تهاوي أسعار النفط - من المحرك والمستفيد ؟

تهاوي أسعار النفط - من المحرك والمستفيد ؟
=========================
هل سيكون هناك انهيار اقتصادي لدول الخليج...هل ستستفيد مصر من انخفاض الأسعار...هل الانخفاض مرتبط بعوامل سياسية ام اقتصادية...من أبرز المستفيدين ومن ابرز الخاسرين ؟
بداية لابد أن نؤكد أن الاقتصاد هو محرك السياسة بكل ما للكلمة من معنى، سواء في حروب أو أزمات سياسية أو اجتماعية
اهم العوامل في معادلة خفض أو ارتفاع أسعار النفط كانت دائما السعودية، الدولة التي تضخ حاليا ما يتجاوز أحد عشر مليون برميل من النفط يومياً، منهم ما يقترب من عشرة مليون يصدروا إلى الخارج، لتحتل المركز الأول يليها روسيا والولايات المتحدة، والأخيرة تختلف عن روسيا والسعودية في أنها الأكثر استيراداً والأكثر استهلاكاً، بنسبة لا تقل عن 25 في المائة من الإنتاج العالمي الذي يبلغ حوالي خمسة وثمانين مليون برميل يومياً، بينما في روسيا يستند اقتصادها إلى حد كبير على تصدير النفط والغاز، وأخيراً السعودية التي يقوم اقتصادها بشكله الربحي على تصدير خام النفط
منذ فترة قصيرة أعلنت الولايات المتحدة عن نيتها استخراج النفط الصخري بكميات كبيرة بما يعزز من قدراتها على الاستغناء عن استيراد النفط لتشكل اللاعب الرئيسي في النفط الصخري ولا ننسى ان الولايات المتحدة لديها مخزون استراتيجي يكفي ل تسع سنوات تقريبا بعد فرض قوانين صارمة بعد ازمة شتاء 74 و توقف تصدير البترول من دول الخليج بعد حرب أكتوبر
السعودية من جانبها لم تقم بتخفيض انتاجها، بل أعلنت عن استمراره بنفس المعدل حيث ان السعودية تضع ميزانيتها على إعتبار أن سعر البترول بـ 60 دولار للبرميل لتفادي مثل هذه الانخفاضات ، و أعتقد أن السعودية تتبع هنا استراتيجة متوسطة المدى للحيلولة دون دخول منافسين جدد إلى السوق على غرار النفط الصخري الأمريكي الذي تعد تكاليف استخراجه عالية جدا (التكلفة حاليا تقدر بـ 60 دولار للبرميل من النفط الصخري) . ومن خلال توفير مزيد من النفط مقابل أسعار منخفضة تسعى السعودية إلى الحيلولة دون استخراج مزيد من النفط الصخري في الولايات المتحدة وبالتالى تحافظ على تماسكها وقوتها !
بالتالي هناك مصالح مشتركة بين الولايات المتحدة والسعودية ..هذه المصالح ليست فقط اقتصادية، بل أن هناك دوافع سياسية تقف خلفها بالأساس..يعززها تنسيق الإجراءات في سوق النفط لخفض أسعاره العالمية الحالية التي تعد المصدر الرئيسي لعائدات التصدير الروسية، لمعاقبة روسيا في سلوكها تجاه أزمة شبة جزيرة القرم، ويقدر خبراء أنه إذا تم تخفيض سعر البرميل بنسبة أقل من 12 دولار عن سعر 84 دولار للبرميل فأن روسيا الاتحادية ستخسر 40 مليار دولار في إيراداتها السنوية من تصدير النفط، وهو ما يشبه نفس كيفية انهيار الاتحاد السوفيتي ، خاصة بعد انكشاف الأرشيف الديبلوماسي والذي تبيّن منه أن المملكة العربية السعودية لعبت مع إدارة ريجان دوراً كبيراً في مسألة إسقاط الاتحاد السوفيتي السابق بالضربة القاضية خلال الحرب الباردة ، لأن خفض أسعار النفط أدى إلى انهيار كبير في الاقتصاد السوفييتي. وحاليا هناك اتهامات موجهة إلى السعودية والولايات المتحدة بالترتيب لتشديد الضغوط على كل من روسيا وإيران على خلفية دورهما في الملف السوري ودور موسكو في الاضطرابات التي تشهدها أوكرانيا.
