يقلم الدكتور
حسني المتعافي
............
منذ أن نجح (المؤرخ) المخرف د. الصليبي وحقق شهرة عالمية بخرافاته المضحكة التي ألقاها عليه أساتذته سار على دربه كثيرون أملًا في أن يحققوا مثل ما حققه، وكلهم في النهاية مجرد أدوات حقيرة في أيدي الصهيونية العالمية ولخدمة مقصدها الأعظم: بناء الهيكل الثالث دون أي خسائر تُذكر.
تعرفونهم بالآتي: كلهم يزعمون أن المسجد الأقصى ليس في أورشليم-القدس، بل في أي مكان آخر، مستغلين جهل الناس بالتاريخ الثابت.
يقول أحدهم مثلا: عندما دخل عمر بن الخطاب بلاد الشام كتب العهدة الشهيرة المسماة بالعهدة العمرية، وفيها يقول: هذا ما عاهد عليه عمر بن الخطاب أهل «إيليا» ولم يقل القدس، لأن العرب والمسلمين لم يكونوا يعرفون هذا المكان باسم القدس، وكانوا يستخدمون الاسم الروماني للمدينة المسيحية في جنوب بلاد الشام «إيليا».
الردّ: نعم كان اسم المدينة عندما استولى عليها العرب "إيليا"، وليس أورشليم، ولكن هذا القائل لا يذكر الحقيقة التاريخية كاملة، وها هي الحقيقة:
ثار اليهود ثورتهم الكبرى الثالثة ضد الرومان بقيادة المسيح (غير المنتظر) بر كوخبا (ابن النجم أو الكوكب بالسيريانية) في الفترة (132-135م)، وقد فقد الرومان في هذه الثورة الضارية لواءهم المقدس أو النسر الروماني Legio aquilla، وهو أعظم وأقدس رمز عسكري تحمله الفيالق الرومانيّة، ويجب على الجيوش المحافظة عليه مهما كلّف ذلك من التضحيات، بعد أن تكبد الرومان خسائر فادحة انتصروا في النهاية.
بعد سحق ثورة اليهود حاول الإمبراطور هادريان اجتثاث اليهودية من المنطقة باعتبارها مصدرا مستمرا للقلاقل والثورات، تم حظر تطبيق شريعة التوراة والتقويم اليهودي، تم حرق كتب اليهود المقدسة في مراسم احتفالية على جبل الهيكل، تمَّ تسمية المنطقة باسم سوريا پالستينا (Syria Palaestina)، والتي اختصرت إلى بالستين فيما بعد.
حظر دخولهم إلى أورشليم، سماها بـ"إيليا، Aelia Capitolina" على اسمه، وشتتهم في الأرض، وباع أكثرهم رقيقا، وقد بنى هادريان مكان الهيكل معبدا رومانيا وأقام لنفسه ولربه جوبيتر تمثالين فيه.
عندما يتم ذكر هادريان يقول اليهود: "May his bones be crushed" وهو تعبير لم يُستخدم حتى مع ڤسپاسيان أو تيتوس الذين سحقا أول ثورة يهودية ضد الرومان، فضلا عن قيام تيتوس بتدمير الهيكل الثاني.
فمن البديهي أن يرد في العهدة العمرية الاسم الذي كان مستعملا وقتها للمدينة، والذي اندثر فيما بعد.
مثال: كان اسم مصر في مرحلة من العهد الناصري "الجمهورية العربية المتحدة"، فمن البديهي أن هذا الاسم هو الذي كان يُكتب في المعاهدات والاتفاقيات الرسمية.