Mohammed Haffz
...........................·
عن تسريبات وزارة الخارجية المصرية
=====================
معلهش استحملوني شوية ، هو مقال طويل شوية بس لازم تقروه لحد الآخر لأهميته استمعت من شوية لتسريب عدة مكالمات بين السيد سامح شكري ؛ وزير الخارجية المصري وبين الرئيس السيسي ، في عدة مناسبات وعدة توقيتات ، وعدة أماكن ( داخل وخارج مصر) وعن عدة مواقف وقضايا
خلونا نتفق في البداية إن التسريب حقيقي ومش مفبرك..يعني لا هنقول دا شغل برامج محاكاة الأصوات ولا هنجادل ولا هنشكك من أصله بس عايزين هنا نتكلم في كام نقطة ونسأل كام سؤال :
.
• أولا: كيف تم التسجيل ؟
من الواضح ان التسجيل تم لسامح شكري مش للسيسي ، وإن التجسس ما كانش عن طريق برنامج تجسس أو سوفت وير بيستغل تكنولوجيا الموبايل ، وإلا كنا سمعنا صوت الطرف التاني (اللي هو الرئيس السيسي) في المحادثات ، بما يعني ان التسجيل تم عن طريق مايك أو شئ من هذا القبيل اتزرع في ملابس الوزير سامح شكري ، الشي ده ممكن يكون زرار أو دبوس كرافت أو قلم على سبيل المثال
.
• ثانيا: مين الشخص اللي قام بالتسجيل ؟
واضح انه شخص مقرب جدا من الوزير سامح شكري ، بدليل انه بيسافر معاه في أي مكان بيزوره خارج مصر ( النمسا- نيويورك ) ، وقد يكون هو أحد مساعديه ، أو الشخص المعني بتجهيز ملابس الوزير سامح شكري ، ولو اني معرفش في الحقيقة هل هناك شخص معني وموظف خصيصا لهذا الغرض أم لا ؟ لكن الأكيد انه شخص من الدائرة الضيقة اللصيقة بالوزير سامح شكري وده بيضيق دائرة البحث في المشتبه فيهم لأقصى درجة ، وغالبا في الوقت اللي حضرتك بتقرا فيه الكلام ده ، يكون الجاسوس ده خلاص اتجاب وبيتحقق معاه عشان نعرف مين اللي وراه ( بس طبعا مش هنعرف) .
.
• ثالثا: مين هي الجهة اللي ورا التسجيلات ؟
من المؤكد انها جهة مخابراتية خارجية استطاعت تجنيد شخص ما في الدائرة الضيقة المحيطة بالوزير ، وغالبا هتكون المخابرات التركية أو ربما المخابرات البريطانية ، لأن التسريب خرج من الجهة دي مباشرة لقناة مكملين اللي بتعمل تحت رعاية وإشراف مباشر من المخابرات التركية وبتمويل كامل منها ، وطبعا التسجيلات دي جرى تمريرها على الفور للأخت الكبرى لقناة مقملين ألا وهي الجزيرة القطرية ، وإلا لكنا شاهدنا هذه التسريبات على عدة قنوات إعلامية أخرى كقناة الحرة الأمريكية و غيرها من القنوات الفضائية الأجنبية والعربية
.
• رابعا: هل هناك اختراق وثغرة أمنية ؟
بالتأكيد نعم هناك ثغرة أمنية قد حدثت ، ولكن في هذا الصدد – وبدون التهوين أو التهويل من خطورة هذا الاختراق - يجب أن نتذكر اننا بنلاعب حوالي خمسة أجهزة مخابرات أجنبية معادية على الأقل وفي وقت واحد ، ومن الطبيعي في معركة زي دي انه تحصل ثغرة هنا أو هناك تحقق نجاحا وقتيا لأحد هذه الأجهزة ، لكن حرب التسجيلات في الوقت المعاصر أصبحت من أبسط وأسهل الأشياء في المجال المخابراتي عموما ، وخصوصا مع توافر تكنولوجيا التجسس والتصنت بشكل كبير حتى في أيدي العامة من الناس ، وهنا أنا عايز أفكركم بكام واقعة كده في التاريخ القريب جدا ، منها مثلا
- أن القادة الأوروبيين ومنهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسو هولاند أشتكوا وبشكل علني ان المخابرات المريكية بتتصنت على مكالماتهم الشخصية ، وقد اعترفت امريكا بذلك ، بل انها زادت وقالت انها تصنتت على ما يقرب من 2 مليااااار مكالمة في أوروبا وحدها .
