لم يأت بهذه الجملة لكان قوله: (إذا كبر فكبروا) كافياً، لكن هذا زيادة تأكيد، ولهذا بعض الأحاديث التي مرت: (إذا ركع فاركعوا) وليس فيها: (ولا تركعوا حتى يركع) وكذلك: (وإذا سجدوا فاسجدوا) وليس فيها: (ولا تسجدوا حتى يسجد) يعني: أن هذا من باب التأكيد. قوله: [(وإذا ركع فاركعوا ولا تركعوا حتى يركع)]. نعم مثله. قوله: [(وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، قال مسلم: ولك الحمد)]. أي: أن قوله: (وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد) من طريق سليمان بن حرب شيخه الأول، وقوله: (اللهم ربنا ولك الحمد) من طريق مسلم بن إبراهيم. قوله: [(وإذا سجد فاسجدوا ولا تسجدوا حتى يسجد، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون)]. هذه الجملة الأخيرة هي محل الشاهد للترجمة. [قال أبو داود: (اللهم ربنا لك الحمد، أفهمني بعض أصحابنا عن سليمان)]. يعني: لما ذكر أبو داود الحديث من طريق شيخيه: سليمان بن حرب ومسلم بن إبراهيم، وكان قد أخذ عن شيخيه لفظ الحديث كاملاً، إلا أنه في روايته عن سليمان بن حرب شيخه الأول لم يضبط لفظ: (اللهم ربنا لك الحمد)، إما أن يكون ما سمعها، أو أنه سمع منه ولكنه لم يفهمه فأفهمه بعض أصحابه الذين كانوا يتلقون معه من شيخهم سليمان بن حرب، وقال: إنه قال كذا، وهذا من الاحتياط والتوقي والإتقان والعناية من أبي داود رحمه الله. (82/7
| |
|
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| |
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| |
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| موضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر الأحد مارس 03, 2013 1:19 pm | |
| - اقتباس :
ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام(83/20) شرح حديث: (لا تبادروني بركوع ولا بسجود) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام. حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن عجلان حدثني محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تبادروني بركوع ولا بسجود، فإنه مهما أسبقكم به إذا ركعت تدركوني به إذا رفعت؛ إني قد بدنت)]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: باب ما يؤمر به المأموم من متابعة الإمام. يعني: كونه يأتي بالأفعال بعد الإمام. الحالات التي تكون بين الإمام والمأموم من حيث متابعته أربع حالات: مسابقة, وتخلف، وموافقة، ومتابعة, فهذه الأربع الحالات تجري من المأموم مع الإمام، فإما أن يسابق المأموم الإمام أو يتخلف عنه أو يتابعه أو يوافقه، والمسابقة والتخلف والموافقة كلها لا تفعل، وقد قال العلماء: إن المسابقة والتخلف محرمة؛ لأنها تنافي الائتمام، وأما الموافقة فهي مكروهة وأما المتابعة فهي سنة. والمسابقة: هي أن يركع قبل ركوع الإمام. والتخلف: أن يتخلف عن الإمام بأن يفرغ الإمام من الركوع وهو لم يركع. والموافقة: النزول مع الإمام تماماً لا يتقدم ولا يتأخر. المتابعة: بعدما يشرع الإمام في الركن ويستقر فيه يتابعه فيه، بمعنى أنه إذا استقر راكعاً يبدأ بالركوع ولا يركع معه بحيث يساويه، ولا يتأخر عنه ولا يسابقه, بل يتابعه، فهذه هي السنة. أورد أبو داود حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تبادروني بركوع ولا سجود) يعني: لا تسبقوني ولا تفعلوا مثل ما أفعل معي مباشرة، بل إذا أخذت في الركوع فاركعوا؛ لأن الجزء الذي يسبقهم فيه في الأول هم يتأخرون فيه عندما يرفع فيكون مقدار ركوعهم هو مقدار ركوعه تماماً، فلا يزيد الإمام على المأمومين بشيء؛ لأنه استقر راكعاً في الركوع وهم جاءوا بعده، لكنه عندما يرفع هم باقون في الركوع، فصار المقدار الذي فعلوه بعدما رفع يقابل الشيء الذي تقدمهم به، فصار مقدار ركوعهم هو مقدار ركوعه تماماً، فمعنى هذا: أنني إذا ركعت وأنتم جئتم بعدي أنا أرفع وتجيئون بعدي، فيكون مقدار ركوعكم مثل مقدار ركوعي. قوله: [(فإنه مهما أسبقكم به إذا ركعت تدركوني به إذا رفعت)]. يعني: أنتم إذا فعلتم هذا الفعل لأجل أن يحصل لكم مثل ما يحصل لي، فالذي سبقتكم به عند الركوع يعوضه بقاؤكم عندما أرفع فتكونون قد ركعتم مثل ما ركعت؛ لأنني سبقتكم في البداية وأنتم تأخرتم عني في النهاية، وهذا التأخر ليس تأخراً طويلاً، وإنما هو بمقدار شروع الإمام في الركن الذي وراءه. قوله: [(إني قد بدنت)]. فسر بأنه قد طعن في السن، أو أنه قد زاد لحمه.(83/21) تراجم رجال إسناد حديث: (لا تبادروني بركوع ولا بسجود) قوله: [حدثنا مسدد]. مسدد مر ذكره. [حدثنا يحيى]. مر ذكره. [عن ابن عجلان]. هو محمد بن عجلان المدني وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [حدثني محمد بن يحيى بن حبان]. محمد بن يحيى بن حبان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن ابن محيريز]. هو: عبد الله بن محيريز وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن معاوية بن أبي سفيان]. معاوية بن أبي سفيان، أمير المؤمنين رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.(83/22) شرح حديث: (أنهم كانوا إذا رفعوا رءوسهم من الركوع مع رسول الله قاموا قياماً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت عبد الله بن يزيد الخطمي يخطب الناس قال: حدثنا البراء وهو غير كذوب (أنهم كانوا إذا رفعوا رءوسهم من الركوع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قاموا قياماً، فإذا رأوه قد سجد سجدوا)]. وحديث البراء بن عازب رضي الله عنه مثل حديث معاوية، أنهم كانوا إذا صلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفع رأسه من الركوع قاموا قياماً, وإذا قاموا قياماً لا ينتقلون من القيام إلى السجود إلا إذا وصل إلى الأرض وسجد عليها، عند ذلك يلحقونه، ومعنى هذا أنه سبقهم في القيام ثم سبقهم في السجود، فكان مقدار قيامهم مثل مقدار قيامه كما قلنا في الركوع في الحديث السابق.(83/23) تراجم رجال إسناد حديث: (أنهم كانوا إذا رفعوا رءوسهم من الركوع مع رسول الله قاموا قياماً) قوله: [حدثنا حفص بن عمر]. حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي. [حدثنا شعبة]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي إسحاق]. هو: عمرو بن عبد الله الهمداني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبد الله بن يزيد الخطمي]. عبد الله بن يزيد الخطمي، وهو صحابي صغير، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن البراء]. البراء بن عازب رضي الله عنه قد مر ذكره.(83/24) شرح حديث: (كنا نصلي مع النبي فلا يحنو أحد منا ظهره حتى يرى النبي يضع) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا زهير بن حرب وهارون بن معروف المعنى قالا: حدثنا سفيان عن أبان بن تغلب قال أبو داود: قال زهير: حدثنا الكوفيون أبان وغيره عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء رضي الله عنه قال: (كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فلا يحنو أحد منا ظهره حتى يرى النبي صلى الله عليه وسلم يضع)]. أورد أبو داود حديث البراء من طريق أخرى، وفيه: أن الواحد منهم إذا صلى مع الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحنو ظهره إلا إذا وضع الرسول صلى الله عليه وسلم ظهره واستقر في الركوع، فإذا استقر في الركوع فإنهم يتبعونه ولا يفعلون مثل فعله في الزمن وفي الوقت، بل يتأخرون عنه قليلاً وهذا هو المتابعة، فيستمرون واقفين حتى يستقر في الركوع، وهذا فيما إذا كان الإمام يرى، أما إذا كان لا يرى وانقطع صوته فإنهم ينتقلون إلى الركوع إذا كان قد ركع.(83/25) تراجم رجال إسناد حديث: (كنا نصلي مع النبي فلا يحنو أحد منا ظهره حتى يرى النبي يضع) قوله: [حدثنا زهير بن حرب]. هو أبو خيثمة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي. [وهارون بن معروف]. هارون بن معروف ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود. [المعنى]. أي: أنهما متفقان في المعنى مختلفان في اللفظ. [حدثنا سفيان]. هو سفيان بن عيينة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبان بن تغلب]. أبان بن تغلب ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [قال زهير: حدثنا الكوفيون أبان وغيره]. يعني: أن لفظ زهير: حدثنا الكوفيون أبان وغيره، فهو ذكر أبان وغيره ولكنهم أبهموا، وأبان هو الذي نص عليه، وأيضاً ذكر أنهم كوفيون. [عن الحكم]. هو الحكم بن عتيبة الكندي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبد الرحمن بن أبي ليلى]. عبد الرحمن بن أبي ليلى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن البراء]. البراء رضي الله عنه قد مر ذكره.(83/26) شرح حديث: (أنهم كانوا يصلون مع رسول الله فإذا ركع ركعوا) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الربيع بن نافع حدثنا أبو إسحاق -يعني: الفزاري - عن أبي إسحاق عن محارب بن دثار قال: سمعت عبد الله بن يزيد رضي الله عنه يقول على المنبر حدثني البراء رضي الله عنه: (أنهم كانوا يصلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا ركع ركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده لم نزل قياماً حتى يروه قد وضع جبهته بالأرض، ثم يتبعونه صلى الله عليه وسلم). ]. أورد أبو داود حديث البراء من طريق أخرى، وفيه متابعتهم للرسول صلى الله عليه وسلم، وأنهم يركعون إذا ركع، ويسجدون إذا سجد، وإذا سجد لا يسجدون حتى يصل إلى الأرض ويضع جبهته عليها.