5نقاط تؤكد مصرية حلايب وتشرح أسباب التصعيد السوداني
الأحد, ديسمبر 13, 2015 | البديل | 5:29:27 م
نقلاً عن البديل
تقرير _ محمود علي وأسماء عبد الفتاح :أثار التصعيد الإعلامي والرسمي من قِبَل السودان ضد مصر جدلًا واسعًا في الفترة الأخيرة بين السياسيين والمتابعين للشأن الإفريقي، لاسيما أن مسؤولي السودان ورئيسهم عمر البشير بدا واضحًا إنهم يستغلون انشغال القاهرة بأزمات عدة، خاصة الخارجية، التي لم تحسمها الدبلوماسية المصرية لصالح الدولة وأمنها القومي، وكانت أهم هذه الملفات أزمة سد النهضة والإرهاب والأزمات الداخلية في ليبيا وسوريا والعراق، والقضية الفلسطينية ومشكلة الغاز والكثير من القضايا الداخلية، التي تقف عائقًا أمام قوة القرار المصري وعودة النفوذ الإقليمي، حيث كانت تتخوف السودان من إثارة مواضيع محسومة تاريخيًّا مثل قضية حلايب وشلاتين.
تصعيد رسميالقضية التي أثارها الإعلام والحكومة السودانية استفزت المصريين، خاصة المتابعين للشأن الإفريقي، فالرئيس السوداني الذي يراه كثير من السودانيين سببًا في تقسيم بلادهم إلى دولتين بعد صراع مرير حسم بتقرير المصير، صعد تصريحاته ضد مصر، في حوار تليفزيوني له، زعم فيه أن حلايب سودانية وانتقد إجراء الانتخابات المصرية على أراضيها، كما أكد أنه توجه إلى مجلس الأمن لتدويل القضية.
وبنظرة أعمق إلى تصريحات الرئيس السوداني، سيتضح لنا أنه يثير هذه القضية في وقت يتغاضي فيه عن الأراضي السودانية المحتلة بالفعل، فإثيوبيا تحتل الفشقة السودانية منذ فترة من الزمان، ورغم أن المنطقة مثْبته تاريخيًّا إنها سودانية، لم تتحرّك السودان ساكنة لرفع قضايا في مجلس ضد إديس أبابا، لكن في الوقت نفسه ترى أنه جاء الوقت لحسم قضية محسومة تاريخيًا وبالوثائق لمصر.
الغريب أن الرئيس السوداني اعتبر قضية حلايب والمطالبة بحقوق مزعومة أولوية قصوى له، في الوقت الذي يعيش الأكثرية من مواطنيه حاليًا في فقر مدقع، حتى بعد استقلال السودان لم تسلم بلاده من الصراعات الداخلية، فلم تحسم حتى الآن قضية أبيي، كما أن أغلب المناطق السودانية تقع تحت سيطرة جماعات مسلحة تعمل حاليًا لتحقيق استقلالها.
الإعلام السودانيوخلافًا للتصعيد الرسمي، لم تسلم مصر أيضًا من تصعيد الإعلام السوداني، الذي وجه انتقاداته إلى الإدارة والدولة المصرية، فبعد حملة إعلامية سودانية شديدة قادها الإعلام الرسمي السوداني، مبرزًا سوء معاملة الجالية السودانية في القاهرة، بدأت المواقع والقنوات السودانية إثارة قضية حلايب هي الأخرى، مستندة إلى دلائل واهية مفتقرة إلى مراجعة التاريخ.
وزعم موقع سودان تربيون، في تقرير له أمس، أحقية السودان في حلايب، بأن هناك خبيرًا في القانون الدولي أكد «أن أي خريطة بشأن تبعية مثلث حلايب لن تكون ملزمة أو دليلًا لأي محكمة ما لم تكن الخريطة مرفقة باتفاقية ونص على إنها جزء لا يتجزأ منها، وتابع الموقع بحسب زعمه أن دائرة الوثائق البريطانية أفرجت في 27 نوفمبر الماضي عن خريطة تعود للحقبة الاستعمارية تُبيِّن تبعية مثلث حلايب للسودان، إلَّا أن الموقع تراجع وأكد نقلًا عن الخبير أنها ليست ملزمة؛ لأنها ليست مرفقة باتفاقية تنص على أنها جزء لا يتجزأ من الاتفاقية.
