الوزير سامح شكري ومايك الجزيرة

Mohammed Haffz
‏17‏ ساعة ·

الوزير سامح شكري ومايك الجزيرة
===================
في جلسة مباحثات سد النهضة بالخرطوم ، فوجئ الدبلوماسي العتيد وأسد الخارجية المصرية الوزير سامح شكري عند جلوسه على مائدة المفاوضات بوجود " ميكروفون قناة الجزيرة " أمامه .. الأمر الذي دفعه لنقل الميكروفون من أعلى الطاولة إلى الأرض.
بكل تأكيد أن هذا التصرف نال استحسان وتفاعل كافة الشعب المصري ، وربما بعض الشعوب العربية التي ذاقت ويلات هذه القناة العميلة التي أضرت بالوطن العربي بشكل عام ، وبمصر بشكل خاص ، وما زالت تسعى لنشر الفتنة وبث الأكاذيب واختلاق وتدليس وتزوير أي وقائع لضرب استقرار مصر . والحقيقة ، و إن كانت حروب الجيل الرابع هي السبب الرئيسي لتدمير المنطقة العربية والشرق الأوسط ، فإن قناة الجزيرة كانت المحرك الأقوى ذو الدفع الرباعي في هذه الحرب دون أن ندري .
ولكن سرعان ما خرجت أقلام تكتب وتنتقد وتستنكر ما فعله الوزير سامح شكري ، واصفةً ذلك بالتصرف الذي يخلو من الدبلوماسية تارة ، و أنه لا يليق أن يصدر من وزير في دولة بحجم مصر تارةً أخرى ، من بين هذه الأقلام كان السيد يسري فودة ، والسيد خالد داوود الذي تساءل في تدوينه على مواقع التواصل الاجتماعي قائلاً " أين تعلمت الدبلوماسية " ؟!!
سامح شكري التحق بالسلك الدبلوماسي في عام 1976 ، حيث شغل منصب السفير في سفارتي لندن وبوينس آيرس ، و “البعثة الدائمة لمصر” في نيويورك. ، ثم سفير جمهورية مصر العربية في فيينا ، النمسا ( 1999 - 2003 ) ثم مدير مكتب وزير الخارجية الأسبق أحمد أبو الغيط (2005-2004) ، ثم مندوباً لمصر في مقر الأمم المتحدة في جنيف من (2005-2008) ، ومن بين تلك السيرة الذاتية ترأس عدة لجان وملفات لا يتسع الحديث عن ذكرها ، الأمر الذي يُثير الضحك على الكوميديا السوداء التي أطلت علينا في سؤال السيد خالد داوود " أين تعلَّم سامح شكري الدبلوماسية " ؟!! ولابد هنا أن نسأل .. مَن هو خالد داوود حتى يسأل هذه القمة الدبلوماسية مثل هذا السؤال ؟ وبأي علم أو ثقافة يسأل ؟ ومن أين ينطلق ؟! إنه العَمى ، وأولُ العَمى جهلُُ ، لماذا ؟ دعونا نرى :
.
أولاً : جلسات المباحثات وطاولة الاجتماعات الدبلوماسية لا يمكن أن يوجد عليها ميكروفون لأي قناة إخبارية مهما كان اسمها أو وزنها العالمي الإعلامي ، فلا الـ BBC ولا CNN ولا أدنى من ذلك ولا أكبر كان يحق لها في أي زمان أو مكان أن يتواجد الميكروفون الذي يحمل العلامة التجارية لها أمام ممثلي الدول في جلسات المباحثات ، وللقارئ أن يسترجع كيفما شاء جلسات الزعماء وكلماتهم أمام الأمم المتحدة أو اجتماعات القمم العربية أو الأوروبية أو ما شابه ذلك ، لا يمكن أن تجد ميكروفون لقناة أياً كانت أمام أحد ممثلي الدول على الإطلاق .
.
ثانياً : لو لم يكن يعلم السادة الأفاضل بمثل هذه القوانين والأعراف والبروتوكولات ، فكان عليهم أن يُعملوا عقولهم لدقائق قبل أن يسيل لُعابهم ويبحثون عن مَواطن النقد التي تُرضي غرورهم ، كان لزاماً عليهم أن ينظروا ويُدققوا ثم يسألون " هل كان هناك ميكروفون آخر غير ميكروفون الجزيرة أمام الوزير سامح شكري " ؟!! ثم سيكتشفون أن هذه القناة كانت الوحيدة التي وضعت ميكروفوناً بجوار الميكروفون الرئيسي للمتحدث المصري ، لا يوجد ميكروفوناً آخر لأي قناة أخرى أمام الوزير سامح شكري.
.
ثالثاً : سيأخذهم هذا الاكتشاف إلى أسئلة متعددة يستشفون من خلالها أن التصرف الذي قام به أسد الخارجية المصرية كان تصرفاً غاية في الذكاء الدبلوماسي من ناحية ، وكاشف وفاضح للتحايل السياسي من القائمين على تنظيم هذا الاجتماع بالخرطوم وعلاقتهم الدنيئة بهذه القناة المشبوهة والأجندة التي تتبناها !
.
رابعاً : إذا كان تصرف الجزيرة تصرفاً صحيحاً ، فأين ميكروفونات باقي القنوات الإخبارية ؟ أم أن الجزيرة اشترت حقوق نقل وبث مباحثات سد النهضة حصرياً لإذاعتها على القنوات الرياضية ضمن بطولة كأس الكونفدرالية ؟! هل هذه عقول تحمل فكراً سياسياً ودبلوماسياً تُناطح به سامح شكري ؟!
.
ما جاء في سطور هذا المقال اكتشفه الوزير المصري سامح شكري في ثواني معدودة ، واتخذ القرار الدبلوماسي الفوري الصحيح ، ولو أنه كان باحثاً عن الـ Show أو الظهور البطولي لفعلها في لقاءات عديدة وكثيرة سابقة على هذا الحدث ، لكن لم يفعلها ، ولن يفعلها في القادم إذا كانت توافق المعايير المتعارف عليها للتغطيات الصحفية والإعلامية ، وما فعله بالأمس بميكروفون قناة الجزيرة كان سيفعله لو أن ذلك الميكروفون يتبع أي قناة إعلامية أخرى خالفت المعايير ، فقط ربما أمسك به وقام بإعطائه لأحد المساعدين ، لكنه وضع ميكروفون الجزيرة في مكانه الطبيعي اللائق به ... تحت حذاءه .
-------------------------------
By: Dr. Mohammed Farouq