وقال الفرنسيون للحرية....لا

وقال الفرنسيون للحرية ....لا
================
العالم يتحدث باللهجة المصرية منذ يونيو 2013 ، مهما حاولت أن " تُنكر " أو " تتنكر " فأنت لا محالة من الكاذبين ، ونحن نبحث عن الصادقين في فترة لا يختلف فيها أو عليها في حب مصر إلا أصحاب الغرض والمرض !
في يناير من هذا العام ، وبعد الهجمات الإرهابية التي طالت فرنسا ، وتحديداً ما قام به مجموعة من الملثمون على صحيفة شارلي إيبدو وما نتج عنه من وقوع قتلى يتجاوز عددهم العشرون قتيلاً ، من بينهم 12 في هجوم اليوم الأول على الصحيفة ، ثم أربعة في احتجاز رهائن " بورت دو فإنسان " ثم واحداً في حادثة إطلاق النار في " مونروج " تلك كانت أكبر حصيلة قتلى تتلقاها فرنسا منذ عقود .
خرج بعدها الرئيس الفرنسي هولاند ليطلب من الشعب الفرنسي " تفويضاً لمكافحة الإرهاب " !
هذه الجملة لم نسمع عنها عالمياً إلا في يوليو من العام 2013 على لسان السيسي ! هذه الجملة التي قالها السيسي أصبحت هي طوق النجاة لاختراق الدساتير والتعامل بما تقتضيه مصلحة الوطن وأمن وسلامة الشعب ، فالدستور مجرد مواد لا تعرف المتغيرات ولا تحمي البلاد من قادم المفاجآت ، والكاذبين رأوا في طلب التفويض من السيسي " إستباحة للدماء " لكنهم هم أنفسهم - وياللصفاقة - قد صفقوا للرئيس الفرنسي عندما قالها ، بل التفّ العالم أجمع حول الرجل في وقفة عالمية بعاصمة النور باريس في الحادي عشر من يناير وبعد ساعات قليلة من تلك المذبحة !
واليوم ، وبعد أن سجلت فرنسا منذ أيام قليلة الحالة الأبشع والرقم القياسي الآخر على التوالي بين دول أوروبا في ضحايا الهجمات الإرهابية " مائتي ضحية " .. أعلن رئيس الوزراء الفرنسي " مانويل فالس " أمام البرلمان الفرنسي في جلسة اليوم أن فرنسا ستضطر لتقييد بعض الحريات لضمان أمن وسلامة الشعب الفرنسي ! ثم قامت بعدها صحيفة لوفيجارو الفرنسية بتعزيز فوري لطلب رئيس الوزراء ، ونشرت استقصاءاً يُعلن فيه أكثر من 85% من الشعب الفرنسي تأييده لهذا التقييد والتضييق في الحريات ، سيمفونية يعزفها النظام الفرنسي ويؤيده فيها إعلامه ويُصفق لها الشعب !
فهل ‫#‏التجربة_الفرنسية‬ المستوحاه من الخبرات المصرية على مدار عامين كاملين كانت وجاءت بتأييد من السماء ؟ هل نزل بها قرأن وآيات تُتلى تعصمها من النقد ؟ هل تم تعزيزها بأسفار من الكتاب المقدس حتى لا يعترض عليها أو ينتقدها ويسخر منها يسري فودة والبرادعي والتابعين لهم مثلما سخروا من التجربة المصرية من قبل ؟!
هل رأيتم من هؤلاء انتقاداً واحداً على طريقة تعامل الداخلية الفرنسية وقواتها الخاصة في القبض على المشتبه بهم عرايا كما ولدتهم أمهاتهم ؟ هل قال أحد أن العنف لا يولد إلا العنف ؟ هل سمعتم لساناً واحداً يقول " طول ما الدم الفرنسي رخيص يسقط يسقط أي رئيس ؟! هل قال أحدهم أن الدم الفرنسي كله حرام ؟!
