Shaban Mubarak
*****************
في قوم عاد عبرة لمَن يعتبر !!!
الله عز وجل ضرب مثلاً للأمم الطاغية ، المتجبرة ، المستكبرة ، التي تنتهك الأعراض ، وتنهب الثروات ، وتظلم العباد ، وتقتل ، وتسفك الدماء .
فعن قوم عاد قال تعالى :
﴿ لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾
تفوق في شتى المجالات ، قال :
﴿وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ .. تفوّق وغطرسة .
﴿ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ﴾ .. تفوق عمراني مذهل .
﴿ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ﴾ .. وصناعي .
﴿وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ﴾ .. وعسكري .
﴿ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ﴾
وعلمي ، تفوق عمراني ، وصناعي ، وعسكري ، وعلمي ، وغطرسة ، بل تفوق في شتى الميادين .
ثم :
﴿ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴾
لم يطغوا في بلدهم ، بل في البلاد في شتى البلاد .
﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾
لعاد ، ولمن كانت على شاكلة عاد ، كيف أهلكهم الله ؟
﴿ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ *سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَة﴾
ما أهلك الله قوماً إلا وذكرهم أنه أهلك من هم أشد منهم قوة إلا عاداً حينما أهلكها قال :
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾
ما كان فوق عاد إلا الله ، ومع ذلك أهلكها الله ، وفي هذا إشارة لطيفة حينما قال الله عز وجل :
﴿ وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى﴾
إشارة لطيفة إلى أن هناك عاداً ثانية ، والعالم يعاني منها ما يعاني ، وصفات عاد الثانية تنطبق على صفات عاد الأولى .
إذاً : الأمم الطاغية لها أجل ، لذلك أية أمة قوية جداً تبني أمنها على إخافة الشعوب ، وتبني قوتها على إضعاف الشعوب ، وتبني غناها على إفقار الشعوب ، هذه الأمة القوية ، نجاح خططها على لا يتناقض مع عدل الله فحسب ، بل مع وجوده ، لأن :
﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ﴾
.
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ : كلمةٌ تدعو إلى التفاؤل :
لذلك أيها الإخوة ، هذا يدعو إلى التفاؤل ، هذا يبعدنا عن الشعور بالإحباط ، والشعور بالقهر ، والشعور باليأس ، والقهر ، واليأس ، والقهر ، والإحباط ليست من صفات المؤمنين .
أين هم الرومان ؟ أين هم المغول ؟ أين هم اليونان ؟ وأين هو المعسكر الشرقي ؟ والقطب الواحد ؟
لذلك حينما تفهم على الله حكمته من الشدائد تنقلب الشدائد إلى رغائب ، و تعتقد اعتقاداً جازماً أن كل شيء يفعله الله لخير ، أنت لا يستقيم إيمانك حينما تتوهم أن الله لا يعلم ما يجري في الأرض .
﴿ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا﴾
ينزل صاروخ ، معقول ورقة يعلمها وصاروخ لا يعلمه ؟! مستحيل ، وأنت لا يستقيم إيمانك حينما تتوهم أن الله لا يقدر أن يردع الطغاة ، كن فيكون ، الأمر بيد الله عز وجل .
﴿ إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً﴾
لكن الله يمهل ولا يهمل .
(د/راتب النابلسي).