Mohammed Hafez
**************
من «شارل إبيدو» لـــ «السترات الصفراء» .... عملية تـأديــــب فرنــســـا
=========================================
■ بتاريخ 6 نوفمبر الماضي ، دعا الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» في مقابلة أجرتها معه إذاعة «أوروبا -1» إلى إنشاء «جيش موحد» وحقيقي للاتحاد الأوروبي لمواجهة قوى عظمى مثل روسيا والصين وحتى "الولايات المتحدة" ، واصفا الجيش المقترح بأنه سيكون «جيش أوروبي حقيقي للدفاع عن القارة الأوروبية» ، ثم أضاف قائلا : "حين أرى «ترامب» يعلن انسحابه من اتفاقية كبرى لنزع السلاح أبرمت بعد أزمة الصواريخ في أوروبا في الثمانينات، فمن سيكون الضحية الرئيسية ؟ انها بالتأكيد "أوروبا وأمنها".
● ثم شدد «ماكرون» بالقول أنه «لن نحمي الأوروبيين ما لم نقرر أن يكون لنا جيش أوروبي حقيقي خارج منظومة حلف الناتو ..علينا أن نحمي أنفسنا تجاه الصين وروسيا، وحتى الولايات المتحدة الأمريكية» ، محذراً من عودة «قوى متسلطة» إلى الظهور قد تعيد التسلح عند الحدود الأوروبية ، وداعياً الدول الأوروبية إلى عدم الاكتفاء بالاعتماد على الولايات المتحدة.
.
■ بعد الخطوة دي بعدة أيام فوجئ الجميع بقيام «ماكرون» بتغيير إسم منصب «وزير الدفاع الفرنسي» إلي «وزير الجيوش الفرنسية» ، وهي خطوة تحيي في العقلية الفرنسية أيام المجد الامبراطوري النابليوني لغابر ، وتدغدغ المشاعر القومية ، وتعزز من احساس القوة والفخر في عقول وقلوب الفرنسيين
.
■ وقبل كل ده كان عندنا حدث أوروبي تاريخي ومفصلي خطير ، وهو خروج «بريطانيا» من «الاتحاد الأوروبي» بما ينذر بتفكك هذا الكيان تباعا في وقت قصير ، وربما كان هذا الخروج النهائي لـ «الأسد البريطاني» هو ما ولّد إحساسا لدى ماكرون بأن فرنسا هي القوة المؤهلة لزعامة ما تبقى من دول الاتحاد وسد الفراغ الاستراتيجي الناتج عن خروج قوة سياسية وعسكرية بحجم «بريطانيا»
.
■ ولم يمر أسبوعين على كل التطورات المتلاحقة دي ، إلا وإندلعت المظاهرات الاحتجاجية الغاضبة في شوارع فرنسا ، وظهرت من العدم حركة مجهولة تسمى أصحاب «السترات الصفراء» استطاعت حشد تظاهرات ضخمة في شوارع باريس وعدة مدن فرنسية أخرى بحجة الاعتراض على زيادة الضرائب على المحروقات
◆ وكلنا شوفنا وتابعنا حجم المظاهرات الكبير وحجم التخريب وأعمال السلب والنهب للممتلكات ، وشوفنا برضه حجم العنف الموجه من المتظاهرين ضد الشرطة الفرنسية ، بل وضد المعالم الأثرية والحضارية الفرنسية الشهيرة ، وبدت الصورة و كأن هؤلاء "الفرنسيين" ينتقمون من بلدهم ويدمرون حضارتهم بأيديهم
◆ ووقتها كتبنا وتساءلنا .. مَن هم أصحاب السترات الصفراء ؟ ومِن أين أتوا ؟ وكيف ظهروا هكذا فجأة من العدم ؟ .. مَن يقودهم ويوجههم ؟ .. مَن يفكر لهم ويحركهم ؟ .. مَن يمولهم ؟ و مَن الذي اختار لهم هذا الزي المميز ذو اللون «الأصفر» ؟!
.
◆ والأغرب انه بعد فرنسا بأيام قليلة، ظهرت حركة السترات الصفراء في «بلجيكا» ، وقامت بنفس أعمال التخريب والعنف في شوارع بروكسل ، وبعدها ظهرت في هولندا ، مع تهديدات بامتدادها إلى إيطاليا وألمانيا والسويد وعواصم أوروبية أخرى ، وبدا الأمر وكأن هناك مَن قرر معاقبة دول الاتحاد الأوروبي بشكل جماعي.
.
◆ ورغم ان الحكومة الفرنسية أعلنت بالأمس تعليق قرارها بزيادة الضرائب على المحروقات وتأجيل تنفيذه لمدة ستة شهور أخرى ، إلا اننا فوجئنا بأصحاب السترات الصفراء بيرفضوا الجلوس للتفاوض مع الحكومة بل ويدعون لـ سبت آخر من المظاهرات ، رغم أن القرار ده المفروض أبطل حجتهم في التظاهر من الأصل
.
✪ من كل ما سبق ، يمكننا القول ان اللى بيحصل فى فرنسا ده مش مجرد صدفة ولا هو مظاهرات شعبية اندلعت بشكل تلقائي ...
