تمت إضافة 4 صور جديدة من قبل Mohammed Haffz.
17 ساعة ·
معركة «رمانـة» :
==========
المكان: قرية رمانة بشمال سيناء على الضفة الشرقية للقناة
الزمان: الساعات الأولى من صباح يوم 7 أكتوبر 1973
الهدف: منع تقدم المركبات الإسرائيلية من دبابات ومدرعات إلى قناة السويس لمدة 6 ساعات فقط لحين استكمال انشاء رؤوس الكبارى وعبور الدبابات المصرية إلى الشرق .
التنفيذ: سرية واحدة من قوة الكتيبة 203 صاعقة .
.
هي واحدة من أهم المعارك التي حدثت أثناء حرب أكتوبر المجيدة .. أنها ملحمة من الفداء التي سطرتها بدمائها سرية من رجال الصاعقة المصرية ..
كانت إحدى المشاكل الكبرى للفريق سعد الدين الشاذلى وهو يخطط لحرب أكتوبر 1973 هي كيف يمنع وصول الدبابات الإسرائيلية إلى قناة السويس في هذه المنطقة قبل استكمال بناء الكباري وعبور الدبابات المصرية إلى الشرق .. و نظرا لأن الممر الجوي للضربة الجوية كان يمر فوق هذه المنطقة، ولذا فلم يكن من الممكن استعمال أي مدفعية ذات مدى قتالي بعيد في هذه المنطقة لحماية القوات البرية أثناء أداء مهمتها القتالية في بناء جسور العبور .
وأخيراً تقرر الاعتماد على رجال الصاعقة «الكوماندوز» لتنفيذ هذه المهمة الفدائية لإغلاق المحور الساحلى بسيناء الموازى لشط البحر الأبيض المتوسط عند مضيق رمانة اعتبارا من الساعة السادسة صباح 7 أكتوبر ولمدة 6 ساعات كاملة .
.
وهكذا أقلعت ست طائرات هليوكوبتر مصرية من قاعدة أنشاص الجوية فجر يوم 7 أكتوبر 1973 وعليها مائة مقاتل من قوة الكتيبة 203 صاعقة بقيادة النقيب مقاتل حمدى شلبى ، وهو ضابط مصرى صغير السن ووسيم الوجه جسور القلب كما الفرسان ، وكان معروفا أنها رحلة ذات اتجاه واحد ، فهي رحلة ذهاب بلا عودة ، و ذات محطتين فقط .. محطة الاقلاع من انشاص ومحطة الهبوط فى رمانة للتزود بوقود دم كاف للوصول الى الوجهة الاخيرة إلى حيث ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر .
.
وصلت سرية الأبطال محمولين فى ست مروحيات الى رمانة وتمكنت من الوصول إلى الساتر الترابي على الشاطئ الشرقي للقناة ، مدعومين بفصيلة مقذوفات صاروخية موجهة مضادة للدبابات ، وفصيلة صواريخ سام ـ7 مضادة للطائرات والتى تطلق من على الكتف، و بدأ التمهيد النيراني على نقطة القوات الإسرائيلية القوية في الكيلو 19 بنيران سرية اللواء المضادة للدبابات (عيار 85 مم) لجذب نيران القوات الإسرائيلية في اتجاه الجنوب والشمال محققة الهدف في اخفاء اتجاه الهجوم الرئيسي على النقطة الحصينة من جهة الشرق ، وتم تكثيف الألغام على الطريق الرئيسى الموازي للبحر، كما تم اتخاذ أوضاع الكمائن التي تم الاعداد الهندسى لها خلال ليلة 6 ـ7 اكتوبر، بواسطة السرية بحيث تسيطر على الطريق وبعمق نحو كيلومترين ، وبعدها وصلت المجموعة المعينة لعزل النقطة الحصينة من الشرق إلى المصطبة المعدة من قبل بواسطة القوات الإسرائيلية، ورفعت العلم المصري عليها، مما كان له تأثير بالغ في خفض الروح المعنوية للعدو بالنقطة القوية. وعقب ذلك مباشرة، وصلت مفرزة الصاعقة إلى المصطبة أيضا.
.
وكما كان متوقعا ، ففي الساعة السادسة صباح يوم 7 أكتوبر وصلت دبابات العدو، وهي تحلم بالوصول للقناة ، وهنا دارت معركة رهيبة بين قلوب يملؤها الايمان بعدالة معركتهم وإرادتهم في تحرير أرضهم .. وبين مركبات صلب باردة ، يقودها أبناء الشيطان ، فأمطر الأبطال دبابات العدو بوابل من نيران القذائف المدفعية والصاروخية ، وتستمر المعركة حتى الساعة 12 ظهرا ليتم تدمير 18 دبابة واثنتين من العربات المدرعة و4 عربات نقل وأتوبيس ملىء بعسكر الأعداء.، فينسحب العدو تحت وطأة النار .