في سياق الحملة التي تقودها السودان في الفترة الأخيرة، انتقد الأمين العام للمجلس السوداني للشؤون الخارجية السفير يوسف فضل أحمد، إجراء انتخابات البرلمان المصري في حلايب، معتبرًا إنه خرق لتفاهمات سابقة بين رئيسي البلدين، وقال فضل لوكالة السودان للأنباء: المجلس يرى أهمية الالتزام بالتفاهمات التي توصل إليها الرئيسان عمر البشير وعبد الفتاح السيسي، بعدم التصعيد في مشكلة حلايب، وأضاف: نؤكد أن الذي يثير العجب هو محاولة فرض الواقع.
رد القاهرةوأمام هذا التصعيد السوداني من قِبَل الإعلام والمسؤولين، لوحظ أن هناك صمتًا مصريًّا رسميًّا، رغم أن الإدارة المصرية لطالما كان لها رد فعل سريع على مثل هذه المزاعم السودانية في الأعوام الماضية، خاصة في المستقبل القريب بعد أحداث 30 يونيو، وبسؤال مصدردبلوماسي مطلع عن هذا الصمت، أكد أن هذه القضية محسومة تاريخيًّا، وما يفتعله الإعلام السوداني ما هو إلَّا إثارة ، مضيفًا أن القاهرة لم تر أي فائدة من الرد الرسمي المتكرر على هذه المزاعم، خاصة أن مصر وجيشها يسيطران على هذه المنطقة، بدليل إجراء الانتخابات البرلمانية في الأيام الأخيرة.
وكان النائب ممدوح عمارة، عضو مجلس النواب عن منطقة حلايب، أكد أن مشاركة أهالي دائرة حلايب بالانتخابات وجهود التنمية التي تقوم بها الدولة المصرية بالمنطقة، أبلغ رد على تصريحات الرئيس السوداني عمر البشير الأخيرة، بأن حلايب سودانية، أن نسبة مشاركة التصويت بدائرة حلايب كانت الأعلى على مستوى الجمهورية وهذا بمثابة استفتاء من أبناء حلايب وأهلها على مصريتها، مشيرًا إلى افتخارهم بالهوية المصرية ولا يرتضون غيرها.
حلايب في التاريخ
وبالرجوع للتاريخ، لطالما تخرج السودان علينا كل فترة لتثير هذه القضية من حين لآخر، رغم أن الحدود المصرية السودانية التي حددتها اتفاقية الحكم الثنائي بين مصر وبريطانيا عام 1899 تؤكد أن منطقة حلايب وشلاتين مصرية 100%.
ويعتمد نظام البشير في ادعاءاته على حجج واهية، منها ما نشرته بعض المواقع السودانية خلال الأعوام السابقة، بأن حلايب وشلاتين سودانية أصلًا، وذلك واضح من الاسم بأنها سودانية فحلايب جمع حلوب والحلوب هي الناقة ذات اللبن الكثير وهل لدى المصريين نياق أو إبل!! إلَّا أن التاريخ يؤكد بالوثائق أن السودان نفسها كانت بأكملها قطعة من مصر، فكيف تكون منطقة حلايب وشلاتين سودانية، وهذا ما أكده المؤرخون وموثقو ترسيم الحدود بين مصر والسودان، فتاريخ ترسيم الحدود بين البلدين يعود إلى اتفاقية الاحتلال البريطانى عام 1899، المنطقة التي باتت محل نزاع حدودي بين الجارتين وتبلغ مساحتها 20.580 كم2، وتشمل ثلاث بلدات كبرى، حلايب وأبو رماد وشلاتين، وأثبتت وثائق تركية أنها مصرية تمامًا، بل إن مصر تمتلك خط عرض كامل فى الأرض السودانية منذ أن نالت السودان استقلالها عام 1955.