(83/27) تراجم رجال إسناد حديث: (أنهم كانوا يصلون مع رسول الله فإذا ركع ركعوا) قوله: [حدثنا الربيع بن نافع عن أبي إسحاق يعني: أبو إسحاق الفزاري]. الربيع بن نافع مر ذكره، وأبو إسحاق الفزاري هو: إبراهيم بن محمد بن الحارث وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي إسحاق]. هو سليمان بن أبي سليمان، نص عليه في تحفة الأشراف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن محارب بن دثار]. محارب بن دثار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [قال سمعت عبد الله بن يزيد يقول: حدثني البراء]. عبد الله بن يزيد والبراء قد مر ذكرهما.(83/28) ما جاء في التشديد فيمن يرفع قبل الإمام أو يضع قبله(83/29) شرح حديث: (أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه والإمام ساجد) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التشديد فيمن يرفع قبل الإمام أو يضع قبله. حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما يخشى أو ألا يخشى أحدكم إذا رفع رأسه والإمام ساجد أن يحول الله رأسه رأس حمار، أو صورته صورة حمار)]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة في التشديد في ذلك، يعني: في عدم المتابعة وحصول المسابقة، فإذا لم توجد المتابعة وجدت المسابقة، فذلك لا يجوز، وورد فيه تحذير ووعيد شديد. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أما يخشى أو ألا يخشى أحدكم إذا رفع رأسه والإمام ساجد أن يحول الله رأسه رأس حمار، أو صورته صورة حمار)، يعني: ألا يخشى أن يعاقبه الله عز وجل بأن يحول صورته إلى هذه الهيئة الكريهة لحيوان وصف صوته بأنه أنكر الأصوات، فهذا الفعل ذنب، وكونه يكون على هذه الهيئة الكريهة فهذه عقوبة من الله عز وجل، وهذا يدل على أن المسابقة لا تجوز لا في الرفع ولا في الخفض؛ ولهذا بوب أبو داود رحمه الله فقال: باب التشديد فيمن يرفع قبل الإمام أو يضع قبله. يعني: سواء كان في قيام أو في نزول، في خفض أو رفع، فالمسابقة لا تجوز لا في كونه وهو يسجد أو يركع، ولا في كونه يقوم من الركوع أو يقوم من السجود أو يقوم من الركعة، بل تجب متابعة الإمام وعدم مسابقته, وقد ورد هذا الوعيد في المسابقة للإمام.(83/30) تراجم رجال إسناد حديث: (أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه والإمام ساجد) قوله: [حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن محمد بن زياد]. حفص بن عمر وشعبة قد مر ذكرهما، ومحمد بن زياد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي هريرة]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.(83/31) إذا سبق المأموم الإمام له أن يرجع ومن سبق إمامه ولم يرجع وتابعه فإن صلاته لا تصح؛ ولهذا قال بعض أهل العلم: الذي يسابق الإمام إنه لن يخرج من الصلاة إلا بالتسليم؛ لأنه مهما سابقه لن ينصرف إلا إذا انصرف الإمام، وما دام أنه مرتبط بالإمام، ولن يخرج من الصلاة إلا إذا خرج الإمام، فحصول ذلك منه ماله وجه ولا مبرر، ويقول بعض العلماء: لا وحدك صليت ولا بإمامك اقتديت. بمعنى: أنك ما صليت وحدك، ولا صليت مع الجماعة، فإذا كان الشخص سبق إمامه ثم رجع وتبعه فهذا ليس فيه إشكال، لكن إذا كان حصل هذا الفعل فهذا ينافي الائتمام. والتحويل الوارد في قوله: (يحول الله رأسه رأس حمار) تحويل حقيقي.(83/32) ما جاء فيمن ينصرف قبل الإمام(83/33) شرح حديث: (أن النبي حضهم على الصلاة، ونهاهم أن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فيمن ينصرف قبل الإمام. حدثنا محمد بن العلاء حدثنا حفص بن بغيل المرهبي حدثنا زائدة عن المختار بن فلفل عن أنس (أن النبي صلى الله عليه وسلم حضهم على الصلاة، ونهاهم أن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة)]. قوله: [باب فيمن ينصرف قبل الإمام] الانصراف قبل الإمام يحتمل أن يراد به الانصراف من الصلاة بالسلام، وكما هو معلوم هذا مثل بقية الأركان إذا سلم قبل الإمام فعليه أن يرجع إلى الصلاة، ويسلم بعد ما يسلم الإمام إذا كان سلم ناسياً، وأما التعمد فإنه لا يجوز. وإما أن يراد به انصراف الناس قبل أن ينصرف الإمام، يعني: كونهم يبادرون بالانصراف قبل أن ينحرف الإمام ويقوم من مقامه، وقالوا: إن هذا كان المقصود منه أن النساء كانت تصلي معهم فيؤمرون بأن يبقوا حتى تنصرف النساء ثم ينصرفوا مع الإمام، فالإمام يتأخر في الانصراف، وهم ينصرفون إذا انصرفت النساء، قالوا: إن هذه هي الحكمة في ذلك، وعلى هذا فإن الانصراف يحتمل بأن يكون الانصراف من السلام، وهذا لا يجوز؛ لأنه داخل تحت قوله: (لا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالانصراف)، ويحتمل المعنى الثاني: وهو أنهم لا ينصرفون قبل الإمام فيما إذا كان معهم نساء حتى تنصرف النساء، ولا يحصل الاختلاط بين الرجال والنساء. أورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه. قوله: [(ونهاهم أن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة)] فقوله: [(من الصلاة)] هذا قد يبين أو يرجح أن المقصود هو الانصراف من الصلاة بالسلام. ولا ينبغي للمأموم أن يقوم بعد تسليم الإمام مباشرة، وإنما يمكث ولو فترة وجيزة بحيث ينصرف الإمام إلى المأمومين ويتجه إليهم، وهو لا يبقى إلا مقدار قوله: أستغفر الله! أستغفر الله! أستغفر الله اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.(83/34)
| |
|
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| موضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر الأحد مارس 03, 2013 1:20 pm | |
| - اقتباس :
تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي حضهم على الصلاة، ونهاهم أن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة) قوله: [حدثنا محمد بن العلاء]. هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا حفص بن بغيل المرهبي]. حفص بن بغيل تصغير بغل المرهبي، وهو مستور، أخرج له أبو داود. [حدثنا زائدة]. هو زائدة بن قدامة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن المختار بن فلفل]. المختار بن فلفل، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. [عن أنس]. أنس بن مالك رضي الله عنه وقد مر ذكره. (83/35)
الأسئلة (83/36)
وجه عدم حصول الوعيد في قوله: (أما يخشى أحدكم أن يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار)
السؤال بالنسبة لحديث أبي هريرة في الوعيد فيمن سابق الإمام، فإن كثيراً من الناس يفعلون ذلك ولا يحصل لهم الوعيد في الدنيا؟
الجواب المهم أن الوعيد موجود، والله على كل شيء قدير، وهو قال: (أما يخشى) ومعلوم أنه ما دام أنه توعد بهذا الوعيد الواجب هو عدم المسابقة. (83/37)
حكم الدخول مع الإمام في التراويح بنية تحية المسجد
السؤال هل يجوز الدخول مع الإمام بنية تحية المسجد وهو يصلى بالناس التراويح؟
الجواب أي نعم، الإنسان إذا دخل المسجد لا يذهب يصلي تحية المسجد، ثم بعد ذلك يدخل مع الإمام، وإنما يدخل مع الإمام وتكون تحية المسجد. (83/38)
حكم قطع النافلة عند الإقامة
السؤال في الحديث: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) فهل يجوز قطع صلاة النافلة؟ ومتى يكون؟
الجواب إذا كان في آخرها يتمها خفيفة، وإذا كان في الركعة الأولى أو في أول الركعة الثانية، فإنه يقطعها، أما إذا كان في آخرها فإنه يتمها؛ لأن إتمامه إياها لا يتعارض مع الفرض؛ لأنه سينتهي قبل فراغ المؤذن من الإقامة. (83/39)
معنى قوله: (قوموا فلأصل لكم)
السؤال قول النبي صلى الله عليه وسلم: في أول الحديث: (قوموا فلأصل لكم) هل هم أصلاً طلبوا منه الصلاة؟
الجواب يحتمل أن يكونوا طلبوه لهذا الغرض، وأنه أراد أن يلبي غرضهم، ويحتمل أن يكون أراد أن يعلمهم، وأن تكون النساء اللاتي لا يرينه ولا يحصل لهن الوقوف وراءه في الصلاة، بحيث إنه يحصل لهن مشاهدته عليه الصلاة والسلام وهو يصلى بالناس والعدد قليل؛ لأنه ليس بينهن وبين الرسول صلى الله عليه وسلم إلا شخصان أحدهما كبير والآخر صغير. (83/40)
معنى قوله: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)
السؤال ما معنى حديث: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)؟
الجواب المقصود إذا صلى الإنسان عند الإقامة، وأما إذا كان قد دخل الإنسان في الصلاة فإنه يقطعها إذا كان في أولها بدون سلام، وإن كان في آخرها فإنه يتمها خفيفة. (83/41)
معنى قول أنس: (فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بماء)
السؤال ما معنى قول أنس رضي الله عنه: (فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بماء)؟
الجواب هذا فيه أن الافتراش يقال له: لبس، وأن اللبس يطلق على أكثر مما هو غالب في الاستعمال وهو لبس الثياب، والجلوس أو الافتراش يقال له: لبس. قوله: (قد اسود من طول ما لبس) يعني: استعمل حتى حصل منه قسوة، فهو نضحه بالماء حتى يلينه، ويحتمل أن يكون فيه وسخ من طول الاستعمال، فيريد أن يصلي الرسول صلى الله عليه وسلم على شيء نظيف ليس فيه وسخ. (83/42)
حكم الاصطفاف بالطفل غير المميز
السؤال ما حكم الاصطفاف بالطفل غير المميز؟
الجواب إذا كان غير مميز لا يصف به، ولا يكون معهم في صف واحد. (83/43)
حكم الصلاة فوق السطح العلوي من المسجد الحرام
السؤال هل تجوز الصلاة فوق السطح من المسجد الحرام علماً بأن السطح العلوي في مكة أعلى من الكعبة؟
الجواب قضية أن الناس يستقبلون الكعبة سواء كانوا أعلى منها أو أخفض منها، فإنه يجوز ولو كانوا أعلى منها. (83/44)