.
وهنا جن جنون العدو ، فأرسل طيرانه ليقصف المنطقة بكل من فيها مع مدفعيتهم بكل ما يملكونه من قذائف ، واستمر القصف الاسرائيلي حتى الساعة الرابعة عصرا ، وحين توهموا أنهم قضوا على كل رجال الصاعقة أرسلوا دباباتهم مرة أخرى لتعبر المضيق ، ومرة تانية يحرج عليهم الأسود بقيادة البطل حمدى شلبى ورفاقه الفدائيين ، لتدور معركة أخرى كبيرة ورهيبة ..ويفشل العدو مرة ثانية ، فتنسحب قواته بسرعة ، قبل أن يعاود قصف المنطقة بكل الأسلحة والقنابل مرة أخرى ، بيقين أنهم لن يعبروا المنطقة وفيها أسد مصرى حي
.
ويتقدم العدو مرة أخرى يتقدمه فى هذه المرة قوة مظلات اسرائيلية قوامها (100 فرد) وهؤلاء لمن لا يعرفهم هم صفوة القوات الإسرائيلية ... وتدور معركة رهيبة ثالثة يتوقف عندها التاريخ طويلا .. معركة بالأيدى والخناجر، بعد أن أيقن أبطالنا أن الذخيرة قد أوشكت على النفاذ وأن المهمة في خطر ، وخلال تلك المعركة أصيب النقيب البطل على نجم برصاصة ، فاذا به يهجم على دبابة اسرائيلية ويصعد فوقها ويفجر نفسه فيها، ويراه المجند عبد الحليم مهني، فلا يفكر ثانية قبل أن يفعل ما فعله قائده ، ويفجر نفسه هو الآخر في دبابة ثانية.
.
ثم يبدأ المشهد الرهيب .. الجنود المصريون يطاردون الدبابات الاسرائيلية ..البشر العزل يطاردون الماكينات الحديدية المصفحة ..يجرون ورائها ويفجرون أنفسهم فيها .. ومن هول الموقف يرتعب اليهود وتفر الوحوش الحديدية من أمام الوحوش البشرية ، ويمر الليل وأسودنا مرابضين في أماكنهم يستعدون للإنقضاض على أي هجوم آخر من قوات العدو ، لكن اليهود لا يحاربون في الظلام .
.
وبعد 24 ساعة من بدء الملحمة ، ومع تباشير صباح يوم 8 أكتوبر ، بدأ العدو عملية هجوم كبير ومضاد من الخلف قام به لواء مدرع كامل ، وهو اللواء مدرع 109 بقيادة الكولونيل عساف ياجوري ، فانسحب النقيب حمدي شلبي ومن تبقى معه من رجاله وهم 15 رجلا فقط ، لأن الباقين وعددهم خمسة وثمانون بطلا فوق العادة قد استشهدوا وصعدت أرواحهم الطاهرة إلى بارئها
.
انسحب الأبطال بعد أن أتموا المهمة المستحيلة بنجاح كامل و بعد أن نفذت ذخيرتهم تماما.. لقد كان المطلوب منهم تعطيل العدو و اغلاق الطريق لمدة 6 ساعات فقط ، لكنهم نجحوا في إغلاقه وتعطيل مرور العدو لمدة 24 ساعة كاملة .. انسحب الابطال لأن عبور قواتنا قد تم بالفعل والدبابات المصرية الآن قد وصلت وأصبحت تمرح على الضفة الشرقية لقناة السويس ...عاد الخمسة عشر بطلا سيرا على أقدامهم من خلال سهل الطينة الذي تغوص فيه الأقدام حتى أعلى الركبة، بعد أن ساروا على أقدامهم لمسافة خمسة وعشرين كيلو كاملة فى مستنقعات الطين والملح .
ولم يتمكن العدو من استغلال المحور إلا فى الساعة الثامنة من صباح 8 أكتوبر ..أي أن هذه القوة الصغيرة التى استشهد خمسة وثمانون بالمائة من أبطالها ، أغلقت هذه المحور لمدة أربع وعشرين ساعة ، وهو ما يعد إعجازا عسكريا بكل المقاييس.
.
وقد أشاد الجنرال الإسرائيلى أدان بهذه القوة فى مذكراته بعد الحرب وقال عنهم : لقد قاتل رجال الكوماندوز المصريون على المحور الساحلي بكل بسالة ، وكأنهم قد أقسموا على أن يدفعوا أرواحهم ثمنا لمنعنا من الوصول لقناة السويس .
.
والحق ما شهد به الأعداء .
.
-----------------------