- في واقعة الجاسوس ريجيني ، لما السلطات الإيطالية طلبت من مصر انها تحصل على تفريغ لجميع مكالمات سكان حي الدقي بأكمله في خلال الساعتين السابقتين لاختفاء ريجيني ، وطبعا المخابرات الإيطالية مش ممكن تطلب طلب زي ده إلا لو كانت متأكدة من إمكانية تحقيقه عن طريق شركات الاتصالات العاملة في مصر ، وبصرف النظر عن رفض مصر لهذا الطلب الغير قانوني ، لكن بيتبقى ان ده شئ كان في الامكان تحقيقه وبسهولة لو مصر وافقت .
- تسريبات ويكليكس بما حوته من آلاف الرسائل الاليكترونية للخارجية الأمريكية ، وتسريبات سنودن ، ومؤخرا تسريبات بنما التي احتوت على ما يزيد عن ربع مليون رسالة إليكترونية من مختلف أجهزة الدولة الأمريكية ( خارجية – بنتاجون – كونجرس – بيت أبيض) كل تلك التسريبات تأتي في اطار ما يعرف بحروب التجسس التي أصبحت اللعبة السهلة والمفضلة للأجهزة الاستخباراتية في العالم كله .
- وأخيرا ما اذاعته واشنطن عدة مرات من وجود تجسس اليكتروني روسي على الانتخابات الرئاسية الأمريكية ، بل انهم وصلوا لحد القول أن الروس استطاعوا تدخلوا في تغيير نتائج تلك الانتخابات.
- كل تلك الأحداث والوقائع أصبحت بتؤكد إنه ومع توافر الوسائل التكنولوجية الحديثة لم يعد موضوع التسجيلات ده بيدل على عنترية وقوة وعبقرية الجهة اللي قامت بالتسجيل ولا على هشاشة و ضعف بنية الجهة اللي اتسجل لها
.
نيجي بقى لتحليل محتويات تلك التسجيلات ودلالتها
• أولا: التسجيلات لم تأت بجديد ، وأغلب ما جاء بها يعرفه أي متابع مبتدئ للسياسة الخارجية .. مين فينا ما يعرفش انه جرت وساطة كويتية لرأب الصدع بين مصر والسعودية ؟ مين فينا ما يعرفش ان بيان مجلس التعاون الخليجي جرت عليه مجادلات وتفاهمات كتيرة بين الدول أعضاء المجلس ؟ ومين ماعيرفش وانه كان فيه دول خليجية كانت مع مصر ودول أخرى كانت مع قطر ؟ مين ما يعرفش كواليس دعوة مصر لاجتماع لوزان بشأن سوريا ؟، وفي الموضوع الأخير ده ، كلنا سمعنا إزاي الوزير سامح شكري وبيتكلم عن عدم رغبته في حضور المؤتمر استجابة لدعوة طهران لمصر لحضور المؤتمر " حتى لا تزداد هوة الخلاف مع الأشقاء في المملكة" على حد تعبيره..بما يعني حرص مصر على العلاقة مع السعودية وعدم رغبتها في زيادة الفجوة بين البلدين الشقيقين .. حتى تعبير الوزير سامح شكري الراقي" الأشقاء في المملكة" هو نفس التعبير اللي مصر بتقوله دايما في بياناتها الرسمية العلنية ، والفكرة هنا في المصداقية بين الظاهر و الخفي و المبادىء الواحدة الثابتة ، أي أن مصر مواقفها ثابتة ، و إن سرها كعلنها ، فكل ما تم اذاعته وتسريبه هو نفس مواقف مصر الثابتة والمعلنة ودا إن دل على شي فيدل على اننا دولة محترمة في السر قبل العلن ، بيديرها ناس محترمة لا بيخونوا ولا بيتأمروا على أخوتهم وأشقاءهم في العروبة .