حكم إكمال الدعاء وقد تحول الإمام إلى ركن آخر
السؤال من كان يدعو بدعاء وتحول الإمام إلى ركن آخر من أركان الصلاة هل يقطع الدعاء أم يكمله ثم يدرك الإمام؟
الجواب الدعاء كما هو معلوم إذا كان طويلاً لا يكمله، وإذا كان قصيراً أو بقي له كلمتان أو ثلاث فإنه يأتي بها وذلك لا يؤخره. (83/45)
حكم بيع ماء زمزم
السؤال ما حكم بيع ماء زمزم؟
الجواب الإنسان إذا ملك الماء له أن يبيعه، فإذا أتى به بسيارته أو حازه في حوضه أو في خزانه فله أن يبيعه. (83/46)
حكم الاصطفاف عن يمين ويسار الإمام عند الضيق
السؤال هل يستفاد من فعل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مع علقمة والأسود وذلك أنه صلى واحد عن يمينه وواحد عن يساره، فهل يجوز للناس أن يصفوا الصف الأول عن يمين ويسار الإمام مع ضيق المكان وخاصة في الحج؟
الجواب إذا امتلأ المكان واحتاج الناس إلى أن يصفوا عن يمين ويسار الإمام فلا بأس. (83/47)
حكم الانصراف قبل الإمام في المسجد الذي ليس فيه نساء
السؤال بالنسبة للانصراف قبل الإمام في بلادنا النساء لا يصلين في مساجدنا، فهل يجوز لنا أن ننصرف قبل الإمام؟
الجواب نعم، فالإمام إذا كان يطول فليس بلازم أن يبقى المأموم حتى ينصرف، كأن يبقى الإمام إلى ما بعد طلوع الشمس مثلاً إذا صلى الفجر، فأنتم لستم ملزمين بمتابعته، ولكن المقصود من ذلك هو الانصراف من الصلاة كانصراف الإمام إلى جهة المأمومين، بحيث إن الإنسان لا يسلَّم ويقوم مباشرة. (83/48)
حكم إخراج الأرز بقشوره في زكاة الفطر
السؤال هل يجوز إخراج الأرز الذي ما زالت القشور عليه باقية ولم تنق في زكاة الفطر؟
الجواب لا، ما يجوز حتى ينقى ويكون صافياً، كذلك السنبل كونه يبقى في سنبله ليس للإنسان أن يخرجه في الزكاة، وإنما يخرج شيئاً قد أخرج من سنبله، أما إذا كانت أشياء قليلة وما إلى ذلك فهذا أمره سهل. (83/49)
كيفية انصراف الإمام إلى المأمومين
السؤال الإمام إذا انحرف إلى المأمومين: هل يعطي القبلة ظهره أو ينحرف انحرافاً يسيراً؟
الجواب الذي يبدو أنه يعطي القبلة ظهره، فيستدبر القبلة ويستقبل الناس. (83/50)
حد الاشتراك في الأضحية في السفر والحضر
السؤال هل اشتراك سبعة رجال في الأضحية في البقرة وسبعة رجال في الإبل يجوز في الحضر أو أنه خاص بالسفر؟
الجواب الأضحية والهدي كلها يشترك فيها، فالبقرة تجزئ عن سبعة، والبدنة تجزئ عن سبعة وسواء كان الناس في حضر أو سفر. (83/51)
حكم وضع اليدين على الصدر بعد الركوع
السؤال هل وضع اليدين على الصدر بعد الركوع سنة؟
الجواب نعم، جاء ما يدل عليه، وهو: (أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان قائماً في الصلاة وضع اليمنى على اليسرى)، وأحوال المصلي أربعة: فهو إما قائم، وإما راكع، وإما ساجد، وإما جالس، فهذه أحوال المصلي في الصلاة، والقيام يكون قبل الركوع وبعده, والجلوس يكون بين السجدتين وفي التشهد الأول والأخير. وقوله: (إذا كان قائماً في الصلاة) يشمل ما قبل الركوع وما بعده وبعض أهل العلم يقول: إنه لا يضع يديه بعد الركوع؛ لأن الذين وصفوا صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بالتفصيل ما تعرضوا للتنصيص على وضع اليمنى بعد اليسرى بعد الركوع، لكن مادام أنه جاء حديث عام يدل بعمومه على دخول ذلك فإنه يكون سنة. (83/52)
عدم حاجة الصحابة إلى تعديل المعدلين وتوثيق الموثقين
السؤال قول عبد الله بن يزيد الخطمي عن البراء: (وهو غير كذوب) هل يعتبر توثيقاً؟
الجواب هذا ليس تعديلاً ولا توثيقاً، فالصحابة رضي الله عنهم عدول، ولا يحتاجون إلى تعديل أحد، ولكن المقصود من هذا هو التأكيد بأن الذي أخبركم عنه صادق، وثقوا بأن الكلام الذي يحدثكم به حق وصدق، وهذا من جنس قول الصحابي: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق، أي: هو صادق مصدوق ولو لم يخبر بذلك. (83/53)
مقدار البقاء إذا انصرف الإمام إلى المأمومين
السؤال إذا انصرف الإمام إلى المأمومين هل هناك مقدار معين للبقاء؟
الجواب لا، لكن يأتي بالذكر بعد الصلاة والتسبيح، وبعد ذلك إن شاء أن يبقى بقي، وإن شاء أن يقوم قام. (83/54)
يعامل الناس بالظاهر ويترك الباطن إلى الله
السؤال هناك من يقول: إن شروط لا إله إلا الله شروط صحة، باعتبار اعتقاد العبد لها فيما بينه وبين ربه؛ لأن أغلبها شروط قلبية، وعلينا بالظاهر، وهي شروط كمال باعتبار حفظ كونها سبعة وتعلم أدلتها ومعرفتها بالتفصيل، فما رأيكم في هذا؟
الجواب الناس مالهم إلا الظاهر، ولا يعرفون إلا الظاهر، فالمسلم بما ظهر لهم منه يحكمون عليه، والبواطن علمها عند الله؛ فقد يكون الإنسان يظهر الإسلام ويبطن الكفر كالمنافقين الذين كفرهم كفر اعتقاد، وهم في الدرك الأسفل من النار، فالناس لهم الظاهر، والباطن علمه عند الله عز وجل، لكن هذه الشروط يتفاوت الناس فيها، وليس كلهم فيها سواء، فالناس متفاوتون في درجة التصديق واليقين وغيرهما. (83/55)
| |
|
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| |
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| موضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر الأحد مارس 03, 2013 1:26 pm | |
| - اقتباس :
تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي صلى في ثوب واحد بعضه علي) قوله: [حدثنا أبو الوليد الطيالسي]. أبو الوليد الطيالسي هو هشام بن عبد الملك، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا زائدة]. هو زائدة بن قدامة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي حصين]. هو: عثمان بن عاصم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي صالح]. هو أبو صالح ذكوان السمان، اسمه: ذكوان ولقبه: السمان ويقال: الزيات وكنيته أبو صالح وهو مشتهر بكنيته، وهو مدني ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن عائشة]. عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنه وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي من أوعية السنة وحفظتها، وقد أنزل الله براءتها في قرآن يتلى، ومع ذلك كانت تتواضع لله عز وجل وتقول: (ولشأني في نفسي أهون من أن ينزل الله تعالى في آيات تتلى)، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم ستة رجال وامرأة واحدة، والستة هم: أبو هريرة وابن عمر وابن عباس وأبو سعيد وأنس وجابر وامرأة واحدة هي: أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها. (84/19)
الأسئلة (84/20)
سبب حمل النهي في حديث: (لا يصل أحدكم في الثوب الواحد) على الكراهة
السؤال قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يصل أحدكم في الثوب الواحد) قلتم: إن الجمهور حملوه على الكراهة، فما هو الصارف لذلك؟
الجواب لا أعلم له صارفاً إلا أن يكون الحديث الذي فيه أن الرسول طابق بين الثوبين ووضع على عاتقة منها شيئاً. (84/21)
جواز الصلاة وأحد العاتقين مكشوف دون كراهة
السؤال هل يكفي أن يصلي الرجل وعلى أحد عاتقيه شيء أم لابد من تغطية العاتقين؟
الجواب إذا صلى الرجل وعلى أحد العاتقين شيء يكفي، ولا يلزم تغطية العاتقين جميعاً. (84/22)
اختصاص الله بالكبرياء والعظمة
السؤال جاء في الحديث القدسي: (العظمة إزاري والكبرياء ردائي) هل يستدل بهذا على إثبات صفة الإزار والرداء؟
الجواب لا، هذا لا يثبت منه صفه الإزار ولا الرداء، وإنما هذا فيه بيان اختصاص الله عز وجل واتصافه بهما، يعني: مثلما أن الإنسان يستعمل الإزار والرداء، فالله عز وجل موصوف بالكبرياء والعظمة وهما إزاره ورداؤه، لكن لا يقال: إن من صفات الله الإزار أو الرداء، وإنما يقال: العظمة والكبرياء إزاره ورداؤه، وهذا من جنس قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الأنصار (الأنصار شعار، والناس دثار)، معناه: قربهم منه، والتصاقهم به كالتصاق الشعار بالإنسان، والناس الذين وراءهم مثل الثوب، فالمقصود من ذلك التشبيه، وليس المقصود من ذلك أن الله عز وجل له إزار ورداء، وأن من صفاته الإزار والرداء، وإنما اختص الله عز وجل بالعظمة والكبرياء، وأنه اتصف بهما، وأنه لا يشاركه فيهما أحد، فهذا هو الذي يوصف الله تعالى به، ولكن لا يجوز أن يقال: إن الله عز وجل من صفاته الإزار، ومن صفاته الرداء، ويوضح ذلك حديث: (الأنصار شعار، والناس دثار) ومعلوم أن الأنصار ليسوا شعاراً، وإنما هذا تشبيه لقربهم منه، والتصاقهم به، كما يحصل من الشعار الملاصق بالجسد، فالأنصار مثل الشعار، وغيرهم كالدثار، وهو الذي وراء الشعار. (84/23)
وجوب الاهتمام بالتاريخ الهجري
السؤال بمناسبة العام الهجري الجديد نرجو أن تنبهوا الطلاب إلى أهمية التاريخ بالهجري، وهل ينبغي لطالب العلم أن يؤرخ بالتاريخ الإفرنجي؛ فبعضهم يقول: إن التاريخ الإفرنجي منضبط؟
الجواب كيف ينضبط والتاريخ الهجري لا ينضبط؟! والأحكام الشرعية أنيطت به, وعمر رضي الله عنه جعل التاريخ به، والمسلمون تابعوه على ذلك وعملوا به، فكون الإنسان المسلم يستعمل التاريخ الإسلامي لا شك في ذلك، ولا نقول: إنه أولى من تاريخ النصارى بل هو المتعين, فتاريخ النصارى للنصارى، وتاريخ المسلمين للمسلمين، ومعلوم أن الناس من قديم الزمان كانوا يستعملون التاريخ الهجري، وهو منضبط، ولا إشكال في ذلك, وإنما الفرق: هل يكون الشهر تسعة وعشرين يوماً أو ثلاثين؟ والأمر في ذلك سهل. (84/24)
حكم الدعاء عند نزول المطر وبعد ركعتي الطواف وبعد الصلاة خلف مقام إبراهيم
السؤال هل هناك أدلة تدل على استحباب الدعاء في المواطن التالية: عند نزول المطر، وبعد ركعتي الطواف، وبعد الصلاة خلف مقام إبراهيم؟
