منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط >

منتديات سيفن ستارز
عزيزى الزائر نتمنى ان تكون فى تمام الصحة والعافية نتمنا ان تسجل معنا وانشاء الله تفيدنا وتستفيد منا المدير العام لمنتديات سيفن ستارز
كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط >

منتديات سيفن ستارز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
ارجو من الساده الاعضاء القدامى تعديل بيانتهم الشخصية
ياجماعة انصحكم بالدخول على المنتدى بالمتصفع العملاق Mozilla Firefox
مشاركتك بالموضوعات تعنى أنك قرأت قانون المنتدى ، وأنك تتحمل المسئولية الأدبية والقانونية عن نشر هذا الموضوع او الردود
تتقدم منتديات سيفن ستارز بأحر التهانى القلبية للأخت رونى المحامية المشرفة على المنتدى القانونى وذلك بمناسبة الزواج السعيد نسأل الله لها التوفيق فى حياتها وألف مليون مبروك لها ولزوجها الأستاذ /حسين إبراهيم حسين وعقبال البكارى وحياة سعيدة ملؤها التراحم والمحبة والقرب من الله
على السادة الأعضاء الإلتزام بالأقسام النوعية للمنتدى عند تقديم مساهماتهم حيث يكون كل موضوع داخل القسم الخاص به حتى يعطى الشكل المطلوب مع سهولة الوصول إليه لكل متصفح .فالموضوعات الخاصة بالمرأة داخل منتدى المرأة .والموضوعات التى تتحدث عن الإسلام توضع فى المنتدى الإسلامى   ...وهكذا ..ونشكر لكم حسن العمل .كما نشكركم على الأداء الممتاز داخل المنتديات..كما نحذر من الخوض أو التطرق لما يمس الغير أو التهجم أو إذدراء الأديان أو الخوض فى موضوعات سياسيه..المنتديات  أصلاً ..منشأة لتبنى وجهة النظر الأجتماعيه والإسلاميه لأهل السنة والجماعة دون التقليل من الغير بل الإحترام المتبادل..وللجميع ودون تميز بجنس أو نوع أو دين أو لون وشكراً لكم جميعاً...
إدارة المنتديات...سيفن ستارز.

 

 كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط Empty
مُساهمةموضوع: كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط   كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط I_icon_minitimeالإثنين يونيو 17, 2013 5:06 am




كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط 1335443705617

وحيد عبد المجيد يروى ويحلل كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط
الإثنين، 17 يونيو 2013
المصدر/اليوم السابع


كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط S1201215194332
تقوم "اليوم السابع بنشر فصول من كتاب" أزمة دستور 2012.. توثيق وتحليل، والتى يقدم فيها د. وحيد عبد المجيد شهادة من داخل الجمعية التأسيسية، ويكشف فيها أسرار الجمعية وتفاصيل التشكيل والخلافات والمناقشات، وصولا إلى انسحاب القوى المدنية، وما تلاها.

الدكتور وحيد يقدم فى كتابه، شهادته بوصفه مشاركا فى هذه الجمعية، حتى الخطوات الأخيرة، ويقدم شهادة حية تزدحم بالتفاصيل.

والكتاب من خمسة فصول بالإضافة إلى ملاحق وقوائم التأسيسية الأولى والثانية، ويتضمن الفصل الأول أزمة تشكيل الجمعية التأسيسية، بينما الفصل الثانى عن "مرحلة التعلق بالأمل فى التوافق"، ثم الثالث "خطة خطف الدستور تبدد الأمل"، والرابع عن " الانسحاب من جمعية فقدت صفتها التأسيسية"، ويختتم بفصل " كشف المستور عن أوزار الدستور"، بالإضافة الى الملاحق.

ويبدأ الدكتور وحيد عبد المجيد مقدمة عن القضية كلها يرجع فيها السبب فى الأزمة إلى تعديلات مارس 2011، وأخطاء المجلس العسكرى وأزمة الجمعية الأولى ويرى أنه عندما بدأت الشعوب فى التحرر من طغيان الاستبداد، الذى أخذ أشكالا مختلفة منذ أن انتظمت حياة البشر فى مجتمعات مستقرة، ظهرت الحاجة إلى نوع من التعاقد يحدد الحقوق والواجبات. فلا مجال لمثل هذا التعاقد إلا فى وجود طرفين يرغبان فى تنظيم العلاقة بينهما. ولم يحدث ذلك إلا فى مطلع العصر الحديث، بعد أن ظل البشر على مدى تاريخهم المكتوب وما قبله خاضعين لسطوة من يملك السلطة أو يستولى عليها اعتماداً على القوة بأدواتها المختلفة.

فطوال هذا التاريخ، كان صاحب السلطة آمراً ناهياً. وكانت الشعوب خاضعة لهذه السلطة فى معظم الأوقات، ومقاومة لطغيانها فى بعض الأحيان. وفى كل الأحوال، لم يكن للشعوب حول ولا قوة ولا دور فى اختيار من يحكمها أو محاسبته أو تغييره إلا على سبيل الاستثناء.

ولذلك لم يكن متصوراً وجود أى نوع من التعاقد الذى بدأت مقوماته فى الظهور حين شرعت الشعوب فى التحرر وأخذت تتطلع إلى الدستور الذى يضمن حقوقها ويحدد واجباتها وينظم العلاقة بينها وبين السلطة، ثم بين الفئات المكونة لهذه الشعوب.

وكثيرة هى النظريات التى تفسر التطور التاريخى منذ أن استقر البشر فى مجتمعات وصارت هناك حاجة إلى سلطة تنظم أوضاعهم، وكيفية حدوث التحول من تحكم تلك السلطة فى حياة الناس بشكل مطلق إلى مشاركتهم فى إدارة شئون هذه الحياة. ولكن المهم هو أن هذا التحول غيَّر المعادلة التى هيمن فيها طرف واحد (السلطة) على الطرف الآخر (الشعب).

فصار هناك طرفان لابد من تنظيم العلاقة بينهما فى صورة تعاقد يُطلق عليه دستور يرتضيه الشعب بمختلف مكوناته وفئاته واتجاهاته.

فالدستور هو نوع من التعاقد الذى ينَّظم العلاقة بين أى طرفين على مستويات مختلفة فى كل مجتمع، فهو عقد، مثله مثل أى نوع من التعاقد الثنائى أو الجماعى بين أشخاص أو شركات أو مؤسسات، أو بين شخص طبيعى وشخص اعتبارى أو أكثر. ولكنه هو العقد الأكبر للمجتمع كله.

وإذا كانت العقود الصغيرة تقوم على الاتفاق والرضا المتبادل، أى التوافق بين طرفى كل منها أو أطرافها، فما بالنا بالعقد الأكبر. وإذا كانت عقود قصيرة المدى محددة بعام أو عامين تتطلب اتفاقاً ورضا متبادلا، أى توافقاً، فما بالنا بالعقد الذى ينَّظم الحياة فى مجتمع كامل لفترة غير محددة تمتد لعقود من الزمن.

ورغم أن شعوباً فى جنوب العالم لا تزال تحلم بدساتير تقوم على مثل هذا التوافق، وأخرى تجاوزت مرحلة الحلم إلى النضال من أجل تحقيقه فى مواجهة سلطات مستبدة، فقد بدا أن الشعب المصرى اقترب من تحقيق حلمه فى دستور توافقى يعبر عن مختلف مكوناته ويضمن حقوقه وحرياته بعد ثورة 25 يناير.

غير أن التخبط الذى حدث منذ إعلان تعطيل العمل بدستور 1971 وتشكيل لجنة لتعديل بضع مواد فيه يوم 13 فبراير 2011 حال دون تحقق هذا الحلم. فالآلية التى اعتُمدت عبر استفتاء 19 مارس 2011، الذى خُلطت فيه أوراق ما كان لها أن توجد فى سياق واحد أصلاً، جعلت الدستور قضية صراع حاد وليس موضوعاً لتوافق جاد.

فقد أدت هذه الآلية، التى أتاحت تحكم الأغلبية فى أول مجلس نيابى منتخب بعد الثورة فى عملية صنع الدستور، إلى أزمة كبرى لم تنته بفرض هذه الأغلبية إرادتها وإصدار دستور لا يحظى بتوافق وطنى ولا يعبر عن كثير من مكونات المجتمع الأساسية.

وحدث ذلك نتيجة اقتران ثلاثة معطيات: أولها ارتباك المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى آلت إليه إدارة شئون البلاد بعد إسقاط الرئيس السابق حسنى مبارك فى 11 فبراير 2011. وثانيها مصالح جماعة "الإخوان المسلمين" التى اعتبرت السلطة هدفاً وحيداً لها وسعت إلى الانفراد بها. وثالثها أوهام السلفية السياسية التى ظهرت بعيد الثورة واعتقادها فى أن الدستور يعتبر وثيقة عقائدية وليس عقداً اجتماعياً وعدم إدراكها أن قضية الشريعة التى شغلت المجتمع بها تتعلق بالتشريع القانونى وليس الدستورى.

وهكذا، فبين منتصف فبراير 2011 وآخر ديسمبر 2012، أُدخلت مصر فى صراع رهيب على الدستور فى الوقت الذى كان شعبها فى حاجة إلى تعاون كبير لمعالجة التركة الثقيلة المتراكمة عبر عقود واستثمار الطاقة العظيمة التى انفجرت فى أيام الثورة الثمانية عشر لبناء وطن ديمقراطى عادل يتسع لكل أبنائه ويبدأ طريقه إلى التقدم الذى يستحقه.

فقد أفضى التخبط الذى حدث فى الأيام التالية لتخلى مبارك عن السلطة إلى مسار مأساوى بدأ بإصدار "المجلس الأعلى للقوات المسلحة" صباح 13 فبراير 2011، أى بعد أقل من 48 ساعة على توليه السلطة الفعلية، إعلانا دستوريا عطل فيه العمل بدستور 1971، وقراراً بتشكيل لجنة لإجراء تعديلات فى عدد من مواد هذا الدستور أو بالأحرى إعادة تشكيل اللجنة التى كان الرئيس السابق حسنى مبارك قد كلفها بهذه المهمة عشية تخليه عن السلطة.

وأدى ذلك إلى احتدام الصراع ونشوب معارك سياسية عدة على مسألة الدستور كانت المعركة الأولى حول الجدول الزمنى لمرحلة الانتقال وموقع هذا الدستور فيها، وهى المعركة التى تُعرف باسم "الدستور أم الانتخابات أولاً". وقد عجلت هذه المعركة بظهور الاستقطاب السياسى – الاجتماعى الحاد بعد أن ظل كثير من ظواهره الأكثر حدة محجوزاً ومكبوتاً بفعل القوة الأمنية الباطشة على مدى عقود.

فكان هذا الاستقطاب قد أنتج طاقة سلبية هائلة تحت السطح... ولذلك لم يكن فى إمكان الطاقة الإيجابية الرائعة التى فجَّرتها ثورة 25 يناير فى ميدان التحرير، وكثير من ميادين مصر وشوارعها على مدى 18 يوماً أن تعالج آثار تلك الطاقة السلبية التى تراكمت على مدى أكثر من ثلاثة عقود.

ودقت تلك المعركة ناقوس الخطر ونبَّهت إلى مغبة المسار الذى يبدأ بمثلها، ودفعت من رأوا فى هذا المسار نذير شؤم إلى اقتراح إجراء تعديل أوسع فى دستور 1971 يركز على الباب الخاص بنظام الحكم ومد العمل به لفترة محدودة يُعاد فيها بناء البلاد. وقد كنتُ واحداً ممن عبروا عن هذا الاتجاه.

ولكن "المجلس الأعلى للقوات المسلحة" لم يسمع ناقوس الخطر ومضى فى المسار الخطأ، وحسم معركة "الدستور أولا أم الانتخابات أولاً" وتبنى جدولاً زمنيا يجعل الدستور تاليا للانتخابات البرلمانية بل مرتبطا بنتائجها. ولذلك بدأت على الفور معركة دستورية فجَّرتها مخاوف من هيمنة الأغلبية على عملية وضع مشروع الدستور. فقد وضع الإعلان الدستورى الذى أصدره "المجلس الأعلى للقوات المسلحة" فى 30 مارس 2011، دون التزام كامل بما تم الاستفتاء عليه، هذه العملية بين يدى مجلسى الشعب والشورى عقب انتخابهما، وربطها بالتالى بالأغلبية فى هذين المجلسين.

ولذلك سعى القلقون من هذه الآلية إلى وضع مبادئ دستورية أساسية تلتزم بها الجمعية التأسيسية المنتخبة من مجلسى الشعب والشورى. وشهدت الفترة من أبريل إلى يونيو2011 إصدار أكثر من عشر وثائق تتضمن هذه المبادئ كما رآها واضعو كلا منها. وكان الاتجاه الغالب فى هذه الوثائق هو أن تكون المبادئ المتضمنة فيها ملزمة لواضعى مشروع الدستور. فباستثناء وثيقة الأزهر ووثيقة "التحالف الديمقراطى من أجل مصر" اللتين تضمنتا مبادئ اعتُبرت استرشادية، انطلقت الوثائق الأخرى كلها من أن هذه المبادئ لابد أن تكون ملزمة.

وأفضت هذه المعركة إلى أخرى عقب تشكيل حكومة د. عصام شرف الثانية فى يوليو2011، حيث تبنى نائب رئيس الوزراء لشئون التحول الديمقراطى فيها د. على السلمى فكرة جمع مشتركات تلك الوثائق كلها فى وثيقة واحدة وإجراء حوار سعيا إلى التوافق عليها. ودارت رحى هذه المعركة بين السلمى وأنصار "المبادئ الحاكمة للدستور" ومؤيدى وضع معايير مسبقة لتشكيل الجمعية التأسيسية من ناحية، ورافضى هذا التوجه وفى مقدمتهم أحزاب وقوى الإسلام السياسى وبعض الأحزاب الليبرالية والوسطية والشخصيات المستقلة التى أخطأت حين وضعت خطر الحكم العسكرى الذى أساء إدارة المرحلة الانتقالية فوق خطر هيمنة تيار واحد باتجاهاته المتعددة على عملية وضع مشروع الدستور. ولم يتبين لمن قللوا خطر هيمنة هذا التيار خطأ موقفهم فى الوقت المناسب لأنهم ركزوا فى تلك الفترة على خطر الحكم العسكرى وحده. وهذا هو ما أدركه كثير منهم بعد ذلك. واعتذر بعضهم للشعب عنه، ومن بينهم كاتب السطور.

وكان ضروريا أن تتواصل معارك الدستور بعد انتخابات مجلسى الشعب والشورى نتيجة غياب معايير محددة لتشكيل الجمعية التأسيسية تضمن تعبيرها عن مختلف الاتجاهات السياسية والفئات الاجتماعية. وفى غياب مثل هذه المعايير، انفردت جماعة "الإخوان" باختيار أعضاء جمعية تأسيسية تم "انتخابهم"، من خلال اتفاقها مع حزب النور، فى الاجتماع المشترك لمجلسى الشعب والشورى فى 24 مارس 2011. ولكنها لم تصمد أكثر من 16 يوما فقط، حيث جرى حلها قبل أن تبدأ عملها فعلياً، وشهدت الفترة بين قرار محكمة القضاء الإدارى الذى قضى بوقف عمل تلك الجمعية فى 10 أبريل 2011 وإعلان تشكيل الجمعية الثانية فى 12 يونيو من العام نفسه حوارا ممتداً ومفاوضات مكثفة سعيا إلى نوع من التوافق فى أجواء يسودها انقسام واستقطاب حادان.