.
• ثانيا: أهم ما خرجنا منه في موضوع التسجيلات ان اللي مصر بتقوله في العلن في سياستها الخارجية ، هو نفسه اللي بتقوله في الغرف المغلقة بلا أي تجميل أو تزييف.
.
• ثالثا : دلت تلك التسجيلات على كيفية وطريقة صنع القرار في دولة 30 يونية ، وانها طريقة احترافية مؤسسية رائعة ، وزير الخارجية بيعرض ما يعرف بتقرير الموقف على رئيس الدولة ، ورئيس الدولة بيسمع منه وبيتناقش معاه وبياخدوا ويردوا في الكلام مع بعض للوصول لرؤية سليمة تخدم مصالح الدولة المصرية . ولك أن تتخيل عزيزي القارئ انه بعد كل تنطيط القرود اللي عملوه ، وبعد كل شغل القص واللزق الفاشل اللي منتجوه يخلوك هما نفسهم تتأكد وتسمع وتشوف بنفسك هذا المستوى الراقي النبيل للديبلوماسية المصرية
.
• رابعا: أظهرت تلك التسجيلات مهارة واحترافية الوزير سامح شكري وإلمامه بكل الجوانب الديبلوماسية والاستراتيجية ، لدرجة ان الحيوان اللي اسمه محمد ناصر العميل الأجير لدى المخابرات التركية لم يملك سوى الاشادة بيه وبحنكته كرجل ديبلوماسي محترف .
.
• خامسا: بالنسبة للعبيط البائس محمد ناصر اللي ماكانش عارف يقول إيه ويحلل محتوى التسجيلات إزاي ، وكان بيحاول بغباء انه يوظف التسريبات دي وبأي شكل بحيث تخدم توجهه وتوجه الضابط التركي اللي مشغله ، فمرة يقول ان ده صراع أجنحة داخل مؤسسات الحكم ، ومرة يقول إن ده دليل على هشاشة مؤسسات الدولة المصرية ، وأخيرا لما أفلس تماما وأعيته الحيل تجلت عبقريته اللوذعية لما قال: إزاي سامح شكري ما يعرضش الكلام ده في الأول على رئيس الوزراء شريف اسماعيل قبل ما يعرضه مباشرة على رئيس الدولة ؟ مع إن أي طفل في الشارع عارف ان وزارة الخارجية هي من الوزرات السيادية اللي بتخضع لرئيس الجمهورية مباشرة ، وإن كون شريف اسماعيل هو رئيس الوزراء والرئيس المباشر لوزير الخارجية فهذا موضوع شكلي بروتوكولي وظيفي بليس إلا ، فلا رئيس الوزراء يقدر يراجع سامح شكري أو يناقشه في قرارات وبيانات وزارته الديبلوماسية الفنية البحتة ، ولا هو يقدر حتى يقيله من منصبه بشكل فعلي.. يعني الهرتلة الساذجة بتاعة عبيط القرية محمد ناصر بتدل على غباءه وإفلاسه هو واللي مشغلينه.
.
الخلاصة :
• موضوع التسجيلات والتسريبات ده خلاص عفى عليه الزمن وبقى موضة قديمة ولعبة ساذجة بتلعبها أجهزة المخابرات المبتدئة أو الفاشلة والمفلسة ( مع ضرورة التنبيه على وجود ثغرة أمنية يجب اكتشافها وعلاجها) .
.
• التسجيلات دي جت في صالح مصر عموما، وفي صالح الوزير سامح شكري خصوصا ، لدرجة ان بعض المحللين ذهبوا للقول ان صاحب المصلحة الأكبر في تسريب تلك التسجيلات هو سامح شكري نفسه ، وإن اللي سرب التسجيلات دي هو جهاز المخابرات المصري ولا أحد غيره :
.
دمتم بؤساء تعساء يا يتامى البنا :
وإلى اللقاء في جولات وتسريبات أخرى