الجواب من الأدعية التي وردت عند نزول المطر: (سبحان من سبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته)، فالأشياء التي وردت يؤتى بها، أما كون الإنسان يسأل الله له شيئاً أو يسأل الله أن يغفر له أو يسأله كذا لا نعلم شيئاً يدل عليه، وأما كونه يدعو بالأدعية الخاصة بالمطر وبنزول المطر فلا بأس؛ لأن هذا هو مكانه. وأما بعد ركعتي الطواف: فالإنسان يدعو، لكن لا نعلم دعاءً معيناً في ذلك، وإنما يدعو الإنسان بما شاء من خيري الدنيا والآخرة. وكذلك بعد الصلاة خلف مقام إبراهيم، فالإنسان يدعو، لكن لا نعلم نصاً على هذا؛ لأن هذا من المواطن المطلقة، والإنسان ينبغي له أن يدعو في هذا المكان، لكن ليس متعيناً؛ لأنا لا نعلم شيئاً يدل على هذا، وأما أنه توجد أدلة تدل على الاستحباب فلا نعلم دليلاً يدل على هذا، ولكن هذا من الأمور المطلقة التي للإنسان أن يدعو وله ألا يدعو، ولكن كون الإنسان يدعو أولى له. وبعض الناس بعد ركعتي الطواف يقعدون عند المقام ويرفعون أيديهم داعين، ولا نعلم شيئاً يمنع من هذا، ولا نعلم شيئاً يدل على الدعاء ورفع اليدين في هذا المكان، فهذه من الأماكن المطلقة التي يمكن للإنسان أن يدعو ويرفع يديه ويمكن ألا يرفع يديه, لأننا لا نعلم شيئاً يدل عليه، والمواضع المطلقة التي لم يرد فيها نفي ولا إثبات يكون الأمر فيها واسعاً، فإن رفع الإنسان يديه لا بأس، وإن لم يرفعهما لا بأس. وأما كونه مستحب فلا أعلم شيئاً يدل عليه، ولكن كون الإنسان يدعو لا بأس بذلك، ولا نعلم شيئاً يمنعه. (84/25)
حكم الدعاء عند نهاية الدرس وآخر الخطبة
السؤال ما حكم الدعاء في نهاية الدرس وفي آخر الخطبة؟
الجواب لا أعلم شيئاً يدل عليه، لكن دعاء الخطيب في خطبته، والمتكلم بعد كلامه لا بأس به، وقد جاء عن بعض السلف ما يدل على ذلك، وقد جاء في البخاري في آخر كتاب الإيمان حديث جرير بن عبد الله البجلى أنه لما توفي المغيرة بن شعبة وهو أمير على الكوفة قام وخطب الناس وقال: (يا أيها الناس! استغفروا لأخيكم، واصبروا حتى يأتيكم أمير، ثم قال: أستغفر الله لي ولكم ونزل)، فدعا له ولهم بالمغفرة ونزل. وبالنسبة للخطباء أنهم دائماً يختمون الخطبة الأولى بقول: أستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم، لا أعلم شيئاً يدل على الالتزام به، لكن كما هو معلوم أن الدعاء في آخر الخطبة الأولى وكذلك الثانية لا نعلم شيئاً يمنع منه. (84/26)
حكم فعل الساتر بين الرجال والنساء في المسجد أو المصلى
السؤال قول القائل: في الحديث: (يا معشر النساء! لا ترفعن رءوسكن حتى يرفع الرجال)، أليس هذا فيه دليل على عدم لزوم وضع الحائل الساتر بين الرجال والنساء في المسجد أو في المصلى؟
الجواب نعم، هو ليس بلازم، ولكن كونه يوجد لا شك أن هذا أتم وأكمل، هذا إذا كانت المساجد فيها سعة، ولكن حيث تكون المساجد ضيقة فليس بلازم، لكن إذا أمكن أن يكون النساء أماكن خاصة تختص بهن، ولا يرين الرجال ولا الرجال يرونهن لاسيما مع وجود مكبرات الصوت التي تصل إليهن وكأنهن مع الرجال لا شك أن هذا هو الأولى والأكمل. (84/27)
حكم انكشاف العورة في الصلاة
السؤال هل في حديث سهل بن سعد الأخير دليل على أن انكشاف العورة من الأسفل لا يضر المصلي؟
الجواب الإنسان عليه أن يستر عورته على قدر طاقته، وإن حصل انكشاف غير مقصود بسبب ضيق الحال فإنه لا يؤثر، وهذا من جنس الذي مر في حديث عمرو بن سلمة الجرمي الذي كان يصلي بالناس، وكان عليه إزار فيه فتق أو شق فكان ينكشف شيء من عورته، فقالت امرأة: غطوا عنا عورة إمامكم، فاشتروا له قميصاً فسر به وفرح. (84/28)
ضابط المباح وفيما يكون
السؤال هل يمكن الإطلاق على أن العبادة يوجد فيها حكم الإباحة استدلالاً بحديث (صلوا قبل المغرب وفي الثالثة قال: لمن شاء) وقد استدل به بعض الأصوليين في باب الإباحة يعني: على أن هناك عبادة مباحة؟
الجواب المباح: هو الذي يستوي طرفاه، وهنا حكم هذه الصلاة فيه تخيير وليس فيه إلزام، ولكن من صلى لا شك أنه أفضل ممن لم يصل، ومن صلى حصل أجراً، ومن لم يصل ليس عليه إثم، ولكنه فاته خير كثير، فالقضية ليس هناك تساوٍ بين الطرفين، والمباح يتساوى فيه الطرفان: الفعل والترك، والعبادة الفعل فيها مقدم على الترك. (84/29)
صلاة الرجال والنساء في مسجد النبي من دون حاجز
السؤال الحديث الذي فيه نهي النساء عن رفع رءوسهن قبل الرجال لكيلا يقع نظرهن على عورات الرجال، هل يصح أن يستدل به على أن مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن منفصلاً بالستار؟
الجواب نعم, هذا يدل على أنه لم يكن يوجد حاجز؛ ولهذا جاء في الحديث: (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها) لأن شر الصفوف قريب من شر الصفوف، فالصف الأول للنساء يلي آخر صفوف الرجال، فهذا شر الصفوف، وما كان أبعد فهو خير، وهو الصف الأول للرجال وآخر الصفوف للنساء، فهذا يدل على أنه لم يكن يوجد حاجز، ومن المعلوم أن عدم وجود الحواجز أنه إذا كثر الرجال اختصوا بالمسجد، والنساء لا يكون لهن نصيب في المسجد، فلو امتلأ من الرجال فهم أحق به، لكن إذا جعلت أماكن خاصة للنساء تأتي إلى هذه الأماكن، فسواء امتلأ المسجد أو لم يمتلئ فإنهن يجدن مكاناً. (84/30)
حكم تقدم المأموم على الإمام عند ضيق المكان
السؤال في فجر يوم النحر بمزدلفة صلينا مع الإمام بالمشعر الحرام، وكنا متقدمين عن الإمام إلى جهة القبلة، فما حكم صلاتنا؟
الجواب لا تجوز صلاة المأموم قدام الإمام ولا تصح، والذي يظهر أن مثل هذا عليه أن يعيد مادام أنه صلى أمام الإمام. (84/31)
وجوب إتمام العمرة على من بدأ فيها
السؤال أجهل أعمال العمرة حتى لبس الإحرام، فعلمني بعض الناس ذلك ثم ذهبت إلى مكة إلا أنني عدلت عن دخول الحرم المكي وأداء العمرة فماذا علي الآن؟
الجواب الذي دخل في عمرة يجب عليه أن يكملها إذا كان قد نوى العمرة، ودخل بها، فعليه أن يكملها؛ لقول الله عز وجل: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196] ولا يجوز للإنسان أن يتخلى عن العمرة أو الحج بعد الدخول فيها, وإذا كان الإنسان قد اعتمر بعد ذلك فقد فعل الشيء الذي كان قد تركه، وإذا لم يعتمر فعليه أن يذهب ويعتمر، وإذا كان متزوجاً فعليه أن يذبح شاة؛ لكونه جامع وهو متلبس بنسك، ولو عقد بعد رجوعه من الحرم فلا يصح عقده؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ينكح المحرم ولا ينكح) والعقد لا يصح في حال الإحرام، وإذا وجد العقد يعاد، أما الأولاد فهم أولاد شرعيون؛ لأنه نكاح فيه شبهة. (84/32)
وقت قول (الصلاة خير من النوم)
السؤال عندنا بعض الناس في المساجد يقولون: الصلاة خير من النوم حتى في الأذان الأول في صلاة الصبح، وعندما يسمع الناس النداء بهذه الكيفية في رمضان يتركون السحور ظناً منهم بأن الوقت قد حان، فهل هذا صحيح؟
الجواب التفاوت بين الناس لا يجوز، فإذا كان الناس كلهم على طريقة واحدة يأتون بقول: الصلاة خير من النوم في الأذان الأول ويفعلون هذا، فالأمر في ذلك سهل، ولكن إذا كان المعتاد عندهم أن قول: الصلاة خير من النوم في الأذان الثاني، ثم يأتي أناس ويقولونها في الأذان الأول ويشوشون عليهم ليس لهم ذلك. (84/33)
حكم جلسة الاستراحة
السؤال ما حكم جلسة الاستراحة في الركعة الأولى والثالثة مع أن هذه الاستراحة لا يتحملها بعض الناس ككبار السن؟
الجواب يبين لهم أن هذه هي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد جاءت من حديث أبي حميد ومن حديث مالك بن الحويرث: (أنه كان صلى الله عليه وسلم يجلس بعدما يقوم من الوتر)، يعني: إذا قام من الأولى أو من الثالثة جلس قليلاً، فيكون قيامه عن جلوس لا عن سجود؛ فلا يقوم من السجود واقفاً، وإنما يجلس قليلاً ثم يقوم من جلوس، فيبين لهم أن هذه هي السنة، وأن هذه الجلسة قصيرة لا يطولها، إذا كان يطولها فهذا لا يصلح، وهي جلسة قصيرة ليس فيها دعاء ولا ذكر. وقد ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي حميد الساعدي ومن حديث مالك بن الحويرث رضي الله تعالى عنهما. وكون المأموم يجلس للاستراحة دون الإمام ليس فيه مخالفة للإمام؛ لأنها جلسة قصيرة جداً لا يترتب عليها مخالفة، فالإنسان يأتي بجلسة الاستراحة سواءً فعلها الإمام أو لم يفعلها. وأما بالنسبة لتكبير الانتقال فإنه يقوم من الاستراحة مكبراً. (84/34)
حكم رمي الجمار ليلة الثاني عشر لأجل التعجل
السؤال هل ثبت ما ينص على صحة من يرمي الجمار ليلة اليوم الثاني عشر من أيام التشريق لأجل التعجل؟ وهل هذا يجزئ عن الرمي لليوم الثاني؟
الجواب التعجل: هو الرمي بعد الزوال من اليوم الثاني عشر، فإذا كان رميه قبل الزوال من الليلة المتقدمة فلا يجوز؛ لأن الرمي قبل الزوال لا يجوز لا في الليل ولا في النهار. وأما بعد الزوال فهو وقت الرمي، وإذا رمى بعد الغروب من ليلة الثالث عشر تعين عليه أن يبقى ويبيت، ويرمي الجمار بعد الزوال من اليوم الثالث عشر. (84/35)
شرح سنن أبي داود [085] أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة في الثوبين عند السعة، فإن لم يجد العبد إلا ثوباً فليستر به عورته، ونهى عن الاشتمال في الصلاة كاشتمال اليهود، وعن إسبال الإزار، وشدد في النهي عن الإسبال، وقد جاء الوعيد على الإسبال في غير الصلاة، وفي الصلاة من باب أولى. (85/1)
ما جاء في الرجل يصلي في قميص واحد (85/2)