الولايات المتحدة –التي تسعى لأن تصبح واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم بفضل التقنيات الحديثة التي تمكن من استخراج كميات كبيرة من النفط من الصخر الزيتي- جنباً إلى جنب مع السعودية لجعل الحياة صعبة بالنسبة لروسيا وإيران، فبدل أن يسعوا (الرياض وواشنطن) إلى تقليص انتاجهما للحفاظ على أسعار أعلى، اختاروا بدلا من ذلك الحفاظ على حصتهما في السوق ضد منتجي أوبك الآخرين. وهو ما يعني أن هناك حرب تجارية أخرى بموازاة الحرب بالوكالة في سوريا، وتستخدم فيها وسائل أخرى هي النفط !!"
مما سبق يتضح أن أكبر المتضررين مما يحدث هي روسيا ، وكلنا قد لاحظنا ذلك الانهيار السريع والغير متوقع للروبل الروسي بعد تهاوي قيمة العملة الروسية بشكل سريع أمام الدولار و اليورو لتفقد 60% من قيمتها. هذا الانهيار أدى الى حالة من الفزع و هروب الرساميل الى خارج روسيا ، وهو ما يترك آثاراً مدمرة على الاقتصاد الروسي لا يمكن توقع عواقبها خاصة أن الاقتصاد الروسي غير قادر على استيعاب الصدمة الخاصة بالنسبة لشركاتها الكبرى، شركات النفط والغاز التي تتساقط أسهمها. وبالدرجة الثانية إيران التي تعودت على العقوبات وعلى لغة العقوبات. لكن ومع الضغط على الأسعار، فإن إيران المتورطة في أكثر من منطقة في الشرق الأوسط، ستعاني ميزاينتها أكثر فأكثر ، ولابد أن نذكر أن السعودية والخليج بالإجمال قطر والإمارات والكويت لديها إمكانية للصمود لمدة 5 سنوات على الأقل مع هذا المستوى للأسعار نتيجة وجود احتياطات نقدية في السعودية تتجاوز الـ 3 تريليون ريال ومثلها في باقي دول الخليج ، وهذا ما لن تتحمله روسيا أو ايران
تأثير الأزمة على الوضع المصري:
------------------------------------
بلا شك فإن مصر ستستفيد من انخفاض اسعار النفط مما يقلل العجز في الموازنة العامة بنسبة كبيرة حيث يلتهم بند دعم الطاقة حوالي 40 % من الموازنة العامة وانخفاض السعر يشكل إضافة قوية حيث ان مصر مجرد مستهلك غير منتج للنفط .. لكن على الجهة الأخرى هناك تداعيات سلبية غير مباشرة مثل إحتمالية تفكيك التحالف المصري الروسي لانشغال روسيا بأزمتها الاقتصادية، وستظل المعونات السعودية الخليجية من النفط كما هي على الاقل في الشهور القادمة ولكن الى متى ؟ مما سيجبر الحكومة المصرية على اتخاذ خطوات أكثر جدية في ملف الدعم ومجال الطاقة لجذب استثمار أكبر ومصادر اقتصادية اخرى لتعويض الفاقد من مجالات السياحة والصناعة التي تدهورت في الـ 4 سنوات الماضية وأثرت بشكل كبير على النمو الاقتصادي !
إجمالاً هي لعبة توازنات وسياسات تكسير عظام تُكشّر فيها الولايات المتحدة عن أنيابها الاقتصادية وتوجهها هذه المره إلى روسيا بشكل مباشر وقد يصل هذا إلى مراحل أعنف من ذلك حال استمرار الولايات المتحدة والسعودية بتخفيض سعر النفط أي أن روسيا وحلفائها سيتاخذوا اجراءات مضادة، ليس فقط في ساحة العقوبات الاقتصادية والنفطية -التي تأقلمت معها وتجاوزتها إيران مثلاً- ولكن أيضاً في ساحات أخرى وبأدوات أخرى، فلا يمكن لروسيا أن تقف ساكنة أمام خسارة تتجاوز 100 مليار دولار بشكل سنوي في قطاع يشكل 70% من قوتها الاقتصادية
ولا يجب أن ننسى أن ما تعرضت له ألمانيا قبيل مجئ هتلر الى الحكم تتعرض له روسيا حاليا فهناك من يدفع روسيا الى الاختيار بين المواجهة أو الاستسلام الذليل... لقد جلب انهيار المارك الألماني هتلر الى الحكم، و ليس من المعلوم ماذا ستكون نتائج انهيار الروبل ؟ لكن الكثيرون الآن قد بدأووا يتحسسون أسلحتهم !!!
عموما نحن لا نملك سوى أن ننتظر و نرى
_________________________________
تم الاستعانة بأوراق بحثية ومقالات من مواقع
كريستيان ساينس مونيتور The Christian science Monitor
موقع اليوت ويف Elliott Wave
منظمة اوبك Opec organization research
موقع دويتشه فيلة الألماني DW
موقع زايتجايست العربية Zeitgeist Arabic
------------------------------
By: Ahmed Moubarek