ورغم أن تشكيل الجمعية الثانية جاء أفضل بدرجة ما مقارنة بسابقتها، فقد ظلت فيها عيوب كبيرة أهمها عدم التوازن بين الاتجاهات السياسية وغياب معايير واضحة لتمثيل الفئات الاجتماعية المختلفة. ولذلك ظلت المعركة حول تشكيلها مستمرة فى الوقت الذى بدأت فى وضع مشروع الدستور على أساس تفاهم بين "الإخوان" وممثلى القوى الديمقراطية فى هذه الجمعية على أن يكون عملها توافقياً. وأخذ هذا التفاهم صورة التزام وتعهد من جانب "الإخوان" بعدم تمرير أية مادة تتعلق بالقضايا الخلافية الجوهرية بدون توافق، وعدم اللجوء إلى التصويت إلا فى المسائل التفصيلية.

ولكن ما أن اطمأن "الإخوان" إلى أن السلطة أصبحت بين أيديهم، بعد أن أبعد الرئيس محمد مرسى "المجلس الأعلى للقوات المسلحة" من المشهد السياسى عبر الإعلان الذى أصدره فى 12 أغسطس 2012، حتى اعتبروا الدستور ركناً أساسياً فى مشروع الهيمنة والتمكين الذى وجدوا أن الطريق بات مفتوحاً إليه.

وعندئذ، ومنذ أوائل سبتمبر 2012، بدأ تراجع "الإخوان" التدريجى بطريقة ناعمة عن تعهدهم بدستور توافقى يُنتج أزمة أخذت فى التفاقم يوماً بعد يوم على نحو دفع ممثلى القوى الديمقراطية والمستقلين الذين تطلعوا إلى دستور يليق بمصر إلى الانسحاب من الجمعية التأسيسية، ومعهم أغلبية كبيرة فى اللجنة الفنية الاستشارية المحايدة رفضوا أن يكونوا شهوداً على إصدار مشروع دستور ليس له من اسمه نصيب.

فالدستور، فى عصرنا هذا، لا يكون دستوراً إلا إذا حظى بتوافق وطنى من خلال تعبيره عن مختلف مكونات المجتمع وضمان حقوقها وحرياتها وتنظيم العلاقة بين سلطات الدولة على أساس ديمقراطى.

ورغم أن مصر ليست وحيدة فى عالمنا الراهن من حيث افتقاد دستور بهذا المعنى، حيث لا تزال الشعوب تناضل من أجل دساتير تعبر عن إرادتها فى أكثر من ثلث الدول التى يجمع بينها التخلف والاستبداد، فهى فريدة فى إصدار دستور اعترفت السلطة التى أصرت على تمريره – قبل إصداره - بأنه يحتاج إلى تعديل وأنها ستبادر إلى طلب إجراء هذا التعديل فيه ولكن بعد أن يصدر! فلم يحدث فى تاريخ العالم الدستورى أن دعا رئيس دولة إلى الاستفتاء على مشروع دستور رغم إعلانه هو ونائبه – فى الوقت نفسه - أنه يحتاج إلى تعديل.

غير أن هذا الاعتراف ليس هو الدليل الوحيد على استمرار أزمة دستور 2012 بعد فرضه عن طريق استفتاء لم تتوفر له ضمانات الحرية والنزاهة الكافية، سواء لخلط موضوعه دون أساس بقضية أخرى تماما تلمس أوتارا حساسة لدى قطاع واسع من المصريين وهى قضية الاستقرار، أو للمخالفات الواسعة التى حدثت خلال عملية الاقتراع ورصدتها منظمات المجتمع المدنى فى ظل مقاطعة عدد كبير من القضاة الإشراف عليه.

وهذا فضلا عن أن دستوراً يصدر بعد ثورة عظيمة لا يصح تمريره إلا بمشاركة نصف الناخبين المقيدين على الأقل، وبنسبة لا تقل عن ثلثى الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم. فلا يصح إصدار دستور عبر استفتاء يشارك فيه 20 فى المائة فقط ممن يحق لهم الاقتراع، حتى بافتراض أن هذه النسبة صحيحة فى ضوء المخالفات التى تم رصدها. وحتى فى ظل هذه المشاركة الضئيلة لا يتوفر دليل على أن من قالوا نعم فى الاستفتاء يعرفون تفاصيل المشروع الذى استُفتوا عليه. فلم يتسن للأغلبية الساحقة الإطلاع على هذا المشروع بسبب إجراء الاستفتاء بعد ثلاثة أسابيع فقط على إعداده ونتيجة خلط موضوعه بقضية الاستقرار دون سند. فإذا كانت ثمة علاقة بين مسألتى الدستور والاستقرار، فهى لا تكون طردية إلا إذ كان هذا الدستور توافقياً ومعبراً عن مختلف مكونات المجتمع، وإلا صارت عكسية فى الأغلب الأعم.

ولذلك كله، ولأن الوقائع الأساسية للصراع الحاد على هذا الدستور حدثت داخل الجمعية التأسيسية التى لم يتابع المصريون تفاصيل ما دار فيها، وجدتُ أن واجبى وقد كنت عضواً فى هذه الجمعية ومشاركاً أساسياً فيما حدث داخلها وفيما سبقها من تفاعلات، أن أقدم شهادتى موثقة للشعب وللتاريخ محاولاً الفصل بين الأحداث التى حرصتُ على روايتها كما حدثت بشخوصها ومحتواها من ناحية والتحليل الذى ينطوى على رأيى ورؤيتى من ناحية ثانية.
فالتحليل، كما كتبتُ وقلتُ من قبل، هو ملك لصاحبه ويتأثر برأيه ورؤيته ونظرته إلى الأحداث فيتفق معه من يتفق ويختلف معه من يختلف. ولكن التوثيق ملك للتاريخ ويعتبر نوعاً من التأريخ الذى ينبغى أن يكون محايداً وبعيداً عن رأى من يقوم به ورؤيته.

ولذلك أدعو كل من قد تكون لديه ملاحظات على الأحداث التى أروى وقائعها هنا، وخصوصاً من شاركوا فيها، أن يزودنى بها لإثباتها فى الطبعة الثانية. فقد يكون للحدث الواحد أكثر من جانب أووجه، وليس فقط أكثر من زاوية للرؤية. وقد يفوت على المشارك فيه أحد جوانبه أو يغفل بعض أجزائه، وجل من لا يسهو.

ويبدأ وحيد عبد المجيد فى لفصل الثالث روايته عن"خطة خطف الدستور تبدد الأمل" ويقول إنه مع نهاية الشهر الثانى للجمعية التأسيسية، كان القلق قد بدأ يزداد لدى عدد من ممثلى القوى الوطنية الديمقراطية فيها. وكانت إجازة عيد الفطر (18 – 21 أغسطس 2012) فرصة استثمرتُها فى مراجعة المشهد داخل الجمعية من مختلف جوانبه. وكانت نتيجة هذه المراجعة هى أن ممثلى السلفيين استنزفونا فى مواجهة محاولات إضفاء صبغة دينية مباشرة على الدولة لا يعرفها الإسلام بل تخالف أصوله التى نؤمن بها وأن ما أنجزناه على صعيد بعض الحقوق والحريات السياسية والمدنية لا يزال مكتوباً بقلم رصاص يسهل محوه، وأننا لم نُحرز أى تقدم باتجاه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى حد قد يجعل الدستور الجديد خالياً من أى ضمانات تحول دون العصف بها.

ولذلك طرحتُ على عدد من ممثلى "الإخوان" والسلفيين فكرة عقد جلسات توافقية على هامش أعمال الجمعية بهدف التوصل إلى حلول للقضايا الخلافية الأكثر أهمية والأشد حساسية، فى إطار ما سبق الاتفاق عليه وهو الالتزام المتبادل بعدم حسم المواد المتعلقة بالقضايا الأكثر إثارة للخلاف عبر التصويت.


وتوصلنا بالفعل إلى اتفاق على أن يكون المشاركون فى هذه الجلسات محدودى العدد حتى تتاح فرصة لحوار جاد، وأن يكونوا ممثلين للأطراف الأساسية فى الجمعية وهى القوى الديمقراطية و"الإخوان" والسلفيين والأزهر والكنائس.

وكان أهم ما فى هذا الاتفاق إعادة تأكيد ما سبق أن التزمنا به جميعاً عند تشكيل الجمعية التأسيسية وبدء عملها، وهو التعهد المتبادل بالسعى إلى التوافق على القضايا الأكثر أهمية وحساسية فى ثلاثة مجالات رئيسية هى الحقوق والحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والعلاقة بين الدين والدولة، ونظام الحكم.

كما تم الاتفاق، بناء على إلحاح من ممثلى "الإخوان" والسلفيين، على أن نبدأ بقضية العلاقة بين الدين والدولة والتى كانت موضع اهتمامهم الرئيسى. وكان هذا هو أول خطأ جوهرى ارتكبناه. فقد غلَّبنا حسن النية إلى حد أننا لم نتصور احتمال أن نتعرض لخداع أو غدر بعد التوافق على هذه القضية. وهو ما حدث بالفعل عندما لجأ السلفيون و"الإخوان" إلى المراوغة والتهرب من استحقاق التوافق على قضايا الحقوق والحريات ونظام الحكم بعد أن توصلنا إلى توافق مبدئى غير مكتمل على العناصر الأساسية لقضية العلاقة بين الدين والدولة، رغم الاتفاق الصريح على أن التوافق يكون على جميع القضايا أولا يكون.

أولاً: البحث عن فرصة للتوافق:

كان الاجتماع الأول للتوافق المبتغى يوم الثلاثاء 28 أغسطس فى إحدى قاعات مجلس الشورى، حيث عُقدت الاجتماعات التالية أيضاً، بحضورى وثلاثة آخرين من ممثلى القوى الديمقراطية هم السيد عمرو موسى ود. السيد البدوى ود. أيمن نور، واثنين من الإخوان هما د. فريد إسماعيل ود. أحمد دياب، واثنين من السلفيين هما د. يونس مخيون ود. محمد سعد، بالإضافة إلى المهندس أبو العلا ماضى ود. محمد محسوب اللذين قاما بدور "الميَّسر" للحوار قبل أن يتبين انحيازهما إلى "الإخوان" والسلفيين. ولم يحضر أحد من الأزهر هذا الاجتماع الذى تم الإعداد له قبل موعده بساعات، بينما حضر المستشار إدوارد غالب ممثلاً للكنيسة.

وكان الحضور جميعهم من أعضاء الجمعية فيما عدا د. السيد البدوى الذى شارك فى هذه الاجتماعات كلها باستثناء اثنين منها فقط.

وتركز النقاش فى ذلك الاجتماع، الذى كان بطابعه استكشافيا، على إيجاد بديل لفكرة مرجعية الأزهر فى تفسير الشريعة الإسلامية، والتى كان هناك خلاف عليها كما سبق إيضاحه فى الفصل السابق. واقترح محمد سعد الأزهرى إضافة مادة تنص على أنه (لا يجوز سن تشريعات مخالفة للشريعة الإسلامية). وقوبل هذا الاقتراح بمعارضة من جانبى وكل من السيد عمرو موسى ود. السيد البدوى والمستشار إدوارد غالب، ولذلك حاول مقدم الاقتراح تجميله بإضافة (والحقوق والحريات المنصوص عليها فى هذا الدستور) بحيث تكون المادة المقترحة كالتالى: (لا يجوز سن تشريعات مخالفة للشريعة الإسلامية وللحقوق والحريات المنصوص عليها فى هذا الدستور).

وكانت هذه بداية اللجوء إلى أسلوب المساومة أو الصفقة الذى يمكن قبوله اضطراراً فى بعض الخلافات التى لا سبيل آخر لحلها، ولكنه لا يصح أن يكون قاعدة عامة أو منهجا لصناعة دستور يُفترض أنه يعبر عن مختلف فئات المجتمع. ولقيت هذه الصيغة دعما من جانب المهندس أبوالعلا ماضى، ود. محمد محسوب اللذين حاولا الضغط علينا لقبولها. ولكن الأمر كان فى حاجة إلى نقاش أوسع وأكثر استفاضة فى اجتماع تال لم ينعقد إلا بعد ما يقرب من شهر كامل، وإن كانت الفترة بين هذين الاجتماعين شهدت نقاشات ثنائية وثلاثية سعياً إلى إيجاد صيغة ملائمة لما أراده السلفيون وهو الحصول على مقابل للإبقاء على المادة الثانية كما هى (مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر للتشريع).

ورغم أن اجتماع 28 أغسطس كان مغلقاً تماما، ولم يأخذ الإعلام علماً به، فقد نُشر فى بعض المواقع الأليكترونية أن هناك اتجاهاً لإضافة مادة تنص على عدم سن تشريعات تخالف الشريعة الإسلامية، بينما نُشر فى مواقع وصحف أخرى ما يفيد أن الاتجاه هو إلى أن تنص المادة المضافة على مرجعية الأزهر، ولذلك أصدرتُ تصريحاً رسمياً باسم الجمعية يوم 4 سبتمبر 2012 نفيت فيه ما تردد حول إضافة مادة تنص على عدم إصدار تشريعات مخالفة للشريعة، أو على مرجعية الأزهر بشأن هذه الشريعة.

ونظراً لأن الوضع كان صعباً بالنسبة إلى ممثلى القوى الديمقراطية بسبب قلة عددهم من الأصل، فضلاً عن غياب خمسة منهم أعلنوا رفضهم المشاركة منذ البداية، فقد شعرنا بأهمية انضمامهم إلينا. وكانت هناك اتصالات جارية من جانب بعض ممثلى "الإخوان"، وتحديداً د. محمد البلتاجى، مع بعضهم لإقناعهم بالحضور ضمن جهود العلاقات العامة التى استهدفت تحسين صورة الجمعية. غير أنه لم يكن سامح عاشور بين من اتصل بهم البلتاجى. ولذلك وجدتُ ضرورة فى الاتصال به لأنه أحد أكثر الغائبين من ممثلى القوى الديمقراطية قدرة على الحوار وامتلاكاً للروح النضالية اللازمة فى معركة كانت ضراوتها تزداد يوما بعد آخر. ولذلك ناقشتُ هذا الموضوع مع د. أيمن نور الذى قام بالاتصال به والاتفاق معه على أن نلتقى ثلاثتنا على الغذاء فى نادى السيارات ظهر يوم 4 سبتمبر 2012. وقد تحدثتُ معه باستفاضة ونقلتُ إليه صورة ما يحدث فى الجمعية وأوضحتُ له مدى حاجتنا إلى وجوده، على أن يقترن حضوره بتوقيع ممثلى القوى الديمقراطية وثيقة تلزمنا بالانسحاب الجماعى فى حالة عدم قدرتنا على التوصل إلى مشروع دستور يحقق تطلعات شعبنا ويحمى حقوقه وحرياته، فوعد بأن يفكر. ولكنه ثبت فى النهاية على موقفه.
 


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط Empty
مُساهمةموضوع: رد: كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط   كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط I_icon_minitimeالإثنين يونيو 17, 2013 5:25 am




د. وحيد عبد المجيد يواصل فى الجزء الثانى كشف تفاصيل "طبخة الدستور" فى كتابه "أزمة دستور 2012".. أسرار محاولات الإخوان للإفلات من الالتزام بالتوافق داخل "التأسيسية"

ذكرنا فى الحلقة الأولى من كتاب الدكتور وحيد عبدالمجيد تناوله لمفهوم الدستور وتطوره التاريخى وكيف تبلورت فكرة كونه تعاقدا بين الحاكم والمحكوم عندما نزعت الشعوب إلى التحرر من الاستبداد، وتناول عبدالمجيد مشكلات وضع الدستور المصرى بعد ثورة يناير حيث اعتبر أن ما سماه بالتخبط الذى حدث منذ إعلان تعطيل العمل بدستور 1971 وتشكيل لجنة لتعديل بعض مواد فيه يوم 13 فبراير 2011 حال دون تحقق الحلم المصرى بوضع دستور توافقى يلبى آمال المصريين وطموحاتهم، لافتا إلى أن الآلية التى اعتُمدت عبر استفتاء 19 مارس 2011 خُلطت فيه أوراق ما كان لها أن توجد فى سياق واحد أصلاً، الأمر الذى جعل الدستور قضية صراع حاد وليس موضوعاً لتوافق جاد.