شرح حديث: (يا رسول الله إني رجل أصيد أفأصلي في القميص الواحد؟) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرجل يصلي في قميص واحد. حدثنا القعنبي حدثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد - عن موسى بن إبراهيم عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: (قلت: يا رسول الله! إني رجل أصيد، أفأصلي في القميص الواحد؟ قال: نعم وأزرره ولو بشوكة)]. أورد أبو داود رحمه الله تعالى هذه الترجمة، وهي: باب في الرجل يصلي في قميص واحد، يعني: ليس معه شيء آخر، كأن يكون ليس معه إزار أو سراويل، ولاشك أن القميص إذا كان معه سراويل أو معه أزار فإنه يحصل به كمال التستر، ولكن إذا لم يكن معه شيء فإنه يكفي. وقد أورد أبو داود رحمه الله تعالى حديث سلمة بن الأكوع، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إني رجل أصيد، أفأصلي في الثوب الواحد؟ قال: نعم، وأزرره ولو بشوكة). والمقصود من قوله: (وأزرره ولو بشوكة) يعني: أنه إذا كان جيبه واسعاً فإنه يزرره حتى لا تبدو عورته من جهة جيبه؛ لأنه لو ركع أو خفض رأسه وجيبه واسع فإن عورته ترى من جهة جيبه، ولكنه إذا أزرره بشيء ولو كان بشوكة فإن ذلك يكون به ستر العورة، وعدم الاطلاع عليها من جهة الجيب، هذا هو المقصود من قوله: (وأزرره ولو بشوكة)؛ لأنه يكون بذلك ستر العورة من جهة الجيب فلا ترى، يعني: فيما إذا خفض الإنسان رأسه أو كان راكعاً، فإنه إذا كان جيبه واسعاً فسترى عورته من جهة جيبه. ومعنى هذا: أن الصلاة في القميص الواحد سائغة، وأنه لا بأس بها، ولكن إذا كان معه -أي: القميص- شيء يزيده في الستر كالإزار والسراويل فلاشك أن هذا هو الأكمل والأفضل، وإذا لم يجد إلا قميصاً واحداً، والجيب ضيق، ولا تبدو العورة منه فلا إشكال، وإن كان واسعاً قد تبدو منه العورة فإنه يزره ولو بشوكة، كما جاء في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (85/3)
| |
|
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| |
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| |
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| موضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر الأحد مارس 03, 2013 1:32 pm | |
| - اقتباس :
شرح حديث: (فإني لا أراها إلا قد حاضت أو لا أراهما إلا قد حاضتا) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد أن عائشة رضي الله عنها نزلت على صفية أم طلحة الطلحات، فرأت بنات لها فقالت: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل وفي حجرتي جارية، فألقى لي حقوه وقال لي: شقيه بشقتين، فأعطي هذه نصفاً، والفتاة التي عند أم سلمة نصفاً، فإني لا أراها إلا قد حاضت، أو لا أراهما إلا قد حاضتا). قال أبو داود: وكذلك رواه هشام عن ابن سيرين]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، أنها دخلت على صفية أم طلحة الطلحات ورأت عندها بنات فقالت: (إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل وعندي جارية، فأعطاني حقوه وقال: شقه بشقتين، فأعطي هذه نصفاً وأعطي الفتاة التي عند أم سلمة نصفاً؛ فإني لا أراها إلا قد حاضت، أو لا أراهما إلا قد حاضتا). والجارية قيل: هي التي لم تبلغ، والمقصود من إيراد الحديث هو: أن النبي عليه الصلاة والسلام ظن أنهما قد بلغتا وقد حاضتا، فأعطاهما حقوه -وهو الإزار الذي يشد على الحقو- وقال: اقطعيه بينهما قطعتين، وأعطي كل واحدة منهما قطعة، حتى تستعمله في صلاتها؛ لأن المرأة لا تصلي إلا بخمار إذا كانت قد بلغت كما مر في الحديث السابق، (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار). (86/12)
تراجم رجال إسناد حديث: (فإني لا أراها إلا قد حاضت أو لا أراهما إلا قد حاضتا) قوله: [حدثنا محمد بن عبيد]. هو محمد بن عبيد بن حساب الغبري البصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي. [حدثنا حماد بن زيد]. هو حماد بن زيد بن درهم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أيوب]. هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن محمد]. هو محمد بن سيرين، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو لم يدرك عائشة، ففي السند انقطاع بين محمد بن سيرين وبين عائشة؛ لأنه يحكي عن عائشة وهو لم يدركها، ففيه انقطاع، ولهذا الألباني ذكر هذا الحديث في الضعيفة، ولعله من أجل هذا الانقطاع الذي بين محمد بن سيرين وبين عائشة، لكن هذا الحديث معناه مطابق للحديث السابق من جهة: أن الحائض تحتاج إلى أنها تغطي رأسها كما الحديث السابق، لكن هذا من حيث الإسناد فيه انقطاع. [قال أبو داود: وكذلك رواه هشام، عن ابن سيرين]. لا أدري من هشام هذا، هل هو ابن حسان أو الدستوائي. وعلى كلٍ فكلاهما ثقة. (86/13)
ما جاء في السدل في الصلاة (86/14)
شرح حديث: (أن رسول الله نهى عن السدل في الصلاة، وأن يغطي الرجل فاه) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في السدل في الصلاة. حدثنا محمد بن العلاء وإبراهيم بن موسى عن ابن المبارك عن الحسن بن ذكوان عن سليمان الأحول عن عطاء قال إبراهيم: عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن السدل في الصلاة، وأن يغطي الرجل فاه). قال أبو داود: رواه عسل عن عطاء عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السدل في الصلاة)]. أورد المصنف رحمه الله هذه الترجمة وهي: باب السدل في الصلاة، والسدل في الصلاة فسر بأنه: ترك الثياب مرسلة ومسدلة دون أن يلفها أو يخالف بينها، وذلك فيما إذا كان الإنسان عليه إزار ورداء، فلا يضم أحد طرفيه على كتفيه أو يلمهما بين يديه عندما يصلي وهو قائم، أو لا ينصب على كتفه حيث يكون راكعاً؛ لأن ذلك عرضة للسقوط إذا كان قد أسدل الأطراف، فينكشف العاتق أو تنكشف المناكب، وقد (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)، فسدل الرداء، وعدم ضم بعضه إلى بعض يكون عرضة لسقوطه وانكشاف المنكب الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كشفه في الصلاة، هذا أقرب التفاسير التي قيلت في معنى السدل. لكن لو كان الإنسان عليه قميص، وعلى القميص رداء فلا يؤثر السدل هنا؛ لأنه لا يترتب عليه شيء؛ لأن المنكبين قد غطيا بالقميص سواء وجد الرداء أو لم يوجد. قوله: [(وأن يغطي الرجل فاه)]. يعني: أن يصلي متلثماً قد غطى فاه، فينبغي للمصلي أن يكون كاشفاً وجهه، وإذا غطاه لحاجة أو لأمر اقتضى ذلك فلا بأس به، أما أن يغطيه من غير حاجة فقد جاء النهي عن ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (86/15)
تراجم رجال إسناد حديث: (نهى عن السدل في الصلاة، وأن يغطي الرجل فاه) قوله: [حدثنا محمد بن العلاء]. هو: محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [وإبراهيم بن موسى]. إبراهيم بن موسى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن ابن المبارك]. هو عبد الله بن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [الحسن بن ذكوان]. الحسن بن ذكوان صدوق يخطئ، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة. [عن سليمان الأحول]. سليمان الأحول ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عطاء]. هو ابن أبي رباح، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [قال إبراهيم: عن أبي هريرة]. إبراهيم هو الشيخ الثاني من شيوخ أبي داود، يعني: أن هذا لفظ إبراهيم، وليس لفظ الشيخ الأول الذي هو محمد بن العلاء. [عن أبي هريرة]. أبو هريرة هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق. [قال أبو داود: رواه عسل عن عطاء، عن أبي هريرة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السدل في الصلاة)]. ذكر المصنف طريقاً أخرى رواها عسل، عن عطاء، عن أبي هريرة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السدل في الصلاة). وعسل تميمي، وهو ضعيف، أخرج حديثه أبو داود والترمذي. [عن عطاء، عن أبي هريرة]. وقد مر ذكرهما. (86/16)
شرح أثر ابن جريج: (أكثر ما رأيت عطاءً يصلي سادلاً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: (أكثر ما رأيت عطاءً يصلي سادلاً). قال أبو داود: وهذا يضعف ذلك الحديث]. أورد المصنف هذا الأثر المقطوع الذي ينتهي به الإسناد إلى عطاء، والمقطوع عند المحدثين هو: المتن الذي ينتهي الإسناد فيه إلى من دون الصحابي، فالمتن إذا انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له: مرفوع، وإن انتهى إلى الصحابي قيل له: موقوف، وإن انتهى إلى من دون الصحابي قيل له: مقطوع. والمقطوع غير المنقطع؛ لأن المنقطع من صفات الإسناد، كسقوط راوٍ بين راويين مثلاً، وأما المقطوع فهو من صفات المتن. قال ابن جريج: (أكثر ما رأيت عطاءً يصلي سادلاً). وقال أبو داود: وهذا يضعف هذا الحديث؛ لأن عطاءً هو الذي يروي الحديث، ومع ذلك كان يسدل. والصواب: أن هذا لا يضعف الحديث؛ لأنه يمكن أن يكون سدل، وعنده شيء يغطي به منكبيه كالقميص، كأن يسدل رداءً فوق القميص، أو أنه كان يفعل شيئاً آخر، وكما يقول العلماء: العبرة بما روى الراوي لا بما رأى، فإنه يعول على ما أضافه إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا يعول على رأيه. (86/17)
تراجم رجال إسناد أثر ابن جريج: (أكثر ما رأيت عطاءً يصلي سادلاً) قوله: [حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع]. محمد بن عيسى بن الطباع ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأبو داود والترمذي في (الشمائل)، والنسائي وابن ماجة. [حدثنا حجاج]. هو ابن محمد المصيصي الأعور، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن ابن جريج]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن عطاء]. وقد مر ذكره. (86/18)