هل خرج نشطاء فرنسا ليقولوا عن الشعب الفرنسي أنهم عبيد البيادة ، وشعب الندامة العاشق للعبودية عندما قام بتأييد النظام الفرنسي في تقييد الحريات ؟! هل نمى إلى علمكم أن أحدهم قال " إن الشعب الذي يشتري أمنه وسلامته بالحرية لَهوَ شعبُُ لا يستحق الحياة " ؟!
كل هذه البذاءات ، والإرهاصات القميئة ، والتخلف العقلي السياسي في رؤية الواقع ، والخروج عن الأدب و التَهَكُم والسخرية قيلت في حق الشعب المصري ونظامه ، ويبدو أن " زامر الحيّ لا يُطرب بالفعل " مقولة لم تكذب أبداً .
في مقال سابق ليسري فودة عن معاناة الشعب السوري في أحد مخيمات اللاجئين بلبنان قال الآتي :
" هناك كاميرا ذهبت لتصور معاناة الشعب السوري في أحد مخيمات اللاجئين بلبنان ، وتنقلها للشعب المصري كأداة ترهيب وترويع لإخافته من هذا المصير ولقبول أي وضع بأي شكل دونما أية معارضة !
وقتها ذكرت في مقالي الأسبق رداً على ذلك " وهل ذات الكاميرا الكاذبة أرادت أيضاً أن تنقل لنا معاناة الشعب الليبي واليمني والعراقي والسوري قبلهم حتى تجعلنا نعيش في بلادنا كالدَّواب لمجرد " كذبة بسيطة لعدسة الكاميرا دمرت أوطاناً بكاملها بُهتاناً و زوراً " ؟!
و اليوم أُضيف للسيد فودة " وهل ذات الكاميرا الكاذبة أرادت أيضاً أن تنقل لنا معاناة الشعب الفرنسي ؟ وهل جاءت قرارات النظام الفرنسي لتُجبر الفرنسيين على قبول أي وضع بأي شكل دونما أية معارضة ؟! وهل تأييد الشعب الفرنسي لقرارات النظام تُعتبر سُبة في جبين الفرنسيين ؟! هل أصبحوا مطبلاتية ؟! هل تُحلّون ذلك للفرنسيين عاماً ، وتُحرمونَهُ علينا عاماً لتواطئوا عِدة ما حرم الواقع والفترة ؟!
تتشدقون بالحريات لتدافعوا عمن تعتبرونهم رموزاً لثورة يناير ، مُتاجرين في ذلك باسم الشعب وأمنه وسلامته ؟! تتاجرون بمصر وتُلقون بها في غياهب المصائر السوداء لقاء الدفاع عمن حرق المجمع العلمي أو شارك في سرقة ملفات أمن الدولة ومَن سمعناهم جميعاً في مكالماتهم المفضوحة " وبغض النظرعن قانونية تلك التسريبات من عدمه " ؟! تُثيرون الفتنة بإسم الدفاع عن إسراء الطويل التي اعترفت على نفسها وأحرجتكم وأخرجتكم من ثوب الطُهر الثوري المُزيف ، ووضعتكم جميعاً بكل متاجرتكم بهذا الملف في سلة المهملات ؟!
تتمسحون في يناير واستتحقاق الشعب ورغبته في التغيير ، وكرة الثلج التي سالت وخرجت عن حق واستحقاق ثم فوجئت أنه استدراج لعين يقوده شرذمة من العملاء والخونه فاستدركت بعد أن استُدرِجت ؟! تًنكرون على هذا الشعب العظيم ما تسمحون به لشعوب أوروبا ؟! تصفقون للنظام الفرنسي الذت اقتبس خطوات النظام المصري ؟!
أرى أن الواقع أصبح يتكفل بالرد عليكم في كل لحظة ، في كل طلعة شمس تتجلى لنا ولكم خطاياكم !
---------------------
بقلم : د. محمد فاروق