هل يرشح السيسى نفسه لفترة ثانية ؟

Mohsen Hamed

........................

هل يرشح السيسى نفسه لفترة ثانية ؟

===================

فيما اعتبرته صحيفة «الحياة» اللندنية، فتحاً واسعاً للباب أمام ترشيحه لولاية رئاسية ثانية، فى الانتخابات التى سوف تجرى لهذا الغرض فى منتصف العام المقبل، وفى إجابته على سؤال وجهه له «بريث بايرن»، كبير مذيعى «فوكس نيوز»، فى سياق الحوار الذى أجراه معه فى ختام زيارته إلى واشنطن، حول رأيه فى اختلاف الأمريكيين بين الذين يقفون بشكل كامل وراء مصر فى مواجهة التطرف، وبين الذين ينظرون إلى الحكم فيها باعتباره حكماً ديكتاتورياً، قال الرئيس عبدالفتاح السيسى إن الاختلاف بين البشر أمر طبيعى، وإنه لم يبق أمامه فى السلطة سوى 14 شهراً وينتهى الأمر، لأن فترة رئاسته - طبقاً للدستور - هى أربع سنوات، ولو قبل الشعب فسوف يعطيه فرصة ثانية، ولكنه - الشعب - لن يقبل بفرصة ثالثة لأنه تغير.. تغيراً حقيقياً ولن يقبل برئيس ضد إرادته، ولم يعد فى مصر وجود إلا للقانون والدستور والانتخابات.

ومع أن ظاهر العبارات، التى قالها الرئيس السيسى، لا يعنى بالضرورة، المعنى الذى استنتجته منها «الحياة»، إلا أن ذلك لا ينفى أن الاحتمال الذى أشارت إليه وارد، بل لعله - فى ضوء الظروف الراهنة التى تحيط بالبلاد - هو الاحتمال الأرجح.. وسواء كان الأمر كذلك أو لم يكن، فقد آن الأوان لكى تأخذ الانتخابات الرئاسية الوشيكة من الاهتمام العام، مساحة أوسع مما تأخذه الآن، ليس فقط لأن المدة الحقيقية التى تفصلنا عنها قد أصبحت قصيرة، ولا تتجاوز عملياً ثمانية أشهر، ربما لا تكفى لإنهاء المهام المعقدة التى تفرض على كل الأطراف ذات الصلة بها، من المرشحين والناخبين إلى الأحزاب والقوى السياسية، أن تبدأ فى جولات مجهدة من المشاورات والحوارات، إذا أرادت أن تهيئ مناخاً سياسياً ملائماً لإجراء هذه الانتخابات، على نحو يسفر عن نتيجة تعكس توافقاً وطنياً، حول رؤية مشتركة لمهام الفترة الرئاسية الثانية بعد ثورة يونيو.. ولكنه - كذلك - لأن كل الشواهد تدل على أن جناحاً من القوى المناوئة للثورة، والمتعاطفة مع الجماعات الدينية المتشددة والإرهابية، التى قاطعت الانتخابات الرئاسية السابقة، بسبب عدم اعترافها بثورة يونيو، وإصرارها - المضحك - على أن د. محمد مرسى لايزال رئيساً شرعياً للبلاد، يتحاور فيما بينه، يتحاور مع بعض أطراف ما يسمى «التحالف الوطنى لدعم الشرعية»، حول الموقف الذى تتخذه من الانتخابات الرئاسية الوشيكة، وتطرح فكرة الدفع بمرشح يمثلها لكى يخوضها، أو السماح لأعضائها والمتعاطفين معها بمنحه أصواتهم.

ولابد من التسليم بأن الرئيس السيسى، لايزال يحتفظ بالكتلة الرئيسية من مؤيديه، الذين منحوه أصواتهم فى انتخابات الرئاسة الأولى، تقديراً للدور الشجاع الذى أداه فى دعم ثورة 30 يونيو، وأنه قد حقق الكثير من الآمال التى كان يعلقها الشعب عليه، خاصة على صعيد إعادة الاستقرار والتصدى للإرهاب، لكن ذلك لا ينفى أن الظروف الدولية والإقليمية والمحلية غير البريئة وغير الملائمة التى أحاطت به، فضلاً عن الظروف التى اضطرت إلى المخاطرة بشعبيته، باتخاذ قرارات صعبة وشجاعة - خاصة على الصعيد الاقتصادى - لمواجهة ما تراكم من مشكلات ورثها عن أسلافه، وترهل ونقص كفاءة الإدارة التى يعتمد عليها، قد أحبطت كثيراً من الآمال التى كان الشعب - ولايزال - يعلقها عليه، خاصة ما يتصل منها بالتدهور المخيف والمتسارع فى مستوى معيشة الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل.. وساهم فى تكثيف هذا الشعور بالإحباط، أن المشروعات الكبرى، التى قاده الطموح للبدء فى تنفيذها، بينما يعانى الاقتصاد المصرى من حالة من الركود، لايزال أمامها بعض الوقت لكى تطرح ثمارها، ومع أن الأمل فى أن تشهد الشهور القليلة الباقية على الانتخابات، بعضاً من هذه الثمار، قد تساهم فى تخفيف الأثقال التى تنوء بحملها هذه الطبقات، إلا أن هذا - فى تقديرى - لا يكفى.

ما يتوجب على الكثيرين الذين أتوقع أنهم سوف يدعون الرئيس السيسى لأن يعيد ترشيح نفسه فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، أن يضعوا فى اعتبارهم، وما يتوجب هو نفسه أن يضعه فى اعتباره، هو أن الظروف التى أدت إلى فوزه فى الانتخابات السابقة قد تغيرت، لأن الناخبين الذين منحوه أصواتهم تقديراً للدور التاريخى الشجاع، الذى قام به حين ساند ثورتهم للتخلص من سرطان كان يوشك أن يتمكن من قلب وعقل الوطن، وثقة فى شخصه، واحتراماً للدور الذى لعبته المؤسسة التى ينتمى إليها فى تحرير الوطن، قبلوا آنذاك - لهذه الأسباب - أن يمنحوه أصواتهم من دون أن يتقدم لهم ببرنامج أو رؤية، ربما تقديراً منهم بأن من واجبهم أن يمنحوه الفرصة لكى يستكمل دراسة المشاكل التى يعانون منها، ويختار معاونيه، ويضع معهم الخطط الكفيلة بالتغلب عليها، أما وقد انتهت هذه المرحلة، التى وصفها هو نفسه بأنها قد كشفت له عن حقائق مذهلة، لم يكن يتصورها، وبدأ بالفعل تنفيذ بعض خطوات الإصلاح المهمة، فقد جاء الوقت لكى يتقدم لهم ببرنامج واضح لرئيس سوف يكون عليه فى الفترة الثانية من رئاسته، أن يرتفع بالأعمدة الرئيسية لبناء دولة مدنية ديمقراطية عصرية .. صلاح عيسي