الأسئلة (86/19)
مدى صحة قصة إساف ونائلة
السؤال ذكر محمد بن إسحاق في كتابه السيرة: أن إسافاً ونائلة كانا بشرين، فزنيا داخل الكعبة، فُمسخا حجرين، فنصبتهما قريش تجاه الكعبة؛ ليعتبر بهما الناس، فلما طال عهدهما عُبدا، ثم حولا إلى الصفا والمروة، فنصبا هنالك، فكان من طاف بالصفا والمروة يستلمهما، هل هذا الكلام صحيح؟
الجواب صحة هذه القصة تنبني على النظر في الأسانيد إذا وجدت، وهل هي سليمة أو لا؟ فلا أدري هل هذا الذي ذكره محمد بن إسحاق مروي بإسناد أو أنه بدون إسناد. (86/20)
حكم من حج مفرداً، ثم أحرم بالعمرة بعد الانتهاء من مناسك الحج
السؤال رجل حج مفرداً، ثم أحرم بالعمرة بعد الانتهاء من مناسك الحج، وبعد أيام التشريق اعتمر، فما حكم عمله؟
الجواب لو اعتمر قبل الحج لكان متمتعاً، ولكان ذلك أتم وأكمل، وحيث لم يحصل ذلك، وإنما حصل هذا الذي ذكره، فنسأل الله أن يتقبل منه، ولكن في المستقبل ينبغي له أن يدخل مكة معتمراً. (86/21)
كيفية التعامل مع بعض الدعاة وطلبة العلم المخالفين بعد نصحهم
السؤال كيف نتعامل مع بعض الدعاة وطلاب العلم المسبلين ثيابهم، أو الذين يلبسون البنطلون بعد قيام الحجة عليهم؟
الجواب على الإنسان أن ينصح ويكرر النصح، ولا ييئس من ذلك، وكذلك ينظر مَن مِن الناس يكون له منزلة عند هذا الشخص؛ حتى ينصحه لعله يستفيد، هذا هو الذي ينبغي أن يعامل به الإنسان. (86/22)
حكم متابعة الإمام إذا زاد ركعة خامسة
السؤال دخلت المسجد والناس يصلون صلاة رباعية، وقد فاتتني ركعة واحدة، وصلى الإمام بهم خمس ركعات، فهل أزيد ركعة معه، أم لا؟
الجواب الركعة التي زادها الإمام ليست معتبرة لا في حقه ولا في حق غيره، وليس للإنسان المسبوق أن يعتبرها، بل يأتي بركعة أخرى سواها. (86/23)
حكم إخراج زكاة الفطر خارج البلد
السؤال هل يجوز لي إخراج زكاة الفطر خارج البلد الذي أسكن فيه؟
الجواب الأصل أنها تخرج في المكان الذي يكون فيه الإنسان، وإن حصل أن أخرجت إلى مكان آخر فلا بأس، مثل إنسان يوكّل آخر في يوم العيد أن يخرج زكاة الفطر نيابة عنه، فيجوز ذلك، لكن الأولى أن تكون في البلد الذي يكون فيه الإنسان. (86/24)
حكم إمامة من يخطئ في قراءة الفاتحة
السؤال هل يجوز أن أصلي خلف من يقرأ فاتحة الكتاب ويقرأ: (مالكَ يومَ الدين)؟
الجواب لا يجوز أن يكون مثل هذا إماماً، وإنما الصواب: (مالكِ يومِ الدين)، فلابد من قراءة الفاتحة وإتقانها، لاسيما ممن يكون إماماً، فعليه أن يتقنها، وأن يضبطها، وليس له أن يكون مقصراً فيها لا لنفسه خصوصاً، ولا لكونه إماماً يصلي بالناس، فمثل هذا لا يصلح أن يكون إماماً، فينبغي للسائل أن يبين له، وأن يُعلّم، وإذا كان مولىّ من غيره فعليه أن يسعى إلى إبداله بمن يتقن القراءة، وبمن لا يحصل منه مثل هذا الخطأ في القراءة. (86/25)
حكم التفريق بين الحرة والأمة في كشف الرأس في الصلاة
السؤال ما هو الدليل على التفريق بين الحرة والأمة من حيث إن الحرة لا يجوز لها أن تكشف رأسها في الصلاة، والأمة يجوز لها كشف رأسها في الصلاة؟
الجواب قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) يدل بعمومه على التسوية بين الحرائر وغير الحرائر، فلم يفرق بين حرة وأمة، فظاهره يدل على التعميم، ولا أعلم شيئاً يدل على أن المرأة يختلف حكمها من حيث كونها حرّة أو أمة، والأحكام الأصل فيها التساوي إلا إذا جاء شيء يدل على التفريق. (86/26)
حكم التزين لصلاة الجمعة بمشلح
السؤال هل الأفضل للإنسان أن يصلي الجمعة بمشلح؟
الجواب الأفضل للإنسان أن يلبس ما فيه كمال الزينة، وذلك في الجمعة وغير الجمعة، وكذلك أيضاً إذا خصت الجمعة بشيء، مثلما جاء في قصة عمر أنه طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يشتري الحلة التي كانت تباع عند المسجد؛ ليتخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم للجمعة وللوفود، وكذلك للعيدين، فهذا يدل على أن الجمعة يستحب أن الإنسان يتجمل فيها. فإذا كان لُبس المشلح يظهر من الجمال، ومن كمال الهيئة، فإنه ينبغي عليه أن يكون كذلك. (86/27)
حكم انكشاف شيء من قدم المرأة أو شعرها في الصلاة
السؤال هل تبطل صلاة المرأة بانكشاف شيء من قدمها أو شعرها في الصلاة؟
الجواب أما فيما يتعلق بالنسبة للقدم فلا نعلم شيئاً يدل على البطلان، وأما بالنسبة لانكشاف الرأس، فإذا حصل شيء غير مقصود ولم تعلم به من خروج بعض الشعر فصلاتها صحيحة. (86/28)
بيان عدم نقض القيء للوضوء
السؤال هل القيء ينقض الوضوء؟ وهل هو طاهر أو نجس؟
الجواب لا أعلم شيئاً يدل على أنّ القيء ينقض الوضوء، ولا أعلم شيئاً يدل على نجاسته. (86/29)
حكم إطلاق لفظ (سيدنا) على النبي صلى الله عليه وسلم
السؤال بالنسبة لتسييد الرسول صلى الله عليه وسلم خارج الصلاة، أيهما أفضل التسييد أو ترك ذلك؟
الجواب الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم -وهم خير الناس- ما كانوا يستعلمون كلمة (سيدنا)، وكلمة (سيدي)، وإنما يوجد هذا عند المتأخرين، ولم يكن معروفاً عند صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والدليل على هذا أنك إذا قرأت (صحيح البخاري) أو (صحيح مسلم) أو (سنن أبي داود) أو (جامع الترمذي) أو (سنن النسائي) أو (مسند الإمام أحمد) الذي فيه أربعون ألف حديث أو غير ذلك، فإنك تجد الصحابي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، ولا تجد أنه قال: قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا. وإنما يذكرون وصفه عليه الصلاة والسلام بالرسالة، وقد قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): (إن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكنيته حسن، وذكره بوصف الرسالة أحسن)، فكانوا يذكرونه بوصف الرسالة، وبوصف النبوة صلى الله عليه وسلم، ولم يكونوا يقولون: (سيدنا)، مع أنه سيدهم، وسيد الأولين والآخرين، وسيد الناس أجمعين عليه الصلاة والسلام، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر)، وقال: (أنا سيد الناس يوم القيامة)؛ وهو أيضاً سيد الناس في الدنيا، لكنه نص على الآخرة؛ لأنه يظهر سؤدده على الجميع من لدن آدم إلى الذين قامت عليهم الساعة، فقد ذكر حديث الشفاعة العظمى، ثم ذكر قيامه مقاماً يحسده عليه الأولون والآخرون، وذكر أنه يكون سيدهم عليه الصلاة والسلام، فقال: (أنا سيد الناس يوم القيامة). وأما ما يفعله بعض الناس من كونهم لا يسمعون ذكر النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويقولون: سيدنا، ولا يسمعون ذكر صحابي من الصحابة إلا ويقولون: سيدنا، فهذا اللفظ لم يكن من ألفاظ الصحابة، ولهذا من قرأ كتب العلم وكتب الحديث لا يجد ذلك مع كثرتها وكثرت أحاديثها. إذاً: فهذا من الأشياء الجديدة، ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو سيدنا وسيد الخلق أجمعين، ولكن هل شرع لنا أن نقول هذا؟ وهل ينبغي لنا أن نفعل شيئاً ونلتزمه ولم يفعله السلف ولم يلتزموه؟ فهم أسبق الناس إلى كل خير، وأحرص الناس على كل خير. (86/30)
حكم السجود على العمامة أو الطاقية ونحوها
السؤال إذا غطى جبين المصلي الشعر أو الطاقية، فما حكم هذا الفعل؟ وهل يلزم إلصاق الجبين على الأرض مباشرة دون حائل؟
الجواب الجبهة والأنف هي التي توضع على الأرض، والإنسان عليه ألا يغطي جبهته، لكن إذا كانت هناك عمامة أو طاقية غطت بعض الرأس، أو بعض الجبهة، وسجد على الجبهة، وعلى بعض العمامة أو بعض الطاقية فإن ذلك لا يؤثر. (86/31)
حكم إرخاء طرفي العمامة أو الشماغ في الصلاة
السؤال العمامة أو الشماغ الذي يلبسه بعضهم عند الصلاة يرخون طرفيه عند الركوع، هل هذا يعد من السدل؟
الجواب لا، ليس هذا منه؛ لأن السدل إنما يكون في شيء يترتب عليه مضرة، كالإنسان الذي يكون عليه رداء، فيتعرض بسبب ذلك للسقوط، أما إذا كان على الإنسان قميص، وعليه غتره، وعليه مشلح ولم يمسك أطرافها، أو لم يلف أطرافها، أو لم يجمع بعضها إلى بعض فإن ذلك لا يؤثر. (86/32)
حكم تغطية الرأس في الصلاة للنساء الكبيرات
السؤال بعض النساء الكبيرات يتساهلن في تغطية الرأس عند الصلاة خاصة في البيوت، فيلبسن ما يغطي الرأس، ولكن أحياناً يظهر بعض الشعر والأذن، فهل يدخلن في حديث عائشة رضي الله عنها: (لا يقبل الله صلاة حائض بغير خمار)؟
الجواب لا شك أنهن داخلات في ذلك؛ لأن هؤلاء قد كبرن وتجاوزن المحيض، والمقصود من ذلك التي بلغت، وكل من تجاوزت البلوغ وما بعد ذلك ولو أيست فإن عليها أن تغطي رأسها بخمار في الصلاة، لكن إذا انكشف شيء من الرأس أو من أطراف الرأس فإنّه لا يبطل الصلاة. (86/33)
| |
|
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| |
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| |
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| |
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| |
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| موضوع: رد: الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر الأحد مارس 03, 2013 1:40 pm | |
| - اقتباس :
صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول (90/13)