وأكد عبدالمجيد أن هذه الآلية أتاحت تحكم الأغلبية فى أول مجلس نيابى منتخب بعد الثورة فى عملية صنع الدستور، وهو ما أدى إلى أزمة كبرى لم تنته بفرض هذه الأغلبية إرادتها وإصدار دستور لا يحظى بتوافق وطنى ولا يعبر عن كثير من مكونات المجتمع الأساسية.
واليوم تنشر «اليوم السابع» الحلقة الثانية من كتاب «أزمة دستور 2012.. توثيق وتحليل.. شهادة من داخل الجمعية التأسيسية»، حيث يقول د.وحيد عبدالمجيد:
فى الوقت الذى بدا أن «الإخوان» يفضلون الاكتفاء بإجراء نقاشات ضيقة ثنائية وثلاثية حول ما يسعى إليه السلفيون فى مقابل عدم المساس بـ«مبادئ الشريعة الإسلامية»، شعرتُ أن هذه محاولة للإفلات من التوافق الذى تعهدوا به، واتفقتُ مع عدد من زملائى على التصميم على عقد اجتماع يضم الأطراف الأساسية فى الجمعية فى إطار ما سبق الاتفاق عليه بشأن التوافق على القضايا الخلافية الأساسية. ولذلك كان ضروريا أن تلتقى الشخصيات الرئيسية فى القوى الديمقراطية لمناقشة الموضوع فيما بينهم قبل الاجتماع مع الأطراف الأخرى. وعُقد هذا اللقاء بالفعل فى مجلس الشورى يوم 10 سبتمبر 2012، وشاركتُ فيه مع السيد عمرو موسى ود. منار الشوربجى والمهندس أبوالعلا ماضى الذى كان محسوبا فى ذلك الوقت على القوى الديمقراطية. وحضر قبيل نهايته كل من د. أيمن نور والمهندس محمد عبدالمنعم الصاوى. كما شارك فى الاجتماع المستشار منصف نجيب سليمان عن الكنيسة.

وفى غياب ممثل للأزهر، توليتُ الاتصال خلال ذلك الاجتماع بالمستشار محمد عبدالسلام عضو الجمعية ومستشار الإمام الأكبر لوضعه فى صورة ما نناقشه. وكان الموضوع الأساسى فى النقاش هو بحث الصيغة التى تحافظ على مدنية الدولة فى ظل إصرار السلفيين، ومن ورائهم «الإخوان» بشكل غير مباشر، على بقاء النص على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع» كما هو يستلزم إضافة مادة تنص على أن يكون الأزهر هو المرجعية فى تفسير هذه المبادئ أو على عدم إصدار تشريعات مخالفة للشريعة فى مجملها وليس فقط لمبادئها.

وكان موقفنا قد استقر على رفض فكرة عدم إصدار تشريعات مخالفة للشريعة، التى طُرحت بديلاً عن مرجعية الأزهر التى سبق أن اعترضنا عليها. كما أن رفض مشيخة الأزهر بدورها أن تكون هى أو هيئة كبار العلماء مرجعية سواء نهائية أو أساسية عزز موقفنا الذى حذر من أن هذه المرجعية تؤسس ليس فقط لدولة دينية، بل لدولة ولاية الفقيه المرفوضة فى الإسلام السنى والمتعارضة مع أحد أهم أصوله وهو أنه لا عصمة لأى فقيه.

ولذلك دار النقاش حول فكرة الإشارة إلى دور استشارى للأزهر ضمن المادة المقترحة التى تنص على ضمان استقلاله، فلم يكن هناك خلاف على أهمية النص واستقلال الأزهر لحمايته من تدخل السلطة فى شؤونه واستخدامه لترويج بعض سياساتها باسم الدين أو تحت لافتته، كما حدث منذ ستينيات القرن الماضى، وكان الأزهر راغباً فى وجود مادة تؤكد استقلاله وتحَّصن شيخه ضد العزل، ولكن كان هناك خلاف على موضع هذه المادة، وهل تكون فى الباب الأول ضمن مقومات الدولة أم فى الباب الخاص بالهيئات المستقلة، غير أن رغبة الأزهر فى أن تكون ضمن مقومات الدولة لقيت احتراماً من مختلف الأطراف.

ورأى معظم ممثلى القوى الديمقراطية أنه ما دامت هناك مادة عامة بشأن الأزهر، فليكن حل المشكلة التى أثارها السلفيون ضمن هذه المادة ولكن بصيغة بعيدة تماما عن فكرة المرجعية ومعبرة عن فكرة الاستشارة.

وكان النص المقترح لمادة الأزهر فى مجملها هو «الأزهر الشريف هيئة مستقلة جامعة، يختص دون غيره بالقيام على كل شؤونه، ويتولى نشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم، وتكفل الدولة الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه. وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، ويحدد القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء».

وقد علمنا خلال الاجتماع، عندما اتصلت بالمستشار محمد عبدالسلام، أن الأزهر يرى أن يكون رأى هيئة كبار العلماء هو الفيصل عند الاختلاف فى الأمور المتعلقة بالشريعة الإسلامية، ولكن هذه الصيغة قد لا تختلف نوعيا عن فكرة المرجعية لأنها تعطى الأزهر القول الفصل فى النهاية، وقد أبلغتُه بذلك، فأوضح أن المقصود هو اللجوء إلى الأزهر عند حدوث اختلاف فى التفسير فقط وليس فى كل وقت، وأن اعتبار رأيه فاصلاً فى هذه الحالة أمرا منطقيا لضرورة الفصل بين المختلفين. ولكننا وجدنا فى هذه الصيغة ما قد يفتح بابا لوضع الأزهر فوق مؤسسات الدولة، وإن بدرجة أقل مقارنة بالصيغة التى تجعله المرجعية سواء النهائية أو الأساسية.

ولذلك كان الاتجاه الغالب فى الاجتماع هو أن يكون دور الأزهر استشارياً، وأن تكون الصيغة المعبرة عن هذا الدور واضحة لا لبس فيها. وطُرحت على سبيل التجريب صيغة مفادها أن تكون هيئة كبار العلماء فى الأزهر هى الجهة الاستشارية المعتمدة للدولة فى الأمور المتعلقة بالشريعة الإسلامية.


كما رأى السيد عمرو موسى ضرورة اتخاذ موقف تجاه مسألة الزج بآلية الشورى فى نظام الحكم، وما يؤدى إليه ذلك من إرباك لا مبرر له، وكان السلفيون فى اللجنة الخاصة بمقومات الدولة والمجتمع قد زجوا هذه الكلمة فى المقترحات المتعلقة بالمادة الأولى التى تحدد نظام الحكم فى الدولة، حيث كان المقترح الرئيسى فى ذلك الوقت هو أن «جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطى يقوم على مبادئ الشورى والتعددية والمواطنة التى تسوى بين كل المواطنين فى الحقوق والواجبات».

وتباينت آراء المجتمعين بين من رأى أنه لا مشكلة فى ذلك ولا ضرر، لأن النص المُقترح يجعل الديمقراطية هى الأصل ويضع الشورى ضمن الفروع، ومن ذهب إلى أنه لا مبرر لإقحام الشورى فى هذا السياق وطالب بالتمسك باستبعادها، ومن طرح حلا وسطا مؤداه إبقاء الشورى ضمن المبادئ التى يقوم عليها النظام الديمقراطى مع تأخير موضعها فى هذه المبادئ لتأتى بعد التعددية والمواطنة وليس قبلهما.

وبينما لم يتم التوصل إلى صيغة نهائية لكل من دور الأزهر فى الأمور المتعلقة بالشريعة الإسلامية ووضع الشورى ضمن المبادئ التى يقوم عليها النظام الديمقراطى، انتهى الاجتماع إلى اتفاق على أنه لا مجال بأى حال لمقترحات من نوع إحلال السيادة لله محل السيادة للشعب، وإنشاء مؤسسة للزكاة.

ورغم أن مقدمى هذه الاقتراحات من السلفيين لم يصروا عليها، فإنهم لم يسحبوها فى الوقت نفسه. فقد أخذوا يوجهون رسائل متباينة أو ملتبسة، ولذلك كان قد مضى الوقت، دون حسم أمور طال نقاشها، مثيراً للقلق رغم نجاحنا فى التصدى لمحاولات تعديل المادة الثانية وإحداث تغيير جذرى فى طبيعة العلاقة بين الدين والدولة. غير أن هذا القلق اشتد عندما أخذ تكتيك السلفيين، ومن ورائهم «الإخوان»، بشأن الحقوق والحريات فى الانكشاف. فقد بدأنا نتبين من أن مرونتهم النسبية التى أبدوها فى اللجنة النوعية الخاصة بالحقوق والواجبات والحريات العامة لم تكن إلا تكتيكاً يقوم على إعطاء صورة إيجابية للجمعية فى بداية عملها حين كانت مهددة بدعاوى قضائية وبوضع سياسى غير واضح، على أساس أن فى إمكانهم مراجعة ما لا يروق لهم من المقترحات التى تم تمريرها فى تلك اللجنة، وأن هذه المراجعة يمكن أن تحدث فى أى وقت مادامت الجمعية كلها تحت سيطرتهم. وهذا ما بدأ يحدث بعد نجاح الرئيس محمد مرسى فى إبعاد «المجلس الأعلى للقوات المسلحة» والانفراد بالسلطتين التنفيذية والتشريعية من خلال الإعلان الذى أصدره فى 12 أغسطس.

ثانيا: جرس إنذار.. وبداية الصدام

وهكذا بدا لى ولبعض من يشاركوننى الحلم بدستور توافقى معقول أن هذا الحلم يبتعد. ولذلك كان لابد من دق جرس إنذار واتخاذ موقف للتنبيه والتحذير وتوجيه رسالة واضحة وقوية إلى «الإخوان» والسلفيين كما إلى المجتمع والرأى العام وكل من يعنيه الأمر. وقد وجهتُ هذه الرسالة بالفعل من خلال مقابلة أجرتها معى صحيفة «الشروق» ونشرتها فى عددها الصادر يوم 17 سبتمبر. ومن أهم ما قلتُه فى هذه المقابلة إنه «إذا لم يحدث توافق حول مواد حرية الصحافة والرأى والفكر والإبداع فى الجمعية، سيتخذ ممثلو القوى الديمقراطية خطوات تصعيدية قد تنتهى بالانسحاب الجماعى» وأن «مشكلة مواد الدين والدولة تكمن فى موقف ممثلى قوى الإسلام السياسى، فكلما حاولنا ضبط مادة من المواد التى يقترحونها بما يتلاءم مع أصول الإسلام الوسطى الذى نعرفه فى مصر، نجدهم يحاولون تمريرها بصياغة مختلفة من باب آخر، وهذا أصبح أمراً غير محتمل».

كما أعدتُ تأكيد أن محاولة جعل الأزهر هو المرجعية فى كل ما يتعلق بالشريعة الإسلامية تمثل خطراً داهما، وقلت نصاً: «إن الإسلام السنى الواسع النطاق لا يعرف مرجعية محددة بخلاف الحال فى الإسلام الشيعى الذى له مرجع واحد يؤخذ منه ولا يُرد عليه، إضافة إلى أن الأزهر سيتحول إلى غنيمة وساحة للصراع، لأنه سيصبح سلطة دينية حاكمة، بعد أن كان منارة لمصر وللعالم الإسلامى كله، وسيحاول البعض تحقيق مكاسب سياسية من خلاله، مما سيفقده قيمته الدينية».

وكانت هذه هى المرة الأولى التى يخرج فيها الصراع المكتوم داخل الجمعية إلى العلن، فقد أحدثت تلك المقابلة أصداء واسعة، خصوصاً أن الصحيفة جعلتها عنواناً للمانشيت الرئيسى فى صفحتها الأولى وهو: «الدكتور وحيد عبدالمجيد لـ«الشروق»: «إصرار المتشددين على أفكارهم سيدفع الليبراليين إلى الانسحاب من التأسيسية».

وفى مساء اليوم الذى نُشرت فيه هذه المقابلة، كنت ضيفاً على محمود سعد فى قناة «النهار» مع الصديق المناضل الحقوقى والمرشح الرئاسى السابق خالد على، الذى وجه نقداً شديداً لكثير من المواد المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية فى مشروع باب الحقوق والواجبات والحريات العامة، الذى كان هو الباب الوحيد الذى وُضع مشروعه المبدئى على موقع الجمعية التأسيسية الإلكترونى، حتى ذلك الوقت، مما أتاح للمعنيين الاطلاع عليه، وكان طبيعيا أن أوافقه فى الرأى، وأن أزيد على انتقاداته وأُضيف إليها بعض ما حدث داخل الجمعية، وأُوضح أن «الإخوان» يقفون بقوة ضد أية محاولة لتوفير ضمانات حقيقية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لأنهم باتوا يتعاملون مع الدستور باعتبارهم أصحاب السلطة، ويفترضون أنهم باقون فيها طويلاً، ولذلك لا يريدون تحميل «سلطتهم» أية التزامات اجتماعية جديدة فى الوقت الذى تتجه هذه السلطة إلى إلغاء الدعم لكثير من السلع والخدمات الأساسية، وزيادة الضرائب على غيرها.

وفيما بين ظهور المقابلة الصحفية منشورة فى صباح 17 سبتمبر، وبث المقابلة التليفزيونية على الهواء فى قناة النهار مساء اليوم نفسه، عُقد ظهراً اجتماع هيئة المكتب الذى بدأ بملاحظة أبداها المستشار حسام الغريانى بشأن ما سماه الحملة الإعلامية ضد الجمعية، والتى قال فيها، إن واجبنا هو التصدى لها وليس دعمها، وكان واضحاً أن الرسالة موجهة إلى شخصى، ولكنه آثر أن تكون غير مباشرة، وقد لاحظتُ أنه طُلب منه أن يثير هذا الموضوع، ولم يكن خفياً أنه لا يدير الجمعية من واقع رؤيته وتقديره للأمور، إذ كان ممثلو «الإخوان» يتدخلون ليس فقط فى كثير من التفاصيل بل فى تحديد الخط العام أيضا.

