Mohammed Haffz
****************·
في فلسفة المصالحة - " موعد مع الكلاب "
=======================
مشهد رقم (1) ليل داخلي
المكان: قاعة مؤتمرات كبرى أُعدت خصيصا لهذه المناسبة
الزمان: فى تمام الثامنة مساء
الحدث: الحفل الرسمي للمصالحة الوطنية
يبدأ الحفل الكبير الذي يضم جميع رموز الإخوان والتيارات الدينية الأخرى ومعهم رموز مجيدة الذين ظهروا كالطفح الجلدي على وجه الوطن ، وذلك بمناسبة نجاح مساعي المصالحة بين الدولة وبين جميع الأطراف والأطياف...
الطائرات الحربية تحلق أعلى القاعة .. وأصوات أقدام رجال العمليات الخاصة تزلزل الأرض خارجها .. جو من الإبتهاج و الفرحة يعم المكان ، وعلامات السعادة والانتصار تظهر على قسمات المدعوين.. كاميرات الجزيرة والقنوات الغربية والقنوات الإخوانية تقطع ارسالها المعتاد لتنقل الحدث لايف على الهواء بكامل أطقمها ..
حضر للتو الدكتور مرسى ودلف الى القاعة وأخذ موقعه بجوار الشاطر وبديع والبلتاجي وباقي قيادات الإخوان وسط ترحيب شديد منهم .. وسبقه في الدخول ، الدكتور محمد البرادعي نائب رئيس الجمهورية السابق والذي لاقى ترحيبا شديدا به من رموز مؤتمر فيرمونت وجماعة ستة ابريل وجماعة "شواذ ضد الانقلاب" بزعامة المناضل خالد أبو النجا، بالاضافة لرابطة "نحنحني وريحني" وجمعية أصدقاء عاطف المتعاطف لشئون المُحن السياسي
وبينما الجميع في انتظار رئيس الجمهورية ، تصدح جنبات القاعة بعزف أوركسترالي للحن جنائزي قديم من مقطوعة " رقصة الموت الأخير " للموسيقار الشهير عبده التربي ،، وبينما الجميع مذهول من اختيار هذا اللحن الكئيب المقبض ، إذا بدخول مفاجىء لأغنية تسلم الأيادي يصاحبها تصفيق حاد من بعض من في القاعة مع إستهجان من البعض الأخر ..
.
من الباب الوحيد المؤدي للقاعة..يدخل السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي ويتجه مباشرة للمنصة لإلقاء كلمته
فور دخول الرئيس.. يُغلق باب القاعة .. ثم نسمع أصوات ضرب 7 طلقات صوت مدوية إيذاناً ببدء الإحتفال ...
يعلو صوت مقدم الحفل : والآن سيداتى أنساتى سادتى مع كلمة السيد رئيس الجمهورية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي .... تصفيق حاد ....
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
إحنا النهاردة في يوم فارق في تاريخ بلدنا مصر ..ونحن نستلهم في هذا اليوم المقولة الخالدة للمناضل الكبير والصنديد الخطير مولانا أبو اسماعين " أدركوا اللحظة الفارقة" .. وها نحن نحاول أن نمسك بتلابيب تلك اللحظة الفارقة لتصحيح الأوضاع...النهاردة معانا في القاعة اللى إحنا فيها دي ناس كانوا غايبين عننا وعايشين بره مصر .. برحب على وجه الخصوص بالدكتور البرادعى و الأخت المناضلة آيات العرابى .. برحب بالأستاذ معتز مطر و الشيخ السمح الخلوق وجدي غنيم .. برحب بالعقيد الوطني عمر عفيفى .. مش عاوز أنسى حد ، وطبعا على رأس الجميع بنرحب بالدكتور مرسى ورجالة مكتب الإرشاد المخلصين ... مصر دي بتاعة الجميع يا جماعة ... صحيح ..
النهاردة جايين علشان نتمم المصالحة اللي باقى عليها خطوة واحدة ..
بأستأذنك يا دكتور مرسى إنت ورجالتك ، مطلوب منكم حاجة واحدة بس قبل ما نوقع عقد المصالحة النهائي ..وانت يا دكتور برادعى إنت ورجالتك باستأذنك برضه.. مطلوب منكم حاجة واحدة بس قبل ما نمضي العقد النهائي ونطوي صفحة كئيبة من تاريخ مصر .
شوف يا دكتور مرسي ... مطلوب منك إنت ورجالتك إنك ترجعلنا آلاف الرجالة اللي ماتت في سيناء وفي شوارع مصر.. ترجع لنا الشهدا بتوعنا اللي ضربتوهم في رفح وكرم القواديس والفرافرة وغيرهم ..ترجعولنا الشهيد محمد أبو شقرة والشهيد محمد مبروك والشهيد نبيل فراج والمستشار الشهيد هشام بركات والشهيد العميد عادل رجائي وغيرهم .. كل اللي استشهدوا بسبب أعمالكم الإرهابية عايزينكم ترجعوهم لنا أحياء .. احنا مش عايزين غير اننا نشوفهم أحياء وقاعدين بيننا دلوقت..