شرح حديث: (خير صفوف الرجال أولها) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول. حدثنا محمد بن الصباح البزاز، حدثنا خالد وإسماعيل بن زكريا، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها)]. أورد أبو داود رحمه الله [باب صف النساء، وكراهية التأخر عن الصف الأول]، يعني: في حق الرجال؛ لأنه ورد في بعض الأحاديث ذكر كراهية التأخر، والنساء يؤخرن عن الرجال، وصفوفهن تكون مؤخرة عن صفوف الرجال، ولو كانت هناك امرأة واحدة فإنها تصف وحدها، كما جاء في حديث أنس: (صففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز خلفنا)، بل إن الرجل إذا صلى ومعه امرأة فإنها تصف وراءه، ولا تصف بجواره؛ لأن صفوف النساء مؤخرة عن صفوف الرجال، ولا يصاف الرجل امرأة، وكذلك المرأة لا تصاف رجلاً، وإنما تصاف المرأة المرأة، أو تكون صفاً وحدها. وأورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة [(خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها)]، فكان خير صفوف الرجال أولها لقربه من الإمام، ولبعده عن النساء، وكان شر صفوف الرجال آخرها لبعده وتأخره عن الإمام، ولقربه من النساء، وكان خير صفوف النساء آخرها لبعده عن الرجال، وكان شرها أولها لقربه من الرجال، فقد تحصل فتنة. وكون خير صفوف النساء آخرها هذا فيما إذا كانت الصفوف متصلة، أو أن الرجال ليس بينهم وبين النساء فاصل، لكن إذا وجد مصلى خاص بالنساء، فلا الرجال يرون النساء، ولا النساء يرين الرجال، فإن تقدمهن في الصفوف الأول هو الأولى؛ لأن المحذور قد زال بوجود التميز والانفصال، فالمحذور يكون حيث يرى الرجال النساء والنساء يرين الرجال. فإذا وجد ما يحجز بينهما فإن النساء يتقدمن في الصفوف الأول، ولا يكن في الصف الآخر، فالمحذور قد زال، والذي يخشى منه -وهو فتنة الرجال بالنساء وفتنة النساء بالرجال- قد زال، فيتقدمن والحالة هذه كما لو صلين جماعة وحدهن، فإن الصفوف المتقدمة من صفوف النساء حيث يصلين وحدهن أولى وخير من الصفوف المتأخرة. (90/14)
تراجم رجال إسناد حديث (خير صفوف الرجال أولها) قوله: [حدثنا محمد بن الصباح البزاز]. محمد بن الصباح ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا خالد]. هو خالد بن عبد الله الطحان الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [وإسماعيل بن زكريا]. هو الخلقاني، صدوق يخطئ قليلاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن سهيل بن أبي صالح]. سهيل بن أبي صالح صدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن أبيه]. وهو أبو صالح ذكوان السمان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي هريرة]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق، رضي الله عنه وأرضاه. (90/15)
شرح حديث: (لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يحيى بن معين، حدثنا عبد الرزاق، عن عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة، رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم: (لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يؤخرهم الله في النار)]. هذا الحديث يتعلق بالشق الثاني من الترجمة السابقة، فقد قال: [باب صفوف النساء، وكراهية التأخر عن الصف الأول]، يعني: في حق الرجال، وليس في حق النساء؛ لأنّ كراهية التأخر عن الصف الأول إنما هو في حق الرجال، وكذلك في حق النساء إذا صلين وحدهن، فإنهن يتقدمن إلى الصف الأول ولا يتأخرن. وأورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [(لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يؤخرهم الله في النار)] يعني أنهم يعاقبون، فيكون الجزاء من جنس العمل، حيث تأخروا ولم يقوموا بواجب تسوية الصفوف، وإكمال الصف الأول فالأول، فترتب على ذلك أن يؤخرهم الله في النار، وأن يعاقبهم في النار، فيكون هذا التأخر سبباً في تأخر الثواب عنهم، وفي وقوعهم في النار، وتأخرهم عمَّن يتقدم إلى الجنة، لكن من المعلوم أن كل من دخل النار وهو ليس من الكفار إنه لابد من أن يصل إلى الجنة، ولا يخلد في النار إلا الكفار الذين هم أهلها. (90/16)
تراجم رجال إسناد حديث: (لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول) قوله: [حدثنا يحيى بن معين]. يحيى بن معين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا عبد الرزاق]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عكرمة بن عمار]. عكرمة بن عمار صدوق يغلط، وروايته عن يحيى بن أبي كثير مضطربة، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن. [عن يحيى بن أبي كثير]. يحيى بن أبي كثير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي سلمة]. هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني، ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن عائشة]. هي أم المؤمنين رضي الله عنها، وقد مر ذكرها. وهذا الحديث ضعيف، إلّا أنه وردت أحاديث بمعناه، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله). وهذا الحديث هو في التأخر عن الصف الأول، وأما التخلف عن الجماعة فقد ورد فيه وعيد شديد ليس هذا مجال ذكره، فالحديث هنا هو عن التأخر عن الصف الأول، فترى الرجل يأتي المسجد ولكنه لا يبالي أين يصف، فيصف كيفما اتفق، والأصل -كما عرفنا- أنه لا ينشأ الصف الثاني إلا بعد اكتمال الصف الأول، ولا ينشأ الصف الثالث إلا بعد اكتمال الثاني، ولا ينشأ الرابع إلا بعد اكتمال الثالث، وهكذا. (90/17)
شرح حديث: (تقدموا فائتموا بي وليأتم بكم من قبلكم) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل ومحمد بن عبد الله الخزاعي حدثنا أبو الأشهب، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخراً فقال لهم: (تقدموا فائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله عز وجل)]. أورد أبو داود حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بعض أصحابه تأخراً فقال: [(تقدموا فائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله عز وجل)] يعني أنّ الجزاء من جنس العمل، أي: تأخروا فأخروا عن دخول الجنة، وأخروا في النار، ولكن عرفنا من قبل أن من دخل النار ولم يكن كافراً لابد من أن يخرج منها وأن يدخل الجنة، ولا يبقى في النار أبداً إلا الكفار الذين هم أهلها، فلا سبيل لهم إلى الخروج منها. (90/18)
تراجم رجال إسناد حديث (تقدموا فائتموا بي وليأتم بكم من قبلكم) قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل]. هو التبوذكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ومحمد بن عبد الله الخزاعي]. محمد بن عبد الله الخزاعي ثقة، أخرج حديثه أبو داود وابن ماجة. [حدثنا أبو الأشهب]. هو جعفر بن حيان العطاردي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي نضرة]. هو المنذر بن مالك، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن. [عن أبي سعيد]. هو: سعد بن مالك بن سنان، مشهور بكنيته ونسبته، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. (90/19)
مقام الإمام من الصف (90/20)
شرح حديث: (وسطوا الإمام وسدوا الخلل) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب مقام الإمام من الصف. حدثنا جعفر بن مسافر، حدثنا ابن أبي فديك، عن يحيى بن بشير بن خلاد، عن أمه أنها دخلت على محمد بن كعب القرظي فسمعته يقول: حدثني أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وسطوا الإمام، وسدوا الخلل)]. أورد أبو داود [باب مقام الإمام من الصف] أي: أين يقف الإمام من الصف؟ هل يقف في وسطه، أو في طرفه من جهة اليمين، أو من جهة الشمال؟ والجواب أنه يكون في وسط الصف ولا يكون في الطرف؛ لأنه إذا توسط سمعه من على اليمين ومن على الشمال، وإذا كان في الطرف فإنه لا يسمعه من كان في الجهة المقابلة، وكذلك إذا توسط الإمام فإنه يقتدي به من يكون حوله من جهة اليمين وجهة الشمال، بخلاف ما إذا كان في الطرف فإنه لا يشاهده ولا يراه إلا من كان في ذلك الطرف. وأورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [(وسطوا الإمام، وسدوا الخلل)]. قوله: [(وسطوا الإمام)] أي: اجعلوه في الوسط عند الاصطفاف. وهذا الحديث فيه ضعف؛ إذ فيه مجهولان، لكن معناه صحيح، والرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان يصلي لم يكن يصلي في الطرف، وإنما كان يصلي في الوسط، وكذلك المساجد عندما تبنى فإن محاريبها تكون في وسطها، ولا تكون في أطرافها. وأما قوله: [(سدوا الخلل)] فقد جاء في أحاديث عديدة، وقد مر بعضها في (باب تسوية الصفوف). (90/21)
تراجم رجال إسناد حديث (وسطوا الإمام وسدوا الخلل) قوله: [حدثنا جعفر بن مسافر]. جعفر بن مسافر صدوق ربما أخطأ، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة. [حدثنا ابن أبي فديك]. هو: محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن يحيى بن بشير بن خلاد]. يحيى بن بشير بن خلاد مجهول الحال، أخرج حديثه أبو داود. [عن أمه]. وهي مجهولة، أخرج حديثها أبو داود. [عن محمد بن كعب]. هو القرظي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن أبي هريرة]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، وقد مر ذكره. (90/22)
الرجل يصلي وحده خلف الصف (90/23)