ورغم أنه لم يقصّر فى أداء مهمة انتقادى بشكل غير مباشر عبر الحديث عن ضرورة مواجهة الحملة الإعلامية ضد الجمعية وليس المشاركة فيها، فقد تدخل محمد البلتاجى كاشفاً مدى غضب «الإخوان» بسبب حرصى على الشفافية عند الحديث عما يحدث فى داخل الجمعية وحديثى عن الخلافات والمشاكل فيها، وكان صريحاً إلى حد أنه لم يجد عيباً فى أن يقول لى، إن مهمة المتحدث باسم الجمعية هى تسويقها والترويج لها وإبراز إيجابياتها، فقاطعته معترضاً على تحويل «المتحدث الرسمى» إلى «مُبرر» أو «مُزور» رسمى ومطالبته بإخفاء حقيقة ما يحدث داخل الجمعية عن الرأى العام أو خداع الناس وتقديم صورة غير واقعية لهم. وأوضحتُ أن هذه ليست هيئة نفع خاص أو شركة يجوز تسويق ما تفعله، بل جمعية تأسيسية تقوم بعمل وطنى لوضع مشروع دستور يُفترض أن يعبر عن مختلف مكونات المجتمع، وينبغى بالتالى أن تكون تحت رقابة هذا المجتمع. ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى أثارت طريقتى فى العمل كمتحدث باسم الجمعية غضب «الإخوان»، فقد سبق أن عبر د. محمود غزلان عضو الجمعية وعضو مكتب إرشاد جماعة «الإخوان» عن اعتراضه على تصريح أدليتُ به فى 30 يوليو 2012 ونشرته الصحف الصادرة صباح اليوم التالى، فقد أجبتُ على سؤال لوكالة أنباء الشرق الأوسط عن الوقت اللازم للانتهاء من مشروع الدستور قائلاً: إن الجمعية تحتاج ثلاثة أشهر على أقل تقدير لوضع مسودة أولى متكاملة قبل مناقشتها فى الجلسات العامة للجمعية،وقد برر اعتراضه على هذا التقدير الزمنى، الذى كنتُ أعتبره متفائلاً، بأنه يحبط الرأى العام الذى يتوق إلى الانتهاء من الدستور لتحقيق الاستقرار، وأغضبه أكثر اعتراضى على الربط بين إصدار الدستور، وتحقيق الاستقرار، فقد أوضحتُ له أن الاستقرار يتطلب سياسة تعيد الأمل فى تحقيق أهداف الثورة وتقوم على شراكة وطنية لأن التركة أثقل من أن يحملها أى طرف منفرداً، وأن إصدار الدستور يمكن أن يساهم فى ذلك فقط إذا جاء محتواه معبراً عن هذه الشراكة، وأن هذا يتطلب توافقاً عليه.
ولم يكن انزعاج «الإخوان» من حديثى عن أن الانتهاء من مشروع الدستور يتطلب عدة أشهر إلا لاعتقادهم فى إمكان «سلقه» بسرعة قبل أن يحل موعد الجلسة التى حددتها محكمة القضاء الإدارى لنظر الدعاوى المرفوعة ضد الجمعية فى 24 سبتمبر 2012.

غير أنه بين آخر يوليو ومنتصف سبتمبر، كانت مياها كثيرة قد جرت فى نهر الجمعية، حيث تبلورت الخلافات بصورة أكثر تحديداً ووضوحاً وأخذ قلقنا يزداد من طريقة معالجة هذه الخلافات، ولذلك كان غضب «الإخوان» بسبب ما قلتُه لصحيفة «الشروق» وفى قناة النهار أكبر وأشد بكثير، ولم يقتصر التعبير عنه على ما حدث فى اجتماع هيئة المكتب يوم 17 سبتمبر 2012، وسبقت الإشارة إليه، فقد شهدت الجلسة العامة فى اليوم التالى «18 سبتمبر 2012» هجوما شنه بعض أعضاء الجمعية ضدى بسبب ما قلتُه عن الخلافات داخل الجمعية، واختفى «الإخوان» كعادتهم فى ذلك الوقت وراء السلفيين وتركوا لبعضهم مهمة هذا الهجوم الذى بدأ عقب مغادرتى تلك الجلسة بعد منتصفها بقليل لارتباطى بموعد فى ذلك اليوم، فقد استغل بعض الأعضاء السلفيين مغادرتى الجلسة لمهاجمتى، رغم أننى حضرت ما يقرب من ساعتين قبل خروجى، دون أن يجدوا فى هذا الاغتياب ما يعيب.

والمفارقة أن هجومهم شمل اتهامى بالمبالغة فى الحديث عن الخلافات داخل الجمعية فى الوقت الذى شهدت فيه الجلسة نفسها خلافا واسعا بينهم وبين د. حسن الشافعى، مستشار شيخ الأزهر، بشأن قضية الشريعة الإسلامية. فقد شن بعضهم هجوما شديدا على الرؤية المستنيرة التى طرحها عند حديثه عن الشريعة الإسلامية، وعبروا عن موقف بالغ التشدد. وكان سلوكهم فى تلك الجلسة عصبيا. ولذلك جاء كلامهم فى الشريعة صادما إلى الحد الذى دفع ممثلى الكنائس فى الجمعية إلى تجميد مشاركتهم فى الأيام التالية، وطلب لقاء عاجل مع شيخ الأزهر.

وهكذا.. ففى الوقت نفسه الذى شنوا الهجوم فيه ضد ما قلتُه لصحيفة «الشروق» بشأن توقع انسحاب بعض أعضاء الجمعية إذا أصر المتشددون على أفكارهم، واعتبروه مختلقا وغير معبر عن واقع الحال داخل الجمعية، بدأ هذا التوقع يتحقق، أو على الأقل ظهر ما يؤكد أنه لا ينطوى على أية مبالغة أو تهويل عندما قرر ممثلو الكنائس تجميد حضورهم.

وربما يجوز اعتبار تلك الجلسة العامة نقطة تحول بشكل ما فى مسار الجمعية ليس فقط، لأنها أظهرت حجم الفجوة التى تفصل بين ممثلى السلفيين و«الإخوان» من ناحية وممثلى القوى الديمقراطية وكذلك الكنائس من ناحية ثانية، ولكن أيضا لأنها كشفت موقف رئيس الجمعية الذى بدا منحازا إلى موقف بالغ التشدد وغير معنى بالأثر السلبى لفتح الباب على مصراعيه لمن عبروا عنه، فضلا على عدم توفيقه فى الحديث عن الشريعة عندما قال إن الشعب يريد تطبيقها وإلا لانتخب «أجانب» أو «هندوسا».

واستمر ذلك التوتر فى الجمعية خلال الأيام التالية، فى الوقت الذى استجاب فيه شيخ الأزهر لطلب ممثلى الكنائس عقد لقاء عاجل معه، وحدد له يوم 24 سبتمبر 2012. كما تم الاتفاق على أن يعقد الإمام الأكبر اجتماعين آخرين فى اليوم التالى أحدهما معنا نحن ممثلى القوى الديمقراطية، والثانى مع ممثلى «الإخوان» والسلفيين.

وانعكس التوتر على اجتماع هيئة المكتب الذى عُقد يوم 23 سبتمبر عشية لقاءات شيخ الأزهر مع الأطراف الرئيسية فى الجمعية، فقد حدثت مشادة بينى ود. أيمن نور من جانب ود. محمد البلتاجى فى الجانب الآخر بسبب تحكم الأخير فى الموقع الإلكترونى للجمعية والانفراد بوضع مسودات غير مكتملة، ولم يتم الاتفاق على كل ما فيها على هذا الموقع.
فقد فوجئنا بوضع مسودة أولى لباب المقومات الأساسية للدولة والمجتمع، ومسودة جديدة لباب الحقوق والحريات العامة يوم 19 سبتمبر، فى ذروة التوتر المخيم على الجمعية، ولم تكن المشكلة إجرائية فى الأساس بل موضوعية، لأن ما وُضع على الموقع الإلكترونى للجمعية فاقم مخاوفنا بشأن قضايا الحقوق والحريات عموما، وحرية الصحافة والإعلام خصوصا.

كما فاجأنا فى تلك المسودة وجود النص الذى يجيز إنذار الصحف ووقفها وإلغائها بحكم قضائى، رغم استبعاد هذه العقوبة من قانون العقوبات عام 2006 عندما تم إلغاء المادتين اللتين كانتا تجيزان ذلك، كما فوجئنا باستبعاد المادة التى كانت تحمل رقم 12 فى المسودة السابقة، والتى بذلتُ جهدا كبيرا لتمريرها، وهى التى تنص على أنه «لا يجوز توجيه الاتهام فى جرائم النشر بغير طريق الادعاء المباشر ولا توقع عقوبة سالبة للحرية فى هذه الجرائم»، وعدم إدراج المادة التى سبق التفاهم على وضعها والتى تنص على أن «تكفل الدولة استقلال الصحف ووسائل الإعلام المملوكة لها عن كل السلطات والأحزاب، لتكون ساحة للحوار بين كل التيارات».



عدل سابقا من قبل أميرة البحر في الإثنين يونيو 17, 2013 5:29 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط Empty
مُساهمةموضوع: رد: كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط   كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط I_icon_minitimeالإثنين يونيو 17, 2013 5:27 am


وحيد عبدالمجيد يواصل فى الحلقة الثالثة كشف تفاصيل طبخة الدستور فى كتابه أزمة دستور 2 0 1 2.. نقطة التحول 24 سبتمبر.. عندما قرر الإخوان تقيد الحريات.. لم ننتبه إلى خطر سيطرتهم إلا بعد 3 أشهر
ذكرنا فى الحلقة الثانية من كتاب الدكتور وحيد عبدالمجيد «أزمة دستور 2012» ما كشفه عبدالمجيد من أن جماعة الإخوان المسلمين بدأت تحاول الإفلات من الالتزام بالتوافق حول القضايا الخلافية فى الدستور، بعكس ما كانوا اتفقوا عليه مع القوى المدنية، مما دفع عبدالمجيد لدعوة القوى الديمقراطية لاجتماع عاجل.

كما أكد عبدالمجيد فيما نشرناه أمس، اتفاق القوى الديمقراطية على رفض مادة «عدم إصدار تشريعات مخالفة للشريعة» التى طُرحت بديلاً عن مرجعية الأزهر التى سبق أن اعترضوا عليها، وأوضح عبدالمجيد أن مشيخة الأزهر رفضت أن تكون هى أو هيئة كبار العلماء مرجعية سواء نهائية أو أساسية لمراجعة القوانين، مؤكدًا أن هذا عزز موقف القوى المدنية الرافض للدولة الدينية فى الجمعية التأسيسية، كما ذكر عبدالمجيد أن الأزهر كان راغبًا فى وجود مادة تؤكد استقلاله وتحصّن شيخه ضد العزل.. كما بين عبدالمجيد فى حلقة أمس أن د. محمد البلتاجى فاجأ القوى الديمقراطية بوضع نص يجيز إنذار الصحف ووقفها بحكم قضائى مع استبعاد المادة التى تمنع توجيه الاتهام فى جرائم النشر بغير طريق الادعاء.
واليوم تنشر «اليوم السابع» الحلقة الثالثة من كتاب «أزمة دستور 2012.. توثيق وتحليل.. شهادة من داخل الجمعية التأسيسية» حيث يواصل د. وحيد عبدالمجيد كشف الكثير من خلفيات الأحداث التى شهدتها الجمعية فيقول:

تألم كل من يؤمنون بأن حرية الصحافة والإعلام هى الضمانة الرئيسية لحقوق مختلف فئات الشعب وحرياته ولمراقبة أداء السلطة وإلقاء الضوء على الانتهاكات والمخالفات والجرائم التى يسهل ارتكابها فى الظلام الذى يترتب على تقييد هذه الحرية، وهو ما عبر عنه الأستاذ صلاح عيسى فى مقالة «المصرى اليوم» فى 22 سبتمبر، بعد أن صدمته مسودة جديدة لباب الحقوق والحريات فوجئنا بها على الموقع الإلكترونى للجمعية التأسيسية فى 19 من الشهر نفسه دون أن نعرف عنها شيئا رغم أننا أعضاء فى هذه الجمعية، فقد تم حذف المادة 12 التى كانت تنص على عدم توقيع عقوبات سالبة فى جرائم النشر.

وما أن عرفتُ بوجود تلك المسودة فى حينها حتى قدمتُ مذكرة فورية إلى لجنة الصياغة يوم 17 سبتمبر من ثلاث نقاط. فقد أشرت أولاً إلى أن المسودة السابقة لباب الحقوق والحريات كانت أفضل، وخصوصاً فى المواد المتعلقة بحرية الصحافة والإعلام والتعبير، وعبرتُ- ثانيًا- عن بالغ الدهشة بسبب الإصرار على تعطيل الصحف وإلغائها بحكم قضائى، رغم أن هذه العقوبة لم تعد موجودة فى التشريع المصرى، وأنها عقوبة جماعية يؤدى تطبيقها إلى تشريد كل العاملين فى صحيفة، لأن واحداً فقط ارتكب خطأ، وأكدتُ - ثالثا - رفض استبعاد المادة 12 التى وردت فى المسودة السابقة وتضمنت النص على عدم توقيع عقوبات سالبة الحرية فى جرائم النشر، موضحا- مرة أخرى- عدم سلامة الزعم بأن فى هذا النص تمييزاً للصحفيين على غيرهم، لأنه ينطبق على كل من يعبرون عن آرائهم بمختلف وسائل العلانية.

والتقيتُ مساء اليوم التالى «18 سبتمبر» بعدد من الزملاء المعنيين بحرية الصحافة والإعلام والمناضلين من أجلها، وهم جمال فهمى، ويحيى قلاش، وخالد داوود، حيث أطلعتُهم على هذه التطورات السلبية وناشدتُهم التحرك من خلال نقابة الصحفيين ومختلف المنتديات التى يمكن أن تتبنى حملة لإنقاذ هذه الحرية من المقصلة التى كانت تُعد لها داخل الجمعية التأسيسية.

وهكذا أخذ الاتجاه إلى تقييد الحقوق والحريات فى الظهور بشكل أكثر وضوحًا فى ذلك الوقت الذى بدأ فيه ممثلو «الإخوان» فى الجمعية يرفعون الغطاء تدريجياً عن حقيقة موقفهم، بعد أن تركوا لبعض ممثلى السلفيين فى البداية التعبير عن هذا الموقف، كما بدأت العلامات الأولى لاتجاههم إلى الإسراع بإنهاء مشروع الدستور، بدون التوافق الذى تعهدوا به قبل أن تبدأ الجمعية عملها، فى الظهور على استحياء أولاً.

ولذلك كان اجتماع هيئة المكتب يوم 24 سبتمبر 2012 نقطة تحول من حيث إنه شهد بداية التعبير عن اتجاه «الإخوان» إلى فرض قيود على الحقوق والحريات بخلاف ما وعدوا به من قبل، وسعيهم إلى الإسراع بالانتهاء من المشروع، وهو ما أُطلق عليه إعلامياً بعد أسابيع قليلة على هذا الاجتماع «سلق» الدستور.

لقد بدأ هذا الاجتماع متوتراً بسبب الأجواء السلبية التى ترتبت على ما جرى فى الجلسة العامة السابقة عليه التى عُقدت فى 18 سبتمبر وتجميد ممثلى الكنائس مشاركتهم واتصالهم بشيخ الأزهر الذى كانوا قد ذهبوا للقائه فى صباح اليوم الذى عُقد فيه اجتماع هيئة المكتب المشار إليه، فضلا عن إعلان الزميلة منال الطيبى عضو الجمعية استقالتها فى اليوم نفسه.
فقد بدأتُ بإثارة موضوع إعلان مسودة جديدة لباب الحقوق والحريات، ومسودة أولى لباب الدولة والمجتمع، ووضعهما على الموقع الإلكترونى للجمعية بدون إبلاغ هيئة المكتب. وأوضح د. عمرو دراج الأمين العام للجمعية أنه تلقى المسودتين من لجنة الصياغة فأحالهما إلى د. محمد البلتاجى الذى كان قد «استولى» على الموقع الإلكترونى للجمعية لمجرد أن لجنة الاقتراحات والاتصالات المجتمعية التى تولى رئاستها كانت تتلقى مقترحات من المواطنين عبره. ولم ننتبه إلى خطر سيطرة «الإخوان» على الموقع الإلكترونى إلا فى ذلك الوقت وبعد أكثر من ثلاثة أشهر تعاملنا فيها بحسن نية وربما بسذاجة أيضاً.

وعندئذ احتد النقاش، وعبر د. أيمن نور عن غضبه وحدثت مشادة بينه وبين محمد البلتاجى تدخلتُ فيها موجهاً نقداً شديداً للأخير، وسعى رئيس الجمعية د. حسام الغريانى إلى تهدئة الأجواء التى كانت قد تعكرت ولم يعد ممكناً تنقيتها بعد أن أخذت النوايا الحقيقية لممثلى «الإخوان» فى الظهور.