عايزينك كمان ترجعلنا الكنائس اللي حرقتوها .. تبردوا قلب الأمهات اللى فقدوا أبنائهم .. والأبناء اللى فقدوا أبائهم .. والزوجات اللي فقدوا أزواجهم .. رجعولنا كل مبنى حرقتوه وكل مال أتلفتوه ، وبعد ما ترجعولنا ده كله ها يتبقى حاجة مهمة جداً .. رجعولنا الوقت اللي ضاع من عمر مصر .. رجعولنا الأمان اللى فقدناه ، وشيلوا الخوف من قلوب الناس اللى كانت بتبات حزينة وخايفة في بيوتها .. رجعولنا سوريا إمتدادنا الإستراتيجى .. رجعولنا ليبيا درعنا الغربي .. تقدري يا أستاذه توكل كرمان وإنتي مشرفانا النهاردة ترجعيلنا اليمن السعيد ؟.. تقدروا كلكم ترجعولنا سمعتنا السياحية اللى خسفتوا بيها الأرض ؟.. تقدروا ترجعوا الأراضى الزراعية اللي إتبنى عليها في الفوضى ؟ تقدروا ترجعولنا الأخلاق اللي انهارت بسببكم ؟.. إستنوا إستنوا زعلانين ليه وبتشوحوا وتعلوا صوتكم ! رايحين فين .. غُلقِت الأبواب .. ورُفعت الأقلام وجفت الصحف .. إجلسوا وإسمعوا ..
.
وإنت يا دكتور برادعي .. كل تويتة وكلمة قلتها في حق البلد بغرض التهييج تقدر تسحبها ؟.. تقدر ترجع الزمان وما تكتبهاش .. تقدر ترجع الزمان وترجع في قرار الاستقالة اللي أحرجتنا بيه دولياً وخليتنا نبذل مجهود مضاعف علشان نرجع ثقة العالم فينا ؟... تقدر ترجع الشباب الصغير اللي ضحكت عليهم بكلامك ونزلتهم الشارع مندفعين وتلقفتهم يد الشر علشان يبقوا ضحية يتاجروا بيهم !! طيب أقولك حاجة أهم .. تقدر ترجع حلم ثورة يناير اللي إستغليته أنت وأمثالك ودنستوه وحولتوها لمجرد أداة توصلوا بيها لأغراضكم وسيبتوا الشباب الحالم الطيب في البداية يموت بأيد المجرمين اللى انت قاعد جانبهم دلوقت وبتدافع عنهم ؟... عاوزنا نحتوى الإرهابيين يا دكتور ؟!! طيب رجعلنا رجالتنا اللى راحوا فى عشرات الأكمنة واللي إتفجروا بلا رحمة ومنهم اللى كان صايم !!
.
حلوه المصالحة مفيش كلام يا جماعة ، وعلشان كده إحنا قررنا النهاردة نتصالح .. فعلا والله مش كذب .. بس هنتصالح مع نفسنا بأننا نعيش فى سلام ......من غيركم كلكم
وعند هذه اللحظة ، وبينما الرئيس لم ينهي جملته ، ينزل فجأة وبسرعة شديدة عازل زجاجي ضخم يفصل بين الرئيس ورجاله من جهة ، وبين جميع من في القاعة من جهة أخرى .. زجاج غريب وسميك ، لكنه شفاف تماما .
وبعد أن يكتمل إنزال الحاجز الضخم يكمل الرئيس كلامه .. "دلوقتي انتوا محبوسين خلف هذا العازل الزجاجي المضاد للرصاص والقنابل..لكنكوا سامعيني كويس من خلال مكبرات الصوت"
هنا يبدأ كل من خلف الجدار العازل في الهرولة وهم يبحثون عن مخرج ، فلا يجدون ثقب أبرة ينفذون منه ، ويكتشفوا أن جميع جدران القاعة مصفحة ومصنوعة من الفولاذ المضاد للقنابل..بل إنه وتحت السجاد الفاخر ، يتضح أن أرضية القاعة قد صُنعت هي الأخرى من الفولاذ السميك ....يحاول بعض شباب الاخوان بزعامة أحمد المغير وعبد الرحمن عز أن يخلعوا كراسي القاعة ويضربون بها الحاجز الزجاجي ولكن بلا فائدة .. يجري بعض شباب حازمون ضخام الجثة بحثا عن زعيمهم المغوار أبو اسماعيل فيجدونه مختبئاً متكوماً تحت كنبة كبيرة قد أُعدت له خصيصا لتناسب حجم مؤخرته الهائلة وهو يبكي كالأطفال وقد ابتل سرواله الضخم الفضفاض ، فيدركون على الفور أنهم قد أحيط بهم و أصبحوا محاصرين تماما ، فتظهر على وجوههم جميعا علامات الذعر والهلع ، وتلمع عيونهم بنظرات مختلطة تحمل كل معاني الذهول والرعب وطلب الاستغاثة واليأس في نفس الوقت .
يكمل الرئيس كلامه :
- عرفتوا دلوقتي يعنى إيه الخوف ؟ ..عرفتوا دلوقت إحساس المغدور بيه ؟ عرفتوا يعني إيه الاحساس بقرب النهاية ؟ عرفتوا يعني إيه تحاولوا تهربوا من الموت بلا فائدة ؟... عيشتوا الموت زي ما ولادنا عاشوه ؟.. حان الوقت بقى إنكم تدوقوه ...
وهنا يضغط أحد مساعدي الرئيس زراراً معينا في لوحة جانبية ، فتنبعث على الفور ألسنة هائلة من لهب النابلم الحارق من خلال أنابيب معدنية تمر تحت كراسي القاعة ، بينما تنهمر من السقف شلالات من البنزين والسولار..لتبدأ حفلة الشواء العظيم
انتهى،،،
.
--------------------
By: Tamer Azab