بداية الأزمةوبدأت تتفجر أزمة حلايب عام 1958 مع الانتخابات البرلمانية، وفي ذلك العام أرسل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قواته إلى المنطقة قبل سحبها، إثر اعتراض الخرطوم، وتجددت الأزمة الثانية عام 1981 على خلفية أعمال التنقيب عن البترول، رغم العلاقة الشخصية بين الرئيسين جعفر نميرى وأنور السادات، أما الأزمة الثالثة فكانت عام 1985، عند إقامة حظائر مفتوحة بالمنطقة، وخمدت المشكلة سريعًا ولم تجد اهتمامًا إعلاميًّا من البلدين بينما نشبت الأزمة الرابعة عام 1992، عندما اعترضت مصر على إعطاء حكومة السودان حقوق التنقيب عن البترول في المياه المقابلة لمثلث حلايب لشركة كندية، فانسحبت الشركة حتى يتم الفصل في مسألة السيادة على المنطقة، وأعقب الأزمة سحب البلدان قواتهما من المنطقة، في حين حلت الأزمة الأخيرة بتصريحات الرئيس عمر البشير بسودانية حلايب.
تؤكد الوثائق الموجودة بتركيا منذ الحكم العثماني تبعية حلايب وشلاتين لمصر، أن لها الحق في الأراضي السودانية بمقدار خط عرض كامل، والمعروف أن مصر استعانت في التحكيم الدولى الخاص بطابا بالوثائق التركية، التي أثبتت الحق المصري في طابا.
أما اتفاقية السودان التي تم توقيعها في 19 يناير عام 1899 بين مصر وإنجلترا، وضعت خط عرض 22 شمالًا كحدود بين مصر والسودان، على خلاف الحقيقة لوجود خط آخر لتلك الحدود بفارق خط عرض كامل لصالح مصر في فترة الحكم العثماني وذلك ما أظهرته فعليًّا الوثائق، ففي 13 فبراير عام 1841 ظهرت على الخرائط الحدود بين مصر والسودان، وهي حدود ارتبطت بالتسوية الشهيرة التي تمت بين القاهرة واسطنبول بعد الحرب التي استمرت بين الجانبين، التي تمت على مرحلتين فى مؤتمر لندن عام 1840، لتضع الدول الكبرى آنذاك خطوطها الأساسية، ويصدر الباب العالي فرمان 1841 مجسدًا قرارات المؤتمر، ورغم أن الفرمان لم يشر لحدود مصرية سودانية، فقد كان ينظر إلى جنوب الوادى باعتباره مقاطعات ملحقة بمصر، إلَّا أن الباب العالي ألحق بالفرمان خريطة تبين حدود مصر الأصلية.
وفي عام 1925 وخلال المفاوضات المصرية الإيطالية لتعيين الحدود الغربية بين مصر وليبيا، طلبت القاهرة من حكومة أنقرة إبراز تلك الخرائط، ولم تتأخر الحكومة التركية في تقديمها هذه المرة للحكومة المصرية، فلم يكن من مصلحتها إخفاؤها بعد أن تخلى الأتراك عن أي ادعاءات لهم في العالم العربي بمؤتمر لوزان، الذي انعقد قبل ذلك بعامين، وأكدت الخرائط أن الحدود الجنوبية، وهي الحدود المصرية السودانية، بدايتها الشرقية عند البحر الأحمر، وهذه النقطة تبدأ عند خليج راوى عن خط 21 شمالًا، بمعنى أن القاهرة لها خط كامل داخل الحدود السودانية.
وفي عام ١٩٩٢ ظهرت بوادر وجود آبار للبترول بحلايب، وتعاقدت حكومة الخرطوم مع شركة كندية للتنقيب عن البترول, ليتدخل مبارك ويرسل الجيش المصري، وأعادها لمصر، وفي حكم الإخوان تحت قيادة مرسي تم الكشف عن مخطط بين مرسي والبشير لإعادة التفاوض مع السودان على مثلث حلايب وشلاتين، وربما التنازل عنها، وهو المخطط الذي اكتملت ملامحه مع تصريحات مساعد رئيس الجمهورية السودانى موسى محمد أحمد، بأن الرئيس مرسى وعد بعودة مثلث حلايب وشلاتين إلى السيادة السودانية.