وازداد النقاش حدة عندما عبر البلتاجى عن ضرورة الإسراع والبدء فى عرض المسودات التى توضع على الجلسات العامة للجمعية للانتهاء منها، متجاهلا التعهدات و«الأيمان المغَّلظة» التى قطعها «الإخوان» على أنفسهم مؤكدين التزامهم بتحقيق توافق على القضايا الخلافية قبل الوصول إلى هذه المرحلة.

ولأن ذلك الاجتماع كان كاشفاً لاتجاه «الإخوان» بشأن تقييد الحقوق والحريات أيضا، فقد وزع خلاله د. عمرو دراج صورا للمذكرة التى قدمها إلى لجنة الصياغة مقترحاً أحد أسوأ ما تضمنه مشروع الدستور فى صيغته النهائية بعد أكثر من شهرين على ذلك الاجتماع وهو إلغاء الضمانة الأساسية للمساواة بين المواطنين، وهى النص على عدم التمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو الدين أو العقيدة. فقد تضمنت مذكرته إلغاء هذه الأسباب الأربعة التى لم يخل منها أى دستور مصرى منذ عام 1923 بحيث يقتصر النص على: «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة».

كما اقترح حذف جملة «وانتهاك حقوق النساء والأطفال» من المادة 29 فى مسودة الباب الخاص بالحقوق والحريات، وجملة «وتكفل للمرأة الرعاية الصحية والاجتماعية والاقتصادية وحق الإرث» من المادة 36 بدعوى «أن ذلك تخصيص لا معنى له». ومضى فى هذا الاتجاه بطريقة لا تخلو من استخفاف بعقل كل من يعرف أن النساء والأطفال فى حاجة إلى حماية خاصة متسائلاً: «فهل معنى هذا التخصيص أن انتهاك حقوق الرجال جائز؟». ثم أفصح عن النية الحقيقية عندما قال: «أرى أن هذه الجملة بالإضافة إلى عدم لزومها سوف تفتح أبواباً كثيرة لتدخلات خارجية من واقع اتفاقات دولية لا تتناسب مع طبيعة مجتمعاتنا».

فقد استخدم بعض ممثلى «الإخوان» والسلفيين مسألة المواثيق الدولية «فزَّاعة» لتبرير قلقهم من توفير الضمانات الطبيعية فى أى مجتمع لحقوق وحريات لا قيمة للنص عليها بدون هذه الضمانات التى تحميها. ففى غياب الضمانات اللازمة لحماية أى من الحقوق والحريات يسهل العصف بها بل مصادرة أصلها. وهذا هو أحد أسوأ ما يتضمنه الدستور الذى فُرض فى النهاية بدون توافق، بعد أن بدأت المؤشرات على نقض العهود بشأن هذا التوافق فى الظهور داخل الجمعية التأسيسية منذ أوائل سبتمبر 2012.

وفى الوقت الذى كان موقفى هو الاستعداد وحشد طاقات ممثلى القوى الديمقراطية أنصار الحرية داخل الجمعية وتعبئة القوى الحية فى المجتمع لمقاومة هذا الاتجاه، اتخذت الزميلة منال الطيبى خطوة انفرادية دون تشاور معنا وقدمت استقالتها فى 24 سبتمبر، وأعلنت أن ما يحدث إنما يخدم فئة محددة ترسخ مفهوم الدولة الدينية لتستحوذ على السلطة. ورغم أن بعض ما استندت عليه فى قرار استقالتها كنا قد تمكنَّا من التصدى له واستبعاده من المسودات المطروحة فى ذلك الوقت، مثل النص على السيادة لله بدلاً من السيادة للشعب وإنشاء مؤسسة للزكاة.

ذهبتُ إلى مشيخة الأزهر ضمن وفد ممثلى القوى الديمقراطية مع السيد عمرو موسى ود. أيمن نور وكاتب السطور، بالإضافة إلى المهندس أبوالعلا ماضى الذى كان يتصرف فى ذلك الوقت باعتباره ضمن هذه القوى. وحضر اللقاء مع الإمام الأكبر اثنان من ممثلى الأزهر فى الجمعية التأسيسية وهما الشيخ حسن الشافعى والمستشار محمد عبدالسلام. وكانت الأجواء إيجابية كما هى الحال عادة فى اللقاءات التى يعقدها شيخ الأزهر، خصوصاً عندما أكد إصراره على أن يكون الدستور توافقياً وأن الأزهر لن يشارك فى وضع مشروع لا يعبر عن توافق وطنى. ولكن هذا الكلام لم يتحول إلى موقف فى اللحظة الحاسمة عندما قرر «الإخوان» فى الجمعية فرض مشروع لا يمكن اعتباره توافقيا دون أن يتخذ ممثلو الأزهر فى الجمعية الموقف الذى يعبر عما أكده الإمام الأكبر بشأن ضرورة أن يحظى الدستور بتوافق وطنى.

وأعقب لقاءنا معه اجتماعه بممثلين لـ«الإخوان» والسلفيين معاً، الأمر الذى عبر عن واقع الحال فى تلك اللحظة. فكان «الإخوان» قد بدأوا فى خلع القناع الذى ارتدوه عشية بدء عمل الجمعية عندما تعهدوا بأن يكون الدستور توافقياً بلا مغالبة.

ويبدو أن بعض ممثلى «الإخوان» والسلفيين شعروا بحرج فى أن يسلكوا طريق المغالبة بشكل سافر بعد أن حثهم شيخ الأزهر على التوافق، فاستجابوا بسرعة لاقتراح بعقد لقاء معنا مساء اليوم نفسه «25 سبتمبر» عقب الجلسة العامة.

وحضرتُ هذا اللقاء ضمن ممثلى القوى الديمقراطية وهم السيد عمرو موسى ود. السيد البدوى ود. أيمن نور ود. منار الشوربجى وأحمد ماهر «منسق حركة 6 إبريل». وحضر من «الإخوان» د. فريد إسماعيل ود. محمد البلتاجى ود. أحمد دياب، ومن السلفيين الشيخ ياسر برهامى ود. يونس مخيون ود. طلعت مرزوق ومحمد سعد الأزهرى، ومن ممثلى الكنائس المستشاران منصف نجيب سليمان وإدوارد غالب ومن الأزهر الشيخ حسن الشافعى ود. محمد عبدالسلام.

ولم يحدث أى تقدم فى هذا اللقاء الذى تركز كله على قضية الشريعة الإسلامية، حيث أصر ممثلو السلفيين بمساندة مباشرة حينا وضمنية حينا آخر عن ممثلى «الإخوان» على ضرورة إيجاد صيغة ترضيهم فى مقابل إبقاء المادة الثانية «مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع». وتجدد الجدل حول الاقتراح الخاص بعدم جواز سن تشريعات تخالف الشريعة الإسلامية والحقوق والحريات المنصوص عليها فى الدستور. ورغم أننا لم نقبل هذه الصيغة قبل شهر تقريبا فى الاجتماع «التوافقى» الوحيد الذى حدث حتى ذلك الوقت، وكان فى 28 أغسطس كما أسلفنا، فقد أُعيد طرحه.

ولذلك بدا النقاش بلا جدوى، وخصوصا عندما اعترض الشيخ برهامى على الربط بين الشريعة الإسلامية والحقوق والحريات، وطالب بأن يكون النص على عدم جواز سن تشريعات تخالف الشريعة دون غيرها، أو على الأكثر الحقوق والحريات التى لا تخالف هذه الشريعة كما يراها هو بطبيعة الحال.

غير أن النقاش حول أن يكون للأزهر دور فى تفسير الشريعة الإسلامية بدا أكثر جدوى نسبيا، رغم عدم التوصل إلى صيغة يمكن أن تزيل مخاوفنا من تحويل هذه المؤسسة العريقة إلى مرجع أعلى أو مجلس لتشخيص مصلحة النظام، ولكن على الطريقة السنية.

وربما كانت الإيجابية الوحيدة فى ذلك اللقاء هى أنه ثبَّت استبعاد النص على إنشاء مؤسسة للزكاة، وأكد إضافة نص بشأن احتكام غير المسلمين إلى مبادئ شرائعهم فى أحوالهم الشخصية وشؤونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية، ولكن فى المقابل لم يتم التوصل إلى صيغة نهائية بشأن دور الأزهر فى تفسير مبادئ الشريعة الإسلامية، فى الوقت الذى تهرب فيه ممثلو «الإخوان» والسلفيين من مناقشة أى من قضايا الحقوق والحريات التى وضعناها على جدول أعمال التوافق، وطرحنا منها فى ذلك اللقاء قضية العقوبات السالبة للحرية فى جرائم النشر وتعطيل وإغلاق الصحف، إلى جانب الاتجار بالبشر.

وقد حرصتُ من جانبى على التنبيه فى نهاية اللقاء إلى أن الوضع بات ينذر بالخطر، خصوصا فى ظل اتجاه إدارة الجمعية ممثلة فى رئيسها وأمينها العام ومن ورائهما «الإخوان» إلى «حرق المراحل» فى عملية صنع مشروع الدستور فى الوقت الذى لم يتحقق فيه تقدم باتجاه التوافق الذى سبق أن التزموا به.

وكان قلقنا من طريقة إدارة الجمعية يزداد فى تلك الفترة مع ظهور مؤشرات تفيد بارتباط رئيسها بتيار «الإخوان»، خصوصا بعد تعيينه رئيساً للمجلس القومى لحقوق الإنسان، الذى أُعيد تشكيله حينئذ بطريقة جعلته رديفا لهم.

ولذلك اتفقتُ مع السيد عمرو موسى ود. السيد البدوى قبيل نهاية ذلك اللقاء على عقد اجتماع يقتصر على ممثلى القوى الديمقراطية بعد يومين «فى 27 سبتمبر» فى مقر حزب الوفد.

فقد غادر كلاهما اللقاء قبيل نهايته، ومعهما د. أيمن نور، لعقد اجتماع مع قادة بعض القوى الديمقراطية التى رفضت تشكيل الجمعية التأسيسية فى منزل د. أحمد البرعى أمين عام حزب الدستور بحضور د. محمد البرادعى والسيد حمدين صباحى ود. على السلمى ود. زياد بهاء الدين ود. أحمد سعيد والسيد عبدالغفار شكر والأستاذة منى ذو الفقار، وكانت الدعوة إلى انسحابنا من الجمعية قد أخذت فى التصاعد فى ذلك الوقت.

واستضاف حزب الوفد بعد ظهر 27 سبتمبر اللقاء الذى كنتُ قد اتفقتُ عليه مع موسى والبدوى، وحضره د. أيمن نور وفؤاد بدراوى ود. منار الشوربجى، وشارك فيه عصام سلطان نيابة عن المهندس أبو العلا ماضى الذى بدأ فى ذلك الوقت يفك ارتباطه بالقوى الديمقراطية فى الجمعية ويلتحق بـ«الإخوان» تدريجيا، وعرضنا فى ذلك اللقاء القضايا الخلافية الأساسية التى قُمتُ بعمل حصر لها، واتفقنا على أن استمرارنا فى الجمعية مرهون بالتوافق على هذه القضايا، وفى مقدمتها الحقوق والحريات سواء السياسية أو الاقتصادية والاجتماعية.

واتفقنا فى نهاية اللقاء على عقد اجتماع مع «الإخوان» والسلفيين يتم ترتيبه خلال اليومين التاليين، على أن نعود للاجتماع مرة أخرى لإعادة تقييم الموقف، فقد كان الموقف عصيبا بالفعل إلى حد أن السيد عمرو موسى أعلن وللمرة الأولى من جانبه أثناء خروجه من مقر حزب الوفد أن «الخلافات داخل الجمعية التأسيسية تهددها بالانفجار»، وجاء هذا التصريح بعد عشرة أيام ساخنة للغاية بدأت بالمقابلة التى أجرتها «صحيفة الشروق» معى، وأعلنتُ فيها أننا يمكن أن ننسحب من الجمعية، إذا أصر المتشددون فيها على مواقفهم.

ونظرا لحاجتنا إلى مساندة القوى الديمقراطية التى رفضت المشاركة فى الجمعية أو لم يُطرح عليها التمثيل فيها نتيجة عدم التوفيق الذى حدث فى اختيار بعض الأعضاء المعبرين عن هذه القوى، كان ضروريا تنظيم عملية التواصل معها، ولذلك اتفقتُ مع الصديقين أحمد فوزى ومجدى عبدالحميد القياديين فى الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى والناشطين الحقوقيين فى الوقت نفسه على عقد لقاءات دورية مع اللجنة التى كانت قد شُكلت فى ذلك الوقت تحت اسم لجنة المشاركة الشعبية فى الدستور.

وتكونت تلك اللجنة من عدد من منظمات المجتمع المدنى والأحزاب السياسية، وقامت بعقد لقاءات مع ممثلى فئات عدة فى المجتمع لوضع تصور لدستور يعبر عن المصريين بمختلف أطيافهم، ومن هذه المنظمات الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومركز وسائل الاتصال من أجل التنمية ومؤسسة المرأة الجديدة ومركز قضايا المرأة ومؤسسة التنمية البديلة والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومؤسسة الحياة الأفضل للتنمية الشاملة والجمعية المصرية لدعم الدولة المدنية وائتلاف حقوق الطفل والمنظمة العربية للإصلاح الجنائى ومركز هشام مبارك للقانون. كما شارك فى أعمالها ممثلون لعدد من الأحزاب الديمقراطية مثل الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى وحزب الدستور وحزب التحالف الشعبى الاشتراكى والحزب الشيوعى المصرى وحزب مصر الحرية.

وقد عقدتُ أول لقاء مع ممثلى تلك اللجنة عصر يوم 26 سبتمبر فى مقر حزب مصر الحرية، وتلته ثلاثة اجتماعات أخرى يوم 1 أكتوبر فى مقر المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ويوم 8 أكتوبر فى مقر منظمة الدفاع عن السجناء، ثم يوم 14 من الشهر نفسه فى مقر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.

ولم نتصور فى ذلك الوقت أن نهم «الإخوان» إلى السلطة يمكن أن يدفعهم إلى استخدام الدستور الذى كانت عملية إعداد مشروعه جارية كأداة من أدوات التمكن من هذه السلطة. فقد تركوا بعض ممثلى السلفيين فى الجمعية يستنزفون جهودنا عبر اقتراحات لا علاقة لمعظمها بأى نص دستورى على النحو الذى سبق توضيحه لتغطية هدفهم الحقيقى وهو تقليص الحقوق والحريات العامة والعصف ببعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ووضع صيغة لنظام الحكم تعبر عن مصلحتهم فى أن يظل رئيس الجمهورية هو محور هذا النظام، بخلاف ما كانت عليه الحال عندما وضعوا برنامج حزبهم «الحرية والعدالة» الذى نص على إقامة نظام برلمانى.

غير أن هذا التكتيك «الإخوانى» لم يكن واضحا تماما - رغم أن مؤشرات عليه كانت قد بدأت فى الظهور - عندما تعلقنا بآخر أمل عبر التفاهم على استئناف الاجتماعات التى سبق الاتفاق على عقدها سعيا إلى التوافق على القضايا الأساسية المختلف عليها والمواد المتعلقة بها.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط Empty
مُساهمةموضوع: رد: كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط   كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط I_icon_minitimeالإثنين يونيو 17, 2013 5:30 am


د. وحيد عبدالمجيد يواصل فى الحلقة الرابعة كشف تفاصيل «طبخة الدستور» فى كتابه «أزمة دستور 2 0 1 2» الإمساك بأمل خيالى فى «اجتماعات التوافق» كان محاولة للمحافظة على شعاع من نور أخذ يبتعد كل يوم

فى الحلقة الثالثة من كتابه، تحدث الدكتور وحيد عبدالمجيد، عن نقطة التحول فى 24 سبتمبر، عندما قرر الإخوان فرض قيود على الحقوق والحريات، بعد اكتشاف مسودة جديدة لباب الحقوق والحريات، فوجئ بها الجميع على الموقع الإلكترونى للجمعية التأسيسية فى يوم 19 سبتمبر، دون أن يعرف عنها أعضاء فى الجمعية شيئا، فقد تم حذف المادة 12 التى تنص على عدم توقيع عقوبات سالبة فى جرائم النشر. وحسب الدكتور وحيد عبدالمجيد، «فلم ينتبه الكثيرون إلى خطورة سيطرة الإخوان على الموقع الإلكترونى للجمعية التأسيسية إلا بعد أكثر من 3 أشهر تعاملنا فيها بحسن نية وربما سذاجة».

