Eyad Harfoush مع Randa Allam و30 آخرين.
2 ساعة ·
مؤتمر الرياض؛ خط الردَّة من فيينا إلى جنيف .. وأكثر
خرج البيان الختامي لمؤتمر الرياض لما يطلق عليه "فصائل المعارضة السورية" المنعقد في ٩ ديسمبر/كانون أول الجاري، حاملا ما لا يمكننا أن نسميه "سما في عسل"، فهو "سمٌ في سم" بلا زيادة ولا نقصان، حيث لم يكلف المؤتمرون/ المتآمرون أنفسهم عناء التعمية على السم الزعاف، فكانت أهم العبارات المسمومة، والتي ينكشف سمها عند مقارنتها بمخرجات فيينا، كالتالي:
(١) الارتداد على مرجعية بيان فيينا-٢ الصادر في ٣١ أكتوبر/تشرين أول ٢٠١٥م وعدم ذكرها على الإطلاق في البيان، والتمسك بمرجعية جنيف-١، كأن سنوات لم تمر منذ يونيو/حزيران ٢٠١٢م، وكأن وضعا ميدانيا لم يتغير، وكأن حقيقة الإرهاب في سوريا لم تتكشف للعالم!! وكأن السعودية لم تكن واحدة من الدول المشاركة في بيان فيينا-٢ الذي جاء بيان الرياض ردة عليه.
(٢) اقترن الحديث عن وحدة سوريا بعبارة "لا-مركزية"، وهو ما يعني تمهيد الأرض لتفتيت تلك الوحدة بالأساس. وقد ركز بيان الرياض في سطوره الأولى على تعديد العرقيات المختلفة في سوريا كتمهيد له ما بعده!
(٣) تغيير وصف الدولة بالعلمانية الوارد في بيان فيينا-٢، والعودة للوصف المحبب لجماعات الإسلام السياسي وهو الدولة المدنية، حيث يمكنهم دائما تأويل اللفظ لممارسة الدولة الدينية الإقصائية والادعاء بأنهم مدنيون!
(٤) اقترن ذكر المحافظة على مؤسسات الدولة والذي كان مطلقا في بيان فيينا-٢ بالحديث عن إعادة هيكلة تلك المؤسسات! وإعادة الهيكلة هو اللفظ سيء السمعة الذي استخدم دائما منذ هدم الجيش العراقي في ٢٠٠٣م وحتى اليوم.
(٥) العودة لسياق الحديث عن رحيل الرئيس السوري "بشار الأسد" كشرط تفاوضي، وهي العبارة التي هدفت دائما لتقويض أي مساعي ومسارات سياسية، فكيف يمكن التفاوض مع الدولة على وجودها واستمرارها كشرط أولي؟ وهو ما يمثل ارتدادا جديدا على المرونة التي سادت الخطاب السياسي الدولي خلال ٢٠١٥م في هذا الصدد
(٦) تم تشكيل هيئة للتفاوض نيابة عمن تراهم السعودية "معارضة سورية معتدلة"، باستبعاد كل الأطياف السياسية المقيمة في الداخل السوري، بادعاء أنهم "موالاة" وليسوا معارضة، وإنكار التاريخ المعارض لبعضهم، وبتمثيل العصابات المسلحة بنسبة ٣٠% من تلك الهيئة، بما في ذلك جماعة "أحرار الشام" الإرهابية المتحالفة مع القاعدة، ومع تواتر الحديث عن تفكير جبهة النصرة الإرهابية في إعلان نقض بيعتها لتنظيم القاعدة ومن ثم تمثيلها في الهيئة العليا للإرهاب!! كأن بيعتها للقاعدة فقط وليس ممارستها على الأرض هو ما يجعلها جماعة إرهابية.
(٧) مطالبة الدولة السورية بفك الحصار عن الإرهابيين فيما وصفه البيان ببوادر حسن النية، وهو ما يعني وضع مبرر لتجميد المفاوضات بادعاء أن الدولة لم تقدم مبادرات حسن النية المطلوبة!
الأمر الأهم في ما أفرزه مؤتمر الرياض ذاك هو توضيح الحقائق حتى لا نقع جميعا - ولا أعفي نفسي - في خطيئة التفكير بالتمني، وأن نتوقف مرة وللأبد عن محاولة رصد ما نتوهم أنه التفافات في الموقف الخليجي/ التركي ومن خلفهما الأمريكي والصهيوني! هاهي مملكة الرمال تعلن الردة الرسمية عن أي تطور تحقق في بيان فيينا وتعيدنا للمربع صفر، وللغة ٢٠١٢م المغالية في مطالبها بقصد محو أي أفق سياسي! ليصبح المسار القويم في غاية الوضوح، وتنقشع عنا جميعا أي أوهام سواه؛ الحل في سوريا عسكري بكسر شوكة الإرهاب أولا، ثم يأتي دور السياسة في بلورة الواقع الذي فرضه الميدان وخلق مسارات جديدة لتصفية الأزمة. العدو ماضٍ في طريقه لآخر المدى، وليس لنا إلا أن نمضي معه لآخر المدى مهما كان الثمن من الدم والدموع والألم! إنه خيار "الوطن أو اللا-وطن" الذي تهون فيه الدماء العزيزة، وترخص فيه الدموع الغالية، ويحتمل ألمه المبرح كآلام المخاض! النصر لسورية وإن طال الزمن