شرح حديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً صلى وحده خلف الصف بالإعادة قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الرجل يصلي وحده خلف الصف. حدثنا سليمان بن حرب وحفص بن عمر، قالا: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن هلال بن يساف، عن عمرو بن راشد، عن وابصة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد) قال سليمان بن حرب: الصلاة]. ثم أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [باب: الرجل يصلي وحده خلف الصف] يعني: ما حكم صلاته؟ أي أن ذلك لا يجوز، وصلاته غير صحيحة كما دل عليه هذا الحديث على خلاف بين أهل العلم في ذلك، لكن الحديث الذي أورده أبو داود دال على أن صلاته غير صحيحة؛ لأنه أمره بالإعادة، وما ذلك إلا لعدم إجزاء الصلاة، ولو كانت مجزئة لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة. وقد اختلف أهل العلم في صلاة المنفرد خلف الصف: فمنهم من أجاز ذلك، وقال: إن حديث أبي بكرة الذي سيأتي دال على ذلك؛ لأنه ركع قبل الصف، فما دام أن بعض أجزاء الصلاة وقع وهو منفرد، وصح منه ذلك، فإن صلاته كلها تكون كذلك؛ لأن جزءاً من أجزائها قد اعتُبر مع وقوعه دون الصف، فتكون الصلاة كلها صحيحة ومعتبرة، قالوا: وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة إنما هو من أجل الاستحباب، وذلك جمع بينه وبين حديث أبي بكرة. وقال بعض أهل العلم: إن صلاته خلف الصف وحده لا تجوز، وإذا فعل ذلك فإن صلاته لا تصح، وعليه أن يعيدها؛ لظاهر الحديث. وأما حديث أبي بكرة رضي الله عنه فقالوا: إنه دبّ راكعاً وأدرك الركوع وراء الإمام في الصف، وعلى هذا فلم يحصل شيء مستقل في ركوعه دون الصف، ولكنه فعل ذلك خشية أن تفوته الركعة فركع ودب، فليس فيه ما يدل على أنه حصل الرفع من الركوع قبل أن يصل أبو بكرة رضي الله عنه إلى الصف. وعلى هذا فلا يجوز للإنسان أن يصلي خلف الصف، إلا إذا كان لا يستطيع أن يصلي إلا بهذه الطريقة، كأن يكون الناس الذين يصلون في هذا المسجد محصورين، وقد حضروا جميعهم، فلم يبق أحد حتى ينتظره، ولو لم يصل مع الجماعة فإنها تفوته، ولم يكن متأخراً عن الجماعة، بل جاء إليها، وإذا تيسر للإنسان أن يدخل ويصلي عن يمين الإمام فإن هذا يكون مناسباً؛ لأنه بذلك يكون صف بجوار الإمام، ولا بأس بذلك عند الحاجة إليه. لكن لو كان الإنسان غير مفرط ولا مقصر، وصلى وحده مضطراً إلى ذلك فإن صلاته تصح والحالة هذه، أما إذا كان هناك تقصير أو تفريط، وصلى الإنسان وحده مع إمكانه أن يدخل في الصف فإن صلاته تكون حينئذٍ باطلة، وعليه الإعادة. (90/24)
تراجم رجال إسناد حديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً صلى وحده خلف الصف بالإعادة قوله: [حدثنا سليمان بن حرب]. سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [وحفص بن عمر]. وهو النمري، ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي. [حدثنا شعبة]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي، مر ذكره. [عن عمرو بن مرة]. عمرو بن مرة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن هلال بن يساف]. هلال بن يساف ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن. [عن عمرو بن راشد]. هو مقبول، أخرج له أبو داود والترمذي. [عن وابصة]. وهو: وابصة بن معبد، صاحب رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة. وجاء حديث آخر عن غير وابصة دال على ما دل عليه حديث وابصة. (90/25)
الرجل يركع دون الصف (90/26)
شرح حديث: (زادك الله حرصاً ولا تعد قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الرجل يركع دون الصف. حدثنا حميد بن مسعدة، أن يزيد بن زريع حدثهم حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن زياد الأعلم، حدثنا الحسن أن أبا بكرة رضي الله عنه حدث أنه دخل المسجد ونبي الله صلى الله عليه وسلم راكع، قال: فركعت دون الصف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (زادك الله حرصاً ولا تعد)]. أورد أبو داود رحمه الله [باب: الرجل يركع دون الصف]، يعني: ما حكم ذلك؟ هل ذلك سائغ أم غير سائغ؟ والذي دل عليه الحديث الذي أورده أبو داود أن الإنسان لا يفعل ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر أبا بكرة رضي الله عنه، ولكنه قال: [(ولا تعد)] يعني: لا تعد إلى مثل هذا، فدل هذا على أن الإنسان يمشي وعليه السكينة حتى يصل إلى الصف ثم يركع، فما أدركه صلاه، وما لم يدركه فإنه يتمه، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا)، فلا يأت الإنسان وهو يسعى، وإنما يأتي ماشياً، ويستمر ماشياً حتى يصل إلى الصف، فإن ركع قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع فإنه يكون قد أدرك الركعة، وإلا فإنه يقضي ما فاته بعد سلام الإمام. وأورد المصنف حديث: أبي بكرة قال: دخلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكع، فركعت دون الصف، فقال عليه الصلاة والسلام: [(زادك الله حرصاً ولا تعد)]. (90/27)
تراجم رجال إسناد حديث (زادك الله حرصاً ولا تعد) قوله: [حدثنا حميد بن مسعدة]. حميد بن مسعدة صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن. [أن يزيد بن زريع حدثهم]. يزيد بن زرع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن سعيد بن أبي عروبة]. سعيد بن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن زياد الأعلم]. هو زياد بن حسان الأعلم، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي. [عن الحسن]. هو الحسن بن أبي الحسن البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي بكرة]. هو نفيع بن الحارث، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. (90/28)
طريق أخرى لحديث: (زادك الله حرصاً ولا تعد) وتراجم رجال إسنادها قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، أخبرنا زياد الأعلم، عن الحسن أن أبا بكرة رضي الله عنه جاء ورسول الله راكع، فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته قال: (أيكم الذي ركع دون الصف ثم مشى إلى الصف؟ فقال: أبو بكرة: أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصاً ولا تعد). قال أبو داود: زياد الأعلم: زياد بن فلان بن قرة، وهو ابن خالة يونس بن عبيد]. أورد أبو داود حديث. أبي بكرة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله. قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل]. قد مر ذكره. [حدثنا حماد، عن زياد الأعلم، عن الحسن، عن أبي بكرة]. حماد هو ابن سلمة، ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن. [عن زياد الأعلم، عن الحسن، عن أبي بكرة]. قد مر ذكرهم. قوله: [قال أبو داود: زياد الأعلم: زياد بن فلان بن قرة، وهو ابن خالة يونس بن عبيد]. في (التقريب): زياد بن حسان بن قرة. فما أدري كيف جاءت كلمة (فلان) هذه، وهل المراد أنه أبهم اسمه وذكر جده؟ إذ قد يذكر الشخص إذا كان غير معروف وكان الذي بعده معروفاً فيقال: (ابن فلان) أي: بدلاً من أن يسميه يأتي بكلمة (فلان)، وكملة (وفلان) يؤتى بها لكل أحد، فيقال: (فلان بن فلان) وهي كناية عن الشخص الذي يبهم اسمه. (90/29)
تفريع أبواب السترة (90/30)
شرح حديث: (إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل) قال المصنف رحمه الله تعالى: [تفريع أبواب السترة. باب ما يستر المصلي: حدثنا محمد بن كثير العبدي، حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن موسى بن طلحة، عن أبيه طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل فلا يضرك من مر بين يديك)]. يقول المصنّف رحمه الله: [تفريع أبواب السترة]. أي: سترة المصلي التي يتخذها أمامه سترة له، و (أل) في السترة عوض عن المضاف إليه، أي: سترة المصلي، وهي تكون شيئاً شاخصاً أمام المصلي كعمود ثابت، أو عصا يغرزها في الأرض، أو أي شيء بارز يجعله أمامه؛ ليكون سترة يمنع المرور بين يدي المصلي، وأما المرور وراءه فيجوز. ثم قال المصنّف رحمه الله: [باب ما يستر المصلي] يعني: ممَّ تكون السترة؟ أو من أي شيء تكون السترة؟ أو بماذا تكون السترة؟ والمقصود أن السترة تكون بأي شيء شاخص، أو بأي شيء بارز يلفت نظر من يريد أن يمر، فإذا رآه عرف أن هذه سترة تمنع من المرور بين يدي المصلي. فإذا أراد أحد أن يمرّ بين السترة وبين المصلي فإنه يرده ويمنعه كما جاء في الحديث. والسترة إما أن تكون عموداً، أو جداراً، وهذه من الأشياء الثابتة المستقرة، أو تكون من الأشياء المتحركة أو المتنقلة، كالحجر الكبير، أو العصا التي تغرز، أو الدابة ونحوها، فكل هذا تصلح أن تكون سترة. وقد أورد أبو داود حديث طلحة بن عبيد الله التيمي رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل فلا يضرك من مر بين يديك)]. ومؤخرة الرحل: هي العود الذي يستند إليه الراكب عندما يوضع الرحل فوق البعير، فيكون وراء محل الراكب عود مرتفع قليلاً أقل من الذراع يستند إليه الراكب، فالسترة مثل مؤخرة الرحل، فيقول: [(إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل فلا يضرك من مر بين يديك)]. والمقصود بقوله: [(إذا جعلت بين يديك)] يعني: أمامك، (فلا يضرك من مر بين يديك) أي: من وراء السترة، وليس المقصود أنه يمر بينه وبين السترة؛ لأن السترة إنما جعلت من أجل أن لا يمر أحد بينه وبينها. فإذا جعل الإنسان بين يديه مثل مؤخرة الرحل فلا يضره من مر بين يديه، أي: بعد السترة، فتكون السترة هي الحد الفاصل الذي لا يمكن لأحد أن يمر بينه وبينها، ومن مر من ورائها فله ذلك. ويكفي في ارتفاع السترة أن يكون ربع متر أو أقل من ذلك، فمؤخرة الرحل أقل من الذراع. (90/31)
| |
|
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| |
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| |
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| |
| |
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| |
| |
| الكتاب: شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر | |
|