ويواصل الدكتور عبدالمجيد، فى الحلقة الرابعة من كتابه «أزمة دستور 2012» الذى تنشره «اليوم السابع» ذكريات عما كان يدور داخل الجمعية التأسيسية التى تكشف للقارئ وللرأى العام الكثير من الحقائق والمفاجآت فى الوقت ذاته عما كان يدور داخل الجمعية:
كان التفاهم الذى تم على استئناف الاجتماعات غير الرسمية التى سبق الاتفاق على أن تُعقد على هامش أعمال الجمعية بمشاركة الأطراف الرئيسية فيها، هو الأمل الأخير بالنسبة إلينا، أو بالأحرى آخر محاولة للمحافظة على شعاع من هذا الأمل الذى أخذ يبتعد فى كل يوم.

وعُقد اجتماع طويل مساء يوم 3 أكتوبر 2012 استغرق أكثر من أربع ساعات لمناقشة القضايا المتصلة بالعلاقة بين الدين والدولة، وفى القلب منها قضية الشريعة الإسلامية، وأدى الاتفاق على ذلك الاجتماع إلى تأجيل اللقاء الذى كان مقرراً عقده لممثلى القوى الديمقراطية فى مقر حزب الوفد.

وشاركتُ فى ذلك الاجتماع ضمن ممثلى القوى الديمقراطية مع السيد عمرو موسى ود. السيد البدوى ود. عبدالجليل مصطفى ود. جابر جاد نصار ود. منار الشوربجى ود. أيمن نور، وحضر كل من د. فريد إسماعيل ود. أحمد دياب من «الإخوان»، ود. بسام الزرقا، ومحمد سعد الأزهرى، وماجد شبيطة من السلفيين، ود. حسن الشافعى، ومحمد عبدالسلام من الأزهر، والمستشارين منصف نجيب سليمان وإدوارد غالب ممثلين للكنائس، وأبو العلا ماضى ود. محمد محسوب اللذين كانا محسوبين على القوى الديمقراطية حتى ذلك الوقت. وحضر قبيل نهاية الاجتماع من غير المدعوين أعضاء آخرون مثل د. عمرو دراج ومحمد عبدالمنعم الصاوى ونور الدين فرغلى ود. محمد محيى الدين وجمال جبريل.

وكان أفضل ما فى هذا الاجتماع هو إقرار السلفيين بأن تظل المادة الثانية «مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع» كما هى، واستبعاد المواد المقترحة بشأن سيادة الله والزكاة وحظر الإساءة إلى الخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين والاكتفاء بمنع الإساءة إلى الرسل والأنبياء كافة.

ولكن «أخطر ما حدث فيه هو الالتباس بشأن مادة جديدة اقترحها ممثلا الأزهر «حسن الشافعى ومحمد عبدالسلام» كحل لمشكلة إصرار السلفيين على إيجاد بديل عن تغيير المادة الثانية، فقد اقترحا الأخذ بتعريف هيئة كبار علماء بالأزهر لمبادئ الشريعة الإسلامية، وهو أنها «تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الفقهية والأصولية». ولكن ممثلى السلفيين طلبوا تعديلاً فى هذا التعريف، وظل هذا التعديل ملتبساً حتى النهاية، فقد أبدينا استعداداً مبدئيا لبحث هذه المادة وما أراد السلفيون إضافته بشكل أكثر تفصيلاً بعد العودة إلى المتخصصين فى هذا المجال، ولكن المهندس أبوالعلا ماضى قام بدور مريب، حيث سعى إلى إقناعنا بصياغة ما اقترحه ممثلا الأزهر، مع المواد الأخرى التى تم الاتفاق عليها، كما اقترح أن نوقع مبدئيا لإعطاء مصداقية لاجتماعات التوافق، و«حتى لا يعود السلفيون عن إقرارهم بأن تبقى المادة الثانية كما هى» كما همس لبعضنا لإغرائنا على التوقيع.

ورغم تخوفنا، لم يكن واضحاً حتى ذلك الوقت انحياز المهندس أبو العلا ماضى إلى «الإخوان». ولذلك قبلنا التوقيع بعد إضافة تحفظ واضح للغاية هو: «هناك مواد أخرى يتم التوافق عليها وتعتبر جزءاً لا يتجزأ من هذا الاتفاق بما فيها قضية المرأة».

ولابد من الاعتراف بأننا أخطأنا عندما تعاملنا بحسن نية فى تلك الليلة وقبلنا توقيعاً أولياً ومشروطاً على عدد محدود من المواد التى كان هناك خلاف عليها بدون الحصول على ضمانات كافية لتجنب الخداع الذى حدث بعد ذلك مباشرة عبر الزج بالتعديل الذى أصر عليه ممثلو السلفيين فى ذلك الاجتماع بدون اتفاق نهائى عليه، لأن هذا الاتفاق كان مشروطا بالتوافق على المواد المتعلقة بالحريات العامة والخاصة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية ونظام الحكم. ولكن «الإخوان» والسلفيين خرقوا هذا الاتفاق، وتهربوا من التوافق حول القضايا الأكثر أهمية فى أى دستور، وخصوصاً تلك المتعلقة بالحريات السياسية والمدنية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

ووقع من فريقنا د. السيد البدوى، ود. عبدالجليل مصطفى، ود. أيمن نور ود. منار الشوربجى، ومحمد السعيد «عضو احتياطى من الشباب»، ومن «الإخوان» د. فريد إسماعيل، ود. عمرو دراج، ومن السلفيين د. بسام الزرقا ومحمد سعد الأزهرى، والمستشار ماجد شبيطة ومن ممثلى الكنائس المستشاران منصف نجيب سليمان، وإدوارد غالب، ومن ممثلى الأزهر د. حسن الشافعى والمستشار محمد عبدالسلام، بالإضافة إلى المهندس أبوالعلا ماضى والمهندس محمد عبدالمنعم الصاوى ود. محمد محيى الدين ود. جمال جبريل والمستشار نور الدين فرغلى. وكان كل من السيد عمرو موسى، ود. جابر جاد نصار، ود. أحمد دياب قد غادروا الاجتماع قبل نهايته.

فقد تصورنا وقتها أن هذا التوقيع الأولى المشروط يمكن أن يساعد فى دفع عملية التوافق إلى الأمام، فإذ به يُستغل لضرب هذا التوافق فى مقتل. فبدلاً من أن تصبح هذه بداية لعملية التوافق التى كنا نتطلع إليها، أُريد لها أن تكون نهاية، حيث رتب «الإخوان» المهيمنون على إدارة الجمعية الأوضاع بحيث يكون ما تم التوصل إليه مبدئيا ترضية للسلفيين لكى يسهلوا لهم مهمة التحكم فى تحديد طبيعة نظام الحكم. ولما كان الطرفان متفقين على تقليص الحقوق والحريات، فقد بدا الأمر مغريا لهم بالتهرب من التوافق على باقى المواد والمراوغة فى الأسابيع التالية.

وبدأت بوادر هذه المراوغة فى عدم التزام «الإخوان» بالاتفاق الذى انضم بموجبه د. عبدالجليل مصطفى ود. جابر جاد نصار ود. سعاد كامل إلى الجمعية، وتعهد د. محمد البلتاجى بالالتزام به وهو تحقيق تصحيح جزئى فى تشكيل الجمعية من خلال عملية تصعيد أعضاء احتياطيين محل الأعضاء الأساسيين الذين اعتذروا أو رفضوا بشكل نهائى الانضمام إلى الجمعية، إلى جانب تشكيل لجنة فنية استشارية يكون لها دور أساسى فى مراجعة مواد مشروع الدستور وأبوابه.

وكان مقرراً إجراء التصعيد فى الجلسة العامة يوم 9 أكتوبر 2012 وفقاً للائحة التى كنا قد اتفقنا عند إعدادها، على أن يحدث هذا التصعيد بالانتخاب، وتوافقنا على أن يكون هذا الانتخاب بالتوافق بحيث يُنتخب عضو احتياطى من الاتجاه السياسى الذى يعبر عنه العضو الأساسى ومن الفئة الاجتماعية التى ينتمى إليها، وأُضيف كذلك خلال المفاوضات، التى انضم على أساسها بعض المنسحبين إلى الجمعية، أن يتم انتخاب عدد أكبر من ممثلى القوى الديمقراطية ومراعاة زيادة عدد الأعضاء المسيحيين والنساء.

ولذلك عقدنا اجتماعاً مصغَّراً فى عيادة د. عبدالجليل مصطفى فى باب اللوق صباح يوم 7 أكتوبر للاتفاق على الأعضاء الذين يمكن تصعيدهم وفقا للاتفاق الذى تم مع «الإخوان» عن طريق د. محمد البلتاجى. وحضرتُ هذا الاجتماع مع د. عبدالجليل مصطفى ود. جابر جاد نصار ود. أيمن نور، كما شارك فيه اتفاق من أعضاء اللجنة الفنية الاستشارية المختارة حديثاً فى ذلك الوقت، وهما أ. حمدى قنديل، ود. صلاح فضل.

كما أثرتُ فى ذلك الاجتماع قضية المعايير التى اختارت بموجبها لجنة الاقتراحات والتواصل المجتمعى عشرات الشباب لتدريبهم على ما أسمته «التواصل الجماهيرى لتهيئة الشارع لقبول مشروع الدستور الذى تعده الجمعية». فقد لاحظتُ أن معظم هؤلاء الشباب، إن لم يكن كلهم من أعضاء جماعة «الإخوان» وحزبها، كما أن مهمة هؤلاء الشباب بدت غريبة، لأن دور الجمعية ينتهى عن إعداد مشروع الدستور، ولا يشمل الترويج له أو السعى إلى تمريره، فالمفترض أن الجمعية التأسيسية- أية جمعية- ليست لها مصلحة فى إقرار دستور بعينه، وإلا تحولت عن مهمتها الوطنية إلى عمل حزبى يهدف إلى التأثير على المواطنين الذين ينبغى أن يبدوا رأيهم فى المشروع بحرية، الأمر الذى يفرض حصر دور الجمعية فى شرح فلسفته ثم تركه يتحدث عن نفسه.

غير أن رد د. محمد البلتاجى على ما أثرتُه بشأن مهمة الشباب الذين بُدئ فى تدريبهم واختيارهم من الجماعة التى ينتمى إليها دعم الهواجس التى كانت آخذة فى الازدياد لدينا فى ذلك الوقت.

وازدادت تلك الهواجس عشية الاجتماع الذى كان مقرراً عقده للأطراف الأساسية فى الجمعية يوم 9 أكتوبر لاستكمال التوافق على القضايا المختلف عليها، عندما أعلن د. محمد البلتاجى فى اليوم السابق على هذا الاجتماع أن «الجمعية ستنتهى غداً من صياغة أربعة أبواب من الدستور لطرحها فى حوار مجتمعى». فقد بدا هذا الإعلان الذى نُشر فى معظم الصحف الصادرة صباح 9 أكتوبر، صادماً وليس فقط مفاجئاً، لأنه أظهر ما كان مخفياً حتى ذلك الوقت، وهو أنه لا لزوم لاجتماعات «التوافق» التى كان مقرراً عقد أحدها مساء اليوم الذى نُشر فيه كلامه. وقد ظهر فى ذلك الاجتماع ما يؤكد هواجسنا المتزايدة.

فقد بدأ بإبداء د. بسام الزرقا تبرمه من الورقة التى قدمتُها متضمنة القضايا والمواد التى ينبغى التوافق عليها، بدعوى أنها أوسع نطاقاً مما سبق الاتفاق عليه رغم أننى التزمتُ فيها بما سبق أن طرحناه، وأكدنا ضرورة أن يكون جزءاً من هذا التوافق بحيث لا يُترك للتصويت عليه.

وسانده فى ذلك بطبيعة الحال زملاؤه د. يونس مخيون، ود. محمد سعد الأزهرى، والمستشار ماجد شبيطة، ومحمد منصور، وظل د. فريد إسماعيل، ممثل «الإخوان» الذى سبق الاتفاق معه على ضرورة التوافق على كل القضايا الخلافية، صامتاً على نحو أعطى مؤشراً أكثر وضوحا من أى وقت مضى منذ تشكيل الجمعية على أن هناك خطة مبيتة لفرض دستور غير توافقى، ولا يعبر عن مختلف فئات المجتمع. وصار هذا واضحاً بالنسبة لى، كما لمعظم ممثلى القوى الديمقراطية الذين حضروا ذلك الاجتماع، وهم السيد عمرو موسى، ود. السيد البدوى، ود. عبدالجليل مصطفى، ود. جابر جاد نصار، ود. منار الشوربجى، وفؤاد بدراوى، ود. سعاد رزق، فضلاً على د. صلاح فضل، عضو اللجنة الفنية الاستشارية، ود. أيمن نور الذى غادر الاجتماع قبل انتهائه، وبدأ يجهز نفسه للابتعاد عنا تدريجياً.

وفيما يلى نص الورقة التى أبدى ممثلو السلفيين فى ذلك الاجتماع عدم استعدادهم للتوافق على كل ما ورد فيها:

القضايا الأساسية ورؤيتنا للتوافق عليها:

1 - حرية المرأة:
استبعاد المادة المنقولة من دستور 1971، والتى كانت تنص على: «تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها فى المجتمع، ومساواتها بالرجل فى ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية»، لأنها تفرَّغ حقوق المرأة من مضمونها، واستبدال المادة التالية بها: «الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتقوم على الشراكة بين الزوجين والاحترام المتبادل بينهما. وترعى الدولة مؤسسات التنشئة الاجتماعية حفاظا على الطابع الأصيل للأسرة وحمايتها، مع تقديم مصلحة الأطفال وتحقيق التوازن بين حقوق الزوجين فى رعايتهم. وتكفل الدولة تفعيل حقوق المرأة فى التعليم والعمل وجميع الحقوق السياسية فى الانتخاب والترشيح وتولى جميع الوظائف والمناصب العامة، وتضمن الحماية التشريعية والاجتماعية للمرأة والطفل ضد العنف والأذى البدنى والنفسى، وتكفل الرعاية الكافية للمرأة المعيلة والأرملة والمطلقة، وغيرهن من النساء الأكثر احتجاجاً».

2 - المساواة:
إعادة النص الذى ورد فى القراءة الأولى للجنة الصياغة دون تعديل، وهو: «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللغة، أو الدين، أو العقيدة، أو الرأى، أو الوضع الاجتماعى، أو الإعاقة» المادة 2- حقوق وحريات.

3 - حرية ممارسة الشعائر:
النص المختلف عليه: «حرية الاعتقاد مطلقة. وتمارس الشعائر بما لا يخالف النظام العام. وتكفل الدولة حرية إقامة دور العبادة للأديان السماوية على النحو الذى ينظمه القانون».
النص الذى نقترحه: «حرية الاعتقاد مطلقة. وتكفل الدولة حرية ممارسة الشعائر الدينية، وإقامة دور العبادة للأديان السماوية على النحو الذى ينظمه القانون دون تمييز بين هذه الأديان» المادة 8- حقوق وحريات.