● أصل الثورات والمظاهرات اللى من النوع ده مش ممكن تكون مظاهرات عفوية
● مفيش حاجة إسمها مظاهرات بالشكل ده تبقى تلقائية ..
.
◆ لو كنت فاكر إن تصاعد وتيرة المظاهرات بالتزامن مع تصريحات «ماكرون» عن تكوين «جيش أوروبي موحد» هو مجرد صدفة ، تبقى غلطان
.
◆ لو كنت فاكر خروج إنجلترا من الإتحاد الأوروبى ، وتحملها تكاليف ده ، وموافقتها على دفع كل المليارات دى علشان تسرّع من عملية التخارج ... لو كنت فاكر ان كل ده مجرد صدفة ، تبقى غلطان !
.
◆ ولو كنت فاكر انه مفيش علاقة بين التظاهرات دي وبين تحركات «ماكرون» المؤيدة لبعض القضايا في المنطقة وتوجهاته السياسية والعسكرية في الفترة الأخيرة ودعمه للدول المناهضة للخطة الأمريكية سواء عسكريا أو سياسيا ( طبعا بما يتناسب مع الأجندة الفرنسية )، تبقى برضه غلطان ... صحيح ان فرنسا هي في النهاية دولة غربية مفترية و ليها أطماعها الاستعمارية زيها زي بقية دول الغرب ، لكنها برضه مش دايما دولة تابعة تماما للمنظومة الأنجلوساكسونية …وبنلاحظ كتير ان ليها شخصيتها المستقلة النابعة من المخزون الحضاري الكبير اللى عندهم …. فهى دولة ليها لغتها الخاصة و ثقافتها و حضارتها العميقة
.
◆ ولو كنت فاكر ان اللي بيحصل ده بعيد عن عملية تأديب لفرنسا ومحاولة من القوى الخفية لإبعادها عن مناطق نفوذها الغنية بالثروات في أفريقيا بجعلها تنشغل في نفسها ، تبقى برضه غلطان
.
◆ وأخيرا ، لو كنت فاكر إن السترات الصفراء اللى لابسها المتظاهرين واللى تشبه نفس الشكل اللى كان بيلبسه الإخوان فى مصر ايام 2011 ده من قبيل الصدفة تبقى غلطان (طبعا علشان اللى حابب يستظرف ، أكيد إحنا مش قصدنا إن اللى بيعمل كده فى فرنسا إخوان .. لكن نقصد إن الفكر واحد زى بالضبط التشابه بين ملابس أسرى جوانتانامو وأسرى داعش) ..
.
◆ واللى يقولك إن اللى بيحصل ده نتيجة للأوضاع الإقتصادية الصعبة اللى بيعيشها المواطن الفرنسى .. فلازم تبقى فاهم إن الموضوع كله بــ يبقى على طريقة "قول حق يراد به باطل" .. وإستغلال واقع موجود بالفعل من أجل إشعال الموقف ، دا غير ان الظروف الاقتصادية دي شئ مش جديد على الفرنسيين .. لأن الوضع الإقتصادي صعب من 2012 ... والمواطن الفرنسى بيعانى فعلا .. لكن إسمحلي اقولك إن الوضع الإقتصادى لأوروبا بشكل عام ، بإستثناء المانيا والدول الإسكندنافية ، هو أصعب بكثير من فرنسا ... يعنى المواطن فى إيطاليا والبرتغال واسبانيا وغيرهم ، بيعانى فعلا .. و ده عكس كل اللى بيتقال للمصريين إن الدنيا برة فلة مزهزهة وشمعة منورة ... و مع ذلك محصلش فى الدول دي مظاهرات بالشكل الفج اللى حصل فى فرنسا ده
.
● متهيألي الصورة أوضح بكتير من إننا نتكلم ونعيد ونزيد فيها .
•• بالمناسبة ، إيه أخبار جمعيات حموم الإنسان والحيوان وعصافير الكناريا .. وفين بيانات الإستهجان ، والمطالبات بوقف العنف مع المتظاهرين ، وضمان حرية التظاهر والتخريب ، والحض على دعم حرية التعبير والسفالة والسرقة والضرب والحرق .. كل ده راح فين !!؟؟
.
•• وفين الجزيرة مباشر وتركيا مباشر وفرنسا مباشر وإنجلترا مباشر وكل عائلة مباشر اللى بتتابع أول بأول مستجدات الأحداث ، وتشجب وتستنكر تعامل الشرطة الكمعية مع المتزااااهرين ، والسوّار الأتهار ؟
.
◆ ختاما : يجب أن نعرف أن «فرنسا» مستهدفة بداية منذ أحداث «شارل ابيدو» ، نهاية بالأحداث الدامية الحالية ، لانهاء دور «الاتحاد الأوروبي» تدريجيا ،، فالنظام العالمي الجديد لا يريد الاتحاد الأوروبي بجمهورياته القوية في مركز صناعة قرار أو ثقل
.
✪ صحيح أن الأزمة الحالية ستمر وتنتهي ،،، ولكن فرنسا لن تعود أبدا كما كانت من قبل
.
#حروب_الدجال
#الماسون_جنود_الدجال
#كلام_في_الصميم