4 - وقف الصحف وإغلاقها أو إلغاؤها:
النص المختلف عليه: «حرية الصحافة والطباعة والنشر وسائر وسائل الإعلام مكفولة، والرقابة على ما تنشره محظورة، ولا يكون إنذارها ولا وقفها ولا إلغاؤها إلا بحكم قضائى، ويجوز استثناء فى حالة إعلان الحرب أن تفرض عليها رقابة محددة» المادة 10- حقوق وحريات.

النص الذى نقترحه: كما هو مع استبدال عبارة «لا يجوز إنذارها ولا وقفها ولا إلغاؤها بأى طريق» بالعبارة القائلة «ولا يكون إنذارها ولا وقفها ولا إلغاؤها إلا بحكم قضائى» المادة 10- حقوق وحريات.

5 - حرية التعبير:
إعادة النص الذى ورد فى القراءة الأولى للجنة الصياغة، واستُبعد فى القراءة الثانية، وهو:
«لا يجوز توجيه الاتهام فى جرائم النشر بغير طريق الادعاء المباشر إلا عن طريق المجنى عليه، ولا توقيع عقوبة سالبة للحرية فى هذه الجرائم» المادة 12- حقوق وحريات.

6 - تكوين الأحزاب والجمعيات:
إعادة النص الذى ورد فى القراءة الأولى للجنة الصياغة، بدون القيود التى أُضيفت فى القراءة الثانية:

«للمواطنين حق تكوين الجمعيات والأحزاب بمجرد الإخطار على النحو المبين فى القانون، وبما لا يقيد حرية تكوينها أو الانتماء إليها، أو يحد من نشاطها أو ينتقص من استقلالها، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، ولا يجوز للسلطة المختصة حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائى».

ونرى استبعاد ما ورد فى القراءة الثانية التى قيدت هذا الحق بأن تكون غاياتها مشروعة، لأن الأصل هو أن تكون الغايات كذلك، إلا إذا حدث العكس بعد التأسيس، وكذلك استبعاد النص على حلها حتى بحكم قضائى. مادة 18- حقوق وحريات.

7 - حماية الفئات الضعيفة:
إعادة النص الذى ورد فى القراءة الأولى للجنة الصياغة، بعيدا عن التعديل الذى طرأ عليه فى القراءة الثانية، وهو:

«تُحظر العبودية والعمل القسرى والاتجار بالنساء والأطفال وتجارة الجنس، ويجَّرم القانون كل ذلك» المادة 29- حقوق وحريات.

8 - حقوق الطفل:
استبدال النص التالى بالمادة الواردة فى مشروع باب الحقوق والحريات:
«تكفل الدولة لكل طفل، وهو كل إنسان لم يتجاوز الثمانى عشرة سنة ميلادية كاملة، فور ولادته الحق فى الحصول على اسم مناسب وجنسية واستخراج الأوراق الثبوتية المجانية ورعاية أسرية وتغذية صحية آمنة وفقاً لمعايير يحددها القانون، ومأوى وخدمات صحية وتأمين صحى مجانى وتنمية وجدانية ومعرفية ودينية، والحق فى رعاية أسرية أو مؤسسية بديلة آمنة، تخضع لنظام رصد ومتابعة وتقييم دورى، وفقاً لمعايير وطنية لهذه البدائل يحددها القانون.

ويُحظر تشغيل الأطفال، إلا فى فترة الإجازة الصيفية لمن أتموا تعليمهم الإلزامى، ويُمنع عملهم فى الأعمال الخطرة، ويحدد القانون هذه الأعمال والعقوبات الرادعة للمخالفين.

وتكفل الدولة كافة حقوق الأطفال ذوى الإعاقات فى التأهيل والدمج فى المجتمع والاكتشاف المبكر للإعاقات وعدم التمييز، كما تكفل الدولة الحماية لكافة فئات الأطفال المعرضين للخطر، والحماية من كافة أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال. وتلتزم بإنشاء نظام قضائى خاص بالطفل. ولا يجوز احتجاز الأطفال إلا بعد استنفاد كافة التدابير الأخرى ولفترة محددة وفى مكان منفصل عن أماكن احتجاز البالغين يراعى فيه عمر الطفل وجنسه مع توفير المساعدة القانونية فى كل مراحل التحقيق.

وتكفل الدولة حق الطفل فى المشاركة والاستماع إليه، ومنع التمييز بين الأطفال، ومراعاة مصلحته فى كافة السياسات العامة».

9 - الحقوق الاقتصادية والاجتماعية:
مراجعة معظم النصوص الخاصة بالفلاحين والعمال التى أُقرت مبدئياً فى لجنة الدولة والمجتمع ولجنة الحقوق والحريات، اعتماداً على تصويت لا أساس له فى لائحة الجمعية، ولا فى أى من التقاليد التى تحكم أعمال الجمعيات التأسيسية، ولا فى أى منطق، لأنها تعصف بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للفئات الأفقر والأضعف. ولذلك ينبغى مناقشة هذه النصوص فى اجتماعات التوافق بمنأى عن الاتجاه الغالب المنحاز ضدهم فى هاتين اللجنتين لأننا نريد دستوراً للشعب بكل فئاته، ولأن الدستور لا يكون له من اسمه نصيب إلا إذا تضمن حماية حقوق الفئات الأكثر حاجة إلى الرعاية. ويتطلب ضمان هذه الحقوق تعديل 11 مادة فى مشروع البابين الأول والثانى.

10 - الوحدة والتنوع:
النص الوارد فى مشروع الباب الأول يعصف بالتنوع الذى يثرى أى مجتمع، وهو «تحمى الدولة الوحدة الثقافية والحضارية واللغوية للمجتمع المصرى، وتعمل على تعريب العلوم والمعارف». فهذا النص لا يشمل التنوع الخلّاق فى المجتمع، ولذلك نقترح ما يلى: «تكفل الدولة سبل التعبير عن التنوع الثقافى لإثراء المجتمع، وتحمى وحدته الثقافية والحضارية واللغوية» المادة 24- مقومات أساسية.

11 - استقلال وسائل الإعلام المملوكة للدولة:
إضافة عبارة «تضمن الدولة استقلال الصحف ووسائل الإعلام التى تملكها أو ترعاها عن جميع السلطات والأحزاب السياسية، وأن تكون منبراً للحوار الوطنى العام فى النص الخاص بمجلسى الإعلام المرئى والمسموع والصحافة» مادة 15- أجهزة رقابية وهيئات مستقلة.
وتم استنفاد وقت طويل فى النقاش حول ما إذا كان ضروريا التوافق على هذه القضايا كلها من عدمه، حيث أوضح ممثلو السلفيين عدم إمكان ذلك.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط Empty
مُساهمةموضوع: رد: كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط   كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط I_icon_minitimeالإثنين يونيو 17, 2013 5:33 am


د. وحيد عبدالمجيد يواصل فى الحلقة السادسة كشف تفاصيل «طبخة الدستور»..تلقينا جميعنا رسالة على هواتفنا تحوى جدولاً للانتهاء من مشروع الدستور خلال أقل من3 أسابيع رغم أننا لم نكن اتفقنا بعد

فى الحلقة الخامسة من كتابه، تحدث الدكتور وحيد عبدالمجيد عن أن جهد د. منار الشوربجى فى مواد المرأة ذهب كله أدراج الرياح، لأن ممثلى السلفيين لم يروا أية ضرورة لمناقشة موضوع المرأة أصلاً، واعتبر الدكتور وحيد عبدالمجيد أن إعلان مسودة جديدة لمشروع الدستور بلا توافق فى 22 أكتوبر كان سببا للتواصل مع كل من تأبى ضمائرهم المشاركة فى هذه العملية غير التوافقية.
وكشف الدكتور وحيد عبدالمجيد عن أن السلفيين صاروا فى أقصى درجات تشددهم خلال اجتماع «التوافق» الذى عُقد فى 30 أكتوبر قبل ثلاثة أيام على «مليونية الشريعة»، كما أكد عبدالمجيد فى الحلقة الماضية، أن محمد البلتاجى ظهر كأشد الصقور تشدداً بشأن «المرأة» وحاول خداع القوى المدنية كما سبق وفعل أبوالعلا ماضى، ولكن عبدالمجيد تنبه لعدم تكرار الخطأ.
ويواصل الدكتور عبدالمجيد فى الحلقة السادسة من كتابه «أزمة دستور 2012» الذى تنشره «اليوم السابع» كشف ذكرياته عما كان يدور داخل الجمعية التأسيسية التى تكشف للقارئ وللرأى العام الكثير من الحقائق والمفاجآت:
كان واضحًا مساء يوم 6 نوفمبر 2012 أن خطة خطف الدستور دخلت مرحلتها الأخيرة فى ظل تعمد إحباط الجلسات التى كان هدفها التوصل إلى توافق لم يتحقق، وبعد أن نقض «الإخوان» التزامهم بمناقشة القضايا الخلافية كلها فى هذه الجلسات وقُطع الشك باليقين عندما تلقى أعضاء الجمعية فى صباح اليوم التالى رسالة مفاجئة «إس. إم. إس» على هواتفهم المحمولة، تتضمن جدولاً زمنيًا للانتهاء من مشروع الدستور خلال أقل من ثلاثة أسابيع، فى الوقت الذى كانت الخلافات بشأن معظم القضايا الجوهرية فى ذروتها.
وأظهر الجدول الزمنى المتضمن فى الرسالة المرسلة من إدارة الجمعية، أو بالأحرى عن طريقها، أن «الإخوان» وأتباعهم قرروا الانتقال من المناورة والمراوغة إلى المباغتة والانقضاض بدون مراعاة للحد الأدنى من قواعد العمل فى أى منتدى يؤدى عملاً جاداً، والاستهانة بالمعايير الأساسية لمناقشة أى مشروع دستور حتى لو كان مكتملاً.
والحال أن الجدول الزمنى استهدف خطف المشروع المختلف على أهم مواده والمتنازع على أبرز قضاياه التى ينبغى أن تكون محل توافق وطنى، والانفراد بوضعه فى صورته النهائية، ثم تمريره بدون مناقشة تقريباً، فقد تضمن الجدول الزمنى المرسل صباح يوم 7 نوفمبر الانتهاء من صياغة المشروع فى اليوم التالى (8 نوفمبر)، ثم مناقشته خلال خمسة أيام فقط من 11 إلى 15 نوفمبر (باب الدولة والمجتمع فى 11 نوفمبر، وباب الحقوق والحريات فى 12 نوفمبر، وباب نظام الحكم فى 13 و14 نوفمبر، وباب الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية فى 15 نوفمبر).
ووفقًا لذلك الجدول، الذى تم «تفصيله» على مقاس خطة خطف الدستور، يتم إعداد المشروع النهائى خلال ثلاثة أيام فقط من انتهاء مناقشة مسودته كلها فى خمسة أيام لا غير، وتُعقد جلسات مكثفة اعتباراً من 19 نوفمبر بحيث تنتهى الجمعية من عملها قبل نهاية الشهر نفسه!
أولاً: اتجاه متسارع نحو الانسحاب
كان الأمر مستفزاً إلى درجة لا تُطاق، حيث جاءت تلك الرسالة بعد ساعات قليلة على تلقى إدارة الجمعية ممثلة فى أمينها العام د. عمرو دراج مقترحاتنا بشأن تعديل أكثر من نصف مواد المسودة المعلنة فى 24 أكتوبر 2012، ولذلك اجتمع عدد عن ممثلى القوى الديمقراطية فى الجمعية بعد ظهر اليوم الذى تلقينا فيه تلك الرسالة (7 نوفمبر) فى مكتب د. جابر جاد نصار، واتفقوا على إصدار «بيان إلى الأمة».
وجاء فى هذا البيان أن (أعضاء الجمعية الذين تقدموا بتعديلات واسعة على نصوص المسودة التى طرحتها إدارة الجمعية بتاريخ 24 أكتوبر إلى الأمين العام للجمعية يرون أن البرنامج الزمنى لإنهاء مشروع الدستور فى ظرف أسبوعين يؤدى بالضرورة إلى سلق الدستور على نحو يضر بمصالح مصر والمصريين)، وأكد البيان (رفض هذا البرنامج الزمنى ومطالبة رئيس الجمعية بأداء واجبه فى إتاحة الفرصة لجميع الأعضاء من مختلف التوجهات السياسية لمناقشة مواد المسودة مع التعديلات المقترحة منهم ومن القوى السياسية خارج الجمعية مادة مادة وليس بابا بابا، وأن يُتاح الوقت الكافى لمناقشة مفصلة لهذه المواد).
وأكدوا استعدادهم للانسحاب من الجمعية (إذا أصر البعض على ملكيتهم للدستور ورفضهم مناقشته بطريقة تحقق رغبة الشعب المصرى العظيم فى دستور يعبر عنه)، وسجلوا أنهم (تحملوا مسؤوليتهم الوطنية بالإسهام الفعَّال والإيجابى فى مناقشات الجمعية ولجانها، ولكن ضمائرهم الوطنية لن تقبل إصدار دستور لا يتناسب مع قيمة مصر وتراثها الدستورى).
وأبدوا عظيم دهشتهم من أداء رئيس الجمعية الذى صار واضحا فى ذلك الوقت أن الأمر ليس بيده، حيث أشار البيان إلى أنه (طلب من الأعضاء تقديم ملاحظاتهم وتعديلاتهم كتابة فى موعد غايته الثالثة بعد ظهر الأربعاء 7 نوفمبر 2012، وإذ برسالة تُرسل متضمنة برنامجا زمنيا لإنهاء الصياغة يوم 8 نوفمبر، أى أن الجدول أعطى يومًا واحدًا لكل هذه التعديلات، الأمر الذى يستحيل حدوثه عملاً ومنطقًا، ويؤكد نية سلق الدستور)، كما أشار البيان إلى عدم جدية البرنامج الزمنى الذى يحدد خمسة أيام لمناقشة مسودة تضم أكثر من مائتى مادة (الأمر الذى يجعل هذه المناقشة ضربًا من العبث، فضلاً عن أنه أغفل مناقشة الأحكام العامة والانتقالية على خطورة ما ورد بها من نصوص غير مألوف بعضها فى صياغة الدساتير).
وسجل البيان أيضًا، عدم ثقة من أصدروه فى دور لجنة الصياغة المصغّرة التى سبق أن رفضوها: (ولسبب غير مفهوم نص البرنامج الزمنى على أن تقوم لجنة الصياغة المصغّرة المختارة اختياراً تحكمياً بالعمل على ما سُمى تحسين المسودة التى من المفترض أن توافق عليها الجمعية وفق هذا البرنامج ودون أن يعود الأمر مرة أخرى إلى هذه الجمعية بدون أى ضمان يحول دون احتمال تغيير النصوص التى تنتهى إليها).
وخُتم البيان بتأكيد رفض الموقعين (أسلوب فرض مسودة لا تزال غير متوازنة ولا متزنة ولا تليق بمصر وشعبها العريق الذى يستحق دستورا محترما ينتظره منا).
ولأنه لم يكن هناك اتفاق نهائى بين ممثلى القوى الديمقراطية جميعهم حتى تلك اللحظة على الانسحاب من الجمعية، فقد أوضح من أصدروا ذلك البيان- بعد أن سجلوا استعدادهم لهذا الانسحاب- أنهم سيواصلون دورهم لإنقاذ الدستور وسيتحملون مسؤوليتهم الوطنية فى هذا المجال.
غير أن جماعة «الإخوان» المهيمنة على إدارة الجمعية التأسيسية لم تكترث بموقفنا، فلم يقدم د. فريد إسماعيل، الذى كان مكلفًا منها بالتواصل معنا منذ الاتفاق فى سبتمبر 2012 على عقد جلسات «توافقية» لمناقشة المواد والقضايا الأكثر حساسية، جديداً فى الاتصالات التى أجراها مع عدد ممن أصدروا بيان 7 نوفمبر (بيان إلى الأمة).
فقد اقترح أن يجلس معنا لمناقشة المواد الخلافية دون أن يجيب عن السؤال الأساسى الذى طرحناه عليه وهو: ما الذى يضمن التزام «الإخوان» بما قد نتفق عليه بعد أن نقضوا عهدهم بعدم إنهاء العمل فى الجمعية قبل التوافق على القضايا الخلافية كلها، وكيف يمكن التوفيق بين اقتراحه والجدول الزمنى الذى لا يترك أية فرصة للسعى إلى الحل، ولماذا لا يتم تعديل هذا الجدول لإثبات جديتهم وبناء قدر من الثقة التى بددها تراجعهم عن الاتفاق– بل التعهد– بأن يكون الدستور توافقيا، وهو التعهد الذى ألزم الرئيس محمد مرسى نفسه به علنًا مرات عدة وليست مرة واحدة، منذ «لقاء فيرمونت» الذى جمعه ومجموعة من أصحاب النوايا الحسنة اتفقوا على دعمه قبيل إعلان نتيجة جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية فى يونيو 2012 عندما وعد بتحقيق التوازن المفقود فى الجمعية التأسيسية، وحتى إعلانه فى آخر أكتوبر أنه لن يطرح للاستفتاء مشروع دستور لا يحظى بتوافق وطنى.
ولم تكن محاولات د. فريد إسماعيل التى استهدفت إثناءنا عن الانسحاب من الجمعية جدية ولا مجدية، خصوصاً بعد أن بات واضحاً حدوث اتفاق نهائى بين «الإخوان» والسلفيين على إقرار مشروع للدستور يخلو من الحد الأدنى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وليس فقط الضمانات الأساسية لبعض أهم الحريات السياسية والمدنية، ويعيد إنتاج نظام الحكم التسلطى مع تعديل طفيف فى بعض تفاصيله، وكان آخر مؤشر واضح على ذلك دعم بعض أعضاء الجمعية السلفيين «مليونية تطبيق الشريعة» التى نظمها بعض أطيافهم يوم 9 نوفمبر، وإعلان أنها (دعمت موقفنا لإكمال مشوارنا لصياغة الدستور، ووجهت رسالة شديدة اللهجة للقوى العلمانية والليبرالية) وفقاً لما نُسب إلى أحدهم وهو محمد سعد الأزهرى فى بعض الصحف الصادرة يوم 11 نوفمبر 2012.
ولذلك أخذنا خطوة أخرى فى اتجاه الانسحاب يوم 13 نوفمبر، وهى إعلان 24 من الأعضاء الأساسيين والاحتياطيين وأعضاء اللجنة الفنية الاستشارية مقاطعة اجتماعات الجمعية وتعليق عضويتهم فيها وإعطاء مهلة أخيرة حتى الأحد 18 نوفمبر للتعامل بجدية مع مطالبهم.
فكان البيان الثانى إلى الأمة الذى اتُفق عليه فى اجتماع عقده هؤلاء الأعضاء فى مجلس الشورى مساء 13 نوفمبر، وتم إصداره صباح اليوم التالى موقعاً من 13 عضواً أساسياً. و7 أعضاء احتياطيين و4 من أعضاء اللجنة الفنية الاستشارية، إلى جانب د. السيد البدوى رئيس حزب الوفد أكبر الأحزاب الديمقراطية الممثلة فى الجمعية.
وتضمن البيان المطالب التى قام وفد من الموقعين بتسليمها إلى رئيس الجمعية فى نهاية اجتماعهم مساء 13 نوفمبر، وهى:
عدم الاعتراف بمشروعية ما نتج عن الجلسات الأخيرة للجمعية والتى مُنع فيها أى نقاش موضوعى لمواد مشروع الدستور المعروضة.
إعادة تشكيل اللجنة المصغّرة للصياغة بشكل يضمن توازنها وحيادها.
إعادة مناقشة المواد التى فُرضت فى أجواء بعيدة عن النقاش الجاد الموضوعى وتم تمريرها بسرعة إلى اللجنة المصغّرة المشار إليها.
وقف الفوضى التى يثيرها بعض أعضاء الجمعية والصياح فى وجه من يتحدث حين يقترح ما لا يروق لهم.
تنظيم إجراءات إقرار المواد الخلافية بعد إحداث توافق فى الرأى حولها وعدم اللجوء إلى التصويت تجنباً للمغالبة الحزبية.
يتطلب هذا كله عدم التعجل فى إقرار مشروع للدستور يصدر معيباً استباقا لحكم القضاء أو متسابقاً معه.
وأوضح البيان أن هذه المطالب تهدف إلى تصحيح مسار الجمعية لكى تستطيع إصدار مشروع للدستور يليق بمصر وثورتها، وحدد مواطن الخلل الأساسية التى تهدف هذه المطالب إلى معالجتها، وهى:
عدم قيام الجمعية بكامل أعضائها بمناقشة مشروع الدستور والاكتفاء بتمرير المواد الواردة من اللجان دون حوار جاد.
تكليف لجنة مصغرة يمثل أعضاؤها اتجاها محدداً بالقول النهائى فى مشروع الدستور، ومنع أعضاء الجمعية الذين لا ينتمون إلى هذا الاتجاه من طرح آرائهم ومقترحاتهم فى المناقشات بجدية، بل تعمد عدم الاستماع إليهم عن طريق أحداث جلية وإثارة فوضى فى الجلسات العامة الأخيرة.
تشكيل لجنة صياغة مصغرة تشكيلاً تحكمياً غير ديمقراطى من شخصيات كان لها مواقف بالغة التشدد فى عدد من القضايا التى سوف تُطرح عليها مرة أخرى لتعيدها إلى سيرتها الأولى بصرف النظر عن نتائج المناقشات التى حدثت خلال الأشهر الماضية.
عدم أخذ أى من تعديلات وتوصيات اللجنة الفنية الاستشارية فى الاعتبار، وعدم السماح بمناقشة مقترحات أساسية قدموها.
وخُتم البيان بإعلان أنه: (وبناء عليه قرر موقعو هذا البيان عدم المشاركة فى الاجتماعات الجارية للجمعية، وتعليق عضويتهم فيها. كما قرروا الانسحاب بشكل نهائى إذا لم يتم التعامل بجدية مع مطالبهم، وسوف يصدرون بيانا فى هذا الشأن فى موعد غايته الأحد المقبل الموافق 18 نوفمبر).
وكانت تلك المهلة ضرورية لثلاثة أسباب: أولها أنه لم يكن هناك اتفاق على إعلان الانسحاب خلال الاجتماع الذى عقده من أصدروا ذلك البيان مساء يوم 13 نوفمبر، فرغم حضور رئيس حزب الوفد، كان الانسحاب فى حاجة إلى قرار من الهيئة العليا لهذا الحزب.
وثانيها الاتصال بأعضاء الجمعية المحسوبين على القوى الديمقراطية الذين لم يحضروا ذلك الاجتماع لزيادة عدد المنسحبين، أما السبب الثالث فهو أن قليلاً ممن حضروا ذلك الاجتماع كان الأمل يراودهم فى إمكانية الحصول على أى تنازل يتيح الاستمرار فى الجمعية والمشاركة فى إصدار مشروع الدستور من أجل المحافظة على علاقاتهم، وربما مصالحهم، مع جماعة «الإخوان» التى صارت هى الجماعة الحاكمة، ولذلك كان إعطاء هذه المهلة ضروريا رغم تأكد معظم من حضروا اجتماع 13 نوفمبر من عدم جدواها وإدراكهم التام أن «الإخوان» حسموا أمرهم وقرروا تمرير مشروع لا يعبر عن كثير من مكونات المجتمع ولا يمكن أن يحظى بتوافق وطنى.
وهذا هو ما تبين على الفور، حيث أصدر «الإخوان» والسلفيون من خلال حزبيهما (الحرية والعدالة، والنور) بيانين يوم 14 نوفمبر، أكدوا فيهما رفض مطالبنا وتضمنا هجوماً شديداً علينا، ورغم أن البيانين كانا منفصلين، فقد جمعهما موقف واحد إلى حد أن كلا منهما بدا كما لو أنه نسخة معدلة من الآخر.
فقد اعتبرا مطالبنا «تهديدات»، وأكدا عدم التفاتهما إليها، وأنه فى حال انسحابنا سيتم تصعيد أعضاء من القائمة الاحتياطية. كما تهرب الحزبان من مناقشة المطالب التى وردت فى بياننا، فبدلاً من الرد على أصحاب هذه المطالب بشكل موضوعى، شنا هجوما عليهم بدعوى أنهم (يحاولون إيجاد فراغ دستورى وتشريعى فى البلاد لإفشال الرئيس)!!
وتزامن رد الفعل هذا مع إعلان أغلبية أعضاء اللجنة الفنية الاستشارية للجمعية التأسيسية استياءهم مما يحدث وتجميد عضويتهم فيها، وهم د. كمال أبوالمجد، ود. سعاد الشرقاوى، ود. صلاح فضل، وأ. حمدى قنديل، ود. حسن نافعة، ود. هبة رؤوف، ود. محمد السعيد إدريس، وكذلك د. صلاح عز الذى تم ضمه إلى اللجنة بعد تشكيلها.
وهكذا لم يعد قرار الانسحاب خياراً يمكن الإقدام عليه أو العدول عنه، لأن إصرار «الإخوان» على خطف الدستور جعل هذا القرار حتمياً لكل من يحترم نفسه وشعبه. ولكن التحدى الكبير كان متعلقا بعدد المنسحبين وكيفية ضمان انسحاب أكبر عدد ممكن من الأعضاء غير المنتمين إلى «الإخوان» وحزبهم أو النور ودعوته السلفية، وكذلك من يضعون المصلحة الوطنية فوق المصالح الشخصية فى الوقت الذى بدأ التلويح بإغراءات بشأن التعيين فى مجلس الشورى والترشيح فى انتخابات مجلس النواب.
وكان موقف حزب الوفد محورياً فى هذه المسألة لأن لديه خمسة أعضاء فى الجمعية هم فؤاد بدراوى، وبهاء أبوشقة، ود. محمد كامل، ود. جورج ناجى مسيحة، ود. عبدالسند يمامة، فضلاً عن ارتباط نقيب الفلاحين الحاج محمد عبدالقادر به. كما كان الغموض مخيماً على موقف عدد من الأعضاء المهمين مثل فاروق جويدة الذى كان قد عُين مستشاراً لرئيس الجمهورية، وأشرف عبدالغفور نقيب الفنانين، ود. منار الشوربجى، وأعضاء حزب الغد د. أيمن نور، ود. محمد محيى، وعبدالمنعم التونسى، فضلاً عن ممثلى الكنائس الذين لم يكن موقفهم من الانسحاب واضحاً تماماً فى تلك اللحظة.
وكانت هناك أيضاً مسألة مهمة متعلقة بما بعد الانسحاب لأن المسؤولية الوطنية تفرض على المنسحبين خوض معركة لتنبيه الشعب إلى الأخطار المترتبة على تمرير دستور غير توافقى لا يعبر عن مختلف فئات المجتمع ويعصف ببعض أهم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ويقيد بعض الحريات السياسية والمدنية الأساسية ويعيد إنتاج نظام حكم تسلطى ولكن بصورة أقل فجاجة من ذى قبل.
فكان ضرورياً، إذن، التحرك بأقصى سرعة لإصلاح العلاقة بين الأحزاب الديمقراطية، وخصوصاً بين حزب الوفد والأحزاب التى رفضت المشاركة فى الجمعية التأسيسية. فكان مد الجسور بين الوفد وهذه الأحزاب وخصوصاً المصرى الديمقراطى الاجتماعى والدستور والمصريين الأحرار والتيار الشعبى والتحالف الشعبى الديمقراطى وغيرها ضرورياً لخوض معركة ما بعد الانسحاب. كما كان مهماً أيضاً لتشجيع حزب الوفد على اتخاذ قرار، لا يحفظ له تاريخه الوطنى الديمقراطى فقط، بل يعيده أيضاً إلى قلب معسكره وأحضان القوى الديمقراطية حيث ينبغى أن يكون.
واقتضى تحقيق ذلك توجيه رسالة سياسية واضحة إلى حزب الوفد تفيد أن الأحزاب والقوى الديمقراطية تنتظر موقفه وترغب فى بناء تكتل ديمقراطى كبير يخوض معركة إنقاذ مصر، وليس فقط معركة الانسحاب من الجمعية التأسيسية. ولذلك قمتُ بالاتصال برئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى د. محمد أبوالغار مساء يوم 15 نوفمبر واقترحت عليه أن يبادر بالاتصال برئيس حزب الوفد د. السيد البدوى ويطلب منه دعوة الأحزاب والقوى الديمقراطية كلها إلى «بيت الأمة»، ورحب د. أبوالغار مؤكداً أنه حان الوقت لجمع شمل القوى الديمقراطية، ولكنه لفت انتباهى إلى أن نقاشا كان قد احتد بينه وبين د. السيد البدوى فى آخر لقاء جمعهما، واقترح أن يتولى د. أحمد سعيد رئيس حزب المصريين الأحرار الاتصال برئيس الوفد لهذا الغرض. وعندما اتصلتُ به، كان د. أبوالغار قد هاتفه للغرض نفسه. ورحب د. أحمد سعيد بأداء هذه المهمة واتفقنا على أن يتواصل مع د. السيد البدوى صباح اليوم التالى ثم يهاتفنى.
غير أننى لم أتلق اتصالاً منه حتى الساعة الثانية ظهراً. ولذلك اتصلتُ به فأخبرنى بأنه حاول الاتصال مرات ولكن هاتف د. البدوى مغلق. وكان ذلك اليوم (16 نوفمبر) يوم جمعة. وكنتُ أعلم أن د. البدوى يحاول التخفف من أعبائه فى بعض أيام الجمعة إذا سمحت له الظروف بذلك. وعندما لم يستجب هاتفه، قمتُ بالاتصال بالأستاذ فؤاد بدراوى وشرحتُ له الموقف وطلبتُ منه ضرورة الوصول إلى د. البدوى فى أسرع وقت وعدم إمكان الانتظار حتى الغد، وأبدى بدراوى حماساً، وأبلغنى أنه سيفعل.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كواليس أزمة دستور 2012 فى "طبخة الدستور".. وأسرار الجمعية التأسيسية من التخبط إلى إعلان المشروع.. وصراع الإخوان والسلفيين مع المرأة والأقباط
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المعارضة تتحرك لإسقاط الجمعية التأسيسية.. أبو سعدة: الإخوان يحصلون على غالبية لجنة الدستور.. النقاش: البرلمان مطعون فى شرعيته ويسيطر على تشكيل التأسيسية.. شيحة يدعو للضغط للعدول عن القرار
» من هى كاميليا شحاتة تلك المرأة التى فجرت الصراع بين المسلمين والأقباط بمصر ودور السلفين فى ذلك؟
» اجتماع المشير مع الأحزاب يتوصل إلى 6 نقاط..الانتهاء من إعداد الدستور قبل إعادة الرئاسة..وتشكيل الجمعية التأسيسية من خارج البرلمان..والتصويت على بنود الدستور بالثلثين.. والأزهر يرشح 4 شخصيات والكنائس 6
» السيرة الذاتية للدكتور "حسين حامد حسان" قارىء مواد الدستور أمام أعضاء الجمعية التأسيسية
» ياسر برهامى: بقاء الإخوان فى الحكم كان يمثل خطرا على المشروع الإسلامى.. ويؤكد: الموافقة على الدستور بداية للاستقرار.. والأزهر حافظ على مواد الهوية فى الدستور.. ومرسى لم يكن ولى أمر شرعيا للمصريي ن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سيفن ستارز :: قسم الموضوعات العامة :: الموضوعات العامة-
انتقل الى: